منتديات ليلاس

منتديات ليلاس (https://www.liilas.com/vb3/)
-   الروايات المغلقة (https://www.liilas.com/vb3/f836/)
-   -   قيودٌ بلا أغلال عانقت القدر (https://www.liilas.com/vb3/t195238.html)

كَيــدْ 04-06-14 02:03 PM

قيودٌ بلا أغلال عانقت القدر
 


سلامٌ ورحمةٌ من الله عليكُم :)


تنتشر الزهور عن طريق حبوب اللقاح
تبدأ بُرعمًا ثم تكبر لتصير زهرًا فاتنًا
وأنا هنا سأنثر حروفًا تكونُ حبّاتَ اللقاح
ستكون الكلمات براعمَ في بدايتها ... لتنتهي بـ " رواية "
وكالماء ستكونونَ أنتم تروونها
براعمي ستكبُر ... لتُنشئ روايتي – الرابعة
والتي ستكون الأولى – نشرًا


.
.





مُقدمة /





قلتُ له :


قُل لي! هل قيدٌ من الشمع ينير بصيرتي؟
هل قيد من الخمر ينسيني .. همًّا وظلامُ رؤى
كانت لي في منامي تُخاويني؟
قُل لي! هل قيدٌ من الأدمع بالفرح يرويني؟
فأجابني مستاءٌ يراددني : بل قيدٌ من - الفرو - يرديكَ قتيلًا
حيًا أمامي ببؤسٍ تُحادثني



" ‌أحببتها ... فكانت لي قيدًا دون أغلالٍ تُكبلني"



.

.

.



تتجانس الأصوات، لتُصدرَ محلولًا قلويًا من مجموعةِ أحماض صوتية! تُزعج السامع كأنما كانت أمواجًا فوق صوتية. ما بين بُكاءٍ وعويل، وحولقاتٍ تتبعها دموع. والأرض تتشارك مع الأصوات في تفاعلٍ كيميائي مع الدماء، لتكونَ دماءًا تخَشّن ملمسها إثر حباتِ الحصى والرمال، والجسد المُصدر لكل تلك التفاعلات مُلقًا على الأرض، دونَ حراك، دون حياة.
وطفلٌ هناك يقف، قُرب الجثة الهامدة، تُقربه من صاحب الجسد الملقى قوى روحية، هو " طفلٍ ووالده " !!

ماذا يجري؟ ما هذهِ الدماء؟ ما بهِ أبي لا يفيق؟ لمَ العويل والبكاء؟ ... تتردد مجموعة أسئلةٍ لا يجد عقله البريء لها حلًا، فما الذي يجري يا رباه!
يجتذبه جسدٌ آخر، ليزرعه في أحضانه، يُغطي عينيه عن هذا المنظر،كيف نسيه؟ كيف لم ينتبه لوجوده؟ كيف لم يمنع ناظريه من التحديق بكلّ تلك اللترات منالدماء؟

حاول الطفل الإبتعاد، وهو يهتف بتساؤل مرتبك : عمي ... وش يصير؟ ليه أبوي ما يقوم؟

يردد على مسامعه بصوتٍ مُجهد بأن كل شيءٍ سيكون بخير، والده بخير، وهو بخير، والجميع بخير.
أعاد سؤاله وعقله لا يريد تصديق كلماته المهوّنة، فهو قد توارث عن والده النباهة والذكاء، يعلم جيدًا أنّ ما يحدث أمامه يُحتم عليه الحرمان من والده للأبد : ليه أبوي ما يقوم؟

زمّ عمه شفتيه ثم نادى بصوتٍ عالي : عنــــــــــــاد

أقبل إليه المراهق ذو الست عشر من العمر ووجهه متجهمٌ تتصاعد أنفاسهُ من صدمةٍ لم تزل إلى الآن

أردف بصوتٍ مُختنق : خُذ أخوك ... طلعه من هنا

الطفل برفض : أبي أبوي يصحى بالأول


اجتذبه عناد ليغرس رأسه في صدره الصغير، هو أيضًا يدرك حجم المعاناة التي ستلحق بهذا الطفل في الأيام القادمة، يرى دماءَ والده تضُج بعنفٍ منحُفرٍ زرعت برصاصاتٍ على أنحاء جسده، مشهدٌ دموي يُجسد العنف واللا إنسانية، فكيف سيتحمل هذا المشهد عقلُ طفلٍ لم يتجاوز العاشرة بعد؟

عناد بشدةٍ عُرف بها رغم صغر سنه : تعال معاي

هو برفضٍ وملامح مشدودةٍ مُتشنجة : ما أبي

حملهُ بذراعيه وهو يقاوم ويركل بقدمه على أنحاءٍ مُتفرقة من جسد عناد، ليس بعد كل ذاك العُنف سيذهب، ليس بعد كل ذاك العويل سيرحل، يجب أن يعرف ما الذي يجري تحديدًا، هل سيخسر والده للأبد؟ سيخسر آخر من بقي له من رائحة الوالدين؟ سيخسر آخر من سيطبق عليه برّه؟
سقطت دموعه دون انتظار، وهو يهمس بصوتٍ مختنق يرجو من عناد تركه، لكن عناد تجاهل وهو يُخرجه من هذا الموقع الذي شهد إغتيال والده.
علت أصوات سيارات الشُرطة، وأنوارها تُعلن وجودها خارج المنزل، منزل الأديب المُغتال " فهد النامي ".



روابط الفصول

" القيــد الأول "

(1)
http://www.liilas.com/vb3/t195238.html#post3449475
(2)*1
http://www.liilas.com/vb3/t195238-2.html#post3449967
(2)*2
http://www.liilas.com/vb3/t195238-3.html#post3450698
(3)
http://www.liilas.com/vb3/t195238-4.html#post3452121
(4)
http://www.liilas.com/vb3/t195238-4.html#post3452887
(5)
http://www.liilas.com/vb3/t195238-5.html#post3453517
(6)
http://www.liilas.com/vb3/t195238-6.html#post3454587
(7)
http://www.liilas.com/vb3/t195238-7.html#post3456436
(8)
http://www.liilas.com/vb3/t195238-10.html#post3459517
(9)
http://www.liilas.com/vb3/t195238-12.html#post3460414
(10)
http://www.liilas.com/vb3/t195238-12.html#post3460419
" القيــد الثاني "
(11)
http://www.liilas.com/vb3/t195238-13.html#post3461356
(12)
http://www.liilas.com/vb3/t195238-15.html#post3462329
(13)
http://www.liilas.com/vb3/t195238-17.html#post3463013
(14)
http://www.liilas.com/vb3/t195238-18.html
(15)
http://www.liilas.com/vb3/t195238-20.html
(16)*1
http://www.liilas.com/vb3/t195238-22.html
(16)*2
http://www.liilas.com/vb3/t195238-23.html
(17)
http://www.liilas.com/vb3/t195238-24.html
(18)
http://www.liilas.com/vb3/t195238-29.html
(19)
http://www.liilas.com/vb3/t195238-30.html
(20)*1
http://www.liilas.com/vb3/t195238-32.html
(20)*2
http://www.liilas.com/vb3/t195238-36.html
" القيد الثالث "
(21)
http://www.liilas.com/vb3/t195238-36.html
(22)
http://www.liilas.com/vb3/t195238-37.html
(23)
http://www.liilas.com/vb3/t195238-39.html
(24)
http://www.liilas.com/vb3/t195238-41.html#post3496239
(25)
http://www.liilas.com/vb3/t195238-42.html#post3497979
(26)
http://www.liilas.com/vb3/t195238-43.html#post3499563
(27)
http://www.liilas.com/vb3/t195238-44.html#post3504051
(28)
http://www.liilas.com/vb3/t195238-44.html#post3504236
(29)*1
http://www.liilas.com/vb3/t195238-46.html#post3507548
(29)*2
http://www.liilas.com/vb3/t195238-47.html#post3509091
(30)
http://www.liilas.com/vb3/t195238-49.html#post3512673
" القيــد الرابـع "
(31)
http://www.liilas.com/vb3/t195238-49.html#post3514738
(32)
http://www.liilas.com/vb3/t195238-52.html#post3537250
(33)
http://www.liilas.com/vb3/t195238-53.html
(34)
http://www.liilas.com/vb3/t195238-57.html
(35)
http://www.liilas.com/vb3/t195238-60.html
(36)
http://www.liilas.com/vb3/t195238-62.html
(37)
http://www.liilas.com/vb3/t195238-65.html
(38)
http://www.liilas.com/vb3/t195238-65.html
(39)
http://www.liilas.com/vb3/t195238-66.html
(40)
http://www.liilas.com/vb3/t195238-70.html

" القيــد الخامس "
" القيــد السادس "
(51)
قيود بلا اغلال عانقت القدر
(52)
قيود بلا اغلال عانقت القدر
(53)
قيود بلا اغلال عانقت القدر
(54)
قيود بلا اغلال عانقت القدر
(55)
قيود بلا اغلال عانقت القدر
(56)
قيود بلا اغلال عانقت القدر
تصبيره من الجزء(57)
(57)
قيود بلا اغلال عانقت القدر
(58)*1
قيود بلا اغلال عانقت القدر
(58)*2
قيود بلا اغلال عانقت القدر
(59)*1
قيود بلا اغلال عانقت القدر
(59)*2
قيود بلا اغلال عانقت القدر
(60)*1
قيود بلا اغلال عانقت القدر
(60)*2
قيود بلا اغلال عانقت القدر


القيد السابع
(61)
قيود بلا اغلال عانقت القدر
(62)
قيود بلا اغلال عانقت القدر
(63)
قيود بلا اغلال عانقت القدر
(64)*1
قيود بلا اغلال عانقت القدر
(64)*2
قيود بلا اغلال عانقت القدر
(65)
قيود بلا اغلال عانقت القدر
(66)*1
قيود بلا اغلال عانقت القدر
(66)*2
قيود بلا اغلال عانقت القدر
(67)*1
قيود بلا اغلال عانقت القدر
(67)*2
قيود بلا اغلال عانقت القدر
(68)*1
قيود بلا اغلال عانقت القدر
(68)*2
قيود بلا اغلال عانقت القدر
(68)*3
قيود بلا اغلال عانقت القدر
(69)*1
قيود بلا اغلال عانقت القدر
(69)*2
قيود بلا اغلال عانقت القدر
(70)*1
قيود بلا اغلال عانقت القدر
(70)*2
قيود بلا اغلال عانقت القدر
(70)*3
قيود بلا اغلال عانقت القدر

القيد الثامن
(71)
قيود بلا اغلال عانقت القدر
(71)*2
قيود بلا اغلال عانقت القدر
(72)*1
قيود بلا اغلال عانقت القدر
(72)*2
قيودبلا اغلال عانقت القدر
(72)*3
قيود بلا اغلال عانقت القدر
(73)*1
قيود بلا اغلال عانقت القدر
(73)*2
قيود بلا اغلال عانقت القدر
(72)*3
قيود بلا اغلال عانقت القدر
(73)
قيود بلا اغلال عانقت القدر
(74)*1
قيود بلا اغلال عانقت القدر
(74)*2
قيود بلا اغلال عانقت القدر
(74)*3
قيود بلا اغلال عانقت القدر
(75)*1
قيود بلا اغلال عانقت القدر
(75)*2
قيود بلا اغلال عانقت القدر
(75)*3
قيود بلا اغلال عانقت القدر
(76)*1
قيود بلا اغلال عانقت القدر
(76)*2و3 متتابعين
قيود بلا اغلال عانقت القدر
(77)*1
قيود بلا اغلال عانقت القدر
(77)*2
قيود بلا اغلال عانقت القدر
(78)*1
قيود بلا اغلال عانقها القدر
(78)*2
قيود بلا اغلال عانقها القدر
(78)*3
قيود بلا اغلال عانقها القدر
(79)*1
قيود بلا اغلال عانقها القدر
(79)*2
قيود بلا اغلال عانقها القدر
(79)*3
قيود بلا اغلال عانقت القدر
(80)*1
قيود بلا اغلال عانقت القدر
(80)*2
قيود بلا اغلال عانقت القدر


القيد التاسع
(81)*1
قيود بلا اغلال عانقت القدر
(81)*2
قيود بلا اغلال عانقت القدر
(81)*3
قيود بلا اغلال عانقت القدر
(82)*1 - (82)*2

قيود بلا اغلال عانقت القدر
(83)*1&*2
قيود بلا اغلال عانقت القدر
(83)*3
قيود بلا أغلال عانقت القدر
(84)*1













كَيــدْ 04-06-14 02:06 PM

رد: قيودٌ بلا أغلال عانقت القدر
 


(1)





الرياض - العاشرة صباحًا

على تلك الأريكةِ الحمراء، والتي زُرعت في هذه الغرفة على يدي والده وبذوقه قبل أعوامٍ وأعوام. كان يتمدد بجسده الضخم وكتابٌ ذو غلافٍ أخضر استقر بين يديه، وفي وسطه كُتب بخطٍ عريض ( حياةٌ وممات ) .. كان يقرأه دون تركيز، لم يعد يستطيع التركيز في أيّ شيءٍ منذ تلك الصدمة التي حلت عليه قبل أسبوع.
وهذا الكتاب، ألم يكن من المُفترض عليه انهاءه قبل أسبوع، تمامًا في نفس التاريخ الذي توفي فيه كاتبه!
زفر بقوةٍ وهو يقلب آخر ورقة، ليقرأ بها كلماتٍ كتبها والده كختامٍ لهذا الكتاب
( حينَ تكونُ محاصرًا في غرفةٍ قديمة، حولكَ الجدران وفوقك السقف .... تذكر أنّ في الأسفل – أرضًا – ولا تيأس )
ثمّ في الزّاويةِ اليُسرى نقش بخطٍ رفيع وأنيق، يعكس شخصيةً واثقةً ثابتة، توقيع فهد النامي. ثم أسفله كتب تاريخ انتهاء هذا الكتاب / ٢٩ - ديسمبر ١٩٩٩
وللأسف .. مات بعد أن أنهى كتابه هذا بيومين، ليخلف وراءهُ مجموعة أوراقٍ سكنت بين غلافين عن أعين الناس وفكرهم، ليكون هو المحرر لها في كل عام، يبدأ في قراءته بداية اليوم الذي دون فيه اسم والده مع الأموات، وينتهي منه قبل نهاية اليوم، وكأن الكتاب لم يُكن متجاوزًا للمئتي صفحة! .. لكنه هذه المرة، قرأ الكتاب بعد مضي أسبوعٍ كاملٍ على الذكرى، وما منع ذلك هو ألمه الجديد الذي دوِّنَ مواربًا للألم القديم والذي لم يندمل بعد, فكيف يتحمل الثاني وهو يهوي في الأول؟ كيف له الآن أن يكور الذكرى ويعصرها وقد تضاعف الألم ليصبح ألمان؟ كيف يسحقها للحظاتٍ قبل أن تتكون من جديد؟ يسحقها سحقًا مؤقتًا وكأنه يشرب مضادًا لحين غرةٍ، كيف له كلّ ذلك وقد تضاعف الألم لإثنين؟ الأول كان لفراق والده ... والثاني .... آهٍ كيف طرأ على باله الآن؟ قلبه يتفتت لشظايا من ملحٍ ذُوّب في لترات من مستنقعٍ قذر! لا مجال الآن للألم، فكيف يسمح لنفسه بالتألم على من زرع الألم الأول قبل أن يكون السبب في الثاني! كيف يجرؤ من الأساس على التفكر فيهِ بعد كل ذاك! ليذهب للجحيم ... ليذهب.
وقف بعد أن وضع الكتاب على الأريكة، ليتأمل الغرفة التي كانت تأخذ طابع العصورِ الوسطى. كل شيء، كل جزء، كان بذوقه هو، ولازال كما أردا. خزانةُ الكُتب الخشبية تأخذ ثلاث حيطانٍ والأخير كان يقبع الباب الخشبي الكبير في وسطه، بينما حوله وزّعت صورٌ على الحائطِ الحجري كانت تحمله صورته مع والده، وفي كلّ صورة، كان يوجد هو! من زرع الألمين وأكمل حياته ضاحكًا مُستبشرًا عدم الإطاحةِ به، من زرع الألمين وتظاهر بالوجع في الأول، بينما تحلى بالسخريةِ والجمودِ في الثاني، من مزق قلبه قطعًا وأودى بعينيه مُحترقةً لمقاومة الدموع التي ترفعت عن السقوط لأجله، فليس هو، ليس هو من يستحق البُكاء لأجله، ليس هو!!!
خمسةَ عشر عامًا مضى، كان فيها أحمقًا، يعانق القاتل، يضحك له، يشكي له، يُحدثه عن شوقه الكبير لضحيته، وهو بكلّ خداعِ الثّعالب يواسيه وبكلّ خسةٍ يمطر عليه كلماتٍ للدعاء للمتوفى بالرّحمةِ والجنان.
أغمض عينيه وهو يتجه للباب الضخم، الذي يُغلق بعد دخوله، ويغلق بعد خروجه، ولا يدخله أحدٌ سواه، بعد أن كان القاتل يدخله معه، أصبح منفيًا من الدخول بل من المكوث في المنزل الخاص بوالده والذي ورثه عنه.
حركّ المفتاح الذي كان في الباب ليفتح القفل، ويصدح صوت احتكاكِ المفتاح الحديديّ بقفل الباب الصدئ، ثم دفع الباب ليخرج ويقفله خلفه. بملامحَ ماتت مرتين، ولازالت تُغتال.


*_-*_-*_-*_-*


الظلام يلفها، والوحدةٍ تخنقها دون أدنى رحمة، عيناها جاحظتان تنظر إلى الجسدِ المُبتعد كثيرًا، وفي غمضاتٍ كان ابتعاده يتضاعف.
صرخت بأعلى صوتٍ لها وهي ترى جسدها يبتعد أكثر وأكثر، تركض خلفها لكنها لا تلحق بها : يُمـــــــــه !
تركضُ في فراغ، في ظلام، المكان حولها فارغ، فقط محشوٌ بالظلام. ارتفعَ صوتها أكثرَ وأكثر، على أملِ أن تسمعها وتتوقف : يُمه وقفي تكفين ... يُمــــه
لكنها لم تتوقف، ولم تبطئ في هرولتها حتى! . . ثانيتان فقط، لتشعر هي بقبضةٍ انتشلت سكونَ شعر جسدها، ليقشعرّ جسدها وهي تشعر بأنها تغرق في هذه القبضة. تصرخ لكن بلا صوت! تتحركُ محاولة لتحرير جسدها ولا فائدة، بدأت بالأنين وهي تحاول مناداة أمها، لكنها اختفت من أمام عينيها! واختفت من حولها!
شهقت يقوةٍ كأنما انتُزعت روحها بقوة، وهي تستوي جالسةً على سريرها السكري، كالممسوسةِ التفتت هنا وهناك تبحث عن شيءٍ مجهول، وكل ما تشعر به هو ألمٌ حاد يسار صدرها وبرودةٌ في قدميها الممدودتان على السرير، ابتلعت ريقها وهي تشعر أنها وإلى الآن لازالت في ذاك العالم المظلم.
وأخيرًا استوعبت وهي تقبض على قلبها الذي يؤلمها، وبجنونٍ خرجت من غرفتها، غيرَ مُباليةٍ بالوقتِ أو مظهرها المُبعثر، لتجدَ والدها جالسًا على إحدى أرآئك الصالة العلوية التي يطغى عليها اللون الأبيض، يسند رأسه على كفيه بهمْ. لتقف أمامه منهارةً باكية : يُبه
أخافه مظهرُ ابنته، ما الذي أيقظها الآن وهذا ليس بوقت إفاقتها التي تطول لثقل نومها. خشيَ أنّ ضررًا أصابها، كاد يتكلم إلا أنها سبقتهُ ودمعاتها تشوه وجهها البريء، تحفرُ خدها بقسوة!
جيهان وهي تجلس على ركبتيها أمامه وعلى الأرض، تحفر ملامحها بين ركبتيه مُتوسلة وهو جالسٌ أمامها على الأريكة : تكفى يبه، تكفى طلبتك لا تردني، أبي أشوفها شوي، أبي أتطمن عليها، خايفة! خايفة وقلبي قابضني، تكفي يا نظر عيني لا تردني، أبي أشوف أمي
أغمض عينيهِ مُتنهدًا، والحديث عن زوجتهِ يُربكه، يُشعره بالضعف / العجز. أمسكَ كتفي ابنته ليوقفها، لكنها حفرت ملامحها أكثرَ بين رُكبتيه وهي تقبله : تكفى يبه طلبتك، تكفى
رطّب شفتيه بلسانه، ومنظرها هكذا لا يعجبه، يشطر قلبه، لا يُحب أن تتوسلَ لهُ احدى بناته، هو توجهنّ أميراتٍ لا أقل، فكيف يرضى أن تتوسلَ له إحداهنّ.
مسحَ على شعرها الحريري، وهو يهمس بابتسامةٍ أبويةٍ رقيقة : ما أرد أميرتي لو على موتي
وقفت بسرعةٍ كالملسوعةِ وهي تنظر له بامتنان، ثم قبلت رأسه بفرح : مشكور يبه مشكور
أخذت المفتاح من يدهِ التي مدّها لها، وقبل أن ينطق بالعفو، ركضت باتجاهِ غُرفةُ أمها التي أكملت الإسبوعَ وهي محرومةٌ من بناتها ... لمَ؟ لا أحدَ يعلم، علاقةُ والدِ جيهان يوسف بزوجته كانت نعم العلاقة، كانت مثالًا على الحُبّ والتفاهم، ولكن وقبل شهرٍ بالتحديد إنقلب الوضعُ رأسًا على عقب، أُفسدت العلاقة بعد مشاداةٍ عنيفة لا يعلم سببها إلا هُما، ومن ثم بدأ الكره، والتفكك!. تأزمت العلاقة إلى أن قام يوسف بفعلٍ جنوني، وهو حبسُ زوجته في غرفةٍ مُستقلة، وعزلها عن بناتها بل حرمانها من صوتهنّ حتى، وبما أنها قد حُرمت منهنّ، فهنّ أيضًا قد حُرمن منها!
بابتسامةٍ بهيةٍ وقفت أمام الباب وهي تضع المفتاح لتفتح القفل وتدخل، وتصطدمَ عينيها بظلام الغرفة. ارتعش جسدها من البرودة القاسية، وهي تدُور برأسها باحثةً عن طيفِ أمها، لكنها لم تجده!
جيهان بلهفةٍ يتخلخلها الإستغراب وهي تقترب من السرير : يمه .. وينك؟
اصطدم قدمها بجسدٍ مُلقى على الأرض بجانب السرير، وبسبب الظلام كانتْ رؤيتها مشوشة. بتعجبٍ أخفضت جسدها مُقطبة الحاجبين وأناملها تتلمسُ الجسد الملقى، وما أثار صدمتها هو السائل الدافئ الذي بلل يدها. وبرعبٍ ركضت نحو الجدار لتفتحَ إضاءة الغرفة، وتُصدم بما بلل يدها، بالسائل الأحمر، بالدمــاء!
نظرت إلى الجسد، إلى أمها، وجرحٌ قد شوه معصمها، لتصرخَ بجنونٌ وهي لا تستوعبُ ماتراه أمامها، لا تستوعب ماتشهده عيناها، لا تستوعب ما أثارَ قلبها رُعبًا / فقدًا / حُزنًا، وأقواها صدمة.
تهاوت على ركبتيها وصراخها ارتفع، عيناها اتسعتا بذعر، ليكمل مسيرةَ الصدمة جسدها الذي انتفض كقطةٍ مُبللة.
: يُمـــــــــــــه !!!


*_-*_-*_-*_-*


الساعةُ الثالثة عصرًا

الأجواء هُنا مرتبكة، تعكس غضب الإثنين الجالسين، الأصغر يهزّ قدمه بقوة، والآخر ذو الواجد والثلاثين من العمر يشد على ركبتيه بأناملهِ القاسية : سلطــــان
أطلقها بحدةٍ ليرفع الآخر رأسه بملامحَ حادة، وهذا الجدال العقيم هو ذاته الذي يتكرر كل يومٍ في هذا الأسبوع : خير!
هزّ رأسه بأسى فأردف سلطان بخشونةٍ وغضب : لا تقتنع وخلك وراه، صدقه بكل شيء وكذبني .. ما يهمني، ولا تهمني
رفع حاجبه بحدة : متأكد؟
تنهد سلطان بحنقٍ وغلّ : ليه منت راضي تقتنع؟
الآخر بجدية : حبكت القصة في راسك من مكالمة ورميت بعلاقتك مع عمك على هالأساس؟ * ثم أردف بتحذيرٍ مذكرًا له * سلطان .. تراه عمك
توقف سلطان بغضب، ويده ترتعش إثر انفعاله : اي صح عليك .. عمي، اللي لازم أرفعه على راسي وأقوله : كفو والله ياللي قتلت أبوي
صرخ الآخر بغضبٍ من سخريته : سلطاااان ... عدل طريقة كلامك معي ... ماني أصغر عيالك
حرك سلطان يده في الهواء بغير مبالاة : بتكون في جهته ... بكون في الجهة المعاكسة .. ولا بيهمني من تكون، أخوي الكبير، والا غريب من الشارع .... وهذا آخر كلمة عندي يا عناد
تحرك سلطان مبتعدًا من المجلس، فزفر عناد الهواء الملوث من رئتيه يرتجي غيره، من سيُصدق أنّ عم سلطان كان ليكون القاتل؟ ... نفض رأسه نافيًا، هناك خطأ، بالتأكيد هناك خطأ.
انتظره للحظات، لكنّ الوقت طال، فأدرك أنه عزل نفسه في تلك الغرفة مُجددًا، ككل مرةٍ يشعر فيها بالضياع ولا يعترف. لا أحد يعرفه جيدًا سواه، في كل حركاته وكل انفعالاته، حتى عمه الذي كان يدرس جميع تفاصيله لم يُدركه جيدًا. آه يا سلطان، لم تحيرني يومًا كما حيرتني اليوم!
وقف، واتجه لتلك الغرفة، ليقف أمام بابها الخشبي، وبصوتٍ عالٍ آمر : سلطان .. أنا راجع للبيت، فكر بالسالفة زين ... لا تتسرع وتنسى إنه أبوك الثاني
لم يرد عليه سلطان وتجاهله، لكن في داخله اشتعلت نيرانٌ لكلمةٍ قالها عناد " أبوك " .. فهمس لنفسه باشمئزاز : يخسى
انتظر عناد ردًا ولم يصله، فهدر : عالعموم أنا بعد بتأكد من هالسالفة وبشوف صحتها من عدمها .... لا تتسرع
قال جملته تلك وصمت، ليستدير خارجًا من البيت دون كلمةٍ أخرى، وهو لا ينوي الإتجاه لمنزله حقًا، بل يسعى للذهاب لسلمان، في منزله.


*_-*_-*_-*_-*


قبلَ ذلك بساعات

صرخت مُناديةً لها تهذي بها، لا تريد أن تخسر عبقها، لا تريد أن تصبحَ في هذا السنّ محرومةً من أمها. أمسك والدها بها وهو يضعها على السرير الأبيض ويصرخ بالممرضةِ لتأتي
حينها كانت لا تهذي إلا بجملةٍ واحدة : إذا .. صار لها شيء, إذا فقدتها .. بتفقد بنتك، بتفقد بنتك. والله والله والله ، وهذاني حلفت بالثلاث، منت أبوي إلا بالإسم، منت أبوي إلا بالإسم، منت أبوي إلا بالإسم " وبصراخٍ إرتفع أكثر " منت أبوي إلا بالإسم، نذرًا على ما أشوفك قدامي إلا أب بالإســــم
آلمته كلماتها، لكنه لم يُلقِ لها بالًا فما يهمه الآن سلماتها، بدأ جسدها بالسكون بعد أن غرست الممرضة إبرةً مُهدئةً في يدها. استكنت وهي تغلق عينيها وخدها مُبللٌ بالدمع، أغلقتها وهي تهمس بـ " يمة " وعيني والدها لم تفارق ملامحها.
مسحَ على شعرها بعد أن نامت، كل ما يحصل الآن بسببها، بسبب أمها، كل هذه التعقيدات ومايصيب ابنته وما سيحصل مستقبلًا هو بسببها. كان يمكنه أن يغفرَ لها لو أنها فعلت أمرًا آخر، لكنّ الخيانة قاتلة، مؤلمة، لا مكان للحب في حضرتها، مسح على وجهه بهم، وهو يتمتم : ليه سويتي كذا يا منى؟ ليه؟
إلتفت بعد أن قبل جبين ابنته ليجد فتاته الأخرى والتي تصغر جيهان بعامين، ذات العشرين ربيعًا تقف وعيناها المُبللة بالدموع تنظر إليه بشجون، مايتعجب منه هو سكون هذه الفتاة بين كل المصائب التي حصلت، ما يتعجب منه هو عدم معارضتها له أثناء حبسهِ لأمها، يعلم بأنها الأشد حكمةً بين فتياته، لكنه بدأ يشك أنها تعلم كل شيء، تعلم خيانةَ أمها له لذا لم تتدخل كجيهان ولم تفعل شيئًا، بل كانت تقف ساكنةً أمام كل مايحصل، عيناها ترسل شرر عتابٍ لأمها، وشفقةً بوالدها
همس بهدوءٍ وحنان وهو يتألم من دموع ابنتيه : تعالي حبيبتي، تعالي أرجوان
تقدمت منه وملامحها تنبؤ بالإنهيار، وبثانيةٍ صرخت باكية وهي تستوطن أحضانه المُقدسة، بانهيارٍ صرخت عاتبه : ليه؟ ليه سوت كذا ليه؟ هي لو تحبنا ماسوت اللي سوته
تأكد الآن بأنها تعلم كل شيء، أكملت باكية : كنت أدري بكل شيء، قبل لا تكشفها، أدري بس ماتكلمت، ما كنت أبي تصير بينكم مشاكل، سكت وليتني ماسكت، ليتني تكلمت معها، كان ممكن تسمع لي، ليتني ما سكت! ليتني ما سكت.
تنهد وهو يحتضنها ودمعةٌ قد تسللت إلى خده ألمًا رُغمًا عنه، من الصعب ما يواجهه، من الصعب عليه أن يتحمل كل هذا، الآن ابنته تعلم، وسقطت زوجته الغالية والخائنة من عينيها، لا يتحمل أن تشعر ابنته بالعار مثله، لا يحتمل أن تشعر ابنته بالكره لأمها، لا يحتمل أن تعيش ابنته وهذه الذكرى تعشعش ذاكرتها. هو كان بإمكانه تطليقها، لكنه لم يفعل لأنه فكر في أميراتهِ أولًا، لم يُرد أن يتشتتن. كان سيعيش معها مكرهًا، لكنه وبعد أن كشفها كانت تتمادى في الحديث معه، تذكره بخيانتها في كل مرة، وفي آخر مرةٍ سمعها تتكلم في الهاتف مع أحد كلابها - كما يطلق عليهم هو - ، فثار وقتها وحبسها. بالرغم من صمته عنها لم تتب، بالرغم من فضله بأنه لم يفضحها أمام أهلها ولن يفضحها، لم تجز عما تفعله. لا يعلم ما الذي حصل لتتغير، كانت تحبه، وهو يعشقها! فما الذي تغير؟ ما الذي تغير؟
همس بنهرٍ وهو يمسح على خصلات شعرها السوداء : لا .. لا تقولي كذا، أمكم تحبكم حتى لو غلطت، أمكم تحبكم بس الشيطان كان أقوى، حتى لو تكلمتي ما كنتِ بتستفيدي شيء، النفس أمارة بالسوء يابنتي، والشيطان شاطر
يدافع عنها بعد كل ماحصل! يدافع عنها أمام ابنتها، يخشى أن تكرهها! لكنها أمها، ومهما فعلت ستبقى أمها، مهما فعلت فلن تحقد عليها أو تكرهها. لكن لمَ فعلت كل ذلك؟ لمَ شوهت صورتها أمامها وأمام والدها؟
عضت شفتيها بألمٍ وهي تتمتم بوجع : جيهان تحبها كثير يبه، وتحبك إنت بعد، كل اللي قالته ماكان من قلبها صدقني، هي للحين ماتجاوزت الصدمة، وفكرت أن أمي تفارقنا تجننها ... لا تهتم لحلفها ونذرها، نذرها محرم ومستحيل توفي فيه
يوسف بهم : لا حول ولا قوة إلا بالله، لا تفكرين في شيء حبيبتي، وروحي شوفي ليان لا تتركيها بحالها. وأنا بروح للدكتور أسأله عن حالة أمك
هزت رأسها بالإيجاب ليخرج في نفس الوقت الذي خرج منه الطبيب من الغرفة المقابلة لغرفة جيهان، ليسأله بلهفةٍ على مسامع أرجوان : كيف حالها يادكتور؟ بشرني
نظر إليه الطبيب بوجهٍ لا يُفسر لثوانٍ قصيرة، ومن ثم حرك رأسه نافيًا! بمعنى أنه لا فائدةَ من شيء، لا أمل، لا حياة، لا وجود لها الآن، ماتت!
لحظاتٌ ويوسف جامدٌ مكانه، جسده تصلب وحواسه أُنتشلت، والطبيبُ مسترسلٌ في الكلام : فقدت دم كثير، ولا قدرنا نرجع نبضها، الله أخذ أمانته، إدعو لها بالرحمة
أردف بعد ثوانٍ حين رأى صمت يوسف : الشرطة جاية للتحقيق، هذا انتحار .....
قاطعهُ صوتُ سقطةٍ خلف يوسف، ليتيقظ يوسف كالملسوعِ مُستديرًا، ويرى أمامه جسد ابنته ملقًا على الأرض، غيرُ مدركةً لماحولها، فاقدةً للوعي!
يوسف برُعب : أرجوااااان


*_-*_-*_-*_-*


في منزلٍ آخر وفي الحاديةَ عشرَ والنصف صباحًا - سابقًا

جلست بجانبِ ابنتها وهي تمسح على شعرها بحنان، حالها لا يعجبها منذ أسابيع، سابقًا كانت لاتزورها بكثرة هكذا، بالطبعِ هي لا تقطعها، لكنها كانت تزورها يومينِ في الإسبُوع، والآن أصبحت تزورها كلّ يومين! وغالبًا ما تنام عندها
همست بحنان : ديما حبيبتي
ديمَا وقد علمت بما ستقُوله أمهَا : تكفِين يُمه لا تفتحِين معي نَفس الموضوع .. قلت لك مافيني شيء!
أمها بمُحاولةٍ لاستدراجها : عن أيْ موضوع تتكلمِين؟ أنا حتى ماقلت وش أبي
لم ترد لتهمس أمها بضيق : لا تضايقيني عليك
أدارت جسدها باتجاهِ أمها لتُمسك بكفّها اليُمنى وتُقبلها : الله لا يوفقني إذا حاولت أضايقك .. أنا نيتي العكس .. وماودي أضايقك بمشاكلي
أمها : قولي اللي عندك إذا ماتبين الضيقة تزورني، وش اللي صاير بينك وبين زُوجك؟
صمتت لثوانٍ طويلة ووالدتها تتنتظر حركةً من شفتيها، لتهتف بعد مدّة : أسيل وافقت؟
أم فواز أغمضت عينيها وهي تُحرك رأسها يمينًا وشمالًا، لكنها لم تُحاول الضغط عليها، ستتركها للوقت الذي تتكلم فيه بنفسها. ردّت عليها بهدوءٍ يتخلخله الضيق على ابنتها الأخرى : ما أدري عنها يمه، أحس في نظرتها رفض كبير، ماتبي تتزوج من بعده، وكل مافتحت معها السالفة قالت بعد متعب مافي ثاني، خصوصًا إنه أخوه. هالبنت ما عرفت لها شيء، أوقات أحسها بتوافق وأوقات العكس .. الله يصلحها بس
ديما بتنهيدة : لا حول ولا قوة إلا بالله، أنا بتكلم معها
أم فواز : ايه الله يرضى عليك تكلمي معها، وعسى ربي يلين قلبها على يدينك
وقفت : أجل أستأذن
حين همّت بالذهاب رنّ هاتف المنزل لتحول وجهتها إليه بدلًا من الدرج، رفعته ليصلها صوت رجلٍ اتضحَ منه الإختناق والوجع : السلام عليكم
ديما بابتسامةٍ وقد عرفت الصوت : هلا عمي يوسف وعليكم السلام .. شلونك؟
لم يرد عليها بالجواب الذي كانت تتوقعه، بل بجوابٍ آخر، بعيدًا جدًا، ليمسح ابتسامتها الناعمة بجوابهِ ذاك.


*_-*_-*_-*_-*


مُمددةً على سجادةِ الصّلاةِ بعد أن أنهت صلاة الضحى وللمرة العاشرةِ رُبما صلاةَ الإستخارة. تغمض عينيها ونغمُ صوتهِ يتردد في مسامعها، وللآنَ هي مُترددة، محتارة.
لا تريدُ أن تظلم أخَ عشيقها الذي تقدمَ إليها، ومن جهةٍ أخرى لا تريد خيانة الرّاحل. بدأت الأفكار السوداوية تداهم عقلها، لتستغفر ربها مُسرعةً بعد أن ترددت تلك الجملة في عقلها
" ليه مات؟ ليه أنا اللي يصير فيني كذا؟ " .. تمتمت بالإستغفار وهي تمسحُ دمعةً تسللت إلى خدها، لتقفَ مُلملمةً لسُجادتِها نازعةً لجلال الصلاة. استعاذت من الشيطان الذي كان يبث تساؤلاتٍ متجاوزةٍ في عقلها
لمَ ولمَ ولمَ ؟!
لا تريد أن تتكرر أدآة الإستفهامِ هذه في رأسها، هي مُؤمنةٌ بما كتبه الله لها، وتعلم بأن نصيبها أن تصبح - أرملة - حتى قبل أن تسكنَ بيته. ولأنها مؤمنةٌ بالله، مؤمنةٌ بالقدر، ستفكر مليًا قبل الرفض أو الموافقة، ستفكر فهذه حياةٌ فانية، ولن تظلمَ نفسها بها.
تنهدت قليلًا، لتندفع دموعها بعجز، للمرة اللا معدودة تسقط اليوم .. للمرة اللا محسوبة تسقط خلال هذه السنة والتسعة أشهر، وللمرة اللامعقولة تبكي دمًا داخلها.
كم هو قاسٍ هذا الفقد، كم هو قاسٍ أن تتعلقَ بشخصٍ في فترة قليلة، وتفقده في فترةٍ أقلّ وأسرع. زمت شفتيها وهي تمسح دمعاتها بعنف، لكن ما الفائدة؟ ... هاهي تسقطُ من جديد!
وقبلَ أن تمتدّ يدها لتمسح دمعةً قاسيةً تدحرجت على خدها، انتفض الباب بطرقةٍ قوية وصوتٍ أقوى ينادي بإسمها
: أسيل .. إفتحي الباب بسرعة ... عمتي منى توفت !


*_-*_-*_-*_-*


عندما أرى عينيه الحادة
يهتزّ الدمُ داخلي وترتفعُ درجة حرارته فوقَ درجةِ غليانِ الماء
لكنّ العجب، أنه لا يتبخر !
رُبما لأنه الأحمرُ وليسَ الشفاف !

كانت ستتهور وتكتبُ اسمه، لكنها تداركت عقلها وألغت ماكانت ستكتبه، وهو هوية عشيقها وحُبها العذري
تنهدت وهي تسجلُ خروجها من " الفيس بوك " متجاهلةً بعض التعليقات المُفصحةِ عن إعجاب أصحابها الشديد بكتاباتها، وكما يلقبونها هناك، هي ملكة الأبجدية والتلاعبُ بالكلمات
ابتسمت وهي تتذكره ليظهر وشمها مليًا بجانب الزاوية اليمنى لشفتيها، حُبها لهُ صعب، وصعبٌ للغاية. تعلمُ أنه لن يقبلها، ليس استصغارًا لها، لكنها في نظرهِ ليست إلا أُختًا. ومن جهةٍ أخرى، رُبما الرّفض القاطع لحُبها له سيكون من عائلتهِ هو.
بللت شفتيها وهي تقف لتنظرُ لملامحها في المرآة، وهاهي تبدأ طقسها الدائم في الوقوف أمام المرآة محدثةً انعكاسها، وملامحها القمحية تشع جمالًا ونعومة. مررت لسانها على شفتيها الصغيرتين والممتلئتين لتتجاوزهما وذلك بملامسة طرف لسانها للوشم الذي كان بحانب شفتيها مُباشرة، ذلك الوشم الذي زُرع عمدًا كعلامةِ قفلٍ على شفتيها، بالأحرى علامة تحريمٍ مقصودة!
همست وهي تميل برأسها الصغير بشكلٍ لم يُلحظ حتى شعرها الذي يصل إلى نصف عنقها الطويل تساقط مع جهة ميلانها : قالت عني حلوة * مسحت على شعرها الناعم لتكمل بخفوتٍ أكبر وقد ازداد ميلان رأسها بتفكير * لكن في النهاية .. جمالي أنقصه الكثير والكثير ... بس ، ممم .. معقولة كانت تقصد كل كلمة قالتها ... أنا حلوة؟
كانت تقصد فتاةً في جامعتها، إذا أنها مشت بجانبها مرةً لتبتسم لها بوداعةٍ وتثني على جمالها لتزيد ثقتها، وقد كانت تقصد كل كلمةٍ قالتها
ضمت شفتيها قليلًا للحظات وعينيها تتأملان انعكاسها بثقةٍ مزيفة، لكن مالبث أن تلاشت ثقتها المزعومة ليحل محلها الإحباط المشوب ببصيص أملٍ ضعيف : طيب كيف يشوفني هو؟ أخت .. والا حبيبة؟ ... نظرت العالم كلها لي تفنى قدام نظرته هو.
عضت شفتها بقوةٍ آلمتها لتمسح أفكار المُراهقة تلك : تعقلي يا إلين تعقلي ... لا تفكري بهالطريقة الساذجة واللي ما تدل على شيء سوى صغر عقلك
سحبت الأكسجين لرئتها بعمق، لتأخذ المنديل وتمسحَ بقايا الكُحل من عينيها، وتتبعه بمسح " قلوسها " الوردي، لأنه وبكل بساطة بالتأكيد سيكون بالأسفلِ مع عائلتِه.
ارتدت عباءتها على ملابسها التي كانت عبارةً عن تنورةٍ طويلة بلونٍ تركوازي وبلوزةٍ بيضاء منزوعةُ الأكمام، ثمّ لفّت حجابها ومن ثمّ خرجت من الغرفة متوجهةً للأسفل، للمكانِ الخاص بجمعةِ العائلة، ألقت السّلام بهدوءٍ ووقار، لتجلسَ بجانب هديل المبتسمةِ لها : يا هلا .. تو الناس كان نمتي أكثر
إلين بابتسامةٍ نقية : كنت فايقة من ساعة ونص، بس نفسيتي زفت عشان كذا ظليت مقابلة الفيس
هديل بصوتٍ رقيق لا يسمعه سواهما : طيب متى تتكرمين علي وتعطيني حسابك؟
إلين بشقاوة : خاص
هديل بتكشيرة : كيفك! ميتة عليه أنا
ضحكة إلين ضحكةً لفتت نظرَ الجميع : من قلة التدقيق يعني؟
أبو ياسر بابتسامة : دوم الضحكة ... ماتبون تشاركونا؟
نظرت إليه إلين بحب وبعض الخجل : سوري عمي كـ ...
أبو ياسر قاطعها بحده : يعني ضروري تنكدين علي من الصبح
إلين بصدمة : شقلت أنا؟
أبو ياسر بجدية : كم مرة قلت لك لا تناديني عمي !
ضحكت بخفوتٍ وراحة لتهمس : سوري يبة
ياسر كعادته يُحب أن يُعاندها : قلتلك من قبل بس ماصدقتني، هي مرة قالت لي إنها ماتعتبرك أبوها ....
قاطعته بشهقتها ومن ثمّ اندفعت مُدافعةً عن نفسها : يا الكذاب أنا متى قلت كِذا؟؟
ضحك ياسر وهو يلعبُ بحاجبيه ليُغيضها : من أسبوعين بالضبط
هو هكذا يُحب استفزازها، يعاملها تمامًا كما يعاملُ أخته هديل، يُحبها كأختهِ لا كيتيمةٍ قد كفلها والده!
أم ياسر بابتسامةِ حُبٍ لها : ماعليك منه يمة ... كذاب من يومه وأنا عارفة، ما كأنه كبر خلاص وصار دكتور بعد
ضحك هو بخفوتٍ بينما ابتسمت إلين بانتصار، ليقطعَ مجرى حديثهم فجأةً صوتُ رنين الهاتف لترفعه أم ياسر التي كانت الأقربَ له : السلامُ عليكم
الطرف الآخر : وعليكم السلام والرحمة
أم ياسر بابتسامة : هلا أختي أم فواز صباح الخير



كَيــدْ 04-06-14 02:12 PM

رد: قيودٌ بلا أغلال عانقت القدر
 

ينظران لبعضهما طويلًا، دون كلمةٍ وكلًا منهما يفكر بماذا سيبدأ، لكن وكما هو معروفٌ على كليهما، انفعالاتهما الداخلية لا تظهر أبدًا على ملامحهما الجامدة. صمتٌ مطبقٌ من الطرفين، هو جاءَ إليه ليتأكد إن كان ما قاله له سلطان صحيحًا، والآخر يدرك جيدًا لمَ جاء.
أخيرًا تكلم الآخر : خير يا عناد ... وش بغيت؟
صمت عناد قليلًا بملامحه الحادة وهو يريح ظهره للوراء، إلى أن هدر بثبات : وش اللي بينك وبين سلطان؟
فارق العُمر بينهما ستةَ عشر سنة، لكنهما في نفس مستوى العقل، والدهاء، وبنفس مستوى البرود والثبات، إلا إن لم يتفاوت حسب الموقف نفسه.
سلمان بهدوء وعينانِ ضيقتان بتساؤل : وش اللي بيني وبينه؟
تنهد عناد ثم تقدم بجسده قليلًا ليريح مرفقيه على ركبتيه فتدلت ذراعيه في الهواء ليثبتهما عن طريق إشباكِ أنامله : أنا عارف إنّ سلطان فاهم الموضوع غلط، أكيد انه فاهمه غلط ... مستحيل تكون انت! عشان كذا جيتك .. ودي أصلح بينكم ... صار لكم اسبوع وكل واحد في طريقه ... ما تبون أعمالكم ترتفع لله
ابتسامةٌ صغيرة ارتسمت على ملامح سلمان، يدرك أين يريد عناد أن يصل، يريد استدراجه ليتحدث هو بنفسه نافيًا التهمة عليه، وهنا سيتصنع الصدمة ويبدأ بالتساؤلات التي قد تربكه لسرعتها. لكن ليس عليه هو، ليس على سلمان يا عناد.
هتف سلمان ببرود وهو يضع احدى ساقيه على الأخرى : والزبدة! أكيد إني ما أبي أي خلاف يكون بيني وبين ولدي ... بس مشكلته ماهو راضي يقتنع بجلسة الصلح اللي عقدتها
عناد بابتسامة : الله يهديك يا عمي ... أي جلسة صلح وانتو طول هالإسبوع محد شاف عيون الثاني
سلمان ببرود : الجوال موجود
تنهد عناد، يبدو أن هذا الحوار لن ينتهي على هذه الحالة. وقف، واقترب من سلمان ليجلس على الأرض أمامه : طيب ممكن أعرف السبب ورى كل هالمشكلة؟
دقق سلمان في ملامح عناد الرجولية بصمت، ثم ابتسم : قلتها ... مُشكلة .. وهي بيني وبينه ... يعني يكون من الأفضل انك ما تدخل بيننا
لم تتحرك خليةٌ في ملامح عناد بل بقيت ثابتة، هاهو سلمان يُظهر بعض التصرفات التي قد تثبت صدق سلطان، انفعال كلماتهِ الآن رغم هدوءه يثبت أن خلفه أمرًا لا يرغب بقوله. لا لا مستحيل، بالتأكيد هناك خطأ.
عناد بابتسامةٍ مُغتصبة : بس في كل مرة تتخالفون فيها أنا أكون الوسيط ... وش اللي اختلف الحين عشان تنفعل؟
شدّ سلمان على كفه وهو يعلم أسلوب عناد في الضغط جيدًا، لكنه حاول التحفظ بهدوءه.
عناد بجمود وهو يمسك بكف سلمان المشدودة : ليه مرتبك وشاد أعصابك؟
أول فكرةٍ زرعها عناد في رأسه : المذنب سيرتبك وإن كان ذو ثباتٍ كسلمان، يستحيل أن لا يرتبك من لم يقم بفعلةٍ ما حتى وإن كان داهيةً وذو ثقةٍ ومكرٍ كبيرين.
أردف عناد بجديةٍ وهو يركز بعيني سلمان الثابتين، لا دلالة على ارتباكه إلا يده التي شدها لجزءٍ من الثانية لكنه لاحظها : انت اللي قتلت أبوي فهد؟؟؟


*_-*_-*_-*_-*


العاشرة مساءًا

دخل للمجلس بعد أن أعلمته الخادمة بحضور أخيه، ليقف عند الباب مستندًا على إطاره مُكتفًا يديه إلى صدره : خيـــــر ... وش باقي بعد من محاضرتك ما كملتها؟
نظر إليه نظرةً حادة يعلم سلطان معناها جيدًا، لكنه تجاهل نظرته ليردف بحدة : والا لا يكون جاي تنام عندي؟ ... ماعندك بيت انت؟
زفر عناد وهو يحرك رأسه يمينًا وشمالًا بأسى : حالتك ميؤس منها
ثم وقف ليتحرك باتجاهه إلى أن أصبح أمامه ثم نقر جبهته : ما تلاحظ إنك صاير بزر ما تنطاق!
تجاهله سلطان وهو يستدير ليذهب، لكن عناد أمسكه ليسحبه باتجاهه : أنا كم مرة معطيك محاضرة في اللباقة ... سلطان وقف تتصرف مثل الأطفال
نفضه سلطان بغضب ليعود للإستدارةِ إليه، ثم بانفعالٍ صرخ في وجهه : وبصير عدو لك بعد إذا كنت معاه، ما ودي أكرر لك اللي قلته العصر ... فبكل بساطة افهم ... أنا بايع كل علاقاتي عشان أبوي وبس
عناد بغضب : ومين قال لك إني معه؟
صمت سلطان قليلًا، ثم هتف وعينيه تستشف الكلام من عيني عناد : صدقتني؟
لم ينطق عناد ببنة شفه، وعينيه ثابتتان في ملامح سلطان الحادة. إلى أن أردف : رحت له والا نبشت في ماضيه
عناد بعد زفرةِ قهر : رحت له
ابتسم سلطان بسخرية : ما نكر؟
عناد : شرايك انت؟
ضحك سلطان وهو يحرك رأسه بأسى : هو اللي قتله يا عناد ... هو اللي قتل أبوي وأبوك، واللي قتلني قبل لا يقتله!
أمسك عناد برأسه ليزرعه في صدره متمتمًا بأسى : الله فوق ... الله فوق


*_-*_-*_-*_-*


ممددةٌ على سريرها ودموعها تنسابُ بحريةٍ تامة، مرت ثلاثةُ أسابيع على العزاء، ثلاثةُ أسابيع لم تنم لها عينٌ براحة، منظرُ والدتها والدمُ يغطيها يتلف الصمت عندها فيجعلها تستسلم للبكاء، تستسلم للحزن، تستسلم للضيق.
أطلقت شهقةً ومن ثم تبعتها شهقات، إلا أن شعرت بيدٍ تمسحُ على شعرها بلُطفٍ بالغ. فارتفعت أنظارها لتراه أمامها، لترى قاتل أمها - من وجهةِ نظرها هي -، لترى من سلب ضحكتها وفرحها!
زمت شفتيها تحاولُ منعَ شهقاتها، تحاولُ كبتَ ضعفها أمامه ... لكنها وبكل بساطة، لا تقدر.
صرخت باكيةً بعتابٍ بالغ : ليه؟ ليه قتلتها ليه؟
ارتجفت شفتيها وهي تكمل أنينها، قاسٍ، قاسٍ هو هذا الشعور، قاسيةٌ هي فكرة أنها لن ترى أمها مرةً أخرى، تشعر بأنّ يدًا تمسكُ بها وتسحقها، ليتها ماتت معها، ليتها لم تشعر يومًا بهذا الشعور، ألم الفقد ... والخذلان
أجل الخذلان! فوالدها خذلها بقتلهِ لأمها، خذلها فليسَ أبٌ من يبعث الحزن إلى ابنته، ليس أبٌ هذا الذي يقتل الفرحة في قلب ابنته، وليس أبٌ من يجعل دمعات ابنته تسقط بمساعدةٍ منه ... وبسببه !
غطست بملامحها في وسادتها لتصرخ متجاهلةً بأن من يقف بجانبِ سريرها هو والدها ومن الخطأ أن تصرخَ عليه، صرخت وهي تتجاهل حجم ماتفعله : إطلــــع من هنـــا .... إطلع
صرخت في وجهه وكأنه ليس والدها، صرخت صرخةَ فتاةٍ لم تخرج بعدُ من صدمتها، صرخت وهي متجاهلةٌ أن صراخها ..... ذنب !
يوسف بهدوءٍ ومنظر ابنته يؤلمه أكثر من ألم فقدهِ لزوجته : استهدي بالله ياجيهان ... هذا قضاء وقدر واللي تسوينه غلط
جيهان بصراخٍ يرتفعُ تدريجيًا : ماهو غلط! ماهو غلط .. قتلك لها هو الغلط فلا تركب الغلط فيني
تنهد متمتمًا : لا حول ولا قوة إلا بالله
التفت مُعطيًا إياها ظهره ليخرج، يعلم بأن ماتفعله ومايصدر منها ليس وعيًا .. ولا بغير وعي! ... هي الآن بين الوعي واللا وعي، لم تصرخ في وجهه قط، كانت تحترمه أشدّ احترام. لكنه يعذرها الآن .. لأنها وإلى الآن، مازالت بين الوعي واللا وعي !


*_-*_-*_-*_-*


من جهةٍ أخرى وفي نفسِ البيت.

كانت تجلسُ على سريرها وأمامها تجلس أختها الصغرى ليان والتي تبلغ من العمر سبع سنوات، تسرح شعرها بشرودٍ وعيناها تنظر إلى الفراغ، ولا شيء غير الفراغ. أطلقت تنهيدةً مُوجَعة، وهي تتمتم بالإستغفار.
عمتها أم ياسر وزوجة عمها أم فواز لم يتركاهم خلال هذه الأسابيع الثلاث، بالرغم مما حدث والإشاعات التي ظهرت فيهم إلا أنها وإلى الآن لازالت قوية
في المستشفى وبعد وفاةِ أمها حضرت الشرطة لإستحوابهم من أجل قصةِ الإنتحار هذه، يوسف لم يسرد لهم كل شيء بالتفصيل، فهو لايريد لسمعة زوجته بعد وفاتها أن تتشوه، بالرغم من أن ذلك كان خطرًا عليه خاصةً إن علموا بكذبه، ففي ذلك الوقت ستتجه الأصابع نحوه بأنه قتلها، لا هي من انتحرت، رغم أنه لا يوجدُ دليلٌ ضده، إلا أن كذبه يكفي لإدانته
استجوبوا أرجوان وبذكاءٍ منها لم تذكر كامل القصةِ أيضًا. أما جيهان فهي لم تقل شيئًا، لم تعطهم مجالًا للسؤالِ حتى، بل صرخت في وجههم مُجبرةً لهم على تركها لوقتٍ آخر. ليعودوا إليها بعد أيام، ويستمعوا لقصة عثورها عن الجثة، دون أن تذكر أنها كانت محبوسةً في غرفتها، لا تعلم تحديدًا لمَ لم تسرد كامل الحقيقة، ربما لأنها لا تريد إلّا عدم التذكر، فهي تعلم من هي جيهان جيدًا، الفتاة المتعلقة بأمها وجدًا، فكيف لا تكون بجانبها؟ ... هذا مافسرته أرجوان لصمتها، بالتأكيد هذا هو التفسير ولا سواه.
انتشرت الإشاعات بسبب انتحار مُنى، البعض كذب هذه المقولة واستنتج من عقله المريض بأن ماحصل كانَ جريمةَ قتل، ومن قتلها هو زوجها
والبعض قال بأن موتها كان بسبب لص, دخل البيت وفي اثناء سرقته رأته وقتلها. والبعض قال بأن إنتحارها كان بسبب معاملةِ يوسف لها، كان يضربها ويعذبها لذا اختارت طريق الموتِ بنفسها
واختلفت الأقاويل ... ويبقى ابن آدم مُحبًا لنشر الأقاويل والإشآعات
أفاقت على صوتِ ليان المُنادي لها، منبأةً بأنّ هاتفها يصيح، لترفعه أرجوان وترد على صديقتها مروى. تحدثتا قليلًا وطلبت منها أرجوان أن تأتي إليها فهي تشعرُ بالضيقِ يكبتُ عليها.
أغلقت منها بعد عشرَ دقائقَ واتجهت للحمام كي تستحم. فلربما سيزيل الماء عنها كل الضيق، رُبما سيزيل عنها الحزن والتفكير.


*_-*_-*_-*_-*


صوت خطواتٍ تتخطى عتبات الدرج وصاحبها ينوي مُغادرةَ المنزل، ينظُر لساعتِه السوداء وهو يُعاتِب نفسه لتأخُّرهِ عن عمله، لكنّ صوتًا شجيًّا خلفَه أوقفه، صوتٌ حنونٌ يجعله بدون أدنَى شعورٍ يبتسم : على وين ياولدي؟
إلتفَت سيف لأمّه مُبتسمًا، ليتجه نحوها مُتجاهِلًا تأخره ويقبّل رأسها، وبحُب : سوري يُمه، ما انتبهت لوجودك
أم سيف بابتسَامة : وين تنتبه وانت راكض مثل المَجنُون
سيف : تأخرت على الشركة اعذريني
أم سيف : أجل ما أعطلك، بس وين مرتك؟
شتت نظراتِه وهو يمشي باتجاه الباب : ماصحت للحين ، مع السلامة يمة
أم سيف بتعجب من ردّه المُختصر، لكنها ألحقته بتأخره عن عملِه : فمان الله


قبل ذلك بدقائق

خرجَ من غُرفَتهِ بعجلٍ وهو يُغلِق أزرّة كُم قميصه وملف يُعانقُ أوراقَ صفقةٍ داخله محشورٌ تحتَ ابطه، كان يستغفر ربه داخلهُ من شدة قهره لتأخره عن عملِه، مُنذُ ماحدثَ بينهُ وبين زوجته وحُرمتها عليه أصبحَ ينام وحدهُ ولا يجدُ من يُفيقه مُبكرًا كالسابق، وفي طورِ عجلتهِ انزلقَ الملف من غير أن ينتبِه، ليصرخ بغَضبٍ : يلعــ .. أستغفر الله بس
انحنى بجَسده للأسفل لكنّ جسدًا سبقه ليصلَ إلى الأرضِ قبله ويجمعَ الأوراق بعجلٍ ومن ثمّ ارتفع لتضعَ الأوراقَ على الطّاولةِ بجانِبهما وتعودَ أدراجها لغُرفتها في حينِ كان ينظر إليها بصمتٍ وهدوء
رُغمًا عنه تُشعرهُ بأنه لا شيء بدونِها ... ارتسمَت ابتسامةٌ على شفتيه ... وأعتقدُ أنني كذلك!
سحب المّلف من الطاولة ليتجه نحو بابِ الجناح لكنّ صوتها الرّقيق أوقفه : ماتبي تفطر؟
إتجهت أنظارهُ نحو الواقفةِ على عتبةِ الباب بميلانٍ وعيناها البنيتان تنظر إليه ببرود، شكلها وإن كانَ عاديًا بالجلابيةِ أغراه، رُبما لأنه أتم الشهر والنصف وهو محرومٌ من قربها. صدّ عنها وهو يستغفر داخله، ثم همس وهو يتجَنب النظرَ إليها : لا
ليُكملَ طريقَه خارجًا في حينَ تنهدت هي باضطراب.
نظراتُك، هدوءُك، صمتكَ وسُكونك.. كلها تُدلّ على رغبتكَ العارمةِ بي، لكنك أنتَ من جنى على نفسِك ياسيف بجُملتكَ تلك!
تكررت الجملةُ في عقلها لتعضّ شفتيها بألم
" أنتِ علي كحرمة أمي يا ديــما !!! "


*_-*_-*_-*_-*


يبتسمُ بحنانٍ وهو يُحاولُ إخراجَ أخته من حالتها هذه، كانتْ السّاعة حينها تنبؤ بدخول التاسعة صباحًا عليهم، غُرفتها الكئيبةُ لم تتغير منذ أن تركها قبل تسعةَ أشهر، الأثاث نفسُه والألوان نفسها، وأيضًا . . الظلام نفسه!
فواز بتذمرٍ وعتاب : أسيل! عاجبِك حالي الحين؟ عيب عليك والله، بسافر بعد أيام وانتِ رافضة تجلسين معي ساعتين ورى بعض!
دفنت وجهها بالوسادةِ وهي تحاربُ رغبةً عارمة بالبكاء، فواز يُذكرها به، يُذكرها بمرحه، يُذكرها بضحكه، يُذكرها بمتعب!
يالَسُخف الحالةِ التي وصلت إليها، حتى أخاها أصبحت تنفُر منه، فقط لأنه يُذكرها به، ولا شيء آخر, بالرغم من أنه كان غائبًا عنهم لتسعة أشهرٍ نظرًا لعمله في بروكسيل, وعاد حين سمع بوفاة زوجة عمه, إلا أنها لا تريد أن تتحدث معه.
همست وهي تتجنب النّظر إليه : تكفى فواز، مافيني قوة على شيء
فواز بألم : ومتى كان لك قوة على شيء من بعد اللي صار؟ بهالفترة تغيرتي كثير، صايرة كئيبة ... وبشكل مزعج!
أنهى جُملته تلك ومن ثمّ خرج من غُرفتها وهي غارقةٌ بين كلماته، وتحديدًا * مُزعج *
أصبَحتُ مزعجةً لهم، لفواز الذي غادرني منذ تسعةَ أشهر، لم يعد يحتملني فكيف بأمي وديما اللتانِ إحتملتاني ومزاجي قرب السنتين! كيف بهم؟ أعلمُ بأنّ كلّ ما أفعلُه خاطئ، لكنه أيضًا .... ليس بيدي، أقسم أنه ليس بيدي، لا أستطيع أن أنساه، لا أستطيع أن أمحي صورتهُ من عيناي وهو يسقُط أمامي، لا أستطيع محو صوتهِ ورناتِ ضحكاتهِ من أذناي. لا أستطيع نسيانَ لمساتِه! قُبلاتِه! غزله وكلماته. ترّملتُ قبلَ أن أذهب إلى بيته، وكم هو قاسٍ هذا الشعور.
لكنني الآن، سأريحهم، سأريحُ فواز وأمي وديما، سأريحهم جميعًا.


خارجَ غُرفتها

تنهد وهو يتخطى عتبة الدرج ليصلَ إلى أمه الجالسةِ في الصالة الداخلية، على أريكةٍ بلونٍ دموي وفنجان القوةِ في يدها. جلس بجانبها ليصله صوتها الملهوفُ سائلًا : وش صار معك؟
فواز بتنهيدةٍ ضيقة بعد أن جلس بجانِب والدته وأخذ فنجانًا : أعتقد بتوافق
أم فواز بفرحةٍ وراحة : الحمدلله يارب الحمدلله
فواز : كلامي معها كان قاسي شوي، بس كل هذا لمصلحتها، هي أكيد ماهي مزعجة بالنّسبة لنا، بس ماهو بمقدورنا نطلعها من اللي هي فيه، وحدها العلاقة الجديدة تقدر تطلعها، وأنا أثق في شاهين بقدر ثقتي في الرّاحل
أم فواز بحزن : الله يرحمه
فواز بحزنٍ هو الآخر على رفيق دربه : الله يرحمه .. الله يرحمه





كَيــدْ 04-06-14 02:13 PM

رد: قيودٌ بلا أغلال عانقت القدر
 

من بابِ الجمال : ذا العينان البُنيتان !
وصلها تعليقٌ على هذا المنشور في الفيس بوك، وكان سؤالًا عن إسم هذا الرجل، ذو العينين البُنيتين، الرجلِ الذي استحقّ كل هذا الغزل والعشق. ابتسمت ببساطةٍ وكتبت : قال لي قلبي أنّ الإفصاح قد يكُون خطأً! ... عُذرًا عزيزتي أفضلُ الصمت عن الإفصاح
انتظرت دقائق ولم ترد عليها تلك المجهُولة، كانت دائمًا تُحاول التقرب منها والتحدث معها، وهي تقابلها باللباقةِ التي يطغى عليها الرّسمية، فليست الثقة السّريعة من صفاتها. انتظرت قليلًا ولكن المجهولة لم ترد، لتسجل خروجها كعادتها، فهي لا تأمنُ أن يقع هاتفها في يدِ أحد. دقائقَ ليُطرقَ بابها وتسمعَ صوتَ ديما : إلين ... يلا استعجلي شوي، بتفوتنا المحاضرة
إلين بابتسامةٍ زاهية بعد أن نظرت للساعةِ في معصمها وكانت العقارب تقترب من العَاشرة : جاهزة .. بس ألبس عبايتي وأطلع
ديما : انتظرك
لتسمعَ صوت خطواتها تبتعد ومن ثم تنهض لتأخذ عباءتها وترتديها في غرفتها تحسبًا لوجود ياسر، بالرغم من أنها تعلم بأنه الآن في عيادته، ولكنّ الحذر واجب
غطت وجهها قبل خروجها كعادتها أيضًا إذا كانت متزينة، بالرّغم من أنّ زينتها خفيفة ولا تقارن بغيرها إلا أنها ومن سابع المستحيلات أن تسمح لياسر أن يراها بزينتها، يكفي أنه يرى وجهها، لأنه وبكل بساطة، من الصعب عليها أن تتجول في المنزل بنقاب، فيكفيها الحجاب والعباءة.


*_-*_-*_-*_-*


في منزلٍ آخر

بحقدٍ كانت تقرأ ردها وبجانبها تجلس أختها، تردد الكلماتَ بسخريةٍ وحقدٍ واضح : عذرًا عزيزتي أفضل الصمت عن الإفصاح .... اوووووه وقحة !!
أماني بتعجب : وش عليك منها اتركيها تحبه لين تموت
رانيا بنقم : مايكفيها إنهم معيشينها بنعمة! والحين عينها على ياسر !!! جد وقاحة
أماني بطيبة قلب : اتركيها بحالها، حرام عليك البنت يتيمة و ....
قاطعتها رانيا : ومو بعيد تكون لقيطة وبنت حرام!
أماني : استغفر الله العظيم من تفكيرك
رانيا بشرودٍ وهي تنظر للفراغ : ماني راضيتها عليه يا أماني، ياسر يستحق أفضل منها، أحترمه وأعتبره مثل أخوي، وإلين ماتناسبه، يكفي إننا مانعرف أصلها!
رانيا : الأخلاق تكفي .. أنا مدري ليه إنتِ الوحيدة من العايلة كارهتها، الكل يحبها وانت ... * تنهدت وهي تحرك رأسها يمينًا وشمالًا بأسى *
اعتدلت رانيا على سريرها الأبيض وهي تنظر لها بتركيز : ماكنت أكرهها، بس هي لاعبة بمخكم، أنا الوحيدة اللي عارفتها، أنا وبس، إنتِ عارفة كيف كانت علاقتنا، كنا قراب من بعض كثير، بس من يوم عرفت حقيقتها كرهتها
أماني قطبت حاجبيها : عن أي حقيقة تتكلمين
رانيا وهي تصد بوجهها عنها، مهما كرهتها وحقدت عليها لكن قلبها لا يطاوعها في فضحها : مو شغلك
أماني بحدة : بعد مافتحتي السالفة قدامي! صار شغلي
رانيا وقفت مُبتعدة عنها لتخرجَ من الغرفة بعد أن ألقت على مسامعها جملةً واحدة : وأنا ماني حابة أتكلم
لتخرج بعدها تاركةً أختها الصغرى حائرة في تصرفاتها وتناقضاتها، زفرت بضيق وهي تتمتم : مردي بعرف يارانيا ، بعرف


*_-*_-*_-*_-*


يقف بجانب عناد رافعًا لحاجبيه مُتعجبًا : وش فيها ذي؟
عناد بابتسامةٍ ضاحكة : زعلانة منك
نظر إلى ملامحها المُتجهمة وهي تحرك أناملها الصغيرة على أطراف كوب العصير الذي أحضرته لها الخادمة, وفي لحظةٍ كانت قد رفعت وجهها لتلقي نظرةً خاطفةً عليه ثم استدارت.
ابتسم باستغرابٍ وهو يقترب منها : أفا بس! غدوي ما تبي تكلم سلطانها؟؟
نظرة إليه باستعلاءٍ ثم صدت, ليضحك وهو يمسك بيدها ضاغطًا عليه بقوه : زعلانة أجل؟
تأوهت وهي تسحب يدها منه بعنف, ثم صرخت : يا الخايس!!
ضحك وضحك معه عناد, فأطرقت برأسها عاتبة, لينظر سلطان هذه المرة لعناد بجدية : جد وش فيها؟
عناد بابتسامةٍ يقلد عتبها : سلطان متغير علي من فترة
ثم ضحك بصخبٍ لتنظر هي إليه بحدة وتهديد, فأردف ضاحكًا : يووووه انفجرت قنبلة هيروشيما
ليتحرك باتجاه سلطان وهو يضحك ضاربًا كتفه بخفة : عندي شغل في المكتب ... يمكن أتأخر عليكم فحاول تراضيها بأسلوبك
غمز له ثم ذهب, لينظر سلطان إليها ويبتسم, ثم اقترب أكثر ليهمس : في وشو متغير عليك يا الظالمة؟
تجاهلته وهي تلعب بتنورتها ليتلقف يدها يعدد بأناملها بتفكير : أمس, وقبل أمس, وقبل يومين, وقبل أيام ... كم مرة أرسلت لك في الواتس ولا تردين!! والحين صرت المتغير هاه!
غيداء بحدة بعد أن سحبت يدها : لو كنت جد مهتم كنت جيت لبيتنا * ثم بعبوسٍ أردفت * امي زعلانة منك
يعلم انها تكذب فهو في كل يومٍ يحادث أمه عوضًا عن الذهاب إليها, فمنذ انشغل بموضوع سلمان وهو لا يجد الوقت ليزورها
ابتسم يُجاريها : بكرة بزورها إن شاء الله
نظرت إليه بحدةٍ : يعني جد انت قاطعها مثل ما قاطعتني؟
مطّ شفتيه بأسى : للأسف ظروفي أقوى مني
نظرت إليه بنظراتٍ عاتبة، ثم اقتربت منه لتهتف : وأنا أقول ليه قايلة لي أمس إنها زعلانة منك!
يعلم أنّ أمه عاتبة عليه لأنه لم يزرها منذ مدةٍ طويلة، لكنها ليست غاضبة على نحوٍ كبير لأنه كان يكلمها باستمرار, كما أنه أعتذر البارحة منها ووعدها أنه سيزورها. ابتسم ثمّ هتف : طيب آسفين، بتصل عليها الحين وأعتذر
غيداء بعبوس : وأنا؟
اقترب منها ليُقبل جبينها بحنانٍ بالغ : انتِ القلب والروح والأنفاس اللي عايش عليها
ارتفع حاجباها بتحذير : ماني غزل يا قليل الحيا! ترى بقول لعناد
ضحك وهو يهزّ رأسه، لا فائدة ترجى من اعتدالها، ستبقى الفتاة طويلة اللسان التي لا تحترم إخوتها بتاتًا.
غيداء : تدري وش قال لي عناد؟
سلطان وهو يقطب حاجبيه، يعرف ذاك المخادع جيدًا : وش هبب؟
غيداء وهي تمطّ شفتيها بقهر : يقول إنّ الأخوان من الرضاع دايمًا ما يهتمون ببعض ... عشان كذا لازم أتوقع منك أي شيء
كشرّ بملامحه : الحمار! وانتِ صدقتيه؟
هزت رأسها بصمتٍ فتأتأ بأسف : وهذا العشم فيك؟ تصدقين في أخوك اللي يحبك؟
استغلت انحدار محور الحديث إلى هذا النحو لتقفز أمامه بحماسٍ هاتفةً برجاء : أجل اثبت لي وخذني للملاهي
ابتسم : ماخذه المكر من أخوك؟ أقول امشي عني امشي
غيداء ووجهها ارتخى بحزن : ليه؟
سلطان : مافيني
عبست فجأةً وتراجعت لتجلس على الأريكة وتسند ذقنها على كفيها وفمها ممدودٌ للأمام بدلال، فابتسم لأنه علم أنها غضبت عليه الآن حقًا، ثم اقترب منها ليجلس بجانبها : زعلتِ غدوي؟
صدت عنه للجهة المعاكسة فوضع يده على رأسها ليهمس : واللي يقول إنه كان يمزح!
لم ترد، فأردف : دامك ما تبين خلاص بروح
وقف لكنّ يدها امتدت بسرعةٍ لتوقفه : لا لا أمزح ما زعلت
ضحك عليها ثمّ حرر يده بلطف : محد يعرف لزعلك غيري
ابتسمت ببراءة : وأنا أقدر أظل زعلانة على سلطاني؟
اتسعت ابتسامته وهو يمد يده يداعب شعرها الخفيف ليُشعثه، فعبست وهي تبعد يده : هييييي سلطان يا الخايس ... ترى بالحيل ثبته
سلطان بضحكة : بنتظرك برا في السيارة ... لا تتأخرين اوكي
أومأت بابتسامة ثم اتجهت بسرعةٍ للمكان الذي علقت فيه عباءتها وهي تمرر كفيها على شعرها, بينما هو خرجَ غافلًا عن كل ما يحدث في المنزل بتواجده.
بعد قليلٍ كانت تلفّ الطرحة على رأسها وتدندن، وفي طريقها للخروج مرّت بتلك الغرفة الغامضة، والتي يجلس فيها سلطان ساعات كثيرة من يومه، الغرفة التي تقع في زاويةٍ بعيدة عن غُرف الضيوف والمجالس، وكأنّ سلطان لا يريد لغريبٍ أن يُفكر بدخولها حتى. دائمًا ما كان فضولها يدفعها لسؤال عناد عنها، ودائمًا ما شعرت بالرغبة في دخولها ولم تستطع. انتبهت لبابها الذي كان مفتوحًا قليلًا وظلام الغرفة كان واضحًا لعينيها، فابتلعت ريقها وهي تقترب منه، وفي هذه الساعة تكون الخادمة تستعد للنوم، هذا إذا كانت لك تنم حقًا.
ما إن وصلت للباب حتى توقفت وهي تستمع لحركةٍ خافتةً بداخله، فذُعرت وهي تتراجع للوراء لكنها اصطدمت بجسدٍ صلب أثار القشعريرة في جسدها، ففغرت فمها وهي تحاول التقاط الهواء، ليس سلطان، ولا عناد، له رائحة تشبه الدخان. ابتلعت ريقها ببطء، وقبل أن تستدير كان يده تطبق على فمها تمنع صوتها وصرختها التي كانت ستخرج من إكمال طريقها، فاتسعت عيناها وقد تأكدت، ليس سلطان، ولا عناد ... إذن من هو؟ وكيف دخل وهما في البيت؟
ومن بين كومة الذعر والخوف، وبين الأمل بقدوم سلطان، سمعت الواقف خلفها يتكلم ببطءٍ وخبث : من وين جانا المزز؟
اتسعت عيناها وبآليةٍ ارتفعت يداها لطرحتها تتشبث بها دون أن تفكر بالمحاولة في التخلص من يده التي تُقيد فمها وجسدها، فضحك ومع ضحكته خرج رجلٌ آخر من المكتبة لتتسع عينيه ما إن رآها : من وين جبتها؟
الآخر : كانت تتجسس
هتف الذي خرج وهو يؤمئ برأسه دون اهتمام : عالعموم انتهيت من شغلي، بقي الخطوة الأخيرة ونخرج، مدري شلون الإستاذ خلانا نخاطر بهالشكل وندخل بيته في وجوده!
الآخر : هه .. كل همه يثبت دهاءه واحنا اللي بناكلها ... يلا يلا كمل شغلك وخلنا نخرج بالمزة
لم يهتم الآخر وهو يُخرج علبة كبريت ليُشعل عود ثقابٍ ويرميه داخل الغرفة، وفي جزءٍ من الثانية كانت النيران تتأجج أمام عينيها، فشهقت شهقةً مكتومة وعينيها تتسعان بذعر، لتتبع شهقتها ضحكة الرجلين.
الرجل الذي يُقيدها بيديه : يلا نطلع قبل يرجع، هو خرج من شوي ومابيرجع إلا بعد ما تاكل النيران البيت مو بس الغرفة ذي!
الآخر : مشينا


أما سلطان فقد كان في سيارته ينتظر قدومها، وتعجب من تأخرها فبدأ بالتأفأف : يا الله غدوي ... ما تترك عادة التأخر لو تشوف العالم كله قدامها
رفع هاتفه ثم اتصل على هاتفها، ليصدح صوته من الجهة المُقابلة وتنتفض فجأةً مع صياحه، لكن الرجل الآخر اقترب ليُخرج هاتفها من حقيبتها ويقرأ اسم ( سلطاني )
ابتسم بسخرية : هذا هو يدق * ثمّ دمى الهاتف دون اهتمامٍ بالأرض *
: خلنا نمشي بسرعة ما ودي أتأخر على المزة اللي عندي
ارتفع معدل نبض قلبها وبدأ جسدها بالإرتعاش أكثر وأكثر، ما الذي يقصده هذا الرجل؟ ماذا يريد منها؟ .. ابتلعت ريقها ثم أمسكت بكفيه تحاول نزعها، لا تفهمه، لا تفهم ما تعنيه كلماته، ظنت أنه سيخرسها فقط وسيتركها ما إن ينتهيا، لكن لا يبدو أنه يفكر بذلك بتاتًا!
شدّ على فمها أكثر بكفه الضخمة، ثم بكفه الأخرى بدأ بتلمس جسدها المُغطى بالعباة : جسمك صغير ... كم عمرك؟ ... اعتقد ما بين 12 و 15 ... – حرك رأسه يمينًا ويسارًا بأسى – توقعتك أكبر وناضجة ... بس ما عليه، تفين بالغرض
انقطعت أنفاسها وزاغت عيناها، وجسدها ارتعش دون فهم، دون استيعاب. لمَ يتلمس جسدها بهذا الشكل المُغزز؟ لمَ تبدو لمساته مُرعبةً بهذا الشكل؟ بينما الآخر هتف بملل : أنا بطلع وانت الحقني بعد ما تنتهي
ثمّ خرج دون كلمةٍ أخرى، بينما الآخر كان غير قلقٍ بشأن سلطان، فهو في هذه الساعة غالبًا ما يكون خارج منزله، وتلك هي المعلومات التي وصلته من سيده. ارتفعت كفه عن جسدها، لينزع طرحتها بشدةٍ ويبدأ باستنشاق رائحة شعرها، وهي واقفةٌ دون مقاومة بملامح باهتةٍ لا تعلم ما يحدث لها، لكنها ما إن شعرت بشفتيه تتحركان على وجنتها مرورًا إلى عنقها، ارتخت قدماها حتى كادت تسقط، لكنه ثبتها وهو يترك فمها ليخلع عنها عباءتها.
وبمرور الوقت، ومن بين جمودها وصدمة عينيها التي ثبتت بالفراغ دون أن تشعر فعليًا بما يفعله هذا الرجل بها، شعرت بجسده يُنتشل عنها بقوةٍ فانتفضت كمن استيقظ من إغماءةٍ مؤقتة، لتشهقَ بقوةٍ تجتذب الهواء تشعر أنها تغطس في ماءٍ فاختفت ذرات الهواء منه، ودون أن ترى شيئًا مما يحدث حولها، كانت فقط تستمع لصراخٍ من أشخاص تجهل صوتهم، أو جهلت صوتهم الآن، نظرت لنفسها لتُجفل من مظهرها، متى أصبحت بهذا الشكل؟ شعرت بالدوار يداهمها والدنيا تسودّ من حولها، تتألم! جسدها يؤلمها، تشعر أنّ دبابيس غُرست به.
ودون أيّ فهم، دون أن ترى غير نفسها ومن ثمّ الظلمة التي أُسدلت على عينيها، تساقطت دموعها وهي تغيب عن وعيها تمامً

.
.
.
.

هذهِ بدايةٌ فقط للتعريف عن الشخصيات ورؤوس الأحداث


وأمنيتي أن تروق لكم ولذائقتكم ()
ودمتم / كَيــدْ !



MaNiLa 04-06-14 06:36 PM

رد: قيودٌ بلا أغلال عانقت القدر
 


السلام عليكُم ورحمة الله وبركاتُه ..


مرحبًا بكِ عزِيزتي / كَيدْ ..


بداية مُشوقة للغاية،
شخصيات كثيرة وأحداث متشعّبة،
أسلوبٌ سلِِس ..

كلّ هذا يُخبرنِي أنّي سأتواجدُ كثيرًا بين صفحاتِك، ولاشكّ سأستمتع ..


لكِ كلّ التوفيق.

كَيــدْ 06-06-14 04:17 AM

رد: قيودٌ بلا أغلال عانقت القدر
 
اقتباس:

المشاركة الأصلية كتبت بواسطة MaNiLa (المشاركة 3449557)


السلام عليكُم ورحمة الله وبركاتُه ..


مرحبًا بكِ عزِيزتي / كَيدْ ..


بداية مُشوقة للغاية،
شخصيات كثيرة وأحداث متشعّبة،
أسلوبٌ سلِِس ..

كلّ هذا يُخبرنِي أنّي سأتواجدُ كثيرًا بين صفحاتِك، ولاشكّ سأستمتع ..


لكِ كلّ التوفيق.

وعليكم السلام والرحمة
ياهلا

بيكون شرف كبير هو تواجدك
شكرًا لك

كَيــدْ 06-06-14 04:18 AM

رد: قيودٌ بلا أغلال عانقت القدر
 
السلام عليكم ورحمة الله تعالى وبركاته


أحب إني أهني اللي انتهوا من الدراسة وانا منهم
مبارك لنا جميعًا وهنيئًا لنا الإجازة


هذا البارت هو عبارة عن جزء طويل جدًا وصل للأربعين صفحة تقريبًا فقسمته لجزئين
جزء بينزل اليوم وجزء بينزل يوم الإثنين
وفي الأسبوع القادم بحاول أنظم وقت محدد لتنزيل البارتز





بسم الله نبدأ


(2)*1








غطى جسدها بعباءتها وعيناه لم تفق من صدمتها بعد، لم يحدث شيء، لم يغتصبها، كلّ شيءٍ يُثبت ذلك، وصلوا في الوقت المُناسب ولم يحدث شيء. كان عقله يهذي وهو يحلل كل ما يراه، ملابسها شبه مُمزقه، لم يسعفه الوقت ليفعل شيئًا، هكذا كان يقول في نفسه وقد نسي سلطان تمامًا، هو وجده عند المدخل عندما عاد لأنه ترك بعض أوراق مريضٍ لديه عند غيداء، ونسي أخذها، توقفا قليلًا يتحدثان وليتهما لم يتوقفا، لكن كيف؟ كيف دخلوا بتواجد سلطان؟ يستحيل أن يحدث ذلك دون أن يكون هناك من ساعدهم من داخل البيت؟
زمّ شفتيه ثم استدار، وكل ما حولهم يضيء بالبرتقالي بفعل النيران التي بدأت بالإنتشار، وحين رأى ذاك الحيوان أمامه وسلطان يحاول قتله بحنقه، اندفع ليلكمه لكمةً قاسيةً أفقدته وعيه، وهو الذي كان يُحاول الهرب من قبضة سلطان والآن لن يستطيع الهرب بإغمائه
عناد بصراخ : لا تلوث يدينك فيه
سلطان بغلّ وصدره مُحترق بصق عليه، ثم بعينين مُتسعتين تابع النيران التي علم أنّ مصدرها هو تلك الغرفة، مخزن الذكريات القديمة، سحب أنفاسه وهو يشعر أنه يختنق، ثمّ دون تفكيرٍ اندفع لأقرب حمامٍ حتى يرّش جسده بالماء، سيحاول إنقاذ بعض الذكريات ليعيش عليها إلى أن ينتقم، لن يموت الآن. خلع ثوبه ثمّ شقه ليُصبح قماشًا واسعًا، بينما عناد حمل غيداء بين ذراعيه ليصرخ وهو لا يعلم ما الذي يجب عليه فعله تحديدًا، يبقى مع سلطان، أم يُخرج أخته، أم يحرس ذاك المُغمى عليه كي لا يهرب : سلطان ... خلاص اطلع، أنا بتصل على الإطفاء، مافي فايدة اطلع
لم يستمع إليه وهو يدخل للغرفة، بينما عناد اندفع ليُخرج أخته ثم اتصل على الشرطة والإسعاف والإطفاء، غير قادرٍ على الدخول من جديد ليُخرج سلطان، بينما فكر بعقله هل يقبض على ذاك المُجرم إلى أن تأتي الشرطة أم يتركه! لكنه أيضًا يخشى أن يستفيق فيخرج من الباب الخلفي كما دخلوا بالتأكيد.
بينما سلطان، دخل للغرفة مستغلًا بعض المناطق الخاوية من النيران، وهو يرى أن أغلب الصور احترقت، وبعض الكُتب احترق غلافها وتابعت النيران طريقها تريد إحراق محتواها، بينما البعض احترق كاملًا وقليلٌ ما بقي سليمًا. دون تفكيرٍ بدأ بجمع بعض الصور حتى وإن احترق ربعها أو نصفها، وبعض الكتب العارية من الغلاف والكتب السليمة، وهو لا يهتم بما حوله، هو لا يريد الموت بالتأكيد حتى يأخذ بثأر والده، لكنه أيضًا نسي ذلك حينما رأى ذكرياته تموت.



*_-*_-*_-*_-*




والآخر الذي كان مُشتركًا في احراق المكتب، فور رؤيته لسلطان وعناد من بعيد يقفان عند المنزل، فُزع ودون أدنى تفكيرٍ بالآخر هرب، ثمّ رفع هاتفه يتصل على سيده، وفور سماعه لصوته الخشن هتف بذعر : أستاذ انكشفنا ... انكشفنا
وقف الآخر من الطرف الثاني مُنفعلًا، ليصرخ بغضب : نعــــم
الآخر بارتباك : حسن كان في البيت ومتطمن من ناحية وجود سلطان خارج البيت ... بس هو رجع!
صرخ : وايش يسوي داخل البيت .... انتو ما خلصتوا شغلكم
ابتلع ريقه لا يعلم ما الذي يرد به، ولم يستطع النطق إلا بكلمةٍ واحدة : خلصنا
الآخر بصراخٍ وغضب : وليه ما طلعتوا مباشرة لييييييه؟
لم يرد فعضّ الآخر شفته بغلّ، لكنه زفر أنفاسه وهو يهتف : تعال انت لعندي ويصير خير ... وحسن يعتبر نفسه منتهي
ثم دون كلمةٍ أغلق، ليرتجف الآخر خوفًا، أيعقل أنه سيعاقبه بخطأ زميله الأحمق؟ ابتلع ريقه وهو يتوجه إليه، لا لن يفعل، فهو قال بأن حسن منتهي وأمره بالقدوم، سيكلفه بمهمةٍ أخرى بالتأكيد .... وهي قتله!




*_-*_-*_-*_-*




وهناك، كانت سيارة الإسعاف قد وصلت ونقلت غيداء مع عناد الذي اطمئنّ على سلطان بخروجه من البيت بمساعدة رجال الإطفاء، والذين يُحاولون إطفاء الحريق الآن، بينما المُجرم نُقل في سيارة الشرطة بعد أن حاول الهرب بعد استفاقته، لكنه ما إن خرج راكضًا وجد رجال الشرطة أمامه.
كان سلطان جالسًا على إحدى الكراسي الخشبية وحوله مجموعةٌ من صورٍ أتلفها الحريق وكُتبٍ وصلها النيران، ساندًا رأسه على كفيه يتمتم بغضبٍ وقهر : هو ... مافي غيره، هو ... سلمان!
مع تمتمته تلك وصله صوته، صوت المُجرم الذي قتل والده، والذي بالتأكيد هو من أحرق المنزل الآن! : الحمدلله على السلامة
كان صوته باردًا أجوف، دلّ على الكثير والكثير. ارتفعت نظراته الحاقدة ليهمس من بين أسنانه : الله لا يسلمك
رفع سلمان حاجبه : لا .. مو كذا علمك فهد
اندفع واقفًا يريد ضربه، لا يهمه من يكون، يريد أن ينتقم للقليل من حزنه، يريد أن يُفرغ القليل من قهره، لكنه أمسك نفسه وهو يشدّ على قبضته بسبب الجموع التي كانت مجتمعة. من شرطةٍ وإطفاء وأُناسٍ اجتمعوا بفضول، ثمّ همس : بنتقم ... صدقني بنتقم .... يا ... سلمان
ودون أيّ كلمة ابتعد عنه لتستدير نظرات سلمان للصور المحترقة بنظراتٍ لن يفهمها إلا صاحبها المُتوفى!




*_-*_-*_-*_-*




في الصباح الباكر

بعض الأشخاص يعانون من هوسٍ بعد فقدِ شخصٍ عزيز بأيام! لذا هي تعتقد أنها بدأت في هذه المرحلةِ الآن!
المُصيبةُ هُنا هي أنها تراها أمامها وابتسامةٌ جميلة تزينُ ثغرها. ستجن! أمها ماتت قبل ثلاثةِ أسابيع، كيف تراها الآن أمامها؟ كيف تراها تبتسم؟
تنظر إليها ببلاهةٍ يشوبها الفرح، هي حيةٌ إذن! هذا مايدُل عليه ماتراه عينيها
أنها كانت في حلمٍ طيلةَ هذا الوقت؟ أيعقل
بضعُ كلمات تتردد على شفتي منى الممتلئتين، هذه المرأة بالرغم من كونها صادقت الأربعين إلا أنها لازالت تحتفظ بجمالها، بنقاء بشرتها وبياضها كبياض جيهان، بعينيها السوداوتين وشعرها الأسود. راقبتها جيهان وهي تقترب منها وتهمس بابتسامةٍ لا يخفى عنها الحزن : قولي له يسامحني!
لم تُدرك من تقصد، لكنها ابتسمت لها بحبور، فالسّعادةُ الآن صاحبت قلبها ورفعَته إلى قممٍ تتجاوزُ قمة إفرست، بهدوءٍ تخلخلته نبرةُ بكاء : اشتقت لك!
تقف مُنى في مكانها وعيناها تنظر إليها بحزن : قولي له يسامحني!
وهاهي الجُملةُ تتكرر وجيهان لم تفهم، لأنها وبكل بساطةٍ لا تريد أن تفهَم، همست وهي تبتلع ريقها : يُمه ...
لكنها وبدونِ سابقِ إنذار اختفت من أمامها، وكأنها أطلقت كلمةَ السرّ لعودة أمها لعالمها الآن
أدارت رأسها يمينًا وشمالًا وهي تُقطب حاجبيها تعجبًا، أين ذهبت؟ كانت هُنا مُنذ ثواني! كيف رحلت بهذه السرعة؟
تساقطت دموعها، وكأنها الآن فقط .. أدركت بأنها لن تعود إلا وهمًا. أكملت دموعها سيرَ تساقطها، ليرتفع صوتها بالنحيب : ليه؟ ليه راحت ليه؟ هي تدري إنّي ماقدر أكون جيهان بدونها، تدرك بأني ضايعة من بعدها، ليه راحت ليه!
صوتُ البابِ أعلنَ دخول شخصٍ مهرولٍ من سرعةِ خطواته، رُبما صوتها كان عاليًا كفايةً ليصل من في الخارج، جلس بجانبها على السرير ليرفعها ويعانقها بحنان، وصوتهُ الهادئ يحاول بثّ ولو القليلَ من الرّاحة : خلاص حبيبتي اهدي ، أنا جنبك ومستحيل أتركك
رفعت رأسها بهدوءٍ للشخص الذي يعانقها الآن، لتنظر لملامحهِ الحادة وبشرته السمراء مُتمتمةً لإسمهِ بغير تصديق : فواز!!



*_-*_-*_-*_-*



الساعة الرابعةُ عصرًا
دخل المنزل بعد أن فتحت لهُ الخادمة الباب وهو مقطبٌ لجبينهِ من التعب، لأولِ مرةٍ بعد مدةٍ طويلة تزيدُ عن شهرٍ يعودُ للمنزلِ مبكرًا، منذ ما حصلَ بينهُ وبين زوجته، يحاول الإبتعاد أكثر مايُمكن كي لا يفكر بالتقرب إليها.
حين ولوجه وجد أمه جالسةً مع ديما على الأرائك البيضاء تنظر إليه بعجب، لكن سرعان ماتحولت نظراتها إلى فرح : غريب راجع بدري ... خلصت دوام؟
سيف بابتسامةٍ مُتعبة بعد أن قبل رأس أمه وجلس بجانبها بعيدًا عن ديما : تقريبًا، حسيت بتعب قلت أرجع وأكمل شغلي في البيت، مجرد أوراق بس
عقدت أمه حاجبيها باستغرابٍ من جلوسه بعيدًا عن زوجته، لكنها ابتسمت قائلة ولم تهتم : أحط لك شيء تاكله؟ تونا رافعين الغداء .. ليتك علمتنا برجعتك بدري اليوم
أعاد ظهره إلى الخلف ليتنهد بتعبٍ مغمضًا عينيه هامسًا : متغدي
تلخبطت ملامحها التي يغطيها القليل من التجاعيد بضيق : حتى الأكل ماتشاركه معنا بسبب هالشغل
فتح عينيه ليبتسم بفتور : معليش يمه كل شيء ولا زعلك، حال الشركة هالأيام محتاج اعتناء كامل والشغل متراكم علي
أمه : ومتى يخلص هالتراكم وتشتغل بدون ضغوط؟
وجه نظراته الغامضة إلى ديما ليتأمل ملامحها السمراء قليلًا، حينها اضطربت نظراتها التي كانت تراقبه لتبعدها بسرعة، ابتسم بهدوءٍ ليرد هامسًا ولازالت عيناه تتأملها : قريب إن شاء الله قريب
رغمًا عنها عادت لتنظر له، جملته كانت ذا مغزى لكنها لم تفهم، ارتخت أهدابها وهي تراقب جسده الذي اعتدل واقفًا ليذهب، لم تستطع منع نفسها من الضيق عليه فملامحه الهادئةُ والمغرورة بدت متعبة، هو يضغط على نفسه كثيرًا في العمل وهي تعلم سبب ذلك جيدًا، تعلم أنه يريد الإبتعاد لا غير، فقط لكي لا يضعف أمامها ويقعَ في المحضور.
أيقظها من شرودها صوت أم سيف : وش صاير بينك وبينه؟
رمشت لأكثر من مرةٍ غير مستوعبةٍ ثم بلعت ريقها، حين رأت أم سيف تقلبات ملامحها أيقنت ان بينهما شيئًا
سابقًا وقبل مُدةٍ لاحظت الفتور بينهما لكنها لم تعلق وظنت أن ذلك ليس إلا توهمًا منها، تنهدت وهي تحرك رأسها يمينًا وشمالًا بأسى ومن ثم استرسلت قائلة : مهما كان اللي بينك وبينه أعذرك
أخفضت ديما رأسها لتنسدل شعيراتها القصيرة والناعمة مغطيةً لملامحها المنكسرة، حتى أمه شعرت بما بينهما كما شعرت أمها بذلك
أردفت أم سيف : أنا عارفة ابني زين وعارفة طباعه واعتزازه بنفسه وكمية غروره
لوت ديما فمها وهي تشد على تنورتها البنية لتتابع أم سيف : وعارفة مقدار حبك له والا ما كنتي صبرتي عليه ثلاث سنين كاملة
رطبت ديما شفتيها وهي لا تحب أن تتكلما على هذا النحو، تشعر بارتباكٍ شديدٍ حالما يفتح أحدٌ ما مسألة علاقتها بسيف، همست بابتسامة محاولةً إيقاف الحديث : ماله داعي هالكلام خالتي ... لأننا بكل بساطة مابيننا شيء، صحيح سيف مغرور ومزاجه متقلب بس هو يحبني وأنا عارفة هالشيء
أطلقت جملتها وهي تسخر من نفسها على ثقتها المزيفة، أي حبٍ هذا الذي يجعله يتصرف معها على هذا النحو، تدرك أنّ كل مايشعر به سيف تجاهها هو حب تملكٍ ليس إلا.
نظرت إليها أم سيف بشك : وايش سالفة الحمل؟
جفلت واستقرت نظراتها على حجرها وهي تبحث عن شيءٍ ما تقوله، إذن هي تعلم، تعلم بما قرره سيف من غير رضًا منها!
بلعت ريقها حين أردفت أم سيف بحزن : للحين مايبي أطفال؟
لم تستطع قول شيء لتصمت لثوانٍ طويلة مما جعل أم سيف تدرك الإجابة وتقف حانقة، رفعت أنظارها إليها لترى سيف يقف خلفها والأريكة تفصل بينه وبين أمه وقد كان الشرر يتطاير من عينيه ومن الواضح أنه سمع آخر الحديث، وقتها انتابها شيءٌ من البرود بل تلبست به، لمَ قد تشعر بالخوف منه؟ لم يعد يهما لا أمره ولا غضبه، لم يعد يهما رضاه ولا سخطه
تنحنح لتنتبهَ له أمه، ومن ثم ابتسم في وجهها حين التفتت إليه بقلق : شاللي تقولونه في غيابي؟
أمه بابتسامةٍ قلقة وقد بدا الإرتباك على محياها، منذ متى وهو واقف! : سوالف حريم وش عليك انت؟
لم يرد وعينيه تتقدان أمام ديما الغيرِ مبالية، أردفت أمه بترددٍ خوفًا من أن يكون قد سمعها : من متى وانت هنا؟ وليه مارحت جناحك ترتاح؟
في الحقيقةِ هو نزل إليهم ليس لشيء، فقط كان يريد الجلوس معهم بما أنّ ديما من المستحيل أن تجلس معه، وهو من جهةٍ أخرى يكفيه ما يشعر من وحدة. لكنه فوجئ مما سمعه، إذن زوجته العزيزة تكشف لأمه ما بينهما!: بغيت ديما
أم سيف بابتسامةٍ مرتاحة : اها .. أجل روحي لزوجك ديما وشوفي وش يبي منك
أومأت ديما رأسها ببرود لتمشي خلف سيف الذي سبقها ونظراتها تجول على ظهره. آهٍ كم اشتاقت إليه، شهرٌ ونصف وهي بعيدةٌ عن أحضانه، لم تكن تعلم بأن البُعد بهذا الشكل سيكونُ مرهقًا لقلبها هكذا.
لانت ملامحها وهي تتأمل شعره المموج الأسود وهيأته من الخلف بالثوبِ الأبيض، لا تستطيع أن تمثل أنه لا يهمها، بالرغم من كلّ ما فعله معها إلا أنها تعشقه .. فقط لو يتخلى عن غروره ويعاملها ولو بشيءٍ من الود، فقط لو يزيح حب التملك جانبًا وكأنه يملك العالم كله بما فيه من مخلوقاتٍ وجمادات، تنهدت بشرودٍ لتجلب انتباهه إليها لكنها لم يعلق ولم يلتفت، هو غاضبٌ الآن من كون ديما تفصح عما بينهما من مشاكل وقرارات، ليس من عادتها فعل ذلك فلمَ فعلت الآن؟ يثقُ بصمتها وتحفظها ثقةً عمياء ويعلمُ بعدم معارضتها ولقراراته، لكن الآن ..... أدرك بأنه كان مخطئًا وللغاية
فتح باب جناحهما ليدخل ويقف في منتصفِ الصالة الواسعة، حناحهما كان فاخرًا وكأنه حناحٌ في فندقِ خمسة نجوم، صالةٌ واسعة بأثاثٍ يطغى عليه اللون البني وهو اللون الذي تعشقه ديما في الديكورات، غرفتا نومٍ كلٌ له ميزته من حيث التنسيق والألوان، وفي غرفةِ النوم الرئيسية والتي ينام فيها سيف حاليًا يقبعُ حمامٌ يدمج بين اللونين الأبيض والتفاحي، بينما الحمام الآخر كان مفردًا خارج الغرفتين، ومطبخٌ تحضيري صغير ذو ألوانٍ زاهية يطغى عليها الليموني.
زمت شفتيها وهي تراه يسترخي على الأريكةِ السكرية بكلّ برود واضعًا كفيه على فخذيه، لكن نظراته كانت تنبؤ بعاصفةٍ قادمة، ولم تلبث ثانيتين وإذا بصوتهِ يخرج كالفحيح هادرًا لأنفاسٍ غاضبة : ممكن تفسرين لي اللي سمعته من شوي!
أرخت أهدابها وهي لا تستطيع التمنع من تأمل ملامحه الجامدة، لوت فمها الصغير وقد غاب عنها ما يتحدث عنه الآن .. كم هو ظلمٌ ما تعيشه، ظلمٌ أن تعيش حبًا من طرفٍ واحد. ما الذي ينقصها ليُحبها؟ أحيانًا تشعر أنّها لاشيء بسببه، لم تكن يومًا بكل هذه الثقة المهزوزةِ إلا في حضوره، أليست جميلةً كفاية ليتطلعَ بها؟ لتناسب مستواه المغرور؟ أم أن مستواه هذا حكم على الكل بالفشل!
أعاد سؤاله للمرة الرابعة بغضبٍ أشد وصوتٍ مرتفع : ممكن تفسرين لي اللي سمعته من شوي
انتفضت لتنظر إليه ببلاهة، ومن الواضح على ملامحها أنها كانت شاردة الذهن، إذ أنها لم ترد عليه لوقتٍ طويلٍ مما جعله يصرخ بنفاد صبر : ميّ
وكأنها استفاقت أخيرًا من شرودها به، تجعدت ملامحها بغضبٍ لم تستطع منعه، هاهو الآن يعاود مناداتها بهذا الإسم الذي أطلقه عليها من فراغ، فقط ليثبت لها أنها جزء من أملاكه ويُشعرها بالذل والهوان، زمت شفتيها الرقيقتين بحنقٍ لتُفرجهما في بضع كلماتٍ غاضبة اعتادت على تكرارها مراتٍ ومرات ببطء : ديما .... اسمي .. ديما ... يا متخلف
وهو الآخر بقي ينظر إليها بجمودٍ وغضبٍ لتتابع بصوتٍ عالٍ لم تستطع كبته، وهي بذلك تطلق غضب الأيام الفائتة، غضب الشهور وحرقة السنواتِ الماضية، الذي انتهت بنطقه لتلك الجملة التي لا تدل على أي شيء سوى تخلفه وصغر عقله، تلك الجملة التي أودت إلى تحريمها عنه : ماني خادمة مملوكة عندك عشان تطلق علي هالإسم ... أنا ديما ... د ي م ا، واطلق سراح هالإسم البايخ من لسانك، واللي ما يدل على شيء غير تحجر مخك يا متخلف
عضّ زوايةَ شفتهِ السفلى وابتسامةٌ غامضة تسللت إلى فمه. كم تبدو شهية، فاتنة، غضبها لذيذ يزيد من فتنة خديها السمراوين الذين ما إن تصرخ وتغضب حتى يشتعل بالحمرة من شدة انفعالها، تمنى لو يستطيع تقبيل وجنتيها الشهيتين لكنه عدل عن ذلك الجنون ليهمس لها بتسليةٍ وقد زال غضبه وكأنه قد نسي مسألة كشف مابينهما لأمه : برجعك ياديما برجعك لي
جفلت وعيناها المشتعلة غضبًا تنظر لعينيه الواثقتين باضطراب ... ما الذي يقصده؟ أسيكفر عن ذنبه؟ سيعيدها زوجةً له بين أحضانه؟ لكنه تأخر، تأخر كثيرًا عن ذلك، لو كان يريدها حقًا لكفر فور نطقهِ لجملته الهمجيةِ تلك، لكفر عن معصيتهِ راغبًا بها غير محتملٍ فراقها ولو ليومٍ واحد ... لكنه سيف، سيف الذي لن تستطيع إذابة غرورهِ الأنيق .. أجل أنيق، ذلك الغرور الذي لا يليق إلا بسيف، ولا ينفع أن يكون إلا لسيف، عشقته وليتها لم تفعل، لكنه قلبها الضعيف، قلبها الواهن أمامه، فقط لو تستطيع نزعه واسترداد كرامتها وكبريايئها، لكن ذلك من شبه المستحيلاتِ أمامه، فهي ما إن تحاول تصنع البرود معه والإبتعاد حتى يحكم قيده حولها بطاغيته، ما إن يشعر بها تبتعد حتى يجتذبها إلى أعماقه لتبقى تسكنها دايمًا وأبدًا، ليبقى ممتلكًا لها إلى اللا زمن، بالرغم من كل ما فعله إلا أنها ستبقى منتميةً له، هادرًا لكرامتها بغير حركةِ دفاعٍ من قبلها، فقط لأن جسدها هو المحرك والذي يتحكم به هو قلبها.
ارتعش جسدها ما إن شعرت به يقف أمامها مباشرة، وعيناه تلمعان ببريقٍ خبيثٍ يشوبه التسلية، لتجولانِ بعد جزءٍ من الثانيةِ على أنحاء ملامحها السمراء زامًا لشفتيه بمكر، هادرًا بهمسٍ ساحرٍ يجتذبها رغمًا عنها إليه وكأنه بذلك يعلم تأثيره بها مما يرضي غروره : وقتها بعرف أتصرف معك على خيانة الثقة، بطريقتي أنا ..... وقريب إن شاء الله
أطلق كلماته الأخيرة بتسلية ليخرج بعد أن رمقها بنظراتٍ آسرة لقلبها الضعيف، ارتجف جسدها النحيل بعد أن أغلق الباب بقوةٍ لتزم شفتيها وتفرك يديها ببعضهما البعض، لمَ هي ضعيفة هكذا؟ ما إن تبدأ بوضعِ أساس بناء الأسوارِ حولها حتى تُهدم من قبله وبكاملِ رضاها! هل له من الجاذبية ما يكفي لتنهار أسوارها أمامه، لم تكن ضعيفةً من قبل بهذه الصورة المقززة، حتى أحبته، حتى أحبته!
لكنّ شيئًا ما انكسر بداخلها، حتى وإن بقيت مقيدةً بحبه إلا أن شيئًا قد انكسر بداخلها ما إن أطلق عليها لفظ الظهار، حتى وإن كفَّر، سيبقى هذا الشرخ بداخلها ولن يُداريه لا الزمن ولا قربه!



يتبع ....

كَيــدْ 06-06-14 04:21 AM

رد: قيودٌ بلا أغلال عانقت القدر
 

قبل ذلك بساعات
جفلت وهي تنظر إلى من يحتضنها لتنسحب الكلمات من بين شفتيها اللتين شحبتا ... هو! تراه الآن أمامها يعانقها بكل حنانٍ وحُب، بعد غيابٍ طال لأشهرٍ طويلة لا تعلم سببها، تسعة أشهرٍ غاب فيها عن كل عائلته، والمخزي في الأمر أنه زوجها وهي لا تعلم سبب غيابه. ابتلعت ريقها وهي تستمع إلى كلماته الدافية : أنا معك .. جيهان
لم تستطع السيطرة على أنفاسها التي أخذت بالتسارع، عاد بعد أن شعرت بأنها قد تحررت تمامًا من ذلك الرباط، عاد لتعود معه كل ذكرياتها المشينة والقاسية معه، شد جسدها الهزيل إلى أحضانه أكثر وهو يغطس بأنفه في بحر شعرها البني ويقبله، عشقه! ... ليهمس بتأوهٍ معبرًا عن شوقه : إشتقت لك يا عيون فواز
وهو بكلماته حرك جسدها الأبيض في اهتزازةٍ مُرتعبة، ليس بعد أن ابتعد، ليس بعد أن ارتاحت روحها منه يعود بهذه البساطة وكأن شيئًا لم يكن، عضت شفتيها المرتجفتين وهي تشعر به يعانقها بقوةٍ أشد وقد شعر بارتجافها وأيقن سببه، بدأ في المسح على ظهرها لعله بذلك القدر من الحنان يبعد عنها الرعب ويفيقها من صدمتها بحضوره
ثانية ... ثانيتين ... ثلاث ... لتدفعه عنها بعد أن استفاقت من صدمتها لا هثةً برعب صارخة في وجهه : ابعد عني فواز
ما إن ابتعد جسده مسافة بضع شعيراتٍ عنها حتى نظر إليها بهدوءٍ وهو قد توقع سابقًا ردة الفعل هذه، رطّب شفتيه ليرسم ابتسامةً اعتاد دائمًا على رسمها أمامها، ابتسامة ثقةٍ وثبات : آسف على تأخري بس .... عظم الله أجرك
بالرغم من أن هذه الجملة كانت تُبكيها ما إن تنطلق من بين شفتي أي مُعزٍ لها إلا أنها بقيت تنظر له بحذر وترقب
احتذب خصلةً من شعرها البني ليلفها على اصبعه بابتسامةٍ شاردة، وعيناه تطوفان على ملامحها بشوقٍ متقدٍ في عينيه، تسعة أشهر! بالتأكيد ليست ضئيلة أمام حجم حبه لها، أمام شوقه إليها، كان يعد الساعات والأيام والشهور، فقط ليلمح عينيها ويُشبع شوقه بها
أغمضت عينيها بهدوء وهي متقينةٌ أنها لو كانت تمر بظروفٍ أخرى لشعرت باللذة من نظراته الهائمة ككل مرة، هو الوحيد الذي يرضيها كأنثى، هو الوحيد الذي يشعرها بالثقة المكسورة داخلها، رغم كرهها وبغضها الشديد له إلا أنها تشعر بالغرور حينما ترى نظرة الشوق والتوق في عينيه، تعلم جيدًا بأنه لا يرى غيرها، وهذا ما يشعرها ولو بالقليل من الثقة
تعلم أنها ليست ككل الفتيات، ليست جميلة، ليست مثيرة، تكره كونها ليست كأرجوان، لا تحمل من الجمال ماتحمل هي، كانت تتظاهر بالثقة سابقًا عن طريق دعم أمها لها، تظاهرٌ لا غير، والآن بعد أن رحلت، كُسر تظاهرها أيضًا، أصبحت تيقن أنها لا شيء حتى ظهر فواز، والذي بنظراته أشعرها بالقليل من الثقة المهزوزة بداخلها
شعرت بشفتيه تلامسان بشرتها بجانب فمها بشوقٍ مضني لقلبه، وهاهو الحب من طرفٍ واحد يدمي شخصًا آخر، لكنّ هذا الشخص ليس بأنثى، بل هو رجل، رجل قادر على فرض سيطرته وقلب الأمور لصالحه
تراجعت بهدوءٍ للخلف محررةً بشرتها من شفتيه، ليصلها همسه الخشن على بعد سانتيمتراتٍ قليلة : كوني واثقة ... إني بكون قربك في محنتك
وقف ناويًا الخروج بعد أن أطلق ابتسامةً واثقة وكأنه يؤمن باليوم الذي ستتشبث به بكلتا يديها، وما إن همّ بالخروج حتى وصله صوتها الهامس والذي يبعثره : ماني محتاجة قربك
إلتفت إليها بهدوءٍ اعتاد على لبسه أمامها، وهو يعلم جيدًا أن بروده يستفزها ويدفعها للغضب. أكملت ببطء وهي تدرك جيدًا عاقبة الكلمة التي ستحررها من بين شفتيها : طلقني




*_-*_-*_-*_-*




كان يمشي في أنحاء الغرفة المُحترقةِ بصمتٍ وذهنٍ مشدود، لكل ورقةٍ بيضاء تحولت إلى سوداءَ مُهترئة، لكل خشبٍ تآكل وأصبح رمادًا أو شبه رماد، لكل إطارٍ تغير لونه ومحتواه الذي كان يحميه تلاشى، والبعض تلاشى نصفه. للباب الضخم الذي تغير لون زواياه فرسم لوحةً لعجوزٍ كهلٍ حزين. لتلك الذكريات الحيةِ داخله، والميتةِ أمامه!
تجول بعينين مرتخيتين بحزن، وهاهو ثباته المزعوم يزول أمام هذا المنظر القاسي على قلبه، العنيف هجومًا على عقله.
زمّ شفتيه وهو يحمل بين يديه بقايًا من صورةٍ هجم عليها النار فأحرق جميع ما فيها إلا يدًا لشخصٍ كان موجودًا بجانب والده في الصورة، كفه, كف سلمان التي كانت مُعانقةً لكف فهد، وهو بهذه البقية من الصورة يدرك أنها رسالةٌ جديدة من القدر، رسالةٌ ستحمل المآسي والمآسي. آخر كتابٍ أنهاه لوالده هو آخر كتابٍ أنهاه والده نفسه قبل وفاته، وقد كانت رسالةً تدل أنّ هذا الكتاب كان آخر ما خطّ فمات صاحبها بعد يومين فقط من بعد أن أنهاه، والآن ماتت ذكرياته عند ولده لتكون آخر ما قرأه.
تراجع للخلف إلى أن وصل للجدار فارتكى عليه نزولًا إلى الأرض، إنزلاقًا ببطءٍ مؤلم، إلى أن استوى جالسًا وقدماه مفروشتان على الأرض الدافئة، بينما كانت يده اليُسرى إلى الآن تحمل ذلك الجزء الباقي وعيناه تنظرآن للفراغ بشرودٍ حزين، يطبق جفنيه ببطءٍ ويرفعهما ببطءٍ أشد، ويده دون شعورٍ تطبق على ذاك الجزء مع كل انسدالٍ لجفنيه.



*_-*_-*_-*_-*




الساعة التاسعة مساءًا
ركضت متجاوزةً عتبات الدرج بقميصها البيتي الطويل ذو الألوان المتداخله، ملامحها مستاءة تُظهر الكثير من اليأس، والقليل من الحياة!
حركت رأسها يمينًا وشمالًا باحثةً عن والدتها لتلتقطها عيناها فورًا جالسةً على كرسيّ من الخشب الهزاز، مُغمضةً عينيها بهمٍ والضيق يتجلى في ملامحها، اقتربت منها بحنقٍ من نفسها، هي السبب في كل شيء، هي سبب ضيق أمها وعدم راحة أخيها، هي الغيمة العقيم التي تُغطي هذا المنزل رافضةً التحول إلى قطراتٍ عذبة، هي شجرة خريفٍ عارية حاولت تظليلهم بلا أدنى فائدة. لكنها الآن، ستُجبر نفسها على الهطول، ستجبر نفسها على الإخضرار وتزيين نفسها بالأوراق!
تنحنحت جاذبةً لحواس أمها نحوها، نظرت إليها أمها بدهشةٍ لم تستطع إخفائها، فهاهي ابنتها تقوم بالنزول مرةً من عدد المرات القليلة التي تخبئها لهم.
لم تستطع إخفاء ابتسامتها الشغوفة والمغلفة بالتجاعيد لتهمس بحنان مأشرةً لها بيدها نحوها : تعالي ياعيون أمك ... تعالي
اقتربت منها بآلية لتجلس أمامها على الأرض واضعةً لكفيها على ركبتي أمها وعيناها تتأملانها بشرود وحيرة
أمها وهي تمسح على خصلات شعرها السوداء : جوعانة يُمة؟
أسيل بصمتٍ ظلت تنظر إليها، وعينيها اللوزيتان ترسمان لوحةً كئيبة أبت أن تختار غير الإسود لونًا لها
أم فواز تعيد سؤالها : جوعانة؟
أسيل وكأنها لم تسمع سؤال أمها، بل على الأرجح هي لم تسمع بسبب شرودها : ليه تبكين؟
أطلقت سؤالها ذاك على أمها بقلقٍ شديد وبدون حيرة، فقط لأنها تدرك الجواب جيدًا، بل لأنها تظن أنها تدركه جيدًا، وجوابها ذاك كان ( أنا السبب! )
بقيت أمها صامتةً للحظات، بالرغم من أن خيوط الدموع لم تكن مرتسمً على وحنتيها إلا أن عينيها الغارقتان في بحر الدموع قد كشفتها
أم فواز بشرودٍ وعينيها تنظران للفراغ : فواز
انتفضت رغمًا عنها لتتهاوى عيناها بانكسارٍ خريفي، أيعقل أن يكون قد حصل له مكروه، أيعقل أن تفقده كما فقدت متعب؟ لن تستطيع الصمود أكثر، خصوصًا وفواز يحمل عبقًا أخآذًا من الراحل
همست برجفةٍ مترددة خوفًا من الإجابة : و .. وش فيه ... فواز؟
أم فواز بوجوم : كلمته العصر وكان معصب، راح الصبح لبيت عمه عشان يقابل زوجته ... وأبصم بالعشرة إنها سوت شيء خلى شياطينه تفور ... مستحيل يروح عندها ويرجع مبسوط
زفرت أسيل براحة وهي تضع يدها على صدرها، كانت تظن أن الأمر أضخم من ذلك، لكن بما أن الأمر يتعلق بجيهان فلا بأس. ابتسمت ببهوتٍ وهي تتذكر بنات عمها المرحات - سابقًا -، منذ مدةٍ طويلة لم ترهن!
أكملت أم فواز بشرود : ليته ما تزوجها، كل شيء كان بسببي، لو إنّي ما شكيت للحظة في ولدي ما كان تزوجها بعدم رضاي
أكملت أسيل عنها بهمس وهي تغوص في عيني أمها الحزينتين، لمَ؟ لا تعلم، لكنها تكاد تقسم أنها السبب : كان ينتظر الفرصة، وجته على طبق من ذهب بعد المشكلة اللي صارت
صمتت أم فواز تستمع إلى ابنتها التي أكملت بابتسامة حزينة : يمة انتِ عارفة بحب فواز لجيهان، بس مع ذلك رفضتيها زوجة له، ومن أبسط مشكلة استغل هو الفرصة وتزوجها رغمًا عنك
أم فواز بحنق : أبسط مشكلة!
أسيل بغموض : في الحب ... تصير كل العقبات بسيطة، عشان ينال العاشق معشوقه
تنحنت أم فواز وهي تلمح نظرات أسيل الشاردة والحزينة، لتُدرك جيدًا أين ذهب عقلها، همست بغصةٍ وهي تمسح على خصلاتها المموجة : أكلتي شيء؟
تعلقت نظرات أسيل الشاردة بعيني أمها للحظات، فبدت كوردةٍ ذابلة أبى الربيع أن يُزهيها. رُبما كان من العدل أن تموت معه تلك اللحظة، فلم لم تطبق العدالة ذلك، اشتدت قبضتها بدون شعورٍ منها على ركبة والدتها التي تجعدت ملامحها ألمًا من تشنج يدا ابنتها على ركبتيها، لكنها لم تعلق وبقيت تتابع بقية الأسى والحزن في نظرتها الشاردة بألمِ أمٍ حنون ليس لديها في هذه الدنيا سوى ابنٌ وابنة، وإن حصل لهما شيء ... ستجن
ارتسم الخط المالح بشفافيةٍ على خدها الأيسر، ويداها تتقلصان أكثر على ركبتي أمها بدون شعورٍ منها ... لو أنها ماتت معه ... لو ماتت معه ... كانت لتريح والدتها من كل هذه المعمعة، كانت لتريحها من ثقلها الذي يزداد يومًا بعد يوم، بالرغم من حجم الجروح داخلها وآثار الإنكسار الكبير في ملامحها، إلا أنها ضاهت جميع وحدات الوزن قوة، فأصبحت ثقلًا لا يحتمله آدمي
همست بدون وعيٍ منها ودمعةٌ سقطت من عينيها الأخرى قسمت ظهر أمها نصفين ألمًا : موافقة على شاهين!




*_-*_-*_-*_-*




كان يرمي الكُرة وهو ممددٌ على سريره الذي يكفي شخصًا واحدًا لترتطم الكرة المطاطية بالجدار عائدةً إليه ومن ثم يعيدها إلى الجدار من جديد، وابتسامته العابثة لا تفارق شفتيه، ملامحه كانت كالأسد الجائع والذي يبحث عن فريسةٍ يلتهمها، والسؤال الوحيد الذي يتردد في ذهنة .... متى ستصل الفريسة؟
كانت الغرفة تأخذ طابعًا رجولي وبها سريران اثنان، وكل سريرٍ كان يكفي شخصًا واحدًا فقط، بينما الآن، أصبح سريران أحدهما خاوٍ تمامًا رفض صاحب السرير الثاني اخراجه من الغرفة، فقط ليعيش ذكرياتهِ المُقدسة بالنسبة له ولا يضعها على الحافة!
تردد صوت طرق الباب على مسامعه ليتأفأف بانزعاجٍ ممن أفسد خلوته في وكره، وهو في نفسه مستغربٌ من الطرق, أيعقل أن تكون الممرضة وقد احتاجته؟ تعجب فوالدته من المستحيل أن تصعد إليه مع تعبها, وتلك الممرضة من المستحيل ان تحتك به لالتزامها الكبير .. صرخ بغضب : نعم خييير ؟؟
ليصله صوتٌ مرهَق بانت به معالم العجز والشيخوخة : أنا يا وليدي
نهض بسرعةٍ مُتفاجئًا والجدية حفرت طريقها إلى ملامحه لتزول ابتسامة العبث تلك، اتجه للباب ليفتحه غير متداركٍ غضبه، وما إن ظهرت له صورة المرأة التي غطت ملامحها التجاعيد ووصله صوتها المُرهق حتى زمّ شفتيه بغضب : ماتبي تتعشى؟
شاهين ولم يستطع منع نفسه إذا حمل جسدها المُمتلئ بين ذراعيه هاتفًا بغضب : كم مرة قلت لا تطلعين تناديني ولو سمعتي إني أحتضر
كانت سترد بوجومٍ إلا أنه قاطعها برجاء : تكفين يُمه حالتك ماتسمح لك تطلعين وتنزلين الدرج كل ما بغيتيني
أمه عُلا وابتسامةٌ مهزوزة ظهرت على شفتيها : الله لا يحرمني منك يا نظر عيني
شاهين بجدية لا تخلو من الغضب وهو يحكم ذراعيه حولها : ثاني مرة لو طلعتي بكسر رجولك هاه
لم تستطع منع نفسها من الضحك على جملته التي لطالما كررها على مسامعها مرارًا وتكرارًا كلما تحركت لمكانٍ قد يُرهقها، لتشعر به يتحرك خارجًا وهو يحملها بجسده الضخم مفتول العضلات، نازلًا بها إلى الطابق السُفلي وهو " يتحلطم " : أنا خلاص قررت من اليوم ورايح أنام في غرفة في الطابق الأول، عشان الست عُلا ماتفكر مرة ثانية تصعد لفوق, وبعدين وين ذيك الممرضة, والله اني قلت إن ما منها فايدة بس هي مُصرة عليها يُقال تحبها وما ترتاح معها
عُلا بابتسامةٍ صافية تحمل معالم الحنان تقطع عنه ثرثرته : العشاء
تأفأف ليوضح لها مدى غضبه، بمعنى * لا تتحدثي معي فأنا الآن غاضب *
وضعها على أريكةٍ ليلكية لينحني مُقبلًا وجنتيها النديتين، ومن ثم جلس بعيدًا عنها مُنتظرًا حديثها الذي سيتضمن اعتذرًا بالتأكيد، فهي لا تقوى على عتبه ... هو وحيدها بعد وفاة أخيه، ولا تجد في هذا المنزل مؤنسًا لها غيره، حتى ممرضتها الحنونة لا تكفيها عن ابنها رغم أنها تستمتع معها أيضًا
عُلا بملامح أجادت تمثيل الحزن : وأهون عليك تظل زعلان علي؟
وقف شاهين يصد عنها مُتجهًا للمطبخ وابتسامة عبثٍ ارتسمت على شفتيه لتزول بسرعةٍ قبل أن تلحظها والدته ونور عينيه، لكن سرعان ما عادت ابتسامته العابثة ما إن دخل المطبخ واختفى عن أنظارها
ارتسمت ابتسامةُ رضى على شفتيها وهي تستمع للمعمعة في المطبخ، مدركةً بأنه يجهز الأطباق للعشاء الذي طلبه والذي وصل بدون علمه لتصعد مناديةً له. إن ذُكر بر الوالدين فشاهين سيكون أكبر مثالٍ لذلك، حتى الخدم لم يسمح بتواجدهم في المنزل، لا يأتمنهم خوفًا عليها منهم، فقصص الخدم ومصائبهم قد انتشرت، وهو يخشى عليها من نسمة الريح، لذا كان هو من يُنظف المنزل، يطبخ، يهتم بها ويراعيها بكل رحابة صدر، غير أنه أحضر فقط ممرضةً للعناية بها، ولم يرضى بغير ذلك. تتمنى لو أنّ لديها ابنةٌ تدير عنه كل ذلك وتقوم هي بالأعمال المنزلية، فهو يبقى رجل ولا ترضى أن يقوم هو بها. لكنه كان يعاند ويرفض الخدم فقط لخوفه عليها، ودائمًا ما كان يقول لها
" اعتبريني خادمة، سواق، ممرضة، اعتبريني بنتك ما يهمني، أهم شيء تشوفيني برضا تام عن كل اللي أسويه، ومو شغلي لو كانت هالأشغال للبنات، مع إني ماني مقتنع بهالشيء، بس أصير بنتك لجل عيونك ... مو ولدك وبس "
البعض كان ليُحرج من كونه يعمل عملًا للفتيات، لكنه كان يفتخر ولا يرى أن ذلك ينقص من رجولته شيئًا، حتى أنه في بعض زيارات أصدقائه له كانوا يتعجبون من كونه هو من يعمل الشاي والقهوة والحلوى فقادهم فضولهم لسؤاله * ألا يوجد خادمةٌ في البيت *
لكنه كان بكل فخرٍ يقول لهم بأنه هو من يقوم بكل شيءٍ هنا، ويحب ذلك. ولدٌ كهذا يجعلها سعيدةً تخجل أن تطلب من الله شيئًا آخر في هذه الحياة، فهو قد لخص جميع نعمه في شاهين وحده
بعد دقائق عاد شاهين بوجهٍ جامدٍ وجاد وهو يحمل صينيةً كبيرة وضع فيها عددٌ من المأكولات الخالية من الدهون وكأسين من عصير التفاح الطازج، وضعها أمامها على الطاولة بصمت وعيناها الضاحكة تتابعه برضًا تام، بينما هو سحب له كرسيًا صغير ليحلس مقابلًا لها بنفس الهدوء والصمت
: ماني جوعانة
أطلقت عُلا جملتها المكونة من كلمتين بوجهٍ حاولت إخفاء المرح به وهي تتوقع أن يرفع رأسه بسرعةٍ ويحشو الأكل في فمها ليرغمها على الأكل، لكنه بكل هدوءٍ رفع رأسه وكأنه مُدركٌ للعبتها ليهتف بجمود وقد رفع أحد حاجبيه : ماتبين؟
أومأت أمه رأسها وابتسامةٌ أبت إلا أن تفر رغمًا عنها التمعت على شفتيها
شاهين بتنهيدة ضجرٍ سريعة : أوكي يا ستّ الكل .. ما عندي مانع إنّي أجوع نفسي معك
اختفت ابتسامةُ علا ليحل محلها وجهٌ صارم هاتفةً بأمر : ياولد ... تاكل الحين قدامي وانت ساكت، تبي تجوع نفسك هاه!
أعاد ظهره للخلف بجديةٍ لا تليق به أمام أمه ليتكتف وحاجبه الأيسر لازال مرفوعًا : آكل ... بس من بعدك طبعًا
وهاهي أمه تستسلم أمامه وبكل سرعة، فهي ليست ذا قدرةٍ كافية لترى ابنها الحبيب يجوع نفسه وتبقى ساكنة. مدت يدها للصحن ومعالم الوجوم تظهر على ملامحها الطفولية حتى بعد هذا العمر، لكنّ شاهين مد يديه بسرعةٍ ليُمسك بيدها الممتدة ويحتضنها بين يديه هامسًا بحنان : ودنا ننال شرف أكلك من يدينا!
رفعت عينيها إليه لتشهد ابتسامته الحانية فلم تستطع إلا أن تبتسم له، بينما مد هو يده ليأخذ فطيرةً بالجبن ويمدها لفمها لتتناولها منه
وهما يولدان أجمل صورةٍ لأمٍ وابنها البار بها.



*_-*_-*_-*_-*




كان يتأمل المُتمددة على سريرها بصمتٍ والقليل من الراحة، لم يسعفه الوقت ليغتصبها كما توقع هو، لكنه أيضًا يشعر بالقهر والغلّ، يتمنى لو يستطيع الذهاب إلى قسم الشرطة ويضرب الرجل ويضربه ثمّ يقتله، لكنه تنهد وهو يمسك زمام نفسه، ليس من صفاته التهور فلمَ يفكر بهذا الآن! بينما معالم اعتدائه على أخته واضحةً على جسدها الموشوم ببعض القبلات، والقليل من تيارات أظافره. أغمض عينيه وهو يقترب قليلًا منها، كانت حينها مُغمضةً لعينيها لايعلم إن كانت واعيةً أم لا، لكنه ما إن وضع يده على رأسها انتفضت بقوة لتفتح عينيها، فتراجع وهو يرسم الألم والقهر على عينيه, هو طبيبٌ نفسي ويعلم ما سيحتم عليه ذاك الإعتداء من رهبةٍ وخوف, هي طفلة وما حدث كبيرٌ جدًا على وعيها الطفولي. ابتلعت ريقها وهي تنظر إليه بضياع : عناد!
ابتسم لها ببهوتٍ وهو يقترب منها قليلًا ليجلس : عيونه ... شلونك الحين؟
ابتلعت ريقها بارتباك وهي تفرك ذراعها بشعورِ شخصٍ مُتغزز من نفسه, رغم أنها لم تفهم تحديدًا كل ما حصل معها : أبي ماما
اقترب حاجبيه من بعضهما, امها في الخارج تبكي وتُعزي نفسها بابنتها التي لم تدرك العالم وخطره جيدًا, مسح بكفه على وجنتها ليهمس : بناديها لك ... لا تخافين
ثمّ وقف ليخرج ويقابل امه الجالسة بجانب الباب على إحدى الكراسي وأناملها تمسح دمعاتها : يمه
استدارت إليه بسرعةٍ ولهفة لتهتف : شلونها؟
عناد يومئ رأسه بأسى : صحيت وتبيك
لم تستمع لكلمةٍ أخرى وهي تندفع لتدخل إليها, وفور رؤية غيداء لأمها بكت بذعرٍ وهي تتشبث بها ما إن جلست بجانبها, لتهذي دون وعي : ماما وش كان يبي مني؟ ظنيته بيتركني عشان ما أصرخ وأنادي سلطان وبعدها بيروح ... يس هو ..
صمتت وهي تبتلع ريقها بشيءٍ من الخوف والإحراج, خافت أن تضربها أمها لما قام به هو وأُحرجت هي من فعلته تلك.
لكن أمها احتضنتها وهي تبكي لتهمس لها وتستغرب هي : ما عليك منه ... ما يخاف ربه ولا يستحي ... انسي اللي صار يا بنتي ... انسيه
اقترب عناد وهو يضع كفيه على كتفي أمه ليهمس : خلاص يمه لا تقعدين تكررين عليها اللي صار
أومأت بهدوء وهي تتراجع لتضع ابنتها على السرير وتغطيها : خلاص نامي حبيبتي وأنا جنبك
أومأت ثم أغمضت عينيها, لكنها لم تنم بالفعل ومن إين يأتيها النوم وهي تتذكر ذاك الرجل والذي قام به, تريد أن تفهم فقط لمَ قام بذلك الفعل القبيح. احتضنت نفسها وهي مٌغمضة لعينيها فلاحظها عناد ليهز رأسه بأسى ويغمض عينيه غاضبًا



.
.
.





انتهى


دمتم بخير / كَيــدْ !



كَيــدْ 07-06-14 02:48 AM

*



شكله مسحوب عليْ هنا من البداية ^^

شبه انثى 07-06-14 03:25 PM

رد: قيودٌ بلا أغلال عانقت القدر
 
الاسلوب رائع والاحداث اروع .....اعجبني تنوع الشخصيات و تعددها ....اكثر الشخصيات اعجبتني ...عناد اعتقد ان شخصيته لم تظهر بعد ومازال في جعبتك الكثير عنه .......شخصية شاهين حيرتني ففي البداية يظهر انه انسان معقد و متقلب ...ثم يظهر امام والدته كانه طفل صغير ...سنرى في الاحداث القادمة .......تقبلي مروري وارجو ان تكملي و لا تثنيك قلة الردود ...فكل و ظروفه

كَيــدْ 07-06-14 04:26 PM

رد: قيودٌ بلا أغلال عانقت القدر
 
اقتباس:

المشاركة الأصلية كتبت بواسطة شبه انثى (المشاركة 3450229)
الاسلوب رائع والاحداث اروع .....اعجبني تنوع الشخصيات و تعددها ....اكثر الشخصيات اعجبتني ...عناد اعتقد ان شخصيته لم تظهر بعد ومازال في جعبتك الكثير عنه .......شخصية شاهين حيرتني ففي البداية يظهر انه انسان معقد و متقلب ...ثم يظهر امام والدته كانه طفل صغير ...سنرى في الاحداث القادمة .......تقبلي مروري وارجو ان تكملي و لا تثنيك قلة الردود ...فكل و ظروفه



سعيدة إنها راقت لك ()

كبداية طبيعي إن الشخصيات لم يظهر كامل مايحتويها


وبالنسبة للردود
أكيد كل كاتب يبي متابعين يشجعونه
بس أنا اكتب لحبي للكتابة نفسها ومستحيل أوقف لقلة الردود أو عدمها
فالردود صحيح تحفزني أكثر بس التحفيز الأول كان شغفي

وأنا عاذرة الجميع

أنرتِ غاليتي بتواجدك الجميل :)



كَيــدْ 09-06-14 02:12 PM

رد: قيودٌ بلا أغلال عانقت القدر
 




سلامٌ ورحمةٌ من الله عليكم :)


صباحكم / مساؤكم طاعة ورضى من الرحمن

أحوال الإجازة وياكم؟
عسى ما تكون مثلي بس!


,


تنزيل الأجزاء بيكون يومين في الأسبوع ( الأحد & الأربعاء )
حاليًا هذا النظام يناسبني ونشوف مع التطبيق




+


قراءة مُمتعة


,



بسم الله نبدأ



(2)*2






في ساعةٍ سابقة


كان يمشي ذهابًا وإيابًا أمام سيارته الواقفةِ على حافة الطريق, ومعالم الغضب قد شقت طريقها إلى ملامحه.
غاضبٌ جدًا، غاضبٌ عليها، غاضبٌ على قلبه، غاضبٌ على نفسه، كيف سمح لها أن تهينه بتلك الصورة البشعة، بل كيف استطاعت هي بكل برودٍ أن تطلق اهانتها تلك!
زمّ شفتيه وهو يتمتم مستغفرًا وجملتها تتكرر في رأسه، ما إن طلبت الطلاق حتى بان في ملامحه الغضب، حصل جدالٌ بسيط ما بين مدٍ وجزر، هي تُقنعه برمي الطلاق، وهو من جهةٍ أخرى يستفزها برفضه
إلى أن أمسكها أخيرًا من ذراعها بقوةٍ بعد أن غضب فعليًا هاتفًا بحنقٍ: لا تستفزيني بطلب الطلاق، لأنه مو فواز اللي يفرط في أملاكه
حينها أطلقت عباراتها الوحشية، عباراتها الوقحة والتي لا يتخيل أن تطلقها امرأةٌ في وجه زوجها : تبطي تملكني ... أنا ملك نفسي وإن كنت بكون ملك غيري فهذا المالك بيكون شخص أحبه .. مو انت!
وقبل أن يستوعب ما قالته ليرد عليها بأقل أمرٍ قد يرد بها رجلٌ أمام زوجته .. وعلى الأرجح كانت لتكون صفعة
أكملت بهمسٍ مجنون وهي تسحب ذراعها منه بتقرفٍ اتضح على ملامحها لتطلق قنبلتها النووية في وجهه مشوهةً لكل صورةٍ لها أمامه : ابعد يدك لأني أقرف أنزل لمستواك الدنيء .. لمسك لي يحسسني إني شيء نجس، وللحين ماني متخيلة مجرد تخيل ... إني زوجتك
تلك كانت قاضيتها ... لا يستطيع، لا يستطيع فقط مجرد تخيل حجم جملتها الأخيرة تلك، جملتها التي فاقت سابقاتها جرحًا، أن تُطلق عليك جملةُ تحقيرٍ كهذه من قبل زوجةٍ عشقتها حتى النخاع .. هذا كثير .. وجدًا
كم تمنى تلك اللحظة في ثورةِ جنونٍ غاضب أن يريها حجمها الفعلي، قالت أنها لا تستطيع التخيل أنها زوجته! لكنه أراد حقًا أن يجعلها تصدق وترى ذلك فعليًا، لكنه لم يكن ليسمح لنفسه بذلك الفعل في منزل والدها، ولو أنها حقًا كانت في بيته لقام باثبات أنها زوجته ولتمانع إن استطاعت!
وهاهو الآن يمشي ذهابًا وإيابًا أمام سيارته، بعد أن خرج من بيت عمه غاضبًا ولم يُلحق سموم لسانها بشيء، ومن شدة غضبه لم ينتبه أن وقود السيارة قد نفد، ليصبح الآن محشورًا بين منزل عشيقته ومنزله، وفي مزاجه السيء ذاك، لم تكن قدماه لتمشي به إلى المنزل الذي يبعد أمتارًا
رفع يده بعد أن توقف من جولته داخل حلقةٍ مغلقة ليمسح رأسيًا من بدايه مابين حاجبيه إلى أن مرر أنامله بين خصلات شعره الخفيفة. لأول مرةٍ يشعر بالخواء هكذا، كان يعلم بأنه لن يخرج من منزل عمه إلا وقد رمت هي بعضًا من كلماتها الفضة في وجهه، لكن الأمر الآن مختلف ... فهي في كل مرةٍ تطلق عليه شتائم ونظراتٍ رافضة فقط، والآن، الأمر أكبر بكثير مما توقع
هل كان يتحدث مع جيهان حقًا؟ كان يبدو كمن يتحدث مع إنسانٍ آخر تمامًا، بل على الأرجح، كان يتحدث مع ميت .. عيناها كانتا خاويتان باردتان، وملامحها شحبت كالأموات، حتى هي لم تعد هي! سابقًا كان يستطيع سرقة ضحكةٍ منها دون أن تنتبه لنفسها، كانت تجلس معه برفضٍ واضح لكنه كان يستطيع قلب الأمور لصالحه وبالرغم من كرهها له إلا أنها لم تجرحه سابقًا كما الآن ... فلمَ تغيرت؟
رفع نظراتهِ إلى السماء وهو يتنهد بإرهاق هامسًا : يارب أسألك لطفك
أخرج هاتفه من جيبه ليبحث عن اسم عناد وحاحبيه لم يفكا تعقيديهما، ضغط زرّ الإتصال واضعًا الهاتف على أذنه. انتظر قليلًا لكنه لم يرد إلى أن انقطع الإتصال. أعاد الإتصال بملل وانتظر عدة ثوانٍ أخرى، وفي آخر رنةٍ سمع صوته المتعب : ألو
فواز بهمسٍ ولم تفته نبرة عناد، إذا أيقن أن هناك أمرًا قد حصل وهو لا يعلم : السلام عليكم
عناد : وعليكم السلام والرحمة ... وينك يا رجال العالم احترقوا وانت لاعين شافتك ولا أذن سمعت عنك!
اعتدل فواز في وقفته بسرعة بعد أن كان ساندًا لجسده على سيارته، وبصوتٍ خرج قلقًا وقد نسي جيهان تمامًا : حريق!!
عناد بضيق : تعال لعندي وأنا بفهمك كل شيء
فواز بعد أن تنهد بعجز : سيارتي خلص بنزينها وأنا ما انتبهت .. والحين صرت أتفرج للرايح والجاي
عناد بأملٍ مفقود : ما منك فايدة لا انت ولا الخبل اللي عندي ... وينك عساك بـ .. خلني ساكت بس
أخبره فواز عن مكانه بدقة وفي أثناء ذلك خرج عناد من المستشفى ذاهبًا إليه، وقبل أن يغلق سأل عناد بتوجس وهو يدرك بأن ما حدث أكبر من كونه حريق : عناد
عناد : سم
فواز : الموضوع ما يتعدى كونه حريق صح؟
عناد بعينين شاردتين : بتفهم كل اللي صار بس مو الحين
أومأ فواز برأسه ليغلق الهاتف ويستند على سيارته منتظرًا قدوم عناد.



,



التاسعة مساءًا

تجلس بينهم وهي تشعر بالغربة، دائمًا ما ترتبك إن جلست مع أقارب العائلة وأم ياسر غير موجودة، فهي قد ذهبت لمنزل يوسف والد جيهان مع هديل، ولو أنهم يعلمون بقدوم أقاربهم لما ذهبوا.
وصلها صوت أم رانيا الهادئ بعد أن أغلقت الهاتف : وين قلتي راحوا؟
وقد كانت أم ياسر لم تخبرها بمكانها حتى لا تجد منها التفكير بقصة انتحار منى, فهي جلست معها مرةً بعد ما حدث بأيامٍ لتجد منها كلامًا فضًا أخرجته دون أن تنتبه وذلك تشمتًا بمن قد تفكر بالإنتحار في هذا العمر. وماذا سيكون سبب الإنتحار
ردت بابتسامةٍ مُرتبكة وهي تلعب بشعرها المصبوغ بالأشقر، وحُزنها الغامض يتمركز في وشمها الصفير والذي يزداد وضوحه أثناء تحدثها, دون أن تعلم أن ام ياسر لم تكن تريد لأخت زوجها أن تعلم : راحوا لبيت عمي يوسف، ولو انهم يعرفون بجيتكم كان كنسلوا روحتهم
صمتت ام رانيا للحظاتٍ وبملامح مُقطبة, بينما ردت رانيا بفضاضة : شقصدك؟ إننا جينا لبيت خالي في وقت غلط
إلين بلعت ريقها باحراج وحركت فمها لترد، لكن أم رانيا سبقتها في الكلامِ عاتبة : شهالكلام رانيا!
صمتت رانيا على مضض وهي ترسل إليها نظراتها الحارقة، بينما كانت أماني تجلس بجانبها وهي تنظر لرانيا بارتباك
وفي جهةٍ أخرى، كانت تجلس عمة ياسر أميرة بنظراتٍ جامدة كالمحققين كعادتها، كم تمنت أن تصل لقلب هذه المرأة، فهي لا تُكسب حبها إلا لمن تثق بهم، ويبدو أنها ليست منهم.
وقفت بحرجٍ وارتباكٍ لتهمس : بشوف الشاي
لم تستطع منع نفسها من الهرولة أمامهم للمطبخ وكأنّ هناك من يلاحقها، وبالفعل .. كانت نظرات رانيا تلاحقها بغلّ، بينما أميرة تتابعها بجمود المحققين.
دخلت المطبخ لتقف قليلًا عند الباب واضعةً يدها على صدرها واليد الأخرى مسندةً على إطار الباب، يا إلهي لمَ تشعر بكلّ هذا الإرتباك؟ ليست المرة الأولى التي تجلس فيها بينهم وبطبيعيةٍ تامة، لكنها المرة الأولى التي تجلس فيها معهم وحيدة، لكنها دائمًا ما كانت تجلس مع أماني ورانيا وهديل في جلسةٍ حميمية وتستطيع التصرف بطبيعيةٍ أمامهم حتى وإن لم تكن هديل معها ... لكن، منذ أن تغيرت معاملة رانيا معها حتى باتت تخجل الجلوس وهي موجودة، فهي لا تجد فرصةً إلا وتحرجها بها.
صبت الماء المغلي من الغلاية الكهربائية في الإبريق المخصص لتقديم الشاي، وهي حقًا ليست مع الشاي، بل كانت شاردةً تمامًا وهي تحاول استنتاج سببٍ مُقنع لتغير معاملة رانيا معها، لكنها لا تذكر أنها فعلت شيئًا بحقها إطلاقًا، فلم تغيرت؟
وصلها صوتٌ أنثويٌ من خلفها : ليه مارحتي معهم؟
بسرعةٍ التفتت مفزوعة، وما إن رأت رانيا حتى وضعت يدها على صدرها وهي تبتسم بارتباك : هذي انتِ ... فجعتيني !
نظرت إليها رانيا من أعلاها لأسفلها، كانت ترتدي تنورةً سوداء طويلة وضيقة من خصرها إلى ركبتها، ثم يتسع طويلًا بشكلٍ أظهر قوامها فاتنًا، ومن الأعلى ترتدي بلوزةً ليمونية واسعة تنتهي بحزامٍ ذهبي عريض يفصل بين البلوزة والتنورة، نظرت إلى زندها الأبيض بضيق، كُم البلوزة كان قصيرًا لا يخفي زنديها المرمريين، ووجهها مزينٌ بالقليل من المكياج.
بللت إلين شفتيها بارتباكٍ من نظراتها الضيقة، لتتنحنح بإحراجٍ هامسة : وش فيك؟
رفعت رانيا حاجبيها بسخرية : لمين هالكشخة؟
تجهم وجه إلين بعدم فهم : لمين؟
رانيا بفضاضة : قصدي واضح، ليه ما رحتي مع عمتي لبيت أخوها ... والا تبين الجو يخلا لك؟
ازداد تجهم وجهها وهي حقًا لم تفهم قصدها، بل شعرت بالريبة مما ترمي إليه : لو سمحتي رانيا اتركي عنك الألغاز وتكلمي بوضوح
رانيا بقهر : قصدي واضح ياست الحسن والدلال ... لا تظنيني ماني فاهمة حركاتك! .... * وبتوثيق أردفت لا بأسلوب استفهام * حاطة عينك على ياسر؟
اتسعت عينا إلين بصدمة وتوردت وجنتيها بحرج، ليس لأن كلام رانيا صحيح، بل لأنّ في كلماتها كشفٌ لهوية عشيقها. هي لم تفكر يومًا بايقاع ياسر في شباكها، تحبه والأمر لا يتعدى ذلك، أي أنها يائسةٌ تمامًا من فكرة زواج ياسر بها ... ولا تريد ظلمه بهكذا زواج.
رانيا بضيق : أشوفك سكتي ... حتى محاولة كاذبة منك في التبرير مافيه؟
تابعت وهي تهز رأسها بأسى : خسارة ثقتنا فيك والله
استجمعت قوتها في الرد وهي تشعر بجرحٍ كبير من تفكير رانيا، الآن فقط أدركت سبب ابتعادها بهذا الشكل، والأمر الآخر، إدراكها أن رانيا لا تختلف عن غيرها من الناس، نفس النظرة لأمثالها، ونفس الرأي ... أي أنّ كل يتيمٍ أو لقيط، ليس له أية حقوقٍ في الحياة.
همست بجرحٍ وألم اتضح بصوتها : ما توقعت هذا تفكيرك رانيا ... للعلم، ترا أنا ماني مجبورة أبرر لك، بس بقولها لك باختصار، صدمتيني بتفكيرك العنصري!
رانيا بقهر : منتي مجبورة تبرري لي؟ .. طبعًا، هو إنتِ عندك شيء تقوليه؟
إلين بضيق وعلى وجهها ارتسمت ملامح الأسى : عندي بس مو لك ... للعقول السويَة
رفعت رانيا حاجبًا لتجهز ردها الفظّ، لكن إلين سبقتها بغصة : ياسر ما يرجع من شغله هالوقت ... والا ماكنتِ شفتيني كذا
وبسرعةٍ استدارت لتكمل الشاي بسرعة، حتى أنها لم تنتبه لما تفعله وغشاوةٌ من الدموع تغطي عينيها، لم تكن يومًا تعلم أن رانيا تفكر بهذا الشكل، ظنت أن تغيرها معها يرجع لسوء تفاهمٍ لم تقصده. والآن اتضح كل شيء، فرانيا لا تختلف عن غيرها إطلاقًا.
بيدين مرتجفتين وضعت أكياس الشاي. تشعر بفراغٍ داخلها، حتى وإن تصنعت السعادة إلا أنها تفتقر للكثير، للكثير جدًا. عائلة / أصل / هوية / مكانة / شخصيةٌ ثابتة - غير مشتتة.
رفعت رأسها قليلًا للأعلى لتضغط على عينيها باصبعيها لتمانع دموعها من السقوط، في حين زمت شفتيها تمنع شهقةً مكتومة من الخروج، ثم رفعت صحن التقديم لتلتفت وتتفاحئ بأن رانيا لا تزال خلفها، تنظر إليها نظراتٍ غامضة وكأنها نظرات ... عتاب!
لمَ قد تعاتبها؟ أمالت إلين رأسها بحيرة، ولم تنتبه للصحن الذي مال معها قليلًا. من يجب عليه أن يعاتب الآخر؟ أليس هي! أرانيا من جُرحت الآن؟ يومًا بعد يوم تخرج أصنافٌ جديدة من أناس لا تعلم حقًا مما صنعوا، منذ ثزاني تجرحها والآن تعاتبها!
همست إلين بحيرة : انتِ غريبة يا رانيا ... حيل غريبة .. وغرابتك هذي صنعت منك إنسان ظالم في حق غيره
رفعت رانيا حاجبيها لتمد يدها ببطءٍ إليها، توجست إلين لكن حاجبيها اقتربا من بعضهما باستغرابٍ ما إن أراحت كفها أسفل الصحن
رانيا ببرود : انتبهي لا يطيح
تشبثت إلين بالصحن ونظراتها المتسآئــلة لازالت تُزين عينيها البريئتين، فاستدارت رانيا بصمتٍ لتخرج من المطبخ بعد أن همست : راجعي نفسك واعرفي من اللي يظلم غيره بكل سادية
وقفت إلين مكانها للحظات، وقد ثبتت عيناها على مكان رانيا الخاوي بعد أن غادرته، ثم تنحنحت ما إن انتبهت لتأخرها لتتجه ببطءٍ نحو باب المطبخ وهي تحاول تفسير جملة رانيا، بالتأكيد هي تقصد حبها لياسر ... ابتسمت بسخريةٍ من حالها، أصبحت ظالمةً فقط لأنها أحبته حُبًا صامتًا وشريفًا بعدم تفكيرها بظلمه معها!
أثناء مشيها بشرودٍ دخلت الغرفة ليهاجمَ أذناها صوتٌ رجوليٌ خشن أثار ارتجافها، وفي لحظةٍ التقطت عيناها ياسر الذي كان يسلم على عماته وقد كانت أمه قد اتصلت به بعد ان علمت بقدومهم وذلك عندما اتصلت عليها أم رانيا بعد وصولهم, بينما كانت رانيا وأماني قد غطتا وجهيهما. تراجعت بسرعةٍ مُحدثةً ضجيجًا إثر تصادم إبريق الشاي مع الأكواب بسبب تشتت مشيها للخلف، وبسبب ذلك التفت الجميع ومنهم ياسر للباب لكنها كانت قد اختفت لحظتها.
تجهم وجه ياسر باستفهام : مين هنا؟
أم رانيا برقة : هذي إلين أكيد
ياسر بوجهٍ مُقطب : ليه هي ما راحت مع أمي لبيت خالي؟
تمنت رانيا لو تتداخل بالكلام معهم لكنها فضلت الصمت، ثمّ استقامت لتتركهم بعد أن همست بخفوت : بجيب الشاي أنا .. لأن إلين ماهي متغطية عشان تدخل
قاطعتها أماني بتوجسٍ وهي تدرك أنه من الأفضل ألا تلتقيان، وذهاب رانيا سابقًا بحجة أنها تريد الحمام لم يقنعها : أنا بروح
رفعت رانيا حاجبها لتتجاهلها وقد اتجهت للبابِ هادرةً : قمت وانتهى الأمر
زمت أماني شفتيها بقلق، بينما ذهبت رانيا للمطبخ لتجد إلين واقفةً مستندة على الرخام ورأسها منكسٌ للأرض بشرود ويدها على صدرها وقد بدأ قدمها بالتحرك في رسمٍ عشوائيٍ على الأرض
ابتسمت قائلةً بسخرية لتجعلها تستفيق من شرودها : ياسر ما يرجع الحين من شغله!
رفعت إلين رأسها بسرعةٍ إليها، وفي غضونِ ثانيةٍ كان وجهها قد تجهم بعتابٍ وأسى : أول مرة يرجع بهالوقت
ضحكت رانيا بسخريةٍ لاذعة وهي تتجه إليها لتأخذ صحن التقديم من خلفها على رخام المطبخ : أيوا أدري
ازداد تجهم وجه إلين ومعه ازداد جرحها تعمقًا في قلبها، لا تحتمل أن تعامل بقسوةٍ هكذا خصوصًا مع القريبين منها. أخذت رانيا صحن التقديم واتجهت للباب لتقف هادرة بحنقٍ قليلًا قبل أن تتابع : لو كنتِ شخص ثاني مختلف كليًا عن شخصك ... كنت رضيت بهذا الحُب
زمت إلين شفتيها بألم ليظهر جرحها الغامض بشكلٍ لافت، بينما خرجت رانيا وهي تدرك جيدًا بأنها ستفهم مقصدها ... ومالم تره، أن إلين قد جلست على الأرض ووجهها يزداد تجهمًا، ألمًا وحزنًا، هذا هو رأي رانيا بها! لو أنها شخصٌ آخر غير شخصها! لو أنّ لها أصل، لو لم تكن يتيمة، لو لم يكن هناك احتمالٌ كبير بأنها ابنةٌ غير شرعية، لو لم يكن هناك احتمال ضئيل بأنها لم تكن نتيجة خطأ اثنين لم يخشيا الله، لو كانت معززةً مكرمة بين والدين حقيقيين، لو أنها فقط كان لديها ثقةٌ بأن لا أحد يراها إنسانةً ليس لها حقٌ بين المجتمع، لو أنها كانت تحمل اسمًا، لو لم تكن هنا مكفولة! لو أنها فقط وجدت في هذه الدنا بظروف طبيعية ... كان لها حقٌ في أن تحب ياسر، كان لها الحق في أن تتزوجه وليس فقط أن تحبه، كان لها الحق في أن تعيش، وكان لها كل الحق في أن تكون لها علاقات!
الآن فقط أدركت الفارق الكبير بينها وبين رانيا. بينها وبين هديل، بينها وبين أماني .. أبو ياسر وأم ياسر والداها الوهميان، عمات ياسر، أخواله وأولادهم، بينها وبينه، بينها وبين ياسر !!!
أدركت خطأً كلّ ذلك، ولم تدرك المعنى الحقيقي من كلام ديما ... بل ابتعدت عنه كثيرًا.



,



يحرك أنامله الصلبة على مكتبة في إيقاعاتٍ منتظمةً ليصنعَ نغمةً تعبر عن شرودة، بينما كان مستندًا بمرفق يده الأخرى الذي كان يغطيه ثوبه الأبيض على مكتبه، وكفه الضخمة مستريحةً على خده. كوب القهوة أمامه كان يبث دخانًا أمام ملامحه الرجولية ليشوش النظر إليها، بينما عيناه كانت تتابع رغوة القهوة بشيءٍ من الشرود.
بلل شفتيه ليرفع كوب القهوة مُرتشفًا منه القليل، ليهبط به وابتسامةٌ غامضة قد ارتسمت على شفتيه.
يتخيلها الآن أمامه، واقفة بكامل نعومتها وضعفها المعهود، والذي يشعره بالتشدق والرضا، دائمًا ما كانت تخضع له في كل شيءٍ يخصها ويخصه، وإن حاولت تصنع القوة فسرعان ما تخضع بابتسامةٍ واحدةٍ منه. وكم يثيره هذا الشعور بالرضا، تحديدًا حين تنظر إليه بهيامٍ لم يظهر عليه هو.
لا يُحبها, لكنها زوجته وهي خاصةٌ به, ويستحيل أن يفرط بها، حتى وإن لم يكن يحبها.
ساديّ ! أجل هو كذلك، يعترف بأنه مغرورٌ يعشق التملك، وهي ملكه شرعًا ولا يستطيع أحدٌ نكران ذلك، وما زاد من قوة تملكه لها هو عاطفتها وانجرافها التام نحوه، والذي يشعره بأنه كلّ شيءٍ لها، بل هو محورُ حياتها.
دائمًا ما كانت تقول له : ما ذنبها لتعيش معه بهذا الشكل؟
وهو بكل بساطةٍ يفكر دون إجابة منطوقةٍ بها, ما ذنبها! ألا تعرف ما ذنبها حقًا لتسأله, ألا تعرف أن ذنبها هو أنها تزوجت به, برجلٌ - مُطلق - لا يثق بعلاقةٍ يكون بها الرجلُ مرخيًا لحباله. وهي هكذا وقعت عند من لا ينوي إرخاء شدته وقسوته.
همس بعد أن زمّ شفتيه بشرود، وبكل تملكٍ نطق إسمها الخاص في قاموسه، والذي لا يدل على شيءٍ سوى أنه دليلٍ عاشر على أنه وقع على ورقة تملكه لها : بقي شوي يا ميْ ... وترجعين لأحضاني



,



الحادية عشرة مساءًا


كان يقف عند الباب يتأملها وهي تُمسك بكوبِ القهوة الفرنسية التي تُحبها في يدها, تنظر إلى مافي الكوب بشرودٍ ويديها الصغيرتان يداعبهما الدفء. يشعر بالدنب, هو السبب فيما حصل لها, هو السبب في كل شيء, لو لم ينتظرها خارج المنزل, لو لم يتركها, لو لم تكن في بيته, لو لم تكن عنده من الأساس ولو لم يكن هو موجودًا في هذه الحياة, لكانت بخير, لو لم يكن اخاها لكانت بخير. استغفر ربه, يجب أن يسيطر على أفكاره ويطرد كل فكرةٍ قد تُكتب سيئةً في ميزانه, و( لو ) تفتح باب الشيطان, تعوذ من الشيطان ثمّ ولج للداخل هاتفًا بالسلام, فانتفضت لتنظر إليه بعينين متسعتين وملامح مشدودة, لترتخي ملامحها وتتنهد بعد ذلك, بينما أمها أيضًا استدارت تنظر إليه, لتبتسم بفتورٍ هاتفة : وأخيرًا شفناك
ابتسم هو أيضًا بذات الفتور, لينحني يقبل رأسها ثم وجنة غيداء التي هتفت بعتاب : أول ما فقت كان عناد بوجهي ... وانت ..
صمتت ولم يرد هو لوهلة, من حقها ان تعاتبه, هو لم يستطع القدوم ليراها بعد الذي حصل مباشرة, لم يقوى على رؤيتها وهو يرى انه السبب. هتف بعد حين : أسف .. * قبل وجنتها الأخرى ليهمس * خلاص عناد كان صادق, الأخوان من الرضاع دايمًا ما يهتمون ببعض, وأنا أثبتت هالنظرية
قطبت جبينها ولم يُعجبها حديثه, فهمست : يعني أهون عليك
سلطان بابتسامةٍ حنونة : تهون علي روحي ولا تهونين انتِ
ابتسمت له فاحتضنها وبدأ في مسح شعرها, ليهمس بألم : آسف غدوي, ما رحنا للملاهي
أومات بهدوء : ما عليه, يوم ثاني * ثم ابتعدت لتُردف بقلق * انت بخير؟
سلطان بابتسامة : توني ما سألت عنك تسألين عني؟ أنا بخير لا تخافين ... شلونك انتِ؟ والحمدلله على السلامة
لم ترد عليه وهي تنظر لكفيه التي كان الإحتراق بهما بارزًا, فتمايلت شفتيها عبرةً لتُمسك باليسرى وتقبلها : يدينك!!
سلطان بابتسامة : ما عليك منها ... ما تعورني
افتربت أم عناد منه لتجتذب كفيه بقلق : شلون ما تعورك؟ سلطان متى بتترك حركات عدم المبالاة هذي؟ حرام عليك
ظلّت ابتسامته الفاترة مرتسمةً على وجهه, هذه أمه بالرضاع, والتي كانت صديقة والدته كما قال له والده, أمه الحقيقية توفيت حين مخاضها به, وقد كان جسدها ضعيفًا لا يحتمل الولادة بينما حملت به بعد سنواتٍ من زواجها بأبيه, وحين ماتت, أرضعته ُأم عناد التي كانت وقتها تُرضع ابنًا لها مات في الثالثة من عمره.
أم عناد بقلقٍ ضربت جرس الممرضة لتاتي بعد دقائق, بينما هو تنهد ليهتف : وش له يمه؟ والله إني بخير شوفيني قدامك حصان
أم عناد بحزم : ما أهلكك إلا ثقتك .. أقول إمش قدامي خلّ هالممرضة تطهر حروقك
بعد لحظاتٍ دخل عناد عائدًا من عيادته التي ذهب إليها بعد أن كان مع فواز ليُقطب جبينه حين رآه: وأخيرًا جيت؟
استدار إليه بملامح مُتجهمة والممرضة تطهر حروقه والتي كان منها في عنقه القليل وفي وجهه أيضًا, فابتسم عناد : الأم وقلقها على أطفالها
سلطان : والأخت وقلقها على أخوانها
ضحك عناد ليقترب من غيداء ويُقبل جبينها : شلون عيون أخوها الحين
غيداء بعبوس : كم مرة سألتني؟
عناد : أفا .. كذا تخسفين فيني؟
ابتسمت لتحرك حاجبيها وتستدير عنه تنظر لسلطان بقلق فضحك : بياخذ مني سلطان كل الحب والحنان عشان شوية حروق
أمه بصرامةٍ استدارت إليه : انثبر انت مو وقتك
ضحك : أفا يا أم عناد بس
بعد انتهاء الممرضة من تضميد كفيه كان عناد قد اقترب ليضع كفه على كتفه, ففهمه سلطان ليخرج معه بعد أن استاذنا.
وقفا في الممر ليهتف عناد : عرفت شيء؟
سلطان بملامح متجمدة : اي ... الخدامة ما كانت موجودة في البيت بعد الحريق, أكيد لها يد
قطب عناد جبينه وقد فهم الآن كيف تم دخولهم ومن ساعدهم : متأكد؟ يعني ما لقوا لها جثة تأكد وجودها على الأقل
حرك سلطان رأسه نافيًا وهو الذي يكره الخادمات, لم يكن ليسمح لخادمةٍ أن تعتب باب المنزل لولا إصرار عمه على أن يكون هناك في المنزل خادمة تُدير ترتيبه, في وقتٍ كانا فيه يسكنان معًا, والآن هاهي الخادمة تثثبت ولاءها لسيدها الأصلي وتُدخل المجرمين الذين كانوا رهن يديه.
عناد بتساؤل : والرجّال؟ كان بروحه والا معه حد؟
سلطان : حسب ما قاله المحقق لي كان معه شخص ثاني ... بس تدري وش بعد؟ رفض يعترف مين اللي أمره باللي سواه, قال إن هالقرار اتخذه هو وشريكه من حقد قديم لي ... هه, وكأني أعرف وجهه أساسًا. انكرت اللي قاله والتحقيق لازال جاري. بس ماهقوتي يتكلم, خوفه من سلمان أكبر من خوفه من السجن
صمت عناد قليلًا وهو يضوق عينيه مُفكرًا, ثمّ همس : ماراح يتركه ... بيقتله أكيد!!
حينها قطب سلطان حاجبيه, هذا ما كان يتوقعه منذ البداية, سلمان لن يصمت وسيقتله كما قتل والده عندما كشف ألاعيبه وحقيقته .. يتذكر تلك المُكالمة التي سمعها جيدًا, فهو يومها سمع حقيقة الرجل الذي رباه من شفتيه هو. رجلٌ مُختلس / قاتل / سارق / ... يذكر وقتذاك وقبل موت أبيه أنه كان يستمع لحديثٍ يدور دائمًا بينه وبين سلمان, ما بين إختلاس اموالٍ وسرقة اوراق ومشاريع من الشركة التي كان يعملان بها معًا وأنشآها معًا, والتي وياللأسف مشتركةٌ بينهما الآن. ويبدو أن والده ما إن كشفه قام بقتله.
سلطان بهدوء : عارف .. وعلمت المحقق بعد. بيشددون من الحراسة عليه
تنهد عناد وهو غير مطمئنٍ أبدًا, سيصل إليه, بالتأكيد سيصل إليه.



,



بيما في منزلٍ آخر, منزل سلمان. كان يجلس مع شريكه وهو يضحك, والآخر يبتسم لضحكة شريكه.
سلمان بسخرية : بس تدري, عجبني اللي صار, خله يتربى كان ينسى فضائلي عليه ... أبدًا مو من مصلحته يلعب معي وأنا سلمان. ما كان ودي يصل الأمر لهنا بس هو اللي اختار هالطريق ... قلت بستفيد منه مستقبلًا والحين ماعليه ..... ننهيه
والآخر ضحك بخسةٍ ليهتف : ضربة قاضية لولد فهد
سلمان بنظراته الثاقبة : واخوه عناد يبيله بعد وخزة من نوع ثاني ... ووصلته بدون تخطيط * ثم ضحك وهو يتذكر ما سمعه عن محاولة الإعتداء على غيداء *
أحمد بابتسامة المنتصر : على هالنجاح لازم نحتفل
سلمان دون مبالاة : لا مالها داعي .. تعرفني ما أحب الحفلات
مط احمد شفتيه بامتعاض : خلك انت انا بحتفل بنفسي وعلى طريقتي الخاصة
سلمان ويعلم جيدًا ما يعنيه, بالطبع سيحتفل بذاك المشروب كالمعتاد, هتف : كيفك
ثم نهض يريد أن يذهب فهتف الآخر : على وين؟
استدار وهو يرفع هاتفه : بشوف وش صار على اللي في السجن
أحمد ووجهه تجهم بخوف, لكن سلمان تجاهل تقلبات ملامحه وهو يذهب عنه ليرفع هاتفه ويتصل على القسم, سيعلم ما الذي حدث لذلك اللي تأخر بعد رفيقه, بالتأكيد انتهى أمره.
بينما أحمد وقف من جهته تلك وهو يرفع هاتفه أيَضًا يتأكد كسلمان من الإنتهاء من شريكهم ثم سيذهب لمنزله.



,



قدمت القهوة لعمتها وابنتها وابتسامةٌ لازالت تحمل معالم الحزن قد شوهت جمالها العربي الأخآذ، همست عمتها بحنانٍ وهي تتناول الفنجان لتضعه على الطاولة الصغيرةِ أمامها : من جيت وانتِ تشبعيني بقهوتك ... ارتاحي بنتي وخليك من الضيافة
ابتسمت أرجوان بنعومةٍ حزينة ووجهها الأبيض قد ازداد شحوبًا عن آخر يومين قد زارتهم فيه عمتها، بللت شفتيها الممتلئتين واللتان كانتا جافتين بشكلٍ فضيع
ثم بهمس هتفت : تعبي لك راحة ياعمتي
ثم أكملت باستفسار : شفيها إلين ماجت معكم؟
ابتسمت عمتها بحب : كانت نايمة وقت جينا، ماحبيت أزعجها وهي من الصبح تذاكر
ابتسمت أرجوان بتفهم. لتهمس هديل بودٍ وابتسامتها هي الأخرى كانت مرتسمةً على شفتيها : وين ليان وجيهان؟
تجهم وجه أرجوان بضيق، ثم رطبت شفتيها بلسانها لتهمس بارتباكٍ وقد شتت نظراتها عنهما : ليان نايمة ... وجيهان لليوم في غرفتها وما تطلع منها
أخفضت نظراتها لتهمس بخفوتٍ أكبر : ما تبي تقابل أحد
أومأت هديل بتفهم، بينما وقفت أم ياسر فجأةً لتتجه الأنظار إليها
أم ياسر بغضب : هالحالة ما ينسكت عنها، وين أبوك ما يوقف معها ويحاول يطلعها من اللي هي فيه؟
أخفضت رأسها بأسى، والدها وحده يحتاج من يقف معه، يتصنع القوة ليستندوا به وهو في داخله مُحطم، كيف لا وزوجته خانته ثم انتحرت. ابتلعت غصتها بألم. من جهةٍ أخرى ابنته ترفض أن تتحدث معه، تنعزل في غرفتها واليوم آذت زوجها، لا تعلم تحديدًا ما حصل لكن وجه فواز كان يتضح به الغضب وإن حاول إخفَاء ذلك.
في تلك اللحظات انضم إليهم يوسف ليهمس بالسلام بعد أن كان يغتسل، التفتت إليه أم ياسر غاضبة : وينك يا خوي عن بنتك؟ ما تشوفها حابسة نفسها من ثلاث أسابيع في غرفتها ولا راضية تطلع؟
تنهد يوسف بأنفاسٍ مُجهدة وهو يغمض عينيه ليفتحها بعد ثانيتين وكأنه بذلك يريحها من سهر الليالي، في حين أكملت أخته بغضبٍ عاتب : إذا انت نفسك حزين للحين وماتقدر تخرج من حالتك الضعيفة عشان بناتك ... اسمح لي آخذهم معي
فتحت أرجوان فمها بصدمة، أيعقل أن يظهر والدها بهذه الصورة الضعيفة أمام أخته وهي صامتة، لكن عمتها حقًا لا تعلم ما الذي يمر به وهو يحاول التقرب من جيهان بلا فائدة. ألا يكفي أنه استتر على زوجته ليتحمل كلّ التهم الموجهة إليه بتعاستها لتنتحر؟ ومن أفواهٍ أخرى قد يكون خانها، عذبها، والمزيد المزيد ... لتأتي عمتها الآن تتهمه بالتقصير؟
كانت ستتدافع إلا أنها التزمت الصمت، فمن الخطأ التدخل بين والدها وأخته، وهذا ما رباهم والدهم عليه، إذا تحدث الكبار ... فليصمت الصغار. حتى هديل كذلك كانت ملتزمةً الصمت وهي تدرك الخطأ إن خالفت قاعدة العائلة.
تنهد يوسف وهو يمرر أنامله على شعره الذي يتخلخله بعض الشيب ليهمس بغضبٍ مكبوت، كلّ شيءٍ إلا أن يأخذوا منه بناته : اسكتي يا هالة واللي يعافيك .... تتوقعين برضى بهالشيء بكل بساطة؟
هالة بقوة : وتتوقع مني أرضى بكل هالإهمال يا يوسف ... الحزن على الميت ثلاث أيام ... والحين صار على وفاة منى ثلاث أسابيع تقريبًا ... وانت بدل لا تفكر في بناتك عايش للحين في سواد أفكارك ومشاعرك؟ ما توقعت هالشيء منك يا خوي
صمت قليلًا وهو ينظر لأخته بنظراتٍ لا تُفسر أهي غضبٌ هادئ، أم هدوءٌ عاصف. يحاول قدر الإمكان أن يسيطر على نفسه ولا يصرخ في وجه أخته الصغرى فيطردها، فهو قد يحافظ على هدوءه إلا في مسألة اختطاف بناته منه. أجل اختطاف! فهم يريدون أن يأخذوا منه كل ما تبقى له من هذه الحياة حتى وإن كان من ستأخذهم الآن هي أخته، لكنه يبقى اختطاف.
تكلم أخيرًا بصوتٍ هادئ ظاهريًا وحازمٌ في نفس الوقت : بناتي ... بيظلون مع أبوهم، مو انتِ يا هالة اللي تعلميني شلون أتصرف معاهم وأهتم فيهم!
تقلص احتداد نظرتها، ثم لوت فمها برفضٍ لكلامه لكنها حاولت اجتذاب الهدوء إليها لتهمس بصوتٍ خافتٍ هادئ يناقض الذي كان قبل لحظات : أسبوع بس ... خلهم عندي عشان تتعدل نفسياتهم شوي ... على الأقل جيهان، لأنها أكثر من تأثر بينهم ... ليان طفلة وما تفهم شيء. وأرجوان تقدر تعتني فيها لأنها الأقوى للحين ... بس جيهان لا ... تكفى يا خوي خلها عندي بس أسبوع على الأقل
رفع حاجبه قليلًا وهو قد لحظ المغزى من كلماتها، حتى وإن لم تقصد قولها لكنّ رأيها كان واضحًا تحديدًا عند ذكر ليان وأرجوان ... أي أنه لا يستطيع الإعتناء بجيهان
همس بهدوءٍ قاطع وهو حقًا بدأ في فقدان آخر ذرةٍ من سيطرته : قلت لا ... وهذي آخر كلمتي .... وبعدين شكلك نسيتي ياسر .. تبينها تجي عندك وولدك موجود ... تظل رايحة جاية قدامه! ... هذا آخر شيء ممكن يصير
أخذت نفسًا ساخنا تحاول به السيطرة على غضبها لتهتف بصوتٍ مشدود : العباية والنقاب موجودين
يوسف ببرود : قلت لا ...
حينها فقدت هي كل أعصابها فعلًا، لتصرخ في وجهه بقلة احترامٍ وغضبٍ قد وصل إلى ذروته : إذا منت كفو تهتم ببناتك ليه ترفض اهتمامي أنا فيهم؟؟ والا تبي مصيرهم نفس مصير أمهم .... تتعسهم ويختارون الإنتحار للراحة!!!!
هدوءٌ عاصف ... وقف متحجرًا في مكانه مبهوتًا أو بالأحرى مصدومًا من كلماتِ أخته السامة، بينما كانت هذه الكلمات آخر شيءٍ يجب أن تُذكر هنا. لحظاتٌ فقط، لتُصدر شهقةٌ من بين شفتي أرجوان التي بهتت للحظات، وكأنها الآن فقط استوعبت ما قالته عمتها، بينما شهقةٌ أخرى صدرت من هديل التي غطت فمها لتتيقظ أمها من غضبها مدركةً لما قالته والنصل الحاد الذي غرسته في صدر أخيها الوحيد بعد أن مات الآخر.
ابتلعت ريقها ووجهها قد بهت، ولم تعد ترى أمامها إلا يوسف الهادئ على غير إنصافٍ لما حدث، عضت لسانها وهي تتمنى حقًا أن تقطعه، ليتها لم تقل ما قالت، ليتها التزمت الصمت وابتلعت احراجها من رفضه، لكن ماذا ينفع التمني الآن!
فتحت فمها لتنطق، وهي تشعر أن الغيوم بدأت تتجلى أمام عينيها مما فعلته، هي تدرك حب أخيها لزوجته الراحلة، وبالتأكيد ليس له دخلٌ بانتحارها، حتى وإن لم يتحدث لكنها تعلم أنّ الدافع لانتحارها أكبر من كونه تعاسةٌ من طرفها بسبب إهمالٍ من طرفه، وصمت يوسف أكد لها أن حجم الأمر كبير. والآن هي قامت بجرحه وتأكيد أنها ليست مختلفةً عن غيرها من الناس، وكأنها فقط لا تعلم من هو يوسف، وكأنه فقط .... ليس أخاها
هالة بصوتٍ مختنقٍ متحشرج هامس : يوسف أنـ ..
: اطلعي من البيت
قاطعها بصوتهِ البارد كالصقيع، وملامحه مشدودةٌ بجرحٍ قتله وإن تصنع الهدوء، كان يقتات الأكسجين ببطءٍ وكأنه يتنفس لهبًا، بينما ابتلعت هي الإهانة ولم تتوقع حقًا أن يصل الأمر لذلك، ليتها لم تطلب طلبها منذ البداية.
هالة برجاء : تكفى يوسف اسمعني ... أنا والله .....
قاطعها يوسف بصرامة وهو يشدد على كل كلمة : قلت ... اطلعي ... برااا
وقفت هديل وهي تلف طرحتها بسرعة، ورغمًا عنها دمعت عيناها بأسى، بينما اتجهت أرجوان إليه بملامح مبهوتةٍ على بهتانها منذ وفاة أمها لتمسكَ ذراعه برجاء : تكفى يبه لا توصل الأمور لهالشكل
يوسف بغضبٍ ظهرَ أخيرًا في صراخه الذي تجلى : لا تدخلي بين الكبار يا أرجوان .... واطلعي عند خواتك يلا
عضت أرجوان ألمها من شكله الذي تردى ... ألا يكفى جرحه من وفاة زوجته وجفاء ابنته ليأتي جرحه الآن من كلمات أخته اللا معقولة!
زمت هالة شفتيها وهي تبحث عن كلماتٍ لتقولها، لكن هاهي الآن الكلمات تخونها لتحبسها في متاهةٍ لا مخرج منها.
تنفست بسرعةٍ وهي تبتلع ريقها رجاء زوال الألم الذي يضغط على حنجرتها، وهي تحاول قول أي شيء، ولم تستطع سوى النطق بكلمةٍ واحدة متحشرجة : آسفــة
صد وجهه عنها بأسى : بعد ما أظهرتي حقيقة اللي في صدرك .... تقولينها بكل بساطة!!
هالة بألم غطى صوتها وملامحها : ماهي حقيقة اللي في صدري صدقني
تنفس الهواء بقوةٍ ارتفع بها صدره العريض، ثم همس بنفس الأمر من جديد : اطلعي من بيتي
تراجعت هالة للخلف ثم استدارت بسرعة لتتبعها ابنتها التي أطلقت نظرةً أسفٍ لخالها ثم أرجوان وأكملت طريقها. بينما استدار يوسف ينوي الصعود لجيهان، علها هذه المرة تقبل التحدث معه، أما أرجوان فكانت تقف في المنتصف، عاجزةً بملامح يائسة.
ما إن فتحت أم ياسر الباب حتى توقفت قليلًا وهي ترى رجلًا ضخمًا يقف أمامها، وقد عرفته جيدًا ... أخ منى!
شدّت شفتيها بحركة سريعة وهي تدرك أن المشاكل ستنهل على رأس يوسف اليوم ولن تنتهي، تمنت حقًا أن تبقى معه لتسانده، لكنها تراجعت عن ذلك فورًا. رأت الرجل ينزاح من أمامها ليسمح لها بالعبور، فأكملت طريقها بصمتٍ هي وهديل ليدخل الرجل المتجهم الوجه، والذي هدر بصوتٍ رجوليّ عالٍ ليعلن وجوده الفظ : السلام على أهل البيت
توقف يوسف عن صعود الدرج الذي وصل إلى منتصفه ما إن سمع صوته، فزمّ شفتيه ليُطلق أنفاسه بعمقٍ غاضب ... يبدو أن المشاكل لن تنتهي اليوم!
استدار لينزل بملامحَ باردة وهو متنبؤٌ تمامًا لما سيحدث، في حين كانت أرجوان تُسلم عليه وهو يبتسم لها بحنانٍ بينما يتدلل عليها لتقبله في أنحاءِ وجهه.
ذياب بدلالٍ وهو يشير إلى خده : هِنا
ابتسمت رغمًا عنها وهي تقترب من خده الأيمن الذي كان يشير إليه لتقبله
أشار ذياب لذقنه لترتسم ابتسامةُ عبثٍ على وجهه : وهِنا
اطلقت ضحكةً صغيرة لا تكاد تسمع لتقترب من ذقنه وتقبله، وعندما أشار إلى أنفه وصله صوت يوسف الهادئ ليقاطعهم : ياهلا بالنسيب
التفت إليه ذياب بحركةٍ سريعة، ثم تجهم وجهه بحقدٍ في حين مد يوسف يده بهدوء، لكنّ ذياب لم يمد له يده ليصافحه، بل مدها ليربت على خده الخشن بهدوءٍ ساخر : ياهلا فيك
تراجع يوسف للخلف ولم يتوقع أن تبدأ المشاداة بسرعةٍ هكذا، في حين تجهم وجه أرجوان باستنكارٍ لحركةِ خالها.
اعتدل ذياب في وقفته وهو يدخل يديه في جيوب بنطاله الجينز، ونظرةٌ ساخرةٌ حاقدة قد أوضحت كل ما بداخله، وكل ما سيحصل من سوء.
همس أخيرًا بصوتٍ هادئٍ بارد، يناقض النار التي تندلع بداخله : ما جيت عشان ترحب فيني ... بس بغيت أعطيك علم، ركز! علم .. يعني ماهو اختيار ... لا أمر
صمت قليلًا وهو ينظر ليوسف الذي كان ينظر إليه بصمتٍ هو الآخر، ثم تابع بتشديدٍ عميق : باخذ البنات معي



,



يجلس على مكتبه في العيادة يحاول تقليب بعض المواضيع في رأسه, يفكر في تلك المشكلة التي دامت أشهرًا ولم تنتهي بعد, وأيضًا, يبحث عن غريمه من الجهة المُقابلة, ذاك الذي عانى منه أخيه أشهرًا.
بينما هو, له عدوٌ واحدٌ فقط هو الظاهر أمامه, وقد لا يسميه عدوًا بالمعنى الصحيح, بينما يكاد يبصم بأصابعه جميعها أن لا دور لهذا العدو في ما حصل قبل سنين, صحيحٌ أن له شهاداتٍ كثيرة تدل على عمق دناءته معه هو, لكن الأمر لم يصل إلى المخدرات!
والمجرم الحقيقي كان له عداءٌ مع أخيه, مع متعب! .. لطالما كان متعب مُسالمًا لا يتعدى حدوده مع غيره, فما سبب كل ذاك العداء الذي ظهر من قبل الآخر حتى يعطيه جرعاتٍ أهلكته قبل وفاته!
تنهد ليجتذب خصلات شعره مُعيدًا لها للوراء, لا يعرف سوى اسمه * أدهم * .. بينما المُعادي الظاهر له هذه الأيام يحمل اسمًا آخر ومعاداته له لا تتجاوز مشاكل تافهةً - في نظره -.
طُرق بابه ليأذن للطارق بالدخول, بالتأكيد وصل أحد مرضاه. بينما حين رفع رأسه قطب حاجبيه ثم أرخاهما بملل فور رؤيته له .. * سند *
شاهين بامتعاض : يا ليل الشقا
دخل سند بخطواتٍ واسعة إلى أن وقف أمام مكتبه ليستند بكفيه عليه : ويا ليل المسرات
خلع شاهين نظارته الطبية ليضوق عينيه : نعم وش عندك؟
سند بعينين ضيقتين بحقد : جيت للموضوع المعهود
رفع حاجبيه : وكل يوم على نفس الموال ... ياخي فكني لا أنادي الشرطة الحين
سند بثقةٍ يبتسم : ما تقدر
لتتشنج ملامح شاهين بازدراء ورغبةٍ في الضحك على ثقته التي ليست في محلها بتاتًا, ربما لم يعلم من هو شاهين بعد!
رفع شاهين هاتفه يريد أن يتصل على الحراس ليرموه, لكن سند أمسك بيده التي تحمل الهاتف لينتزعه منه : ما اعتقد هذا الخيار مُناسب
شاهين بابتسامةٍ حانقة ومُستفزةٌ في ذات الوقت : اليوم انت منت بصاحي ...
قاطعه سند بحقدٍ وغلّ تأجج في عينيه : بالعكس صاحي ... تدري ليه؟ لأني اليوم بجبرك تسوي العملية لأمي وترجع نظرها
شاهين بغضب : انت مجنون؟؟ أقولك مافي أمل ... يا الله أنا شلون أتكلم مع شخص ما عنده ايمان بالقضاء حتى يصدق كلامي .... إذلف من وجهي أقول .. إذلف
سند بإصرار : ماني متحرك لين تعطيني موعد وقريب للعملية
صرخ بغضبٍ في وجهه وقد فقد كل سيطرته : ناوي تتلف عين أمك الثانية يا أهبل؟؟؟ اتقوا ربكم قبل يعاقبكم في الأولى وتصير عمياء عن حق وحقيقة ... أقول تحرك من قدامي قبل لا اطلب الشرطة بجد
زمّ سند شفتيه بحنق ثمّ افتر عن ابتسامة : يعني ماهو عاجبك الأسلوب المنمق؟ أوكي ... انت جنيت على نفسك
ثم بدأ في البحث بين ملفٍ كان يحمله عن شيءٍ لم يهتم شاهين ماهو, ليبدأ بعد ذلك بالتأفأف حين أخرج بضعة أوراقٍ ليضعها على المكتب بثقة : وهذا بيكون دافع قوي يخليك تسوي العملية وتنجح فيها بعد
نظر شاهين للأوراق دون مُبالاة, لتبدأ عينيه في الإتساع تدريجيًا وهو يرى أوراقًا تثبت أن متعب كان يتعالج في إحدى المُستشفيات للتخلص من المخدرات في دمه ... لكن كيف؟ كيف حصل عليها!
ظلّ باهتًا للحظاتٍ وضاعت منه الكلمات, بينما ضحك سند ليهتف بثقة : والحين متى موعد العملية؟؟









انتهى


موعدنا إن شاء الله في الأسبوع القادم يوم الأحد مثل ما ذكرت بداية البارت


ودمتم بخير / كَيــدْ !


sosee 10-06-14 10:54 PM

كـيد يا كيـد 😍😍😍
حروفٌ مشوّقة لأبعد حد ..
فكر جديد يشوبهُ الآنتقام ، الكره ، الغيرة ، الخوف ، العشق ،...
أسلوبكْ سلس يجبر العقل على التفكير والتوقع

س يكون لحرفكْ أصداءً ..

شبه انثى 12-06-14 04:17 PM

رد: قيودٌ بلا أغلال عانقت القدر
 
الين و رانيا: اظن ان اصل الين لا علاقة له بغضب رانيا....في الامر سر ما
....عذرا اختي لم افهم علاقة سلطان بعناد... هل هو اخوه بالرضاعة فقط... كنت اعتقد انه اخوه الشقيق

كَيــدْ 13-06-14 05:50 AM

رد: قيودٌ بلا أغلال عانقت القدر
 
اقتباس:

المشاركة الأصلية كتبت بواسطة sosee (المشاركة 3451083)
كـيد يا كيـد 😍😍😍
حروفٌ مشوّقة لأبعد حد ..
فكر جديد يشوبهُ الآنتقام ، الكره ، الغيرة ، الخوف ، العشق ،...
أسلوبكْ سلس يجبر العقل على التفكير والتوقع

س يكون لحرفكْ أصداءً ..



أهلًا وسهلًا بك :)

جدًا سعيدة بأنها راقت لك
وشهادة أعتز فيها ()

كَيــدْ 13-06-14 07:03 AM

رد: قيودٌ بلا أغلال عانقت القدر
 
اقتباس:

المشاركة الأصلية كتبت بواسطة شبه انثى (المشاركة 3451580)
الين و رانيا: اظن ان اصل الين لا علاقة له بغضب رانيا....في الامر سر ما
....عذرا اختي لم افهم علاقة سلطان بعناد... هل هو اخوه بالرضاعة فقط... كنت اعتقد انه اخوه الشقيق


طبعًا .. وأنا ذكرت في اول بارت إن فيه سبب يخليها ترفض إلين وحبها لياسر بعيد جدًا عن أصلها
بس وش هو هالسبب اللي أفسد علاقتهم؟

ايوا عزيزتي هو اخوه بالرضاع وانا وضحت هالشيء في البارت الاول
وفي الجزء الثاني من البارت الثاني وضحت بصورة اعمق :)

انرتِ **


كَيــدْ 15-06-14 02:23 PM

رد: قيودٌ بلا أغلال عانقت القدر
 




سلامٌ ورحمةٌ من الله عليكُم ()

صباحكم / مساؤكم طاعة ورضى من الرحمن




تنويه نسيت ذكره سابقًا : الحوار الفصيح = لغة غير عربية


,


بسم الله نبدأ


قيودٌ بلا أغلال عانقت القدر
للكاتبة : كَيــد !




(3)




ازداد طول النظرات المُرتشفةُ عمقًا، ما بينه وبين هذا الكائن الذي يسعى لانتشال بناتهِ منه. يصمت، ليس خوفًا أو ضعفًا، لكن ليرى أين ستصل هذه المهزلة، أولًا أخته .. والآن أخ محبوبتهِ وزوجته!
بينما كانت أرجوان تقف بصمتٍ مُرعَبٍ بعد أن سمعت جملة خالها. إن كان منذ لحظات صرخ في وجه أخته وطردها، فما الذي سيفعله مع خالها؟
رمش يوسف ببطء، ثم همسَ فجأةً وقد ارتخت ملامحه بغرابة : وش قلت؟
رفع حاجبه ذياب، ولوى فمه بتفكير. أيكرر ما قاله؟ أم يستفزه بالصمت. بقي لثوانٍ ينظر للأسفل قليلًا يفكر بطريقةٍ مُستفزة، وسبابة يده اليُمنى تضرب فكه بضرباتٍ مُتناغمة خفيفة، يبدو أنه لم يختر لا التكرار ولا الصمت! بل اختار الإطالة في التفكير.
ابتسم بعد برهةٍ ليرفع ناظريه هامسًا بأمر وفي ذات الوقت بأسلوبٍ استفزازي : نادى جيهان وليان ... لو سمحت
إذ أن استفزازه كان في آخر كلمتين. وفي تلك اللحظة تمامًا هاجم وجه يوسف شيءٌ من الغضب، والكثير من الحقد، من جملةٍ واحدة حقد عليه، وقد مُحيَت كل صداقةٍ بينهما في حياة مُنى، والآن بعد وفاتها هاهي العلاقة تنقلب، كما انقلب كل العالم في عينيه
همس يوسف بنفس النبرةِ الآمرة والمستفزة : إطلع برا البيت ... لو سمحت
اقترب حاجبا أرجوان من بعضهما بتوجس، ثم بلعت ريقها خوفًا من القادم، كانت ستتدخل هذه المرة لكنها تراجعت وللمرة الثانية
ذياب بغضب : ما أعتقد أقدر أئتمن على بنات أختي بعد اللي صار
يوسف ببرود : يعني بتئتمن عليهم عندك؟
ذياب : مليون بالمية
يوسف : وأنا أبوهم ومافي شخص بالدنيا يقدر ياخذهم مني
ذياب بحدة وحقدٍ قد ارتفعا بصوته : عندك .... بياخذهم الموت
يوسف بغضبٍ كبير : انخـــرس
ذياب وهو يرفع صوته أكثر وأكثر : ما تبي تسمع؟ ليه؟ الحقيقة قاهرتك؟ حقيقة إنّي أختي ماتت بسببك! اعترف شمسوي لها يا يوسف؟ .... اعترف ليه انتحرت؟
انتفض يوسف وهو يشعر بالغضب يزداد بعد آخر كلمةٍ ألقاها ذياب
أكمل ذياب كلامه بحدةٍ أكبر وصوته ارتفع أكثر بغلّ بعد كل شيء، هي أخته، الكُبرى، المحبوبة لديه ولدى جميع أسرته. انتفض وهو يهدر بصوتٍ متحشرجٍ مقهور : ضاربها؟ مقصر عليها؟ حابسها؟ مكرهها في حياتها؟ شمسوي لها يا يوسف اعترف...
صمت لثوانٍ قصيرة وهو يلتقط أنفاسه، وقد اهتزت حدقتاه بعبرة، بينما يوسف ينظر إليه بملامح لا تُفسر. أخيرًا همس ذياب بصوتٍ خانه فخرج مهتزٍّا، وفكرةٌ في رأسه قد انتشلت بقية سيطرته على نفسه : والا كنت خاينها؟؟!
اتسعت عينا يوسف وأرجوان بصدمة من الفكرة الجديدة التي طرأت على ذياب. وبصمت يوسف للحظاتٍ طويلة وملامحه التي بهتت ارتجف ذياب وهو يتراجع للخلف وقد تأكد من شكوكة. همس بألم : ايه خاينها ... وجابرها تجلس معك بتعذيب بعد! ليه ما فكرت بهالشيء؟ ليه ما تكلمت هي؟ وليه سويت كذا يا يوسف؟
انعقد حاجبي يوسف وعيناه وإلى الآن متسعتان، كيف يمكن لهذا الرجل أن يقلب الأمور رأسًا على عقب بهذه الطريقة المؤلمة؟ هل أصبح الآن هو الخائن ومنى الطاهرة! يبدو أن الأحداث قد أثرت في عقله وجعلته يحيك قصةً خيالية
ذياب بقهر : ليتها تكلمت كنت بتصرف أنا بنفسي، كنت بجبرك تطلقها وماكان صار اللي صار ... ما كانت بتنتحر
بقي يقلب الموضوع داخله بمزاجه ويوسف يقف بسكونٍ ينظر إليه، هاهو ذياب يخترع قصةً جديدة لتنضم إلى مكتبة القصص الحديثة التي يتداولها الناس ... والذي كان هو بطلها.
لكن مع كل ما سمعه لم يكن يوسف يريد أن يفضحها، لم يكن يريد أن يشوه صورتها بعد مماتها، فليتهموه هو، لكن هي لا، لأنها تبقى في النهاية حبيبته وعرضه حتى بعد الممات ... لذا بقي صامتًا.
اتجهت أرجوان إلى خالها بتشتتٍ وهي تسمعه يتحسب على يوسف بكل القهر الذي اجتمع به، فانتفضت وهي تمسك عضده بكفيها هامسةً برجاء : يكفي خالي الله يخليك
التفت ذياب إليها بصمت، ثم بعد برهة همس : إذا ما تبين تجلسين معه تكلمي وأنا موجود
حركت رأسها نفيًا وبتحشرج : غير أبوي ما أبي
رطّب شفتيه بلسانه ليُعيد تدوير الهواء في جسده، بينما كان يوسف يراقبهما بصمت، ولأول مرةٍ لا يغضب لتدخل أرجوان بين الكبار.
ذياب وهو يعلم مقدار تعلق أرجوان بوالدها صمت قليلًا ثم هتف : وجيهان وليان؟
أرجوان : ليان ما تعرف تتصرف بدوني ... وجيهان ......
قاطعهم صوتٌ أنثوي حازم قادمٌ من جهة الدرج : بروح معه



,



كان الوقتُ هو ليل اليوم الثاني حين دخل على والدته تتكلم في الهاتف، وابتسامةٌ جميلة ترتسم على وجهها الأجعد ... ابتسم لإبتسامتها التي اتسعت حين رأته واتجه إليها ليستلقي بجانبها واضعًا رأسه في حجرها مُمددًا ساقيه على الأريكةِ الواسعة, ووجهه مسودٌ من قلة حيلته وقهره. من أين تأتيه كل تلك المشاكل دفعةً واحدة؟
رفعت والدته يدها وبدأت بتخلخل خصلات شعره الناعمة والكثيفة بين أناملها النحيلة، وهو مغمض العينين يستمتع بحضنها كطفلٍ صفير، لتكمل حديثها في الهاتف : والله وهذا السعد يا أم فواز ... بنتك مافي منها والله يقدم اللي فيه الخير
رغم أن الموضوع كان ليهمه, لكن تفكيره الآن بحلولٍ لمشكلته الجديدة أشغلته عن الإنتباه والتفكير في أمورٍ أخرى. ألا يفهم ذاك السند أن نسبة نجاح عملية والدته لا تتجاو عشرًا بالمئة, وهو الآن بات قلقًا من ألا يتمكن من النجاح, بل مُتأكدٌ من ذلك, فما الذي سيحدث بعد أن تصاب أمه بالعمى كليًا, بالتأكيد سيفضح أخاه! وما ذنبه ليبدأ الناس بالنهش فيه وهو عند ربه لا وجود له في الدنيا؟ أليس الواجب على الميت الدعاء له بالرحمة والغفران وذكره بالحسن؟ فلمَ يأتي هذا المتخلف الآن ليُحطم كل صورةٍ حسنة له أمام الناس. تأوه بخفوتٍ متناسيًا وجود أمه, والتي نظرت إليه بقلقٍ لتهتف : معليش أم فواز أكلمك بعدين
ثم أغلقت الهاتف لتنظر إليه بقلق : سلامتك يمه، وش فيك؟
اعتدل شاهين ليجلس ثم تراجع برأسه للخلف ليرسم ابتسامةً باهتة : يسلمك ربي يا الغالية مافي شيء
افترت شفتيها عن ابتسامةٍ باهتة : وصرت تخبي عني؟
أمسك شاهين بكفيها ليُقبلهما : فديتك يا الغالية مجرد مشاكل بسيطة في شغلي
عُلا : متأكد
أومأ برأسه فابتسمت بصفاء وهي تتناول كفيه : عندي لك خبر بمليون ريال
شاهين بابتسامةٍ اتسعت أكثر وأكثر : وشو؟
مطت شفتيها لتحرك رأسها يمينًا وشمالًا : المليون بالأول
ضحك ليهتف : خلاص ما ودي أعرف شيء، اتركي خبرك لنفسك
تجهمت : حتى وإن كان متعلق بزواجك؟
هذه المرة انشدت حواسه نحوها لينظر إليها بتساؤل، ثم همس : ردوا؟
عُلا بمحبة : ووافقوا
لا يعلم تحديدًا ما الذي شعر به وقت ما سمع تلك الكلمة, لكن الأمر الوحيد الذي علمه .. أن شعوره كان بعيدٌ جدًا عن السعادة التي يشعر بها أي رجلٌ يريد الزواج وتكوين أسرةٍ ناجحة، ربما لأنه بكل بساطةٍ لم يكن يطمح للزواج بأرملة أخيه، بل لم يتزوجها إلا لأجل أمه التي تعلقت بأسيل حد النخاع، والتي لطالما فتحت معه موضوع الزواج وهو بذكائه يستشف من عينيها من تريد.
وبصدق ... هو يريد إنجاح هذا الزواج حاليًا.
هتفت أمه بحماسٍ ولهفة : حددت معهم موعد الملكة ... وإن شاء الله ما يمر شهر الا وانت مملك عليها
عبس شاهين : ما تحسين إنك مستعجلة يمه؟
علا : لا بالعكس ... منتضرة على نار لحتى أشوف حبيبتي قدام عيوني
لم يعارض ولم يعلم كيف يُعارض، إن كان زواجه السريع سيسعدها فبالتأكيد سيسعد هو أيضًا لسعادتها.



,



تراجعت للخلف بارتباكٍ من وقوفه قريبًا منها، ليس قريبًا على نحوٍ يثير الربكة لكنها من بعد الذي حصل بينهما أصبحت تخافه ... سابقًا كان زوجها والآن زوجها لكن ليس بالشكل الصحيح.
همس سيف وهو يضع يديه في جيبي بنطاله الرسمي : شفيك متروعة ترا ما آكل
ديما بارتباك : سيف انت عارف إنه ما يصير تقرب مني
رفع سيف حاجبه الأيسر بتعجب : شسويت أنا الحين؟ ... قاعد أكلمك عادي
وبالفعل كان على بعد خطواتٍ معقولةٍ منها لكنها كانت تشعر أنّ ما يفصلها عنه هو شعرة، ربما يتراءى لها هذا الشعور من شدة شوقها له وكرهها لهذا الشوق
سيف بهدوء ولازال رافعًا لحاجبه : شاللي كنتِ تبينه؟
فركت ديما يديها بتوتر، وهي تعلم تمامًا ما سيحصل الآن لما ستقوله : ممم بغيت ... بغيت
سيف بملل : وشو؟
ديما : ممم .. يعني كنت أبي ... ممم أبي أشتغل
حلّ صمتٌ غريب للحظاتٍ طويلة، كانت هي تفرك كفيها وعينيها مُتجهةٌ نحو الأرض لذا لم ترى نظراته المتقدة. وعندما شعرت بتأخره في الصمت رفعت عينيها لتلتقي بعينيه الغاضبة، فابتلعت ريقها خوفًا
ديما " أنا ليه أخاف منه؟ خله يولي يوووه " .. همست بهدوءٍ عكس مابداخلها : وش قلت؟
سيف بنبرةٍ قاطعة : لا
زمت ديما شفتيها بغصة : ليه طيب؟
سيف بصرامة : ما عندي زوجة تشتغل ... وأعتقد تكلمنا في هالموضوع من قبل
ديما : بس
قاطعها سيف بسادية : قلت لااا
شدت ديما أسنانها وقد شعرت بالغضب يتسلل إليها، لمَ يصر على هذه المعاملة البدائية؟ لم تعد تستحمل أسلوبه أو تستحمله هو, ما كل هذا التعقيد في حياته؟. رفعت صوتها بغضبٍ ولأول مرةٍ بهذه الطريقة في وجهه : لا ... ماهو لا! انت لمتى بتظل تتحكم فيني كذا؟ بشتغل يعني بشتغل ونشوف إذا قدرت تمنعني .... * ثم رغمًا عنها وبسبب قهرها الكبير أردفت * والا زوجتك الأولى كان لها كل الحق تشتغل بينما أنا لا؟؟؟
اتسعت عيناه بصدمةٍ من صراخها، بتعجبٍ من أسلوبها، لأول مرةٍ تتحدث معه بهذه الطريقة، صحيحٌ أنها قد رفعت صوتها عليه من قبل وأغراه شكلها وهي غاضبة، لكنها لم ترفعه يومًا بهذه الطريقة، كما أن آخر ما قالته جعل براكينه تثور. هدر من بين أسنانه بغضب : خفضي صوتك لا أمحيه لك!
ديما وهي تشعر بالقوةِ أخيرًا أمامه، ولم ترد أن تخسر السعادة التي تشعر بها وهي تعارضه : ماني خافضته وش بتسوي هاه! ... بس متفيق تغيضني وتمنعني من أبسط شيء ... خليتني أترك حلمي غصبًا عني والحين بعد ماتبيني أرد له!!!
سيف وهو يحاول السيطرة على أعصابه : قلت شعل مافيه ... ويلا انقلعي لغرفتك أشوف
تخصرت ديما أمامه بتحدي، فما كان منه إلا أن اقترب منها ببطء : أشوفك اليوم منتي صاحية وتراددين زوجك! وين المرة المطيعة اللي ما تبي الملائكة تلعنها؟ مين اللي لاعب بمخك هاه؟
لم تشعر ديما بالخوف هذه المرة من اقترابه لأنها تعلم أنه لن يفعل بها شيئًا، لذا ردت بثقة : محد لاعب بمخي ... هذا جزء الكرامة عندي فاق من غيبوبته ... تعبت منك ومن إهاناتك
سيف بتحذير : ميْ
صرخت ديما في وجهه : مي في عينك يالـ ...
بترت الشتيمة التي كانت ستقولها وهي تستغفر، وقد وقف هو بمكانه مصدومًا وعيناه متسعتان
سيف بغضب : وش كنتِ بتقولين؟
لم ترد ديما وهي تصد عنه للجهة الثانية
زم سيف شفتيه : حسابك عندي ... بس مو الحين
تراجع للخلف ثم اتجه لغرفته ليغلق الباب خلفه بقوةٍ دالًا على غضبه العارم، فرفعت هي يدها إلى فمها وهي تعض لسانها، كانت ستشتمه، كانت ستطلق عليه لفظًا ليس في قاموسها ... استغفرت وهي تهمس بصوتٍ حانق : هو اللي يخلي الشخص يخرج عن طوره
لكنها وإلى الآن لم تكن تصدق أنها كانت بهذه الشجاعةِ أمامه، دائمًا ماكانت ضعيفةً لاتقوى على معارضته، لكن الكبت والقهر هذه المرة جعلها تتبدل إلى أخرى
اتجهت لغرفتها بصمتٍ ثم أغلقت الباب بنفس القوة التي أطبق بها الباب. فسمع صوت الباب ولم يتكلم بحرف وهو يشد شفتيه بغيض ... منذ متى بدأت تتمرد بهذه الطريقة! يبدو أن بعدها عنه جعلها تضع نفسها في مركزٍ غير مركزها، يجب أن يتصرف بسرعةٍ قبل أن يفقد سيطرته على الأمور.
رفع الهاتفَ بغيضٍ ليفتح " الواتس أب " ويرسل إليها ( وكسر ليدك إن شاء الله ... ما تعرفين تقفلين الباب بشويش )
انتظر قليلًا بعد أن أرسل إليها وفي لحظاتٍ كانت قد ردت ( معليش نعتذر يا الأستاذ ... انت قدوتنا هقيت إنك بتنبسط يوم تشوف انعكاس أفعالك )
تعجب سيف من أسلوبها وبدأ غضبه يزداد، لن يسمح لها أبدًا بالتمرد وستبقى كما هي جاريته وخادمته " مي "
أرسل إليها ( اليوم انتي منتي بصاحية ... صابك مس من كثر الشوق وانتظار الحبيب؟ )
ضغط زر الإرسال وهو يبتسم بخبثٍ غاضب، يعرف تأثير كلماته عليها ... وبالفعل، بقيت حوالي الخمس دقائق وهي في حالة " جاري الكتابة " تأكد حينها أنها ارتبكت ولم تعرف ما تكتب
في النهاية ردت عليه ( مرررة مصدق عمرك ... انت أصلًا طايح من عيني من بعد سوات الجاهلية اللي سويتها )
تجهم وجهه بغضبٍ وهو يشعر بالحنق من تذكر ما حصل بينها وتذكر - ظهاره لها بكل تهور -
رد عليها ( عاد أنا كيفي ... قلت لازم نمر بفترة نقاهة لمدة قصيرة )
ردت عليه بكلماتٍ بان بها الغضب والقهر ( المدة القصيرة قربت تكمل الشهرين )
لم يستطع منع نفسه فانفجر ضاحكًا، وقد نسي غضبه تمامًا ... اتصل عليها لترد بسرعةٍ هاتفةً بغضب : نعم خيـــــر
سيف باستمتاعٍ بأسلوبها بعد أن ظهر به الشوق أخيرًا : مشتاقة يعني؟؟
ديما بغضبٍ وقهر : تبطي
صمت قليلًا يكتم ضحكاته وهو يتمنى لو أنها لم تكن محرمةً عليه ليتكلم بأريحيةٍ معها ثم يذهب إليها ويسكنها بأحضانه
ديما وهي تشعر بالغصةِ من كل شيء : بكرة بقدم أوراقي
سيف وفي لحظةٍ خاطفة كان قد صرخ في وجهها بغضب : قلت لا، انتِ ماتفهمين؟
ديما بغيظ أفشت كل شيء : ومن قال إني منتظرة رأيك ... قدمت وانتهى!!
اتسعت عينا سيف بتفاجئ : شلون؟
ديما باندفاعٍ تريد أن تقهره : يعني إني ما انتظرت وبغيت أحطك في الامر الواقع .. قدمت من شهور والحين منتظرة الموافقة .. للأسف كنت أبي أقنعك عشان يوم تجيني الموافقة ما تنصدم ... بس منت كفو أحد يعطيك وجه
وقف فجأةً من على سريره وقد بدأ كل شيءٍ أمامه يتلون بالأسود، كيف تتجرأ على استغفاله والكذب عليه؟ كيف جعلته يظهر أمامها بهذه الصورة الغبية؟ اتجه نحو الباب بغضبٍ عاصف يريد أن يخرج من غرفته ويتجه لغرفتها، وكانت آخر جملةٍ سمعها قبل أن يغلق في وجهها : اعرف ياسيف إنك كسرت شيء كبير في نفسي ... ولا هو براجع لو ايش ما سويت .... غيرتني يا سيف ... قهرتني
أغلق الهاتف ولم يستمع لبقية كلامها وهو يتجه لغرفتها، وعندما حرك مقبض الباب كان مُقفلًا!
هدر سيف بغضب وهو يضرب الباب : افتحي الباب يا ديما أبي أتفاهم معك
لم ترد ديما وهي تجلس على سريرها وعيناها تغطيانهما غشاوةٌ من الألم، بقي سيف يضرب الباب بلا جدوى ثم ذهب وهو يتوعدها
ديما بغصة : مستحيل أسامحك بعد كل اللي سويته يا سيف مستحيل ... انسى من اليوم إني جارية عندك!



,



يقف أمام من أكل الزمن منها وشرب، ذات الجسد الممتلئ والتجاعيد الكثيفة في ملامحها، بينما حاجباها ساقطان بعدم رضا بما تسمع فازدادت التجاعيد حول عينيها. هتف هو بحنقٍ مُتحسبًا فقاطعته بعصاها التي ضربت ساقه بقسوة : لا تتحسب عليه ... يوسف مثل ولدي وأعرفه زين ... مستحيل يكون مسوي لها شيء بهالكبر مثل الخيانه
قطب جبينه ووجهه الحاد ازداد حدةً لعدم رضاه بما سمع، فأكملت بأسى وكأنها تعلم ما الذي فعلته ابنتها، وكأنها شعرت فهي الأم التي تُدرك انقلاب روح ابنائها وبريق الاخطاء منهم تصدر أمامها بشفافية : الله يرحمها وبس ... ويوسف لحد يتعرض له بكلمة ... ما يكفي إنه كان شايلها على كفوف الراحة! بس الله يهديها اختك هذا الشيطان
ذياب باندفاعٍ غاضب : واسمه يوسف
أمه بغضب وعيناها توقدتان، وكيف لا تغضب وهو كان لها كالابن : لا تخليني أغضب عليك الحين من سالفة ما تسوى
تعطف وجهه بعتاب : منى ما تسوى؟
صمتت ولم تجب، فاقترب يقبل رأسها بطاعة ثم اتبع قبلته تلك بأخرى على ظاهر كفها، وكل ما فكر بها هو ( وقل لهما قولًا كريما ) .. فهو من جهةٍ لا يريد إغضابها بكلماتٍ تستفزها، ولا يريد خسارتها كما خسر أخته ولنفس السبب * يوسف *



,



بعد أسبوعين ونصف - الثلاثاء

تنظر للساعةِ بصمت، وملامحها تزدادُ ضيقًا بانتظارٍ للوقت، زمت شفتيها تفركهما ببعضهما البعض لتنشر أحمر الشفاه الوردي بشكلٍ مُغري. هي إحدى صديقات من ستتزوج اليوم. تنتظر وتنتظر، تُراقب تحركات عقارب الساعة بتركيزٍ شديد، حتى صرخت في نهاية المطافِ بفرح : صارت ثمانية ونص!
تجهم وجه صديقتها - العروس - بغير رضا، وهي تتلفت بضيقٍ واضح ووجهها ملطخٌ بمساحيق التجميل بشكلٍ موجعٍ للقلب. اقترب الوقت، في خلالِ ثواني كانت أمها تناديها لتقترب من الباب حتى يتكلم معها الشيخ لإتمام المراسم. بغيرِ وعيٍ توقفت لتتحرك نحو الباب باستسلام، وفي أثناء خطواتها كانت تستمع لمحادثةٍ قديمة حدثت قبل سنتين، أو ربما أكثر أم أقل؟ لا تذكر تحديدًا، فقد مات الوقت وسط هذه الثواني القليلة.

*

تنظر إليه بتكشير، بمللٍ واضحٍ من وضعيتهِ الشبهِ دائمة، يجلس على مكتبهِ بنظارته الطبية والتي تزيده وسامة رغم مرضه الذي كان معالمه لايخلو من هيئته، وكتابٌ يستقر بين يديه يحمل غلافًا غير مستقرٍ بألوانه. تلوي فمها بحنق، هو لا يمل بتاتًا من القراءة، وهذا ما يشعرها بالملل، ظلت تنظر إليه تارةً، وإلى الساعةِ تارة. وخلال لحظاتٍ كانت قد اتجهت إليه بسرعةٍ غاضبة لتختطف الكتاب من يديه : يكفــي
رفع رأسه إليها بسرعة، وكفاه لازالتا مفرودتين على وضعيته عندما كان يقرأ الكتاب، فبدا مضحكًا لعينيها لكنها لزمت نفسها لتريه أنها غاضبة
متعب باستغراب : خير وش فيه؟
أسيل بحنق : ما تمل إنت؟ الساعة صارت ثمانية ونص وانت مع هالكتاب ومسفهني؟ كأني وحدة من الأثاث!
ابتسم حتى بانت أسنانه، ثم اعتدل واضعًا ساقًا على ساق لينزل نظارته على المكتب وينظر إليها نظراتٍ مغوية وهي تضع يدًا على مكتبه الذي كان يفصل بينهما والأخرى على خصرها لتكتمل صورتها الغاضبة أمامه بهزها لساقٍ واحدة
متعب بابتسامةٍ عابثة : محشومة يالغلا تكونين في نفس مركز الأثاث ... بس وش المطلوب مني تحديدًا؟
أسيل وحنقها يزداد بلكنتهِ الباردة والمُستفزة : المطلوب منك تعطينا ولو نص وجه ... بالحيل قدرت أرضي أمي وفواز عشان أطلع معك! في النهاية تجيبني لبيتك وتخلي أمك تتركنا بروحنا عشان ناخذ راحتنا وتطنشني؟ هذا بدل لا نطلع نتمشى
نظر متعب لساعته الجلدية ثم ضمّ شفتيه بتفكير : انتِ تدرين إن هذي هي وقت القراءة عندي ... بس مع كذا ماحبيت أردك وأطنش طلبك في الطلوع معي ... بس بعد ماقدرت أطنش وقت قراءتي، وعليها طردت أخوي من البيت
تعلم بأنه يحاول أن يغضبها أكثر وقد نجح في ذلك، صرخت في وجهه : متـــعــب ... انت تدري لو فواز عرف إني جيت بيتك شبيسوي فيني؟
متعب بدون مبالاة : عادي زوجتي
أسيل من بين أسنانها : متـــعــب
ابتسم متعب : عيونه
عضت شفتها بقوةٍ وعيناها المتسعتان تتقدان بغضب، حتى ضحك وهو يهتف : انتبهي لا تنهشين شفايفك بس ... بعدين من وين بروي عطشي؟
شعرت بالحرج من جرأته التي لا تموت لكنها لم توضح ذلك، فتراجعت للخلف حتى وصلت للأريكة الجلدية فاستوت جالسةً عليها. بدأت بتصفح الكتاب وحنقها يجعلها غير منتبهة أنها تقرأ وتندمج بالأبيات التي تقرأها، وهو يتطلع بها بابتسامةٍ عاشقة، يتأملُ كل جزءٍ منها، من ملامحها الناعمة وشفتيها اللتان تتحركان بالكلمات بصمت، وعيناها الواسعتان منخفضتان للكتاب بينما حدقتاها القاتمتان تلتمعان عند بعض الأشطر فتعض شفتها الممتلئة بإحراجٍ واضح، اتسعت ابتسامته وهو يدرك أنها وصلت للأبيات التي تتجه إلى مايُحرجها عادةً بتمردها الغير معقول. هو قد اكتشف مؤخرًا صفة غريبةٍ بها، تكره أن تتمرغ بالقراءة لكنها ما إن تنحرج منه حتى تختطف كتابًا منه وتبدأ في قراءته بتركيز.
بعد دقائق طويلةٍ بقي فيها يتأملها، وضعت الكتاب جانبًا على الأريكة وهي تنظر إليه بملل : كل الشعراء كذابين
رفع حاجبه : فكرتك عنهم غلط
أسيل وهي تتقدم بجسدها للأمام قليلًا مستندةً بمرفقيها على ركبتيها : ممكن توضح الفكرة الصحيحة أجل
متعب : المشاعر لا يمكن في يوم تكذب، ممكن الأفعال تكذبها بس مستحيل من جهة الكتابة
أسيل : واللي يكتب في مواقعه الإجتماعية مدى كرهه لزوحته، وبالأفعال يكون معها شخص ثاني؟
متعب : قلتلك الأفعال ممكن تكذب، القلم دائما يصدق إلا في بعض المواطن
أسيل وقد بدأت تنشد بالموضوع : مثل ؟
متعب بابتسامةٍ لانشدادها : الغضب ... والخيانة، وقتها العقل هو اللي يعبر بعيد عن القلب، لأن القلب وقتها يصيبه حالة غيبوبه قصيرة من صدمته في الواقع. بس في كل الأحوال تلاقين الشخص يرجع يفكر باللي يحبه ويخالط تفكيره الأسى إن كان الأمر يتعلق بالخيانة ... وغالبًا يحاول ينسى بس صعب هالشيء لأنه متعلق بجرح كبير
لوت فمها بتفكير، ثم ابتسمت بعد ثوانٍ قصيرة لتهتف : ظنيت إني أكرهك
بهت متعب لثواني ينظر إليها، ثم مالبث أن انفجر ضاحكًا حينما استوعب ماتقصده، ومن بين ضحكاته : وش اللي كتبتيه فيني يا كاتبة المستقبل
أسيل بحرج : مجموعة خربشات غاضبة ... بس لازم تفتخر لأنك أول شخص أكتب فيه، وأول شخص أجرب معه الكتابة
متعب بابتسامةٍ ساخرة : يا بختي والله
رفعت حاجبًا لكنها تجاهلت سخريته لتهتف : وتدري وش كتبت؟
متعب باهتمام : وشو؟
أسيل : مرثية
قطب حاجبيه باستغراب : لـ ؟
أسيل : لنفسي!

*

نطقت أخيرًا بتلك الكلمة، وهي بذلك تثبت كل حرفٍ كتبته في مرثيتها، تثبت أن الماضي كان يتنبؤ بالمستقبل، ومرثيتها تلك ... كانت إحدى رسائل القدر.
: موافقـــة !!
بملامح باردة هتفت بها، وكأنها لم تعد تدرك أين موقعها من كل ذلك، لم تعد تدرك لا المكان ولا الزمان، لا ذاتها ولا هوية زوجها الحاضر
وفي قلبها ... تردد بعضًا من تلك الخربشات التي ترثي حالها في هذه اللحظات


أخبرني ... ما سأكون حين تتفاوت المسافات!
حين يبدأ الحبل المنعقد بالفكاك!
أخبرني ... ماهويتي بعد حُبك؟ بعد موت الروح فيّ؟ بعد أن يأتي الرحيل!
كيف لي روحٌ سوية .. تقبل الدنيا في فناءٍ غير معقول الحدود
أنت كنت النور فيّ، أنت كنت الروح في حناياي الصغيرة
كيف لقلبي النضوج، بعد أن آثر من بعد حُبك ما بعد النضوب
بعد أن اختار الموت لا الدنيا في جحيمٍ من غير صوتك المجنون



,



يجلس بين كوم الحاضرين بملامح ساكنةٍ وبجانبه عناد المبتسم للجالسين والذي كان يتحدث بكل أريحية.
بينما هو, كان ينظر للأرض بتفكير, كيف استجدت كل تلك الأمور دون ان ينتبه أحدهم؟ حتى الشرطة غفلت عن ذاك الرجل فقُتل ببساطةٍ وبأبشع صورة
انتبه عليه عناد فقطب جبينه, أدرك جيدًا ما يفكر به وما الذي غرق به عقله. وكيف لا يغرق بالتفكير وكل الأمور التي يُخطط ذاك المجرم بها من حولهم تنجح دون أن يُقبض على خيطٍ يوصل إليه.
تنحنح ليضع كفه على فخذه, فاستدار بملامح شبه شاردة, ثم همس : ابتسم .. شكلك يجيب الشكوك
سلطان بابتسامةٍ مبتورة : أي شكوك؟ مو هو بيتي انحرق من كم اسبوع .. اجل معذور بالشرود
تنهد عناد وهو يتذكر حال بيته الذي بدأو باصلاحه بعد يومين مما حصل, وسلطان لم يقبل بالخروج منه وبقي فيه مع التصليحات رغم أن أم عناد طلبت منه القدوم ورفض ذلك.
عناد : طيب ما تبي تزو غدوي اليوم
قطب جبينه ثم ابتسم : وانا أقدر اترك يوم من غير ما أزورها فيه؟
ابتسم عناد وهو يتذكر حال أخته الشاردة صباح مساء, لكنها تنسى نفسها وشرودها ما إن يجتمع عندها عناد وسلطان فتبدأ بالضحك والمزاح.



,



في وقتٍ سابق وتحديدًا الخامسة مساءًا


أتمت حزم الحقائبِ بملامح ضائعةٍ وميتة، أيعقل أنهم سيتركون الرياض بل السعودية بأكملها في الغد؟ أغمضت عينيها بقوة وهي تهزّ رأسها لا تريد التصديق، بينما كانت ليان تقف بجانبها تسحب ملابسها تريدها أن تجيب عليها : أرجوان
استدارت إليها أرجوان بسرعة، ثم ابتسمت بألمٍ وهي تخفض جسدها لتصل إليها : عيونها
ليان ببراءة : وين بنروح؟
انخفض صوت أرجوان بهمسٍ مُتألم لا تريد أن تشعر أختها بشيءٍ من الغرابة : مكان حلو راح تحبينه
ليان : وماما بتروح معانا؟
تقلصت ملامح أرجوان بضياع، ماذا تقول لها؟ طيلة الفترة الماضية كانت تتهرب وتغير الموضوع برمّته، والآن ماذا تقول، هل تفعل ماتفعله عادة؟ يبدو أنها من الآن ستتعلم الكذب إلى أن تنسى أختها إمرأة كانت في يومٍ من الأيام أمها
أرجوان بابتسامةٍ مبتورة تُضيع الموضوع : وين راح طوق الورد اللي على راسك
ابتسمت ليان وهي تضع كفيها على شعرها البني الحريري، ثم حركت رأسها بقوةٍ للجانبين محركةً بذلك شعرها
ابتسمت أرجوان وهي معتادةٌ على هذه الحركة من ليان، فهي تحب أن تتفاخر دومًا بشعرها الحريري كالأطفال تمامًا
هتفت ليان بابتسامةٍ واسعة : أعطيت فواز
قطبت أرجوان ملامحها، ثم همست بسرعةٍ بعد أن استوعبت : فواز هنا؟
هزت ليان رأسها بالإيجاب، فجلست أرجوان على سريرها بتوجس، أهذا وقته؟ ألا يعلم أن نفسية جيهان هذه الأيام سيئة؟



,



تخطت عتبات الدرج بملامحَ باردةٍ ساكنة، وفي خطواتها كانت تعدّ الدرجات بصوتٍ واضح لتوصل للجالس في الأسفل مع والدها عدم مبالاتها بحضوره، تخبره في كل خطوةٍ أن حضوره لا يهزها خجلًا ورغبة .. ولا يهزها غضبًا وحنقًا .... أي أنه بكل بساطةٍ لا يعنيها
وصلت لآخر درجةٍ لتستدير جانبًا متجهةً لمكان جلوسهم صامتين ينظرون إليها بتوجس. وعندما وصلت قبلت رأس والدها بكل برودٍ قبلةً خاليةً من أي شيء، فقط عادةٌ اعتادتها عندما كانت أمها حية، وستبقى تفعلها كل يومٍ كطقوسٍ لا تموت لأنها بكل بساطةٍ عادة. توجهت إلى فواز لتمد يدها بنفس البرود، رافعةً حاجبيها بتحدي جعلته ينظر إليها بحاجبين معقودين، لكنه وقف وهو يصافح يدها ويقترب قليلًا ليُقبل خدها، فلم تتراجع أو يتغير شيءٌ في ملامحها. على نفس البرود وعدم المُبالاة.
جلست بعيدًا عنهما في أريكةٍ منفردة فنظر إليها والدها بابتسامة : تعالي جنبي حبيبتي
بغير حرفٍ واحدٍ وقفت لتتجه إليه وتجلس بجانبه بذات البرود، ومن سكون ملامحها ونظراتها الميتةِ تجاهه قطب جبينه ألمًا، هاهي كما قالت وكما أكدت تتجاهل كونه والدها، تتغير جذريًا معه، فقط تقوم بطقوسها اليومية وتفعل مايريد ولا تخالفه، ليس لأنه والدها بل لأنها اعتادت ذلك.
أحاط كتفها بذراعيه وهو يغمض عينيه ليفتحهما بسرعةٍ ناظرًا لفواز : رحلتك بكرة معنا صح؟
أومأ فواز برأسه مبتسمًا : ايه وإن شاء الله على نفس الطيارة
في لحظةٍ كانت ملامحها قد تغيرت لترفع رأسها لفواز بسرعة، فابتسم لها ابتسامةً متشفية وهو يرى الغضب يشع من عينيها
جيهان بصوتٍ غاضب لم تهتم لإخفائه : ليه هو بيسافر معنا؟
نظر إليها يوسف بسرعة واستغراب : ايه لأن رحلته بنفس رحلتنا
وقفت بسرعةٍ وهي تنتفض بحنق : مستحيل ... * استدارت إليه بحقد * انت بس تتعمد قهري؟
فواز بهدوء : ماعاش من يقهرك يابنت العم
جيهان بحقد : أجل الله ياخذك الحين
يوسف وقد بدأ يغضب فعليًا من تصرفاتها الغير محتملة : جيهـــان ... احترمي زوجك
جيهان بحدة : يخسى يكون زوجي
يوسف بصراخ : جيهان!
فواز بثقةٍ وهو يرسل إليها شراراتٍ متحدية : خلك منها عمي ... هي للحين متأثرة بموت عمتي وماتدري وش هي تقول ..... أو لمين تقول
قال كلماته الأخيرة بتحذيرٍ انتفضت منه حانقة، فصرخت في وجهه بقهر : أكــرهـــك
ثم اندفعت بقوةٍ نحو الأعلى متجهةً لغرفتها فابتسم فواز داخله، وهو يشعر وإلى الآن بالغيض من آخر مرةٍ تقابلا فيها وأول مرةٍ بعد عودته من سفره. لا ينكر بأنها تغيرت كثيرًا وأصبحت إنسانةً لا تطاق بأفعالها خصوصًا مع والدها. سابقًا كانت تصده لكنه على الأقل لم يرى منها كل هذه الوحشيةِ والنزاقة.
تنحنح يوسف مُحرجًا من فواز، لم تكمل ثلاث دقائق في جلوسها معهم وفعلت مافعلت، يجب أن يجد حلًا سريعًا يُعيدها إلى وعيها قبل أن تنفلت تمامًا من بين يديه.
يوسف بحرج : اعذرها يا ابني ... انت عارف انها للحين متأثرة بموت منى
ابتسم فواز وهو يشعر بحرجه : طيب تسمح لي أطلع لها شوي؟
قطب يوسف وجهه وهو يشعر بقلقٍ من أن يسمح له بالصعود إليها، فهي قد تتمادى وتتصرف بنزاقةٍ أكبر
فواز وهو يدرك مايفكر به عمه : لا تخاف أنا بعرف أتصرف معها
نظر إليه يوسف بتردد، ثم زفر بقوةٍ هامسًا : اللي يريحك
وقف فواز وهو يرسم ابتسامةً على شفتيه، ثم اتجه نحو الدرج ليصعد للأعلى.

رمت كل ما على التسريحة بغضبٍ وهي تهدر من بين أسنانها بغيض : أكرهك يا فواز أكرهك
نظرت لانعكاس صورتها في المرآة وهي تتنفس بقوة، تهمس لنفسها بكلماتٍ جنونية : خليه يطلقك ... انتِ قدها وبتجبرينه على الطلاق ... هذا الزواج من البداية كان غلط ... غلـط ... طريقته، الأطراف اللي فيه، الحضور، الشيخ والشهود حتى الولي ... كلهم كانوا غلـــــط ... لا تسمحين لهالمهزلة تكتمل ... كنتِ ضعيفة وتتقبلين كل شيء يوافق فيه عنك أبوك... لأنك غبية ... غبية ..... ماعرفتي إنّ كل قراراته غلط، ما عرفتي إنه هو نفسه غلط ماينفع يكون أب ...ليه وافقتي ليه؟
ضغطت بأصابعها البيضاء على طرف التسريحة حتى احمرت مفاصلها : ليـــــــــــــــــه؟؟
سمعت صوت ضحكةٍ خافتةٍ يحاول صاحبها إخفاءها، فاستدارت بسرعةٍ وعيناها متسعتان
فواز بضحكةٍ ساخرة : جنيتي والا جنيتي؟
جيهان بحقد : انت وش تسوي بغرفتي؟؟
فواز بابتسامة : لا تردي علي بسؤال ... جاوبيني بالأول انتِ مجنونة والا بقي لك عقل؟ بشريني قبل لا أنجن معك يوم أعرف اني تزوجت مجنونة
قوست جيهان فمها بتقرفٍ واضح، فابتسم بسخريةٍ أكبر وهو يقترب منها
جيهان وهي ترفع له إصبعها بتهديد : حدك! لا تقرب أكثر
اقترب أكثر وهي لم تتراجع ولو نصف خطوة، وعلى ملامحها يرتسم الشر والحقد، لم تعد تلك الأنثى البريئة، فهي سابقًا وإن كانت عصبيةً تبغضه، لكنها في النهاية لم تكن تخلو من البراءة كالآن. اقترب حتى توقف أمامها تمامًا ثم رفع يده ليمسك يدها المرفوعة إليه بقوة آلمتها لكن الألم لم يصل إلى وجهها ليخبره بتواجده
ثم همس من بين أسنانه بغضب : أوافقك في شيء واحد قلتيه لنفسك ... إنك غبية ... والغباء عندك استفحل وصار صعب معالجته .... وأضيفي على هالشيء بعد عديمة تربية ... لأنه ماهي بنت متربية ومحترمة اللي تقول عن أبوها هالكلام
أطلقت أنفاسًا حارة، كل شيءٍ حولها أصبح حارًا، ثبتت عينيها البركانيتين في عينيه اللتين تماثلانها غضبًا، أو ربما أكثر، ثم أطلقت يدها من يده بقوة ونظراتها تحولت لتحدي : أجل وش تبي في بنت ماعرف الأدب لها طريق؟ ...... طلقها قبل لا تنجن مع مجنونة مثلها يافواز
فور انتهائها من نطق اسمه كان قد أمسك بعضديها يقربها منه ونظراته تتجول على ملامحها، حاولت أن تفلت نفسها منه وتبتعد وهي تشعر بالقرف والغضب من قربه منها إلا أنه كان أقوى فقربها أكثر حتى لامس جسدها تقريبًا، وبصوتٍ هامسٍ قُرب وجهها ونظراته ممتلئةٌ بالتحدي ولا تخلو من العشق : مشكلة هالبنت تعجبني ... أشوف إنها ماتنفع لحد غيري .... اسمها ارتبط بفواز من أول يوم وجدت فيه على الدنيا، بيننا شيء أكثر من رابطة زواج .. شيء حتى هي نفسها ما تقدر تنخلع منه
أدارت وجهها عنه وهي تشعر بالإرتباك من كل هذا القرب المهيمن، لكنها حاولت إخفاء ارتباكها لتهمس بابتسامة سخرية : طحت في شباك عشقها؟
لم يستطع منع نفسه من الإبتسام حين رأي ارتباكها وهمسها الواثق والذي يناقض حالتها الآن، اقترب أكثر حتى لامس بأنفه خدها، هاهو يلعب لعبةً جديدة لا تعلم إلى أين يريد بها الوصول، تدرك أنه بدأ يستخدم أسلوبًا آخر معها لكنها لن تضعف له اطلاقًا
فواز وأنفاسه تحرق بشرتها بحرارتها : يعشقك وانتِ له النفس والحياة!
ارتجفت وهي تحاول الفكاك منه، لكن بدون جدوى فهو قد أمسك بها بقوةٍ أكبر فصرخت غاضبة : اتركنــــي
فواز بابتسامة شيطانية وهو يضغط بأنامله القوية على بشرتها الهشة : أتركك؟ مجنونة انتِ! من ثانيتين كنت أقولك عن مشاعري والحين تبيني أتركك؟
جيهان بغضبٍ وهي تشعر أنها على وشك أن تفقد عقلها : قلت اتركني .... اتركني ياحقير انت ما تفهم
شدّ على عضديها بقوةٍ أكبر حتى تأوهت ألمًا وانهارت ساقطةً على الأرض، لكنها كان ممسكًا بها فرفعها بقسوة
ثم هتف بملامح مشدودةٍ بغضب : شقلتي؟
جيهان بحقد ودموعها بدأت بالتجلي في عينيها : اتركننني انت تألمني ... اااااه
فواز وهو يشد أكثر غير آبهٍ لألمها : تجبريني على معاملة ما أبيها تجاهك ... * تركها بقسوةٍ ليردف بتحذير * انتبهي على نفسك مني يابنت العم .. لا تظنين ان العشق ممكن يغفر لكل شيء، وافهمي هالشيء عدل وكوني متذكرته دايم
تراجعت للخلف مدلكةً لعضديها، ناظرةً لعينيه القاسيةِ والمتوحشة بغضب، ثم ازدردت ريقها وهي تهمس له متألمة : طلقني
تجاهل فواز كلمتها التي لطالما قالتها له كثيرًا، حتى أنها نطقتها كأول كلمةٍ قبل المباركةِ بعد عقد قرآنهما، ودائمًا ماكانت تغضبه وتخرجه عن هدوئه وسكونه
فواز بهدوء وهو يتنفس ببطءٍ يحاول أن يطرد بذلك غضبه : حياتي وحياتك مقرونة مع بعض بشريعة أنا أنشأتها، وحرمت فيها الطلاق
جيهان برجاءٍ وضعف أعادها كما كانت عليه سابقًا، للفتاةِ البريئة التي عشقها وسيظل يعشقها : طريقة زواجنا من البداية كانت غلط، مستحيل يتم لنهاية العمر يافواز ... فقصر علي وعليك المسافة وطلقني من بداية الطريق .. طلقني حتى ما نجهد نفسنا بالمشي في طريق لها نهاية انت خليتها سراب، في كل مرة تبتعد وتبتعد
فواز بقسوة : السراب ينشاف بالعين ولا تقدري توصليه ... بس عندي، الطلاق بيننا ماهو سراب هو منفي من الأساس
انتحبت أخيرًا وهي تخفض رأسها بضعف، فانسدل شعرها البني على جانبي وجهها الأبيض، ذلك الشلال الذي لطالما سحره وأخذ به لعالمٍ لا يوجد فيه سواهما، اقترب منها ببطءٍ ليرفع كفيه مخلخلًا بأصابعه شعرها المتحرر على وجهها، وهو بذلك يرفعه عنه ويظهر ملامحها جليًا، يتأمل كل ذرة في ملامحها العادية بنظر الناس، لكن بنظره هي مصدر الجمال
فواز بهمس : استسلمي لمصيرك معاي ... وأنا أوعدك بالسعادة
أغمضت عينيها المتوسطتين في الحجم وهي تحرك رأسها بقوةٍ بالنفي
أكمل بذات الهمس : انتِ لي ياجيهان، قدرك معي فلا تعاندي مصيرك
جيهان بنحيبٍ وقد فتحت عينيها لتنظر إليه بكرهٍ وألم : لا، لا تبني مصيري على كيفك ... أنا وانت محنا لبعض .. ماني لك، انت تتأمل شيء بعيد عن الواقع
فواز بقهر قيد يديها الإثنتين على صدره : لا واقع ... انت قدامي زوجتي وأنا قدامك زوجك ... لا تحاولي تخبصين في الواقع وتفنيه للخيال ... كل شيء واقع
جيهان وقد تحولت نظراتها فجأةً وفي لحظة إلى نظراتٍ جامدة، تتمتم بين شفتيها بما تراه أمامها من واقع : حاليًا بس ... نهاية الواقع بيصير خيال ... والخيال بيتحقق وينقلب واقع
ترك يديها بهدوءٍ ليقترب ويقبل جبينها بقوةٍ وصمت، يرفع كفيه ليمسح دمعاتها عن وجنتيها، ومابقي حيًا في هذه اللحظات هي أنفاسهما الملتهبة، وكأنهما للتو انتهيا من سباقٍ مع الزمن، بقيت شفتيه مُستقرةً للحظاتٍ لم تكن قصيرة على جبينها الناعم، حتى همس على نفس الحال لترتعش إثر أنفاسه اللاهبة : لا تعيشي الخيال كثير فتنسي نفسك وواقعك
تراجع بهدوء ونظراته مثبتةٌ على عينيها : انتِ جيهان وأنا فواز .. وكل اللي حولك هو واقعك .... تذكري هالشيء وانتبهي تنجرفين للجنون اللي عايشة فيه هالأيام
قال آخر كلماته ليذكرها بالحال التي تعيش به بعد موت أمها، لدرجة الوصول إلى التحدث مع صورتها في المرآة. بات يخشى جنونها حقًا.
تتابعت خطواته بعد أن استدار عنها خارجًا من الغرفة، ونظراتها التائهةُ تلاحقه لحين اختفائه.



,



الساعة التاسعة مساءً

أمسكت بيد أختها بقوة، وهي تشعر بارتعاشها الفضيع بعد أن نطقت بالموافقةِ وبعد توقيعها، هي تعلم جيدًا بأنها لم تكن راضيةً تمامًا، وما جعلها ترضى هو إحساسها بثقلها على أهلها، آلمها أن تشعر أختها بذلك، لكنها لم تُعلّق لأنها تعلم أن حالها لن يتحسن ولن تعود لأسيل السابقة إلا برجلٍ آخر يدخل حياتها.
همست بحنانٍ بالقرب من أذنها : أسيلي وش فيك؟
أسيل وهي تتنفس بصعوبة : أحس إني أختنق، متضايقة ... * عضت شفتها وهي تشعر أنها تهوي في حفرةٍ لا قاع لها * آه ديما
ديما بخوفٍ بعد أن رأت عينيها تزيغان : أسيل
أسيل بهمس وهي تتمسك بذراعيها بقوة : طلعيني من هنا تكفين
أخذتها ديما معها للخارج وهي تخشى أن ينتبه لهما أحد
أم فواز بصوتٍ عالي من خلفهما وعلى ملامحها تتضح سعادةٌ شابها الإستغراب : ديما أسيل على وين رايحين؟
ديما بارتباك وهي تدير رأسها نصف استدارة، بينما كانت تمسك بأسيل التي تحاول صلب طولها لذا لم تنتبه لها والدتها : مافي شيء يمه بس باخذ أسيل للحمام
أم فواز بتعجب : هااااو! ... وليه تاخذينها انتِ؟ ما تقدر تروح بنفسها؟
ديما : يوووه يمه تبيني أروح معاها وش فيها؟ عاد بنتك دلوعة ما تحب تمشي بروحها حتى وهي في البيت
هزت رأسها بأسى من بنات هذا الجيل وهي تحرك كفها بمعنى أن يذهبا حيث يريدان.
تحركت ديما ومعها أسيل لغرفةٍ فارغةٍ بعد أن غابت نظرات أمهما لتجلسها على أول أريكةٍ قابلاها، حينها وضعت أسيل يدها على صدرها، ودون سابقِ إنذار بدأت دموعها بالنفاذ هاربةً من عينيها.
ديما بحزنٍ من حالتها : الله يهديك يا أسيل ... كل هذا بسبب زواجك من شاهين؟
شهقت أسيل وهي تمسح دموعها ما إن تتتجاوز جفنيها لكي لا يخترب مكياجها ويعلم أحدٌ ببكائها، ثم همست بصوتٍ مبحوحٍ من الغصة : ما أبيه يا ديما ما أبيه ... خليهم ينهون هالزواح خلاص ما أبيه
ديما بفاجعة : انتِ من جدك؟ الحين تقولين هالكلام؟
وضعت أسيل يديها على وجهها وانتحبت، لم تعد تهتم إن عرفوا أنها بكت أم لا، لم تعد تهتم لشيءٍ إطلاقًا، كل ما تريده هو أن ينجلي كل شيء وتعود أرملة متعب فقط.
ديما وهي تحتضنها : خلاص يا أسيل قطعتي قلبي
أسيل ببكاءٍ مرير ولازالت تغطي وجهها بكفيها : ما أبي أكون زوجة لرجال غيره ... قوليله يا ديما تكفيـن .... ما أبيــــه
ديما بغصة وقد ظهرت صورة سيف أمامها، لا تعلم تحديدًا ما الرابط بين ما يحدث وبينه، لكنه فجأةً أقتحم تفكيرها : ما ينفع يا أسيل بعد ما أعلنتي موافقتك وصرتي زوجته
بكت أسيل بقوةٍ أكبر بعد أن نطقت ديما كلمة " زوجته " وهي تشعر بأن هذه الأحرف الخمسة تنغرس في قلبها كالسكاكين، تُصيب حجرات قلبها الأربع مُباشرةً فتُحَجّر الدم عن إكمال دورته.
أكملت ديما بقوة وهي تحاول طرد صورة سيف من عقلها : تبين تفضحينا قدام الناس؟ .. بعد ما وافقتي والملكة مامر عليها ولو يوم تطلبين الطلاق؟ وبعدين لا تنسي إنه أخو متعب، والرابط بينك وبين عايلته يسبق زواجك فيه، يعني عيب عليك تحرجيه
أسيل بصوتٍ مختنق وهي تحرك رأسها يمينًا وشمالًا : وهذا اللي مضاعف وجعي ... أخوه يا ديما أخووووه ... يعني بشوف متعب دايم قدامي فيه، ما أقدر أتخيل إني أخون متعب مع أخوه، وأخون شاهين بتفكيري بمتعب.
ديما وهي تبعدها عنها قليلًا : شهالتفكير البدائي يا أسيل؟ يعني شاهين تزوجك وهو ما يدري بحبك السابق لأخوه؟ أكيد بيفهم هالشيء ولا هو مطالبك بأكثر من حجم قدرتك ... ترا فواز يمدحه كثير ويقول إن أخلاقه عالية
أسيل بألم : مثل متعب؟
صمتت ديما، وصمتت معها أسيل. لا تعلمان أين سينتهي هذا الحوار، لذا صمتتا. هي تحاول أن تخفف عن أختها وتقنعها بهذه الزيجة، والأخرى يقتحم عشيقها كل فكرةٍ تحاول أختها أن تخفف بها عنها. فأين سيصلان إن كان مراد الأولى أن تنسيها متعب، والأخرى في كل حرفٍ ينطق لشاهين يأتي متعب مُحتلًا كل تفكيرها!



,



يستقبل التبريكات من الحاضرين بابتسامةٍ لازالت ثابتةً منذ بداية هذه المُناسبة، ما الذي يشعر به حاليًا، يريد لأحدٍ أن يفسر ما يشعر به، بالرغم من عدم سعادته الفعلية في السابق لكونه تزوجها لأجل أمه أولًا، ولكونها أرملة أخيه ثانيًا، لكن الآن، بدأ شعورٌ غريب بالتسلل إلى قلبه، ربما لأنه شعر أنّ أنثى أصبحت الآن رهن يديه / ملكه هو وحده، وهذا يكفي ليشعر بالإنتشاء وببصيصٍ من السعادة.
بينما في جهةٍ أخرى من المجلس، كان يجلس يراقب " العريس " بملامح جامدة، والذي كان يتلفت مُبتسمًا مع كل صوتٍ يُصدر إليه مُهنئًا.
وقف، ليقترب ببطءٍ منه، إلى أن وصل إليه فمد يده في حين كان شاهين ينظر لشخصٍ يتحدث إليه وبجانبه، وحين انتبه لتلك اليد الممدودة استدار بسرعةٍ ليُجفل وتُمحى ابتسامته.
فابتسم سند هاتفًا : مبارك يادكتور
تركزت نظرات شاهين الجامدة به، وبملامح باردة مد يد ليصافحه ثم هتف بفتور : يبارك فيك ربي، فيك الخير
بينما ظهرت ابتسامة سخرية على ملامح سند، ليتحرك بعد تلك الإبتسامة مُبتعدًا عنه ليقبض شاهين على كفه بشدة. تمنى لو يستطيع ضربه ليُخمد النيران المتأججة في داخله، بالرغم من كونه كان يثق أن تمرد سند لن يتجاوز بضع سخافات إلا أنه الآن علم مقدار خطأه وحسن ظنه الذي وصل به لهذا المفترق الصعب، لكن ما الذي احضره هُنا اليوم؟ أليس عقد القرآن هذا عائليًا، إذن لمَ جاء؟
" حقير " .. هتف بها من بين أسنانه وبصوتٍ لم يكن مسموعًا لأحد، ثم زفر بغلّ وهو يعيد ظهره للخلف ليمسح على ملامحه بسخط.


.

.

.




انتهى

ودمتم بخير / كَيــد !



sosee 18-06-14 05:41 PM

رد: قيودٌ بلا أغلال عانقت القدر
 
الله يستر من سند 😰
شكل خطاويه بتوصل لأسيل

كَيــدْ 18-06-14 06:26 PM

رد: قيودٌ بلا أغلال عانقت القدر
 




سلامٌ ورحمةٌ من الله عليكم ()
صباحكم / مساؤكم طاعة ورضى من الرحمن


,


بسم الله نبدأ

قيودٌ بلا أغلال عانقت القدر
للكاتبة : كَيــدْ !



(4)





كانت ممددةً على بطنها فوق سريرها، وساقيها مرفوعان للأعلى يتأرجحان وذهنها غائبٌ تمامًا، ترتدي بيجامةً بيضاء حريرية، وشعرها الناعم مُتحررٌ بشكلً مغري. عضت شفتها دون أن تشعر وهي تحاول طرد صورته من عقلها، لن تفكر فيه أو على الأقل لن تبقى كل وقتها تفكر فيه كما العادة. تنهدت بوجعٍ وهي تنظر للفراغ في وسط الظلام، لمَ ستنظر تحديدًا وهي غارقةٌ في الظلام؟ حتى كل شيءٍ حولها مشوشٌ بالنسبة لعينيها.
المنزل يعيشُ في سكونٍ مُخيف، بالرغم من أن الساعة لم تقترب من التاسعة بعد إلا أن الظلام والسكون يقبع في المنزل حاليًا، والسبب هو أن الجميع قد ذهب لعقد قرآن أسيل وبعد سنتين تقريبًا من ترملها. رفضت أن تذهب لأنها بكل بساطةً لا تحب أن تحضر زواجاتٍ عائلية هي في الأساس ليست منهم، كانت الملكة عائلية وبين الأصدقاء أيضًا، وهي حتى لا ترى أنها من الأصدقاء، بل تشعر أنها ثقلٌ عليهم، بالرغم من أن كل من في هذا البيت يحبها ويعتبرها كفردٍ منهم إلا أنها تخجل أن تطلب أكثر من ذلك بل تخجل أن تتمادى كثيرًا وتعد نفسها واحدةً منهم في أفراحهم وأحزانهم. كما أنها الآن تشعر بالذنب لإخفائها لذلك السر الذي يقبع داخلها، وربما لو عرفوه ستسقط صورتها من أعينهم، لا تستطيع أن تخبرهم، فهناك احتمالٌ كبير بأنهم سيتركونها بعد ما يكتشفون حقيقة ذلك السر، لذا هي تصمت وتصمت حتى عن نفسها، تحاول طرد ذلك الموضوع وتكذيبه، وكيف تكذبه وهو حقيقة!!
تشعر أنها لن تكون شيئًا بدونهم لذا لن تتحدث، يكفي أنهم تكفلوا بها وأخذوها من ذلك الميتم القبيح، والذي عاشت به أقبح حالاتها. لا تذكر تحديدًا المواقف التي مرت بها هناك، فهم قد تكفلوا بها وهي طفلةٌ لم تتجاوز العام، لكنها ترى بذاكرةٍ مشوشة أنها عادت إليه في السادسة من عمرها، أو في السابعة، أم في الثامنة! لا تذكر تحديدًا، لكنها عادت لسببٍ مجهول وذاقت هناك البؤس، ليس لضيق مُعاملةٍ أو لسوءِ أحوالها النفسية ... بل لتحرشٍ تعرضت له منه هو!
حركت رأسها بقوةٍ يمينًا وشمالًا لطرد تلك الذكرى القاسية من رأسها، لكنها رفضت المغادرة وهي تتذكر أنها عادت للسكن هنا، ثم كانت تزور صديقاتٍ لها هناك في الميتم، وفي الخامسة عشر من عمرها، كانت قد تعرضت لتحرشٍ منه وللمرةِ المئة، من بعدها رسمت ذلك الوشم بحانب فمها، وشم " الإكس " الذي يشير إلى تحريم التقرب منها، وشمُ منعٍ من تجاوز الشرع. وهي تتذكر أنه في ذلك اليوم كان قد ....
حركت رأسها بقوةٍ مرةً أخرى وهي تهمس بأنفاسٍ متسارعة وقد بدأ جسدها بالإرتعاش : إطلع ... إطلع من عقلي ..... لازم أنسى اللي صار لازم
زفرت بقوةٍ الهواء من رئتها لتحشر رأسها تحت الوسادة مغلقةً عينيها وأذنيها وكل حواسها عن كل العالم، تحاول أن تلتقط أنفاسًا نظيفة لا تحمل تلك الصورة البشعة، تحاول أن تعتق جسدها من الإرتعاش، تضمّ فمها ويدها تمسح على شفتيها وكأنها تحاول مسح شيءٍ ما، أو لمسةٍ ما!
انكمشت يدها على المخدة وهي تضغط على رأسها أكثر وتزم شفتيها رافعةً ركبتيها قليلًا للأعلى قرب صدرها، وقد كانت مستلقيةً على جانبها، تتمتم بالإستغفار إلى أن
غرقت في النوم بعد دقائق.

بعد وقتٍ طويلٍ من النوم كانت قد شعرت بيدٍ تتحرك على طول ذراعها، ملمسٌ خشن جعلها ترتجف رغمًا عنها وتفتح عينيها قليلًا ببطء، وهي ترى كل شيءٍ أمامها مظلم، رفعت يدها التي كانت تلك اليد تداعبها حتى تفرك عينيها لترى جيدًا، وقد نسيت أنها أغلقت الأنوار في الغرفة.
عادت تلك اليد لتتحرك على ذراعها المُغطى بالقماش الحريري الخفيف، والذي لم يستر ملمس جسدها الناعم، تحركت الكف إلى أن وصلت لكفها التي كانت متجمدةً عند عينيها، وقد بدأ قلبها بالخفقانِ بقوة وتجمدت شفتيها عن الحركةِ للنطق، فقط بعد أن استوعبت تلك اليد ولمساتها.
أنثى! قد تكون هديل، لا! هذه اليد خشنة، ضخمة، يدُ رجل! ... ازدردت ريقها بصعوبةٍ وقد بدأت بالتنفس بسرعة. لم تنم لمدةٍ طويلة وبالتأكيد البيت مازال ساكنًا لا يحوي غيرها وغير الخادمة، لكن أين تلك الخادمة؟ أهي نائمة!
ارتفعت اليد لتتخلخل خصلات شعرها الناعم ويزداد ارتفاع سرعة أنفاسها إلى أن شعرت أن روحها ستخرج لا محالة ...
حلم، حلم، حلم ... بقيت تردد هذه الكلمة داخلها ولم تشعر حين بدأت شفتيها بالتحرر لتنطق بها همسًا
وصل الصوت الخشن الذي لم تركز به من شدة خوفها إلى مسامعها : إلين
تأوهت وقد ازداد ارتعاشها واقشعر جسدها، لتبدأ دمعاتها بالتساقط : لا .. لا ... لا
جلس بجانبها وهي لاتزال على حالها لم تتحرك أو تبعد يدها عن مرمى عينيها، ثم انحنى قليلًا ليصل فمه بالقرب من أذنها ويهمس بصوتٍ عابثٍ خبيث : اشتقت لك ... تدرين؟
صرخت وهي ترفع كفها الأخرى وتغطي وجهها، وجسدها استدار أكثر عنه وقد كانت يده تشد اللحاف لكي لا تتغطى به
إلين بصراخٍ باكي : لا لا لا .... كل هذا حلم ..... حـــلـــم .... مستحيل تكون انت مستحيييييييل …. حرااااام
أمسك كتفها بقوةٍ يديرها إليه، وفي لحظةٍ كانت قد فتحت عينيها المرعوبتين لتصطدم بوجهٍ لا يتضح من شدة الظلام، وفي خلال ثانيتين كانت أنفاسٌ ساخنةٌ قد اصطدمت بشفتيها .... شهقت بقوةٍ وقد علمت ما ينوي فعله، يريد تكرار فعلته، عندما كانت في الخامسة عشرة، لا تعلم حقًا إن كان قبّلها في تلك المرةِ أم لا ... فهي قد فقدت القدرة على الإحساس بكل شيء، دخلت في غيبوبةٍ قصيرة وعادت بعد دقائقَ ربما كانت طويلة بحالةٍ يرثى لها، يومها لم تخرج من غرفتها في هذا البيت وهي ترتعش وتتقيأ، تبكي طوال اليوم وقد استمر هذا الحال لأسبوعٍ كامل إلى أن ذهبت للمستشفى خلسةً لتعلم إن كانت قد فقدت عذريتها أم لا، فهي رغم صغر سنها كانت تدرك الحياة ومخاطرها والوحوش الذين يعيشون فيها، فيُتمها أوجب عليها الحذر، ذهبت إلى المستشفى كمن يذهب لمكانٍ قد يكون قبره حيًا، وقد كانت النتيجة ...... لم تجد الوقت لتذكر كل التفاصيل مع اختناقها بقربه
فصرخت وهي تدفعه عنها لتجلس برعب، وقد اختفى فجأةً من أمامها، واختفى الظلام ليحل محله النور الذي سطع بالغرفة
تلفتت بجنونٍ وبعثرة وهي لا ترى أحدًا أمامها، أين هو؟ أين هو؟ وكيف عاد النور فجأةً؟ أيعقل أنها كانت تحلم، أيعقل! ... لكن كيف أصبحت الغرفة مضيئةً، هي لم تفتح الأنوار وتثق بذلك، إذن كيف؟
وضعت يدها على صدرها وهي تتنفس بقوة، تتلفت باحثةً عنه وهي تعانق جسدها المرتعش. إلى أن تراءى أمامها خلف الباب المفتوح ظلٌ يمشي في الممر، الباب المفتوح؟ دليلٌ آخر على تواجده!
تحركت بسرعةٍ دون تفكير وهي تتجه للباب لتغلقه، لكنها وما إن أغلقت الباب دون أن تقفله بالمفتاح كان الباب قد انفتح من جديدٍ بقوةٍ رجولية جعلتها تتراجع مرعوبةً وتطلق صرخةً خائفة.
كان سيتراجع ما إن رآها دون عباءة، لكن صرختها جعلته يدخل إليها بسرعة. حين كان يمشي في الممر لفت انتباهه باب غرفتها المفتوحة، والتي لا تفتح إطلاقًا إن كان لا أحدَ في البيت سواها، خشي أن تكون غير موجودةٍ أو أصابها شيء، وحين إمساكه بالمقبض كان الباب قد دفع من الداخل ليغلق، وكردةِ فعلٍ غير مقصودة فتحه هو.
وقف مصدومًا من ردة فعلها وهو يراها تجلس على الأرض صارخةً بــ ( لا ) كمذعورةٍ تائهةٍ في متاهةِ ذئاب.
اقترب وهو يهمس بخوفٍ عليها : إلين
لكنها صرخت بقوةٍ في وجهه وهي تُغطي وجهها ذعرًا ولم تنتبه لصوته : لا لا ابعد عني
بهت ليتراجع لا شعوريًا، لكنه محى نظرة الإستغراب ليتقدم بوجهٍ حازم وقد ظنّ أنها تمشي نائمة : إلين أنا ياسر ... لا تخافين مني
سكنت قليلًا، وهي تنزل كفيها عن وجهها تنظر لملامحه بضياع، وقد كان ينظر إليها بخوفٍ عليها، لكنه ما إن انتبه للبسها شتت نظراته وألقى شماغه باتجاهها
لم تمد يدها لتلتقط الشماغ، وهي لازالت إلى الآن تنظر إليه بضياعٍ ووجهٍ مذعور، حتى همست في النهاية دون وعيٍ ودون أن تنتبه لحالتها : وين راح؟
قطب ياسر حاجبيه باستغراب وهو ينظر للجهةِ الأخرى، وبصوتٍ مستفهمٍ : مين قصدك؟
إلين بارتعاش وهي تقترب منه بخوفٍ شديد : كان هنا ... في غرفتي .... يتحرش فيني مثل كل مرة
للحظاتٍ وقف باهتًا وقد استدار لينظر إليها دون أن يهتم إن كانت قد غطت نفسها بالشماغ أم لا، بالرغم من كون لبسها ساترًا إلا أنه لم يعتد أن يرها دون عباءة
ياسر بصدمة ودون تركيز : يتحرش فيك؟؟؟؟
استوعبت أخيرً ما يحصل أمامها، ومن يقف أمامها، وما قالته له، فارتعش فكها وهي تشتت نظراتها خافضةً لجسدها بشكلٍ سريع لتلتقط الشماغ وتتغطى به بسرعة. لم تستطع أن ترفع وجهه إليه بعد ما قالته، بل بقيت تنظر للأرض بارتباك، وهي تتمنى لو أنها قامت بقص لسانها قبل أن تكلمت.
ياسر ببهوتٍ وهو يقترب منها قليلًا : مين هو؟
إلين بارتباك وتلعثمٍ وهي تتراجع للخلف مع كل خطوةٍ يخطوها نحوها : ك كنت أحلم ... إ ايه حلم ... وأكيد ربـطته بالواقع
اقترب أكثر وهو يهتف بحزمٍ وقد تأكد مليًا من نظراتها أن ما كانت تقوله ليس حلمًا بل حقيقة : مييييين هو؟
إلين وهي لازالت تتراجع للخلف بضعفٍ وخوف : محد
ياسر بصوتٍ أشد : مين هو؟
إلين وهي تعض شفتها وترفع رأسها له بضعفٍ ولم تشعر بدموعها وهي تسقط أكثر وصوتها بدأ بالإنتحاب : محد محد .... كان مجرد حلم ..... لا، كان كابوس وانتهى
وقف أمامها مباشرةً، ممسكًا لكتفيها بانفعال وهو يشدد أكثر بكلماته : كذابة ... كان في حد موجود بالبيت! مين يكون؟ وكيف دخل؟
بكت بقوةٍ أكبر وهي ترفع كفيها لتغطي ملامحها وتغرق في نحيبٍ صامتٍ مختنق. لانت ملامحه وهو ينزل يديه عنها بسرعةٍ هامسًا : إلين!
أردف وهو يرتعش انفعالًا، من هو هذا الرجل الذي يتحرش بها كل مرة؟ من هذا الذي أبكاها وجعلها مذعورةً هكذا؟ : أنا مثل أخوك وأثق فيك ... تكلمي وقولي لي وش صار، من هو هالرجال؟
إلين ببكاءٍ وهي تهز رأسها بخوف منه قبل كل شيء، من أن يظن بها سوءًا : مالي علاقة فيه، والله مالي علاقة فيه، أنا مستحيل أخلي الناس ترمي عليكم الكلام .... مالي علاقة فيه والله ..... مالي علاقة فيه
ارتفع صوت بكائها وهي تجلس على ركبتيها بضعف. كل ما كان ينقصها هو أن يعلم ياسر أو أحد أفراد هذا البيت بما يحدث معها، أن يشكوا بها ويستحقروها، أن يتركوها! لن تستطيع التحمل أبدًا، فهي معهم ضائعة، فكيف ستكون دونهم.
ارتبك ياسر ولم يعلم ما سيفعله معها، فرطب شفتيه وهو يتراجع قليلًا للخلف ويهمس : إلين
ارتعش جسدها لتحيط نفسها بيديها وتنظر للأرض بخزيٍ كمن قام بجريمةٍ رغم أنها لم تفعلها حقًا.
أكمل بهمسٍ حنون وهو ينظر لرأسها المحني : مين قال إني أظن فيك سوء؟ .... إلين أنا أخوك وأخاف عليك مثل خوفي على هديل ..... تكلمي ولا تخافين مني ... مين هو هذا الشخص اللي يتحرش فيك؟
استشعرت القهر والإنفعال في آخر جملةٍ نطقها، شعرت أنها ترفرف بسعادة لثقته بها، لم يشك بها! ولها مكانةٌ في قلبه، بل أنه خاف عليها كخوفه على هديل. حتى وأن كانت مجرد مكانةٍ أخوية لكن في النهاية لها مكانةٌ عنده.
انتظر ردها، لكنها أطالت وجدًا، في النهاية نظر لها بحزمٍ : بتتكلمين والا شلون؟
إلين بترددٍ نظرت إليه، أتخبره؟ شعرت بالثقة تسري في جسدها مع دمائها لتندفع بجملةٍ بترت من أول كلمة : كان .....
قاطع تفكيرها الكلام الذي كانت ستنطقه، لا لن تخبره! فذاك له خُبثٌ شديدٌ وإن حاول ياسر أن يتصدى له فسوف يسبب له عاهةً على الأقل، كما أنها لن تستطيع سرد كامل القصة لما ستحدثه من ضجيج، والنقص سيجلب لها الشكوك.
صمتت، وأطرقت بانكسارٍ وشعرها القصير يغطي جانبي وجهها
ياسر وقد شعر بالغضب لتراجعها : إلين تكلمي
ومع آخر كلمةٍ نطقها أُطلقت شهقةٌ من خلفهما، فاستدارا بسرعةٍ ورغمًا عنها شعرت بالخوف وبأنها قامت بفضيحة.



,




وهناك بين أحياءٍ بسيطة، كانا يمشيان وعقارب الساعة تقارب منتصف الليل، الأول شارد والآخر ينتظر الأول ليتحدث، بينما في عقله يحاول تفكيك بعض الألغاز، بما أن المجرم المشارك في حرق المنزل مات مُسممًا، فلا أحد يستطيع إيصال السم إلى السجين إلا من له علاقة بمطبخ السجن، لكن كيف وصل السم له وهو يجلس في إحدى الزنزانات الغير مُفردة دون أن يتسمم البقية!
من هذه النقطة قد تبتعد الشكوك عمن يعملون في المطبخ، خصوصًا أنه قد اتضح أن لا أحد منهم قام بإيصال الطعام للسجناء، فكيف وصل السم لهذا السجين تحديدًا دون أن يصيب سجينًا آخر؟؟
انقطعت سلسلة أفكاره حين سمع سلطان يتحدث إليه بشيءٍ من الشرود : أكيد تفكر بنفس اللي أفكر فيه أنا
تقلصت ملامحه قليلًا إلى أن همس أخيرًا : خلنا من هالموضوع واتركه للشرطة …
قاطعه بتعجب وهو يستدير إليه : لا بالله احلف! .. شلون بترك الموضوع هذا من بالي؟
عناد بقلة حيلة : سلطان … ترا مصدع وماني فايق لك
امتعض سلطان ليهتف بغل : يعني أنا اللي فايق لك؟
حرك عناد رأسه يمينًا ويسارًا دون كلمة، لم يكن يريد أن يتجادل الآن معه على لاشيء، لذا صمت وصمت سلطان. وبعد لحظاتٍ قطع الصمت هاتف عناد الذي ، ارتفع في الطريق الهادئ بضجيجه، ليرفعه ويتراءى أمامه رقم أمه، ثم رد وبعد القليل من الكلمات الإعتيادية والسؤال عن الأحوال هتفت : سلطان معك؟
ابتسم عناد ليهتف بعد أن ألقى نظرةً خاطفة على سلطان الشارد بعيدًا عنه : ايوا معي
أم عناد : اعطني بكلمه
اتسعت ابتسامته ثم دون أن يتكلم مد الهاتف ليضعه على أذنه فانتفض مفزوعًا، ليهتف بنظراتٍ غاضبة غافلًا عن الهاتف الذي يلاصق أذنه : خيـــــــر
عناد بابتسامةٍ أظهرت أسنانه : أمي تبيك
ولتوه ينتبه للهاتف، إذ أمسك به ليهتف بحرج : أهلين يمه
أم عناد بحب : هلا حبيبي كيفك اليوم؟
سلطان بابتسامةٍ هادئة : الحمدلله طيب يا الغالية … بشريني عنك؟
هتفت بحنان : الشكر لله في أحسن حال …. ماودي أطول، اليوم تنام عندي ولا فيه اعتراض
قطب جبينه ليهتف باعتراض : بس …
لكنها قاطعته بحزم : والله ما تنام الا عندي
استغفر سلطان ليومئ وكأنها تراه : أوكي يمه ماعليه … عشان حلفك بس
ابتسمت مودعةً له تخبره بانتظارها لهم، فمد الهاتف بعد أن أغلقت لعناد الذي هتف : حياك بس لعلمك بتنام في المجلس … ماني مستعد أتخلى عن غرفتي لك
رفع حاجبه ليدفعه من كتفه : امشى قدامي بس … اللي يسمعك يقول البيت فاضي من الغرف
عناد بضحكةٍ وهو يتحرك أمامه : لا والله ماهو فاضي بس كل الغرف مغفلة والمفتاح عندي
أومأ بملل متمتمًا : على أساس أمي بتتركني أنام في المجلس … لعلمك ترا بتضربك وتاخذ المفتاح عشاني بس
ضحك : يا زين الثقة بس



,



يجلس على مكتبه الضخم يقرأ بعض المشاريع التي سيقوم بها خلال الأشهر القادمة، بينما هو في الحقيقة شاردٌ يفكر به، ما خطوته القادمة؟ وكيف سيتصرف وهو لم يغادر صدمته كليًا؟
صوتُ طرقاتٍ على باب مكتبه جعلته يضع نظارة القراءةِ جانبًا ليفرك عينيه بسبابتيه ثم يُتبع : ادخل
دخل أحمد ووجهه مسودّ وكأن فضيحةً قد أُلقيت فوق رأسه، بل أُلقيت فعلًا فهو كان يهدر كشخصٍ لم يستوعب وإلى الآن : فضحتني ... سودت وجهي
وقف سلمان بسرعةٍ وتوجس، وأول ما خطر في باله أن سلطان قام بانتقامه بطريقةٍ خفيةٍ لم يلحظها فانتهى كل شيء : وش صار؟
أحمد بأنفاسٍ هادرة : غزل ... مرغت بوجهي في التراب ... فضحتني .... انتهيت خلاص وانتهت سمعتي ومكانتي بين الناس
سلمان وهو يقترب منه وقد فهم قليلًا مما حدث وبدأ يربط بالكلمات التي نطقها شريكه. غزل ابنته! فضحته، انتهت سمعته ومكانته! ..... ربط بين الحديث بذكائه المعتاد ليصل لنتيجةٍ واحدة، لكنه لم ينطق بها ولم تتجاوز خاطرة ليتأكد من لسان أحمد نفسه.
سلمان : وش فيها بنتك؟ وش سوت؟
أحمد بوجهٍ مسودٍّ من الفضيحة : باعت شـ ...
ثم صمت وهو يفرك جبينه وثاني أكسيد الكربون يُهدر منه بقسوة ... عم السكون، ولم يطلب سلمان توضيحًا أكثر ... " باعت! " لم يحتج مسألةً أخرى و لم يحتج لأن يكمل حديثه ليفهم، كما لم يحتج ذكاءًا خارقًا ليدرك ما الذي باعته. تراجع قليلًا حتى جلس على كرسي مكتبه بصمت، وشريكه يقف أمامه مطأطئ الرأس بخزي، قد يُتعجب من كون أحمد يلجأ إليه ويخبره بمسألة - شرف -، لكنه اعتاد أن يأتي لسلمان في كل أمرٍ فاضحٍ يتعرض له، ودون أن يفكر اتجه بسرعةٍ لمنزل سلمان يطلب منه العون، وأي عونٍ في مسألةِ شرف! هذا ماقد يجد له سلمان الرجل - المُعضلة - حلًا.
سلمان بهدوء وهو يضع كفه على ذقنه : تجاوزت فضيحتك خارج بيتك؟
حرك أحمد رأسه بالنفي وبسرعة : للحين لا
أومأ سلمان برأسه ثم صمت قليلًا ببرود، حتى جاء صوته واثقًا : خوفك ماله داعي دامها خطيبة سلطان
أحمد بجزع : بيتركها لأنها بنتي بعد ما عرف حقيقتنا
سلمان : هذا لو كانت العلاقة مجرد خطبة ... عقد القرآن تم والمسألة مستحيل تنفك بهالسهولة
أحمد : إن ما تركها الحين بيتركها من أول ليلة في الزواج * انهار جالسًا على ركبتيه * الله يزرع فيها مرض ينهيها مثل مازرعت هالخزي فيني
سلمان بغضبٍ من دعوته هذه على ابنته : أحمد!! ترا الغلط بعد راكبك وانت اللي مهملها دايم، تجي الحين تدعي عليها وتثني نفسك من دعواتك!
صمت أحمد فأردف : لا تخاف خلى كل شيء علي وأنا اللي بتصرف بالموضوع



,



في ساعةٍ سابقة - العاشرة إلا رُبعًا

ترجلت عن السيارةِ بتوجس، وهي وإلى الآن تتذكر كلام والدها المُعاتب والغير مُقتنع، فكيف تذهب إلى صديقتها بعد أن رفضت الذهاب لعقد قرآن ابنتة عمها، لكن الحل وبكل بساطة ... أن ابنةُ عمها تعقد حفلة صغيرةً في منزلهم، وهي وإلى الآن متأثرةٌ بوفاة والدتها الذي لم يُكمل الشهرين، فمن غير اللائق أن تذهب لمناسباتٍ سعيدةٍ في هذه الفترة. هذه هي قناعتها وإن كانت أرملة عمها قد قدرت ذلك وجعلت الحفلة عائلةً بسيطة، إلا أنها لن تذهب. أما صديقتها، فهي لن تذهب إليها لمناسبة، فقط لتوديعها كونها ستنتقل غدًا لدولةٍ أخرى - أوربية - وهذا ما كان شرطُ جيهان حتى تجلس مع والدها، أن تكون في المكان المُفضل لدى أمها، فقط لتبقى بين ذكريات أمها في ذاك المكان، لن تتمكن في الغد من توديع أقرب صديقةٍ لها عكس ابنة عمها، فهي بالتأكيد ستمر على بيت عمها لتوديعهم، بينما صديقتها فلا.
نظرت للعمارة ذات الخمسة أدوارٍ لتبلع ريقها، وهي تحاول ألا تنسى في أي طابقٍ تقع شقة عائلة صديقتها مروى، فهم قد نقلوا منذ فترةٍ ليست بطويلةٍ ولم تزرها هنا إطلاًقًا، فقط تدرك مكان العمارة حيث أنهما يعودان في كل يومٍ من الجامعة مع نفس السائق.
الطابق الثاني! ... لا ، الثالث!. زمت شفتيها وهي تحاول التذكر ... الثالث ... أجل هي قالت الثالث.
وصلها صوت يوسف من خلفها : وش فيك وقفتي؟
أرجوان وهي تستدير نحوه باسمةً ولم يصله ابتسامتها لكونها مغطية لوجهها : ولا شيء يبه .... يلا أستأذنك ... ماني متأخرة بس بجلس عندها ساعة
أومأ يوسف مبتسمًا ثم حرك سيارته بعد أن رآها تدخل العمارة، وما إن دخلت حتى همست : يا الله .. هذا وقته أنسى
تحركت صاعدةً للطابق الثالث، وهي ترفع هاتفها لتتصل بمروى التي ردت عليها من فورها : وصلتي؟
أرجوان : اي بس بأي طابق
مروى : الثاني
زفرت وهي تعود أدراجها بعد أن تجاوزت الطابق الثاني، وحين وقفت أمام الباب هتفت : وصلت … افتحي الباب
أغلقت وفور إغلاقها فُتح باب الشقة ليخرج أخ مروى الثلاثيني، فتراجعت للخلف وهي تُنزل نظرها للأرض، بينما رمقها هو بنظراتٍ غريبة …. “ ازدراء "، ثم أكمل طريقه ليتجاوز عتبات الدرج، وقد عرف من هي بحديث أخته التي كانت تخبر أمها بقدوم صديقتها أرجوان … وهو عرف جيدًا أنها ابنة من - انتحرت -!!
لم ترى هي نظراته لأنها كانت موجهةً لعينيها للأسفل، وفور ابتعاده تنهدت ووجنتيها اشتعلتا خجلًا. هو من تلح عليها أخته دائمًا بالموافقة عليه زوجًا كونه يريدها، لكنها كانت ترفض لا لشيءٍ سوى أنها لم تكمل دراستها بعد لتتزوج، كما أنها لازالت في العشرين من عمرها وترى أنها صغيرةٌ على الزواج. هي لا تكن له مشاعر خاصة، لكنها كأي أنثى ستحمر وجنتيها عند رؤية رجل قد يكون لها الزوج مستقبلًا.
انتبهت لمروى الواقفة عند الباب تنظر إليها بحاجبين مرتفعين : مطولة يا حلوة
ضحكت بخفوتٍ ثم اقتربت منها لتعانقها، هذه هي أختها الرابعة، رفيقة دربها منذ أن كانت في الروضة، لم تفترقا يومًا ولن تفترقا لشيءٍ وإن كانت كلٌ منهما في قارة. ابتسمت مروى ما أن عرفت انها بدأت بالبكاء : أفا بس .. ماتتركين عادتك يا أم دميعة!!
أرجوان بصوتٍ مختنق : يشهد ربي إني بشتاق لك
ابتسمت مروى بأسى : وأنا أكثر وربي
اثم تراجعت لتهمس وهي لا ترى دموع أرجوان من خلف غطائها، لكنها تدرك أنها تبكي من كفيها اللتين كانتا تنتفضان، وكيف لا تعرف أدق تفاصيلها وهي التي كانت تمسك بيدها وتضحك معها لخمس عشرة سنة!! : خلينا ندخل

بعد مرورِ نصفِ ساعةٍ كانت تسمع أصواتًا عالية خارج مجلس الضيوف، وصديقتها ابتلعت ريقها بينما هي تنظر إليها بحرج، تحاول أن تشغل سمعها عن ما تسمع لكنها انشدت للحديث رغمًا عنها.
أخُ مروى جاسم بغضب : أنا مو قايل لها تتحجج بأي شيء عشان ما تجيها؟ أنا هالعيلة ما صارت تجوز لي، أم تنتحر وش تتوقعين وراها!!!!!
جُفلت مما تسمع، بينما مروى كانت مُطرقةً لرأسها بحرج، وشفتها السُفلى اختفت تحت وطأة أسنانها.
ما الذي تسمعه! أليس هذا من كان يدفع أخته دائمًا للتحدث معها بمسألة زواجهما؟ من كانت أخته تمطر عليها بالكثير والكثير من الكلمات الصادرة منه إفصاحًا بإعجابه بها! أذاك هو أم أنه شخصٌ آخر تقمص شكله!*
أكمل هو كلامه الغاضب وأمه تحاول إخراسه حرجًا من أرجوان التي تقبع داخل قلبها ابنةً ولها مكانةٌ خاصة في نفسها، بينما هي شعرت أنها تختنق وسط بركة ماء، تحاول البحث عن الهواء ولا تجده، ووجه الأخرى اتضح به الأسف فهتفت أرجوان بانكسار : لا تقولين شيء، انتِ مالك شغل
ثم دون كلمةٍ أخرى وقفت لترتدي عباءتها وتغطى وجهها، وقد أُلجم عقل مروى لثوانٍ، إلى أن هتفت : على وين؟؟
أرجوان بابتسامةٍ مُنكسرة : أبوي بهالوقت بيكون واقف
مروى : بس ...
لكنها لم تسمح لها بإكمال حديثها وهي تخرج وسط حديث جاسم العالي مع أمه دون أن يحترم أنها أمه ليخفض صوته، وحين رآها صمت لينظر إليها بازدراءٍ دون كلمة، لتكمل هي طريقها دون أن تودع أم صديقتها كما لم تودع صديقتها حتى بناءًا على ما نوته من حضورها، ويدها من الجهة المُقابلة أخرجت الهاتف تريد الإتصال بوالدها.

ما إن خرجت حتى وقفت أمام باب العمارة، تحاول كبح دموعها التي لم تذعن لها فسقطت دون صبرٍ حتى تصل لغرفتها، والبعض يمشي أمام العمارة وآخرين بعينين زائغةٍ ينظرون إليها.
*سقطت دموعها تُعزي حالها التي وصلت للرُديّ، والسبب الأول والأخير هو أمها التي كانت من المفترض أن تكون بعقلٍ أكبر بعيدةً عن تفكير المراهقين.*
تقوست شفتيها بعبرة، وظلت تبكي حتى وصل والدها لتمسح دموعها من تحت غطائها ثم تتجه للسيارة وتركب في الأمام، فهتف والدها باستنكار : مو من المفروض يكون بقي لك نص ساعة
أرجوان ببحةٍ حاولت دون جدوى أن تخفي نبرة البكاء بها : حسيت بشوية صداع
والدها بشرودٍ لم ينتبه لصوتها، وكيف ينتبه وهو الذي بات يعيش بين كومة أفكاره العقيمة والمشاكل تتحاذف عليه من كل جانب : بسم الله عليك من الصداع حبيبتي*
ابتسمت، ولولا والدها لما نظرت للدنيا بوردية، لا جمال إلا في عينيه، ولا بهجة إلا بما يخرح من بين شفتيه من أحرف، هو الهدوء لها والضجيج، ولولاه بعد الله لكانت هاويةً في قاع الحياة.




,





في الوقت الحالي - قرب منتصف الليل

أُطلقت شهقةٌ من خلفهما جعلتهما يستديران، فنظرت للواقفةِ خلفهم بعينان متسعتان، الآن حقًا شعرت بأنها أجرمت، بأنها فعلت أمرًا مشينًا. نظر ياسر لأمه بملامح لم تتغير أو تتأثر بوجودها، وكأنه بكل بساطةٍ يخبر كل ماهو موجودٌ هنا حتى الجماد أنه لم يفعل ما يجعله خائفًا.
أم ياسر بصدمةٍ تنظر لهما، ما الداعي لوجود ياسر في غرفةِ إلين وهي دون عباءةٍ تتلحف بشماغه، نظرت إليها إلين بارتباك وبتلعثمٍ نطقت : ك كنّ ا ....... ثم بكل بساطةٍ صمتت لا تجد ما تقوله وهي ترى نظرة الصدمة في عيني أم ياسر، وكأنها لم تصدق حتى الآن ما يتراءى أمامها، وكأنها بكل بساطةٍ ... صُدمت من واقعٍ تأكدت الآن أنه حقيقي بعد أن وصلها فكذّبته!
أم ياسر بصدمةٍ لم تختفي إلى الآن : وش تسوي هنا يا ياسر؟؟؟
استدار ياسر بكامل جسده بهدوء : وشو؟
أم ياسر بيدين ترتجفان : يعني اللي سمعته صحيح!!!!
عقد ياسر حاجبيه متعجبًا : نعم! وايش اللي سمعتيه؟
ابتلعت ريقها وهي تقترب منهما بسرعة، ثم أمسكت بيدي ياسر بقوةٍ وهي تسحبه معها : اخرج ... اخرج لا بارك الله فيك ولا فيها .... اخرج قبل لا يشوفك أبوك
إلين بدفاعٍ وهي تندفع واقفةً وبصوتٍ خائفٍ من المستقبل الذي بدأ بالتجلي أمامها أيعقل أنها ستخسر ثقةَ أم ياسر ومحبتها لها؟ : يمه
أم ياسر قاطعتها بقوةٍ وهي تدفع ياسر أمامها : اسكتي ما أبي أسمع صوتك!
ثم أدارت رأسها نحوها تنظر إليها بازدراءٍ وقهرٍ من كل ما رأته أمامها، وبين زوايا عينيها اتضح الإنكسار والأسى مليًا، أردفت من بين أسنانها بقهر : وتستري الله يرضى عليك
ثم خرجت وهي تدفع ياسر الذي كان يحاول أن يتحدث ويفسر لأمه ما حدث، لكنها لم تعطه الفرصة .... وما إن خرجا من الغرفة وأغلقت أم ياسر الباب بعنف، حتى سمعت صوت ياسر وهو يرتفع قليلًا ليُفهمها ما رأته، لكنها صرخت في وجهه بغضب : اسكت ... ما أبي أسمع منك كلمة ... الله يسود وجهك سحرتك وانت بكل غباوة اندفعت لها!
لم تسمع بعدها ما قيل ... جفلت وهي تتراجع للخلف لتسقط على الأرض مبهوتةً مما سمعت، لا يعقل! هاهي ذي تفقد ثقةَ أم ياسر بها، من ذا الذي قال لها زورًا عنها، لا تستطيع تصديقَ شيءٍ مما حدث الآن، كالحلم، بل كالكابوس، في البدايةِ رأت كابوسًا في المنام، بل غير متأكدةٍ وإلى الآن أنه في المنام، والآن هاهي ترى كابوسًا آخرَ لكن في الصحوةِ هذه المرة.
شعرت بأنها تغيب كُليًا عن ما حولها، فاستدركت نفسها بسرعةٍ وهي تسمع صوت ياسر الذي لم يتوقف عن التحدث بانفعال، لكنها لم تدرك أي كلمة، لم ترد أن تدرك! وقفت بتثاقلٍ لتتجه نحو سريرها بمشيٍ مُتمايل، ثم انهارت مستلقيةً لتنهار معها كل حصون عينيها، وتبدأ دموعها بالتساقط نازفةً عن كل ألمٍ وُجد مع كل حرفٍ نطقته أم ياسر، وجُملها اللاهبة تتكرر في رأسها آبيةً الخروج لتريحها.



,




ابتسم يُقبل رأس والدته، وهي بدورها ترد الإبتسامة، تسأله عن حاله وكأنها لم تسأله منذ ربع ساعةٍ في الهاتف.
بعد وقتٍ كانوا جالسين في إحدى أرائك الصالة وقد تناولوا عدة مواضيع تسليهم، وهو كان بين كل خمس ثواني ينظر للدرج ينتظر نزول غيداء.
إلى أن قطعت أمه سكون روحه بسؤالها : أقول سلطان ... وش صار على اللي حرقوا بيتك ... عرفت عنهم شيء؟
لم تقل " واللي حاولوا يعتدوا على غيداء " وقد استشف من ذلك رغبتها في النسيان، بينما عناد ينظر لهاتفه يحاول أن يلهي نفسه به عنهم.
ابتسم سلطان نصف ابتسامة، ليهتف : الرجال انتحر في السجن، يقول إنه معاديني عشان كذا حرق البيت، مع إني ما أعرفه أصلًا
أم عناد دون تصديق : انتحر!!!
عناد بتبريرٍ وقد رفع رأسه إليهم : أعتقد مجنون
أومأ سلطان يوافقه بينما تجهمت وكأنها لم تقتنع، ماذا عساه يقول لها غير الكذب! أيقول أن عمه هو من كان قد قتل والده ثم قتل ذكرياته؟ وبعدها قتل من استخدمه كوسيلةً لقتل الذكريات! أيقول لها أنه يعيش في فوهةٍ من التناقضات ورصاصاتٌ تُرشق عليه من كل جانب؟ كيف لروحٍ أن تعيش بين كومة الصدمات هذه؟ كيف للدنيا أن تبقى متلونةً أمامه بالأخضر والوردي والأزرق والبنفسجي وغير ذلك من جميع الألوان، بينما في داخله يوجد ظلامٍ يحاول التشبث بالنور دون أدنى فائدة، يوجد روحٌ عديمة اللون شفافةٌ تبحث عن هوية لونها التي يُتوقع أن يكون رماديًا، كيف يرى السماء زرقاء؟ كيف له أن يرى المكان الذي يجلس فيه ملونًا، هل الأرائكُ تأخذ شكل " زيبرا " أم أنها خادعةٌ كما كان عمه؟ هل هو ابن فهد النامي حقًا أم أنه ولد من ضلع العُتمة؟ ضائعٌ هو بين متاهاتٍ أخذت بالإعوجاج ضاحكةً بينما هو يغرقُ ببكاءٍ داخلي، يريد أن يصرخ، أن يبكي خارجيًا حتى يغسل شوائب روحه بالدموع، لكن البكاء أيضًا ترفع عنه ولم يحدث العكس، حتى الصراخ انجلى بين ضجيج الصمت!
بينما كان عناد يراقبه بملامح عاطفة، يدرسه جيدًا كموسوعةِ شقاءٍ أمامه، يا الله! هاهو يهوي من جديد ولا قدرة لي على انتشاله من هاويته.
تنحنح سلطان ما إن انتبه لنظرات عناد، ليهتف محاولًا الخروج من كومة أفكاره : الا وين غدوي ما أشوفها
ابتسمت أم عناد : نامت من وقت، تعرفني مستحيل أخليها تسهر، عندها دراسة مين قال لك تجي متأخر!
سلطان بابتسامة : انتِ اللي ماعزمتيني الا متأخر*
أم عناد : اعتبرها سهرة بس



,



بعد أن عادت من بيت أهلها معه كانت قد دخلت بسرعة إلى الجناح لتستطيع تغيير ملابسها، وقد كان يمشي ببطءٍ خلفها إلى أن استدارت إلى غرفتها بسرعةٍ لا تريد الإحتكاك به، فهما منذ آخر مرةٍ احتكا فيها ببعضهما أصبحا يبتعدان بضعة أمتارٍ في كل مرةٍ يتقابلان فيها، لكنها تدرك جيدًا أنه يخبئ لها الكثير من العقاب، لكن متى؟ بالتأكيد بعد أن تصبح حلًّا له من جديد.
فور دخولها كانت قد أطبقت الباب بقوةٍ لتتجه نحو السرير وهي تنزع عباءتها ليظهر فستانها الأسود الطويل، لطالما كان سيف يقول لها سابقًا بأن الأسود خلق لها! تنحنحت وهي تحاول طرد صورته لتعلق عباءتها وتتجه نحو المرآة لتنزع مجوهراتها.
أزاحت شعرها الطويل جانبًا على كتفٍ واحدة، ثم أخفضت رأسها ويديها اتجهتا لخلف عنقها لتفك عقدها الفضي والذي كان هديةً من سيف ... إلهي! هاهي تعود للتفكير به، كل الأمور تتمحور به بشكلٍ فضيع.
" آه " ... أطلقت آهةً متألمة وهي تعض شفتها الملونة بأحمر الشفاة، لمَ هي خاضعةٌ لحبٍ فاشلٍ بهذا القدر؟ وكما العادة هنّ الإناث عاطفياتٍ بعكس الرجال، واللذين يستطيعون بكل بساطةٍ أن يتجاهلوا بل ينسوا حبهم متى ما أرادوا، وكأن لهم زرًّا على قلوبهم يتحكمون به متى شاؤوا، إن أرادوا الحب اختاروا * ON * وإن قرروا إنهاءه اختاروا * OFF * ... المسألة هكذا بكل بساطة، بكبسةِ زرٍّ فقط يتحكمون بقلوبهم وعواطفهم ... ازداد ضغطها على شفتها بأسنانها، حتى شعرت أنها ستدميها ... تستطيع هي أيضًا أن تقوم بتركيب هذا الزر على قلبها، فهو قد مهد لها الطريق بعد مافعله، بعد ما كسر شيئًا كبيرًا في نفسها، أكبر من كل ما كسره وأعظم. قررت وانتهت، لن تكون له كما يريد، ما إن يكفر عن ظهاره ستكون له زوجةً مطيعة خالية من المشاعر، لن تضعف وتكسر كرامتها أكثر من ذلك، وهو من أرداها لهذا القرار .... ويستحق! ... إن لم يكن يحبها، فستتظاهر بعدم حبها، وإن كان يعتبرها جاريةً، فليذهب إلى الجحيم.
شعرت بذراعٍ تطوق خصرها النحيل من الخلف، لتخرجها من كومة أفكارها وتجعلها تنتفض في مكانها، ورأسها ونظرة عينيها تيبستا للأسفل. وقبل أن تستوعب كان قد رفع يده الأخرى يفك عقدها ويرميه على التسريحة، ثم بذراعه الأخرى كان يطوق خصرها يحكم عليه قيوده، وذقنه استراح على كتفها ينظر لرأسها المُدَنق من المرآة بابتسامةٍ خفيفة.
لم ترد أن تستوعب، لكنها رغمًا عنها استوعبت، كفّر! أجل ... يستحيل أن يقترب منها على هذا النحو وهي لا تزال محرمةً عليه، لكن متى؟ وكيف؟ وبأي كفارة؟ الصيام! أم الإطعام! لكن الصيام هو المُقدم وهو يستطيع، فمتى صام!
شهقت فجأةً وهي تربط الخيوط في عقلها، لم يأكل مرةً إفطاره أو غداءه في البيت! منذ متى؟ بالتأكيد شهران. لكن كيف لم تنتبه؟ وضغوط عمله التي ظهرت فجأةً لتمنعه من المكوث في المنزل وقت الضحى والمساء! كيف كانت عمياء بهذه الطريقة!!!
سيف بهمسٍ يُخرجها من كومة أفكارها المتشابكة : تبين كل التفاصيل؟؟ .... بعدين
ارتعشت وهي ترفع كفيها المُرتجفتين تضعهما على ذراعيه المُطوقتين لخصرها، أنفاسها بدأت ترتفع ورأسها لازال مُنخفضًا تنظر لذراعيه السمراويْن المُحكِمة لخصرها، خائفة ... لا تنكر، خائفةٌ منه هو، من مشاعره ورغبته الكبيرةِ بها، هي تشعر بهما مع كل نفسٍ ساخنٍ يخرج من فمه ليصطدم بكتفها المغطى بقماشٍ حريري رقيق، لكن لمَ الخوف؟ ألأنها غابت عن أحضانه لشهرين ونصف! ألأن أحضانه ولمساته الآن أصبحت مجهولة! تمامًا كزوجٍ تنام معه لأول مرة!
ازدردت ريقها وهي ترفع رأسها تدريجيًا، لتصطدم عيناها الخائفتان بعينيه الراغبتين عبر المرآة، فازداد ارتعاشها ووجهها الأسمر يطغى عليه الضياع والذعر. حرك ذقنه بنعومةٍ على كتفها باتجاه أذنها، إلا أن وصل إليه فقبله ثم همس : قلتلك من قبل إن الأسود خلق لك ... * شد على خصرها أكثر وتابع * اليوم انتِ فتنة في مملكتي يا ميْ
ارتعش جسدها بجنونٍ وهي تتنفس بقوة، كانت ستصرخ في وجهه باسمها لكن لسانها كان مربوطًا بقوى لا تعلم ماهيتها، فصمتت بغير رغبةٍ وهو يحملها بين ذراعيه بشوقٍ تراه يرتسم في عينيه لأول مرة، أيعقل بأن البعد يأثر في الشخص لهذا الحد! .... لكنها في قرارة نفسها، كانت تعلم بأن شوقه هذا ليس لحبه لها بل لجسدها فقط، أجل، هذا هو السبب ... فسيف قد وضع بحد سيفه حاجزًا بين عواطفه وحياته، يستحيل أن يكون حُبًا ... يستحيل.





انتهى




موعدنا يتجدد يوم الأحد بإذن الواحد الأحد

ودمتم بخير : كَيــدْ !

صباالجنووب 18-06-14 07:47 PM

حيااااااااااااااك كيد بيننا ومرحبآ الف ...



حروووووف وكلماات وسرد وحبكه اعجز عن وصفهاااا..مواضيع جميله تم مناقشتهااا في طياات حروووفك مبدعه بحق ...


ع الرغم من كثرة الشخصيات في الروايه إلا انك ابدعتي في اعطاء كل شخصيه حقها في الووصف والاحدااث ...

بصرررررررراحه وبدون زعل.. انا كتبت الرد ذا بعد تردد كبيررر ..

لاني ماارد ع روايه الا وتختفي الكااااتبه😞😞😞😞

وتصبح الروايه مهمله مدرري ايش السبب😠




اتمنى انك تكمي تنزيل الاجزاء....

ولا يغررك قلة الردود ترى كثير يتعاابك بصمت ......

كَيــدْ 19-06-14 09:17 PM

رد: قيودٌ بلا أغلال عانقت القدر
 
اقتباس:

المشاركة الأصلية كتبت بواسطة sosee (المشاركة 3452883)
الله يستر من سند 😰
شكل خطاويه بتوصل لأسيل


ممكن ليه لا

...همس القدر... 19-06-14 09:23 PM

رد: قيودٌ بلا أغلال عانقت القدر
 
بوودي اكون من المتاابعين ..... ^^
جذبني عنوان الرواية ....
لي عودة باذن الله قريباً..
وعلى فكرة رااح تكون هاذي اول مرة اتاابع رواية مش مكتملللة , اتمنى من كللللل قلبي ما تقطعينا بنص المشواار <<فيس متعقد :(

تقبلي مروري
سلاااامي :)

كَيــدْ 19-06-14 09:27 PM

رد: قيودٌ بلا أغلال عانقت القدر
 
اقتباس:

المشاركة الأصلية كتبت بواسطة صباالجنووب (المشاركة 3452906)
حيااااااااااااااك كيد بيننا ومرحبآ الف ...



حروووووف وكلماات وسرد وحبكه اعجز عن وصفهاااا..مواضيع جميله تم مناقشتهااا في طياات حروووفك مبدعه بحق ...


ع الرغم من كثرة الشخصيات في الروايه إلا انك ابدعتي في اعطاء كل شخصيه حقها في الووصف والاحدااث ...

بصرررررررراحه وبدون زعل.. انا كتبت الرد ذا بعد تردد كبيررر ..

لاني ماارد ع روايه الا وتختفي الكااااتبه😞😞😞😞

وتصبح الروايه مهمله مدرري ايش السبب😠




اتمنى انك تكمي تنزيل الاجزاء....

ولا يغررك قلة الردود ترى كثير يتعاابك بصمت ......


ربي يحييك ويبقيك

سعيدة إنها راقت لك وشهادة أعتز فيها منك

أفا ياذا العلم ليه التردد وسوء الظن؟
أنا وعدت نفسي أكملها تحت أي ظرف
عدا إن صارت الروح عند بارئها هنا ما بيدي شيء
أو صار شيء يمنعني من الكتابة نهائيًا لا قدر الله

غير كذا أنا مكملتها وماني موقفة لين ما أشوفها في المكتملة

وأنرتِ الرواية يا بنت الجنوب ()

كَيــدْ 19-06-14 09:34 PM

رد: قيودٌ بلا أغلال عانقت القدر
 
اقتباس:

المشاركة الأصلية كتبت بواسطة ...همس القدر... (المشاركة 3453224)
بوودي اكون من المتاابعين ..... ^^
جذبني عنوان الرواية ....
لي عودة باذن الله قريباً..
وعلى فكرة رااح تكون هاذي اول مرة اتاابع رواية مش مكتملللة , اتمنى من كللللل قلبي ما تقطعينا بنص المشواار <<فيس متعقد :(

تقبلي مروري
سلاااامي :)


حياك ربي

هههههههههه غيرنا يسحب وتطيح على راسنا احنا المساكين
واضح متعقدين وبقووووة

أحسنوا الظن حبايبي إن شاء ربي مكملتها للنهاية معكم
ونفس الكلام اللي قلته فوق
ما يوقفني عنها شيء غير إذا صارت الأمانة عند البارئ أو حدني عن الكتابة شيء كايد الله لا يقولها
أما تحت أي ظرف فأنا مكملتها وإن تعثرت شوي وتأخرت فراجعة راجعة
كونوا على ثقة بي


وعليكِ سلامٌ من الله ورحمة ()
انتظرك بشغف

كَيــدْ 21-06-14 11:39 AM

رد: قيودٌ بلا أغلال عانقت القدر
 








سلامٌ ورحمةٌ من الله عليكم ()

صباحكم / مساؤكم طاعة ورضا من الرحمن


من المفترض يكون البارت يوم الأحد أي بُكرة
بس بكون مشغولة بزواج بنت عمتي ولا ظني بتفرغ للرواية
عشان كذا ضغطت نفسي لأكمل آخر اللمسات على البارت وراجعته كذا عالسريع
وأعتذر إن كان فيه أخطاء $*


وَ


رمضان قرب عسى ربنا يبلغنا إياه لا فاقدين ولا مفقودين
شهر العبادة وما ودي أنشغل بالرواية عنه
وبنفس الوقت صعبان علي أترك الرواية وهي في البداية والأحداث ما توثقت أوكي
الله يقدم اللي فيه الخير وطبعًا هالخير ماهو إلا في رمضان
حاليًا قررت أنزل بارت واحد فقط بهالشهر الفضيل وما أقدر أحكم بطوله أو قصره
وإن ما ضبط معي هالنظام بترك الرواية لبعد العيد
مع إني أشوف الأفضل أترك الرواية بس بجرب والله يوفقني للطاعة قبل كل شيء
فالأسبوع الأول بيعتبر تجربة للي قررته وبعده بكمل على هالنظام أو لا

+ رمضان مُبارك ()


,


بسم الله نبدأ

قيودٌ بلا أغلال عانقت القدر
للكاتبة : كَيــدْ !

,


( وَالَّذِينَ يُظَاهِرُونَ مِنْ نِسَائِهِمْ ثُمَّ يَعُودُونَ لِمَا قَالُوا فَتَحْرِيرُ رَقَبَةٍ مِنْ قَبْلِ أَنْ يَتَمَاسَّا ذَلِكُمْ تُوعَظُونَ بِهِ وَاللَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ خَبِيرٌ * فَمَنْ لَمْ يَجِدْ فَصِيَامُ شَهْرَيْنِ مُتَتَابِعَيْنِ مِنْ قَبْلِ أَنْ يَتَمَاسَّا فَمَنْ لَمْ يَسْتَطِعْ فَإِطْعَامُ سِتِّينَ مِسْكِينًا ذَلِكَ لِتُؤْمِنُوا بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ وَتِلْكَ حُدُودُ اللَّهِ وَلِلْكَافِرِينَ عَذَابٌ أَلِيمٌ. ) {المجادلة: 3-4}.

هذا الدليل يوضح حال ديما وسيف للي ما فهموه طبعًا
والا هم فيه ظهار مو إيلاء واللي تكون كفارته كفارة يمين
الكفارة في الظهار هي كفارة مُغلظة والدليل يوضّح كيف يكون

لا تشغلكم الرواية عن العبادات




(5)






بعد منتصف الليل

لقد قتلت نفسها، يا الله تشعر أن خنجرًا يخترق نحرها، والنور من حولها تلاشى. تنفست بقوةٍ وبسرعة، تجاهد لنيل الهواء. ما الذي تفعله هي؟ لا رغبة لروحها بالحياة، تشعر بالإختناق. وضعت كفها اليُمنى على صدرها، وبدأت بتلاوة الفاتحة سبع مرات لتتبعها بالمعوذات، وصدرها يرتفع بأنفاسٍ ضيقه ويهبط بينما صريره اعتلا.
بقيت تقرأ إلى أن هدأ صدرها وانتظمت أنفاسها تقريبًا، ثم بدأت بالتقاط الأكسجين بنهم، منذ متى كانت تختنق؟ أيعقل أن الربو عاد إليها!
اعتدلت لتجلس على طرف سريرها وقدميها تدليا للأرض، هي من نحرت نفسها أخيرًا بالموافقة، هي من أذاقت نفسها مرارة الخيانة، وهي من ستنال جزاءها بتلك الخيانة، أن تكون قريبةً من غيره، تُحدث غيره، والدة أبناء غيره / زوجةٌ لغيره! كل تلك الأفكار تقتلها، حتى وإن كان في حياةٍ برزخية إلا أنها تخونه، تخونه كما خانها هو حين عانقت الرمال جسده.
لكن! لكن هو مات، جاءه الموت بغتة، لم يذهب إليه بقدميه، ولم يدع الرمال تعانقه راغبًا، بينما هي ماذا؟ ستذهبت بقدميها إليه، وسيعانقها وهي لن تكون قادرةً على الممانعة ... والسكوت، علامة الرضا!!!
هزت رأسها بالرفض وشفتيها تقوستا، بينما غامت عيناها بدموعٍ نادمة، ليس علامةً للرضا، ليس علامةً للرضا، هو فقط قلة حيلة.
أنّت وهي تنحني بظهرها قليلًا. رباه، تصدع ظهري حين مات، وكُسر بعد أن مُت بذاك الزواج. حتى الهواء اليوم عاتبني، فلم يسعفني وكاد يغتالني، لمَ تزوجته؟ لمَ وهنت ووافقت؟ كنت أقدر على المكوث هنا أبدًا دون أن أُألم من في الخارج، فلمَ وافقت؟ لمَ خنته؟ ...... لمَ خنته!!!


,



بينما الآخر، لم تسعفه الظروف ليسعد بزواجه الذي لم يمر عليه يومٌ على الأقل، وكيف يشعر بالسعادة ومُتطفلٌ اتصل به بعد حفل عقد القرآن، بينما رآه هناك أيضًا.
لازال إلى الآن يستعيد تلك المُكالمة التي أبت جعله ينام مُرتاحًا، ذلك بعد أن اتصل عليه بكل وقاحةٍ وبعد أن دخل غرفته مباشرة.
سند : يا حيا الله الدكتور شاهين ولد أبو شاهين
زفر بمللٍ ليردف ذاك : تؤ تؤ تؤ ... وش فيك يا الغالي؟
شاهين بقهرٍ يشدّ على هاتفه : اتفاقنا إن العملية تكون بعد هالإسبوع .. وش تبي الحين مزعجني واحنا انتهينا من السالفة
سند ببساطة : ودي أعرف نسبة نجاح العملية
شاهين بغلٍّ يشدد على الحروف من بين أسنانه : أعتقد قلت لك من قبل بنسبة النجاح ومنت مقتنع للحين .... بس بكرر وأزيد، نسبة النجاح يا أخ ما تتجاوز العشرة بالمية حتى
هتف سند بثقةٍ وجدية : وبعد اتفاقنا كم صارت؟
يا الله! سيقتله، ويتمنى ذلك حقًا، ألا يفهم أن أمورًا كالتهديد لا تجدي نفعًا؟ لن تتغير نسبة نجاح العملية وإن أعطاه مليون دافع.
سند بتخلف : اعتقد انقلبت الإحتمالات وصارت نسبة النجاح تسعين بينما الفشل عشرة
زفر شاهين بقلة حيلة، ثم هتف : قلتها ... إحتمالات .. وبما أنها احتمالات ممكن تخيب وممكن تصيب
سند : وبما انها احتمالات ممكن حساباتك الأولى خاطئة وبتنجح العملية
لا فائدة، لا فائدة ترجى من تفكيره المتحجر، حتى وإن كانت حساباته خاطئة، لكن في النهاية نسبة النجاح ضئيلةٌ جدًا، هو طبيب ويعلم أنها ستصاب بالعمى كليًا.
هتف بهدوءٍ وببطء وكانه يُكلم طفلًا : اسمعني ... ليه ما تسفر أمك وتحاول تعالجها برا؟ ... بما إن احتمالاتي ممكن تكون خاطئة فبالخارج تضمن النجاح اكثر، * ثم بسخريةً اردف * وعاد لو قالو نفس كلامي الله معك
ثمّ بقهرٍ وغلّ اغلق الهاتف في وجهه، يشعر باستصغارٍ لنفسه كونه يحاور شخصًا ذا عقلٍ متخلفٍ كهذا.
والآن هاهو يتمدد على ظهره وصداعٌ قوي داهم عقله، بينما نظر للساعة بعينين ضيقتين ليرى أنها قد اقتربت من الواحدة بعد منصف الليل، أي ان أمه الآن نائمة وبالتاكيد تلك المُمرضة أيضًا.


,



أشرقت شمسُ الصباح تحث ذهابَ كلٍّ إلى عمله، بينما في أحد المنازل كانت هناك عائلةٌ تستعد للرحيل، بعيدًا عن الوطن، بعيدًا عن رائحة الرياض.
رفع الحقائب وهو ينظر للساعة فقد تأخروا كثيرًا، ومن أخرهم هي جيهان التي رفضت النزول لأنهم سيخرجون معه، تأفأف بملل : عمي تأخرنا كثير واحنا باقي بنسلم على الأهل .... ما رضت تنزل؟
أغلق يوسف الهاتف بعد أن كان يتحدث مع أرجوان بغضبٍ من جيهان التي ترفض وإلى الآن النزول، ثم نظر لفواز ليومئ برأسه، وهنا ثار فواز الذي هدر بغضب : مو هي اللي طلبت تسافر لبروكسيل! وش صار الحين؟
زم شفتيه بغيضٍ وهو يدرك تمامًا سبب رفضها الذي لم يتحدث عنه يوسف ليردف : اسمح لي عمي بنزلها بنفسي
كان يوسف سيرفض ليذهب لها هو لكنه تراجع، هذه الفتاة أصبحت عنيدةً بقدرٍ قد يجعله يفعل معها ما لا يريد، فلينظر ما الذي يستطيع فواز فعله، حتى وإن كان سبب رفضها هو وجوده معهم، لكنها قد تشعر بالحرج إن صعد لها هو، بالرغم من أنه يكاد ينفي هذا الإحتمال، لكن فليجرب.
عندما صمت يوسف دخل فواز للبيت بغضبٍ لم يستطع كبته، ثم توجه مباشرةً للأعلى قاصدًا غرفتها. من تظن نفسها هذه الفتاة! ألا تدرك أن لكل صبرٍ حدود؟ هي هذه الفترة أصبحت شخصًا لا تطاق أفعاله وهو من سيعدلها ويعيدها لعهدتها وأفضل.
توجه لغرفتها وهو يرسم الجمود على وجهه بينما هو داخله يشع من الغضب، فتح باب الغرفة دون أن يطرق الباب، فغطت أرجوان وجهها بسرعةٍ وقد كانت مرتديةً لعباءتها ورافعةً النقاب عن وجهها، عكس جيهان تمامًا.
زفر فواز بغضب : ممكن تتركينا لوحدنا ... أنا بتصرف معاها
جيهان بغضبٍ وحقد : مين سمح لك تدخل!
لم تقل أرجوان كلمةً واحدة وخرجت بصمت، فاتجه فواز بغضبٍ نحوها ليشدها من زندها بقسوة : وبعدين معاك إنتِ ... يلا البسي عبايتك الحين وامشي قدامي
سقطت دموعها دون سابقِ إنذارٍ فصُدم منها، أصبحت دموعها تسقط ببساطةٍ بعد أن ذُرفت أسابيعًا لأمها، ولم تنضب إلى الآن.
جيهان بفظاظةٍ وهي تحاول نزع يده عنها : وخر عني يا الخايس ... كسرت عظامي يا علك للكسر
ثبتها بقوةٍ أمامه وهو ينظر لعينيها الباكيتين : الحين انتِ وش سالفتك مع البكاء؟؟ كل ما قلت لك كلمة طيحتي لي هالدموع!
جيهان وهي تشد على أسنانها : مالك شغل ... اتركني
فواز بعناد : ماني تاركك لين ما تقولين لي وش مبكيك
جيهان : وش مكيني غير وجهك ذا ... أكرهك ياخي ما تفهم
فواز بقسوة : ما كان هذا كلامك قبل
جيهان بألم : كنت أحبك كأخ افهم ... لا تضحك على نفسك بكلام قلته لك في محور أخوة
فواز وهو يدرك أن كل ما تقوله هو الحقيقة، لكنه يمنّي نفسه بشيءٍ يتمنى أن يتحقق : وياكثر ما اثنين اعتبروا بعضهم أخوان واتزوجوا في النهاية وعاشوا يحبون بعض كزوجين .... وش اللي اختلفنا فيه الحين؟
جيهان بقهر : اللي اختلف أمك وطريقة زواجنا!!!!
نزعت يدها بقوةٍ وهي تتجه لعباءتها ترتديها بسرعة، بينما استدار هو عنها يعض شفته ليكبح انفعالاته.
كانت ترتدي عباءتها بانفعالٍ بادي عليها والغريب أنها ترتديها بكل رضا، وستذهب بكل رضا وهو موجودٌ معهم، وكأنها فقط كانت تنتظر حضوره لتفرغ غضبها وتوافق على الذهاب دون مشاكل.
ما إن انتهت حتى مشت قبله بسرعة، فنظر إليها باستغرابٍ وتبعها.
نظر يوسف لجيهان بصمتٍ ما إن نزلا، فشتت نظراتها عنه وصعدت، ومن خلفها صعد فواز جهة السائق ليصعد من بعده يوسف بجانبه.
فواز : مشينا!



,



تردد صوت خطواته المتعدية للدرج وأمه جالسةٌ في الصّالة كعادتها في هذا الوقت من الصباح، وصل إليها فقبل رأسها وابتسامةٌ زينت وجهه، ابتسامةٌ ليست ككل إبتسامات الصباح، بل اليوم كانت إبتسامته توحي بالراحة، بالسعادة، حتى أمه انتبهت لذلك
أم سيف باستفسار : غريبة منت مستعجل لدوامك اليوم
اتسعت إبتسامة سيف : وشوله الإستعجال! ما عندي شغل متراكم مثل كل مرة ... تطمني
أمه بتعجب : بتفطر معنا؟
جلس بجانبها بأريحية : وش المانع؟
ابتسمت أمه : والله إنه يوم مبارك
ضحك سيف : فديتك والله .. ما المبارك إلا افطاري معك .... الا وين ديما ما أشوفها؟
أمه : تحضر الفطور مع الخدامة
أومأ برأسه وهو يتناول الجريدة من الطاولة ليتصفحها، وفي دقائق كان صوت ديما قادمٌ باتجاههم يناديهم : عمتي يلا الفطور جاهز
ثم وجهت نظراتها لسيف بسخرية : بتفطر معنا اليوم؟
سيف بهدوءٍ ينظر للجريدة : ايه
لم تتبع بكلمةٍ واحدة وهي تتجه للسفرة التي فرشتها ومعها أم سيف الذي أنزل الجريدة ينظر إليها بصمتٍ حتى اختفت عن أنظاره، ثم وقف ليتجه إليهم.
بعد الإفطار. كان سيف قد اتجه للمغاسل ليغسل يده ثم نظر لساعته متعجبًا من تأخر فواز الذي كان قد اتفق معه على أن يوصلهم هو للمطار ثم يعود بسيارة فواز، لكنه تأخر فتعجب من ذلك.
جفف يده واتجه إلى مكان جلوس والدته وديما، ثم رفع هاتفه ليتصل بفواز، وقد كانت نظرات ديما تتبعه.
لمَ تشعر بالسعادة؟ ما الداعي لكل ذاك البركان الدافئ الذي يُنعش قلبها الآن ومنذ أن استوطنت أحضانه البارحة، منذ أن شعرت بأنفاسه تتدفق على بشرتها بعد غيابٍ شعرت أنه أعوام؟ ... ابتسمت بسخرية على حال قلبها ... وكم سيسخر عقلها طيلة الأيام القادمة عليه.
انتبهت لنظراتِ سيف التي وُجهت لها بعد أن أغلق الهاتف، يبدو أنها تمادت في النظر إليه وأطالت إلى أن لاحظها. شتت نظراتها عنه وهي تعض شفتها الرقيقة بعتابٍ لعينيها فابتسم.
سيف بهدوء وابتسامةٌ شقت ثغره : فواز مار بعد شوي ... جاي يودعك قبل لا يسافر
عادت للنظر إليه بعد أن أيقنت أنه يوجه حديثه إليها، فأومأت برأسها.
اتجه سيف للأعلى ليُحضر محفظته التي نسيها، فاستغلت الفرصة واستأذنت من أم سيف لتتبعه، وحين دخلت كان هو في وجهها قد خرج من غرفتهما .... غرفتهما! أجل أصبحت غرفتهما منذ أن عادا إلى بعضهما. بلعت ريقها ثم رطبت شفتيها بلسانها وأخذت زفيرًا واندفعت إليه وهو ينظر لها وقد أدركَ أن في جعبتها حديثًا.
سيف باستفسار : شعندك؟
ديما دونَ ترددٍ أو ارتباك : أبيك توصلني
قطب سيف وجهه بتعجب : وين؟
ديما : وصلني القبول من أيام … وودي أروح للروضة
تراءى الغضب أمام عينيه، شدّ شفتيه في أقل من ثانيةٍ وبسرعةٍ دلالةً على بدء غضبه : طنشتي أمري وسويتيها؟
هزت رأسها بالموافقة وبكل ثبات، حتى وإن كان قلبها يُبحر في عشقه، إن كانت تشعر بكل تلك السعادة لعودته، لن تظهر ذلك وستبقى تحفظ سعادتها وحبها في نفسها ولن تظهر له إلا الجمود، يكفي ذلًا يا سيف.
سحب أنفاسهُ بشدةٍ يحاول ضبط أعصابه بتجديد الهواءِ في دمه. ثم هدر ببرودٍ يجيد حبكه جيدًا معها : ريحتك طبخ ... وأنا ما أرضى لزوجتي تكون ريحتها خايسة وسط الناس
نظرت إليه بعينين متسعتين وملتهبتين غضبًا، فابتسم بعبثٍ يريد استفزازها، هي تعانده وهو سيفقدها صوابها، وهذا العقاب الأمثل حاليًا بالنسبة إليه.
ديما بقلة صبر : أبدل ملابسي الحين
نظر لساعته وهتف بهدوء : فواز جاي الحين وبوصله المطار .... ما عندي وقت لك
ثم تعداها بكل برودٍ قاصدًا الخروج من الجناح، فشدت على أسنانها بغضبٍ لتهدر بصوتٍ خرج عاليًا قليلًا : روح ماني بحاجتك ... السواق موجود
استدار إليها بسرعةٍ متجاهلًا رفعها لصوتها، والشطر الثاني من جملتها أثاره بشدة : أقص رجولك لو تسوينها
تدرك جيدًا الغضب الذي يعتريه إن طلبت ذلك، يكره أن يدعها تذهب مع السائق حتى أنه لم يحضره إلى منذ وقتٍ قريب، ولأجل أمه فقط، فهو في بعض الأحيان يكون غير موجودٍ في الوقت الذي تحتاجه أمه، لذا وضعه لها، ومنعها هي من الركوب معه وإن لم يكن موجودًا لا تخرج إطلاقًا.
هدرت بعنادٍ لا تدرك عواقبه : منت داري إذا خرجت أو لا ... انت روح مع فواز وأنا بطلع مع السواق ... وبدفع له عشان ما يتكلم
اقترب منها بغضبٍ وضح جليًا على صوته : وصرنا متعلمين الرشوة والعناد!! من متى طلعت شخصيتك يا مي
ديما بغضبٍ وكلامه يُشعرها بالذل : من زمان بس منت ملاحظ .... واسمي ديما يا أستاذ
وقف أمامها مُباشرةً ليرطب شفتيه ويهمس : عالعموم أنا نازل الحين والحقيني عشان أخوك ... والهبال ذا اتركيه عنك ... لأن السواق يشتغل عندي وما أتوقع إنه بيخاطر بشغله عشانك انتِ
لم يستطع أن يخفي آثار القهر في كلامه والغضب الشديد، إلا أنّ صوته خرج واثقًا هادئًا ثم اتجه للباب بكل هدوء وهي الأخرى تشتعل، لن تدعه هذه المرة يغلبها ويخرج هادئ الملامح وهي مغتاظة، فليأخذا دور بعضيهما هذه المرة. صرخت بغضبٍ تريد استفزازه بكذبةٍ لم تدرك مفعولها جيدًا : لعلمك ترا ماهي أول مرة أفكر أطلع معه ... اللي قبل ماهي تفكير، كانت تنفيذ
وقف في مكانه متجمدًا للحظات، وهي تتنفس بقوةٍ غاضبة من كل شيء، كل ما حولها يشعرها بالغضب والغيظ، صار الجماد هنا له كرامةٌ عكسها هي، وهذا ما يغضبها مما حولها وإن كان جمادًا. اتجهت لغرفتها بخطواةٍ غاضبة لكن يده القاسية كانت أسرع لتلتقف ذراعها وتوقفها أمام وجهه الغاضب : طلعتي معه؟؟؟؟
تعطّف وجهها بألم وهي تحاول سحب ذراعها ولازال الغضب داخلها قائمًا : نزّل يدك
سيف وهو يشد على يدها دون شعورٍ وهو يتجاهل ألمها، بينما وجهه كان يقترب من وجهها بغضبٍ وعيناه تطلقان شررًا : متى طلعتي معه؟
ديما بعنادٍ تتجاهل غضبه وألمها : كل طلعة انت تكون مشغول فيها هو يوصلني .... يووووه اترك يدي تراك عورتني
لوى يدها أكثرا، وأنفاسه بدأ صوتها بالإرتفاع. فصرخت متأوهةً وهي تحاول تخليص يدها بينما تشعر بجلدها يُنتشل.
سيف بغضبٍ يرتعش به جسده : أنا ما قلت لك شغلة خروج المرة مع السواقين ما أحبها؟؟؟؟
ديما بألم : آه سيف اتركني
سيف بغضبٍ يزداد بازدياد ألمها : ومع كذا معاندتي ورامية بأوامري بعرض الحائط؟؟؟ ... أنهيتي آخر تفاهم ممكن يكون بيننا يا ديما
تأوهت حين شدّ على يدها أكثر ليتركه بعدها ويُخرج هاتفه الذي كان يرن منذ فترة، لكنّ سيف تجاهل صوته قبلًا ورد الآن على المتصل بصوتٍ لم يستطع أن يخفي كل الغضب به، بل حاول إخفاءه ولم ينجح : هلا فواز
يا الله، غضبه هذه المرة أثار رعبها حد الموت، ألهذه الدرجة يبغض خروجها مع السائق؟
ندمت، ليتها لم تقل ما قالته …. عضت لسانها ويدها ترتعش، ليتها لم تتكلم، ليتها عقدت لسانها قبلًا!!
لا لا لا ... لا تستسلمي له ياديما، يستحيل أن أوضح له ندمي، بل يستحيل أن أندم من الأساس، هو يستحق! كفاكِ سذاجةً وافتحي عينيك، يريدكِ مجرد جاريةٍ تُطيعه في كل شيء، في رغباتهِ وأوامره، يتلقى الحُب منك ولا يغرقكِ به، لا يعرف معناه ولا يجيد حياكته، لا يعرف معنى العدل ... دققت النظر في ملامحه المشدودة وهو يكلم فواز، لتزم شفتيها بقهر ... لن أندم!!!
بعد أن أنهى مكالمته استدار برأسهِ ناحيتها لينظر لها بنظراتٍ لا تُفسر، وهي بدورها تنظر إليه بثقةٍ مُصطنعة وغيرِ مُبالاة ... ثم دون كلمةٍ خرج.
سحبت أنفاسها بصعوبةٍ وهي تجلس على أقرب أريكة، تحرك يدها أمام وجهها تشعر بحرٍ شديدٍ يهاجم كيانها. كانت دومًا قبل أن تتزوجه مُعززةً في بيتِ والدها، فكيفَ حال بها الأمر لتصبح بين براثن هذا البشريّ السادي، والذي لا يمد برحمة البشر بصله.
" معقّد " ... نطقتها بصوتٍ خافتٍ وهي ترجع رأسها للخلف تسنده على حافة الأريكة، وعيناها تشردان في السقف المنقوش.
لتهمس بتأوه : ماطرى في بالي إن الحب ممكن في يوم من الأيام يكون معنى لجحيم ارتسم في دنيا لها زوال ... ولا طرى في بالي إن الحب ممكن يكون سَموم تنشر لهيبها بين أضلاعي ..... آه يا سيف آه ... أحبك ولاني بلاقيه حل ينصف هالحب



,


يضحك معهم على طاولة الإفطار بينما تلك ترد عليه بشيءٍ من الفظاظة المعتادة بها، حتى وإن كانت تصمت مطولًا أو تشرد ما إن يغفل أخواها عنها إلا أنها تبدأ بالتحدث والضحك حين يُحدثانهما.
رنّ هاتف سُلطان برسالةٍ ما، ليأخذه من على الطاولة وقد كان يضعه جانبًا، وحين رأى المُرسل ابتسم، وتلك الإبتسامةُ الخبيثة التي تلألأت على ملامحه كانت مُتجليةً أمام عناد الذي فهمها بسرعة، ليقطب جبينه لكنه حاول تجاهل القلق الذي اعتراه، وذاك عضّ طرف شفته ليرفع هاتفه ويبدأ بخطّ جملةٍ واحدة ( إبدأ بالتنفيذ وقت ما أعلمك أنا )
ثم أدخل هاتفه في جيبه وهو يبتسم إنتشاءً، ابتدأ العقاب يا عمي، ابتدأ فانتظرني.
وقف لتنظر له أمه : خير على وين؟
سلطان بابتسامة : الخير بوجهك طالع ضروري عشان شغلة بالشركة
لوى عناد شفتيه، ثم هتف : اجلس لين ما نطلع سوى
عاد ليجلس بصمت، ليهتف عناد : فواز اتصل من شوي وقال لي إنه طالع للمطار، ما يمديك نطلع له ونودعه!
سلطان بهدوء : ايوا هو كلمني أنا بعد ... بس للأسف ما يمديني أودعه بالمطار وأنا قلت له
أومأ عناد : ما عليه، زين اننا التقينا فيه أمس وودعناه مرة وحدة
غيداء بتأتأة تحشر أنفها : الله يخلف على صداقة بهالشكل ... أنا لو منكم رحت لصديقتي لين الطيارة لحتى أودعها
كان عناد بجانبها فضربها بمرفقه : اكلي وانتِ ساكتة لا أدخل الملعقة بعينك
عبست : الحين أنا وش سويت؟ أبديت رأيي بس
سلطان وهو يحرك ملعقةً في يده : رأيك خليه لنفسك
تعلم أنهم يريدون إغاضتها بالتماسك معًا ضدها بالكلمات، لذا كشرت وهي تكمل طعامها هامسة : مريضين



,


تشعر بترددٍ إلى الآن من الخروج من غرفتها، حتى الجامعة هذا اليوم لم تذهب إليها واعتذرت من خلف الباب لهديل بأنها مُتعبة. كيف يمكن للذنب أن يزرع نفسه قسرًا بها؟ شددت بأناملها على مفرش سريرها القُرمزي، ثم دون سابقِ إنذارٍ سقطت دموعها. لم تفعل شيئًا، تريد أن تقسم للكل بأنها لم تفعل شيئًا، فكيف تتهمها أم ياسر بنظراتها؟ كيف يمكنها أن تفقد ثقتها بها هكذا بكل بساطة؟ ستقتل نفسها، ستقتل نفسها تقسم بذلك، فكيف يمكن لشخصٍ أن يتحمل هذه النظرة من أمه.
أنّت وهي تدفن وجهها في وسادتها تكمل بكاءها بنشيجٍ خافت، هي ضعيفةٌ على كل حال، ضعيفةٌ وهي باسمةٌ معهم، فكيف ستبدو إن كانت باكيةً دونهم.
إلين بنياحٍ تشدّ على وسادتها : آه يا ربي أنا شسويت عشان يصير فيني كذا!!!!

من جهةٍ أخرى

هتف بنفاذ صبرٍ وهو يهز ساقه : يمه وبعدين!
هالة بقسوة : اصصصص ولا كلمة سامع ... هالبنت أنا خلاص ماعاد عندي ثقة فيها .... وانت من اليوم تتعدل وتترك حركات المراهقين ذي
ياسر : لا حول ولا قوة إلا بالله
هالة وهي تضع كفيها على رأسها : ما خفتوا ربكم في اللي تسوونه؟؟؟ ما فكرتوا في هالخطوة قبل؟؟
أردفت بغضبٍ كبير وهي تشد على قبضتها فوق رأسها : الله يهديك ولا يسامحها
وقف ياسر بقوةٍ وكل الكلام لا يعجبه : حرام عليك يمه هي شسوت؟ ماهي مشكلتها إذا كانت فكرتك عن كل اللي صار غلط
هالة : الغلط اللي سويتوه وكل شيء واضح قدام عيوني .... لا تحاول تخبص براسي ...... يووووه أنا ليه أكلمك دام إنها فرت راسك هاللي ماعرفت التربية
انتفض ياسر ثم هتف بعتاب : تراها تربيتك وتربية الوالد قبل كل شيء ... هي بالنسبة لي أخت ومستحيل أرضى باللي تقولينه عنها، عشان كذا أنا قايم
ودون كلمةٍ أخرى وقف ثم خرج بسرعةٍ وهو يرتعش من انفعاله، في النهاية كل شيءٍ ارتد عليها، هو من يجب أن تلومه أمه وليست هي ... عض شفته بقوةٍ وهو يشعر بالقهر يتغلغل فيه، حتى أنها اليوم لم تذهب للجامعة ولم تخرج من غرفتها على الأقل!
زفر وهو يتابع طريقه للخروج من البيت متجهًا لعمله، بالرغم من أنه لا يشعر بالرّغبة للذهابِ إليه.
تذكر كلام أمه البارحة، ما الذي كانت تقصده؟ ما الذي سمعته عنهما؟ هناك شخصٌ يحشو رأس أمه بقصصٍ واهية قد تنفي وجود إلين بينهم
همس من بين أسنانه : يخسون ما يلاقون شقّ لتخريجها من البيت
وفور خروجه من الباب كانت سيارة فواز واقفةً ليسلم على عمته ومعه يوسف وبناته.
وقفت على صوت ياسر الذي جاء يخبرها بوصول خاله وبناته ومعه فواز، فبلعت ريقها وهي وإلى الآن تشعر بالخوف والتوجس منه، وبالكثير من الندم، طيلة الأسابيع الماضية لم يلتقيا وهاهما يلتقيان أول مرةٍ بعد المشاداة التي حصلت بينهما وبعد طرده لها.
اتجهت إليه لتقف للحظات أمامه
فابتسم بهدوءٍ هامسًا : ما بتودعيني؟
ارتعش فكها بعبرة، ودموعها بدأت بتغطية رؤيتها. هكذا كان وهكذا سيبقى، كان ولايزال الأحنّ عليها من أخيها الآخر، وبكل بساطةٍ يغفر لها زلاتها ويسامحها على كل كبيرةٍ وصغيرة، أمسكت بيده اليمنى تدفئها بين يديها، وهي تهمس بعبرةٍ مُختنقة : ياليت لساني انقص ولا قلت اللي قلته
تنهد وهو يجتذبها ليحتضنها ويُقبل رأسه : ترا نسيت السالفة ... فلا تفتحينها من جديد
أومأت برأسها وهي تشعر بالندم يأكلها، كم كانت ساذجةً حين قالت ما قالته.



,



بعد ساعةٍ إلا رُبعًا
في المطار



كان يُجري آخر المعاملات مُستعدين لمُغادرة الرياض بعد أن مرّوا على كل أقاربهم لتوديعهم. بعد لحظاتٍ إستدار إليهم وهو يحرك رأسه ليتحركوا. ودعوا سيف الذي كان معهم واتجهوا نحو بوابة المغادرة
راحلين .. مودعين لكل لحظةٍ كانت قد صُورت هنا وبين حدود وطنهم، وعلى ما يبدو ... فالقدر قد اختار عدم عودتهم هُنا وهذا الواضح جليًا أمام أعينهم.
بينما كانت هي معهم تنزف عيناها المغطيتان بدمعٍ لا مفر منه، بدمعٍ خرج رغمًا عنها لأنها مع كل ذرةٍ في كيانها هي تصرخ بحبها لهذا الوطن، والذي يحتضن في أحشائه جسد أغلى من كانت تغطي حياتها بسحر الضحكات.
غادرهم سيف بعد أن أقلعت طائرتهم متوجهًا لعمله، وما إن ركب سيارة فواز وحركها حتى رفع هاتفه، وبعد لحظاتٍ وصله الصوت الذي كان ينتظره، فهتف بثقةٍ وهو داخله يحترق : الو .. زين
السائق زين : نعم
سيف : وينك؟
زين : في البيت مستر
صمت سيف قليلًا ثم هدر : جاك اتصال من البيت ... المدام طلعت معك؟؟؟
زين : لا المدام مافي اطلع في وقت مثل كذا
سيف وبنفاذ صبر : أقصد زوجتي
استغرب زين سؤاله فهو يتذكر جيدًا أنه لم يوصل زوجته إلى أي مكانٍ منذ بداية عمله : لا
سيف بحدة : اسمعني عدل .... إن عرفت إنك تخيط حكي منها أو من راسك، يعني تكذب ... فاعرف إن نهايتك على يدي ... ونشوف وقتها مين بيفككم مني
ارتعش زين خوفًا منه، وما إن فتح فمه ليحلف له بصدقه حتى أغلق سيف في وجهه بفظاظة، ودون تقدير أنه مثله تمامًا - بشر -
سيف بحدة : مو ناقص إلا انت توصل زوجتي ... وهي الثانية حسابها عندي، سواءً صادقة في اللي قالته والا كذابة ... تستفزيني ياديما تستفزيني بهالسواق؟؟؟



,




الثانيةُ بعد الظهر


انخفضت جفناه بشرودٍ وهو يحرك أنامله بهدوءٍ على جدار الغُرفةِ المحترق، لو كان تعظيم الأماكن جائزًا لكان أول مكانٍ يُعظمه هو هذا. حرك قدميه على الأرضية القاتمةِ من أثر الحريق وهو يكمل لمساته على الجدار الخشن، حتى وصل لجزءٍ كان يحمل أحدى صوره مع والده ومع سلمان، كان الجُزء يتضح به أثر وجودِ صورةٍ مُستطيلةٍ قبعت لأعوامٍ فأبى هذا الجزء إلا أن يُظهر علامةَ الإتحاد بينه وبين ما كان يحمله.
سحب أنفاسه بصعوبة، كم سيشقى وهو يحاول تصنع الإبتسامة أمام من يعرفهم، فكيف سيكون حالُ شخصٍ تصنع الإبتسامةً وسط ضجيجٍ من الآلآم. من قال يومًا أن الإبتسامة تبعث السعادة والراحة وإن كانت مزيفة؟
سمع صوتَ خطواتٍ تتجه للمكتب الحجري فرفع رأسه بسرعةٍ مستغربًا، من الذي سيجرؤ على الإقتراب من هنا وهو قد حذر من أن تخطو قدم أي شخصٍ أقل من عشر خطواتٍ من الباب المُتهالك؟ حتى العمال منعهم من تغيير أيّ شيءٍ هنا وذلك لأمرٍ في نفسه.
خرج بهرولةٍ ليصطدم بوجه سلمان وسط المكان الذي كان العمال يتحركون به، وهاهي عيناه تستكن بعد أن ارتجفت حدقتاه بشعورٍ لا يعرف هويته، أهو مضطرٌ أن يُجدد في كل مرةٍ تلك المكالمة فقط ليصدق أنّ والده الثاني هو من قتل الأول! ربما لو أنه فقده في ظروفٍ طبيعةٍ كالموت مثلًا لكان وجعه أقل من أن يفقده بهذا الشكل المؤلم.
صد بعينيه عنه ثم أعادها لمحور جسد سلمان حتى لا يظهر أمامه بصورةِ الضعيف، ثم هدر : شلون تتجرأ تخطي عتبة هالبيت بعد اللي صار
رفع سلمان رأسه قليلًا وهو يأخذ نفسًا قويًا : شلونك؟
سلطان بامتعاض : يسرك الحال من بعد اللي صار
ابتسم سلمان : مين قال؟
سلطان : عيونك
ضحك سلمان بشدةٍ لم يستطع منعها، هاهو طفله الصغير يقدم امكانياته في قراءة الأعين بعد أن كان تعلّمه على يديه.
سلمان بتسلية : الله يزيدك من علمه
استدار سلطان نصف استدارةٍ وهو حقًا لايريد أن ينظر في عيني والده، تأوه بقهرٍ من كل تلك الأفكار التي تداهمه، ليس والده وهذا الشيء الوحيد الذي استطاع تصديقه، حتى وإن حمل نفس الدم إلا أنه دمٌ فاسدٌ ملوث لا يمد للبشرية بصلة .... هو سلمان فقط، لا أبٌ ولا عمٌ ولا أخٌ أيضًا. وسيتقم، سيندفع لما يُخطط ولن يتراجع لشعورٍ غبي بالإنتماء إليه.
أردف سلمان بعد أن صمت سلطان للحظاتٍ طويلة : ودي أكلمك في موضوع مهم
نظر إليه سلطان بسرعة : للأسف ما عندي وقت
سلمان : مو من اللائق تدّعي الإنشغال وأنا أبوك قبل لا أكون عمك
أبكل وقاحةٍ يأتي ليقول ذلك بعد كل مافعله!!!
شعر سلطان بأوداجه تشتعل نارًا، يريد استفزاه ويدرك ذلك جيدًا : حاشاه
كان يقصد فهد والذي من المستحيل أن يصل شخصٌ قذر مثل سلمان إلى مكانته
ابتسم سلمان فأردف سلطان : لا تضطرني للفظ كلمة - اطلع - ... فياليت تعمل فيها قبل لا انطقها
سلمان : نطقتها وانتهى الأمر .... بس بخيب ظنك لأني ماراح اعمل فيها
سلطان بحدةٍ ينظر إليه : والنهاية!!!
سلمان بثقة : بعد ما أحكي معك
زفر سلطان بضيق، فهو إلى الآن لا يستطيع أن يتقدم بخطوةٍ قاسيةٍ نحوة، شيءٍ ما يصده عن كل مايريد والذي يجب أن يكون.
تمتم بالموافقة ثم ولج لإحدى المجالس العربية التي تم تصليحها وغير بها الأثاث، ليتبعه سلمان بصمت، وابتسامةٌ ترتسم على شفتيه.
بعد لحظاتٍ كان سلمان قد وصل لصلب الموضوع الذي جاء خصيصًا لأجله " بغيت أكلمك في خصوص الغزل "
اتبع جملته تلك بالصمت حين رأى نظرات سلطان تركزّت عليه، وفي زوايا عينيه ظهر أسى لا يعلم ما سببه : انتهى هالإسم من حياتي
سلمان بتعقيدة حاجبيه : ليه؟ هي وش ذنبها؟
سلطان : ذنبها علاقتها في أحمد اللي كان شريكك في كل جرايمك
سلمان بانفعال : مو من العدل تـ ....
رفع سلطان كفه بمعنى أن يصمت، ولأول مرةٍ يرفعها في وجهه. أيأتي الآن يتحدث عن العدل وهو من أراق دم أخيه بغيًا في المال! أيأتي مُتأسيًا راحمًا لغريبٍ وهو لم يعمل بأي من هذين مع من له نفس الدم!
هدر سلطان بعينينِ ضيقتين تحملان وجعًا كبيرًا : لا تظنّ إنك تقدر تحدد مستقبلي مثل ما أوديت بماضيّ للهلاك. انتهى زمنك يا سلمان وانمسحت كلمتك علي، مكانتك انعدمت من الوجود ولا لك قرار في حياتي.
وقف بانفعالٍ ليُردف : وبالنسبة لغزل، أنا فكرت كثير قبل هالقرار ... كرهها انزرع بقلبي بعد كل الود اللي كنت أكنه لها، ومالها عندي غير الضيم رغمًا عني لو عاشت معاي، ما بقدر أمثل قدامها الحُب وأنا في داخلي أكره أصلها لأنه من أصل أحمد .. ولا ودي أظلمها وانت مثل ماتقول مالها ذنب - ابتسم بسخرية - مع إنّي أشك وكلُ فتاةٍ بأبيها معجبة، وش اللي يخليني أتأكد إن صفاتها بعيدة عن صفات أبوها؟ .... عشان كذا، بينتهي هالزواج قبل لا يبتدي فعليًا
زمّ سلمان شفتيه يحاول السيطرةَ على أعصابه، ثم هدر بفحيحٍ أقرب للأفعى : مو بهالبساطة يا ولد فهد
سلطان بتحدٍ ساخر : تبي تهدد؟
سحب سلمان أكسجينًا ببطء، يجب أن يسيطر على أعصابه كي لا يُفسد ما خطط له : سنة وحدة بس
رفع سلطان حاجبه : نــعــــم!
سلمان : احنا عايشين في مجتمع مايرحم وانت عارف هالشيء، تبيهم ينهشون فيها لطلاقها وهي حتى ما عتبت باب بيت زوجها؟؟ عشان كذا للعدل .... خلها في ذمتك سنة وحدة على الأقل، وهي مالها ذنب عشان تتعاقب بجرمنا
ضحك سلطان بصخبٍ لم يستطع إخماده، ضحك ضحكةً ساخرةً حملت في جنباتها الكثير من الألم. ساخرٌ منه، بل ساخرٌ من نفسه قبل كلّ شيء، يحبه، وآهٍ من كل ذاك الحُب الذي يكنه تجاه من يعترف بجُرمه بينما غيره من المجرمين ينفونه عنهم لمعرفتهم لعواقبه، يتمنى لو أنه في كابوسٍ لا وجود له واقعًا، يتمنى أنه لم يقتل والده حقًا، لا يريد أن يصدق، ولا يريد أن يخضع لأمنياته، هو الزمن لطالما صفعه سابقًا وهاهو يكمل صفعاته.
آهٍ يا والدي الثاني، ليتك تعلم بمقدار كل الألم القابع في صدري الآن، يؤلمني قلبي ولا طاقة لي بتحمل كل هذا الألم، يؤلمني مستقبلي دونك بقدر ما آلمني حقيقةُ ماضيّ معك، كيفَ لك هذا القلب؟ بل كيف تحمل نفس دمِي وأنت الذي لم تشعر بنفس الحزن الذي أشعر بجريانه مع دمائي! أين أنت يا من أحببت؟ أين أنت يا من كنت أناديك - يبه -؟ انت شخصٌ آخر، أنت روحٌ أخرى وجسدٌ رديءٌ لا هوية له، أين أنت بالله عليك؟.
ضحك وضحك، ثم استدار يرفع رأسه للأعلى يغمض عينيه بقوة، لن يبكي، لن يذرف دمعًا بعد التي سقطت على موت والده، وهو الذي لم يبكي سابقًا للحقيقة، فكيف سيبكي الآن؟ ... توقفت ضحكاته، وكثيرًا ما كان البُكاء يتبع الضحك، لكنه سيكون من القليل الذي كان الموت يتبع ضحكهم.
كان من خلفه يراقبه. يبكي؟ ابن أخيه يبكي؟ ... ابتسم ... أجل قلبه يبكي حتى وإن قمع الدموع في أعمق عينيه، إلا أنه يسمع أنين قلبه ويستشعر رجفته بين أضلعه، ابكي ياسلطان، ابكي، فمن مصلحتك البكاء لتجف دموعك قبل القادم الذي سيفجر ينبوع عينيك قسرًا!!
همس سلطان وهو لا يزال يعطيه ظهره، بصوتٍ خرج هادئًا بعد نوبة ضحكهِ تلك، وكأنما انفعاله حُرر في الهواء مع موجة ضحكاته : سنة بس
تشدق سلمان : وبعدها براحتك تطلق ... بس قبلها ماتطلق لو على ايش
أمال سلطان برأسه وهو يتذكر ملامح تلك الغزل. حقًا، ما ذنبها هي؟
خرج صوته بنفس الهمس لكنه شارد : بشرط
سلمان دون تردد : اشرط
سلطان : زواج صوري .... ماراح يتعدى كونه عالورق
اتسعت ابتسامة سلمان .. وهذا هو ما أراده أحمد بالفعل : لا تهتم من هالناحية
استدار إليه سلطان ليهدر بجمود : فيه شيء ثاني؟
هز سلمان رأسه وابتسامة انتصار تزين ملامحه الوسيمة تلك، والتي لم تفقد نظارتها رغم كونه في الأربعين، ملامح والده، لا بل والداه، هزّ رأسه ينفض تلك الأفكار عن رأسه، وذاك يراقبه، يعيش في صراعٍ قد يؤدي به للجنون ... بلل سلمان شفتيه ... كان الله في عونك الأيام القادمة ... كان الله في عونك



,




لك كل الحق في الحب، وليس لكَ الحق في اختياره. قاعدةٌ كان القلب قد تعلمها منذ أوج ازدهار صاحبه، فمنذ متى والحب يختار من يريد، بل أن الشخص هو من يختار أن - يُحَب -
هكذا كان هو، وهكذا كان قلبها، أحبه دون اختيار، والآن لا يملك القدرة على تخطي هذا الحب، بل لا يملك الرغبة لا القدرة!
اسمه " متعب " وكم هو متعبٌ حبه، وكم أتعبها فراقه بعد موته، والآن هي تتخبط في زيجةٍ لم ترغب بها فعليًا، ورغمًا عنها ستكملها.
قلبها يُؤلمها، أصبح ضئيلًا جدًا لا يتسع لشيءٍ بعد الذي اتسع له. هاهو الحُب يرتبط بتلك العضلة، حتى بعد أن أُكد عبر الدراسات أن الحب مرتبطٌ بالعقل لا القلب. هل أصبح للحب علاقةٌ بمرض الوهم؟ حتى يتوهم صاحبه أن قلبه يتقلص كلما رأى حبيبه، يتألم كلما ابتعد عنه؟ وكما القلب لم يقتنع أن يُنفى في علاقات الحب، كما الأبيات والقوافي امتنعت عن زجّه بعيدًا عن أوجاعهم وتوهماتهم.
هي من قام بتكفين نفسها! هي من قام بحفر قبرها. لمَ وافقت؟ تأوهت ألمًا وهي تغرس أضافرها في وسادتها، لمَ وافقت؟ لمَ ضحت به؟ لمَ أنهت شهور وفائها، كلّ شيءٍ انقلب على رأسها، فلمَ لا تنقلب هي الآن على شيءٍ من كومةِ الأشياءِ تلك.
ستطلب الطلاق ... أجل ستطلب ولن تأخذ ذلك بعين الجنون، فالجنون هو زواجُ أرملةٍ تعيش الآن على عشق مُرّملها، لذا ستطلب الطلاق منه حرفيًا، فالندم ينهشها نهشًا بعد أن وقّعت على تلك الورقة التافهة!!
كانت تغرق في أفكارها حين سمعت صوت الباب، لتجلس وهي تضع يدها على صدرها، تشعر بالإختناق يداهمها، وتنفسها بات ضعيفًا، لتتأكد أن الربو عاد بعد أن غادرها فترةً وجيزة.
دخلت أمها بعد الطرق، لتبتسم لها بأسى، وأمها تنظر لها بسعادةٍ عظيمة، وهي على يقينٍ أن ابنتها ستسعد معه، مع من تبكي الآن خيانة عشيقها معه.
جلست بجانبها لتمسح على شعرها، وابتسامتها ترتسم على ملامحها العذبة، كيف لها التعبير عن سعادتها الآن؟ ... رباه، إن الأم لا تفيض سعادتها إن كانت راحة أبنائها خامدة، تنفجر فرحًا إن ثارت ضحكاتهم ورأت في المستقبل القريب ثوران الراحة على تفاصيلهم.
أم فواز بحب : أخوك طلع من شوي
أومأت بهدوء : اي جنب علي وودعني
أكملت المسح على شعرها هامسة : كيفك اليوم؟
أسيل : مبسوطة
اتسعت ابتسامتها : متأكدة؟
أومأت لها بصمت، لتحتضنها والدتها بسعادة. آه يا إلهي، أيعقل أن تفكر في قمع هذه السعادة في قلب أمها؟ يا الله، هل لها من الأنانية ما يجعلها ترمي بسعادة الكل لأجل راحتها!. إلهي ساعدني في إتخاذ القرار، ساعدني.



,




وتلك الصغيرة تعانق وسادتها الوردية، تتفكر في البعيد، وعيناها تنظران للفراغ دون وعي، منذ ما حدث وهي ليست هي، تريد فقط أن تعلم مامعنى ما حدث، لكن من سيخبرها؟ أمها وتخجل أن تسألها، وأخيها يستحيل أن تفكر حتى بسؤاله، فإلى من ستلجأ لتعلم ماالذي يعني ما حدث.
أخذت شهيقًا ثم زفرت، لتنظر لهاتفها بتردد، لن تعلم إلا منها، من تلك المُنفتحة التي لا يُحبذ أخاها أن تمشي معها، والتي أمرها قبلًا بالإبتعاد عنها، أخذته لتتصل وشيءٌ ما داخلها يدفعها للتهور بهذا الشكل، لن ترتاح أبدًا إلا إن عرفت.
بعد لحظاتٍ كان صوت تلك " المايعة " يصل أذنها لتبتسم، من شدة براءتها التي وصلت حد السذاجة هي تصدق كل شخصٍ ولا تظن بهم السوء : أهلين سارة
سارة بابتسامةٍ مُتفاجئة : غريبة متصلة ... نسينا صوتك يا شيخة
تنحنحت بخجلٍ طفولي، وتلك عمرها كان سبعةَ عشر، تدرس معها في الصف الأول متوسط لكثرة رسوبها، بالرغم من أنها كانت تبتعد عنها بأمرٍ من عناد ووالدتها لكن سارة كانت تقترب بحجة أنها تريد صداقتها، وهي بكل سذاجةٍ لا ترفض.
تكلمتا قليلًا عن الحال إلى أن هتفت سارة بشيءٍ من التعالي : وشلون أمك؟ .. للحين تكرهني؟
غيداء وبتطرق سارة للحديث عن أمها وجدت منفذًا للبدء بما تريده هي : أفا وش دعوى، هي ما تكرهك بس ما تحب أخاوي اللي أكبر مني
أمالت سارة شفتيها لتُكمل غيداء بأسى : توها مهاوشتني
سارة : ليه؟
غيداء بتردد : مممم ... كنت أتابع فيلم وفجأة جت لقطات مدري شلون
لا تعلم كيف نطقت بتلك الجملة، لكنها خرجت منها دون وعيٍ وهي تريد أن تصل للحديث الذي تحتاجه، بينما ضحكت سارة : يا الله أمك مدري كيف، ما تدري إن الناس كلها صارت تتابع هالأفلام
ابتلعت ريقها لتهمس : بس أنا ما أتابع
سارة ببساطة : عادي الناس كلها تعرفها مو بالضرورة تظل رافضة إنك تشوفيها بالتلفزيون
هذه كانت قناعة هذا الجيل، بما أنها تدرك الحياة فلمَ تُمنع من النظر لمثل هذه الأمور التي تحدث واقعيًا وهي - سنة الحياة -
هتفت غيداء بارتباك : بس ... بس أنا ما أعرفها ... تخيلي سارة يوم شفت قلة الأدب ذيك في التلفزيون سألت أمي وش معناها قامت ضربتني
تشعر أنها ليست هي، كيف تستطيع قول كل ذلك؟ بينما شعرت داخلها بالخواء، وكأن روحها تعاتبها لوصولها لهذا الإنحطاط بالكلام
سارة بصدمة : ما تعرفينها؟
هزت غيداء رأسها بالرفض وكأنها تراها، ثم همست : عيب
ضحكت سارة مطولًا : يا قلبي عليك ما تعرفين شيء، مين قال عيب؟ هذي سنة الحياة يا بعدي
غيداء بانشداد : كيف يعني؟
سارة : قوليلي وش شفتي؟
احمرت وجنتي غيداء ولم ترد، فهتفت سارة مشجعة : قولي لاتستحين
أخذت غيداء أكسجينًا، وهي تقنع نفسها بالتحدث، لن تصل إلى شيءٍ بخجلها هذا، لذا شرحت لها ما رأته وهو في الحقيقة ما حصل لها، لكنها كذبت بأنه كان في الفيلم، بينما كانت تلك تستمع لها باهتمامٍ إلى أن انتهت، لتهتف : هذا اغتصاب!!!
قطبت جبينها ولم تتكلم، بينما سارة استرسلت بالكلام دون حياء، وهي كالمبهوتة وجهها يحمر تارةً، وجسدها يرتعش تارةً. وفور انتهاء كلامها المطول بقيت صامتة، لم ترد، تفكر وتُقلّب الكلام بداخلها، ما الذي يعنيه ذلك؟ أهذا ما حدث لها بالفعل؟ أهذا معنى ما فعله ذاك؟ أي أنها الآن أصبحت عارًا على أهلها كما تقول سارة، أصبحت أنثى - نجسة -، سيبتعد عنها عناد وستبتعد عنها أمها، سيشعرون بالخيبة بسببها، وسيظل رأسهم يقابل الأرض من العار، والناس ستنظر إليها بازدراء، أصبحت - قمامةَ مُجتمع -!!!
ذلك الوصف أخرس جميع حواسها، إن كانت والدتها تتصنع حبها فهي تكذب لأنها في داخلها تتقرف منها، وكذلك عناد، يراها عارًا عليه، يخجل أن تكون أخته، يا الله، ما هذا الوجع الذي ارتسم في قلبها الصغير! يا الله، ما كل ذلك الخواء في روحها!
ازداد ارتعاشها أخيرًا وهي تغلق الهاتف لترميه وعيناها جاحضتان، أما سمعته صحيح؟ أما سمعته صحيح؟؟؟


.
.
.
.


انتهى

وموعدنا يوم الأربعاء بإذن الواحد الأحد
طبعًا بيكون آخر يوم وبعدها بنبدأ بنظام - بارت واحد - بالأسبوع



+



حساباتي للتواصل


__Twitter : 2aid
ask.fm : Hind__er
__Kik : Qind



ودمتم بخير / كَيــدْ !



كَيــدْ 25-06-14 06:16 PM

رد: قيودٌ بلا أغلال عانقت القدر
 



سلامٌ ورحمةٌ من الله عليكم :)

صباحكم / مساؤكم طاعة ورضا من الرحمن



,


بسم الله نبدأ


قيودٌ بلا أغلال عانقت القدر
للكاتبة : كَيــدْ !



لا تُشغلكم الرواية عن الطاعات



(6)






وهُنا القلب أيضًا لم يحُز عن تلك القاعدة في الحب، فوقع في حب الشخص الخطأ وابتدأت سلسلة العقاب. هل كان الإلتزام يومًا بالقواعد خطيئة يعاقب عليها المرء؟
اسقطت جسدها على السرير بعد أن كانت جالسةً بقوة، ولازالت ليلة البارحة تتقافز مشاهدها أمامها، وألمهُ يزرع حضوره داخل نفسها. إلهي كيف يأتي ألمها على فقدانهم جميعًا أشدّ من ألمها على خسارة حبها؟ سحقًا للحب إن كان سيذيقها الذلّ بعيدًا عنهم.
سمعت طرقًا على بابها فأذنت للطارق بالدخول، لم تنظر لمن دخل بل ظلت مثبتةً لحدقتيها بالأعلى، بالتأكيد ستكون أم ياسر، سترمي بكلماتها السّامة في وجهها ثم ستُفصح عن عدم رغبتها في البقاء معهم. ابتلعت ريقها وأغمضت عينيها بتوتر، حتى وإن كانت ذا ثقةٍ ببراءتها من كلّ تفكيرٍ سيء في حقها إلا أنها تصاب بالتوتر حين قدوم المواجهة. فتحت عينيها بشكل سريعٍ وأدارت رأسها ناحية الباب فور سماعها لاسمها يخرج بصوت هديل
هديل ويديها على خصرها معاتبة : وش سالفتك إلين؟ اطلعي من غرفتك صايرة مملة هالأيام
ثم مدت شفتيها بامتعاضٍ لتضحك إلين رغمًا عنها مُتناسية لألمها وتجلس، وباستفزاز : واللي يعافيك لا تحاولين نفخها بالغصب ... بتظل اسباغيتي لو وش ما سويتي
عضت هديل شفتها الصغيرة والمزمومة باستفزاز : زين مو إطار سيارات
ضحكت إلين أكثر وأكثر، ثم حركت حاجبيها : موتي بحرتك زين، تبين مثلها بس ما بيدك شيء
ثم حركت فمها المُمتلئ يمينًا ويسارًا بسرعةٍ في حركة تقليدٍ للمصرين.
غطت هديل وجهها وانفجرت ضاحكةً : الله يرجك يابنت
عادت إلين واستلقت وقد تجهم وجهها فجأة، فاقتربت هديل منها لتجلس على السرير وهي تشعر أنها ليست بخيرٍ منذ أيام، واليوم تضاعف ما بها فقررت أن تتدخل وتعرف منها ما الذي قلب حالها هكذا.
هديل وهي تجلس بجانبها : إلين
إلين بشرود : نعم
هديل : وش فيك؟
حركت إلين رأسها يمينًا ويسارًا لتهمس : مافي شيء
هديل باصرار : الا فيه
أدارت إلين لها رأسها بضيق : وش تبين مني الحين؟
هديل بعينين ضيقتين : اعترفي وش وراك؟
أمالت حاجبيها بضيق، أيعقل أنها تشك بها أيضًا.
تابعت هديل بشك : أمس بعد مارجعنا من حفلة الملكة سمعتك تقولين كلام غريب في نومك
تجعد وجهها باستغراب، لكن سرعان ما بدت عليها الدهشة وجلست بسرعة : متى؟
هديل بملامح مستغربة : قلتلك أمس
إلين : متى تحديدًا؟
تجهمت هديل وهي تقف مُبتعدة : بعد مارجعت دخلت لغرفتك مباشرة ... كان ودي أهذر معك شوي بالحفل بس لقيتك نايمة وتتكلمين في منامك
سحبت إلين أنفاسها ببطء، إذن هي من دخل إلى غرفتها وهي توهمت أنه هو، يالحماقتها كيف سيدخل المنزل من الأساس؟؟ وهي بكل سذاجةٍ أصبحت تهذي أمام ياسر لتفتضح أمرها، ياسر! بالتأكيد لن يتخلى عن فضوله لمعرفة ما الذي حدث في ماضيها ولازال قائمًا إلى الآن، وقد يخبر أمه!! يا إلهي ماذا سأفعل الآن!!
أفاقت على صوت هديل المرتفع : هيييييييي أكلمك أنا
إلين بملامح متضايقة : وشو بعد؟
هديل : أقولك كنتِ تكررين اسم أدهم على لسانك
شتت نظراتها وجُف ريقها فجأة، هذا ما كان ينقصها
تابعت هديل بعينين ضيقتين مُتسائلة : منو أدهم ذا يا إلين؟
رطبت شفتيها بلسانها وأعادت حدقتيها لمرمى هديل، ثم تنحنحت لتنطق بأغبى عذرٍ طرأ على لسانها : اسم شخص في الفيس
فتحت هديل فمها ورفعت عضمة وجنتها اليُسرى بغباء : وش دخله فيك ذا؟
إلين بتورط : كان يومها متعرض لي بكلام وشتائم
اقتربت هديل ويبدو أن الموضوع شدها : ليه؟
زمت شفتيها وقد أدركت أنها أدخلت نفسها بمُصيبة، فمن أين ستتذرع لها بقصةٍ تُقنعها!
هديل بحماسٍ جلست بجانبها : قولي قولي وش صار؟
إلين بارتباكٍ واضح : واحد
هديل : أدري انه واحد أجل اثنين .... بس وش سوى ذا الواحد؟
إلين : ماني متذكرة التفاصيل كاملة بس - صمتت قليلًا ثم تابعت - شخص ثقيل دم وانتهى
هديل بإصرارٍ وبعض الملل : يووووه إلين عن السخافة عاد، قولي السالفة كاملة
إلين بجدية : ما يهمك
مطت هديل شفتيها بضيق وامتعاض : خايسة
ابتسمت إلين لكن سرعان ما اختفت ابتسامتها ليحل محلها التوتر عندما فُتح الباب ودخلت أم ياسر تنظر لهديل بنظراتٍ حادة : ما تسمعيني أناديك من فترة؟ تعالي أبيك بشغلة
ثم وجهت نظراتٍ أشد حدةً لإلين وخرجت وهديل تتبعها بوجهٍ مُستفهمٍ، ما الذي يجعلها غاضبةً هكذا؟
ابتلعت إلين ريقها ما إن أغلق الباب، لا بل ابتلعت فراغًا، تشعر أن فمها لم يعد يستطيع إفراز اللعاب من شدة غصتها. لا تريد لهديل أن تختلط معها! لا تريد لفاسدةٍ مثلها أن تنشر فسادها بين عائلتها الصغيرة، تحتقرها! أمها تحتقرها!!!!



,



لم يكن يتوقع يومًا أن قربه منها بهذا الشكل قد يُسعده لهذه الدرجة، أن يُشعره بالدماء تسري حقًا في عروقه. سيكون معها طيلة الأيام القادمة، قريبًا من قلبه المسروق من قِبلها. أغمض عينيه بنشوةٍ وهو يمد يده ليخلخل بأصابعه أصابعها، فانتفضت تحاول نزع يدها من يده : شسالفتك انت؟؟
نطقتها بحدةٍ فابتسم وهو ينظر لعمه الذي كان يتحدث مع حارس المبنى، ليشد على يدها أكثر وابهامه تتجول على بشرتها : زوجتي
استدرات عنه وهي تكشر بأنيابها اشمئزازًا، لتنطق بشيءٍ من القهر و القرف : شيبتني بهالكلمة
ضحك بخفوتٍ وهو يميل إليها ليرفع يده الأخرى يُمررها على خدها باستمتاع : ماني عايدها أجل ... وش أبي في مرة يملأ راسها الشيب
جيهان بضيق : وقف عن حركاتك أبوي موجود
انشدت ملامحهُ فجأةً بجدية : الحمدلله انك للحين معترفة إنه أبوك!!!
ابتلعت ريقها وهي تنثر نظراتها على كل شيءٍ عداه ووالدها، لمَ يأتي الآن ليُشعرها بالذنب؟ ألا يعلم أنها تشعر بالموت كلما فكّرت بالقرار الذي اتخذته؟ ألا يعلمُ أنها نحرت نفسها قبل والدها برفعها لصوتها عليه؟ لكنه يبقى قاتلُ أمها وهذا ما يؤلمها أكثر، يبقى سبب رحيلها وهذا ما يُنفرها منه.
ابتسم فواز بسخريةٍ عندما لم يجد منها إجابة وحررها يدها لترتعش فجأة، يتقرف منها! أجل هو أيضًا يتقرف منها كما تتقرف من نفسها هي، كيف لا وهي فتاةٌ عاقةٌ بوالدها! ... لكن ذلك جيدٌ بالنسبة لها، فليتقرف منها لرُبما يجعله ذلك يكرهها ويُطلقها.
اتجه فواز لعمه الذي كان يضحك مع الحارس بأريحيه، مارك البدين الذي أصبح في نهاية العقد الخامس من عمره. معرفتهم به امتدت لأعوامٍ طويلة، ذلك لأن يوسف سكن بروكسيل لسنين في شبابه وقبل زواجه بمنى التي كانت تقطن في بروكسيل لأعمال والدها التاجر، ومن بعد زواجه بها ظلّ يعانق هذه المدينة التي أحبها والتي أحبتها ابنته لحب أمها لها أولًا ولعيشها فيها نصف عمرها ثانيًا.
ابتسم مارك لجيهان ليرفع يده مُشيرًا بالسلام ويتحدث بلغته الفرنسية الطليقة، فهو تبعًا لعمره ولخبرته يستطيع التحدث باللغات الثلاث التي تتحدث بها بلجيكا، ولمعرفة جيهان للفرنسية فقط تحدث بها : كيف حالكِ يا ابنتي؟ كبرتي كثيرًا
ابتسمت ببهوتٍ وهي ترفع يدها لتتمتم بالحمد وتصمت، فقطب جبينه المُجعد باستغرابٍ ولم يُعلق. استدار لأرجوان ليسألها عن أحوالها وتجيبه بابتسامةٍ نقية، كان قريبًا لجيهان أكثر منه لأرجوان، فهو كان بمثابة والدها وهي كانت طليقةً معه دون قيودٍ بمرحها ومشاكساتها، أما أرجوان فكانت تميل للهدوء والرزانة.
جلس مارك القرفصاء ليمسح على شعر ليان الناعم : وما اسم هذا الملاك الذي جاء للدنيا متأخرًا فلم أستطع اللحاق به ومنشفته تعانق جسده؟
تراجعت ليان ووجهها متجهمٌ بعدم راحةٍ لتتمسك بأرجوان فهو غريبٌ عليها، فابتسم مارك لها ورد عليه يوسف : ليان ... عمرها سبع سنين أي جاءت للدنيا بعد أربع سنين من عودتنا للبلاد
مارك بابتسامةٍ ودودة : كم هي جميلة - استدار ليوسف ووقف يسأله مستغربًا - لا أجد منى معكم، أين هي!
تجهم وجه يوسف وأرجوان بينما أخفضت جيهان رأسها بحزنٍ لم ينضب
فواز وهو يهمس بأسى : ماتت قبل شهرٍ تقريبًا
جفل مارك للحظاتٍ وبدا عليه الحزن، ثم همس : آسف
أومأ يوسف برأسه : لا عليك
أدرك مارك الآن سبب حزن جيهان الدفين وعَذرها، فهي كانت أكثر تعلقًا بأمها من أرجوان التي تعلقت بوالدها أكثر، فبالتأكيد ستشعر بالخواء بعد رحيل أمها.
بعد لحظاتٍ كانوا قد صعدوا إلى شقتهم وفواز ذهب لشقته التي يفصل بينها وبين شقة عمه طابقان، يقطن في رابع هذا المبنى المكون من خمس طوابق وعمه في الثاني، وفور دخوله لغرفته التي تركها لشهر رمى بجسده على السرير الأبيض وهو يلتقط أكسجينًا نقيًا بدل الذي اختلط برائحتها الطبيعية، وكم تمنى لو يستطيع أن يحصر أنفاسه على رائحتها فقط.



,



وضع صحن الطعام على الطاولة أمامه وهو يستمع بابتسامةٍ لتمتمة والدته بأمنيتها في العودة للأكل على الأرض، لكن هشاشة عظامها لا تسمح لها.
عُلا بأسى : يازين الأرض والجلسة فيها ... آه ياذي الدنيا منعتنا حتى من سنة الرسول
أومأ برأسهِ مُبتسمًا وهو يقرب صحن المعكرونةِ منها : غداء متأخر للسيدة عُلا
علا بتجهم : أبي أنزل للأرض
شاهين بجدية : ممنوع
لوت فمها ثم بدأت بالأكل، وهو بجانبها يأكل ويتأملها بابتسامة، يعشق هذه المرأة، يعشق الحياة لوجودها بها، رُبما لو لم تكن معه لكان قتل نفسه منذ موت أخيه، وكم يشعر أن الحياة ناقصةٌ لعدم تواجده بها، وكم يشعر أن نصف روحه غادرته بعد موته، أي أنه شبه حيٍ فهو أخوه، والده، لطالما كان العقل والحكمة والهدوء، وشاهين القوة والدهاء والمكر، لكن ما الذي بقي به بعد أن قُطعت السبل كلها للقائه في الدنيا، ولولا هذا البريق أمامه وروح الحنان لما ارتجى من هذه الدنيا شيئًا.
انتشله من كومة أفكاره صوت أمه الحنون : شاهين
شاهين بابتسامة : لبيه
علا : لبيت في مكة - صمتت قليلًا ثم تابعت - ماتحاول تعجل بزواجك؟؟
تنهد شاهين ثم هتف بجدية : ما عندي مانع بس القرار الاول والأخير بيكون لها ... إذا ودها نعجل اوكي، وإذا ودها ناجل ما عندي مشاكل
علا بتجهم : وإذا حكيت معها أنا؟
شاهين بتنهيدة : ما عندي اعتراض
ابتسمت وهي تترك الملعقة لتتلقف كفه الدافئة وتهمس : أبي أشوف عيالك قبل أموت
قرب كفها من شفتيه ليقبلها مرةً بعد مرة : يا عسى عمرك طويل يُمه .. يومي قبل يومك
علا بابتسامةٍ قنوعة : أنا العمر انتهى مني فديتك، أكل فيني المرض وكمل علي موت أخوك ... وش أبي في الدنيا غير أشوف ضناك وأشوفك فوق دايم
شاهين بحزنٍ تجلى على عينيه : وأنا فوق بوجودك معي
اقترب منها ليدفن وجهه في كتفها مقبلًا له بعمقٍ ويكمل بصوتٍ مُختنق : ما أبي شيء من الدنيا غير رضاك، ما أبي غير وجودك معي - استنشق رائحتها العذبة وأردف - الله لا يحرمني ريحتك ولا شوفة ناظريك
مسحت على خصلات شعره بابتسامةِ أسى، هل ستأخذه الحياة البرزخية يومًا كما أخذت ابنها الآخر؟ هل ستحرمه منه ومن بره لها؟ إن كان الحزن والأسى تمكنا منها حين فقدت الأول، فإن الموت هو من سيتمكن منها إن فقدت الآخر.
ابتعد شاهين وهو يبتسم لها ابتسامةً شقية : أشوف المشاعر خلّتك تهربين من الأكل ... يلا ابدي في الأكل أشوف
ضحكت بشفافيةٍ وهي تضربه على رأسه : قليل أدب
شاهين : أفاا
علا : تشوف أمك تاكل وتتركها تاكل بروحها
شمر عن أكمامه بجدية : ولا زعلك يا الغالية ناكل معك ... كم علا عندنا



,



تمشي ذهابًا وإيابًا في غُرفتها التي من المُفترض أن تتركها بعد أن عاد إليها سيف زوجًا، لكنها ولشيءٍ لا تعلمه تشعر بنفورٍ تجاهه لم تشعر به من قبل، فهل غياب شهرين ونصف بنى في قلبها الأسوار ليكون حائلًا دون الإقتراب منه جسديًا وتقَبله حتى وإن كان إلى الآن غارقًا في عشقه!
رطبت شفتيها بلسانها وهي تضغط على أحرف هاتفها تحدث أسيل في " الواتس أب " بشيءٍ من اللا راحة، فبحسب ما قرأته بين أسطر حروفها علمت أنها ليست على ما يرام، تسألها ما بها ولا ترد إلا بشيءٍّ واحد " ما أبي شاهين ".
رفعت رأسها تلتقط أنفاسها، كم تتمنى لو تستطيع الذهاب إليها الآن لكن سيف غير موجود، ولن تستطيع الخروج مع السائق. تشعر أنها عنده ليست سوى سبيةٍ ليتعامل معها بكل تلك الخسّة، لا زوجةٌ ولا حتى أم لأطفاله المُستقبليين، ابتسمت بسخريةٍ على حالها، أمٌ لأطفاله! أي أطفالٍ وهو يرفضهم ليجعلها تتناول الموانع رغمًا عنها، لا يريد منها طفلًا، ألم تطلق على نفسها سبيةٌ منذ دقائق؟ وهاهي تصرفاته تثبت كلَّ معنًا لتلك الكلمة.
خرجت من غرفتها بعد أن أنهت أسيل حديثها معها بالتجاهل، يومًا بعد يوم تموت شخصيةُ أختها كما ماتت شخصيتها يوم تزوجت بسيف. زفرت أنفاسها وتوقفت وهي تنظر لمكتب زوجها المفتوح، غريبٌ أن يتركه مفتوحًا وهو الذي يغلقه دائمًا لوجود الكثير من أوراقٍ تخص عمله.
تنهدت، منذ متى كان غير مُهتمًا وهو الذي يحترم عمله أكثر منها. عضت شفتها من تلك الفكرة التي طرأت في عقلها. أعقلي أعقلي، فأنتِ بأفكاركِ لا تُجهدين سواك.
ولجت الى المكتب بملامح مشدودةٍ بقهر، وبنظرةٍ سريعة تفقدته نظيفٌ كما العادة، لتدخل بخطواتٍ ضيقة تتأمل أوراقًا كانت منثورةً على المكتب، وعلى الكُرسي الجلدي شماغٌ أبيض، زفرت بضعف، رائحته تغلغلت حتى أعماقها، رباه هل لرائحته فقط كل تلك القدرة على جعل اعضائها تسترخي بهذا الشكل؟
لفت نظرها صورةٌ كانت موضوعةً على المكتب، لتقترب مقطبة الجبين وما إن رأت من فيها حتى زمت شفتيها وتأججت نيران القهر داخلها، ودونَ وعيٍ منها أطبقتها على سطح المكتب لتنظر لساعة يدها دون شعور، الرابعة والنصف، إنه مع من في الصورة الآن كما في كل يوم. يا الله! تشعر أن النيران تستعر داخلها، لا تريد أن يكون مع من في الصورة، تريده أن يكون معها هي فقط حتى ترتاح نفسيًا. ظلمها وجدًا، ظلمها فلمَ لم يعطيها هذا الحق أيضًا؟؟
خرجت من الغرفة مُهرولةً تحبس دموعها في محاجرها، لن تبكي بسبب شيءٍ تافه كهذا، قطبت جبينها ألمًا، تافه!! .... انتبهت له يدخل الجناح فتجمدت في مكانها تنظر إليه، وهو كان يُديرها ظهره فبخفةٍ استدارت لتغلق الباب بالمفتاح وتأخذه، حينها كان قد استدار وهي تُديره ظهرها، لا تعلم لمَ كانت تريد عُذرًا يجعلها تبرر دخولها، ربما لأنها لم تكن تريد منه أن يعلم أنها دخلت، ورأت تلك الصورة، رغم أنه في الحقيقة لن يهتم!!
استدارت نحوه بهدوءٍ ظاهري بعد أن أغلقت الباب وأخرجت المفتاح، لتهتف ببرود : كان مفتوح وقفلته
رفع حاجبًا، هل سألها الآن لمَ كانت تغلقه؟ لكنه تجاهل ما قالته وهو يتناول المفتاح من يدها التي مدتها، ثم تخطته نحو غرفتها، لكنَ صوته الهادئ أوقفها : من بكرة بوصلك بنفسي لشغلك
استدارت إليه بسرعةٍ مُتفاجئة، ولم تستوعب ما قاله. أردف هو بعد أن استدار باتجاهها : حتى رجوعك للبيت بيكون معي أنا وغير كذا اعتبري شغلك مرفوض
ظلت تنظر لوجهه ببهوت، تلمح الهدوء وعدم المبالاة لكنها كانت تستشعر دفء ملامحه وبشاشتها معها، هل أدرك كذبتها بشأن السائق؟
سيف ببرودٍ ظاهري : شفيك انخرستي؟ ما عجبك اللي قلته
هزت رأسها بالنفي وهي تتطلع به بوجهٍ لازال مُتفاجئًا، منذ متى وهو يحقق أحلامها خصوصًا إن كانت متعلقةً بالعمل؟ لم تستوعب بعد أنه وافق على عملها بعد شجارهما ذاك.
بقيت نظراتهما معلقةً ببعضهما للحظات، إلا أن تمتمت بصوتٍ فاتر : شكرًا
لم يرد عليها وهو يتأملها، لا يستطيع أن ينكر لمحة الفرح التي زاولت ملامحها، أيعقل أنها من شيءٍ بسيطٍ كهذا أشرقت ملامحها بالفرح معه!
تنهد بجزعٍ ليهمس : تعالي
لم تستجب له وملامحها مُتيبسةٌ في ملامحه كما قدميها في الأرض، قطب ملامحه وهو يعيد نفس طلبه لها والغريب أنّ نبرته الآمرة قد اختفت، لكنها لم تستجب له أيضًا. يشعر بنفورها! أجل هي تنفر منه، أين ذهب شغفها السابق به؟ أين ذهب ضعفها ما إن ينظر إليها بعينين راغبتين؟ أيعقل أنه سيفقد كلَّ تلك الجوانب من شخصيتها؟
ضاقت عينيه برفضٍ لتلك الفكرة، واقترب منها هو بدلًا من أن تقترب هي، ليزرع جسدها بين أضلاعه يتمتم في نفسه برجاءٍ وبكلمتين فقط .. لا تذهبي
فتأوهت هي بألمٍ من شدة ضغطه على جسدها النحيل، ليكتم هو تأوهها ذاك بشفتيه.




,




والأخرى بعد مكالمتها لأختها نصيًا رمت هاتفها لتُنهي الكلمات الخائفة عليها بالتجاهل، فلتخافي علي، فلتخافي فأنا في الحقيقة أصبحت بين الأموات، أعانق يُئسهم فمن ذا الذي يبكي نهاره إلى ليله، ويناجي الموت من ليله إلى نهاره!
زمت شفتيها لتغمض عينيها تهمس لنفسها ببضع كلماتٍ مشجعة : يكفي يا أسيل يكفي .. ما صار شيء، بتخلينه يطلقك، وبيطلقك، بيطلقك * تأوهت فجأةً لتهمس ودموعها تساقطت * المسألة مو بهالسهولة مثل ما تظنين، مو بهالسهولة .... آه كله مني، كله مني
وقفت بتمايلٍ تمسح دموعها، إن كانت كل أبواب السعادة أُغلقت أمامها، وكل دروب الحياة سُدت بخرسانة، فيكفيها على الأقل أن تُفرح أمها وتُضحكها، يكفيها أن تريح أخاها من حملها الثقيل، يكفيها أن تراها أختها فتبتسم مُطمئنةً عليها.
تنهدت بضيق، ثم اتجهت لباب غرفتها، ستخرج لأمها لتُفرحها مؤقتًا على الأقل، فهناك احتمالٌ كبير في طلاقها قريبًا. لكن كيف؟ كيف؟




,




" من جدك انت؟ " ... نطق بها عناد وهو يريح كفه الأيسر على فخذ سلطان الجالس بجانبه
فتنهد سلطان بعجز : عارف إن الموافقة كانت من البداية غلط
عناد بجدية : مو مسألة موافقة، الزواج انت حرّ فيه سواءً رضيت بهالبنت أو لا، بس الغلط إنك تتركها بعد مدة ... وش ذنبها هي؟ يا تكمل الزواج أو تترك السالفة من البداية إن استصعب عليك نسَبها
سلطان : صعب أتركها والعقد تم
عناد : أجل تتركها بعد ما تنتهي أمور الزواج الإعتيادة وتصير في بيتك؟
تنهد سلطان وصمت، فأردف عناد بعتاب : زواج متعة يا سلطان؟
استدار سلطان إليه بانفعالٍ وعيناه متسعتان : أعوذ بالله من غضب الله ... مجنون انت تفكر بالموضوع من هالناحية!
عناد بواقعية : أجل تربط هالزواج بسنة بس وتقول مجنون؟ الجنون هو اللي تسويه يا ولد أمي
سلطان بجزع : هالشرط ما ذكر في صلب العقد نفسه
عناد : ونيتك الحين؟ ... انت تظلمها وإن ما اعتبرنا الزواج متعة بالمعنى الشكلي
لم يُجب سلطان ولم يُرد أن يذكر له أن الزواج لن يكون إلا على الورق، شيءٌ ما ردعه عن ذكر البقية الباقية من الموضوع المتعلق بغزل، ربما شعر بالشفقة عليها، رحمها ففي النهاية ما ذنبها هي في أعمال والدها، لكنه لا يزال يستصعب الأمر ... ومن يدري! لربما الأيام تخبئ الكثير بينهما، والذي سيحول حياتهما مع بعض إلى دائمة.
استأذن عناد ليتجه للحمام، وفي خضم الدقائق التي غابها كان سلطان يقلب موضوعًا في رأسه، يريد أن ينتقم، يريد أن يُعيد مجد والده ويثأر له، لن يرتاح إلا إن رأى سلمان خلف القضبان أو كفنًا يعانقه. ارتجف عند تلك الصورة، أيعقل أن يرتاح حقًا؟ وهو يرى والده الآخر في ثوبٍ أبيض يزفّ إلى لحده كما رأى الأول! .. زمّ شفتيه حانقًا ... يستحق، ذاك هو مكانه. لن يذرف له دمعةً واحدة، بل لن يضعف عن ردع نفسه من التفكير حتى في مسامحته.
بعد لحظاتٍ كان عناد قد عاد وجلس بجانبه، وبقليلٍ من التعمق بملامحه أدرك مافي جعبته : وش فيك؟
هز سلطان رأسه بالنفي، وبجمود : مافي شيء؟
أومأ برأسه، يعلم جيدًا أنه يفكر فيه، بالتأكيد فمنذ عرف الحقيقة وهو لا يريح عقله من التفكير في ذاك الموضوع المُجهد له، إلى أين ستصل يا سلطان؟ إلى أين؟



,



في الثامنةِ صباحًا بتوقيت بروكسيل ... كانوا قد اجتمعوا على طاولةِ الإفطار كلٌّ يغرق في صمته عدا ليان التي كانت تعلق وتسأل أرجوان أسئلةً طفولية وهي ترد عليها ردًا موجزًا، رفع يوسف رأسه موجهًا نظره لجيهان الشاردةُ في صحنها : جيهان
رفعت عينيها إليه بسرعة، ثم ابتلعت ريقها : هممم
يوسف : فواز بيمر عليك بعد ساعة عشان تطلعين معاه
كان يريد لمزاجها أن يتغير فطلب من فواز أن يُخرجها معه. تجعدت ملامحها بضيق لتهمس بعد أن وضعت ملعقتها : ما أبي
يوسف بحاجبين مقطبين : ليه؟
حركت رأسها يمينًا وشمالًا دون معنى، لتهمس : ما أبي أطلع وياه
احتدّت ملامح يوسف، لم ترُق له كلماتها، يعلم بكرهها له ويستغرب سببه، فزواجهما كان طبيعيًا وهي بنفسها من وافقت دون ضغوطات .... أو رُبما ظنّ ذلك.
هدر بصوتٍ حاول إخفاء الحدة به : وليه ما تبين تطلعين مع زوجك؟
جيهان بغصة وبهشاشةٍ ترفض تركها : ما أحبه
يوسف بملامح قاسية : ما تحبينه؟ هذا عذر؟
إلتقط أنفاسه ليسطر على أعصابه فيكفي تفاوتًا في المسافات بينهما : انتِ بنفسك اللي رضيتي فيه، الزواج مو لعبة عشان تغيرين رأيك حسب مزاجك، الزواج مستقبل وحياة لها أولوياتها ... * أكمل بصوتٍ هادئ فيه من الحنان الكثير * يا بنتي فواز زوجك ولازم تفهمين هالشيء، ما يصير تعصينه أو تزعلينه والا تبين الملائكة تلعنك؟
أمالت شفتيها بعبرة، دائمًا ما تؤثر بها كلماته، تبعث في نفسها طمأنينةً لا حدود لها، لا أحد سواه يستطيع إقناعها بهذه الطريقة، حتى أمها إن كانت تريد إقناعها استخدمت الشدة أو الإغراء، بعيدًا جدًا عن أسلوب والدها المُنمق بالسكينة.
أمال يوسف حاجبيه وهو يرى ملامحها تتبدل، ستبكي هو يعلم، فمقدمات بكائها قد ظهرت، تقوس شفتيها، إقتراب حاجبيها من بعضهما، وتمريرها للسانها على شفتيها مرارًا وتكرارًا، إضافةً لاحمرار وجنتيها البيضاويين. تنهد وهو يقف متجهًا إليها، حتى ما وصل إلى مقعدها رفعها قليلًا ليزرعها بأحضانه العذبة، وتبدأ هي بالنحيب قبل أن تسقط دموعها، ثم ترتفع شهقاتها إضافةً إلى أنينها، وأخيرًا تنزف تلك العينين الشفافتين.
وقفت أرجوان فجأةً لتمسك بيد ليان وتأخذها معها لغرفتهم المشتركة، بينما كانت عينيها تقاوم الدموع على حال أختها.
وذاك تركها تبكي دون حرف يستمع لعتابها الذي حُصر بكلمة " ليه؟ ". يدرك ضياعها بين شقين، ألمها لموت أمها، وألمها لابتعادها عنه مرغمة، فكيف لها أن تحتمل قربها ممن تسبب في موتها؟
بعد لحظاتٍ كانت قد ابتعدت بنفسها لتتجه لغرفة نومها مع شقيقاتها وشهقاتها لم تُخمد بعد، فجاءها صوت والدها ليذكرها بعد تنهيدةٍ طويلة : فواز جاي
أومأت برأسه وهي تديره ظهرها، ثم تابعت خطواتها للغرفة بصمت

بعد نصف ساعةٍ كان فواز يجلس مع عمه ينتظر خروجها إليه، وفور سماعهِ لخطواتها رفع رأسه لينظر لها مُتلحفةً بلباسها الزهري الطويل لأسفل ركبتيها والفضفاض فوق بنطالها الجينز، يُغطي شعرها حجابٌ سكري أضاءَ وجهها الأبيض. ابتسم دون شعورٍ وهو يتأمل تقاسيم وجهها، هي أجمل نساءِ الأرض في عينيه، هي أزكى زهرةٍ وألذّ ثمرة، هي حُلمه الذي تحقق بتهور والدته.
أوراقُ شجرِ النهار ورغوةُ الندى، مزاميرٌ من رياح، وابتساماتٌ من شذى، أجنحةٌ تغمر الكون بفيضٍ من ضياء، سفنٌ محملة بالسماءِ والبحرِ. لا يعلم لمَ تذكر بضعَ كلماتٍ لبول إيلوار، ربما لأنه رأى أنها تعبّر عنها هي لا غيرها. اتسعت ابتسامته وهو يقترب منها ليقبل جبينها برقة، بينما هي صامتةٌ لا تتكلم، مشمئزةٌ بالتأكيد فلا إحساس يخالجها معه غير الإشمئزاز.




,




وفي السُعودية
العاشرةُ صباحًا


تدقّ أحرف هاتفها مُتعجبة، اليوم لم ترى منشورًا منها، ولا حتى الأمس! مطت شفتيها بامتعاضٍ تُحدث أختها : شكلها حست على روحها وانهت مسرحيتها
تحرك المشط على شعرها القصير بهدوءٍ وحدقتيها تركزّت على أختها من المرآة : مين قصدك؟
" فيه غيرها ستّ الحُسن إلين " ... تنهدت أماني ما إن سمعت تلك الجملة من أختها : وبعدييين
رانيا بامتعاض : ماني منتهية لين ما أشوفها رجعت دار الأيتام
استدارت إليها أماني واقفةً بحنق : انتِ شعليك منها؟
رانيا : محد يعرفها غيري
تأفأفأت أماني مُستاءة : اي محد يعرفها غيرك .. بدليل سكوتك اللي ماله معني غير - الخرطي -
رانيا باستفزاز : أمانــي
أماني : وأنا ماقلت غير الحقيقة ... عندك شيء عالبنت تأكدي منه لا تقعدين تزرعين الشكوك من حولك
ثم دون كلمةٍ أخرى غادت وهي تشعر بالحنق من أختها.



,



وأخرى كانت تجلس أمام المرآة بنفس الوضعية، تنظر لانعكاس صورته في المرآة وهو يرتدي ساعته ويتناول شماغه، وفرشاة الشعر تتحرك بهدوءٍ على شعرها، غريبٌ أمره، في كل مرةٍ يتجدد عندها الشعور بعدم معرفته، غامض، في كلّ مرةٍ يظهر لها بشكلٍ جديدٍ كالحرباء، والسؤال يتكرر في رأسها ... من أنت يا سيف؟
وهو الآخر يُحاول عبثًا عدم توجيه نظراته إليها، لكن عقله رغمًا عنه يوجهها إليها هي فقط، وكأنما هناك قوةُ جذبٍ تختص بها هي وحدها. إقترب أخيرًا من المرآة ليُعدل شماغه، وما إن لامس ظهرها بجسده وانحنى حتى ارتعشت لرائحة العود النفاثة، وأغمضت عينيها وهي تتنهد بقوة، فابتسم .. لازالت هي، أجل هي مَي لم تتغير، فكيف أقترب منها ولا تتأثر! كيف أعانقها ولاترتعش! .. ارتعشي عزيزتي فأنتِ هكذا تثيرين جنوني، تُشعرينني بالنشوة بعد كل الإحباط الذي راودني سابقًا، جيدٌ أنك لا تعلمين ... أنني لم أكن هكذا قبلك!
همس وهو يمرر كفه على ذراعها المُغطى بروبٍ حريريّ مشمشي : مو كنتِ تبين تداومين اليوم!
ديما بخفوتٍ وهي تنظر للأسفل : اليوم الخميس وببدا بالدوام يوم الأحد ان شاء الله
أراح كفه على عنقها الطويل وهو يقطب حاجبيه : والمسرحية اللي أمس! لعبة في يدينك أنا؟
رغمًا عنها ارتبكت، وهي تشعر بأطراف أنامله المستقرة على حنجرتها، لكنها حاولت تلبس ثقةٍ مُزيفة وهي ترفع عينيها لتقابل عينيه من المرآة : بغيت أطلع .. تعرف الملل والبؤس ما يتعب يجاورني هنا
تجعدت ملامحه وكلامها أغضبه، البؤس! ... زم شفتيه ليهمس بتحذيرٍ قرب أذنها : لا توصفي حياتك بالبؤس ... أنا لو بغيت أعيشك بائسة كنت خليتك تتمنين الموت في كل ثانية
تراجع للخلف وهو يرمقها بنظراتٍ غاضبة، هل لمحت في زوايا عينيه الألم؟
توقفت لتستدير إليه بستارٍ رقيقٍ من الثقة : ومين قالك إني معك الحين ما أتمنى الموت!
ابتسم ساخرًا : ماكنتِ كذا ... معقولة من زلة لسان انقلب حالك
ديما بقهر : انت بفعلتك نقصت مني
سيف بعينين ضيقتين : انتِ اللي استفزيتي لساني
ارتعشت ديما بقهرٍ تشد بأناملها على الروب : استفزتك رغبتي بالعيال؟ هذا حقي ... وأكرر عليك نفس الموضوع ... أبي عيال يونسوني وينسوني قهري بعيشتي معك .... والا ... - ابتلعت ريقها لتردف - طلقني
نظر إليها بعينين مُتسعتين يُرسل إليها نظراتٍ مُحذرة، لكنها لم تُبالي ولن تبالي، لن تعرض نفسها للذل أكثر بعذر الحب، لم يستحق يومًا حبها فكيف تهديه بثمنٍ غالٍ ككبريائها، كان حبيبها الذي اعترفت به، لكنه الآن، حبيبها الذي لن تعترف له!
ديما بإصرار : مافي شيء يجبرني أعيش معك غير رباط الزوجية .. نحلّه من الحين أفضل، لأنه لو كان لي طفل منك ما تجرأت آخذ حريتي ... طلقني ياسيف وفكني من ظلمك وأنا اللي عايشة معك دون رضاي
صرخ سيف ينهي حديثها محذرًا : ديــــــــمـــــــــــــــــا
ابتسمت بسخريةٍ لاذعة، لا ينطق اسمها الا إن كان غاضبًا، وهو غاضبٌ الآن، فليغضب، لم تعد تهتم، سابقًا كانت تتبع أوامره صغيرها وكبيرها، عُذرها الطاعة، زوجها ومن حقه طاعتها له، أدت جميع حقوقه وأضافت عليها مشاعرها، لكن ماذا فعل هو؟ لم يُعطها سوى حق الإستمتاع وهذا لا يكفي، فالزواج ليس علاقةً للتمتع جسديًا وحسب، الزواج حقوقٌ إن لم تؤدى كان معناها رائبًا. وهو صنع من زواجهما هذا المعنى المُفلس، حتى حق الأطفال منعها منه، فلمَ تُطيعه؟ لمَ تحترمه؟ لمَ تؤدي جميع حقوقه؟
زمت شفتيها المرتعشتين تُغطي رعشتهما، ستبكي لكن ليس أمامه، ليس أمامه. ضعفت كثيرًا وبكت كثيرًا، ذُلت ولازالت تُذل، يكفي إذن، لن تبكي وهو ينظر إليها، ستختبئ في الحمام بعد خروجه، فقط كي تتأكد من عدم رؤيته لها إن عاد مُضطرًا، ستُعزي نفسها في بيث الخُبث والخبائث، ستغسل وجعها بالدموع لكن ليس أمامه، ليس أمامه. أرجوكِ يا عيناي ليس أمامه.
اقترب منها وهو يعلم مليًا أنها تبكي داخليًا، وستنفجر لا محالة، يحفظ جميع تفاصيلها وإن لم تدرك هي، يحفظ كل ارتعاشةٍ منها، وكل ضعفٍ قد درسه سابقًا ونُسخ في عقله، وهو دون جهلٍ يُلصقه مرةً أخرى بها كلما تشاجرا.
أمسك عضدها فسحبت نفسها منه بعنفٍ لتصرخ بنفورٍ وقهر : ابعد عني ... لا تلمسني ... في كل مرة تجرح وأنا ساكتة، تطالب بكل حق لك وأنا أرضى مو عشانك ... عشان اللي فوق بس، عشان أرضي ربي بس .. وانت ... وانت ولا مرة أرضيتني، ولا مرة أسعدتني بكلمة، ولا مرة حسستني إني انسانة وزوجة .... لا تلمسني يا سيف ماعاد أقدر أتحمل أوجاع أكثر منك!
جُفل من انفجارها الغير متوقع، لكنه لم يُوضح صدمته بل كما اعتاد أظهر الغضب في ملامحه : ميْ!
ديما بصراخ : ديما ديما ... اسمي ديما متى يفهم عقلك هالإسم؟؟؟
سيف بغضبٍ وهو يمسك ذراعيها بقوةٍ ليغرس أنامله بقسوةٍ في بشرتها : صوتك لا يعلى أو بتشوفين شيء ما يرضيك
سقطت دموعها دون أن تستطيع كبحها أكثر (الظلم ظلمات يوم القيامة ) هكذا كانت ترددها في نفسها بصدًا باكي، وهكذا كانت ترددها أمامه على لسانها بصوتٍ نازف، ظلمها في العيش معه، وظلمت نفسها بحبه، هو ظلمها وهي ظلمت نفسها، كلاهما ظالمان، وكلاهما مُذنبان، وهي من عوقبت على إجرامها في حق نفسها أما هو فنجى من الشنق حُبًا كجزاءٍ على تعاستها، كانت سترضى لو كان يُحبها، لأنها كانت ستدرك أن ما يفعله ليس نابعًا من قلبه، بل هو نابعٌ من سببٍ مُقنع. فما عُذره الآن على كل ما يذيقها به؟ ما عذره الآن على كل سكينٍ غرسه في قلبها فنزفت عيناها غلًّا على قلبٍ اتصل قسرًا بالعينين في أمور العشق. ما عذرك ياسيف لتذيق قلبي كلّ هذه المرارة من الحب؟ وكيف سيأتي يومٌ تواجهني فيه بكلمة - آسف - فأرتضيها، أين سأهدرها وقد نزف قلبي إلى أن جفّ وتجعد؟ إلى أن تهدل وأصبح لا يسعه ماءُ حُبّ يرتويه، لا يسع قطرة ندى تعيد زهوه بعد أن بهت وشحب. أين سأصرف أسفك حينها يا سيف؟ قلْ لي أين سأصرفه؟
تشبثت في ثوبه فوق كتفيه، تبكي أسًا وألمًا وموتًا! وهو متجمدٌ في مكانه ينظر للفراغ، آلمه بكاؤها هذه المرة كما لم يؤلمه من قبل، آلمه عجزها حتى كاد يرديه ضعيفًا أمامها، لكنه عض شفته ليُعيد رشده، لن يُخطئ كما السابق ليخسر كل شيء، كبرياءهُ وقلبه!
وضع كفه خلف ظهرها ليمسح عليه وينحني قرب أذنها قليلًا، ويهمس بصوتٍ جفّ فيه الألم ولم يمت : ارجعي لصوابك يا مي، كل هالحركات ماراح تقنعني في شيء
تقنعه في شيء!!! ما الذي يقصده الآن، ما الذي فعلَته ليظن أن كل ما جعلها تبكي هو محاولة تصنعها البراءة؟. ارتفعت شهقاتها لتبتعد عنه، كيف لها بعد كل مافعله أن تتخذ حضنه مواسيًا لها؟ كيف لها أن تُكمل اغتيال كرامتها بيديها؟ ... سحقًا لحبي لك يا سيف!!!
أكمل بجمودٍ وملامح قاسية : لا تحاولي تستفزيني في أمور انتِ عارفة إني أفقد فيها أعصابي كليًا ... خصوصًا - ركز نظراته الحادة عليها - مستر السواق
لم يُتبع بكلمةٍ واحدةٍ وخرج، وهي تراجعت لتجلس على السرير تُكمل بكاءها، لعلّ الدمع يحمل جزيئات الألم ليُخرجها مع كل قطرةٍ مالحة، لعلّ الملح ليس سوى قهرٍ وأسى، يخرج بذاك المذاق لملوحته في النفوس.




,




ولج للغرفة بشيءٍ من " الطفاقة " لتُفزع تنظر إلى الداخل، بينما ابتسم يقترب منها ببطء إلى أن جلس بجانبها على السرير : يا صباح الورد
نظرت إليه ببهوت وهي تحاول تهدئة نبضات قلبها التي ارتبكت فور دخوله، ثم بصوتٍ ميتٍ همست : أهلين
تعجب منها، ما بها؟ يعلم أنها لازالت إلى الآن تُجدد تلك الحادثة في رأسها، لكن الآن هُناك شيءٌ آخر صاحب ما بعقلها لا يعلم ماهيته تحديدًا، لكنه رأى الإنكسار والألم في عينيها : غيداء!!
همس باسمها بملامح متجهمة، لم يرتح لنظرتها، مابها أخته؟ مابها صغيرته!!
بينما نظرت هي إليه بانكسار، لتهمس بغصة : نعم
عناد بضيق : وش فيك؟؟
حركت رأسها يمينًا وشمالًا ليرفع يده يضعها على جبينها، لكن حرارتها كانت عادية، مابها إذن!!
أردف بتساؤل : تحسين بشيء؟ تعبانة؟ أكلتي؟
كانت تهز رأسها بالنفي مع كل سؤال، ليس نفيًا بمعنى إجابة، بل نفيًا لمُعاملته هذه، لمَ يعاملها بهذه الطريقة؟ لمَ يكذب؟ لمَ يتصنع الإهتمام وهو في الحقيقة لا يهتم! لا تحب هذه المعاملة الكاذبة، لا تحب الإهتمام منه وهو يُبغضها / ينفر منها / يشمئز منها!! لا تحب ذلك، لا تحب ذلك
تراجعت فجأةً لتنفجر بالبكاء، صارخةً في وجهه بألم : إطـــــلع بـــــــــرااا .. إطلــــــــع
جُفل ليتراجع، لكنه سرعان ما محى صدمته ليعود للإقتراب منها، ثم أمسك يدها بحنانٍ هامسًا : بطلع حبيبتي، بس على الأقل طمنيني وش تحسين فيه
هزت رأسها ويدها تشنجت، لتتمتم له : ولا شيء، ولا شيء .... بس إطلع، تكفى إطلع ما أقدر أتحملك!!
صحيحٌ أنه كان ليصدم بشدةٍ لردة فعلها هذه، ولا ينكر أنه تفاجئ منها، لكنه يعلم سابقًا أن تلك الحادثة سيبقى أثرها، لكن بالتأكيد ليس على هذا النحو، فهي لا تدرك الكثير مما حصل، ويعلم ذلك جيدًا، إذن مابها الآن؟
غيداء بألم من فكرة أنه لا يعاملها بهذه الطريقة إلا شفقةً أو ربما واجبٌ كونها أخته، لكنه في الحقيقةِ يمقتها : إذا بقيت لي شوية معزة عندك ... فاطلع
ما مقصدها من هذه الجملة؟ ما الذي تعنيه بـ ( إذا بقيت ) ... زم شفتيه وهو يتأمل عينيها بهدوء، إلى أن همس أخيرًا : أوكي طالع ... بس راجع لك وبفهم منك سبب هالحركات
ثم دون كلمةٍ أخرى خرج، هناك ما استجد بالموضوع، حالتها ليست مُطمئنةً له، والحادث وحده لن يفعل بها كل ذلك إلا إن كانت تفكر بشيءٍ آخر أعمق، أيعقل أنها أدركت ما حصل لها؟؟
توجس من تلك الفكرة، وكيف يمكن أن تُدرك ولا أحد في المنزل تحدث عن هذه الحادثة أمامها، حتى أقاربهم صمتوا احترامًا ولم يذكروا الحادثة من أساسها، فهل يعقل أنها عرفت من القليل ممن عرفوا من الناس؟
ثبتت الفكرة الأخيرة في رأسه، هي لم تخرج هذه الأيام إلا لمدرستها، فهل هناك من يعلم ممن في إطار ذاك المجتمع؟




,




يجلس بجانب تلك التي تتلمس عينها اليُسرى بينما الأخرى تنظر إليه بضعف : مافي أمل تسعدني؟؟ إذا كانت أعصاب هالعين تالفة ولا أقدر أشوف، فشلون بعيش بهالضعف في الثانية؟؟
زم شفتيه حانقًا على شاهين، يكرهه، يُبغضه، رغمًا عنه سيقوم بالعملية، ورغمًا عنه سينجح، ورغمًا عنه سيجلب الإبتسامة لوالدته.
همس مُبشرًا لها : تطمني يمه أنا تكلمت مع الدكتور شاهين، أفضل دكتور في المنطقة وأكيد بيسوي لك العملية وبتنجح بإذن الله
انتفخت أوداجها، وهو بكل أنانيةٍ يُسعدها سعادةً مؤقتة، لم يحسب في عقله أن تضمحل هذه السعادة إلى أن تتلاشى نهائيًا، بفعل يديه!!



,



يجلس بين أكوامٍ من آلات ومستلزمات البناء، والعمال يتحركون من حوله بينما يوجههم بين حينٍ وآخرى، وابتسامة نصرٍ ارتسمت على شفتيه بينما التمعت عيناه وهو يقرأ رسالةً وصلته.
( تم التنفيذ مثل ما أمرت )
ضحك، ليجذب أنظار العمال، ليهز رأسه يمينًا وشمالًا وضحكه لم يتوقف، وبخفةً اتجه لرقم سلمان ليرسل له رسالةً نصية وابتسامةٌ عابثة تزين ملامحه الحادة. وبعد أن أرسل وضع هاتفه جانبًا ليُعيد رأسه للخلف مُسندًا له على رأس المقعد، مغمضًا عينيه وابتسامته تقلصت قليلًا.
لا يشعر بالسعادة حقًا، ولا بالراحة لما فعل، ليس لأنه سلمان، بل لأن فعلته لم يكن يومًا ليبتسم لأنه قام بها .... إذن، كيف لسلمان أن يسعد ويرتاح مع كل ما يفعله من قذارة؟ كيف له بفعل ذلك مُتشدقًا وهو بعملٍ واحد شعر بالضيق إلى هذا الحد! زمّ شفتيه حانقًا على نفسه، سيضحك، مثلما يضحك هو مع كل شيء، سيبتسم، كما يبتسم هو مع كل معاصيه.
تنهد وهو يقف، يريد الخروج قليلًا يشتم هواءً بعيدًا عن كل هذه الآثار التي خلفها سلمان بفعلته، والتي ارتدت عليه اليوم بصاعقةٍ قد تقيده لأيامٍ وأيام مقهورًا.
فور خروجه من الباب الرئيسي للبيت وقف عاقدًا لحاجبيه وهو يرى امرأةً يبدو عليها الكِبر تتحرك بتوهانً في أرجاء الحديقة، تتفقد كل جزءٍ وكأنها تتأكد إن كان هناك ماتغير بعيدًا عن عينيها.
بقي قليلًا ينظر إليها متعجبًا، لكنه سرعان ما انتبه لتنحنح جاذبًا انتباهها، فاستدارت كالملسوعة لتفتح فمها فور رؤيتها له، بينما هو لم يرى ردة فعلتها تلك فهي قد كانت مُغطاةً بالكامل.
اقتربت منه ببطء وهي تهمس بصوتٍ متحشرج، بان به العجز والإختناق : عمي فهد!!
بهت ليتراجع دون قصد، أيعقل أن يكون شبيهًا بوالده لدرجةٍ تسمح للناظر بالظن أنه فهد حقًا، لكنه يعلم أنه لا يشبه والده إلا قليلًا، بينما كان لسلمان النصيب الأكبر من الشبه.
ابتسمت بحنين، لكن سرعان ما اختفت ابتسامتها وبهتت، وهي تفكر أنه من المستحيل أن يكون فهد، ففهد مات ورأت جثته بكلتا عينيها، وإن كان حيًا فهو سيكون في نهاية العقد الخامس من عمره تقريبًا، إذن من هذا الشبيه به! حتى سلمان سيكون في العقد الرابع بينما هذا يبدو عليه الصغر. همست بتساؤلٍ مُتعَجب : مين انت؟
زفر بضيقٍ من ذكر اسم والده الذي ارتبط في ذاكرته بسلمان، ليبتسم ببهوتٍ هامسًا دون أن يسأل عن هويتها هي أولًا، لكنه لا يعلم كيف شعر بالراحة تجاهها : سلطان فـ
قبل أن يُكمل اسمه كانت قد شهقت لتردد : سل سلطان .. انت سلطان؟؟؟
تعجب يؤمئ برأسه مستغربًا، لتقترب منه ودموعها التي خفيت عنه بسبب الخمار تساقطت، لتمد يدها تريد لمس وجهه المحبب لها، تريد الشعور بذاك الطفل الذي كان يسكن أحضانها سابقًا، بذاك الطفل الذي كانت أناملها تمسح دموعه.
تراجع مصعوقًا مما كانت ستفعل لتنتبه هي لنفسها، فزمت شفتيها ألمًا، تذكرت أنه لم يعد ذاك الصغير المُشاكس، لم يعد ابنها الذي لم تولد به، لم يعد سلطان الذي رأته آخر مرةٍ وهو في الثانية عشرة، يوم اغتيال والده! بالتأكيد لن تستطيع لمس وجهه كما السابق، لن تستطيع مسح دموعه كما مسحتها آخر مرةٍ يوم توفي فهد، فهو كبر وأصبح رجلًا، كما أنه إن تذكرها لن يقبل بها، فهي ....... زوجة قاتل والده!!!




,




عيناه المتوهجتان بنور الهاتف تتابعان الكلمات بقلق، يكررها على لسانه مرارًا ومرارًا. ما الذي يقصده؟ توجس وهو يعيد الجملة المكتوبة اخيرًا، إلهي ما الذي يقصده؟
( العين بالعين، والسن بالسن، و ... - النار بالنار - )
متوجسٌ من آخر كلمتين، مامعنى ما يرمي إليه، النار بالنار! النار بالنار!!!!عض طرف شفته بقلق، ليس من الحكمة أن تعمل شيئًا يزعزع هدوئي الآن، ليس من مصلحتك يا سلطان
وفي خضم تفكيره العميق بالمعنى، كان هاتفه قد صدح بصوته في الأرجاء، ليرفعه دون رغبةٍ في الرد، لكنه رد أخيرًا وهو يرى رقم أحد مسؤلي مخازنه، لمَ قد يتصل؟ ما الذي حدث؟؟؟؟
الكلمات التي كانت ترشق من الرجل على الطرف الآخر أخرسته، لم ينطق بكلمةٍ وعيناه تتسعان تدريجيًا، فعلها!! فعلها! هاهو يرد أول ضربة، هاهو يبدأ بانتقامه
أغلق الهاتف بغضبٍ ليتمتم من بين أسنانه : سلطــــــــــــــــــان!!
لكنه سرعان ما هدّأ غضبه ليبسم بحنق : ما عليه ... مشكلتك ما تدري إنك آخرتها بتندم!!



.

.

.



انتهى

وموعدنا بإذن الله بيكون الخميس القادم



ودمتم بخير / كَيــدْ !

صباالجنووب 26-06-14 01:10 AM

رد: قيودٌ بلا أغلال عانقت القدر
 
كيد







الله يعطيك العااااااااافيه ..



ابداااع ..ممتع كل حرررررررف في روايتك سلسله متصله من الابدااع والرقي ...والغموووض الممتع..

سسسسسيف ليه مايبي عيااااااأل ؟؟؟؟؟



شااااااهين ...اعجبني تعاامله مع امه حييييييييل ......



بس اسيل محد يلوومهااا المرآه بطبعها وووفيه ماتنسى ..حبها لمتعب ماراح اقول مبالغ فيه .لان متعب




اكيد انه كااااااانت معه في سعااااااااده فطبيعي تكوون حزينه...بس قدر الله ..وشااهين راح يسعدهاااا..بس هي راح تكون نكديه شووي..





سلطااااااان وسلماااااااااان ...عداوووه والغااز وغمووووووض




غيداااااء😢😢😢😢😢😢😢😢😢😢😢😢😢😢😢😢😦😦😦😦😦 اللي صااااااار لهااا موهين ...



بس ان شاء الله انهااا بااقي عذراء ....



جيهاااااااان😳😳😳......وفواز ؟؟؟؟القرب ذا راح يكوون من مصلحتهم..



يووووووووسف الرجل الناااااااادر ..واﻵب الحنووووووون..




الين ¿¿¿¿¿¿اتمنى يااسر يتكلم اكثر ويفهم امه...



ووين كااانت قبل قبل علشان داهم ذا اعتداء عليهاا...؟؟؟






كيد مبدعه بحق اتمنى الابداع ذا يستمررر ..ولا ينقطع ...

ونلتقي بآذن الله بعد رمضاااااااااأاان...

رونق النرجس 27-06-14 12:44 AM

رد: قيودٌ بلا أغلال عانقت القدر
 
:55: ابداااااااااااااااااااااااااااااااااااع في الانتظار حبيبتي

شبه انثى 27-06-14 05:06 PM

رد: قيودٌ بلا أغلال عانقت القدر
 
مرحبا كيد....كل عام وانت بخير
تهاني لك علي هذا الابداع
غبت يومين لاجد الحداث صارت اكثر غموض و تشويق


سيف و ديما.....اعجبني اسلوب التحدي الجيد لديما وياليت تكمل فيه... مع ظني انو سيف يموت فيها لكن يكابر...وفي الموضوع سر كبير لم يظهر بعد

جيهان و فواز....المسكين فواز هو الشماعة الي تحط عليها جيهان كل غضبها من والدها...وحتي زواجهم وراه قصة غامضة

الين و غيداء...... كل الحزن و المعانات فيهم... مع ان قصة الين مازالت غامضة

كل الشخصيات لازم ينقال فيها كلام.... وسنتكلم عنها بالتدريج
مممم كيودة.... لماذا سيف ينادي ديما. بمي #اعذري .تناحتي. لكن عصرت مخي وما طلعت بجواب

موعدنا بعد رمضان....باذن الله....وان شاء الله راح اكون معك بعده لمتابعة باقي الاحداث

عسولة. رمضانك كريم

كَيــدْ 29-06-14 07:19 PM

رد: قيودٌ بلا أغلال عانقت القدر
 
اقتباس:

المشاركة الأصلية كتبت بواسطة صباالجنووب (المشاركة 3454725)
كيد







الله يعطيك العااااااااافيه ..



ابداااع ..ممتع كل حرررررررف في روايتك سلسله متصله من الابدااع والرقي ...والغموووض الممتع..

سسسسسيف ليه مايبي عيااااااأل ؟؟؟؟؟



شااااااهين ...اعجبني تعاامله مع امه حييييييييل ......



بس اسيل محد يلوومهااا المرآه بطبعها وووفيه ماتنسى ..حبها لمتعب ماراح اقول مبالغ فيه .لان متعب




اكيد انه كااااااانت معه في سعااااااااده فطبيعي تكوون حزينه...بس قدر الله ..وشااهين راح يسعدهاااا..بس هي راح تكون نكديه شووي..





سلطااااااان وسلماااااااااان ...عداوووه والغااز وغمووووووض




غيداااااء😢😢😢😢😢😢😢😢😢😢😢😢😢😢😢😢😦😦😦😦😦 اللي صااااااار لهااا موهين ...



بس ان شاء الله انهااا بااقي عذراء ....



جيهاااااااان😳😳😳......وفواز ؟؟؟؟القرب ذا راح يكوون من مصلحتهم..



يووووووووسف الرجل الناااااااادر ..واﻵب الحنووووووون..




الين ¿¿¿¿¿¿اتمنى يااسر يتكلم اكثر ويفهم امه...



ووين كااانت قبل قبل علشان داهم ذا اعتداء عليهاا...؟؟؟






كيد مبدعه بحق اتمنى الابداع ذا يستمررر ..ولا ينقطع ...

ونلتقي بآذن الله بعد رمضاااااااااأاان...



ربي يعافيك عزيزتي

إن شاء الله كل شيء بيتوضح في الجاي

وبالنسبة لأسيل
كلامك منطقي وجدًا
المرأة بطبعها وفية خصوصًا مع اللي يسعدها
وماتقدر تتجاوزه بسهولة


إن شاء ربي بستمر للنهاية


وكل عام وانتِ بخير :)

كَيــدْ 29-06-14 07:23 PM

رد: قيودٌ بلا أغلال عانقت القدر
 
اقتباس:

المشاركة الأصلية كتبت بواسطة رونق النرجس (المشاركة 3454925)
:55: ابداااااااااااااااااااااااااااااااااااع في الانتظار حبيبتي

أهلًا بك
يشرفني هالإنتظار عزيزتي

كَيــدْ 30-06-14 07:21 PM

رد: قيودٌ بلا أغلال عانقت القدر
 
اقتباس:

المشاركة الأصلية كتبت بواسطة شبه انثى (المشاركة 3455039)
مرحبا كيد....كل عام وانت بخير
تهاني لك علي هذا الابداع
غبت يومين لاجد الحداث صارت اكثر غموض و تشويق


سيف و ديما.....اعجبني اسلوب التحدي الجيد لديما وياليت تكمل فيه... مع ظني انو سيف يموت فيها لكن يكابر...وفي الموضوع سر كبير لم يظهر بعد

جيهان و فواز....المسكين فواز هو الشماعة الي تحط عليها جيهان كل غضبها من والدها...وحتي زواجهم وراه قصة غامضة

الين و غيداء...... كل الحزن و المعانات فيهم... مع ان قصة الين مازالت غامضة

كل الشخصيات لازم ينقال فيها كلام.... وسنتكلم عنها بالتدريج
مممم كيودة.... لماذا سيف ينادي ديما. بمي #اعذري .تناحتي. لكن عصرت مخي وما طلعت بجواب

موعدنا بعد رمضان....باذن الله....وان شاء الله راح اكون معك بعده لمتابعة باقي الاحداث

عسولة. رمضانك كريم


كل عام وانتِ بخير وسعادة


مو تناحه منك ولا شيء يا الغلا
الغلط مني ما وضحت من البداية
على بالي كان واضح وتفاجئت بكمية اللي استفسروا عن سبب هالتسمية
إن شاء الله توضيح الاسم في البارت الجاي يوم الخميس


رمضانك مبارك عزيزتي والله يبلغنا صيامه وقيامه كاملًا

أنتظرك بعده :)

كَيــدْ 03-07-14 07:18 PM

رد: قيودٌ بلا أغلال عانقت القدر
 





السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
كيفكم؟ إن شاء الله تكونون بخير وسلامة!


البارت إن شاء ربي بينزل بعد صلاة التراويح
وإن تاخر شوي فتاكدوا إنه بينزل بعد الساعة 12
المهم إنه بيكون بين أيديكم اليوم


+


هالجزء تحديدًا تعبني كثير بسبب ضيق الوقت، بس في النهاية ضغطت على وقتي عشان أكون عند كلمتي وأنزله اليوم
فأتمنى أشوف ثمار تعبي وياليت اللي خلف الكواليس يظهرون وينورونا هنا :)




انتظروني بالبارت السابع

ودمتم بخير / كَيــدْ !


كَيــدْ 03-07-14 11:11 PM

رد: قيودٌ بلا أغلال عانقت القدر
 








سلامٌ ورحمةُ من الله عليكم :)
صباحكم / مساؤكم طاعة ورضا من الله
كيف الأجواء معكم في رمضان؟
إن شاء الله كويسة وربي يسهل عليكم ويمدكم بالطاقة لطاعته



مثل ماقلت في المرة السابقة، هذا الاسبوع راح يحدد انتظامي في رمضان
وللأسف كان وقتي ضيق جدًا وبالغصب لقيت وقت أكتب فيه

لذا سيكون هذا البارت هو آخر ما سأعرضه في رمضان ونكمل بعده بإذن الواحد الأحد
ولأنه الأخير قبل ثلاث أسابيع وأكثر من الإنقطاع عن الرواية خليته طويل جدًا وإن شاء الله يكون في نظركم بنفس الطول اللي شفته
ومنها نقلة كبيرة في بعض الشخصيات



,


بسم الله نبدأ


قيودٌ بلا أغلا عانقت القدر

للكاتبة : كَيــدْ !

قراءة مُمتعة


+ لا تشغلكم عن العبادات





(7)








يرى النيران تتقد أمام عينيه، وهو يقف بعجزٍ لا حيلة له في إخمادها، فعلتها يا سلطان لكن لا بأس، هذا لا شيء، لا شيء
ضرب ضربته بذكاء، فهما بعد كل ما حدث بينهما كانا قد ابتعدا وابتعد عملهما عن بعضهما، وأصبح لكل شخصٍ جزءه الخاص بينما هذا المخزن كان يخصه هو دون سلطان، لذا قام بإحراقه وإحراق كل ما فيه، وسيخسر سلمان الكثير والكثير بعد ما حصل. لكن لا بأس، لا بأس
بينما من حوله كان رجال الإطفاء يحاولون إطفاء النيران، وهو صامدٌ في مكانه يتأمل بصمت، فليحترق هذا المخزن، وليحترق بيته، وليحترق قلبه، وليحترق جسده بالكامل ... لكن أمرًا واحدًا لن يحترق لا بالنيران ولا بما فوقها، لن يحترق بانتقام سلطان أو غضبه، لن يحترق بشيءٍ وُجد في هذه الدنيا. لن يحرقه شيءٌ بتاتًا، هو حقده هذا الذي تولد منذ خمسة عشر عامًا، ولد لينمو وينمو حتى أصبح خالدًا لن تفنيه لا النيران ولا غيرها.



,



هذه المرة تشجعت، ستحاول إعادة الثقة والحُب من قبل أمها، ستحاول تبرئـة نفسها فهي لم تفعل شيئًا. تنحنت عندما أصبحت واقفةً أمام باب الغرفة وقد شعرت بالخجل، كيف ستُحدثها في غرفة نومها من والد ياسر! لكنها تشجعت وطرقت الباب، هي وحدها الآن وياسر ووالده كلٌّ ذهب إلى عمله. بعد ثواني من الطرق فُتح الباب لتظهر لها أم ياسر فابتلعت ريقها
وتلك وجهها تجهم بازدراء لتدفع البابَ بنيةِ إغلاقه، لكن إلين كانت أسرع فأوقفته بقدمها، وبرجاء : تكفين يمه بتكلم معك شوي
نظرت إليها أم ياسر بحدة ثم دخلت بصمت، فتبعتها إلين بصمتٍ أيضًا. وبعد لحظاتٍ كانت أم ياسر جالسةً على إحدى الأرائـكِ وإلين واقفةٌ على بُعد ثلاثِ خطواتٍ أمامها، ونظرها موجهٌ للأرض الرخامية الباردةِ بخزي، إلهي لمَ كل هذا الخزي الذي تشعر بها رغم أنها لم تفعل شيئًا؟؟
أغمضت عينيها بقوةٍ ثم فتحتها لترفع رأسها : يمه ... تكفين اسمعيني للنهاية ... انتِ فاهمة الموضوع غلط، أنا وياسر ما بيننا شيء، وأمس وقت دخلتي علينا كنتِ فاهمة غلط .... * ابتلعت ريقها وهي لا تدري حقًا ماذا تقول أو كيفَ تتكلم * اسمعــ ...
انقطع حديثها حين رفعت أم ياسر كفها لتُخرسها، فانصاعت وهي تزم شفتيها تنظر للأسفل
أم ياسر وهي تنتفض بانفعال، تزمّ شفتيها بغضب : ما أبي أسمع كلمة منك ... اللي تسوينه حرام حرام
إلين بضعف : ما سويت شيء
وقفت أم ياسر أمامها بعنف : وبصدقك يعني؟ شفتك بعيوني اللي مستحيل أكذبها، حسافة ثقتي فيك بس! .... انتو ما تدرون إنّ فعلتكم هذي راح ... * عضت شفتها بقوة * آه بس
لم تعلم إلين ماذا تقول، دائمًا البريء يدافع عن نفسه ببساله، فلمَ لا تُدافع الآن؟ هي لم تفعل شيئًا لتدان، لكنّ صوتًا داخلها يأمرها بالصمت، فلمَ ذلك؟ لمَ وهي لم تُخطئ؟
أم ياسر بتهديد : اسمعيني زين ... ياسر هنا أخوك فاهمة، يعني حبك له غلط، دامك عايشة في بيت هو فيه فحبك له غلط
فغرت إلين شفتيها، كيف عرفت بحبها له، كيف وهديل لا تعرف حتى؟ ... بالتأكيد هي، رانيا، هي الوحيدة التي تعرف ذلك، وهي الوحيدة التي هددتها قبلًا، غير مُمكن، لمَ تفعل بها ذلك لمَ؟
لم تسمع ما الذي قالته لها أم ياسر بعد حديثها ذاك وهي تغرق في دوامة أفكارها، ألهذه الدرجة تستحقرها؟ لترفض حبها لابن خالتها، المسألة لم تتعدى كونها حُبًا، حبٌ خفيٌّ لم يتعدى جدران غرفتها والعالم " الكيبوردي " .. إذن لمَ كل هذا التحسس والنفور؟
استدارت بيهوتٍ غير مُنتبهةٍ لبقيةِ حديث أم ياسر، لن تهتم أصلًا إن كان هُناكَ بقية، تريد أن تخرج من هذا المكان فقط، وهذه هي المرة الأولى التي تسدير فيها وأم ياسر تتحدث معها!
تنهدت أم ياسر ما إن أُطبق الباب، فجلست وهي تمسح جبينها الغير مُتعرق بتوتر ونظرها توجه للأسفل بتفكيرٍ عقيم!
هاهي أول مُشكلةٍ تظهر أمامها من حُبها الكبيرِ الذي زُرع في قلبها حين رأت تلك الطفلة ذو الستة أشهرٍ في الميتم، لم تكن يومها أمًا إلا لفتى، أرادت فتاةً بأي ثمن، وقد كانت لها مُشكلات في أيّ حملٍ آخر بعد ياسر، والذي كان وقتها ذو السبعةِ أعوام، فتكفلوا بتلك الصغيرةِ الفاتنة، ذات المنشفةِ الزرقاء الملتفة حول جسدها، وقد كان حينها والد ياسر غير مقتنعٍ بها بتاتًا، لكن وبعد أن تكفلوا بها بشهرٍ فقط، اكتشفت أنها حامل في شهرها الأول، ولإرادةٍ من الله ثبت حملها وأنجبت هديل بعد ستةِ أشهرٍ من الإرهاق والتعب، ولدت دون ان تتم شهورها التسع. ومع تعاقب السنين انزرع حُبها في قلب والد ياسر بعد نفورٍ ورفضٍ شديدٍ لها، وبعد جُهدٍ كبيرٍ منها لزرع ذاك الحُب.
والآن هاهي تقف عاجزةً عند أول عقبةٍ كبيرة تقف في وجهها مع تربيتها، فما الذي ستفعله وهي تخفي الكثير والكثير عن زوجها!




,



بصمتٍ مملٍّ كانَ كل منهما يمشي بجانب الآخر، وبينهما تقع مسافة خطوة اختارتها هي، فما كان منه إلا أن يبتسمَ ساخرًا ويجتذب كفها الناعمة إلى يدهِ الخشنة هاتفًا : اتركي عنك حركات المُسلسلات
عبست وهي تحاول نزع يدها من يده، لتهمس بضعفٍ ورجاء : فواز
لا تستطيع في نفسها نُكران الضعف الشديد الذي يعتريها ما إن تكون معه، لكنها لن تعترف به أمامه. والآن رغمًا عنها خرج صوتها ضعيفًا مترجيًا.
فواز ونظره موجهٌ للبشر المُتحركين على سطح الرصيف الواسع، كلٌ يغرق في ما يفعل، منهم من كان مع فتاته سعيدًا، ومنهم من كان يضحك مع رفاقه، ومنهم اللاهي بهاتفه ومنهم الصامت والمُتحرك وحده دون رفيق. وهو! ليس من أيٍّ منهم بالتأكيد، هو مع فتاته لكنه ليس سعيدًا لعدم سعادتها معه. هدر بهدوء : شوفيهم قدامنا
تقطب حاجبيها لتنظر بآليةٍ أمامها، لكنها لم ترى شيئًا يستحق الإهتمام، فقط بشرٌ مثلهم يمشون
جيهان بعبوس : وشو؟
أشار بعينيه دون أن ينظر إليها لرجلٍ يمشي وذراعه تعانق عضد مُتحجبةٍ بجانبه، ينظر إليها ليتحدث فتبتسم له بنعومة، والسعادةُ ترتسم على محياهما
جيهان وهي تضيق عينيها بملل : وش فيهم؟
فواز بجدية : ليه ما نكون مثلهم؟
ازداد عبوسها لتسحب كفها حين ارتخت قبضته قليلًا، فاستدار حين هتفت : غبي
رفع حاجبيه بوعيد لكنها تجاهلت نظراته لتُكمل : وش اللي مخليك متأكد من سعادتهم كذا؟
ابتسم : عيونهم
جيهان بملل : لا تتفلسف على راسي
ثم أسرعت بخطواتها مبتعدةً عنه لتتسع عينيه وينادي باسمها بصوتٍ مسموع، لكنها تجاهلته وتابعت هرولتها إلى أن وصلت للفتاة وزوجها، وبتعمدٍ اصطدمت بكتفها. لا تعلم تحديدًا لمَ قامت بهذه الحماقة، رُبما لأنها غبطتها حقًا لأنها سعيدةٌ مع زوجها كما قال فواز، وهي بكل غباءٍ أرادت الإنتقام من سعادتها بالإصطدام بكتفها.
استدارت الفتاة الفاتنةُ إليها لتتراجع جيهان بارتباك وقد احمر وجهها، وقد أدركت مدى حماقتها : آ آ ... - تداركت لسانها المُتلعثم لتهمس بخجل - I'm sorry
الفتاة بنعومة صوتها وابتسامةٌ هادئة تجلت على شفتيها : لا بأس
لفت نظر جيهان فجأةً ذقنها المُميز، والذي كان بارزًا بشكلٍ مُثير ومقسومًا رأسيًا من المُنتصف، وجهها كان دائريًا صغيرًا يتناسب مع ذقنها الذي أكمل لوحة جمالها، جميلةٌ جدًا، ليست مثلها، فهي ذات ملامحَ عاديةٍ زيّنها البياض فاكتملت بالشعر، لا معالم جمال فيها سواهما، وربما لو أنها كانت سمراء قليلًا أو بشعرٍ أجعد أو قصير لما نظر إليها فواز حتى، هاهي تبدأ بالمقارنة العقيمة التي تتجول في عقلها ما إن ترى أنثى، عضت شفتها باحباط، حتى أرجوان لها ملامح تجعل الناظر فيها يُسبّح دون وعيٍ لما تحمله من جمالٍ أخآذ، ويطول النظر عند عينيها لتجد العيون الناظرة لها صعوبةً في الإبتعاد عن مرمى حدقتيها السوداوتين كما هي تحدق بذقن الواقفةِ أمامها. تنحنحت حين انتبهت لنفسها متجمدةً تحدق بتلك الفتاة التي احمر وجهها خجلًا، وفواز يقف بجانبها وذراعه تحيط بكتفها. رمشت مرارًا وتكرارًا بعدم استيعاب وهي تستمع لكلمات فواز ردًا على ذاك الشاب الذي قال " ما عليه .. ليه الإعتذار "
فواز بابتسامةٍ ودودة وهو يسحب كفه اليُمنى التي كانت تصافحه : عالعموم شلونك؟ يعني سافرت لا تتصل ولا تشوف أحوالي؟
الشاب بعد ضحكةٍ خافتة : وش نقول عنك انت أجل؟
فواز بابتسامة : ما عليه
ثم استدار لجيهان الواقفة بانشداهٍ متفاجئة، إذن ففواز يعرفه! وهم عربٌ مثلهم!
أردف بجدية وخفوت : وش صار عليك انتِ؟
تلعثمت جيهان بارتباك لتعيد نظرها إلى تلك الفاتنة معتذرة : معليش، ما كنت أقصد
هي برقة : لا تعتذري ما صار شيء
ابتسمت باقتضابٍ لتهمس لها : معك جيهان
الفتاة بابتسامة : تشرفنا وأنا جنان
" جنة، بالفعل هي جنة في جمالها " ... هذا ما فكرت به جيهان قبل أن تبتسم لها وتنظر لفواز الذي ضاع بالحديث مع ذاك الشاب، ثم بفضولٍ تساءلت : وش اسمه زوجك؟
جنان بابتسامة : أخوي! .. اسمه فارس
بهتت جيهان ثم سرعان ما استوعبت لترمش وحمرةٌ اعتلت وجهها من ظهورها بهذا الشكل الغبي لأول مرةٍ أمام هذه الجنان .. " فواااااز " .. أرادت الصراخ باسمه فهو من وضعها في هذا الموقف الحرج، خدعها!!
" حمار " .. حركت شفتيها بها دون صوتٍ لتعيد توجيه نظراتها الحمقاء لجنان التي كانت تبتسم بخجل، يبدو أنها غير اجتماعية لكن ملامحها تبعث الطمأنينة والراحة من قِبلها.
تحدثتا معًا قليلًا بمواضيع رسميّة إلى أن هتف فواز : بشوفك بعدين ... الحين عندي شغل
نظرت إليه جيهان بسرعة، أي عمل أيها الكاذب! فهم فواز نظراتها وابتسم وهو يودع فارس ليمسك يدها ويجتذبها معه وصوت جنان الرقيق داعب سمعهما مودعةً لجيهان.
ما إن ابتعدا حتى سحبت يدها بعنفٍ لتهدر من بين أسنانها : ليه عرضتني لهالموقف السخيف؟
فواز ببراءة مُتفاجئة : أنا؟؟ وش سويت بالله عليك؟ مو انتِ اللي رحتي لعندها ودفعتيها بكتفك، مو أنا اللي دفعتك لها!
قال جملته الأخيرة وهو يرفع كفيّه في وضعية الدفاع، فزمت شفتيها بغيظٍ لتهمس بغلّ : طول عمرك سخيف
فواز بجديةٍ أنزل يديه ليشبك أنامله بأناملها ويهمس : ما كان هذا رأيك قبل سنين
ضعفت نظراتها لتهمس من بين أسنانها بقهر : كنت مراهقة وقتها ... أشوفك أخوي اللي أتسلى معه
فواز بقسوة : وكمان كنتِ مراهقة قبل سبع شهور؟
ابتلعت ريقها لتلتمع عيناها بدمعٍ لم ينضب ولن ينضب طالما كان هو زوجها! طالما كان ذاك الحادث يتكرر في رأسها ... ظُلمت، ظُلمت!
ارتجفت شفتيها بهمسٍ ضعيف : حتى انت مو راضي تصدقني؟
يعلم أنها بريئةٌ من ظنون والدته كما هو، لكنه الآن لا يعلم لمَ قال ذلك، لمَ فتح هذا الموضوع العقيم والمجهد لكليهما، لمَ جرحها الآن وأبكاها! هو فقط أخطأ التعبير، ورُبما ضغوطه المترسبة والمتراكمة بازديادٍ تعمل عملها الآن لتجعل لسانه ينطق بالسـوء.
عض طرف شفته السُفلى ليهمس : أصدقك .. أكيد أصدقك
جيهان بألم : لأنك كنت ضحية مثلي بس، والا لو انك غير كذا كنت ظنيت فيني السوء
فواز : ضحية؟ * هزّ رأسه رافضًا لتلك الفكرةِ ليهمس بصوتٍ عاشقٍ مُبتسم * ما كنت إلّا مُستفيد




,




رفع الضمادة عن عيني ذاك الفتى الصغير، والذي يبدو بجسده وملامحه أنه لم يعتب العشرين بعد، المعطف الأبيض يغطي نصف جسده فوق بنطاله، وقفازٌ يُعانق كفيه مع نظارةٍ طبية أكملت صورة الطبيب الفذّ. همس ببضع كلماتٍ للفتى وهو يحرك كفه أمام عينيه، فما كان لذاك الفتى إلا أن تتسع ابتسامته وهو يتابع حركه أنامله وصوته يصدر جملةً واحدة بتكرار " صرت أشوف ... أشوف "، وما لبث لحظاتٍ إلا وصوت عويل أمه يرتفع ويرتفع، ووالده يمسح دمعاته ويقبل رأس ابنه ومن ثم يصافح الطبيب المُبتسم والذي كانَ شاهين.
شاهين بابتسامةٍ ودودة : الحمدلله على سلامتك يا وليد ... الله يكتب لك الخير برجعة نظرك
وليد بسعادةٍ كبيرة لا تصفها الدموع : شكرًا دكتور ... شكرًا
شاهين بابتسامة : الشكر لله وحده
تمتم الفتى بالحمد بينما الأم كانت قد سجدت سجود الشكر، كيف لا تسعد وهو ولدها الذي عانى العمى أشهرًا بعد حادثٍ وقع به، والآن هاهو يرى مجددًا، وبفضل الله وحده على يديّ هذا الطبيب.
سلّم شاهين للوالد وصفةً لبعض أدويةٍ يجب على وليد استخدامها حاليًا، ثم ودعهم بعد أن قرر لهم موعدًا في الأسبوع القادم. جلس على مكتبه وهو يتنهد، رغم كل تلك الفرحة التي ارتسمت على محيا تلك العائلة إلا أنه لم يشعر بأيّ فخرٍ أو سعادة، غابت عنه تلك الأحاسيس التي كانت تعتريه لفرح عائلةٍ فقد ابنها البصر وعاد على يديه بقدرة الله، فقد كلّ تلك الأحاسيس السعيدة والمفرحة لقلبه، بعد أن رحل هو، بعد أن غاب أخاه عن العالم لينتزع معه الفرح والبهجة دهرًا، كم يتمنى لو أنّ مُعجزةً تعيده إليه، كم يتمنى لو أنه لم يمت، كم يتمنى لو يستطيع معرفة ذاك الشخص الذي أرهقه قبل وفاته، متعب كان مريضًا لذا كان زواجه بحبيبته يُأجل ويُأجل وهي تنتظره دون ملل. آه ليته كان مكانه في تعبه، وليته مات بدلًا عنه.
تمتم مستغفرًا وهو يمسح وجهه بكفه ليتناول هاتفه الذي صدح صوته من على مكتبه، ويبتسم لإسم المتصل الغالي على قلبه وهو يضع نظارته على سطح المكتب : يا هلا بأم شاهين الجميلة عُلا
ابتسمت والدته لكلماته : هلا حبيبي وينك؟
ضحك شاهين كطفل يستمع لغزلٍ من فتاته الصغيرة : يمـه ترى كبرت
عُلا بحب : بتظل طول عمرك في نظري صغير
شاهين : اعتبرها اهانة
علا : اعتبرها اللي تبي ... المهم، أبيك تترك اللي في يدك وتجيني الحين
نظر شاهين لجدول المرضى اليوم وابتسم : بجيك يالغالية بس لازم عالساعة 11 ونص أكون في شغلي
علا بهدوء : ماراح أأخرك
قطب شاهين حاجبيه ما إن أغلقت بعد قولها " فمان الله " دون أن تستمع لرده، فوقف قلقًا من فكرة أنها ليست بخير، وفي خلال لحظاتٍ كان يحرك سيارته باتجاه المنزل. وفور وصوله ترجّل ليتجه للباب، فكرة أن تكون أمه غير بخير أخافته، لن يتحمل إن فقدها هي أيضًا ... هز رأسه وهو يهمس : بعيد الشرّ عنها
فتح الباب بالمفتاح الذي لديه، فهو من المستحيل أن يخرج دون أن تغلق أمه الباب خلفه، ولكون المنزل لا يحوي خادمة فلابد من وجود مفتاحٍ آخر معه، وتلك الممرضة التي تساعد أمه لم يرى مثل بلادتها يومًا، فهي تحصر عملها على الإعتناء بوالدته وخدمتها هي فقط، وإن احتاج هو خدمةً صغيرةً منها كفتح الباب له إن ضرب الجرس ترفض، وكم من مرةٍ قبل أن يأخذ له نسخة من المفتاح تعفن في الشمس بسبب تجاهلها له، في وقتٍ كانت أمه نائمةً ولا أحد في المنزل سواهما.
ولج للداخل بهرولةٍ ليجد أمه جالسةً في الصالة والممرضة تناولها الحليب، والتي ما إن رأته حتى أخفضت الخمار على وجهها ذو الملامحِ الشاميّة الجميلة بسرعةٍ لدرجة انه لم يلمح منها شيئًا... سحقًا! يقسم أنها لو لم تكن بكل تلك الأخلاق والإلتزام لكان قتلها، لو تترك غرورها فقط. كشر بملامحه حين غادرت فهي لا تحب الإصطدام بالحديث معه، وهو باستفزازه لها يدفعها لرفع صوتها عليه ونسيان إخفاضه كما هو واجبٌ عليها أمام الرجال الأجانب.
همس بغلّ : من زين الوجه عاد ... ميت عليك أنا!
اتجه لأمه براحةٍ وهو يرى أنها بخير ليجلس بجانبها ويتناول يدها مُقبلًا لها : الله يسامحك على الفجعة اللي جتني بسببك
أمه بجدية : خلك ساكت بس
شاهين بقلقٍ أمال رأسه جانبًا : يمه لا تختبرين الضغط عندي ترى ممكن يهبط فجأة بسببك
عُلا بضيقٍ ضربت كتفه : بعيد الشر .. لا تتفاول على نفسك
شاهين بابتسامة : أجل وش الداعي لكل هالإنذارات المُفاجئة
نظرت إليه عُلا بجدية لتهتف : اتصلت اليوم على أم فواز
عبس شاهين بعتاب : ويعني كل هذا بسبب اتصالك لأم العروس؟
عُلا بجدية : ماهي أي عروس
ابتسم وهو متعجبٌ من أسلوبها : طيب وش المطلوب مني يا أم شاهين؟
علا : تكلمت معها عن الزواج .. هي ما عندها مانع بس تبي تتكلم مع بنتها وتشوف رأيها
شاهين: أوكي ما عندي أي مشكلة إذا كان عالسريع برضاها
علا : واليوم أبيك تروح للسوق معاها وتشتري شبكتها
قطب شاهين حاجبيه، هو لا يمانع لكنه مع كل الضغوطات والمشاكل التي تقع عليه بسبب سند والتفكير في ذاك المجهول المتعلق بمتعب أصبح لا رغبة له بأي شيءٍ حاليًا، وليس من اللائق أن يقابل العروس بنفسٍ - مسدودة -. لذا هتف : أنا بروح بنفسي وأشتري الشبكة ... ماله داعي تكون معي
اعتلت ملامح أمه الغضب، والشيطان يجلب لها أفكارًا سلبية بعدم رضا شاهين الكامل بأسيل، ربما يتحسس أنها أرملة أخيه أو من هذا القبيل، لذا هتفت بغضبٍ وانفعال : قول انك ما تبيها وريح بالك ... ليه طيب طلبتها لك زوجة وفرحتني عشان تزعجني برفضك لها الحين؟؟؟
جُفل شاهين من انفجارها المفاجئ، ما الذي جعلها تفكر بهذا الآن. لكن قلبه انقبض مع انفعالها، وأي انفعالٍ خارجٍ عن المعقول قد يتسبب بارتفاع ضغطها، لذا أمسك بيديها بين كفيه وهو يهتف : آسف آسف ... بآخذها معي بس كل شيء ولا زعلك علي وغضبك
سحبت يدها منه وهي تنادي باسم الممرضة التي جاءت إليها بسرعةٍ مُتحاشية النظر إلى ذاك العملاق المستفز : شو في خالتي
عُلا بتجهم : تعالي حبيبتي سوزان ساعديني عشان أوصل لغرفتي
اقتربت منها سوزان لكن شاهين رفع اصبعه مُحذرًا وعلى وجهه إمارات الغضب : روحي أنا بوصلها
لكنها لم تستمع إليه وهي تمسك بيدي عُلا لتساعدها، فانتفضت حين صرخ غاضبًا : قلت انقلعي من وجهي
تركت يد علا وهي تعود أدراج غُرفتها بغضب، تقسم أنها لولا حُبها لأمه لما جلست دقيقةً واحدة في هذا البيت.
نظرت إليه عُلا بغضبٍ بعد أن اختفت سوزان عن ناظريها : وانت شفيك حاط صوبك من صوب هالبنت
شاهين بملامح مُتضايقة وهو يعتدل ليمسك يديها يريد أخذها لغرفتها : مين قال؟
أبعدت يديه وهي تهتف بغضب : يعني زود عن غضبي لرفضك لأسيل تبيني أغضب عليك عشان سوزان ... * بتحذيرٍ أردفت * شاهين انت تعرف إنها ماهي بحاجة الشغل عشان تذل نفسها بالقعدة، وعارف إنّ أبوها من كباريات بلدها وعملها كطبيبة ماكان إلا حُب لهالمهنة
شاهين بمللٍ من هذه السوزان ومن والد سوزان ومن عمل سوزان، أيعقل أنه بدأ حتى بالغيرة منها كما بدأت غيرته من أسيل بالولادة الآن مع ما حصل؟ : أعرف وأعرف وأعرف ... ومليت منها ومن كل شيء يتعلق فيها * وقف بضيقٍ ليكمل بانفعال * ويمكن تكون نهاية قعدتها على يدي مو برضاها هي
عُلا بحاجبين مُقطبين : نعــــم!!! ...
قاطعها حين قبل رأسها وهو يخشى أن تغضب الآن : أمزح .. وعارف إنها صارت مثل بنتك ووجودها يسليك، فكيف ممكن أطردها * ثم ابتسم مُكملًا * وأسيل بعد على عيني وراسي وأنا أحلفلك بالله إني أبيها .. بس يمكن ما ترضا
علا وقد استرخت برضا : أنا بحكي معها
شاهين : بس مو اليوم عندي أشغال فوق راسي بالعيادة
أومأت برأسها فساعدها ليأخذها لغرفتها ويضعها على سريرها : ارتاحي الحين وتطمني ... مستحيل أخذلك بأسيل
ثم غطاها وهي مُبتسمةٌ له برضا، سيفعل كل شيء يرضيها وإن كتب على ذلك تعاسته، فهي والدته! جنته. ابتسم لها وهو يخرج بعد أن أغلق الباب، كم يشعر برغبةٍ كبيرة في تحطيم رأس تلك الممرضة، أصبحت تفضلها عليه ... زم شفتيه بقهر ... لو لم تكن أمه تحبها وترتاح معها لكان طردها أو دبّر أي حجةٍ ليدعها تخرج برضاها ... زفر بضيق .. أصبح يفكر بسذاجةٍ بل إن السذاجة تكمن في غيرته من كل من حوله على أمه.
تأفأف بقهرٍ من كل تلك الأفكار العقيمة التي تدافعت إلى عقله فجأة ليخرج من البيت عائدًا إلى عمله وهو يتمنى لو يحطم أي شيءٍ أمامه.



,



ينظر إليها ببهوت، لا يصدق ما يسمع، أهذه هي حقًا؟ عادت بعد خمسة عشر عامًا!. بينما هي مُتلحفةٌ بعباءتها، ووجهها الذي لم تنله الكثير من التجاعيد والذي كان مُغطي بخمارٍ رقيق مُوجهًا للأرض.
همست بأسى : بس في النهاية، قلبي يقولي إنه بريء، مستحيل يسويها، مستحيل يكون هو اللي قتل عمي فهد
شعر بقبضاتٍ في قلبه، وجلستهما الآن كجلسته مع عمه يوم حدّثه عن غزل وزواجهما، وفي نفس المجلس العربي. ينظر إليها بألم، بالكثير من الحزن، أوجعه كم ظُلمت، لمَ ظُلمت؟ ولمَ ظُلم زوجها؟ ما ذنبهما؟
تمنى لو يستطيع الإقتراب منها ومعانقتها، هي أمه في النهاية، ليست من حملته وولدته، وليست من أرضعته، بل هي من ربته! يا الله، لمَ كل تلك التعقيدات؟ يريد الشعور بحضنها كما كان طفلًا، يريدها هذه الفترة تحديدًا، بعد كل تلك الضغوطات وبعد كل تلك المآسي التي حلت عليه، يريد دفئًا، يا الله يريد دفئًا قد لا يجده عند سواها.
بينما هي كانت تراقبه وتتابع صمته الذي طال، بشفتين مُقوستين، وكما توقعت هو لن يقبل بها، من هي أصلًا ليقبل بها؟ ليست سوى زوجة قاتل والده كما يظن الجميع، لكنه مظلوم، تريد أن تصرخ بأنه مظلوم، زوجها لم يقتل أحدًا، لم يقتل أجدًا.
بكت دون استعدادٍ لتهتف برجاء : صدقني يا ولدي راضي ماله ذنب، أعرفه، زوجي وأعرفه مثل ما أعرف حبه الشديد لعمي فهد، شلون يقتله وهو اللي سانده بعد يتمه؟ شلون يقتله وهو اللي كرمه في بيته؟ شلون يقتله وهو اللي كان له السند والأب والأخ؟ قولي شلون يا سلطان بعد كل هذا تتهموه بشيء ماله ذنب فيه؟ شلوووووون
تجهم وهو يأخذ كوبًا زجاجيًا من على الطاولة ويصب لها الماء، ثم مد يده لها ليهمس : روقي يمه، ماني متكلم معك لين ما تروقين
قال لها - يمه -! قالــها! قال لها تلك الكلمة التي حُرمت منها من بعد اختفاء زوجها، تلك الكلمة التي لم تسمعها من سواه. رفرف قلبها لتلمع عينيها بالمزيد من الدموع “ آه يا سلطان ... يقولون الأم تحزن وتموت بالحزن يوم تفقد ضناها، وأنا حسيت بهالشعور طول ال 15 سنة اللي فاتوا ... طول هالسنوات اللي كنت فيها بعيد عني وكبرت بعيد عن عيوني “
انتبه لشرودها، فهتف مرةً أخرى يذكرها بكوب الماء، لتنتبه وتتناوله بملامح مبتهجةٍ لم يرها بسبب الخمار، لترفعه قليلًا عن وجهها بعيدًا عن عينيه وتشرب نصف الكوب وتمده له مرةً أخرى، فتناوله ليضعه على الطاولة أمامه.
ثم بحنانٍ نظر إليها، أمازلت كما هي أم أن العمر سرق ملامحها؟ أمازالت تحمل نفس الرائحة أم أن السنوات طمرته بين ثناياها؟ أمازالت تحمل نفس تلك الإبتسامة التي تجعل دماءه تثور لتتفاعل مع الفرح في تفاعلٍ أموميّ تكون ابتسامته هي ناتج هذا التفاعل؟ أمازالت تحفظ تلك الكلمات العاتبة التي حفظها هو عن ظهر غيبٍ من شدة شقائه الذي أهلكها؟ أمازالت تضاريسها هي ذاتها؟ هل تغيرت كما تغيرت نبرة صوتها للعجز؟ يشعر باللهفة إليها كما لم يتلهف لبشرٍ من قبل، سرقتها الحياة منه، وسرقها الظلم منه، ظلمت وجدًا حين أُتهم زوجها الذي اختفى في يوم اغتيال والده لتتوجه أصابع الإتهام نحوه، وهي البائسة التي كان من الواجب عليها دفع ضرائب تلك التهم من خزيٍ وأسى. كم ظلمتِ وظلمتِ يا أماه، وكم سيجني الظالم حصاد ظلمه في حق الجميع ومنهم أنتِ.
ازدادت رغبته في الإنتقام، واشتعل فتيل الحقد عنده، انتظر يا سلمان فالحياة هكذا تريد، جاءت أمي اليوم لتصبح دافعًا أمامي للمتابعة.
هتف بعد ثواني طالت وطالت بالصمت، بينما هي تنظر إليه بعجز : معرفتك أعمق، أعمق بكثير مني ومن غيري وغيري، وثقتك في محلها فتطمني
توجست ولم تفهم معنى ما يقول، لكنها بعينيها كانت تتأمل ملامحه السمراء والتي ورث منها الجاذبية عن والده، تتأمل ثبوت نظرته وثقته، وبأذنها تستمع لنبرته الثابتة، يا الله، إنه فهد يحيا بجسدٍ آخر، هو فهد في حلةٍ أُخرى، لم يمت، من قال أن فهد مات؟ من كذب وقال ذلك؟
أكمل بنفس ثباته وملامحه لم تهتز : أبوي راضي بريء من كل التهم اللي وجهت له بسبب إختفاءه، ربي برّأه من سابع سماء مثل ما برئ عائشة في حادثة الإفك، ربي أظهر الحقيقة في عيوني وبتظهر قريب في عيون الناس
بقيت صامتةً تنظر إليه، ما الذي تسمعه؟ وأخيرًا هناك ما صرح بكلامٍ إيجابي تجاه زوجها بعد كل ما كانت تتناوله من أفواه الناس خمس عشرة سنة، وأخيرًا وجدت من يثبت براءة زوجها المفقود بعد كل تلك المعاناة والخزي الذي غمس بقلبها في أحماضٍ من الحزن والألم
همس بتوثيق وهو يلمح صمتها وشرودها عنه : يمه، زوجك بريء وأنا اللي بثأر له بعد ظلمه مثل ما بثأر لأبوي المغدور .... تسمعيني، أبوي راضي بريء .... بريء
انفجرت باكيةً لتسقط رأسها على كفيها وتبدأ بنحيبها، يا الله نال مني الوجع حتى كدت أموت منه، نال مني حتى بت لا أنطق بسواه ... أنصفني يا الله فلا منصف سواك.
هتفت بصوتٍ عالٍ ونحيبها يزداد : ظنيت إني بموت ولا بسمع أحد يتكلم عن راضي بالحسنى، ظنيت إني بطلع من الدنيا بدون دموع فرح ..... آآآآآه يا ولدي متت، أمك ماتت من موت صيت زوجها على كل لسان
يزداد حقده ويزداد، هذه الدموع، وهذا النحيب، هذا الأسى وكل تلك الآلآم سببها هو وحده، سببها سلمان دون سواه، سببها ظلمه دون ظلم سواه. آه كم بدأ في عقله بكرهه، وسيبدأ فعليًا بكرهه.
اقترب منها وهو يتمنى لو يستطيع تلقف يديها ليُشبعهما قبلًا، اشتاق لها وجدًا. همس بحنانٍ وبه بعض الدعابة : لو أدري إن بكاك بيزيد ما كنت بقول اللي قلته .... خلاص زوجك مذنب
رفعت رأسها تنظر إليه بحزنٍ وألم، ثم همست :انكسر ظهري يا ولدي من بعد راضي
زمَ شفتيه وملامحه تقلبت بألمٍ على حالها قبل حاله : ربي بيحفظه
هي بألم : ما ادري وين أراضيه، عايش واللي ميت، ياكل، يشرب ... قلبي قابضني عليه من 15 سنة ... وفي نفس الوقت ماهو مقتنع بالطلاق
التمعت عيناها بالدموع لتتابع بينما هو ينظر إليها بأسى : الناس أكلت مني ومنه ... زوجك قاتل، زوجك هارب ..... والخبيثون للخبيثات، والا ما كنتِ بتنتظريه كل هالسنين ... ليه ما تفسخي العقد في المحاكم؟ غايب 15 سنة وبمقدورك تتطلقين منه، والا عاجبك هالإرتباط الغبي بشخص مثله؟ ... آآآه ياقلبي ليتهم يحسون باللي أحس فيه، ليتهم يحسون بالألم لكلامهم، وليتهم يحسون بثقتي الكبيرة فيه .... زوجي بريء يا سلطان، ورب العزة بريء
أومأ يُؤكد لها كل ما تقوله، هو بريء، يعلم ذلك، لا ذنب له وكل الذنب لا يتجه إلا لسلمان فقط، سلمان ولا أحد سواه.




,




تجلس معها وهي شاردةٌ في كوب القهوة أمامها، وأمها تتحدث معها وهي غير منتبهةٍ بتاتًا. تريد الطلاق، أصبح كل تفكيرها في الطلاق وحده، سابقًا وافقت لأجل أمها وفواز فقط، والآن ندمت فياليتها لم تفكر في الموافقة قط، شاهين لا يناسبها من وجهة نظرها هي، فهو قبل كل شيءٍ أخ زوجها الراحل.
ام فواز بملامح مستاءة : أسيــــــــــل
انتبهت لتنظر إليها ببلاهة : هاه
ام فواز : وين رحتي يا بنتي من ساعة أكلمك
ابتسمت ببهوت : معليش شردت شوي
ام فواز بحنان : ما عليه ... بس كنت أكلمك عن زواجك
ابتلعت ريقها وبدأت بفرك يديها بتوتر : هاه! وش فيه زواجي؟
ام فواز بابتسامة : كلمت اليوم ام شاهين ... ودها تحدد الزواج
عضت طرف شفتها لتخفض رأسها، لتكمل أمها : وش قلتي حبيبتي ... بعد شهر؟
رفعت رأسها بسرعةٍ وفغرت شفتيها : شهــــر!!
قطبت أم فوار حاجبيها بأسى : ما تبين؟
أسيل بعبرة : ما أبي يمه تكفين ... أنا أصلًا غيرت رأيي وشاهين ما أبيه
جُفلت امها وهي تستمع لكلماتها، لتنظر إليها بعينين مُتسعتين : كيــــــــف!! لعبة هو؟
وقفت وهي تشد قبضتيها بتوتر، قالت ما قالت فلتتابع، جاءتها الفرصة ولن تتراجع الآن، يجب أن تكمل ما بدأته ولربما هذه هي فرصتها الوحيدة. هتفت بحدة : ايوا ما أبيه، أصلًا أنا كنت غلطانة من البداية وشاهين ما يناسبني أبدًا
تسلل الغضب لأمها، ورغمًا عنها ارتفع صوتها بحدةٍ وهي التي كانت تريد السيطرة عليه : أسيــــــل ... هالكلام ما أبي أسمعه مرة ثانية ... ليه وافقتي من البداية وبخاطرك تتراجعين؟ بما إن الموضوع تم فماهو ممكن نتراجع الحين ... الزواج ماهو لعبة
ارتعشت شفتيها وهي تهدر بينما بدأت دموعها بالتجلي : ما أبيه ما أبيه ... أنا بنفسي بتصل عليه وبقوله يطلقني ... أصلًا أنا كنت غلطانة يوم وافقت .... وانتم السبب
اندفعت لغرفتها ودموعها تساقطت، بينما كانت أمها تنظر إليها بصدمة، مستحيل! أبعد أن تم الزواج تقول هذا؟ ابنتها جنت، بالتأكيد جنت، وهي لن تسمح لهذا الجنون بالتمادي.




,




صوتُ الإذاعة يصدحُ بقوةٍ مُطلقًا تراتيل القرآن الباعثة للسكينة، فقط القرآن ما سيريح روحها النازفة وقلبها الغاضب، أما جسدها فلن يشغله عن التوجع إلا الإرهاق والإرهاق فقط.
بملابس تعكس مزاجها السيء كانت تمشي ذهابًا وإيابًا تمسح الأرض وتنظف الخزائن وترتب الملابس المُرتبة من جديد وتكوي أثوابه المكوية من جديد، ثوبُ احترق عمدًا فليت قلبها احترق مع تلك القطعة، وآخرٌ احترق حين غادرها عقلها مُسافرًا إليه، حتى يدها احترقت دون أن تنتبه لتسقط دموعها لألم قلبها حقيقةً وليس لألمِ يدها.
وهاهي الآن تُنظف المطبخ بيدٍ مُحترقةٍ غير آبهةٍ بالألم، وبنطالها الرصاصي الفضفاض قد اتسخ بفعل غُبارٍ لا تعلم كيف تواجد وهي التي تنظف الجناح باستمرار.
تأفأفت وهي تنفض الغبار عن بنطالها ثم اتجهت للمغسلةِ لتغسل يدها السليمة، وأذنيها تستمعان للقرآن بينما شفتيها تتحركان مرددتان للآيات التي تحفظها.
" قل لن يصيبنا الا ما كتب الله لنا هو مولانا وعلى الله فليتوكل المؤمنون "
عند هذه الآية تحديدًا سقطت دموعها، لكنها مسحتها وأغلقت الصنبور لتتوجه نحو الراديو وتجلس على أريكةٍ مُفردة بلونٍ عنابي كانت بجانب الراديو. أغمضت عينيها وهي تُعيد رأسها للخلف تسنده على الأريكة، وآيات القُرآن تبعث لها السكينةَ والراحة ... حتى أنها لم تشعر بنفسها حين غابت لعالم الأحلامِ نائمة.
استيقظت على صوتٍ يناديها باسمٍ لم تُسمى به، ولم تعرف شخصًا يومًا يحمله ليصبح بنفس مواصافاته ... قبيح / مُزعج : مي .. مي
تأفأفت وهي غير واعيةٍ تمامًا لتدير رأسها مُريحةً وجنتها اليمنى على الأريكة، فابتسم وهو يعيد خصلات شعرها خلف أذنها الذي اقترب منه وهمس ممرًا لأنفاسه في تجويفه : حالتك الحين ... يُرثى لها
قطبت جبينها لتفتح عينيها وتُغلقها مرارًا وتكرارًا، لكنها عادت لإغلاقهما وهي تهمس دون وعي : جسمي مكسر .... أبي أنــام
ابتسم ليُمسك يدها وهو ينوي أخذها للسرير، لكنه وما إن أمسك بها حتى تأوهت بألم فأبعد يده بسرعةٍ كردة فعل، ثم نظر ليدها ليرى حرقًا وضع في يدها اليُسرى في المنطقة تحت إبهامها.
سيف بتساؤل : وش ذا! ... * ثم رفع نظراته لوجهها النائم * من وش انحرقتي؟
كانت نصف واعيةٍ ونصف نائمة، تمتمت بصوتٍ مبحوحٍ من النوم دون أن تفتح عينيها : المكوى
أغمض عينيه وهو يمرر الهواء من بين أسنانه بصوتٍ مسموع : غبية
ثم اعتدل ليضع ذراعًا تحت رأسها والأخرى تحت ركبتيها، ليحملها إلى الغرفة وهي قد غرقت في نومها تمامًا. دفع الباب بقدمه ليتجه نحو السرير وينزلها عليه ... ثم اتجه لإحدى الأدراج التي تحمل علبة الإسعافات الأولية ليأخذ مرهمًا للحروق وضمادًا ويعود إليها جالسًا بجانبها على طرف السرير.
تناول كفها ليضع عليه المرهم وبدأ في توزيعه بسبابته، ليطول توزيعه بسبب ذهاب عقله مع ملامحها وذهاب بشرته مع ملمس بشرتها الناعمة.
" جذابة " همس بها وهو يميل برأسه يتأملها بامعان، تثيره بكل معالمها الضعيفة. سيكون غير عادلٍ إن قارنها بأنثى أخرى أو فكر بمجرد المحاولة في ذلك، لطالما كان يقرن الأنوثة بالضعف، وهي مع الضعف كالإنسان وظله لا يغادرها إلا قليلًا، بامكانه الآن حساب عدد المرات التي غادرها فيها الضعف.
انحنى قليلًا ليقترب منها، يقبل وجنتها برقةٍ مرارًا ومرارًا، حتى اتجه إلى أذنها ليقبله ويهمس بكلماتٍ لن يفكر حتى بنطقها في وعيها، ثم رفع يده التي كانت تُمسك بيدها المحترقة ليخلخل بها شعرها الحريري، وفي غمرةِ جنونه همس لها : انتِ مختلفة .. اي أكيد مختلفة ... جاوبيني يا ديما انتِ مختلفة والا من نفس الجنس؟ ريحي بالي هالمرة وأنا أوعدك براحة البال
أغمض عينيه بقوة وشد على شفتيه بأسنانه وهو يحرك رأسه بالنفي، لا ليست مُختلفة، كم مرةً حاول إقناع عقله بهذه الفكرة ولم ينجح، فكيف سيُقنع عقله بسؤالٍ كُتب الجوابُ بجانبه ... لمَ لم تكوني مختلفةً يا ديما لمَ؟؟




,




الساعةُ الآن هي الثامنة، وهو يجلس بطوله وجسده الضخم على جلسةٍ عربية في إحدى مجالس هذا البيت، يتمنى لو يستطيع أن يتنفس غير هذا الهواء الملوث، لو يستطيع الهروب من هذا المكان القذر لكنه ليس ممن يحبذون الهروب. زفر بغلّ وهو ينظر للباب الذي طال غلقه وهو بانتظار هذا الأحمد الذي هو عمه الآن، يبدو أنه ورط نفسه بشيءٍ كبير حين تزوج إحدى بناته، لكن ماذنبها هي إن كان لها أبٌ تجري الخسة في عروقه، وكيف سيكون واثقًا أنها لم تورث هذه الخسة منه! .. سؤالٌ بديهي تكرر كثيرًا في عقله ولم يجد له جواب، أيعقل أنها مثل والدها؟ لكنه جلس وتسامر معها كثيرًا وكان يرتاح لها حتى وإن لم يحبها، لكنه يحترمها وهذا يكفي حتى يأتي الحُب بعد الزواج ... زفر بحيرة ... لن يتخذ أي إجراءٍ معها حاليًا حتى انقضاء العام الذي ستكون به في بيته، بعدها سيُحررها وليحدث ما يحدث، فهو يستصعب حياةً مع أنثى كان لوالدها يدٌ في مقتل والده.
استدار بسرعةٍ حين فُتح الباب، لتتجمد نظراته على أحمد الذي دخل وفي يده صينية القهوة، ينظر إليه بعينين ماكرتين، في الصبح علم باحتراق إحدى مخازن سلمان، وبالتأكيد سلطان يُدرك أنه يعلم، ومن مصلحته عدم التلميح لما حصل، فالفائدة قبل كل شيء.
أحمد بابتسامة : حيا الله من جانا .. تو ما نور البيت
رفع سلطان حاجبه بسخرية، منذ متى كان عمه المغرور يحضر القهوة بنفسه، اعتاد عليه دائمًا جالسًا معه وغزل هي من تُحضر القهوة والشاي، فما الذي اختلف الآن؟
سلطان بجمود ودون مقدمات : ما جيت للترحيب وانت عارف هالشيء
ابتسم أحمد بثقة : اي عارف ... بس تدري .. كبرت في عيني كثير لأنك ما تركت بنتي
سلطان دون مبالاة : مؤقتًا
لم تختفي ابتسامةُ أحمد ولم يظهر الغضب أو الإستياء، وهذا ما أثار تعجب سلطان، فكيف لأبٍ أن يقبل بأن تكون ابنته عرضةً لزواجٍ مؤقت!
زمّ سلطان شفتيه قبل أن ينطق : ما أبي زواج ولا قاعة وكل هالإشكاليات المُملة ... لو كنت راضي عن بنتك كامل الرضا صدقني كنت بسوي لها كل اللي تتمناه كل عروس ... بس الحين للأسف ما أفكر حتى بهالشيء
بهدوءٍ صبّ أحمد القهوة ورفع فنجانًا لسلطان، لكنه لم يمد يده فأنزله دون كلمة، ليعيد جسده للخلف : وأنا ما يهمني لا عرس ولا فستان ولا قاعة ولا شيء غير سعادة بنتي، اللي بتنكسر يوم ترفضها قبل لا توصل بيتك
سلطان بسخرية : يعني انت مالك أي يد في كسرها؟
لم ينطق أحمد وهو يثبت نظراته التي لم تنكسر للآن أو يظهر بها الذنب، فأردف بازدراء : صدقني لو ما شفقتي عليها من كلام الناس كنت تركتها لك
وقف بقوةٍ ليُكمل : بكرة بمر عليها وآخذها لبيتي، ما يهمني كانت جاهزة أو لا ... يمديها تضبّ أغراضها المهمة اليوم وبعد ما آخذها بوفر لها كل اللي تحتاجه
اتسعت ابتسامة أحمد، هذ ما يريده، المهم أن يأخذها وليحصل بعدها ما يحصل، تكفيها سنةٌ واحدة دون أن يعلم الحقيقة، وبعد هذا السنة وطلاقها منه بإمكانها الزواج بآخر دون أن يعلم سلطان الحقيقة ويُفضح هو.
وقف أحمد ليقابل سلطان ويمسك بكفه مصافحًا له، وابتسامةٌ ماكرة تجلت على شفتيه ليهمس : لك اللي تبيه ... كلّ اللي تبيه


كانت تستمع لهم وهي واقفةٌ عند باب المجلس، يدها على صدرها الذي كان يرتفع ويهبط بجنون، وملامحها السمراء باهتةٌ بشكل مُرعبٍ، وشفتيها الممتلئتين متسعتان تجتذب أنفاسها بصعوبة. سيدمرها والدها، سيدمرها بهذه الزيجة ... لا لا .. لا يُمكنها متابعة هذا الزواج، ستنتهي إن أصبحت في بيته.
أنزلت يدها المُرتجفة لتضعها على بطنها الذي آلمها وبدأ بالتقلص خوفًا، انتهت الغزل منذ اليوم ... انتهت!




,




تُحركُ ملعقتها على صحن المعكرونة التي لم تأكل منها إطلاقًا، وهي شاردةٌ تمامًا عدا عينيها اللتين كانتا ترتفعان في نظرةٍ خاطفةٍ لأم ياسر التي كانت تتجاهلهاً حرفيًا، تشعر بالعبرةِ تخنقها، لم تتمنى يومًا أن تعيش بهذا الشكل وكل تلك الأحاسيس المجروحة بنبذها. ياسر لم يأكل معهم لا في الغداء والآن أيضًا اعتذر، بالتأكيد هو يشعر بالذنب، تراه يتفرد بأمه كثيرًا وهي ترتسم على ملامحها الغضب من حوارٍ يتكرر كثيرًا بينهما.
رباه! أظهر براءتي فلم أعد أطيقُ صبرًا على نبذٍ وازدراءٍ ظالمين.
رباه! أثق أنك ستكون الحاكم العادل الذي لم يكونوا هم متلبسين بهِ فلا تخذلني، أثق أنك من خلق العدل في نفوس خلقكَ فلا تخذلني إن هُم نسَوه
رباه! أنت تعلم أنني لا أريد من هذه العائلةِ إلا الخير .. فإن لم يكُن لي خيرٌ معهم فأبعدني عنهم
ابتلعت ريقها وأغمضت عينيها ... أبعدني عنهم إن كان في بقائي معصية، أبعدني إن كان في بقائي حزنٌ لهم. إلهي رجوتك ... لا تربط بيني وبينهم لو كان في هذا الإرتباط اغتيالًا لأفراحهم.
زمّت شفتيها وهي تشعر بعينيها تحرقانها من دموعٍ أبت إخراجها، موقتًا فقط، إلى أن تذهب لغرفتها وتطلق سراحها من كلّ تلك القيود التي تمثلت بهم. لكنها فجأةً شعرت بدوارٍ يعتريها، فهي لم تأكل منذ البارحة شيئًا.
ابتلعت ريقها الجاف وهي تقف متمتمةً بالحمد، تريد الهرب لغرفتها. لكنها قبل أن تتحركَ خطوة، كانت يدها تتشبث في الطاولة لثقلٍ أصاب جسدها وضبابٍ غشى عينيها، لتطلق تأوهًا قبل أن تصل إليها هديل وتسندها بخوفٍ كي لا تقع : إلين!!!
وقف أبو ياسر بسرعةٍ كردة فعل، حتى أنه كان سيتوجه إليها غافلًا عن حرمتها عليه، في حين توجهت نظرات أم ياسر إليهما بقلق
إلين بهمسٍ مُرهق وهي تتمسك بها : مافي شيء بس مُجرد إرهاق ... وصليني غُرفتي
هديل بقلق : أوكي بوصلك
لكن صوت أم ياسر أوقفهما : لحظة
إستدارت هديل بتساؤل بينما أغمضت إلين عينيها بغصة، تدرك ما ستقوله لها، ستأمرها بتركها، عضت شفتها لكنها أرخت عضتها ما إن سمعت أم ياسر : الدوخة من قلت الأكل، جلسيها تاكل شيء
ابتسمت إلين ببهوت لتهمس دون أن تنظر إليها : أكلت
أم ياسر بحزم : على بالك ما شفت وش أكلك ... أقول اجلسي اجلسي واكلي زين عشان صحتك
هل من حقها أن ترفض هذا الأمر؟ مستحيل، هو أمرٌ منها هي، من أمها، فكيف لها أن تتجرأ بوقاحةٍ على رفضه. اتسعت ابتسامتها وهي تجلس بمساعدةِ هديل دون أن تتكلم، وأم ياسر أخفضت نظراتها في الصحن في حين جلس أبو ياسر هاتفًا : حتى أنا ملاحظك ماعاد تاكلين معانا مثل قبل ... لا يكون الأكل ماهو عاجبك بس
إلين بابتسامةٍ بريئة مُرهقة وهي تلفّ المعكرونة الطويلة بالشوكة : أفا عليك يبه وأنا أقدر أعوفه؟
أبو ياسر بحنان : على كذا إذا ما شفتك بوجبة من الوجبات ماني مكلمك لأسبوع كامل عقاب
إلين بغنجٍ وهي بحديثها مع أبو ياسر دائمًا ما تنسى نفسها وألمها باستشعارها بوالدها لا بشخصٍ غريبٍ تكفل بها : وأهون عليك
أومأ بجدية : لأنك ما تهونين أبيك تاكلين




,




قبل ذلك بوقت - الثالثة عصرًا


كفه تعانق سماعة الهاتف الأرضي على أذنه اليُمنى، يهتف بقلقٍ بينما عينيه ترتفعان كل ثانيتين للأعلى ناحية الدرج، قلقٌ عليها، فهي صغيرته ووحيدته، ومن جهةٍ أخرى يشعر بالقلق على الكبير الصغير الذي يتحدث معه على الهاتف الآن : احلف إن مالك شغل بالحريق
عبس سلطان من هذا السؤال الذي تكرر عليه مرارًا ومرارًا : كيفك ياخي لا تصدق ... مو ضروري أحلف لك وانت تكذبني ... تراك بكذا تنقص مني
زم شفتيه وهو يستشعر الكذب في صوته، هو، يكاد يقسم أنه السبب الأول والأخير في ما حدث، هو لا يلومه، لكن كل ما يخشاه هو أن يتورط في أمرٍ يودي به للسجن، كما انه الآن من جهةٍ أخرى يحاول كشف كل ما حدث في الماضي بين سلمان وأخيه دون أن يشعر سلطان، ويخشى أن يشوه عليه تخطيطه.
هتف بحدةٍ حازمة : ألاقيها منك والا من اللي عندي! ... يا الله صبرني
صمت سلطان قليلًا ولم يحتج لذكاءٍ حتى يدرك من يقصد : وش فيها غيداء؟
تنهد عناد بجزعٍ ليهمس : مافيها الا العافية إن شاء الله ... الا وش الأمور اللي استجدت في سالفة زواجك؟
صمت سلطان لثواني، لمَ تطرق الآن لهذا الموضوع الذي عكر مزاجه؟ ... هتف بتكشير : اليوم بروح أتفاهم مع أبوها
عناد : ما تبي تعدل في رأيك
سلطان بضجر : صبرًا جميل وبالله المُستعان
عناد بشك : سلطان انت ليه مصر على هالزواج؟
قطب سلطان حاجبيه مستنكرًا : وش قصدك؟
تنهد وهو لا يريد أن يظن سوءً به : ولا شيء ... المهم وش كان موضوعك اللي كنت تبي تقوله لي؟
طغى على ملامحه الجدية، وهو يتذكر زوجة راضي ليلى : بجيك اليوم أو بكرة وبكلمك عنه ... الحين مشغول شوي
لم يهتم كثيرًا وهو منشغلٌ عقلًا بمن في الأعلى : أوكي أشوفك على خير

في جهةٍ أخرى

كانت تنظر للفراغ تضم ركبتيها إلى صدرها حين سمعت طرقًا على الباب، نظرت ببهوت ناحيته لترى عناد يدخل بعد أن طرق مباشرةً، لتصد عنه، بينما هو لم يرسم غير الجمود والجدية على ملامحه.
أغلق الباب خلفه ليتقدم مقتربًا منها، ثم جلس بجانبها على السرير بينما هي ارتبكت لتبتعد راسمةً مسافةً بينهما.
عناد بجدية : اعتقد لازم نتكلم الحين
هزت رأسها بالنفي وهي تغمض عينيها بقوة، لا كلام بينها وبين شخصٍ يُبغضها وإن كان أخاها الأكبر. تنهد ليهتف وهو يتجاهل صدها :كيف المدرسة وياك؟
ازداد ارتباكها، أجاء من أجل انفعالها صباحًا أم من أجل المدرسة؟ .. لا شعوريًا استدارت إليه لتهمس باستغرابٍ وهي تنظر لعينيه الساكنتين بهدوء، لا نفور فيهما ولا غضب : كويسة
أمال جذعه قليلًا ليستند على مرفقه بأريحية بينما أنامله تلامس شعيرات ذقنه : وصديقاتك مثل ما أنا على خبرهم والا تغيروا؟
ما الذي يريد الوصول إليه بأسئلته المعتادة من قبلها؟ فهو مع كل أسبوعٍ أو اسبوعين يسألها عن علاقاتها وهي تجيبه بشيءٍ من الملل، فما معنى أن يسألها الآن وهو بالتأكيد لا يهتم أو غاضبٌ من تصرفها صباحًا؟ ... هذا يعني أنه ليس غاضبًا كما أنه يتكلم معها باعتياديةٍ عكس ما سردته لها سارة بردة فعل الأهل والأقارب والناس كافة بعد الإعتداءات، أم أنه الآن يتصنع؟
أجابته بفتورٍ وحيرة : نفسهم ما تغيروا
عناد : وامتحاناتك؟
غيداء : كويسة
اعتدل في جلسته لينظر إليها بجدية، ليهتف : وكيف صارت الأحوال بينك وبين الأبلة هدى
قطبت جبينها فجأةً حين تذكرت تلك المعلمة، لطالما كانت بينهما مشاحناتٌ لا تنتهي : على ماهي
ارتفع حاجباه ليهتف بحزم : أنا مو قلت لك كوني معاها أوكي ... هي في النهاية مثل أمك وسالفة عدم احترامك لها فيها عدم احترام لذاتك وتنقيص من قدرك وقدر أهلك
عبست فجأةً لتهتف بجزع : ما رجعت أتطاول عليها ... بس أتجاهلها
عناد : حتى التجاهل غلط ... هي ماهي من عمرك عشان تعتبرين التجاهل شيء هيّن والسلام .. تجاهلك لها وهي بعمر أمك يعني تنقيص منها
غيداء : بس هي ما تحترمني ودايمًا تهاوشني
ابتسم ليمد يده يمسح على شعرها : لأنك مثل ما أعرفك شقية وما تتركين حركات الهبالة تبعك ... أجل تستاهلين اللي يجيك منها
اقترب حاجباها من بعضهما بينما زمت شفتيها بعبرة، بالتأكيد سيقول " تستاهلين "، أليست أخته التي بات يزدرئها! أليست المُغتصبة المنبوذة؟ بالرغم من أن كل شيءٍ لازال مُبهمًا في نظرها إلا أنه يكفي أن تدرك مدى بغضهم لها، سيرى أنها تستحق أي تصرفٍ سلبي تجاهها من أي مخلوقٍ لأنها تستحق، أوليس كل البشر يغطون أنوفهم حين يمرون بجانب القمامة!!!
تساقطت دموعها فجأةً، ليجفل عناد للحظات، لكنه أخيرًا قربها منه ليحتضنها بحنان : وش مبكيك الحين؟
غيداء بغصة : عناد انت تحبني؟
ابتسم عناد بتعجب : أكيد مين قال غير كذا؟
غيداء بألم : حتى بعد اللي صار!
صمت للحظات، وكما توقع لقد أدركت ما حصل معها، لكن كيف؟ وبماذا تم حشو عقلها؟
تنهد وهو يبعدها عنه قليلًا، لينظر لوجهها الطفولي بحنان وكفاه تقعان على وجنتيها، ليهمس : وش صار أصلًا؟
غيداء بحزنٍ وبعض الخجل : اللي في بيت ...
قاطعها وهو يضع إبهامه على فمها، ثم همس : الحين برمي سالفة معرفتك على جنب، ومسألة الصديقات وهالخرابيط بحاسبك عليها بعدين .... سؤال واحد بس، بوشو انترس راسك؟
صمتت للحظات وهي تُزيح ناظريها عنه، ثم بعد ثوانٍ قليلة عادت لمرمى عينيه : الكل بيكرهني ويتقرف مني ... طيب أنا وش ذنبي؟ الحين انت وماما تستحون لأني بنتكم وتكرهوني مو؟
هز رأسه بأسى على ما تفكر به، المشكلة أنها لا تدرك أن اعتداء ذلك الرجل عليها لم يتم، وهي لازالت كما هي. مسح دموعها بطرف إبهاميه ليقبل جبينها، ثم هتف : مين قال إننا نكرهك؟ مين اصلًا يقدر يكره غدوي؟
غيداء بجزع : لا تتصنع
عناد بجدية : تعرفيني ما أحب التصنع ... وهالموضوع بكبره ما أتحسس منه لأنه ما يعني شيء لا بالنسبة لي ولا بالنسبة لأمي ولا بالنسبة لسلطان، وكل اللي تفكرين فيه غلط لأنه ماله أساس، انتِ أختي ولو كان صار لك شيء جد كنت بوقف معك مو أتقرف منك .... واللي ترس عقلك بهالخرابيط غبي وانتِ أغبى لأنك لجأتي له .... وحسابك بعدين
التمعت عيناها بدموع جديدة، أما يقوله هو الصحيح ام كلام سارة؟ تشعر بتشتت ولا تدري من تصدق، لكنه أخاها قبل كل شيء، كيف تصدق الغريب وتكذبه؟
عناد بحنان : والحين يلا انزلي عشان تاكلين شيء، واضح إنك في الفطور والغداء تلعبين بالصحن بس ومادخلتي لبطنك شيء ..... وإذا للحين ما اقتنعتي بكلامي بعطيك كف هالمرة
ابتسمت لعينيه، إذن كل ما قالته لها سارة كذب، هي بالفعل ترى صدق عناد وحبه لها، لا يكرهها ولا يتقرف منها، كلامه يعني الكثير إذ أنهم لا يتحسسون لما حصل. بالفعل لقد كانت غبيةً حين لجأت لتلك الفتاة.
أكمل عناد بحدةٍ هذه المرة : وعقابًا لك على كل اللي سويتيه وعلى معاشرتك لناس من هالأشكال بحرمك من السوق والملاهي لشهر كامل
أومأت بطاعة ولم تهتم مع أن هذان الإثنان هما حياتها، لكنها الآن لن تهتم، الأهم هو أنهم لا يبغضونها ولا يتقرفون منها، الأهم انها لازالت مدللتهم وصغيرتهم
ابتعد عناد عن السرير واقفًا : برجع لك في وقت ثاني عشان أعرف صديقاتك بالأسماء الكاملة ... والحين بنزل وثواني وانتِ وراي عشان تاكلين
أومأت ليخرج عناد، ثم زفرت بقوةٍ لتُسقط جسدها الصغير على السرير، ودون شعورٍ بدأت في فرك ذراعها وهي تتذكر ذلك الرجل ولماسته، من بين كلام سارة أنها لن تتزوج أبدًا بعد ما حصل، ومن الطبيعي أن فتاةً في عمرها ستتحسس من هذا الأمر، لكن لمَ تهتم بهذا القدر؟ الأهم هو أن عناد لازال يحبها كما هي ولا يتحسس كونها أخته المُغتصبة!
ابتسمت بحبٍ وهي تهمس : الله يخليك لي



,



فتحت عينيها ببطءٍ وهي ترى الغرفة تغرق في الظلام، تحركت قليلًا ورفعت يدها لتضع ظاهر كفها على جبينها وتضغط به، لكنها تأوهت حين شعرت بالألم فتذكرت أنها قد احترقت بالمكواة، لكن الغريب الآن أنها تشعر بقماشٍ يعانق كفها. رفعت يدها لترى الضماد مع النور الضئيل المتسلسل من باب الحمام. ابتلعت ريقها حين استوعبت لتوها أنها في غرفتهِ التي لم تتجرأ بعد للعودة إليها بقدميها، غرفته هي الوحيدة التي يقبع فيها الحمام بينما الآخر فلا. لكن كيف وصلت إلى هذه الغرفة؟
جلست وهي تشعر بجسدها مُخدر، ثم مدت يدها لتفتح نور الأبجورة وتضيء الغرفة بنورها الضئيل، ثم وجهت نظرتها للساعة المُعلقة بالجدار لتهمس بجزع : يوووه فاتوني صلاة المغرب والعشاء!
نهضت بإرهاقٍ ومفاصل مُتيبسة لتمط يدها للأعلى وتشد جسدها مُقدمةً لصدرها وبطنها للأمام تُصدر صوتًا من بين شفتيها المُغلقتين. ثم اتجهت للحمام تمسح وجهها وتتوضأ لتصلي صلواتها الفائتة وهي تستغفر ربها.
بعد مُدةٍ كانت تطوي سجادتها وجلالها لتتجه لخزانة غرفتها التي توجهت إليها بعد أن توضت، ثم وضعتها وأغلقت باب الخزانة قبل أن تستمع لنحنحةٍ صدرت من باب الغرفة. فاستدارت بسرعةٍ لتراه يقف مُستندًا على إطار الباب مُكتفًا ذراعيه إلى صدره.
ديما بجمود : معليش راحت علي نومة وما سويت العشاء
سيف بهدوء وهو يقترب منها : ما عليه ... والخدامة ليه موجودة؟
ديما وهي تفرك عضدها بتوترٍ خفيّ تتظاهر أمامه بالهدوء : خالتي ما تحب الا الأكل اللي من يدي
سيف بسخرية : واثقة!
ابتلعت ريقها قبل أن توجه نظراتِ ثقةٍ إليه : وهذي الحقيقة ... مثلك تمامًا
ابتسم سيف : في هذي صدقتي ... * اقترب أكثر إلى أن وصل إليها ثم رفع كفها * شلونها يدك الحين؟
همست بخفوتٍ بعد أن تأكدت أنه هو من ضمد لها : كويسة
قرّبها من شفتيه ليُقبلها برقة وحنان فبقيت جامدةً ولم تتحرك، وهي تنظر لعينيه اللتين شردتا قليلًا وشفتيه لازالتا ملتصقتين بالضماد. هي أيضًا شردت بعينيه، بذاك الحجاب الأسود الذي يحجب قلبه عنها، دائمًا ما تحاول قراءة أفكاره وقلبه من عينيه وغالبًا ما تفشل، عدا بعض المرات القليلة التي تقرأ بها الرغبة وقليلًا من الحنان أو القسوة، فقط! لا شيء آخر.
أفاقت من تفكيرها على شفتيه اللتين تحركتا بجُملةٍ لم تشعر بها من الضماد ثم نطق وقد ركزّ بنظراته الحادة على عينيها : قلت للخدامة تطلع عشاء لك ... روحي اكلي لك شيء
سحبت يدها بسرعةٍ وهي تبتلع ريقها وتشتت نظراتها، ثم هزت رأسها : لا ما ودي بشيء
سيف بحدة : ما عندي شيء اسمه لا
" لا حوووول " ... قالتها في نفسها ثم نظرت له بجدية : حتى الأكل غصب!! شكلك لعبت الدور صح وبديت تقتنع في عقلك بكل معنى يحمله اسم مي ... ماني مي، ماني خدامة مملوكة مثل ما يقول الاسم ... أنا ديما
هرولت بسرعةٍ لتهرب بعد ما قالته لكنه كان سريعًا ليقبض على عضدها حين جاورت جانبه : تعالي هنا
أعادها أمامه لينظر لملامحها بجدية : عساك ما أكلتي وبلاها هالمحاضرة ... آخرتك بتروحين بنفسك للمطبخ .... * بأمرٍ أردف * تلمين أغراضك الحين وتنقليها للغرفة الثانية ... حركتك من الغرفة لهنا عشان أغراضك ماهي عاجبتني!
فغرت شفتيها وهي تنظر لملامحه بنفور، شيءٌ ما يمنعها من العودة للنوم معه في نفس الغرفة، شيءٌ غبي سيرديها للمشاكل معه. هتفت بغباءٍ مُتلعثمة : وش قلت؟
رفع حاجبه : ما تسمعين انتِ؟ ... قلت انقلي اغراضك للغرفة الثانية
تلعثمت وهي تتراجع قليلًا للخلف خوفًا منه وكأنها تعلم عاقبة كلامها : ما ودي
زمّ شفتيه ليتخطى الخطوات القليلة التي صنعتها بينهما ليقبض على ذراعها بقسوة. يشعر بفورها من عينيها ولا يريده، ليست هي من ستقرر الإبتعاد وهو صامت، أجل ليست هي.
همس بغضبٍ وانفاسه تحرقُ بشرتها : حركات المسلسلات هذي ماهي عاجبتني! ... ترجعين للغرفة معي وانتِ ساكتة، الحين مافي عذر يمنعك من النوم معي في نفس الغرفة، حجاب التحريم انرفع خلاص، والحين انتِ مثلك مثل أي زوجة تنام مع زوجها.
نفض يدها بقسوةٍ ليهدر بحدة : لمّي أغراضك يلا
انتفضت وهي تتراجع للخلف وشفتيها تقوستا بعبرة، ثمّ بصمتٍ اتجهت للخزانةِ لتأخذ أغراضها لتلك الغرفة، وصوت باب الجناح دوّى ليُعلن خروجه غاضبًا.
رمت مافي يدها بغضبٍ لتسقط دموعها، لمَ هي ضعيفةٌ بهذا الشكل؟ لمَ يستطيع بكل سهولةٍ أن يُحركها كيفما يشاء، أكرهك يا سيف أكرهك!
جلست على الأرض وهي تغطي وجهها ... لا بل أحبك، أحبك ولا أعلم كيف أحببتك، فلا تقُم بسلخ هذا الحُب عن قلبي بسكينك الذي لا يملّ ولا يكل عن جرحه باستمرار.

بينما هو ... كان قد خرج من الجناح ومن البيت بأكمله، ليقف عند سيارته وصدره يرتفع ويهبط بانفعال، وبقهرٍ مسحَ وجهه بكفه ثم ركلَ سيارته بغضبٍ صارخًا : ما تبيني ... الحمارة ما تبيني!! ... * أردف بحدةٍ وصدره يرتفع ويهبط * مو بكيفك يا ديما مو بكيفك، تبين تشابهين غيرك؟؟ بس ماهو أنا اللي بيطْلِقك على راحتك، ماهو أنا!!!



,




كانت تقابل جُدران غرفتها تهزّ جسدها للأمام والخلف بتفكير، وأرجوان في المطبخِ تُحضر العشاء. الساعةُ الآن هي السابعةُ مساءً بتوقيت بروكسيل، وهي بقيت مع فواز حتى الثانية مساءً.
سمعت صوتَ خطواتٍ فرفعت رأسها لترى أرجوان التي جلست بجانبها على السرير.
جيهان بإيجاز : ما أبي أتعشى
ابتسمت أرجوان : ماجهز للحين
جيهان ببرود : أجل وش تبين
أرجوان ببساطة : غرفتي مثل ماهي غرفتك!
مطت شفتيها وهي تشعر برغبةِ كبيرة في الإبتعاد عن كل شيء، عن كل البشر.
أمسكت أرجوان بكفها لتهمس لها بجزع : ليه تغيرتي؟
وجهت جيهان إليها نظراتٍ باردة، ثم استدارت لتستلقي مديرةً ظهرها إليها، لتهمس لها بجملةٍ واحدة : قفلي النور واتركيني بنام
لم تسمع أي صوت، لا رد! لمَ لم ترد؟ أيعقل أنها ستبتعد كما ابتعدت أمها؟ ستتركها هي أيضًا! من سيبقى لها؟ والدها قد بنى بينهما الحواجز بتسببه في موت أمها! وأرجوان ماذا؟ ... تعترف أنها تتجاهلها حاليًا لكن ليس لشيءٍ سوى أنها تشعر بالضياع والخواء، تحتاج بعض الوقت، فقط بعض الوقت، وقد تعود جيهان السابقة دون أن تكون المُدللة عند والدها. قد! لمَ اقترنت أفكارها بتلك الأداة؟ .. - قد! - .. يعني وجود اكثر من احتمال، أيعقل أنها لن تعود؟ لن تستيقظ من غيبوبتها؟ غير معقول، ستبقى دون حياةٍ هكذا؟
ابتلعت ريقها، ثم استدارت بسرعةٍ حين أُغلق النور، ففتحت فمها تريد أن تناديها وهي ترى يدها تُغلق الباب خلفها، لكنها صمتت، وشيءٌ ما منعها. وحين دوى صوت الباب سقطت دموعها.

بعد أن أغلقت الباب استدارت لوالدها الذي كان يجلس وبحجره تجلس ليان، ينظر إليها بنظراتٍ مُتسائلةٍ قلقه.
هزت رأسها يمينًا وشمالًا لتهمس : رفضت تحكي معي ... تبي تنام
زفر والدها بعجز، وعيناه تحكيان ملحمةً من صراعٍ وألم. حمل ليان ليضعها بجانبه ثم وقف مُتجهًا لباب الشقة، فهتفت بسرعة : يبه والعشاء
يوسف دون أن ينظر إليها : بتأخر لا تنتظروني .... وخرج




,




تحاول أن تزيل عبوس تلك الفتاة بشتى الطرق ككل مرةٍ تتشاجر فيها مع ابنها، وغالبًا ما تنجح لكن بصعوبة
أم شاهين برجاء : عشاني يا بنتي بس ... يرضيك يعني تروحين وتتركيني وأظلّ أنا بروحي مخاوية الجدران!
هتفت سوزان بغل : واللهِ يا خالتي لو مو انتِ ما كنت ظليت هون ثانية وحدة
أم شاهين : عشاني بس
زفرت سوزان دون رضى : بس دخيلك خليه بعيد عني .. الله وكيلك ما صار فيّا نفس يطيقه
أومأت أم شاهين : ولا يهمك حبيبتي ولا يهمك .. بس خليك جنبي والله ماصار عندي شخص يسليني في غياب شاهين غيرك .. صرتِ مثل بنتي وأكثر
ابتسمت سوزان ابتسامةً جميلة وهي تنحني لتقبل وجنة هذه العجوز النقية، لا تنكر أنها تحبها وتعدها أمها أيضًا، لولا ذاك الشاب الوقح لكانت استقرت معها أطول مدةٍ تسطيعها، لكنها الآن تخطط لترك عملها هنا في أقرب فرصة، حتى يتزوج شاهين ويُحضر من ستعتني بها عوضًا عنها.




,



تشعر بكفيها ترتعشان، ستفعلها، ستفعلها وستُحدثه، يجب أن تنتهي كل هذه المهزلة، هي أرملة متعب فقط ويستحيل أن تصبح زوجة شاهين، هي عاشقة متعب ويستحيل أن تخونه، لا مع أخيه ولا حتى مع غريب، ولدت لتكون زوجة متعب، وهاهي الآن أرملته، ولن تتطور الأمور لتصبح غير هاتين، ستبقى على ذكراه فلا رجلًا في نظرها يناسبها سواه، كما انها لا تناسب رجلًا سوى متعب وحده.
رفعت هاتفها بارتباكٍ وهي تنظر لرقم شاهين الذي أخذته من فواز بحجة أنها تريد أن تتفاهم معه في أمور الزواج وتخجل أن تحدثه وجهًا لوجه، وهو رحب بالفكرة فرحًا أنها اقتنعت به أخيرًا. أتتصل؟ تشعر أن أضلعها ترتعش كما أن كل جزءٍ فيها يرتعش، أتعتبر هذه أيضًا خيانةً له؟ أن تترك لرجل غير الراحل فرصة السماع لصوتها والتحدث معها؟ .. ابتلعت ريقها، لكنها مضطرة، تريد أن تُنهي خيانةً أكبر وهو الزواج.
تشجعت أخيرًا وهي تتصل به، بعينين خائفتين تحاول شحذ الطاقة لنفسها ولا حيلة لها، الآن فقط باتت تشعر أن ما يسري في عروقها ليس سوى محلولٍ حمضيّ لتشعر بكل أجزائها تحترق.


من جهةٍ أخرى

يجلس على مكتبه في العيادة يراجع بعض أوراقٍ تخص مرضاه، لا يستطيع التركيز وما حدث صباحًا يقتلع كل تفكيره، كما أن ذاك المُبجل الذي يُدعى سند كان عنده منذ لحظاتٍ وكما العادة كان جوهما مشحونًا. قليلٌ من التهديدات وكثيرٌ من الكلام، إلى أن وافق مُضطرًا أن يترك موعد العملية على ماهو، فقط من أجل متعب.
قطع سلسلة أفكاره صوت هاتفه الذي صدح لينتشله للواقع، ليرفعه على مضض وينظر للرقم الغريب الذي ارتسم على شاشة هاتفه، ودون تفكيرٍ وحيرة رد، فهو طبيبٌ ومن الطبيعي أن تأتيه أرقامٌ غريبة : السلام عليكم
ابتلعت ريقها وازداد ارتعاش يديها مع سماعها لصوته الرجولي، لن تتراجع وستكمل ما بدأت : وعليكم السلام والرحمة
عقد حاجبيه دون شعورٍ فور سماعه لصوتٍ أنثوي : معك الدكتور شاهين ... أي خدمة أختي؟
أسيل وكلمة " أختي " أشعرتها باللذة، ليست زوجته وهذا ما تراه وما تؤمن به، وكلمة أختي أنعشتها ومدت لها بعض الثقة والطاقة. هتفت بشيءٍ من الثقة : ما أبي أتكلم مع الدكتور شاهين .. أبي شاهين
استغرب ليقطب جبينه بانزعاج، وكل ما فكر به أنها من المزعجات اللواتي لا يخفن الله ولا يفكرن بعرضهن. لذا خرج صوته منزعجًا : معليش أختي ماني فاضي لتفاهاتك عندي مرضى ينتظروني
كان سيغلق لكنها اندفعت بثقة : لحظة لازم أكلمك بموضوع يهمني ويهمك
تعجب من كلامها، إذن هي تعرفه! ... هتف بصوتٍ مُتسائل : مين معي بالاول؟
ابتلعت ريقها وتزحزت ثقتها دفعةً واحدة، أهذا وقت الخوف يا أسيل؟ أخذت أكسجينًا لتهمس بضعف، كانت ضعيفةً لتقول له - زوجتك -، لأنها بكل بساطةٍ لا تعترف أنه زوجها، فكيف تصبح زوجته؟، لذا همست : أسيل





انتهى

إلى المُلتقى بإذن الله
والذي سيكون ثالث أو رابع أيام العيد إن كتب الله ذلك




ودمتم بخير / كَيــدْ !










طيف الأحباب 06-07-14 06:44 AM

رد: قيودٌ بلا أغلال عانقت القدر
 
هلا فيك كيد بينا

البدايه رائعه اتمنى انك توصلين في الروايه لنهاية

قلة الردود ماهي دليل ابدآ على مستوى الرواية

المشاهدات هي الحكم وانا اشوف تبارك الله المشاهدات رقم عالي بالرغم انك بالبدايه

لي عوده بأذن الله انا قريت البدايه فقط

جدآ رائعه

sosee 08-07-14 11:56 AM

رد: قيودٌ بلا أغلال عانقت القدر
 
أسلوبك يشد الواحد من البداية
فعلاً دخولك قوي

..
بالنسبة لسلطان ..
وآخخخ ليته ما يتزوجها :( قهر صراحة
لكن ان شاء الله عناد يوقفه عنها او يجي شي يمنعه
وجود ليلى بهالوقت صار من صالح سلطان ودافع قوي للإنتقام
لكن الغريب وين اختفى راضي 😳💔
أتوقع سلمان إما حابسه في سجن ما في أرض الله الواسعه
أو مخليه خارج السعودية بلا هوية

سيف ..
قسم بالله يفهرني تببها تتعدل معك شيل اسم مي من قاموسك انا أعصصب شلون هي
وأبد ديما عساك ع القوة شدي حيلك فيه

أسيل ..
لو يزوجونها بإسبوع أزين كثر الهواجيس تموت الواحد
وأكيد راح ترتبك بمكالمة شاهين
لأنه بيتوقع انه مكلمة تحدد موعد الزواج 🙊

أرجوان ..
رحمممتها مرررة احسه طفشت محد يسولف معها ومحد يشوف خاطرها
كذا جاء ببالي تنفع تصير زوجة سلطان 🙊🙊


و ب انتظارك بالعيد ان شاء الله
❤️❤️❤️ وكلي حماس للأحداث الشيّقة

كَيــدْ 08-07-14 07:25 PM

رد: قيودٌ بلا أغلال عانقت القدر
 
اقتباس:

المشاركة الأصلية كتبت بواسطة طيف الأحباب (المشاركة 3457110)
هلا فيك كيد بينا

البدايه رائعه اتمنى انك توصلين في الروايه لنهاية

قلة الردود ماهي دليل ابدآ على مستوى الرواية

المشاهدات هي الحكم وانا اشوف تبارك الله المشاهدات رقم عالي بالرغم انك بالبدايه

لي عوده بأذن الله انا قريت البدايه فقط

جدآ رائعه



أهلًا طيف الأحباب
سعيدة انها راقت لك :)


ممممم صحيح ما انحبطت من قلة الردود ولا بنحبط إن شاء الله بس أكيد أتمنى أشوف ردود تحمسني أكثر
أنتظرك بفارغ الصبر

أنرتِ



كَيــدْ 09-07-14 08:57 PM

رد: قيودٌ بلا أغلال عانقت القدر
 
اقتباس:

المشاركة الأصلية كتبت بواسطة sosee (المشاركة 3457593)
أسلوبك يشد الواحد من البداية
فعلاً دخولك قوي

..
بالنسبة لسلطان ..
وآخخخ ليته ما يتزوجها :( قهر صراحة
لكن ان شاء الله عناد يوقفه عنها او يجي شي يمنعه
وجود ليلى بهالوقت صار من صالح سلطان ودافع قوي للإنتقام
لكن الغريب وين اختفى راضي 😳💔
أتوقع سلمان إما حابسه في سجن ما في أرض الله الواسعه
أو مخليه خارج السعودية بلا هوية

سيف ..
قسم بالله يفهرني تببها تتعدل معك شيل اسم مي من قاموسك انا أعصصب شلون هي
وأبد ديما عساك ع القوة شدي حيلك فيه

أسيل ..
لو يزوجونها بإسبوع أزين كثر الهواجيس تموت الواحد
وأكيد راح ترتبك بمكالمة شاهين
لأنه بيتوقع انه مكلمة تحدد موعد الزواج 🙊

أرجوان ..
رحمممتها مرررة احسه طفشت محد يسولف معها ومحد يشوف خاطرها
كذا جاء ببالي تنفع تصير زوجة سلطان 🙊🙊


و ب انتظارك بالعيد ان شاء الله
❤️❤️❤️ وكلي حماس للأحداث الشيّقة




إن شاء الله أكون بمستوى يليق فيكم :)


عاد وين بيكون شغلوا مخكم وتوقعوا
والأحداث بتوضح كل شيء


أرجوان وسلطان؟
كل شيء جايز ممكن تكون له وليش لا؟


يا جعلني ماانحرم من هالحماس الحلو.


ريم السعودية 10-07-14 02:09 PM

رد: قيودٌ بلا أغلال عانقت القدر
 
رواية اكثر من رائعة وبانتظارك دائما

...همس القدر... 13-07-14 01:34 AM

رد: قيودٌ بلا أغلال عانقت القدر
 
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
اخباارك كاتبتنا العزيزة ! ان شالله امورك تمام بالصياام وغيرو ^^
الحمد لله اليوم سنحت لي الفرصة اقرا الروااية
وبجملة وااحدة فقط باقوولك
وقعـــــــــت في غرااامها
احسنت عزيزتي بجد
اسلووب سلس وافكار راائغة صيغت بكلماات جذااابة , لتكتمل لنا لوحتك الرائعة
قيوود بلا اغلال عانقت القدر

ابطاالك لكل منهم ميززة .. وعيب! الا انهم سلبوا عقلي ونحن ما زلنا في البداية
سلطان وانتقامه عناد وطيبته غيداء وتخبطها جيهان وحزنها فواز وعشقه الين ومشاعرها البريئة ياسر وشهامته رانيا وحقدها الغامض ارجوان وهدؤها سليمان وغموضه اسيل ووفاءها شاهين وبره ديما ووجعها وسييييف وااه من سيف وغرروره لبى قلبه وبس<<فيس سعوودي خخخ
لكل منهم حكايته الاخاذه , ولكل منهم قيد بلا اغلال يقيده
سلطان!!! اشعر بانه في نهاية المطاف سيلتقي بارجوان بطريقة او باخرى . لان انتقاامه لن يحتويه الا هدوء كهدوء ارجوان , اما غزل اعتقد انها مجرد محطه في مشواره نحو الانتقام و قد يطول مكوثه فيها الا انها ستنتهي في النهاية لتوصله لوجهته الرئيسية

سليمان!! لا اعلم لم اشعر بانه برييييييء هنااك خيط ما زال مجهوول واعتقد انه رااح يتضح لنا مع الوقت , على الرغم من اعماله الغير شرعية الا اني افكر انه لن يصل به الامر لقتل اخوه , خصوصا وانه ما زال سااكتا على اعمال سلطان , والذي يقتل اخاه يقتل ابن اخاه !

عناد: رجل شهم . احببته ♥ احببت احتواءه لاخته جدا جدا ,,, بانتظار اميرته , ربما هي ايضا ارجوان !! لا اعلم لم اشعر ان ارجوان ستكون من نصيب احد هاذين الاخوين !!

غيداء: ما مرت به صعب جدا!!!! ولجووءها الى"سارة " كااد ان يعذبها اكثر لولا تتدخل عناد , اعتقد ان قصتها لن تنتهي عن هذا الحد !! بانتظار القادم

ارجوان:الشخصية الرقيقة ! الهادئة الا ان هدوئها يخفي اطنانا من الاوجاع والاسرار, والا ماذا تتوقع ممن تحمل سر "انتحار" والدتها وتكشف فجاعة خيانتها !

جيهاان: موقفها من ابيها حساس جدا , مممممم غضبها وللحق له مبرر , ولكن "وقل لهما قولا كريما" هي الغالبة , اعتقد انه من الافضل انها لا تعرف الحقيقة , فجيهان رغم كل شي هي انسانة حساسة , ومعرفتها بخيانة امها ستحطمها حتما لا سيما ان امها كانت مثالها الاعلى . مازال سر زواجها من فواز غامض, الا اني اعتقد ان وراء الامر قضية تمس بجيهان وشخصها , والا لما رفض ام فواز الكبير لها
فواز :اعاانه الله على ما ابتلاه , فجيهان "بلووة" بلساانها السليط الذي ما انفك يعذب قلبه المتيم بها ! , لا اعتقد ان قلبه المتيم سينتصر في معركة كرامته , فهو رجل شرقي والكرامة اولا ! لذلك اامل ان تخفف جيهان قليلا من حدة لسانها , ومن الواضح انها لم تكن هكذا قبل عققد القران والا ما قصده باعتراف جيهان له بحبها ك"اخيها " !! اتحرق شوقا لاعرف

الين : اكثر الشخصيات التي دخلت قلبي ,,, اذا هي يتيمة ! ممم كنت اتٍسائل هل يجوز للكافل ان يحضر اليتيم للمكوث في بيته!!!!
شخصيتها مركبه بتعقيد فهي فتاة يتيمة تشعر بالدنيوية عن حبيبها الذي يعد كاخ لها , ولا تعبر عن ذلك الا في "عالمها الكيبوردي"
تعرضت لللتحرش وهي صغييرة !!!!!!!!! مم كنت اتسائل ايضا كيف رجعت الين الى دار الرعااية حتى تلتقي ب"ادهم "ذاك؟ الم يذكر في البارت انها عادت الى بيت ابو ياسر !
ممم اما ما يحيرني حقا هو علاقتها مع رانيا , لم كل هذا الحقد من رانيا !! وما قصد الاخيرة بقولها انها هي من ظلمت , لا بد ان سووء تفاهم كبير قد حصل !!! اتشووق لعرفته

ياسر :الموقف الذي وضع فيه مع الين لا يحسد عليه !!! هههه وقع عليه بالجرم المشهوود!!! هذه الحادثة حطمت ثقة اهله في الين
مممممملا اعرف لماذا اشعر ان ام يااسر وراءها سر كبير يحمل في طياته كشف اوراق تخص ماضي وعائلة الين ! والا لما قالت بانها تخبئ شيء مصيري عن زوجها !!!

لا اعلم!

كما اني لا اعلم اذا كان حب الين لياسر سيتوج بالزواج فالعقبات كبيرة , الا طرأ امر اخر قد يقلب احداث قصتهما رأسا على عقب

اسيل : مثال المرأة الوفية ! الا ان وفاءها يجب ان يوضع له حدا فكما يقال "الحي ابقى من الميت " ومتعب بكل ايجابياته قد رحل !!! ويبقى الصقر الصيااد شااهين يترربص بفريسته !!!!

شااهين : لاصدقكك قولا اول ظهور له لم يكن مشجعا حقا , فبدا لي مليء بالخبث والمكر , الا انه وفي نفس المشهد استطعتي قلب الموازين بعرض معاملته لامه , لتتغير نظرتي له جملة وتفصيلا ! احسنت غاليتي :55:
مممم لا بد ان مستقبله مع اسيل مللللليءء بالعوااصف .... واتحرق شوقا لمعرفة محتوى الكلام الذي ستنقله اسيل له !!!!! <<<الله يساامحك عهالقفلة شو بدو يصبرني لبعد رمضان اساع !



ديما : وما ادرااك ما ديما:مزيج من التنااقض معجوون بالكثير الكثير من العشق ! هههه اضحكتني بردات افعالها : تارة اراها بمنتهى الضعف , وتارة اخرى تصدمني بقوتها ال"زاائفة" ^_*
استغربت في البداية من رمي سيف عليها الظهار , كنت اعتقد ان الظهار ولى مع الجاهلية ! !! هههه للاسف ديما مكشووفة لسيف ! وهذا هو الجميل في الموضوع ^^ فمهما قالت ومهما عملت ومهما هددت فعينيها تفضاحنها ! ربما يتغير ذلك قريباً !!! لا اعلم

سيف: ههههههه كمية كبييييرة من الغروور والتعقيد والتخلف والرجعية الا انني احببته<<<ب الله عليكو ما بينحب , اي والله بينحب غصب هههه
مهما انكر ومهما حاول يخبي حبه لديمة الا انه سيعترف في نهاية المطاف بحبه
اما "سالفة " مي هذه فهي اكثر ما قهرني قي الرواية ...... اهي حيووان اليف تطلق عليها اسما كما تريد!
<<<<<مممم وبما انك "حبيب قلبي " وانا ناااوية اكوون من المداافعين عنك في الرواية حاابة انوووه انو ممكن ,ها ممكن مو اكيد انو مي هااد يحمل معنى تحبيبي بالنسبة له , ومش مثل ما مفكرة ديما <<<بررررا

************
عزيزتي كيد استمتعت جدا جدا بقررااءة البارتات واستمتعت اكثر بكتابة هذا التعليق , وعلى فكرة هذه اول مرة اكتب رداً بلغة فصيحة !!!! ولكن فكرت ان اللغة العامية لا ترتقي الى اسلوبك فضلت كتابتها بهذه الصورة لعل وعسى اوفي روايتك حقها <<<بس تحساابيش كل رد هيك خخخخخ بس هااد مشاان نضيف حس دراامي على الموضوع<<خربت الدنيا ما احنا كنا ماشيين منيح <<<هه ما علينا
مممممممممم اتمنى وبأقصى حد ان تفاجئينا بفصل قبل العيد لاطيييييييييييييير فرحاً<<<لاحظي اني بديت بالزن, ههه هااد الزن المؤدب اساع ما شفتي اشي...

اعيد واكرر استمتعت جدا بقراءة الفصول
وبانتظااار القااادم على احر من الجمر
فلا تتأخري علينا
تقبلي مرررورري

...همس القدر...

...همس القدر... 13-07-14 01:43 AM

رد: قيودٌ بلا أغلال عانقت القدر
 
السلم عليكم مجددا ^^
نسسسسيت احكيليك مبروووك انو روايتك تميزت بالبنرااات

هااذ عالاكيد دليل على تميزك واختلافك عن البقية
منها للاعلى داائما

وبالتوفيق^^

كَيــدْ 15-07-14 09:07 PM

رد: قيودٌ بلا أغلال عانقت القدر
 
اقتباس:

المشاركة الأصلية كتبت بواسطة ريم السعودية (المشاركة 3458090)
رواية اكثر من رائعة وبانتظارك دائما

تسلمين عزيزتي

يشرفني هالإنتظار :**

كَيــدْ 15-07-14 09:19 PM

رد: قيودٌ بلا أغلال عانقت القدر
 
اقتباس:

المشاركة الأصلية كتبت بواسطة ...همس القدر... (المشاركة 3458577)
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
اخباارك كاتبتنا العزيزة ! ان شالله امورك تمام بالصياام وغيرو ^^
الحمد لله اليوم سنحت لي الفرصة اقرا الروااية
وبجملة وااحدة فقط باقوولك
وقعـــــــــت في غرااامها
احسنت عزيزتي بجد
اسلووب سلس وافكار راائغة صيغت بكلماات جذااابة , لتكتمل لنا لوحتك الرائعة
قيوود بلا اغلال عانقت القدر

ابطاالك لكل منهم ميززة .. وعيب! الا انهم سلبوا عقلي ونحن ما زلنا في البداية
سلطان وانتقامه عناد وطيبته غيداء وتخبطها جيهان وحزنها فواز وعشقه الين ومشاعرها البريئة ياسر وشهامته رانيا وحقدها الغامض ارجوان وهدؤها سليمان وغموضه اسيل ووفاءها شاهين وبره ديما ووجعها وسييييف وااه من سيف وغرروره لبى قلبه وبس<<فيس سعوودي خخخ
لكل منهم حكايته الاخاذه , ولكل منهم قيد بلا اغلال يقيده
سلطان!!! اشعر بانه في نهاية المطاف سيلتقي بارجوان بطريقة او باخرى . لان انتقاامه لن يحتويه الا هدوء كهدوء ارجوان , اما غزل اعتقد انها مجرد محطه في مشواره نحو الانتقام و قد يطول مكوثه فيها الا انها ستنتهي في النهاية لتوصله لوجهته الرئيسية

سليمان!! لا اعلم لم اشعر بانه برييييييء هنااك خيط ما زال مجهوول واعتقد انه رااح يتضح لنا مع الوقت , على الرغم من اعماله الغير شرعية الا اني افكر انه لن يصل به الامر لقتل اخوه , خصوصا وانه ما زال سااكتا على اعمال سلطان , والذي يقتل اخاه يقتل ابن اخاه !

عناد: رجل شهم . احببته ♥ احببت احتواءه لاخته جدا جدا ,,, بانتظار اميرته , ربما هي ايضا ارجوان !! لا اعلم لم اشعر ان ارجوان ستكون من نصيب احد هاذين الاخوين !!

غيداء: ما مرت به صعب جدا!!!! ولجووءها الى"سارة " كااد ان يعذبها اكثر لولا تتدخل عناد , اعتقد ان قصتها لن تنتهي عن هذا الحد !! بانتظار القادم

ارجوان:الشخصية الرقيقة ! الهادئة الا ان هدوئها يخفي اطنانا من الاوجاع والاسرار, والا ماذا تتوقع ممن تحمل سر "انتحار" والدتها وتكشف فجاعة خيانتها !

جيهاان: موقفها من ابيها حساس جدا , مممممم غضبها وللحق له مبرر , ولكن "وقل لهما قولا كريما" هي الغالبة , اعتقد انه من الافضل انها لا تعرف الحقيقة , فجيهان رغم كل شي هي انسانة حساسة , ومعرفتها بخيانة امها ستحطمها حتما لا سيما ان امها كانت مثالها الاعلى . مازال سر زواجها من فواز غامض, الا اني اعتقد ان وراء الامر قضية تمس بجيهان وشخصها , والا لما رفض ام فواز الكبير لها
فواز :اعاانه الله على ما ابتلاه , فجيهان "بلووة" بلساانها السليط الذي ما انفك يعذب قلبه المتيم بها ! , لا اعتقد ان قلبه المتيم سينتصر في معركة كرامته , فهو رجل شرقي والكرامة اولا ! لذلك اامل ان تخفف جيهان قليلا من حدة لسانها , ومن الواضح انها لم تكن هكذا قبل عققد القران والا ما قصده باعتراف جيهان له بحبها ك"اخيها " !! اتحرق شوقا لاعرف

الين : اكثر الشخصيات التي دخلت قلبي ,,, اذا هي يتيمة ! ممم كنت اتٍسائل هل يجوز للكافل ان يحضر اليتيم للمكوث في بيته!!!!
شخصيتها مركبه بتعقيد فهي فتاة يتيمة تشعر بالدنيوية عن حبيبها الذي يعد كاخ لها , ولا تعبر عن ذلك الا في "عالمها الكيبوردي"
تعرضت لللتحرش وهي صغييرة !!!!!!!!! مم كنت اتسائل ايضا كيف رجعت الين الى دار الرعااية حتى تلتقي ب"ادهم "ذاك؟ الم يذكر في البارت انها عادت الى بيت ابو ياسر !
ممم اما ما يحيرني حقا هو علاقتها مع رانيا , لم كل هذا الحقد من رانيا !! وما قصد الاخيرة بقولها انها هي من ظلمت , لا بد ان سووء تفاهم كبير قد حصل !!! اتشووق لعرفته

ياسر :الموقف الذي وضع فيه مع الين لا يحسد عليه !!! هههه وقع عليه بالجرم المشهوود!!! هذه الحادثة حطمت ثقة اهله في الين
مممممملا اعرف لماذا اشعر ان ام يااسر وراءها سر كبير يحمل في طياته كشف اوراق تخص ماضي وعائلة الين ! والا لما قالت بانها تخبئ شيء مصيري عن زوجها !!!

لا اعلم!

كما اني لا اعلم اذا كان حب الين لياسر سيتوج بالزواج فالعقبات كبيرة , الا طرأ امر اخر قد يقلب احداث قصتهما رأسا على عقب

اسيل : مثال المرأة الوفية ! الا ان وفاءها يجب ان يوضع له حدا فكما يقال "الحي ابقى من الميت " ومتعب بكل ايجابياته قد رحل !!! ويبقى الصقر الصيااد شااهين يترربص بفريسته !!!!

شااهين : لاصدقكك قولا اول ظهور له لم يكن مشجعا حقا , فبدا لي مليء بالخبث والمكر , الا انه وفي نفس المشهد استطعتي قلب الموازين بعرض معاملته لامه , لتتغير نظرتي له جملة وتفصيلا ! احسنت غاليتي :55:
مممم لا بد ان مستقبله مع اسيل مللللليءء بالعوااصف .... واتحرق شوقا لمعرفة محتوى الكلام الذي ستنقله اسيل له !!!!! <<<الله يساامحك عهالقفلة شو بدو يصبرني لبعد رمضان اساع !



ديما : وما ادرااك ما ديما:مزيج من التنااقض معجوون بالكثير الكثير من العشق ! هههه اضحكتني بردات افعالها : تارة اراها بمنتهى الضعف , وتارة اخرى تصدمني بقوتها ال"زاائفة" ^_*
استغربت في البداية من رمي سيف عليها الظهار , كنت اعتقد ان الظهار ولى مع الجاهلية ! !! هههه للاسف ديما مكشووفة لسيف ! وهذا هو الجميل في الموضوع ^^ فمهما قالت ومهما عملت ومهما هددت فعينيها تفضاحنها ! ربما يتغير ذلك قريباً !!! لا اعلم

سيف: ههههههه كمية كبييييرة من الغروور والتعقيد والتخلف والرجعية الا انني احببته<<<ب الله عليكو ما بينحب , اي والله بينحب غصب هههه
مهما انكر ومهما حاول يخبي حبه لديمة الا انه سيعترف في نهاية المطاف بحبه
اما "سالفة " مي هذه فهي اكثر ما قهرني قي الرواية ...... اهي حيووان اليف تطلق عليها اسما كما تريد!
<<<<<مممم وبما انك "حبيب قلبي " وانا ناااوية اكوون من المداافعين عنك في الرواية حاابة انوووه انو ممكن ,ها ممكن مو اكيد انو مي هااد يحمل معنى تحبيبي بالنسبة له , ومش مثل ما مفكرة ديما <<<بررررا

************
عزيزتي كيد استمتعت جدا جدا بقررااءة البارتات واستمتعت اكثر بكتابة هذا التعليق , وعلى فكرة هذه اول مرة اكتب رداً بلغة فصيحة !!!! ولكن فكرت ان اللغة العامية لا ترتقي الى اسلوبك فضلت كتابتها بهذه الصورة لعل وعسى اوفي روايتك حقها <<<بس تحساابيش كل رد هيك خخخخخ بس هااد مشاان نضيف حس دراامي على الموضوع<<خربت الدنيا ما احنا كنا ماشيين منيح <<<هه ما علينا
مممممممممم اتمنى وبأقصى حد ان تفاجئينا بفصل قبل العيد لاطيييييييييييييير فرحاً<<<لاحظي اني بديت بالزن, ههه هااد الزن المؤدب اساع ما شفتي اشي...

اعيد واكرر استمتعت جدا بقراءة الفصول
وبانتظااار القااادم على احر من الجمر
فلا تتأخري علينا
تقبلي مرررورري

...همس القدر...




وعليكِ السلام ورحمة الله وبركاته :)
الحمدلله طيبة، كيفك انتِ؟

يا بعد قلبي والله عيونك الرائعة ...

هو هذا الحلو في أبطال الروايات
لازم يكون فيهم الزين والعيب ... عشان نكون واقعيين ... مو حلو المثالية في كامل الشخصية


هههههههههههه سيف وحده حكايته حكاية
توقعت يكون الكره له من كامل المتابعين وصار العكس

ممكن تكون غزل محطة مؤقتة خصوصًا مع العيب الكبير اللي فيها
بس نشوف وش بيصير معهم ... وش يدريك ممكن الزواج ما يكتمل من أساسه ^^

سلمان*
هذي الشخصية تحديدًا لا وصلت لها توترني هيبتها ههههههههههه
جد يعني لازم أكون حذرة لما أسرد حدث عنه لأن غموضه يحتم علي الحذر عشان لا أكشف أشياء تخصه وتخص قتله لأخوه إلا في وقته
بس بعد هو من الشخصيات اللي أحبها :** عاد الكاتب مستحيل يكره شخصية من شخصياته وإن كان سيء


بس بالنسبة لإلين
هو صحيح وضعها حساس من حيث حياتها مع أسرة فيها رجلين
بس من جهة ثانية لو شفتي الوضع - الحياتي - بتحسين الأمر واقعي وطبيعي
وبحاول اوضح هالشيء إن شاء الله
وموضوع رجعتها ذكرته قبلًا / رجعت في عمر ( السادس أو ربما السابع أو ربما الثامن )
ما وضحت متى تحديدًا بس قريب بيكون واضح بأي عمر والسبب لرجعتها المؤقتة
وبالنسبة للزواج بين ( ياسر و إلين ) فكل الإحتمالات ممكنة ... وتبقى الصدمات الجاية أكبر ^^

هههههههههههه آسفين عالقفلة ... بس شفت إن البارت طال كثير وللأسف ماشفت إنه لازم يتوقف إلا عند هالحد


للأسف الظهار ما ولى للحين بدليل إنه لهالوقت توصل فتاوي لمراكز الفتوى بهالخصوص
ونموذج حي في منطقتي قبل سنوات


هههههههههههههههههههههههه يا زينك ويا حلاوتك بس
خلاص إنتِ واضح من اليوم بتكونين في صف سيف حتى مع سلبياته ^^


اكتبي بالأسلوب اللي يريحك
فانا مثل ما اكتب بالفصيح أكتب بالعامي في الحوار والردود
فما في شيء اسمه * ما يرتقي لأسلوبي *
وشكرًا على عذوبتك المُفرطة :**
وأنا استمتعت كثييير بالرد على هالتعليق الجميل والجميــــــــل


وبالنسبة للمفاجأة
بجد يعني كنت اتمنى أفاجئكم خصوصًا بعد ما شفت ردك بس انا أحضر لمفاجئة أكبر وأجمل في العيد يغني عن مفاجئة بهالأيام
وانتو تستاهلون أكثـــر


وبعد حبيت أشكرك على الإهداء
حبيته كثير ووقعت بغرامه
كنت اتمنى أرد عليك بس مشاركاتي ما تسمح مثل ما تشوفين

وفضلًا اعطيني حسابك في التويتر لأني ما قدرت اميزك بين الحسابات عندي ^^




اقتباس:

المشاركة الأصلية كتبت بواسطة ...همس القدر... (المشاركة 3458580)
السلم عليكم مجددا ^^
نسسسسيت احكيليك مبروووك انو روايتك تميزت بالبنرااات

هااذ عالاكيد دليل على تميزك واختلافك عن البقية
منها للاعلى داائما

وبالتوفيق^^



وعليكِ السلام مُجددًا
ربي يبارك فيك ويبقيك يا الغالية


تسلملي يدينك على حكيك الحلو :**
ربي يسعدك


لمحة من الکون 18-07-14 02:34 PM

رد: قيودٌ بلا أغلال عانقت القدر
 
تحياتي لک....ألف شکر علی الرواية التي أطربتنا وفعلا کلمة روعة في حقها قليل......الکلمات الراقية وطريقة التعبير والألفاط المختارة للوصف.....کلها أعجبتني وبقوة......رجال الرواية لکل منهم معضلته وعليه تقع حلها.....ونساء الرواية وآآآهن منهن المشاعر تغلبهن وتتحکم بهن دوما وکذا طبيعة الأنثی....فعلا ياعسل روايتک عسل....بس البطلتين (إلين و أرجوان) أحببتهما عنجد.....وفقک الله وإيانا وأعاننا علی طاعته....واصلي بإذن الله تقدمک فنحن بإنتظارک

كَيــدْ 19-07-14 03:36 AM

رد: قيودٌ بلا أغلال عانقت القدر
 



السلام عليكم ورحمة الله تعالى وبركاته :**

صباح الزهر / مساء الجنات
كيفكم آل ليلاس؟

لــي عودة لك جميلتي لمحة

,

اتفقنا مع آخر جزء يكون البارت القادم بعد رمضان
وطبعًا بكون أخذت وقت كافي لوضع بارت طويل وممكن أكثر من بارت واحد

كنت أحضّر لمفاجأة خاصة وما عدلت عن هالشيء للحين
لكن قبلًا


بيكون فيه بارت اليوم بما إني أخذت وقت كافي وطبعًا مع شدة الضغوطات في رمضان بس لازم نحصل شوية وقت نكتب فيه
فبكذا أكون كتبت جزء كافي لهالأيام
وبما أني في البداية طبعًا ما أخذتم وقت كافي عشان تتوضح لكم الرواية كويس

فانتظروني اليوم بـ البـــــــارت الثـــامـــن <- افرحي يا همس :biggrin:

,


همسة / روايتي مثل ما بتحمل إيجابيات راح تحمل سلبيات وانا أعتذر إن ظهرت هالسلبيات من البداية
مافيه شخص كامل وما الكامل إلا الله
وبكذا أنا أقول إني لو أخطات في شيء أتمنى تلتمسوا لي سبعين عذر وتوجهوني للصواب
أيضًا .. شخصيات روايتي في حقيقتها تحمل صفات واقعية موجودة كثير في مجتمعنا
لذلك ما صورتهم بشكل مثالي وأكيد لاحظتوا في كل منهم العيب والزين

فاللي يبدر من شخصيات روايتي من عيب فهو بيكون بدر من الشخصية نفسها وليس مني أنا أو تصوير لحياتي وقناعاتي
أنا أصور - الخطا والصح - اللي يطلع من الكثير في مجتمعي ومجتمع غيري
أصور السلبيات كما الإيجابيات والحياة تحمل الكثير من الأخطاء اللي أكيد ما أأيدها

فأتمنى محد يقولي " غلط " أو يصورني بمظهر الإنسانة السيئة اللي تبي تزين الخطأ ...


,


شاكرة لمن يقف معي مع كل جزء أطرحه ويساندني
وشاكرة لكل شخص يتابعني من خلف الكواليس وأظهر نفسه خارج إطار المنتديات الثلاث اللي أطرح الرواية فيها
وشاكرة أيضًا لكل عين تقرأني ولم تظهر نفسها




ولعيونكم / * انتظروني اليوم بعد المغرب وإذا ما حصلت وقت كافي بيكون موعدنا بعد صلاة التراويح *

وعلى فكرة / بقي بارتين أو ثلاث ونكون خلصنا من القيد الأول لقيودي
وهو مرحلة تعريف الشخصيات وأفكار الرواية بشكل واضح




ودمتم بخير / كَيــدْ !

...همس القدر... 19-07-14 09:11 PM

رد: قيودٌ بلا أغلال عانقت القدر
 
الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 13 ( الأعضاء 2 والزوار 11)
‏...همس القدر...*, ‏معذبني حبك+




:dancingmonkeyff8:
:dancingmonkeyff8:


يااا الله
ففففت بالصدفة لاجد هذه اللفتة الجميلة ^^
يااا قلبي انتي كدوووو حبيبتي
ههههههههه الحمد لله لحقت قبل ما ينزل البارت <ןןןןههههههه متحمسة لشاهين واسيل اكثر شي

مممم بس حاابة احكيليك عشاان نقدر نشووف اعلاناتك ونعرف موعد تنزيل البارتات في شي موجود فوق اسمك في المنتدة الصفحة الرئيسية اسمه شريط الاهداءات
http://www.liilas.com/up/uploads/lii...5797063321.png
اكتبي اعلاناتك فيه عشاان الكل يشووفها لانو بمحض الصدفة البحت عرفت عن البارت اليوم ^^ وهاشك ما فووته :

...همس القدر... 19-07-14 09:27 PM

رد: قيودٌ بلا أغلال عانقت القدر
 
[QUOTE=كَيــدْ;3458992]


وعليكِ السلام ورحمة الله وبركاته :)
الحمدلله طيبة، كيفك انتِ؟

يا بعد قلبي والله عيونك الرائعة ...

تسلميلي والله
هو هذا الحلو في أبطال الروايات
لازم يكون فيهم الزين والعيب ... عشان نكون واقعيين ... مو حلو المثالية في كامل الشخصية

اكيد , اصلا انا اكره الشخصيبات المثالية .. ا حسها مملة
هههههههههههه سيف وحده حكايته حكاية
توقعت يكون الكره له من كامل المتابعين وصار العكس
ههههههه يختي ينحب غصب شو نعمل

ممكن تكون غزل محطة مؤقتة خصوصًا مع العيب الكبير اللي فيها
بس نشوف وش بيصير معهم ... وش يدريك ممكن الزواج ما يكتمل من أساسه ^^

هههههههههههههه لااا رجاءا لاا تحكي ايش ممكن يصير...ان شااله ما يكتمل , عشااان يفضى الجو لارجوان<<فيس مصر على ارجووان هه


سلمان*
هذي الشخصية تحديدًا لا وصلت لها توترني هيبتها ههههههههههه
جد يعني لازم أكون حذرة لما أسرد حدث عنه لأن غموضه يحتم علي الحذر عشان لا أكشف أشياء تخصه وتخص قتله لأخوه إلا في وقته
بس بعد هو من الشخصيات اللي أحبها :** عاد الكاتب مستحيل يكره شخصية من شخصياته وإن كان

يييييييي شوو قتل اخووه !!!! لا انا اسااع مصرررررة انو مش هو القاااتل , في سرررر ..
بس بالنسبة لإلين
هو صحيح وضعها حساس من حيث حياتها مع أسرة فيها رجلين
بس من جهة ثانية لو شفتي الوضع - الحياتي - بتحسين الأمر واقعي وطبيعي
وبحاول اوضح هالشيء إن شاء الله
وموضوع رجعتها ذكرته قبلًا / رجعت في عمر ( السادس أو ربما السابع أو ربما الثامن )
ما وضحت متى تحديدًا بس قريب بيكون واضح بأي عمر والسبب لرجعتها المؤقتة
وبالنسبة للزواج بين ( ياسر و إلين ) فكل الإحتمالات ممكنة ... وتبقى الصدمات الجاية أكبر ^^

هههههههههههه آسفين عالقفلة ... بس شفت إن البارت طال كثير وللأسف ماشفت إنه لازم يتوقف إلا عند هالحد

الله يسسسستر من الصصدممات الجااية يا خييه


للأسف الظهار ما ولى للحين بدليل إنه لهالوقت توصل فتاوي لمراكز الفتوى بهالخصوص
ونموذج حي في منطقتي قبل سنوات

]الله يعين , للاسف للحين ناس عاايشين بهالرجعية\

هههههههههههههههههههههههه يا زينك ويا حلاوتك بس
خلاص إنتِ واضح من اليوم بتكونين في صف سيف حتى مع سلبياته ^^

يووووة بالضبط :) اصلا نص المتابعات اذا مش 3/4 رااح يكوونوا بصف سيف وقوولي هموووس قاالت :)
اكتبي بالأسلوب اللي يريحك
فانا مثل ما اكتب بالفصيح أكتب بالعامي في الحوار والردود
فما في شيء اسمه * ما يرتقي لأسلوبي *
وشكرًا على عذوبتك المُفرطة :**
وأنا استمتعت كثييير بالرد على هالتعليق الجميل والجميــــــــل

\الله يخليكي &&
ان شاالله رااح نووع بين الفصحة والعاامي بس اهم شي تووصل فكرتي :
وبالنسبة للمفاجأة
بجد يعني كنت اتمنى أفاجئكم خصوصًا بعد ما شفت ردك بس انا أحضر لمفاجئة أكبر وأجمل في العيد يغني عن مفاجئة بهالأيام
وانتو تستاهلون أكثـــر


وبعد حبيت أشكرك على الإهداء
حبيته كثير ووقعت بغرامه
كنت اتمنى أرد عليك بس مشاركاتي ما تسمح مثل ما تشوفين


ولا يهمك حبيبتي بيكفي انو عجبك.... وان شااله ما حيكون اهدائي الاخير :)

وفضلًا اعطيني حسابك في التويتر لأني ما قدرت اميزك بين الحسابات عندي ^^





حبيبتي كدو
امممم انا اصلا ما عندي توتر :)
بس افووت بدون ما اسجل دخووول واتفرج عالتويتات ^^ هههه بس انتي عااودتي عامليته برايفت ><
اول ما اعمل واحد انتي اول من راح حطله فولو ولا يهمك^^ بس الحين مو عباالي التوتير ابدا ^^


بأنتظااااااااااار البارت

كَيــدْ 19-07-14 09:46 PM

رد: قيودٌ بلا أغلال عانقت القدر
 







سلامٌ ورحمةٌ من الله عليكم :)

صباحكم / مساؤكم راحة وطاعة ورضا من الله آل ليلآس
إن شاء الله تكونون دائمًا بخير



,

بسم الله نبدأ

قيودٌ بلا أغلال عانقت القدر
للكاتبة : كَيــدْ !






(8)




ابتلعت ريقها فور سماعها لصوته الناطق بابتسامة وقد اتضح به التفاجئ : أسيل! ... أهلين كيفك؟
شعرت أنها بدأت بالتعرق والغرفة أصبحت حارة، وكأنها تقف في صحراءٍ خاوية والشمس تصفعها بحرارتها من كل جانب.
شاهين بابتسامةٍ لم تختفي وهو متعجبٍ من صمتها، لكنه ألحق السبب بخجلها، أليست هي المندفعة في كلامها منذ ثواني؟ : وش بغيتي مني؟
أسيل بارتباك بعد ان ازدردت ريقها : مممم الموضوع يخص الزواج
شاهين بتفهم : تبينه بهالفترة والا نأخره شوي؟ ترا ما عندي مانع أبدًا فسوي اللي يريحك
صمتت للحظات، تجتذب بعضًا من الثقة إليها، هذه فرصتها فلتتحدث، ربما لن تفوز بفرصةٍ أخرى غير هذه. تجرعت ثقةً مؤقتةً لهذه اللحظة، فقط لهذه اللحظة : ما أبي الزواج من أساسه
تقلصت ابتسامته تدريجيًا إلى أن اختفت، لم يستوعب فعليًا ما سمع، اقترب حاجباه من بعضهما وهو يحاول الفهم، لا تريد الزواج! كيف؟ ماالذي تعنيه؟ كيف لا تريده وهو قد تم.
أكملت بصوتٍ وصله باكيًا، بينما دمعةٌ سقطت من عينها اليُسرى ترثي حالها : آسفــــة ... ما أقدر، حاولت أقتنع بالفكرة بس صعب .. والله صعب
زمّ شفتيه يحاول ترجمة ما تقوله، أجنت؟ بالتأكيد جنت، فمن ذا العاقل الذي يقول ذلك بعد أن تم الزواج؟
لا ينكر أنه شعر بكرامته تسقط بعد ما قالته، وهو الذي سعد بزواجه منها ولم يرى عيبًا فيه وإن كانت أرملة أخيه، أوليس يعلم أن أخاه كان قد قابلها مراتٍ حتى في منزلهم، يختلي بها وهما في فترة ملكةٍ لا غير! فكيف يعلم نوع علاقتهما الحقيقية؟ لكنه رغم ذلك لم يتحسس من الأمر بعد أن تم، لم يرى عيبًا فهي كانت زوجة أخيه أولًا وأخيرًا بعيدًا عن كل العادات والأقوال .... زوجته شرعًا. فكيف تقول ذلك وتطيح بكرامته بعد أن وافق ولم يعبها بشيء؟ كيف تقول ذلك؟
حاول ألا يشعر بالغضب إلا أنه شعر به حقًا، لكنه كبح انفعالاته ليتصرف بحكمة، لن يتسرع حتى يعلم الدافع الحقيقي وراء كلامها.
هتف بصوتٍ هادئ بعكس غضبه : وليه ما تقدرين تقتنعين؟ مو انتِ اقتنعتي خلاص ووافقتي علنًا! وش صار الحين؟ ليه وافقتي من البداية؟
ارتعشت شفتيها لتهمس بألم : ما أقدر ... روحي للحين معلقـــة فيــه
ارتعش الهاتف جانب أذنه بارتعاش يده، بينما أغمض عينيه بقوةٍ ودون أن يدري بالسبب ارتفعت حرارة دمه، أيعقل أن ما يشعر به غيرة؟ من أخيـه؟ لكنها في النهاية أصبحت زوجته ومن الطبيعي أن يشعر بذلك، فهي أصبحت شيئًا يخصه فعذرًا يا ذاته على ما شعر به تجاهها من أخيه، عذرًا يا متعب.
همست تتابع : ما أقدر أخونـــه
وماذا كان يتوقع؟ أنها ستنساه بكل سهولةٍ بعد وفاته وستعيش معه هو فقط دون أن يحتل متعب جزءً من تفكيرها! أنها لن تبقى تتذكره وهو الذي يعلم كيف أن لمتعب شخصيةً جذابة لتقع زوجته بالتأكيد في شباك حبه.
لم يرد للحظات طالت، كيف هربت الكلمات منه بهذه الطريقة؟ يريد الرد لكن انفعالاته الداخلية قيّدت كل كلماته وأسرتها بين أغلالها الخفية.
رطبت أسيل شفتيها بخوف، وهي التي لا تعلم من أين جاءتها القوة لتقول لمن يسمى - زوجها - ما قالته. لكنها في النهاية همست لتتابع ما بدأته : آسفة شاهين ... جد آسفة، ما كنت أبي يصير كذا بس وش أسوي؟
تقوست شفتيها بعبرة لتكمل بألم وصوتها تلون بالبكاء : وش أسوي؟ حسيت إني ثقل على أهلي ويوم بغيت أريحهم وافقت عليك ... ما دريت إني سويت مصيبة بنفسي
عند هذه النقطة تحديدًا صرخ بصدمة وقد فقد عقله بما قالته، ليكسر هدوء الغرفة إلا من أنفاسه وتحركاته على الكرسي المترجمة لانفعالاته : حسيتي انك ثقل عليهم رحتي تهربين عندي انا؟؟ تورطيني بنفسيتك المريضــة!!!!!
زم شفتيه يشعر بالغضب، هل أصبح الآن منفذًا تحمي به عائلتها من ثقلها لتُعيشه هو ببؤس!. أكمل بوعيد : وفي النهاية تقولين سويتي بنفسك مصيبة! انحصرت نظرتك بأهلك وبنفسك؟ ... وأنـــا وش فكرتي بعقلك فيني!
أسيل وهي تشعر بالذنب : آسفـــ
قاطعها بغضب : لا تعتذرين لأن اعتذارك عندي فارغ، مع كل كلامك واعتذاراتك ورغبتك في فك العقد ما فكرتي غير بثلاثة، نفسك ومتعب وأهلك ..... وشاهين اللعبة اللي كنتِ تستخدمينها يروح بالطقاق!
أكمل بعد أن عض شفته بقهر : قفلي قفلي حسبي الله على ابليسك بس ... لا تخليني أغلط وأطاوعك بتفكريك الصغير ... نتفاهم بعدين
صرخت تناديه لكنه قاطعها حين أغلق، ليضع هاتفها على المكتب بعنف، ويهتف بغضب : طيب يا أسيل طيب ... شكلك ما عرفتي شاهين كويس



,



كفه تعانق الهاتف قرب أذنه, يستمع لعتابٍ وخيبة من الطرف الآخر فتنهد جازعًا ... حسنًا, هو أيضًا يرى أن إتمام هذا الزواج خطأ, فمن جهةٍ أخرى يخشى القسوة عليها أو ظلمها أكثر من مجرد ظلمها بقمع حقوقها الزوجية, لكن أيضًا هو يشفق عليها إن طلقها, ليس أول من سيطلق زوجته في فترة الملكة, لكنه أيضًا يعلم عاقبة الطلاق في مجتمعه على المرأة.
هتف بجزع : الموضوع تم وانتهى, بكرة إن شاء الله باخذها لبيتي ... ولأبوها كل الذنب, ودهم أكمل الزواج عشان بنته المسكينة اللي مالها ذنب ..... على عيني وراسي
عناد باعتراض : ما هقيت إنك بكل ذا الغباء, وش دخلها هي طيب؟ مو من الأفضل تطلقها بدل لا تنضام معك .... أنا دارسك يا سلطان, مستحيل تتأقلم مع إنسانة لها علاقة بأشخاص قتلوا أبوك
زفر الهواء بضيقٍ وبالكثير من الألم. معه حق, لن يستطيع التأقلم في العيش معها.
أردف عناد يقطع سبل أفكاره, بصوتٍ عاتب : تبي تنتقم من أبوها عن طريقها يا سلطان؟؟؟؟
جُفل, أيعقل بأنه وافق على إتمام زواجه بها لأجل الإنتقام؟ هل فكر بذلك حقًا؟ أيعقل أنه سيعاقب والدها بها؟ .. لكنه حقًا لم يفكر بذلك حين وافق على إتمام الزواج, فهل من الممكن أن عقله دفعه للموافقة لأجل ذلك ... حرك رأسه نافيًا وهو يوقف سيارته على جانب الطريق. وبعتابٍ هتف : مستحيل أفكر كذا ... معقولة تشوفني بهالشكل؟
لم يرد عليه, يعرفه جيدًا, هو لم يفكر بذلك حقًا, لكن كل الظروف ستكون معاكسةً له, لن يستطيع أبدًا التحلى بالعدل معها, فكيف له ذلك وهو يقرأ بعد اسمها - أحمد - وقبل اسمها - ابنة القاتل -
همس سلطان بعد ثوانٍ من الصمت : بكرة بتكون زوجتي وفي بيتي ... وهذا آخر قرار عندي
تأكد الآن, بما أنه مصرٌ فهو لا ينوي خيرًا, حتى إن لم يلاحظ نفسه لكنه لاينوي بها خيرًا ... لا يا سلطان لا تكن كمن رباك, كن مثل والدك, مثل والدك فقط.
كان سيأمره بما اعتلى فكره لكن سلطان أغلق الخط, لا يريد سماع المزيد والمزيد من نصائحه وعتابه الذي لا يستصيغه هذه الفترة.



,



هاهي عادت إلى الغرفة, بشيءٍ من الإشتياق وبكثيرٍ من الغربة, تتأمل أركان الغرفة وكانها قد نسيتها, بينما هي لم تنسى شبرًا ولم تغفل عن كل صغيرةٍ وكبيرةٍ فيها ... أيعقل أنها غابت كثيرًا لتفكر بهذا الشكل المُثير للشفقة؟ اقتربت من السرير ببطءْ, وما إن وصلت حتى تمددت به وهي تعانق الوسادة وتستنشق رائحته بها, آه كم له رائحةً خاصة تعيد لها الروح وتروي أوردتها العطشى. أغمضت عينيها تستنشق رائحته. وفي تلك اللحظة تحديدًا دخل ليراها على تلك الحالة, لكنه ظنها نائمة فهي كانت تديره ظهرها. تنهد بجزع, ثم اتجه إلى السرير بصمتٍ دون أن يصدر صوتًا, لن ينكر أنه قد اشتاق لتواجدها الدائم هنا, لكل مكانٍ تكون به رونقٌ خاص بتواجدها هي فقط, ولها حضورٌ خاص بالنسبة إليه. انحنى يتفقد ملامحها ثم مدّ يده ليتلمس بشرتها بأنامله, فانتفضت فزعةً لتجلس ويتراجع هو مع إصدارها لشهقةٍ دليلًا على تفاجئها, فتلبس الجمود رغم تفاجئه هو أيضًا بعدم نومها : ظنيتك نايمة
ابتلعت ريقها وهي تومئ برأسها دون معنى, فاقترب ليجلس بجانبها لكنها تراجعت فجأةً دون أن تعرف السبب لنفورها.
سيف وقد اعتلاه الغضب من حركتها تلك : شايفتني جني قدامك؟ ليه الهرب
ديما بارتباكٍ : هاه
سيف بصرخة : ديــــــــــما!!!
انتفضت وأغمضت عينيها, ليتأفأف بغضبٍ ثم دفعها دون قصدٍ من قهره لتسقط على السرير بعنف، ثم دون كلمةٍ خرج من الغرفة غاضبًا.
وضعت يدها اليُمنى على صدرها تتحسس نبضات قلبها المجنونة، وبهمس متشفي وقد شعرت بقهره إثر نفورها، فكيف لرجلٍ أن يتحمل نفور زوجته منه، تعلم جيدًا أن نفورها يصب في جرح رجولته بقسوة : تستاهل ... حس بالقهر شوي مثل ما أنا أحس فيه بكل لحظة معك



،



جلست وحاجبيها مُنعقدان إثر طلب زوجها للجلوس معها والتحدث بانفراد, من عاداته أن ينتظر إلى أن يذهبا لغرفتهما ثم يتحدث معها في المواضيع المهمة, لكن هذه المرة, من الواضح أن موضوعه أكبر من مجرد مهم.
ما إن جلس أمامها بعد أن علق شماغه وثوبه حتى هتفت بقلق : خير إن شاء الله
أبو ياسر بملامح لا تفسر : إن شاء الله خير
هالة وقد أيقنت أن الموضوع كبير : عبدالله وش فيك؟ أقلقتني
عبدالله بجدية : الموضوع يتكلم عن إلين
جفلت وهي تبتلع ريقها بارتباك, أيعقل أنه علم أو شعر بما يحدث في هذا المنزل؟ أيعقل انه لاحظ جفاءها معها؟ لا ليس الآن وهي لم تحل الموضوع بعد, سيرمي بكامل الموضوع عليها وسيتهمها بالتقصير, حتى وإن أصبح يعتبر إلين مثل ابنته لكنه سيقول أن اختيارها هي لكفالتها كان خطأً, وقد يتركها ويطردها من المنزل. ارتعبت عند هذه الفكرة, أستبتعد عنها بعد أن اعتادت على وجودها الدائم بينهم؟
أخيرًا همست بارتباكٍ واضح : وش فيها إلين؟
عبدالله : حالها ماهو بعاجبني هالأيام, صاير شيء؟
زفرت بارتياح, على الاقل لم يعلم بشيء, ستخترع أي كذبةٍ إلى أن تحل الموضوع كاملًا. هتفت بثقة : وش صاير يعني؟ أكيد صاير شيء في الجامعة وقاهرها, هذا كل شيء
عبدالله بشك : هي قالت لك؟
هالة : ايوا سألتها وهي قالت كذا
لم يقتنع لكنه أومأ برأسه, فرطبت شفتيها لتتجه إليه وتقف خلفه مُدلكةً كتفيه : لا تخاف عليها ... إلين ماشاء الله قوية وتقدر تدير شؤونها
هزّ رأسه رافضًا حديثها : الموضوع فوق ما تتخيلينه انتِ ... نادرًا ما تلاقين أيتام مثلها ما تعرف أصلها والثقة والقوة تخاويهم, إلا ما تكون تحس بالخواء!
هالة بهدوء : إلين غير
استدار إليها مُقطبًا حاجبيه : وش اللي غير واللي يعافيك؟ تظنين إن حياتها معنا تكفي عشان تنمي ثقتها وقوتها؟ ما يكفيك نظرة المجتمع لها؟
لم ترد وهي تشرد بفكرها بعيدًا. أنت لا تعرفها, لم تكتشف بعد مكرها كما اكتشفت أنا ... إلين مختلفة عن الأيتام, مختلفة بشكلٍ قذر!!
استفاقت على حديث زوجها الذي صعقها : أفكر أزوجها بياسر
بهتت وتغير لون العالم عندها لأسود .. مستحيل, ما الذي قاله للتو؟ سيزوجها لإبنه! لإبنها! مستحيل ... ازدردت ريقها ويديها تجمدتا عما كانتا تفعلان, فهتف مستفسرًا : شرايك؟ أكيد موافقة؟
حكت عنقها بارتباك : بس .. بس
عبدالله بتعجب : بس وشو؟؟.. هالة! مو هي البنت اللي حاربتي عشانها ! والحين صرتي ما تبينها زوجة لولدك!! * بعدم تصديقٍ أردف * وين اللي كانت تقول مو مهم أصلها, هي وش ذنبها باللي اقترفه غيرها!!!!
تلعثمت وهي تهتف بدفاع : لا مو كذا قصدي .. طبعًا أنا ماني رافضتها لولدي ... بس, ياسر .. وش قال؟ * وبرجاء * أنا مستحيل أغصبه
عبدالله وهو يومئ برأسها ليُطمئنها : أنا بكلمه لا تهتمين من هالناحية ... وأوعدك لو رفضها ما أجبره
لا لا ... لن يرفضها وهي متاكدة, لن يُمانع وسيوافق بكل رحبٍ وسعة, ليس حبًا لكن شفقةً بها وربما رغبةً فقط, فما رأته يومذاك جعلها تتأكد أن ياسر متورطٌ معها بعلاقةٍ فاسدة, أكبر بكثيرٍ مما توقع غيرها. يستحيل أن يتزوجها, ألا يعلم عبدالله أن زواجهما ليست فكرةً صائبة, لن تسمح لهذا الزواج أن يتم, لن تسمح.



,



تتحرك ذهابًا وإيابًا في غرفتها وربما قد حفظت عدد الخطوات اللازمة لقطع الغرفة من أولها لآخرها، قلقةٌ جدًا بعد أن حدثته على الهاتف. أيعقل أنه سيكون - ساديًّا - حتى يعاندها ويرفض تطليقها فقط لينتقم منها لأنها ستضعه في موقفٍ حرج إن هو وافق على الطلاق؟ أو ربما يكون ممن يحبون التملك وإفراض أنفسهم على الأنثى! أو ربما شعر أنها أهانته برفضها ليجبرها عليه قسرًا! ... خاطبها عقلها بالكثير والكثير، مما زاد هوسها بالإنفصال : مستحيل .. مستحيل أجلس معه بروحي دقيقة وحدة ... التفكير وهو بعيد عنه ينحرني، شلون لو كان بجنبي؟
عقلها أصر على الطلاق كما قلبها المتعلق بمتعب.

وذاك من الجهة الأخرى يضع رأسه بين كفيه وهو يشعر أن الصداع يلتهمه، من أين عساه تحمل كل تلك المصائب التي تندفع على رأسه دفعةً واحدة ... في الغد سند، واليوم أسيل .... ودائمًا متعب.
آه من كان يصدق أن كل ما يحدث معه من مشاكل وكل ما يوجعه ويقلقه ويغضبه حاليًا يجب أن يتعلق بأكثر شخصٍ تعلق به، بالشخص الذي كان معلمه وأستاذه. سند واستطاع لوي ذراعه بمتعب، وأسيل ترفضه لأجل متعب، والصداع الذي لا يترك مرافقته تولد بعد أن حلت المصائب على متعب قبل وفاته بأشهر ... يريد أن يفهم للآن كيف؟ كيف كانت الممنوعات تسري في دمه دون أن يدرك؟ كيف كان يُحقن دون أن ينتبه ... وأدهم ذاك ما علاقته، ما علاقته؟؟؟
وقف بقلة حيلة وهو يتجه لأحد أدراج التسريحة المُغلقة بمفتاحٍ لا يحمله سواه، ليفتحه ويخرج أوراقًا تخص حالة متعب المرضية وأخرى تثبت جريان المخدرات في دمه. أسماء بعض الأطباء الذين قابلهم وآخرين لهم علاقةٌ به، كلهم يعرفهم بشكل عابر، عدا أدهم ذاك الذي لا يعرف شكله أو صوته حتى، لا يعلم سوى اسمه الثلاثي ( أدهم عبدالله السامي )
عاد بالأوراق التي تحمل أسماء الأطباء الذين واجهموا متعب في حياته ليجلس على السرير ويبدأ بقراءة الأسماء اسمًا اسمًا، لعله يجد أحدهم غريبًا عليه ولم يبحث عن تفاصيله كاملة.
فالإحتمال الأكبر أنه كان يتلقى الجرعات من طبيب حتى يكون غافلًا.



،



صوت ضحكاتٍ رجولية تصدح في الأرجاء وصاحبها يضع رجلًا على أخرى يغرق في ضحكاته الساخرة، حرك كوب عصيره الفارغ في الهواء بسخرية موجهًا حديثه للواقف أمامه : اتركنا من سالفة الصلاة ... قال ما أعرف أصلي قال .... يا اخي هذا شيء بيني وبين ربي مالك دخل فيه
الآخر وهو يميل ناحيته ليصب له من عصير البرتقال الطازج، ورغمًا عنه يضحك بسخريةٍ مماثلة : خلك واقعي بوعبدالله ... ترا ماقد شفناك قدامنا تصلي ... اعترف اعترف ترا كنت أسويها قبلك وربي هداني
أدهم بسخريته المعتادة وهو يريح جسده جانبًا عبر مرفقه المُستند به على يد الأريكة : احلف ... لا بالله احلف .... ولا بعد تضحك وماخذ الموضوع مهزلة كأنه موضوع روحه للحمام ماهو بصلاة ... يا عمي ماهو بالضرورة تشوفني أصلي قدامك
رفع رفيقه حاجبه وهو بالفعل يشك في كون أدهم لا يعرف الصلاة فهو الذي لم يره يومًا يصلي معه، أو ربما هو الذي لا يحافظ على صلواته جيدًا حتى يرى الجميع مثله؟؟
أدهم بتقززٍ وضع الكوب على الطاولة أمامه بينما بعضًا من رفقائه يضحكون، دائمًا ما يحاول رفيقهم المدعو خالد إحراجه بشأن الصلاة وغيره وغيره، لكن أدهم بأسلوبه الساخر والغير مبالي دائمًا ما يعكس الطاولة ويقلب الأمور لصالحه ليجعل خالد هو المُحرج.
أدهم يكمل بتقرف واستهزاء : وبعدين يا أخ مُتدين ... أظن إن شخص مثلك مُلم بالدين لازم يعرف إن الثوب الطويل حرام و * بسخريةٍ لاغة * للنســـــاء
ارتفعت درجة حرارة دم خالد وهو ينقض عليه لتسقط الطاولة ويسقط معها الكوب حتى يتحول لشظايا. بينما وقف الباقون من المتواجدين والذي كان عددهم يزيد عن عشرةٍ ينظرون بحماسٍ لما يحصل أمامهم ... وقانونهم المتعارف ( لا أحد يتدخل بين رجلين في شجار )
ضحك أدهم بسخرية وهو يشعر بقبضة خالد الملتفة على عنقه : تبي تتحداني في نزال رجولي!! ... انت؟ لا جد انت اللي تبي تتحداني والا تمزح
خالد بغضب : لا تستفزني يا أدهم
رفع أدهم يديه في وضعية الإستسلام بعبثٍ يدركه خالد جيدًا : لا تكفى خلاص أستسلم .... بليييييز لا تخوفني
ارفعت قبضة خالد الأخرى لتسقط على وجه أدهم بقوةٍ أدارت رأسه وجعلت انفه وفمه ينزفان، فابتسم بسخرية وهو يعيد إدارة رأسه نحو خالد، وجسده لازال للآن مُستريحًا على الأريكة الجلدية بينما خالد يقف وقبضةٌ تعانق عنق أدهم وأخرى مشدودةٍ قرب وجهه.
خالد بتهديد : لا تختبر صبري يا أدهم تراك منت بقده
أدهم بخبث : لا جد تهديدك يخوف ... * ثم بجديةٍ ووعيد أكمل * بس مو علي، على حد بمستواك وأقل ... هذا إذا فيه أقل
في لحظاتٍ كان قد بصق دمه القليل في فمه بوجه خالد ثم رفع قدمه اليُسرى ليركله بقوةٍ على بطنه، فتراجع خالد مُخلصًا عنق أدهم من قبضته مُنحنيًا للأمام من الألم.
أمسكه أدهم من كتفه بقهرٍ تولد دون تحضيرٍ سابق، ليس السبب خالد ولا كلماته ولا محاولات استفزازه الغير مُجدية. قهره كان لسببٍ آخر خُفي في قلبه جعله ينهال على من أمامه بالضرب دون رحمة، دون أن يرف له جفن أو يفكر مجرد تفكير ... أنه لربما قد يقتله دون سببٍ مقنع.



,



في الثامنة صباحًا

تحرك رأسها يمينًا وشمالًا تتبع جسدها الذي كان يتحرك في الغرفة ذهابًا وإيابًا, تريد أن تناديها, تريد منها أن تنظر إليها, لكنّ لسانها كان لاينطق بينما شفتيها تتحركان, وجسدها مُقيدٌ بشدة في السرير. وتلك, تمشي بعينين ميتتين, وجسدٍ بلا ظل! لا تفعل شيئًا تحديدًا فقط تمشى دون هدف. تساقطت دموعها وهي تحاول إخراج صوتٍ لها, لكنها لم تقدر. أنظري إلي, أرجوكِ أمي أنظري إلي, إشتقتك, إشتقت النظر إلى ملامحك أفلم تشتاقي أنتِ؟ إنظري إلي, أرجوكِ أنظري إلي.
وكأنما سمعت رجاءها الداخلي لها, استدارت ببطءٍ دون أن ترفع وجهها الذي كان مُغطي بخصلاتٍ كثيفة من شعرها, فتساقطت دموعها تباعًا وتباعًا تريد أن تصرخ
“ اشتقـــت لك يُـــــــمه “
لكن الكلمات ضاعت واختفت برفض صوتها للتحرر, ضاعت من فكرها أيضًا حين ارتفع رأس تلك التي كانت أمها, لا ليست أمها! بل هي, هي ...
هذه المرة تحرر صوتها لتصرخ ذُعرًا, فانتفضت جالسةً ترتعش بخوف, ورأسها هذه المرة كان يبحث عن تلك المحروق وجهها بخوف, لكنها اختفت, وتجلت دموعها خوفأ بينما أرجوان اندفعت من سريرها إليها بخوفٍ هي أيضًا من صرخة أُختها والذعر المرتسم على ملامحها : بسم الله عليك .. أعوذ بالله من الشيطان الرجيم
بكت جيهان بخوف وهي تتمسك بأختها, بينما ليان خرجت فزعةً تُنادي والدها
جيهان بذعر : محروق ... محروق .... وجهها محروق
احتضنتها أرجوان وهي تمسح على شعرها وتلقي بعض آيات القرآن عليها, وفي لحظاتٍ كان يوسف يدخل الغرفة مذعورًا من بكاء ليان التي كانت تلقي بكلماتٍ لا تعلم هي معناها الفعلي. علم منها فقط أن جيهان كانت تصرخ وتبكي. هتف بسرعةٍ وهي يرى جيهان تبكي في حضن أختها : وش صار؟
حركت أرجوان رأسها يمينًا وشمالًا ثم هتفت : شايفة كابوس بمنامها
اقترب يوسف ليتلقف جيهان ويحتضنها هامسًا : بسم الله عليك, ربي أعوذ ابنتي بك من همزات الشيطان وأن يحضرون
بقي يقرأ عليها وأرجوان تقف ودموعها تداعب رموشها, حتى هدأت جيهان ليتحول بكاؤها لنشيجٍ خافت
همس يوسف بعد أن قرأ عليها المعوذات : خلاص اهدي ... مجرد كابوس وانتهى
بعينين ضائعتين نظرت إليه يُخالجها بعض الأسى والعتب : زوجتك صارت كابوس!
قطب جبينه لتُردف قبل أن يرد : شفتها يبه ... وجهها كان محروق, مُرعب
تعوذ من الشيطان ثمّ مسح على ملامحه ليهمس : من الشيطان يافرحة أبوك ... من الشيطان
دون كلمةٍ منها تحولت نظراتها لجزع, ثم ابتعدت عنه لتنزل عن سريرها وتتجه للحمام بصمت, و للآن لازالت تجد صعوبةً في التحدث معه, تشعر بالذنب إن تحدثت معه, ومنذ متى صار برّ الوالدين ذنب؟
بينما يوسف نظر لأرجوان ليتنهد : ارجعي نامي يبه ... أنا بطلع ولا تهتمي لتحضير الفطور, بجيب معي
وقبل أن ترد أرجوان, كان هو قد ابتعد وفي طريقه كانت ليان تقف ونظرات الإستنكار تعلو ملامحها, ليقف أمامها ثمّ انحنى يقبل وجنتها بابتسامةٍ حنونه : لا تتعبي أختك بشقائك
أومات دون كلمة فخرج هو دون كلمةٍ أيضًا, لتزفر أرجوان الهواء بارهاقٍ من هذا الحال, إلى متى سيبقى حالهم هكذا؟ المشكلة أن السبب في كل ما يحدث ليس جيهان فقط, حتى والدها, هو أيضًا تغير ولا يريد الإيضاح, لكنها ترى الحزن واليأس في عينيه وإن مثل عكس ذلك.
أفاقت على صوت جيهان التي هتفت بذبولٍ من خلفها : ممكن تساعديني ... شعري عالق بزر القميص
استدارت إليها دون تعبير, لمَ كل تلك الرسمية الآن؟ : ومن متى كان بيننا رسميات
لم ترد, فتأفأفت أرجوان وهي تقترب, في العادة جيهان ستتراجع وترفض مساعدتها بعد ان تأفأفت, هي لا تحب أن يعمل أحدٌ لها شيئًا مُقتضبًا, لكنها الآن لم تعارض, وكانها أصبحت مُتبلدةً لا تهتم لشيء!!



,



تقف أمام المرآة تتأمل ملامحها السمراء والفاتنة, عينيها العسليتين كانت ترسل نظرات ثقة وأنفها الطويل ارتفع بشموخ : يبون يقيدوني بهالزواج! اي ما عليه, أنا غزل مو حيا الله. وهذا السلطان شغله على ايدي ..... هه, قال يتزوج غزل قال
فُتح الباب لتستدير بسرعةٍ وعينين مُتسعتين على الداخل, والتي كانت أمها. صدّت عنها ثم اتجهت بصمتٍ لسريرها, بينما جلست أمها على طرف السرير لتسألها بإيجاز : جهزتي أغراضك؟
غزل بملل : جهزته الخدامة
أمها ببرود : العصر تكون كل أمورك جاهزة ... ما ودنا نتاخر عليه
لم ترد وهي تُديرها ظهرها, فأردفت أمها بغلّ : منو بشهامة الأستاذ سلطان اللي بيستر على فضيحتك
أيضًا لم ترد, ستتجاهلهم تمامًا, جميعهم. أكملت أمها بضيق : سنة تكفي ... وبعدها عادي يطلقك, زين منه يستر عليك فترة ماعليها, ومو من حقنا نقيده فترة أطول
أغمضت عينيها وتلحفت, تُخبرها بهذه الحركة أنها لا تريد سماع المزيد, فاشتعلت نيران أمها ثم بدأت بطقسها المعتاد في كل صباحٍ من بعد تلك الفضيحة, وهو ضربها دون رحمة, وهي بتبلدٍ وشموخ لا تصرخ ولا تسقط منها دمعةً واحدة.



,



بصمتٍ ارتفعت أنظاره لوالده, أيعقل أن يُفكر بالرفض؟ .. هذا ما فكرت به أمه فرحةً وهي ترى صمته الذي طال, بينما كانت قبل لحظاتٍ ترسل له نظراتٍ محذرة من الموافقة, لكنّ فرحتها ماتت قبل أن ترى النور بعد أن هدر : وأنا أقدر أرفضها؟
اتسعت ابتسامة والده, وهو صدّ بنظراته عن أمه التي كانت تنظر إليه بصدمةٍ يُخالطها الغضب. ما الذي سيقوله؟ أكانت تتوقع منه الرفض؟ هو يحمّل نفسه خطأ وقوع إلين في شكوك والدته ونظرتها الجديدة لها, كما أنه حقًا يتمنى لإلين السعادة ولا يُعيب كونها يتيمةً مجهولة الأصل, تكفي أخلاقها ليوافق دون النظر لجوانب الموضوع حتى.
بينما والده امتدت يده ليريحها على كتفه بابتسامةٍ فرحة لابنه وابنته : ألف مبروك, والله يكتب في زواجكم الخير
ابتسم له ثمّ تقدم ليُقبل رأسه : أكيد فيها الخير ... هذي تربيتك مو حيا الله
انسحبت والدته ببطءٍ من الغرفة, دون أن يلاحظاها فورًا, كانت ستتجه لغرفة إلين, ستصرخ في وجهها وتأمرها بالرفض, لكن صوت زوجها الآمر برقةٍ أوقفها : نادي إلين أبي أتكلم معها بالموضوع
أغمضت عينيها بقوةٍ وشدت على قبضتيها, الأمور تتسرب من يديها أكثر واكثر, كانت متهورةً منذ البداية, والآن هاهي تدفع ثمن تهورها. اتجهت بسرعةٍ إلى غرفتها, ثم بانفعالٍ دفعت الباب لتنتفض إلين التي كانت تُسرح شعرها, ثم نظرت إليها بارتباكٍ لتهمس : خير يمه وش فيك؟
أم ياسر بغضب : عبدالله يبي يكلمك في موضوع
وقفت بهدوءٍ وملامح مُتسائلة, فهمست هالة من بين أسنانها : يا ويلك توافقين ... يا ويلك
لم تفهمها ولم تجد فرصةً لسؤالها, فهي خرجت لتُطبق الباب بقوةٍ ويصدح صوته في غرفتها, فازدردت ريقها ثم ارتدت عباءتها ولفت الطرحة حول رأسها, لتخرج من بعدها وهي تردد الأذكار في نفسها, لا تعلم لمَ تشعر بكل هذا الخوف وأن عاصفةً ستحل عليها, ومن جهةٍ أخرى وضعت في حساباتها أن أم ياسر أعلمت زوجها بما رأته يومذاك, ومن الطبيعي أنه سيغضب وسيرى أنها المسؤولية وأنها من أرخصت نفسها لتسمح له بالتمادي معها, هي لا تعلم تحديدًا ما الذي وصل أم ياسر من حديثٍ عنها, وتُيقن انه من رانيا. واليوم تحديدًا, يجب أن تتصل بها وتعلم كل شيء, لن تستطيع السكوت عن ظنونها لوقتٍ أطول!
ما إن وصلت للغرفة التي كانوا بها ورأت ياسر حتى أخفضت رأسها بحرج, وكانها فعلت جريمة, علم أن هناك ماضٍ أسود في حياتها, بالتأكيد سيبقى يفكر ويظنّ بها سوءً.
لم تتغير نظرات الثقة التي كانت مُنبثقة من عيني ياسر بينما حاول تحاشي النظر إلى أمه قدر المُستطاع. وهي وقفت أمام عبدالله الجالس تفصل بينهما بضع خطوات : وش تبي مني يبه؟
ابتسم لها بحنانٍ وهو الذي يريد يومًا أن يمسح نظرات الإنكسار والضعف الدائمة في عينيها بيديه, يريد أن يشعرها بأنها ابنته حقًا, لكن ذلك لن يتم إلا بعد أن تتزوج ابنه وتتحرر من حرمتها عليهم جميعًا. همس لها بحنان : اجلسي يبه ودي أكلمك في موضوع يخصك انتِ وياسر
قُبض قلبها بخوف, لكن لمَ يُحدثها بكل هذا الحنان؟ لو أن ام ياسر تحدثت معه حقًا بما حصل فلن يكون بكل تلك “ الرواقة “
ابتلعت ريقها والأمور تتشابك أكثر وأكثر في عقلها لتجلس دون كلمةٍ على إحدى المقاعد المُفردة, ثمّ بدأ عبدالله بالإسترسال في الحديث : اليوم حاب اتكلم معك بموضوع من زمان يدور في بالي ... ودام إن الكل ما عنده مشكلة بقي بس كلمة الموافقة منك
توجست وكلمات أم ياسر تدور في بالها : عن أي موضوع؟
عبدالله دون مقدمات : اليوم أنا حاب أخطبك لولدي على سنة الله ورسوله
جُفلت ولم يبقى أمامها سواه, شفتيه تتحركان بكلماتٍ لم تعيها, ما الذي يقوله؟ تتزوج ياسر؟ تتزوج من أحبته سنين وسنين؟ أحقًا هي سمعت ذلك أم أن عقلها اصطنع ما سمعته لشدة شغفها به, أهي مُثيرةٌ للشفقة لهذه الدرجة حتى لنفسها التي بدأت بتوهم أمورٍ لم تحدث ولن تحدث؟
أن تتزوج ياسر! ربما ذلك ليس حتى من أحلامها، هي لم تتجرأ يومًا بالتمادي في منامها حتى ترى نفسها - هي وياسر - تحت سقفٍ واحد. هي ليست سوى أنثى - ناقصة - أحبت بعمقٍ وصدق، ولم ترد لحبها سوى الإنصاف، والإنصاف لم يكن يومًا إلا بالبعد.
أنا التي خطت النصوص وبنت القوافي فيه وحده دون سواه، أنا التي تمنيت حبه ولم تتمادى لتتمناه، وأنا التي تهدل قلبها من علاقاتٍ تداعت بسبب ذاك الحُب، فهل يحصد المرء يومًا ثمار مالم يزرعه؟ أأحصد الزواج به وأنا التي لم ترمي إليه حقيقةً؟
بقيت صامتةً وعيناها تنظران في الفراغ, بينما صمت عبدالله وهو ينتظر إجابتها والموافقة التي لا يتوقع عكسها بتاتًا. من المستحيل أن ترفض, هذا ماكان يفكر به كما ياسر الذي لم تزل نظراته الواثقة, وهل يوجد لديها مجالٌ لترفض ما كانت ترمي إليه من قبل؟ .. بينما هذه هي الفكرة التي طرأت على هالة تحديدًا .. الجميع يتوقع موافقتها, الجميع يراها مُثيرةً للشفقة لدرجة أن تزجّ بنفسها في أول زواجٍ يأتيها على طبقٍ من ذهب. للأسف لا ينكرون أنهم فكروا بذلك وإن كانت ذا مكانةٍ بينهم, لكن مكانتها في المجتمع أوجب عليهم التفكير بهذا الشكل.
أردف عبدالله بعد أن طال صمتها : وش قلتي يا إلين
وهي الآن تستفيق مما كانت به, إذن ما يحدث ليس وهمًا, ليس حُلمًا, يريدون أن يزوجوها له؟؟
ابتلعت ريقها ثم ابتدأت سحابات الدموع بالتجلي على عينيها, كل ما يحدث حقيقةً كما نظراتهم الواثقة كذلك والتي كسرتها بعنف، حطمتها لشظايا، أراقت على قلبها حممًا لتشعر بأن أسيدًا ينصب عليه, يعلمون الجواب مُسبقًا, ستوافق بالتأكيد, ستوافق
همست أخيرًا بعد أن استرقت نظراتها على الجميع وأولهم هالة, بصوتٍ مكسورٍ مُرهق : آسفة يبه .. بس ما أبي أتزوج !!!!




,




شعرت بملمسٍ خشن لأنامل رجوليةٍ تتمرر برقةٍ على وجنتها، وعلمت من هو الشخص ذو الرائحة الرجولية الخاصة، لا أحد سواه، من نام البارحة في الصالة من شدة قهره، ومن تمنت رغمًا عنها لو أنها لم تغضبه ليبتعد.
شيءٌ ما داخلها أمرها بالصمت وتصنع النوم، لمَ لا ترى بأي مشاعر سيواجهها وهي غائبة، ولطالما فعلتها مرارًا وتصنعت النوم لتستمع لمشاعره الحقيقية وقلبها يصنع أملًا يائسًا أنه لربما كان يكن لها مشاعر خاصةٌ يخفيها، لكنه دائمًا ما كان يحتفظ بصمته وهو يتأملها، أو يكتشف تمثيلتها عليه.
وهو من الجهة الأخرى يتأمل ملامحها العذبة، حقيقةً لا مجال للمقارنة بينها وبين زوجته السابقة ( بثينة ). فبثينة أجمل وأجمل بكثير، بينما هي كانت ذا ملامح ناعمةٍ جذابة ليست خارقة الجمال، لكنها تبقى ملامح أنثوية يغطيها الضعف الذي بات يحبه بها.
انحنى نحوها قليلًا وهو يشعر بالقهر مما حدث البارحة، ليهتف : ما عرفنا لكم يالحريم ... الرحمة وخلتكم تتمردون ... والشدة من صوب ثاني تحسسكم بالإهانه عشان يقوم عندكم عرق الكبرياء
غرقت في قهرها، أهذا حديثٌ يقوله رجلٌ لزوجته وهي نائمة “ معقد معقد معقد ... اليوم تأكدت إن ما عندك مشاعر و لا تعرف للغزل “
كشرت رغمًا عنها لينتبه هو لملامحها، ورغمًا عنه ابتسم بمكر، ثم رفع إصبعه بعبث ليضعها فوق جفنها حتى يسحبه للأعلى، وتلك صُدمت من حركته العابثة لتغلقها بسرعةٍ ما إن شعرت بالجفاف من الهواء
ضحك سيف : عشان تحرمين مرة ثانية تمثلين علي
جلست لتنظر إليه بغضب، بينما هو يبتسم بتشفي ومن قهرها من تلك الإبتسامة أخذت الوسادة لترميها في وجهه ثم نهضت لتتجه للحمام.
ضحك وهو يضع الوسادة جانبًا ليخرج، وهو يعلم أنها الآن ستأخذ وقتًا لتستحم، بينما قد صلت الفجر منذ زمن وفي وقت الصلاة فهو يعرف أنها توقت المنبه لتنهض وقت الصلاة وتُيقظه، لكنه كان وقتها غير نائم من قهره وقد اتجه للمسجد منذ مدة. ليعود حتى يجدها نائمة بعد أن صلت أو تتصنع النوم، وينام هو لثلاث ساعاتٍ تقريبًا في الصالة من قهره وعدم رغبته في النوم معها بعد أن قهره وجرحه نفورها.



بعد ساعة

كانت ديما تخرج من الحمام بالروب ومنشفةٌ تجفف بها شعرها، بينما لم تسمع صوتًا يدل على وجود سيف فتوقعت أنه قد خرج.
لم تهتم وهي إلى الآن تشعر بالقهر منه، لبست ملابسها التي كانت عبارةً عن ثوبٍ طويلٍ ليموني ناعم تناسب مع لون بشرتها، ثم اتجهت للمرآة لتصفف شعرها ترفعه بشكل “ شنيون “ ووضعت بعض مساحيق التجميل على وجهها بشكلٍ ناعم. ومن ثم اتجهت للسرير بعد أن تناولت مصحفها من على الرفّ المخصص للمصاحف وكُتبِ تفسير القرآن، وفي العادة يكون هذا وقت قراءتها للقرآن بما أنها غالبًا ما تعود للنوم بعد صلاة الفجر ولا يدعها النوم تقرأ للشروق.
جلست على السرير وبدأت بالقراءة، وبعد لحظاتٍ دخل سيف ليراها تقرأ بصوتٍ لم يسمعه، وهي من الجهة المقابلة استيقظ شيطانها لتنتقم فور شعورها بدخوله، وذلك برفع صوتها بقراءةِ آيةٍ هزت سكونه ( الذين يظاهرون منكم من نسائهم ماهن أمهاتهم، إن امهاتم إلا اللائي ولدنهم وإنهم ليقولون منكرًا من القول وزورًا )
لم تكن حقيقةً تقرأ في سورة المجادلة، لكنها رغبت ولو قليلًا بإشعاره بالذنب، هذا إن كان به ذرة إنسانية. بينما سيف غضب، بشدةٍ غضب. يا الله، هل أصبح القرآن يغضبه الآن؟؟ استغفر وهو يتجه إليها ليتناول المصحف من يدها ينظر إلى ما تقرأ وقد كان سورة يوسف.
نظر إليها وهو يرفع حاجبه، بينما هي تتظاهر بالبرود، ثم أغلق المصحف ليضعه جانبًا على الكومدينه ثم اقترب ليجلس بجانبها هامسًا : صرتِ تستخدمين القرآن عشان تهزيني؟؟
ديما ببراءة : ما قصدت ... بس طبيعي يهزك القرآن، إذا ماهزك كلام الله وش بيهزك؟
سيف وهو يحاول إخفاء غضبه، القرآن لطالما كان يجلب السكينة فلمَ يجعل غضبه الآن يسيطر عليه، هو أخطأ أولًا وأخيرًا لكنّ شعوره بآيةٍ نزلت في امرأة لتُنصف مع زوجها هزه، هزهُ بعنف إذ شعر أنه رجلٌ يعيش في زمن الجاهلية.
همس باضطراب : إلا كلام الله يا ديما ... لا تطلعيني بهالشكل الغاضب بسببها ... لا تحسسيني إن إيماني بكتاب الله ضعيف
لانت ملامحها لتشعر بالأسى عليه، لأول مرةٍ تراه بهذا الشكل، أيعقل أنها استطاعت هزيمته بالقرآن؟ ... لكنها في النهاية شعرت بالذنب، شعرت أنها مخلوقٌ خسيس حتى تهاجمه في إيمانه، إلا أنها لم تُظهر إنفعالاته وأفكارها لتهتف ببرودٍ ظاهري : يعني انت تشوف إيمانك كامل وانت سويت هالفعل الجاهلي؟
سيف بغضب وهذا الحديث عن ما حدث لا يروقه : ما راح نخلص من هالسالفة؟
نظرت إليه بغضبٍ مُماثل : خلص بالنسبة لك بس أنا للحين قاعد يشب نيران جواتي
تنهد ليقترب منها أكثر ثم أمسك بكتفيها بحزم : تذكري إن الآية نزلت في صحابية زوجها اللي ظاهرها صحابي ... فمن أكون أنا عشان الغلط ما يجاورني
ديما بعبرة : كان الحكم توه مانزل وهو جاهل فيه بس انت تدري وعارف معنى - الظهار -
أغمض عينيه، لا ينكر أن خطأه هذه المرة أكبر من أي مرةٍ أُخرى، أكبر حتى من كبريائه وغروره، لذا همس دون شعور : آسف
لم تستوعب، ما الذي قاله؟ هل اعتذر لها فعلًا أم أنها تتوهم؟ منذ متى وسيف يعتذر؟
تراجعت للخلف ودون شعورٍ رفعت كفيها لتطوق بهما وجهه، وبعبرةٍ غير مُصدقة : اعتـــذرت ... ولي أنـــــا!!
زمّ سيف شفتيه ليسحبها بشدةٍ حتى يُخفي رأسها في صدره : خلاص لا تصدقين روحك .... هالمرة الإعتذار عشاني تجاوزت حرمات ربي مو عشان وجهك!
ابتسمت رغمًا عنها رغم أنه لا يترك غروره وتكبره واعتزازه بكبريائه هذا : المهم انك اعتذرت .... ولي انا مَي
قالت الاسم الأخير بسخرية وتقزز، ليرفع هو حاجبه باسمًا : وعلى ذكر اسم مي ترا أمي كانت تسأل عنك من لحظات، ليه ما فطرتي معنا
ديما وهي تحاول أن تبتعد لتقابله وجهًا لوجه : سؤال غبي من واحد غبي ... كنت نايمة يا شاطر والا نسيت أو عقلك قافل
عض شفته بغضب ليُبعد رأسها عن صدره ينظر لعينيها بغضب : لا شكل الهدوء والتعامل معك بوداعة يخليك بكل بساطة تنسين نفسك .... يا مــــــــــي
ديما بعينين حارقتين من القهر : ديمــــــا
سيف وهو يرفع اصبه بأمرٍ سادي إلى فمه : اصصص ولا كلمة ... قلتها والله قلتها .. انتو يالحريم إذا ما شدينا عليكم تمردتوا
شعرت بالقهر وهي تنظر إليه يعينين دامعتين : ســــادي
ابتسم بثقة : وعشقك هالسادي
زمت شفتيها وارتبكت، ليس وقت الضعف الآن، يريد إضعافك فقط.
صدت عنه وهي تنوي المغادرة دون كلام، لكنه ما إن وقفت تنوي الإبتعاد حتى أمسك بكفها يعيدها بتشفي : على وين تونا ما خلصنا كلام .... لهالدرجة تستحين تطلقين مشاعرك الراقية تجاهي
ديما بقهر وهي تحاول جذب يدها منه : ابعد مين قال اني أحبك؟
سيف بابتسامةٍ واثقة : عيونك
انهارت لتجلس على السرير، لمَ يضعفها دائمًا بكلماتٍ بسيطة بهذا الشكل؟ أيعقل أن هذه الكلمات وحدها هي ما يضعفها؟ أم أن ثقته تشعرها بأنها لاشيء، لاشيء سوى مخلوقٍ ضعيف مُثيرٍ للشفقة.
اتسعت ابتسامته وهو يراها تجلس بجانبه تنظر لحجرها بأسى، وبمكرٍ مد يده ليلامس فكها، ثم رفع الثانية ليطوق وجهها يديرها إليه، ليضحك بشيءٍ من السخرية حين أغمضت عينيها لا تريد مواجهته.
سيف بثقة : تستحين والا ضعفك مخليك ماتقدرين تطالعيني؟
سقطت دموعها من القهر والذل، بينما هو تجمدت ابتسامته للحظات لكن سرعان ما تصرف بطبيعيةٍ وهو يمسح دموعها بابهاميه، ليصله صوتها المُنكسر : اعرف يا سيف ... اني ما أؤمن بفلسفة تقول بما معناها ( الحب الحقيقي لا يمكن يموت )
أردفت وهي تفتح عينيها المُنكسرتين لتواجه وجهه الجامد : لا تأمن على حبي لأن ساديتك ممكن يذبحه
اقترب منها ببطءٍ وجمود ملامحه لم تتغير بكلامها، ليُعانقها وشفتيه انفرجتا عن كلماتٍ هامسةٍ قرب أذنها أضعفتها أكثر : معي أنا حبك لي ما يمكن يموت ... لأني في اللحظة اللي أحس فيها ان حبل حبك لي انرخى ... أقدر بكل بساطة أشده
تعلم ما يقصد، تعلم جيدًا، قليلٌ من حنانه، وبضعَ كلماتٍ تذيبها به وفيه، والقليل من لمساته .... تعيد الروح وتجدد حبه مرارًا ومرارًا فيها. لكن إلى متى؟ إلى متى يا سيف؟



,




صمتوا مشدوهين, أيعقل أن ما سمعوه صحيح، أم أنهم من جهةٍ أخرى أصبحوا يتوهمون أيضًا. بينما وقفت هي بهدوء لتهتف، وكل تفكيرها ليس خوفًا من أمه بل لا تريد ظلمه بزواجٍ كهذا : عمري ما فكرت بالزواج .. ولا بفكر فيه .... ياسر يستحق وحدة أفضل مني، ماهي أنا .... * ثم بابتسامةٍ منكسرة أردفت * اعذروني كان خيبت ظنكم
ثمّ دون كلمةٍ أخرى انسحبت، لتجد هديل واقفةً عند الباب تستمع، وملامحها يُسدلها الراحة، بالتأكيد من عدم موافقتها، فمن ترضى على أخيها بفتاةٍ مثلها!
ابتسمت لها بفتورٍ ثم اتجهت لغرفتها، وفور وصولها أغلقت الباب بالمفتاح كي لا يفكر أحدٌ بالدخول، تريد أن تختلي بنفسها ودموعها فقط!
اندفعت للسرير لترمي بثقلها عليه، وهنا ارتفع نحيبها ... منذ لحظاتٍ كان حُبها له سيتوج بالزواج، منذ لحظاتٍ كانت السعادة ستحل على قلبها، ومنذ لحظاتٍ فقط ... كُسرت بشكلٍ أعنف لنظراتهم.
زمت شفتيها تهمس بألم : يستحق أفضل مني ... ما أستاهله، ما أستاهله

بينما خارجًا كانت هديل تقف عند الباب بتردد, تريد أن تُطرق الباب وتدخل، لكنها عدلت عن ذلك, تسمع نحيبًا خافتًا حزينًا. لا تنكر أنها لم يعجبها قرار والدها، رغمًا عنها فكرت بأفضل منه، رغمًا عنها شعرت أن ياسر كثيرٌ عليها.
ابتلعت ريقها وهي تشتم أفكارها، لمَ فكرت بهذا الشكل وهما كالأختين ومنذ فتحت عينيها على الدنيا كانت أمامها؟

بينما في الأسفل
ظهرت معالم الراحة على وجه هالة والوجوم على وجه عبدالله، بينما ياسر ظلّ ثابت النظرات التي وجهها إلى أمه, هي لم ترفض بإرادتها, بالتأكيد السبب أمه، هكذا فكر وهكذا أقنع عقله.
وقف بهدوءٍ ليهتف لوالده المستاء : حاولوا فيها أكيد مترددة
عبدالله بجزع : دامها ما تبي ماني جابرها
ياسر : حاول فيها يبه ... حاول
ثم دون كلمةٍ خرج وعيني أمه الممتعضة تتبعه، بينما عبدالله وجه كلامه لها : تكلمي معها يا هالة ... ممكن تسمع لك إنتِ
هالة ببساطة : دامها ما تبيه ليه أحاول أقنعها
عبدالله وكلامها لا يعجبه، يستشعر الرفض من قبلها ولا يريد تصديق ذلك : تحاولين فيها الحين رضيتي أو لا
وبعد أن رمى كلماته تلك خرج. ليتركها وراه تشتعل، هذا الزواج يجب أن لا يتم. وهي من ستتكلف بذلك.



,



جلست بجانب عناد بعد أن استدعاها، وكل ما تتوقعه أنه سيستفسر كما قال سابقًا عن أسماء صديقاتها، لكنها شعرت بالتوتر رغمًا عنها وهي تعلم أنه قد حذرها سابقًا ممن تسمى سارة.
عناد بحنان : كيفك الحين؟
غيداء بتوتر : كويسة
ابتسم : ليه التوتر الحين؟ خايفة مني؟
هزت رأسها بالرفض فرفع كفه ليريحه على شعرها : أبيك تحكين معي بحرية، لا تخافين مني ... مو قلت لك من قبل اني واقف معي بكل الحالات!
هزت رأسها بالإيجاب لتهمس : والله ماني خايفة منك ... بس، بس أحس بخجل لأني خالفت كلامك
استغرب ليقطب جبينه : في وشو؟
غيداء بارتباك بعد أن ابتلعت ريقها، وببراءة : انت مو قلت لي من قبل ابعد عن بنت القاضي اللي أكبر مني ... بس أنا رجعت أتكلم وياها * ثم اندفعت برجاء * آسفـة والله آسفة، عارفة إني غبية وطفلة ما أسمع الكلام بس ما كنت أقصد أعصيك
اقترب حاجباه من بعضهما بضيق، أيعقل أنها أدركت كل شيءٍ من تلك الفتاة المُتحررة؟ شعر بالتقزز منها ثم بصوتٍ خرج عاتبًا وبه القليل من الغضب : ليه ما تسمعين الكلام؟ ... قولي لي بس وش هي ترست فيه راسك؟
غيداء بحرج : خلاص أنا ماني مصدقتها
عناد بحدة : لا تلتجئين لأحد غريب ماهو محل ثقة ... تكلمي لي أنا ... فضفضي وأنا بسمعك، لا تخلين في قلبك شيء وأنا قدامك بكون الطبيب قبل الأخ
غيداء بنظراتٍ خجلة : ماعندي شيء أقوله
ابتسم بحنانٍ ليمسح على رأسها : المهم إذا حسيتي إنك تبين تتكلمين احكي لي وفضفضي، وأوعدك ما أقول شيء وأكون متفهم .... والا ماني أقرب لك من بنت القاضي؟
غيداء : لا والله أقرب وأقرب حتى من روحي
عناد بابتسامة : أجل اثبتي هالكلام ولا تخبين عني شيء مرة ثانية، إذا حسيتي بالضيق حرري شحناتك قدامي ... أو اكتبي كل اللي يضايقك في دفتر ... هذا بيساعدك كثير على تفريغ اللي داخلك
أومأت برأسها لينزل يده بابتسامة، ثم قبل جبينها بحنانٍ ليهمس : والحين ذاكري دروسك من بدري لاني بطلعك معي بعد العصر
انفرجت شفتيها عن ابتسامةٍ فرِحَة : مشكووووور يا أحلى أخ



,



جرّ خطواته لغرفته ببطء والبيت يعيش في سكونٍ موجع كما العادة، والده في الأعلى بالتأكيد نائمٌ أو ربما لم يعد للمنزل بعد. ما هذه الحال المُزرية؟ .. من ذا الذي قد يعتاد الوحدة والسكون؟ من ذا الذي قد يجرّ خطواته بأريحيةٍ وطاعةٍ مُخزية للظلام المخيم على روحه وجسده في مكانٍ موحشٍ أشبه بجُحرٍ غادره سكانه؟
زفر بضيقٍ وهو يجر جسده المُغطى بثوبٍ مُزري بعد أن تقطع وقت شجاره مع المدعو خالد، لربما لو أن رفاقه لم يتدخلوا في آخر لحظةٍ حين شعروا أنه ليس واعيًا لكان قتله من قهره الذي تولد دون أن يكون هو السبب حقيقةً.
مسح بظاهر كفه على عينيه الحادتين ثم اتجه لغرفته، وهناك في عالمه الخاص الذي تغطيه الألوان الرجولية المُعتمة والصفات التي لا تليق إلا بشخصيته هو، رمى بجسده الضخم على سريره ليهتز من انفعال سقوطه، ثم عض شفته بقوةٍ وبقهر.
أدهم بغلّ : أبي أفرغ اللي داخلــي بس كيف؟ كيف؟
صورةٌ واحدةٌ تجلت في عقله، صورة تلك الفاتنة البريئــة! متى سيحصل عليها متى؟ هي الشخص الوحيد الذي قد يفرغ بها كل الغضب الذي يجتاحه، هي الشخص الوحيد الذي قد ينتشل ضيقه حتى ينتشي بعيدًا عن الوحدة والقهر الذي يلازمه.
ضحك فجأةً بسخرية : متى بتجين؟ متى يا أختــــي!!!



.

.

.


كونوا في الحياة كطيرٍ يرفرف بجناحيه دون ملل أو كلل
حتى لا يسقـــــط وقت يصيبه التعب ويقف



انتهى

ودمتم بخير / كَيــدْ !





...همس القدر... 19-07-14 11:52 PM

رد: قيودٌ بلا أغلال عانقت القدر
 
السلام عليكم

شكراااا عزيزتي كدو على هالباارت الجميل جدا ... هههه والصادم لتوقعااته كمان! :55:

نبتدي اولا ب شااهين واسيل :)

اقتباس:

ما أبي الزواج من أساسه
مع اني كنت متووقعه هالحكي من اسيل الا اني انصدمت من ثقتها ! رمتها كذا بوجه شااهين وما اهتمت لمشااعره
لاااا وكلو لما قالت له :
اقتباس:

ارتعشت شفتيها لتهمس بألم : ما أقدر ... روحي للحين معلقـــة فيــه
هنا لحالها مصيبة !!! حكيها صحيح نابع من شخص متألم بس هي نست او تناست انو اللي بتحاكيه هو شخص ارتبطتت معاه برباط مقدس, حتى لو هي راافضه هالرباط

اقتباس:

همست تتابع : ما أقدر أخونـــه
حااله عشق اسيل مستعصيه ! الخيانه تكون ضد شخص يتنفس !!! ومتعب مين ! متى تفهم!! شكله صاادق شااعين بس حكاله
اقتباس:

احسيتي انك ثقل عليهم رحتي تهربين عندي انا؟؟ تورطيني بنفسيتك المريضــة!!!!!
اسيل تحتاج لهزة مشان تصحى من الوهم اللي هي عايشه فيه.. صحيح وفاءها جميل , بي الحين هي صارت متزوجة ولازم تفهم هالشي

]
اقتباس:

طيب يا أسيل طيب ... شكلك ما عرفتي شاهين كويس
هههههه تهديد وااضح وصريح من شااهين بيك , الله يعينك اسيلللو :)

****


سلطان&عناد

اقتباس:

أردف عناد يقطع سبل أفكاره, بصوتٍ عاتب : تبي تنتقم من أبوها عن طريقها يا سلطان؟؟؟؟
هااذ بالفعل اللي بيعمله سلطاان بغزل , حتى لو انكر هالشي هو فعلا بينتقم من احمد عن طريق بنته ! لانه بكل بساطة
اقتباس:

يقرأ بعد اسمها - أحمد - وقبل اسمها - ابنة القاتل -
اقتباس:

لا يا سلطان لا تكن كمن رباك, كن مثل والدك, مثل والدك فقط.
سلطان غصب عنه بيتحول لسليمان ثاني ! اتمنى يفوق لنفسه قبل ما ينتهي به الحال مجرد كتلة من الحقد بدون مشاعر !
********
ديما & سيف
اقتباس:

سيف وقد اعتلاه الغضب من حركتها تلك : شايفتني جني قدامك؟ ليه الهرب

اعذرني يا سيد سيف !! ايش كنت تتوقع يعني تستقبلك بالاحضان !!!
اللي سويته _وومع احترامي الشديد_ صعب ومتخلف فاكيد ديما رااح تشعر بالنفور منك !!
*****
ابو يااسر والصدمة الكبرى ^^
اقتباس:

استفاقت على حديث زوجها الذي صعقها : أفكر أزوجها بياسر
هههههههههههه صدمة صدمة بجد
يعني انا ما اتوقعت هالشي بالمرة !!! وحتى قللت في تعليق سابق انه اتوقع زواج ياسر من الين ماراح يتم ليصدمني ابو يااسر بقراره !!
هههههه والله هالابو يااسر بيستاهل بووسة بين عيوونه
الله يعين بس على رد فعل الين وام ياااسر وياسر :)
**************
شااهين مجددا وسر متعب !
اقتباس:

، كلهم يعرفهم بشكل عابر، عدا أدهم ذاك الذي لا يعرف شكله أو صوته حتى، لا يعلم سوى اسمه الثلاثي ( أدهم عبدالله السامي )
ادهم!!!!!
ادهم ماغيره اللي اتحرش بالين وهي بالميتم!!!!
طيب هو ايش دخله بمتعب !!!!!!
طيب شاهين قال
اقتباس:

الإحتمال الأكبر أنه كان يتلقى الجرعات من طبيب حتى يكون غافلًا.
وادهم طبيب؟!
ماظنيت !!!
طيب عكذا ايش علاقته مع متعب واشلون وصل اسمه للملف اللي مع شاهين !
الف علامه استفهام؟؟
*****

ادهم
اقتباس:

مسكه أدهم من كتفه بقهرٍ تولد دون تحضيرٍ سابق، ليس السبب خالد ولا كلماته ولا محاولات استفزازه الغير مُجدية. قهره كان لسببٍ آخر خُفي في قلبه جعله ينهال على من أمامه بالضرب دون رحمة، دون أن يرف له جفن أو يفكر مجرد تفكير ... أنه لربما قد يقتله دون سببٍ مقنع.
هالادهم مخيف!!!
قهر بيطلع من عيوونه وقسووة وااضح انه يتسم بها
ما السبب لكل هذا القهر
شخصية ثاانية تطلع النا بالاحداث والغموض يلفها !
هههه كيد ايش دعوة ابطاالك كلهم غاامضين والاسرار بتحاوطهم :biggrin:
هههههه حبيت غموضهم كلهم الا ادهم ! احيه شرررررررررررير :lol:
*****
جيهان وكوابيسها
اقتباس:

جيهان بذعر : محروق ... محروق .... وجهها محروق
الله يعينك جيجي , وجه امها محروووق من سواااد اعمالها
متى تقتنع بهالفكرة وتبطل تشوف امها الملاك المنزه !!
اقتباس:

لكنها الآن لم تعارض, وكانها أصبحت مُتبلدةً لا تهتم لشيء!!
جيهان تتغير ! لاازم هههه نسيت اسمه بس زوجها لااازم بتصرف والا رااح تضيع جيهان القديمة من بين ايداهم
*******


غزل
اقتباس:

تقف أمام المرآة تتأمل ملامحها السمراء والفاتنة, عينيها العسليتين كانت ترسل نظرات ثقة وأنفها الطويل ارتفع بشموخ : يبون يقيدوني بهالزواج! اي ما عليه, أنا غزل مو حيا الله. وهذا السلطان شغله على ايدي ..... هه, قال يتزوج غزل قال
هالموقف ما زادني الا اشمئزاز من غزل
بااين انها من النوع ال "تتييييييييييييت " وتستاااهل ما يجيها
يااا رب سلطان ما يتزوجها :party0033:
***************
ياااسر وابو يااسر :

[QUOTE]ه امتدت يده ليريحها على كتفه بابتسامةٍ فرحة لابنه وابنته : ألف مبروك, والله يكتب في زواجكم الخير/QUOTE]
وااااااااااااااافق :peace: هههه عنجد هالبارت بارت الصدمات , ما اتوقعت هالامور تمشي بهالسهولة ^^ بقيت الين وبس :)
اقتباس:

ابتسم له ثمّ تقدم ليُقبل رأسه : أكيد فيها الخير ... هذي تربيتك مو حيا الله[
هذا الشي اللي مش مستوعبته ام يااسر , انه الين تربيتهم هم , زي ما هي مستحيل تشك ببنتها هديل لاازم كمان ما تشك بالين لانهن تربن مع بعض
اقتباس:

همست هالة من بين أسنانها : يا ويلك توافقين ... يا ويلك
اوووخض شف شو قالت الها
حرااام عليها , البنت مو عاارفة شي وهي تتصرف بهالدنااءة , والمفروض تكون بهالموقف كام الها , للاسف هاله نسيت كل شي عن الين بمجرد موقف وسوء فهم صااير !
****
الين:
اقتباس:

عبدالله دون مقدمات : اليوم أنا حاب أخطبك لولدي على سنة الله ورسوله
ياااا للهول!!!
اي صدمة هاذي على قلب الين العاشق !
احلامها تتحقق وكل الي تمنته يصير لتصدمني برررردها !!!
اقتباس:

آسفة يبه .. بس ما أبي أتزوج !!!!
OmG
مش من جدها الين !!! يعني رفست كل احلااامهاا وابعدتها عنها !!!!
حاااسة انو هالموضوع ما رااح يتسكر , ويااسر رااح يصر عالزواج اكثر مو لشي بس مشاان اللي اعترفت بيه له وهو في غرفتها
*****
ديما وسيف
اقتباس:

: معي أنا حبك لي ما يمكن يموت ... لأني في اللحظة اللي أحس فيها ان حبل حبك لي انرخى ... أقدر بكل بساطة أشده
للاسف هالشي صحيح !!! دسما نقطة ضعفها حبها لسيف , وسيف مستغل هالنقطة على اكمل وجه الله يعين !
**********
الين:
اقتباس:

ياسر يستحق وحدة أفضل مني، ماهي أنا ....
هالفكرو هي اللي رااح تودي الين بدااهية !!! شعورها بالنقص تجاه عايلة ابو يااسر صعب
وردة فعل اختها هديل للاسف اكدت لها وجهة نظرها


***********

ادهم :
اقتباس:

صورةٌ واحدةٌ تجلت في عقله، صورة تلك الفاتنة البريئــة! متى سيحصل عليها متى؟ هي الشخص الوحيد الذي قد يفرغ بها كل الغضب الذي يجتاحه، هي الشخص الوحيد الذي قد ينتشل ضيقه حتى ينتشي بعيدًا عن الوحدة والقهر الذي يلازمه.
ضحك فجأةً بسخرية : متى بتجين؟ متى يا أختــــي!!!
فاااتنة برييييييئة !!!!!!!!!!
ينتشل ضيقه بعيدا عن الوحدة !!!!!!!
يااااااااا اختي !!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!1
لاااااااااااااااااااا مو معقوووووووووووول ادهم اخو الين ؟؟؟؟؟؟
no way !!!!!!
طيب شلون فكرت الين انه تحرش فيها ! ليكون هو كان بيتصرف باخوية بس هي افكارها صورت لها اشيااء ثاانية !!
هااذ احتماال
اما الاحتمال الثااني فهو انه ادهم له اخت للان ماظهرت !!! بس هي سبب السر ورااء متعب !!!!

هههههههههههه يعني يا ست كيد هالقفلة اشرررس من القفلة اللي قبها
ميين اخت ادهم !!! وشو علاقته مع الين ومتعب

اليوم مجال التساائلات توسعت اكثر
******
اجماالا البااااااااارت رااائع جدا كدو :55:
جدا جدا استمتعت بقراءته
بااااانتظاااار القاااادم بشووووووووق
والف الف الف شكرررررررررررر عالبااارت العذب مثلك^^
تقبلي مروري
سلااااام :peace:

كَيــدْ 20-07-14 07:01 PM

رد: قيودٌ بلا أغلال عانقت القدر
 
اقتباس:

المشاركة الأصلية كتبت بواسطة لمحة من الکون (المشاركة 3459384)
تحياتي لک....ألف شکر علي الرواية التي أطربتنا وفعلا کلمة روعة في حقها قليل......الکلمات الراقية وطريقة التعبير والألفاط المختارة للوصف.....کلها أعجبتني وبقوة......رجال الرواية لکل منهم معضلته وعليه تقع حلها.....ونساء الرواية وآآآهن منهن المشاعر تغلبهن وتتحکم بهن دوما وکذا طبيعة الأنثي....فعلا ياعسل روايتک عسل....بس البطلتين (إلين و أرجوان) أحببتهما عنجد.....وفقک الله وإيانا وأعاننا علي طاعته....واصلي بإذن الله تقدمک فنحن بإنتظارک


أهلًا بكِ عزيزتي

سعيدة إنها راقت لك وألف شكر لعيونك
آمين :** وإن شاء الله بواصل معكم للنهاية



كَيــدْ 20-07-14 07:09 PM

رد: قيودٌ بلا أغلال عانقت القدر
 
اقتباس:

المشاركة الأصلية كتبت بواسطة ...همس القدر... (المشاركة 3459514)
الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 13 ( الأعضاء 2 والزوار 11)
‏...همس القدر...*, ‏معذبني حبك+




:dancingmonkeyff8:
:dancingmonkeyff8:


يااا الله
ففففت بالصدفة لاجد هذه اللفتة الجميلة ^^
يااا قلبي انتي كدوووو حبيبتي
ههههههههه الحمد لله لحقت قبل ما ينزل البارت <ןןןןههههههه متحمسة لشاهين واسيل اكثر شي

مممم بس حاابة احكيليك عشاان نقدر نشووف اعلاناتك ونعرف موعد تنزيل البارتات في شي موجود فوق اسمك في المنتدة الصفحة الرئيسية اسمه شريط الاهداءات

اكتبي اعلاناتك فيه عشاان الكل يشووفها لانو بمحض الصدفة البحت عرفت عن البارت اليوم ^^ وهاشك ما فووته :


هههههههههههههه جعلني ما انحرم من هالحماس الحلو وصاحبته

من فترة وأنا أحاول اكتشف الطريقة ولا قدرت
طلع مو من عندي -_-

للأسف كل هالكلام ما يظهر عندي في الصفحة الرئيسية
لا إضافة إهداء ولا حتى مشاركاتي ومواضيعي


عشان كذا ما أقدر أسوي إهداء
وليه ما يظهر عندي معرفش!


وردة الزيزفون 21-07-14 06:38 AM

رد: قيودٌ بلا أغلال عانقت القدر
 
صباح الورد .. اخيرا قدرت ارجع اكمل باقي البارتات قبل ماتتشعب اكثر وتزيد البارتات ويصعب علي قرأتهم .. امم احداث كثيرة مازالت على ماهي ومازالت الالغاز ماانفك منها شي واكيد الجاي اكثر تحميس ..

سيف وديما

لحد الان افضل ثنائي شدني في الرواية يمكن قصتهم متشابهة لبعض القصص الي قريناها لكن حبيت التناقض الي بسيف والي مصدره طليقته والماضي الي عاشه مع اننا مازلنا ننتظر توضيح اكثر

لكن ديما شخصيتها جدا جميلة حلو عشقها لكن انفجارها بشكل محبب هو الي يشدنا لها ملينا من الزوجة الضعيفة المنعدمة الكرامة وملينا من العنيد بشكل ينفر حلو الواقعية انو الزوجة تغلب زوجها بنقيض توقعاته وبشي مو مبالغ فيه وبنفس الوقت بأقل معاملة رقيقة وصادقة ممكن تأثر على مشاعرها لانو الانثى الحقيقية هي العاطفية الي عجبني في ديما محاولتها تكون قوية بشكل مقبول واكيد في النهاية بتكسر الاغلال وبتتحرر وبتنتصر وبتكسب سيف

الين وياسر

من خلال معرفتي بالسن الي صارت فيه الين ببيت ياسر استنكرت مشاعرها بقوة يعني هي تربت من نعومة اظافرها كأخت لياسر وهديل ليش ماصارت مشاعرها اخوية له كيف حبته حب بنت لرجل .. مهما كانت المبررات مااقتنعت بمشاعرها ولاحبها ليش يعني تربيتها من الطفولة مع ياسر وهديل ماكانت وحدة ولا كيف ممكن لو انها تربت عندهم من سن المراهقة بيكون الوضع مختلف بس هي بطفولتها تربت وهي ماتعرف معنى كونها لقيطة عكس لو كانت اكبر هي ايش شافت من ياسر خلاها تحبه كرجل مو كأخ ..

ماعجبتني مشاعرها لانه دليل انها مااعتبرت نفسها كبنت لاصحاب البيت ولا كانت تحمل براءة طفولية الا اذا كانت اصلا هي ماتحمل مشاعر حب مثل ماهي متوقعة يمكن هي تحبه كأخ بس الحواجز الي بينهم هي الي صورت لها هالمشاعر مع اني مااعتبر الحب من هالنوع حب عذري وبريء كون انثى اعطت مشاعرها لرجل اجنبي عنها لو كانت مسمية له من الطفولة بنقول لانها كبرت وهي عارفة انها ممكن بيوم تكون زوجة لهالرجل لذلك تعلقت فيه
بس هي حسستنا انو نظراتها لياسر ماكانت بريئة لذلك حطته براسها وهو اجنبي عنها

في شي معتقدته رنا ضد الين ماادري سببه وهو الي كرهها فيها مولان الين مجهولة النسب مستحيل .. واكيد محتاج لجلسة مواجهة

اتمنى زواج الين وياسر مايتم مولرفض الين لانها لقيطة او مجهولة النسب لا لاننا ملينا من التكرار يعني مابيكون في جديد بقصتهم

نبغي شئ غير متوقع وزوج الين يكون رجل مختلف حتى تزيد ثقة الين بنفسها او نقول اننا نعطي هالفئة حقوق المجتمع هضمها من انها مثل باقي البنات مرغوبة وتنخطب وتتزوج من اي شخص كان

زواج الين وياسر بيكون بارد هو متعاطف وحاسس بالذنب وهي بتظل طول عمرها تحس بزواجه شفقان ماراح ترتاح حتى لو كانت تحبه عكس لما تتزوج واحد ماتعرفه وهو الي سعى لزواجه منها شخصية الين مملة بصراحة ولو تزوجت ياسر مابيكون في تغيير بحياتها هي لانه افكارها مابتتغير ولا ثقتها بتزيد عكس لو طلعت من هالبيت ومن هالعيلة حتى لو بدايتها صعبة واثقة انها بتغير شخصيتها وبتواجه المجتمع بشخصية اقوى

مين ادهم ومين يكون وكيف رجعت هي للميتم اذا من يوم عمرها شهور هي ببيت ابو ياسر .. من وين لها الصديقات الي كانت تزورهم بالميتم في حلقة مفقودة ؟؟

وهل بيلتقي بألين بيوم وايش علاقته بمتعب او شاهين ؟؟ ننتظر مفاجأتك الغير متوقعة لالين بالذات

اسيل وشاهين

اسيل مملة بشكل لايطاق ابد ماتعجبني الشخصيات الانانية الي مثلها الي فيها موحب ولا وفاء الي فيها مرض نفسي وضعف ايمان بالقضاء والقدر وعدم رضا بالمكتوب

ملينا منها ومن افكارها انها انولدت زوجة لمتعبوكأنها تعلم انها ماانولدت لتكون زوجة لشاهين من الاساس ومتعب مجرد صلة وسبب للنصيب الحقيقي

وحدة بعقلها المريض المفروض اهلها يرفضون يزوجها الين تتعافى يخلوها تحضر مجالس تتثقف دينيا .. هي مو مراهقة ماتفهم هي بنت ناضجة وعاقلة .. هي ماتضر نفسها بالعكس تضر الي حولها

شاهين ياليت يكون اعقل منها مايتعامل معاها بأسلوب منفر .. يترك العصبية لانها ماراح تكون علاج عليه بتكثيف العلاج الديني وياليت لو تزوجها يكون زواج حقيقي .. مايسوي مثل باقي هالروايات ياخذه القهر ويكون زواجهم على ورق لانه الزواج الحقيقي هو الي يزرع المودة بين الزوجين ومايصير نحرف في المعنى الحقيقي للزواج الي للاسف كاتباب كثيرات استاهنو بعظمة نوم الزوج غضبان من تمنع زوجته عنه وتهاونها في حقوقه

فواز وجيهان

وهالمريضة النفسية الثانية جد جد كل مشهد انفر منها مملة بتفكيرها مملة بتصرفاتها منفرة لحد كبير .. وحتى فواز مولهدرجة وحدة تطاول عليه وتحتقره يصير خروف عندها تحت كلمة عاشق .. اذا في فترة الملكة الي يكون الخجل من الزوجة كبير وهذي تصرفاتها اجل بعد الزواج كيف بيكون كلامها بصراحة ماحبيت تمسك فواز فيها دامها رافضته ومن اول يوم كان تركها .. انانية الرجل للاسف بعض الاحيان تخليهم يتمسكو بأمور مومقبولة والضحاية في المستقبل هم العيال ..
يعني الطلاق بالملكة اهون من بعدين .. كثير روايات طرحت كره الحرمة لزوجها وهو مصر يكمل معاها تحت مسمى الحب وبعدين بقدرة قادر تصير الزوجة تبادله الحب .. مع انو بواقعنا مستحيل رجل يرضى على نفسه يكمل مع وحدة عايفته بكل ماللكلمة من معنى والي خلقها خلق غيرها كل واحد يروح في نصيبه احسن

سلطان وغزل

وهالثنائي بعد ماادري ايش سالفتهم بس انا شاكة انو غزل فعلا ماهي مثل مااعتقد ابوها شكلها عايفة سلطان يمكن لانها مجبورة لكن خوفها حيرني اذا فعلا هي مفرطة بشرفها للاسف ماراح تخسر دام سلطان الغبي بياخذها بيته وبما انو مابيدخل عليها في البداية مهما صار بعدين هي الربحانة لانو بيكون لها مدة ببيته لو كشفها بعدين اقل شي بيطلقها وماراح تخسر لاهي ولا ابوها لانه سمعتها مابتضرر ولا بتنال عقابها الي تستحقه

بس اذا كان العكس هي اوهمت ابوها بهالشي لغرض براسها والتخلص من سلطان يمكن عيشتهم مع بعض تقلب الموازين ماراح نستبق الاحداث واكيد بجعبتك الجديد والغير متوقع لهالاثنين

بالنسبة لسلمان للان متأكدة انو وراه لغز وكبير جدا مو معقولة بيقتل اخوه وبنفس الوقت بيحب ولد اخوه وبيربيه .. في سر كبير غير متوقع وسلمان مابيكون له يد بقتل اخوه وهو يجاري احمد لانه شاك بشخص يبغي يوصل له

لو كان قاتل ماكان انكشف من البداية .. وليش مصر على انو سلطان يتزوج غزل سنة بالذات ماقال كم شهر .. مع انو احمد وهو اغبياء لاعتقادهم انو ممكن مايصير شي بين سلطان وغزل طول هالمدة مافي رجال طبيعي تكون معاه انثى كاملة وحلاله وتحت سقف واحد وبيقاومها عادي .. بصراحة اكثر شي مشوقني كشف الغموض في الجريمة

عناد

حلو تعامله مع اخته ومراعاته لسنها واتمنى تتناقش معاه اكثر حتى تعرف انها سليمة حتى ماتتعقد مع مرور الوقت يكفي انها ماراح تنسى الي صار لها لكن لو عرفت انها ماتضررت راح تكون نفسيتها وثقتها افضل

باقي عناد ننتظر نصفه الثاني .. مع اني اشوف لوهو يتزوج الين بيكون مناسب لها لانه بيعرف يطلع الي بنفسيتها وغير كذا شخصيته ناضجة مافيها تهور والين تحتاج لرجل يحتويها ويفهم كل الي بداخلها ..

او يمكن تكون ارجوان لانو شخصيتها جدا جميلة وايضا تناسب عناد .. ولو ماسلطان بيدبس نفسه بغزل كان ممكن يكون لارجوان لاني حابة يكون لها ظهور قوي اكيد بيكون ممتع

عارفة طولت بس هذا تعليقي على اكثر من بارت

كَيــدْ 22-07-14 02:22 AM

رد: قيودٌ بلا أغلال عانقت القدر
 
اقتباس:

المشاركة الأصلية كتبت بواسطة ...همس القدر... (المشاركة 3459516)
حبيبتي كدو
امممم انا اصلا ما عندي توتر :)
بس افووت بدون ما اسجل دخووول واتفرج عالتويتات ^^ هههه بس انتي عااودتي عامليته برايفت ><
اول ما اعمل واحد انتي اول من راح حطله فولو ولا يهمك^^ بس الحين مو عباالي التوتير ابدا ^^


بأنتظااااااااااار البارت







اعتذر منك يا الغالية بس أنا ماخليته برايفت إلا لسبب في نفسي
وكنت أتمنى جدًا إني أرجعه عام عشانك بس ما أقدر

يافرحتي لو كنت أول شخص تسويله فولو ^^
فخر لي والله :)




كَيــدْ 22-07-14 03:05 AM

رد: قيودٌ بلا أغلال عانقت القدر
 
اقتباس:

المشاركة الأصلية كتبت بواسطة ...همس القدر... (المشاركة 3459524)
السلام عليكم

شكراااا عزيزتي كدو على هالباارت الجميل جدا ... هههه والصادم لتوقعااته كمان! :55:

نبتدي اولا ب شااهين واسيل :)



مع اني كنت متووقعه هالحكي من اسيل الا اني انصدمت من ثقتها ! رمتها كذا بوجه شااهين وما اهتمت لمشااعره
لاااا وكلو لما قالت له :


هنا لحالها مصيبة !!! حكيها صحيح نابع من شخص متألم بس هي نست او تناست انو اللي بتحاكيه هو شخص ارتبطتت معاه برباط مقدس, حتى لو هي راافضه هالرباط


حااله عشق اسيل مستعصيه ! الخيانه تكون ضد شخص يتنفس !!! ومتعب مين ! متى تفهم!! شكله صاادق شااعين بس حكاله
اسيل تحتاج لهزة مشان تصحى من الوهم اللي هي عايشه فيه.. صحيح وفاءها جميل , بي الحين هي صارت متزوجة ولازم تفهم هالشي

]

هههههه تهديد وااضح وصريح من شااهين بيك , الله يعينك اسيلللو :)

****


سلطان&عناد



هااذ بالفعل اللي بيعمله سلطاان بغزل , حتى لو انكر هالشي هو فعلا بينتقم من احمد عن طريق بنته ! لانه بكل بساطة



سلطان غصب عنه بيتحول لسليمان ثاني ! اتمنى يفوق لنفسه قبل ما ينتهي به الحال مجرد كتلة من الحقد بدون مشاعر !
********
ديما & سيف



اعذرني يا سيد سيف !! ايش كنت تتوقع يعني تستقبلك بالاحضان !!!
اللي سويته _وومع احترامي الشديد_ صعب ومتخلف فاكيد ديما رااح تشعر بالنفور منك !!
*****
ابو يااسر والصدمة الكبرى ^^

هههههههههههه صدمة صدمة بجد
يعني انا ما اتوقعت هالشي بالمرة !!! وحتى قللت في تعليق سابق انه اتوقع زواج ياسر من الين ماراح يتم ليصدمني ابو يااسر بقراره !!
هههههه والله هالابو يااسر بيستاهل بووسة بين عيوونه
الله يعين بس على رد فعل الين وام ياااسر وياسر :)
**************
شااهين مجددا وسر متعب !


ادهم!!!!!
ادهم ماغيره اللي اتحرش بالين وهي بالميتم!!!!
طيب هو ايش دخله بمتعب !!!!!!
طيب شاهين قال
وادهم طبيب؟!
ماظنيت !!!
طيب عكذا ايش علاقته مع متعب واشلون وصل اسمه للملف اللي مع شاهين !
الف علامه استفهام؟؟
*****

ادهم


هالادهم مخيف!!!
قهر بيطلع من عيوونه وقسووة وااضح انه يتسم بها
ما السبب لكل هذا القهر
شخصية ثاانية تطلع النا بالاحداث والغموض يلفها !
هههه كيد ايش دعوة ابطاالك كلهم غاامضين والاسرار بتحاوطهم :biggrin:
هههههه حبيت غموضهم كلهم الا ادهم ! احيه شرررررررررررير :lol:
*****
جيهان وكوابيسها


الله يعينك جيجي , وجه امها محروووق من سواااد اعمالها
متى تقتنع بهالفكرة وتبطل تشوف امها الملاك المنزه !!


جيهان تتغير ! لاازم هههه نسيت اسمه بس زوجها لااازم بتصرف والا رااح تضيع جيهان القديمة من بين ايداهم
*******


غزل


هالموقف ما زادني الا اشمئزاز من غزل
بااين انها من النوع ال "تتييييييييييييت " وتستاااهل ما يجيها
يااا رب سلطان ما يتزوجها :party0033:
***************
ياااسر وابو يااسر :

ه امتدت يده ليريحها على كتفه بابتسامةٍ فرحة لابنه وابنته : ألف مبروك, والله يكتب في زواجكم الخير/QUOTE]
وااااااااااااااافق :peace: هههه عنجد هالبارت بارت الصدمات , ما اتوقعت هالامور تمشي بهالسهولة ^^ بقيت الين وبس :)


هذا الشي اللي مش مستوعبته ام يااسر , انه الين تربيتهم هم , زي ما هي مستحيل تشك ببنتها هديل لاازم كمان ما تشك بالين لانهن تربن مع بعض


اوووخض شف شو قالت الها
حرااام عليها , البنت مو عاارفة شي وهي تتصرف بهالدنااءة , والمفروض تكون بهالموقف كام الها , للاسف هاله نسيت كل شي عن الين بمجرد موقف وسوء فهم صااير !
****
الين:


ياااا للهول!!!
اي صدمة هاذي على قلب الين العاشق !
احلامها تتحقق وكل الي تمنته يصير لتصدمني برررردها !!!

OmG
مش من جدها الين !!! يعني رفست كل احلااامهاا وابعدتها عنها !!!!
حاااسة انو هالموضوع ما رااح يتسكر , ويااسر رااح يصر عالزواج اكثر مو لشي بس مشاان اللي اعترفت بيه له وهو في غرفتها
*****
ديما وسيف


للاسف هالشي صحيح !!! دسما نقطة ضعفها حبها لسيف , وسيف مستغل هالنقطة على اكمل وجه الله يعين !
**********
الين:

هالفكرو هي اللي رااح تودي الين بدااهية !!! شعورها بالنقص تجاه عايلة ابو يااسر صعب
وردة فعل اختها هديل للاسف اكدت لها وجهة نظرها


***********

ادهم :


فاااتنة برييييييئة !!!!!!!!!!
ينتشل ضيقه بعيدا عن الوحدة !!!!!!!
يااااااااا اختي !!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!1
لاااااااااااااااااااا مو معقوووووووووووول ادهم اخو الين ؟؟؟؟؟؟
no way !!!!!!
طيب شلون فكرت الين انه تحرش فيها ! ليكون هو كان بيتصرف باخوية بس هي افكارها صورت لها اشيااء ثاانية !!
هااذ احتماال
اما الاحتمال الثااني فهو انه ادهم له اخت للان ماظهرت !!! بس هي سبب السر ورااء متعب !!!!

هههههههههههه يعني يا ست كيد هالقفلة اشرررس من القفلة اللي قبها
ميين اخت ادهم !!! وشو علاقته مع الين ومتعب

اليوم مجال التساائلات توسعت اكثر
******
اجماالا البااااااااارت رااائع جدا كدو :55:
جدا جدا استمتعت بقراءته
بااااانتظاااار القاااادم بشووووووووق
والف الف الف شكرررررررررررر عالبااارت العذب مثلك^^
تقبلي مروري
سلااااام :peace:




وعليكِ السلام والرحمة :**
العفو يا جميلة ... هههههههه هو هالبارت صدمكم وأنا ما قصدت يكون صادم
شلون بالصدمات اللي جاية واللي من المعيار الثقيل؟

شكلكم تعقدتوا من هالوفاء الغريب اللي عندها ههههههههههه
وإن شاء ما يكون شاهين شخص قاسي أو نذل وشراني!


هههههههههههه وش يدريك يمكن ما يتم هالزواج من أساسه <- بتتكفخ :biggrin:
بس بكرر هالجملة لك : " وتبقى الصدمات الجاية أكبر " ^^


بالنسبة لأدهم
ترا محد انتبه للحين لإسمه اللي ذكر في البارت الثاني او الثالث على ما اعتقد
ذكرته في موضوع متعب قبل لا أذكره في موضوع إلين بس ممكن ما ركزتوا
مممم وايش علاقته بمتعب! هذا اللي بتكتشفوه بعدين ()**

ممممم معقولة يكون هو نفسه صاحب إلين والا تشابه بالأسماء؟

هههههههههههههههههههه وش أسوي طيب هو كذا يبي يكون غامض
الأحداث تضطرني لهالغموض بس وش فيك على شريري أدهم <- بتذبحك اتركيه في حاله حبيب أمه :biggrin:


مو كل الأحلام حلو تحققها
ممكن يكون رفضها له أفضل لها
بس بيدوم هالرفض والا يتغير ؟؟؟


أدهم أخو إلين؟؟؟
طيب معقولة بيتجرأ ويتحرش فيها؟
أوكي ممكن هالإحتمال صحيح وممكن ما يكون صحيح
وممكن مثل ما تقولين يكون له اخت ما انذكرت للحين ..

ننتظر ظهورها ^^


ههههههههههههههه ما قصدت أخليها شريره والله * فيس بريء *


الروعة بعيونك عزيزتي
والشكر لك على حضورك العذب

و إليكِ سلامٌ من قلبي :***




كَيــدْ 22-07-14 03:55 AM

رد: قيودٌ بلا أغلال عانقت القدر
 
اقتباس:

المشاركة الأصلية كتبت بواسطة وردة الزيزفون (المشاركة 3459675)
صباح الورد .. اخيرا قدرت ارجع اكمل باقي البارتات قبل ماتتشعب اكثر وتزيد البارتات ويصعب علي قرأتهم .. امم احداث كثيرة مازالت على ماهي ومازالت الالغاز ماانفك منها شي واكيد الجاي اكثر تحميس ..

سيف وديما

لحد الان افضل ثنائي شدني في الرواية يمكن قصتهم متشابهة لبعض القصص الي قريناها لكن حبيت التناقض الي بسيف والي مصدره طليقته والماضي الي عاشه مع اننا مازلنا ننتظر توضيح اكثر

لكن ديما شخصيتها جدا جميلة حلو عشقها لكن انفجارها بشكل محبب هو الي يشدنا لها ملينا من الزوجة الضعيفة المنعدمة الكرامة وملينا من العنيد بشكل ينفر حلو الواقعية انو الزوجة تغلب زوجها بنقيض توقعاته وبشي مو مبالغ فيه وبنفس الوقت بأقل معاملة رقيقة وصادقة ممكن تأثر على مشاعرها لانو الانثى الحقيقية هي العاطفية الي عجبني في ديما محاولتها تكون قوية بشكل مقبول واكيد في النهاية بتكسر الاغلال وبتتحرر وبتنتصر وبتكسب سيف

الين وياسر

من خلال معرفتي بالسن الي صارت فيه الين ببيت ياسر استنكرت مشاعرها بقوة يعني هي تربت من نعومة اظافرها كأخت لياسر وهديل ليش ماصارت مشاعرها اخوية له كيف حبته حب بنت لرجل .. مهما كانت المبررات مااقتنعت بمشاعرها ولاحبها ليش يعني تربيتها من الطفولة مع ياسر وهديل ماكانت وحدة ولا كيف ممكن لو انها تربت عندهم من سن المراهقة بيكون الوضع مختلف بس هي بطفولتها تربت وهي ماتعرف معنى كونها لقيطة عكس لو كانت اكبر هي ايش شافت من ياسر خلاها تحبه كرجل مو كأخ ..

ماعجبتني مشاعرها لانه دليل انها مااعتبرت نفسها كبنت لاصحاب البيت ولا كانت تحمل براءة طفولية الا اذا كانت اصلا هي ماتحمل مشاعر حب مثل ماهي متوقعة يمكن هي تحبه كأخ بس الحواجز الي بينهم هي الي صورت لها هالمشاعر مع اني مااعتبر الحب من هالنوع حب عذري وبريء كون انثى اعطت مشاعرها لرجل اجنبي عنها لو كانت مسمية له من الطفولة بنقول لانها كبرت وهي عارفة انها ممكن بيوم تكون زوجة لهالرجل لذلك تعلقت فيه
بس هي حسستنا انو نظراتها لياسر ماكانت بريئة لذلك حطته براسها وهو اجنبي عنها

في شي معتقدته رنا ضد الين ماادري سببه وهو الي كرهها فيها مولان الين مجهولة النسب مستحيل .. واكيد محتاج لجلسة مواجهة

اتمنى زواج الين وياسر مايتم مولرفض الين لانها لقيطة او مجهولة النسب لا لاننا ملينا من التكرار يعني مابيكون في جديد بقصتهم

نبغي شئ غير متوقع وزوج الين يكون رجل مختلف حتى تزيد ثقة الين بنفسها او نقول اننا نعطي هالفئة حقوق المجتمع هضمها من انها مثل باقي البنات مرغوبة وتنخطب وتتزوج من اي شخص كان

زواج الين وياسر بيكون بارد هو متعاطف وحاسس بالذنب وهي بتظل طول عمرها تحس بزواجه شفقان ماراح ترتاح حتى لو كانت تحبه عكس لما تتزوج واحد ماتعرفه وهو الي سعى لزواجه منها شخصية الين مملة بصراحة ولو تزوجت ياسر مابيكون في تغيير بحياتها هي لانه افكارها مابتتغير ولا ثقتها بتزيد عكس لو طلعت من هالبيت ومن هالعيلة حتى لو بدايتها صعبة واثقة انها بتغير شخصيتها وبتواجه المجتمع بشخصية اقوى

مين ادهم ومين يكون وكيف رجعت هي للميتم اذا من يوم عمرها شهور هي ببيت ابو ياسر .. من وين لها الصديقات الي كانت تزورهم بالميتم في حلقة مفقودة ؟؟

وهل بيلتقي بألين بيوم وايش علاقته بمتعب او شاهين ؟؟ ننتظر مفاجأتك الغير متوقعة لالين بالذات

اسيل وشاهين

اسيل مملة بشكل لايطاق ابد ماتعجبني الشخصيات الانانية الي مثلها الي فيها موحب ولا وفاء الي فيها مرض نفسي وضعف ايمان بالقضاء والقدر وعدم رضا بالمكتوب

ملينا منها ومن افكارها انها انولدت زوجة لمتعبوكأنها تعلم انها ماانولدت لتكون زوجة لشاهين من الاساس ومتعب مجرد صلة وسبب للنصيب الحقيقي

وحدة بعقلها المريض المفروض اهلها يرفضون يزوجها الين تتعافى يخلوها تحضر مجالس تتثقف دينيا .. هي مو مراهقة ماتفهم هي بنت ناضجة وعاقلة .. هي ماتضر نفسها بالعكس تضر الي حولها

شاهين ياليت يكون اعقل منها مايتعامل معاها بأسلوب منفر .. يترك العصبية لانها ماراح تكون علاج عليه بتكثيف العلاج الديني وياليت لو تزوجها يكون زواج حقيقي .. مايسوي مثل باقي هالروايات ياخذه القهر ويكون زواجهم على ورق لانه الزواج الحقيقي هو الي يزرع المودة بين الزوجين ومايصير نحرف في المعنى الحقيقي للزواج الي للاسف كاتباب كثيرات استاهنو بعظمة نوم الزوج غضبان من تمنع زوجته عنه وتهاونها في حقوقه

فواز وجيهان

وهالمريضة النفسية الثانية جد جد كل مشهد انفر منها مملة بتفكيرها مملة بتصرفاتها منفرة لحد كبير .. وحتى فواز مولهدرجة وحدة تطاول عليه وتحتقره يصير خروف عندها تحت كلمة عاشق .. اذا في فترة الملكة الي يكون الخجل من الزوجة كبير وهذي تصرفاتها اجل بعد الزواج كيف بيكون كلامها بصراحة ماحبيت تمسك فواز فيها دامها رافضته ومن اول يوم كان تركها .. انانية الرجل للاسف بعض الاحيان تخليهم يتمسكو بأمور مومقبولة والضحاية في المستقبل هم العيال ..
يعني الطلاق بالملكة اهون من بعدين .. كثير روايات طرحت كره الحرمة لزوجها وهو مصر يكمل معاها تحت مسمى الحب وبعدين بقدرة قادر تصير الزوجة تبادله الحب .. مع انو بواقعنا مستحيل رجل يرضى على نفسه يكمل مع وحدة عايفته بكل ماللكلمة من معنى والي خلقها خلق غيرها كل واحد يروح في نصيبه احسن

سلطان وغزل

وهالثنائي بعد ماادري ايش سالفتهم بس انا شاكة انو غزل فعلا ماهي مثل مااعتقد ابوها شكلها عايفة سلطان يمكن لانها مجبورة لكن خوفها حيرني اذا فعلا هي مفرطة بشرفها للاسف ماراح تخسر دام سلطان الغبي بياخذها بيته وبما انو مابيدخل عليها في البداية مهما صار بعدين هي الربحانة لانو بيكون لها مدة ببيته لو كشفها بعدين اقل شي بيطلقها وماراح تخسر لاهي ولا ابوها لانه سمعتها مابتضرر ولا بتنال عقابها الي تستحقه

بس اذا كان العكس هي اوهمت ابوها بهالشي لغرض براسها والتخلص من سلطان يمكن عيشتهم مع بعض تقلب الموازين ماراح نستبق الاحداث واكيد بجعبتك الجديد والغير متوقع لهالاثنين

بالنسبة لسلمان للان متأكدة انو وراه لغز وكبير جدا مو معقولة بيقتل اخوه وبنفس الوقت بيحب ولد اخوه وبيربيه .. في سر كبير غير متوقع وسلمان مابيكون له يد بقتل اخوه وهو يجاري احمد لانه شاك بشخص يبغي يوصل له

لو كان قاتل ماكان انكشف من البداية .. وليش مصر على انو سلطان يتزوج غزل سنة بالذات ماقال كم شهر .. مع انو احمد وهو اغبياء لاعتقادهم انو ممكن مايصير شي بين سلطان وغزل طول هالمدة مافي رجال طبيعي تكون معاه انثى كاملة وحلاله وتحت سقف واحد وبيقاومها عادي .. بصراحة اكثر شي مشوقني كشف الغموض في الجريمة

عناد

حلو تعامله مع اخته ومراعاته لسنها واتمنى تتناقش معاه اكثر حتى تعرف انها سليمة حتى ماتتعقد مع مرور الوقت يكفي انها ماراح تنسى الي صار لها لكن لو عرفت انها ماتضررت راح تكون نفسيتها وثقتها افضل

باقي عناد ننتظر نصفه الثاني .. مع اني اشوف لوهو يتزوج الين بيكون مناسب لها لانه بيعرف يطلع الي بنفسيتها وغير كذا شخصيته ناضجة مافيها تهور والين تحتاج لرجل يحتويها ويفهم كل الي بداخلها ..

او يمكن تكون ارجوان لانو شخصيتها جدا جميلة وايضا تناسب عناد .. ولو ماسلطان بيدبس نفسه بغزل كان ممكن يكون لارجوان لاني حابة يكون لها ظهور قوي اكيد بيكون ممتع

عارفة طولت بس هذا تعليقي على اكثر من بارت









صباح النرجس يا الغالية
وهلا والله برجعتك اللي أسعدت قلبي واللي أبدًا ما توقعتها

عارفة إن الغموض لازال يلف الجميع بس إن شاء الله يزول تدريجيًا في القادم القريب



الحمدلله إن قصة سيف وديما كانت مُختلفة عن الكثير رغم تشابهها في المحور نفسه


ولازلنا في موضوع إلين وحبها لياسر اللي المفروض يكون مثل أخوها ^^
بتْوسع أكثر في وصف طريقة حبها له والدواعي لهذا الحب مع إنها عايشه معه من فتحت عيونها عالدنيا في البارتز القادمة عشان تتوضح الصورة أكثر
وسالفة الميتم والصديقات والتحرش أكيد بتكلم عنه بالتدريج وفي الوقت المناسب
بس توضيح بسيط / هي صار لها آخر موقف مع أدهم وعمرها 15 سنة
وعودتها للميتم كانت قبل كذا بسنين
وهذا يخليها تعرف بنات وتكوّن صداقات وإن كانت بسيطة
والتوضيح الأكبر قادم ...
وأوعدكم إن إلين تحديدًا يكون لها مفاجئات مختلفة سواءً مع ياسر أو أدهم ..


شاهين وديما ... هي صحيح ترفع الضغط حبتين ووفاءها ذا صار مرض نفسي بس يازينها والله <- خير! .... شخصية من شخصيات روايتي أكيد بدافع ههههههههههههه

إن شاء الله يكون شاهين كويس مو شراني
حتى قصتهم أوعدكم يكون فيها إختلاف


بعض الأفكار لو كانت في البداية لكم تشابه الغير بس تأكدوا إنها مختلفة وكثيير مع مرور الأحداث
معالجة كل كاتب للمشاكل في روايته تختلف من كاتب لكاتب
وإن شاء الله تشوفون في روايتي شيء ماهو مكرر ...


هههههههههههههههههههه مع كل شخصيتين تذكرين لي شيء مكرر بالروايات
بس بكرر : " أوعدكم يكون فيه إختلاف في الأفكار " حتى مع فواز وجيهان
واللي شفتوه بينهم ما كان إلا البداية...


بالعكس خوف غزل له مبرر
يعني البنت لو كانت باعت شرفها في النهاية هي ما تتمنى تتزوج عشان ما تنكشف
لأنها تعرف إن أمرها لو انكشف " انتهـــــى "


سلمان ما انكشف من البداية
انكشف بعد 15 سنــة على الجريمة فمعقولة يكون بريء حتى بعد حرقه لبيت سلطان وقتله للي استخدمه في هذا الحريق؟


ويبقون عناد وأرجوان محيرين الكل بنصفهم الثاني وأقول الصدمات جاية هههههههههههه



بالعكس كل ما طال التعليق بنظري كل ما أسعدني
ويا سعادتي بتعليقك الجميل فديتك ...





كَيــدْ 23-07-14 05:40 AM

رد: قيودٌ بلا أغلال عانقت القدر
 







صباح الورد والسرور


كل عام وانتو بخير وعيدكم مُبارك
للأسف رمضان خلص بسرعة هالسنة ، والا بس أنا اللي حاسة بهالشيء؟


البارت القادم بيكون ثاني أيام العيد إن كتب الله ذلك
أو نقول .... والا خلوها مفاجئة بيومها تصير أجمل :$*
وربي يوفقني لكل خير





.

.


* إذكروني بدعوة

ودمتم بخيــر / كَيــدْ !



كَيــدْ 29-07-14 09:44 AM

رد: قيودٌ بلا أغلال عانقت القدر
 


سلامٌ ورحمةٌ من الله عليكم :)

صباح الطاعة والطمأنينة بالعبادات
مساء الإستغفار وتجديد التوبة
فــ / أستغفرك ربي وأتوب إليك عدد نعمك علي



كل عام وانتم بألف خير وسلامة
كل عام وانتم بسعادة لا تنضب
كل عام وانتم إلى الله أقرب
كل عام وجمال روحكم وخُلقكم يسبق جمال خَلقكم
عساكم من عوادة


وصل البارت يا الغوالي أو نقـول البارتين
وهذي هي مُفاجئتي وعيديتي لكم
ماني أقل من غيري عشان ما أهديكم عيديه
وانتو تستاهلون أكثر من كذا وأمنياتي تعجبكم عيديتي لكم




+ هالبارتين إهداء خاص لجميلة ماتحرمني تواجدها مع كل بارت من بداية الرواية
ماودي أكون ظالمة مع البقية بس أوعدكم بيكون فيه إهداء بكل بارت وتأكدوا إن كل وحدة ساندتني بتشوف إهداء خاص لها ..

هالبارتين إهـــــداء للجميلة ( ثرثرة هادئة )


,

بسم الله نبدأ

قيودٌ بلا أغلال عانقت القدر
للكاتبة : كَيــدْ !


لا تشغلكم عن العبادات





(9)




الساعة الخامسة - عصرًا

قدماها تتحركان بخطواتٍ واسعة, تنظف البيت كما البارحة, لكن هذه المرة كانت تنظفه كاملًا وليس الجناح وحسب، لم تعد تجد ما يُشغلها عن أفكارها العقيمة، وهي بكل بساطةٍ استسلمت لمشاعرها في الصباح فباتت تغرقه بكلمات حبها التي لطالما كانت ترفعه عاليًا ليُصبح فوقها هي.
لتستسلم! لم تعد تريد الكفاح لتجد كرامتها، هو زوجها في النهاية، وهي من أخطأ حين تزوجت برجلٍ تزوج سابقًا ليفشل زواجه ويظن بزواجه الآخر سوءًا. إن لم تحصل على رضا نفسها فستشتري رضا الله، ليست مستعدة لأن تبيت الملائكة تلعنها لأنها تغضب زوجها ولا تؤدي حقوقه على أكمل وجه.
لكن ماذا عنها هي! ألا حقوق لها أيضًا ليعمل بها ويرضي الله؟
بعد لحظاتٍ كانت الخادمة قد جاءت إليها تريد أن تأخذ الأعمال عنها كما كانت تحاول منذ ساعاتٍ وهي لا تقبل، فلا عمل يشغلها سوى التنظيف، والجلوس مع امه يدفعها للإرتباك لكثرة تساؤلاتها عن علاقتهما.

وفي جهةٍ أخرى، كان هو لتوه يدخل ليتجهم وجهها، تعلم أين كان، ككل يومٍ في هذه الساعة يكون هناك ... معه!
ابتلعت ريقها وهي تُبعد عينيها عن مرمى عينيه، ليهتف بعد أن اقترب منها بملامح معقودة : ليه تشتغلين؟ والخدامة وين؟
ردت دون أن تنظر إليه : حاولت تاخذ الشغل عني بس أنا رفضت، ما عندي شيء أتسلى فيه غير الشغل
ازداد تجهم وجهه ثم هتف : أجل جهزي نفسك بعد المغرب عشان نطلع
نظرت إليه دون تعبير لتومئ برأسها, ما الذي يريده تحديدًا من الخروج معها؟
ابتسمت دون تعبير، أيعتقد أنه ببضع سهراتٍ خارجًا سيرغمها على التعمق في حبه أكثر وأكثر؟ وعدم التذمر معه؟ ... بالتأكيد هو لا يحاول إرضاءها أو إسعادها، فهذا آخر ما قد يفكر به سيف.
ابتعد بخطواته عنها ليتجه للصالة التي تجلس فيها امه دائمًا، وفور رؤيته لها اقترب ليقبل رأسها ويدها ثم جلس بجانبها لتقدم له فنجان القهوة ويأخذه هو من يدها : تسلمين يا الغالية
امه : الله يسلمك
ثم دون كلمة أخرى صمتت، لتعود للغرق في أفكارها التي كانت تداهمها منذ ساعات وهي ترى ديما تعمل وتضغط على نفسها بينما لمحات الحزن لم تخفى على عينيها، منذ مدة تلاحظ وتلاحظ لكنها تصمت، لا تريد التدخل بينهم، ولا تريد إشعال الفتيل بينها وبين ابنها كما بينه وبين زوجته، لكن “ الشيء إن زاد عن حده إنقلب لضده “ وسيف لا يدرك ذلك أو بالأحرى يدركه ويتجاهله، يومًا ما سيتجرع مرارة تلك الجملة وسيعاني ضد ما يعيشه. هو يقسو عليها، وهي بالتأكيد سترد بما قد يكسره بعد أن يطفح بها الكيل.
لاحظ هو والدته وصمتها، لا يعلم ما الذي تفكر به لكنه توجس، وحين حدثها لم تجب دلالةً على عدم تواجد عقلها معه. وضع فنجان القهوة ثم أراح كفه على كتفها، ليهمس : يا الغلا
رمشت بعينيها ثم أدرات رأسها إليه : نعم
سيف بحيرة : وين وصلتي؟
استنشقت الأكسجين ثم زفرت ذرات ثاني أكسيد الكربون، لتهتف بحزمٍ وقد اتخذت قرارها أخيرًا، لن تصمت أكثر، يكفي ظلمًا في هذا البيت : ليه مرتك للحين ما حملت؟
جفل، وعينيه تشتتا عن عيني أمه، لمَ تفتح هذا الموضوع الآن؟ ليس وقته أبدًا، ليس بعد أن بدأ في السيطرة بينما فقدها قبلًا بعد جملته المجنونة تلك، والآن عادت المياه لمجاريها تقريبًا ... لكن الواضح، أن امه تريد بناء سدٍ جديد يحبس الماء ويركده.
أردفت بعد سكوته الذي طال : ليه ما تحكي؟ تكلم ... والا فالح بس تضوق على المسكينة
رغمًا عنه اشتعلت عيناه بالغضب، هو سمع امه من قبل تحدثها عن هذا الموضوع، وبالتأكيد هي من فتحته لها واشتكت برغبتها في الإنجاب.
ثبت عينيه في عيني أمه ليهتف بثقة : ماودي
امه بغضب : هو بكيفك؟؟ والمسكينة؟
سيف بثقة : ما تبي، تناقشنا أنا وهي من قبل ووافقت
لم تقتنع، وكيف تقتنع وهي حدثتها مرةً لترى الحزن والأنكسار في عينيها؟ كيف تقتنع وهي بنفسها استشفت الألم في عينيها والرغبة الكبيرة بالأطفال؟
هتفت بغضب : أجل روح نادها لي وخلني أسألها بنفسي ... والا أقول، انا بناديها أخاف تقولها شيء أو تهددها لو اعترضت
رفع حاجبيه، هل أصبح الآن رجلًا مستبدًا مُبتزًا؟
ارتفع صوت امه مناديةً لها، وفي لحظاتٍ كانت قد قدمت لتقف أمامهم متعجبة من نظراتهم والجو المشحون الواضح من حولهم، فتساءلت بحذر : سمي خالتي
أم سيف : اجلسي يا بنتي بغيتك بكلمة راس
جلست بتوجس في مقعدٍ منفرد، ربما بحركتها هذه أرادت شيئًا يحتوي جسدها الصغير، ولم تجد سوي أريكةٍ مُفردة ليحتضن هيكلها الغضّ. بينما كان هو ينظر إليها بنظراتٍ أدركت انها مُحذرة فاقترب حاجباها بقلق، وقبل أن تسأل باشرت أم سيف بالسؤال : توني أنا وزوجك متكلمين في موضوع من زمان ودي أفتحه معكم اثنينتكم، وحصلت الوقت اللي افتحه فيه
ازداد توجسها وبدا على وجهها الإهتمام، لتعيد النظر إلى سيف الذي كان قد أخرج هاتفه “ الآيفون “ ليبدأ بالضغط على شاشته بحركاتٍ مُشتته أيقنت منها غضبه، وكيف لا تعرف علامات غضبه وهي التي عاشت معه أكثر من ثلاث سنين؟
عادت للنظر إلى أم سيف لتهتف بقلق : وش هو الموضوع خالتي؟ أسمعك
أم سيف باندفاع : موضوع العيال
ارتخى وجه سيف ليرفع نظراته إليها، بينما تشنج وجهها ودون إرادةٍ نظرت إليه في حركةٍ مُرتبكة، وهنا بدأت ام سيف بالنظر في كليهما تنتظر رؤية نظرات سيف المهددة، لكنها لم ترى سوى الهدوء والثقة. بينما هي، كانت الوحيدة التي تفهم هدوءه المحذر، يُخبرها بحركته هذه أن تُطبّق أوامره الصامتة بحذافيرها، فازدردت ريقها مرارًا وتكرارًا تدفع نفسها للإجابة، سترضيه، لن تعصيه، ستفعل ما سيُكسبها رضى الله قبلًا، ليست مُستعدةً الآن لغضبٍ ومشاكل، فلتعش مهدورة الكرامة لكن بصمتٍ ودون صراخ. هكذا كانت تحدث نفسها وتقنعها.
أخيرًا تحدثت بثقةٍ مهزوزة وشفتين مرتعشتين، بشخصية سلبية أرضته : وش فيه هالموضوع خالتي؟ * ابتسمت باهتزازٍ لتردف * أنا راضية حاليًا وما ودي بعيال
قطبت أمه حاجبيها دون رضى، كيف تكون راضية بينما عينيها تحكيان عكس ذلك، استدارت لسيف الذي ابتسم مُقدمًا لجسده قليلًا للأمام واضعًا مرفقيه على ركبتيه يمسك هاتفه بين كفيه اللذين تدليا في الهواء : قلت لك يا الغالية بس رفضتي تصدقين ... لهالدرجة طايح من عينك حتى تشوفيني بهالإستغلال؟ أكيد هي لها كل الحق بالعيال، بس احنا متفقين من قبل
تناقضاتٌ وتناقضات، أرادت الصراخ في وجهه غاضبةً عاتبة، لمَ يقول هذا الكلام الآن وهو يفكر بضده؟ ما كل هذا الإستغلال يا سيف؟ ما ذنبي لتقارن حياتك مع زوجتك السابقة بحياتك معي؟؟
وجهت إليه والدته نظراتٍ غاضبة، لتهتف بغضب : ثلاث سنين تكفيكم والحين لازم تجيبون عيال ... يعني منت راضي تسعدني بالضنا؟
سيف بابتسامةٍ لم يقصد بها جرح ديما، بل لم ينتبه أبدًا لملامحها التي تشنجت بانكسار : افا يا الغالية ... ووين راح زياد؟
امه بقهر : ولدك احنا محرومين منه بسبب امه، ما نشوفه إلا نادرًا وأنا ودي بأطفال أشوفهم قدام عيوني قبل أموت
سيف بعينين ضيقتين : عسى عمرك مديد يمه ... بفكر بالموضوع إن شاء الله ... والحين اسمحيلي بروح أرتاح شوي
وقف ليصعد دون النظر إليها، وهي كانت مطرقةً لرأسها بألم، هو جرب شعور الأبوة، بينما هي لا، لذا لن يشعر أبدًا بما يختلج داخلها، لن يشعر بكمية الحزن الذي ينهش روحها، ولن يشعر بتاتًا ببكاءِ رحمها يرتجي جسدًا يحتضنه.
رفعت رأسها حين تحدثت أم سيف مناديةً باسمها وعلى وجهها إمارات الشدة.





,



أكان العتاب يومًا مؤذيًا لقلب المُعاتِب قبل المُعاتَب؟ أكان الصدود بحقٍ معصية في يومٍ من الأيام؟ هي تصُد وتصُد، وينزف قلبها من ألم الصد، وهو يُصَد ويُصَد، ولازال يضحك بوجعٍ بينما تبكي هي بوجع! تراه الآن يضحك مع أختيها بينما الألم يشق طريقه في عينيه النديتين. تراه يحاول التحدث معها وإسعاد الإثنتين الباقيتين ممن يحملون اسم عائلتها في هذا الصرح، تراه رغم أحزانه الظاهرة يكافح ويكافح.
علمت الآن متى يكون الصد معصيةً حتى وإن كان لصدها سببًا معقولًا، هو معصيةٌ لكون المُصَد عنه هو والدها، هو معصيةٌ يعاقب قلب المرء عليه لكونه يعصي ربه في إيلام المصَد، بينما هي تتألم أكثر وأكثر جاهلةً بأن ألمها لا يساوي شيئًا عند الأخر الذي يكون والدها، الصابر على كل المصائب التي حدثت بسببه - في وجهة نظرها - ولا لسبب آخر.
إن كان حقًا يريد القرب من بناته فلمَ قتلها؟ لمَ حبسها؟ لمَ أذاقها الجفاف والجفاف؟ زمت شفتيها تريد أن تسأله، حقًا تريد أن تعلم، لمَ قام بما قام؟ لمَ فعل ما فعل؟
ودون أن تشعر بنفسها، كانت تهمس بصوتٍ وصل إليه وهي جالسةٌ على إحدى الأرائك رافعةً ركبتيها وذقنها مستندٌ عليهما، بينما كان والدها في جهةٍ مقابلة يجلس مع طفلتيه يتمنى انضمام الثالثة : يبه
ليستدير بلهفةٍ لم تخفى عليها هامسًا : عيون أبوها
ابتلعت غصةً في حلقها لتُنزل ركبتيها وتميل بشفتيها بينما احمرت وجنتيها البيضاويين دلالةً على قدوم البكاء : أبي أفهم بس ... ليه صار اللي صار؟
قطب حاجبيه ليقترب منها، نبرتها كسرته لشظايا فأكملت كسر الشظايا نفسها لتحيلها لذراتٍ لا تُرى ولن يساعد لا المجهر ولا شيءٍ إلكتروني آخر على رؤيتها. وفور وصوله إليها كان قد جلس بجانبها ليغطس بجسدها في أحضانه العذبة : صار وانتهى ... هذا قضاء وقدر
كم تمنت حضنه طويلًا لذا لم تتجرأ على الإبتعاد وبقيت، لتهمس بعتاب : ما كان بيصير لولا سواتك
يوسف وجملتها أوجعته : بيصير وإن كانت بعيوني دام ربي كتبه لها
ارتفع نحيبها تدريجيًا حتى بكت معها ليان التي لم تكن تعلم ما الذي يجري تحديدًا، لكنها اعتادت على أمرٍ واحد “ إن بكت إحدى أختيها تشاركها البكاء كما تشاركهما كل شيء “ .. أخذتها أرجوان في أحضانها تهدئ موجة بكاء هذه الطفلة، وجيهان كانت قد هتفت بالسؤال الذي أرادت السؤال به مطولًا : طيب ليه عاملتها بهذيك الطريقة؟ ... فهمني بس وريح عقلي
وهنا جفل كلٌ من يوسف وأرجوان، ليصمت دون إجابةٍ ترضيها، وبصمته الطويل أشعل فتيل قهرها لتبتعد بشدةٍ ذاهبة إلى غرفتها، صمته يقنعها أن لا سبب مقنع يسمح له بما فعل، ربما فقط ملّ منها، ربما فقط أراد ابعادها عن بناتها وحسب، وربما وربما ... توقعاتٌ كثيرة اقتحمت عقلها ولم تجد ما يقنعه فعليًا، لذا أكملت نحيب الجاهلة المُعذَبة والمُعذِبة لوالدها الذي بات يستمع لنحيبها خارجًا، يهمس بجزع : لا حول ولا قوة إلا بالله ... لا حول ولا قوة إلا بالله



,



: وش قصتك إنتِ؟ وش قصتك ... ما قلت لك لا تقربين؟ ما قلت لك لا تشوفك عيوني؟ أشوفك نار قدامي ... أشوفك جهنم وأنفاسك مثل السَموم!!
كان هذا الصراخ يتكرر مرارًا وتكرارًا في عقلها، ترفض ذكراه الإرتحال بعيدًا، وهي تتأرجح في أحضان والدها تتمتم ببعض الأدعية وعيناها شاردتان تمامًا.
وصاحب الصوت الصارخ يرمي بكل ما يراه أمامه عليها، وهي واقفةٌ تبكي بألمٍ من البعد قبل الضرب.
استفاقت على صوت والدها الذي كان يمسح خصلات شعرها البندقية : حبيبة أبوها وين راحت؟
لتبتسم وهي تقف مبتعدة عن حضنه ثم تعود للإقتراب لتقبل وجنتيه ثم جبينه : معك يا الغالي معك .. وأنا أقدر أسافر بعيد عنك؟
أمسك بذقنها المميز والمقسوم ليهتف بحنان : جعلني ما انحرم منك بس ... الا وين فارس؟
جنان بابتسامة : طلع مع صديقه فواز وبيرجع بعد المغرب مثل ما قال
وبعد أن نطقت بجملتها تلك كان بقية إخوتها يدخلون مع بعضهم. توأمان في الحادية عشر من العمر ( رامي وسامي ) والثالثُ ذو الخمس سنين يدخل وهو يجر معه شكلًا مأساويًا والرمل يغطيه
جنان بغضب : وائل وش ذا؟
تراجع الطفل وائل ليختبئ خلف أحد التوأمين وهو الذي يخاف أخته حين تصرخ عليه، بينما ضحك الذي يختبئ خلفه ليهتف : تسوي سواتك وتتخبى وراي ... * ثم استدار ينظر لجنان بشيطانية ليردف * كان يلعب مع جيراننا في الرمل .. ويوم قرب من الطين سحبته أنا ورامي
قطبت جبينها لتزفر أنفاسها بغضبٍ ثم اتجهت إليه ليتشبث بظهر سامي دلالة الخوف، وما إن وصلت إليه حتى جلست القرفصاء أمامه ليبتعد سامي تاركًا لأخيه مع اخته ينظر إليه بتسلية
جنان بعبوسٍ وشفتيها مضمومتان بجزع : الله يهديك بس ... توني من ساعتين مبدلة لك ملابسك
ثم بدأت في نفض ملابسه تتابع بعتاب : ليه ما تلعب بنظافة وأدب؟ كذا تعلمت يا وائل؟ والحين أنا مضطرة أخليك تغتسل من جديد
بينما كان والدها ينظر إليها بابتسامةٍ لنبرة الحنان في صوتها، لتكمل : وعقابًا لك بغسلك أنا عشان أتأكد من نظافتك
عبس بشدةٍ لتتابع وهي ترسم الجدية في وجهها وقد اتجهت انظارها للتوأم : شرايكم؟
ضحكا بشقاوة ثم حركا رأسيهما بالموافقة، وحينها فقط امتلأت عينا الطفل بالدموع ليتجه نحو والده شاكيًا : بابا بابا
ضحك والده بشدة، ليبدأ الطفل بالبكاء هاتفًا بتعثر : تبي تغسلني ... بابا شوفها
ضحكت جنان ولم تستطع كبح ضحكاتها، هكذا هو أخوها يكره أن يراه شخصٌ ما عاريًا، ودائمًا ما يبكي إن قررت أن تُحممه هي، بينما يترك باب الحمام مفتوحًا حين يغتسل أخذًا للحيطة، وتكون هي قريبةً منه خوفًا عليه.
أخيرًا هتفت بعد موجة ضحكاتها التي راودتها : توسخ نفسك مرة ثانية؟؟؟
نظر إليها عابسًا ليهز رأسها بالنفي، حينها ابتسمت لتقترب منه ثم جلست أمامه : أوكي روح انت اسبقني للحمام وأنا شوي وجايتك بالملابس ... واترك الباب مفتوح هاه
اتسعت إبتسامتهُ البريئة ليركض متجهًا للحمام بينما هتف سامي : ليه ما طولتي شوي ... بغيته يبكي!
رفعت إحدى حاجبها لتقترب منه ببطء، وقد كان رامي بجانبه، فشدت أذنيهما لتهتف بتساؤلٍ غاضب : وليه ما تبعدونه عن الرمل؟ جالسين بس للدشرة وأخوكم بالطقاق!
لتردف بجديةٍ وهذه المرة غضبت فعلًا : فرضًا صار له شيء لا سمح الله وانتو ما كنتوا منتبهين له
رامي بألم : ااااي أذني
شدت أذنه اكثر : وأقصها لك
بينما كان والدها صامتًا يعطيها كامل الحرية في التعامل مع اخوتها، فهو يثق بها وبتعاملها المحبب إليه
رامي : جنان والله مو لذي الدرجة متغافلين عنه ... كنا منتبهين له بس تاركينه يلعب
تركتهما لترفع إصبعها بتحذير : مرة ثانية يا ويلكم لو تغفلون عنه حتى في اللعب أوكي!
هزا رأسيها بطاعةٍ لتستدير باتجاه والدها تستأذنه الذهاب لأخيها، ليومئ لها ثم ينظر للتوأمين بحدةٍ ما إن ذهبت، حينها ابتلع احدهما ريقه بينما فرك الآخر يديه، وفي لحظةٍ كانا قد اقتربا منه ليُشبعا كفيه قُبلًا، ليهتف سامي : سامحنا يبه والله ماقصدنا ننشغل عنه ... صح إننا ما انتبهنا له وللعبه بس مو معناه نتركه نهائيًا
زفر والدهما أنفاسه ليهتف بحزم : صحيح إن المسألة عادية بس كونكم ما تنتبهون له ذي مصيبة ... فرضًا صار له شيء وهو طفل ما يعرف يتصرف
أطرقا برأسيهما خجلًا، فهما الكبيران كما يقول دائمًا ويجب عليهما الإنتباه لأخيهما
أردف ابو فارس : ماعليه ... حصل خير هالمرة .. وياويلكم لو تتركوه مرة ثانية
رسما ابتسامةً وهما يومئان برأسيهما، ثم استئذنا للذهاب ليتركا والدهما جالسًا وحيدًا، فأعاد رأسه للخلف قليلًا ليغمض عينيه المتجهتان للأعلى.
وبعد لحظاتٍ كانت الساعة تدق السادسة بتوقيت بروكسيل، ليلف رأسه باتجاه الطاولة المُجهزة من قِبل ابنته وبها علبة تحمل الكثير من الأقراص المتنوعة وكوب الماء، فمد يده ببطءٍ وما إن لامس بقليلٍ من العنفِ علبةَ الدواءِ المؤلفة من أجزاء يحمل كل جزءٍ منها نوعًا من الأقراص حتى تحركت وتأرجحت قليلًا لمكانٍ لا تصلها يده بسهولة نظرًا لشكلها الأسطواني، فتنهد ليُنادي باسم ابنته، لكنها كانت وقتها مُنشغلةٌ بأخيها ولم تسمعه، ليتحرك قليلًا يميل بجسده جانبًا باتجاه الطاولة وهو جالسٌ على كرسيه المُتحرك، ثم مد يده بشدة يريد الوصول لدوائه، حينها فقط دخل فارس ليراه بتلك الحالة، ليتحرك بسرعةٍ باتجاهه هاتفًا : يبه وش تسوي؟
اعتدل والده والشدّ على ظهره يؤلمه : بغيت علبة الدواء
فارس بعتاب : وليه ما قلت لجنان؟ كذا ترهق نفسك!
ثم تناول العلبة ليُخرج منها حبةً ويعطيه، فابتلعها والده ليُلحقها برشفةٍ من الماء، وهكذا عمل مع بقية الأقراص.



,



التاسعةُ مساءًا - الرياض

سيارته تقف أمام باب منزل من ستكون اليوم في بيته، غيرُ راضٍ بتاتًا عن كل ما يحصل، وشيءٌ ما بداخله يريد منه المتابعة، وهذا ما اختاره، سيتابع ما بدأ، سواءٌ كان خطأً أم صحيحًا، وليتحمل والدها كل ما سيحدث لاحقًا، لكنه البارحة بعد حديث عناد معه، بات يحاور نفسه مرارًا ومرارًا، يوعد نفسه بأنه لن يقوم بالإنتقام من والدها عبرها
ما ذنبها هي؟ وإن كانت ابنته ماذنبها بما اعتمله والدها؟ كرر هذا الحديث برأسه واقتنع بأنه لن يصل لمحاولةِ الإنتقام بها. وهاهو الآن يقف ينتظر قدومها، وما هي الا لحظات حتى رأى ظلًا أسود يخرج وخلفها السائق الخاص بهذه العائلة المُتباهية، يحمل لها حقيبةً متوسطة وأخرى كبيرة تزحف خلفه، بينما هي تمشي بشموخ أمامه رافعةً لوجهها الذي كان مكشوفًا!
ولم يعجبه ذلك، إذ قطب جبينه ورغمًا عنه شعر بالرغبة في الصراخ بوجهها آمرًا لها بتغطية وجهها، لكنه أمسك زمام نفسه. أيعقل أنها كانت تكشف وجهها منذ أن عقد قرآنه عليها ولم ينتبه! ... هه، وماذا يتوقع من ابنة شخصٍ قاتل؟؟؟
ترجل من سيارته ليساعد السائق في وضع الحقائب في الخلف، بينما هي بكل ثقةٍ اتجهت لتجلس في الأمام، لتستفزه بثقتها تلك، وهو الذي كان منذ لحظاتٍ يفكر خائفًا من فكرة أن يحاول الإنتقام عبرها، يبدو أنها فولاذية أم أن ذلك تظاهرٌ ليس إلا؟
عاد ليجلس مكانه بينما ذهب السائق، لم يخرج أحدٌ ليودعها، لم يحاول أحدٌ النظر إليها حتى!. والتي تسمى امها كانت هي من دخلت تأمرها بفضاضةٍ ان تخرج ثم اختفت في غضون ثواني ما إن رأتها تقف لترتدي عباءتها، وذاك والدها لم يخرج من غرفته حتى، لا ثمن لها عندهم، لا معنى أبدًا لوجودها أو لزواجها، المهم فقط أن تتزوج، والمهم أن يكون سلطان هو زوجها.
ابتلعت غصةً كانت في حلقها، وشفتيها اهتزتا بعبرة، وهي تدير وجهها للجهة المعاكسة لجهته، لن تكون ضعيفةً أمامه ولن تسقط دموعها يومًا أمامه، ستحتمل هذه السنة وبعدها سترحل، ورغمًا عنها تمنت أن تعود للمنزل خاويًا دون ابِ وامْ، فإن كان لا معنى لتلك الكلمتين فماذا تريد من تواجدهما دون أن يطبقا ما وجدت هي معهم لأجله؟
كان صوت سلطان الآمر قد وصل إليها ليُوقظها من كومة أفكارها العقيمة : غطي وجهك
وكأنها لم تسمعه، بقيت تنظر للخارج بشرود والسيارة قد تحركت قبل أن يهتف بأمره ذاك، ليعيده مرةً اخرى على مسامعها وتتجاهله هي مرةً أخرى. وللسخرية هو أول من طلب منها أن تغطي وجهها، وهو أول من اهتم. ولمَ قد يهتم؟ ألأنها أصبحت زوجته فقط؟؟؟
في لحظةٍ كانت قد انتفضت حين شعرت بكفه تسحب طرف " شيلتها " من الخلف ليُسدله على ملامحها البرونزية، فزمت شفتيها لتستدير باعتراضٍ وتمرد : خيــــــر
سلطان بغضبٍ اتضح رغمًا عنه في صوته : ما عندي بنات تكشف وجهها ... ومرة ثانية اتركي التطنيش على جنب
ليستدير ينظر للطريق وتتأفأف هي بتذمر، وبعنادٍ كشفت وجهها من جديد، حينها فقط أومأ برأسه فور انتباهه لها، وهو الذي كان يفكر كيف يُنصفها ولا يكسر أسوار قهره من والدها بها، لكن الواضح أن قهره منها جاء بعيدًا عن قهره من والدها ... و - حسابها عسيرٌ للعصيان -



,



يجلس على كرسي مكتب عيادته بذهنٍ شارد، وأمامه يجلس ذاك ينظر لأوراقٍ تخص حالةَ أمه، رسم للعين وتوضيح ما مشكلة والدته تحديدًا، وجد نفسه قد غرق في قراءة التفاصيل ونسي شاهين الذي نظر إليه مُفكرًا، هذه العملية يجب ألا تتم، هو واثقٌ من فشلها ليس يأسًا بل لخبرته الواسعة، وسند هذا لا يريد أن يفهم.
انتبه سند لنظراته حين رفع عينيه، فهتف ببرود : المشكلة وين بالضبط؟
شاهين بنظراتِ ثابتة وعملية : مشكلتها في الأعصاب، ومثل ما قلت لك وبظل أكرر، العملية صعبة والراجح بتفشل، وقتها بتفقد نظرها نهائي وتلحق بعينها اليسرى
لوى فمه بغير رضا بما يسمع، هو يخشى حقًا أن تصاب بالعمى كليًا، وقد اتجه لأكثر من طبيب والكل قال نفس ما قال شاهين، لكن الأمر هنا مختلف، شاهين من خيرة الأطباء البارعين وسينجح، كما أن هناك دافعًا قويًا سيجعله يثابر ليركض خلف نجاح العملية
هتف بعد مُدةٍ ببرود وبتفكيرٍ لا يدل على شيءٍ سوى التخلف : بس الحالة هنا مختلفة، انت مبدع ومعروف بالبلد، وبرضه عندك دافع قوي والا!!
ليرفع إحدى حاجبيه بأسلوبٍ استفز شاهين ليجعله يزم شفتيه حانقًا : انت متى ودك تكبِّر عقلك وتفهم؟ أقولك بتصير عمياء نهائيًا وقتها من وين بترجّع بصرها؟
وقف ليضرب المكتب بقوةٍ وغضب، ثم هدر من بين أسنانه بتهديد : وقتها بس بتسمع من كل لسان سيرة أخوك النظيف … هه
ارتعشت كل خليةٍ في جسده، ما الذي يقصده بما قال أخيرًا؟ ما الذي يقصده بـ * النظيف * ؟؟ … فار الدم بداخله، هو يرمي الكلام الآن غير مدركٍ لتلك النيران التي تتأجج داخله، والتي قد تحرقه لا محالة. كل شيء، كل شيءٍ قد يسمح به إلا أن يتحدث عن عائلته بسوء.
اندفع أخيرًا إلى أن وصل إليه في خطواتٍ بسيطة ثم بكل القهر الذي تولد داخله منذ وفاة أخيه لكمه لكمةً أسقطته للخلف، ليصرخ في وجهه مُحذرًا رافعًا سبابة يده اليمنى : حدك … لهنا وبس يا سند … ممكن أقبل تستفزني وتهددني وأظل ساكت. ممكن أحاول دون فايدة أنجح في العملية وأنا ساكت … بس إنك تتكلم عن نزاهة ونظافة متعب، هنا أنا بوقف بوجهك وبكسر راسك بعد
وقف سند غاضبًا ليمسح الدم عن شفتيه، ثم بكلماتٍ خرجت كفحيح أفعى جائعة وهو يرى الدنيا تتلون أمامه باللون الأسود من شدة غضبه وقهره : جنيت على نفسك بفعلتك هذي
ثم دون كلمةٍ أُخرى خرج ليتراجع شاهين إلى أن وصل لمقعد مكتبه فتهاوى عليه هامسًا : الله ياخذك .. وياخذ اليوم اللي …
استغفر يبتر باقي ما سيقوله، والله تعالى يقول في حديثه القًدسي (يؤذيني ابن آدم يسب الدهر، وأنا الدهر أقلب الليل والنهار )
أعاد رأسه للخلف هامسًا : لازم أتصرف .. لازم أنتهي من الأوراق اللي عنده قبل لا يفضح متعب وتروح فيها أمي * زمّ فمه حين تذكر أسيل * ومنها أتفاهم مع هالبنت اللي ضارب عقلها الجنون أكيد!



,



تعضّ شفتها مرارًا ومرارًا حتى كادت تُدميها، وإلى الآن هي تشعر بأنّ كرامتها شطرت لأكثر من نصفين. أحبته، لكنها لم تسعى يومًا لأن تتزوجه، وكل شيءٍ اندفع في وجهها دون أن تخطط له. بالتأكيد سيصل الموضوع لرانيا، وستبدأ برمي الكلمات المُستحقرة عليها. لكن مالم تفهمه إلى الآن، ما الذي قالته عنها أمام أم ياسر؟ كيف شوهت نظرة أم ياسر إليها؟.
رفعت الهاتف ببطءٍ ويديها ترتعشان من شدة انفعالها، لمَ هي بكل هذا الضعف لتصمت وهم يتهمونها في شرفها؟ كيف تصمت؟ كيف لا تُشهر بالسلاح أمام كلِ من ينطق في شرفها وعفتها بكلمة!
اتصلت عليها وجفنيها انخفضا بألم، هي قد خسرتها سابقًا، ولن يضر أن تخسرها مرةً أخرى، ستخسر الكل ولم تعد تهتم كالسابق، خسرت أم ياسر ولا تنوي التبرير لها بعد الآن، إن كانت كل كلمةٍ تخرج منها مدافعة تكون أمامها كالتهمة، فلمَ تحاول التبرير دون فائدة؟ وكأنها تدور في حلقةٍ لا نهاية لها!
وصل إليها صوت رانيا المُتضح به الملل، فاندفعت دون ترحيبٍ لتهدر على مسامعها كلماتٍ مقهورة ودموعها دون أدنى شعورٍ انسكبت دفعةً واحدة : ارتاحي ... صار اللي تبينه، تكسرت صورتي قدامهم، ولا عندي نية أحاول أصلحها، أنا بطلع من حياتكم، والخطبة رفضتها ورفضت ياسر، ماعاد أبي شيء من هالعيلة ... شرفي أهم، شرفي أهم
نطقت آخر كلمتين لتعيدها أكثر من مرةٍ وتغرق في نحيبها من بعد ذلك، لو لم تستجد هذه الأمور في حياتها لما عرفت نظرة أمها الوهمية ونظرة هديل الحقيقية إليها، وكم شطرتها تلك النظرة، الراحة التي لونت زوايا عينيها لرفضها لأخيها، لا تتشرف بها زوجةً لياسر، لا تريد أن تكون أقرب لها مما هي عليه، عرفت من هي بالنسبة لمن كانت تعتبرها أختًا.
" آه " .. تأوهت بألمٍ بينما الأخرى في الجهةِ المقابلة لم تفهم ما قيل تمامًا، ما الذي تقصده بتشويه سمعتها؟ و ... وخطبة! ياسر!
ازدردت ريقها لتهتف بتساؤلٍ قلق : ياسر خطبك؟
ابتسمت بسخرية، لا تقلقي يا رانيا، لا تقلقي، فأنا لم أوافق ولن أوافق. همست بحسرةٍ بعد برهة : اي خطبني ... بس ارتاحي، رفضته، خذيه لك، ما أبيه، بس أوعدك إني بحاول أطلعه من قلبي
تنهدت رانيا براحة، لكنها بعد لحظاتٍ همست بتشفي : لأن حبك كاذب ربي ما كان معك ... وحدة منافقة عندها علاقات وش أبي فيها تكون زوجة شخص قريب لي .... ولعلمك أنا ما أفكر بياسر كزوج مثل ما يظن عقلك السخيف، أنا شفقانه عليه منك
جفلت، لم تستوعب ما قالته
( وحدة منافقة عندها علاقات وش أبي فيها تكون زوجة شخص قريب لي )
شعرت بصداعٍ قويٍّ داهمها، ما الذي تقصده هذه الفتاة بمقولتها، ارتعشت وأنفاسها ترتفع تدريجيًا بينما قلبها ينبض بشدةٍ حتى شعرت أنه سيخرج لا محالة : ع .. علاقات!! ... لهالدرجة وصلتِ بظنك؟ ...
سحبت أكسجينًا وهي تشعر أنها تختنق، لكنها صرخت بعد ثانيتين قبل أن ترد تلك : عقلك مريض، مريض .... هذا اللي قلتيه لأمي؟ هذا اللي قلتيه لها؟
بكت بصوتٍ عالٍ وهي تغلق لترمي الهاتف على الأرض حتى ينفّك وتطير أجزاءٌ منه في كل جهة. تشعر الآن بأن ملك الموت يطوف حولها، كيف ذلك؟ كيف تمكنت من زرع فكرةٍ كهذه في رأس ام ياسر؟ وتلك صدقتها بكل بساطة! صدقتها!
آه يارباه، ألم يكن المنصف أن يوجد الإنسان في الدنيا حيًا حتى يموت! فكيف ظُلمت لأوجد ميتةً إلى أن أموت؟



,



بينما من الجهة المقابلة، كشرت لتضع الهاتف جانبًا : ووووي .. من زين الصوت عاد ميتة على سماعه
لتدخل أختها هاتفة : مين كنتِ تكلمين؟
بامتعاضٍ ووجهها متجعدٌ بازدراء : الست إلين
تجهمت : ليه؟
زمت شفتيها لتهتف : تخيلي ياسر خطبها
شهقت أماني لتضع كفها على صدرها، ثم مالبث أن ابتسمت : لايقين على بعض
لتنظر إليها الأخرى بحدة : اقول انطمي بس، قال لايقين على بعض
تسلل الحنق إلى أماني لتندفع جالسةً بجانبها، ورغبةٌ تزداد يومًا بعد يوم لمعرفة ما مقصد رانيا من كل ذلك، وما الذي تنويه بكل ذلك العداء، ألأنها فقط اكتشفت حُب إلين لياسر؟
هتفت بتساؤلٍ وبعينين ضيقتين : اعترفي رانيا ليه تسوين كل هالبلبلة عشان إلين وحُبها لياسر ... تحبينه!!!!
شهقت لتضرب صدرها، وأنظارها المتعجبة اتجهت إليها، أأصبح خوفها على ابن خالها الآن حُبًا؟ هتفت بغلٍّ مُحذرة : ياويلك لو فكرتي مرة ثانية بهالطريقة سامعة ... أحب ياسر!!!! لعلمك ترا ما أشوفه غير أخ وبس
أماني دون اقتناع : أجل وش سالفتك مع إلين؟ من يوم دريتي بحبها له وانتِ ملاحقتها بحقدك
رانيا بفمٍ مشدودٍ بازدراء : مين قال من يوم ما دريت ... ترا أنا كنت أدري من زمان بحبها ولا قلت شيء، بس من يوم ما عرفت حقيقتها رفضت هالحب
رفعت حاجبها : طيب أمطرينا بالحقيقة
رانيا : قلت ماني متكلمة
أماني بإصرارٍ هذه المرة : بتتكلمين والا أعلم أمي هذي المرة! تراك مصختيها بدون سبب
تعلم أنها لن تخبر أمها، فليست أماني من تخرج الحديث الذي يكون بينهما، لذا رفعت كفها دون مُبالاةٍ تخبرها بالذهاب، لتقف أماني حانقة مُندفعةً للباب لتغلقه خلفها بقوةٍ صدح صداها في الغرفة
بينما هي أغمضت عينيها بقوةٍ من صوت الباب، ثم تنهدت لتفتح عينيها تنظر لهاتفها، ما الذي كانت تقصده إلين بأنها قد كسرت صورتها أمامهم، هي لم تُعلم أختها حتى تفضحها عند من هم أكبر، لم تروي ما عرفته عنها لأحدٍ غير فكرها. وعقلها الآن يذهب لتلك الليلة، التي صُدمت بها بحقيقةِ أنثى كانت تشهد بعفتها وأخلاقها.

*

تقف عند باب غرفتها وكفها تطبق على فمها، لا تصدق ما تسمع، وكيف تصدق وهي التي خُدعت بتلك المُزيفة أخلاقها طول تلك الفترة، كانت قد صعدت تريد أن تدعوها للنزول معهم، لتصدم بها تتحدث في هاتفها بصوتٍ خافت كمن يقوم بجريمة، بل كانت تقوم بها بالفعل.
إلين وهي تهمس بتوسلٍ متوتر بينما كفها المُتحررة من الهاتف تقبع أمام فمها : تكفى أدهم الموضوع مو بهالبساطة
عضت شفتها ليرتفع صوتها قليلًا : أدهم!!!
لكن الآخر قاطعها لتقاطعه هي بعد كلمتين من فمه : اللي سويته كبير وانت تدري .. لازم تصحح غلطتك
تساقطت دموعها لتهمس بألم : أنا قريبة من قلبك أكثر مما تتخيل
تهشمت شفتيها من شدة ماعضتها، لتدق الباب دون شعورٍ وهي لا تستطيع تحمل سماع المزيد، بينما الأخرى أغلقت الهاتف بسرعةٍ بعدما صدح صوت رانيا الغاضب : إلين الكل ينتظرك تحت ... لا تتأخرين
لتشد خطاها ذاهبةً ووجهها لم تزل منه معالم الصدمة، بينما تنهدت إلين وهي تضع يدها على صدرها.




,




أغلق الباب بعنفٍ يعكس مزاج صاحبه المقلوب رأسًا على عقب، لكنها لم تستدِر وهي مُمددةٌ على السرير تواجه الباب بظهرها، تشعر أن كل ما حولها بات باهتًا، إذ كيف يمكن للدنيا أن تشرق دون أم؟ دون حُضنٍ دافئ! لطالما كانت تتألم على من فقد رائحة أمه ولم تتمنى يومًا أن تشعر به، لطالما كانت تدعو الله أن يعوضهم لكن بمَ قد تعوض الأم؟ بـــمَ؟؟
كيف لـي الآن أن أترك جميع المضادات لحزني وأوجاعي أبحث عن مُضادٍ واحد يدعى - الأم -، ذاك المضاد الذي ما طال يشفي كل أمراضي المُوهنة؟ كيف لي أن أشتم رائحة الدفء عن بُعدٍ قبل أن أشعر به؟ كيف لي الكثير وقد فقدت الأعظم كُثرة؟ كيف لـــي؟؟؟
وقفت أرجوان بجانب السرير وكل ما حدث ويحدث يفقدها السيطرة على هدوئها وصمتها المُضطر، لم تشعر برغبةٍ في الإفصاح عن السبب لكل ما حدث كما الآن، و ( الساكت عن الحق شيطانٌ أخرس ). ولن تكون هي ذلك الشيطان الذي يصمت لأجل كل من تسبب بتلك المعمعة، لن تكون هي من ترى علاقاتٍ تُفسد وهي صامتةٌ لأجل إمرأةٍ واحدة هي أمها.
هتفت بحدة : جيهــــان
أغمضت جيهان عينيها بإرهاقٍ وهي التي لا تقوى على شيء، لتهمس : واللي يعافيك أرجوان ... اتركيني في حالي ماني طايقة أحكي مع أحد
جلست بجانبها وهي تشعر بروحها تتقطع، هذه فرصتها الوحيدة لتوضح كل شيءٍ بما أن والدها ليس هنا حاليًا وليان لاهيةٌ بالتلفاز في الصالة : ماني تاركتك ... في أمور كثيرة لازم أعاتبك فيها الحين
جيهان بأسى : ما أقوى على عتاب ثاني مع عتاب نفسي ... أحس نفسي ضايعة فلا تضيعيني أكثر بعتاب ماهو في وقته
زمت شفتيها بعبرة وكلمات أختها أوجعتها، ثم مدت يدها المرتعشة ببطءٍ لتمسح على شعر أختها المُنطلق بهمجية، وبألم : اشتقت لكلمة أرجواني
جيهان ببهوت : ضاعت لوقت ما يرجع محررها
أرجوان بابتسامةٍ عاتبة : صعبان عليك تحررينها عشاني ولو لمرة؟
أغمضت جيهان عينيها بأسى، ليس وقت العتاب الآن فيكفي كل تلك التناقضات في روحها، تريد أن تسترد نفسها لكنها ليست بذا قوةٍ لذلك، تريد أن تنادي وتنادي ( أين أنتِ يا جيهان؟ ... عــودي، عودي فعمركِ في الحياة واحدٌ لن يعود )
أرجوان : تذكرين طرق بروكسيل للحين؟ أنا ما نسيتها، للحين أحس قلبي يعرفها، ولدنا فيها وعشنا نص عمرنا فيها ... كان عمرك يوم تركناها 11 وأنا 9 سنين
أكملت بابتسامةٍ للذكريات : بس للحين أخاف من مارك ... كل ماشفت شعره الأبيض والمنكوش أتذكر نفسي يوم كنت أبكي منه ... من شبابه كان يحب الأبيض وللعجب يصبغ شعراته بهاللون
ابتسمت جيهان دون شعورٍ لتلك الذكريات وأرجوان تتابع : وأيام يجي فيها عمي عبدالعزير ( والد فواز ) الله يرحمه مع أهله ويعيشون بنفس العمارة معنا، وهنا تكتمل عصابة المشاغبات مع أسيل وديما ... مع إن ديما كانت تتكبر علينا أوقات شويتين لأنها الأكبر ... بس أول ما يبدا الحماس من مقالب مع بنات الحي العربيات على الشباب تقوم معنا متحمسة ( ضحكت قليلًا ثم تابعت ) وفواز زعيم فريق الشباب يا كثر ما كان يهزمنا
بهتت ابتسامة جيهان ما إن سمعت اسمه، “ فواز الزعيم “ .... كم كانت غبيةً حين كانت ترفض أن تتغطى عنه حتى وصلت السادسة عشرة، دائمًا ما كانت ترفض وترفض لتبقى تلعب معه، إلى أن أمرها هو بنفسه حين كان في الرابعة والعشرين أن تتغطى عنه لأن ذلك واجبٌ عليها فهي لم تعد تلك الصغيرة. وفعلت ماقال بطاعة ... فهو كان لها القدوة والأخ ولطالما أحبته داخل إطار الأخوة حتى حصل ما حصل ... حتى كرهته ونبذته رغمًا عنها بعد ما فعلته والدته معهما من سوء ظنٍ و - قذف -.
اقتربت أرجوان أكثر حين لاحظت تشنج جسدها ما إن ذكرت اسم فواز، تريد فقط أن تفهم، لمَ تكره فواز لهذه الدرجة؟ لمَ تكرهه وهو الذي كان لها كالأخ لا تشكي إلا له ولا تلعب مع أحدٍ من الرجال سواه؟
همست : ليه منتِ راضية تتقبلينه كزوج؟ معقولة تشوفينه أخ لدرجة كرهك لمسمى ثاني لعلاقتكم غير الأخوة؟
صمتت جيهان ولم تتحدث، لتردف : مستحيل أقتنع بهالشيء ... جيهان ليه ما تعترفين إنك مجبورة عليه؟
أغمضت عينيها بقوةٍ والماضي يتدافع في عينيها، زواجها به، وسفره هو بعد أن تم العقد بأيام، يقول أن سفره لمجرد عمل! وهي التي تعلم أنه لم يسافر إلا بعد ما حدث!
كانت ستتقبله، تقسم أنها كانت ستتقبله فهو ليس له ذنبٌ بظن أمه، لكن لمَ فعل ما فعل، لمَ سافر ليُشعرها أنه لا يريدها أو ربما اشمئز منها أو وأو وأو!! ... الكثير مما داهمها والمتعلق بأداة الإستفهام تلك، لمَ سافـر بعد زواجهما مباشرة؟ هل كان صعبًا عليه تقبلها حتى يفرّ كي لا يراها؟ وحبه لها أيكون وهمًا أم أنه لم يتولد إلا بعد أن امتلكها، أو ربما ليس حُبًا بقدر ماهو تملك
حيرتني يا فواز ... حيرتنـــي معك.
هتفت أرجوان بضيق : لا تطنشين! جيهان ليه صرتي بهالسلبية وانطفى مرحك؟ اشتقت لك تدرين؟ هذا وانتِ قدام عيوني بس في الحقيقة بعيد وبعيــد .... وش اللي غيرِك؟ موت أمي؟
حقيقةً ليس موت أمها فقط، بل الكثير والكثير مما تكدس وتكدس لتكسد هي!
فواز .. أمها .. بُعدها عن والدها ... والكثير من الصراعات التي تؤرق روحها، لكن متى تعود؟ متى ستنجلي تلك الغيمة العقيم من فوق رأسها؟ متى ستنير عينيها بالفرح وينضب دمعها؟ متى؟ .... متــــى؟
أرجوان بأسى : موتها والا السبب لموتها؟ ... لأنها ابتعدت عنا وراحت عالم ثاني؟؟ وبعد ابتعد عنك أبوي بعد اللي صار؟ ... صح؟ هالسببين هم اللي مغيرينك؟!
عضت جيهان طرف شفتها لتردف أرجوان : أو نقول في الحقيقة انتِ اللي ابتعدتي عنه!
بدأت جيهان بفقدان سيطرتها على أعصابها وهي تستشعر ضغط اختها عليها، لتهمس أخيرًا بصوتٍ اتضح به الغضب : اطلعــــــي
قطبت أرجوان جبينها بضيق، لتهتف بعناد : غرفتي بعد
جلست جيهان بانفعال لتصرخ في وجهها بعد أن استدارت إليها : اجل ابلعي لسانك وانطمــي ... ابثرتيني
ضحكت أرجوان رغمًا عنها لتقترب منها ثم عبثت بشعرها : صرتي مثل الأطفال تدرين؟
أتريد استفزازها أم ماذا؟ ... جيهان باستغراب : الحمدلله على نعمة العقل
ابتسمت تلك بسخرية : اللي خلاك تشوفين الحقائق من حولك؟
وكأنها بدأت تقول طلاسم، نظرت إليها بحاجبين اقتربا من بعضهما : وش قصدك؟
تنهدت أرجوان بضيق، أهذا وقت التردد؟ لمَ تشعر أن هناك قوةٌ تمنعها من الإفصاح عن حقيقة ما حدث، عن حقيقةِ أمها!
همست بجزع : ولا شيء
ثم دون كلمةٍ أخرى خرجت من الغرفة لتتجه للمطبخ، استندت بكفيها على الرخام وهي تهمس لنفسها بعتب : ليه سكتت؟ كان عندي فرصة أتكلم بس ليه صِعْبت علي الحقيقة؟
سمعت رنين هاتفها الذي كان ملقًا على إحدى أرائك الصالة سوداء اللون يتخلخلها خوطٌ حمراء وأخرى سكرية، لتخرج وتتلقفه مُبتسمةً للإسم الذي سطع نوره في الشاشه، وترد برقةٍ وحب : السلام عليكم ، حيّ الله جدتي المزيزنة
ابتسمت جدتها من الطرف الآخر هاتفه : وعليكم السلام ورحمة الله وبركاتة ... كيفك يا بنتي؟
أرجوان برقة : الحمدلله طيبة ، كيفك انتِ يُمه؟
وبعد السلام والسؤال عن الأحوال، جدتها بلهفة : وينها جوج ما عاد كلمتني ولا سمعت صوتها
ضحكت أرجوان على “ جوج “، وهذا الإختصار لطالما وضعته لاسم جيهان التي كانت تتذمر منه، ومن جهةٍ أخرى “ تتمصخر “ كون جدتها تُطلق اسمًا أعجميًّا كهذا عليها وهي كما تقول جيهان “ دئة ئديمة “
أرجوان بابتسامة صادقة وحديث جدتها يبعث لها الراحة بعد كل ما حدث : فديتك يمه من زمان ما ضحكت بهالشكل
جدتها بانزعاج : وليه ما تضحكين وتنورين العالم بضروسك اللي تبرق برق؟
أرجوان بضحكة : تبرق؟ اي ما عليه تبرق تبرق ولا يهمك يا الغالية .. بس حبيت أقولك إن جيهان تبي تنام ويمكن تكون نامت
جدتها بضيق : ذياب يوم جاني بعد ما تتطاول على يوسف قالي إن جيهان كانت تبي تروح معه ..... وش فيه بينها وبين أبوك؟
صمتت أرجوان والضيق يعاود السكن بها، حتى جفناها تهدلا بحزن : مابينهم إلا كل خير
أم ذياب بغضب : وعمى ان شاء الله ... تكذبين علي يا بنت منى؟
أرجوان بسرعةٍ ودون قصد : بنت يوسف
ويا ليتها لم تقل ما قالت، كيف خرجت منها تلك الكلمتين وكأنها باتت تزدرء كون أمها هي - منى -، أيعقل أنها لن تكون كما قالت لوالدها وقد يؤثر ما فعلته أمها بنظرتها لها كأم؟
أرجوان بارتباك بعد صمت جدتها الذي طال : يمه ...
أم ذياب تقاطعها بحدة : وش سوت امك قبل موتها؟
ازدردت أرجوان ريقها بارتباك لتهتف : وش قصدك؟
أم ذياب بأسى : قلب الأم ما يخطي وكنت حاسة إن منى مسوية شيء مخليها تنتحر، يوسف ماله ذنب أدري، كل الذنب منها بس ما أقدر أوصل للموضوع بشكل واضح .... وش سوت يا بنتي ريحي راسي اللي صدع من التفكير
عضت أرجوان طرف شفتها وهي تجلس على الأريكة تشعر أن قدماها لا تستطيعان حملها، لتردف جدتها بشرود : اتصلت فيني قبل موتها بساعات تقول لي “ أنا عار ... عار وبخلصكم منه “ .. قلبي اللي كان مقبوض من أيام زاد انقباضه .. حاولت أفهم منها بس ضيعت السالفة وقامت تحكي وتحكي عن ماضيها وعن طفولتها وحياتها، وعنكم وعن يوسف!
ابتلعت أرجوان ريقها عند تلك النقطة، ما الذي كانت تقوله عن والدها، أكذبت وقالت - أحبه -؟ أم صدقت لتقول ما خالج مشاعرها تجاهه حتى خانته
أم ذياب : حسيت ان كلامها عنه ما صار مثل أول يوم تتكلم وأحس مع كل كلمة حب كبير لهالإنسان منها ... وكأنها كانت بس متأسية لشيء، كأنها كانت ندمانه أو تحس بالذنب!
تشعر بالذنب؟ أهذا حديثٌ يقال؟ أهذا كلامٌ يُطلق؟ ما فائدة أن تشعر بالذنب؟ وإن كانت حقًا شعرت به فلمَ انتحرت بدل أن تُحاول إصلاح ما كُسر وإن كان إصلاحه شبه مُستحيل، على الأقل لأجلهم هم، لأجل فتياتها، لأجل كونها أمهم.
أكملت برجاء : ما تبين تحكين وش صار؟ واضح إنك تدرين والا ما كنتِ سكتي
أرجوان بارتباكٍ واضح، ودون شعورٍ بدأت بالإلتفات تخشى أن تسمعها أختها، شيءٌ ما يأمرها بالتستر، لأنها أمها قبل كل شيء، من حملت بها، من تعبت وسهرت عليها، فكيف تكافئها في النهاية بفضحها؟ كيف تكافئها بازدرائها لها؟ ... هذا ما كان قلبها يُحدثها به حتى تتردد عن قول الحقيقة، حتى صمتت حين واتتها الفرصة لتحكي لأختها الحقيقة : ما أدري
أم ذياب بحدة : منتِ راضية تنطقين؟ ما عليه ... اسكتي وابلعي لسانك ... أكلم يوسف بدل لا أكلم صنم
كانت ستغلق لكن أرجوان هتفت بخوفٍ من فكرة أن تتحدث جدتها مع والدها وهو الذي يحاول النسيان أو ربما التناسي : لا يمه تكفين
ام ذياب : بتحكين؟
صمتت ولم تجب، لتردف جدتها بشكٍ وهذه الفكرة هي أول ما طرأت على عقلها منذ انتحار ابنتها، ولأنها الأم ستشعر، وليتها شعرت قبل موت ابنتها بمدةٍ طالت : خانت ربها وزوجها؟؟؟؟!
لتبتلع أرجوان ريقها مع جملة جدتها تلك، أكانت تشك منذ البداية لتفكر بذلك حتى تنطق به في أول خيار؟ هذا هو الواضح فماذا عساها تقول؟ لذا صمتت لتستنتج جدتها الإجابة ... والتي كانت - أجل -
برودةٌ أصابت مفاصلها، لتقبض بكفها على عكازتها وتتقلب عيناها بحسرة، تستغفر بخفوتٍ وألم، ربتها بأحسن ما يمكن، تقسم أنها ربتها كما يجب وكما يفترض في زمانٍ كزمانها، ربتها مع زوجها بكل ما تستطيع فكيف تخونهم بعد أن أصبحت تناهز الأربعين وإن كانت ملامحها لا تثبت ذلك العمر، ربتها كما أرادت أن تكون في مجتمعٍ كمجتمعها لا يرحم!
هتفت بعجز : بـ وشو نَقصْنا في تربيتها؟
ابتلعت أرجوان ريقها لتهمس بغصة، ودموعها تهدد بالنزول : الشيطان شاطر
ام ذياب بانفعال : إلا على المؤمن
أرجوان بجزع : خلاص يمه فديتك ... اللي فات مات ... والله مات
ام ذياب بقهر الأم وهي تضع يدها المُتحررة من عصاها على رأسها : مثل هذا ما يموت وإن مات صاحبه!
هي الأم التي ربت ورأت أن تربيتها لا تضاهيها أي تربية، فكيف تأتي ابنتها الكبرى لتكسر منطقها في تربيتها؟ ... أتكون أخطأت لأنها ابنتها الأولى ولم تكن سوى - تجربة - وتدريبٍ لأمٍ جديدة كمثلها؟ .. أتكون أخطات لأنها الأولى ولم تكن تدرك جيدًا كيف تربي الأطفال؟ أم تكون ربت على العيب لا على الحرام كما يربي معضم الناس في هذا القرن؟ ... لا لا هي تؤمن أنها كانت تقول ( حرام / خافي ربك / اتقي الله ... ) ولم تكن تقول ( عيب / كيف بتكون نظرة الناس؟ / الناس ما ترحم ... ) وحقيقةً أنه لا راحم سوى الله، فكيف يرتجون الرحمة من مخلوقاتٍ لم يحملوا منها إلا القليل أمام رحمة الخالق؟
همست بعد لحظاتٍ بتوجس : وجيهان تدري؟
صمتت، ولم يكن لديها سوى الصمت، لا تعلم ما تقول في حديثٍ يمسّ أمها بسوء.
وكان صمتها يعني - لا - ... وتلك فهمته - نعم - .... لتظن أنها تعلم، وتزداد المرارة داخلها.



,



لا تزال بعباءتها، تُدير رأسها تنظر للجناح نظرةً مُقيمة، وعلى وجهها تكشيرةٌ مُزدرءة، لم يعجبها المكان بتاتًا، هو ليس جناحًا لعروسين فالزوج بعيدٌ جدًا عن مُسمى - عريس -، لكنه كان فاخرًا ولم يعجبها أيضًا، هو مُقتدرٌ ماليًا ويستطيع أن يُسكنها في مكانٍ أفضل من هذا، فلم اختار مكانًا كهذا وهو الذي يمكنه حجز الغالي والأكثر رقيًّا من هذا.
جاءها صوته من خلفها بعد أن كان يُدخل الحقائب، فاستدارت تنظر إليه بتعالي : حاليًا بيتي يحتاج تصليحات من بعد الحريق اللي صار فيه، عشان كذا بنظل هنا كم يوم لين تتعدل الأمور
رفعت حاجبها المرسوم بدقة، كانت فاتنةً بمعنى الكلمة، لم يرى كجمالها، وجهها بيضاويٌّ صغير بملامح سمراء ناعمة، لكن ما فائدة الجمال إن كان خارجيًا فقط؟
هتفت بعد ثوانٍ بصوتها الرقيق والذي تلون بالإزداء في هذه اللحظة : تصلح بيتك من بعد الحريق؟؟؟ ... * مالت بفمها الصغير والممتلئ بقرفٍ لتُكمل * وتبي تسكني فيه بعدين؟! هذا بدل ما تبيعه وتشتري واحد أرقى منه!
لم يرق له كلامها، فتقدم قليلًا ليهمس : لعلمك ترا بيتي المحترق ذا أرقى بكثير من بيت الباش مهندس أبوك
ليتجاوزها بعد أن مسح بكفه على ملامحها ليُغيظها، لا يعلم لمَ أراد حقًا أن يغيظها، لكنه لربما أراد أن يرد لها عنادها وعصيانها له في تغطية وجهها.
كشرت بغيظٍ لتخلع حجابها ويظهر شعرها الأسود والذي كان مكومًا على شكل " كعكة "، لتحرره بعد أن دخل لإحدى الغرف، ويظهر الشلال الليلي والذي كان يصل لأسفل خصرها، بينما تميز بتموجاتٍ كثيفة أظهره ساحرًا.
خلعت عباءتها ليظهر ساقها الطويل والمُغطى ببنطالٍ جينز ضيق، ومن الأعلى بلوزةٌ منجاوية فضفاضةٌ بعض الشيء. كومت العباءة في يدها ثم تمشت تبحث في حُجرات هذا الجناح، ألا يوجد غرفةُ نومٍ أخرى؟؟؟
ابتلعت ريقها والخوف داهمها، قال لها والدها بأن تطمئن لأنه لن يقترب منها، وكيف تطمئن وهما سينامان في غرفةٍ واحدة؟ هو رجلٌ وهي أنثى تدرك مدى فتنتها.
رغمًا عنها شعرت بالخوف والإرتباك، لتبدأ بقضم أظافرها ووجهها غطاه الخوف .... يا رب، ماذا ستفعل، يستحيل أن تسمح له بالإقتراب منها.
جلست على إحدى أرائك الصالة السكرية والمزخرفة بالذهبي، لتمرر أناملها بين خصلات شعرها المموجة وتهمس لنفسها : أدخل عنده؟ وإذا قرب مني! * ابتلعت ريقها * ما عليه بجلس هنا، مو لازم أنام
بينما هو كان في الغرفة مُمددًا على السرير الواسع كفيه تحت رأسه وعينيه تنظران للأعلى بشرود، أما فعله صحيح؟ هل كان من الحكمة أن يكمل هذا الزواج؟ لكن لمَ يشعر الآن بأن ما قرره وفعله كان غبيًا دون دافععٍ عقليّ مقنع!
تنهد ثم مسح على وجهه بكفه اليًمنى، وتلك تبدو متمردةً لم تتربى جيدًا، لا بأس، هي ستبقى معه لسنة، إذن ليعمل معروفًا لوالدها وسيربيها بنفسه.
لاحظ أنها تأخرت ولم تجئ، لكنه تجاهلها ولم يهتم، ثم استلقى على جانبه الأيمن يُعطي الباب ظهره، بثوبه الذي لم يخلعه والذي لم يكن بذا حيلةٍ ليخلعه.
وتلك بقيت لساعةٍ تقريبًا، والنوم غطى عينيها، وأخيرًا قررت أن تدخل للحمام لتستحم وتبدل ملابسها، ستفعل أيّ شيءٍ حتى لا ينجذب إليها.
أخذت لها بيجاما فضفاضة بلونٍ رمادي، وهي تشجع نفسها الخائفة بالقوة، لن يقترب مني، أنا غزل، لن يجرؤ.
وببعض الإمدادات إلى روحها دخلت الغرفة تريد دخول الحمام بعد أن كانت لم تجد آخرًا حين بحثها في الحجرات، فلمحته مُتمددًا يُدير الباب ظهره، بثوبه وقد رمى شماغه جانبًا على السرير، ابتلعت ريقها فور رؤيتها لبنيته الرجولية وجسده الطويل، لن تخاف، لن تخاف .. هكذا كانت تشجع نفسها لتمشى على أطراف أصابعها بعد أن رمت حذاءها خارجًا قبل الولوج للغرفة، ثم اتجهت للحمام بنفس هدوءِ دخولها دون أن تهدأ أنفاسها الخائفة. وهو من الجهة الأخرى حين لمحها قبل الدخول للحمام ولم تنم له جفن وكيف ينام والأرق قد زاره بعد كل ماحدث؟، رفع حاجبه لحركتها المُضطربة في الظلام، ومع فتحها لباب الحمام انتبه لملابسها ليُكشر بضيق، الجينز ضيقٌ يرسم جسدها رسمًا .. يا الله، ألم يسقط حظه إلا مع هذه!!
تأفأف بضيقٍ ليستدير للجهة المُقابلة، وهي انتبهت لحركته لتُجفل، وحين استوعبت دخلت بسرعةٍ وذعر لتطبق الباب خلفها بقوة.
زفر سلطان مع صوت الباب : يا ليل الشقا ... متى يجيني النوم بس * رطب شفتيه ليردف بجزع * حتى سنة الرسول نستني أعمل فيها!
تعمدت الإطالة في الحمام، لتتأكد فقط أنه نام، بالرغم من كونها حقيقةً لا تعلم غإن كان نائمًا أم لا، لكنها شكت مع حركته وللحيطة فقط تأخرت. لتخرج بعد وقتٍ طويل وطويل، وعقارب الساعة قد عانقت الثانية عشرة إلا رُبعًا، وقد كانت مُبللةً من أعلاها لأسفلها، حتى ملابسها التصقت في جسدها تقريبًا، إذ أنها لم تجفف لا شعرها ولا جسدها، فهي قد نسيت أن تأخذ منشفتها من الحقيبة وبالرغم من أنها وجدت في الحمام عدة مناشف وأغلبها تبدو جديدةً لم تُستعمل، لكنها كما العادة تتقرف من إستخدام أغراضٍ تخص غيرها وإن كانت جديدة.
اقتربت من باب الغرفة تمشي بنفس الطريقة التي دخلت بها حين وصلها صوته الشديد والذي خالطه بعض الإرهاق لكنه بقي شامخًا : لحظـــة!!
تيبست في مكانها للحظاتٍ وقد ذعرت بشدة، وعينيها اتسعتا خوفًا، لمَ؟ لمَ أنتِ خائفةٌ إلى هذا الحد؟ لمَ تخافين منه؟؟؟
لكنها في قرارة نفسها كانت تعلم الإجابة جيدًا، ورغم ذلك استدارت وهي ترسم ثقةً زائفة، لترفع أنفها بشموخٍ تنظر إليه جالسًا على السرير ينظر ناحيتها ببرود.
غزل : خيـر!
سلطان بثقة : إن شاء الله خير
وقف ببطءٍ ليتجه نحوها فارتعشت، ارتعاشها لم يكن إثر الهواء الذي اصتطدم بجسدها المُبتل بينما كان حقيقةً لظله الذي وقف يتجه إليها، كانت ستهرب لكنها آثرت البقاء كي لا تظهر بمظهر الخائفة الضعيفة ويستغل هو ذلك، مقتنعةٌ هي أن البشر كلهم إستغلاليون، وبالتأكيد سيكون هو مثل كل البشر.
وصل إليها ولازلت تنظر إليه بشموخ، ليرفع كفه يضعها على رأسها المبلول، ثم بشيءٍ من الحدة التي بزقت رغمًا عنه أنزله وهو يشعر بالإستفزاز من نظرتها المُتعالية تلك.
ليهتف ببرودٍ وهو يتحاشى النظر لجسدها البادي مع إلتصاق ملابسها : ما تعرفين تجففين جسمك قبل لا تلبسين؟
عضت شفتها وهي تعانق جسدها لا شعوريًا بذراعيها، ليتنهد باستياء ثم أغمض عينيه يردد كلماتٍ دون صوتٍ لم تفهمها، ولم تدرك أنه دعاء ينم عن سنة رسول الله عليه أتم الصلوات.
بقيت صامتةً إلى أن انتهى، ثم أنزل يده ليهتف بهدوء : توضي وقومي نصلي لنا ركعتين
للحظاتٍ نظرت إلى ملامحه الهادئة وهي ترمش مرارًا ومرارًا إلى ان استوعبت .... يصليـــان!! ... هي، تصلــــي !!!!



,



في وقتٍ سابق - الثامنة مساءً

صدح هاتفها فجأةً في أنحاء غرفتها لتتناوله بإرهاقٍ من الكومدينة دون أن تنظر إليه وهي مُتمددةٌ على سريرها تُغطي عينيها بذراع يدها الأخرى. أزاحت ذراعها عن وجهها لتنظر لهوية المُتصل، لتتسع عينيها وتنتفض بصدمة : شاهين!! وش يبي؟
ابتلعت ريقها بينما كانت يدها التي تحمل الهاتف ترتعش، لا تدري لمَ تشعر بكل هذا الخوف، بالتأكيد هو مقهورٌ لما حدث حين اتصلت به، وتدرك قهر الرجال جيدًا!!
أسيل باضطراب : أرد!!!
لكن تفكيرها لم يطل حين انقطع الإتصال، لتزفر براحةٍ لكنه عاد للإتصال مرةً أخرى.
زمت شفتيها بخوف : ليه يتصل؟ أرد؟ .... بس .. بس يمكن يكون وافق عالطلاق!
عند هذه النقطة تحديدًا تشدقت وهي تسحب الأكسجين بنهم، أيعقل أن يكون قد وافق؟ وستتحرر منه؟
من شدة فرحها بما اختلج داخلها ردت لتهتف بهمس : نعم
شاهين بحدةٍ واستعجال : انزلي بسرعة أنتظرك في السيارة تحت


.

.

.



يتبع ؛


كَيــدْ 29-07-14 10:17 AM

رد: قيودٌ بلا أغلال عانقت القدر
 


(10)




شهقت ما إن سمعت ما يقول ... مجنون! أهذا مجنون أم هي التي جنت اخيرًا لتسمع كلامًا لم يقال.
ابتلعت ريقها وهي تهمس بحذر : وشو؟؟؟
شاهين بقلة صبر : كلمت عمتي ووافقت تطلعين معي عشان نتعشى مع بعض ومنها نتفاهم في أمور الزواج ... لا تتأخرين أنتظرك
ثم أغلق دون كلمة وهي مُمددةٌ وعيناها جاحظتان للأعلى .. لا، مستحيل!! ... بدأت بالإرتعاش وهي تتخيل أن تكون معه بمفردها، مجنون، مجنون، أيتوقع أن توافق على الخروج مع غير متعب وهي التي أعلمته من قبل بحبها له الذي لازال حيًا ورغبتها في الطلاق لأجله هو وحده؟
“ منها نتفاهم في أمور الزواج “ !!! ... أيعني ذلك أنه مُتمسكٌ بها ولا يريد تطليقها؟؟!
كادت تجن مع كُومِ أفكارها التي قُطعت حين طُرق الباب، لتُدير رأسها بسرعةٍ وهي لازالت مُتمددة والهاتف يقبع داخل قبضتها المتشنجة بتوتر، لترى امها التي دخلت بعجلة وهي تهتف : أسيل حبيبتي قومي بسرعة
عضت شفتها بعبرةٍ ونظراتها العاتبة اتجهت لها : حرام عليك يمه ليه تعطينه الموافقة قبل لا تسأليني!!
توقفت أمها للحظاتٍ تنظر لملامحها المذعورة، إلى أن همست : شلون عرفتي؟؟
جلست وهي تشد على الهاتف بين أناملها : كلمني
بالرغم من أنها استغربت، وبالرغم من كونها تساءلت “ كيف إذن حدثني أولًا إن كان يحمل رقمها؟ “ إلا أنها لم تتساءل علنًا وكل همها أن تخرج ابنتها معه وأن تتعرف على شخصيته جيدًا فلربما قد تتقبله.
اقتربت منها حتى وصلت إليها فجلست بجانبها على السرير لتهمس بأسى : يعني إلا تكسريني بحالتك؟؟؟؟
فغرت شفتيها لتتيبس نظراتها على ملامح امها المُبتئسة، وتلك لا تدرك أنها تضغط عليها بطريقةٍ لا تقصدها. أكملت برجاء : لا توجعيني يا أمك وأنا اللي أبي أشوفك سعيدة معه
معه! تريده معه دون سواه! تريد سعادتها التي اقترنت - معه -؟. لمَ لا تفكر قليلًا إن كانت تريد سعادتها أنها حقيقةً لا تكمن سوى في بقائها أرملة؟ أن سعادتها حقيقةً تكمن في بقائها لمتعب فقط، زوجة متعب / أرملة متعب ... كلها كلماتٌ تملكية لمتعب، وسعادتها الباهتة الباقية تكمن في بقائها تخصه وحده، فلمَ لا تسألها وتفكر قليلًا أنها بذلك تزيدها بؤسًا وتُطفئ ما بقي من سعادةٍ بها.
همست أسيل بألم : ما قصدي أوجعك بس .. بس أنا ما ...
قاطعتها امها بابتسامةٍ باهتة وهي تقف : إذا ما ودك توجعيني تقبليه .. شوفي حياتك من ناحية ثانية غير الظلام اللي عايشته، ما بقول حياتك بهالشكل مُبالغ فيه، لأني عارفة متعب كويس، كان مثل ولدي وأعرف شخصيته ... بس ربي ما كتب لكم اللقاء في بيت واحد، ولو ما كان مات في غربته قبل لا يتزوجك بأسابيع كان ممكن مرضه يمنعه أخيرًا من الزواج ... لأن ربي ما كتب لك نصيب معه
نطقت آخر جملةٍ بقسوة، لتزم هي شفتيها تقاوم محاجرها من قذف الدموع، كم هي قاسيةٌ تلك الأسهم التي تمثلت بكلمات، وكم هو قاسٍ أسلوب أمها الذي لم تقصد به التجريح بينما كان حقيقةً لتذكيرها بإيمانها الذي بات يضعف ويضعف بصورةٍ مُقززة.
أم فواز برجاء : اتقي ربك في نفسك يا أسيل .. حرام عليك هالعيشة اللي كابسة على قلبك وعلى قلب كل اللي حولك
وهاهي أيضًا تذكرها أنها ليست سوى ثقلٍ عليهم .. يا الله رحماك ... رحماك. تشعر أن قلبها ينشطر وينشطر حتى يتلاشى، ولأول مرةٍ بعد وفاة متعب تشعر بالرغبة في رمي جسدها في أحضان امها لتبكي وتبكي حتى تنفد دموعها.
اشعري بي يا أمي، اشعري بقلبي الذي ذابت حجراته الاربع بفعل كلماتك، اشعري بي أرجوكِ وارحميني!!
لكن أمها لم تنتهي وهي تمسك بذراعيها لتوقفها بعنف : أبيك الحين تطوين صفحة متعب من حياتك ... والحين تقومين تتجهزين بسرعة وأنا بتصل على شاهين ادخله للمجلس حتى تنتهين
هزت رأسها بالرفض ودموعها تساقطت، لا لا هذا كثير، لن تستطيع تحمل هذا الضغط الذي تمارسه أمها عليها، ألهذه الدرجة تريد الفكاك منها! ألهذه الدرجة هي بؤسٌ عليهم! ألهذه الدرجة؟؟؟!
تجاهلت أمها حركت رأسها ودموعها بينما هي داخلها تتمزق، كل ذلك لأجلك، لأجلك يا أسيل ... يا ابنتي.
نظرت إليها بحزم لتنطق : لا تتأخرين
لتخرج بعد أمرها ذاك تطبق الباب خلفها، وتلك انهارت على الأرضِ تبكي وجعًا.

بعد نصف ساعة - في المجلس
يجلس وهو يهزّ قدمه بقلة صبر، يريد أن يُنهي الأمر ويتفاهم معها جيدًا في أمور زواجهما، يستحيل أن يسمح لها بأن تفرض فكرتها الساذجة، لم يكن يتوقع أن من تزوجها قد تكون بكل ذلك الغباء يومًا ... حسنًا، تحبه لا بأس، سيحتمل هذه الفكرة فهو كان زوجها ومن حقها أن تعيش فترةً بذكراه، لكن أن توقف حياتها عند هذا الحد! عند هذه الذكرى لتعيش بائسةً طوال سنين حياتها القادمة فهذا هو الغباء بعينه، جاءتها فرصة زواجٍ أخرى ومن الحكمة أن تكسب هذه الفرصة لتنسى، وهو سيصبر إلا أن تنسى.
ومن جهةٍ أخرى هو يخشى على أمه الشغوفة بالوقت الذي ستكون فيه أسيل أمام عينيها، يخشى أن تحزن عندما يُطلقها وهو الذي لا يحتمل حزنها.
أم فواز كانت تصب له القهوة وللمرة العاشرة رُبما : الا وشلون حصلت رقمها؟
نظر إليها بعد أن كان شاردًا ليبتسم، تلك الماكرة يبدو أنها لم تطلب الرقم مباشرةً منها ولم تكن أمها بذا علمٍ باتصالها به : طلبته من فواز
ابتسمت أم فواز بارتباك : كلمتها قبل اليوم؟
فهم ارتباكها وأدرك أنها تعلم بكره ابنتها لهذا الزواج : اي كلمتها
أم فواز وإرتباكها يتضاعف : كيف كانت معك؟ يعني ، ممم أسيل خجولة شوي وأخاف تكون طنشتك أو قفلت بوجهك
ابتسم على تشتت كلماتها، خجولة! هه، ليتها كانت كذلك بدل أن تكون - ساذجة -
شاهين : لا تحاتين عمتي صحيح خجولة شوي وكانت متلبكة بس ما صار شيء غلط
لم تفهم ما يرمي إليه في كلامه الواضح معناه وضوح الشمس، فما معنى “ ماصار شيء غلط “ إن كان أمامها لا يعلم برفض أسيل له!!!
في هذه اللحظة ضُرب الباب مرةً واحدة فقط، ثم طالت الثواني قبل أن تدخل أسيل ترتدي عباءتها بالكامل! لتهمس بالسلام حتى أن شاهين كاد يقسم أنه لم يسمعها لذا لم يرد السلام إلا بعد أن ردت أم فواز بهدوء.
أم فواز بإحراج : ليه متغطية حبيبتي، مافيه أحد غريب
جلست بجانب أمها بتوترٍ واضطراب، لتهتف بصوتٍ ضئيل لكنه وصله جيدًا : مو احنا طالعين الحين؟ قلت ألبس عبايتي قبل لا أدخل
تنهد شاهين بقلة حيلة وهو يحاول السيطرة على أعصابه، استفزته رسالتها وجدًا، كان يدرك أنها لا تعترف به زوجًا لكن أن يرى ذلك أمامه شيءٌ آخر.
شاهين بهدوء : شلونك أسيل؟
أسيل ببرودٍ وهمس : الحمدلله
وقف : بنطلع الحين ...أستأذنك عمتي
أسيل بسرعة وهي ترفع رأسها المغطى حتى عينيها لم تكونا واضحتين : ما نقدر نتفاهم هنا؟
شاهين بهدوء : حجزت في مطعم منها نحكي ونتعشى
عضت شفتها من خلف الغطاء وأمها نظرت إليها بتحذير : اوكي بتطلع الحين بس لحظة أحكي معها بكلمتين
أومأ دون كلمةٍ ليخرج، يشعر برغبةٍ عارمة في قلب المكان رأسًا على عقب، ما عساهم يرونه؟ ألعـــبةٌ هو في أيديهم؟ ... فهم من كل شيءٍ أن أمها تحاول أن تنسيها ماضيها وتُخرجها من قوقعتها، لكن أعلى حسابه؟ ... لكنه حاول أن يُهدئ نفسه مُتذكرًا من هم، فهم ليسوا مجرد أناسٍ عرفهم معرفةً عابرة، معرفته لهم امتدت لسنين وسنين، ولن يفسد علاقته بهم بسبب أسيل!!!
انتظر في السيارة لدقائق حتى جاءت، وهو كان يجلس في مكان السائق يتطلع بظلها الأسود من طرف عينه، وبتهورٍ منها كادت تجلس في الخلف لولا أنه صرخ بعد أن فقد أعصابه : سواقـك أنـــا؟؟!
ارتعشت في مكانها مُتفاجئةً من صراخه، لكنها همست بعد برهةٍ بغصة : أبي أجلس ورى
زفر الهواء بقلة صبر، ستجعله يُجن لا محالة، استغفر ليمسح على ملامحه وإحدى كفيه تقبض على المقود بقوةٍ بينما عيناه مُتجهتان للأمام : استهدي بالله يا بنت الناس واركبي قدام ... أنا زوجك ماني بغريب
زمت شفتيها بضعف، أيعقل أن تجلس بجانب رجلٍ غير متعب؟
بقي ينتظرها لوقتٍ وهي لا تزال واقفة، وهو يحاول ألا يفقد أعصابه أخيرًا لينزل ويسحبها رغمًا عن أنفها، إلا أنه هتف أخيرًا بغيظ : يا بنت الحلال اركبي
تهدل جفناها ثم اتجهت للأمام لتجلس، وهو حرك السيارة بانفعالٍ بدا مليًا من سرعة السيارة.
وهي، كانت مُلتصقةً بالباب، وحتى الآن لا تصدق أنها ركبت، ومع من! مع رجلٍ غير متعب! مع من يمسى زوجها / أخ متعب! ... أهي تعيش بكابوسٍ لترى نفسها معه! تتمنى ذلك حقًا وألا يكون كل ما يحصل حقيقةً، تتمنى أن الزواج لم يتم بالفعل كما كانت تتمنى سابقًا وبعد وفاة متعب أنه لم يمت حقًا. أباتت تعيش كوابيس دامت لعامين؟ أهي بالفعل نائمةٌ حتى الآن؟
منذ لحظاتٍ وقبل قدومها تحدثت معها أمها بتحذير من أن تطلب منه الطلاق أو تشعره بعدم رغبتها به، وكما العادة هي تستشعر ثقلها عليهم! تستشعر أنها ليست سوى ظلٍ أسود غيّم عليهم ليُظلم حياتهم مدى العمر. حتى أنها في النهاية وعدتها ... وعدتها ألا تقول بصريح العبارة “ أريد الطلاق “ ولم تدرك أمها أنها قد طلبته وانتهى الأمر.

*

تنسدلُ أصابعٌ على عينيها لتنسدل معها جميع أحزانها ولا يستطع سوى الفرح والفرح، ما أزكى هذه الرائحة الرجولية، عطره إختلط مع عبقه الطبيعي ليُكوّن رائحةً خارقة مُغريةٌ لأنفها.
همس وشفتيه تلامسان أذنها، يضخم صوته بصورةٍ مُضحكة : مين أنا؟
ضحكت بخفوتٍ وهي تميل لتضع رأسها على صدره : مممم فواز!
هزّ رأسه بالنفي بابتسامةٍ ومن شفتيه أصدر تأتأةً خافتة، لتمط شفتيها تصطنع التفكير هاتفة : السواق
رفع إحدى حاجبيه بحدة : لا بالله إحلفي
ضحكت لتستدير بسرعةٍ تقابل جسده بجسدها، ثم بخفةٍ وضعت كفها اليُمنى على عينيه بصورةٍ أُفقية: طيب مين أنا؟
ابتسم ليظهر لها بصورةٍ بهية فهو أكثر الرجال وسامةً في عينيها : ممرضة أمي!
عضت شفتها لتنزل كفها بامتعاض : وحدة بوحدة يعني؟
نظر لعينيها بضحكة : والبادي أظلم
أسيل وهي تكتف ذراعيها أمام صدرها : خلاص زعلت
متعب : أفــا
أسيل : انت تدري إني من أيام ماشفتك بسبب المعقد اللي اسمه فواز، ويوم أشوفك تقوم تحرقني بغيرتي عليك!
رفع حاجبيه بتعجب : وانتِ تدرين إني من أيام ماشفتك بسبب المعقد أخوك، ويوم أشوفك تقومين تحرقيني بغيرتي عليك! ... * داعب أرنبة أنفها بخشونةٍ رجولية ليردف * فيه مرة تسوي سواتك مع زوجها؟
ابتسمت بدلال : أمزح بس
متعب ببساطة : وأنا بعد أمزح
أسيل بحاجبين مُقطبين : ياخي وش فيك اليوم شغال لي ببغاء؟
تراجع للخلف ليجلس على إحدى كراسي الحديقة وهي التي كانت تقف عند الأزهار تسقيها قبل دخوله : أولًا أنا زوجك ماني بأخوك ... كم مرة بقولك هالشيء
أخرجت لسانها بإحراج وهي تنظر في الجهة الجالس بها : أنسى
متعب بحزم : وكم مرة أقولك لا تطلعين لسانك بوجه زوجك
ضحكت أخيرًا ضحكةً خافتة قصيرة وهي تقترب لتجلس على إحدى الكراسي البيضاء أمامه تفصل بينهما الطاولة المُستطيلة : خلاص آسفين آسفين .. ياخـ .. قصدي يا زوجي العزيز ليه كل هالتعقيد؟ خلنا طبيعين لا تكون كذا مدقق بكل شيء
متعب بابتسامة : أحب تكون زوجتي مثالية في كل شيء
أسيل بامتعاض : مافيه شخص مثالي
متعب : بس أنا بخليك مثالية
أسيل : ياليل الشقا ... وكأنك تقول إنك مثالي عشان تكون استاذي؟
ضحك على ما قالته : ذكية
رفعت حاجبيها وهي تنظر لوجهه المُشرق رغم التعب البادي عليه، حتى ابتسامته كانت لها كالدواء لكل داءٍ تُصاب به، هتفت أخيرًا بشرود بعد أن تنهدت تنهيدة العاشقة وهي تضع كفها على وجنتها ومرفقها يستند على الطاولة : وأنا أشهد
صدحت ضحكته على ملامحها لتستيقظ مما كانت فيه وتبتسم بإحراج : خربت علي حالميتي
متعب بضحكة : انتِ حالمية؟؟ انتِ انتِ؟
كشرت بوجهها بتهديد : متعب
متعب بابتسامة : عيون متعب
بهتت نظراتها فجاةً وتهدل جفناها وهي تنظر لخاتم الزواج في إصبعها بشرود، بينما هو تغيرت ملامحه حين انتبه لتغيرها : وش فيك حبيبتي؟
رفعت أنظارًا مُغلفةً بالدمع إليه لتهمس : معقولة تتركني بيوم من الأيام؟
قطب جبينه وهو يمد يديه ليعانق كفيها : معقولة؟؟؟
أسيل بغصة : أخاف بيوم تتركني عشان مرضك بحجة إنك ما تبي تظلمني معك
لم يعجبه حديثها، ولم يعجبه تفكيرها الضئيل به، أردفت حين رأت نظراته تحولت لغيظٍ من حديثها : لا تفهمني غلط .. أنا اعرف انك تبيني ومتمسك فيني، بس أوقات أحسك تفكر بتركي عشان لا تظلمني وياك ... وايش يعني سُكر؟ ليه كل ما طحت على اهلك قلت لازم هالزواج يتأجل؟ لهالدرجة أنا رخيصة عندك تخليني انتظرك كل هالفترة!
متعب بغيظ : وش هالكلام أسيل .. قاعدة تقوّليني كلام ما قلته!
أسيل بحزن : انت ما قلته بس أكيد قلبك يقوله
هي لا تعلم، لا تعلم شيئًا، من قال أنه يؤجل زواجه لأجل مرضه! من قال ذلك؟ هي لا تعلم الحقيقة، لا تعلم أن ما به أكثر من مجرد - سكر -، وهو الذي لا يقوى على جعلها تتزوجه دون أن تغادر السموم دمه
أسيل برجاء وهي تضغط بأناملها على كفه : تكفى يا متعب لا تحسسني أوقات بهالشعور مرة ثانية، لا تخليني أحس ببعدك ورغبتك في تركي، مرضك ما يهمني والله ما يهمني ... بس لا تتركني، لا تتركني ترا هالشعور يوجع وربي
سقطت دموعها مع آخر كلماتها، ليقف بعد أن زفر بقوةٍ ويتجه إليها، يتناول جسدها ليزرعه بين أضلاعه يريد أن يدخلها داخله لتسكن به دائمًا وأبدًا، لتجري بين دمه لعلها تكون المُطهر له من كل آفاته.
متعب بهمس : لا تخافين ... ثقي فيني ... والله ما اتركك ... إلا على موتـــــــي!


وكان هو .. كان هو ما جعلك تتركني أبدًا
( المــــــــــــــــوت )

وقد كنتَ قد أقررت معي مرةً إحدى الجويديات العتيقة
ان الخيول تموت حزنًا حين يهرب من حناجرها الصهيل!
وأنا أقول لك على مشارف خبرتي في بعدك
إن العاشقات مثلي يمتن حزنًا حين تهرب من حناجرهن - أحبك -
وقد هربت، هربت فكيف أنطقها لك بعد أن ذهبت أنت؟ كيف؟
فهل كان فاروق يقصدني بتشبيهه لي بالخيل و - أحبك - بالصهيل؟

*

افاقت على صوته المُنادي لها وكفه وقعت على كتفها يهزها : أسيل ... وصلنا
انتفضت ويدها نفضت كفه عنها لتنظر لملامحه بذعر، بينما هتف هو بضيقٍ من حركتها : وين راح عقلك؟ من ساعة أناديك
همست بـ “ آسفة “ بصوتٍ كاد ألا يسمعه، ثم نزل لتنزل من بعده بتردد. لترى أمامها مطعمًا للوجبات البحرية، كيف عرف أنها تحب هذا النوع من المأكولات؟ أم أنها لم تكن سوى صدفة!
شاهين بهدوء : تفضلي وش فيك واقفة؟
مشت معه بهدوء وقد صنعت بينهما مسافةً لا بأس بها، وهو صمت ولم يعلق بشيء، إلا أن وصل للطاولة التي حجزها لتجلس، وقد كان المكان راقيًا ذهبت إليه مع متعب لأكثر من مرة.
تنهدت فجأةً بشرود، كل مافي حياتها يجب أن يتعلق به وحده، يجب أن يتعلق بمتعب فقط. أغلق شاهين الحاجز ليجلس أمامها : تقدرين تاخذي راحتك الحين
رفعت نظراتها إليه، ما الذي يقصده؟ أيتوقع منها أن تكشف وجهها له؟ محـال، لن يحصل ذلك.
لم تنطق بكلمةٍ أو تتحرك، واحترم هو رغبتها وإن شعر بالقليل من الغيظ، لكن صبرًا ثم صبرًا، ليس من الحكمة أن يعاملها بالشدة فهي أنثى قبل أن تكون زوجته.
شاهين بهدوء : وش تطلبين؟
هزت رأسها بالنفي لتهمس : ماودي بشيء الحين
أراح كفيه على الطاولة أمامه لتتعانق أنامل يديه مع بعضهما ويهتف بثقةٍ وجدية : أجل بنتكلم بموضوعنا وبعدين نطلب
ارتبكت وارتفعت نبضات قلبها حتى خشيت أن يسمعه، وبدأت بفرك كفيها بتوتر ورأسها يقابل حُجرها من شدة خوفها أن ترفع نظرها له فترى متعب، متعب، هو متعب، يشبهه كثيرًا وإن كانت ملامح متعب أجمل وأكثر هدوءًا تبعث لها الراحة، لكنه كان يشبهه برونقٍ يخصه وحده، وحين تأتي المقارنة يكون الشبه حقيقةً بالعينين الحادتين فقط، بينما كان متعب يحمل ملامح وسيمةً مقارنةً بشاهين الذي تميز بجاذبية نظرته الماكرة. لكن لمَ ترى أن الشبه كبيرٌ جدًا؟ تكاد تُقسم أنها ترى متعب فيه.
لذا خافت، لن تنظر لملامحه طيلة مكوثها معه الذي لن يطول بالتأكيد.
شاهين بهدوء : سمعت منك للنهاية في الجوال ووقتها صعب نتفاهم كويس مع إنفعالك وأنا طبعًا كنت في حالة غير استيعاب لأن الخير توه واصلني
ابتلعت ريقها وهي تستشعر السخرية التي كمنت في “ الخير “، ليُكمل وهو يحاول ألا يبدو بشكلٍ مُنفعل : قررتي في حياتنا بروحك، وانتبهي إني قلت في حياتنا فمو من حقك تقررين من دوني ... لذلك إحنا هنا عشان نقرر مع بعض
استغرقت بعض الوقت لتتشجع وتُسيطر على اضطرابها من رائحة عطره التي انتشرت في الأرجاء، ألهُ نفس الرائحة أيضًا أم هي التي باتت تتخيل؟
همست أخيرًا وبارتعاش شفتيها خرجت كلماتها مُرتعشة : أعتقد إني قلت لك وش أبي
شاهين بحدة : بس أنا ما قلت
صمتت ولم تجد كلمات لتُسعفها أمام حضوره الذي يُهدر الكلمات قسرًا، بينما أردف هو : تفكيرك بدائي مع إحترامي
رفعت رأسها إليه بسرعة لكنها أعادته بسرعةٍ أكبر حين لمحت ملامحه
شاهين : في مرة عاقلة تفكر بتفكيرك؟
أسيل بارتباك : كل شخص وله قناعاته ... وأنا بعد زواجي الاول مستحيل أتزوج
شاهين بصبر : وأنا ما ودي أخاطر وأطاوعك ... أمي محتاجتك فوق ما تتصورين
رفعت أنظارها المُستغربة إليه وهذه المرة لم تُنزلها، المرأة الفاتنة في طُهرها والتي أحبتها كأمها تحتاجها؟
هتفت باستفسار : كيف يعني؟
شاهين وهو يشعر بالتردد من قول ما سيقول، إذ شعر أنه سيشابهها في خطئها : كانت تتمناك فوق ما تتصورين ... لك معزة خاصة عندها لدرجة إنها زعلت مني مرة عشانك، تتخيلين هالشيء؟ وكانت أنتِ هي تفكيرها الدائم عشان كذا اخترتك لي زوجة ... ما ودي أخاطر بحزنها
صُدمت، أيرُد ضربتها بضربةٍ أخرى؟ أيقول أنه أيضًا سيكسب من هذا الزواج كما ستكسب هي بتخفيف ثقلها عن أهلها : يعني؟
شاهين : كل شخص مستفيد من الثاني ... وأنا حقيقة ما تزوجتك لهالسبب وحده ... زواجي فيك كان عن قناعة تامة ... مو مثلك انتِ
ازدردت ريقها وهي تشعر أنها مُشتتة، إذن هو أيضًا لم يخترها بكامل إرادته وكان له مصلحةٌ خاصة في زواجه هذا.
هتفت باندفاع : ما عليك من خالتي أنا بتكلم معها وبفهمها إني ما أبي رجال من بعد متعب ... دامنا مانبي بعض نخلص من الحين
زفر بقلةِ صبر وهو يمرر أنامله على خصلات شعره : أسيل لا تجننيني .. وش فهمتي بالضبط من كل اللي قلته؟ أكيد اللي تبينه بس والباقي رميته ورى ظهرك
أسيل باضطراب : ما كان بكامل رضاك
شاهين بحدة : قلت كان بقناعة تامة
رفعت كفها لعنقها لتحكه من فوق العباءةِ دليل توترها، تريد الخلاص من هذا الرباط وحسب دون أن تهتم للعواقب : وش تبي بالضبط؟
شاهين : نكمل الزواج ... لا تظنين إن السبب الاول والأخير هو أمي ... بس أفكارك خاطئة ومستحيل آخذ فيها
زفرت بضعف : شاهين واللي يعافيك أنا هذا تفكيري وهذي قناعتي ... غير متعب مافيه أحد ... وتراني مجنونة كفاية عشان أسوي فضايح تهدم بلد
رفع حاجبيه بتعجبٍ من كلامها، يكاد يقسم أنها مجنونةٌ بالفعل وكم تمنى أن يتهور ليقول “ وأنا أشهد “
شاهين بابتسامةٍ ساخرة : ويعني مفتخرة بهالجنون؟
أسيل بقوةٍ لا تعلم من أين جاءتها : ايه ... لجل عين تكرم مدينة
صمت ولم يعلق، المشكلة أنها تتحدث عن أخيه هو، فكيف يمكنه الرد ليقول “ وهالعين ماتت ماتحتاج من يكرمها!! “
هتف بعد برهة : طيب ... مع هالكلام القليل جعت .... نطلب؟
صمتت وأسلوبه الهادئ يرغمها على عدم الرفض، ليأخذ صمتها بالموافقة، هاتفًا : أجل نكمل كلامنا بعد الأكل



,



قرب منتصف الليل ...
تحركت بارتباكٍ للحمام وهي تشعر أن قدميها عاجزتان عن الحركة، ماذا عساه تقول له، “ أنا لا أصلي ولا أعرف كيفية الصلاة أصلًا “!!
لم تشعر يومًا بالحرج من هذا الموضوع كما الآن، فلمَ شعرت به معه هو تحديدًا؟
دخلت للحمام لتفتح صنبور الماء وتبلل مناطق من جسدها، وجهها وشعرها وذراعيها حتى قدميها، فإن كانت لا تعرف كيفية الصلاة فكيف ستعرف كيفية الوضوء الذي مضى على تعلمها له سنين طوال؟
بعد لحظاتٍ خرجت وهي تشعر أنها مُقيدة بحركاتها، وقد وجدته ينتظرها خارجًا ليدخل بعدها ويتوضأ، وما إن توضأ من بعدها وخرج من الحمام حتى نظر إليها مُستغربًا : ليه ما لبستي جلالك؟
شعرت أن وجهها يحترق من الإحراج، ليكون حديثها معه ورأسها يواجه الأرض من الإرتباك هو من المرات القليلة التي تتحدث فيها بهذه الطريقة : نسيت لا أجيب معي
سلطان باستغراب : نسيتي؟؟؟؟
بالرغم من كونه تعجب أن تنسى امرأةٌ إحضار رداء الصلاة حين انتقالها لمنزل آخر إلا أنه هتف بهدوء : طيب بسيطة البسي عبايتك
وكأنها أرادت فقط أن يقول لها ذلك، لتهرول بسرعةٍ خارجةً من الغرفة لتأخذ عباءتها التي وضعتها على الأريكة وترتديها، ثم عادت إليه بصمتٍ وهو مُتعجبٌ من تحركاتها المُشتتة.
غزل بارتباك : هاه لبست
أومأ ثم فرش السجادة ليبدآ بالصلاة، وهي كانت فقط تقلد تحركاته دون أن تكون مُلمةً بها. حتى انتهيا.
تنهد بعد أن انتهى ومسح بكفيه على وجهه وهو يستغفر، ثم استدار إليها ليهتف : اسمعيني يا بنت الناس
انتهى ارتباكها مع جهلها بالصلاة، واختفى توترها لتعود غزل الواثقة بنفسها ثقةً عمياء. هتفت ببرود : نعم!
سلطان : انتِ عارفة إن علاقتنا ماهي مثل أي علاقة زوجية ... لكن إن رمينا بحق واحد مو معناته نرمي بباقي الحقوق .. فأتمنى تتفهمين هالشيء وأبقى في النهاية زوجك ولي كلمتي عليك
رفعت حاجبها بحدة : للأسف ما تعودت أعيش تحت شور أحد علي
قفزت شياطينه لينظر لملامحها بغضب : بس الأمور من اليوم اختلفت يا هانم، إذا أبوك تاركك دايرة على حل شعرك مو معناته إني بمشي في طريقه
غزل ببرود : ما ينطبق علي
سلطان بحدةٍ وهو يستشعر نبرة التحدي في صوتها : منتِ قدي يا بنت أحمد فلا تخليني أتعامل معك بطريقة ما أبغيها ... كلمتي تمشي عليك وانتِ بالعة لسانك، ومن بكرة تتغطين مثل العالم والناس ... واللبس الضيق اللي يرسم جسمك برا البيت وقدام الناس ممنوع .... وش تركتي للكافرات بالله!
ارتفعت حرارتها وهي تنظر لملامحه الرجولية بتحدي، من هو ليتحكم بها وبلبسها؟ : أوامرك هذي ... بلها واشرب مويتها
ثم نهضت دون كلمةٍ وهي تنوي الخروج، لكن صرخةً صدرت عنه جعلت جسدها رغمًا عنه يرتعش لتثبت قدماها في الأرض : غـــــــــــــــــــزل!!
استدارت بملامح باهتةٍ تنظر لملامحه التي اشتد ثورانها، ليقف حتى يتجه إليها ثم مد يده ليمسك ذراعها، ومن بين أسنانه هتف بفحيحٍ أشبه بفحيح الأفعى : لا تخليني أغلط عليك بالكلام ... أوامري تتنفذ ورجلك فوق راسك ... سامعة!!
لمَ أخافها؟ لمَ شعرت أنها تريد أن تمسك يديه بخوفٍ لتقول بأتم طاعة “ سمعًا وطاعة “!
صمتت ولم ترد، ليترك يدها وهو يستغفر تاركًا لها الجناح بأكمله .... أهذه هي الليلة التي تسمى بليلة العُمر!!
أغمضت عينيها بقوةٍ مع صوت الباب الذي أطبقه بانفعالٍ واضح، لا تنكر أن خوفها الأكبر كان من أن يضربها، هي إن كانت واجهت الضرب كثيرًا وكثيرًا في حياتها إلا أن ذلك لا يعني أنها اعتادت عليه ... ولطالما تهاوت وبكت سرًا بعد كل نوبة ضربٍ تصنعت فيها الشدة والشموخ!
جلست على السرير وهي تبلع ريقها، أيعقل أن يضربها في الأيام القادمة؟ أيعقل أن يكون ممن يهوون ضرب النساء؟ المشكلة الكُبرى أنها لن تتصنع البلادة أمامه إن هو ضربها، فهنا لا غرفة خاصةٍ بها تأوي دموعها وتتستر عليها.



,



سابقًا ..
بعد معاناةٍ جمّا في أكلها أمامه من تحت الغطاء انتهت ولم تأكل الا القليل، وهو ما إن رآها تترك مافي يدها حتى توقف معها وكأنه أرآد فقط إشارةً منها ليعودا للحديث.
أسيل بارتباك وهي تشتت نظراتها عن ملامحه : خلصت؟
شاهين بهدوء : اي ... وين وصلنا؟
تنهدت ترمي بوعدها لأمها خلف ظهرها، وما فائدة ذاك الوعد وهي ناقضته من قبل : ياليت يكون وصولنا للطلاق
شاهين : قلت مُستحيل
أسيل برجاء : زواجنا مامنه فايدة إلا لغيرنا ... طيب واحنا؟ وش بنستفيد؟
شاهين : ليه تحصرين تفكيرك بالفايدة والنتيجة بس؟ هذا مُستقبل وحياة لها أولوياتها، ما تقوم أعمدتها عشان الغير!
أسيل : قلتها بلسانك ... عشان أمك
شاهين بحدة : أسيـــــل ... لا ترمين باقي الكلام ورى ظهرك ... قلتلك كان زواجي فيك بكامل إرادتي
زفرت وهي تضع كفها على رأسها، يبدو أن نقاشهم العقيم هذا لن ينتهي أبدًا.
هتفت بإرهاقٍ من نقاشهما الذي لم يصل لنقطةٍ مُرضية : ودي أرجع للبيت
شاهين بصبر : بعد ما نوصل لحل
صرخت في وجهه بغضب : قضيتنا أكثر تعقيد من قضية فلسطين
امتدت يدٌ غاضبة لتُلجم صوتها بوضع كفه على فمها، ومن بين أسنانه هدر : خفضي صوتك بلاش فضايح
تراجعت للخلف بسرعةٍ حتى كادت تسقط مع الكرسي، هل وضع كفيه على فمها حقًا أم انها كانت تتخيل؟
أسيل بغضب : بعــــد يدك
تراجع بغضبٍ ويبدو أنه سيفقد السيطرة على أعصابه لا محالة، تمادت وجدًا حتى تأمره بهذه الفضاضة والوقاحة، همس من بين أسنانه : استغفر الله العظيـــم
أسيل بغضبٍ مُماثل يخالطه بعض الخوف وقفت : رجعني للبيت
شاهين بحدةٍ ونظره موجهٌ للطاولةِ بجمود : لا
شدت على قبضتيها وبدأت تمشي ذهابًا وإيابًا دليل انفعالها، وهو قد كان مُنفعلًا أكثر وأكثر لكن ذلك لم يظهر كثيرًا عليه
شاهين بأمر : اجلسي وخلينا نكمل حكينا
استدارت تنظر إليه وعيناها تهددان بالهطول، ليس عدلًا، ليس عدلًا، لمَ لامسها؟ كيف تجرأ؟ هل صدّق اللعبة حتى يظن أنه زوجها فعليًا ليُلامسها هكذا؟
زفر وهو يحاول مُقاومة غضبه، ليهتف بهدوءٍ ظاهري : قلتها لك وبعيدها ... طلاق لا تحلمين فيه ... مو شاهين اللي يفرط بملك له
قال جملته الأخيرة بتشديدٍ ليؤكد لها أنها زوجته أمام الله وأمام الناس، فعضت شفتها بقوةٍ حتى كادت تدميها، يريد أن يتحداها أم ماذا؟ لا بأس، فهي من أجل متعب ستفعل الكثير والكثير.
أتبع شاهين ببرودٍ اكتساه : مالك إلا تقتنعين بواقعك وتوافقين في الأخير ... لأن الكلمة الأخيرة لي
أسيل بنفور : أجل انتظرني ليوم موتك لأن مسألة دخولي لبيتك .... إنســــــــاها



,



صباح السبت - التاسعة بتوقيت بروكسيل
تحاولُ جاهدةً رفع أنبوب الغاز، تريد إخراجه ليكون بارزًا أمام عيني أخيها حتى ينتبه له ويخرجه، وبالرغم من أنه كان فارغًا إلا أنه كان ثقيلًا عليها، تأوهت وهي تحاول رفع ظهرها إذا لم تستطع فبقيت معكوفة الظهر قليلًا، وكفها تراجعت للخلف حتى تُمسده ببطء، وقتها دخل فارس ليراها بتلك الحال : يا ليل المصايب ... أنا ما قلت لك لا عاد تشيليه!
اقترب أكثر حتى وقف بجانبها ليحمله بيدٍ واحدة فعبست، ليُردف : أو خلي العيال يدخلون السواق من باب المطبخ ويشيله
جنان وهي تعتدل جيدًا في وقفتها : قلت بجرب ... معقولة للحين ما أقدر أشيله!
نظر فارس لجسدها نظرةً مُقيمة وهو يرفع حاجبًا، إذا كانت قصيرةً بعض الشيء ونحيلة : على أساس تغير حجمك يا سنفورتي
جنان بامتعاض : فااااااارس
ضحك ليخرج والأنبوب محمولٌ بيده، لتمشي خلفه لكن صوته عاد بعودته ليأمرها بالرجوع. استغربت : ليه وش فيه؟
فارس وهو يضع الأنبوب جانبًا : أخوالك وعيالهم هنا ... غطي شعرك
أومأت قبل أن يخرج فارس قبلها دون الأنبوب، وهو ينوي أن يعود له لاحقًا، بينما رفعت شالًا أبيض كان على كتفها لتغطي به شعرها البندقي.
خرجت بعد لحظات بملامح قلقة، تخاف من أقاربها بشكل كبير، لا تدري لمَ تشعر بعدم الراحة تجاههم، نظراتهم وحدها كفيلةٌ بزعزعة الطمأنينة من روحها، وتحديدًا نظرات أبناء أخوالها الزائغة! أيعقل أن يكون هناك أناسٌ لا يخافون الله حتى في عرضهم!
دخلت وهي تتأكد من حجابها لتلقي السلامَ بخفوت، ولم يرد السلام سوى والدها وإخوتها بينما بقي خاليها صامتين كما أبناءهم. الأكبر اسمه خالد وله من الأبناءِ اثنين، سامر ووليد، والأصغر اسمه أمجد وله ابنٌ واحد مدللٌ في نظرها وهو الأكثر غموضًا بينهم اسمه هيثم.
جلست بجانب والدها ليسألها خالها الأكبر خالد ببرود : كيفك جنان؟
جنان بهدوء : الحمدلله طيبة، كيفك خالي إن شاء طيّب؟
أومأ بملامح جامدة : مثل ما تشوفيني قدامك
صمتت وهي تطرق بتوتر، تشعر بالخوف معهم كما لم تشعره مع الغرباء، لولا وجود والدها معها لربما كانت قد هربت دون تفكير.
زفرت لتوجه نظرها إلى خالها الآخر، والذي كان يُشغل نفسه بهاتفه وساقه الأيسر فوق الأيمن يهزه بضرباتٍ مضطربة، لمَ يضطرب حين تكون معها؟ تلمح تقلص ملامحه وانعقاد حاجبيه بانفعال، هو يحاول السيطرة على انفعالاته بوجودها ولا يقدر، لمَ يكرهها بهذا القدر وينفعل بتواجدها؟ لم تشعر يومًا أنهم أخوالها، وكأنهم أعداءٌ لها.
همست بعد ترددٍ كبير، ولولا الواجب لربما كانت ستصمت : شلونك خالي أمجد؟ الحمدلله عالسلامة
رفع نظراته إليها ببطء، وبقي صامتًا للحظات، وكأنه يريد التأكد أنها تتحدث معه هو، إلى أن أجاب بخفوت : نحمد الله
وللمرة الألف هاهي تزدرد ريقها، ووالدها بجانبها تقع كفه على كتفها وكأنه يريد منها التماسك
أبو فارس بهدوء يوجه حديثه لأمجد : متى رجعت من دبي؟
أمجد ببرودٍ وإيجاز بعد أن وضع هاتفه جانبًا : أمس عالعصر
أومأ أبو فارس بصمت. وكم كان الصمت فاصلًا ضخمًا بين القليل من الأحاديت الباردة



,



وهناك في منزل سيف، بعد أن أصبحت الساعة تدق الثالثة عصرًا، وفي هذا الوقت تحديدًا يكون سيف مع من احترق قلبها تنتظر مثيله، مع من احترق قلبها تنتظر مثيله الذي يقول لها " ماما "
يارب، لم تعد تحتمل، تريد طفلًا بشغف، تهوى أن تمرر أناملها على وجنتيه النديتين، تسمع بكاءه حين خروجه للدنيا، تحتضنه وتُرقده على صدرها، يناديها بـ " ماما " تبث بها الروح وتُنسيها الضيم مع والده، تراه يحبو وإمارات بدء المشي تنمو لتتشدق وينشرح صدرها، يتمايل حين محاولاته للمشي فتضحك لتمسك مُساعدةً له.
يا رب، تريد طفلًا، تريد طفلًا منه.
كانت تجلس على السرير تفكر بعمقٍ بعد ذهاب سيف. تخشاه، خائفةٌ من بعد ما حدث ذلك اليوم مع والدته، بالرغم من أنه كان يتصرف بطبيعيةٍ دون أن يتطرق للموضوع من جديد، حتى أنه أخرجها معه كما قال لها، وكان يضحك بطبيعيةٍ ويحاول أن يسعد بذاك الموعد كأي موعدٍ لرجلٌ وزوجته، بينما هي تحاول أن تتصرف باعتيادية وتفرح بخروجها معه وضحكه رغم صعوبة ذلك. يا الله تخافه، حتى وهو يضحك باتت تخافه، أصبحت سلبيةً هذه الفترة وبدل أن تشعر بالأمان معه أصبحت تخاف منه.
سمعت طرق الباب فخرجت من الغرفة لتتوجه للباب وتفتحه لأنها علمت من الطارق، بالتأكيد خالتها فسيف لن يطرق باب جناحه. فتحت الباب لتدخل والدة زوجها، وبأحرفٍ سريعة هتفت : يلا يا بنتي ما عندنا غير هالفرصة
ارتبكت بعد أن علمت مقصدها، لا لا، لا تجرؤ، تخاف أن يكتشف فتنقلب الأمور على رأسها، ازدردت ريقها لتهمس : بس خالتي
أم سيف بحزم : لا بس ولا شيء ... امشي قدامي يلا
ألا تعلم أمه أنها من الممكن أن تفسد بيتًا عامرًا بالفساد من أساسه! كيف تقول لها أن ابنها لم يترك صورةً إيجابية له في عقلها، وبالتأكيد إن فعلت ما تأمرها به والدته فكأنما تُزيد النار حطبًا.
ديما بجزع : ما قلت لسيف إني بطلع، هو ما يحب أطلع دون شوره، ومع السواق تحديدًا
تعلم ذلك جيدًا، تعلم طباع ابنها فهو الذي كان يرفض إحضار سائقٍ لها، لكن هل جُنت هذه لتستأذن؟ هتفت بتساؤل : ناوية تقولين له! تتوقعين بيوافق!!!
هزت رأسها بالرفض وهي تعرف الجواب مليًا، لن يوافق ولن يوافق، وهي لن تحاول فقد يئست وفقدت الأمل به، سيف لن يتغير، سيبقى المُستبد الذي يريد أن ينال سعادته على حساب سعادتها.
زمت شفتيها، يا الله، لمَ تعيش هذه الحياة؟ لم يأتي الوجع على ومضاتٍ لا تتوقف؟ إلهي كم تريد أن تحيا بسعادةٍ دائمةٍ معه، تتمنى ذلك بشدة. آه يا سيف، إستبد بي الوجع حتى بت أهذي بالفراق، نسيتُ أنني معك تعيسة، ودونك ميتة، كيف لي الحياة دونك وأنا التي اعتادت التعاسة بك؟ أنا التي تعلمت العشقَ على يديك، ومن ذا الذي يعشق جلاده!
اقتربت منها أم سيف التي كانت تحمل العباءة في يديها استعدادًا للخروج، لتهتف بأمر : جيبي عبايتك ويلا معي، ماراح يدري بخروجك وهو بيرجع عالساعة خمسة ونص ... يمدينا نروح ونرجع
هزت رأسها بالرفض مرارًا مرارًا، يكفي مشاكل أرجوكِ، لا تريد، المشاكل أغرقت حياتهم وليست على استعدادٍ لتُضاعفها
بينما أم سيف من يقنعها! ولجت لغرفة النوم لتأخذ عباءتها المعلقة، وتلك حمدت ربها أن سيف أمرها بنقل أغراضها والا كان أمرها أُفتضح، لحقت بها وقبل أن تدخل خلفها كانت قد خرجت لتمد يدها بالعباءة، وبأمر : البسيها ويلا قدامي



,



يجلس وبجانبه ذاك الصغير ذو السبع سنين، يمطر عليه بالكثير من الكلمات وهو يقابله بابتسامة الأب الحنون
زياد بحماس : وتدري وش قال
سيف بابتسامة يظهر الإهتمام بما يقول : وشو؟؟
أكل زياد من المُثلجات التي في يده ثم تابع بذات الحماس : كان يقول عني شاطر وإني بكون الأول على الفصل مثل الترم الأول
ضحك سيف وهو يحمله ليضعه على حجره، وقد كانا يجلسان على إحدى الكراسي الخشبية في حديقةٍ ممتلئة بالأطفال في هذا الوقت : هذا هو ولدي اللي بيرفع راس أبوه
زياد بسعادة : يعني تحبني
سيف : أكيد ومين قال العكس
تجهم وجه زياد بطفولة وهو يتمتم بحزن : ماما
تيبس سيف للحظات، لكن سرعان ما رطب شفتيه بلسانه وهو يشعر بالحقد عليها، ما الذي تزرعه في عقل هذا الطفل عنه؟. هتف بصوتٍ حاول إخفاء الغضب به : وش قالت لك؟
نظر إليه ببراءةٍ وصمت، لطالما حذرته امه من أن يخبر والده بما تقول فهو سيكرهه أكثر، وهو لخشيته من تلك الفكرة يصمت. تنهد سيف ولم يسأله مجددًا، ليمسح على شعره الكثيف والمجعد ثم همس : لا تسمع كلام أمك تراها تمزح معك ... أنا أحبك ومافي أب في الدنيا يكره ولده
لمعت عيناه بفرح : والله
أومأ وهو ينزله عن حجره، ثم نظر لساعته ليهتف بأسى : صارت خمسة ونص ... لازم أرجعك لامك
عبس الطفل وهو يحرك قدمه برسمٍ عشوائي على الأرض، فابتسم سيف لينزل بجسده إلى مستوى جسده الصغير : ليه التكشيرة الحين؟ مو اتفقنا أجنب عليك بكرة وآخذك للملاهي! ترا بكنسل الطلعة إذا ما فكيت التكشيرة هاه
نظر إليه الطفل وعينيه متلألأتين بالدمع، يريد البقاء معه أكثر، لمَ ليس كبقية الأطفال حتى يكون مع والديه معًا؟ دائمًا ما يرى أصدقاءه يتحدثون عن حنان والديهم وهو لا، دائمًا ما يرى السعادة في أعينهم وهو لا يستطيع تصنعها، لمَ لا يكون مثلهم؟ لمَ لا يكون مثلهم؟؟
ارتخت ملامح سيف بحزنٍ وهو يمد يديه ليمسح دموع طفله التي سقطت، دموعه شطرت قلبه لنصفين، يا الله، لو يستطيع فقط أخذه معه، لو يستطيع تحقيق أمنيته بأن يكون معه ومع أمه معًا دون تشتت، لكن لا يستطيع، لا يستطيع
همس بحنانٍ بعد أن قبل وجنتيه الناعمتين : ليه البكا الحين؟ يعني يهون عليك تكدرني الحين؟
زياد بغصة : أبيك وماما مع بعض
سيف بابتسامةٍ حزينة : واحنا معك
زياد : وليه منتو معي سوا
رفع كتفيه : كذا الحياة تبي
صمت زياد وهو لا يفقه الكثير من معنى ما يقوله والده، فهتف بحماس : أنا أقول للحياة تجمعكم
ضحك وهو يحتضنه ليهمس له : أمك الحين منتظرتك ... خلنا نرجع وبكرة نكمل كلامنا، بس خلك جاهز من بدري طيب
أومأ زياد برأسه فوقف سيف وهو يمسك يد زياد ليتجها نحو السيارة، يجب أن يتحدث مع بثينه اليوم، لن يسكت عن ما تقوم به، كيف لها أن تقوم بتشويه فكر ابنه عنه؟ كيف لها أن تتحدث أمام طفلٍ عن والده بهذا الشكل؟
زفر وهو يدخل زياد السيارة ليتجه نحو معقد السائق ثم بغضبٍ لفت نظر الطفل تحرك بسرعة.



,



في جهةٍ أخرى
تنظر للساعة مع كل ثانيتين بتأفأف، وأخرى تظر إليها بملامح مُستاءة : وبعين معك بثينة .. تراه مع أبوه
بثينة بقهر وهي تضع هاتفها على الطاولة أمامها وساقها اليُسرى تهتز بتوتر : ما أبيه يكون معاه، ما أبيه يكون مع سيف ... * عادت للنظر في هاتفها * يا الله المفروض رجع من عشر دقايق اوووف
جود بعجب : يوووه، كلها عشر دقايق تأخر فيها وقومتي الدنيا وقعدتيها ... يا بنت الحلال تراه أبوه مو من حقك تمنعيه عن ولده
بثينة بحقد : والله ما أخليه ياخذه وانا ساكتة ... زياد لي وبس
ثم وقفت بانفعالٍ لتتجه لباب المنزل حتى تنتظر حضور ابنها، وتلك هزت رأسها يمينًا وشمالًا بأسى على حال اختها : جنت والا جنت!
بينما كانت بثينة واقفةً عند الباب تنظر لساعة هاتفها تارةً، ولساعة يدها بتشتتٍ تارة. مابه تأخر؟ من المفترض أن يكون قد جاء منذ مدة. تأفأفت وهي تنظر لساعة هاتفها مرةً أخيرة قبل أن تسمع هرن سيارةٍ خارجًا، فتشدقت لتفتح الباب قليلًا تتأكد إن كانت سيارة سيف، ودون شعورٍ ضحكت وهي ترى سيارته السوداء.
بثينة بفرج : جاء يا جود
لم ترد عليها أختها وهي مُنشغلةٌ بهاتفها.

في الخارج
ترجل من سيارته ومن الجهة المعاكسة نزل زياد ليتجه سيف إليه، أمسك بيده ثم مشى معه وهو يحدثه بوصايا ويأمره بالإنتباه لنفسه.
وصل لباب المنزل وقد لاحظ أنه مفتوحٌ قليلًا، لينزل لمستوى زياد قليلًا يطبع قبلةً حنونة على جبينه ثم هتف : يلا يا الذيب إدخل وبكرة أشوفك
سمع صوتًا خافتًا تقريبًا من الداخل يُحدث زياد بغضبٍ فور دخوله : ليه التأخير؟ عجبتك القعدة معاه!
قطب جبينه بغيظ، وكم يتمنى لو يدخل ليُزهق روحها. ابنه، هو ابنه في النهاية وتلك تنوي تشويه علاقته به. هتف بصوتٍ خرج حادًا رغمًا عنه : أم زياد
عمّ الصمت للحظات، وتلك زمت شفتيها تردد في داخلها “ للحين واقف! يا ذي النشبة ما يتغير اوووف “
هتفت بحقدٍ وهي تتشبث بالباب وكأنها بذلك تحمي نفسها عمن كان لها العاشق والمتيم وهي العكس من ذلك تماما، وباهتزازٍ من خلف الباب : نعم بو زياد، بغيت شيء؟
سيف بحدة : وش تولدين براس الولد؟
صمتت تزم شفتيها، وزياد قد توجه للداخل بعد أن دفعت كتفه حين ناداها، ما الذي قاله له ابنها؟ لا تدري لمَ شعرت بالخوف لكنها تحلت بشجاعةٍ زائفة وهي تهتف بثقة : الحقيقة
سيف بغل : وهي كرهي له؟ انتِ ما تخافين ربك تخربين عقل هالولد؟
بثينة بعلياء : ماودي يتعلق في شخص ممكن ينقلب عليه في النهاية
رفع حاجبه الأيمن، الآن أصبحَت تتحدث عن الماضي وهي التي كانت تستحق، أليس هو من كرمها ورفعها للأعلى فكانت هي من أطاحت بنفسها على يديها أخيرًا؟
هتف بوعيد : لا تجبريني على فعل يخليك تندمين طول عمرك
تشبثت بالباب بقوة، تعرفه جيدًا، تعرفه وهي التي ولّدت الشخصية الأخرى والمعاكسة عن شخصيته السابقة، تعلم أنه إن قال فعل، ودون رحمةٍ إن اضطره الأمر.
بثينة باهتزاز : وش بتسوي؟
سيف بتحذير : تعرفين قصدي كويس
زمت شفتيها وهي تتراجع قليلًا، إلا زياد، إلا زياد، ستتحمل كل شيءٍ إلا أن يأخذه منها
أردف سيف بحدة : أنا الحين بمشي السالفة بكيفي، لا شفت ولا سمعت ... بس لو أدري إنك ما وقفتي لعبتك القذرة فياويلك مني يا بثين ... وانتِ تعرفيني زين
لم يتبع كلماته بشيءٍ وتراجع باتجاه سيارته غاضبًا، لتسقط هي على الأرض وتُطبق الباب بقوة. تكرهه، تكرهه، ليتها لم تعرفه يومًا وليته لم يكون زوجها يومًا. شتان ما بينه وبين شخصيته السابقة، شتان ما بين حنانه وقسوته الآن، وهي من صنعت تلك القسوة به، هي من صنعت هذا السيف اللاهب.
شعرت بشخصٍ يقف خلفها لتستدير بسرعةٍ والدمع يترقرق بعينيها خوفًا من خسارة زياد، لترى جود تقف وحاجبيها منعقدين. وقبل أن تنطق بكلمةٍ كانت هي قد هتفت بأسى : ما أقدر أقول غير إن كل اللي يصير واللي بيصير من صنع يدينك ... كنتِ ملكة عنده وانتِ اللي ضيعتي هالنعمة بتعاليك وغرورك
صرخت بثينة بغضبٍ في وجهها : انقلعــــــــــي ... انقلعي من وجهي يا حماره ... بدل ما توقفين مع أختك تعاكسينها مع طليقها!!
جود بقناعة : أنا واقفة مع الحق ... وأعرف إنه كان مدللك وانتِ ما قدرتيه لين قلبت الأمور فوق راسك
بثينة بغضب وهي توجه عينيها المُتسعتين للأرض : اقلبي وجهك عني قبل لا أتوطى في بطنك
هزت جود رأسها أسًا على حال أختها لتذهب بينما هي تنطر للأرض بجنون : والله ما ياخذه إلا على موتي ... والله ما ياخذه


,


كانت ترتعش وهي تهاتفه، تريد الخلاص أخيرًا، تريد أن تصرخ “ تعال أنقذني .. أنقــذنـــي “
لكنه كان من الجهة الأخرى يرد ببرودٍ ظاهري وهو في داخله يحترق، هي تطلب منه أن يأتيها، أن يُحضر إلى منزله من أرادها كثيرًا ليكون دواءه و - كيس الملاكمة - التي يفرغ بها شحناته
ضحك بسخرية : تطلبين شيء غبي يا أختـي العزيزة .. وبثقة كاملة فيني!
بارتعاش : تكفى أدهم والله ما صرت أبي أجلس عندهم، ما أقدر أقابلهم واللي يعافيك
أدهم ببرود : ليه وش صار؟
ابتلعت ريقها بغصة، ثم بهمس : شيء يخصني ... بس ذبحني!
ببرود : وأنا ماني مستعد للمخاطرة
إلين بحدة : والله أنا أختك والله ... عطيتك الدليل وماتبي تصدق!
تنهد ببرود وعبثٍ وهو يمرر أنامله على خصلات شعره الكثيفة : دليلك مو كافي، ممكن يكون فيه تلاعب بالتحاليل .. وحضورك لعندي أكبر مخاطرة بنفسك!
صرخت بانفعال : أنا أختك اتقي ربك فيني
أدهم بحدة : مافي دليل كافي لهالشيء، وطبعًا بتكونين في بيتي وأنا أشوفك غريبة وش تتوقعين مني؟
عضت شفتها بغضبٍ وقهر : ليه إنت حقير لهالدرجة
أدهم بوعيد : ايش؟؟ عيدي اللي قلتيه ما سمعت
أغلقت في وجهه لتنخرط في بكاءٍ مرير، سحقًا، ليس لها سواه من بعدهم، وهو لا يعترف بها إطلاقًا، كان يتحرش بها سابقًا عن جهلٍ بكونها أخته، والآن هو لا يصدق هذه الحقيقة فماذا تتوقع منه؟ ماذا تتوقع؟
كان هو أول من تفكر باللجوء إليه بعد كل ماحصل، وخذلها كما خذلوها هم. كان هو الملاذ الأخير وخانها هذا الملاذ ليتعرى عنها ويكشفها أمام من يُعاديها، فماذا تتوقع من الحياة بعد هذا البؤس والخذلان؟ ماذا تتوقع بعد هذه الصفعات؟
غطت وجهها بعد أن رمت هاتفها على السرير لترمي بجسدها تبكي وجعًا لا يموت، أرجوكِ ياروحي فارقي جسدي لأرتاح، أرجوكِ فلا تخذلي رجائي كما خذلوني هم، أرجــــوكِ.
غطست بوجهها في وسادتها التي ابتلت ولطالما ابتلت بدموعها، ليرتفع نشيجها تدريجيًا دون أن يصل إلى ذروته حتى يسمعه من في الخارج، وبعد دقائق من البكاء كان بابها يُطرق لتُجفل لثوانٍ وتجلس، من عساه الآن يأتي إليها وهي التي لا تقوى على أي مواجهة.



,


كانت تجلس على سريرها وشعرها الطويلُ مُبتلٌّ تقريبًا بعد أن كانت تستحم، دخلت أرجوان لتهتف لها ببضع كلماتٍ تخبرها أن الغداء جاهز، لتومئ فهي في النهاية إستسلمت بعد أن كانت لا تأكل إلا القليل، وقد وهن جسدها من هذا القليل.
جففت شعرها بعد أن خرجت أرجوان ثم رفعته بعشوائيةٍ بمشابك الشعر وخرجت وهي ترتدي بيجاما طفوليةً زهرية.
رفع يوسف نظره إليه ولم تخفى عنها نظرة السعادة التي تجلت في عينيه لرؤيتها، ورغمًا عنها شعرت بغصةٍ لتبتلع ريقها. همست بالسلام ليرد الجميع ثم جلست بصمت. وطال صمتهم إلا أن قطعته أرجوان : يبه
يوسف بابتسامة : عيوني
أرجوان بهدوءٍ مُبتسم : أمس جدتي اتصلت ... وسألت عنك
يوسف باهتمام : كيف صحتها؟
أرجوان : كويسة * ثم استدارت لجيهان لتردف * وسألت عنك بعد ... تقول تكبرتي عليها وما عاد كلمتيها
جيهان بابتسامة مُحبه هادئة : الله يخليها لي أم الجوج ... إن شاء الله أكلمها اليوم
لاحظ تغيرًا طفيفًا بها وذلك أراحه قليلًا، يجب أن تعود ابنته لسابق عهدتها فهي قد فقدت الكثير من صفاتها المُحببة إليه، لكن اليوم هي على الأقل تبتسم وتأكل معهم.
وقف : يلا حبيباتي أنا طالع عندي شوية شغلات
أرجوان بضيق : ما أكلت
يوسف : خلاص شبعت
اقترب منهن ليقبل جبين كلٍّ واحدةٍ على حده، وهي لم تتحرك أو تبدي حركةً تدل على تأثرها، وحين أهم بالمغادرة هتفت جيهان بهدوء : يبه
وكأنه لم يستوعب مناداتها له، إستدار ببطءٍ لينظر لوجهها بصمتٍ للحظات، ألا أن هتف بابتسامة : يا عيونه
جيهان بارتباك : أبي أطلع من الشقة
يوسف باهتمام : لوين؟
رفعت كتفيها وهي تحاول أن تُشغل نفسها بالملعقة التي تُدورها في صحن الأرز أمامها، وشفتيها انفرجتا عن حديثٍ هادئ : أي مكان ... بمشي شوي، أحس نفسي مسجونه كذا
رحب بالفكرة وأعجيته كثيرًا، على الأقل سيغير ذلك من نفسيتها : طيب ما عندي أي مانع، بس بشرط ما تروحون بعيد عن الحارة
كشرت قليلًا وقد فهمت من صيغة الجمع أنه يريد منها أن تخرج مع أختيها، وهي التي أرادت أن تختلي بنفسها خارجًا، لكنها في النهاية أومأت بطاعةٍ ليبتسم : كان ودي أكون معكم بس مشغول شوي
لم ترد، وقد استقامت أرجوان لتتبعه إلى الباب، وحين عادت : وأخيرًا بنطلع من هنـــا!
جيهان بتكشيرة : لازم تطلعون معي يعني؟
رفعت أرجوان حاجبيها : ليه محنا قد المستوى!
رفعت الملعقة بعد أن غرفتها في الأرز لتلتهمها : رحم الله امرئٍ عرف قدر نفسه
أرجوان بتقرف : لا عاد تتكلمين وفمك مليان أكل!
تجاهلتها وهي ترتشف من العصير ثم وضعت الكوب والملعقة لتنهض عائدةً للغرفة التي أصبحت ملاذها الوحيد لأفكارها العقيمة.



,



تجلس في الصالة وقد رمت بأوامره البارحة عرض الحائط، وهي التي كانت في البداية تسعى لأن ترتدي ما لا قد يغريه، وبالرغم من خوفها حين صرخ بها إلا أنها عادت لتعانده.
وقناعاتها “ إذا أظهرت ضعفها قد يتمادى “ أما لو تصرفت منذ البداية بحدةٍ وتمسكت بما تريد فسيملّ أخيرًا ولن يحاول أن يرغمها على ما يريد.
وهاهي الآن ترتدي فستانًا حريري بلونٍ تركوازي يصل إلى ركبتيها، ومن الأعلى يكشف القليل من صدرها. وربما لو رآه قد يكسر رأسها! لكنها لن تبالي، وأما قصة الضرب فهي لن تدعه يتجرأ ليضربها، فوالديها كان لهما كل الصلاحيات لذلك أما هو ... فمحـــال.
ارتشفت من كُوب القهوة المُرة التي حضرتها في المطبخ بعد جهدٍ كبير فهي المدللة التي لم تقم يومًا بعملٍ ما، حتى أنها لم تكن بالشكل المطلوب لكن لا بأس بها.
نامت البارحة على السرير بعد أن خرج سلطان وحين استيقظت لم تجده، أيكون نام خارجًا؟ .. لم تهتم كثيرًا ولم تبالي، فمن هو لتبالي أساسًا!
سمعت طرقًا على الباب وانتفضت فجأةً ودون شعورٍ أمسكت طرف ثوبها، لا تعلم لمَ خافت، أمنه هو أم من أن ينجذب إليها فتنتهي!!
لكنها سرعان ما وضبت نفسها لتتذكر أن سلطان بالتأكيد لن يطرق الباب بل سيدخل، إذن من هذا الذي سيكون في الخارج؟؟؟
اتجهت ببطءٍ للباب لتهتف بتوتر : ميــن؟؟
وصل إلى مسامعها صوت امرأةٍ وقور : أنا يا بنتي
غزل بوقاحةٍ بعد أن اطمئنت أن الطارق ليس سلطان : اي عارفة إنه انتِ بس ميين انتِ أساسًا؟
صمتت المرأة للحظات وكأنها صُعقت من وقاحتها، لكنها سرعان ما تنحنحت لتهتف بخجل : من طرف سلطان
قطبت جبينها ثم سرعان ما فتحت وهي تكشر بملامحها، أهذا وقتها : أهلين
نظرت إليها المرأة من أعلاها لأسفلها قبل أن تصدر شهقةً وهي تراها مُستندةً على إطار الباب بوقاحة : ادخلي يا بنتي لا يشوفك أحد تراك بفندق منتِ في البيت
دون مُبالاةٍ هتفت : نعم اخلصي
المرأة بجزعٍ دفعتها لتُدخلها وهي مصدومةٌ من الفتاة التي تزوجها سلطان، ألم يجد سوى هذه الوقحة قليلة الأدب؟؟
تراجعت غزل بضيقٍ من دفع المرأة لها : هييييي انتِ وش فيك خرفتي؟ بعدي يدك أشوف
وهو كان واقفًا في الخلف جانب الباب بعد أن أوصل ليلى وتوقف بعيدًا عن الباب قليلًا، لكنه ما إن رآها تكشف جسدها على الباب بوقاحةٍ ودون مراعات أن يمر رجلٌ في أي لحظةٍ اقترب غاضبًا. بعينين مُتسعتين وصدمته أكبر بوقاحتها في الحديث.
سلطان بغضب : غـــــــــــزل!!
انتفضت بصدمةٍ لتنظر إليه بارتباكٍ واضح : سلطان!
سلطان بصدمة : وش هالأسلوب الخايس يا قليلة الأدب؟ هذا أسلوب تتكلمين فيه مع مرة أكبر منك! ولا بعد وش هاللبس؟؟
ليلى بتدارك نظرت إليه وهي مُتلحفةٌ بعباءتها : ما عليه سلطان أكيد قصدها تتكشخ لك وما حسبت حساب إن أحد يجيها
أومأ لتفهم ليلى أنه صرف نظره عن الموضوع، بينما غزل فهمت وعيده جيدًا ودون شعورٍ تراجعت للخلف بخوفٍ استغربه هو : لحظة أبدل ملابسي
ثم بارتعاش كان واضحًا لعينيه ليصدمه تراجعت للغرفة برعب، أيعقل أنه أخافها لهذه الدرجة؟
زفر بضيقٍ ليلتفت لليلى : اعذريني بالنيابة عنها على أسلوبها .. ماكنت أدري إني تزوجت وحدة بهالشكل
ليلى بحنان : ما عليه يا ولدي أكيد ماكانت تقصد
أتتعذر عنها الآن وهو الذي يعرف والدها جيدًا فلـمَ قد تختلف عنه؟
أومأ ليهتف : تفضلي اجلسي وأنا بدخل لغزل أحكي معها شوي
ليلى برجاء : لا تهاوشها
سلطان : تطمني
كلمةٌ واحدة ألقاها ثم اتجه بصمتٍ للغرفة، ليدخل دون أن يطرق الباب ويجدها تعبث في حقيبتها بقهر، تهمس لنفسها بصوتٍ لم يسمعه : يخوفني؟ أنـــا يخوفني هالأهبل!!!
اقترب منها بهدوء : ليه ما تريحين حالك وترتبينها في الدولاب لأننا على ما يبدو متأخرين في الجلوس هنا
تجمدت للحظاتٍ وقد كان خلفها، ثم استدارت ببطءٍ وهي تحاول أن تشحذ قوتها، منذ نعومةِ أظافرها وهي لم تخشى أحدًا غير والدها، فهل يأتي هذا لتخشاه؟ أيعقل أن خوفها من أن يقترب منها ارتبط بالضرب ليبني رعبًا خارقًا بالنسبة لها لا يكون إلا معه؟
غزل بهدوء وهي تحاول أن توضب نبضات قلبها : ما أعرف أرتب
سلطان بسخرية : توقعت .. * ثم بحدةٍ أردف * اللبس ممكن أتغاضى عنه لأنك ما قصدتي يكون خارج الجناح مع إني عارف إن هالشيء ما يهمك .... بس وقوفك عند الباب بكل هذيك الوقاحة وين أصرفها؟؟
رفعت أنظارها لوجهه الغاضب لتبتلع ريقها، لكنها ورغم خوفها أجابت بوقاحة : مافيه أحد برا
سلطان بتعجب : لا والله ... بيت أبوك هو؟؟؟
غزل : أنا ما قصدت أستعرض عند أحد .. فلو هم فهموا كذا أنا وش علي بعقليتهم
ضحك بصدمة : لااا برافو على هالكلام؟ جد برافو ...
أردف بتقززٍ من تفكيرها : ياهوو تراك عربية مُسلمة وين تظنين نفسك عشان يجي في بالك إنك لو مشيتي بهالشكل عــادي؟؟
شعرت بالغضب من سخريته بها ونبرة التقزز في كلماته : ما يهمني رأيك ... أنا كذا قناعتي ومستحيل أغيره عشان أرضي حضرتك
زمّ شفتيه وهو يحرك رأسه يمينًا وشمالًا، يقسم أنه لم يكن ينوي أن يتعامل معها بشدةٍ منذ البداية، لكنه صُدم حين ظهرت له بهذه الهيئة “ الحقيرة “ ورغمًا عنه يجب أن يتعامل معها بهذا الشكل.
سلطان بعد تنهيدةٍ قصيرة تنبؤ بالكثير : خلينا من هالسالفة لأننا بنجني ثمارها بعدين ... أسلوبك مع المرة اللي برا وش قصته هو بعد؟ظ
غزل بارتباكٍ بعد أن لاحظت غضبه الذي تصاعد وهو يحاول جاهدًا السيطرة على أعصابه، أيعقل أن يضربها الآن؟؟ : ما أعرفها وش تتوقع مني؟ أرحب فيها يعني
تراجع غاضبًا يهدر بقليلٍ من التفاجئ : الله ياخذني يوم فكرت أكمل هالزواج ... كل شوي تصدميني أكثر ... حسبي الله على ابليس اللي رباك هالتربية الشوارعية
نظرت إليه بحدة لتصرخ في وجهه وقد فقدت كل سيطرةٍ على لسانها : احتــــــرم نفسك يا ****


.

.

.


يقول تعالى ( لَئِن شَكَرْتُمْ لأَزِيدَنَّكُمْ وَلَئِن كَفَرْتُمْ إِنَّ عَذَابِي لَشَدِيد )
فلا تكونوا يومًا من كُفار النعمة!


أقف هنا وأغزل لمن يقف معي كلماتَ شكرٍ لن توفيهم حقهم
فشكــــرًا بحجم السماء والأرض



أعذروني ما أقدر أحدد موعدنا القادم حاليًا
اللاب مدري وش صار عليه وماعاد اشتغل
بس لحسن الحظ ولله الحمد أنا متعودة أحفظ الملفات اللي تهمني في فلاش بعد أغلب التحديثات مني عليها
فكنت حافظة الملف الخاص بالرواية وراجعته على لاب أختي

أتمنى تعذروني بحاول ما أتأخر عليكم وإن شاء الله أحدد موعد خلال هاليومين




ودمتم بخير / كّيــدْ !





كَيــدْ 29-07-14 10:21 AM

رد: قيودٌ بلا أغلال عانقت القدر
 


وأخيرًا انتهى تنزيل البارتين ><
المنتدى معلق معي ومتعبني كثير
بس الحمدلله إن الفرج جاء من الله في النهاية -_-



الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 7 ( الأعضاء 5 والزوار 2)
‏كَيــدْ, ‏نورالكون15, ‏بدور الغلاوي, ‏خواطر قلم, ‏بنت سلطان


حيـــــــــــاكم :**

كَيــدْ 01-08-14 07:44 AM

رد: قيودٌ بلا أغلال عانقت القدر
 


السلام عليكم ورحمة الله وبركاته :**

صباح الراحة
مساء الضحكات

انتظروني أعزائي في الغد مع الجزء الحادي عشر




ودمتم بخيرٍ وراحة / كَيــدْ !

...همس القدر... 01-08-14 09:43 AM

رد: قيودٌ بلا أغلال عانقت القدر
 
السلام عليكم ...
الق شكر كيد عالبارتين ...
يجننوا عهه واعذريني على ردي السريع بش مشعولة كثير
بانتظار بارت لكرا ...اللي يمكن ما اقدر اقراه دعري ؛(

بنت سلطان 02-08-14 08:51 AM

رد: قيودٌ بلا أغلال عانقت القدر
 
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

اولاً كل عام وانتي بخير وعيدكك مبارك يارب

ثانياً أهنيك يَ كاتبتنا الجميله كيَد على هاالروايه الجميله ، للأمانه طحت عليها بالصدفه وقريتها من البدايه لآخر بارت وصلتي له بنفس اليوم كلما قلت خلاص اكمل بعدين القى نفسي مشدووووده اكمممل هههههههه
من زممممان والله عن النوع المتقن والمشوق من الروايات ❤️
كككلي حماااس للبارت الجاي 😊
بالتوفيق يا جميله 🌹

كَيــدْ 02-08-14 10:25 AM

رد: قيودٌ بلا أغلال عانقت القدر
 




سلامٌ ورحمةٌ من الله عليكم :)

صباحكم سعادة وفرحٌ لا يزول
صباحكم تباشير بالفرج على كافة بقاع السلام


مساؤكم طمأنينة وعتقٌ من النيران

كيفكم آل ليلاس؟
إن شاء الله تكونون بأتم صحة وعافية

قلت في المرة الماضية إنه بيكون فيه إهداء بكل بارت
واليوم البارت بيكون أهداء للجميلة ( ...همس القدر... )
ومن المنتديين المجاورين ( لَحَّنْ !~ & نداء الحق )


,

بسم الله نبدأ

قيودٌ بلا أغلال عانقت القدر
بقلم : كَيــدْ !





(11)





تناثرت الكلمات عنها بعد تلك المُقابلة التي مازادتها إلا توجسًا من هذا الزواج، وكل ما أدركته فقط، أن الطلاق في قاموسه - مُحــرم -
أو تصبح علاقةٌ كالزواج في إحدى الأيام كآبة! وهي التي تعني حياةً أخرى وعمرًا آخر؟
تنهدت بضيق، بعد أن عادت للمنزل بقيت أمها تسألها بضعة أسئلةٍ عما حدث، وهي بكل بساطة لا تُجيب إلا بإيجازٍ وكـذب. فماذا عساها تقول لها؟ كان حوارًا ومقابلة من أسوأ ماكانا!
لكنه في النهاية ختم كلماته بجملةٍ أخرستها لتكون خاتمةً تقرر ما ستؤول حياتها إليه : انتهى الحوار ... والطلاق مستحيل رضيتي والا لا .... ولك حرية التفكير في حياتك معي وتعديل أفكارك ليوم زواجنا!
وهاهي فكرةٌ مجنونة تعانق عقلها، اقتنعت بها تقريبًا، فهو من الواضح أنه مصرٌّ ذو رأسٍ يابس، إذن فليحتمل نتيجة قراره .... يريدها عن قناعةٍ بها أو لأجل أمه، في النهاية سيستفيد من هذا الزواج، وهي أيضًا ستستفيد بالإبتعاد عن محور أهلها، ودون خيــــانةٍ للراحل!!



,




صمتت تستمع لكلمات الطبيبة بعد أن أخذت تلك الإبرة، تخبرها عن موعدٍ آخر سيكون بعد أسبوعين، وهي في ماذا تفكر؟ لا تنكر أنها تعيش في دوامةٍ من الخوف، لكن فرحتها غلبت على الخوف أضعافًا وأضعافًا، أهناك احتمالٌ كبير في أن تصبح أمًا بعد أن كانت تتناول الموانع لثلاث سنين؟؟؟


جلست على الأريكة بعد أن عادت للمنزل وهي تمسح على جبينها. تشعر أنها كمن قام بمجهودٍ عظيم وذلك بمخالفتها لأوامر زوجها.
أم سيف بعد أن خلعت عباءتها ووضعتها جانبًا : قلتلك ما بيرجع إلا متأخر ... بس هاه لا يدري بشيء، وبالنسبة لموعدنا الجاي أنا بتصرف معه وأدبرها ك بسرعة
لا رغبة لها بالرفض، لن تقول بأن لا حيلة لها، بل لأنها في الحقيقة أرادت ذلك منذ البداية وازدادت رغبتها مع كلمات الطبيبة، ومن تلك الكلمات أعلنت تمردها على أمره.
لم تخلع عباءتها بعد لكن طرحتها كانت على كتفيها فنزعتها لتضعه جانبًا وتخرج شعرها من تحت العباءة.
وفي هذه اللحظة تحديدًا دخل سيف وألقى السلام، لتجفل للحظات وتتسع عينيها وهي تنظر لملامحه المُتعجبة منها لارتدائها عباءتها ... وسرعان ما تحولت نظراته في لحظاتٍ إلى غضبٍ عاصف، أيعقل أن تكون خرجت دون إذنه؟؟.
لكنه اجتذب أنفاسه ببطءٍ وهو يقترب بينما أمه تنظر إليه بارتباك.
سيف بحاجبين معقودين وصوتٍ هادئ ينبؤ بوعيدٍ خلفه : وين كنتِ؟؟
ديما بارتباك وصدمتها بدخوله عليها فجأةً أحالت كل الأحرف إلى رماد : آآآ ممم سيف أنا
سيف يقاطعها بصوتٍ حاد : تكلمي زين وين كنتِ؟؟؟
أم سيف بسرعة : في المستشفى
ارتخت ملامحه المتشنجة من الغضب، في المستشفى؟؟
اختفى غضبه زسرعان ما بدا عليه الإهتمام والخشية عليها ليقترب منها أكثر : مستشفى!! ليه وش فيك؟؟
ماالذي تسمعه؟ هل تلمح صوت الخشية عليها والإهتمام أم أنها تتوهم ذلك؟
أم سيف : كانت تشكي من معدتها فأخذتها للمستشفى
فهم أنها ذهبت مع السائق وهذا هو الأرجح، بالرغم من أن ذلك أزعجه إلا أن الأهم هو سلامتها : طيب ليه ما اتصلتوا علي؟
أم سيف : خفت عليها وما كان فيه وقت أفكر أتصل فيه عليك، وبعدين انت كنت مشغول
جلس بجانبها ثم أحاط كتفيها بذراعه، وعيناه تنتقل على ملامحها المرتبكة باهتمامٍ بالغ : وإيش طلع عندك؟
كانت تشعر بالإرتباك وأمه تدرك ذلك، لذا أجابت : جرثومة
بالرغم من استغرابه بسبب عدم ردها هي عليه إلا أنه ألحق السبب بألمٍ وما شابه ذلك.
سيف باهتمام وهو ينظر لملامحها : وكيف صار الألم الحين؟
ديما بهمس : راح
أومأ ليستدير لأمه حين هدرت : عندنا موعد ثاني بعد اسبوعين
سيف : أوكي انتِ بس اعطيني اسم المستشفى والدكتور وأنا بوصلها بنفسي
ارتبكت أمه : طيب ولا يهمك بعطيك في اليوم نفسه
قطب جبينه مستغربًا من طريقة حديث أمه المرتبكة، إلا أنهصرف نظره عن الموضوع وهو يومئ برأسه ليستدير ينظر لملامح ديما.
جوهرته الحقيقية، هي ليست سوى جوهرةٍ ثانية لكن الأولى كانت مُزيفة، حتى وإن عاملها بقسوةٍ لكنها تبقى ذا مكانةٍ خاصة ... ولو لم يكن يحبها لما عاملها بهذه الطريقة الشديدة!
في بداية زواجه بها كان هادئًا لا يتجه للتعامل معها بحدة، وربما أحبته لشخصيته تلك مع بداية زواجهما ولو أنه من البداية ظهر لها قاسيًا فمن الأرجح لن تحبه، لكنه ما إن شعر بالإنجذاب نحوها حتى بدأ عشوائيًا بقسوته كي لا يفقدها كما الأولى!
إن أحبها فذلك يعني قسوته، فهو يؤمن أن المرأة إذا عوملت بحنانٍ دائمٍ ودلال ستتمرد ... وبعدها لربما يفقدها، للأبد!!



,



ترجل من سيارته أمام المنزل وهو يشعر أنه مُستنزف بعد الإرهاق الذي واجهه في العيادة، أخرج مفتاحه الخاص للمنزل من جيبه ثم اتجه للباب، وقبل دخوله : السلام عليكم
استدار ناحية الصوت الرجولي الذي وصل إلى مسامعه ليرى جاره، وبابتسامةٍ هتف : وعليكم السلام ... هلا عمي بو حمد
اقترب منه ليقبل رأسه باحترام ويسأله عن الأحوال ليجيبه ويسأله الآخر تباعًا عن حاله، إلى أن هتف مُتسائلًا بعد أن وصل إلى ما يريده منذ البداية : وش اللي سمعته يا شاهين؟
شاهين باستغراب : اللي سمعته؟
ابو حمد : وش هالكلام اللي تتداوله ألسنة رجال الحارة عن متعب!!!



,



فتحت الباب بترددٍ لترى أمامها أم يـــاسر، ودون أن تدري هاهي تشعر بالرغبة بالهروب وتحاشي النظر إليها، بالرغبة في الإختباء فهي ليست بذا قدرةٍ للمواجهة.
هالة ببرود : ما أكلتي شيء من أمس ... تبين تموتين؟
لمحت صحنًا يحوي على فطائر وعصير برتقالٍ طازج، كيف لها أن تتصرف معها بكل هذه الإعتيادية بعد كل ماحصل؟ وكأن قلبها لم يحطم البارحة! كأن كل ما يحصل معها غيرُ مهم، ليست بشرًا لتشعــــر!!!
حركت رأسها يمينًا وشمالًا وهي تستعد للبكاء في أية ثانية، لكن لا، لن تبكي، لن تتصرف كما المتعاد، هي أنثى في النهاية يُهمها أن تكون شريفةً لا تشوب نظرتها في عينيّ مخلوق أية شائبة!
هتفت بغصةٍ وهي تتراجع : ما أبي شيء ... اتركوني في حالي
رفعت هالة حاجبيها، رغم كونها في النهاية تراها إنسانةٌ قذرة لتفكر في ياسر بهذا التفكير إلا أن لها مكانًا خاصًا في قلبها، فهي ابنتها الأولى قبل كل شيء، كانت ابنتها قبل أن تكون هديل ابنتها، ربتها فكانت فرحةً كبيرة وكأنما حملتها في رحمها.
هالة بحدة : وصلت بالصحن وماني راجعه فيه
إلين بحدةٍ أكبر : ما أبيه ... خلاص أنا ما أبي أي شيء منكم ، يكفيني اللي صار أمس
بدا الغضب جليًا على ملامح هالة التي دخلت للغرفة لتضع الصحن على الطاولة ثم عادت للباب لتغلقه بقوة.
ارتبكت إلين وهي تتراجع للخلف ولا تدري لمَ شعرت بالخشية منها، بينما هالة اقتربت منها لتمسك عضدها بغضب : اثنين وعشرين سنة رميتيها في عرض الحائط لأنك ما وصلتي لهدفك؟؟؟
زمت شفتيها بحركةٍ سريعة وبقهرٍ واضح، أليس من حقها أن تنقهر بعد كل هذا؟ أليس من حقها أن تشعر بالإستياء لأنها بكل وقاحةٍ تجرأت لتفكر بابنها تفكيرًا قذرًا؟؟
أردفت بصوتٍ اتضح به الخيبة : هو سؤال واحد وأبي منك جواب مُقنع ... شلون حبيتيه؟ شلووون قدرتي أصلًا وانتِ ماعرفتيه غير أخ!!
تهدل جفنيها إلى أن اغمضت عينيها، ليس بيدها، ليس بيدها أن تحبه، وماهذا السؤال الآن؟ أتقول لها كيف تحبه؟؟
هالة بحدة : من فتحتي عينك عالدنيا وهو قدامك يساندك مثل أخوك .. يشوفك أخته وبس! ... فشلون انتِ عاكستي نظراته وشفتيه بشكل ثاني بعيييد عن الأخوة؟
عضت طرف شفتها حتى شعرت أنها ستصرخ تحت وطأتها، إلى أن هتفت أخيرًا بحسرة : السؤال الأصح هو شلون بشوفه أخ وهو بعيـــــد كثير عن هالمعنى؟
هالة : بتشوفينه أخوك غصبًا عنك بحكم إنك عشتي معه سنوات حياتك كلها كأخوان
إلين بنفعالٍ ترجمه أرتعاش أطرافها : هالشيء مُستحيييييل مُستحيل .... تدرين ليه؟؟ تدرين ليه صعب أشوفه أخوي؟ ... لأني أتحجب عنه! هذا السبب كافي عشان يترجم لك سبب حبي له ... مسألة إني أتحجب عنه وحدها كفيلة بتعريف علاقتي الحقيقية فيه والبعيدة كثير عن محور الأخوة، بدليل إني ما حبيته وشفته رجال غريب إلا من سنوات قليلة، من بعد ما تحجبت عنه بفترة ماهي طويلة، لأني بس ... عرفت كويس إنه ماهو أخوي
ما إن انتهت كلمتها الأخيرة حتى تلقت صفعةً أخرستها عن أي كلماتٍ أخرى، وملامح هالة تحولت لحزنٍ كبير، لندمٍ أعظم! لأمنيةٍ مستحيل بالعودة اثنا وعشرين سنةٍ للوراء، فقط لتعدل خطأها، لتحيل ما عملته للورى! لتكف يديها عن ارتكاب تلك المعصية التي قامت بها!
هالة بغصة : انطمي .. انطمي يا قليلة الأدب ... انطمي ياللي ما تخافين ربك .... كلمة ثانية بس .. وبعدها لا تتمنين تشوفين الخير مني!
اهتزت شفتيها بعبرة، لم تُضرب في حياتها، فهل يأتي الزمن الآن ليذلها بهذه الصفعة؟ ومن من؟ أمهـــــا!!
هالة بسخط : وعدم أكلك هذي حكاية ثانية وتمثيلية بايخة مالها معنى ... فالأفضل إنك تنهين هالتمثيلية وتاكلين لأن روحك ماهي ملكك عشان تذبحيها.
انهت كلماتها التي كانت كنصل سكينٍ ساخن انغرس بقلبها، ثم خرجت بعضبٍ من الغرفة لتُطبق الباب من خلفها بقوة.




,




قبل جبين أخته الكُبرى باحترام، وهي التي لطالما يلجأ إليها حين يحتارُ في أمرٍ ما، حين يشعر بالخذلان، ورفض إلين لياسر كان أكبر خذلانٍ له فهو يتمنى لها السعادة والراحة الأبدية كما يتمناها لابنه.
عبدالله بهدوء : كيفك أميرة؟ عساك طيبة؟
أميرة بهدوئها المعتاد : الحمدلله نشكر الله
جلس بجانبها وهو يتلقف كفها : وكيفه زوجك؟
أميرة بذات الهدوء : في أحسن حال
هذه هي أخته، الهادئة طول وقتها، والمتزوجة منذ سنواتٍ طوال دون أن يكتب لها الله الذرية، ولذلك فزوجها تزوج من غيرها لأجل الحصول على من يحملون اسمه، وكان له ما أراد.
هتفت أميرة بثقة : وش صار على موضوع إلين؟
عبدالله بعد تنهيدةِ حسرة : رفضت!
رفعت حاجبيها مُتعجبة، رفضت!! .. لم يكن ذلك ما توقعته ولا ما أرادته، وكيف ترفض وهي التي تعشقه حتى النخاع؟ ... وهذا ماهي مُتأكدةٌ منه وما أوصلته لهالة حرفيًا!!
أميرة بتساؤل : وليه ترفضه؟
عبدالله : تقول ما تفكر بالزواج .. ما يستاهلها !
لم بعجبها الكلام بتاتًا، على هذه الحال ستتسرب الأمور من يديها وستفشل مخططاتها كاملة، هي تعلم أن هناك أمرًا ما يخص إلين لا يعرفه أحدٌ من العائلة، ولن يُكشف إلا بموافقتها على ياسر.
أميرة : حاولوا فيها ما يصير تقفلون على السالفة من رفضها الأولي ... أكيد رفضها كان لإحساسها بالنقص، انتو تصرفوا بحكمة عشان تخلوها توافق برضا .. حسسوها إن ياسر يبيها جد مو شفقة
هذا الكلام كله لم يعد يفيد، فهم قد شعروا بالشفقة عليها ووثقوا بموافقتها وانتهى الامر، وبالتأكيد انتبهت لنظراتهم الواثقة بذلك. وقد كُســـرت! هو متأكدٌ من ذلك.
عبدالله بيأس : ما أعتقد بتوافق .. انتهى الأمر خلاص ... انتِ تدرين إني كنت رافضها قبل، لدرجة إني تهاوشت مرة مع هالة وكانت الأمور بتوصل للطلاق بسببها .... ورجعت للميتم وعمرها ثمانية سنين تحديدًا، وتركناها هناك بحجة إن لي سفر مع العيلة وصعب آخذها .. وكان جلوسها هناك مؤقت مثل ما توقع الكل، وكله بفضل الله ثم حب هالة لها
أردف بضيق : أكيد بتكون متذكرة هالحادثة، وبتربط هالماضي بزواجها في ياسر وبترفض بكل بساطة لأن رأيي فيها قبل ما يشجع للزواج، حتى لو كنت معها الحين غير بس ممكن تخاف أتغير لا صارت زوجة ولدي
وضعت أميرة كفها على كتفه بابتسامةٍ مُساندة، لا يهم إن تم الزواج أم لا، المهم أن توافق، فقط أن توافق : ما عليك يا أخوي هالسالفة القديمة ماراح تأثر أكيد .. ممكن تكون نستها من الأساس لأنها صارت من مدة طويلة .. * ثم بإصرارٍ أردفت * انت حاول وإذا ما وافقت اترك الباقي علي
أومأ دون كلمةٍ ولربما تدَخل أخته قد يخرج بفائدة.



،



تمشي وعلى وجهها إمارات الملل، وبجانبها أرجوان تُمسك بيد ليان الصغيرة، وتسألها بابتسامةٍ مُحبَة : تبين بالفراولة والا الشوكليت
أمالت ليان رأسها ليثناتر شعرها الناعم على وجهها : هممممم كله
أرجوان بابتسامة : لا لا ... مو كويس لك خصوصًا إن حلقك بسرعة يلتهب ... نشتري بالشوكليت بس .... اوكي!
أومأت ليان وهي تضوق فمها الواسع دون رضا، لكنها في النهاية لم تعارض أختها بتاتًا.
استدارت أرجوان لجيهان المُخبئة كفيها داخل جيبي معطفها الزهري الواسع ووجها يتضح به الملل : جوج
استدارت جيهان وبامتعاض : خيـــر
أرجوان بتعجب : يوووه .. هو فيه خير مع تكشيرتك ذي!
جيهان بضيقٍ وقفت لتستدير بكامل جسدها تنظر إليها : وش تبين اخلصي؟
تدرك أرجوان لمَ هي مُستاءة، وتعلم أنها كانت تريد أن تختلي بنفسها خارج البيت ولم تفُز بمرادها حين خرجا معها. هتفت بابتسامة وقد وقفت ويدها ارتخت عن كف ليان قليلًا : فيه أحد يشوف وجهي ووجه القمر ليون ويصيبه الملل؟ انتِ عندك سالفة بالله!!
ابتسمت جيهان ودون رغبةٍ منها حقيقةً : يا سخفك ... من زين خشتك أصلًا
أرجوان بحاجبٍ مُرتفع : أحسن من وجهك يا الدبة
ثم أخرجت لسانها بإغاظةٍ لها لتغتاظ جيهان بالفعل، فهي ليست ممن يجيدون السيطرة على أعصابهم.
جيهان : تعالي هنا
طوقت عنقها بذراعها بقوةٍ لتجفل أرجوان لثواني، لكن سرعان ما بدأت بالغرق في ضحكاتها حين بدأت جيهان بدغدغدتها وهي التي تُدرك نقطة ضعف أختها جيدًا.
جيهان بشرّ : أنــا دبة؟؟؟
أرجوان بكلماتٍ مُتقطعة من الضحك وكفيها تحاولان نزع يد جيهان عن معدتها : و .. وخري .. استحي .. على وج وجهك .. احنا بال ...بالشارع
جيهان دون مُبالاة وقد توقفت يدها عما تفعل بينما ذراعها لازالت تطوق عنقها : مو شغلي ... صوتك العالي والا صوتي؟
أرجوان بعد أن زفرت أنفاسها وكفها تدلك معدتها بعد أن آلمتها إثر وقع أنامل جيهان : شلون مو شغلك يا الخايسة ... والله لو يدري أبوي إنه يقطعنا
بهتت ملامح جيهان ثم أنزلت ذراعها ولم تنطق ببنة شفة، بينما تنهدت أرجوان وهي تستدير لليان بعد أن تركت كفها حين بدأت جيهان بدغدغتها، لتشهق بعنف : ليـــــــــــــــــان!!!
استدارت جيهان إليها بفاجعة : وش فيه؟
أرجوان ببهوت وتلعثم : ليان .. ليان وينيها
تلفتت جيهان بخوف : الله ياخذك شلون ما انتبهتي لها؟؟؟
تحركت أرجوان هنا وهناك تبحث بوجهٍ احمر خوفًا على أختها وجيهان من جهةٍ أخرى تحركت تبحث أيضًا، كانتا في مكانٍ مزدحمٍ وعلى جانبهما حديقةٌ تعمّ بالكثير من الأطفال والعائلات.
بينما تلك الصغيرة كانت تقف عند عربة المُثلجات بحماسٍ تُحدث البائع بما تريد وهو لا يفهم.
ليان بابتسامةٍ تُشير إلى صنف الشوكولاة وبحماسٍ طفولي : أبي هذا .. و و مممم * ثم بإحباطٍ أردفت * أرجوان قالت واحد بس .... * عادت لتنظر للبائع بابتسامةٍ طفولية * خلاص بس هذا
نظر إليها البائع بوجهٍ مُستفسر، لم يفهمها إطلاقًا وفي تلك اللحظة تحديدًا جاءت جيهان لتتلقف ذراعها بحدة : ليـــــان
استدارت ليان إليها بحماس : شوكليت شوكليت
زفرت جيهان براحةٍ وهي تمسح جبينها الذي تعرق من توترها، ثم بعتابٍ حاد : ليه تركتي يد أرجوان؟
ليان بتوترٍ بعد أن لاحظت حدة صوت جيهان : هي اللي تركت يدي مو أنا * ثم حركت رأسها بسرعةٍ باتجاه العربة ليتناثر شعرها المُشابه لشعر جيهان في حريريته * بغيت آيسكريم ... شوكليت شوكليت
زمت جيهان شفتيها ثم حركت رأسها يمينًا ويسارًا بأسى لتشتري لها ما تريد، وأخذت أيضًا لها ولأرجوان لتمشي وتأمر ليان بالمشي معها : مرة ثانية ما تروحين لمكان بدوننا ... شفتي شلون روعتينا؟
ليان ببراءة وهي تتلفت : أرجوان
قطبت جيهان جبينها وهي تمسك في يديها بمثلجاتٍ لها ولأختها، وليان تمشي بجانبها وكفها تتشبث في معطف جيهان بينما الأخرى تمسك بحصتها.
جيهان : لقينا الطفلة وين راحت الكبيرة الواعية؟؟؟



,



خرج من الغرفة غاضبًا وبشدةٍ منها، ما الذي حدث لعقله حتى يتزوج كهذه الأنثى المُستفزة؟ ما الذي حدث له وقتها؟؟ لا ينكر أنه ندم على تتمته للزواج لكنه في النهاية شعر أن حقده يزداد على أحمد بينما تعالى شعوره بالشفقة والرحمة عليها، كيف لأبٍ أن يربي ابنته بهذا الشكل؟ كيف طاوعه قلبه ليجعلها تكبر تحت عينيه بهذا الشكل المُقزز!!
جزءٌ منه كرهها وأبغضها وجدًا، وجزءٌ منه أشفق عليها ... كيف له أن ينكر نظرة الخوف التي تُصدر منها حين يغضب عليها؟ هو مُتأكدٌ أنها كانت تعاني كثيرًا في منزل والدها لتخاف منه بهذا الشكل عند أول كلمةٍ منفعلةٍ تُصدر منه.
اقتربت منه ليلى بتوجس : وش صار؟ ... سمعت صراخكم من هنا
زفر بشدةٍ بعد أن مرر كفه على ملامحه، ثم نطق بهدوء : ولا شيء يمه تطمني ... أنا طالع وانتِ انتبهي لها كويس ... ويا ليت تتكلمين معها شوي عن حقوق الزوج عشان تفهم
ثم خرج بعد ذلك من الجناح لتقطب جبينها بتساؤل، ما مقصده؟ : الحقوق الزوجية!! معقولة تكون ممتنعة عنه!
هو قصد بكلامه الحقوق بطاعته وعدم عصيانه واحترامه، وهي فهمته خطأً وغضبت من غزل. له كامل الحق بالغضب عليها إن كانت تمنعه من حقوقه.
دخلت الغرفة لتراها جالسةً على السرير ترتعش، ترتعش بشدةٍ بعد أن صرخت في وجهه بتلك الشتيمة القذرة ليغضب هو، ظنت أنه سيضربها، ظنت أنه سيجلدها أو ربما يقتلها! لكنه في النهاية صدمها حين ربت على شعرها ثم خرج دون كلمة، هل لمحت الشفقة وبعض الحنان في نظرته؟؟
جلست ليلى بجانبها لتنتفض تنظر إليه ببهوت، وبصوتٍ مبحوحٍ همست : انتِ؟؟
نظرت إليها ليلى بضيقٍ ورغمًا عنها شعرت بالكره تجاه هذه المخلوقة، هي لا تستحقه، كيف له أن يتزوج أنثى بهذه الأخلاق السيئة؟ ما الذي حدث له ليختارها؟ هل كان بكامل قواه العقلية؟
ليلى بضيق : وش سويتي عشان يطلع معصب بهالشكل؟
تحولت نظرات غزل إلى كرهٍ شديد وهي التي لا تثق بأحدٍ ولا تحب أحد، العالم كله فاسد، العالم كله سيء، لا حب ولا نزاهة به، ومن ذا الذي قال أن هناك الخير والشر، بينما هي حقيقةً لم ترى سوى الصنف الثاني على هذه الأرض.
غزل بحقد : مالك شغل بيني وبينه ... مو هو زوجي! أجل شغلتك بيننا غلط ... ما اعتقد إنك أمه لاني أعرف إنه أهله متوفين، يعني أكيد خدامة جابها لي! فهالشيء يعني إنه مالك حق بالتدخل في حياتنا ... إطلعي منها أفضل لك
قالت جملتها الأخيرة بحدةٍ وقحة ثم وقفت لترمي ما كانت تمسكه من الملابس حين دخوله على الأرض، لتتجه للخارج بملامح غطاها الغضب والقهر، ثم جلست لتضع رجلًا على أخرى ليرتفع ثوبها حتى يظهر القليل من فخذها، وبعينين باردتين رغم شرارة القهر بمها أخذت جهاز التحكم بالتلفاز لتقلب في القنوات إلى أن وصلت لما تريد، ثم تراجعت للخلف لتُسند ظهرها على ظهر الاريكة باسترخاء وتُغمض عينيها تستمع لمزاميز الشيطان.
وبهمسٍ حاقدٍ من بين أسنانها : أكـــرهك ... أكرهكــــــم كلكم




,



تمددت على السرير بملامح مُرهقة، وهي تشعر حقًا بالإرهاق بعد الحرب النفسي الذي واجهته خوفًا منه. بينما هو جلس بجانبها وأنامله تحركت لتُلامس جبينها هاتفًا بشيءٍ من الحنان : شكلك للحين تعبانة ... هذي هي اللي بتداوم بكرة؟؟؟
أغمضت عينيها ثم انقلبت على جانبها تواجهه بظهرها : عارفة تبي تجيب لي سبب عشان ما أداوم بس بداوم ... وبعدين تراه إرهاق بسيط وبيروح
رفع سيف حاجبيه، وابتسامةٌ ضئيلة تجلت على شفتيه : مشكلتك تطولين لسانك حتى وانتِ تعبانة ... يعني لو نويت شر فيك ما تقدرين تدافعين عن حالك
لا تنكر أنها شعرت بالخوف قليلًا، لكنها حين لمحت العبث في صوته ضوقت فمها بتمرد، وهي التي حين تقرر الطاعة تتمرد دون أن تشعر بذلك : ما تقدر
ضحك سيف وهو يمد يده ليفرك أنفها بقوةٍ آلمتها حتى صرخت لتستدير إليه : سيـــــــف!!
سيف بعبث : لسانك هذا لا تطوليه ترا لو نويت شر فيك بكون أكبر شراني ... بس بالأول أشوفك بصحة تامة
جلست لتستند بظهرها على ظهر السرير تنظر له بقهرٍ وأناملها امتدت لتُمسد أنفها، وهو لعب بحاجبيه ليخرج بعد ذلك.
تنهدت بضيق : الله يستر بس لادريت سبب روحتي الحقيقية ... اعتقد بتكون جد أكبر شراني

بينما هو، تجاوز عتبات الدرج بسرعةٍ خاطفة حتى وصل لأمه الجالسة في مكان جلوسها المعتاد، ليجلس بجانبها هاتفًا : أخذتوا لها أدويتها؟
أم سيف بهدوءٍ زائف : اي
سيف بتلقائية : وريني ياها
ارتبكت أم سيف لكنها حاولت كبح ارتباكها كي لا يظهر أمامه : مدري وينها الأدوية ... أكيد بتكون عندها
كانت تعلم انه لن يهتم لرؤيتها والبحث عن ذلك كثيرًا، وفور قولها لما قالت أومأ بصمتٍ ثم تناول الجريدة عن الطاولة ليبدأ بتصفحها.
لا تنكر أنها أيضًا تخشى أن يعلم بما حدث، لكنها تريد أن ترى السعادة تعود له دونًا عن بروده، سيفرح بالتأكيد إن هي حملت، حتى إن كان لا يريد ذلك لكنه ما إن يرى الموضوع يتجسد أمامه حتى يرضى به ويفرح أخيرًا، هو تغير كثيرًا بعد زواجه الأول، تغير وقد غيرته تلك المرأة الماكرة بتمردها الدائم حتى وصلت الأمور بينهما للطلاق وقد كان طفلهما وقتها في الثالثة من عمره، بقي بعدها لسنةٍ كاملة يرفض زواجًا آخر إلى أن اقتنع أخيرًا بديما التي كانت ترى أنها بشخصيتها الحنونة قد تحتويه وتعيده لسابق عهده ... ولم تكن تعلم أنه سيحصل العكس! ليقمع سيف شخصيتها بشدته وشخصيته المُستبدة الجديدة.



,



لوت فمها بتفكير وهي تنظر للهاتف بعمقٍ وتركيز، ستتصل وتخبره بقرارها، وستصر على ما فكرت به وهو سيوافق رغمًا عن أنفه.
بحثت بين الأرقام الأخيرة عن رقمه الذي لم يكن محفوظًا عندها. ودون ترددٍ وباندفاعٍ اتصلت به.

وهو من الجهة الأخرى كان يسوق سيارته بسرعةٍ فائقة وغضبه متأججٌ حتى عيناه وحدهما كانتا تشرحان مدى غضبه المُتصاعد، يهدر بتهديدٍ ووعيد : والله لدفعك الثمن يا سند والله
في هذه اللحظة تحديدًا صدح صوتُ هاتفه ليرفعه وملامحه مشدودةٌ بغضب، أهذا وقت إتصالها؟ في وقت غضبه الذي لا يعلم أين سيوصل به وقد يقول لها مالا يريد، فاستفزازها له حكايةٌ خاصة فكيف سيكون حين يكون هو غاضب من الأساس!!
لم يرد عليها ليرمي هاتفه جانبًا، لكنها عاودت الإتصال بإصرارٍ، ليتجاهلها وتتكرر إتصالاتها التي أزعجته إلا أن رفعه في النهاية دون صبر : نعـــــــــم!!
استغربت صوته الحاد معها والمُتضح به الغضب، كانت ستتراجع وتغلق لأنه بدا بمزاجٍ حاد، لكنها تراجعت عما كانت ستفعل فهي قد اتصلت وانتهى الأمر : السلام عليكم
شاهين بحدة : اخلصي وش تبين؟
ابتلعت ريقها وازداد ارتباكها، مابه يتحدث معها بهذه الطريقة؟ ... همست بتوتر : أنا موافقة نكمل الزواج
لم يبدو أن لكلامها تأثيرٌ عليه إذ بقيت ملامحه كما هي وعيناه مشدوهتان للأمام وللطريق فقط!
اسيل باستغراب : ألــــو شاهين انت معي؟
شاهين بجمود : طيب وبعدين!
قطبت جبينها باضطراب، نبرته الجامدة واللا مبالية جعلت ثباتها يتزعزع، وثقتها تذهب في مهبّ الريح، همست بتوتر : بس عندي شرط
شاهين بذات الجمود : وهو!
أسيل ببعض الحرج : يكون زواجنا صوري
في لحظاتٍ جفل ينظر للطريق دون تركيز، لكنه سرعان ما انفجر ضاحكًا ساخرًا حين استوعب ما قالته : كيييييف! صوري؟؟
أسيل بثقة كاذبة يخالطها بعض الخجل : أيوا مثل ما سمعت .. كل واحد فينا بيستفيد من هالزواج ... وأنا موافقة بس بشرط ما يكون بيننا علاقة زوجية حقيقية
لم يستطع السيطرة على ضحكاته فركن سيارته جانبًا على الطريق ليكمل غرقه في ضحكاته إلى أن سند رأسه على المقود.
أسيل وقد شعرت بالغضب : ليه الضحك؟ قاعدة أقول نكته أنا!!
شاهين بسخريةٍ لاذعة وضحكه يتخلخل كلماته : يا الله أنا وش تزوجت ... * ضحك بقوة أكبر ثم أتبع * واللي يعافيك من أي رواية أخذتي هالمقطع!!
شعرت بالحرج وبالكثير من الغضب، كما أنها شعرت بمدى سخافتها لكنها ورغم ذلك هتفت بثقة : هذا هو شرطي وغير كذا ماني متزوجتك
اعتدل في جلسته ليظهر الجمود على ملامحه، وغضبه من سند ومما فعل جعله يتجاهل إتصالها أولًا لأنه يعلم أن غضبه ذاك قد يجعله يتصرف بطريقةٍ خاطئةٍ معها، وكما توقع!
شاهين بحدة : هي كلمه مني وافهميها كويس ... اذا ما وافقت على هالشرط إنتِ مو بترفضين الزواج يا ذكية زمانك ... لأن الزواج تم وانتهى .... انتِ بس تظهرين نفسك بصورة ساذجة وأخيرًا أقولك ....... شرطك مرفوض والزواج بيكون مثل أي زواج ثاني حقيقي .... غير كذا ما عندي شيء أقوله
اغلق الهاتف من بعد كلماته التي أصابتها ببؤسٍ قاتل، أيعني ذلك أن شرطها مرفوضٌ حقًا؟ أنها ستكون معه كأي زوجة!!!
هزت رأسها يمينًا ويسارًا برعبٍ من تلك الصورة لتغرق في نحيبٍ خافت. لا لا ... غير ممكن، غير ممكن، ستقتل نفسها قبل أن تكون له!!!

بينما رمى شاهين الهاتف بغضبٍ على المقعد الذي بجانبه ثم حرك سيارته بغيظ : منك لله! ... مو ناقصني غير سخافاتك الحين!!




,




وقفت عند الباب بترددٍ كبير، أتطرق؟ أم تولي الأدبار فهي ليست بذا قوةٍ للتحدث معها، وكيف تكون لها قوةٌ تكفيها للتحدث معها وهي التي خذلتها في النهاية بينما من المفترض أن تكون هي أختها!
تنحنحت أخيرًا لتطرق الباب، ثم بترددٍ هتفت : إلين هذي أنا
وتلك ما إن سمعت صوتها ومع الضغط الكبير على عقلها، اندفعت للباب لتفتحه على مصراعيه ثم رمت بجسدها عليها لتحتضنها وتنتحب بقوةٍ مُتمثلة في قوةِ الضربات التي تلقتها ولطالما ستتلقاها في حياتها.
بهتت هديل للحظات، وهي تشعر بجسد إلين الذي كان يرتعش بشدة، وحين استوعبت سارعت بدفعها لتُدخلها لغرفتها ثم أغلقت الباب وتلك تراجعت تنتحب بشدةٍ وكفيها تغطيان وجهها الذي كان مُحمرًا، لم يعد لديها أي قدرةٍ للصبر، لم تعد لها طاقةٌ تقوى بها على الدفاع.
اقتربت هديل بارتباكٍ لتهمس بغصة : إليـن!
أنزلت إلين كفيها عن وجهها ليظهر لهديل بشكلٍ مُزري، مُحمرٌ ومنتفخُ حتى الإحمرار تجاوز وجهها لعينيها، وبذلك استنتجت أنها بكت كثيرًا.
أمسكت بكفيها لتقودها حتى السرير وتُجلسها وهي معها، ثم مسحت بأناملها دموعها المغرقة لوجهها بتأثر.
هديل بغصة : ليه البكا؟
توقف إنتحابها ونظراتها إتجهت للأسفل بألم، وتسألها لمَ البكاء كأنما لم تكن ممن جلدتها نظراتهم؟ أتسألها والغصة تُداهمها وهي التي ساعدت في زرع الغصات بها؟
صمتت ولم تُجب، وتلك أمسكت بكفيها اللتان كانتا تفركهما ببعضيهما في حجرها لتهمس بتردد : إلين ... ليه رفضتيه؟
ارتفعت نظرات إلين إلى هديل، لتوجه لها طلقاتٍ باردة يتخلخلها بعض السخرية للحظات، بصمتٍ طال إلى أن ارتبكت هديل من نظراتها تلك. ثم همست بعتاب : أعتقد تعرفين وش هو السبب؟ ليه جاية تسألين والجواب عندك قبل لا يكون عندي؟
شعرت هديل بالكثير من التوتر حتى أنها مسحت جبينها بظاهر كفها، لا تنكر أنها تشعر بالقهر من نفسها عند تلك النقطة التيي جعلتها تتمنى لياسر غيرها، وما بها إلين؟ هي في النهاية أُنثى لا يُنقصها في المجتمع كونها مجهولة الأصل، فلمَ فكرت بذلك؟
هتفت باندفاعٍ وهي تشد على كفيها : إلين تكفين وافقي عليه ... ياسر بيحتويك وما بتلاقين أفضل منه
ابتسمت بسخرية : وليه ما يكون السبب إنه مابيلاقي أفضل مني؟
ارتبكت هديل وصمتت، لكن سرعان ما هتفت بانفعال : وهو بعد ما بيحصل أفضل منك ... عالأقل انتِ تعرفينه كويس وهو يعرفك ... وكلكم تربية يد وحدة
شدت إلين على أسنانها بقهر، لا هو لا يعرف عنها شيئًا أبدًا، يكفيها أنه اكتشف جزءًا مما حدث في الماضي وبالتأكيد لن يعيش معها كأي زوجين طبيعيين، بالتأكيد سيتخلخل حياتهما مشاكل لا تبتغيها، كما أنه حقيقةً يستحق الأفضل والأفضل.
إلين بأسى : لا ما يعرفني كويس ... ولا يستحقني ... وأنا أقول كلمتي اللي كانت الأولى وبتكون الأخيرة ..... زواج من ياسر، ما أبيــــه!



,



أردف القبعة على رأسه يُعدلها أمام مرآته بملامح باردة، بملامح يتضح بها المكر، وعينين تنطقان دهاءً ومكرًا، والأفضل تشبيههما بعيني الثعلب!
خرج من غرفته بعد أن تناول حقيبة السفر الصغيرة والتي يقبع فيها بضع ملابسٍ تكفيه لسفره الذي سيمتدّ لثلاثة أيامٍ فقط، سيذهب إلى باريس، البلد الأثير على قلبه، وسيمكث هناك لأيامٍ من أجل الإستجمام ومنها يزور صديقه الغائب، ابتسم حين تذكره، لكنه سرعان ما محى ابتسامته تلك ليهمس : والله وأظلمت الرياض من دونك
قبل أن يخرج من البيت بكامله اتجه نحو غرفة أبيه ليطرق الباب، لم يسمع ردًا فدخل، ليجدها في حالةٍ يرثى لها، وضع كفه على أنفه بتقزز : وش هالريحة الله يقرف ابليسك بس
اتجه إليه ليجده نائمًا على بطنه وقارورةٌ من ذاك السم فارغةٌ بجانبه. ليزفر أدهم أنفاسه ثم يبتسم بسخرية : يبه * وضع كفه على كتفه ليهزه * يبه اصحى تراني طالع ولاني راد إلا الاربعاء
لم يستجب له والده وهو غارقٌ في نومه العميق، فتأفأف أدهم بمللٍ ليُخرج ظرفًا يحمل نقودًا تكفيه لأيامٍ ثم وضعه على الكومدينةِ بجانبه : الله يستر لا تستخدمها في هالسم وتروح عالفاضي
ليخرج بعد ذلك من الغرفة ومن البيت بكامله.



,




توقفت عند باب الطبيب المختص لمعالجة والدها، ثم استدارت إليه لتبتسم بحب : اسمح لي يبه انت عارف إني ما أحب أجلس عند الدكتور وفارس مو موجود
أبو فارس بحنان : بعد راس أبوك ماله داعي تتعذرين أنا بدخل بروحي
ساعدته لتدخله إلى الطبيب ثم خرجت تنتظره في الخارج، جالسةً على إحدى كراسي الإنتظار وكالعادة تبدأ الأفكار الماضية بالإندفاع إلى عقلها لتُذكرها بسنين العذاب النفسي قبل الجسدي، وبُكاؤها الذي كان يصدح دائمًا في المنزل حين غياب إخوتها لينطفئ بإرادتها حين عودتهم.
دون شعورٍ رفعت كفها اليُسرى لتُمسد سندها الذي اختبأ به جرحٌ تحت معطفها العاجي، ولطالما كانت تُقبّل هذا الجُرح عندما تختلي بنفسها في غرفتها، لطالما كانت تبكي وتُحدثه كأنما تُحدث بشرًا. كان غاليًا على قلبها، ومنذ متى كانت الجراح مُحببةٌ للمجروح؟ منذ متى كان يتمنى عدم زوالها؟
هو ذكرى، هو غالٍ كونه بفعلها هي، بفعل من تمنت رضاها دائمًا وأبدًا.
بقيت لدقائق تغرق في أفكارها، إلى أن وقفت لتتجه لآلة القهوة في آخر الممر، ستأخذ لها قهوةً تُزيل الصداع الذي بدأ بالتجلي.
بعد أن أخذت الكوب استدارت لتعود، ولكنها حين همت بالعودة انتبهت لزوجٍ من الأعين تنظر إليها بشر، وقد عرفتها، عرفتها جيدًا!!



,





جلست بجانبها بغضبٍ لم يخفى ولم تشعر بأي ترددٍ أو توجسٍ من التحدث مع هذه الفتاة التي من الواضح أن سلبياتها تغلب إيجابياتها، هذا إن كانت لها إيجابيات.
منذ أن اختارت غزل هذه القناة وتلك مُقطبة الجبين، تتساءل في ذاتها، ألا تخشى الله لتشعر بالإسترخاء لسماعها لهذه الأغاني؟؟
أخذت جهاز التحكم القابع تحت كفها المرخية عنه، ثم أغلقت التلفاز لتعقد غزل حاجبيها وتستدير إليها بعينين تطلقان شررًا : وكسر إن شاء الله
ليلى بضيق : من وين جايبة هاللسان ... يا بنتي مو حرام عليك تتسمعين لهالأغاني؟ الله سبحانه وتعالى يقول ( وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يَشْتَرِي لَهْوَ الْحَدِيثِ لِيُضِلَّ عَنْ سَبِيلِ اللهِ بِغَيْرِ عِلْمٍ وَيَتَّخِذَهَا هُزُوًا أُولَئِكَ لَهُمْ عَذَابٌ مُهِينٌ )
لوت فمها بضيقٍ من حديثها، وهي التي لم تستمع يومًا لنصايح غيرها لها، الأغاني حياتها! اعتادت أن تنام وهي تستمع لها، إعتادت حتى في الأكل أن تضع السماعات في أذنها وتتمتم مع ما تسمع بما تحفظ، فهل تأتي الآن هذه المرأة العجوز لتنصحها هذه النصائح التافهه - من وجهة نظرها هي -
غزل بملل وهي تحرك كفها دون مبالاةٍ أن إذهبي : مو ناقصتني إلا نصايحك يا العجوز .. أقول اذلفي عن وجهي بس ... * ثم استدارت عنها بعد أن انتزعت الجهاز من يدها لتردف بقرف * مو ناقصني إلا خدم ينصحون!
تضايقت ليلى وكثيرًا بحديثها، لكنها رغم ذلك هتفت برقة : ليه تحكين كذا مع اللي أكبر منك؟ أهلك ما علموك إن هالشيء عيــ
قاطعتها غزل بحدةٍ وقد تذكرت وصف سلطان لتربيتها بـ “ الشوارعية “ : ما علموني ... وخمسة وعشرين سنة وهذا نمطي في حياتي ... وماني مستعدة أغيره عشان خادمة
قالت كلماتها الأخيرة بازدراء وهي تنقل نظرها من أعلى ليلى التي مازالت مُتدثرةٌ بعباءتها دون وجهها إلى أسفلها، ثم رفعت صوت التلفاز إلى حده الأقصى بعنادٍ لتقف وترمي الجهاز وتتجه لغرفة النوم.



,




دُقّ جرس الباب مرارًا ومرارًا يعكس مزاج من يضربه بهذا الشكل المتوالي، وذلك القابع في إحدى مجالس المنزل المتواضع تأفأف ليخرج مُتضجرًا : اووووف وكسر إن شاء الله * ثم بصراخ * جاي جاي خربت الجرس يا بوك
فتح الباب ليندفع جسدٌ بقوةٍ وتُمسك يدٌ بعنقه صارخًا صاحبها : يا الخسيس
بعد نوبة الصدمة التي حلت عليه وتدقيقه في وجه شاهين الملتهب بغضبه ابتسم ساخرًا : يووو هووو ... دكتور شاهين عندنا! حيّ الله صاحب الكرم والفضل الكبير
دفعه شاهين للخلف من عنقه إلى أن أوصله للجدار ليضرب ظهره به، وبوعيد : تلعب! تلعب معي أنا بهالشكل يا سند
سند ببراءة : أنـــــا!!
شاهين بصراخ : شلون تنشر بين الناس إن متعب عــايـــــــــش!!
اتسعت عينا سند لدقائق يُمثل الصدمة، ثم بابتسامةٍ فرحةٍ ساخرة : متعب عايش؟ ... مبرووووك الحمدلله على سلامة أخوك .. بس شلون هالكلام وانت دفنته بيدينك!!
اشتعلت نيرانه ليضربه بقوةٍ على وجهه، بقهرٍ من هذه الكذبة التي تمناها سابقًا لتكون كالمعجزة وتشرح قلبه، لكن أن تكون سخريةً منه، كذبةً منه، كل ذلك أخرجه من سيطرته، ماذا لو وصلت تلك الإشاعة لأمه؟ ماذا لو وصلت لأسيل؟
هي وإن كانت مُبشرةٌ إلا أن وقعها كبيرٌ قد يقتل أمه من شدة سعادتها، وإن لم تقتلها سعادةً ستقتلها حُزنًا حين تُدرك أنها ليست سوى كذبة!
شاهين بغضب : انت تدري وش تسوي؟ تدري إن هالكذبة ممكن تذبح الكثير
ابتسم سند بسخرية، ثم أغمض عينيه لثوانٍ ليفتحها بعد ذلك بعبث : تقول كذبة! .. ولو كـان عايش حقيقة؟ وعنـدي الدليــــــــل!!!


.

.

.


قال رسول الله - صلى الله عليه وسل:- (( كلمتان خفيفتان على اللسان، ثقيلتان في الميزان، حبيبتان إلى الرحمن : سبحان الله وبحمده، سبحان الله العظيم ))

,

انــتــهــى


عارفة إنه قصير بس والله عقلي توقف عن تمشية سير الأحداث عند هالنقطة
كل ما جيت أكتب أحس إن اللي اكتبه غلط
وبصراحة هالجزء أبدًا ما أرضاني لأني كنت أكتبه بدون رغبة حقيقية عشان ما أتأخر عليكم
فالتوقف أفضل من إني أخرب كل الأحداث

بس لكم تعويضه في البارت الجاي




ودمتم بخير / كَيــدْ !

كَيــدْ 02-08-14 10:43 AM

رد: قيودٌ بلا أغلال عانقت القدر
 


لي عودة لكما عزيزتاي

وأتمنى تعذرون قصوري في الرد بس مصدعة وراسي بينفجر وما صدقت أخلص تنزيل البارت



قراءة ممتعة :**

لست أدرى 02-08-14 11:41 AM

رد: قيودٌ بلا أغلال عانقت القدر
 
السلام عليكم ... مريت هنا بالصدفة لما شفت انه واضح فيه تفاعل بالرواية


حبيبتى ... للاسف ما اكثر الروايات اللى بتنزل يوميا هنا فى المنتدى ... وما أقل الروايات اللى بتكتمل او على الاقل بيهتم اصحابها بالالتزام ... فاعذرينى كنت قررت انى لن ابدأ فى اى رواية جديدة حتى تكتمل او المس التزاما من كاتبتها

مريت هنا بالصدفة ووجدت انك نزلتى جزء لا بأس به رغم انه الرواية بدأت من شهر فقط ... وكمان ردود البنات توحى انه اسلوبك رائع وشيق .. فهل يمكننى ان اقاوم ؟؟؟


اسجل نفسى متابعه وان شاء الله ابتدى معاكى بس لما ارجع من السفر كمان كام يوم باذن الله



يااااااااااه من زمان عن رواية جيدة فى الوحى


تقبلى مرورى يا غالية .. وان شاء الله تلاقينى ناطة هنا قريب

...همس القدر... 02-08-14 11:12 PM

رد: قيودٌ بلا أغلال عانقت القدر
 
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
حبيبتي كيد الف الف شكر على اهدائك البارت لي
عنجد فاجأتني واسعدتني
كلك ذوق والله ...
مواااااااه لروحك الحلوة الراقيه
^__________*
ما بعرف ليش حكيتي انك مش راضيه عنه بالعكس البارت جد جميل وبينتي فيه بعض الاشياء المبهمة ومنها مشاعر الين الغير اخويه لياسر
وبرضو الشخصيه الجديدة المثيرة للاهتمام عمة ياسر ...شكلها راح يكونلها دور في معرفه ماضي الين
+ابو ادهم اللي ما زال حي معناته الين مش يتيمة اذا هنا علامة سؤال

ممممم برضو غزل انا بعد هالبارت بسحب توقعاتي السابقه ما اعتقد انه سلطان راح يطلق غزل ! واعتقد قصته معاها ومع طوالة السانها
بس تعرفي شغله عقد ما هي وقحة وقليلة ادب الا انها تنرحم لانه تصرفاتها نابعه من نقص وفجوة عندها
وبالرغم من انها ببتظاهر بالقوة واللا مبالاه الا انها هشة من جوا وهالشي لمسه سلطان الما شتمته+
سيف افندي هههههههه حبيت خرعته على ديما وسؤاله عنها
بس ما اعتقد انه لما يعرف عن سبب مشيتها راح يمشي الامر مرور الكرام
الا تصير مشكله كبيرة من ورا هالاشي
بس عنجد هالسيف اناني ...يعني هو عندو ولد وحارم ديما منهم ...سوو نت فير
+هههههههههخ اسيل هي تحففففة
بجد هالبنت غير شكل الله يعين شاهينو عليها
لكااان زواج صوري ها خخخخخ الله يصبرك يا شاهو
+لغز متعب محير جدا !!!!! وسند لما حكا انه حي حكا بكل ثقة
ليكووووون عنجد حي !!!!!
اهئ معقول
ممكن يكون متعب مطلق اسيل قبل ما يختفي وبكذا يكون زواجها من شاهين صحيح >>>>>>>فيس الشطحات في التوقعات خخخخخخ
او يمكن يكون سند مجرد كااذب ؟ههه ما ظنيت بس عالاكيد في سر فالموضوع

+كدو اشتقنا لعنااااااد وفوااز خليهم يطلو ؛)

بارت جميل جدا كدو
وكل ما فيها الرواية بتحلو اكثر
بانتظار البارت القادم بشوووووووووووووق
تقبلي مروري
سلاااااام

sosee 03-08-14 12:32 AM

رد: قيودٌ بلا أغلال عانقت القدر
 
إلين 💔💔💔😭😭😭
يا قلبي عليها صدددق بكتني
أدهم صدددددمة انه يصير اخوها كيييف ووشلووون !!
أعتقد انه عرفها يوم رجعت للميتم فترة قصيرة يوم عمرها 8 سنوات
لكن صدق صدمة وكيف وابوه عايش ؟؟ او انه مو ابوه بس مربيه !!

متعب عايش 😱😱😱😱
صدمة ثانية بس فعلاً ممكن يكون خطة من هالناس اللي سمموه وخلوه دمه مدمن

حمااااس فعلاً وتشويق عجيب 😿😿
وشكراً على الهدايا الجميلة عيدية لطييفه 💗💗💗
ب انتظار البارت القادم

كَيــدْ 05-08-14 01:42 AM

رد: قيودٌ بلا أغلال عانقت القدر
 
السلام عليكم ورحمة الله تعالى وبركاته

ياهلا والله بالمتابعات الجدد اللي نورونا
والله إنكم تسعدوني جعلني ماخلا منكم

البارت عزيزاتي بيكون إن شاء الله يوم الخميس إذا تضبط وضع النت
هو تقريبًا جاهز ويحتاج لتدقيق
بس النت هالأيام لاعب فيني وادعو بس يتضبط وضعه في الأيام الجاية


وبحاول أرد عليكم الحين بحسب مزاج النت ^^

كَيــدْ 05-08-14 01:47 AM

رد: قيودٌ بلا أغلال عانقت القدر
 
اقتباس:

المشاركة الأصلية كتبت بواسطة ...همس القدر... (المشاركة 3461199)
السلام عليكم ...
الق شكر كيد عالبارتين ...
يجننوا عهه واعذريني على ردي السريع بش مشعولة كثير
بانتظار بارت لكرا ...اللي يمكن ما اقدر اقراه دعري ؛(

وعليكم السلام والرحمة :**

العفو لقلبك يا عين كيد
ههههههههه واضح طبعًا إنك تكتبين على عجل

وخذي راحتك في القراءة يا ألبي

كَيــدْ 05-08-14 02:30 AM

رد: قيودٌ بلا أغلال عانقت القدر
 
اقتباس:

المشاركة الأصلية كتبت بواسطة بنت سلطان (المشاركة 3461337)
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

اولاً كل عام وانتي بخير وعيدكك مبارك يارب

ثانياً أهنيك يَ كاتبتنا الجميله كيَد على هاالروايه الجميله ، للأمانه طحت عليها بالصدفه وقريتها من البدايه لآخر بارت وصلتي له بنفس اليوم كلما قلت خلاص اكمل بعدين القى نفسي مشدووووده اكمممل هههههههه
من زممممان والله عن النوع المتقن والمشوق من الروايات ❤️
كككلي حماااس للبارت الجاي 😊
بالتوفيق يا جميله 🌹



وعليكِ السلام ورحمة الله وبركاته ...
وانتِ بألف خير وبأتم صحة وعافية
عساك دايم بسعادة

والله إني أفتخر بمتابعتك لي
وأعتز بكونها جميلة في نظرك

دمتِ بود :**

كَيــدْ 05-08-14 02:46 AM

رد: قيودٌ بلا أغلال عانقت القدر
 
اقتباس:

المشاركة الأصلية كتبت بواسطة لست أدرى (المشاركة 3461363)
السلام عليكم ... مريت هنا بالصدفة لما شفت انه واضح فيه تفاعل بالرواية


حبيبتى ... للاسف ما اكثر الروايات اللى بتنزل يوميا هنا فى المنتدى ... وما أقل الروايات اللى بتكتمل او على الاقل بيهتم اصحابها بالالتزام ... فاعذرينى كنت قررت انى لن ابدأ فى اى رواية جديدة حتى تكتمل او المس التزاما من كاتبتها

مريت هنا بالصدفة ووجدت انك نزلتى جزء لا بأس به رغم انه الرواية بدأت من شهر فقط ... وكمان ردود البنات توحى انه اسلوبك رائع وشيق .. فهل يمكننى ان اقاوم ؟؟؟


اسجل نفسى متابعه وان شاء الله ابتدى معاكى بس لما ارجع من السفر كمان كام يوم باذن الله



يااااااااااه من زمان عن رواية جيدة فى الوحى


تقبلى مرورى يا غالية .. وان شاء الله تلاقينى ناطة هنا قريب


وعليكِ السلام والرحمة
يازين هالصدفة والله وياسعادتي بحضورك العذب

لاحظت إن الكثير ترك متابعة الروايات الغير المكتلمة لهالسبب
وإن شاء الله ما أكون من اللي ما تلتزم أو تترك الرواية

فيه أم ترضى تشوف عيالها ناقصين؟؟؟
هالرواية غالية علي وما أرضى إلا وأشوفها مكتملة مثل غيرها في قسم المكتملات
وأنا لي قبل هالرواية ثلاث روايات غير منشورة
كتبتها لنفسي وكملت منها روايتين والثالثة ما كملتها عشان أتفرغ لهالرواية
وهالروايتين السابقتين اكتملت من غير لا أشوف دعم بهالكبر في ليلاس وغيره من المنتديات
فبما إني كملتها لنفسي وشلون بخلي هالرواية تنقص وأنا ما أكتبها لنفسي وبس!!


يا بختي والله بمتابعتك لي
أنتظرك بفارغ الصبر يا فدبت روحك :**

كَيــدْ 05-08-14 09:47 AM

رد: قيودٌ بلا أغلال عانقت القدر
 
اقتباس:

المشاركة الأصلية كتبت بواسطة ...همس القدر... (المشاركة 3461421)
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
حبيبتي كيد الف الف شكر على اهدائك البارت لي
عنجد فاجأتني واسعدتني
كلك ذوق والله ...
مواااااااه لروحك الحلوة الراقيه
^__________*

وعليكِ السلام ورحمة الله تعالى وبركاته :**
العفو يا عيني تستاهلين أكثر والله


ما بعرف ليش حكيتي انك مش راضيه عنه بالعكس البارت جد جميل وبينتي فيه بعض الاشياء المبهمة ومنها مشاعر الين الغير اخويه لياسر

شفتيه حلو كقارئة بس أنا ككاتبة أبدًا ما أرضاني
مير نقول جميل دامه في عيونك جميل


وبرضو الشخصيه الجديدة المثيرة للاهتمام عمة ياسر ...شكلها راح يكونلها دور في معرفه ماضي الين
+ابو ادهم اللي ما زال حي معناته الين مش يتيمة اذا هنا علامة سؤال

ممممم برضو غزل انا بعد هالبارت بسحب توقعاتي السابقه ما اعتقد انه سلطان راح يطلق غزل ! واعتقد قصته معاها ومع طوالة السانها
بس تعرفي شغله عقد ما هي وقحة وقليلة ادب الا انها تنرحم لانه تصرفاتها نابعه من نقص وفجوة عندها
وبالرغم من انها ببتظاهر بالقوة واللا مبالاه الا انها هشة من جوا وهالشي لمسه سلطان الما شتمته+
سيف افندي هههههههه حبيت خرعته على ديما وسؤاله عنها
بس ما اعتقد انه لما يعرف عن سبب مشيتها راح يمشي الامر مرور الكرام
الا تصير مشكله كبيرة من ورا هالاشي
بس عنجد هالسيف اناني ...يعني هو عندو ولد وحارم ديما منهم ...سوو نت فير
+هههههههههخ اسيل هي تحففففة
بجد هالبنت غير شكل الله يعين شاهينو عليها
لكااان زواج صوري ها خخخخخ الله يصبرك يا شاهو
+لغز متعب محير جدا !!!!! وسند لما حكا انه حي حكا بكل ثقة
ليكووووون عنجد حي !!!!!
اهئ معقول
ممكن يكون متعب مطلق اسيل قبل ما يختفي وبكذا يكون زواجها من شاهين صحيح >>>>>>>فيس الشطحات في التوقعات خخخخخخ
او يمكن يكون سند مجرد كااذب ؟ههه ما ظنيت بس عالاكيد في سر فالموضوع

لو كان الكلام صحيح وسند صادق فهنا بيكون زواج شاهين وأسيل باطل
ههههههههههههه إلا إذا مثل ما تقولين مطلقها

ممكن كاذب ترا كل شيء جايز


+كدو اشتقنا لعنااااااد وفوااز خليهم يطلو ؛)

هم اللي مسوين فيها ثقل وما ودهم يطلعون لكم
وش أسوي أنا <- فيس بريء

بيظهرون يا قلبي بس كذا الأحداث تبي



بارت جميل جدا كدو
وكل ما فيها الرواية بتحلو اكثر
بانتظار البارت القادم بشوووووووووووووق
تقبلي مروري
سلاااااام


عيونك الجميلة يا الغلا

تحياتي :()

كَيــدْ 05-08-14 09:54 AM

رد: قيودٌ بلا أغلال عانقت القدر
 
اقتباس:

المشاركة الأصلية كتبت بواسطة sosee (المشاركة 3461431)
إلين 💔💔💔😭😭😭
يا قلبي عليها صدددق بكتني
أدهم صدددددمة انه يصير اخوها كيييف ووشلووون !!
أعتقد انه عرفها يوم رجعت للميتم فترة قصيرة يوم عمرها 8 سنوات
لكن صدق صدمة وكيف وابوه عايش ؟؟ او انه مو ابوه بس مربيه !!

متعب عايش 😱😱😱😱
صدمة ثانية بس فعلاً ممكن يكون خطة من هالناس اللي سمموه وخلوه دمه مدمن

حمااااس فعلاً وتشويق عجيب 😿😿
وشكراً على الهدايا الجميلة عيدية لطييفه 💗💗💗
ب انتظار البارت القادم


لا لا مش عاوزين دموع
دموعك غالية

مو هو اللي عرف بأخوته لها
هي اللي اكتشفت هالشيء يعني تتوقعين لو كان عارف بيتمادى معها وهي أخته؟؟ طبعًا لا


متعب للحين ما ثبت موضوع حياته
فلا تتعبون مخكم لين ما تتأكدون <- ودها تجلطكم :LgN05096:


العفو لقلبك يا ملكة :**

وردة الزيزفون 08-08-14 12:20 AM

رد: قيودٌ بلا أغلال عانقت القدر
 
صباح الخيرات آل ليلاس ... راح انزل لكم البارت لانو الكاتبة عندها مشاكل مع النت ... وبما انو البارت جاهز ماحبت تخليكم تنتظرو الين يتعدل الاتصال ..

لحظات وينزل ان شاء الله

وردة الزيزفون 08-08-14 12:23 AM

رد: قيودٌ بلا أغلال عانقت القدر
 
[CENTER]



-
-
-



سلامٌ ورحمةٌ من الله عليكم :**
صباحكم نفحاتٌ ربانية
مساؤكم سعادةٌ لا تنضب

كيفكم؟ عساكم دايم بفرح وبأتم عافية!



هالبارت إهداء لـ - رماد الشوق – الجميلة اللي أحب عفويتها بالتعليقات
و – وردة الزيزفون – اللي تذكرني دايم بأمي ^^
و - hidaya 2 -
اللي أحب تحليلها الواقعي وتهمني نظرتها لشخصياتي في كل بارت [/COLOR][/SIZE]
[SIZE=5][COLOR=darkred]


,


بسم الله نبدأ
قيودٌ بلا أغلال عانقت القدر
بقلم : كَيــدْ !


لا تلهيكم عن العبادات
- قراءة مُمتعة


(12)



اتسعت عيناه وبدأت أنفاسه بالتسارع، هذه الكذبة سترهقه، سترهق قلبه وعقله المشغول دومًا بالتفكير في أخيه، سيرهق جسده الذي أرهقه المكوث مُتمددًا على سريره يتأمل السقف يُناشد ذكرياته معه، سترهقه وجدًا لكن ليس كإرهاقها لأمه.
شاهين من بين أسنانه وهو يشد على عنق سند أكثر وأكثر، وبكلماته كأنه ينفث نارًا من جحيمه : انخـــرس .. كل *** يا الخسيس إلا هالموضوع .. بسكت عن كل شيء إلا موضوع يتعلق بمتعب
أغمض سند عينه اليمنى بشدةٍ وشعر أن هذا المجنون سيقتله لا محالة، لكنه كان يدرك أنه لن يستطيع فعل ذلك لذا هتف بصوتٍ مُختنقٍ إثر وطأة يد شاهين، بكلماتٍ خرجت ماكرةً قاسية : هذا ذنبي لأني بغيت أبلغك قبل لا تتزوج زواج فاسد؟ * ضحك باختناقٍ ثم تابع بخسة * اللي تسميها مرتك الحين ماهي أرملة ... زوجها عايش وزواجك فيها غلط ولا يجوز
ارتخت يد شاهين وملامحه بهتت، ثم تراجع للخلف وهو يشعر أن جبلًا يطأ على صدره بوحشيةٍ حتى أنفاسه كانت تخرج بصعوبة، متعب حي! أمعقولٌ ما يُقال أم أنه صدق بسرعةٍ كذبةً لطالما تمناها! وزواجه بأسيل فاسد؟؟؟
لا بأس، لا يهم، بالرغم من كونه أرادها حقيقةُ وبكل قناعةٍ إلا أنها تحب أخيه وسيتركها له، هي لمتعب قبل أن تكون له، وهو الأحق بها. المهم أنه عاد، أخوه عاد
صمت للحظاتٍ وعيناه مُتمركزتان في الأرض وصدمةٌ تراءت على ملامحه لم تزل، وكأنه يحارب بالمنطق والواقع رغباته وأمنياته.
وذاك ينظر إليه بابتسامةٍ خبيثة، وجدها، وجد النقطة التي يحتاج ... والورقة التي ستجعله يربح!!
رفع شاهين رأسه وأنفاسه مُتسارعة، يتمنى أن يكون كل كلامٍ أُطلق من فمه حقيقةً وليست لعبة، يتمنى ذلك وجدًا.
همس بصوتٍ خاوي أرهقه ما سمعه : أعطني الدليل بالأول … بس والله يا سند لو أدري إنك تتلاعب معي لأخليك تندم طول عمرك … وأفضل عقاب لك بيكون بعمل العملية لأمك وأنا أعرف نتايجها …. بس ماراح أهتــــــم هالمرة
زمّ سند شفتيه وكاد يصرخ في وجهه بغضبٍ من الكلمات التي أطلقها شاهين في لحظةِ غضب، لكنه ابتلع الكلمات التي كاد يقولها ليستبدلها بما هو أنفع له : بعد العصر … تعال لهنا وأنا بعطيك الدليل
شاهين بلهفة غلفها بالجمود : وليه مو الحين
سند : حاليًا هو مو عندي لأنه ما عرفت بهالكلام إلا من واحد أعرفه ووراني الدليل على هالشيء … باخذ اللي يثبت هالكلام وبرجع لك
طال نظر شاهين إليه قبل أن ينطق : أوكي … مثل ما تبي





,



معمعةٌ كانت بالقرب منهما، وأصوات صراخٍ وتجمعٌ ليس بقليلٍ كان هناك، لتقترب جيهان بفضولٍ تقتحم جموح الناس ومعها ليان، وحين تراءت لها الفتاة الساقط عنها حجابها والبلل يغطيها، وخصلاتٌ من شعرها الليلي مُلتصق بملامحها إثر الماء، سقطت منها المثلجات دون أن تشعر وهي تقترب بخوفٍ وذعر : أرجــــوان!!
أبعدت أرجوان اليد الرجولية عنها وهي تسعل بقوة، وتلك جلست بجانبها بذعرٍ وخشية تسألها : أرجوان ... أرجوان حبيبتي وش صار؟
مسحت أرجوان الماء عن وجهها بكفيها ثم تناولت حجابها لتغطي شعرها بشكلٍ غير مرتب، وصدرها يرتفع ويهبط يبحث عن الهواء بنهم، ثم نظرت لجيهان بوجهٍ مُحمر وعينان احتقنتا بالدمع، وشفتيها وصلهما الإزرقاق، وبأنفاس مُضطربة : خلينا نرجع البيت ... لقيتي ليان؟
أومأت جيهان ببهوتٍ وكل مافيها يتساءل، لكنها فضلت الصمت فحال أختها لا يسمح، واستنتجت من منظرها والمكان الذي كانت فيه بقرب البحيرةِ أنها سقطت في جوف الماء وأنقذها أحد الموجودين.
اقترب منهما رجلٌ كان بملابس مُبللة، وذلك جعل جيهان تدرك أنه هو من أنقذ أختها، ليتمتم بكلماتٍ لم يفهماها لكونها بالهولندية اللغة الأولى في بلجيكا، لذا صمتتا وأرجوان تنظر للأرض حيث تجلس بارتباكٍ وإحراجٍ كبير، تشعر أنها عاريةٌ كون ملابسها مُبللة، بالرغم من كون معطفها كان جلديًا سميكًا إلا أنه يصل إلى أسفل ركبتيها وبنطالها هو الذي كسب البلل الأكبر ليلتصق بساقيها.
تكلم الرجل بقلقٍ وقد كان يسأل إن كانت تحتاج للمشفى أم لا، وكيف سيفهمان هما ما يُقال؟
لكن في تلك اللحظة تحديدًا اقتربت منهما فتاةٌ بدا عليها أنها عربيةٌ إذ كانت ترتدي لباسًا كلباسهما تقريبًا في احتشامه، عدا أن حجابها كان واسعًا يظهر جزءًا من عنقها.
الفتاة برقةٍ تُحدث أرجوان : انتِ طيبة هالحين؟
أومأت أرجوان برأسها دون أن تدقق النظر بها، لتهتف الفتاة : يقول الرجال إنه يبي ياخذتس للمستشفى
نظرت إليها أرجوان بذعرٍ وعينان مُتسعتان لتهتف : لا لا أنا بخير ... * ثم وقفت بإرهاقٍ وهي تشعر أن جسدها مُحطم * اشكريه بالنيابة عني
قطبت جيهان جبينها ولم يعجبها حديث أختها، لتستدير للفتاة بحزم : لا بناخذها
أرجوان بحدة : ماله داعي كلها طيحة بالمويا ما تحتاج مستشفى
الفتاة باهتمام : بس المكان اللي طحتي فيه كله أحجار وحصاة كبار … يمكن جسمتس صدم في بعضها … إذا مستحيه منه باخذتس أنا وأخوي
إحمر وجه أرجوان لتنطق بخجل، بالرغم من كونها تشعر أن جسدها يصرخ ألمًا : أنا بخير يا أختي وشكرًا على اهتمامك
أومأت الفتاة بابتسامة : الحمدلله على سلامتتس … مير حبينا نساعدتس
أرجوان بخفوت : ربي يسلمك، مشكورة ما يحتاج
اندفعت في تلك اللحظة امرأة بجسدٍ مُمتلئ تُمسك بيد أرجوان مُترجية، وبالفرنسية : أعتذر منكِ على ما حدث .. حقًا أعتذر
سحبت أرجوان يدها بضيقٍ لتهتف : لا عليكِ هو لم يقصد دفعي
سحبت المرأة طفلًا في بدايات السادسة يبكي من صراخ أمه في وجهه : اعتذر منها
ابتسمت أرجوان ثم مسحت دموعه قبل أن تقف لتهتف له بحنان : لا داعي للبكاء عزيزي ... * ثم نظرت للأم بعتاب * لم يكن هناك داعٍ لتُخيفيه
مسحت الأم دمعةً تسللت إلى وجنتها من خوفها الكبير على ابنها، خشيت ألا يمر الموضوع ببساطةٍ ويحدث مالا يحمد عقباه بعدم تمرير أرجوان لما حدث.
المرأة بامتنان : أشكرك .. أشكرك




,



ابتلعت ريقها وهي تراه أمامها على بعد سانتيمترات، بعينيه الثعلبيتين يراقبها، ونظراته كما العادة كذئبٍ جائع، يتخلخلها تحذيرٌ ووعيدٌ كبير.
تحركت بسرعةٍ من المكان الذي هي فيه، لغرفة الطبيب الذي يجلس والدها عنده، ومن شدة رعبها كادت تقتحم الغرفة عليهما، لكنها تراجعت وهي تضع كفها على قلبها لتجلس على الكرسي تزدرد ريقها مرارًا ومرارًا.
مابها خائفة! لا يستطيع أن يفعل شيئًا فهي في مكانٍ عام مُكتظٌ بالناس ... زفرت أنفاسها بذعرٍ وهي تتلفت هنا وهناك ... ارتاحت لسفره فلمَ عاد الآن ليضوق عليها؟
زمت شفتيها لتغمض عينيها بقوةٍ تقاوم دموعها الخائفة، ليس وقت الدموع فوالدها قد يخرج في أي لحظة.
وقفت أمام الباب وارتعاشها لم يزل إلى الآن، تريد الدخول لتكون عند والدها وتشعر بالأمان، لكنها تراجعت في آخر لحظةٍ وظهرت إبتسامةٌ على شفتيها لما تسمع : بإمكانك الإطمئنان سيد ناسر ... هناك إحتمالٌ كبير بنجاح العملية القادمة ... ومن بعدها يمكنك المشي من جديد
نسيت ما حصل منذ ثواني، نسيت كل شيء، وكل ما تراءى أمامها هو رؤيتها لوالدها يمشي من جديد، يركض مع فارس كل صباح. سعادةٌ عظيمة رفرفت بقلبها لتوصله لأعلى مراتب الفرح، حتى أن دموع الفرح تجلت على عينيها بدل الخوف.
عادت للجلوس وهي تمسح الدموع التي تجاوزت جفنها وترسم ابتسامةً فرحة، مُتلهفةٌ لتراه يمشي بعد أن فقد القدرة على المشي من بعد ذاك الحادث الذي أفقدها امها..
بعد لحظاتٍ خرج والدها تدفع كرسيه إحدى الممرضات، وهي ما إن رأته حتى اقتربت منه لتتراجع الممرضة للغرفة، لتنكب على يده مُقبلةً لها.
جنان بسعادة : أخيرًا بشوفك تمشي من جديد ... أخيرًا يانظر عيني
ابتسم أبو فارس : كنتِ تتسمعين؟
اتسعت إبتسامتها بسعادةٍ وهي تحتضن رأسه بكفيها مُقبلةً لجبينه، وسعادتها الكبيرة أنستها العينين اللتين كانتا تراقبانها منذ لحظاتٍ خلت.




,



صباح الأحد ..
كانت ترمي عددًا من القمصان والتنانير بارتباكٍ وخوفٍ واضح، والآخر في الحمام يستمع لكلماتها العالية الغاضبة، بالرغم من ضيقه لكونها ستعمل أخيرًا وهو الذي حلف سابقًا أنه إن تزوج من بعد بثينة فلا عمل لزوجته الأخرى، تنهد وهو يجزم بداخله على التكفير اليوم بالإطعام بعد عودته من عمله.
أما تلك فأقرت على قميصين بأكمامٍ طويلة، أحدهما أسودُ فضفاض من الشيفون بينما يكون مزمومًا عند طرفه من الأسفل وعند نهاية الأكمام، والآخر بلونٍ أصفر ضيقٍ بعض الشيء.
ديما باضطراب : ياربي وش ألبس؟
زمت شفتيها وهي تتجه بنظراتها لباب الحمام الذي فُتح ليخرج سيف وهو يلف المنشفة حول خصره، وباندفاعٍ هتفت : سيف
نظر إليها بحاجبين معقودين : اللهم اجعله خير على هالصبح
اقتربت منه وهي ترفع القميصين بيديها أمام وجهه : الأسود والا الأصفر؟
ظهرت ابتسامةٌ بسيطة تكاد لا تُرى على شفتيه، وبسخرية : الحين كل هالبلبلة والعصبية سببهم اللبس؟
ديما بقلة صبر : هذا أول يوم لي لازم أكون بأفضل صورة ... تكفى ساعدني راسي بينفجر من كثر التفكير
رفع حاجبًا بتفكير وهو يرفع يده ليلامس القميص الأسود : قلتلك من قبل إنتِ ملكة بالأسود .. بس
عبست بعد أن شعرت بأن الفرج جاءها : بس وشو؟
سيف بانزعاج : البسي الأصفر الأسود شفاف
ديما بإحباط : طيب الأصفر حلو والا لا؟
سيف : ممم ماشي حاله أحسه ما يناسبك كثير ... بس أحلى عندي من إنك تلبسين شفاف
ديما باندفاع : لا تهتم من هالناحية لأني بكون لابسة بدي من داخل
أومأ وهو يتجه للدولاب : لا لبستي تعالي وريني * ثم فتح الدولاب وهو يبتسم بسخرية * حتى ملابسي اليوم ما جهزتيها من هالدوام ... متأكدة إنك مصرة على الشغل وما غيرتي رأيك؟؟؟
لم يسمع إجابةً منها ليستدير مُستغربًا، حينها لم يجد أثرًا لها وصوت الماء في الحمام تدفق إلى أذنيه، فابتسم ثم حرك رأسه يمينًا وشمالًا : الله يعينك يا سيف







*


يتـبع |.






http://forums.graaam.com/images/icons/11302798202.gif

وردة الزيزفون 08-08-14 12:25 AM

رد: قيودٌ بلا أغلال عانقت القدر
 



-
-
-




طرق الباب عدة مراتٍ بشكلٍ متناغمٍ عابث، وشفتيه تدندنان بينما عينيه مُغمضتين، وفي غضون لحظاتٍ كان صوتٌ رجولي قادمٌ من الداخل يتجه للباب يصرخ بالفرنسية : قادم قادم * ثم أردف بلكنةٍ يتوشحها الغضب والإمتعاض يظن أن الطارق لن يفهمه * أحد يزور بهالصبح؟ الله ياخذك ياللي تدق
ابتسم الواقف ليطرق بشكلٍ أعنف، ليفتح الآخر الباب ويصرخ بغضب : قُلت لكَ قــ ...
بُترت كلماته وهو يرى الواقف أمامه والمُبتسم له بسخرية : الله ياخذني هاه؟ ياخذك قبلي ياللي ما تستحي
هتف الآخر دون تصديق : أدهــــــــم!!
أدهم بفضاضةٍ دخل يتجاوزه وهو ينطق دون مُبالاة : ايوا ادهم أجل الجني الأزرق؟
تمغط ليصدر صوتًا من بين شفتيه المُغلقتين دلالة إرهاقه ليردف : بسرعه جهز لي غرفة أنام فيها ... من وصلت وأنا أحوس بباريس أتأكد إنها ما تغيرت
شعر بالآخر يجتذبه إليه ليعانقه بمحبةٍ أخوية، وهو وإلى الآن لا يصدق أنه يراه أمامه بعد هذه الأشهر الطويلة : يا حمار ليه ما جيت لي أول ما وصلت؟
ابتسم أدهم وهو يبتعد : وخر عني زين ... اللي يشوفنا يمكن يفهمنا غلط
الآخر بغضبٍ يقاوم ابتسامةً تحاربه للتجلي : ما تترك كلامك الخايس إنت؟؟
ضحك أدهم وهو يرمي بجسده على إحدى الأرائك في الصالة : لا ما أتركه
أغلق الآخر الباب ثم تقدم إليه مُبتسمًا : اشتقت لك يا الخايس تدري؟؟
أدهم بابتسامة : اي أدري ... شلونك؟
لمح الآخر القلق في نبرته، ليبتسم ويقترب منه، لطالما كان أدهم لا يُعبر عن شوقه ومحبيته بالطرق المعروفة كالعناق وغيره من الأحاديث، هو قاسٍ لا يعترف بالمشاعر، هو كالوحش حين يريد، لا يرحم حين يتطلب الأمر ذلك، لكنه يعلم أن هناك جانبًا أبيض به وإن غلبه الأسود.
هو بابتسامةٍ يجلس بجانبه : نحمد الله ... من صوبك؟
أدهم بتنهيدةٍ وهو يسافر بأفكاره للبعيد : ماغير متعافين ... * ابتسم ساخرًا ليردف * وطلع عندي أخت!!
الآخر بصدمةٍ وعيناه اتسعتا : كيييف؟
ضحك أدهم بصخبٍ لينحني للأمام يضع كفه الأيسر على رأسه : نكتة الموسم ... تخيل تقولي أنا أختك!!
الآخر باستغراب : مين هي؟
ابتسم أدهم يتذكر ملامحها : اليتيمة
اتسعت عينا الآخر ينظر إليه بصدمة : لاتقولها!!
أدهم بضحكة : اي إلين
الآخر : أختك؟؟ ... * ارتفعت ضحكاته فجأةً يحرك رأسه يمينًا وشمالًا * لا تكون صدقتها انت؟
أدهم : مو ناقصني إلا أصدقها ... المشكلة إن الوضع أبد ماهو لايق ... أنا أكون أخو إليــــــن!!
الآخر بسخرية : تخيل يكون الموضوع حقيقة؟
نظر إليه أدهم بحاجبٍ مُرتفع، ليردف ذاك بتقزز : بتكون وصخ في نظري
ثم أتبعها بضحكةٍ صاخبة يضرب كتف أدهم بخشونة، وهو ابتسم ساخرًا : ولا بعد تبي تجي تسكن عندي .. هه ، وحدة مثلها المفروض تخاف على نفسها مو تسلمها بهالطريقة
تأتأ الآخر بأسفٍ ساخر : يا حقيييييير
رفع أدهم إحدى الوسادات ليرميها في وجهه، ثم بحدة : قالتها لي هي من قبل، بس والله لدفعها ثمن كلمتها ... وانت يا الغثيث روح بسرعة جيب لي شيء أشربه وجهز لي مكان أنام فيه
اتجه ذاك للمطبخ وصوته صخب بضحكاته.




,




وتلك من الجهة الأخرى كانت تفتح عينيها بإرهاقٍ شديد وجسدها يسكن في خمولٍ قاتل، معدتها الفارغة تناجيها بالرحمة، لم تأكل منذ أيامٍ وما جلبته هالة البارحة تركته كما هو، لا تشعر بالرغبة في أي شيء.
قعدت وهي تمرر يدها على خصلاتها القصيرة والمتحررة بعشوائية، ثم اتجهت للصحن الموضوع على طاولةٍ بيضاء دائرية، سترغم نفسها على الأكل ولو بضع لقيماتٍ تطمس جوع بطنها، بالرغم من كون الطعام أصبح باردًا لكن ( ولا تلقوا بأيديكم إلى التهلكة )
حاولت مقاومة شعورها بالغثيان ومعدتها الجائعة لا ترغب بشيء، وفي النهاية لم تشرب سوى من كوب العصير الذي أصبح حارًا لكنها كانت قد غطته بمفرشٍ صغير مع بقية الطعام، ولم تلبث أن ارتشفت القليل حتى اتجهت للحمام لتخرجه وتتبعه بالسوائل في معدتها الفارغة.
عادت لسريرها بعد أن مسحت وجهها لتستلقي بإرهاقٍ مُتمتمة : اللهم إني أسألك الثبات
وعلامَ الثبات؟ أعلى إرهاقها لنفسها بيديها؟ أم على صبرها عن الطعام لتحيل بنفسها إلى لتهلكة؟ .. زفرت أنفاسها لترفع هاتفها وتتأمل رقم أدهم لدقائق طالت، هو اخوها في النهاية ورغمًا عنه سيقتنع، كان هذا الحديث من فم أمه المُطلقة قبل سنة، وسيُثبته والده، لم تقتنع في البداية إلا أنها قامت بتحاليل الـ ( dna ) وتأكدت من ذلك.
رفعت رأسها للأعلى تداري انهمار دموعها التي عاندت لتسقط، لمَ تركها؟ هو والدها فلمَ تركها؟ وتلك الأم التي أفشت الحقيقة ورحلت بعد كلماتٍ قاسيةٍ كالسياط. لازال الحديث يتردد في عقلها ليُخرس جميع حواسها عدا عينيها المُمطرتان بالدموع ... ابتسمت بألم ... كم بقي من الصفعات التي ستحول عينيها لمجرد غيمةٍ معطاء تذرف قطراتها في كل حين؟ وكم من صدمةٍ لم تأتي بعد ستحيل هذا القلب لعضلةٍ جامدة لا تُثار مع كل مصيبة؟
اجتذبت بعض المناديل لتمسح بها عينيها وأنفها، ثم بإصرارٍ لم يمت بعد اتصلت به، ستُحدثه وتجبره على الإقتناع بها أختًا ... وإن رفض مرةً فستحاول مراتٍ ومرات، وهي من ستربح أخيرًا.
طال رنين الهاتف بجانب أذنها ولم يصل إليها صوته، لكنها أعادت الإتصال مراتٍ ومرات إلى أن قطعه هو بنفسه، شعرت بالقهر لتعيده من جديد إلا أنه في النهاية أغلق الهاتف.
رمت الهاتف على السرير بغضبٍ ووضعت كفيها على رأسها تشد شعرها بوجع : لييييييه مو ر اضي يترك خياسته ليييييييه؟ بس آخرتك بتقتنع ونشوف يا أخــــــوي, وعيشتك الوصخه أنا اللي بغيرها
سمعت أصواتًا بالخارج وقد كان الأبرز على أذنيها هو صوت والد ياسر، ورغمًا عنها شعرت برعشةٍ تعتريها، كيف ستقابله وجهًا لوجه بعد ما حدث؟ وكيف ستعتبره والدًا لها بعد اليوم؟
كل تلك الأمور وكل ما استجد حديثًا يجب أن ينتهي بخروجها، لا مكان لها بينهم بعد الآن، لا مكان لها بينهم.
اقتربت الأصوات أكثر حتى توقفت عند بابها، فتوجست تستنتج ما سيحدث، ولم تلبث ثانيتين إلا وبابها يُطرق.
ابتلعت ريقها بصعوبة، غير معقول، هل يريد أن يتحدث معها الآن؟ هل يريد أن يحاول معها لتوافق أم سيعاتبها لأنها رفضت ابنه الذي كان من المفترض لها ألا ترفضه؟ تخشى أن توافق أخيرًا وهي التي بها من الضعف الكثير، تريد ياسر ولا تنكر، وكم كان حلمها أن تتزوجه أخيرًا، لكنها لا تناسبه، لا تريد أن تظلمه بزواجٍ غير عادلٍ كهذا.
ارتفع صوت عبدالله مُناديًا لها : يا بنتي ما صارت حالة ذي ... والله لو كنت أدري إنك بتحبسين نفسك ما فتحت لك السالفة
عضت شفتها بقوةٍ تُخفى ارتعاشها، صوته الحنون، ونبرته الأبوية، والحب الكبير الكامن في كلماته تجعلها رغمًا عنها تبكي.
ليتك لم تقدم على هذا القرار يا والدي ... ليتك لم تقترح زواجي بمن لا أقوى على ضره.
أتبع عبدالله بأسى، وقد كان ياسر بجانبه ومعهم هديل، بينما كانت هالة تستمع من بعيدٍ بتوجس : إذا لي خاطر عندك إنزلي وشاركينا بالأكل ... اعتقد إنك ما اكلتي من يومتها
اندفعت أم ياسر لتقترب منهم هاتفة : لا عطيتها أكــ
رفع عبدالله كفه مُقاطعًا لها أن اصمتي، ثم أكمل : ومنها بتكلم معك بخصوص الموضوع ... ما باخذ رفضك بعين الإعتبار لأنه جاء بوقت سريع وبدون تفكير منك
ازدادت وطأة أسنانها على شفتها تقمع صوتها عن الرد، لن ترد ولن تتحدث، لأنها تعلم أنها لو تحدثت فمن الواجب عليها أن تخرج لتقابلهم وجهًا لوجه وليس من اللائق أن يكون حديثها من خلف الباب.
عبدالله بهدوء : ردي علي وكلميني .. إذا ما تبين الزواج محد بيجبرك بس بالأول أعطيني سبب مقنع للرفض
تعلم أنه يرى أن ليس لديها أي سببٍ مقنع، فمن تكون هي لترفض ياسر؟ من تكون فتاةٌ مثلها لترفض رجلًا كياسر؟
تناولت أخيرًا عباءتها لترتديها على بجامتها الليلكية وحجابها لفته على رأسها، ثم اتجهت ببطْءٍ للباب وهي ترسم وجهًا قاسيًا ليس كوجهها، ستكون لهم أخرى ليست هي، ستكون أخرى غير شخصها، وكل ذلك لن يكون إلا دافعًا لكرههم لها وخروجها هي من منزلهم بكل بساطة.
فتحت الباب بشدةٍ لتظهر لهم بملامح باردة، فتراجع عبدالله وياسر قليلًا عن مرمى الباب، وهي هتفت بكل بلادةٍ وبرود : نعم!
ابتسم لها عبدالله بحنان : بالأول افطري وبعدين نتكلم
أدارت وجهها عنهم بضجر ثم عادت لتنظر لوجه عبدالله بوقاحة : واللي يقول ما يبي؟ بالغصب هو؟؟؟
تعجبوا جميعهم من طريقتها في الحديث حتى أن ابو ياسر قطب ملامحه بانزعاج، لكنه في النهاية لم يعلق ونطق بذات الحنان : ولا تلقوا بأيديكم إلى التهلكة ... وجهك يقول إنك تعبانة ومادخل شيء لمعدتك من مدة .. تبين تذبحين عمرك؟؟
لانت ملامحها قليلًا، ورغمًا عنها شعرت بالخجل وهي التي لا تقدر على التصرف بوقاحةٍ معهم، لكنها ستحاول، ستحاول.
لم تطل بتفكيرها حتى شعرت بيد هديل تجتذب كفها لتسحبها معها للأسفل : خلاص خلوها علي ... بما ان عروستنا خجلانة من الإفطار معكم بفطر أنا وهي بروحنا
ابتلعت ريقها ومن يفترض أنهم خطبوها له ابتسم بهدوءٍ، وامه عجنت ملامحها بامتعاض، لتنطق بفضاضةٍ في وجه هديل : عروس!! بس أنا ما وافقت ولا بوافق أصلًا
قاطعتها هديل وهي تسحبها لغرفة الطعام وقد توارى صوتهم عن أسماع البقية : لا يابعدي بتوافقين وغصبًا عن خشمك الحلو ... يحصله ياسر أصلًا
تهدل جفنيها بوجع، ولمَ لا تقولها بصراحةٍ ودون تلاعب بالكلمات، دون تبديل – الكاف – بـ – الهاء -
“ يحصلك ياسر أصلًا؟؟ “
هذا هو مقصدكِ فلمَ لا تنطقينها دون أن تجهدي نفسك بالكذب، لمَ لا تنطقينها دون ان تجهديني معكِ بالألم المُستتر بمجاملاتي بالضحك؟
إلين ببرود : لا والله ما يحصله إلين
ابتسمت هديل وهي تفهمها جيدًا، لكنها احتضنتها بحبٍ وهي تعاتب ذاتها، كيف فكرت بتفكيرها الساذج وقتذاك؟ إلين أنثى لا تقدر بثمن، كنزٌ سيُسعد ياسر بإحتوائها له : يافديتك بس
لم تعلق وهي تغرق بفكرها البائس، ستكون ظالمةً إن هي وافقت، لذا ستتعامل معهم بنزقٍ حتى تخرج من منزلهم إلى مكانها الأصلي، إلى الملاذ الحقيقي لها والذي لم تعش به مًسبقًا، إلى منزل والدها.




,



يتأمل ملامح تلك المُستلقية بجانبه تواجهه بوجهها بسكونٍ وهدوء، كان قد عاد ليلًا ليجدها تتحاشاه ثم أوصل ليلى لشقتها وعاد مرةً أخرى حتى يجدها نائمة، وحين تأتي المقارنة بين مظهرها في صحوتها ومظهرها في منامها يتكوّن فارقٌ ضخم.
ما يراه الآن هي ملامحٌ لفتاةٍ تسكن في هدوءٍ تشع منها براءةٌ وجمال يوقع بأي رجل، أما في صحوتها فلا يرى سوى أنثى قبيحة الأخلاق قبل المظهر، يُشفق عليها مما هي فيه من ظلامٍ وعتمة. وقد أصرّ منذ رأى تعاملها البارحة مع ليلى ومن ثم ألفاظها وخوفها منه أن يغيرها للأفضل وباستراتيجيةٍ مُحببة لا مُنفرة.
زفر وهو يستغفر لينهض يفرك عينيه النائمتين، فيما وضع نفسه؟ هل كان زواجها ليس إلا رحمةً بها حتى يُساعد في إخراجها مما هي فيه؟
اتجه للحمام يبتعد عن هالة الفتنة التي أمامه، والتي لم يجذبه إلا حين نومها، ثم فتح باب الحمام ليغلقه من بعده بهدوء.
أغلق عينيه ما إن وقع الماء على جسده، ثم زم شفتيه يفكر بتلك النائمة في الخارج، ما الذي واجهته في حياتها حتى تخافه بذاك الشكل الذي بدا جليًا أمام عينيه؟ والذي جعله يرحمها ويُشفق عليها ليبقى يتفكر بها البارحة من بعد خروجه؟
انتبه لصوت رنينٍ في الخارج، ليُقطب جبينه مُتعجبًا، لم يكن رنين هاتفه، إذ كان هذا الرنين هو أغنيةٌ كلاسيكية صخبت بقوةٍ رغم كونه بعيدًا عنها بعض الشيء لتزعج مسامعه.
بالتأكيد هو هاتف غزل، لكن من ذا الذي يتصل في وقتٍ كهذا؟؟
وتلك في الخارج فتحت عينيها على صوت هاتفها، لتتأفأف وتحمله تنظر لهوية المتصل، وبانزعاجٍ رمته بضيق : واحد فاضي
لتعود لنومها الذي تعكر من بعد ذاك الإزعاج، ولم يكن لها سوى أن تفتح إحدى الأغاني التي لا تنام إلا عليها وتضع السماعات في أذنها.
أغمضت عينيها باسترخاءٍ وابتسامةٌ صغيرة تجلت على شفتيها، لكن سرعان ما تلاشت تلك الإبتسامة وهي تتذكر أنها نامت وسماعات هاتفها على أذنهيا!!!
كيف غادرت أذنيها؟ هي تدرك أنها في نومها لا تتحرك كثيرًا حتى تسقط السماعات، ولطالما نامت بتلك الهيئة وصحوت لتجد نفسها كما هي!! .. أيعقل أن يكون سلطان قد عاد؟؟؟
عند تلك الفكرة اتسعت عيناها لتقعد بخشية، بالتأكيد سيكون قد عاد وماذا تتوقع غير ذلك؟
مررت لسانها على شفتيها المُكتنزتين وهي تتلفت تنظر للفراش بجانبها، وقد كان يُثبت أنه قد كان يحمل بشريًّا، وهذا ما كان ينقصها!!
ابتلعت ريقها ودون أن تشعر توجهت بسرعةٍ للصالة بعد أن رمت الهاتف على السرير بينما هو خرج بعد أقل من نصف ساعةٍ تقريبًا وهو يلف المنشفة حول خصره، وأول ما وجه نظره إليه هو السرير لترتسم ابتسامةٌ صغيرة هازئة على شفتيه، أهو مُخيفٌ إلى هذا الحد؟ .. لأول مرةٍ يشعر أنه كالوحش بالرغم من كونه لم يؤذها.
هزّ رأسه ينفض تلك الأفكار ليتجه للخزانة يُخرج ملابسه، وهي بقيت في المطبخ تنتظر خروجه ومن ثم ستخرج هي منه.
لم تلبث إلا دقائق حتى جاءها صوته المنادي لها والمُقترب من المطبخ : غزل
ارتعشت لكنها سرعان ما زمت شفتيها لتلتقط الأكسجين تعيد تدوير طاقتها وثقتها كإعادة تدويرها للهواء، ثم بصوتٍ خرج زائفًا بثقته : خييير
هز رأسه يمينًا ويسارًا لنبرتها ثم ولج للمطبخ، حتى ونبرة الخوف تكمن فيه إلا أن الوقاحة لم تسقط عنها : أولًا صباح الخير
ارتبكت لنبرته الهادئة وابتسامته الصغيرة تلك جعلت قلبها يتوقف للحظاتٍ ثم يعود للنبض بصورةٍ سريعة، لطالما كان والدها قبل أن يضربها يبتسم بشكلٍ خادعٍ لها، ولطالما كان يتظاهر بحنانٍ احتاجته كثيرًا ليرفعها لأقصى الراحة واللهفة ثم يُطيح بها حين يبدأ بتفريغ أي انفعالٍ بداخله بها هي، وكأنها لم توجد في الدنيا سوى لتشعر والدها بالراحة حين يحتاج، بالهدوء بعد الغضب، وما عليها إلا القول " سمعًا وطاعة " ككل مرة.
ماهي في الدنيا تحديدًا؟ ما مكانها بين البشر؟ تكاد تُقسم أنها ليست سوى
- دابةٍ - تثير الضحك حين تُضرب، لُعبةٌ عند الأطفال وحمالٌ عند مالكها، كما كانت هي حمالٌ لكل هموم والديها.
كادت لدمعةٍ أن تخونها فتسقط أمامه، وهي التي لم تبكي يومًا أمام والديها بعد أن كبرت فكيف تسمح لنفسها بالبكاء أمامه؟ لا لا، أرجوكِ ياعينيها لا تبكي، أرجوك ليس أمامه الآن.
اقترب منها بهدوء، وبابتسامةٍ حاول بث أكبر قدرٍ من الحنان في كلماته : ما أعتقد إنك أكلتي شيء من الأكل اللي جبته أمس … إن شاء الله بطلب لك أكل بعد شوي
تراجعت للخلف خطوةً بخوفٍ لتهتف باهتزاز : ماني جوعانة
انتبه لنبرتها وصمت، لن يضغط عليها وسيُخرجها مما هي فيه بالتدريج : أوكي ما ودي أجبرك، بس بجيبه ووقت ما تجوعي اكلي … وحاب أقولك إني اليوم بشتري لك عباية جديدة عشان تغيرين عبايتك اللي ما تناسب أي مسلمة
كان يتوقع منها الرفض والصراخ في وجهه بـ " لا أريد " وقد كان مُستعدًا لذلك وجهز نفسه للتصرف بشكلٍ يحببها في الأمر لا يُنفرها.
بالرغم من كونه مقهورًا وإلى الآن من معاملتها البارحة مع ليلى ووقوفها بذاك الشكل الخليع أمام الباب إلا أنه لن يقوم بأي عقابٍ أبدًا، يُدرك أنها تربت منذ نعومة أظافرها على ذلك فليس ذنبها أن والداها لم يكونا صالحين، وهو الذي سيتحلى بالصلاح ليرشدها للطريق الصحيح دون أن ينفرها لغضبٍ أو قهر.
سحبت أنفاسها بقوةٍ ودون شعورٍ أومأت بالموافقة، تريد أن يبتعد عنها فقط، وهي لن تُخدع بصوته الحنون أبدًا فالحياة علمتها الكثير. أما هو فابتسم مُتفاجئًا من موافقتها ليرفع كفه ويضعها على رأسها حتى تنتفض هي بخوف وتبتلع ريقها. سيضربها الآن، سيضربهــــــــا!
سلطان برضا رغم أن الضيق خالجه من انتفاضها حين لامس رأسها : الله يرضى عليك
ودون كلمةٍ أخرى خرج من الجناح لتتنهد وتضع كفها على صدرها، ما باله اليوم؟ هو ليس كالأمس ولا كقبله؟ وليست هي من قد تصدق تغيره في غمضة عين وهي ابنة أحمد الذي يكرهه، ويستحيل أن يراها يومًا بغير ذلك، أيعقل أنه بدأ يتصرف بهذه الطريقة معها رغبةً في الإنتقام أخيرًا!!!
عند تلك الفكرة مسحت بكفها على جبينها بتوترٍ ملحوظ، وماذنبها هي؟ أغمضت عينيها لتسقط دموعها التي حبستها أمامه، لن تسمح له بأن يرى ضعفها، ولن يستطيع هو أن ينتقم عن طريقها. سترى يا سلطان سترى.




,



خرجت من الحمام لتنتبه أن سيف غير موجود، لتقطب جبينها قبل أن تتسع عينيها ذعرًا : لا يكون تمنذل فيني وتركني!!!
خرجت بسرعةٍ من الغرفة تنوي البحث عنه، لتجده جالسًا على الأريكة أمام التلفاز يقلب في القنوات وعلى وجهه بدا الملل، لتزفر براحةٍ وتعود أدراجها لترتدي ملابسها، وحين وقفت أمام المرآة تنوي تجفيف شعرها ومن ثم تزيين وجهها وصل إليها صوتها المتململ : مــــي
عضت شفتها وكادت تصرخ باسمها، لكنها إبتلعت لسانها فليس من الحكمة أن تعانده وتغضبه فتنجلي سعادتها بأول يوم عملٍ لها.
أردف بصوتٍ عالي : ومتى ناوية تخلصين يا هانم؟؟
ديما بصوتٍ مقهور وصله جيدًا بعد أن نظرت لساعة الحائط : توها ستة وربع … اصبر علي شوي وبخلص
تأفأف بقلة حيلة ليكمل مطالعته للتلفاز وهو ليس مع مايعرض حقيقةً، يتمنى لو يحدث شيءٌ يغضبه منها فيمنعها أخيرًا عن العمل، يتمنى ذلك بشدةٍ لكنه أهداها الموافقة وليس من صفاته التراجع.
بعد دقائق طالت من التزين المضظرب خرجت تقف أمامه بتوتر : هاه كيف شكلي؟
رفع نظراته المُقيمة إلى ملابسها أولًا، ثم إلى وجهها، ليومئ برضا : حلو يلا نمشي
الحين .. أخرتيني
ديما بارتباكٍ زمت شفتيها الملونتين بالأحمر : احلف انه حلو
تأفأف بضيق : يابنت الناس والله حلو وأحلى شيء إنك ما خربتي وجهك بكثرة المكياج … طبيعتك أحلى فتطمني
رغم أنها لم تقتنع بشكلها إلا أن شهادته تكفيها، لذا عادت للغرفة لترتدي حذاءها ومن ثم عباءتها وتخرج معه.
سيف بملل : يا شقاك يا سيف … الحين وشوله الكعب العالي؟
ديما باضطراب : ما أدري ما أدري .. هو أكثر شيء مناسب في هاليوم
ضحك بخفوت : وناوية تطربين الروضة بموسيقى خاصة من كعبك؟
نظرت إليه مُمتعضة، لترتفع ضحكاته قليلًا ويخرج آمرًا لها باتباعه، لكن شيئًا من التردد أصابها بعد حديثه لتعود للغرفة حتى ترتدي حذاءًا متوسطً الطول بلونٍ أحمر، قبل أن تخرج خلفه والتوتر لا يتركها.






*


[SIZE=5][COLOR=#8b0000]يتـبع |.[/COLO

وردة الزيزفون 08-08-14 12:27 AM

رد: قيودٌ بلا أغلال عانقت القدر
 

-
-
-



الثانية ظهرًا

حين يختلط الواقع بالمحال يصبح المرء في حالة توجسٍ وخوفٍ دائم، وهي أصبحت كذلك.
تهيل على رقمه بالعديد من الرسائل والإتصالات، وهو الآخر يتجاهل كل اتصالاتها له، وكيف عساه يرد وذاك يقول أن زواجهما سيكون باطلًا إن كان متعب حيًّا بالفعل.
زفرت بانفعالٍ وهي ترمي الهاتف على السرير لتكمل غرقها في أفكارها، باتت تكرهه، كيف له أن يكون بكل تلك السادية حتى يمتلكها قسرًا؟
جددت الأكسجين بداخلها لتتجه نحو الباب تنوي الخروج لأمها حتى تجلس معها قليلًا، لتزفر وهي تتخطى الممر تتجه لغرفة أمها، كيف لها كل تلك القسوة حتى تُشعرها بالوحدة وهي معها في المنزل؟ أيعقل أن موت متعب أثر عليها كثيرًا لتبدو كما قال لها شاهين – ساذجة -؟
نفضت تلك الأفكار وهي تشعر بالحنق منه، ورغمًا عنها دعت داخلها عليه بـ " الله ياخذك "
طرقت الباب بخفةٍ وفي خضم الثواني التي بقيت فيها واقفةً تدافعت العديد من الأفكار على مسامعها، أهي بالفعل غير مؤمنة بالقضاء؟ أيعقل أن موت متعب أظهر حقيقة إيمانها!
بللت شفتيها وجفنيها تهدلا بأسى، لا تستطيع تجاوزه، وكيف لها أن تتجاوز أول رجلٍ في حياتها تغلغل حبها له حتى أعماقها. رباه كيف يريدونها أن تتجاوزه؟ كيف لهم كل تلك الأنانية حتى يتمنون أن تتجاوزه فقط ليرتاحوا؟؟ وهل أصبح خوف الأهل يومًا أنانية!!!
فُتح الباب وتلك الأم بقيت لثوانٍ تنظر لملامح الواقف أمامها، أهي أسيل حقًا أم أنها باتت تتخيل طيف ابنتها التي فقدتها؟؟؟
ابتسمت أسيل بارتباكٍ لتنطق بخجلٍ من نظرات أمها المُستغربة : ناوية تخليني واقفة؟ شكلك ما انبستطي بجيتي لك
ابتسمت أمها تدريجيًا، ثم تلقفت جسدها لتحتضنها بحنانٍ وراحةٍ بالغين، وهي الأم التي تتمنى سعادة أبنائها دائمًا وأبدًا، فكيف يمكن أن يكون شغلها الشاغل التخلص من ثقلهم يومًا.
أم فواز بحب : ياحلات هالمساء ، ربي يديم عليك الراحة يا بنتي
ابتسمت بهدوء، أي راحةٍ بالله عليكِ يا أمي؟ وكيف قد تشعر هي بالراحة وهي ستزف قريبًا إلى أخِ زوجها الراحل؟ بل كيف يمكنها تصوير ذاتها مع غيره؟؟
تنهدت وكم تتمنى لو تستطيع إخراج كافة سموم أفكارها من رأسها مع تنهيدتها تلك، باتت شبه فارغةٍ لا يحوي جسدها سوى السموم، وتلك همست وهي تبعد ابنتها عنها قليلًا : أعتقد ردة فعلي من شوفتك بهالشكل خلتك تدركين حقيقة إننا ما نشوفك طبيعية إلا نادرًا … قوليلي الحين متى آخر مرة جيتيني غرفتي؟؟؟
أخفضت عيناها بحرجٍ وبعض الألم، لتهمس : في اليوم اللي مات فيه متعب
قطبت أم فواز جبينها بحزن : الله يرحمه … * ثم ارتخت ملامحها لتردف * أنا ما أجبرك تنسيه لأن هالشيء شبه مستحيل …. أبيك بس تتجاوزيه
رفعت رأسها إليها لتنظر لملامحها نظرةً مُحتاجة، وتلك اجتذبتها من يدها تدخلها لغرفتها فكونها تستشعر رغبة ابنتها بالبوح يكفيها عن كل شيء.
أجلستها بجانبها على السرير ذو المفرش العنابي، وبشيءٍ من الحدة مُختلطٌ بالحنان : تكلمي .. في عيونك كلام كثير ريحي نفسك منه …. تعرفين إني طول عمري اعتبرتك انتِ وديما كأخوات لي مو كبناتي، مستعدة أسمعك للنهاية وأكون لك الدكتور اللي رفضتي تتعالجين عنده
ابتسمت أسيل بحزنٍ وأسى : تشوفوني مجنونة؟
هزت امها رأسها بالنفي، وبحب : مو كل شخص يروح لدكتور نفسي مجنون! ومو كل شخص يحتاج يفضفض لشخص مجنون! … المسألة وما فيها إنك تحتاجين شخص يخرجك من القوقعة اللي ساكنتها … وبحاول أكون هالشخص وأساعدك ولو بالقليل وأنا متأكدة إني بكون أفضل من أي دكتور لأني أمك
مالت شفتيها بعبرة، ثم سرعان ما اهتزتا لتسقط دموعها حين رفرف جفناها بشكلٍ غير ملحوظ، وبغصة : يشبهه يا يمه!!
قطبت جبينها للحظات، دلالةً على عدم فهمها، لكنها سرعان ما هتفت بتساؤل : شاهين؟؟؟
أومأت أسيل وهي تمسح قطرات ملحها، وكل ما فيها يصرخ ألمًا، أيعقل أن تكون مريضةً حتى تكون متعلقةً بمتعب إلى هذا الحد؟ وكيف يمكن للحب أن يصبح يومًا مرضًا؟ وهو الذي تغنى به الشعراء فهل كانوا هم أيضًا مرضى؟
أم فواز باستغراب : بالعكس ما أشوف بينهم شبه
هزت رأسها بالنفي هاتفة : لا ، يشبهه، وأنا اللي شايفه الشبه اللي بينهم * ابتلعت ريقها ثم تابعت * عيونه ، هدوءه ، ثقته وطريقته في الكلام .. يشبهه كثير يمه … من البداية ما كنت أبيه والحين صرت مقتنعه اكثر .. شلون بقدر أعيش معاه وأنا أشوفه شخص ثاني؟ بعيد عن كوني ما أبي غير متعب بس صعب والله صعب
تنهدت أمها بتعبٍ من هذا الموضوع، ألن تنتهيا منه؟ ألن تدرك أسيل أن لا خروج لها من عالمها المظلم إلا عبر بابٍ واحد يسمى " شاهين" ؟؟
تشبثت أسيل بكفي أمها حين انتبهت لملامحها التي تغيرت، لا تريد أن تُغضبها منها، لم تعد تقوى على أسى وحزنٍ من قبل أمها، لم تعد تقوى على كلماتٍ قد تجرحها دون قصدٍ منها.
أسيل بغصة : لا تعصبين يمه .. مو قلتي تبيني أفضفض؟ وهذي أنا أتكلم معك فلا تخليني أندم على هالشيء
زفرت أمها الهواء الملوث من رئتها ثم سحبت يديها من بين كفي أسيل لتضع إحداهما على خصلات شعرها المتموجة : ما عصبت … بس أبي أقولك شيء واحد انتِ مو راضية تفهميه، انتِ تدرين إني بنفسي كنت أربي شاهين ومتعب؟ في طفولتهم كنت مثل الأم لهم وتعرفين العلاقة القوية بيننا وبين عايلتهم. إن شفتي شيء بشاهين يمنعك عنه مثل الشبه اللي تقوليه فهذا من تصوير عقلك، انتِ مقتنعة إنك من بعد متعب ماتبين أي زواج وهذا اللي ما يخليك لا انتِ ولا غيرك يرتاح … ما أقول هالكلام لأني ما أحبك أو أبي أتخلص منك، انتِ بنتي ومافي ام ما تتمنى الخير لبنتها.
أخفضت أسيل رأسها لا تدري بمَ ترد، بينما أكملت أمها : لو أبوك الله يرحمه عايش تدرين وش كان بيسوي معك لو شافك كذا؟
ارتفعت نظرات أسيل إليها بعينين ضيقتين، لتردف : أقل شيء كان بيسويه هو تجاهل وجودك في هالبيت!!
فغرت أسيل شفتيها قليلًا، ثم أغلقتهما لتزدرد ريقها، لوالدها أسلوبٌ خاص يجبر الشخص على الشعور بالذنب وإن كان غير مذنب!
أردفت أم فواز بأسى : ما عمري تمنيت يكون أبوك عايش مثل ما تمنيتها من بعد اللي صار لك، يوم طحتي منهارة بعد سماعك عن موت متعب حسيت نفسي عاجزة، ما قدرت أكون الأم والأب مثل ما وعدت أبوك قبل لا يموت … كنت أضعف شخص بالبيت وممكن لولا فواز بعد الله كانت حالتك بتكون أردى من كذا.
سقطت دمعة من عينها اليُسرى تتطلع بالفراغ، ذلك اليوم الأسود، السابق لأيامٍ قليلة من زواجها به، من ارتدائها للفستان الأبيض، حين وصلهم خبر موته مُحترقًا في إحدى فنادق ميونخ، لتتحول السعادة في عينيها لحزنٍ سرمدي، لتتهاوى ضحكتها إلى بكاءٍ دامي، يومها فقط أدركت معنى الخيبة والحزن الحقيقيين، يومها فقط أدركت ما معنى أن تكون أرملة.
لم يبكها اللقب بقدر ما أبكاها من ستكون أرملةً له، لم تهتم لما قد يتبع يومها ذاك لأنها أدركت فقط … أنها ماتت!
اهتزت حدقتا أمها وهي تنظر إليها بعجز، لا حيلة لها، لا قوة تعتريها للقسوة كما كان يقسو زوجها ليربح في النهاية بما يريد، لو أنه كان حيًا لما وصلت ابنتهم لهذا الحال، لو أنه كان حيًا لما شعرت يومًا بهذا الضعف والهوان. أهي أمٌ بالفعل؟ أتستحق أن تكون أمًا وهي التي لا تقوى على إخراج ابنتها من حزنها هذا؟
لا تستحق، لا تستحق فمن هي الأم التي لا تفهم ابنتها بالقدر الكافي لتكون لها الدواء من كل آفاتها؟ من هي هذه الام التي لا تقوى على التصرف بحكمة لتُحرر أبناءها حين يُحجزون في قوقعة الأحزان؟
همست بعجز : تدرين وش أكثر شيء يوجع الأم … يوم تشوف عيالها مهلكتهم الحياة وهي عجزانة تخفف عنهم
زمت أسيل شفتيها يخالجها شعورٌ بالأسى والحزن لنبرة أمها المُنكسرة، وكم آلمتها تلك النبرة، أيعقل أن كل مافي أمها وما تخبئه عنهم من ألمٍ هو منها؟
ولطاما كانت تعلم أنها في هذا المنزل ليست سوى ستارٍ أسود يحجب العينين عن الرؤيا، يحجب عن النور وعن كل ماهو محمود، ليست إلا علقةً عالقةً في حناجر عائلتها.
تقوست شفتيها بألمٍ ودموعها ازداد تساقطها، لتهتف بوجعٍ وهي تمسح دمعةً يتيمة سقطت من عين أمها، وكم آلمتها تلك الدمعة لكونها لم تكن إلا بسببها : وش سوؤيتي يا يمه في حياتك عشان أكون عقاب لك؟
أنا لو جيت أحصي عدد المرات اللي كنت فيها فرح لك ألاقيها ما تساوي عدد المرات اللي ابكيتك فيها بهالسنتين
يمه … معقولة أكون عقاب نزل عليك لشيء سويتيه بحياتك؟؟؟
أو من الأفضل أقول إن شاهين بيكون هو العقاب لي لأني أبكيتك فوق المرة مية مرة بسنتين! ولأني أستاهل … موافقة، موافقة على هالعقاب لأني أستحق، موافقة لأني ما كنت لك إلا وجع … وأوعدك أكون له نعم الزوجة، بكون له زوجه صالحة وإن كان قلبي لغيره، بكون له يمه أوعدك بكون له
انتحب صوتها مع آخر جملةٍ لتخفض رأسها تدفنه بصدر أمها، تقسم أنها سترحل، لم يعد لديها دافعٌ للبقاء، في هذه اللحظة تحديدًا شعرت أنها تريد شاهين فوق كل شيء، احتاجته كما لم تحتج أحدًا من قبل، احتاجته كعقابٍ لها على كل دمعةٍ سقطت من عيني أمها، على كل حسرةٍ خالجت قلب أمها.
وسيبقى وفاؤها لمتعب بقلبها فقط، ستبقى لمتعب حتى تموت، وليكن شاهين هو الزوج لها، المُمتلك لها جسدًا، بينما روحها ستبقى له، لمتعب فقط.
وتلك لُجم لسانها، أوليست هي الأم الفاشلة؟ التي لم تعلم ماذا تفعل حين كُسرت ابنتها لسنتين!، فما عساها تفعل الآن في هذه اللحظات
لم تجد فقط سوى احتضانها، وما مقدرتها على غير ذلك.




,



يلتقط أنفاسه بنهم، لم يشعر يومًا بالإختناق كما الآن، عقله يقول أن كل ما سمعه كذب، خصوصًا أن الموضوع غير محبكٍ جيدًا، وهو ليس ممن يقعون في خداعٍ كهذا، لكن قلبه يقول شيئًا آخر، يتمنى لو يكون كلامه حقيقيًا، ولا بأس بالتأكد بعد أن يرى دليله ذاك.
زفر بقوةٍ يتمنى لو يزفر الشحنات من داخل جسده، كيف بإمكانه أن يوصل هذا الخبر لأسيل؟ بالتأكيد ستفرح … ابتسم بأسى … وهو الذي لا ينكر السعادة التي واتته يوم عقد قرانه بها، أيعقل أنه عشق امتلاكه لها في تلك الفترة القصيرة حتى لم يعد يرغب بحلّ عقد النكاح؟
هو لم يرد إكمال الزواج لأجل أمه فقط، بل الحقيقة والدافع الأكبر أنه يريدها هي … ارتعش عند أفكاره تلك، لن يقول بأنه أحبها فهذا غير ممكن، هو لم يرى ملامحها إطلاقًا ولم يعرفها جيدًا وكيف يحب أنثى تنفر منه، الموضوع حقيقةً يكمن في أنه اكتمل بها، حين تم الزواج شعر أنه اكتمل واكتملت حياته حين وجد أنثاه، لكن ماذا عساه يفعل إن كان زواجهما باطلًا بالفعل؟ بالتأكيد سيتركها، وليس له سوى ذلك فهي ليست له.
أغمض عينيه بقوة، مُشتتٌ هو، وكيف عساه يلملم شتات نفسه والصفعات تأتيه من كل جانب، لكن الصفعة الأخيرة بكلام سند الذي هو شبه متأكدٌ بكذبه كانت لذيذة، رقيقةٌ في وطأتها على قلبه المتلهف لأخيه وشديدةٌ في كونه مضطرٌ لترك تلك الحمقاء التي
انشرح صدره لها يوم عقد قرآنه.
زفر بضيق : الله ياخذك من فكري يا أسيل * ابتسم بسخريةٍ على حاله * واحد ما عرف من الحريم إلا أمه ويوم انكتبت له مرة تملكها بشكل غبي وكأنه مشفوح وش تتوقعين منه؟؟
مرر أنامله من بين خصلات شعره لتتحول ابتسامته الساخرة إلى ضحكات : طلبك الأخير ياللي تسمى زوجتي كان قوي … بس قدرتي تحصلين عليه لأننا وللأسف ممكن ما يكون زواجنا صحيح
قطع عليه سلسلة أفكاره رنين هاتفه، فتنهد ليرفعه وهو شبه متأكدٍ أنها أسيل، وهو الذي يتجاهلها منذ أن سمع ما سمع من سند، فكيف يسمح لنفسه بالحديث مع امرأةٍ قد لا تكون له؟؟؟
قطب جبينه حين تراءى أمامه رقم أم فواز ليبتسم بأسى ويتجاهلها، لكن رنين الهاتف لم يتوقف وطال صياحه، حينها فقط شعر بالقلق ليرد
ما إن نطق بالسلام حتى قاطعته بأنفاسٍ مُجهدة : الحق علي يا ولدي … أسيل … أسيل
تحرك بشكلٍ متوتر لينهض عن كرسيّ مكتبه وقد بدا عليه القلق : وش فيها أسيل؟؟؟




,




بلل شفتيه ثم لواهما بتفكير، ينظر للجالس أمامه والمتحدث بلهجةٍ متلعثمة، يخبره بالكثير وبما هو أخطر، وقد ظهر على ملامحه العجز والحزن المريرين، كيف يصدق ما يسمع، كيف لعقله التصديق، خمسَ عشرة سنة مرت وهم عميانٌ لا يفقهون ما يحدث أمامهم!!
هتف الرجل أمامه بأسى وقهرن بصوتٍ مُتخبطٍ يبلع الكثير من الأحرف : قهرني .. حرق لي قلبي الله يحرق قلبه دنيا وآخره
ازدرد الآخر ريقه وهو يرى الصدق في عيني الرجل، القهر والظلم الكبيرين .. و ( دعوة المظلوم ليس بينها وبين الله حجاب )
أغمض عينيه ثم عاد لفتحهما، وكثيرٌ من الأسى تجلى عليهما، كانوا عميانًا وأغبياء بالقدر الكافي ليقعوا بكل تلك السهولة، وهل يظن سلطان أنه أدرك كل شيءٍ حدث من حوله؟؟
مُخطئ، مُخطئٌ يا سلطان فأنت لا تعلم شيئًا. لا تعلم شيئًا مما علمته اليوم.
زم شفتيه ثم هتف بحذر : طيب .. أنا بقدم بلاغ عشان تنرفع القضية من جديد .. مستعد تقول كل هالكلام اللي قلته لي؟؟؟
نظر إليه الرجل بخوف، وما كان منه إلا أن يهز رأسه نافيًا ليتكلم بذات الطريقة المُتلعثمة والمتخبطة : ماني مستعد … قلتلك أنا بخطر .. باليوم اللي تم فيه قتل عمي فهد مسكني وبدا يعذبني بجرح كل جزء من لساني وشوفني الحين شلون صرت أتكلم! وكله لأني كنت شاهد وشفت الجريمة بعيوني … والحين لو تكلمت تدري وش بيصير؟ هو له مركز كبير وشهادتي ماهي كافيه، يقدر يطلع نفسه مثل الشعرة من العجين وفي النهاية بيرد لي الضربة وبيسوي اللي ما قدر يسويه من 15 سنة وهو قتلي، وهذا أقل شيء ممكن يسويه
صمت عناد وهو يعض طرف ابهامه مُفكرًا، ما يسمعه صحيح، ولا قدرة لهم على شخصٍ قتل قبل سنواتٍ وعاش وكأنه لم يقم بشيء. لا أدلة كافية لديهم.
تنهد وهو ينظر إله بحدة : اوكي .. لك اللي تبيه وأنا بحاول أحميك بهالفترة، هو يدري إنك عايش؟؟؟
هز الآخر رأسه بالنفي : ما أدري … أنا هربت منهم يومتها وما أدري وش صار من بعدها.
اجتذب الأكسجين ببطء، ثم رسم على عينيه نظرةً جامدة ليهتف مُطمئنًا له : فيه احتمال كبير يكون عارف إنك عايش … ولك مني وعد أحميك ولا أحد بيدري عنك ليوم ما ينكشف …. واللي يخلف وعده تحلى بخصلة من خصل النفاق!
ابتسم له الآخر ليتلقف كفه : الله يرفع من شانك يا ولدي
ابتسم عناد بهدوءٍ ليستأذنه ثم يخرج من الشقة التي استأجرها باسمه، يهمس بسخريةٍ لاذعة : غلطت يا سلمان … غلطت غلطة عمرك باللي سويته




,




زفر بمللٍ وهو يستمع لثرثرة تلك التي لم تنتهي منذ عودتها، تحكي له عن كل ما حدث معها صباحًا وكأنما كانت في مغامرةٍ لا في روضة.
ديما بسعادةٍ وهي تسرح شعرها أمام المرآة : آآآآه ياسيف يجننون وبسرعة حبوني
ابتسم بهدوءٍ وهو مُنشغلٌ في هاتفه مُستلقٍ على ظهره فوق السرير ذو المفرش السكري، ومن ذا الذي لا يستطيع أن يحبك؟؟
تابعت بابتسامةٍ تنظر لملامح وجهه المُبتسمة من المرآة : شكرًا
ارتفعت نظراته المُتسائلة عن الهاتف إليها، ليُثبّتها على عينيها الناظرتين إليه عبر المرآة، علامَ تشكره؟؟؟
نهضت لتتجه إليه وشعرها مُنسدلٌ على كتفيها، لتجلس بجانبه شبه مُستلقيةٍ إذ كان ظهرها يستريح على ظهر السرير ويدها ارتفعت تعبث بشعره، سعادةٌ خالجتها لعملها، والسعادة الكبرى كانت لموافقته هو.
أتحبه لدرجةٍ تجعلها تتعلق به أكثر مع كل مبادرةٍ جميلة من قبله؟ هو إن كانت سلبياته تغلب أيجابياته إلا أن تلك الإيجابيات لها دورٌ كبير في جعلها تتشبث به إلى الأبد، في جعل قلبها يريده، هو النصف المُضاء من حياتها وإن كان النصف الآخر مظلمًا بسببه! هو مصباحها الذي ينير ضحكاتها في أوقاتٍ نادرة، ولطالما كانت تتساءل حين تشعر أنه مبهمٌ رغم عيشها معه لثلاث سنين ( من أنت يا سيف؟ من أنت؟ )
كيف له القدرة على ابكائها وبث الحزن إلى قلبها وفي لحظةٍ واحدة يحيل كل ذلك الحزن إلى رماد كي تنساه ولا يخالجها سوى الفرح؟ وكم تتمنى لو يطول فرحها معه.
ثبتت نظراته على عينيها السعيدتين، المُنبثق منهما هيامٌ يرضيه، وهو من الجهة الأخرى يتساءل
( من أنتِ يا ديما؟ كيف لكِ ألا تشابهي كل النساء؟ لمَ أشعر أنكِ مُختلفة وفي ذات الوقت يخاطبني عقلي بعدم التصديق؟ كيف لكِ كل تلك البراءة التي لم أجدها في تلك؟ .. أتكون براءتك خادعة؟ أتكون عينيك كاذبتان كما عينيها؟ ومن عساي أصدق … قلبي؟ أم عقلي؟ )
انحنت قليلًا لتقبل جبينه بامتنان، وبعينين غلب عليهما الحب : ماراح أنسى لك اللي سويته وانت اللي كنت تقدر تمنعني بكل سهولة
لم يسطع الا الإبتسام ولا شيء غير الإبتسام، ثم تلقف كفها المداعبة لشعره ليهمس بشيءٍ من الغرور : لا تنتظرين مني أكثر من كذا
رفعت حاجبًا لتسحب يدها : ما منك فايدة
ضحك بخفوتٍ وهو يهز رأسه يمينًا وشمالًا : انتِ اللي ما منك فايدة … زوجك جوعان وانتِ ماهمك غير البربرة عن روضتك وأطفالك
قطبت جبينها : انت اللي رفضت تتغدى معنا وطلعت
اجتذب خصلةً من شعرها ليشدها بشيءٍ من الحدة : مو زوجتي العزيزة هي السبب
؟تأوهت بألم، وبدفاع : وش سويت أنا
طوّق اصبعه بخصلتها هاتفًا بشرود : مالك شغل
كشرت بملامحها لتجبره على اطلاق سراح شعرها ثم خرجت من الغرفة تنوي إحضار الطعام له، وهو تنهد ليضع كفيه تحت رأسه، كان قد ذهب لإحدى الجمعيات الخيرية حتى يكفر عن يمينه بعد أن أوصلها، وهو الذي لم يكن راضيًا عن عملها أتم الرضا، لكنه وبعد أن رأى تلك السعادة التي تشع بها خالجه بعض الرضا، وما أجمل أن يرى السعادة تخاويها وهو الذي لا يستطيع تقديمها لها بكل سهولة.







,



في بروكسيل

تطلعت في ملامحها عبر المرآة وهي تستمع لجيهان تتحدث مع جدتها، وتلك الطفلة ليان كانت قد فضحتها عند والدها وسردت له كل ماحدث لها صباحًا، حتى أنه قد منعهم من الخروج مرةً أخرى خارج الشقة بدونه، وكل ذلك كان ليس إلا خوفٌ عليهم بينما جيهان لم يعجبها كلامه لكنها لم تعلق.
رفعت الكحل لترسم داخل عينها اليُمنى تشعر بالملل، بينما تلك أغلقت الهاتف ثم زفرت لتنظر إلى أختها.
ارتفعت نظرات أرجوان إليها لتنتبه لنظراتها الشاردة : شرايك تتدربين علي؟؟
انتبهت لها جيهان لتقطب جبينها : نعم!
حملت أرجوان حقيبة المكياج لتستلقي على السرير وتغلق عينيها : يلا ابدي
لم تجد أي ردة فعل من جيهان، وطالت الثواني وهي تنتظر لتفتح عينيها مُستغربة، لتجد زوجًا من الأعين تنظر لها بسخرية : لا والله وش شايفتني قدامك؟؟
ارتسمت ابتسامةٌ على شفتيها لتجلس، وبمرح : قولي إنك من يوم يومك فاشلة بالمكياج .. قلت أسوي فيك خير وأخليك تتعلمين علي قبل لا تتزوجين وتفضحينا عند زوجك
كشرت جيهان وقد تغافلت تمامًا عن فواز، وبتحدي : انتِ اللي جنيتي على نفسك
ضحكت أرجوان وهي تعود للإستلقاء وإغماض عينيها، بينما تلك بدأت بالرسم على وجهها بشكلٍ غير متقن، وعدم تناسقٍ بالألوان كان في ظلال العين، وتلك مستسلمةٌ لها تمامًا تضحك تارةً وتعلق تارةً أخرى هاتفة " ترسمين على لوحة رسم والا وجه إنسان؟؟ "
بينما الأخرى تنهرها عن الكلام " لا تتكلمين بعدين أتلخبط "
وتتصاعد ضحكات أختها تعلق بسخريةٍ فما دخل الحديث في فشل أناملها بالتزيين؟
زفرت بعد أن انتهت وكأنما كانت تقوم بمواجهةٍ ما في حلبة مصارعة : انتهيت
جلست أرجوان وهي تضحك : ياساتر الله
لتتلقف المرآة تنظر لوجهها، ثم ترتفع ضحكاتها أكثر وأكثر : يادبه ، الله يسامحك بس على هالتخبيص
جيهان بغرور : والله إنه حلو … شيء من يدي أكيد بيكون فتنة
أرجوان بضحكة : خفي علينا يا أم الفتنة … خربتي وجهي حسبي الله على ابليسك بس
ابتسمت جيهان وهي تتناول أحمر شفاهٍ وردي لتلون شفتيها به، وبعدم مبالاة : مو شغلي لو ما عجبك … مع إنه حلو بس تستاهلين انتِ اللي بغيتيني أتدرب عليك
ابتسمت أرجوان برضا، وكل ما تريده هو أن ترى أختها تعود كما السابق، وهاهي بدأت تنجح في ذلك
تنهدت بابتسامةٍ لترفع منديلًا وتبدأ بمسح الحاجبين العريضين اللذين رسمتهما لها.





*

يتـبع |.



http://forums.graaam.com/images/icons/11302798202.gif





[/CENTER]

وردة الزيزفون 08-08-14 12:34 AM

رد: قيودٌ بلا أغلال عانقت القدر
 

-
-
-



كانت تساعد ابنتها المُختنقة على صعود السيارة، وهو يجلس مكان السائق لا يستطيع منع عينيه من الإتجاه للخلف، مابها؟ ما يراه أمامه هو ضيقٌ في التنفس، أيعقل أنها تعاني من الربو؟
أم فواز بخشية : وش فيك واقف تحـرك؟
انتبه ليحرك السيارة بأسرع ما يمكن وخوفٌ اعتراه عليها، وتلك كشفت وجه ابنتها لترفع رأسها قليلًا للأعلى وكفها حملت ورقةً طوتها لتحركها صعودًا ونزولًا أمام وجهها.
همست بخوف : تنفسي حبيبتي تنفسي
حتى تحكمه في السيارة اضطرب، عيناه كانتا تتجهان للطريق تارةً ولملامح وجهها من المرآة تارة، بينما عيناها مُغلقتين بشدة وفمها مفتوح تحاول جذب الهواء دون فائدة.
زفر بقوةٍ وهو يفتح النوافذ الخلفية حتى يتسرب هواءٌ غير هواء السيارة، وبصوتٍ غلب عليه الإنفعال : ما عندها بخاخ الربو؟؟
أم فواز ودمعةٌ يتيمة شقت خدها، هي السبب، هي السبب فيما ابنتها به : تركته من مدة طويلة من بعد ما تركها الربو … ما توقعنا بيرجع لها، والسواق اليوم عطيناه اجازة عشان ابنه مريض
تمتم ببعض الكلمات الحانقة بتوتر وهو يضاعف سرعة السيارة، وتلك لم تعد تهتم لتغطية وجهها عنه أم لا، ليس قلة حيلة لكونها مريضة، بل لأنها استسلمت أخيرًا له، استسلمت لقدرها معه، وكلام أمها معها جعلها تدرك أنها لن تستطيع فعل أي شيءٍ تجاه زواجها به.


جهاز التنفس مُستقرٌّ على وجهها، وعيناها مُتمركزتان في الأعلى بشرود، وذاك الزوج جالسٌ بالخارج يرفض الدخول، لمَ لا يدخل؟ أيخجل؟ أم أنه لا يسمح لنفسه برؤيتها بعد أن كانت ترفض ذلك؟؟؟ … ابتلعت ريقها .. أيعقل أن يكون غاضبًا منها لتعاملها معه البارحة أولًا ولكلامها اليوم ثانيًا؟؟
شعرت ان وجهها يشتعل حرارةً بعد تذكرها لشرطها السخيف ذاك، كيف قالت ما قالته؟ بل أين تظن نفسها حتى تشترط ما شرطته، زواجٌ صوري!!
زمت شفتيها وهي تهز رأسها يمينًا وشمالًا تريد طرد خجلها، كيف لها أن تواجهه بعد سذاجتها تلك.
سمعت صوت أمها المُتحدث مع شاهين في الخارج، تأمره بالدخول وعدم الخجل، وهو من الجهة المقابلة يهتف بالرفض : لا يا عمتي مافي داعي لدخولي .. أسيل تعبانه وأكيد بعد خجلانه مني
حمدت ربها أن لا نية له بالدخول، وهو في الحقيقة يتمنى ذلك وبشدة، لكن ذلك صعب، أيعقل ألا تكون زوجته حقًا! أيعقل أنها ليست له بعد أن شعر أنها ملكه؟؟
حاول سحب ذراعه من يد ام فواز برفق : إذا هي وافقت أدخل بدخل
يعلم أنها سترفض، ومن هو لتوافق، أليس زوجها الذي لا تعترف به؟ أليس من طلبت منه أن يكون زواجهما صوريًّا؟ وكم جرحه شرطها بعد أن فكر به مليًّا حين عاد من منزل سند
اطمئني، اطمئني فهناك احتمالٌ بأن لا نكون زوجين، وهذا ما انتِ تريدينه.
دخلت ام فواز لتعلمها بما هي سمعته من الأساس، وتلك صمتت، دافعٌ في داخلها يأمرها بالرفض وبقوة، وآخر ضعيف يقول لها " أنتِ من استسلم لقدركِ معه أخيرًا، ومن الواجب عليكِ التعني لذلك "
لذا صمتت تومئ برأسها وتلك الأم فرحت بشدة، إذن فابنتها بالفعل قبلت به وبحياتها معه!
خرجت تخبر شاهين بموافقتها وذاك وقف للحظاتٍ مشتتًا، كيف عساه يدخل؟ هو متأكدٌ 99% أن سند كاذب، لكن العشرة الباقية تحتم عليه الحذر وعدم أخذ كامل حريته مع أسيل.
أيقظه من كومة أفكاره صوت ام فواز الآمر له بالدخول، ليزم شفتيه مُستسلمًا ثم دخل يتحاشى النظر إليها، ورغمًا عنه كانت عيناه تعودان لمحور الإهتمام في هذه الغرفة لتنظران لرأسها المُتجه للأعلى نظرًا لاستلقائها بينما عيناها شبه مُغلقتان وجهاز الاكسجين أخذ جزءًا كبيرًا من تغطية ملامحها.
لم تكن بذا ملامح جميلة، لكنها جذبته وبشدةٍ لها، وكم بدأ يشعر أنه مثيرٌ للشفقة لتمسكه بها، وإزداد تمسكه بها حين رآها، صحيحٌ أن وجهها كان مكشوفًا له في سيارته لكن كيف له أن يمعن النظر إليها في تلك الحالة؟
زفر بهدوءٍ ليعض شفته ثم يغمض عينيه بقوة، وتلك تنظر إليه بتوجس، مابه؟ يبدو أنه منفعل، أيعقل أن يكون غاضبًا مما قالته له! ولمَ لا؟ بالتأكيد سيكون غاضبًا وقد يفضحها الآن أمام والدته … ابتلعت ريقها عند تلك الفكرة بتوجس، وهو بقي ينظر إليها مطولًا حتى أن ام فواز ابتسمت لتخرج دون أن ينتبه شاهين بينما أسيل نظرت إليها برجاءٍ لا تريدها أن تذهب، فهي ليست بذا قوةٍ لمواجهته بعد جرأتها تلك.
من شدة توترها اعتدلت لترفع جسدها قليلًا للأعلى ويظهر سواد عباءتها، ثم مدت يدها لطرحتها المكومة جانبًا لكن صوته الهادئ أوقفها : الحمدلله على السلامة
لم ينطق منذ ثوانٍ مضت، لكنه الآن نطق حين رآها ستتحجب عنه، فهل فعل ذلك فقط ليمنعها!! .. شعر بالقهر من أفكاره لكنه رماها جانبًا، هي زوجته ومن حقه التمتع بالنظر إليها، فهل من المعقول أن يكون غير ذلك؟ هل من المعقول ألا تكون له أخيرًا؟؟
نظرت إليه أسيل بارتباكٍ وهي تكوم قبضتها على الطرحة، وهو واقفٌ في مكانه يبتعد عن سريرها بضعة خطواتٍ
همست بتردد : الله يسلمك
تنهد وعاد للصمت، وكل هذه الأجواء تبعث عدم الراحة إليها، بالأمس كان منطلقًا في الحديث معها، واليوم بعد ما فعلت أصبح غامضًا، فهل هذا الهدوء هو هدوءُ ما قبل العاصفة؟؟
شتت عينيه ثم أعادهما إليها، من شعرها المتموج والساقط على كتفيها بعشوائية، إلى ملامحها القمحية الصافية، ثم هتف بعد برهة : بالنسبة لشرطك
شتت نظراتها باضطرابٍ واحمر وجهها، لمَ يتحدث الآن عن سذاجتها؟؟
لاحظ اضطرابها واحمرار وجهها ولم يستطع منع ابتسامته من الظهور، وبذات الهدوء : يمكن ما يكون له داعي من الأساس
صمتٌ وهدوء … ولا صوت غير فحيح المُكيف وصوت الأنفاس المُنبثقة بقوةٍ من جهاز التنفس، ما الذي يعنيه بكلامه؟ مامقصده من طلاسم أبجديته؟ أيعقل أن يكون كرهها بالقدر الكافي ليبتعد عنها؟ أيقصد أن زواجهما سيكون صوريًّا دون الحاجة إلى الموافقة على شرطها؟؟
لكنه قال أن زواجهما سيكون طبيعي .. فماذا يعني بقوله الآن؟؟
شعرت أن ذهنها مشتت وهو الآخر زمّ شفتيه ندمًا على ما قال، لمَ قال ما قال الآن؟ ما الذي ستفهمه من حديثه؟ بالتأكيد ستفهم ماهي رمت إليه من شرطها، أحمق أحمق .. لم يكن هناك داعٍ لما قال، خصوصًا أنه وإلى الآن لم يتأكد من حقيقة ما قاله سند. ليته عضّ لسانه قبل أن نطق بتلك الكلمات الخرقاء.
أسيل بتساؤل : كيف يعني؟
نظر إلى ملامحها نظرةً أخيرة، ثم همس : انسي اللي قلته .. والحمدلله على سلامتك
ثم دون كلمةٍ أخرى خرج من الغرفة ليجد ام فواز خارجًا : متى ما انتهت من الجلسات اتصلي علي … أنا بكون قريب
ابتسمت له : أكيد يا ولدي ما تقصر




,




هتف بنبرة عدم تصديق لما يسمع : كييف؟؟ من جدك انت؟
لم يجد ردًا من الآخر ليردف وقد وقف عن الأريكة الجلدية التي يجلس عليها في مكتب عمله : وسلطان يدري؟؟
عناد بهدوء : لا .. ولا ودي أعلمه
فواز باستغراب : ليه؟ من حقه يدري
نطق عناد بحزم : سلطان متهور وما تدري وش بيسوي وقت يعرف .. وأنا وعدت الرجال أحميه
فواز بإصرارٍ يشد قبضته على هاتفه : مو من حقك تسكت يا عناد مو من حقك …. سلطان لازم يدري
عناد بحدة : فواااز .. لا تخليني أندم لأني قلت لك … سلطان لو يدري بيخرب الدنيا قبل لا نلقى شيء يثبت الجريمة … وبعدها ممكن نروح كلنا فيها بسببه
زفر فواز وهو يعود للجلوس : بس مو من الحكمة تسكت
عناد : أدري … وبتكلم معاه في الوقت المناسب







.
.
.


انــتــهــى


*

موعدنا القادم بيكون إن شاء الله يوم الإثنين
ملاحظة / ذكرت في إحدى البارتات إن عمر زياد ولد سيف ست سنين
وهذا كان غلط مني والعمر هو سبع سنين

- لأنه مع الحسابات كان الطلاق اللي صار بين بثينة وسيف في وقت كان فيه زياد عمره ثلاث سنين
وسيف عزف عن الزواج لسنة وبعدين تزوج ديما وصاروا متزوجين ثلاث سنين

* بكذا يصير العمر سبع سنين

ومدري شلون ما انتبهت لهالخطأ ><
عالعموم هالخطأ بيتعدل إن شاء الله


,


+ صايرين هالأيام خطيرين في توقعاتكم
لازم أدخل معهد عالسريع يعلمني أسلوب التتويه وإحتراف التلاعب بالتوقعات ><



ودمتم بخير / كَيــدْ !







http://forums.graaam.com/images/icons/11302798202.gif[/CENTER

كَيــدْ 09-08-14 05:23 AM

رد: قيودٌ بلا أغلال عانقت القدر
 




السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

كيف أحوالكم؟ عساكم بأتم عافية


ألف شكر لك وردة
تعبتك كثير انتِ والبقية .. ويا كثر ما اتعبك <_<

جدًا ممتنة لك وربي يجزيك بالجنة
كنت يائسة من النت وقلت ما بيتصلح
عشان كذا آخذت الإحتياط وكلفتكم بهالشيء لأني ما أضمنه ... وياعسى ربي يجازيكم بكل خير


والبارت مثل ما قلت أعزائي إن شاء الله بيكون بيوم الإثنين
ادعوا بس إن هالبلبلة في النت ما تصير مرة ثانية <- فيس متعقد


وإن شاء الله يعجبكم هالبارت





ودمتم بألف خيرٍ وعافية

...همس القدر... 10-08-14 06:36 PM

رد: قيودٌ بلا أغلال عانقت القدر
 
السلام عليكم
اخبارك حبيبتي هنو$$
بااارت جمييل حبيبتي استمتعت وانا باقرا فيه ^^

شاااااهين صدمته كبيرة بكذبة سند!
والاثبات اللي اعطاه اياه ولو اننا ما عرفناه بس مش مقنع!
اما مشااعره تجاه اسيل فهي حكاية ثانية
شاااهين ارتاح لاسيل وكذبة سند زعزعته
موقفه معاها جميل جدا ^_*
اسيل تعبااانه نفسيا جدا
ومصارحتها وحكيها مع امها اتعبها بزياادة . بس مش بيقولوا رب ضارة نافعة هههه هي الضاة النافعة
شااهين بس شافها اتأكد من انجذابه الها .. وعللة يتأكد من كذب سند مشان يقدر يتصرف معاها بطريقة ما تعذبه :)

الييييييين !
يدأت تمثل القسوة واللامبالاة ؟!!!!!!
هالشي رااااح يسيء الها اكثر من انه ينفعها
مهما كان ومهما صار دار ابو ياسر بيظلوا اهلها
واذا هي بتتصرف معاهم بهالشكل هي بكذا بتنكر معروفهم
صحيح هالة هانم كررريهة
بس ولو هي بتظل الها الفضل عليها
وابو ياسر وياسر وحتى هديل اللي بتحاول تصحح خطأها ما بيستاهلوا كذا

اما ادهم دا: ما بعررررف عقد الاشمئزاااااااااااااز اللي بحسبه من حكيه وتصرفاااته الا انني مترجية خير منه!
بحس للان في خصال طيبة فيه ومع الفصول رااح تبان اكثر

جيهااان وارجوان: الحمد لله ان جيهان القديمة بدت ترجع شوي شووي , وارجووان الف الحمد لله عالسلاااامه خخخخ

سلطان &غزل:
من الحين اعلن دعمي الكاامل والكلي لغزل بنت احمد حرم سلطان باااشا
عنجججججد\ غزل بتشفق
مسكينة تصرفاتها كلها ناابعه من خووووف دفين
والحمد لله سلطاان ناوي يغيرها بالطيب
هالغزل صحيح بتيبن قووية بس هي منتهيية من جووا
ابوها المريض عقدها حسبي بالله عليه


عناااااد : هلاااااا والله بهالطلة . اشتقتلك ولااااه
هههههههه
السررر الللي اكتشففه عنااااد عالاكيد اثبت ادانه سليمان
وانه ما خبر سلطان بالمستجدات افضل لسلطان نفسه لان سلطااان متهووور وزي ما حكا عناد ممكن يخرب كل التخطيطات


سسسسسسسسسيف: سيف بناااقض نفسه !
ليش ما يحكي انه بيحبها لديما ويريح نفسه
والله انه تصرفاات ديما العفوية وتلبكها اول يوم الها بالشغل بيحبب الواحد فيها غصب 

سيف فقط وده دفعة بسيطة معشاان يكتسف انه بيحب ديما !
ههههه عندي احساااس انه سيف رااح يصير يغاار من الاطفال اللي بتعلمهم ديما بالروضة @@



كدوووو: استمتعت جدا بالبااارت
تسلم ايدااكي حبيبتي $$
بانتظااار باارت بكرا على احر من الجمر
+وردة الزيفرون الف شكرااا عالنقل , لا خلا ولا عدم

كَيــدْ 11-08-14 07:18 AM

رد: قيودٌ بلا أغلال عانقت القدر
 
صباح الزّهر أحبائي

عساكم باتم صحة وعافية :$



لي عــودة لكِ يا جميلتي همس

النت ما قصر ومنعني من الرد في وقت أبكر بسبب عناده اللي رجع معي ~_~ :$ بس تضبط من شوي والحمدلله على هالشيء


عالعموم برد إن شاء الله عقب البارت لو قدرت
وأنا حاليًا براجعه عشان أنزله عالسريع قبل لا يصير شيء ويحدني

مممم يعني إن شاء ما يجي الظهر الا وهو بين يديكم






انتظروني :$*



كَيــدْ 11-08-14 10:56 AM

رد: قيودٌ بلا أغلال عانقت القدر
 

سلامٌ ورحمةٌ من الله عليكم :)

صباحكم جمالٌ كجمال روحكم
مساؤكم راحة كراحةِ صحبتكم

كيفكم؟ عساكم دايم بخير وألف عافية :*

عندي ملاحظة بسيطة يا الغوالي : بخصوص اللي يقولون إن ديما حامل! شلون بتكون حامل في ظرف يوم وليلة؟
شيء مستحيل بس مسألة حملها ماهي مستحيلة
انتو بس ادعو يطلع فيني الجانب الطيّب وأخليها تحمل <- لا ياشيخة


عالعموم البارت وصل وإن شاء الله يعجبكم
وفيه نقلة كبيرة لإحدى الثنائيات

+ احترت أهدي البارت لمين
فاستقريت على الجميلات اللي نوروني بحضورهم الأول في المنتدى المجاور
تمرد ، معذبني حبك ، تعابير ، 5ayalya
والجميلة هنا sosee
ومن المنتدى المجاور ( شكران )

,

بسم الله نبدأ

قيود بلا أغلال عانقت القدر
بقلم : كَيــدْ !


لا تلهيكم عن الصلوات





(13)






بعد العصر - منزل سند

قدماه تهتزان بتوتر، لم يبقى سوى القليل وينادي عليه بكامل غضبه، مابه تأخر؟ أيلعب لعبةً أخرى معه؟ .. ليس بصالحك يا سند، ليس بصالحك.
فُتح الباب ليرفع عينيه بتلهف، حينها رأى سند يدخل وعلى شفتيه ابتسامةٌ لم يعرف ما مصدرها، ومن خلفه رأى ظلًّا أسود ليلجم للحظات، من هذه؟؟؟
وقف بسرعةٍ وصدمة، والغضب تجلى على عينيه، كاد يصرخ في وجهه إلا أن صوته أوقفه قبل أن يفضحه : أهلين دكتور شاهين ... هذي هي أمي اللي قلت ودك تحكي معها عن عمليتها
اتسعت عيناه يحاول تحليل ما يراه، أيريد تحجيره ليقوم بالعملية في النهاية؟ وماذا عن متعب؟ ألم يقل بأنه سيثبت له صدقه حين يأتي إليه؟؟ ألم يقل له بانه سيريه الدليل؟ ... بالتأكيد ليس له دليل، ومنها هو كاذبٌ كما توقع.
اقتربا منه ليجلس سند بجانبه بعد أن طلب منه الجلوس، وأمه على بعدٍ منهما، ليبتسم سند ينظر لعيني شاهين بتحدي، وبهمس : أعتقد عارف وش تقول .. كلمة غلط وانسى أعطيك معلومات عن أخوك
نظر إليه بحدةٍ وهو يضع ساقًا على أخرى، مابه من حممٍ تكفي لجعل نظراته تطلق أبخرةً ساخنه ... وبوعيدٍ لفظ : مو أنا اللي أتهدد ... وأبصم لك بتندم على لعبك معي
سند بثقة : ما تقدر
رفع صوته قليلًا يوجه حديثه للمرأة الجالسة : كيفك يا خالة؟
المرأة بوقار : الحمدلله ياوليدي ... عساك طيب؟
شاهين بثقة : نشكر الله .. * وجه نظراته لسند حتى يبتسم له بازدراء ثم أعاد مرمى عينيه لام سند * انتِ تدرين كم نسبة نجاح العملية قبل لا تخاطرين؟
تقطب جبينها وتوجست، بينما نظر إليه سند نظرات تهديد، وذاك ابتسم لنظراته بتحدي، من يظن نفسه؟؟ هو منذ البداية كان يشك في صدق سند، والآن تأكد أنه كاذبٌ وأخيه ميتٌ بالتأكيد، فكيف للأموات أن يعودوا بعد أن أصبحوا في الحياة البرزخية!!
أردف بهدوءٍ وابتسامةُ ثقةٍ تزين فمه، بينما وقف لينظر لسند باستحقار : ولدك عارف زين كم نسبة النجاح ... ومع كذا حاب يخاطر ولا رضي بالمكتوب
اتجهت نظراتها لسند، ثم عادت إلى شاهين لتزدرد ريقها وأملها الذي زرعه ابنها تبدد إلى حطام، فهمتْ، فهمت أن النتيجة سلبية، فهمت أن نسبة الفشل أكبر من نسبة النجاح، فهمت أن ابنها كاد يخاطر بها، لكن لمَ؟ لمَ قد يخاطر بها؟ لمَ يتصنع الإهتمام وهو ينوي أذًا بها؟
وقف سند غاضبًا ليصرخ في وجهه : وش هالكلام يا دكتور؟ ... ما يصير تقول كلام في عيادتك وهنا كلام ثاني
شاهين بحدة : وانت ما يصير تكذب على أمك وتعطيها أمل كذاب! ... ما بيكسرها غيرك صدقني
أعاد نظراته لأم شاهين هاتفًا برفق : اعذريني يا خالة بس كل ما حاولت أرفض طلع لي بتهديد ... بس لهنا وانتهينا ... والموضوع زاد عن حده ... أنا دكتور وأعرف حالة مرضاي أكثر منه، حبه لك خلاه يشوف إني كذاب وإن العملية بتنجح غصبًا عني وعنه
اتجه بأنظاره لسند المشتعل حرارةً وغضبًا، والذي اقترب منه ليمسك عضده بشدة، وبوعيدٍ هامس : جنيت على نفسك ... وفضيحة أخوك بتكون على كل لسان
همس شاهين بثقةٍ وهو ينزع يد سند : ما تقدر ... لأن فضيحتك انت الثاني بتنتشر ... * ارتفعت إحدى زوايا فمه في ابتسامةٍ ساخرة لينفض كتف سند بظاهر كفه مما لا شيء، وبخفوتٍ أكبر * أجل قمار يا أستاذ! ... أنصحك تنتبه للي بتقوله مستقبلًا
قال كلماته الخافتة تلك واتجه للباب ليخرج دون حرفٍ آخر، وتلك وقفت بهدوءٍ دون أن تنظر لإبنها، لتتجه للباب هي الأخرى بتخبطٍ وحسرة، وكم كُسرت من تضحية ابنها بها، كم كانت فعلته هذه أشدّ وطأةً من خبر ألا تستطيع الرؤيا كما يجب ... وهاهو عقلها يُغلف بالكثير من الظنون به، ما مقصده بالمخاطرة؟ لم تهتم كثيرًا لكون أملها تحطم، لم تنظر لشيءٍ سوى للجانب الأكبر كسرٍ بها، كان ليخاطر، وبمن؟ بـــها!! لكن لمَ؟ لمَ ؟؟؟؟
بينما هو تيبس في مكانه دون أن ينظر لأمه التي خرجت، ما الذي قاله للتو؟؟ قمــار؟؟؟
ازدرد ريقه بارتباك، كيف عرف بذلك؟ كيف قام باكتشاف سره؟ والأهم من كل ذلك، أيعقل أن يفضحه؟؟



,



كانت تتحدث في الهاتف مع أم فواز المنشغلة قليلًا بالتفكير في ابنتها رغم كونها أصبحت أفضل، تهتف بعتاب : افا يا ام فواز أسيل تعبت وما تعلمينا؟
ام فواز بابتسامة : وشو ما علمتكم؟ تونا من ساعة تقريبًا جايين من المستشفى
ام ياسر برقة : اهم شيء صارت بخير .. من مدة منقطع عنها الربو بس الحمدلله على سلامتها
تنهدت أم فواز لترفع نظرها حين سمعت صوت خطواتٍ تتجاوز عتبات الدرج، ثم ابتسمت ببهوتٍ فور رؤيتها لابنتها تقترب.
أردفت أم ياسر : عالعموم حبيت أقولك إننا اليوم جايينك .. في البداية كنت بعزمك عندي مع حمواتي وبعض الأقارب والجيران بس دام أسيل تعبانة نحول عندك
ام فواز : لا وش تحولون؟ دام العزيمة من البداية عندك نجيك .. أسيل صارت بخير ومنها تطلع شوي من جو البيت
نظرت لأسيل التي اتسعت عيناها وهزت رأسها بالرفض، لكنها تطلعت بها بحزم وهي تعود للتحدث مع أم ياسر. وبعد أن أغلقت
أسيل : يمه لييييييييه؟؟ ما ودي أروح
ام فواز بصرامة : لك مدة طويلة ما تروحين غير كل شهرين ثلاث .. لا تنسي إنها عمتك وواجب عليك تزوريها ... متى آخر مرة شافوك بالله؟ يوم ملكتك صح؟
أطرقت برأسها وهي تزم شفتيها بجزع، وتلك تابعت بأمر : بعد العشاء بنكون عندهم ولازم تكونين جاهزة ... ومن الحين بقولك راح ننزل للسوق ونبتدي بالتجهيز لزواجك ... هو يالله شهر ونلحق
أُصدرت منها زفرة ملل، وموضوع الزواج وإلى الآن لازال يربكها ... وبخفوت : ومين بياخذنا لعمتي بالله؟ السواق مو موجود
ام فواز : اتصل قبل لا تتصل عمتك بشوي وقال إن ولده صار بخير
استسلمت وهي تومئ برأسها لتديرها ظهرها وتتجه للأعلى، وتلك تنهدت وهي ترفع هاتفها تريد الإتصال بفواز لتطمئن على أحواله.




,



خالجها الجوع هذه المرة، وهي التي لم تأكل منذ جاءت لهذا المكان. اتجهت للمطبخ تزم شفتيها، ماذا ستأكل الآن؟؟ أحضر لها سلطان الغداء وعاد لعمله المستعجلِ كما قال، والآن هاهي تشمّ رائحة سمكٍ من بين الأكياس الموضوعة على الرخام وهي التي لا يروق لها.
غطت أنفها وهي تشعر بالغثيان : الله يلوع كبدك يا سلطان ما لقيت إلا السمك!!
خرجت من المطبخ لتتجه لغرفة النوم وتتطلع في حقيبتها التي تحمل عددًا لا بأس به من النقود : ما عليه لو ما كفتني بسحب .. الله يستر لا يكون أبوي ما صدق متى أتزوج وألغى حسابي المفتوح في البنك
تناولت عباءتها التي تبرز مفاتنها، متجاهلةً العباءة التي أحضرها سلطان لها، ثم لفت الحجاب وأخذت حقيبة يدها لتخرج، ولم تفكر حتى بالإتصال بمن يسمى زوجها، بل لم تدرك عاقبة خروجها دون إذنه.

وهو من جهةٍ أخرى كان يتمشى في حديقة منزل والده، بهتت نظارتها ولم تعد زاهيةً كما كانت، تحتاج للرعاية أكثر .. زفر بضيق، يبدو أنه سيضظر في النهاية لجلب بستانيّ وخدمٍ أيضًا.
هز رأسه وهو يلامس إحدى الزهور برفض، لن يخاطر بإحضار خدمٍ بعد الأخيرة التي غدرت به وساعدت المجرمين في الدخول للمنزل يوم الحريق، أصبح الآن متزوجًا وزوجته هي من ستتكفل بالإعتناء بالمنزل.
رفع هاتفه الذي كان يرنّ ليتراءى أمامه رقم ليلى، وبابتسامةٍ محبة ردّ عليها : السلام عليكم
ردت ليلى السلام، لتسأله عن أحواله وهو بالمثل، ثم تسأله تباعًا عن غزل بصوتٍ مرتبك : وكيفها مرتك؟
تنهد سلطان ما إن ذُكرت، لا يشعر أنها امرأته حقًا، هو من أوجب على نفسه إعتبارها كأختٍ ويجب أن يتحمل نتائج قراراته : الحمدلله طيبة
ترددت قبل أن تقول ما أرادت قوله، لكنها في النهاية مدّت نفسها بالثقة لتنطق : سألتها أمس بخصوص اللي قلتلي عليه
قطب جبينه، ما الذي قاله لها هو لتذهب وتسأل زوجته : اللي قلته؟؟
ليلى : شكل البنت خجلانه منك ... وقت سألتها سكتت ... بس لاحظت إنها ما تصلي وأكيد استحت تقول لك
هي سألتها البارحة عن حقوق سلطان وامتناعها عنه كما فهمت خطأً من حديثه، ولم تقل له أنها صرخت في وجهها بـ : مالك شغل بيني وبينه
أما هو فبقي مقطب الجبين ولم يفهم ما ترمي إليه، ليهتف : معليش يمه بس والله مو فاهم قصدك ... وش قصدك بخجلانة وصلاة واللي أنا قلته!!
ليلى : مو قلت لي أمس أحكي معها بخصوص حقوق الزوج!!
" تنح " للحظاتٍ وهو يحاول التذكر، إلى أن غطى ملامحه الحرج وهو يشتم نفسه، يبدو أنها فهمت كلامه خطأً وهو الأحمق الذي لم يُفهمها ما يقصد، بل هو الأحمق الذي تكلم من الأساس، ماذا عساه يقول لها الآن؟ وكيف يفسر ما كان يعني؟ حتى وإن قال لها بأنه لم يكن يقصد ما فهمت إلا أن صمت غزل جعلها تدرك ما بينهما.
سلطان بحرجٍ وتلعثم : اي خلاص دريت منها بالسالفة أمس ... خلاص إنسيها
ابتسمت بحنان وهي تستشعر التخبط في كلماته : خجلان مني يا سلطان؟
سعل وهو يضع كفه المُتحررة من الهاتف على جبينه، لقد ورط نفسه بلسانه الغبي!
ضحكت ليلى لتردف : أنا أمك ماله داعي الخجل ... وبعدين انت اللي تكلمت في لحظة غضبك وتحمل نتايج لسانك
ابتسم : يعني منتِ راضية تقفلين عالسالفة؟ أجل أنا اللي بقفل الجوال ترا
صخب صوت ضحكاتها وهو الآخر لم يستطع منع نفسه فضحك بخفوت. وكم يجب عليه أن يكرر في نفسه أنه لم يستطع الشعور بكونه عاد طفلًا إلا بعد أن عادت هي، وبعودتها واراه بعض اليأس، وما أجمل أن تكون هي أمه التي لم تلده ولم ترضعه.



,



كان يضحك والهاتف بجانب أذنه، والآخر من الجهة الأخرى يتحدث معه بحماسٍ كالطفل وكأنه لم يكن في التاسع والعشرين من عمره، هتف فواز بسعادةٍ لسعادة صاحبه : ياخي الله يسعدك دنيا وآخرة ... وإن شاء الله تقرّ عينك بشوفة أبوك واقف
فارس بحنين : الله يسمع منك .. من فمك لباب السماء
ابتسم فواز بحبور، كم عانت عائلة فارس من الحزن الكثير، وقد مضى على جلوسهم هنا في بروكسيل أربع سنين تقريبًا لأجل علاج والدهم الذي فقد قدرته على المشي في حادثٍ مع زوجته، ومع فقدانه للحركة فقد روحًا تعلق بها وهي زوجته .. معاناتهم لم تكن وحده فيما حدث، فهو يدرك أن عائلة الأم حاقدين على ابو فارس لسببٍ غير مجهول، وكم عدد المرات القليلة التي رآهم يزورونهم فيها هنا.
أغلق الهاتف بعد أن وعده بزيارته قريبًا، ثم انعطف بسيارته مُتجهًا للعمارة حتى يزور زوجته قبل أن يأخذ له قسطًا من الراحة، وهو في داخله يمدّ نفسه بالصبر لأنه يدرك ما ينتظره هناك، وفي طريقه رفع هاتفه ليتصل على عمه.


ضُرب الجرس لتتجه أرجوان إليه، مُعتقدةٌ أنه والدها، لكنها وكما اعتادت فهي في البداية تسأل عن الطارق، ليصلها صوت فواز وتجفل للحظات : أنا يا بنت العم
زمت شفتيها لثوانٍ تتفكر في أختها، ما ستكون ردة فعلها حين تراه؟، هتفت بتردد : معليش فواز أبوي ماهو في البيت
تنهد : اتصلت فيه من دقائق، بجلس مع جيهان شوي لين ما يرجع ... وهو أصلًا في الطريق
ابتلعت ريقها وهي تتراجع إلى أختها الجالسة أمام التلفاز، والتي حين رأتها قادمةً بوجهٍ لا يُفسر قطبت جبِينها بتساؤل : وش فيك؟ .. ومين اللي يدق الباب؟
لوت أرجوان فمها قبل أن تنطق : فواز
بهتت جيهان للحظات، لكنها سرعان ما تأفأفت وهي تقف : الله ياخذه وش يبي؟؟
اتجهت للباب وتلك تنظر إليها باستغراب، توقعت منها أن تقلب الدنيا رأسًا على عقب ولم يحدث كل ذلك ... ارتسمت إبتسامةٌ راضية على وجهها وهي تتجه للغرفة، يبدو أنها بدأت بالعودة تدريجيًا كما كانت.
وتلك خرجت لتفتح الباب على اتساعه وتراه واقفًا ينظر لشاشة هاتفه، وحين انتبه للباب الذي فُتح رفع عينيه لتلتقي بعينيها الناريتين، ليدفعها قليلًا للداخل هامسًا : الممر مو آمن ... وغلط انك تطلعين بهالشكل
تراجعت حين انتبهت لنفسها ويبدو أن انفعالها جعلها لا تنتبه : خير وش تبي جاي لهنا؟
دخل بهدوء وهو يضع هاتفه في جيب بنطاله : سلامتك ... اشتقنا وحبينا نمر
جيهان بحقد : تشتاق لك جهنم
انتبه لتغيرٍ طفيف في نبرة صوتها، وكأن الحقد الكامن به قد تقلص عن سابقه، إذ شعر بعفويتها تعود كما كانت ... ابتسم وهو يداعب أرنبة أنفها بإبهامه وسبابته هاتفًا بسخرية، وملاحظته لتغيرها الطفيف جعله يدرك أن تعاملها الفضّ بشدةٍ كان بالفعل نتيجةً عن صدمتها التي كانت في شدتها وقتها وكما توقع : اي خليها تشتاق ... أصلًا ما بتشتاق إلا إذا كنت عنها بعيد
تراجعت لتفرك أنفها بباطن كفها هاتفةً بذات الحقد : أجل تشتاق لك الجنة
صخب صوته بالضحكات، وهو يهزّ رأسها نفيًا على حالتها، ليرفع إصبعه لرأسها يطرق عليه هاتفًا : حالته مستعصية
ثم أزاحها من أمامه بفضاضةٍ ليكمل دخوله، وتلك أطبقت الباب لتلحقه وهي " تتحلطم " ببضع شتائم وكلمات.
رمى بجسده على الأريكةِ مُسترخيًا، وتنهيدةٌ قصيرة أُطلقت من بين شفتيه، أيقول أنها تنهيدة راحة؟؟ تغيرها الذي لاحظه بثّ السعادة إليه، يريدها هكذا إلى الأبد، يريدها كما هي إلا من بعض الإضافات كـ - حُبه -
اقتربت جيهان منه بوحشيةٍ لتقف أمامه واضعةً كفيها على خصرها : ناوي تطول بالقعدة
نظر لوجهها وكم اشتاق لهذه الفضاضة المُحببة إليه، بعيدًا عن تلك الوقاحة والحقد الكبير الكامن بصوتها : الحمدلله على السلامة
قطبت جبينها لتنزيل كفيها عن خصرها وبتساؤلٍ غبي لازال يرافقها منذ طفولتها، وهي الأنثى التي لم يعشقها إلا لجانبها الطفولي الذي اختفى فجأةً حين وفاة أمها : الله لا يسلمك بس ليه؟؟
ضحك رغمًا عنه ليمسك كفها ويجتذبها بحدةٍ لتسقط بجانبه : انسي السالفة دام فيها الله لا يسلمني
ابتعدت بانزعاجٍ من احتكاكِ جسدها بجسده، وأناملُها ارتعشت ليلحظ هو ذلك ويمسك بكلتا كفيها مُقبلًا لهما : والله إني اليوم مبسوط فوق ما تتصورين ... ليتني جيت من الصبح عشان أفتتح يومي عليك
كشرت وهي تسحب كفيها، وبحدة : وخر يدك قال يفتح يومه علي قال ... ناوي تنكدني من الصبح؟
رغبةٌ جامحةٌ تعتريه ليضحك، أوليس له الحق ليضحك؟ رؤيتها وقد عادت زوجته الفضة المغلفة بالعفوية وحدها تجعله يفرح وضحكاتٌ تدغدغ شفتيه، فكيف بكلماتها التي لطالما كانت تغرقه بالضحك. أيقول لها الآن كوني هكذا أبدًا؟ أيقول لها اشتقتكِ فلمَ عشقتِ الإبتعاد أمدًا؟ أيقول أنتِ فتاتي الفاتنة حين تكونين بهذه الفضاضة دون وقاحةٍ تُغيضني لتجبرينني على ما أريد! ... أو تعلمين يا جيهان! إنكِ فاتنةٌ حين تريدين ذلك، وكم هو موجعٌ لقلبٍ مثل قلبي أن تكون فتنتك تحت أمر يديكِ.
فواز بحبور : جد جد .. الحمدلله على السلامة
استدارت عنه بضيقٍ ونظرته تلك جعلتها تفهم ما يرمي إليه، لمَ لا تبقى كما هي معه من بعد وفاة أمها؟ لمَ عادت للتصرف معه بعفويةٍ وهو الذي لا تريد، وهو الذي لا يناسبها ولا تستطيع التوافق معه بعد كل ما حصل؟ يجب عليها ألا تضعف وأن تتذكر أنه فواز الذي اُتهمت هي بأبشع الألفاظ بسببه هو، لن تجعله يشعر بالراحة معها إلى أن يطلقها، وهي التي أقسمت أن تجعله يطلقها بمحض إرادته أو رغمًا عنه.
وقفت تنوي الإبتعاد، وهو تركها ولم يقل أية كلمة، بالرغم من أن تركها له بمفرده غير لائقٍ إلا أنه سعيدٌ كفاية لجعلها تتركه، المهم أن بعضًا منها عاد، جزءًا منها عاد، وأنا الذي سألملم جزءكِ كله يا حبيبتي .. أنا الذي سأجمع بعضكِ صدقيني.
ما إن دخلت لغرفة نومها هي واختيها حتى اقتربت منها أرجوان : راح بهالسرعة؟
هزت رأسها بالرفض وعلى وجهها إمارات الضيق، وتلك قطبت جبينها لتلفظ بعتاب : وتتركينه بروحه؟ مو عيب عليك!!
نظرت جيهان لليان اللاهية بإحدى لعبها، لتتأفأف وهي التي لا ترغب بالخروج إليه، لن تفسد تعاملها السابق معه بسذاجتها الآن : ليون حبيبتي
رفعت ليان ناظريها إليها، وتلك هتفت : فواز برا ويبيك .. روحي له
شهقت الطفلة بسعادة، لم تكن تعلم بحضوره وأرجوان لم تخبرها رغبةً منها في جعل الزوجين بمفردهما، ثم وقفت لتكض للصالة وبعد ثوانٍ وصل إليهما صوت ضحكات فواز الذي حمل ليان ليضعها في حجره يلاعبها.
نظرت إليها أرجوان دون رضى بعد أن كانت نظراتها متجهةً لليان : الحين تشوفين هالتصرف صح؟ عالأقل ضيفيه
جلست على السرير بصمتٍ ومزاجها تعكر تمامًا : اسكتي واللي يعافيك.
هزت رأسها برفضٍ لما فعلت، وفي غضونِ دقائق كان صوت الجرس يصدح في الشقة، وتلك انتفضت لتضرب كتف إختها : قومي وجع يوجع عدوينك أبوي جاء .. والله لو يدري إنك تاركة فواز ليزعل
جمدت ملامح جيهان ببرود، لن تهتم لا لغضبه أو لشيءٍ آخر، وكيف تهتم وهو ليس سوى قاتل!!
زمت أرجوان شفتيها بغيظٍ وهي تنظر جهة الباب لسماعها صوت والدها المُتحدث مع فواز.
يوسف بترحيب : حيّ الله فواز شلونك يا ولدي؟
فواز بابتسامة بعد أن قبل رأسه : الحمدلله طيب عساك بخير
دلف ليقطب جبينه حين انتبه أنه ليس جالسًا إلا مع ليان ولم يعجبه ذلك : وين جيهان ما تجلس وياك؟
ارتبك فواز ولم يعلم ما يقول، يدرك أنه سيغضب حين يعلم أنها تركته لوحده، وليس هذا ما يريد : تعبت شوي وخليتها تدخل وترتاح
ظهر على وجه يوسف الخشية : وش فيها؟
ودون أن يسمح لفواز بإكمال الحديث دخل بسرعةٍ لغرفة بناته، ليراها مُستلقيةً على سريرها تدير الباب ظهرها دون مبالاة.
اقترب من السرير والأخرى وقفت بتوجسٍ وخوف، ليجلس بجانبها يمسح على رأسها : حبيبتي جيهان
كانت قد سمعت بعضًا من الحديث في الخارج، ولم تهتم لما قيل ولا لحديث فواز المُتستر عليها، وحين شعرت بكف والدها جلست : نعم!
يوسف باهتمام : وش تحسين فيه؟ تعبانة؟
أزاحت شعرها جانبًا على كتفٍ واحدة، وببرود : مين قال؟ مافيني إلا العافية
استغرب لكن ابتسامته الحنونة لم تختفي : ناوية تخبين علي؟؟
جيهان دون مبالاة : وش أخبي؟؟ … ترا فواز يكذب بس .. والا أنا مافيني إلا العافية
اختفت ابتسامته تدريجيًا، لم يفهم في البداية لمَ كذب فواز ليسأل باستغراب : وليه بيكذب؟؟
جيهان بوقاحة : لأني ما ودي أجلس معه وخاف لا تعصب
شهقت أرجوان من وقاحتها، وذاك وقف غاضبًا ليهدر : وبعدين معاك؟؟ الموضوع تجاوز التجاهل وصار فيه قلة أدب معي ومع زوجك
نظرت إليه بحدةٍ وعيناها تبللتا بالدمع، تشعر بالقهر من كل شيء، حتى وإن بدأت تعود لسابقتها إلا أن حقيقة القهر الباقي ليس إلا منه هو، من قاتل أمها، من عيشها معه.
جيهان بحدةٍ وصوتٍ اعتلى قليلًا : وأنا ما ودي أكون مؤدبة لا معه … ولا معك
كان صوتها قد اخترق مسامع فواز ليقف مصدومًا من كلامها، أهي حقًا من تتحدث مع والدها بهذا الشكل؟ أيعقل أن تتجاوز قلة أدبها معه إلى والدها؟؟؟!
اقتربت أرجوان منهما وأطرافها ترتعش، شفتيها ترتعشان، جسدها كله يرتعش، لم تتوقع يومًا أن يصل الأمر في جيهان إلى التطاول على والدها، وهي التي ظنت أنها بدأت بالعودة فيا ليتها بقيت في عتمتها وألا تتطاول عليه.
أرجوان بحدةٍ وغضب : وش هالكلام جيهان؟؟ الزمي لسانك تراه أبوك
جيهان بحدة : لا ماهو أبوي … ولا أبيه يكون أبوي
كانت ملامحه جامدةً في وجهها، كيف له أن يصدق الكلام الذي يُصدر؟ بل كيف له أن يصدق أن من تتحدث ليست سوى ابنته!!!
أرجوان بحدة : لا أبوك ياللي ما تستحين على وجهك!! … مو لهدرجة .. مو لهدرجة توصل فيك المواصيل
تساقطت دموع جيهان وهي تنظر لأختها بغضب : اي اوقفي معه .. اوقفي مع قاتل أمك يا الصالحة .. يقال إنك الحين واقفة مع الحق!!!!
صرخت أرجوان بغضبٍ وهي تسحب ذراع أختها بحدة : ماهو قاتل … أمــك هــي الــ …
ارتفعت كف يوسف في آخر لحظةٍ ليوقف أرجوان عما كانت ستقول، ونظراته توجهت لملامح ابنته الأخرى والكبرى بجمود، ابنته الأولى وفرحته الأولى، تتطاول عليه الآن وتنسى أنها ابنته، بل تنسى أنه والدها!!
يوسف ببرود : اتركيها يا أرجوان .. خليها تقول اللي عندها وأنا مستعد أسمع لها
أرجوان بصدمة : بس!!
يوسف بغضب ينظر إليها : قلت اتركيها
أعاد نظراته لجيهان : وانتِ بإمكانك تفرغين كل اللي داخلك … بس من بعدها …. إنسي نهائيًا هالمكان …. واذلفي مع زوجك
تراجعت للخلف بصدمة، وشفتيها ارتعشتا بعبرة، ماهذا الذي تسمعه؟ أهذا ما كانت تريد في النهاية؟ أهذه هي نتائج تمردها وعصيانها الدائم؟؟
ازدادت غزارة دموعها التي غطت وجهها، لتهمس بضعف : هذا اللي انت تبيه؟ هذا اللي انت تتمناه من البداية؟ … تتخلص مني بعد ما تخلصت من أمي! تبي ترتاح مني لأني ممكن أذكرك فيها ؟؟؟
تكرهها؟ تكرها وتكرهني؟؟؟ … بس أنا أكرهك أكثر وأكثر
وبعطيك اللي تبيه … أنا طالعة يا أبوي
طالعــــة ولا لي رجعة




,





لتوه خرج من الحمام، يمسح وجهه بفوطةٍ صغيرة ولا يغطي جسده سوى منشفةٍ التفت حول خصره لتصل إلى ما فوق كبتيه، اتجه للخزانة ليُخرج ملابسه بعد أن رمى الفوطة الصغيرة باتجاه السرير، وبعد أن ارتدى ثوبه وعدل شماغه أمام المرآة ثم نظر للساعة المُلتفة حول معصمه والتي قاربت للرابعة كانت عاصفة تدخل بقوةٍ إلى الغرفة : سيـــف!
جفل وهو يتراجع، وبعد ثوانٍ قليلة صرخ في وجهها : غربل الله ابليسك ما تعرفين تدخلين زي العالم والناس
تمسكت بكم ثوبه هاتفةً بتوسل : وين رايح؟؟
سيف بملامح مُمتعضة : لوين يعني؟ بصلي وبمر زياد
لم يتشنج وجهها كما العادة حين يذكر اسم طفله، فقط استرخى قليلًا لتخفض نظراتها ثم عادت لتنظر لوجهه، اختفى القليل من حسرتها وقهرها حين يُذكر اسم ابنه الموضوعة صورته في مكتبه، فهي عما قريب قد تسمع بكاءَ طفلٍ لها، وليست نادمة، خائفةٌ لكن ليست نادمة، ومن هي المرأة التي قد تندم إن سمعت خبر حملها بطفلٍ في رحمها؟؟
سيف دون مبالاةٍ وهو يعدل كم ثوبه بعد أن سحب يده : وش تبين خلصيني
ابتسمت بحماسٍ لتنطق : اليوم عمتي هالة عازمتنا لبيتها .. العايلة بتتجمع عندها واحنا معهم بعد
ابتسم لحماسها وتخبطها في الحديث، وبهدوء : طيب هدي شوي .. بزر ما تعرفين هالمواضيع؟؟
ديما : لا بس من زمان ماسوينا عزيمة للعايلة بأكملها، حتى أقارب زوجها وبعض الجيران معزومين
سيف : همممم
ديما بابتسامة : نروح!
تحرك سيف بعد ان انحنى ليُقبل جبينها : وليه لا؟ … عالساعة سبع ونص خليك جاهزة .. * عاد ليستدير إليها بتحذير * بس لبس عاري ما أبي
أومأت بطاعةٍ ليخرج من بعدها، وحين سمعت صوت الباب الخارجي للجناح يُطبَق اتجهت لخزانة ملابسها التي أغلقتها بالمفتاح حذرًا ثم فتحتها لتمد يدها من تحت كوم الثياب المُرتبة وتخرج اختبار الحمل.
يدها ترتعش ورغبةٌ في داخلها لتجرب، صحيح أنه من المستحيل أن تكون حاملًا وهي لم يمر سوى يوم تقريبًا على أخذها للإبرة التفجيرية، لكنها تريد أن تجرب، لهفتها الكبيرة تدفعها لذلك، شوقها العالي لجنين يحتضنها يدفعها للتسرع.

بعد دقائق، تنهدت بضيقٍ وهي تعيد أنبوب التحليل لمكانه، ومن ثم أغلقت الخزانة لتخرج من الغرفة بأسى، هامسةً لنفسها : يعني إلا أنكد على نفسي وأنا أدري في نفسي إنه مستحيل يصير حمل بهالسرعة؟؟؟
تأفأفأت لتجلس على إحدى أرائك الصالة، وبجزع : فرضًا ما صار حمل، وش بسوي وقتها؟؟؟
شعرت أن دموعها تتجمع في عينيها من تلك الفكرة، أيعقل ألا تحمل؟ ستكسر وقتها، رباه ستكسر إن لم يحتضن رحمها جسدًا

ألن تتوقف عن البكاء؟ إن كانت الأفكار وحدها تُبكيها فلمَ تلوم سيف؟ هي ضعيفةٌ كفاية لتبكي من كل شيء، فلمَ تقوم دائمًا بتعلق بكائها به!!
أوليست هذه الأفكار تأتيها بسببه أولًا وأخيرًا؟ هو الذي حرمها من الأطفال منذ البداية، فلا لوم إلا عليه، ولا مذنب سواه.




يتبـع ..


كَيــدْ 11-08-14 11:02 AM

رد: قيودٌ بلا أغلال عانقت القدر
 

الخامسة مساءً

أغلق الباب من خلفه بعد أن دخل، ليتنهد بإرهاقٍ ثم يتجه لإحدى الأرائك يرمي بجسده عليها، انتبه لصوت غناءٍ يُصدر من إحدى قنوات التلفاز، والصوت كان ضئيلًا لكنه انزعج ليرفع جهاز التحكم ويبدل القناة إلى أخرى صدح منها صوت القرآن.
ثم وقف ليتجه للغرفة التي يتوقع أن تكون فيها غزل، وحين ولج وجدها فارغة، قطب جبينه ليتجه للمطبخ، ولم يجدها هناك أيضًا، شعر أن أعصابه تثور لكنه أمسك بزمام نفسه ليبحث في بقية الحجرات القليلة، لكنه لم يجد أيّ أثرٍ لها! أين يعقل أن تكون؟ أخرجت من غير إذنه أم أصابها شيءٌ ما!!!
بلل شفتيها بتوترٍ وهو يمرر كفيه على رأسه لينزع شماغه ويرميه، ثم اتجه للباب بخطواتٍ مُتسعة ليخرج ينوي السؤال عنها في الأسفل، لربما كانت قد خرجت بمفردها وهنا لن يسكت، ولربما حصل لها أمرٌ ما أو اقتحم الجناح شخصٌ ما عليها، أفكارٌ عديدة داهمت عقله ولم تتوقف لتزيد من قلقه، وقف أمام المصعد الكهربائي وحين تأخر غير وجهته للدرج، لكنه توقف فجأةً وهو يستمع لصوتِ ضحكاتٍ صدرت جهة المصعد، صوتٌ عرفه جيدًا ليستدير بعينين مُشتعلتين إليها.
وقد كانت وقتها تخرج من المصعد الكهربائي بعد أن فُتح بابه وكفها تقبض على الهاتف بجانب أذنها، وصوت ضحكاتها الوقحة كانت عاليةً بالقدر الكافي لتجذب الأنظار.
ماذا عساه يفعل في تلك الحال؟ كل ما شعر به هو نيرانٌ اشتعلت بداخله، تمنى لو يخنقها في تلك اللحظة لكنه زفر أنفاسه دون شهيقٍ ليتجه إليها في خطواتٍ قليلة ليمسك أخيرًا برسغها.
وتلك تفاجئت لتشهق وتغلق الهاتف بسرعةٍ تنظر لملامحه الحادة والمُتشنجة بغضب، وقد كانت تحمل في يدها المُتحررة من الهاتف بضعة أكياسٍ من عدة أسواقٍ مرّت عليها بعد أن أكلت.
همست باسمه بتلعثمٍ وخوفٌ اعتراها، وذاك لم ينطق بكلمةٍ لكن أنفاسه وحدها كانت تشرح غضبه الصاعق، ودون أن يهتم بالأعين المراقبة من الناس سحبها بشدةٍ حتى وصل لجناحهما وأغلق الباب من خلفه.
غزل باضطراب : اترك يدي تعورني
استدار إليها بعد إغلاقه للباب، وبغضبٍ تجلى على ملامحه : وعساها للكسر قولي آمين
أردف بغضبٍ وصوتٍ خافت وهو يشد على يدها أكثر : انتِ شلون تطلعين كذا بدون لا تعطيني علم؟؟ شلون طلعتي من الأساس بروحك!!
حاولت سحب يدها وقد سقطت الأكياس فور دخولها، لتصرخ في وجهه بصوتٍ غاضبٍ مرتعش : اترك يدي سلطان .. مو من حقك تحاسبني
اتسعت عيناه ليهتف بغضب : لا والله … من حق مين أجل يا زوجتي العزيزة
ارتخت ملامحها بألمٍ لتهمس بصوتٍ لم تهتم لخروجه راجيًا : اترك يدي طيب .. تعورني
نفض يدها بوجهٍ مزدرءٍ لتصرفها، تُجبره على التعامل معها بطريقةٍ لا يرتجيها، هو يتمنى لو أنها على الأقل تحترمه ليستطيع أن يعاملها بما يحب، وهاهما لم يكملا الأسبوع وهما معًا لكنها تفسد أعصابه وتغضبه.
سلطان بغيظ : وين كنتِ؟ * زمّ شفتيه ينظر لعباءتها ليشدها بيده غاضبًا * وبعدين أنا ما اشتريت لك عباية غير هذي! .. وشلون تلبسينها؟؟؟
نظرت إليه غزل بنظراتٍ غاضبه، بعضٌ منها خائف، لكن الأكثر منها غاضب، كيف يتجرأ ليعاملها بهذه الطريقة؟ كيف يتجرأ ليحاسبها في خروجها ولبسها؟ من هو أصلًا ليتمادى معها، كانت تدرك أنها لو تساهلت معه وأظهرت خوفها فهو سيتمادى ليعتقد أن له الحق الكبير عليها.
هتفت بغضب : مالك شغل! وخرقتك اللي اشتريتها خلها لغيري ما تناسبني
زمّ شفتيه بغضب، ليستدير ينظر للباب المغلق ومن الواضح أنهما هذه المرة قد يتحاوران بشكل يجعل أصواتهما فاضحة.
يتحاوران! ما موقع هذه الكلمة بينهما؟ ... تعبيرٌ خاطئ لا يدل إلا على سذاجتي للقليل مني الذي يظن بها خيرًا، وهذه الكلمة من الواضح أنها ملغيةٌ في علاقتهما.
التعبير الأفضل هو العناد، من الواضح أن لا أسلوب معها سوى العناد وقمع الواجبات والمسؤليات المتعلقة بكونها زوجته.
عاد لينظر إليها، ثم أمسك بكفها ليسحبها معه للداخل، تحديدًا لغرفتهما فهو لا يضمن صوتها هي خاصةً.
وتلك خافت لتحاول سحب يدها منه بقوة : وش ناوي تسوي؟ … اتركني سلطان … ابعـــد
ارتفع صوتها كما توقع، ليغلق الباب من خلفهما وتلك اتسعت عيناها بذعر. لتتراجع للخلف مُرتعشةً … ما الذي ينوي فعله؟ ولم أدخلها هنا ولم يتحدث في الخارج؟
أصابها إرتعاشٌ حاد في فقراتها، لتتراجع بعينين متسعتين هاتفةً بتوسل : آسفة .. والله آســفــه
ما كنت أدري إنه لازم أستأذن منك .. ما تعودت أستأذن من أحد وقت أطلع
بس أنا جعت وما كان عندي شيء آكله وانت جبت لي مع الأكل سمك وأنا ما أحبه ولا أطيقه، وبعدين نسيت نفسي ورحت أتسوق
تراجعت أكثر لتصطدم بالسرير وذاك اتسعت نظراته المصدومة من ردة فعلها التي لم يفهم سببها. لتردف بتوسل : تكفى سلطان لا تسوي فيني شيء، اضربني خلاص راضية بس ابعد عني … ابــعـــــــــد
تراجع للخلف وملامحه بهتت، فهم أخيرًا سبب خوفها منه، لكن لمَ كل هذا الخوف منه؟ ليست هي من طلب أن يكون زواجهما صوريًّا فكيف كانت تتوقع أن تكون حياتهما لو لم يشترط ذلك؟ أيعقل أن هذا الخوف هو الخوف الطبيعي لكل امرأة؟؟
لا … خوفها غريب، لم يستطع عقله أن يستصيغه، هو زوجها أولًا وأخيرًا فلمَ قد تخافه بهذا الشكل؟؟
رطّب شفتيه بلسانه ليغمض عينيه بقوةٍ ومن ثم فتحهما، وبهدوءٍ نطق : طيب ليه ما اتصلتي علي وقلتي لي؟؟
غزل بارتعاشٍ وضعف : قلتلك ما تعودت أستأذن
سلطان ببرود : أجل من اليوم تعودي على هالشيء لأنه ما يصير تخرجي من دون اذني
أومأت دون شعورٍ وهي تحاول قمع دموعها التي تكابد للخروج، ليستدير عنها ينوي الخروج، لكنه عاد للنظر إليها قبل أن يخرج هاتفًا بهدوء : وياليت هالخوف اللي معي تنسيه … لأننا مستحيل نعيش وانتِ كذا



,




اقتربت منه ببطء، وقد كان وقتها يجلس أمام التلفاز وهي من خلفه، وحين أصبحت خلفه تمامًا ولا يفصل بينهما سوى الأريكة رفعت كفيها لتغلق عينيه
ضحك حين شعر بكفيها : حيّ الله غدوي
ضخمت صوتها : مين غيداء؟؟؟
ارتفعت ضحكاته وهو يقرص ظاهر كفها لتصرخ وتسحب يدها : يا الخايس
استدار إليها مُبتسمًا : أجل مين غيداء؟؟ أنا قلت غدوي مو شرط يكون الإسم غيداء …. ممم نقول غدي، غيد، غادة
غيداء بتكشيرة : وووع … كلهم خايسين مافيه غير غيداء وبس يليق عليه هالدلع
ابتسم ليقف ويدور حول الأريكة إلى أن وصل إليها : وكيفها المغرورة اليوم؟
نفخت فمها بالهواء ومن ثم هزت رأسها بالنفي : ماني بخير
قطب جبينه : أفـــا!!
غيداء بعبوس : فيه بنت اليوم ملاحقتني وترمي علي كلام يضايق
نظر لوجهها باهتمامٍ ليمسك بكفها ويسحبها معه ليجلسان : كيف يعني
غيداء ببراءة : تقولي إنتِ لساتك بنت والا مو بنت!
انعقد حاجبيه دون فهمٍ في البداية، لتردف : أقول لها وانتِ وش شايفتني ولد تقوم تتمصخرعلي
زمّ شفتيه للحظات وعيناه متسعتان، ثم مرر أنامله على خصلات شعره بغيظ، فهم ما ترمي إليه تلك الفتاة، إذ يبدو أن الموضوع تجاوز المعقول وأصبح يجري على ألسنة الناس، ما ذنبها هذه الطفلة ليتشوه الحديث عنها؟
دققت غيداء في تغيرات وجهه وارتبكت، يبدو أنه غضب لكن لمَ؟
نظر إلى وجهها بغضب، وبخفوتٍ حاد : وش اسم أبو هالبنت؟
ابتلعت ريقها بارتباك، وندمت على تحدثها بهذا الموضوع معه، ماذا عساها تقول له الآن؟ ابنة القاضي سارة نفسها!!!
تلعثمت قبل أن تهمس : ما أعرفها
نظر لعينيها وقطب جبينه مُستغربًا، لمَ تكذب؟ : ليه الكذب غيداء؟ ما ودك تحكين؟؟؟
شعرت بالحرج منه، ودائمًا ما يكشف كذبها عليه، لذا صمتت ولم تجب، وهو وقف مُستاءً : كم مرة لازم أعلمك ما تكذبين علي؟ بس شكلك شايفتني قدامك بزر وعاجبك مضايقة هالبنت لك
عضت زاوية شفتها السفلى بارتباك، لتهمس بأسف : آسفة مو قصدي بس
وصمتت من بعدها ليزفر بضيق : لا بغيتي تحكين تعالي لغرفتي
ثم ذهب دون كلمةٍ أخرى لتجفل هي للحظات، لتشد قبضتيها بقوة، لقد غضب منها، تدرك أنه الآن عاتبٌ عليها ولن يعود للتحدث معها إلى أن تعتذر وليس أي اعتذار، بل يجب عليها أيضًا أن تخبره من هي الفتاة.
ندمت لأنها أخبرته، ليتها لم تقل له من الأساس، يستحيل أن تقول له أنها سارة، شيءٌ ما بداخلها يمنعها، فهو لطالما عاتبها حين تُحدث تلك الفتاة، ولطالما حذرها منها.




,




الساعة الآن هي السابعة مساءً، وتلك تجلس على السرير ركبيتيها مرتفعتين للأعلى وذراعيها التفتا حول ساقيها، بينما ذقنها كان يسترخي على ركبتيها وعينيها تنظران للفراغ بحيرة.
بعد قليلٍ سيأتي الكثير من الناس، وهي لا رغبة لها بالخروج إليهم .. تأفأفأت بضيق، وصوت الطرق قد اعتلا وكم مرةً قد طُرق عليها الباب هذا اليومين، اتجهت إليه بملل، لتفتح وترى أمامها هديل تقف بثوبٍ نبيذي تدلى بطوله على جسدها النحيل بنعومه، وحين رأتها شهقت : ما تجهزتي للحين!!!!
إلين ببرود : ما ودي غصب هو؟؟
عبست هديل لتمسك بيدها تسحبها معها للدخل : عنادك صاير يرفع الضغط
هذا ماهي تريد، أن يضيقوا ذرعًا بها في النهاية ويتركوها حين تقرر الرحيل، سترحل لمنزل والدها فهي تنتمي إليه، حتى وإن كانت قد رُميت منه منذ ولدت لأسبابٍ لا تعرفها إلا أنها ستعود فهذا أفضل لها ولهم.
أردفت هديل بعد أن أغلقت الباب : أنا بختار لك لبس حلو … وبتلبسينه وتنزلين بعد
إلين بضيقٍ تأفأفت : قلت ما ودي … حتى اللبس والجلسه مع الحريم صارت بالغصب في هالبيت؟
تضايقت هديل لتترك يدها : واحنا في وشو غصبناك قبل كذا؟
صمتت إلين وهي تحاول تذكر شيءٍ واحدٍ أكرهوها عليه، ولم تجد، حتى الزواج بياسر لم يجبروها بل تركوا لها حرية الموافقة، وحين رفضت تركوا لها المجال لتفكر أكثر، هه، أيظنون أنها ستوافق في النهايـَة؟؟ لا وألف لا، هي اتخذت قرارها سابقًا ولن تغيره مهما حدث، مقتنعةٌ به ولا مجال لتفكيرٍ عقيم لا نتيجة له.
هديل برجاء : تكفين ليّون ... يرضيك تكسرين بخاطري كذا؟
نظرت إليها ببرود، وكم يزعجها أن تتوسل إليها هديل بهذا الشكل، لكنها في النهاية هتفت ببرود : ليه مصرة إن بنت مالها أصل متكفل فيها أبوك وما عجبك خطبة أخوك لها تنزل مخاوية لك قدام الحريم!!!!
بهتت ملامح هديل، لتعض شفتها بحزنٍ وكلام إلين جرحها، أسيصبح تصرفها ذاك ورأيها الأول بالموضوع بصمةً دائمة في علاقتهما؟؟ أستصبحان شحنتان متساويتان لتنفران دون مجالٍ للتجاذب بينهما؟
تراجعت بصمتٍ لتخرج من الغرفة دون كلمة، وتلك بدا على وجهها الإنكسار والندم، جرحتها، جرحتها وليتها لم تقل ما قالت، هي لا تقوى على رؤية أحد أفراد هذا المنزل مجروحين بسببها، لا تقوى على رؤية الحزن في عيني أحدهم بسببها هي، فكيف قامت بجرح هديل الآن، كيف استطاعت ذلك؟؟؟
تبعت هديل بسرعةٍ دون أن تغطي شعرها أو ترتدي عباءتها حتى، وبصوتٍ عالٍ قليلًا : هديل
لتتوقف تلك عن حركتها وتستدير إليها بابتسامةٍ زائفة : هلا
إلين بارتباك : آسفة ما قصدت
صمتت هديل قليلًا، قبل أن تمعن النظر بها وتنتبه لخروجها دون شيءٍ يُغطي جسدها وشعرها، وبهمس : عبايتك
تلعثمت إلين حين انتبهت، وباحراج : نسيت
لتعود أدراج غرفتها بسرعةٍ بعد أن هتفت : خلاص بلبس وأنزل معكم وقت يجوا الضيوف ... كله ولا زعلك
ابتسامةٌ زينت ثغر هديل، وراحةٌ غلفتها، لكنها استشعرت أنها فعلت ذلك رغمًا عنها لترضيها وحسب، وبالرغم من ضيقها لذلك شعرت بالراحة كونها بذا مكانةٍ لديها.



,



صرخت في وجهه بغضبٍ وهي تشير إلى ساعة يدها : صارت ستة إلا ربع وانت هايت مع اللي ما يتسمى ... نسيت عمرك معاه هاه!!
ينظر إليها بطوله الضئيل ونظراته الدامعة ترتفع للأعلى حتى يرى وجهها جيدًا، لم ينطق بكلمةٍ وهو خائفٌ من أمه بشدةٍ وصراخها يبعث إليه الذعر ويلجم كلماته، وتلك أكملت بغضبٍ وقهر : بس الشرهه مو عليك ... الشرهه على اللي مخليك طالع وياه ... بس والله والله يا زياد انك تحلم تشوفه لأسبوع كامل
سقطت دموعه وتقوست شفتاه، ليهز رأسه بالرفض ويتشبث بتنورتها التي تصل لنصف ساقها مُترجيًا : لا ماما الله يخليك لا تحرميني من شوفة بابا
بثينة بقهر : وجع يوجعه عساني أسمع اليوم بجنازته
أنزل كفاه الصغيرتان ليرتفع صوت بكائه، حينها طُرق باب غرفتها ليصل إليها صوت والدها : حسبي الله عليك من بنت وش سويتي بالولد؟؟
استدارت جهة الباب ولازال قهرها قائمًا، لتصرخ : ولدي ومحد يتدخل بيني وبينه ... اتركوني أنا بربيه عدل
والدها : وش مسوي طيب على هالبلبة؟
صمتت بثينة تعض شفتها، تدرك أن والدها إن سمع تبريرها فقد يصرخ في وجهها غاضبًا، قد يراه سخيفًا من وجهة نظره لكنها لا ترى ذلك، لا أحد يشعر بها، وهي التي لم ترضى أن تتزوج من بعد سيف لتبقى حضانة زياد من حقها هي، لن تسمح له بأخذه، لن تسمح له.
ركض زياد بسرعةٍ باتجاه الباب، وتلك اتسعت عيناها لتلحقه لكنه كان وقتها قد أدار المفتاح، وحين اجتذبته من عضده فتح والدها الباب فور سماعه لصوت القفل، ليصرخ الطفل : جدي خذني معك ... ما أبي ماما أكرهها ... * وبصوتٍ باكي * هي ما تحبني ما تحبني
بدا على وجهها الإنكسار، وعيناها احتقنتا بالدمع، لا تحتمل سماع هذا الكلام من ابنها، لا تحتمل كلمة " أكرهها " من بين شفتيه، رباه إنه لا يدرك كيف أن لهذه الكلمة من وقعٍ كبيرٍ على قلبها.
ألا يدرك أنها رضيت بالبقاء مُطلقةُ سبع سنين لأجله هو فقط؟ أليست هي من لم تختَر العيش حياةً أخرى كوالده؟ ... كله لأجله، كله لاجل طفلها الصغير.
جلست لتصل إلى طوله، بملامح تائهةٍ مُحِبة، ثم زمت شفتيها بألمٍ لتهمس بغصة وهي تمسح على شعره الأجعد : ليه تقول كذا؟ أنا أحبك فوق ما تتصور حبيبي
تراجع لخلف جده بنفور، هي التي أرعبته منذ قليل، هي التي أخافته وصرخت في وجهه مطولًا، وحاليًّا ... هو لا يريد أن يكون معها.
لاحظ والدها تبدل ملامح وجهها وكأنها تحارب دموعها، ليهتف بعتاب : وش سويتي فيه يا بنتي؟ انتِ كذا ما تنفريه إلا منك
صمتت وهي تُطرق برأسها، وذاك أردف : خلاص باخذه الحين معي لين ما يهدى وينسى اللي صار .. وانتِ حاولي تكونين أحنّ عليه
لم تجبه ليحمله بين ذراعيه، وبهدوء : راجعي نفسك قبل لا تخسريه
ليذهب يتركها واقفةً بعجز، تتكرر كلمته الأخيرة في رأسها.

لا تخســــــــريه

لا تخســـــــــــــــــريه

لا تخســــــــــــــــــــــــــريه


مستحيل، أسيأتي اليوم الذي قد تخسره فيها؟ أيعقل أن تخسر زياد يومًا؟ .. ابتلعت ريقها حين تذكرت تهديد سيف .. محال، كيف لها أن تحتمل بعده، كيف لها أن تنام دون الشعور بوجنتيه على عنقها وهو نائم؟ لن تحتمل، هو طفلها هي، ليس لسيف الذي تزوج وبحث عن سعادته قبل سعادة ابنه، ليس لسيف أيّ حقٍ به. ليس له الحق وهي التي اهتمت به فوق اهتمامه هو به، ليس له الحق وهي التي احتملت كل الصعاب لأجله، لكنها لن تحتمل بعده، واللهِ لن تحتمل وهو الروح بالنسبة إليها، هو سعادتها وضحكاتها التي لا تتجلى إلا به هو، هو طفلها ... طفلها هي فقط.




,





تضع رأسها على ركبتيها اللتين ارتفعتا إلى صدرها لتلف ذراعيها حول ساقيها، وجهها مدفونٌ بينهما كما السعادة مدفونةٌ بين ناريّ والدها وأمها، كيف تركها بهذه البساطة؟ كيف طاوعه قلبه ليرميها إليه؟ هو زوجها تعلم، لكنها لن تحتمل أن تذهب إليه بذاك الكبرياء المجروح، وأيّ كبرياء قد يبقى إن كان والدها بنفسه قد أمرها بترك البقاء معه ومع أختيها؟ طردها بكل برودةٍ وعدم مبالاة. وأي سعادةٍ حقيقية قد تخالجها وهي التي لا تستطيع تصنعها بسببه هو، هو الأب الذي أبكاها فكيف يسمي نفسه أبًا؟ رباه كم تشعر أنّ العديد من الغصات ستخنقها ، تطلب تحرر دموعها، تطلب انكسار جفنيها، تطلب النحيب وترتجي أن يكون عاليًا بالقدر الذي يفضح حزنها عند من في الخارج، أحتى غصاتها أصبحت ضدها؟
انكمشت بجسدها لتتحرر دموعها التي كابدت لتبقيها خفيّةً منذُ وصلت لهذ الشقة مع فواز، لم تُرد البكاء أمامه، وهو لم يعلِق من بعد ما حصل ولم يُرد كسرها أكثر، لذا بقي بعيدًا، جالسًا في الصالة بذهنٍ شارد، لا ينكر أنه فرح بحضورها إليه، لكن فرحته هُزمت بشدةِ حزنه عليها، وذاك الحزن فاق فرحته بكثرة، يتمنى سعادتها فوق سعادته، وهو الأناني الذي لم يستطع أن يعطِها السعادة بطلاقهما، يدرك أنه سيسعدها أكثر حين تصبح في بيته، لكنه ليس أنانيًا ليفرح بكونها في بيته تحت هذه الظروف، وكم تمنى لو يذهب لعمه حتى يتوسل إليه أن يعيدها إلى كنفه.
والسؤال الذي يتصارع بحروفه في ذهنه، لمَ فعل عمه ذلك؟ يدرك أنه صبورٌ بالقدر الذي يكفي لتحملها، وهي وإن كانت قد تمادت لكنه يدرك أن يوسف له من الصبر والحب ما يكفي لتحملها. فلمَ فعل ما فعل؟ لمَ؟؟
وقف بتردد، ينوي الذهاب إليها، يريد التخفيف عنها، يريد الكثير ولا يعلم إن كانت ستتقبل منه القليل، لكن رغبته فاقت تردده ليتجه للغرفة بهدوء، يقف عند عتبة الباب يتأملها جالسةً على السرير تغرق في نحيبٍ خافت، وشعرها الحريري الطويل يغطي جانبيّ وجهها الذي اختفى بين ركبتيها ... وكم كُسر هو لمنظرها، وكيف له تحمل ما يراه من انكسارٍ بها؟ كيف يمكن له تحمل نحيبها الذي بدأ بالإرتفاع رويدًا رويدًا ... لا تبكي، لا تبكي فبكاؤكِ يقطع نياط قلبه، لا تبكي فبكاؤكِ يحشرج روحه، لا تبكي وهو العاشق الذي لا يحتمل، هو العاشق الذي يقسم أن يسلمك روحه لأجل سعادتك، رباه كم يتمنى لو يزرعها الآن في أحضانه، كم يتمنى لو يسحب أحزانها إليه، ثم يهديها كل أفراحه.
اقترب ببطء، وتلك رفعت رأسها بسرعةٍ حين سمعت صوت خطواته، يدرك أنها الآن ستصرخ في وجهه، وهو لديه الصبر الكافي ليلتقط صراخها بكل صدرٍ رحب.
أما هي فبقيت تنظر إليه بانكسار، بوجهٍ انتفخ بالبكاء، وبضع خصلاتٍ من شعرها التصقن بوجهها بغراءٍ يُسمى الدمع. همست بحسرة : طردني!
وقف على بضع خطواتٍ من السرير، بوجهٍ مُستاء لأجلها . . لتردف : ما يبيني .. أدري إنه يكرهني، أدري إني ولا شيء بالنسبة له، أدري إني واقفه بنص بلعومه ومتضايق مني ... بس مو بيدي .. مو بيدي والله إني أتعامل معه بطريقة شينة، ما أقدر أنسى يا فواز، أبي أنسى بس مو بمقدوري وهو قدامي .. * ابتلعت غصتها لتهمس بانكسار * والأصعب إنه أبوي
تنهد بألمٍ لحالها، ليقترب ببطءٍ منها إلى أن جلس بجانبها، ودون ترددٍ اجتذبها ليزرعها في أحضانه، وهي لم تفعل شيئًا سوى الصمت، الصمت فقط ليدرك أن ما بها يفوق كرهها له.
تحتاجه وبشدةٍ في هذا الوقت، هي كسرت الآن كما الغصن، ووالدها كان الريح الذي كسرها، كسرها بشدةٍ ليكون فواز الأرض التي تلتقطها!
لم تبتعد، ولم ترد الإبتعاد، لم ترد سوى أن تبقى في هذه الأرض الدافئة، لم ترد سواه ليحتوي يأسها قبل جسدها.



,



تنظر إليه بحيرةٍ يخالطها حزنٌ وحسرة، وأختها الصغرى كانت قد أمرتها بالذهاب لغرفتهم حتى تتحدث معه براحه، كان يجلس على إحدى الأرائك ورأسه بين يديه، منظره الآن يثبت حزنه، يثبت أساه، إذن لمَ قام بما قام إن كان لا يريد؟ كيف هان عليه تركها وهو الذي لا يقوى؟
اقتربت منه وهي ترى عجزه، ترى رجلًا غير الرجل الذي تعرف، ترى أبًا غير الأبِ الذي تعتاد.
والسبب واحد لم يتبدل أو يمت!! … يا الله، أليس لها الحق الآن في كره أمها؟ أليس لها الحق في بغضها؟ .. ليست على ماقالت سابقًا، ليست كما أيقنت في قلبها، باتت تكرهها، تالله قد كرهتها كما لم تكرهها من قبل، ليس بيدها، ليس لها القدرة على قمع هذا الكره وهي ترى الحال الذي هم فيه بسببها.
بكت وهي تقترب أكثر لتجلس أمامه على ركبتيها وكفيها على ركبتيه، وقبل أن تنطق كان هو قد همس بكل حسرةٍ تجمعت في عينيه، بأكبر قدرٍ من الحشرجة في روحه : انكسر ظهر أبوك يا أرجواني
جفلت، وازداد مطر عينيها، لعينيها الكرم الكافي لشرح هذه اللحظة، وتلك العينين باتتا كغيمةٍ ضخمةً معطاء، تثير الدمع مع كل كلمةٍ كانت كالخنجر … والدها عاجز! ولأول مرةٍ تراه بهذا العجز، لأول مرةٍ تراه بهذا الإنكسار ، وكأنما فقدها، كأنما فقد ابنته .. وضعت رأسها على ظاهر كفيها اللتين كانتا على ركبتيه لتغرق في بكاءٍ عالي … وكيف لها الصمت والكبت بعدما سمعت؟ كيف لها القدرة على الإحتمال؟ أكسر ظهر والدها؟ أكسر ظهر حاميها ومصدر الأمان لها؟ إذن ماذا بقي منها؟ هي كسرت بالكامل من بعد كلماته، قُطعت جذورها التي سميت بـ - أب - ، قُطعت بعد أن جفت وانقطَع عنها الماء، قُطعت فكيف لها الحياة دون جذور؟ فهل كنتِ يا أختِي الماء وانقطعتي؟ هل استسهل عليكِ الأمر لتقتليه؟ هل هان عليكِ جفافه؟ هل قرّت عيناكِ بتصدعه؟
أغمض عينيه بحسرة، وهاهي الثانية تبكي بسببه، فكيف يكون بهذا العجز ولا يُخرس بكاءها؟ أبات ضعيفًا لهذا الحد؟ أبات يحمل لقب الأب اسمًا وحسب؟
همس : كان القرار الأفضل
لم يرتفع رأسها الذي استكن على ركبتيه، كان القرار الأفضل؟ أكان القرار الأفضل هو انكسار عينيك؟ أكان القرار الأفضل هو ارتعاش كلماتك من شدة تكسرها؟ أكان هذا هو القرار الأفضل؟؟؟
أردف بهدوء : ما تقدر تعيش معي .. فيها كره كافي لي يمنعها من تحملي
كيف أقدر بعد هالتعب فيها بسببي أخليها معي؟ بيدوم حزنها بسببي، وأنا ما ودي بهالشيء، ودي بانكساري ولا انكسارها
اهتزت شفتيها بعبرة، قبل أن تهمس بعتاب : تتوقع راحتها عنده؟ هي تكرهه
يوسف : بس أهون عندها مني … ومو فواز اللي بيضيمها



,



بعينين ميتتين كانت ترقب الموجودات، كلهن يبدو عليهن الفرح وهي لا، يبدو عليهن السعادة والراحة وهي لا، كلهن من عائلاتٍ عداها التي لا يُعرف أصلها، كلهن من نفس الصنف عداها، هم أبناء حلالٍ وهي لا، والإختلاف لم يكن سوى بكلمةٍ تشطرها مرارًا ومرارًا، تطعن ثقتها بنفسها وأي ثقةٍ بقيت بها؟
بللت شفتيها وهي تراقب العمة أميرة، وبجانبها جلست أم رانيا ثم ابنتيها، وتلك الحاقدة المُسمى رانيا تنظر إليها بنظراتٍ نارية تارةً، وتارةً أخرى تتجاهل تواجدها
إلى أن نطقت أميرة بصوتٍ عالٍ أخرس جميع حواسها للحظات : ما ودك تباركون لولد أخوي ياسر؟
الجميع بدأ يلتفت ويتساءل، إلى أن اعتلى صوت ام فواز : على وشو يا أميرة؟
أميرة بابتسامة : على خطبته لإلين


.

.

.

يقول الشيخ محمد الشعراوي ..

( لا تعبدو الله ليُعطي .. بل اعبدوه ليرضى .. فإذا رضي أدهشكم بعطائه )


انــتــهــى



وموعدنا القادم إن شاء الله يكون يوم الجمعة أو السبت

صلوا على أفضل الخلق





ودمتم بخير / كَيــدْ !





...همس القدر... 11-08-14 10:58 PM

رد: قيودٌ بلا أغلال عانقت القدر
 
الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 8( الأعضاء 6 والزوار 2)
‏...همس القدر...*, ‏ons_ons, ‏لست أدرى, ‏رونق النرجس, ‏ندونة, ‏riyami


مسااااااااااا الخيررر هنو^^
بااااااااااااااااارت صاااادم
هههههه بيغيب فوااز ويغيب ويجي ويصدمنا بالاحداث!\

جيهااان رد فعلها عنييييييييف ... اما رد فعل ابوها فهو الافضل .لانه لو بقت جيهان عنده في البيت كاان كرهته بزياادة
يمكن بعده عنها افصل اله والها !
اماا فواااااز فامه دعيااله ههههه حبيبته اجت لعنده . بس الله يستر من هيك حبييبة:(

شااااهين....ز قدر يطمر سند عالمزبوووط
بس السؤال هنا هل انتهى دور سسند في الرواية !
ما اعتقد ؟!!

غزل: اوووووف بديت اخاف انا !
معقووول غزل سيئة جدا وسلطان راح يعجز عنها ! ويرد يطلقها ويتزوج ارجوان!!
لانه صرااحة تصرفااتها مستفزة وبديت اخاف من نهايتهم

الين: الله يعينك
شكل جمعة هالنسووان رااح تكون نهايتها صااادمة
واتوقع كلمة العمة اميرة مش رااح تمر مرور الكرامَ
وبما انه الين نااوية تكرههم فيها فاجت الفرصة لعندها برجيليها
الله يستر من ردها!!!


هنوودة فصل جمييييييييل وصاادم
تسلم ايديك حبيبتي
بانتظااار القادم بشوووووق جااارف
تقبلي مروري
سلاااام

كَيــدْ 12-08-14 10:44 AM

رد: قيودٌ بلا أغلال عانقت القدر
 



السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
صباح السعادة


تغير موعدنا يا الغوالي وإن شاء الله يكون الجزء القادم يوم الخميس
هالجزء تحديدًا غالي على قلبي وفيه كشف لإحدى الأسرار بالرواية



انتظرونـــي ...

لست أدرى 12-08-14 08:13 PM

رد: قيودٌ بلا أغلال عانقت القدر
 
السلام عليكم كيد العزيزة ..

بداية اسمحيلى اسألك منين اخترتى اسمك ده ؟؟ غريب شويتين !!!

المهم ... ابشرك انى بدأت فى الرواية وصلت للخامس تقريبا ..
كان ممكن استنى لحد ماخلص وبعدين ارد عليكِ بس مش عارفه ليه حاسه انى محتاجه اتكلم وواوصف شعوورى ورأيى فى الشخصيات والمواقف اللى مرت .

ابتدى مثلا بسلطان وحكايته مع عمه ... بداية لم اصدق حقا أن عمه قد يقوم بتلك الفعلة الشنيعة !!! ومازلت غير مصدقة .. كنت متوقعة ان هناك خطأ ما وسلطان فهم الموقف خطأ .. لكن الحديث بين سلمان واحمد يثبت صدق ظنون سلطان .. فهل هذا معقول ؟؟!!! مازلت على أمل أن يكون هناك أمر ما خاطئ أو حلقة مفقودة تجعلنا نرى الامور بشكل خاطئ .

أما ان كان صحيحا .. فنأتى هنا للحديث عن ابنة أحمد " زوجة سلطان " ، اعتقد انه هناك احتمالين : إما أن سلطان سيطلقها من البداية بعد أن عرف حقيقتهم فلن يقبل على نفسه هذا النسب .. بس هنا مشكلة ، هى أنه سلطان على مايبدو لا يريد اثارة الفضائح وأن يعلم أحد بأن هناك خلافا بينه وبين عمه ، وهذا الطلاق ان حدث سيثير الاقاويل ..
اعتقادى الآخر .. ان سلطان لن يطلقها وسيحاول أن يستخدمها فى انتقامه من سلمان وأحمد .. وهنا لن يهمه ان كانت عفيفة أم لا .. لكن طبعا ان اكتشف ذلك ، فستكون نهاية احمد مدوية على يد سلطان !!


نيجى للانسان المستفز اللى اسمه سيف ... اسمحيلى كيد ده شخص معقد نفسيا .. ثقة زائدة بالنفس تصل لحد الغرور .. وحب تملك يصل للسادية .. لكن هذا الانسان الذى تخلى عن كل صفات الانسانية يجب أن يعلم أن زمن العبيد انتهى ولم تعد هناك جوارى ... فليشتر لنفسه جارية ان استطاع ... لكن الزواج ما كان أبدا أداة للعبودية !!! ديما ان لم تقم باعطائه خبطة قوية على رأسه ليفيق من هذا الهوس الجنونى فإنها حينئذ تستحق ما يجرى لها على يديه ، يا الله .. أى انسان سوى عندما يرى حب زوجته له فإنه يفرح بهذا الحب الذى يصل لحد العشق ، من المفترض أن يشكر ربه على هذه النعمة ويحاول أن يبادلها الحب أو على الاقل يعاملها بالاحترام الذى تستحقه ... لكن ان يستخدم حبها وسيلة لاذلالها ويستمتع وهو يرى ضعفها وانحنائها أمامه !!! لدرجة أن يعطى نفسه أحقية أن يسميها باسم لا ترغبه !! .. هذا ليس برجل .. بل ليس بانسان أساسا . صراحة انا من النوع اللى اعتز باسمى جدا فلا اقبل أن يحاول أحدهم تغييره أو التعدى عليه اطلاقا ، ممكن أقل هذا فى حالة أن يكون من انسان محب فيجعلنى احب الاسم الذى اختاره لى .. لكن أن يحاول الغاء اسمى اساسا ودون اعتبار لرفضى من موافقتى !!!
لكم سأشمت فيه عندما أراه يتمرغ فى بحار عشقها ..

يوسف وبناته الثلاث ... بجد الله يصبر هذا الانسان ويجازيه خير الجزاء على صبره على كل هذا الاذى ... سبحان الله فعلت هى فعلتها ويأست من رحمة الله فذاق زوجها وبناتها الأمرين على لسن الناس وأصبحت هى كأنها الضحية الشهيدة !!! سبحان الله لم يسلموا حتى من لسان أقرب الاٌقربين لهم .. فمن يصدق أن أخته بدلا أن تقف بجانبه لتواسيه ، تواجهه بتلك الاتهامات البشعة التى لا أساس لها إلا عقول البشر الفارغة التى ماصدقت وجدت موضوعا لتشغل نفسها به .. حسبى الله ونعم الوكيل .. زى مابيقولوا عندنا " موت وخراب ديار "

جيهان ... لا ألومها على حزنها الشديد لتعلقها بأمها ، ولا ألومها على موقفها من ابيها لأنها لا تعلم شيئا ... لكن هذا ليس مبرر اطلاقا لأن ترفع صوتها عليه وتتجاوز حدودها معه .. هى لم تفهم ما كان يحدث بين أبيها وأمها فى الفترة الاخيرة ولا تعلم لم قام بحبس أمها .. أكيد أن الموضوع اكبر من مجرد خلاف عادى ... فكيف تسمح لنفسها بالحكم عليه هكذا واتهامه بقتل أمها !!! لكن مع ذلك لا الومها لأنها فى حالة نفسية صعبة .
أما موقفها من فواز فلا افهمه اطلاقا وان كنت متضايقة مما تفعله معه ... هذا ليس تصرف انسانة عاقلة ولا محترمة اطلاقا ... هذه ليست اخلاق مسلم اطلاقا ... كيف تسمح لنفسها أن تحادث زوجها هكذا مهما كانت تكرهه ؟ تعتقد انها باظهار كراهيتها له واشمئزازها منه ستجبره على طلاقها !!! إنها هى التى تستحق الاشمئزاز والقرف من أفعالها ! فواز عليه أن يعاقبها ويريها كيف تحترمه وإلا لن يكون رجلا ان قبل الحياة معها هكذا .

روايتك عبارة عن مواقف متشابهة وان كانت مختلفة ... احد الثنائيات الزوجة هى من تتيه عشقا وهياما بزوجها وهو يتمتع باذلالها .. والثنائى الآخر العكس تماما ، فأى حياة هذه !!

ارجوان ... اعتقد أنها حتى الآن هى أحب الشخصيات إلى قلبى هى وإلين .. الفتاة الصابرة المحتسبة ... نعم اعلون لأبيها فى هذه المحنة الصعبة ، فهى الوحيدة التى لم توجه سهامها إليه .. كما كان هو حصن الأمان لها دائما وابدا

إلين ... يا الله ... لم يكن ينقصها إلا هذا ، ان تظن بها أم ياسر سوءا !!! صراحة اعتق أنى لو مكانها ما كنت سأحتمل الحياة فى هذا البيت لحظة واحدة بعد ذلك ... كنت سأهرب من البيت وان اضطررت للحياة فى الشوارع أهون على من مقابلة من آوانى ورعانى وهو يظن بى هذا الظن ... خصوصا أنها صدقت الاشاعات وليس عندها نية ان تسمع الحقيقة .... المشكلة هنا ، من مصدر الاشاعات التى سمعتها ؟؟ من يتكلم عن إلين ؟؟ هل هى رانيا !! لا اعتقد ... اذا كانت رانيا لم تخبر أختها بما تعرفه عن إلين ولم ترد لها الفضيحة فهل ستتكلم أمام أم ياسر ؟؟

كنت محتارة كثيرا ما الذى جعل رانيا تتغير على إلين بهذا الشكل !! اعتقد أن عرفت شيئا عن هذا الذى يتحرش بإلين .. لكن أكيد أنها ايضا فهمت الأمور خطأ ، فهى أكيد تصدق أن إلين لها علاقة بهذا الشخص !!
المشكلة .. من هو هذا الشخص الى يتحرش بها من يوم دخلت البيت ؟؟؟ هل هو من أهل البيت ؟؟ أنت لم تذكرى لنا شبابا آخرين فى البيت غير ياسر .. فمن يكون هذا الذى يدخل ويخرج بكل بساطة ليتحرش بها فوق المئة مرة ؟
ولم عادت إلى دار الايتام فى سن السابعة ؟؟ ماذا حصل وقتها ؟؟
اسئلة وغموض كثير مازال يحيط بإلين بانتظار كشفه !!
الله يصبرها ويهون عليها المصائب اللى نازلة طراخ طراخ على دماغها.

امممممممممم مش فاكره شخصيات تانى دلوقتى

ممكن أسيل وشاهين .. بس بما إن الغموض مازال يلف قصة متعب وأعدائه واعداء شاهين وهذا السند .. فليس لدى تعليق حاليا حتى تتضح الامور قليلا .


مازال عندى تعليقين صغيرين ..

أولا ... واضح انك متعلقه بديما بشكل غير عادى ، مش عارفه ليه ... لأنك كام مرة تغلطى فى أسماء البنات وتكتبى مكانهم ديما .. مرة فى موقف يخص هديل ومرة رانيا !!


التعليق الثانى ... أنت ماشاء الله لغتك جيدة جدا واسلوبك جميل وعجبنىى وصفك وتفاصيلك فىى كل شئ حتى الآن .. بس هناك شئ بسيط

القطعة دى على سبيل المثال " يجلس على مكتبه في العيادة يحاول تقليب بعض المواضيع في رأسه, يفكر في تلك المشكلة التي دامت أشهرًا ولم تنتهي بعد, وأيضًا, يبحث عن غريمه من الجهة المُقابلة, ذاك الذي عانى منه أخيه أشهرًا.
بينما هو, له عدوٌ واحدٌ فقط هو الظاهر أمامه, وقد لا يسميه عدوًا بالمعنى الصحيح, بينما يكاد يبصم بأصابعه جميعها أن لا دور لهذا العدو في ما حصل قبل سنين, صحيحٌ أن له شهاداتٍ كثيرة تدل على عمق دناءته معه هو, لكن الأمر لم يصل إلى المخدرات!
والمجرم الحقيقي كان له عداءٌ مع أخيه, مع متعب! .. لطالما كان متعب مُسالمًا لا يتعدى حدوده مع غيره, فما سبب كل ذاك العداء الذي ظهر من قبل الآخر حتى يعطيه جرعاتٍ أهلكته قبل وفاته!
تنهد ليجتذب خصلات شعره مُعيدًا لها للوراء, لا يعرف سوى اسمه * أدهم * .. بينما المُعادي الظاهر له هذه الأيام يحمل اسمًا آخر ومعاداته له لا تتجاوز مشاكل تافهةً - في نظره -."

الامور غامضة بما فيه الكفاية حتى تأتى أنت لتزيديها غموضا بهذه الكلمات .. أحسست الاسلوب فى هذه القطعة صعب شوية .. المعادى والمعادى الاخر وغريمه وغريم اخوه ... الكلمات دخلت فى بعضها .. أثق أنك قادرة على صياغتها بأسلوب أفضل لا تتكرر فيه الكلمة الواحدة كثيرا فتثير الارتباك والبلبلة فى المخ .

غير هذا فانت جيدة جدا وأحببت ماكتبتيه كثيرا



ملحوظة : قد تستغربى استخدامى للغة الفصحى فى كلامى .. هذا فقط لأضمن انك تفهميننى تماما ، لو تكلمت بالعامية اعتقد ان نصف الكلام على الاقل سيطير منك .

اعذرينى على الاطالة حبيبتى
تقبلى مرورى وانتظرينى عندما أنتهى او عندما يعن لى تعليق ما باذن الله

كَيــدْ 14-08-14 04:35 AM

رد: قيودٌ بلا أغلال عانقت القدر
 





السلام عليكم
اخبارك حبيبتي هنو$$
بااارت جمييل حبيبتي استمتعت وانا باقرا فيه ^^
- وعلكيم السلام ورحمة الله وبركاته
الحمدلله طيبة عساك بخير


عيونك الجميلة يا بعدي


شاااااهين صدمته كبيرة بكذبة سند!
والاثبات اللي اعطاه اياه ولو اننا ما عرفناه بس مش مقنع!
اما مشااعره تجاه اسيل فهي حكاية ثانية
شاااهين ارتاح لاسيل وكذبة سند زعزعته
موقفه معاها جميل جدا ^_*
اسيل تعبااانه نفسيا جدا
ومصارحتها وحكيها مع امها اتعبها بزياادة . بس مش بيقولوا رب ضارة نافعة هههه هي الضاة النافعة
شااهين بس شافها اتأكد من انجذابه الها .. وعللة يتأكد من كذب سند مشان يقدر يتصرف معاها بطريقة ما تعذبه :)
- الكذبة توضحت وانتهينا من متعب وسالفته
والحين يقدر شاهينو ياخذ راحته مع أسيل ^_^



الييييييين !
يدأت تمثل القسوة واللامبالاة ؟!!!!!!
هالشي رااااح يسيء الها اكثر من انه ينفعها
مهما كان ومهما صار دار ابو ياسر بيظلوا اهلها
واذا هي بتتصرف معاهم بهالشكل هي بكذا بتنكر معروفهم
صحيح هالة هانم كررريهة
بس ولو هي بتظل الها الفضل عليها
وابو ياسر وياسر وحتى هديل اللي بتحاول تصحح خطأها ما بيستاهلوا كذا

اما ادهم دا: ما بعررررف عقد الاشمئزاااااااااااااز اللي بحسبه من حكيه وتصرفاااته الا انني مترجية خير منه!
بحس للان في خصال طيبة فيه ومع الفصول رااح تبان اكثر

جيهااان وارجوان: الحمد لله ان جيهان القديمة بدت ترجع شوي شووي , وارجووان الف الحمد لله عالسلاااامه خخخخ

سلطان &غزل:
من الحين اعلن دعمي الكاامل والكلي لغزل بنت احمد حرم سلطان باااشا
عنجججججد\ غزل بتشفق
مسكينة تصرفاتها كلها ناابعه من خووووف دفين
والحمد لله سلطاان ناوي يغيرها بالطيب
هالغزل صحيح بتيبن قووية بس هي منتهيية من جووا
ابوها المريض عقدها حسبي بالله عليه


عناااااد : هلاااااا والله بهالطلة . اشتقتلك ولااااه
هههههههه
السررر الللي اكتشففه عنااااد عالاكيد اثبت ادانه سليمان
وانه ما خبر سلطان بالمستجدات افضل لسلطان نفسه لان سلطااان متهووور وزي ما حكا عناد ممكن يخرب كل التخطيطات


سسسسسسسسسيف: سيف بناااقض نفسه !
ليش ما يحكي انه بيحبها لديما ويريح نفسه
والله انه تصرفاات ديما العفوية وتلبكها اول يوم الها بالشغل بيحبب الواحد فيها غصب 

سيف فقط وده دفعة بسيطة معشاان يكتسف انه بيحب ديما !
ههههه عندي احساااس انه سيف رااح يصير يغاار من الاطفال اللي بتعلمهم ديما بالروضة @@
- ههههههههههههههههههه يغار منهم مرة وحدة
لهدرجة هو غيور !! :$



كدوووو: استمتعت جدا بالبااارت
تسلم ايدااكي حبيبتي $$
بانتظااار باارت بكرا على احر من الجمر
+وردة الزيفرون الف شكرااا عالنقل , لا خلا ولا عدم
- ربي يسلمك يا قلبي







كَيــدْ 14-08-14 04:42 AM

رد: قيودٌ بلا أغلال عانقت القدر
 



الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 8( الأعضاء 6 والزوار 2)
‏...همس القدر...*, ‏ons_ons, ‏لست أدرى, ‏رونق النرجس, ‏ندونة, ‏riyami


مسااااااااااا الخيررر هنو^^
بااااااااااااااااارت صاااادم
هههههه بيغيب فوااز ويغيب ويجي ويصدمنا بالاحداث!\
- صباح السعادة على روحك


جيهااان رد فعلها عنييييييييف ... اما رد فعل ابوها فهو الافضل .لانه لو بقت جيهان عنده في البيت كاان كرهته بزياادة
يمكن بعده عنها افصل اله والها !
اماا فواااااز فامه دعيااله ههههه حبيبته اجت لعنده . بس الله يستر من هيك حبييبة:(

شااااهين....ز قدر يطمر سند عالمزبوووط
بس السؤال هنا هل انتهى دور سسند في الرواية !
ما اعتقد ؟!!
- ممنكن يكون له دور وممكن لا
هالشيء بحسب حقده <>



غزل: اوووووف بديت اخاف انا !
معقووول غزل سيئة جدا وسلطان راح يعجز عنها ! ويرد يطلقها ويتزوج ارجوان!!
لانه صرااحة تصرفااتها مستفزة وبديت اخاف من نهايتهم
- ههههههههههههههههههه وش معنى أرجوان تحديدًا
كلكم عاقدين الأمل عليهم وممكن يتزوجون مافيه شيء مستحيل



الين: الله يعينك
شكل جمعة هالنسووان رااح تكون نهايتها صااادمة
واتوقع كلمة العمة اميرة مش رااح تمر مرور الكرامَ
وبما انه الين نااوية تكرههم فيها فاجت الفرصة لعندها برجيليها
الله يستر من ردها!!!
- بارت اليوم راح يوضح لك ردة فعلها ^^


هنوودة فصل جمييييييييل وصاادم
تسلم ايديك حبيبتي
بانتظااار القادم بشوووووق جااارف
تقبلي مروري
سلاااام
- عيونك الجميلة حبيبتي :$ والحمدلله إنه أعجبك
ربي يسلم يا فديت روحك

وعليكِ سلامٌ من قلبي ()





كَيــدْ 14-08-14 04:43 AM

رد: قيودٌ بلا أغلال عانقت القدر
 



لست أدري


لي عودة برد مفصل على تعليقك
أنا أرد على السريع في ثلاث منتديات عشان تنزيل البارت

ومعليش على القصور :$




كَيــدْ 14-08-14 06:14 AM

رد: قيودٌ بلا أغلال عانقت القدر
 



سلامٌ ورجمةٌ من الله عليكم :)

صباحكم سعادة وفرحٌ لا تشوبه شائبة
مساؤكم طمأنينةٌ بالعبادات

هالجزء نقدر نسميه العاصفة <- الأخت متأثرة شوي بالدراما بس ما عليه
فيه كشف لإحدى الأسرار بالرواية

وَ / البارت إهداء لحبيبة قلبي كاميليا
ولـ جميلتي آهات
و لـ شبه أنثى

,

بسم الله نبدأ

قيودٌ بلا أغلال عانقت القدر

بقلم : كَيــدْ !




(14)




إنها السماءُ تمطر، وسماعات الأذن تخفي صوت زخات المطر، قصيدةٌ تتراقص حروفها في أذنيها، وكيف لهذه القصيدة كل تلك القدرة على هزّ مشاعرها.
والضوء يرحل من عيوني
والنخيل الشامخ المقهور
في فزعٍ يئنُ ولا يميل
مازالت الأشباح تسكر
من دماء النيل
دون أن تغلق الفيديو اتجهت ليومياتها، لتسجل في تاريخ اليوم بأنامل مرتعشةً بشوقها المحموم
" أماه … يا أعذب الألحان، يا أصدق الأكاذيب، يا ألذ وجعٍ يتخبط وإلى الآن على جسدي
إني أسألكِ الرحيلَ، إني أسألكِ القدوم إليك، والسفر إلى جحيمك عوضًا عن البقاء بأنين سعادتي الضائعة أبدًا
أماه " لا تسأليني الآن، عن زمنٍ جميل " والأجمل كان في جحيمك، الأجمل ضاع حين واتتني الجنة يوم موتك! وماذا أبتغي من جنةٍ غادرتِها؟ والعيش في جحيمك أجمل
إني أئن، وشبحك يتخبط أمامي سكرانًا يخاصمني .. كما العادة!
إني أئن دون شموخٍ وكم أحب هذا الأنين، فـهلّا أهديتني رغبتي لأول مرة، وسمحتي لي بالسفر إليكِ "
أغلقت الهاتف لتتنهد، عيناها في الأعلى تتأمل السقف المُزين ببضع رسومات، وسقف منزلهم في الدمام كم شهد العديد من المواقف الجميلة بنظرها، وإن كانت بالنسبة لجسدها - عذابًا -!!
وما أجمل العذاب حين يُصورُ بأنامل قاسيةٍ كأنامل أمها، وما أجمل القسوة حين تتمثل بتلك الأم.
رفعت كفها لتمررها على زندها، تتحسس العلامة المُقدسة في جسدها، ثم ترفع ذراعها إلى شفتيها لتختم الجرح الجميل بقبلةٍ مُحبة.
ومالبثت سوى ثوانٍ ليصدح صوتٌ منادي لها : جنـــــان
ترجلت عن السرير بابتسامةٍ باهته، لتخرج ثم تتخطى عتبات الدرج لترى أخاها فارس واقفًا أسفله، وبمرح : وانتو ما تخلوا أحد يرتاح؟ كل شوي جنان جنان
فارس بابتسامة : شكلك نسيتي موعد النادي
شهقت بقوةٍ وهي تعود أدراجها لغرفتها بعد أن صرخت : انتظرني شوي وأتجهز
ضحك يهزّ رأسه بالنفي أن لا فائدة من ذاكرتها المتعبة هذه، ثم ذهب ليتجه لوالده الجالس والقابع في يده مصحفٌ يقرأ به.



,



تصارعت الأنفاس لتخرج من صدرها، ولسانها لُجم عن الحديث، وماذا تقول وقد حُجرت بين تلك الكلمات؟ كيف تبرر والتهاني المغتصَبة بدأت بالتوافد بعد الصمت المريب الذي لم يطل، بعد النظرات المتسائلة والمستغربة التي تراجمتها الأعين.
وكيف لا يستغربون؟ كيف لا يستغربون وهي الإبنة التي لا يُعرف ما هويتها الحقيقية! كيف لا يستغربون وهم الذين لا يعرفون أن لها عائلةً تخلوا عنها لما لا تعلم! كيف لا يستغربون وهم يظنون أنها يتيمةٌ قذفها رحمٌ إلى الميتم مباشرة! كيف لا يستغربون؟ كيف لا يستنكرون هذه الخطبة الغير عادلة؟ كيف لا يستنكرون هذه المسألة الغير موزونة؟؟؟
ارتعشت شفتيها وهي تلمح نظرات رانيا الغاضبة، والتي كانت تحرك رأسها نفيًا، لا تصدق ما تسمع، أوليست هي التي أسمعتها إلين رفضها حرفيًا! أوليست هي التي ظنت أن هذه الخطبة لن تتم؟
كيف كذبت؟ بل لمَ كذبت؟ تريدها أن تبتعد لتختلي الساحة لها! تريد منها تصديق رفضها لتُصدم أخيرًا بالواقع!!!
شدت على قبضتيها، وكم كرهتها في هذه اللحظة، كرهت مكرها وكذبها للحصول على ياسر، كرهت عفتها المُخادعة طمعًا بابن خالها. لن تسمح لها بالتمادي، تقسم أن هذا الزواج لن يتم وهي التي ستوقفه.
ارتبكت أماني وهي تنتبه لنظرات رانيا التي قد تنفجر في خلال ثواني، لتُمسك بكفها مُتوسلة : لا تسوين شيء .. لا تفضحينا قدام الكل
أومأت رانيا بصمت، ونظراتها لازالت تتربص بتلك الجالسة بجانب هديل والمُطرقة رأسها، بالتأكيد لا وجه لها لتقابلها به ... كاذبة، مخادعة، وهي التي ستعلمها درسًا لخداعها لها.
بينما إلين لم تقم بأي تصرف، هاهي هُزمت أخيرًا، ويبدو أن لا خيار لها، وهي التي تدرك أن بها الضعف الكافي لتستسلم في النهاية، هي التي تُدرك أن بها الحب الكافي لتخضع أخيرًا.
وهديل المُبتسمة بجانبها، تمسكت بكف إلين المُستقرة في حجرها، وبهمس : ليه ساكته؟ الناس تبارك
ارتعشت شفتيها بعبرة : ليه؟ أنا ما قلت موافقة … ليه تقولوني كلام ما قلته ليه؟؟
هديل بابتسامةٍ مُرتعشة : نبي سعادتك
أغمضت عينيها بقوة، وكفها اشتدت على كف هديل، لتهمس بحسرة : ماهي معه
ثم دون كلمةٍ أخرى وقفت تحت نظرات الموجودين والذين استغربوا صمتها، لتنسحب بهدوءٍ من المكان، دون أن تقول كلمةً أو تستدير للوراء، وكأنما ضاعت قوتها الواهية تلك في هذا المكان، ضاعت ويبدو أنها على مشارف الإستسلام والقبول بما تم عرضه عليها، القبول بظلم ياسر معها، القبول بـ - زواجهما -
ابتسمت أميرة بنصر، لتهتف بثقةٍ توجه نظراتها للموجودات : راعوها .. خجلانه شوي
إحداهن كانت تنظر لأميرة بتردد، لكنها في النهاية تشجعت لتنطق : بس وشلون يا أميرة؟ … * وجهت نظراتها لهالة المُستقرة في مكانها دون حركة، وصدمةٌ شلت جميع حواسها لتنتشل مما هي فيه بكلماتِ تلك الجالسة بينهم * وشلون يا هالة؟ وشلون رضيتيها على ولدك؟
قطبت ام فواز جبينها بانزعاج : وش هالكلام يا منيرة؟
منيرة بانزعاج : هذا الكلام هو الصح … حرام عليكم تضيعون مستقبل الولد معها
أقرَّ الكثير من الجالسات على كلام منيرة، إلى أن قاطعتهم أميرة بثقة : تربية أخوي وما عليها كلام
منيرة : تربية أخوك ما قلنا شيء ... بس لاتنسوا مين هي … وبعدين هي وياسر كانوا عايشين مع بعض من الطفولة يعني هم مثل الأخوان
أميرة بهدوء : بس في الحقيقة ماهم أخوان ليه نقنع عقولنا بشيء ماهو حقيقة! ياسر وإلين ما بينهم علاقة دم، كل اللي بينهم مجرد تربية ما بتثبت أخوتهم
لترمي بنظراتٍ هادئة لهالة تحمل الكثير، تحمل الكثير مما يُقلق أم ياسر، تحمل الكثير المُربك لشخصٍ كأم ياسر وتُخبئ الكثير والكثير. وتلك أخفضت نظراتها بارتباك، لمَ تنظر إليها بهذه الطريقة المُقلقة؟؟؟



,



تجلس أمام التلفاز المُغلق بذهنٍ شارد، وكوب ماءٍ كان في إحدى كفيها بينما أنامل كفها الأخرى تتحرك على طرفه بشكلٍ دائري.
عيناها تتوجهان للفراغ، ولا شيء سوى الفراغ القابع في قلبها قبل كل شيء، وإلى متى ستبقى يا قلبها في الفراغ؟ إلى متى ستبقى تسكن مرتعشًا هناك؟ إلى متى والخوف الدائم يسكنك؟
ارتعشت فجأةً فور سماعها لصوت الهاتف، لتغمض عينيها بقوةٍ تجتذب الأكسجين ثم أخذته وقد كان بجانبها لتنظر لهوية المتصل، وبعد تنهيدةٍ طالت ردت لتنطق بهدوء وكوب الماء وضعته على الطاولة أمامها : نعم
اخترق مسامعها الصوت الرجولي : يا هلا بحبيبة قلبي … كيفك عساك بخير؟
تنهدت بمللٍ لتجيب، ويطول الوقت وهي تحدثه لما يقارب الربع ساعة، إلى أن أغلقت وفور إغلاقها كان صوت الباب قد أعلن عودة سلطان، لتتيبس للحظاتٍ ومن ثم تبتلع ريقها، هاهو قد جاء، وهي يجب عليها أن تكون أقل ضعفًا معه، ليس المهم أن تكون شديدةً بالقدر الذي يجب أن تكون فيه أقل ضعفًا.
دخل يلقي السلام بهدوء، وترد هي بخفوتٍ كاد ألا يسمعه، يا الله! كيف له كسر الحواجز بينهما، إن حاول التقدم تبتعد هي بفعلٍ أهوجَ منها، إن حاول التفاهم معها يجد منها الرعب والخوف، لكنه كان قد أقسم لنفسه أن يغيرها، وسيفعل ذلك، سيقوم بذلك تحت أي ظرف.
جلس بجانبها بهدوء، ليتنهد وهو يخلع شماغه ويفتح أزرة ثوبه العلوية، وهي عادت لتأمل الكوب على الطاولة دون أن تلمسه، لن تنهض وتبتعد، يكفي ما أظهرته من ضعفٍ أمامه، وكم تدرك أنه لربما في لحظةٍ واحدة سيهتز هذا الإصرار.
تراجع بجسده للخلف ليريح ظهره ويغمض عينيه، وهي ما إن شعرت به يسترخي دون حركةٍ حتى حركت بؤبؤ عينيها لتنظر إليه، وقد كان مُغلِقًا لعينيه باسترخاء. وقد طال الوقت حتى أقرت بأنه نام.
والآن … ستكون هذه هي المرة الأولى التي تتفقد فيها وجهه جيدًا، ولربما الوصف الملخص لملامحه هو كلمة - جذاب -
بالرغم من كون هذه الكلمة لا تعطيه كامل حقه، وبالرغم من كونها شاهدت آلآف الملامح إلا أن في ملامحه شيئًا مُختلفًا، رأت الكثير وقد كان هناك الأكثر وسامة، لكن ما الذي يوجد في ملامحه حتى تراه بهذه الجاذبية؟؟؟
ابتداءً من شعره الكثيف، ثم بشرته السمراء كصحراءٍ في هيبتها، تحوي العينين الواسعتين، المستقر أعلاهما حاجبين كثيفين، معقودين يرويان ضيق صاحبهما، ثم الأنف الذي اختلف بما أصل تشكيله، أهو يأخذ الطابع الإغريقي العتيق؟ أم روماني معكوف!
زمت شفتيها وهي تبعد عينيها عن مرمى وجهه، لكن لمَ التردد؟ أتخاف أن يراها في غمرة تأملها له؟ لا بأس فهي لا تقصد شيئًا سوى النظر لوجهٍ جميل!
عادت لتُكمل جولةَ تأملها له، له عارضين شبه كثيفين أهداه جاذبيةً ورجولة، فمٌ واسعٌ بعض الشيء وكم أعطاها هذا الفم طابع الصمت، إنه في الغالب هادئ، حتى في غضبه تشعر بموجات هدوئه تتغلغلها، صوته إن صرخ هادئ! غضبه إن تعالى هادئ! كل مافيه يرسم الهدوء.
قاطعها بصوته الهادئ، يثبت نظريتها المتعلقة به، وعينيه مغمضتين كما حالهما : ليه ما كملتي دراستك للجامعة؟
جفلت للحظاتٍ والسبب سماعها لصوته الذي كان يقصدها هي تحديدًا، وبقيت صامتةً لثوانٍ لا تعلم ماذا تقول، بل الكلمات التي لم تعد تعلم ما طريقها لشفتيها.
بينما هو كان صامتًا، ينتظر الوقت الذي سترد فيه عليه، ولم يكن يفكر بإعادة السؤال لها إطلاقًا، يريد أن يكسر الحواجز التي بينهما دون شدةٍ أو إجبار.
نظرت لوجهه بحيرة، لمَ يسألها الآن؟ ألا يعلم؟ أليس هو الذي عقد قرآنه عليها من قبل وبالتأكيد كان يعلم كل شيءٍ عنها، لكن لمَ يسأل الآن!
صوتٌ ما داخلها أمرها بالإجابة، ربما يريد أن يتلاعب وسترى إلى أين سيصل : ماني من حقين الدراسة
ابتسم ما إن وصله صوتها البارد، يعلم أنها تكره الدراسة وتوقفت بعد الثانوية، يدرك كل شيءٍ وهو الذي كان قد سأل والدها بعد عقد قرآنهما مباشرة عن كل ما يتعلق بها.
فتح عينيه ليوجههما إليها، وبابتسامة : لهدرجة كسوله؟؟
رفعت كفها تحركها دون مبالاةٍ لتتلألأ خواتمها وساعتها الذهبية، وببرود : مو مسألة كسل … تقدر تقول مليت
سلطان بهدوء : والملل مو من توابع الكسل؟؟
رفعت كتفها : من وجهة نظرك انت بس أنا لا
تمركزت نظراتها على حدقتيه السوداوتين بكل ثقة : ليه تسأل طيب؟
سلطان بهدوء : حرام أعرف شيء عن زوجتي؟؟
غزل بعينين ضيقتين : يعني تبي تقنعني الحين انك ما تعرف هالأشياء البسيطة عني؟؟
ضحك بخفوتٍ قبل أن ينطق : من وين جايبة هالثقة؟
أغمضت عيناها لثانيتين قبل أن تجيب، أيّ ثقةٍ بالله عليك؟ هي أمامك فقط، بينما في الحقيقة مكسورةٌ تلاشت شظاياها ولم يعد لها أي وجود.
نطقت ببرود : الحياة كسبتني اياها
صمت قليلًا، يحلل الكلمات المُنكسرة من بين شفتيها، واجه في حياته ما يكفي ليُدرك إن كان من أمامه مكسورًا أم يتصنع، واجه في حياته ما يكفي ليدرك ما مشاعر من أمامه، واجه ما يكفي ليدرك الحياة برمتها، واجه الكثير والكثير ليدرك أن زوجته قد واجهت ما يفوق طاقتها كأنثى.
ما الذي يحويه قلبك؟ ما الذي يسكن عيناكِ؟ إني أرى انكسارًا مؤلمًا، إني أرى عجوزًا كهلًا غير الفاتنة التي أمامي، ما هويتك لتكوني بهذه الزائفية؟ بل ما مصدر هذه الزائفية؟ لمَ أراكِ الآن غزالًا جريحًا؟ لمَ أرى عينيكِ فؤادًا مطعونًا؟ أيكون ما كسركِ أكبر من المطرقة التي حطمتني لأشلاء؟ وماذا بعد الأشلاء؟ لمَ أرى أنك تجاوزتي هذا المصطلح بأميال؟
بلل شفتيه بلسانه، وكلماته تزحزت عن مخارج الأحرف، بدا كالأبكم لا يستطيع قول شيء، بدا وكأن الأبجديات تلاشت ليظهر بهذا الضعف اللغوي.
تنهدت تلك بوجع، وهذا الحديث يأخذ ذاكرتها لمنحًا آخر، للعصور الوسطى التي تشكلت في القرن الواحد والعشرين، في أوروبا المُظلمة التي تمثلت في حياتها هنا بين من المفترض أن يكونوا أهلها.
اقتربت أنامله ببطءٍ ليضعها أسفل ذقنها يرفع وجهها قليلًا، وتلك شهقت وارتعشت لثانيةٍ تنظر إليه بعينين مُتسعتين : سلطـــ..
قاطعها بهدوء : ليه الخوف مني؟
ابتلعت ريقها بضعف، ماذا تقول له؟ أتقول له بأنها ليست كما يريد كل رجلٍ وتخشى أن يكتشف هو ذلك؟ أتقول أنها ليست بعذراء حتى يقتلها في مكانها؟
سلطان بهدوء : قلت لك مو بمقدورنا نعيش مع بعض لو ظليتي بهالخوف
غزل برعبٍ وكلماته شلّت تفكيرها للحظات : نعيش؟ ليه انت ناوي تتركني على ذمتك؟
تنهد بضيق، كان من المفترض منذ البداية أن ينفر هو منها ليجد أن أغرب الأسباب اجتمعت ليحدث عكس ذلك، كان من المفترض أن يكرهها ويبغضها لكنه وجد نفسه يُشفق عليها حتى يقترب منها ويغيرها للأفضل، كان من المفترض أن ينفر هو، فكيف يجد نفسه الآن قريبًا منها وهي التي تنفر منه؟
سلطان ببرودٍ اكتساه بعد سؤالها ذاك : لا .. أنا عند كلمتي … بس كنت أقصد بمحور كلامي هالسنة اللي بنقضيها سوى
بللت شفتيها بارتباك، لترفع كفها المرتعشة تبعد يده عن ذقنها، وببرودٍ يغلفه بعض الإرتباك : وانا أفضّل حالنا يظل مثل ماهو
تخشاه، تخشى أن ترضى بالعيش معه على غير هذه الصورة، تخشى ذلك وبشدةٍ فتتطور علاقتهما بما هو أخطر لها، تفضّل العيش بعيدةً عنه، تفضّل العيش على حدةٍ منه، على بغضٍ وكرهٍ منه، على جميع الصفات السلبية حتى الضرب، لكن كل ذلك أفضل لها، أفضل بكثيرٍ من أن تتطور علاقتهما … وهي التي تنوي طلب الطلاق بعد القليل من الأشهر، لم تكن تريد أن يمتد هذا الزواج لسنة، وقد كان هذا الإقتراح من سلمان فماذا عساها تقول؟
تنهد قبل أن يهمس بهدوء : وأنا مستحيل أرضى أعيش بهالحال … ما تعودت أعيش مع شخص بهالطريقة
نظرت إلى وجهه ببرود، لتنطق بأغبى ماقد تنطق به له هو، لكنها لا تعلم كيف نطقت بما نطقت به، كيف قالت ما قالت له : ليه هو انت كنت عايش مع أحد؟؟
نظر إليها وبرودٌ غريبٌ اكتساه، وهي التي كما أقر تُبعده كلما اقترب، أتقول الآن أنه عاش وحيدًا؟ أتقولها له بكل برودةٍ دون أن تشعر بالنار التي تأججت داخله لهذه الكلمات الباردة؟ الصقيعية على قلبه والنافثة للحمم في كل أوردته!
همس بفحيحٍ أقرب للأفعى، بحقدٍ تجلى على صوته : كنت عايش مع عمي قبل لا أعرفه … وعمي كان عنده صديق اسمه أحمد … تعرفينه!
نظرت إليه وارتباكٌ غلفها من نبرة صوته، ليردف وهو يمسك كفها يشد عليه بقوة : كنت … تدرين وش يعني كنت؟ هذا فعل ماضي وانتهى، والتاء تمثلني أنا، تمثل قهري وحسرتي على اللي مضى
كنت ! وودي أقولها لك مليون مرة … كنت عايش مع هالعم وأجلس أوقات مع هالصديق وياه، كنت أثق فيهم بالقدر اللي يكفيهم عشان يخدعوني، كنت معاهم وهم مجرمين، قتلوا أبوي بكل دم بارد وأبصم بالعشرة إنك تدركين بهالماضي …. شفتي ماضي بهالقسوة؟
شفتي وش تسوي - كنت -؟؟؟ شفتي شلون هي حارة على لساني؟
بس مع كذا بقعد أكررها لعلّ وعسى تذوّب كل اللي القهر اللي جواتي
حاولت سحب يدها بخشية، لكنه اجتذبها بقوةٍ ليلصقها بصدره عند قلبه : تحسين فيه؟ هذا الله يسلمك ينبض بالقهر كل ما تذكرت اللي كان واللي مضى … ينبض بالحقد حتى إني بديت أشك إنه مات من أي مشاعر ثانية غير الحقد، بس اكتشفت إنه لسّاته عايش من بعد ما جيتي انتِ …. الشفقة اللي فيه أثبتت لي إنه ما مات …. ويا ليته مات
ازدردت ريقها مرارًا ومرارًا، ووجهها بهت بخوف، اكتشف أن قلبه حيٌّ من بعد أن جاءت هي! .... شفقـــــة!!!
أيقصد أنه يشفق عليها هي؟ ولمَ قد يُشفق؟ ما الذي يعرفه عنها حتى يشفق عليها؟!!
حرر كفها من وطأة يده، ثم وقف دون كلمةٍ ونظراته الباردة لازالت مُسلطةً عليها . . . وبهدوءٍ يناقض انفعالاته : راجعي نفسك في اللي قلته … مسألة إني كنت عايش مع أحد علمتني وشلون أحس بسبب البرود من طرفك …. وأكبر ضيقتي بتكون شعوري بحياتي مع أحد بهالبرود …. فلا تحسسيني بالضيق عشان لا تندمين
رمى بكلماته تلك ورحل لغرفة النوم ليغلق الباب من بعده، رمى كلماته وكأنما رمى سنارة صيد ليصطاد سكونها والقليل من عدم خوفها ليُبقي كامل الخوف والرهبة.
( لا تحسسيني بالضيق عشان لا تندمين ) … أيهددها أم ماذا؟ إنه يبعث الرعب إليها في كل مواجهةٍ لها معه، يجعلها تحذره أشد وأشد، ترى في عينيه الحنان وهل تستطيع التصديق؟ تلمح في صوته الطمأنينة وهل تقوى على التصديق؟ تسمع في ذبذبات أنفاسه مقطوعةً تقول أن لا وحش يكمن فيه وهل يمكنها التصديق؟
تدرك الرجال كما لم يدركهم أحدٌ من قبلها، تدرك قسوة قلوبهم كما لم يدركه سواها، تدرك الكثير فكيف تقمع إدراكها وتصدقه هو؟
هو لا يختلف، لا يختلف عن غيره، وحنانه ليس سوى مكرُ ثعلبٍ يريد من خلفه أمرًا ما، وقد أثبت أنه كاذبٌ بتهديده الآن.




,



انحنى يتفقد وجهها الباكي، دموعها جفت على وجنتيها، دموعها التي تحطم روحه لأشلاء. الساعة قاربت الحادية عشرة ليلًا بتوقيت بروكسيل، وتلك لم تنم سوى منذ بضع دقائق قد تكون نصف ساعةٍ أو ساعةً إلا ربعًا.
تنهد بضيقٍ وهو يقبل وجنتها برقة، ثم صلب طوله ليخرج من الغرفة بعد أن أغلق النور ومن ثم الباب بكل هدوء، لا يريد أن يوقضها وهو الذي شعر بالراحة وقت نامت، لا يريد إزعاجها لتستيقظ وتعود لنوبة بكائها الذي لا يقواه.
مضت دقائق ربما كانت طويلةً وهو جالسٌ وظهره يستند على ظهر الأريكة، مُغمض العينين وعقله يسبح عند تلك النائمة، يسبح عند تلك التي بقيت تبكي لساعات، يجهل ما الطريقة المناسبة ليتصرف معها بعد يومهم هذا، كيف ستكون حياتهم بعد كل ما حدث؟ لم يكن يتوقع يومًا أن تكون في بيته تحت هذه الظروف، وما أسوأ أن يشعر بالعجز وكل السبب لا يكمن سوى في هذا الظرف الذي أجبرها على أن تكون معه، ما أسوأ أن يشعر بالحيرة في طريقة الحياة معها الأيام القادمة والسبب ليس إلا لمجيئها إليه بهذه الطريقة.
مسح على جبينه وهو يقرر أنه سيذهب إلى عمه لكن ليس لآن، يجب عليه أن يجعله يعيد ابنته إليه، وليس ظنه أن جيهان قد تتكيف معه تحت هذه الظروف، فالأفضل أن يعيدها إلى والدها ويأخذها فيما بعد بطريقةٍ تقليدية.
بالرغم من كونه كان متلهفًا للوقت الذي تكون فيه في بيته، إلا أن هذه الطرقة لم ترق له، وكيف تروق له وهي قد جرحتها إلى أعماقها!



,



تقف عند الباب تتحدث بغنجٍ مرح، وتلك الأخت حاول جعلها تجيء عندهم اليوم على الأقل، تنام معها وهي التي اشتاقتها كثيرًا.
أسيل بتوسل : تكفين ديما والله سيف ما بيقول لا ، اتركي عنك الخياسة
ديما بابتسامةٍ وتغنج : معليش ماي سستر بس أنا ما أتحمل أفارق زوجي وحبيبي
أسيل بقهر : يوم واحد ما يفــرق
ديما بإصرار : بس بالنسبة لي يفرق
يجب أن تكون بقربه طوال هذه الأيام، يجب ألا تكون بعيدةً عنه، وليس من صالحها أن تبتعد وتنام في منزل أمها وهي التي تريد أن تحمل جنينًا في رحمها بأسرع وقت. لكن ما الذي قد يقنع هذه الأخت التي تحتاجها كثيرًا هذه الأيام؟
أسيل بتوسل : الله يخليك ديما روحي معنا … بلييز بس هاليوم
زمت شفتيها بتوتر، ماذا عساها تفعل الآن؟ لن تذهب معها وهذا ما يجب عليها أن تقرر به.
أسيل بإصرار : والله محتاجتك اليوم فوق ما تتصورين … ودي أفضفض لك بأشياء كثيرة
شعرت بالضعف من نبرتها قبل كلماتها، أختها تحتاج لها وهي التي تفكر بأنانيةٍ في نفسها، لكن ليس بيدها أن تكون أنانية، ليس بيدها وهي التي تكاد تتمزق لتحمل طفلًا بين يديها.
أسيل : ديوووووم
جاءت أم سيف من خلفهما وهي التي كانت قد سمعت بعض الحديث، لتهتف بشيءٍ من الحنان : ديما ... تأخرنا على سيف
أسيل : تكفين خالتي خليها تجلس اليوم بس
ام سيف : معليش يا بنتي بس أحس إني تعبانة ومحد يهتم فيني غير ديما
شعرت أسيل بالحرج لتلفظ باهتمام : سلامتك خالتي وش تحسين فيه؟
ديما التي صدقت كلام أم سيف نظرت إليها بخشيةٍ لتهتف : تعبانة؟؟
اقتربت أكثر منها لتمسك بكفها : بتصل على سيف عشان يقرب السيارة أكثر
شعرت أسيل بالضيق لكون أختها لن تذهب معها، لكنها ليست بأنانيةٍ حتى تتمناها لها وام سيف تحتاجها أكثر منها.
نظرت إليها ديما بأسفٍ بعد أن أغلقت الهاتف : أكلمك أوكي ... وأوعدك بكرة أكون عندك من بدري
ابتسمت بفتور : وانتِ بتفضين مع سيفك هذا … صرتي الغمد له وما تفارقيه … وبعدين نترك سيف على جنب، تراني متلهفة للسولف عن الروضة أبي أعرف وش صار معك بالتفصيل في اول يوم
ديما بمحبَة : السهر اليوم على الجوال معك
أسيل : لا لا .. عشان تتأخرين بكرة على الدوام وتلوميني … تعالي بكرة ويصير خير
ابتسمت لها ديما مودعةً ثم ودعت امها من بعد ذلك لتخرج وهي تتمسك بكف ام سيف التي هتفت : ورطتيني يا أمك … الحين وش بقول لسيف وانتِ حكيتي له؟
لم تفهمها ديما لتنطق : وش حكيت له؟
تنهدت ام سيف وقد أصبحتا على بعد بضعة خطواتٍ من السيارة : كانت كذبة، عشان ما تضطرين تنامين اليوم عند أمك
لم تستوعب للحظات، وحين استوعبت بدا عليها الحرج، وفي ذاتها كانت تشتم نفسها لتسرعها وإخبار سيف : والله مادريت إنّ هذا قصدك ، الحين شلون نصرف سيف؟

بينما كان هو يجلس في السيارة قلقًا على أمه، كانت بخيرٍ فما الذي أصابها الآن؟
رآهما تصعدان، أمه في المقعد الأمامي وزوجته في الخلف، وحين صعدت أمه نطق بسرعةٍ وقلق : وش فيك يمه سلامتك؟
ام سيف بهدوء : لا تخاف مافيني الا العافية يا روح أمك
سيف بحاجبين معقودين : لا تخبين عني … ديما قالت لي وانتهى الأمر
اجتذبت ام سيف القليل من الهواء قبل أن تنطق وتلك تنظر إليهما بارتبك : المسألة وما فيها اني طحت ورجلي عورتني شوي … وزوجتك ما قصرت وكبرت السالفة
ازداد قلقه وهو يحرك السيارة : كبّرت السالفة! شلون ما تكبرها يمه؟ انتِ صرتي كبيره يعني ما صرتي تتحملين كثير
امه بمرح : كبيرة؟ كبيرة يا اللي ما تستحي؟ كذا تقول لأمك
سيف بجزع : يمه واللي يعافيك مو وقت المزاح … أنا الحين باخذك للمستشفى
اندفعت ما إن سمعته يقول ذلك : والله ما تاخذني لا للمستشفى ولا لغيره ، خذني للبيت على طول
سيف : استغفر الله …. يمه وشوله العناد؟
ام سيف بحدة : أنا حلفت … ما أعتقد بتفجر يميني
غير وجهته عن المستشفى للمنزل وقد بدا غاضبًا، وتلك تنهدت براحةٍ وبصوتٍ وصله جيدًا ليرفع عينيه للمرآة ينظر إليها، ودون مٌقدماتٍ هاهو يفرغ انفعالاته بها، وكأنما وجدت فقط لتريحه من كل الضغوط : وانتِ مرتاحة حضرتك؟ أصله كل المصايب ما تجي غير منكم يا الحريم …. شلون ما انتبهتي لها هاه؟
جفلت من صراخه بها، وعيناها اتسعتا تنظر إليه، وتلك الأم غضبت منه لتنطق بحنق : وش هالكلام سيف؟ وش لها ديما في الموضوع؟
سيف بقهر : لها الكثير … هي لو فيها خير كانت انتبهت …. * بصراخٍ غير مُبررٍ أردف * وبعدين غطي عيونك عاجبك شكلها كذا مزينتها للعالم والناس!!
لسانها لُجم، حتى مسألة عدم تغطية عينيها هاجمها به، وهي ما ذنبها لو أن امه سقطت بالفعل؟ ما ذنبها إن كانت في السيارة وتستطيع الكشف عن عينيها؟؟
ابتلعت غصتها لتنطق بارتعاش : احنا في السيارة مافيها شيء … لا تقعد تتهمني تهمة باطلة
سيف بصراخٍ غير مبالٍ لوجود أمه : وتراددين بعد؟؟؟
صرخت أمه وقد طفح بها الكيل، أوصل به عدم احترام زوجته حتى أمامها هي!!
ام سيف : سيـــــف … كلمة ثانية بس وتشوف مني شيء ما يرضيك
صمت وملامحه مشدودةٌ ينظر للطريق بقهر، يتوعدها في المنزل بعينيه التي فهمت وعيدها جيدًا عبر المرآة، يتوعدها بعقابٍ لجريمةٍ لم ترتكبها، وماذا فعلت؟ لم تفعل شيئًا لينفجر بها الآن، لم تقم بخطأ حتى يتوعدها لأجله … تمنت لو أنها ذهبت مع أختها، تمنت لو لم تبقى لتكون بقربه، رغبت في الصراخ في وجهه من شدة قهرها، إنه لا يحترمها حتى أمام أمه، لا يضع لها قدرًا أمام أي أحد.
كانت تعض شفتها المرتعشة، تدلك كفيها ببعضهما حتى ابيضت مفاصلها، والهدوء عمّ في السيارة إلى أن وصلوا، وذاك نزل بهدوءٍ ليتجه لأمه، يفتح الباب حتى يساعدها للنزول لكنها لطمت كفه بكفها لتنزل دون أن تكلمه وتدخل، وهو وقف للحظاتٍ يزم شفتيه بقهر، الآن انقلب كل شيءٍ عليه وهو الذي لم يصرخ في وجه زوجته إلا من خوفه عليها.
وجه نظراته لديما التي ترجلت عن السيارة بصمتٍ لتتجه للداخل، وقبل أن تدخل هتفت ببرود : اليوم بنام مع خالتي عشان انتبه لها
فور سماعه لما قالت نظر إليها بشرر، ليلحقها ويمسك بعضدها ما إن وصلت للباب ويلفها إليه، هامسًا بفحيح : بغير غرفتك ما تنامين … ويلا انقلعي اسبقيني لفوق
سحبت يدها بقوةٍ وعيناها تبللتا بالدمع، وبقهرٍ اتجهت للأعلى دون كلمةٍ وهي تشعر بالنيران تتأجج في صدرها، ألا يشعر؟ أليس له قلبٌ ليشعر بها وبانكسارها الدائم منه؟
وهو صعد من خلفها ليتجه لغرفة أمه ويطرق الباب مرتين قبل أن يدخل بعد تجاهلها له : زعلانة مني يا الغالية؟
لم تجبه وهي تعلق عباءتها، وذاك تنهد ليقترب منها مُقبلًا رأسها باحترام : السموحة كان قللت من احترامك برفع صوتي في وجودك
نظرت إليه دون رضا، وبعتاب : انت ما قللت من احترامي … انت قللت من احترام مرتك بتصرفك الهمجي
عض شفته بغيظ : يمه واللي يعافيك لا تتدخلين بيني وبينها
ام سيف بقهرٍ وغضب : لا بتدخل .. دامك تحمّلها مسؤولية شيء ما سوته بتدخل …. ليه تتهمها إنها السبب في طيحتي؟ والا تصرف بثينه في الماضي تتوقع يطلع من ديما!!
شتت نظراته وهو يزفر دون شهيق، لمَ تذكر اسمها الآن؟ لمَ تذَكره بها وهو الذي لا يريد؟ وكيف لا يريد وهو وإلى الآن يُعلق علاقته مع ديما بعلاقته السابقة بها؟ كيف لا يريد التذكر وشبح حياته معها لازال يتراءى وإلى الآن أمامه؟
ام سيف بعتاب : عاملها بالحسنى الله يرضى عليك … ديما مختلفة عن مرتك الأولى … مختلفة كثير وشكلك مو ناوي تنتبه لوقت ما تفقدها
تمركزت نظراته على وجه أمه باضطراب، أيعقل أن يفقدها يومًا؟ أيعقل ألا يلمح طيفها بقربه؟ أيعقل ألا يستشعر اسمها الوهمي يتمرر من بين شفتيه بلذةٍ لطالما تعتريه حينما يناديها بـ " مــي "
ام سيف التي تدرك تعلق سيف بديما، تدرك حبه لها وإن لم يُحب إظهار ذلك : انتبه يا ولدي … ديما جوهرة نادرة بس هشة … انتبه لا تكسرها وتندم طول عمرك
أومأ ببطءٍ ثم تنهد ليهتف : تطمني يا الغالية ، أستأذنك
خرج من بعد كلماته السريعة تلك مُتجهًا لجناحه، وشيءٌ من الفتور أصاب جسده، ليست هي من قد تبتعد عنه أخيرًا، ليست هي من قد يخسرها في النهاية، هي له وستبقى طوال عمرها له، هي له ولن تكون يومًا لنفسها.
دخل لغرفتهما ليجدها تُخرج ملابس نومها من الخزانة، ولم يستطع السيطرة على نفسه ليتجه إليها يُمسكها من عضدها يلفها إليه بحدة
شهقت بذعرٍ تنظر لملامحه المتشنجة وعيناه تتفقد وجهها بقسوة، ابتلعت ريقها ببطء، وهي تشعر أنها تبتلع الأمان بأكمله، لم تفهم نظراته، كانت خليطًا من الكثير الذي لا تفهمه، والوحيد الذي فهمته هو الغضب.
ديما بارتعاشٍ همست : تعورني
شدّ على عضدها أكثر لتتأوه مُتألمة، ثم انحنى قليلًا بخفة حتى يُقبل المنطقة التي كان يشد عليها بعد أن أزاح أنامله قليلًا، بقبلةٍ حنونةٍ رقيقة جعلت جسدها كله يرتعش . . . إنه يجرح ويداوي، يقتل ويصلي على قتيله، يصفع ويمسح على وجنة من صفعه ليمحي كل أثر … وهو المُبهم الذي لطاما شعرت بتناقضٍ جما به، إنه الملاك المُتنكر على هيئة شيطان، هو ملاكٌ في أصله يشوه صورته بالعديد من التناقضات والقسوة.
أيّ تناقضٍ في روحك؟ أيّ تناقضٍ في شفتيك التي تطلق خناجِرَ تارةً، وتقبل بحنانٍ تارةً أخرى! أي تناقضٍ في لسانك الذي يلعق الأمان مرارًا ثم يلعق الخوف مرارًا ومرارًا ليبقي اللاشيء؟
أيّ بشرٍ أنت؟ أيّ روحٍ أنت؟ … أنت بشرٌ تلاشت بشريته ليبقى الملاك الشيطاني، أنت روحٌ ماتت ثم أُحيت روحًا أخرى لا تصنيف لها، أنت العديد وكم أتمنى موت العديد ليبقى الملاك وحسب، ليبقى المُقبل لجراحِ غيره لا جراحه هو، أنتَ المبهم الكاذب، المُتصنع الغاضب جلّ وقته، الحنون القاسي حتى على نفسه.
لمَ أرى في عينكَ معصيةً لشريعتك قبل كل شيء؟ لمَ أرى نورًا قمعه الظلام ولم يبقى سوى بصيصٍ ميئوسٍ منه؟ ... لمَ أراك ولا أراك؟! لم أراكَ ولا أراك؟
أجبني بالله عليك : لمَ أراكَ ولا أراك؟؟
مرر شفتيه على المكان الذي احمرّ تحت وطأةِ يده، وكأنه يمسح الدم بقُطنٍ ناعم، يمسح القسوة بالحنان، يمسح الظلم بالعدل، يمسح الحزن بالفرح، وكيف له أن يقول بأعلى صوته، أنتِ لـــي! سأقسو عليكِ ثم أحنّ دون أن يحنّ غيري، سأجرحك ثم سألملم جراحكِ دون الحاجة لأيّ طبيب، سأسبيكِ ثم لا أعتقك، أولستِ سبيتي منذ البداية؟ أولستُ الذي سبى قلبكِ دون نيةٍ لعِتقه، لن أعتقه، لن أحرره، ولن يرف لي جفنٌ لأفكر برحمته.
همس لتلسعها حرارة أنفاسه، بصوتٍ غلبه العاطفة : أنا أجرحك .. وأنا أداويك … وإن ابتعدتي بيكون جرحي أكبر وأقسى من غير دواء، فخليك هنا * يشير إلى صدره * خليك بين أضلاعي ولا تبتعدين … لأن الجرح لو تضاعف يظن بكل غباء إن الزمن راح يداويه!
ارتفع جسده ليمد ذراعيه يطوق جسدها بتملك، وتلك غابت عن كل شيء، غابت عند قبلته المداوية، غابت عند كلماته، غابت عند جسده المُتملك لجسدها .. أتبتعد؟ أتقوى هي على الإبتعاد؟ أتقوى على الغياب؟ وكيف يذكر الإبتعاد على شفتيه وهو أكثر من يدرك سطوته الكبيرة كي لا يكون لها القدرة؟ كيف يكرر تلك الكلمة على شفتيه وهو الذي يدرك من هو … ومن هي؟
هو المعشــوق … وهي العــاشقة



,




أغلقت الباب بقوةٍ وقد طفح الكيل بها، كل شيءٍ يتسرب من بين يديها وهي واقفةٌ دون حراك، كل موقفٍ يهزمها ويبدو أنها في النهاية ستسقط، رأت زوجها يستلقي على السرير وكتابٌ يختص في مجال التاريخ يقبع في يده، لتجلس بجانبه غاضبة وقد فقدت سيطرتها على انفعالاتها أمامه في هذه اللحظة : دريت وش سوت أختك؟؟؟
عبدالله يزيح الكتاب عن وجهه ينظر إليها باستغرابٍ من غضبها، وضع الكتاب جانبًا لينطق : مين؟
هالة بغضب : مين غيرها أميرة؟
اعتدل في قعدته ليدقق النظر في وجهها : ليه وش سوت؟؟؟
هالة بصوتٍ ارتفع فجاة : ما قالت لك وش هببت قدام الحريم؟ ليه تحكي عن الخطبة وهي ما تمت
شعر بالغضب يتصاعد وقد فهم ما مقصدها، وهو الذي كان يستشعر منذ البداية رفض زوجته لما يريد، هدر بغضب : أنا اللي قلت لها … وش أسوي دام زوجتي مامنها فايدة ولا بيكون فيها فايدة بيوم
زمت شفتيها وغضبها يتضاعف ويتضاعف، قد يصل إلى آخر حدوده ويتجاوز ذلك فتفضح كل شيء، لذا صمتت وهي تحاول السيطرة على ذاتها. وذاك أردف بغضب : أشوفك صايرة تعصين أوامري
ذات الجملةِ تتكرر، وذات الإنفعالات تعيد تكوين نفسها بعد أربعة عشر عامًا مما حدث، والسبب ذاته، السبب إلين.
لكن دور الشخصيات اختلفت، والأسباب عند كل منهما اختلفت، يومها كان عبدالله يكره تلك الطفلة ذات الثمانِ سنين، يتمنى ابتعادها وهي النقيض من ذلك تمامًا، قال لها يومذاك حين أراد أن يتخلص من كفالتها لترفض هي
" أشوفك صايرة تعصين أوامري "
واليوم الجملة تكررت لذات السبب، والإختلاف لم يكن سوى في التفكير.
صرخت وقد فقدت كلّ سيطرةٍ على نفسها، صرخت ليصل صوتها إلى غرفة إلين مُتجاوزًا غرفة البقية : بعصيها ... بعصيها دامني أشوف الحرام!!!
أمسك بزندها غاضبًا : قصري حسك احنا محنا بروحنا في البيت … تذكري إنّ أميرة بعد موجودة
كانت الأخت قد جلست في بيته، زوجها سافر منذ ساعاتٍ ليترك زوجتيه وقد ذهبت كل منهما عند أهلها مع أولاده من الثانية، وهي في الحقيقة أرادت هذه الفرصة وجاءتها على طبقٍ من ذهب، أرادت ذلك وهي تستشعر أن الحقيقة قد تُكشف اليوم أو غدًا
ويبدو أن الحقيقة محت الغد لتختار اليوم حتى تظهر …



,



يمط شفتيه بامتعاض، لقد ملّ منها وملّ من إصرارها، أيعقل أن يقتنع أخيرًا؟ أيعقل أن يقتنع بما تريد في النهاية؟
لكنه لا يرى أنها أخته، ولو أن هذه حقيقةٌ لكان رفض قدومها للعيش معه خجلًا، كيف له أن يعيش مع فتاةٍ بعلاقةٍ أخوية وهو الذي كان ينظر لها سابقًا نظرةً أخرى؟ ... لقد جنت، بالتأكيد جنت.
إلين ببكاءٍ وهي تسمع الصراخ القائم في المنزل : الله يخليك … الله يخليك
أدهم بانفعالٍ ظهر أخيرًا في أنامله التي ارتعشت : انتِ مجنونة! هبلة! ما تفهمين؟
طيب فرضًا كنت أخوك جد، تتوقعين برضا أعيشك عندي؟ تتوقعين بيكون لي وجه اصلًا
ظهرت أخيرًا إحدى الصفات الحسنة به، وهي مُتأكدةٌ أن به الكثير وهو يخفيه، لذا هتفت بثقة : ما عليه .. نكون في نفس البيت بس بعاد عن بعض … لو مو راضي تتكيف مع هالشيء بنكون بعيدين عن بعض حتى تتعود
عضّ شفته بقوةٍ وهو يشد خصلات شعره المُتجعدةِ للوراء، هذه الفتاة مجنونة، لا عقل لها، كيف لها التفكير بهذه الطريقة وزرع أمالها به حتى الأن.
ارتعشت بقوةٍ وهي تسمع الأصوات تتصاعد، وتدخلٌ من ياسر وأميرة، وصوت حطامٍ يوضح أن غضب الزوجين هذه المرة تجاوز حدوده، ما الذي حدث ليكون الوضع بهذه القسوة في الخارج! تسمع صوت عبدالله يحلف بأغلظ الايمان، وجملةٌ من شفتي هالة اخترقت أذناها لتجعلها تخرج بسرعةٍ بعد أن رمت الهاتف دون أن ترتدي ما يغطيها، دون أن تهتم من الأساس لذلك وما سمعته أخرس جميع حواسها، وما سمعته أزهق روحها ليجعله يهيم في الفراغ.



,



تقف عند عتبة الباب بخوفٍ واضطراب، وهي التي لم تدخل عنده من بعد ما حدث لخوفها منه، لكن لمَ دائمًا هي التي تخاف؟ لمَ دائمًا هي التي تتحلى بالجُبن وتُظهر ضعفها، ألِأنها أنثى حُتم عليها هذا الضعف؟ ألِأنها أنثى يجب أن تكون دائمًا خائفةٍ تتطلع إلى مصيرها؟
وقد كان هو يسمع حركاتها المضطربة من خلف الباب، حركاتها التي كانت من شدة اضطرابها تتجاوز السكون لتحتك بالباب أو بالسجاد الموجود على الأرض بقوةٍ تصل إلى أذنيه دون أن تنتبه، يسمع فرقعة أصابعها من شدة توترها، يسمع صفير صدرها المضطرب.
ألن ينتهي هذا الخوف؟ أهو مجبورٌ لتحمل نفورها هذا أيامًا؟ ستتغير، وسيُزيل هو خوفها رغمًا عن أنفها.
اتجه للباب وقد كان يرتدي بيجاما رمادية، ليفتحه دون ترددٍ وتشهق هي بقوةٍ من تفاجئها.
تكتف سلطان ليسند بجسده على إطار الباب : وبعدين؟ مو قلت لك هالخوف انسيه
زمت شفتيها تحاول شحذ ذاتها بالطاقة، وبهدوءٍ زائف : أي خوف؟ قاعد تتكلم عن شيء انت متوهمه وصدقت نفسك … ليه أخاف؟ منك انت؟؟؟؟
بالرغم من أنه كان من المفترض أن يشعر بالحنق لأسلوبها إلا أن بعضًا من الراحة أصابه، أجل، هكذا يريدها في البداية، تصنعٌ هو أسلوبها الآن لكن التصنع هو البداية.
سلطان ببرود : أجل أثبتي لي عدم خوفك وكوني معي أوكي
غزل بتمرد : عمري ما كنت مع أحد غير بالطريقة اللي انا أبيها
ومن المفترض الآن أن يصرخ في وجهها، أن يقول لها أن احترامكِ لي حقٌ من حقوقي، لكنه فضل الصبر فليس من الحكمة أن يخيفها منه الآن.
سلطان : وأنا ما أجبرك … بس علاقتنا تجبرك
غزل بنفور : ما تهمني هالعلاقة … انت قلت زواجنا صوري يعني ماهو زواج فعلي فليش أقوم بكامل حقوقك!
سلطان في نفسه كان يعد حتى العشرة، ليهتف أخيرًا : طيب نبدأ من الصفر .. أنا أسوي لك شيء تبينه وانتِ في المقابل تسوين لي شيء ثاني أبيه … يعني اعتبري هالأمور ماهي حقوق مثل ما تنكرين، وتكون علاقتنا أخذ وعطاء
صمتت قليلًا والفكرة راقت لها، هكذا لن يجبرها على ما يريد هو، تستطيع أن تبقى كما تريد، عباءتها هي نفسها، طريقة لباسها هي نفسها، أعجبتها الفكرة وجدًا.
لذا لفظت بابتسامة : اوكي موافقة … وأول شيء أبيك تسويه هو إنك ما تجبرني على لبس عبايه ما أبيها
والملابس مثل ما أبي أنا حتى لو قدام العالم
زمّ شفتيه وقد شعر بحنقه يتصاعد، لكنه سيعد اليوم حتى العشرة ألآف المرات ليُهدئ من نفسه، أتريد أن تتلاعب بما قرره ليكون لصالحها! لا بأس، ليس هو من سيخسر.
سلطان ببرود : موافق … وبالمقابل بيكون أول طلب لي هو الآتي
انتِ البسي اللي تبينه … وطلوعك قدام العالم ممنوع
انتِ البسي العباية اللي تبينها … وجلوسك في السيارة وقت طلوعنا برا إجباري
اتسعت عيناها الفاتنتان بصدمة وفغرت شفتيها، وهو كاد أن يضحك لكنه غلف ذلك بجمود ملامحه ... شدّت على قبضتيها بقهر، لتصرخ : ما اتفقنــا كذا .. ولا بكيفك راح تمشيني
سلطان ببرود : أخذ وعطاء … تذكري
غزل بحنق : طيب … لك اللي تبيه
صمتت قليلًا تشعر أنها غبية لموافقتها، فما فائدة خروجها من المنزل حتى تُحبس في السيارة؟ وما فائدة أن تبقى محبوسةً عن الناس لكون لبسها عاريًا.
أردفت من بين أسنانها : خلاص سحبت طلبي الأول * وبصراخ * بس في البيت ما تمنعني ألبس اللي أبيه
كاد يضحك هذه المرة، وقد كان يبذل الكثير ليقمع ضحكاته، وبابتسامةٍ لم يستطع إخفاءهَا : لك اللي تبينه …
قاطعته بوحشية : وبما إن طلبي الأول صار ملغي يعني إني ما طلبت شيء مقابل اللي انت تبيه
هتف بتسليةٍ وضحكةٌ خافتةٌ تسللت إلى شفتيه رغمًا عنه : آمري .. تدللي .. عيوني لك
ارتبكت لترتعش كفيها، ثم ابتلعت ريقها تنظر لملامحه باضطراب، كان يبتسم لها ابتسامةً شفافة لأول مرةٍ تراها على شفتيه، اضطربت حواسها و " عيوني لك " أفقدتها الشعور
أسمعتها من قبل في حياتها؟ أسمعت أحدًا يقول أنه مستعدٌ أن يهديها عيناه دلالًا!
هو الأول .. هو الأول الذي لفظ من بين شفتيه كلمتين أسعدتها، لكن أهي حقيقةٌ أم خدعة؟ أهي مكرٌ منه أم ماذا؟
استغرب شرودها، ليمرر سبابته على أرنبة أنفها المرتفعة بخفة : وين رحتي؟
ارتعشت، لازالت تلك الإبتسامة تلون شفتيه، لازال ذاك الحنانُ يغلف صوته، لازال وجهه مُنيرًا بالطمأنينة، يبعث لقلبها راحةً لا تستطيع تجاهلها
ولمَ تصدق؟ هي أوهامٌ والأغلب أنها ليست سوى ألاعيبَ منه، إنه كغيره مُخادع، هو كالعديد يرمي وراء حنانه المزيف بالكثير.
سلطان باستغراب : غــزل!!
نظرت إليه وبرودٌ غلفها، لن تسمح له أن يرى ضعفها، لن تسمح أن يرى تأثرها بحنانه المزيف هذا : طلبي هو ….



,



على مشارف الصباح، شعرت بأنامل تتمرر على خصلات شعرها وصوتٌ رجولي لم تستوعبه في البداية يخترق أذناها : جيهان … جيهان قومي للصلاة
قطبت جبينها في البداية دون أن تفتح عينيها، وهو انحنى قليلًا ليرفع صوته : جيهان … الفجر بيفوتك وانتِ للحين ما صحيتي
ارتفعت كفها لتفرك عينيها، وأذناها تحاولان ترجمة هذا الصوت، إنه صوت فواز! لكن كيفَ له أن يكون في غرفتها، بل كيف له أن يكون في غرفة أخواتها!!
أزاحت كفها لتفتح عيناها ببطء، تحاول تكذيب الحقيقة بالأحلام، تحاول أن تصدق أن ما تسمعه ليس سوى وهم، وحين رأت وجهه أمامها، صرخت وهي تجلس بذعر : انت وش جابك هنـــا؟؟؟
تراجع للخلف ببهوت، ثم مالبث أن زمّ شفتيه يحاول كتم ابتسامته : معليش تايه وضايع ... ما لقيت بيتي
تلفتت هنا وهناك، ووجهها انسحب ضياؤه، أين هيا؟ لمَ ليست في شقتهم؟ لمَ ترى المكان غريبٌ على عينيها؟
ابتلعت ريقها ثم وضعت كفيها على رأسها تحاول كتم الصراخ في رأسها، إن الأمس يعيد مجده في رأسها، يعيد لقطاته لتتذكر، لكن ماذا تتذكر؟ ما حدث ليس سوى حلم، هي لم تقلل أدبها مع والدها، ولم يطردها لتذهب لمنزل زوجها، لم يحدث كل ذلك إلا في منامها، إذن لمَ ترى نفسها في غير غرفتها؟ لمَ ترى نفسها مع غير أخواتها، لم ترى الضياع يتراقص أمامها؟ ... لمَ هي ترتعش؟؟ لمَ ترتعش؟
إهدأيي، ليس سوى حلم، لم يحدث شيء، لم يطردك والدك، لم تذهبي مع فواز، لم تبكي في أحضانه ليلًا.
أنتِ كما أنتِ مع أهلك، أنتِ كما تريدين بينهم، أنتِ كما أنت لستِ مع زوجك، لست مع من لا تريدين، أنتِ بعيدةٌ عنه، بعيدةٌ وهذا ليس سوى حلم … ليس سوى حلمٌ كما الذي رأيتِه منذ ساعات.
بقي يتطلع في تقلُّص ملامحها تارةً واسترخائها تارةً أخرى، شعر بها، شعر بضياعها، شعر بخوائها، شعر أنها تصارع ذاتها لتصدق ماهي عليه، لتُكذِّب ما حدث بالأمس، لتستنكر كابوسها الذي خالج طمأنينتها.
اقترب منها وتلك كانت تضع كفًا على رأسها والأخرى سقطت بجانبها، وحين شعرت باقترابه نظرت لوجهه لتصرخ دون تصديق، لتصرخ ودموعٌ تحاربها للسقوط : وخـــــر .. انت شيطان، انت شيطان منت بحقيقة
قست ملامحه وكم آلمه تشبيهها له بالشيطان، لكنه أمسك زمام نفسه فهي في حالة اللا وعي الآن، تظن بأنها تحلم . . . همس بهدوء : جيهــ
صرخت مقاطعةً له وهي تتراجع وهميًا فظهر السرير كان يمنعها من الهروب، دموعها سقطت وجسدها وكأنما ضُرب بصعقاتٍ كهربائة يناجي الماء ليزداد ارتعاشًا : وخــــــــــــر .. * بكت بصراخٍ وناحت وهي تضرب وجهها * ماهو حقيقة … ماهو حقيقة



,



في وقتٍ سابق – ليلًا

خرجت دون أن تغطي جسدها وشعرها، لم تهتم أبدًا لذلك، تشعر أن حواسها ماتت بعد أن سمعت ما سمعت، لكن لربما كانت أذناها كاذبتان، لربما كان خللًا ما أصابهما، لربما هي تتوهم …. لكن رجائي يا الله ألا يكون ما أسمعه حقيقةً ، رجائي يا الله أن أكون ميتةً لكن دون أن يكون هذا الحديث حقيقيًا ، رجائي يا الله أن تُمتني في هذه اللحظة إن كانت أذناي صادقتان، إن كان الخلل لم يصبهما وكل ما أسمعه حقيقةً
رباه إني عبدك اليائس، إني عبدك الذي غلبته الدنيا ولم يعد يقوى، أرجوك لا تخذلني، أرجوك ليكن موتي قبل أن يكون هذا الكلام حقيقةً، أرجوك أن تكون هالة كاذبة، أرجوك أن تكون أذناي كاذبتان
صرخ عبدالله ووجهه مُحمر، عيناه اتسعتا حتى كادتا تخرج من مكانهما، أنامله تشبثت بزند زوجته حتى كاد أن يقتلع الجلد ثم اللحم، وآنيةٌ كانت بجانبهم محطمةٌ على الأرض : انتِ وش قاعدة تقولين؟ ليه تقولين هالكلام يا هالة؟ …. لهالدرجة زواج إلين وياسر ماهو عاجبك؟؟؟؟
كانت تبكي، عيناها تذرفان الدمع دون توقف، نادمةٌ هي، غبيةٌ هي، ساذجةٌ هي، كيف صمتت كل هذه السنين؟ كيف لم تتكلم منذ مدةٍ قبل أن تفقد السيطرة على كل شيء، هل كان خوفها من زوجها أكبر بكثير من أن تمنع كل هذا؟ هل كان خوفها منه أكبر من أن تنطق الحقيقة؟
اقتربت أميرة منه، تحاول تهدئته وهي التي تدرك أن كل حديث هالة ليس بكذب، وهي التي تدرك من البداية بعد أن كانت تشك، والآن اتضح كل شيء، اتضح كل شيء. وهذا ما أرادت، هذا ما أرادته بموافقة إلين، وقد وصلت للمحطة، وصلت لمحطةِ الحقيقة وانتهى كل شيء.
بينما كان ياسر يقف يحاول تصديق ما يسمع، جسده تصلب وأخته كما هو، أيكونان في حلمٌ أم ماذا؟ أيكون ما يسمعانه ليس إلا وهمًا!
صرخ عبدالله على أميرة بعد أن طلبت منه تحرير يد زوجته : ماني بتاركها .. ماني بتاركها لين ما تقول الحقيقة
ليه ماهي راضية بالزواج، ليه تلف وتدور وتجيب الأكاذيب
عاد لينظر لهالة بغضب : قوليلي ليه منتِ راضية يتزوجون لييييييييييييه؟
صرخت هالة بضعف، ويدها تكاد تقسم أنها لا تشعر بها، هي التي أخطأت منذ البداية، هي التي لم تتكلم وهذه هي النتيجة، رأت الحرام وسكتت، رأت الخطأ بين ابنها وإلين وسكتت، تضاعف الحرام لاثنين وهي ماذا فعلت؟ . . . صمتت وكانت العاقبة الآن، كانت العاقبة هو ما يجري الآن :
قلت لك لأن ياسر وإلين أخــــــــــــــوان
أخـــــــــــــــــــــــــــــــــــــوان بالرضــــــــــــــــــــــــــــاع


.

.

.



الحياة كمكتبة مملوكة لكاتب، فيها بعض الكتب التي كتبها بنفسه، ولكن معظم الكتب الأخرى كتبت من اجله / هاري ايمرسون فوسديك

انــتــهــى
وموعدنا إن شاء الله يتجدد يوم الثلاثاء


+ ترا القفلة متعوب عليها * فيس بريء *




ودمتم بخير / كَيــدْ !


...همس القدر... 16-08-14 09:43 PM

رد: قيودٌ بلا أغلال عانقت القدر
 
ماااااااااااااااهذاااااااااااا

يااااا للهول ايش صااار ؟!!!!!!!!!
الين اخت يااااسر
oMg
صدممممممممممة

معقووول تكوون اميرة هي امهم بالرضااع ؟قصدي العمة ! ممكن تكون هي مرضعه اسيل وفي نفس الوقت رضعت يااسر!
لاني ما اعتقد ان ام يااسر هي امها بالرضاع , الام طرف ثالث؟!!!!!!
!!1
بسصدمة صرااحة سكووتها ! ليش سكتت ؟! من ايش خاايفة , نعقوول زوجها خوفها انه كان بيطرد الين ؟1
بس بما انها بتعرف امه الين بينتهم في الرضااعة او حتى زي ما حكيت بنت اميرة ليش تتحرمها من انها تتصرف مع ابو ياسر على انه ابوها او خالها بالرضااعة !
زي ما بين في البارتات اول ام ياسر بتحببببب الين جدا . طيب ليش حرمتها من انها تمارس جياتها بطبيعيةمعاهم!! الا اذا كانتبتكذب وساير والين مش اخوان ؟!
بس ما اعتقد عالاكيد هم اخوان....
هههه اذا ياااسر طاار , معنااتو لازم نلقى البرينس شارمينج تبع الين !!!
ممكن يكوون عناد؟!!!!!
هههههه لا تسألوني كيف كذا مجرد توقع
او حتى ممكن يكون رفيق اخوها بالسكن البطل المجهول؟!
****
الشخصية اللي كل ما اجي اكتب عنها بالرد انسى
جناااااااااان
هالبنت حيااتها غريبة
وجرحها اغرب
بااين انها بتحب جرحها واللي سبب فيه
ممممم هو ولد عمها صح ؟!
صااحب العيوون المخيفة اللي كان بالمشفى ؟!
متشوووقة اتعرف عليه اكثر ^^^
****
غزل .....ز
مش معقوولة هالبنت , مصااحبة شب وهي على ذمة شب ثاااني؟!!!
ابوو طبيع ما يجوز عن طبعه <<فيس خليجي خخخ
عززل كل باارت بتصدمني اكثر
بس مع كذا لساا مرتجية خير
بس السؤاااال هو ايش طلبها ؟!!!!!!
الف علامة استفهام
ممممم ممكن يكون طلبها يحكيلها عن ابوه؟!
او يوعدها شي معين!
بسايش هو مش قاادرة اركز ><
بس عالاكيد غزل راح تجيب العيد بطلبها
*****
سييييف يا زلمة خف عهالمرة شووي !
مسكينة ديمةعكل حااجة مسويلها قصة ورواية
هي ما عملت اشي تيعصب عليها كذا
سييف لازم يفصل بين ديما وبثينة
اصاابع ايدك مش سوا
وديمة مش بثينة
متى يفهم هااذ ها ؟
عندي احساااس انه سيف رااح يطلق ديما لما يعرف انها حبلى ؟!!!!؟!!!!!!!!!!!!!1

هالسيف بينخاف من رودو فعله
وانه ديما تحمل من وراه هي كبيرة بحقه !
فلهيك راح يطلقها . ورااح ما يقدر ينام الليل ويحفاااا حتى يرجعها إ^^
***ج
جيهااان الله يعينك على بلووواككي
بي حااوليممحاولةبسيطة تتقبلي فوااز
والله هالزلمة طيوووب وانتي مرة تقووليلة شيطان ومرة مدري ايش
حراام عليكي حااولي تتقبليه !
يعني زي ما بنعرف انتي في قلبك معزة لفوااز القديم . حتى لو ك اخ ما عليه
ابصر شو السر ورا ام فوااز اللي اتهمت جيهان بمدري ايش؟
موو معقوول ام فوواز اللي هي ام اسيل تكوون شرااانية
لانه بانت النا لطيفة مع اسيل
فليش تتاذي جيهان؟
عالاكيد فااهمة القصة غلط جيهان
او انه ام فواز شاافت جيهان بموقف وفسرته على كيفها والتفسير كان كبير بحقها لهيك اتهمتها؟!
ما بعرف!!

*****
ادهم , انا كنت حااسة انه في جاانب طيب, وهي بدا يباان شوي شوي , مش عاارفة ليش حاسة انه اجهم حيكون سند الين بعدين!

***
كدوو بارت جميل حبيبتي
اما القفللللللللللة !!!!!!!!
لاتعليق عليها . قااتلة ><

بانتظار القادم بحب
سلااام^_*

لست أدرى 17-08-14 05:47 AM

رد: قيودٌ بلا أغلال عانقت القدر
 
هييييييييييييييه وأخيرا وصلت للنهاية ... وجه اليوم اللى هقعد استنى فيه من البارت للبارت زى بقية الناس .. الله يصبرنى !!


المهم ياستى قفلة متعوب عليها بحق وحقيق ... بس الحمد لله انى كنت متوقعاها وإلا كانت الصدمة زلزلتنى ... أنا ماتوقعتهاش كده بالضبط .. توقعت انهم اخوان فعلا .. بس توقعت انه إلين بنتها فعلا " خيانة يعنى " عشان كده كانت متمسكة بيها جدا .
المهم دلوقتى ... إيه معنى انهم أخوان بالرضاع ؟؟ المعنى الاقرب انها ارضعت إلين بعد ولادة هديل .. ربما كانت إلين وقتها مازالت فى عمر يسمحلها بالرضاعة .. بس لو كان كده .. ليه هالة خبت السر ده ؟؟ بالعكس كانت هتعرف كل الناس وتبقى إلين بنتها بالرضاع وبالتالى ياسر وابوه كانوا هيبقوا أهلها عادى ومش هتضطر تتغطى عنهم . وبالتالى الاحتمال ده مرفوض

يبقى المقصود هنا إنه ياسر هو اللى رضع من أم إلين ... يعنى رضع مع أدهم غالبا .. وده معناه ان أم ياسر تعرف أم إلين ... طيب إيه قصتها الست دى ... وهل الست دى لما ماتت مثلا هى اللى وصت هالة انها تاخد إلين تربيها ؟؟ وليه هالة خبت القصة دى على زوجها ؟؟ إيه الغلط اللى فيها واللى خلى هالة تخاف انها تحكى لحد قصة معرفتها بأم إلين !!!


امممممممممم نييجى لمين تانى ... سلطان وغزل .... عاجبانى أوى تطورات العلاقة بينهم .. مع انى كنت من معارضين الزواج ده .. بس شكلى هحب الثنائى ده ..
هو لسه مافيش تطورات بالمعنى الحرفى للكلمة ، بس أخيرا بقى فيه نوع من الحوار بدأ يتكون بينهم ... وسلطان ربى يحفظه دماغه عجبتنى جدا .. هدوءه ورزانته فى التعامل معاها وقدرته على التحكم فى أعصابه رغم كل استفزازاتها اللى تخرج أى رجل عن شعوره ، وانسانيته فى انه يفكر فيها ويشفق على حالها رغم كراهيته لأهلها ، وانه يقرر انه يخصص من وقته لمحاولة تغييرها رغم كل المصائب اللى عايش فيها وهو فيه اللى مكفيه وزيادة .. كمان ذكائه فى فكرة الأخذ والعطاء .. ورغم انها حاولت تستغلها لصالحها إلا انه قلب الطاولة على رأسها وعدل الموازين تانى ..
متوقعة هتفجر قنبلة عشان تحاول تستعيد سيطرتها على نفسها وماتنزلقش لفخ حنانه ..!!! اممممم ممكن تكون هتقوله إيه يعنى ؟!!! بانتظار البارتات الجايه.

جنان .. انا ضفتها لقايمة البنات اللى حبيتهم فى الرواية ... مازالت قصتها غامضة ... إيه حكايتها مع امها دى !!! ازاى تكون علاقتهم قائمة على القسوة ومع ذلك جنان تترجى منها القسوة دى ؟؟

شاهين وأسيل ... بعد ان اتضحت كذبة سند ... ولسه طبعا مش واثقة هل هى مجرد كذبة فعلا ولا ممكن يتغير شئ ! بس الظاهر حاليا انه اسيل وشاهين هيستمروا ولا فكاك لهم من بعض ..بس عارفه اسيل دى لو طولت لسانها عليه مرة تانية انا بنفسى هاقف لها ... زودتها أوى .. وكل مانقول خلاص اتعدلت وهتقبل بواقعها ترجع تتجنن تانى ... كفاياكِ بقى يا هانم .. والله ماحدش ضربك على ايدك عشان تقبلى الجوازة دى !!


ديما وسيف ... الكبش قرب يقع .. يلا سنوا السكاكين !!! بصى يا كيد هانم ... ديما لو مارديتش لسيف كل اللى عمله فيها خالص ومخلص هتبقى علاقتهم بايخه وماسخه لأقصى درجة ... تحبه وتموت فيه آآآه ... لكن انه يذلها ويبهدلها ويذوقها الويل بالشكل ده .. لا وبيعاقبها على كل اللى عملته فيه بثينة هانم ومقدرش يوقفها عند حدها !!! وبعدين مجرد ما الباشا يتنازل ويعلن عن حبه لها تقوم هى تركع وتقبل كده بكل بساطه ... لاااااااااااااااااا ماقبلش منها كده أبدا
اتقلى يابت كده وطلعى عينه .أووووومال !! هو احنا سهلين ؟؟!!


مين تانى يا جدعان ؟
آه .. جيهان وفواز .. جيهان اتكسرت وزاد همها باللى حصل ده .. بدل ماعلاقتها بأبوها تتحسن ، زاد الطين بلة ، وهى كده شايفه انه ابوها بيكرهها زى ماكان بيكره أمها" فى نظرها " وعايز يخلص منها هى كمان عشان مايحسش بالذنب .. مش قادرة اتخيل العقبة دى هتتحل ازاى !! مش شايفالها حل غير انها تعرف بالحقيقة .. مكن اللى حصل ده يكون سبب فى التقريب بينها وبين فواز .. بس للأسف ممكن يكون العكس تماما ، خصوصا انها مع كرهها ليه ونفورها منه مش هتتقبل بسهولة فكرة انه شاف منها موقف ضعف وده هيخليها تتكبر عليه أكتر وتنفر منه اكتر لأنها هتبقى شايفه انه تصرفاته معاها نابعة عن شفقة مش حب ... الله يستر


غيداء ... الأخت بدأت تتمرد ومش ناوية تعرف عناد باللى سارة قالتهولها !!! ربنا يستر افكارها بعد كده هتوديها لفين؟
المهم انه عناد فى كلامه معاها اول مرة قالها " واذا كان حصلك شئ بجد .... " يقصد انها سليمة وماتمستش .. بس الواضح انها مافهمتش قصده ، ومازالت على اعتقادها انها اغتصبت !! طيب هو ليه ماوضحلهاش صراحة بدل ماهو سايبها للبنات الملاعين يملوا راسها بكلامهم اللى زى السم !!


اعتقد مش فاكره حاجه تانى دلوقتى ... لو افتكرت هرجعلك ان شاء الله


اعذرينى طولت فى رغييى شويتين ... المهم .. فهمتى من كلامى حاجه ؟؟!!!

كَيــدْ 17-08-14 05:14 PM

رد: قيودٌ بلا أغلال عانقت القدر
 



لست أدري / أمداك تخلصين البارتات وتعلقين وأنا للحين ما رديت على تعليقك الأول!!
ماشاء الله عليك يا عيني

وبالنسبة للهجة فأنا ما أجبرك على التعليق بالفصحى ، بالعكس أفهمك واللهجة المصرية من اللهجات اللي أحبها
لدرجة إني حسيت بلذّة وأنــا أقرا التعليق :$
بجد تعليقك لذيذ وتمتعت وأنا أقرا كل حرف


ولــي عودة برد مفصل :) قاعدة أضغط على نفسي عشان أخلص البارت ومن جهة انشغلت بعزيمة مدري من وين طلعت لـي فجأة

زوزا جواد 17-08-14 06:47 PM

رد: قيودٌ بلا أغلال عانقت القدر
 
يعطيك العافية

لست أدرى 17-08-14 09:19 PM

رد: قيودٌ بلا أغلال عانقت القدر
 
ولا يهمك حبيبتى ... يكفينى منكِ استمتاعى بجمال أفكارك وكلماتك ..

ليس من حقى أن أطالبك بأكثر من ذلك


بالتوفيق ... أهم حاجه البارت يوصل فى ميعاده ، كل شئ تانى يهون

sosee 18-08-14 01:12 AM

رد: قيودٌ بلا أغلال عانقت القدر
 
😍😍😍
يسلمك على الإهداء يا كيد 💃💃💃


بسم الله نجي للطامات اللي جت بهالبارتين 😭😭

-شاهين ..
زييين صارت سالفه متعب كذب
خفت لو صارت صددق 😳😳💔

- سلطان ..
اببببد ما ودي يلين مع غزل 😿
بتكون صدمته فيها قايية 💔

-غزل ..
تقهررررني بشكل 😩 خوافة ولا تمشي زي العالم والناس اععع

- ديما ..
الصراحة صدق حالها يطففقش 😩💔
على كل شي تقوله ينقلب عليها المسيكينه 😿
ليتها زاد نامت عند أسيل إخيتها وفكت عمرها من ذا النفسية 💔

-جيهان ..
صدددق صدددق صدمة طردة ابوها
بس الصدق تستاهل
واحس ولد عمها يقول رب ضارة نافعه بما انعا استسمحت له 😂 وصارت هه ألين معاه

المسيكينة اختها والله اللي تدري عن كل البلاوي وتحاول تقوي ابوها وتهدي اختها وهي ضايعه بينهم 😿

- إلين ..
الطامة الكبرى 😭😭😭😭😭
إلين اخت ياسر وياسر أخر إلين
حرررررام عليهم ليش ساكتين 😭😭 كل هالفترة تتحجب ولا تنزل وتنعزل احياناً وسلام لأبوها من بعيد والنهاية تصير بنتهم بالرضاع 💔💔💔💔
اعتقد بيجيها انهيار وماراح تصدق

الأم رضعتها يومها صغيرة عشان تبقى البنت عندهم لأن الميتم اذا ما رضعتي الطفل ممكن ياخذونه اذا كبر خاصة البنات
لكن بذيك الفترة كان الأبو ما عجبته سالفة التبني فخافت من انها تعلمه
لكن يوم كبرت إلين انقلب الوضع صار الأبو اللي يبيها والأم مو ذاك الزود
فشي طبيعي يبقى السر بداخلها
لكن المشكلة مو هنا !!
المشكلة بأنها ليه ما وقفت الخطبة من البداية برفض قاطع
فرضاً لو إلين وافقت من البداية خاصة عقب شكوك الأم !
ممكن ان تحدث مصيبة 💅
حدث قلب كيان الرواية 😿💔

ب انتظارك يا مبدعه

الهي عفوك ارجو 19-08-14 03:28 AM

رد: قيودٌ بلا أغلال عانقت القدر
 
رواية جميله بل رائعه جذبتني بشدة ,اسلوبك بالكتابه رائع وسلس, الفصول مترابطه ونهايتها مشوقه, انتي كاتبه فذه هذا رايي كقارئة ,واسمحي لي بالانضمام لروايتك فانا عضوة جديده بهذا المنتدى ,سانتظر باقي الفصول بشوق,شكرا لك

كَيــدْ 19-08-14 09:19 AM

رد: قيودٌ بلا أغلال عانقت القدر
 



سلامٌ ورحمةٌ من الله عليكم :)

صباحكم سعادة ورضا من الرحمن
مساؤكم فرحٌ لا يزول

اللهم اكتب للمسلمين النصر على كل من عاداهم دائمًا وأبدًا ..


كيفكم آل ليلاس؟
إن شاء الله تكونون بأتم صحة وعافية


,

بسم الله نبدأ

قيودٌ بلا أغلال عانقت القدر
بقلم : كَيــدْ !


لا تشغلكم عن العبادات




(15)



في وقتٍ سابق – ليلًا

سلطان باستغراب : غــزل!!
نظرت إليه وبرودٌ غلفها، لن تسمح له أن يرى ضعفها، لن تسمح أن يرى تأثرها بحنانه المزيف هذا : طلبي هو ….
صمتت قليلًا لتزم شفتيها بتفكير، يجب عليها أن تستغل كل كلمةٍ وكل حرفٍ ستقوله، حتى لا تكون الطرف الخاسر كما خسرت الكثير في حياتها.
غزل بهدوء : ممممم ، بهالوقت ما عندي شيء محدد أبيه ، بس بيوصلك العلم بكرة
أخفض حاجبًا ورفع الآخر، وبنبرةٍ ساخرة بيوصلك العلم بكرة!! .. اي ما عليه، نبرة وكلمات مناسبين نلقيها على زوج بس ما نقول غير الله يصبرنا
نظرت إلى عينيه ببرود، من هو ليكون مُختلفًا؟ أليس رجلًا كما البقية؟ أليس رجلًا كوالدها؟ إن كان والدها عاملها في يومٍ كما العبيد فكيف سيكون هو؟
تهدل جفنيها الواسعين بشرودٍ حزين، في بعض الأوقات كانت تشك أنه والدها، كانت تشك في كونه والدها حقيقةً، فمن ذا الذي قد يرضى بمعاملة ابنته بهذا الشكل؟ من ذا الذي قد يرضى باستخدام ابنته أدآةً لتفريغ انفعالاته؟ ومن ذا الذي قد يرضى برؤية الإنكسار على بناته؟
تنحنح سلطان حين انتبه لشرودها، يداها تفركان بعضهما، شفتيها ترتعشان وقد كانت تقاوم الأنين . . . همس بهدوءٍ يريد أن يخرجها من قوقعة أفكارها : أجل أنتظرك طلبك ذا بكرة
ارتفع جفناها لتنظر لوجهه بشرود، قبل أن تهمس دون شعور، بصوتٍ شبه ميتٍ يناجي الحياة دون أمل، يناجي الموت دون أمل، ليبقى مُعلقًا بين الحياة والممات : أبي أكون بعيدة عنكم
يكفيني اللي واجهته من بطشكم
في لحظةٍ كان اللا تعبير على ملامحه، شفتيه ابتعدتا عن بعضهما في كلماتٍ واجهها القمع، لم يفهمها بالقدر الكافي ليرد، لكنه فهم ما يكفي بالقدر الذي يجعله يرى حجم الظلم الذي واجهته في عينيها، فهم ما يكفي ليوقن ما جعل قلبه يهتزّ شفقةً عليها، هو رجل، واجه في حياته الشيء الذي أهلكه، لكنه يرى أن احتماله كان طبيعيًّا كونه رجلًا، بينما هي أنثى كيف كانت تحتمل؟ كيف كانت تواجه الظلم وتصبر؟ لا يعلم ما الذي واجهته تحديدًا لكن يجب عليه أن يعلم بأقرب وقت … وفي أقرب فرصة
غزل بارتعاش : خلاص ما ودي أفكر لبكرة .. الطلب موجود
ابتلعت ريقها بترددٍ قبل أن تهتف : سلطان ، أنا وانت حالتنا مع بعض ماهي طبيعية، فغلط لو ننام مع بعض في نفس الغرفة
زفر بهدوءٍ ليغمض عينيه لثانيتين ثم فتحهما : لا تحاتين . . . أنا عند كلمتي ومستحيل أبني بيننا علاقة أنا عارف وش نهايتها، ما أبي أظلمك معي ولا هو من صفاتي أمتع نفسي على حساب غيري ، فلا تهتمين من هالناحية
عضت طرف شفتها بتوترٍ وهي تخفض رأسها، ماذا تقول له؟ هي لا تريد ان تكون بقربه، لا تريد أن تكون معه، هو لا يختلف عن غيره في كذبه وصفاته، لا يختلف عن الكثير، لا يختلف عن والدها ولا عن أيّ شخصٍ آخر، لربما أن الإختلاف البسيط هو أنه وإلى الآن لم يلجأ إلى الضرب بعد، ولا تستبعد أن يبدأ بذلك في أي وقت، ولربما الآن.
لم تستطع السيطرة على انفعالاتها، ولم تستطع السيطرة على غضبها وقهرها الذي تولد شرارةً في داخلها منذ ولدت ولا زال يكبر حتى أصبح مُتأججًا لا يُطفئه شيء، وأنا التي عانت الظلم سنواتٍ طوال فكيف أنساه بكلماتٍ من شفتيك، أنت شخصٌ كاذبٌ كما الغير، أنت شخصٌ أناني كما الغير.
وكم تدرك أنّ لا مجال للتصديق لأنه كغيره، وبالتأكيد لن يكون كما قال، وحينها لن يُعاقب بأنانيته سواها، سيقتلها إن عرف حقيقتها، سيقتلها إن عرف أنه ليس الأول.
زمت شفتيها قبل أن تصرخ في وجهه بانفعالٍ وكفيها ارتعشتا : ما ودي .. أنا مستحيل أكون قربك … انت كاذب مثل غيرك، كاذب مثل كل الناس
قطب جبينه من انفجارها المفاجئ في وجهه، وتلك تابعت بنفس الإنفعال وعيناها احتقنتا بالدمع : ما أبيك … انت كاذب، أناني، تبي تضحك علي بكم كلمة وبعدها تستغلني .. تبي تقول إنك وفِي لوعودك وبعدها ما تطيح إلا على راسي
اتركني في حالي … خلني بعيدة عنك، ما أبيــــك ، ما أبيـــــك
أمسك بكفيها اللتين كانت ترتعشان، يريدها أن تنفجر، يريدها أن تتحدث عن كل مابداخلها وحينها فقط سيستطيع التعامل معها بشكلٍ أكثر حكمةً كونه اكتشف ما داؤها ليكون هو دواؤها.
سلطان بهدوء : مين قال إني أناني؟ ومين قال إني ما أوفي بوعودي … تظنين إني كاذب؟ بس شلون كاذب وأنا بعطيك اللي تبينه؟
قلت لك علاقتنا بتكون أخذ وعطاء وبكون عند كلمتي، طلبت منك طلب ووافقتي … وانتِ بالمقابل طلبتي وراح أوافق … ولك اللي تبينه، من بكرة أغير المكان اللي احنا فيه وآخذ جناح يحتوي على غرفتين …. هاه ، رضيتي عني الحين؟
نظرت لوجهه وحاجبيها معقودين وكأنها لا تستطيع تصديقه، لن تستطيع وكيف باستطاعتها ذلك وهي فقدت ثقتها بالعالم أجمع! ... وباضطراب : شلون بصدقك؟
سلطان : بتصدقيني بكرة



,



من أنا يا الله؟ في كل يومٍ تكون لي هويةٌ جديدة، في كل يومٍ يتم تجديد هويتي وأنا التي ظننت يومًا أنني ابنة حرام، عشت على هذا الوهم حتى صدقته، حتى بت أقارن بيني وبين من حولي .... تلك الهوية الأولى ، والتي عشت أصدقها واحدٌ وعشرين عامًا، وفي سنتي هذه اكتشفتُ هويتي الثانية " ابنة حلال / أخت أدهم الرجل الذي حاول اغتصابي "
وما أقسى تلك الحقيقة على قلبها وقتذاك، ما أقسى الخيبة التي راودتها، ما أقسى خذلانها، كانت تفكر وقتها، تتساءل في نفسها ( أيعقل أنه كان يعرف بأخوته لها؟ أيعقل ذلك؟ )
لكنها علمت، علمت أنه هو أيضًا لم يكن يدرك ذلك، لم يكن يدرك من هي، لم يكن يدرك أن الحرام أصبح اثنين، بالرغم من ذلك لم يصدقها، وكيف يعقل أن يصدقها بكل بساطة؟ كانت تدرك أنها ستواجه الكثير حتى تصل لمحطتها الأخيرة. ولم تكن تدرك أنها قبل أن تصل ستقع!
هويتي الثالثة ، أخت ياسر! أخت من عشقته لسنين منذ بداية مراهقتي!
يا الله كم تشمئز من نفسها، كيف أحبته؟ ... هاهي تثبت أن دم أدهم يجري في عروقها.
أحبت أخاها!! رباه كم أن وقع هذه الكلمتين كبير، كبيرٌ جدًا، احتقرت نفسها كما لم تحتقر أحدًا من قبل، كيف لا وهي قد أحبت أخًا لها كـ حب امرأةٍ لرجل؟ كيف لا وهي قد فكرت به تفكيرًا ابتعد كثيرًا عن محور الأخوة؟.
وهل انتهى تجديد الهويـة؟ أيعقل أن تأتي يومًا ما بهويةٍ أخرى؟
هي التي ولدت تائهة، قُذفت من رحم الظلم وعاشت عمرها ضائعةً تبحث عن هوية، تبحث عن هويةٍ واحدة فكيف وجدت أكثر؟
متى ستصبح إلين؟ هي ضائعة، جزءها كله ضائع، فمن ذا الذي قد يبحث عن أجزائها ليجمعه؟ من ذا الذي قد يبث النور في حياتها؟ ومن ذا الذي قد يُسكن ضجيج عقلها؟ هي تتخبط هنا وهناك، هي تائهةٌ لا تنتمي إلّا للا شيء، هي الأنثى التي كُسرت ولطالما ستكسر، فكم مرةً ستحتمل؟ كم مرةً ستحتمل ومتى ستتلاشى حتى ينتهي كسرها؟ متى ستتلاشى وينتهي هذا التخبط والعذاب!
متمددةٌ على سريرها، تعيش بين الواقع والخيال، عيناها تنظران للفراغ، وهي التي تنتمي للفراغ فأين يمكن أن تُقذف يومًا!!
كل ما تشعر به أنها انتهت، وانتهت حياتها هنا، انتهى بقاؤها فكيف يمكن أن تنظر في أعينهم وهي قد أحبت أخاها؟ بالرغم من كونهم كلهم لا يعلمون، سوى هالة - أصل المصائب - ورانيا، إلا أن خجلها من ربها أولًا يمنعها من النظر في أعين عباده.
يا الله! لم أكن أعلم، لم أكن أدرك أنه أخي، وهل كنت أقوى على حبه إن كنت أدرك؟ هل كنت سأتجرأ وأتعدى حدود الحلال إلى الحرام؟
تتمنى في هذه اللحظة أن يُنتزع قلبها كما أُنتزع حبها لياسر لا شعوريًا، كرهته وجدًا بالرغم من كونه لا ذنب له، هي المذنبة في الواقع، هي المذنبة ولا أحد سواها، ولأنها مذنبه لن تعتبر ياسر أخًا لها، ستكرهه، وهي كذلك تعاقب نفسها، هي التي تمنت دائمًا أن يكون لها أخًا حنون يناقض أدهم، وحين حُققت أمنيتها ستعاقب نفسها بالإبتعاد، ستعاقب نفسها بإنكار صلة القرابة بينهما ... ليست أخته، وهي من ستُكذّب ذلك.


كلٌ عزف إلى غرفته، وعبدالله ترك المنزل بعد ما حدث، وفي غرفة ياسر كان هو ممددًا على سريره، ينظر للأعلى بشرود، يشعر إلى الآن أنه لا يُصدق، كيف عاش معها اثنان وعشرون عامًا يظنها غريبةً عنه لتأتي الحقيقة الآن؟ لم يكن ليصدق لو لم توضح أمه ذلك.
كانت كفالة والده لإلين حين كانت لا تتجاوز الستة أشهر، اكتشفت أمه أنها حاملٌ في الشهر الأول، ثم ولدت بعد ستة أشهرٍ بأخته التي لم يكتمل نموها وكان عمرها حين ولدت وقتذاك سبعةَ أشهر، حينها كان عمر إلين سنةً فقط، كانت إلين في عمرٍ يسمح بالرضاع.
لكن لمَ لم تفصح عن ذلك؟ لمَ لم تتكلم? لمَ وضعتهم في هذا الموقف الحرج؟ … وماذا لو أنها صمتت أكثر ولم تتكلم؟ ماذا لو لعب الشيطان بعقلها وخافت لتصمت! هل كانت لتسمح لزواجه بأخته أن يتم؟؟
ابتلع ريقه ليجلس وهو يشعر بالضياع، هل كان سيتزوج بأخته حقًا؟ هل فكر بها كزوجة؟؟؟
وقف دون شعورٍ ينوي الذهاب إليها، كيف حالها الآن؟ كانت قد انهارت بعد ما سمعت، يتذكر كيف كانت تسند جسدها على الجدار وأنفاسها تتصارع فيما بينها، وجهها بهت بشكلٍ مُخيف، تهز رأسها بالرفض لا تكاد تصدق ما تسمع، وهي التي عاشت معهم تلك السنين كغريبة، هي التي كانت كأخت، ولم تكن لهم الأخت حقًا، هي التي كانت تتحجب عنه وتعده غيرَ محرمٍ لها فكيف لها أن تحتمل الآن هذه الحقيقة؟ كيف لها أن تحتمل وطأة هذه الصاعقة بعد أن كانوا يريدون منها الموافقة على زواجهما!!
اتجه للباب ليخرج، بعنفٍ كان قد فتحه لتنتفض هديل وهي تستمع لصوتِ خطواتٍ غاضبة، ثم بسرعةٍ اتجهت للباب لتخرج من غرفتها حتى ترى ياسر يقف عند باب إلين يطرق عليها : إلين افتحي الباب ودي أتكلم معك
لم ترد، وتلك لم يعجبها ما يفعله أخوها لتتجه إليه : ياسر اتركها بحالها ... الموضوع مو بهالسهولة لها
نظر إليها ياسر غاضبًا : يعني هو عندي سهل؟؟ هي أختي وأختك تدرين وش يعني هالكلام؟ ... أمي كذبت علينا كلنا، أخفت الحقيقة وخلتها تعيش معنا كل هالسنين كغريبة، خلتها تتحجب عننا وتبني الحدود بيننا ... ويوم ظنت فينا سوء سكتت بعد وما تكلمت
كان يتحدث بانفعالٍ واضح، يتذكر حين ظنت أن بينه وبين إلين علاقةٌ محرمة، يتذكر حين اتهتمها زورًا، يتذكر كل ذلك وهي التي صمتت حتى بعدما ظنت السوء بهما، صمتت ولم تقل له وقتها " تراها أختك "!!
يا الله ما أشد هذا الحديث، ما أشد خطأكِ يا أُمي ... بالرغم من كونه لم يقم بالحرام إلا أن أمه صمتت حين ظنت ذلك، وهذا وحده حطمه، أيعقل أن تكون يومًا ممن يرى الحرام ويصمت؟
صمتت هديل وهي تشعر بضياعه، له كامل الحق بأن يشعر بكل ذلك التخبط، له الحق وهو الذي كاد يتزوج بأخته! هي نفسها لم تصدق، تشعر أنها تائهةٌ في غير الواقع، تشعر أنها فقدت التصديق بأيّ شيءٍ حتى أمها.
عاد ياسر ليطرق الباب ويهتف بصوتٍ منفعل : افتحي إلين ودي أحكي معك
كانت تشد الوسادة على رأسها تحاول نفض أصواتهم، هي ضائعةٌ في هذه اللحظة فأرجوكم لا تزيدوا هذا الضياع أكثر، ابتعدوا عني، ابتعدوا عنـــــي!!
صرخت أخيرًا وهي تسمع صوت ياسر المتغلغل لأسماعها بوحشية : ما أبــــــي أسمعك ... انت منت بأخوي .. منت بأخـــــــــــــــوي
زمّ شفتيه وهو يصر على أن تفتح الباب، إلى أن جاءت أميرة لتمسك بكتفه بحزم : اترك البنت بروحها الموضوع مو بهالسولة لها
ياسر بانفعال : يعني هو لنا سهــل!!
أميرة بذات الإنفعال : لا ماهو سهل، بس عليها أشد
هي التي تعلم أنها تحبه، وتدرك أنها الآن في صراعاتٍ عديدة، وكيف لها أن تحتمل هذه الحقيقة وهي التي كانت تفكر به بغير الأخوة.
أردفت بحدة : روح للمسجد بدل لا تضغط عليها ، ما بقى شيء على صلاة الفجر



,



يمسك بيديها يحاول أن يمنعها من ضرب وجهها، كان قد بهت للحظاتٍ من ردة فعلها قبل أن يحاول تهدئتها، كانت الروح قد غادرته ثوانٍ وهو يراها بهذه الحال، وكان عقله قد توقف للحظاتٍ عاجزًا.
جيهان إنّ بكائك موجاتٌ لا تحتملها أذناي، جيهان إنّ دموعكِ موجاتٌ أغرقت جسدي ومن ثم قتلتني، جيهان إن بكاؤكِ ذنبٌ اقترفه الكثير ولم يؤثر يومًا بي لأستغفر منه، فكيف لي أن أحتمل تأثيره إن كنتِ تهوين هذا الذنب كثيرًا؟
صرخت وهي تحاول نزع كفيها من بين كفيه، واليأس شقّ طريقه إليها، أستعيش حياتها أبدًا مع فواز بعد أن تلقفها لا هي التي جاءته؟ أستحتمل أن تكون مرميةً من بيت أهلها ولم يتناولها سوى زوجها؟ ... كيف ستستطيع العيش معه في هذه الظروف؟ كيف ستستطيع تقبل حياتها معه بعد أن رُميت إليه؟ إن كان هناك احتمال 1% أن تتقبله فقد اختفى هذا الإحتمال، إن كان هناك قدرٌ ضئيل في أن تحبه فقد اختفى هذا القدر.
لو لم يكن هو معهم هنا في بروكسيل لما تجرأ والدها على تركها، لو لم يكن معهم لما اختار والدها بُعدها عنهم لتكون عند زوجها.
جيهان : ابعـــــــد عنــــــــي … اطلع ما أبي أشوفك!!
فواز بإصرارٍ وهو يشد على كفيها : ماني طالع لين ما أشوفك هديتي
ازداد ارتعاش جسدها وهي تحاول أن تُهدئ نحيبها، المهم الآن أن يذهب، المهم أن يتركها وحيدة، المهم ألا تراه أمامها.
لاحظ سكونها قليلًا، ليترك كفيها ببطءٍ وينطق : ما أضمنك ولا أدري وش اللي تفكرين فيه .. بكذا اعذريني ما أقدر أتركك
نظرت إلى وجهه بضياع، هي تغوص الآن في الفراغ، تشعر أنها انتهت وكل ذلك بفعل يديها، هي التي تمردت أخيرًا وهي التي أعلنت العصيان، هي التي اختارت العقوق وهاهي تُعاقب في الدنيا قبل الآخرة.
لكنها وبالرغم من ذلك لم تندم لعصيانها، لم تندم فهي ترى أن لها كامل الحق، هو الذي أخطأ في البداية وعقابه كان بتمردها، لكنها وبالرغم من عدم ندمها إلا أنها شعرت بالفراغ، عقابه كان كبيرًا / موجعًا.
همست بضياعٍ وهي تشد قبضتيها : تكفى فواز والله محتاجة أجلس بروحي
فواز ونبرتها آلمته : ما أضمنك
نظرت لوجهه بألم : تتوقع إني بنتحر مثلًا؟ تطمن .. ما ودي أقتِدي بأمي، ولا ودي أكرر نفس الغلط للسبب ذاته
نظر لوجهها مطولًا، بصمتٍ دون أن ينطق بكلمة، وعيناه وحدهما كان لهما كامل القدرة على الكلام، يود لو يعانقها ويحكي لها شوقه، يحكي لها فرحته الناقصة بتواجدها معه، لكن لا الظروف تسمح ولا الوقت أيضًا.
اقترب منها ببطء، لتتراجع بخوفٍ هاتفة بارتعاش : فــواز
طوق وجهها بكفيه ليلثم جبينها مطولًا، وأنفاسه الدافئة كانت ترتطم ببشرتها لتجعلها تبتلع ريقها، شعرت أن جسدها شلّ ولم تعد تستطيع الحركة، وهو أطال قبلته قليلًا ثم تراجع بنفس الهدوء وهي في صراعاتٍ بين نبضات قلبها.
ابتلعت ريقها باضطراب، وبأكبر قدرٍ من الخفوتٍ كاد ألا يسمعه : ممكن تتركني بروحي
وقف يبتعد عنها، وقبل أن يغيب عن عينيها لفظ بهدوء : قومي صلي الفجر لا يفوتك



,



يضرب بأنامله على الطاولة بغضبٍ واضح، والآخر ينظر إليه باستغراب، لاحظ انفعاله منذ ساعاتٍ بعد أن كان يحدثها وانقطع الإتصال فجأة، لكنه صمت ولم يرغب بالتدخل.
رفع أدهم الهاتف ليتصل بها بغضب، سيقتلها لا محالة، في البداية تتصل به، تتحدث معه مطولًا وتتوسل إليه، ثم يصل لأذنه معمعةٌ هناك ومن ثم تغلق في وجهه.
أينكر أنه شعر بالقلق؟ شعر بالخوف عليها وهو الذي يحاول التظاهر بعدم الإهتمام؟؟
لم تكن تُجيب، وهو كاد يجن ... حتى صرخ أخيرًا : الله ياخذك من بنت
ضوق الآخر عينيه بتساؤل : أدهم وش فيك؟؟
نظر إليه أدهم بغضب : مالك شغل
كشر بوجهه لينهض ينوي الذهاب للمطبخ : هذا جزاتي اللي قلقان عليك .. والا انت حمار ما تستحق
صرخ أدهم بغيظ : مــــاجـــــــــــد
ضحك يُغيظه وهو يتجه للمطبخ، وذاك رمى هاتفه ليتمتم بقهر : وأنا ليه مهتم؟؟ وش بيصير لها يعني!!



,



جلست في مقعدها الدراسي بذهنٍ شارد، اليوم أخاها تجاهلها، لم يكلمها وبدا عليه أنه عاتبٌ عليها، وهي الغبية التي فتحت الموضوع فياليتها لزمت الصمت.
تنهدت بضيقٍ وهي تضع كفها على وجنتها تستند بمرفقها على الطاولة، وفي أثناء شرودها أقبلت سارة لتجلس على الطاولة بوقاحة : أهلييين غدو
رفعت نظرها إليها بارتباكٍ وقلقٌ منها يعتريها حين تراها، لتلفظ بتوتر : أهلين سارة
سارة بمكر : ما جاوبتيني للحين على سؤالي الأولي
غيداء بارتباك : أي سؤال؟
سارة بوقاحةٍ ومياعة : افا نسيتيه بهالسرعة؟ شكل طفلة مثلك نست العالم كله من تجربة وحدة
قطبت جبينها لتميل رأسها باستنكار، لا يُعجبها حديثها ولا تلميحها الذي لا تفهمه جيدًا، كانت قد ارتاحت من إصرارها على أن تكون معها وصديقةً لها منذ مدةٍ وهاهي تعود لمضايقتها بعد أن أخطأت مرةً ولجأت إليها.
هتفت بهدوء : سارة واللي يعافيك اتركيني بحالي ... أنا عارفة إنه أنا اللي اتصلت عليك مرة بس خلاص إنسيها
نزلت سارة عن الطاولة لتلوي فمها بتفكير : هذا وأنا اللي ناوية أساعدك؟
غيداء بنظراتٍ مستغربة : في وشو تساعديني؟
سارة ببراءة : في الكثير ، عاد ما عليك إلا تجيني وتقولين موافقة … وما اعتقد وحدة صغيرة مثلك بتضيع حياتها عالفاضي كذا ، ومو ذنبك اللي صار لك
نظرت إليها غيداء دون فهم، وتلك أطلقت ضحكةً وقحة لتبتعد بخطواتها عنها لمقعدها وذلك لحضور المعلمة.
تيبست غيداء في مكانها ونظراتها توجهت لحجرها، غيرُ مطمئنةٍ لحديث هذه الفتاة، إذ يبدو أنها لا تنوي خيرًا، وهي الضعيفة التي لم تقوى البارحة على أن تفضحها أمام أخيها فكيف إذن بصدها!!



,



الرابعة والنصف مساءً

ترجل عن السيارة وهو يحمل زياد بين يديه، يبتسم له والآخر يحكي له عن مغامراته في مدرسته، وكأي طفلٍ هو نسي ما حدث مع أمه التي لم تقل كلمةً حين جاء سيف ليأخذ ابنه، وماذا عساها تقول إن كانت معارضتها على ذهابه مع والده سيجعلها تخسره؟
سيف بحنان : والحين مين بتشوف؟
تلفت زياد ينظر للبيت الذي وقفوا عنده، ليشهق بفرحٍ هاتفًا : جدتــي
ضحك سيف وهو يمشي مُتجهًا لباب المنزل، ستفرح أمه به بالتأكيد فهي قليلًا ما تراه : اي يا عيون جدتك … ما اشتقت لها؟
زياد بفرح : كثيييييير
ابتسم ليقبل وجنته، ليقف عند الباب يضرب الجرس قليلًا حتى جاءت الخادمة ودخل، وكالعادة أمه ستكون في هذا الوقت تشرب قهوتها، وقد كانت ديما تجلس معها متأنقةٌ بلباسها كونها ستزور أمها، وحين لمحاه يدخل صمتتا فجأةً لكونهما كانتا تتحدثان بحديثٍ لن يعجبه إذا سمعه أولًا، ولرؤيتهما لزياد ثانيًا.
وقفت ام سيف بفرحةٍ حين رأته : يا حبيب جدتك
أنزله سيف ليندفع بسرعةٍ لحضن جدته التي استقبلته بالقبلات، وتلك كانت تنظر إلى الطفل ذو الجسد الضئيل ببرود، ليست المرة الأولى التي تراه، وذات الشعور دائمًا ما يخالجها حين رؤيته، الشعور بالكره وعدم تقبله، الشعور بالغيرة منه، لكنه اليوم كان أقل وطأةً على قلبها، فهي قد تنعم بطفلٍ عما قريب.
تنهدت لتخفض عينيها عن عيني سيف الذي يراقبها، تُشغل أناملها باللعب في أطراف قميصها، لمّ ينظر إليها؟ دائمًا ما يبقى يدقق النظر في ملامحها حين يكون زياد بينهم، يراقب أيّ تغيرٍ في تقلصات ملامحها، يثق أنها ستكون حاقدة، بالتأكيد هي كغيرها من النساء ستحقد على ابن زوجها، وليس هو من قد يرضى بأن يمس ابنه شيءٌ منها أو من امه حتى.
سيف بهدوء : زياد حبيبي ما سلمت على عمتك
استدار زياد إلى ديما بخجلٍ طفولي يخالطه بعض الرعب، لطالما حذرته أمه منها، ولطالما زرعت الأهوال في رأسه عنها . . . اقترب منها بخطواتٍ بطيئة حتى وصل إليها لتنحني قليلًا وتقبل وجنته ببرود، ليست مثاليةً لتحب ابن زوجها من أخرى، وليست بذا طيبةٍ خارقةٍ حتى تتصنع أنها كالملاك الخارق! هي كغيرها من النساء ستغار على زوجها حتى من ابنه، لا تحب زياد وتعترف بذلك، بالرغم من أنه لاذنب له إلا أنها لا تحبه.
تنهدت وهي تسأله ببرود : كيفك زياد إن شاء الله تكون بخير؟
زياد مُطرقٌ لرأسه : بخير
ثم عاد ليجلس في حجر جدته وكأنه يحتمي بها من المرأة الساحرة التي لطالما حذرته امه منها.
وقف سيف : يلا يمه أستأذنك … بوصل ديما لأمها وبترك زياد معك على ما أرجع * ثم وجه نظراته لديما * يلا ديما
وقفت بهدوءٍ لتنطق : بجيب عبايتي

بعد دقائق كان قد حرك سيارته مُتجهًا لمنزل ام فواز، وبقدر البرود الذي اكتساها حين رأت زياد كانت السيارة تعيش في برودٍ كما برودة حياتهما، وهي التي فهمت نظرات سيف لها جيدًا ... هه، يخاف عليه منها، أيظنها وحشًا أم ماذا؟ حتى وإن لم تكن تحبه ولا تستصيغه إلا أن بها القدر الكافي من النقاء والطيبة كي لا تعامله بقسوة، وما ذنبه هو إن كان والده هو زوجها الذي تفتقر لحنانه؟ ما ذنبه إن كان والده هو السيد القاسي الذي يئست من أن ترى به الجانب الطيب جلّ وقته والذي كانت امه تخبرها أنه كان به قديمًا.
قاطع موجات تفكيرها صوته الهادئ، البارد في تجويفه والفارغ من كل الحنان الذي تتمناه : ليه ما تحبينه؟
أدارت رأسها ببطءٍ لتنظر لملامحه الجامدة وعيناه الساكنتان بالطريق، وكم أرادت الضحك على سؤاله، أيتوقع منها أن تحبه بكل بساطة؟ لربما لو لم يكن منعها من حقها في الأمومة لما كرهته، لربما لو أنه لم يمنعها من مثيله لما كرهته، هو المخطئ، هو الشيطان الذي آثر الخير لذاته ولم يحبه لها، هو السادي الأناني الذي أرادها له كيفما يريد، كيفما يحب وكيفما تكره هي.
جانبها الذي لم يحب زياد كان لأنه ابنه هو من أخرى، لكن جانبها الذي كرهه كان لكونها حُرمت من مثيله وهو نعم به ونعم بلقب الأب.
ديما ببرودٍ ساخر : وايش تتوقع مني بالله عليك! . . . لا لا ، زوجتك مثالية تحب ولد زوجها وتعتبره ابنها ، زوجتك مسكينة محرومة من العيال بس فيها روح مثالية لدرجة إنها تبدي زوجها وابنه عليها، تحب ابنه مثل لو كان من دمها هي ، تبي سعادته فوق سعادتها بس لأنها ملاك مافي مثلها شخص يحب الخير
قطب جبينه بغيظٍ من حديثها، من نبرتها الساخرة والمتهمة له بالكثير، من نبرتها المُتمردة والمُتضح بها الحقد على ابنه الذي لا ذنب له.
زمّ شفتيه بغضبٍ قبل أن يهتف : لا النبرة ماهي عاجبتني … * استدار ينظر لوجهها نظرةً خاطفةً ثم عاد لينظر للطريق * وش ذنبه زياد حتى تحقدين عليه هو؟ خابر إن الحريم يحقدون على بعض بس حرمة وولد ما تجاوز السبع سنين!!
ديما بنبرةٍ حانقة : ذنبه إنه ولد زوجي اللي حرمني من مثيله
مدّ يده ليمسك كفها بعنف وعيناه لازالتا متمركزتان في الطريق، وبصوتٍ اتضح به الغضب ووعيدٌ عظيم اختبأ خلفه : والله والله يا ديما لو أدري إنك مأذية زياد بيوم ما تلومين إلا نفسك
سحبت يدها بقوةٍ وشفتيها ارتعشتا، وهو المجرم الذي لا يتغير، الحفرة السحيقة التي وقعت بها ولم تجد قاعها، الفوهة التي سقطت في جوفها ولم ترتجي يومًا الخروج منها، هو الذنب الذي ارتكبته يوم تزوجت به، لتبقى الدنيا تعاقبها بأخذ السعادة منها، بسرقة الضحكات من شفتيها، بقمع الفرح من قلبها. وهي التي ستبقى أبدًا خاضعةً لحبه الأهوج الذي لم يجد قلبها منه سوى الضلالة دون الهدى، الضلالة لطريق العشق الخانق لعقلها لتبقى أبدًا لا تفكر بالخلاص.
شدت على قبضة كفها في حجرها لتصرخ دون السيطرة على نفسها : على بالك إني مثلك ما عندي قلب؟
أغمض عينيه بقوةٍ وهو يستغفر، هاقد بدأ صوتها بالإرتفاع وقد يلحق هو بها، لن يمرّ يومًا بينهما دون مشاحنات، لن يمرّ عليهما يومٌ هادئ يسكن الضجيج والجنون المتعقل بداخله هو.
لفظ بين أسنانه بوعيد : الأفضل تخفضي صوتك وتبلعي لسانك لأننا محنا في البيت … مو ناقصنا فضايح
همست بقهرٍ من بين أسنانها وبصوتٍ لم يصل إليه : مدري مين اللي بيجيب الفضايح على قولتك




,



زفرت بضيقٍ بعد أن رفعت سجادتها وقد كانت انهت صلاة العصر للتو، كان فواز قد أحضر حاجياتها المُهمة وبعضًا من ملابسها التي ستحتاجها لأيامٍ إلى وقتٍ آخر
المكان يصرخ بالغربة، وهي في داخلها تصرخ بالإغتراب حتى عن نفسها، ولازالت وإلى الآن تتساءل أين هي! لمَ هي بعيدة؟ لمَ هي ليست في مكانها الطبيعي؟
سمعت صوت خطواته لتنكمش باضطراب، تشعر بالغرابة معه، وكأنه ليس بزوجها، كأنما هي مع شخصٍ غريب لم تعرفه من قبل.
أغمضت عينيها بقوةٍ لتزفر الهواء الملوث من رئتيها، من الصعب عليها أن تتكيف على هذا الوضع، وأنت يا والدي من وضعني في موقفٍ كهذا، أنت من تخلى عني ورمى بي في غياهبه، أنت من تخلى وقذفني في موج الأسى معه، ولـو أنكَ كنت تعلم ماحدث لي معه لكنت أيضًا سلمتني إليه، لـو أنكَ تعلم ما كان يومذاك لكنت رميتني له دون رغبةٍ منك لابنةٍ مثلي لك.
وقف خلفها مُباشرةً بعد دخوله إليها، وهي كانت تقف عند السرير وبيدها السجادة المطوية، تعض طرف شفتها حتى لا ترتعش فتضحها.
فواز بهدوء : أنا طالع الحين .. تبين شيء؟؟
هزت رأسها بالرفض، دون كلمةٍ والصمت كان حديثهما، وماقد يكون بينهما سوى الصمت والصمت؟ وهو الذي شرع يومًا في هذا الزواج ليحميها مما قيل عنها على لسان أمه، ليحميها من قذفها لها ويُخرس ظنونها السيئة عنها.
هذا هو ما دفعه للزواج بها أولًا وأخيرًا، لربما كان يحبها حقًا لكنه تركها، تركها بعد عقد قرآنهما بليالٍ ليثبت العكس من حبه تمامًا، هرب منها! هرب ممن لا يريد، هو أيضًا كوالدها لا يريدها في الحقيقة، ثقلٌ عليه قبل كل شيء.
حين رأى منها الصمت تنهد ليمد يده ويخلخل أصابعه في خصلات شعرها الحريرية مداعبًا لفروة رأسها بحنان، وبهمس : انتِ أكثر شخص يدري بمعزتك في قلبي يا جيهان
ازدردت ريقها ببطء، لا تريده أن يكون معها بهذا اللطف، لا تريده أن يكون بهذا الحنان، تريده قاسٍ لتقسو، تريد منه أن يكون النظير لما تكنه له هي، تريد أن تستطيع القسوة دون حواجز يبنيها هو بلطفه.
فواز يُكمل بهدوء : ولا يهون عليْ اللي صار لك … * تنهد بخفوتٍ ليُردف * أنا بكلم عمي يوسف بخصوص اللي صار أمس، ولا أعتقد إنه كان يعني كل اللي قاله ، انتِ الغلطانة أولًا وأخير وما ألوم عمي عاللي سواه
استدارت إليه بجبينٍ مُقطب وهي ترفع كفها لتنزل يده عن شعرها، أيواسيها الآن أم يتهمها أم ماذا؟؟
هتفت باستنكارٍ ساخر : اي صحيح ما يهون عليك، وبعدين صار ما ألوم عمي … كلامك متناقض مثلك
نظر إليها بانزعاجٍ من طريقة كلامها، وبهدوء بعد أن زفر أنفاسه دون شهيق : طيب أنا الحين أتكلم معاك بأدب فيا ليت تتكلمين معاي بالمثل، لا تحديني على أسلوب ما أبيه يا جيهان
صدت بوجهها عنه لتهمس بأسًا وحزن : ما أبيك تقول له شيء … نارك ولا جنته
قلبها وإلى الآن عاتبٌ عليه، حاقدٌ عليه لخطئه مع أمها، والذهاب إليه يعتبر خيانةً للراحلة، هو انتهى من حياتها، لن تعود إليه، لن يكون والدها مُجددًا، ستبقى مع فواز ولن تذهب إليه، حتى وإن لم تكن تريد فواز إلا أنه الآن الملاذ الوحيد لها، لا ملاذ لها إلا هو وملاذها الأول لاتريده … لا تريده
نظر إليها فواز مطولًا بصمت، يدرك التناقض في مشاعرها الآن، التشتت الذي بداخلها، هي تريد والدها في النهاية لكنها لا تستطيع الإعتراف، تريد أن تكون بجانبه لكنها تراه المُخطئ في النهاية بما حصل لأمها.
بلل شفتيه، وبصوتٍ كان به الكثير من الحزم : تبين تجلسين معي؟؟
نظرت إليه نظرةً تائهةً غلفها الكثير من الألم، تشعر بالغربة معه، هو أيضًا لا يريدها لكن أين عساها تذهب؟ لا مكان لها، لا بيت يأويها، لا فراش يحويها، لا روح تريدها، تتخبط هنا وهناك كمشردةٍ هزمها النسيان، هزمها الزمان حتى باتت بائسةً لا تحويها أي ذرة سعادة.
جيهان بخزي : عارفة إنك ما تبيني، بس مالي مكان … أنا ، أنا ..
سقطت دموعها بضعف وهي تخفض رأسها بذلٍ، شفتها السُفلى بدأت تئن تحت وطأة أسنانها … رباه كم هزمتها الحياة ببطشها، كم هزمها تهورها وإن كانت وإلى الآن لم تندم بسببه، ترى أنها عادلةٌ لم تُخطئ في تصرفها مع والدها منذ وفاة امها، ترى أن لها كل الحق فيما فعلت ولم تندم … لم ولن تندم أبدًا فالمخطئ أولًا وأخيرًا هو والدها.
قطب جبينه دون رضا، أتظن انه لا يريدها؟ أتظن أنه لا يتلهف للوقت الذي تكون فيه له وحده وأمام عينيه؟
تنهد وهو يمسك كتفيها بحزم، وبهمس : مين قال ما ابيك؟ … أنا أبيك بس بطريقة أفضل لك ولي، ما أمانع إنك تعيشين معي ولو تبين هالشيء أنا عند أمرك
بس طبعًا ما أبـي حياتنا مثل ما تتمنين إنتِ
تُدرك ماذا سيقول، هو زوجها ويريد أن يكونا طبيعين معًا كأي زوجين، وهي الآن في وجه المدفع، سيذلها لأنها تحتاجه، سيذلها لأن لا أحد لها إلا هو … أخفضت رأسها بألم .. رباه إن الألم يترسب على جروحها دون أن يتلاشى، رباه إن الخذلان واجهها بقسوةٍ وكم خُذلت من أقرب الناس لها، لم تعد قريبةً من أحد، وحين أرادت البعد عمن لا تريد أصبحت أقرب إليه أكثر من أي شخصٍ آخر، إنها ضعيفةٌ أكثر من أيّ مرةٍ مضت، ضعيفةٌ إلى حدٍ يكفي ليكون فواز هو المنتصر عليها أبدًا.
جيهان بارتعاشٍ وضعف وعيناها تواجهان الأرض : عارفة وش اللي تبيه … أنا زوجتك ما أقدر أمنعك عن أي شيء، وبما إني في بيتك فأنت لك كل الحق علي
لك كل اللي تبيه يا فواز وأنا بقوم بكل حقوقك دامني في بيتك


,



يمسك بكفيها متوسلًا، غاضبةٌ عليه وهو الذي لا يقوى على تعاملها هذا، تتجاهله وكأنه غير موجودٍ أمامها، تتجاهله وكأنه ليس ابنها، والسبب كله يقع على شاهين، هو الذي أفسد علاقته بأمه، هو الذي أفسد حياتهما معًا … ستدفع الثمن يا شاهين ، أقسم أنك ستدفعه غاليًا.
يجلس على ركبتيه أمامها، وبصوتٍ متألمٍ لصدها : تكفين يمه … يرضيك تظلين ما تحاكيني؟ يرضيك تتجاهلين وجودي؟
صدت عنه وعيناها تنظران لكل شيءٍ عداه بألم، إنه ابنها الوحيد الذي كاد يضحي بها، ابنها الذي لم يهتم لمشاعرها وردة فعلها إن هي فقدت بصرها كليًا.
همس بتوسل : يمه يا نظر ولدك .. والله ما أقوى على زعلك علي ، أنا كنت أتمنى أفرحك والله
يتمنى فرحها بفقدانها البصر؟ يتمنى فرحها بخذلانها به! أيّ حديثٍ هذا يا ابنها؟ أيّ كلامٍ هذا يا سند، خذلانها به كان أقوى من أي شيء، وهو الذي لازال وحيدها الذي لم يهتم أنها وحيدته!!
سند : طيب حاكيني .. عاتبيني … قولي أي شيء بس لا تتجاهلين، قولي أي شيء يمه بس لا تعاقبيني بهالطريقة
وقفت تتجاهل حديثه، وببرودٍ انزاحت من أمامه لتبتعد عنه وتخرج من الغرفة التي كانا بها، ليعض هو شفتيه بألمٍ لتجاهلها له، للحزن الذي رسى على عينيها . . . وبحقدٍ همس : انت السبب .. انت السبب يا شاهين وأنا اللي بدفعك الثمن … والله لخليك تاكل أصابع يدينك من الندم عاللي سويته فيني



,




الجو هنا ما زال مشحونًا والنار لم تخمد بعد، وتلك لم تغادر غرفتها منذ ما حدث، كما الضياع والخذلان لم يغادرها، كما الألم والحزن لم يغادرها . . هذه المرة أصرت على مغادرة المنزل، وإن كانت جلست كغريبةٍ وأحدهم يعلم أنها ليست كذلك فكيف عساها تجلس الآن كابنةٍ لهم بعد الصمت والتكتم ممن هي أمها - حقيقة -

وفي غرفة ام ياسر … جلس ياسر بجانبها على السرير وهو يتلقف يدها بتوسل، كانت صامتةً لا تريد أن تفسر أكثر، ليس من حقها الصمت وهي المذنبة أولًا وأخيرًا، ليس من حقها التكتم الآن، وهو يجب أن يعرف أكثر، ولا يكفيه معرفة الكيفية بل الأهم الآن أن يعلم الأسباب وراء تكتمها.
ياسر : ماهو من حقك التستر يمه .. شلون رضيتيها عليها وهي بنتك؟ شلون هان عليك تعيش بيننا غريبة؟
الحين أنــا أكثر ما يهمني إني أعرف أسبابك مع إنها مُحال تكون وجيهة لفعلتك
لم ترد عليه أم ياسر سوى بالتجاهل، تصد وجهها عنه لجانبها الأيمن، تُقابل النافذة والستائر مُنجليةٌ عنه، والشفق بدأ يعلن تواجده على السماء، اقترب موعد غروب الشمس كما ستغرب هي عن بيتها، وإن كان عبدالله قد طلقها مرةً بسبب إلين التي لم يكن يعلم وقتها أنها ابنته فكيف الآن؟
ستغرب ، وقد بدأ غروبها تدريجيًا والسبب لغروبها هو ذاته لطلاقها الأول، ما ذنبها إن كانت أحبت تلك الطفلة اليتيمة فتمنتها ابنةً لها لتجعلها كذلك عند أقرب فرصة، جاءتها فرصتها تلك على طبقٍ من ذهب فكيف تفوتها على نفسها.
عمر إلين سنة وهي في عمرٍ يسمح بالرضاع … بينما هي وقتها مُرضعة لابنتها، فما المانع في أن ترضع إلين سوى زوجها، ورغبتها وقتها في جعلها ابنةً لها كانت أقوى من رفض زوجها لذلك ومن كرهه لتلك الطفلة.
وضع ياسر كفه على كتفها متوسلًا : تكفين يمه لا تتركينا كذا ضايعين ، ليه سكتتي؟
استدارت إليه فجأةً بعينين حازمتين، تنظر إليه بحدةٍ ويديها تلقفتا إحدى كفيه . . لتلفظ بأمرٍ يخالطه بعض الإضطراب : اسمعني كويس يا ياسر .. إلين في هالفترة ما أبيها تطلع من غرفتها .. انتبه لهالشيء ، على الأقل لوقت يكون فيه أبوك بدا يتعود على الموضوع
قطب ياسر جبينه بانزعاج، لمَ يستشعر من نبرتها الخوف الأكبر من والده؟ أيعقل أن يكون السبب وراء تكتمها يتعلق به هو؟ لكن لمَ؟ لمَ قد يكون السبب؟
أردفت بقلق : وينه أبوك؟
تنهد بضيق : من رجع وهو جالس مع عمتي في المجلس
هالة باضطراب وهي تعرف الإجابة مُسبقًا : معصب؟!
ضوق ياسر عينيه وهو ينظر إليها بعتاب، وماذا تتوقع بعد ما فعلت؟ إن كان هو غاضبٌ فكيف بوالده؟ إن كانت إلين نفسها وإلى الآن لم تترك غرفتها فكيف إذن بوالده الذي ارتفع صوته وهو يحدث عمته مرارًا . . أخطأت أمه خطأً فادحًا بتكتمها عن حقيقة كون إلين أختًا له ولهديل، عن حقيقة كونها ابنةً لعائلتهم بالرضاع، فماذا تتوقع من والده الآن؟؟؟
أومأ بصمتٍ لتزفر هي بارتباكٍ وتعض شفتها، خائفةٌ هي على مستقبلها في هذا البيت أو بالاحرى خارج هذا البيت، إن كان مرةً قد طلقها لشجارٍ تافه فكيف بهذا الموضوع الذي لم تهتم كثيرًا لتُفصح عنه بعد أن مضى عليه سنواتٍ طوال، كانت تراها كالغريبة عن أخاها ووالدها ولم تهتم لذلك، كانت تراها ترسم الحدود بينها وبين الرجلين اللذين كانا أقرب لها ولم تهتم أيضًا.
المرةُ الأولى التي شعرت فيها بعظمة ذنبها حين علمت بما بين ياسر وإلين، شعرت أنها أخطأت بالصمت لكن ماذا عساها تفعل بعد هذه السنين؟ كيف ستعترف وهي التي صمتت أعوامًا مديدة؟
والآن ، هاهي تشعر بالخوف على نفسها من زوجها … ولتكن صادقةً هذه المرة مع نفسها، تشعر بالخوف على إلين أكثر.




.

.


انــتــهــى

وللمرة الثانية أقول / هالبارت أبدًا ما كان مرضيني وإن شاء الله يكون في عيونكم العكس من ذلك
وموعدنا القادم إن شاء الله بحدده خلال هاليومين :$





ودمتم بخير / كَيــدْ !










لست أدرى 19-08-14 09:12 PM

رد: قيودٌ بلا أغلال عانقت القدر
 
لا يا عسل ... البارت جميل وكل حاجه ... بس حسيته قصير شويه !!! ولا أنا اللى اتعودت اقرأ بالكام بارت ورا بعض فمش متقبلة الكم ده بس .. ههههههههه


المهم نيجى للشخصيات والمواقف ... اسمحيلى هبدا من الآخر

من لحظة ماوقفتى .." ولتكن صادقةً هذه المرة مع نفسها، تشعر بالخوف على إلين أكثر. "

كذاااااااااااااااااااااااابة ... هالة بها من الانانية ما يكفى انها لم تفكر أبدا إلا بنفسها وبس ... عملت اللى هى عايززاه فى الاول وحققت أمنيتها بأنها خلت إلين بنتها ، لكن ماهتمتش انها خلتها تعيش غريبة فى وسط أهلها وتتحجب عنهم .. إلين كانت عايشة حياة صعبة ومشتتة ، مش كفاية انها حاسة بالضياع لأنها مش عارفه أهلها الحقيقيين ، وفى نفس الوقت مش قادرة تاخد راحتها مع الناس اللى هى عايشه معاهم عشان ماتبقاش تقيلة عليهم ... لو كانت بتحبها وبتخاف عليها فعلا كانت رحمتها من حالة الضياع دى وكشفت السر من زمان ... كانت إلين وقتها حست انها ليها عيلة فعلا زى كل البشر مش حاسة انها أقل منهم ... وماكانش الناس اتكلموا فى حقها وانها لقيظة مش معروف مين أهلها ... هالة حرمتها من كل ده وفى الاخر تقول خايفه عليها ؟؟

على كلٍ إن كان عبد الله طلقها قبل كده بسبب إلين فده كان من حوالى 15 سنة او اكتر ... هو دلوقتى اعقل من انه يقوم بتصرف زى ده بكل بساطة ... زائد انه بيحب إلين وبالتالى موقفه منها اختلف .. لا يمكن يأذى إلين .. بالعكس تلاقيه حاقد على زوجته اكتر واكتر لانه يتممنى لو كان عرف من زمان ان إلين بنته وقدر يعاملها بدون احراج وبدون حدود زى اى اب وبنته ... هالة انانية جدا انها حرمت كل عايلتها من الحق ده .

المهم انا مش خايفه على إلين من ابوها ... ولا خايفه على هالة .. ممكن علاقتهم تتغير ، ممكن يخاصمها ويبعد عنها فترة ومايبقاش طايقها ... لكن ان شاء الله مش هيطلقها .

العجيب انه هالة حاولت انها تكون الطرف اللى بيتصرف صح سواء بفعلتها زمان او بتصرفها دلوقتى انها كشفت الحقيقة قبل ما يحصل الغلط ... بس للأسف انها اكتر شخص مكروه دلوقتى .. من عايلتها ومننا احنا القراء ، وكراهية الكل هتزيد لها لو فضلت ساكتة وماوضحتش موقفها واسبابها .. لازم تتكلم على الاقل ممكن نعذرها لو فهمنا حاجه ... لكن مش من حقها انها تسكت بعد مافجرت القنبلة دى !! يكفى انانيتها انها اتصرفت زمان لوحدها وعملت اللى عملته وبعدين قررت تسكت عنه من غير ماتشور حد .. مش من حقها دلوقتى تستمر فى الانانية دى .. طيب فرضا لو كان حصلها اى حاجه وماتت من فترة مثلا ، وبعدين ياسر وإلين اتجوزوا ... هى كانت هتشيل الذنب وهى فى قبرها الغبية دى !!!


نيجى لجيهان وفواز ... صراحة الثنائى ده انا مش بحبه .. لسه مش واصل لقلبى .. يمكن عشان قصتهم مش مفهومة ومافيش اكشن فيها .
يعنى بغض النظر عن الموقف الحالى ورد فعل جيهان الاخير ، خلينا نتكلم فى سبب مشكلتهم من الاول.

دلوقتى فواز وجيهان طول عمرهم مرتبطين ببعض وبيحبوا بعض من صغرهم ... وماعرفش ليه امه مش بتحبها وليه ظنت فيها السوء .. بس المهم انه اتجوزوا وموقف امه ادى لفواز الفرصة انه يحقق اللى هو عايزه ... بعد الجواز بكام يوم فواز سافر فجأة وجيهان اعتبرتها اهانة ليها !!
اللى شفناه بقى من ساعة ما بدأت الرواية انه جيهان كارهاه وصادة عنه ... وفواز بيحاول يثبتها لها مدى حبه وعشقه وهيامه بيها ... طيب ماهو مش ينفع نستمر عالحال ده كتير ... طول ما الاسباب اللى عاملة المشكلة زى ماهى ماتحلتش يبقى عمر ما علاقتهم هتتقدم خطوة ... لازم يقعدوا قعدة حوار جاد ويتفاهموا ... فواز لازم يفهمها هو ليه سافر وانه ده مش اهانة ليها فى حاجه ... من غير كده عمرها ما هتقبله تانى لأنها مجروحة منه ومن أمه .
الامور اللى بينهم مش هتتحل لمجرد انهم مجبرين على الحياة معا .. ولا لمجرد انها قررت انها هتديله حقوقه وتكون زوجة طبيعية " وخصوصا انه مش هيقبل كده منها إلا لما يكون بكامل رضاها " . هى لازم تعاتبه وتفهمه سبب زعلها عليه ، وهو بالمقابل يشرحلها موقفه وبكده يتصافوا ويبدأوا حياة طبيعية زى الناس .


ديما وسيف ... سيف ده كل ماقول هبدا اتقبله وارضى عليه يرجع ينرفزنى تانى .... حد يقتل الراجل ده ياهووو !!!
بتسألها ياخويا مش بتحب زياد ليه ؟؟؟ بكل بساطة لأنه ابن سيادتك ... هتحبه ليه يعنى ؟؟؟ كانت شافت منك إيه عدل يعنى !!! هى من يوم ماتجوزتك ماتهنتش بيوم فى حياتها ... بتحبك وبتشتم نفسها على الحب ده ... يبقى تحب ابنك ليه يعنى ؟؟!!!

بس انا مش هتكلم اكتر من كده لحسن الراجل ده بيخرجنى عن شعورى وهبدأ اغلط ..


امممممم مين تانى ؟

غيداء !!! ربنا يستر عالبنت دى ... روحى يا شاطرة الحقى قولى لأخوك ، يمكن يفيدك بحاجه بدل ماتنجرى مع البنت اللى ماتتسمى دى ... سارة دى مش ناوية على خير ابدا ,,ربنا ياخدها هى وأمثالها .
هى بتفكر انه غيداء خلاص فقدت عذريتها .. يبقى عايزة تاخدها لشلتها بقى وتبقى بنت ليل وكده !!! وقال يعنى انها بتعمل فيها معروف وتخليها تعيش حياتها بدل ماهتعيش فى كآبة وعزلة بسبب اللى حصل لها !!! حسبى الله على ده تفكير ... ربنا يستر على غيداء وتعرف تتصرف صح ، قبل ما البنت دى تجرها لطريق اسود ومنيل .


سند ... البنى آدم ده متخلف رسمى !!! هو ليه مش قادر يفهم انه العملية دى فاشلة ... الغبى كان فاكر انه لما يهدد شاهين شوية بكده هيخليه ينجح العملية ... متخلف !!! اللهم لك الحمد على نعمة العقل ... وراجع بيلوم شاهين وعايز ينتقم منه كمان ... لا كده أوووفر الصراحة


وأخيرا ... الثنائى اللى بيطرى على قلبى اليومين دول ... سلطان وغزل

فى الاول استغربت انفجارها المفاجئ ده !! بس صراحة عذرتها بعد كده لأنه جالها على الجرح لما قالها ماتخافيش منى طالما وعدت وانه مش من طبعى الاستغلال ... فكأنه داس على زرار عندها ، لأنه فى نظرها كل الناس استغلاليين وبيحاولوا يوصلوا لاهدافهم بطريق او بآخر .. ان لم يكن باللين فهو بالشدة او الخداع .
بجد متشوقة اعرف إيه اللى حصلها قبل كده ؟ وابوها ده الله ينتقم من ده أب ..
بيتهيألى سلطان لما يعرف باللى كان ابو غادة بيعمله معاها ، هيزيد دوافعه للانتقام منه واحد !!
الله يعينك يا أخ سلطان على مابلاك ..ههههههههههههه بجد الراجل ده عاجبنى ... ربنا يصبره على اللى هو فيه ويقدر يوصل لحل معاها وماتتعقدش امورهم تانى .


بانتظارك كيدوو فى القادم ... حاولى ماتتأخريش علينا .
وياريت كمان تحاولى تردى وإلا هبتدى ازعل:e105::e105: ههههههههه

لا بجد... أنا مقدرة ظروفك وضغط الكتابة مع اكيد كل مشاغلك ، ومش حابة انى ازود عليكِ ، بس زى ما الكاتب بيحب يشوف رد فعل القراء ويشوف تفاعل واهتمام باللى بيكتبه ، فاحنا كمان بنحب نشوف رد فعل الكاتب على كلامنا وتفكيرنا وتعليقاتنا ، نحب يكون الحوار تفاعلى مش من طرف واحد بس.

بالتوفيق ياقمر

...همس القدر... 20-08-14 12:42 AM

رد: قيودٌ بلا أغلال عانقت القدر
 
\
الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 9 ( الأعضاء 3 والزوار 6)
‏...همس القدر...*, ‏cute._.miss, ‏نايا الحكيم


فصل.........................
ههههههه اعلن الاضراب عن التعليق لحد الرد على التعليقات الساابقة ><
سووري هنو ^^

كَيــدْ 24-08-14 03:35 PM

رد: قيودٌ بلا أغلال عانقت القدر
 
السلامُ عليكم أعزائي
إن شاء الله تكونون بألف خِيـر

عارفة إنـي هالمرة متأخرة كثير عليكُم بس أتمنى تعذرونِي
أنا من الناس اللي إذا بدأوا بعمل تخجل تتأخر أو تقصر فيه
بس هالمرة ما حسبت حسابي
من يوم الثلاثاء ولليوم وأنا خارج البيت وما بدأت في كتابة البارت لأنِي ما أخذت اللاب معي
بحاول أبدأ فيه اليوم وأتمنى منكم تعذروني على تقصيري اللي ما كان مقصود

وبالنسبة لمواعيد البارتز

فبقول مبدئيًا إنه ماراح يكون بأيـَام محددة
بس ابتداءً من البارت القادم راح يكون فيه فاصل ثلاث أيام بين كل بارت وبارت
يعني لو مثلًا كان البارت السبت بيكون الثانـي الأربعاء وهكَذا
أتمنى يكون مناسب لكم، وعلمـونِي إذا عجبكم وأنـا بشوف الوضع مبدئيًا وإذا ناسبني بكمل بهالنظام



ودمتم بخير / كَيــدْ !

كَيــدْ 24-08-14 04:02 PM

رد: قيودٌ بلا أغلال عانقت القدر
 
اقتباس:

المشاركة الأصلية كتبت بواسطة لست أدرى (المشاركة 3465024)
وياريت كمان تحاولى تردى وإلا هبتدى ازعل:e105::e105: ههههههههه

لا بجد... أنا مقدرة ظروفك وضغط الكتابة مع اكيد كل مشاغلك ، ومش حابة انى ازود عليكِ ، بس زى ما الكاتب بيحب يشوف رد فعل القراء ويشوف تفاعل واهتمام باللى بيكتبه ، فاحنا كمان بنحب نشوف رد فعل الكاتب على كلامنا وتفكيرنا وتعليقاتنا ، نحب يكون الحوار تفاعلى مش من طرف واحد بس.

بالتوفيق ياقمر

من حقك تعاتبين
لأني مثل ما قلتي أحب أشوف تفاعلكم معاي وأكيد انتو بعد تبون تشوفون ردات فعلي

عارفة إني زودتها حبتين بس ممكن لـو قلت لكم سبب تقصيري في الرد بتشوفونه بايخ
وأنا مثل ما قلت فوق ما أحب أقصر في شغل بديته
وأوعدكم هالمرة راح أبدأ في الرد على التعليقات بليلاس قبل أي منتدى ثاني :$ وما يصير خاطركم الا طيّب



اقتباس:

المشاركة الأصلية كتبت بواسطة ...همس القدر... (المشاركة 3465070)
\

فصل.........................
ههههههه اعلن الاضراب عن التعليق لحد الرد على التعليقات الساابقة ><
سووري هنو ^^

يعني عقاب لــي :V5N05075:
بس أرجع وأقول من حقك ، أستاهل العقاب

...همس القدر... 24-08-14 04:15 PM

رد: قيودٌ بلا أغلال عانقت القدر
 
يعني عقاب لــي :V5N05075:
بس أرجع وأقول من حقك ، أستاهل العقاب
[/QUOTE]

لاااااا والله يا قلبي
just joking
:LgN05096:

هههههه عنجد اسفة فكرت بعد هالرد بشوي احط الرد تبع الفصل بس نسسسسسسسسسيت ><

تاخذيش عخااطرك الحق كله عهالذاكرة السمكية :(

لست أدرى 24-08-14 09:36 PM

رد: قيودٌ بلا أغلال عانقت القدر
 
اقتباس:

المشاركة الأصلية كتبت بواسطة كَيــدْ (المشاركة 3466405)
من حقك تعاتبين
لأني مثل ما قلتي أحب أشوف تفاعلكم معاي وأكيد انتو بعد تبون تشوفون ردات فعلي

عارفة إني زودتها حبتين بس ممكن لـو قلت لكم سبب تقصيري في الرد بتشوفونه بايخ
وأنا مثل ما قلت فوق ما أحب أقصر في شغل بديته
وأوعدكم هالمرة راح أبدأ في الرد على التعليقات بليلاس قبل أي منتدى ثاني :$ وما يصير خاطركم الا طيّب





ي

لا لا ولا يهمك يا عسل ... يكفى ذوقك والتزامك .

خدى راحتك وربنا معاكِ

كَيــدْ 24-08-14 10:49 PM

رد: قيودٌ بلا أغلال عانقت القدر
 




همس القدر

ياحبيبتي والله مالوش داعي الإعتذار أنا اللي لازم أعتذر
وعادي ياقلبي خذي راحتك في الرد أو عدمه ، مع إنّـي أدمنت ردودك بس وش ذنبك لو كنتِ مصابة بالزهايمر لوووووول <- انحاشت



لست أدري

مشكُورة يا قلبي على تفهمك
ياعسى ربي يسعد قلبك الحلو :$
لو تدرين إنك من المتابعات اللي لما أشوف منهم تعليق على طول يجيني دافع أكتب أكثر وما أتأخر
جد والله خجلي منكم يخليني أحاول أنتظم في المواعيد وأنا قبل لا أكون كاتبة كنت قارئة وأتضايق من تأخير الكاتبة

والحين أتمنى تشوفون ردي الاول بهالصفحة وتعلموني لو كان الوقت اللي عطيتكم ياه مبدئيًا يناسبكم أو لا
البعض يحب أيام محددة في الأسبوع بس ما أعتقد إنـي أقدر على هالشيء






كَيــدْ 26-08-14 10:28 PM

رد: قيودٌ بلا أغلال عانقت القدر
 



السلام عليكم كيد العزيزة ..
- وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته جميلتي


بداية اسمحيلى اسألك منين اخترتى اسمك ده ؟؟ غريب شويتين !!!
- ههههههههههههههههههههه يعني ماهو حلو؟ .. كنت مسجلة في منتدى مجاور وهنا بعد باسمي الحقيقي وبعد ما فكرت أنزل روايتي قلت أفضل لي أستخدم اسم مستعار ككاتبة في النت
وعاد أنا من محبي الألقاب اللي من هالنوع ..



ابتدى مثلا بسلطان وحكايته مع عمه ... بداية لم اصدق حقا أن عمه قد يقوم بتلك الفعلة الشنيعة !!! ومازلت غير مصدقة .. كنت متوقعة ان هناك خطأ ما وسلطان فهم الموقف خطأ .. لكن الحديث بين سلمان واحمد يثبت صدق ظنون سلطان .. فهل هذا معقول ؟؟!!! مازلت على أمل أن يكون هناك أمر ما خاطئ أو حلقة مفقودة تجعلنا نرى الامور بشكل خاطئ .
- ليه ماهو معقول؟ فيه الكثير يقتل حتى أبوه للطمع وحسب .. وممكن مثل ما تقولين فيه حلقة مفقودة :) كل شيء ممكن


نيجى للانسان المستفز اللى اسمه سيف ... اسمحيلى كيد ده شخص معقد نفسيا .. ثقة زائدة بالنفس تصل لحد الغرور .. وحب تملك يصل للسادية .. لكن هذا الانسان الذى تخلى عن كل صفات الانسانية يجب أن يعلم أن زمن العبيد انتهى ولم تعد هناك جوارى ... فليشتر لنفسه جارية ان استطاع ... لكن الزواج ما كان أبدا أداة للعبودية !!! ديما ان لم تقم باعطائه خبطة قوية على رأسه ليفيق من هذا الهوس الجنونى فإنها حينئذ تستحق ما يجرى لها على يديه ، يا الله .. أى انسان سوى عندما يرى حب زوجته له فإنه يفرح بهذا الحب الذى يصل لحد العشق ، من المفترض أن يشكر ربه على هذه النعمة ويحاول أن يبادلها الحب أو على الاقل يعاملها بالاحترام الذى تستحقه ... لكن ان يستخدم حبها وسيلة لاذلالها ويستمتع وهو يرى ضعفها وانحنائها أمامه !!! لدرجة أن يعطى نفسه أحقية أن يسميها باسم لا ترغبه !! .. هذا ليس برجل .. بل ليس بانسان أساسا . صراحة انا من النوع اللى اعتز باسمى جدا فلا اقبل أن يحاول أحدهم تغييره أو التعدى عليه اطلاقا ، ممكن أقل هذا فى حالة أن يكون من انسان محب فيجعلنى احب الاسم الذى اختاره لى .. لكن أن يحاول الغاء اسمى اساسا ودون اعتبار لرفضى من موافقتى !!!
لكم سأشمت فيه عندما أراه يتمرغ فى بحار عشقها ..
- هههههههههههههههههههه شوفي هو صحيح معقد مثل ما تقولين بس والله انه حليو <- يا كثر ما قلتها .. يقال أدافع عنه
واضح إنك حاقدة عليه وبقوة .. فما بقول شيء وبخليك تفرغين قهرك منه .. أخاف يتحول هالحقد لي هههههههههههههههههههه



يوسف وبناته الثلاث ... بجد الله يصبر هذا الانسان ويجازيه خير الجزاء على صبره على كل هذا الاذى ... سبحان الله فعلت هى فعلتها ويأست من رحمة الله فذاق زوجها وبناتها الأمرين على لسن الناس وأصبحت هى كأنها الضحية الشهيدة !!! سبحان الله لم يسلموا حتى من لسان أقرب الاٌقربين لهم .. فمن يصدق أن أخته بدلا أن تقف بجانبه لتواسيه ، تواجهه بتلك الاتهامات البشعة التى لا أساس لها إلا عقول البشر الفارغة التى ماصدقت وجدت موضوعا لتشغل نفسها به .. حسبى الله ونعم الوكيل .. زى مابيقولوا عندنا " موت وخراب ديار "

جيهان ... لا ألومها على حزنها الشديد لتعلقها بأمها ، ولا ألومها على موقفها من ابيها لأنها لا تعلم شيئا ... لكن هذا ليس مبرر اطلاقا لأن ترفع صوتها عليه وتتجاوز حدودها معه .. هى لم تفهم ما كان يحدث بين أبيها وأمها فى الفترة الاخيرة ولا تعلم لم قام بحبس أمها .. أكيد أن الموضوع اكبر من مجرد خلاف عادى ... فكيف تسمح لنفسها بالحكم عليه هكذا واتهامه بقتل أمها !!! لكن مع ذلك لا الومها لأنها فى حالة نفسية صعبة .
أما موقفها من فواز فلا افهمه اطلاقا وان كنت متضايقة مما تفعله معه ... هذا ليس تصرف انسانة عاقلة ولا محترمة اطلاقا ... هذه ليست اخلاق مسلم اطلاقا ... كيف تسمح لنفسها أن تحادث زوجها هكذا مهما كانت تكرهه ؟ تعتقد انها باظهار كراهيتها له واشمئزازها منه ستجبره على طلاقها !!! إنها هى التى تستحق الاشمئزاز والقرف من أفعالها ! فواز عليه أن يعاقبها ويريها كيف تحترمه وإلا لن يكون رجلا ان قبل الحياة معها هكذا .

روايتك عبارة عن مواقف متشابهة وان كانت مختلفة ... احد الثنائيات الزوجة هى من تتيه عشقا وهياما بزوجها وهو يتمتع باذلالها .. والثنائى الآخر العكس تماما ، فأى حياة هذه !!
- بالعكس ما أشوف في أي قصة تتشابه مع الأخرى، ممكن حكمتي إنها متشابهة لوجود عنصر " الحب من طرف " بس مع التكملة أكيد لاحظتي إختلاف كبير وجدًا
والرواية ما تعتبر مواقفها متشابهة بسبب إن إحدى الثنائيات وُجد فيها شيء التقى مع قصة الثنائيات الأخرى
خصوصًا إن البطولة جماعية وما تقتصر على ( فواز & جيهان ) و ( سيف & ديما ) ، فيه شخصيات غيرهم فمو من المنصف نحكم على الرواية من خلال هالزوجين من الشخصيات



امممممممممم مش فاكره شخصيات تانى دلوقتى

ممكن أسيل وشاهين .. بس بما إن الغموض مازال يلف قصة متعب وأعدائه واعداء شاهين وهذا السند .. فليس لدى تعليق حاليا حتى تتضح الامور قليلا .


مازال عندى تعليقين صغيرين ..

أولا ... واضح انك متعلقه بديما بشكل غير عادى ، مش عارفه ليه ... لأنك كام مرة تغلطى فى أسماء البنات وتكتبى مكانهم ديما .. مرة فى موقف يخص هديل ومرة رانيا !!
- معقولة أكون غلطت! .. أنا صحيح لاحظت مرة إنّي غلطت بالإسم في إحدى تعليقاتي بس ما أظن غلطت في البارتز نفسها!
خصوصًا إنّـي أراجع بس لا صار هالغلط في بارت فهو مو لحب خاص لديما ، أنا ما أحب شخصية وأفضلها على أخرى



التعليق الثانى ... أنت ماشاء الله لغتك جيدة جدا واسلوبك جميل وعجبنىى وصفك وتفاصيلك فىى كل شئ حتى الآن .. بس هناك شئ بسيط

القطعة دى على سبيل المثال " يجلس على مكتبه في العيادة يحاول تقليب بعض المواضيع في رأسه, يفكر في تلك المشكلة التي دامت أشهرًا ولم تنتهي بعد, وأيضًا, يبحث عن غريمه من الجهة المُقابلة, ذاك الذي عانى منه أخيه أشهرًا.
بينما هو, له عدوٌ واحدٌ فقط هو الظاهر أمامه, وقد لا يسميه عدوًا بالمعنى الصحيح, بينما يكاد يبصم بأصابعه جميعها أن لا دور لهذا العدو في ما حصل قبل سنين, صحيحٌ أن له شهاداتٍ كثيرة تدل على عمق دناءته معه هو, لكن الأمر لم يصل إلى المخدرات!
والمجرم الحقيقي كان له عداءٌ مع أخيه, مع متعب! .. لطالما كان متعب مُسالمًا لا يتعدى حدوده مع غيره, فما سبب كل ذاك العداء الذي ظهر من قبل الآخر حتى يعطيه جرعاتٍ أهلكته قبل وفاته!
تنهد ليجتذب خصلات شعره مُعيدًا لها للوراء, لا يعرف سوى اسمه * أدهم * .. بينما المُعادي الظاهر له هذه الأيام يحمل اسمًا آخر ومعاداته له لا تتجاوز مشاكل تافهةً - في نظره -."

الامور غامضة بما فيه الكفاية حتى تأتى أنت لتزيديها غموضا بهذه الكلمات .. أحسست الاسلوب فى هذه القطعة صعب شوية .. المعادى والمعادى الاخر وغريمه وغريم اخوه ... الكلمات دخلت فى بعضها .. أثق أنك قادرة على صياغتها بأسلوب أفضل لا تتكرر فيه الكلمة الواحدة كثيرا فتثير الارتباك والبلبلة فى المخ .

غير هذا فانت جيدة جدا وأحببت ماكتبتيه كثيرا
- ههههههههههههههه معليش على اللف والدوران في هالمقطع
بس هالجزء كتبته بعفوية مثل كل الأجزاء ، يعني كتبته بأسهل طريقة لـي وأعتذر لو توهكم
هنا تحديدًا كان سند ما ظهر ولا العدو الثاني اللي عذب أخوه ، فلو سردت الموقف بطريقة غير هذي ممكن يصير ضياع أكثر.


ملحوظة : قد تستغربى استخدامى للغة الفصحى فى كلامى .. هذا فقط لأضمن انك تفهميننى تماما ، لو تكلمت بالعامية اعتقد ان نصف الكلام على الاقل سيطير منك .

اعذرينى على الاطالة حبيبتى
تقبلى مرورى وانتظرينى عندما أنتهى او عندما يعن لى تعليق ما باذن الله
- قلتلك ما أهتم للطريقة اللي تتكلمين فيها ، كل اللهجات تقريبًا أفهمها وإن كنت ما أقدر أتكلمها
ويا حلات هالإطالة بس :)




بعض الأجزاء من تعليقك واللي تحتوي على أسئلة تركت الإجابة عنها لأنك أكيد عرفتيها مع تكملتك للبارتز
فلو فيه شيء مُبهم عليك للحين قوليلي وإن شاء الله تلقين الإجابة مني لو كانت مطروحة بالبارتز وانتِ ما انتبهتي
:$

كَيــدْ 27-08-14 07:28 PM

رد: قيودٌ بلا أغلال عانقت القدر
 





سلامٌ ورحمةٌ من الله عليكم :)
إن شاء الله تكونون بأتم صحة وعافية


أعزائـِي إن شاء الله موعدنا بالجزء الأول من البارت السادس عشر بعد منتصف الليل
مافيه ساعة محددة بس إن شاء الله ما يجي الفجر إلا وهو بين يديكم :$



والمعذرة على التأخير ...


وردة الزيزفون 28-08-14 02:23 AM

رد: قيودٌ بلا أغلال عانقت القدر
 
سلامٌ ورحمةٌ من الله عليكُم :)
صباحكم / مساؤكم فرحٌ لا يزول
إن شاء الله تكونون بأتم صحة وعافية


,

بسم الله نبدأ

قيودٌ بلا أغلال عانقت القدر

بقلم : كَيــدْ !


لا تُشغلكم عن العبادات



(16)*1






إنكِ يا سمائي سوداءُ كما أرضي، معتمةٌ كما قاعي، حتى طيورُكِ مُقطعةٌ أجنحتها كما أجفاني تقطعت رموشها تحت وطأة الدموع. لكنكِ يا سمائِيَ السوداء أفضل من أرضي هذه! أقل قسوةً فمتى سيأتِي اليوم الذي تُقلع فيه روحـي إليك فأرتاح.
لم تعد تشعر في هذه اللحظة سوى بأن اللاشيء يعتريها، لم تعد تشعر، والغصات آثرت السكون في بلعومها دون الإتجاه للمريء أو الخروج في شكل بكاء! دون رحمتها كما لم يرحمها من حولها، خسرت ولا مانع في أن تخسر أكثر، هذا إن بقي هناك ما تخسر!
بينما هو آثر الصمت، وهل توجد كلماتٌ بعد حديثها؟ توقع منها الرفض ثم الرفض، لتأتي كلماتها هذه شبه مُستحيلة التصديق لأذنيه.
زفر الملوث من الهواء خارج رئتيه، وحياةٌ كهذه ليس هو من يُطيقها، وكيف يُطيقها والرفض يكسوها، وهو الذي من المستحيل أن يُعتقها لكنه أيضًا لن يرضى أن تتقبله فقط لأنها – تحتاجه -
بصمتٍ تراجع للخلف ليستدير يُهديها ظهره، وهي لم تمتلك سوى النظر بضعفٍ وانكسار إلى ظهره الذي كسته سترةٌ بُنية اللون، وعيناها انتظرتا فقط أن يستدير عنهما ليُطلقا دموعها بكرمٍ حاتمي!
أغمضت عينيها بقوةٍ حين سمعت صوت الباب الخارجي للشقة، لتزفر باضطرابٍ ويالَيْتها تزفر معهُ همومها.
تراجعت للخلف لتجلس على السرير المُغطى بمفرشٍ عنابيّ اللون ورأسها مالَ بشرودٍ حزين
كتلكَ الليلة السوداء قلبي وأنا معك الآن، حزينٌ منكسر، لا حيلة له سوى الرضوخ، وأنـا التي كانت دائمًا متهورةً في كل قراراتها فيا ليتني كنت يومها أشد حكمةٍ ولـم يكن عقلي قد تأثر بما اعترى روحي، يا ليتني كنت يومها عنيدةً واثقةً بالقدر الذي يجعل من هي " امرأة عمي " تتأكد من براءتي دون أن يحدث كل هذا.



,




ابتسامةٌ جميلة تزين ثغرها، وأناملها البيضاء تتفنن في تزيين الكعك الذي أمامها، تتحدث برقةٍ مع الخادمة الواقفة قريبةً منها : ميري لو سمحتي جيبي البندق المدقوق، والشوكليت اللي ذوبته من شوي ، تلاقينه في الثلاجة
أومأت الخادمة لتفعل ما قالته لها جنان، وتلك بعد أن أحضرت الخادمة ما أرادت بدأت بالرسم بالشوكلاة كلماتٍ تعبر عن سعادتها
( ربـي يطلعك بالسلامة يا الغالي )
ثم نثرت القليل من حُبيبات البندق لتحمل الصحن المحتوي على الكعك وتأخذه للثلاجة بعد أن ابتسمت برضا لشكله، لتمد ذراعيها تتمغط ثم تخرج من المطبخ وهي تنزع مريلتها.
بالرغم من كون خالها موجودٌ عندهم إلا أنها حاولت بقدر الإمكان أن لا تُفسد فرحتها بوالدها لشيءٍ لا يستحق … رفعت " الآيشارب " المتواجد على أكتافها لتُسدله على شعرها دون أن تحكم لفه، وقد كانت ترتدي ملابس واسعةٍ ذاتَ طابعٍ هندي، بلوزةٌ زهرية طويلة إلى ركبتيها ومن تحتها بنطالٌ سكري.
طرقت الباب ثم ولجت لتلقي السلام، ترى احتدادًا في ملامح خالها أمجد والغضب يتصارع في عينيه، ووالدها يحرك مسبحةً بين أنامله بانفعالٍ ووجهه أقل حدةً منه.
قطبت جبينها باستغراب، ولا يخفى على قلبها الخوف الضئيل الذي انفجر به على والدها لما لا تعلم أولًا، وعلى نفسها من نظرات خالها المتوجهةِ إليها بشرٍ ثانيًا.
لم تنتظر ثانيتين على الأقل لتفهم أو لتعتاد على الشُحنات المتواجدة هنا، لم تنتظر القليل لتقترب من خالها حتى تُسلم عليه، حتى يصرخ هو في وجهها بغضبٍ وقهرٍ وسبابته اتجهت إليها تُطلق رصاصاتِ الصدمةِ إليها : انتِ السبب .. انتِ السبب لكل شيء يصير ولكل القهر اللي جواتي … حسبنا الله عليك من بنت … حسبنا الله على من جابك
اتسعت عينا والدها وغضبٌ تأجج في عينيه، وهي تراجعت وملامحها بهتت، لمَ يُهاجمها الآن؟ ما الذي فعلته هي؟ ما الذي حدث ليكون بكل هذا الغضب منها .. بدا على وجهها الكثير من الصدمة وشفتيها انفرجتا.
وذاك الوالد ارتعشت يده لينظر لأمجد بعينين غاضبتين، وبحدة : أمـجد ، إبلع لسانك وانطم ، جنان مالها شغـل فيك
وقف أمجد وعيناه لا زالتا مُتمركزتان عليها، وبحدةٍ تزداد ولا تهدأ : وعدتك باللي تبيه .. ولا تتوقع الحب
أبو فارس بعتاب : يكفي التقبّل .. مو ضروري الحب
تحرك أمجد بانفعالٍ ينوي الخروج من هذا المكان، وتلك تنظر ببهوتٍ إليهم دون فِهم، دون أن تدرك معنى ما يقال، لا تتحدثوا بالألغاز، لا تبعثوا الضياع فيها، وهي التي تدرك كُره خالها لها من بين أخوانها فلا تُزيدوا حيرتها أكثر.
وقف أمجد بجانبها عند الباب، ثم استدار ينظر لأبو فارس بقهر، هاتفًا : إعذرني يا ناصر .. حتى هذي ما قدرت عليها
تحاشى النظر إليها، وكانها نكرةٌ هنا، كأنما سيُصيبه مسٌّ إن هو نظر إليها، ودون أن ينبس بكلمةٍ أخرى غادر المكان دون وداع.
تتبعته بنظراتها حتى اختفى عن عينيها، ثم استدارت لوالدها الصامت والناظر إليها بصمتٍ موحش، لم تحب نظرته تلك، لم تحب مدى الأسى في عينيه ولم يرضها صمته، هذا الوقت ليس هو المُناسب للصمت فلا تصمت، لا تَزد حيرتي أكثر، لا تَزد لهفتي لمعرفة سبب هذا الكره المقيت في نفسي.
اقتربت منه وهو شتت نظراته عنها، في بعض الدقائق والثواني ينظر إليها نظرةً لا تمتلك القدرة على فهمها، تشعر أنه لائمٌ على حاله، يعتذر إليها، لكن لمَ؟ لمَ الإعتذار بنظراته ثم الصمت؟ لمَ الأسى ثم الصمت؟ لمَ اللوم على نفسه ثم الصمت؟
تراه يُشتت نظراته بعد تلك النظرات وكأنه لا يستطيع مواجهتها، هو يشعر بالذنب لشيءٍ لا تدركه وكم تتمنى أن تعلم ماهو.
جلست أمامه على الأرض وكفيها استقرتا على ركبتيه، وبهمس : وش يقصد يبه؟
تنهد وهو لا ينظر لعينيها، نظراته شتتها بعيدًا عنها، في كل شيءٍ بالغرفة عداها هي. وتلك ازداد اضطرابها وضاقت عينيها تنظر إليه برجاء : وش يقصد يبه؟ ليه أحس إنه يكرهني بسبب اللي كان يقصده في كلامه الحين؟
أغمض عينيه بقوةٍ يُبحر بعيدًا عن المكان الذي هو فيه وقريبًا منها هي، قريبًا من عالم ابنته فقط، بعيدًا عن كل البلبلة التي تجتاح حياتهما، وبخفوت : جيبي لـي فنجان قهوة عربية
عضت طرف شفتها برجاءٍ لم يتجاوز خاطرها، لم تفكر في أن تلح أكثر مع أن فضولها يريد ذلك وليس أي فضول، من حقها أن تسأل فالأمر مُتعلقٌ بها هي دونًا عن الجميع، لكنها ستعلم، ستعلم ما الذي يخبآنه عنها، ستعلم وحينها فقط ستدرك سبب كره خالها لها.



,




وضعت حقيبة المكياج جانبًا بعد أن أخذت " الكونسيلر " ووجهها عابسٌ باستياء : حالتك منتهية .. عاد من زين الوجه عشان تهملينه أكثر، زواجك قرب والهالات حول عينك تزيد، أظن إنك للحين ما بديتي بالشغلات الخاصة بجسمك .. وش تنتظرين بالله!
زفرت أسيل بضيقٍ وهي تستمع لـ " حلطمة " أختها، وبجزع حين شعرت بأنامل ديما المُلامسة لجفنها : وخري عنـي واللي يعافيك، ناقصتني الحين
عاندتها ديما لتبدأ بتوزيع ما بيدها حول عينيها : الله يعين بنبدأ بالأول بهالعيون الذبلانة، ويكون بعونك يا شاهين على البنت اللي قدامي
قالت جملتها الاخيرة وهي تهز رأسها نفيًا بأسى، وتلك استرخت ملامحها بحزنٍ كسير، وبخفوتٍ وهي تشعر بأنامل أختها الباردة المُلامسة لجفنيها : تهقين بندم أكثر من ندمي الحين؟ ما أتوقع فيه حدود أكبر للندم لأني تجاوزتها كلها بأميال
توقفت أنامل ديما لثوانٍ وهي التي تدرك معنى الندم، هي التي تجاوزته بأميالٍ عديدة، لكنها تُدرك أيضًا أن شاهين ليس كسيف، فسيفها هذا لا اثنان له، شخصيةٌ لا تصنيف لها فليس من العدل أن تظن أسيل بشاهين سوءً أو أن تفكر هي أن كل الرجال سواء بسبب سيف وحده.
ابتسمت ابتسامةً باهتة وهي ترفع يدها لتصل لشعر أختها المموج وتبدأ بالمسح عليه بحنان : يقول سقراط يا قلبي " إذا تزوجت أم لم تتزوج في كلا الحالتين ستندم " .. يعني جربي الحياة الزوجية انتِ خاسرة خاسرة في النهاية
لوت فمها بضيقٍ وهي تنظر لها بعينين ضيقتين، لا تدري لمَ استشعرت أن أختها تتحدث عن نفسها وليس عنها، لذا همست باستنكار : يعني انتِ ندمتي بزواجك؟
ضحكت ديما برقةٍ قاصدةً إظهار الدعابة في كلامها : المسألة وما فيها ودي أبيّن لك ثقافتي اللي ما تعترفون فيها
أسيل دون تصديق : اها
تنهدت ديما وقد أدركت أنها أوقعت نفسها في ورطةٍ بحديثها هذا، وبجديةٍ ظاهرية : صدقيني أسيل ممكن تبدأيين بالمقارنة بين حياتك كزوجة وحياتك كبنت .. في النهاية هالمقارنة تصير لكل بنت تمر بمرحلتين بحياتها، بتحسين أوقات إن حياتك السابقة أكثر راحة بس ما يعني إنك تتوهمين حياتك كزوجة جحيم!
انتِ أكثر شخص يدرك إن الوهم الشديد والمُبالغ فيه ممكن يتحول لواقع أخيرًا وبتحسين فيه لا صدقتيه ، فلا تتوهمين بيوم وهم سلبي في حياتك مع شاهين وتصدقيه!
خليك واقعية شوي واخرجي من قوقعة أفكارك السطحية، اتركي انعزالك لأنك مجبوره على تركها خصوصًا إن مسماك صار زوجة ولك مسؤوليات
انتِ انسانة ناضجة بس عليك أوقات أو نقول غالبًا شطحات فكرية، مصدقة إنك عايشة في مسلسل تركي! ... زوجك توفي خلاص راح تنتهي حياتك وتعيشين طول عمرك بذكراه! يا ستّي لو إنه صار العكس لا سمح الله وكنتِ أنتِ الميتة كان هو بيتزوج وينساك مع الثانية
فغرت أسيل شفتيها وعيناها اتسعتا تنظر لأختها ببهوت، أيعقل أن متعب كان ليتزوج لو أنه كان الأرمل وليست هي؟ أيعقل أنه كان لينساها بعد أشهرٍ ومن ثم يتزوج ويتمتع بحياته بعيدًا عن ذكراها؟
هزت رأسها بالرفض لتلك الفكرة، مُحــال، ليس هو من قد يفعل ذلك، ليس هو من قد ينساها ويطوي صفحته معها ليقلبها على أخرى، ليس هو الذي قد يؤْثر متعته على حبه لها.
وهي التي كانت زهرته الحمراء والتي تهديه دائمًا عبق الوفاء فهل يعقل أن يكون يومًا يشتم رائحتها ومن ثم يُقطع بتلاتها!
بللت شفتيها المرتعشتين بلسانها، لتهمس بصوتٍ مُرتعش : لا .. مستحيل، مو معقول متعب يكون عكسي .. هو يحبني مثل ما أنا أحبه وأكيد كان بيغلف قلبه عن أي شخص غيري
ديما بحزمٍ وواقعية : في المشمش يا ماما .. هو رجّال وأكيد راح يكون بحاجة مره سواءً كانت انتِ أو غيرك ... لا تقولين حب وخرابيط هو في النهاية رجال وماراح تكون أولوياته واحتياجاته بعد حبك
أُخرست بعد حديثها هذا وهل يوجد في جعبتها أبجديةٌ بعد كل ما سمعت! عقلها بدأ بالتفكير نحو منحًا آخر، لو كان متعب حيًا لربما كان سيتزوج بالفعل وينساها، لو كان متعب حيًا لربما طوى صفحتها بالفعل واختار أخرى، لو كان حيًا بالتأكيد كان لينساها وإن لم ينساها سيتناساها!!
رفعت كفيها لتضعهما على جانبي عنقها وهذه الأفكار سحقتها، أخرست كل كلمةٍ قد تتجاوز شفتيها مُدافعةً عنه، أخرست كل فكرةٍ قد تصرخ في عقلها عن رفض شاهين.
لـمَ جئتِ الآن تخبريني بما هو أكبر مني؟ لمَ جئتِ الآن لتجمعي شمل رفضي لشاهين ثم تطويه بين كلماتك؟
هل كان حقًا لينساني أو ليتناساني؟ هل كان حقًا ليتزوج من بَعدي ويفرح بزواجه؟ هل كان حقًا ليهنأ وأنا التي لم تفكر بذلك أبدًا!
لم تنبس ببنة شفة وتلك تنهدت بضيقٍ لتتراجع للخلف، ستتركها لوحدها قليلًا حتى تفكر فيما قالته وما هو صحيح، لربما ستتقبل زواجها هذا ولو قليلًا.



,


الثامنة مساءً
فواز موجودٌ في المجلس يتحدث مع والدها، وهي في الغرفة لا تستطيع إخفاء قلقها على أختها، ودون أن تستغرق في أيّ تفكيرٍ قامت برفع الهاتف تنوي الإتصال بها، مهما فعلت ومهما أخطأت فهي في النهاية أختها الكُبرى وإن كانت في الحقيقة الأصغر في تفكيرها.
انتظرت ثوانٍ طالت والهاتف بجانب أذنها يرنّ دون إجابة، لتزفر بعد لحظاتٍ وقد أعادت الإتصال دون رد، من الواضح أنها لا تريد الرد عليها.
تنهدت بأسى وهي تستلقي على السرير، منذ موت امها وحياتهم تبدلت تمامًا، انقلبت رأسًا على عقب.
زفرت بملل : لو ما اضطريت أأجل هالكورس كنت الحين محصلة شيء أتسلى فيه
انقلبت على جانبها الأيسر لتُغمض عينيها، تحتاج أن تشغل فراغها هذا حتى تتسلى، لم تعتد المكوث هكذا دون أن تُشغل نفسها بما قد ينفعها، كانت في السعُودية تتسلى بدراستها وبأمورٍ أخرى غير ذلك، والآن بعد أن غادرت بلادها وأجلت درستها الجامعية هي وأختها للظروف النفسية قبل كل شيءٍ تشعر أنها تعيش في فراغٍ مُعتم.


في المجلس
يوسف بهدوء : عفوًا يا فواز بس المسألة مو مجرد عقاب! هذا أفضل لها قبل لا يكون لأي شخص ثاني
تنهد فواز بضيق، كيف يكون هذا القرار هو الأفضل وهي لا تستطيع التكيف بعيدةً عنهم وإن كانت لا تريد الإعتراف؟ لم يرى يومًا شخص يدّعي الكبرياء أمام من هم له الإحتواء والأمان، وهذا إن دل على شيءٍ فهو صغر عقلها وسذاجتها.
فواز : بس يا عمي ترى صعب تتقبل اللي هي فيه … * صمت قليلًا وقد ارتسمت على شفتيه ابتسامة حزينة ليردف * أعتقد بحالتها هذي راح تحتاج دكتور
نظر إليه يوسف بحاجبين معقودين ونظراتٍ تنم عن عدم تقبله لما يسمع، لكن ليس عدم تصديق، لم يتقبل كون أن ابنته قد تكون مريضة، لكنه لا يستطيع أن ينكر ذلك، هناك أمرٌ ما يخبره أنها غير طبيعية، قد تكون حزينةً على أمها وغاضبة منه وقد تكون حاقدة وربما كارهةً له، لكن الأمر تجاوز المعقول وبعض الخيالات تُصاحبها ترى أمها كما فهم من مراتٍ كانت تصرخ فيها وتنتحب، زفر دون أن يقول كلمة، وذاك صمت مثله مطولًا، لكنّ رغبةً كبيرة تأججت في داخله بإعادتها إلى كنف والدها كما معالجتها مما هي فيه، تحتاج أن تتحدث، أن تعرف الحقائق التي لا تُدركها، أن تُفضفض عن حقدها الوهمي لوالدها ليختفي أخيرًا.



,



يوم الأربعاء - منزل سيف
الساعة التاسعة مساءً
زفرت بضيقٍ وهي تقلب صفحات الألبوم الذي أمامها، وذاك كان لتوه يدخل عليها جالسةً على إحدى أرائك الصالة، يلمح تركيز حواسها على ما أمامها ويدها ترتفع مرارًا لتعيد شعرها الذي تساقط لأكثر من مرةٍ على وجهها لخلف أذنها.
ابتسم وهو يراه أكثر انسيابًا ونعومة، بالتأكيد هذا من عمل " الإستشوار " عشقها وشغفها الدائم، وكم من مرةٍ قال لها أنها لا تفسد سوى شعرها الذي لا يحتاج إلى شيءٍ فهو جميلٌ كفاية.
من قال أن الجمال والجاذبية يكونان في الملامح وحسب؟ من قال أن الرجل يحب بعينيه قبلًا؟ ليست جميلةً لكنه يراها أجمل نساءِ الدنيا، ليست بذا ملامح خارقةٍ لعينيه لكنها بالرغم من ذلك محور الجاذبية بالنسبة له.
وتدور الدنيا وتبقى هي محور كل شيء، وتمر الأيام وتبقى هي مصدر اللامحدود من مشاعره، إنها زهرة ربيع فواحةٍ تثير شتى الأحاسيس في قلبه دون حقده على الماضي الذي لا تستطيع لمسه لتغييره، والذي يؤثر فيما بينهما حاضرًا.
إنها فراشةٌ رقيقة تهبط دائمًا على بشرته ليُغمض عينيه تمتعًا برقتها، إنها قطرات مطرٍ باردةٍ تُطفئ كل تعبه وإرهاقه، تُطفئ كل سلبيٍّ في داخله، تُطفئ كل المشاعر الغير مرغوبةٍ بينهما لتبقى تُشعل الحب ولا شيء آخر.
جلس بجانبها بصمتٍ لتنتبه وتستدير نحوه تنظر لملامحه وابتسامةٌ استقرت على شفتيه، بقهرٍ نفخت الهواء من فمها لتُعيد نظرها نحو الألبوم الذي في يدها، هو يقهرها ويبتسم، هو يغضب ويبتسم بعد أن يُفرغ غضبه عليها، هو يُبكيها ويبتسم وهي ما عليها سوى أن تتقبل بكل صدرٍ رحب، ما عليها سوى أن تبتسم له وتهديه كامل الحرية بالتعامل معه.
همست بقهرٍ ليصله همسها مُبهمًا عمدًا منها : تعقب
قطب جبينه وابتسامته لازالت على شفتيه، يعلم أنها الآن مقهورةٌ منه لكن لمَ؟ لا يعتقد أنه فعل لها شيء!
سيف بعبث : وش فيك معصبة علي الحين؟
تجاهلته وهي تُقلب الصفحات بعشوايةٍ دليل انفعالها، ليردف بضحكة : وش سويت لك عشان تعصبين كذا؟
اتسعت عيناها لتُدير رأسها تُرسل نظراتٍ نارية إليه : لا ما سويت شيء .. تعصب على كيفك وتصارخ بوجهي وما سويت شيء ، بريء يا قلبي عليك
ضحك على نبرتها الحانقة والطفولية في آنٍ لتزداد النيران بداخلها
ديما بقهر : انت أصلًا ما منك غير القهر والضيم .. اففف هذا جزاتي أنا اللي وافقت أتزوج واحد كِذا . . . مــــريــــــض
رفع حاجبًا وبالرغم من أن كلماتها كان من الأرجح أن تغضبه إلا أنه شعر بالتسلية، وبعتاب : افا! .. يعني أنا الحين مريض؟
ديما بحقد : نفسـيّ
ضحك بصخبٍ وهو يُنزل رأسه قليلًا ليضعه على كتفها، وذراعيه التفتا حول بطنها : طيب ما فيك تعالجيني؟
حاولت نزع ذراعيه عنها وقد بدأت تشعر بالإستفزاز من برودهِ هذا، تريده أن يكون غاضبًا لتستطيع الصراخ في وجهه بحرية، حين تريده طيبًا رحيمًا يكون العكس من ذلك، وحين تريده غاضبًا يكون العكس أيضًا ليستفزها أكثر.
ديما بحنق : لا ما فيني ، لأن حالتك مالها علاج . . . اتركني بروح
أغمض سيف عينيه لثانيتين ثم ابتعد قليلًا بعد أن قبل كتفها برقة، وتلك استدارت تنظر إليه لبرهةٍ ثم وقفت تنوي الذهاب بعيدًا عنه، أينما كان وأينما يكون مزاجه فهي تعلم أن المكان لن يكون إلا كبركانٍ خامد قد يثور في أيّ لحظة، لن يكون إلا كشرارةٍ قد تتحول إلى نارٍ في ثوانٍ وهي لن تنتظر حتى تتأجج النار وتحرقها.
كانت تنوي الذهاب لكنّ نظرات سيف وقعت على الألبوم الذي كانت تتصفحه في يدها ليهتف بعد أن ابتعدت قليلًا : وش ذا؟
استدارت إليه بملامح مستغربةٍ يكسوها البرود، وباستفهام : ايش؟
رفع الألبوم المُحتوي لمجموعة تصاميم تختص بفساتين الأفراح، لتقترب قليلًا هاتفةً بهدوء : ما بقى شيء على عرس أسيل .. وودي أفصل فستان عشانه
أومأ وهو يضعه جانبًا : واخترتي شيء؟
هزت رأسها بالنفي : لا لسا .. ما عجبني شيء



,



كان يمشي وكما العادة بعبوس ملامحه الحادة، وسبابة يده اليُمنى تتحرك على جرحٍ شق خده الأيمن ليقطع طريق نمو الشعر في ذقنه.
وآخرٌ يمشي بجانبه على أعشابِ الحديقة العامة والشبه فارغةٍ إلا من بعض الأطفال، ليلفظ بهدوء : إبراهيم أحس اننا بنورط روحنا هالمرة، الموضوع ماهو سهل مع ان وراه مبالغ ضخمة . . . وترا انتقامك ما يسوى عشان نرمي بروحنا في النار!
صمت لثوانٍ وهو يُكمل جولة سبابته على جرحه الذي بدأ طريقه منذ بداية ذقنه إلى عظمة وجنته بشكلٍ يميل إلى جهة أذنه قليلًا، قبل أن يهمس بفحيحٍ حاقد : لا يسوى .. وقد قلتها له مرة ، والله ما أعديها له
زفر دون رضا وهو يحرك رأسه بالنفي : وايش بنسوي الحين؟
إبراهيم بابتسامةٍ ماكرة : فوق اللي تتصوره … بكثييييير
قطب جبينه وهو المتخوف مما سيقدمان عليه، كانا قد اتفقا مع شخصٍ على مخططاتٍ بخصوصِ شركاتٍ يعرفانها جيدًا، شركاتٍ تصاعد اسمها تحت يدي أخوين لتصبح معروفةً على كل لسان
" شركات النامي "، لكن لمَ قد يفكر هذا الرجل بكل هذا على أمرٍ ساعد هو على بنائه وإنشائه؟
أردف ابراهيم بحقد : هذاك ال*** تجرأ علي مرة وأنا اللي براويه منو إبراهيم، هه ، هين يا سلطان جتني الفرصة على طبق من ذهب
الآخر : يقول متزوج!
ابتسم إبراهيم، وهو المعروف بأعماله الغير شرعية وله سوابق عديدة، وبمكر : اي أدري، فرصة ، والله لرد له الصاع صاعين
الآخر بعينين ضيقتين : شتقصد؟
إبراهيم بهدوء : ولا شيء .. تطمن ماني طالع عن مخططنا معه

.

.

.


وللجــزءِ بقية
وكما اتفقنا، ببين كل جزء وجزء – ثلاثة أيام -




ودمتم بخير / كَيــدْ !

لست أدرى 29-08-14 04:17 PM

رد: قيودٌ بلا أغلال عانقت القدر
 
يا هلا بالغالية ..

أولا حبيبتى بالنسبة للمواعيد .. اختارى اللى يريحك .. المهم عندى الانتظام .. كويس الفاصل اللى حددتيه طالما هو مناسب لك .


بالعكس ما أشوف في أي قصة تتشابه مع الأخرى، ممكن حكمتي إنها متشابهة لوجود عنصر " الحب من طرف " بس مع التكملة أكيد لاحظتي إختلاف كبير وجدًا
والرواية ما تعتبر مواقفها متشابهة بسبب إن إحدى الثنائيات وُجد فيها شيء التقى مع قصة الثنائيات الأخرى
خصوصًا إن البطولة جماعية وما تقتصر على ( فواز & جيهان ) و ( سيف & ديما ) ، فيه شخصيات غيرهم فمو من المنصف نحكم على الرواية من خلال هالزوجين من الشخصيات


اعذرينى حبيبتى يمكن مافهمتينى صح ... انا ماقصدت احكم على الرواية ككل ، لكن قصدت قصتين فقط منها يبدو فيهم التشابه وهو الحب من طرف واحد لكن فى مضمونهم مختلفين والاطراف مختلفة ... ماقصدتش انه روايتك متشابهه ولا حاجه .


البارت الحالى لسه مافيه جديد ... الا ابراهيم ده واللى معاه ... قال ينتقموا من سلطان قال !!!! ياخى هو ناقصكم .. كان عملهم ايه سلطان المخابيل دول ؟؟؟ ربنا يستر لانه فيه اللى مكفيه .


سلامات يا قمر

هنااء 29-08-14 10:15 PM

رد: قيودٌ بلا أغلال عانقت القدر
 
رووووعهةروايتك قلممك مميز في
صياغه البارت والسرد يعطيك العاافيه
نننتظرك بفارغ الصبر......

كَيــدْ 31-08-14 12:59 AM

رد: قيودٌ بلا أغلال عانقت القدر
 
اقتباس:

المشاركة الأصلية كتبت بواسطة ...همس القدر... (المشاركة 3464088)
ماااااااااااااااهذاااااااااااا

يااااا للهول ايش صااار ؟!!!!!!!!!
الين اخت يااااسر
oMg
صدممممممممممة

معقووول تكوون اميرة هي امهم بالرضااع ؟قصدي العمة ! ممكن تكون هي مرضعه اسيل وفي نفس الوقت رضعت يااسر!
لاني ما اعتقد ان ام يااسر هي امها بالرضاع , الام طرف ثالث؟!!!!!!
!!1
بسصدمة صرااحة سكووتها ! ليش سكتت ؟! من ايش خاايفة , نعقوول زوجها خوفها انه كان بيطرد الين ؟1
بس بما انها بتعرف امه الين بينتهم في الرضااعة او حتى زي ما حكيت بنت اميرة ليش تتحرمها من انها تتصرف مع ابو ياسر على انه ابوها او خالها بالرضااعة !
زي ما بين في البارتات اول ام ياسر بتحببببب الين جدا . طيب ليش حرمتها من انها تمارس جياتها بطبيعيةمعاهم!! الا اذا كانتبتكذب وساير والين مش اخوان ؟!
بس ما اعتقد عالاكيد هم اخوان....
هههه اذا ياااسر طاار , معنااتو لازم نلقى البرينس شارمينج تبع الين !!!
ممكن يكوون عناد؟!!!!!
هههههه لا تسألوني كيف كذا مجرد توقع
او حتى ممكن يكون رفيق اخوها بالسكن البطل المجهول؟!
****
الشخصية اللي كل ما اجي اكتب عنها بالرد انسى
جناااااااااان
هالبنت حيااتها غريبة
وجرحها اغرب
بااين انها بتحب جرحها واللي سبب فيه
ممممم هو ولد عمها صح ؟!
صااحب العيوون المخيفة اللي كان بالمشفى ؟!
متشوووقة اتعرف عليه اكثر ^^^
****
غزل .....ز
مش معقوولة هالبنت , مصااحبة شب وهي على ذمة شب ثاااني؟!!!
ابوو طبيع ما يجوز عن طبعه <<فيس خليجي خخخ
عززل كل باارت بتصدمني اكثر
بس مع كذا لساا مرتجية خير
بس السؤاااال هو ايش طلبها ؟!!!!!!
الف علامة استفهام
ممممم ممكن يكون طلبها يحكيلها عن ابوه؟!
او يوعدها شي معين!
بسايش هو مش قاادرة اركز ><
بس عالاكيد غزل راح تجيب العيد بطلبها
*****
سييييف يا زلمة خف عهالمرة شووي !
مسكينة ديمةعكل حااجة مسويلها قصة ورواية
هي ما عملت اشي تيعصب عليها كذا
سييف لازم يفصل بين ديما وبثينة
اصاابع ايدك مش سوا
وديمة مش بثينة
متى يفهم هااذ ها ؟
عندي احساااس انه سيف رااح يطلق ديما لما يعرف انها حبلى ؟!!!!؟!!!!!!!!!!!!!1

هالسيف بينخاف من رودو فعله
وانه ديما تحمل من وراه هي كبيرة بحقه !
فلهيك راح يطلقها . ورااح ما يقدر ينام الليل ويحفاااا حتى يرجعها إ^^
***ج
جيهااان الله يعينك على بلووواككي
بي حااوليممحاولةبسيطة تتقبلي فوااز
والله هالزلمة طيوووب وانتي مرة تقووليلة شيطان ومرة مدري ايش
حراام عليكي حااولي تتقبليه !
يعني زي ما بنعرف انتي في قلبك معزة لفوااز القديم . حتى لو ك اخ ما عليه
ابصر شو السر ورا ام فوااز اللي اتهمت جيهان بمدري ايش؟
موو معقوول ام فوواز اللي هي ام اسيل تكوون شرااانية
لانه بانت النا لطيفة مع اسيل
فليش تتاذي جيهان؟
عالاكيد فااهمة القصة غلط جيهان
او انه ام فواز شاافت جيهان بموقف وفسرته على كيفها والتفسير كان كبير بحقها لهيك اتهمتها؟!
ما بعرف!!

*****
ادهم , انا كنت حااسة انه في جاانب طيب, وهي بدا يباان شوي شوي , مش عاارفة ليش حاسة انه اجهم حيكون سند الين بعدين!

***
كدوو بارت جميل حبيبتي
اما القفللللللللللة !!!!!!!!
لاتعليق عليها . قااتلة ><

بانتظار القادم بحب
سلااام^_*



توضح لكم إن الأم هي هالة وليست أميرة
وسكوتها وضحته بعد بس بشكل بسيط وإن شاء الله بتفهمون السبب بتعمق مع الأجزاء

ههههههههههههههههه قاعدين تحطون البرينس شارمينج على قولتك لأرجوان وإلين على كيفكم
بس بكرر جملتي اللي ياما أكررها كثير " وتبقى الصدمات أكبر "

هههههههههههه عجبتني مايقدر ينام الليل حتى يرجعها، فجأة كذا تذكرت روايات كنت أضحك لما أشوف الرجال ضعيف ويبكي حبيبته
بس وش يدرينا شر البلية ما يضحك .. يمكن يوم أصير أضحك على نفسي لا جبت مشهد تركي في روايتي هههههههههههههههههه



عيونك الجميلة :) بحفظ الله يا المتغلية علينا بتعليقاتك * فيس يطالعك بشر *

كَيــدْ 31-08-14 02:28 AM

رد: قيودٌ بلا أغلال عانقت القدر
 
اقتباس:

المشاركة الأصلية كتبت بواسطة لست أدرى (المشاركة 3464170)
هييييييييييييييه وأخيرا وصلت للنهاية ... وجه اليوم اللى هقعد استنى فيه من البارت للبارت زى بقية الناس .. الله يصبرنى !!


المهم ياستى قفلة متعوب عليها بحق وحقيق ... بس الحمد لله انى كنت متوقعاها وإلا كانت الصدمة زلزلتنى ... أنا ماتوقعتهاش كده بالضبط .. توقعت انهم اخوان فعلا .. بس توقعت انه إلين بنتها فعلا " خيانة يعنى " عشان كده كانت متمسكة بيها جدا .

اووووه ماي قاد خيانة!
يعني بتصير هي النظير من ام جيهان وهي اللي مرة شمتت يوسف فيها!
عقلي وهو إجرامي ما فكر في هالشيء أبدًا ههههههههههههههه


المهم دلوقتى ... إيه معنى انهم أخوان بالرضاع ؟؟ المعنى الاقرب انها ارضعت إلين بعد ولادة هديل .. ربما كانت إلين وقتها مازالت فى عمر يسمحلها بالرضاعة .. بس لو كان كده .. ليه هالة خبت السر ده ؟؟ بالعكس كانت هتعرف كل الناس وتبقى إلين بنتها بالرضاع وبالتالى ياسر وابوه كانوا هيبقوا أهلها عادى
ومش هتضطر تتغطى عنهم . وبالتالى الاحتمال ده مرفوض

تدرين إنك الوحيدة اللي حللت اللي صار صح!
جتني تعليقاتك في الكِك تقول ماهو ممكن .. ونسوا إن الرضاع يكون في الحولين أي السنتين
وإلين وقتها ما كانت متجاوزة السنة وتقدر ترضعها


يبقى المقصود هنا إنه ياسر هو اللى رضع من أم إلين ... يعنى رضع مع أدهم غالبا .. وده معناه ان أم ياسر تعرف أم إلين ... طيب إيه قصتها الست دى ... وهل الست دى لما ماتت مثلا هى اللى وصت هالة انها تاخد إلين تربيها ؟؟ وليه هالة خبت القصة دى على زوجها ؟؟ إيه الغلط اللى فيها واللى خلى هالة تخاف انها تحكى لحد قصة معرفتها بأم إلين !!!


امممممممممم نييجى لمين تانى ... سلطان وغزل .... عاجبانى أوى تطورات العلاقة بينهم .. مع انى كنت من معارضين الزواج ده .. بس شكلى هحب الثنائى ده ..
هو لسه مافيش تطورات بالمعنى الحرفى للكلمة ، بس أخيرا بقى فيه نوع من الحوار بدأ يتكون بينهم ... وسلطان ربى يحفظه دماغه عجبتنى جدا .. هدوءه ورزانته فى التعامل معاها وقدرته على التحكم فى أعصابه رغم كل استفزازاتها اللى تخرج أى رجل عن شعوره ، وانسانيته فى انه يفكر فيها ويشفق على حالها رغم كراهيته لأهلها ، وانه يقرر انه يخصص من وقته لمحاولة تغييرها رغم كل المصائب اللى عايش فيها وهو فيه اللى مكفيه وزيادة .. كمان ذكائه فى فكرة الأخذ والعطاء .. ورغم انها حاولت تستغلها لصالحها إلا انه قلب الطاولة على رأسها وعدل الموازين تانى ..
متوقعة هتفجر قنبلة عشان تحاول تستعيد سيطرتها على نفسها وماتنزلقش لفخ حنانه ..!!! اممممم ممكن تكون هتقوله إيه يعنى ؟!!! بانتظار البارتات الجايه.

جنان .. انا ضفتها لقايمة البنات اللى حبيتهم فى الرواية ... مازالت قصتها غامضة ... إيه حكايتها مع امها دى !!! ازاى تكون علاقتهم قائمة على القسوة ومع ذلك جنان تترجى منها القسوة دى ؟؟

شاهين وأسيل ... بعد ان اتضحت كذبة سند ... ولسه طبعا مش واثقة هل هى مجرد كذبة فعلا ولا ممكن يتغير شئ ! بس الظاهر حاليا انه اسيل وشاهين هيستمروا ولا فكاك لهم من بعض ..بس عارفه اسيل دى لو طولت لسانها عليه مرة تانية انا بنفسى هاقف لها ... زودتها أوى .. وكل مانقول خلاص اتعدلت وهتقبل بواقعها ترجع تتجنن تانى ... كفاياكِ بقى يا هانم .. والله ماحدش ضربك على ايدك عشان تقبلى الجوازة دى !!

ههههههههههههههه حلالك أدري إنها مزودتها بس الحب وما يسوى <- انحاشت



ديما وسيف ... الكبش قرب يقع .. يلا سنوا السكاكين !!! بصى يا كيد هانم ... ديما لو مارديتش لسيف كل اللى عمله فيها خالص ومخلص هتبقى علاقتهم بايخه وماسخه لأقصى درجة ... تحبه وتموت فيه آآآه ... لكن انه يذلها ويبهدلها ويذوقها الويل بالشكل ده .. لا وبيعاقبها على كل اللى عملته فيه بثينة هانم ومقدرش يوقفها عند حدها !!! وبعدين مجرد ما الباشا يتنازل ويعلن عن حبه لها تقوم هى تركع وتقبل كده بكل بساطه ... لاااااااااااااااااا ماقبلش منها كده أبدا
اتقلى يابت كده وطلعى عينه .أووووومال !! هو احنا سهلين ؟؟!!

ههههههههههههههههههههههه خفت منك! تصدقين ترى أنا أكره هالطريقة المُبتذلة في الروايات
تحبه وهو يعذبها ولما يعترف لها تفرح وتخضع بسرعة! .. أفضل الأسلوب الصعب أكثر من المبتذل والمكرر في كل الروايات


مين تانى يا جدعان ؟
آه .. جيهان وفواز .. جيهان اتكسرت وزاد همها باللى حصل ده .. بدل ماعلاقتها بأبوها تتحسن ، زاد الطين بلة ، وهى كده شايفه انه ابوها بيكرهها زى ماكان بيكره أمها" فى نظرها " وعايز يخلص منها هى كمان عشان مايحسش بالذنب .. مش قادرة اتخيل العقبة دى هتتحل ازاى !! مش شايفالها حل غير انها تعرف بالحقيقة .. مكن اللى حصل ده يكون سبب فى التقريب بينها وبين فواز .. بس للأسف ممكن يكون العكس تماما ، خصوصا انها مع كرهها ليه ونفورها منه مش هتتقبل بسهولة فكرة انه شاف منها موقف ضعف وده هيخليها تتكبر عليه أكتر وتنفر منه اكتر لأنها هتبقى شايفه انه تصرفاته معاها نابعة عن شفقة مش حب ... الله يستر


غيداء ... الأخت بدأت تتمرد ومش ناوية تعرف عناد باللى سارة قالتهولها !!! ربنا يستر افكارها بعد كده هتوديها لفين؟
المهم انه عناد فى كلامه معاها اول مرة قالها " واذا كان حصلك شئ بجد .... " يقصد انها سليمة وماتمستش .. بس الواضح انها مافهمتش قصده ، ومازالت على اعتقادها انها اغتصبت !! طيب هو ليه ماوضحلهاش صراحة بدل ماهو سايبها للبنات الملاعين يملوا راسها بكلامهم اللى زى السم !!


اعتقد مش فاكره حاجه تانى دلوقتى ... لو افتكرت هرجعلك ان شاء الله


اعذرينى طولت فى رغييى شويتين ... المهم .. فهمتى من كلامى حاجه ؟؟!!!


يا زين هالإطالة بس * قلوب *
ويا زين اللهجة القميلة كمان * درزن قلوب *

كَيــدْ 31-08-14 03:10 AM

رد: قيودٌ بلا أغلال عانقت القدر
 
اقتباس:

المشاركة الأصلية كتبت بواسطة زوزا جواد (المشاركة 3464334)
يعطيك العافية


ربي يعافيك يا جميلة




اقتباس:

المشاركة الأصلية كتبت بواسطة لست أدرى (المشاركة 3464385)
ولا يهمك حبيبتى ... يكفينى منكِ استمتاعى بجمال أفكارك وكلماتك ..

ليس من حقى أن أطالبك بأكثر من ذلك


بالتوفيق ... أهم حاجه البارت يوصل فى ميعاده ، كل شئ تانى يهون


تسلميلي على هالذوق يا عيني :)
بس لك الحق بالمطالبة في الرد لو كنت أقدر :$ وأنا أحاول حاليًا ..


إن شاء الله أكون قد الثقة ولا أقصر معكم يا فديت روحكم ()

كَيــدْ 31-08-14 07:12 PM

رد: قيودٌ بلا أغلال عانقت القدر
 


سلامٌ ورحمةٌ من الله عليكم :)
صباحكم / مساؤكم سعادة لا تنضب
كيفكم آل ليلاس؟
ان شاء الله تكونون بأتم صحة وعافية


هالجزء بيكون إهداء للجميلة ( لست أدري )

,

بسم الله نبدأ

قيودٌ بلا أغلال عانقت القدر
بقلم : كَيــدْ !


لا تشغلكم عن العبادات




(16)*2






بدأت تحب المكان الذي هم فيه ليس لشكله أو لفخامةٍ يحتويه، يكفي أن هذا المكان أهداها فرصة الإبتعاد عن سلطان وأخذَ حريتها أكثر، يكفي أنه قلل من حدة خوفها منه ومن قربه.
زفرت وغرفة نومها تعجّ بالهواء البارد والذي ينخر عظامها لكنها بالرغم من ذلك تستمتع بهذه البرودة كما عادتها، تفضل أن تتجمد أوصالها من البرد وألّا تغلق التكييف أو تُخفضه.
احتضنت كوب القهوة بين كفيها لتبعث بعض الدفء إليهما، وشفتيها تتمتمان كلماتٍ لأغنيةٍ حفضتها عن ظهر غيب، أوليست هي العاشقة للأغاني وبإمكانها حفظ كلمات كل أغنيةٍ تمرّ عليها في عدة سماعات!
الساعة الآن اقتربت من العاشرة مساءً والغريب أن سلطان هادئٌ حتى أنها شكت في وجوده، في العادة سيحاول الحديث معها واستدعائها لتجلس معه خارجًا، لكن هذا أفضل لها، سترتاح من حديثه وجذبه لها نحو حنانه المُزيف.
كانت تجلس على أريكةٍ مُفردة من الفرو الأحمر المدموج بالأبيض، ترتدي بيجاما حريرية بيضاء انسدلت على جسدها بجاذبية، وشعرها الطويل الليلي أخذ حريته بعشوائيةٍ على ظهرها، شكلها وإن بدا جريئًا بعض الشيء في حالةٍ كحالتها مع سلطان إلا أنها تعلم أنه لربما سيوقع به، لكنها لن تهتم! تُقنع نفسها أن قوتها عادت ولن تظهر ضعيفةً أمامه، لن تضعف لتُهديه الفرصة لاستغلالها.
ارتشفت القليل من القهوة ثم وضعت الكوب على الطاولة وعادت للخلف لتسند ظهرها على ظهر الأريكة باسترخاء، ثم زفرت بأريحيةٍ لتغمض عينيها حتى استغرقت في النوم دون أن تشعر.

في الغرفة الأخرى
مُستلقٍ على السرير، هاتفه يرنّ، وهو يضع ذراعه على عينيه يشعر بالصداع ولا رغبة له بالرد، كان سيتجاهل لكن الرنين أثبت إصرار صاحبه لعدم توقفه، تأفأف ليتناوله من الكومدينة التي بجانبه ليرد دون أن ينظر لهوية المُتصل حتى : هممممم
عناد بحماس : سلطوووووووووون يا الدب وينك؟
رفع ذراعه عن رأسه ليجلس وعلى وجهه اعتلا الملل لكن لم تخفى ابتسامته السعيدة بسماع صوته : سلطون في عينك يا الخايس ، وينك اشتقت لك يا القاطع
عناد بابتسامة : مين القاطع أنا والا انت؟ من تزوجت وانت ناسينا
ابتسم بسخريةٍ وأي زواجٍ هذا! لكنه أجاب بطبيعية : وايش تتوقع مني؟ عندي اللي ينسيني اسم عناد
ضحك عناد بسعادةٍ لأجله ليهتف : نقول مبسوط؟
صمت سلطان ولم يجد الدافع ليكذب، كيف يقول له " اي " وهو لا يشعر معها إلا بالشفقة والمسؤولية ولا شيء آخر، يشعر أنها أُرسلت إليه لينقذها وحسب.
أردف عناد بعد ثانيتين وابتسامته لم تختفي بعد : ربي يسعدك يا الشيخ ، إن شاء الله ترجع تفكر كويس بخصوص إتمام زواجكم إذا كنت مرتاح معها، انسى أبوها ومشاكلك لأنه مالها خص فيها
سلطان بهدوءٍ ظاهري : إن شاء الله
قال جملته تلك ثم حاول تغيير محور حديثهما بعيدًا عن غزل، عن تلك الغزال التي يرتسم الجرح في عينيها، عن أوراق الربيع التي جففها الخريف دون أن تمرّ بالصيف، عن معزوفةٍ تقطعت خيوط القيثارة التي تعزفها فانقطعت دون أن تكتمل.
هي الجمال الذي انصهر تحت وطأة نار وقاحتها، وهو من سيكون الهواء البارد الذي يعيد ترميمه.
نظر لباب غرفته بعد أن أغلق الهاتف، بما أنه الآن غير نائم ولا رغبة له بالنوم من الأساس فلمَ لا يطلب منها الجلوس معه! .. وقف ليخرج ثم اتجه لباب غرفتها المفتوح قليلًا، ليدفعه بهدوءٍ دون أن يصدر صوتًا، وحين لم يجدها على سريرها ابتسم، أدرك أنها لم تنم بعد، لذا بدأت عيناه بالبحث هنا وهناك، لتستقر على ذاك الجسد الساكن، المُغمض عينيه كملاكٍ نائم، وقد قالها مرةً في نفسه، هي في منامها أجمل، أكثر عذوبة، نقيةٌ عكس ما تكون في صحوتها، تُجبره على تمعن النظر بها، على التمعن بهذا النائم والغير طبيعيٍّ في جاذبيته.
تنهد بخفوتٍ وهو يقترب منها، وحين وقف أمامها انحنى قليلًا ليحملها بين ذراعيه، قاصدًا أخذها لسريرها.



,



تُحرك أناملها أمام مُقدمة شعرها بقوةٍ تشعر أن رأسها سينفجر من الصداع، لم تأكل شيئًا منذ ما حدث، وحقيقةً هي لا تشعر بالجوع من الأساس، لا رغبة لها بالطعام وكيف يكون لها بعد كل هذا؟
زفرت لتتجه للحمام بتعثرٍ وهي تُغطي فمها بكفها، وحين وصلت لم تُغلق باب الحمام بل اندفعت للمغسلة لتتقيأ سائل معدتها الخاوية، تشعر أن روحها ستقتلع لا محالة ومعدتها تتقطع. سعلت طويلًا ثم مسحت وجهها المُنتفخ من كثرة بكائها.
أدركت حقيقتها التي لا خلاف عليها، هي ضعيفةٌ بقدرٍ كبير، لا بريق أملٍ في أن تصبح أقوى وفي كل مرةٍ يزداد ضعفها بدل أن يقلّ، أيكون ضعفها هذا الذي يتضاعف لابتعادها عن الله في الأيام الأخيرة؟؟
أغمضت عينيها الحمراوين بقوة، متى آخر مرةٍ قرأت فيها القرآن؟ قبل ثلاثة أيامٍ تقريبًا، حتى صلواتها لم تعد تُؤديها كما السابق، تتأخر عن بعضها والأُخرى تؤديها كما لم يجب. ارتعشت كفاها ثم بدأت بغسلهما تحت الماء، ستتوضأ لتُصلي ركعتين لربما ستزيلان همومها، لربما ستعود كما السابق، رغم همومها إلا أنها كانت مُتعلقةً بربها مما قلص ضيقها.
فرشت سجادتها باتجاه القبلة بعد أن خرجت من الحمام، ثم ارتدت رداء صلاتها وبدأت تُصلي بخشوعٍ ركعتان تزيل كل ضيقها وهمومها أو على الأقل للتقليل منهم. لتعود إلين المُتعلقة بربها قبل كل شيء.

في ذات المكان لكن خارجًا.
همست وهي تضع كفها بمواساةٍ على كتفه : باخذها معي لو ما تبيها بهالوقت
تنهد وهو يمسح بكفه على ملامحه ليهمس بأسى : مين قال ما أبيها؟ لو كانت الظروف عكس كذا كنت فرحت والله يشهد على كلامي
بس شلون؟ شلون رضت وسكتت وهي بنتها وبنتي؟ شلون سكتت وخلتها كالغريبة وهي اخت ياسر واخت هديل؟
ويلها من الله كان سوت سواتها وندمت، ويلها من الخالق كان طمعت فيها بنت لها ويوم صارت خجلت منها.
لو تبين تاخذين شخص خذيها هي، مالي خلق لها ولا لشوفتها … هالة غلطت غلط كبير ولو ما العمر وياها وكبر عيالها كنت مطلقها من يوم اعترفت باللي سوته
تشوفنا نِقدم على الحرام وتتردد بالكلام!!!
وقف بانفعالٍ بعد كلماته تلك ينوي الذهاب إليها، الذهاب لابنته التي لم يدرك أنها كذلك إلا قبل أيامٍ قليلة، وتلك قطبت جبينها بضيقٍ بعد ذهابه، هي أيضًا باتت تفكر كثيرًا، لمَ فعلت هالة ما فعلت؟ لا تستطيع الإقتناع بعذرها ذاك ومن قد يقتنع؟
خوفها من زوجها لا يُحتم عليها ما فعلته، لا يُحتم عليها إخفاء حقيقة كون إلين ابنتهم.
وذاك صعد للأعلى حتى وقف أمام غرفة من هي ابنته، أيطرق الباب عليها ويبدأ بأول خطوةٍ تهدم الحواجز بينهما؟ ... كانا كأبٍ وابنته لكن هذا ما كان إلا وهمًا يتصنعانه، والآن هاهو أصبح حقيقةً، وسيكون تصرفه معها كالأب هذه المرة وليس كشخصٍ يعتبرها ابنته.
طرق الباب طرقتان فقط ثم انتظرها قليلًا، وتلك التي كانت تقرأ القرآن توقفت لتنظر للباب بتوجس، أليست هي من قال أن ضعفها مبنيٌّ على ابتعادها عن الله؟ لمَ إذن تشعر بالضعف الآن؟ لمَ لا تريد أن تفتح الباب؟ لمَ تشعر بخواء معدتها لكن الجوع لا يُصاحبها ولا تريد أن تملأ فراغ تلك المعدة؟
أليست هي من أيقن أنها ستكون قويةً وسيزول القليل من ضيقها عندما تُصلي ركعتين ثم تقرأ وجهين من القرآن؟ إذن ستنهض وتواجههم جميعًا، ستقول لهم أنها لا تحتاجهم، لن تحتاجهم وستتركهم للأبد، وماذا ترتجي من عائلةٍ كانت لهم ابنةً وبقيت سنين عمرها معهم تظن العكس من ذلك! ماذا تنتظر بعد كل هذا الخذلان منهم؟ ماذا تنتظر أكثر؟
هي لديها عائلةٌ لم تعترف بعد بها لكن يكفي أن لها ذاتُ الدمِ منهم، وإن لم يصدقها أدهم الآن سيُصدق والده الذي هو والدها حين تُصبح أمامه.
وقفت ثم اتجهت نحو الباب لتضع كفها على قفله، وترددٌ أصابها غفلةً منها، يريد منها أن تتراجع، يريد منها أن تضعف.
استنشقت الأكسجين بنهم ، هي أقرت بينها وبين نفسها بعدم الضعف وسيكون ذلك، يجب عليها أن تشحذ نفسها بالقوة والإندفاع.
أدارت القفل وهي بذلك تحاول أن تدير ضعفها وترددها إلى القوة، وحين فتحت الباب ورداء الصلاة لازال عليها رأت من هو والدها أمامها، ودون أن تشعر بدأت بالتأكد أن شعرها كله مُغطى، ورداء الصلاة تركته على رأسها كما اعتادت طوال هذه السنين، هي اعتادت طوال حياتها أن يكون شعرها مُغطًا عنه وعن ياسر، ولن تقوم بتغيير عادةٍ اضطرت إليها بسبب كذبةٍ من أحدهم.
حين رآها عبدالله لم يستطع إخفاء ابتسامةٍ حنونة من اللمعان على شفتيه، وهي قابلته بالجمود، بالرغم من أنها اهتزت داخلها من تلك الإبتسامة الحاملة لمشاعر أشد عمقًا من كل مرة … أغمضت عينيها بقوة ... كم تمنتها، كم تمنت نظرةً أبوية حنونة تُنسيها كل شائبةٍ في حياتها، تُنسيها كل حزنٍ ودمعةٍ أُهدرت تحت وطأة الأحزان، تُنسيها كل خذلانٍ واجهها في حياتها. لكن لا! لن تبني أحلامها لتجعلها واقعًا، هي ستغادر ولن تخضع لمشاعر داهمتها حين حدث مالا يتمناه غيرها، هم لا يريدونها جميعًا ولن تكون هي الشوكة العالقة في حلقهم.
همس لها بحنان : كيفك يا بنتي؟
انتفضت أطرافها لتخفض رأسها وكلمته تلك انتشلت كل الغضب والإصرار على التراجع بعيدةً عنهم، جعلت مشاعرها تنتفض بوحشيةٍ لتلفظ كل شعورٍ بالنفور تجاههم. كم قالها مراتٍ لها لكنها الآن أعمق وأصدق، كم قالها مراتٍ لكنها الآن أكثر تأثيرًا.
لا تقُلها، لا تقُلها حتى لا يهتزّ إصرارها، لا تقُلها حتى لا تضعف أكثر وهي التي تصنعت القوة وشحذت نفسها بالقليل من الطاقة فلا تزحزحها الآن، لا تقُلها وهي التي لا تريد تصديقها بعد مضي هذه السنين.
تراجعت بضعفٍ وشفتيها ارتعشتا، لتهمس بنفور : ماهي حقيقة، مستحيل أكون كذا بعد كل هالسنين فلا تصدقوا شيء ما تأكدتوا منه
قطب جبينه، لها الحق في عدم الإستيعاب فكيف لها التصديق وقد مرت كل هذه السنين وهي ليست سوى مكفولةٍ لديهم؟ هو ذاته لم يكن ليصدق، الموضوع ليس بهذه السهولة وأيّ شكٍ يجعله غبارًا لكن غير منسيًّا.
تنهد وهو يقترب منها : يابنـ..
قاطعته برفض : ماني بنتك لا تقولها
تراجعت أكثر لتسقط دموع الخيبة والخذلان على وجهها : ماني بنتك .. لا تقولها وتوهم نفسك وتوهمني بهالشيء، لا تقولها واللي يعافيك، ما ودي أنسى نفسي وأصدق شيء غلط
أغمضت عينيها بقوةٍ ودموعها تتساقط، تتساقط دون أن تتساقط خيباتها معها، وماذا بعد الخيبات غير الأسى والبكاء على أطلاله؟ وماذا بعد الخيبات والبشر قوامون على الأحزان، أوفياء حين يتعلق الأمر بالدموع فيهدرونها دون هواده.
تراجعت أكثر والضعف تخلخل أعماقها، لتُغلق الباب باندفاعٍ غير مُباليةٍ بمن يقف خلفه، ليست بذا قدرةٍ على المواجهة الآن وقد تخلخلها الخذلان حتى أضعف كل جزءٍ منها، تحتاج القليل من الوقت، القليل فقط حتى تشحذ طاقتها وتواجههم.

تنهد هو في الخارج ليهمّ بالذهاب، سيأمر هديل بجلب الطعام لها فمتى آخر مرةٍ أكلت بها؟؟



,



المنزل مُظلم، كظلامه حين غادره، ساكنٌ كسكونه حين رحل منه آخر مرة، هادئٌ ككل ساعةٍ يمرّ فيه عدا ساعات الليل، موحشٌ حتى صراصير الليل ابتعدت عنه. ضغط الكُبس ليُنير الصالة الخارجية، المرتبة والساكن كُل شبرٍ فيها وكل جزءٍ منها، لا دليل على أن والده أحضر صحبهُ الطائشين ككل ليلة.
تنهد براحة، وفي ذات الوقت هو مُستنكرٌ لعدم وجود أي دليلٍ يُثبت قدومهم، أيعقل أن تمرّ ليلةٌ دون أن يعمّ ضجيجهم في المنزل!
هزّ رأسه ينفض تلك الأفكار ولم تخفى ابتسامة الراحة عن شفتيه، ثم تحرك ليصعد للأعلى، لغرفة والده، وقف أمام بابه لكن سرعان ما قطّب جبينه وقد فكر قليلًا، ولمَ لا يكونون قد غيروا مقرّ اجتماعهم في كل ليلة؟
أصابه الضجر من تلك الفكرة لكنه لم يُرد أن يُفسد راحته بأمرٍ قد لا يكون حقيقيًّا، ودون أن يطرق الباب دخل.
هاجمته رائحةٌ عفنه اختلطت بالكحول حين دخل، ولا شعوريًّا غطى أنفه وفمه بكف يده اليُسرى، ماهذه الرائحة؟ لا يعقل أن تكون الكحولات وحدها فرائحتها التصقت بجيوبه الأنفية ويستحيل ألا يُميزها.
اقترب بتوجس، ودون أن يشعر بدأت أطرافه بالإرتعاش، والده كما تركه آخر مرة، ظرف النقود بجانبه على الكومدينة، لم تتحرك من مكانها، بل لم تتزحزح سانتيمترًا واحدًا.
والرائحة! ماهي؟ أيعقل أن تكون! .... اتسعت عيناه وهو يهزّ رأسه بالنفي، قدماه تيبستا في مكانهما، لم يعد هناك دمٌ يجري في جسده، لم يعد هناك قلبٌ ينبض بين أضلاعه، لم يعد هناك أعصابٌ ترسل إلى مُخه الشعور. جفّت عيناه حين أطال فتحهما باتساعهما، أرادت منه أن يعتق أجفانها لترتخي، لتُعيد إليهما الرطوبة والماء المالح، لكنه بات كجُثةٍ تصلّبت ولم تعد قادرةً على الحركة، لم تعد تشعر بجفاف عينيها.
مضى على غيابه أكثر من ثلاثة أيام، وإذا حسبنا اليوم الذي ترك به هذا المنزل سيصبح خمسة أيامٍ تقريبًا.
لا ... لا يُمكن، يستحيــــــــــل ذلك!! يستحيـــــــــــــــــــــــــل



,



دخل غرفة نومه بعد أن تأكد من نوم أمه، يشعر بإرهاقٍ كبير سببه الضغط في عمله هذا اليوم، بات يضغط على نفسه حتى ينسى كذبة سند تلك، كذبته التي قلبت كيانه رأسًا على عقب، شتته وأشعرته بالتناقض فلم يعد يعلم .. أهو سعيدٌ أم حزين لهذا الخبر!
زفر وهو يرمي بجسده على السرير، ثم أغمض عينيه ليغطيهما بذراعه، يريد سماع صوتها البائس، يريد التلذذ بنغمته الهادئة والخافتة، المتخلخل بها الذنب والخشية، كأنما تُحدث رجلًا غريبًا عنها وليس بزوجها.
لم يترك رغبته هذه دون أن يُحققها، لذا تناول هاتفه من جيب بنطاله الجينز والذي لم يُغيره بعد ليتصل بها دون تردد، وما لبث ثوانٍ حتى سمع صوتها المُتردد : ألــو .. شاهين!
ابتسم ابتسامةً صغيرة، غريبٌ أن تكون ردت عليه دون عناد! ... لكنه تنحنح ليعتدل ويجلس هاتفًا : أهلين ، شلونك أسيل؟
صمتت لبرهةٍ قبل أن تهتف بتوجس : كويسة ... * لتردف بعد ثانيتين * صاير شيء؟
اتسعت ابتسامته، لكن هذه المرة بسخرية، أتوقع مُحادثةً طبيعية بينهما كما بين المتزوجين؟
شاهين ببرود : لا، ليه؟ .. يعني احنا لازم نتصل على بعض إذا صار شيء؟
عضت طرف شفتها بحرجٍ لتهمس : ماهو قصدي بس ... انت آخر مرة في المستشفى حسيتك تبي تقول شيء وسكتت
قطب جبينه يُحاول التذكر، ولم تُسعفه بالوقت الكافي لتردف : وش كان قصدك بجملتك هذيك؟
عقد حاجبيه، وحين تذكر أرخاهما قليلًا، أمازالت تذكرها؟ .. هو الأحمق الذي اندفع بحديثه دون أن يتأكد، وهذه هي نتيجة اندفاعه وليتحملها. هتف ببرودٍ عكس ما بداخله : انسي اللي قلته
قطبت جبينها ولم ترد، لا تدري لمَ باتت الكلمات تخونها كثيرًا معه، وحين أطالت الصمت لفظ ببرود : وين رحتي؟
ابتلعت ريقها باضطرابٍ لتهمس بصوتٍ كاد ألا يصله : موجودة
لا تشعر أنها مستعدةٌ الآن للحديث معه بطبيعيةٍ وهي التي لازالت تحت وطأة رفضها له والذي مع أنه أصبح أقلّ وزنّا عليها إلا أنها تحتاج للقليل من الوقت، القليل فقط.
هتفت باندفاع : تبي شيء شاهين؟ مضطرة أقفل
بدا الغيظ على ملامحه، وقد ظهر حين عضّ طرف شفته وقعد بانفعال، هو يتحملها ويصبر كثيرًا عليها وهي لا تساعده بل تزيد الطين بلّةً في كل مرة، يستشعر رفضها المقيت له إلا أنه يصمت، فـ إلى متى سيصمد صبره عليها؟
همس بسخرية : لهالدرجة يعني مقطعك هالوفاء؟
ازدردت ريقها لتخفض رأسها، ماذا فعلت؟ وعدت أمها بأن تتقبله ومن المفترض منها أن تجاريه حتى يحصل ذلك.
ضحك بخفوتٍ ولم تخفى عليها السخرية اللاذعة في صوته، ليردف بهمسٍ أشبه بفحيح أفعى ساخرةٍ من خصمها : نوستالجيا
بهتت للحظاتٍ حتى كلماتها خانتها للمرة الألف، لم تفهم معنى كلمته تلك، وجبينها ظهر عليه خطوطُ الإعوجاج إثر تقطيبها له، ما الذي يقصده بكلمته هذه؟ كادت ستسأله ما المعنى لكنها تراجعت لتبتلع الحروف الناقصة باندفاعها.
وهو ارتفع ضحكه قليلًا ليهتف بخفوت : مو مضطرة تقفلين؟ .. أجل باي باي يا زوجتي العزيزة
أغلق دون أن يُضيف حرفًا واحدًا، اليوم نفد صبره ونثر عبق قهره منها، وهي الأخرى تستحق، تمادت كثيرًا وهو لا ينوي معاقبتها، لكن لا بأس في أن تدرس حالتها ولو قليلًا لتدرك مدى سذاجتها.



,



اليوم التالي - الحادية عشرة صباحًا
وقف أمام المبني العالي للحظات، كفيه مخبأتان داخل جيبي بنطاله، ينظر إليه بنظراتٍ باردة / حاقدة، كان قد طُرد من هذا المكان مرة، ذلّ هنا ومن ذا الذي ذلّه؟ كان هو، كان سلطان ولا شخص سواه، لكنه لن يكون إبراهيم إذا لم ينتقم منه، لن يكون هو إذا لم يرد له الصاع صاعين.
أدار المبنى ظهره لترتفع زاوية فمه بابتسامةٍ ساخرة، ثم تحرك بخطواتٍ ضيقة مُبتعدًا عن هذا المكان البائس، مُقرًّا في نفسه بأنه سيصبح أكثر بؤسًا على يديه هو ولا أحد سواه.

بينما في داخل المبنى ذاته.
كان يجلس أمام مكتبه على كرسيٍّ جلديٍّ أسود، أمامه على ظهر الطاولة تقبع العديد من الأوراق ولا رغبة له بالنظر إليها حتى، زفر بضيقٍ وهو يتلاعب بقلمٍ يتراقص بين أنامله، وصورة ذاك العم تتراءى أمام عينيه، لن تلفظه مقلتيه وإن رآه أمامه ميتًا، لن يستطيع تجاوزه وكيف عساه ذلك؟
رباه كيف له تجاوز شخصٍ كان له الأب الوحيد طوال خمسة عشر عامًا؟ كيف له أن يلفظه من حياته وقد كان له الملاذ في يومٍ ما؟ كيف له أن يختم نهاية صفحته معه بختم النسيان وهو الذي كان له كل الذكرى حتى بوالده؟
حتى حين يتذكر والده يكون هو في خضم الذكرى! حتى حين يتأمل صورًا له مع والده يكون هو بينهم وإن لم يكن جسدًا يراه روحًا أمامه، يراه ينبض أمامه بالحضور الدائم، يتوعده بعدم الرحيل، بعدم مغادر عقله الباطن.
إنه ختمٌ طبع على جبينه، وشمٌ رُسم على عقله ولن يُخفيه شيء.
أغمض عينيه بقوةٍ لينفض رأسه من هذه الأفكار العقيمة، وحين لم تغادره صرخ وهو يرمي بالقلم : روووووح الله لا يردك في ذكرى
استنشق الأكسجين بنهمٍ وهو يُعيد جسده للخلف حتى يسترخي على ظهر الكرسي، ليرفع رأسه للأعلى قليلًا ويُغمض عينيه.
ولم يلبث ثوانٍ حتى سمع صوت هاتفه ينبض برسالةٍ وصلت إليه، فتح عينيه وتنهد، ثم مسح على ملامحه بكفه ليتناول الهاتف ويفتح تلك الرسالة التي قطعت عليه هدوءه، والتي لم تحتوي سوى على كلمةٍ واحده، أو بالأحرى حرفين
( ست )
قطب جبينه، لكن لم يكن له الرغبة ليفكر ما المعنى أو ليتحقق من أرسل هذا الحرفين، بل فكر أنه قد يكون عبثًا من شخص ما، لذا رمى الهاتف على الطاولة وعاد يحاول التركيز في عمله.




,



" نوستالجيا .. نوستالجيا .. نوستالجيا " زمت شفتيها بقهرٍ وهي تتذكر كلمته تلك، ما كان يقصد؟ أيعقل أنه يقصدها هي؟ بالتأكيد فلا معنى آخر لكلامه.
كانت بعد مهاتفتها له قد اتجهت لـ " قوقل " وأحرف تلك الكلمة لم تغب عن بالها، كانت مُبهمةً بالقدر الكافي الذي جعلها تتوجه للبحث عن معناها، وحين قرأت المعنى أصابها فتورٌ غريب، ومن ثم شعرت بالنيران تتأجج داخلها. يقصدها هي، فهمت ذلك وذلك ما أثار غيظها. لكنّ جزءًا منها شعر بالذنب، كيف كان لها الجرأة في جعل زوجها يُدرك حبها وحنينها المريض - من وجهة نظره -؟ أيعقل أن لها من الجرأة بل من الوقاحة ما يجعلها لا تهتم من هو الذي تتحدث معها حتى تُفصح عن حبها بكل أريحيةٍ ودون الشعور بالذنب!
تنهدت بضيقٍ وهي تدفن رأسها تحت وسادتها التي كادت تتقطع من شد أناملها لها فوق رأسها.
ليس ذنبي أن أحبه، وليس ذنبهم أن يروا أن ما بي ليس إلا مرضًا، إنني امرأةٌ شرقية عشقت لأول مرةٍ ورأت أن العشق تلاشى من بعده، إنني امرأةٌ شرقية تعلمت فنون العشق المعنوي على يديه هو دون الحسي فكيف أتجاوز من علمني العشق الأسمى؟ كيف لي أن أتجاوزه وهو الذي رأيت به حياةً أخرى دون عبوسٍ ودموع؟ كيف أتجاوزه وأنا التي سردت له حبي الخجِلِ أيامًا طالت تحت كنف ابتسامته؟
رباه إنه يأتي كوميضٍ يجعلها تتبسم حتى تضحك كصبيةٍ لم تعرف معنى الرجال يومًا، كصبيةٍ تعلمت الحياء على يديه ولم تكتسبه.
عضت شفتها وهي تغمض عينيها بقوة، لم يكن ليتزوج من بعدها، لا تريد أن تقتنع بذلك، تحاول التكذيب لكن أتقوى على ذلك؟


,



صرخت بذعرٍ وهي تتراجع للحمام، والمنشفة التي كانت تُجفف بها شعرها المبلول سقطت عن شعرها إلى كتفيها ثم إلى الأرض، ومعها سقطت كل نظرةٍ حيّة، ستموت، جاءها الموت أخيرًا، جاءتها المنية أخيرًا وسترحل، سترحل!
النيران تتأجج أمامها دون هوادة، تقتلع كل شبرٍ في الغرفة وقد احتجزتها بينها وبين حمامها ... لكن كيف؟ كيف تصاعدت النيران هكذا دون أن تنتبه؟ كيف تصاعدت دون أن تشعر بسخونتها؟
تراجعت أكثر وعيناها مُتسعتان، الموت يقترب، الموت يتجه إليها، من سيُنقذها الآن؟ من سيقاتل الموت ليبتعد عنها؟ عاشت العديد من سنين عُمرها وحيدة، وهاهي ستموت وحيدةً أيضًا، ستموت دون أن يكون هناك من يتذكرها، دون أن يكون هناك من يبكي عليها، ستموت دون أن يكون لها عزيزٌ يمشي في جنازتها، يُنزلها إلى قبرها ومن ثم يُدخلها في اللحد، ستموت دون أن يكون لها عزيزٌ يصلي عليها بعد أن يُغطيها التراب!!
رباه إنها تمنت الموت كثيرًا لكنه حين جاء تدافعت الغصات في حلقها، رباه إنها تمنته لكنها تراجعت الآن، لا تريد الموت حتى تضمن شخصًا واحدًا على الأقل سيبكي عليها / يحزن عليها / يتذكرها.
أيعقل أن تموت هكذا دون أن يشعر بها أحد؟ أيعقل أن تموت بهذه الطريقة؟
هزت رأسها بالنفي وهي تتراجع أكثر … لن يعلم أحدٌ بموتها حتى تتلاشى جُثتها، لا أحد سيستنكر اختفاءها ومن قد يكون له القدرة على ذلك؟ هي وحيدةٌ طوال عمرها وستبقى وحيدةً حتى تموت. حتى سلطان ليس هنا ليُنقذها، حتى هو لن يكون لها الحامي والمُنقذ، لن يكون لها المنفذ لتعيش.
ستمــــــوت . . . ستمــــــــــــــــــــوت



.

.

.

لا إله إلا الله سبحانك إني كنت من الظالمين

انــتــهــى

وموعدنا يتجدد يوم الخميس إن كتب الله ذلك


ودمتم بخير / كَيــدْ !


كَيــدْ 01-09-14 06:42 PM

رد: قيودٌ بلا أغلال عانقت القدر
 
اقتباس:

المشاركة الأصلية كتبت بواسطة sosee (المشاركة 3464465)
😍😍😍
يسلمك على الإهداء يا كيد 💃💃💃


بسم الله نجي للطامات اللي جت بهالبارتين 😭😭

-شاهين ..
زييين صارت سالفه متعب كذب
خفت لو صارت صددق 😳😳💔

- سلطان ..
اببببد ما ودي يلين مع غزل 😿
بتكون صدمته فيها قايية 💔

-غزل ..
تقهررررني بشكل 😩 خوافة ولا تمشي زي العالم والناس اععع

- ديما ..
الصراحة صدق حالها يطففقش 😩💔
على كل شي تقوله ينقلب عليها المسيكينه 😿
ليتها زاد نامت عند أسيل إخيتها وفكت عمرها من ذا النفسية 💔

-جيهان ..
صدددق صدددق صدمة طردة ابوها
بس الصدق تستاهل
واحس ولد عمها يقول رب ضارة نافعه بما انعا استسمحت له 😂 وصارت هه ألين معاه

المسيكينة اختها والله اللي تدري عن كل البلاوي وتحاول تقوي ابوها وتهدي اختها وهي ضايعه بينهم 😿

- إلين ..
الطامة الكبرى 😭😭😭😭😭
إلين اخت ياسر وياسر أخر إلين
حرررررام عليهم ليش ساكتين 😭😭 كل هالفترة تتحجب ولا تنزل وتنعزل احياناً وسلام لأبوها من بعيد والنهاية تصير بنتهم بالرضاع 💔💔💔💔
اعتقد بيجيها انهيار وماراح تصدق

الأم رضعتها يومها صغيرة عشان تبقى البنت عندهم لأن الميتم اذا ما رضعتي الطفل ممكن ياخذونه اذا كبر خاصة البنات
لكن بذيك الفترة كان الأبو ما عجبته سالفة التبني فخافت من انها تعلمه
لكن يوم كبرت إلين انقلب الوضع صار الأبو اللي يبيها والأم مو ذاك الزود
فشي طبيعي يبقى السر بداخلها
لكن المشكلة مو هنا !!
المشكلة بأنها ليه ما وقفت الخطبة من البداية برفض قاطع
فرضاً لو إلين وافقت من البداية خاصة عقب شكوك الأم !
ممكن ان تحدث مصيبة 💅
حدث قلب كيان الرواية 😿💔

ب انتظارك يا مبدعه


ربي يسلمك تستاهلين الأكثر يا جميلة :)
يقولون خيرًا تعمل شرًا تلقى :) هالمقولة نقدر نطبقها على سلطان وغزل .. ونشوف النهاية شلون بتصير.

تعديل بسيط :$ كفالة وليست تبني*
التبني محرم بينما الكفالة لا ..


أنرتِ :)

كَيــدْ 01-09-14 06:54 PM

رد: قيودٌ بلا أغلال عانقت القدر
 
اقتباس:

المشاركة الأصلية كتبت بواسطة الهي عفوك ارجو (المشاركة 3464795)
رواية جميله بل رائعه جذبتني بشدة ,اسلوبك بالكتابه رائع وسلس, الفصول مترابطه ونهايتها مشوقه, انتي كاتبه فذه هذا رايي كقارئة ,واسمحي لي بالانضمام لروايتك فانا عضوة جديده بهذا المنتدى ,سانتظر باقي الفصول بشوق,شكرا لك


عيونك الجميلة يا ملكة :$

سعيدة إنها راقت لك واعتز بنظرتِك الإيجابية تجاهها وتجاهي ككاتبة
حياك ربي بيننا ويا سعادتي إنّ أول رد لك هنا يكون بين صفحات روايتي المتواضعة ()


العفو لقلبك :**

لست أدرى 03-09-14 10:34 PM

رد: قيودٌ بلا أغلال عانقت القدر
 
حبيبتى كيد ... تسلميلى يا غالية عالاهداء ... حركة تثبيت دى ,,,,, فيس بيغمز هههههه


ياسلام انا بخوف ؟؟!!! ده انا طيبة خالص والله ... انا اجى جمبك حاجه ؟ انتى اعترفتى دماغك اجرامية !!! بس واضح انى طلعت اكثر اجراما منك ههههههه


المهم يا قلبى ... البارت ده بجزئينه لسه هادى كده ومافيهوش جديد تقريبا .. اللهم إلا ابراهيم اللى طلعلنا زى القدر المستعجل كده !!! الله يعينك يا غزل .. دو ل هيلحقوها امتى دول ؟؟؟ بس مش المفروض انهم فى فندق ؟ ولا واخد شقه جاهزة ؟؟

إلين ... صدمتها مش سهلة تعدى منها ... وههالة دى الله يسامحها بجد .. مش عايزه ادعى عليها دعوه اكبر من كده !!

أدهم وأبوه !!! أها ده ابوه اللى كانت الين متأملة انه هيعترف بيها لما يشوفها !!! لا مجرمة بجد يا بنتى !!! كأنك بتقفلى فى وشها كل الابواب عشان تضطر تفضل مع ابو ياسر وعيلته

يلا بانتظار الجديد ... سلامات يا غالية

كَيــدْ 04-09-14 09:40 AM

رد: قيودٌ بلا أغلال عانقت القدر
 




السلام عليكُم أعزاء كيد :)

إن شاء الله تكونون بأتم صحة وعافية
الحمدلله البارت خلص
طولت فيه مع إنه يعتبر قصير بالنسبة لسابقيه
بس ما أكذب عليكم مدري ليه حسيته طويل عشان كذا تأخرت


بس حاليًا محتاج شوية مراجعة وتدقيق ، وعاد لازم الشغل يكون كامل فانتظروني
والمراجعة ماراح تكون إلّا بعد ما آخذ لي نومة معتبرة :* تركيزي صفر ومحتاجة أريح راسي شوي

وإن شاء الله بعد ما أصحصح أراجعه وانزله لكم :$


*


اي نسيت أهني اللي رجعوا للدراسة عساكم متهنين ههههههههههههه
الحلوة اللي من المفترض تكون أول سنة جامعة ماخذة اجازة بكامل رغبتها
وإن شاء الله أبدأ من الفصل الثاني :) نقول حبينا نرتاح ومنها نتفرغ للرواية شوي

انكرفوا هذي سنة الحياة <- فيس يقهركم هههههههههههههههه



كونوا بالقرب أعزائي ""


كَيــدْ 04-09-14 08:00 PM

رد: قيودٌ بلا أغلال عانقت القدر
 




سلامٌ ورحمةٌ من الله عليكم :)
صباحكم / مساؤكم سعادة ورضا من الرحمن

إن شاء الله تكونون بأتم صحة وعافية

بارت اليوم قصير للأسف .. بس بصراحة استفذني واستنفذ كل قدرة على تطويله
بعض الشخصيات ما ظهرت في هالبارت بس يعتبر مهم ودسم في كتابته بالنسبة لي :$


,

بسم الله نبدأ

قيودٌ بلا أغلال عانقت القدر
بقلم : كَيــدْ !


لا تشغلكم عن العبادات




(17)





من البديهي أن الوجع لا يصيب الإنسان إلا إن أصاب جسده آفةٌ ما، محسوسةٌ تحت عوامل خارجيةٍ عديدة، وعوامل أخرى باطنيةٍ تُؤَثر على الجسد بشكلٍ متفاوت
لكنّ ما يُثير حيرتي كثيرًا هو الوجع الذي يصيب القلب دون آفةٍ أو مرضٍ يعتريه.
كنت أتساءل : كيف أن قلبي يتألم حين يموت عزيزٌ ما، حين تُهاجمني الأحزان، حين وحين وحين!

سيكون حديثي هذه المرة عن القلب ، تلك العضلة التي تم دراستها سابقًا فيزيولوجيًا بطريقةٍ لا تؤديه حقه.
لمَ يتألم القلب حين يذهب حبيبه؟ لمَ يتألم حين يغيب عنصرٌ ما كان لصاحبه مُلازمًا طول حياته الماضية؟
حتى القلب لا يتألم للأشخاص فقط؛ بل إن ألمه يكون أيضًا للأمور المعنوية وحتى الجمادات.


تلك كانت بدايةً لمقالٍ كتبته، بل تشعر في الحقيقة أنه يمثلها هي ولا أحدَ سواها. زفرت بضيقٍ وهي تغلق شاشة الحاسوب، ثم وضعت رأسها عليه وهو المُستقر فوق طاولةٍ مكتبية كريميّةِ اللون.
إن أوراق الربيع تتساقط أمام عينيها والخريف لم يحلّ بعد، والأيام الحلوة تتصارع أنفاسها من خلفها دون أن يكون لها القدرة على الإلتفات ومحاولة إنقاذها. لمَ تشعر أن الحقيقة قد تهدمُ كل ماضٍ جميلٍ لتحيل حاضرها ومستقبلها لليلٍ دائم؟ لمَ باتت ترى بريق السعادة يختفي رويدًا رويدًا وأنفاسها تتلاشى ببطء؟
كيف لها الشعور بوجعٍ خانقٍ في قلبها دون آفةٍ حقيقية؟ تشعر بالضيق، تشعر بالألم وكأنها ستفقد شخصًا ما! .. زمّت شفتيها وهي تلتهم الأكسجين بنهم، لا تريد التفكير أكثر، لا تريد التعمق في أمرٍ قد يلتهمها الآن قبل أوانه.
" كل شيء بوقته حلو " .. هذا ما حاولت إقناع نفسها به لكن كيف لها ذلك؟ ما الحلو في أمرٍ قد يكون لها بدايةً لشيءٍ لا تتمناه!
رفعت رأسها لتضغط بسبابتها وإبهامها على عينيها، ستعلم، ستعلم ما يُخبآنه والدها وخالها، ستعلم سبب الكره المُتقد في قلبه لها، ستعلم كل شيءٍ ولن تتواني عن التحقيق لذلك.
أخذت شهيقًا ثم زفرت بإصرار، لن تُظهر لأحدٍ كان ما يعتري خاطرها، ستكون طبيعيةً أمامهم ولن تُبالي ظاهريًا، يجب عليها أن تكون مع والدها كما العادة، كمن نسيت ما حدث.



,



أنزلت رأسها لأسفل الصنبور حتى تُبلله مع خصلات شعرها، تشعر بأن حرارتها مُرتفعةٌ ولا حيلة لها لتستحم حتى تنخفض حرارتها. وحياتها الآن ومنذ خمسةَ عشر عامًا في تذبذبٍ لا يستقر، أيعقل ألّا يستقر حقًا؟ وستبقى هكذا كالمُشردة لا مكان لها! لا أحد ينظر لها بطبيعيةٍ والكل يربطها بظلمهم لزوجها؟
أنفاسها تخرج وتعود لرئتيها ببطءٍ يشرح خمولها وإرهاقها، يعكس قلة حيلتها، حتى قدماها لا تحملانها كما يجب، وحين شعرت بخمولهما يتضاعف جلست على أرضية الحمام الباردة، بينما جسدها يشتعل حرارة، وهل يمكن أن تُصنف هذه الحرارة تحت تصنيف حرارة قلبها؟ إنّ الحمم الأعظم تكون في قلب الإنسان الذي رأى الظلم ولم يستطع ردعه، لذا مهما احترق جسدها لن تكون تلك النار المُصدرة للحرارة أعظم مما يتأجج في قلبها.
أسندت ظهرها على الجدار الذي يوازي الأرض في برودته، أم أنّ حرارة جسدها جعلتها تستشعر ذلك!
أغمضت عينيها ودون أن تشعر رحلت لعالمِ الأحلام.

استفاقت بعد مرور وقتٍ لم تعلم ما كمّه، وجسدها ازداد خمولًا، بللت شفتيها تسقيهما الرطوبة وتُزيل عنهما الجفاف لتنهض بتعثرٍ مُتجهةً للباب الموصد! لا تذكر أنها أغلقته بعد دخولها!!
وحين فتحته …. كانت الصاعقة!



,



الهاتف تصاعد رنينه، وهو انشغل بالأوراق بل غرق في عمله حين حاول الهرب من أفكاره ونجح، وقد كان الهاتف هو ما أفسد اندماجه بالأوراق ليرفعه بملامح مشدودةٍ تعكس مزاجه السيء.
أردفه على أذنه بعد أن أجاب : ألو
الآخر من الطرف الثاني باندفاع : أستاذ سلطان .. الشقة اللي اشتريتها قبل أيـام احترقت
وقف وقد اتسعت عيناه، وبانفعالٍ دون أن يكون قد استوعب معنى ما يُقال أو بالأحرى لم يرد الإستيعاب : أي شقة؟؟!
الآخر : اللي في حيّ البتلة " اسم وهمي "
تشجنت كفه القابضة على الهاتف، عيناه اتحدتا بالفراغ ... هناك، حيّ البتلة، الشقة التي اشتراها قبل أيـام، الساكن فيها تلك المــرأة، أمــــــه ولا أحد سواها!!
لااااااا ... غيــر ممكن!!!!



,



لم تسقط منه دمعَةٌ واحدة، جامدٌ كان بملامحه ونظراته. كان قد حمل والده وقتها دون استيعابٍ للمشفى وحين تم الكشف عليه علِم أنه ميتٌ منذ خمسة أيام، بالأحرى قبل أن يُسافرَ وهو الذي مرّ على غرفته فـ كيف لم ينتبه؟
لم يبكي، لم يتهاوى، لم يُبدي الحزن والأسى، كان كمن تلقى خبرًا عاديًا لا يُهمه، كان كمن تلقى كلماتٍ لا تعنيه، بالأحرى كان كمن خسر " عشرة ريالات "
قاسٍ هو هذا الوصف لمن كان من المفترض أن يراه كل كنوز الدنيا، لمن كان من المفترض ألا يُقارنه بمليارات الدولارات، لكن أكان يستحق تلك المواصفات؟
والده توفيَ لجرعةٍ زائدة من المخدر! كان يتعاطى المخدرات أيضًا وهو الذي ظنّ أن الموضوع انحصر على الكحولات فقط!
عضّ شفته بهوانٍ وهو يُخفض رأسه، سألوه إن كان هناك أقاربٌ لهم وأجابهم ببساطةٍ " لا " .. وأين أقاربهم منهم؟ أليسوا هم من تركوا والده يضيع؟ أليسوا من تخلوا عنه وخجلوا من كونه ابنًا لهم بدلًا من نصحه؟ حتى أقاربه من جهة أمه لا يعلم إن كانوا أحياءً أم لا!
تنهد وهو يراهم يجرّون السرير الأبيض الذي قبع فوقه والده المُغطى جسده، سيأخذونه للمغسلة ومن ثم للثلاجة كما قالوا، فلربما أراد أن يتصل بأقاربه المُسافرين كما فهموا خطأً.
ارتفعت زاوية فمه بابتسامةٍ ساخرة، أدرك ما معنى أن يموت الإنسان وحيدًا، دون أن يكون هناك من قد يبكي عليه ويُشيّع جنازته، دون أن يكون هناك من يدعو له بالرحمة .... وهذا هو معنى الموت الأقسى، معنى الموت وحيدًا دون ذكرى، أهذا ما انتظرته يا - ابو أدهم - .. أن تموت هذه الميتة الشنيعة؟ خمسة أيامٍ خلت وأنت هُناك جسدٌ دون روح، لا أحد التفت إليك، لا أحد استنكر غيابك، لا أحد ذهب يسأل عنك، ولا أحد انتشلك قبل أن - تتعفن -
رفع كفه اليُسرى ليُغطي بها عينيه لا يريد البكاء، لا يريد ممن سكن أعماقه الإستيقاظ، لا يريد أن يعود ذاك الطفل الضعيف الذي عانى من والده كثيرًا، لذا لا يستحق دموعه، لا يستحق أن يحزن عليه وقناع الجمود يجب أن يبقى، يجب أن لا يسقط، يجب ألا يبكي عليه، هو لا مكان له في قلبه فلمَ يشعر بغصاتٍ عديدةٍ تتدافع في حلقه؟ لمَ يشعر بالعبرة تخنقه؟
يُقال أن المرء إن مات فلا خوفٌ عليه إن كان وراءه - ابنٌ صالح - .. وأنا لست كذلك، لن أبكي عليك فأنا لست صالحًا، لن أحزن فأنا لست صالحًا، لن أدعو لكَ وأنت الذي لا تستحق ... لا تستحق ، فلتذهب روحك، فلتذهب فأنا لن أحزن عليها ومن أنت؟؟؟؟
تراجع للخلف وقد كان يقف في وسطِ ممرٍ شبه خاوٍ في المشفى بوقتٍ مُبكرٍ كهذا، اصطدم ظهره بالجدار الأبيض ونظراته تصطدم بالموت لا حياة فيها، لا يريد البُكاء، لا يريد الحزن، إنه ليس بـ أب، لا يستحق منه الحزن، لا يستحق منه الألم وذرف الدموع عليه .... أتسمعين يا عيني؟ أتفهمين يا مقلتي؟ لا تذرفي الدمع على من أبكاكي وصاحبكِ طفلًا، لا تذرفي الدمع وكم من مرةٍ أُطبقتِ في الظلام تُدارين دموعك.
لكن أتسمع تلك العيون؟ .. هو في النهاية والده لذا سقطت دمعةٌ يتيمة على خده، مهما حاول قبع الروح الصالحة داخله إلا أنها الآن أفاقت لتبكي على من أدخلها في غيبوبةٍ طالت، مهما حاول اغتيالها إلا أنها دائمًا ما تدسّ نفسها خلف الظلام حتى لا تموت، تتشبث بروحه بقوةٍ فهو بشر، والبشر مهما علت قسوتهم إلا أن هناك جانبًا صالحًا فيهم. وهل كان لذلك الأب جانبٌ صالح؟ هل كان له؟؟
رفع كفه الأخرى ليمسح على وجهه وعينيه احمرتا لمقاومته للدمع، وبصوتٍ ميّتٍ همس دون شعور : الله يرحمك ... الله يرحمك يا يبه


,


وصل إلى موقع الحريق، أنفاسه تتصاعد بسرعة، وعيناه تعلقتا بالنار المُتضاعفة من نافذة شقتها تلك من بين بقية شقق المبنى.
وهاهو شخصٌ آخر في حياته سيذهب، الجميع يتركه رويدًا رويدًا، الجميع يبتعدون عنه والأقسى ابتعادًا هو إلى الموت.
لا لا .. لا ترحلي غفلةً بعد أن ظهرتي غفلة، لا تعودي للإختباء وهذه المرة بين التراب، هو موحشٌ فلتصدقي، هو مُظلمٌ فلتصدقي. أتختارين الظلام بعيدًا عن النور؟ أتختارين الموت بعيدًا عن الحياة وكل العلّة في تركي؟؟
هزّ رأسه بالرفض وهو يتنفس بسرعة، لن يسمح لها بالذهاب بعد أن وجدها، أمه الحقيقيةُ رحلت حين ولدت به، ومن ثم رحل والده وكلهم للموت، ثم جاء سلمان، ذاك الذي رحل بخبثه، ذاك الذي رحل حيًا لكن بعد أن خلّف وراءه الكثير من الألم فهل ستكونين كالإثنين اللذين رحلا للموت قبله؟
اندفع يسأل أحد رجال الإطفاء وكله أملٌ في أنهم قد أخرجوها، وقد كانت الإجابة التي كسرت ظهره : لا! فكل من أخرجوهم من المبنى هم قلائلَ لوجود الناس في هذا الوقت في دوامهم الدراسي والعملي، والقليلون فقط ممن خرجوا نساءٌ لم يصلن إلى الأربعين بعد، أطفالٌ وعددٌ محصورٌ من الرجال كبيري السن
أغمض عينيه بقوةٍ ورفع رأسه للأعلى يُناجي ربه، رحماكَ يا إلهي، رحماك من بقي لي، ليسوا إلّا قلةً فلا تحرمني منهم، ليسوا إلا بعدد أصابعي فلا تقتلعهم من يداي.
ارتعشت شفتاه وهو يوجه حديثه لأحد رجال الإطفاء بعد أن تلفت يبحث عنها بين جموع الناس ولم يجد لها طيفًا : أعطني شيء أحمي فيه جسمي من النار
نظر إليه الرجل بحزم : ما أقدر
سلطان من بين أسنانه : قلت لك أعطني شيء أحمي فيه جسمي من النار
زفر الرجل وهو يعيد تكرار كلامه بحدة : قلت لك ما أقدر ... الرجال ماراح يقصرون وإن كان فيه أحد بيطلعونه، هذا إذا كان فيه لأن المبنى كامل تم إخلائه
أمسك سلطان بمقدمة قميصه ليهمس بقسوة : ما أشوف إنكم سويتوا شغلكم عالوجه الصحيح فأنا اللي بسويه … * ارتفع صوته غاضبًا * فيه مرة للحين داخل وانتو ما طلعتوها
تراجع الرجل بعد أن نفض يده عنه، وبنبرةٍ عملية : لو فيه أحد داخل إحنا بنسوي اللي نقدر عليه حتى نخرجه
سلطان بانفعال : ما أبيكم تسوون اللي تقدرون عليه ، أبيكم تطلعونها أو أنا اللي بطلعها
الرجل يجاريه بإيماءه : بنطلعها تطمن، بس وش اللي يخليك متأكد؟
سلطان بانفعال : اللي هو وش عليك؟
نظر إليه الرجل بعينين ضيقتين، وبجمود : في أي طابق عايشة
سلطان : الثالث، الشقة رقم ستة
قطب جبينه حين أدرك أنها الغرفة التي بدأ اندلاع النيران منها لكنه لم يصرح بذلك علنًا أمامه، وقد ارتبك داخليًّا بينما تصنع الجمود على ملامحه، بالتأكيد ماتت! وكيف قد تكون حيّةً بعد أن انتشرت النيران تقريبًا في كامل المبنى فماذا عن الغرفة التي بدأ منها الإندلاع؟
صدّ عنه ليأمر الرجال بتجهيز سلالم الإطفاء ورفعها للشقة المطلوبة، ليس عنده أملٌ أنّ هناكَ جزءًا من الشقة لم يحترق، لكن لا بأس في أن يتأكد.


عودةٌ لما قبل الحريق
اثنان يتلحفان بالسواد ولا يظهر منهما سوى عينيهما، كانت خطتهما تجري على أن يقوما بحرق الشقة دون أن يبقى هناك أثرٌ يدل على أنه كان حريقًا مقصودًا، كان الأسهل أن يقتلوها لكنّ ذلك سيكون نتيجته تحقيقاتٌ قد تكشفهم جميعًا.
لذلك، حركةٌ مدروسةٌ من أنامل أحدهم على عنقها تُفقدها الوعي دون مخدرٍ يكشف خطتهم، ومن ثم اندلاعُ حريقٍ دون مساعدةٍ من أيّ مادة!
بخفةٍ استطاعا دخول المبنى المُتغيب حارسه لآفةٍ أصابته، أو بالأحرى أصابوه بها. صعدا السلالم وفي هذا الوقت من الصباح يكون الناس في دوامهم لذا كان لهم كامل الحرية، ومن ثمّ وقفوا أمام باب شقتها.
( الطابق الثالث - الشقة السادسة )
بحركاتٍ مدروسة استطاعوا فتح الباب، ثم اندفعوا للداخل وحين لم تكن أمامهم بحثوا عنها إلا أن وصلوا لباب الحمام المفتوح، والعجب أنها كانت نائمة على الأرضية!
جيد، الأمور تسير كما يجب دون أي حاجةٍ للعنف، أغلق أحدهما الباب ليوجه حديثه للآخر هامسًا : أكيد بتوعى بسبب الحرارة، في النهاية بيكون موتها بسبب الإحتراق وإن ما وصلها النار بيكون دخانه كافي حتى تختنق، نآخذ احتياطاتنا ونسد الباب، فيه احتمال ما عاد ينفتح وبكذا نضمن عدم هروبها
أكملا عملهما، فتحا أنبوب الغاز ليتسرب، وكانت تلك الخطوة ما قبل الأخيرة، ليخرجا من بعد ذلك من الشقة، سينتظران نصف ساعةٍ على الأقل حتى يتمكن الغاز من كل جزءٍ في الشقة
ومن بعد ذلك .. كانت البداية للإندلاع! وكل ما بقي هو أن يرميا عود ثقابٍ من الباب ومن ثم ستتأجج النيران، وكان لهما ما أرادا، أو بالأحرى … كان لهم ما أرادوا!


,



كان قد أخذته غفوةٌ في ذات المكان الجالس به، على إحدى مقاعد المشفى لدقائق قد تكون لم تتجاوز الربع ساعة، ولم يوقظه سوى أحد العاملين في المشفى.
فرك عينيه الباهتتان بإبهامه وسبابته، ثم تحرك ينوي الإبتعاد عن هذا المكان، وهاهو آخر من كان يشغل حيزًا بسيطًا وإن كان سلبيًا من حياته رحل. خرج من بوابة المشفى وشمس الرياض يشعر أنها مُحرقةٌ أكثر من أيّ نهارٍ مضى، أتسخر منه لأنه أصبح وحيدًا الآن بكل ما تعنيه الكلمة؟
حتى السماء يرى أنها باهتةٌ كما روحه، المسافات تزداد، الطريق يطول، يشعر أنه يستنفد الكثير من طاقته ليصل إلى سيارته، وفي تلك الأثناء شعر باهتزاز هاتفه في جيبه، لم تكن له الرغبة ليرد، لم تكن له الرغبة في أيّ شيءٍ لكن لمَ؟ أيعقل أنه تأثر لموت والده إلى هذا الحد وهو الذي وعد نفسه يومًا أن تكون علاقتهما رسميّةً إلى الحد الذي يكونان فيه كالغريبين؟ أيستحق منه كل هذا الحزن؟ أيستحق أن يبذل كل قواه ليُنشئ صدًا ينادي باسمه وهو الذي مات صوته فكيف يكون له صدى؟ وهو الذي ماتت عيناه فكيف عساها ذرفت الدموع منذ دقائق خلت؟
رفع الهاتف لينظر للرقم ببهوت، إنها هي.
أغمض عينيه بقوة، وهو الذي كان منذ ثوانٍ يستشعر أنه وحيدٌ فلا تفرحي أيتها الشمس بنصرك، ليس وحيدًا، بقيت له تلك المتشبثة به فهل عساه يرفضها الآن وهو من ذاق طعم الوحدة المرّة منذ ثوان؟ وكأن الدنيا أشرقت في وجهه حين رأى رقمها يُنير شاشته، رباه هل هي الغيث الآن بعد لحظات القحط التي واجهها؟ هل هي العبق الذي فقدته زهوره؟
ردّ عليها بكل لهفة، خاف أن يتوقف الرنين فيُثبتَ حالهُ وحيدًا، خاف ألا يرد فتلفظها الحياة بعيدًا عنه، لا يريد أن يكون وحيدًا، لا يريد أن يشعر بما شعر به منذ ثوانٍ، بقيت هي ولا أحد سواها، بقيت هي فلا تذهبي أرجوكِ، لا تذهبي لتتركيه الآن.
رد عليها دون كلمة، وتلك ما إن رفع الخط هتفت بصوتٍ باكٍ دليل نوبات نحيبها التي لم تتوقف بعد : أدهم
أدهم باندفاع : ورقة تحاليل الـ DNA الأصلية للحين وياك؟
استغربت سؤاله، ونبرة صوته الحزينة لم تخفى على أذنيها، لكنها في النهاية همست ببهوت : اي ليه؟
هتف بكلمات انتشلت الجنون القابع فيها، كلماتٍ انتظرتها لتأتيها الآن كجبلٍ وطأ على صدرها : بجيك ، وأبي هالأوراق عشان تكون اثبات قدامهم


,



ابتسمت له بحُبٍ وهي تُقبل رأسه، من ذا الذي يستطيع تصنع نسيان قلقلها إن رأى وجهه البشوش؟ لا تنكر أأنها كانت قلقةً وتتصنع النسيان، والآن نسيانها ليس تصنعًا، بل هي نسيت ذاك القلق من أساسه، فـ القرب من هذا الأب دواءٌ بحد ذاته.
هتفت بحب : جعلني ما أبكيك يا الغالي
نظر إليها بقلق، أيعقل أن تكون نسيت ما حدث؟
جنان برقة : وش فيك تطالع فيني بهالشكل يا عيون بنتك؟
ابو فارس بهدوءٍ زائف : ولا شيء حبيبة أبوك .. تعالي إجلسي هنا
أشار لحجره لتبتسم وذاك مكانها المُقدس، ومن الظلم أن يكون لغيرها، ولدت ليكون حجره لها وحدها فقط.
اقتربت لتجلس في مكانها المعتاد، وهي مدللته الصغيرة الحسناء ذات الحيّز الكبير في قلبه.
هتف بحنانٍ لم يَخفى به القلق : تبين شيء يا بنتي؟ تحتاجين شيء؟
استغربت نبرته وكلماته، لكنها أجابته بابتسامةٍ رقيقةٍ حنونة : مو قاصرني شيء ، أبو فارس ما خلى لساني يلفظ بالطلب
ابو فارس بابتسامة : حبيبة ابو فارس والله



,



المشقة تزورها من كل بابٍ ومنفذ، الجو باردٌ في الخارج، إنهم على أواخر الشتاء، وجسدها لا يحتمل البرودة بتاتًا لذا بدأت بوادر المرض، لكن لمَ لم تمرض سابقًا وهي بين عائلتها؟ أيعقل أن المرء يكون أقوى حين يقترب من " عزوته "؟
من بين كل التفسيرات البيولوجية لم يكن هناك تفسيرٌ واحد يفسّر سبب ضعفها الذي تضاعف الآن إلا أنها ابتعدت عنهم، ابتعدت عمن اعتادت التفاعل معهم سنين طوال، ابتعدت عمن كانوا لها الأمان وإن تزعزع قليلًا لعوامل خارجية.
سعلت وهي تنقلب على جانبها الأيمن تُدير الباب المفتوح ظهرها، وفي تلك اللحظات كان فواز يدخل لتتعلق عيناه بظهرها، توقع أنها نائمةٌ لذا اقترب حتى يُغطيها، وحين شعرت باللحاف الذي ارتفع إلى جسدها فتحت عيناها وقد صاحب ذلك انتفاضةٌ من جسدها.
فواز : بسم الله عليك هذا أنا.
زفرت وهي تنظر لملامحه بفتور، نظراتها كان بها الكثير من الوهن، والكثير من الجاذبية له أيضًا.
صدّ بملامحها عنها ليزفر هامسًا : الله يسامحك يا عمي على هالسواة
عاد لينظر إليها : أكلتي شيء من اللي جبته لك؟
هزت رأسها بالإيجاب والإرهاق بدا على وجهها، وحين انتبه قطب جبينه : وش فيك جيهان؟
بللت شفتيها الجافتين لترفع جسدها تنوي الجلوس، لكنه مدّ يديه بسرعةٍ ليُمسك بعضديها مانعًا لها، وحين شعر بحرارة جسدها عقد حاجبيه : اوووف .. جسمك حار!
كانت نظراتها مُعلقةً به بوهنٍ دون أن تجيب، وهو اقترب منها قليلًا دون أن يكون جالسًا بل واقفٌ وجسده من الأعلى مُنحنٍ قليلًا نحوها، قام بتعديل اللحاف عليها ثم همس بالقرب من أذنها : جايك
قبّل أذنها وأنفاسه عبرت في تجويفه لتُغمض عينيها، ثم رفع جسده ليخرج ينوي إحضار الكمادات وإن لم تنخفض حرارتها خلال ساعات سيأخذها للمشفى.

استنشقت القليل من الهواءِ ثم بعثرته، هل كل شيءٍ حارٌ هنا أم أن أنفاسه هي وحدها الدافئة؟ صوته عبر بحباله ناحية الماضي، بعيدًا هناك، قريبًا إليها، وكل أنفاسها انحصرت بينها وبينه، دون أن تتجه لأنفها، دون أن تُسعف رئتيها لتريدهما مخنوقين يناديان الأكسجين دون جدوى.
تلك الزهرة البيضاء في يومها الأسود ذبلت، تلك البراعم دُهست قبل أن تنمو، تلك اليرقات قُتلت قبل أن تكبر، ترى نفسها تسقط، السائقُ نسي ربه أو تناساه، وحيدةٌ كانت في المنزل في يومٍ أُرهقت فيه حد الإعياء، كما اليوم!
كانت ستضيع لولاه بعد الله، كانت ستنتهي لو لم يكن هو قد جاء، وماذا بعد!

*

تمسكت به وهي ترتعش، دموعها بللت وجهها وتلك العينان الماطرتان اتسعتا حتى كادت مقلتيها تقذفانهما، كادت تنتهي يا الله! ومن ذا الذي جاء الآن؟ من هذا الذي أنقذها من بين براثن ذاك؟
لم تنظر لمن هي مُتمسكةٌ به، ولم تفكر إن كان رجلًا أم امرأة، وكل ما أرآدته هو الأمان، الأمان ولا شيء آخر.
كانت قد غابت عن الدنيا للحظات، لم تعلم من جاء ليُنقذها، ولم تعلم ماذا حصل من حولها، فقط سمعت صوتًا تعرفه جيدًا لكنّ عقلها أبى أن يترجمه ينادي باسمها، ومن بعدها تشبثت بذراعيه تبحث عن مأمن.
فواز بانفعالٍ وصدره يرتفع ويهبط في صراعٍ جنوني : الحمار هرب!!!
نظر إليها ثمّ شتت نظراته بعيدًا عنها، ولم يكن منه سوى أن يرفع شماغه عن رأسه ويُغطيها به، هامسًا بارتعاش : جيهان!
جيهان بصوتٍ مُرتعشٍ باكي : ي يبه .. يـ م ـه …. آآآآآآآآه
لتنخرط في بكاءٍ ونحيبٍ تصاعد ليقطع نياط قلبه، ابنة عمه كادت أن تضيع لولا الله ثم تواجده، ابنة عمه كادت تنتهي، ماذا لو لم يكن قريبًا من هنا؟ ماذا لو لم يكن قد مرّ ينوي رمي السلام على عمه؟ ماذا لو لم يأتي؟ ماذا كان ليحدث؟؟؟ّ
ارتعش ولم يستطع السيطرة على نفسه ليصرخ في وجهها : شلوون دخل للبيت شلوووون؟ وليه انتِ بروحك هنــــا؟ ليه محد موجود غيــــرك!!
لم تجبه، فهي لم تعد تسمع، لم تعد ترى، والدنيا من حولها أصبحت بلونٍ أسود، ثقل جسدها فجأةً ليفزع ويمسكها جيدًا، هاتفًا بصوتٍ هيهات ان تسمعه في هذه الأثناء : جيهان .. جيهان


.

.

.

لا إله إلّا الله سبحانك إنّي كنت من الظالمين


انــتــهــى

وموعدنا القادم سيكون إن شاء الله يوم الثلاثاء :$




ودمتم بخير / كَيــدْ !

لست أدرى 04-09-14 11:21 PM

رد: قيودٌ بلا أغلال عانقت القدر
 
كيد ... على فكرة يا حلوة ، الجو حر مووت اليومين دول ، وانت مصممة تنشفى ريقنا بزيادة !!! حرام عليكِ يا شيخة


الفصل ده بالذات مافيش حد منهم نطق كلمتين على بعض !!! ههههههههههههههههه

بهزر ماتقلقيش ... صحيح الكلام كان قليل ، لكن قوة المشاعر ووطأتها على النفوس كانت ابلغ من اى كلام هنا .. طبيعى مواقف وأحداث ومشاعر بالشكل ده هى اقوى من انه الواحد يقدر يتكلم ويفضفض عن اللى بيه .. بانتظار خروج ابطالك من الازمات اللى واقعين فيها كلهم دول .. ربنا يستر عليهم من مصايبك اللى جايه !!


جنان .. هى اللى مصيبتها لسه ماتكشفتش لحد دلوقتى .. ربنا يستر خالها ده ناويلها على ايه ؟؟

وجيهان ... اخيرا بدأنا نفهم شويه ايه اللى حصلها وسبب الجفوة بينها وبين فواز !! السائق حاول يعتدى عليها وفواز انقذها ، ومن الواضح انه الخبر انتشر وأمه اتهمتها انه كان بارادتها !! بس مش عارفه هل أمه عارفه بحكاية السواق ولا بتتهمها مع فواز ؟؟؟ وطبعا فواز ماحاولش يقف فى صفها ويدافع عنها وده سبب زعلها منه .


لا والمهم انا كنت معتقدة فى البارت اللى فات انه غزل هى اللى فى الحريق ؟؟ ودلوقتى طلعت أم سلطان ؟؟؟ هما عايشين فى نفس العمارة ؟؟ بس هى كانت غزل فعلا اللى فى البارت اللى فات .. صح ؟؟

يلا يا غالية بانتظارك

...همس القدر... 05-09-14 10:23 AM

رد: قيودٌ بلا أغلال عانقت القدر
 
السلام عليكم

= تعليقي عالفصل السابق ولي عودة بفصل اليوم بعد قراءته

السلام عليكم
اخباارك حبيبتي كيد؟!
فصل اليوم جميل لكن قصير...

مممم اولا غزل وسلطان :بودي اعررف ايش شرط غزل ؟!
للان ما عرفناه
وبودي برضو اعرف رد فعل غزل بس تشووف نفسها في حضن سليطين الحليووة :) خخخ

الين: صاايرة قااسية هالبنت .. ابو ياسر رجال طيب وبيستاهلش هالمعاملة الصعبة !
واذا هي مفكرة انه ادهم ممكن يسد مكان عالية ابو يااسر فهي غلطانه


ابو الين مات معفن لحاله في البيت!!! الى حهنم وبئس المصير ...مو كاسر خاطري الا الين اللي مفكرة انها راح تلاقي حنان العائلة المزعوم عند بيت ادهم وابوه


شااهين: هههههههههه قصف جبهتها لاسيل ... نوستالجا لكن ومش عارفة ايش
مممم يعني التعلق المفرط بشخص ميت حسب راي شااهين هو نوستالجا ... شكله اسم مرض نفسي هههه بروح اسأل عمو قوقل عنو


ميييين ماااااات؟! وله علاقة بسلطان؟! وكان كل الوقت يعيش لحاله او الاصح لحالها ...مين هي ؟!!
ممم بالاول فكرتها اخته لسلطان وعناد بس بعدين فكرت هي ساكنة لحالها وبرضو ابراهيم اللي ظهر عخط الانتقام من جديد قلبولي تفكيري وقلت يمكن هي خطة ابراهيم تينتقم من سلطان !!!


كيد بارت جميل بس قصير
استمتعت بقراءته
لي عودة بفصل اللي نزل
سلااام

...همس القدر... 05-09-14 10:27 AM

رد: قيودٌ بلا أغلال عانقت القدر
 
لنوستالجيا (باليونانية القديمة νόστος «الشوق» y ἄλγος «ألم») هو مصطلح يستخدم لوصف الحنين إلي الماضي، أصل الكلمة يرجع إلي اللغة اليونانية إذ تشير إلي الألم الذي يعانيه المريض إثر حنينه للعودة للبيت وخوفه من عدم تمكنه من ذلك للأبد.تم وصفها علي انها حالة مرضية أو شكل من اشكال الاكتئاب في بدايات الحقبة الحديثة ثم أصبحت بعد ذلك موضوعا ذا اهمية بالغة في فترة الرومانتيكيه. في الغالب النوستالجيا هي حب شديد للعصور الماضية بشخصياتها واحداثها.

الهي عفوك ارجو 06-09-14 06:45 AM

رد: قيودٌ بلا أغلال عانقت القدر
 
تذهليني حقا الله يبارك فيك بروايتك وفصولها شيء جديد وغير مكرر ومشوق شكرا لك احببت اسلوبك وكتابتك وبالنسبه للقبك او اسمك اجده مثل كتابتك مشوق وغامض

...همس القدر... 06-09-14 03:39 PM

رد: قيودٌ بلا أغلال عانقت القدر
 
السلام عليكم كدو…
البارت قصير بس مزدجم جدا بالمشااعر…
وخصوصا مشااعر ادهم الصالحة… عدهم مهما حاول يبين لنفسه انه سيء الا انه فيه جانب صالح بيظهر شوي شوي ..والحمد لله انه اتصل علي الين الحين قبل ما تخرب كل علاقتها مع اهلها الباقيبن ..خلها تبعد عنهم بهدوء يمكن احسن…
ممم كدو شوي اتشوت في المشهد الاول كانت الين ولا جنان ???! اللي كتبت مقاله عالكمبيوتر… .
واخيرا عرفنا ماضي فواز وجيهان
اذا هو محاولة اعتداء انقذها فواز منها ..
ممم عالاكيد ام فواز شافت او عرفت يهالشب فاتهمت جيهان انها كانت متعمدة او فكرت ان فواز ورا هالشي… .
كدو البارت قصيير والاحداث قليلة ..حاولي تزيدي حبيبتي…
بانتظار القادم
سلام

Sent from my GT-I8150T using Tapatalk 2

كَيــدْ 06-09-14 09:17 PM

رد: قيودٌ بلا أغلال عانقت القدر
 





السلامُ عليكم ورحمة الله تعالى وبركاته ...
مساءكم راحة وسعادة ()

اقتباس:

وموعدنا القادم سيكون إن شاء الله يوم الثلاثاء :$

كان خطأ مني ، والموعد الصحيح من المفترض يكون يوم الإثنين بحكم نظامنا الحين
بس خلوها مثل ماهي لأني يومين ماني في البيت وما كتبت إلا جزء بسيط

أو


اقتباس:

ثانيا : حابة اوضح لك نقطة بخصوص البارتز
ان كل ماله ويقصر عكس اول مابديتي كان بارت طويل ومشبع
الحين لم اشوف انك نزلتي بارت ادخل ملهوفة ومتحمسة للأحداث بس انصدم ان بارت قصير وفيه شخصيات ناقصة فيه , انا عارفة انك انسانة ولك اولياتك و عندك مشاغل والوقت مو ملك لنا وغير كذا بعض احيان ماعندك افكار تكتبين فيه عشان الوقت الضيق عليك و كمان عشان وعدك لنا ان اليوم تنزلين فيه بارت بس بقول رايي هو انك تقدرين تخلين يوم مثلا خميس او جمعه تنزلين فيه البارت بس يكون طويل و مشبع , عموما القرار لك بس حبيت اقول لك رايي والعذر اني ثقلت عليك بالحكي

اقتباس:

عزيزتي ارى بين طيات الجزء ضغط نفسي من فبلكِ حتى وان كان خفيا
رأيي ان تجعليه جزء أسبوعياً مشبع بالأحداث مثلما تفضلن الأخوات من قبلي..

اقتباس:

وانا رأيي من رأي البنات
خلي البارت يوم واحد في الاسبوع
بس يكون مثل البارتات الاووله


أعتقد انتو ملاحظين قصوري في الرد عليكم
وهذا يخليكم تعرفون إنّي من جد مضغوطة ، وبما إنّي ما أعطيكم حقكم في الرد معقولة بخلي البارتز قصيرة عن عمد!
عزيزاتي ، قصر البارتز الأخيرة ما كان بيدي، مع إنّ عندي فراغ كبير بحكم إنّي في إجازة بس كل ما أفتح الوورد عشان أكتب تنسد نفسي وأحس كل الأفكار والكلمات تطير من راسي
أوقات أجبر نفسي عشان لا أتأخر بس

فلو كان بارت واحد في الأسبوع ماراح يأثر عليكم وعلى تذكركم لالأحداث وهذا أكثر شيء يهمني ، ممكن نخليه يوم واحد في الأسبوع

والقرار لكم انتم :$




تحياتي :)






...همس القدر... 06-09-14 09:51 PM

رد: قيودٌ بلا أغلال عانقت القدر
 
حبيبتي لا تضغطي هلى نفسك…
واوعي تكتبي لمجرد انك ترضينا ..
هي غلطة كبيرة لكاتبات متميزات ..
ارتاحي للبارت وبعدين نزليه ..
وبالنسبه لان الافكار بتطير خبي عندك ورقة وقلم واكتبي الافكار اول باول اوحتى نوت الموبايل ولما تجي تكتبي خلي هللورقة قدامكي…

Sent from my GT-I8150T using Tapatalk 2

كَيــدْ 07-09-14 07:58 AM

رد: قيودٌ بلا أغلال عانقت القدر
 
اقتباس:

المشاركة الأصلية كتبت بواسطة لست أدرى (المشاركة 3465024)
لا يا عسل ... البارت جميل وكل حاجه ... بس حسيته قصير شويه !!! ولا أنا اللى اتعودت اقرأ بالكام بارت ورا بعض فمش متقبلة الكم ده بس .. ههههههههه
- عيونك الجميلة يا عيني :) ترى حتى أنا شايفته قصير مع إنه وصل لستة وعشرين صفحة تقريبًا في الوورد ><


المهم نيجى للشخصيات والمواقف ... اسمحيلى هبدا من الآخر

من لحظة ماوقفتى .." ولتكن صادقةً هذه المرة مع نفسها، تشعر بالخوف على إلين أكثر. "

كذاااااااااااااااااااااااابة ... هالة بها من الانانية ما يكفى انها لم تفكر أبدا إلا بنفسها وبس ... عملت اللى هى عايززاه فى الاول وحققت أمنيتها بأنها خلت إلين بنتها ، لكن ماهتمتش انها خلتها تعيش غريبة فى وسط أهلها وتتحجب عنهم .. إلين كانت عايشة حياة صعبة ومشتتة ، مش كفاية انها حاسة بالضياع لأنها مش عارفه أهلها الحقيقيين ، وفى نفس الوقت مش قادرة تاخد راحتها مع الناس اللى هى عايشه معاهم عشان ماتبقاش تقيلة عليهم ... لو كانت بتحبها وبتخاف عليها فعلا كانت رحمتها من حالة الضياع دى وكشفت السر من زمان ... كانت إلين وقتها حست انها ليها عيلة فعلا زى كل البشر مش حاسة انها أقل منهم ... وماكانش الناس اتكلموا فى حقها وانها لقيظة مش معروف مين أهلها ... هالة حرمتها من كل ده وفى الاخر تقول خايفه عليها ؟؟

على كلٍ إن كان عبد الله طلقها قبل كده بسبب إلين فده كان من حوالى 15 سنة او اكتر ... هو دلوقتى اعقل من انه يقوم بتصرف زى ده بكل بساطة ... زائد انه بيحب إلين وبالتالى موقفه منها اختلف .. لا يمكن يأذى إلين .. بالعكس تلاقيه حاقد على زوجته اكتر واكتر لانه يتممنى لو كان عرف من زمان ان إلين بنته وقدر يعاملها بدون احراج وبدون حدود زى اى اب وبنته ... هالة انانية جدا انها حرمت كل عايلتها من الحق ده .

المهم انا مش خايفه على إلين من ابوها ... ولا خايفه على هالة .. ممكن علاقتهم تتغير ، ممكن يخاصمها ويبعد عنها فترة ومايبقاش طايقها ... لكن ان شاء الله مش هيطلقها .

العجيب انه هالة حاولت انها تكون الطرف اللى بيتصرف صح سواء بفعلتها زمان او بتصرفها دلوقتى انها كشفت الحقيقة قبل ما يحصل الغلط ... بس للأسف انها اكتر شخص مكروه دلوقتى .. من عايلتها ومننا احنا القراء ، وكراهية الكل هتزيد لها لو فضلت ساكتة وماوضحتش موقفها واسبابها .. لازم تتكلم على الاقل ممكن نعذرها لو فهمنا حاجه ... لكن مش من حقها انها تسكت بعد مافجرت القنبلة دى !! يكفى انانيتها انها اتصرفت زمان لوحدها وعملت اللى عملته وبعدين قررت تسكت عنه من غير ماتشور حد .. مش من حقها دلوقتى تستمر فى الانانية دى .. طيب فرضا لو كان حصلها اى حاجه وماتت من فترة مثلا ، وبعدين ياسر وإلين اتجوزوا ... هى كانت هتشيل الذنب وهى فى قبرها الغبية دى !!!
- نقطة مهمة ، لو كانت ماتت شلون بيعرفون الحقيقة وهي غلطت لما ما فكرت كويس بالسالفة
ومهما كانت الأسباب الا إنها ما تعطيها الحق في اللي سوته


نيجى لجيهان وفواز ... صراحة الثنائى ده انا مش بحبه .. لسه مش واصل لقلبى .. يمكن عشان قصتهم مش مفهومة ومافيش اكشن فيها .
يعنى بغض النظر عن الموقف الحالى ورد فعل جيهان الاخير ، خلينا نتكلم فى سبب مشكلتهم من الاول.

دلوقتى فواز وجيهان طول عمرهم مرتبطين ببعض وبيحبوا بعض من صغرهم ... وماعرفش ليه امه مش بتحبها وليه ظنت فيها السوء .. بس المهم انه اتجوزوا وموقف امه ادى لفواز الفرصة انه يحقق اللى هو عايزه ... بعد الجواز بكام يوم فواز سافر فجأة وجيهان اعتبرتها اهانة ليها !!
اللى شفناه بقى من ساعة ما بدأت الرواية انه جيهان كارهاه وصادة عنه ... وفواز بيحاول يثبتها لها مدى حبه وعشقه وهيامه بيها ... طيب ماهو مش ينفع نستمر عالحال ده كتير ... طول ما الاسباب اللى عاملة المشكلة زى ماهى ماتحلتش يبقى عمر ما علاقتهم هتتقدم خطوة ... لازم يقعدوا قعدة حوار جاد ويتفاهموا ... فواز لازم يفهمها هو ليه سافر وانه ده مش اهانة ليها فى حاجه ... من غير كده عمرها ما هتقبله تانى لأنها مجروحة منه ومن أمه .
الامور اللى بينهم مش هتتحل لمجرد انهم مجبرين على الحياة معا .. ولا لمجرد انها قررت انها هتديله حقوقه وتكون زوجة طبيعية " وخصوصا انه مش هيقبل كده منها إلا لما يكون بكامل رضاها " . هى لازم تعاتبه وتفهمه سبب زعلها عليه ، وهو بالمقابل يشرحلها موقفه وبكده يتصافوا ويبدأوا حياة طبيعية زى الناس .
- الحب اللي بينهم مو مثل ما تتوقعين، حبه لها كامرأة بس هي حبها له كأخ
وشوي شوي بدت تتوضح الأمور المتعلقة فيهم، وبيكتمل توضيحها في القادم


ديما وسيف ... سيف ده كل ماقول هبدا اتقبله وارضى عليه يرجع ينرفزنى تانى .... حد يقتل الراجل ده ياهووو !!!
بتسألها ياخويا مش بتحب زياد ليه ؟؟؟ بكل بساطة لأنه ابن سيادتك ... هتحبه ليه يعنى ؟؟؟ كانت شافت منك إيه عدل يعنى !!! هى من يوم ماتجوزتك ماتهنتش بيوم فى حياتها ... بتحبك وبتشتم نفسها على الحب ده ... يبقى تحب ابنك ليه يعنى ؟؟!!!

بس انا مش هتكلم اكتر من كده لحسن الراجل ده بيخرجنى عن شعورى وهبدأ اغلط ..
- ههههههههههههههههه وإلى الآن انتِ أكثر قارئة تكره سيف
ربي يسعدك بس والله انّي ضحكت على هالجزئية من تعليقك :) ... اي والله على أيّ أساس بتحبه؟ .. لا هو ولدها وعليها ولد زوجها الظالم من ضرتها!
وهذا واقعيًا بيخليها تكرهه


امممممم مين تانى ؟

غيداء !!! ربنا يستر عالبنت دى ... روحى يا شاطرة الحقى قولى لأخوك ، يمكن يفيدك بحاجه بدل ماتنجرى مع البنت اللى ماتتسمى دى ... سارة دى مش ناوية على خير ابدا ,,ربنا ياخدها هى وأمثالها .
هى بتفكر انه غيداء خلاص فقدت عذريتها .. يبقى عايزة تاخدها لشلتها بقى وتبقى بنت ليل وكده !!! وقال يعنى انها بتعمل فيها معروف وتخليها تعيش حياتها بدل ماهتعيش فى كآبة وعزلة بسبب اللى حصل لها !!! حسبى الله على ده تفكير ... ربنا يستر على غيداء وتعرف تتصرف صح ، قبل ما البنت دى تجرها لطريق اسود ومنيل .


سند ... البنى آدم ده متخلف رسمى !!! هو ليه مش قادر يفهم انه العملية دى فاشلة ... الغبى كان فاكر انه لما يهدد شاهين شوية بكده هيخليه ينجح العملية ... متخلف !!! اللهم لك الحمد على نعمة العقل ... وراجع بيلوم شاهين وعايز ينتقم منه كمان ... لا كده أوووفر الصراحة


وأخيرا ... الثنائى اللى بيطرى على قلبى اليومين دول ... سلطان وغزل

فى الاول استغربت انفجارها المفاجئ ده !! بس صراحة عذرتها بعد كده لأنه جالها على الجرح لما قالها ماتخافيش منى طالما وعدت وانه مش من طبعى الاستغلال ... فكأنه داس على زرار عندها ، لأنه فى نظرها كل الناس استغلاليين وبيحاولوا يوصلوا لاهدافهم بطريق او بآخر .. ان لم يكن باللين فهو بالشدة او الخداع .
بجد متشوقة اعرف إيه اللى حصلها قبل كده ؟ وابوها ده الله ينتقم من ده أب ..
بيتهيألى سلطان لما يعرف باللى كان ابو غادة بيعمله معاها ، هيزيد دوافعه للانتقام منه واحد !!
الله يعينك يا أخ سلطان على مابلاك ..ههههههههههههه بجد الراجل ده عاجبنى ... ربنا يصبره على اللى هو فيه ويقدر يوصل لحل معاها وماتتعقدش امورهم تانى .


بانتظارك كيدوو فى القادم ... حاولى ماتتأخريش علينا .
وياريت كمان تحاولى تردى وإلا هبتدى ازعل:e105::e105: ههههههههه

لا بجد... أنا مقدرة ظروفك وضغط الكتابة مع اكيد كل مشاغلك ، ومش حابة انى ازود عليكِ ، بس زى ما الكاتب بيحب يشوف رد فعل القراء ويشوف تفاعل واهتمام باللى بيكتبه ، فاحنا كمان بنحب نشوف رد فعل الكاتب على كلامنا وتفكيرنا وتعليقاتنا ، نحب يكون الحوار تفاعلى مش من طرف واحد بس.

بالتوفيق ياقمر




تدرين لو تعليقاتك تكون بالفصحى ما كنت حسيت بالمتعة في قراءتها مثل ما أحسّ وأنا أقراها بالمصرية
يخي انتو من وين تجيبون الحلاوة في كلامكم؟


كَيــدْ 07-09-14 08:05 AM

رد: قيودٌ بلا أغلال عانقت القدر
 
اقتباس:

المشاركة الأصلية كتبت بواسطة لست أدرى (المشاركة 3467795)
يا هلا بالغالية ..

أولا حبيبتى بالنسبة للمواعيد .. اختارى اللى يريحك .. المهم عندى الانتظام .. كويس الفاصل اللى حددتيه طالما هو مناسب لك .


بالعكس ما أشوف في أي قصة تتشابه مع الأخرى، ممكن حكمتي إنها متشابهة لوجود عنصر " الحب من طرف " بس مع التكملة أكيد لاحظتي إختلاف كبير وجدًا
والرواية ما تعتبر مواقفها متشابهة بسبب إن إحدى الثنائيات وُجد فيها شيء التقى مع قصة الثنائيات الأخرى
خصوصًا إن البطولة جماعية وما تقتصر على ( فواز & جيهان ) و ( سيف & ديما ) ، فيه شخصيات غيرهم فمو من المنصف نحكم على الرواية من خلال هالزوجين من الشخصيات


اعذرينى حبيبتى يمكن مافهمتينى صح ... انا ماقصدت احكم على الرواية ككل ، لكن قصدت قصتين فقط منها يبدو فيهم التشابه وهو الحب من طرف واحد لكن فى مضمونهم مختلفين والاطراف مختلفة ... ماقصدتش انه روايتك متشابهه ولا حاجه .


البارت الحالى لسه مافيه جديد ... الا ابراهيم ده واللى معاه ... قال ينتقموا من سلطان قال !!!! ياخى هو ناقصكم .. كان عملهم ايه سلطان المخابيل دول ؟؟؟ ربنا يستر لانه فيه اللى مكفيه .


سلامات يا قمر


أيوا فهمتك الحين ^__^
ظنيتك تقصدين التشابه في القصتين ككل، يهمني التنويع والإختلاف في القصص ويهمني إنّ قرائي يشوفون شيء جديد

ربي يسلمك يا ألبي :)

كَيــدْ 07-09-14 08:16 AM

رد: قيودٌ بلا أغلال عانقت القدر
 
اقتباس:

المشاركة الأصلية كتبت بواسطة هنااء (المشاركة 3467894)
رووووعهةروايتك قلممك مميز في
صياغه البارت والسرد يعطيك العاافيه
نننتظرك بفارغ الصبر......


عيونك الأروع يا جميلة :)
ومبسوطة إنّ قلمي المتواضع حاز على إعجابك ..


ربي يعافيك يا ملكة ()*

كَيــدْ 07-09-14 08:28 AM

رد: قيودٌ بلا أغلال عانقت القدر
 
اقتباس:

المشاركة الأصلية كتبت بواسطة لست أدرى (المشاركة 3469151)
حبيبتى كيد ... تسلميلى يا غالية عالاهداء ... حركة تثبيت دى ,,,,, فيس بيغمز هههههه

ربي يسلمك :) هههههههه اي قلنا لازم نضمنك عاد مافي غير الإهداء بيخليك تعرفين مكانتك في قلبي
فيس يرد الغمزة



ياسلام انا بخوف ؟؟!!! ده انا طيبة خالص والله ... انا اجى جمبك حاجه ؟ انتى اعترفتى دماغك اجرامية !!! بس واضح انى طلعت اكثر اجراما منك ههههههه

هههههه يعني أفهم انه أنا الشريرة هنا؟؟
اي واضح انك مجرمة عن حقيقة فـ لازم أخاف منك :/ عاد كله بيهون ولا تكونين مجرمة في التوقعات
ماودي أحسّ اني مكشوفة يابنت وعاد انتِ ماشاء الله واضح عليك سرعة بديهة
فخلي عقلك اجرامي الا في التوقعات - فيس يطالعك برجاء -



المهم يا قلبى ... البارت ده بجزئينه لسه هادى كده ومافيهوش جديد تقريبا .. اللهم إلا ابراهيم اللى طلعلنا زى القدر المستعجل كده !!! الله يعينك يا غزل .. دو ل هيلحقوها امتى دول ؟؟؟ بس مش المفروض انهم فى فندق ؟ ولا واخد شقه جاهزة ؟؟

اللي في الشقة هي ليلى ، بينما مثل ما قلتِ غزل في فندق
يعني بكل بساطة المشهد يخص ليلى بس سوينا حركات تمويه وظنيتوها غزل - فيسي الشرير - لووول



إلين ... صدمتها مش سهلة تعدى منها ... وههالة دى الله يسامحها بجد .. مش عايزه ادعى عليها دعوه اكبر من كده !!

أدهم وأبوه !!! أها ده ابوه اللى كانت الين متأملة انه هيعترف بيها لما يشوفها !!! لا مجرمة بجد يا بنتى !!! كأنك بتقفلى فى وشها كل الابواب عشان تضطر تفضل مع ابو ياسر وعيلته

هههههه خلينا نصعب الأمور شوي
مو حلو كل شيء يجيهم بالسهل



يلا بانتظار الجديد ... سلامات يا غالية

ربي يسلمك يا ملكة :$

كَيــدْ 07-09-14 08:38 AM

رد: قيودٌ بلا أغلال عانقت القدر
 
اقتباس:

المشاركة الأصلية كتبت بواسطة لست أدرى (المشاركة 3469566)
كيد ... على فكرة يا حلوة ، الجو حر مووت اليومين دول ، وانت مصممة تنشفى ريقنا بزيادة !!! حرام عليكِ يا شيخة


هههههههههههههههه نعتذر منكِ يا ملكتنا :)
مو ذنبي هذا ذنب أبطالي ^___^



الفصل ده بالذات مافيش حد منهم نطق كلمتين على بعض !!! ههههههههههههههههه

بهزر ماتقلقيش ... صحيح الكلام كان قليل ، لكن قوة المشاعر ووطأتها على النفوس كانت ابلغ من اى كلام هنا .. طبيعى مواقف وأحداث ومشاعر بالشكل ده هى اقوى من انه الواحد يقدر يتكلم ويفضفض عن اللى بيه .. بانتظار خروج ابطالك من الازمات اللى واقعين فيها كلهم دول .. ربنا يستر عليهم من مصايبك اللى جايه !!


هههههههههههههه ضحكتني " من مصايبك " ... يخي حسستيني إنّي انسانة شريرة ومجرمة بدرجة كبيرة
بس يلا نهذبهم على مواجهة الصعاب <- احلفي !


جنان .. هى اللى مصيبتها لسه ماتكشفتش لحد دلوقتى .. ربنا يستر خالها ده ناويلها على ايه ؟؟

وجيهان ... اخيرا بدأنا نفهم شويه ايه اللى حصلها وسبب الجفوة بينها وبين فواز !! السائق حاول يعتدى عليها وفواز انقذها ، ومن الواضح انه الخبر انتشر وأمه اتهمتها انه كان بارادتها !! بس مش عارفه هل أمه عارفه بحكاية السواق ولا بتتهمها مع فواز ؟؟؟ وطبعا فواز ماحاولش يقف فى صفها ويدافع عنها وده سبب زعلها منه .


لا والمهم انا كنت معتقدة فى البارت اللى فات انه غزل هى اللى فى الحريق ؟؟ ودلوقتى طلعت أم سلطان ؟؟؟ هما عايشين فى نفس العمارة ؟؟ بس هى كانت غزل فعلا اللى فى البارت اللى فات .. صح ؟؟


لا غلط ، كل وحدة فيهم عايشة بروحها
من البداية كانت المذكورة ليليى ماهي غزل



يلا يا غالية بانتظارك


أنرتيني بطلتك القميلة :$*

كَيــدْ 07-09-14 08:49 AM

رد: قيودٌ بلا أغلال عانقت القدر
 
اقتباس:

المشاركة الأصلية كتبت بواسطة ...همس القدر... (المشاركة 3469668)
السلام عليكم

وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته


= تعليقي عالفصل السابق ولي عودة بفصل اليوم بعد قراءته

السلام عليكم
اخباارك حبيبتي كيد؟!
فصل اليوم جميل لكن قصير...

وعليكم السلام من جديد ^__^
الحمدلله طيبة عساك بخير ، لك وحشة يا بت
عيونك الجميلة ومعليس على قصره :(



مممم اولا غزل وسلطان :بودي اعررف ايش شرط غزل ؟!
للان ما عرفناه
وبودي برضو اعرف رد فعل غزل بس تشووف نفسها في حضن سليطين الحليووة :) خخخ

ممممم شكلك ما كنتِ مركزة بس غزل قالت وش هو طلبها
وهو تغيير الجناح اللي هم ساكنين فيه لجناح يحتوي على غرفتين منفصلتين
عشان تكون بعيدة عنه ويتناسب هالشيء مع حالتهم



الين: صاايرة قااسية هالبنت .. ابو ياسر رجال طيب وبيستاهلش هالمعاملة الصعبة !
واذا هي مفكرة انه ادهم ممكن يسد مكان عالية ابو يااسر فهي غلطانه


ابو الين مات معفن لحاله في البيت!!! الى حهنم وبئس المصير ...مو كاسر خاطري الا الين اللي مفكرة انها راح تلاقي حنان العائلة المزعوم عند بيت ادهم وابوه


شااهين: هههههههههه قصف جبهتها لاسيل ... نوستالجا لكن ومش عارفة ايش
مممم يعني التعلق المفرط بشخص ميت حسب راي شااهين هو نوستالجا ... شكله اسم مرض نفسي هههه بروح اسأل عم قوقل

هو باختصار وبدون الكلام الكثير اللي في ويكيبيديا يعني الحنين الشديد للماضي / الشخص / الشيء
معلوماتي عنه بسيطة بس عارفة إنه يعتبر مرض نفسي لأنه يقترن بألم شديد في تفكير الشخص بالماضي وشخوصه

كنت أقول إنّي مصابه فيه هههههههههههههههههه
^ على أساس أحب العصور الوسطى بشكل كبير بس مو معناته يصاحب حبي حنين وألم
قمت قرنت حبي للعصور الوسطى بهالكلمة الله لا يبلانا بس ههههههههههههههههه


ميييين ماااااات؟! وله علاقة بسلطان؟! وكان كل الوقت يعيش لحاله او الاصح لحالها ...مين هي ؟!!
ممم بالاول فكرتها اخته لسلطان وعناد بس بعدين فكرت هي ساكنة لحالها وبرضو ابراهيم اللي ظهر عخط الانتقام من جديد قلبولي تفكيري وقلت يمكن هي خطة ابراهيم تينتقم من سلطان !!!


كيد بارت جميل بس قصير
استمتعت بقراءته
لي عودة بفصل اللي نزل
سلااام


عيونك الجميلة يا عيوني
وعليكِ سلامٌ من قلبي :$

كَيــدْ 07-09-14 09:00 AM

رد: قيودٌ بلا أغلال عانقت القدر
 
اقتباس:

المشاركة الأصلية كتبت بواسطة الهي عفوك ارجو (المشاركة 3469907)
تذهليني حقا الله يبارك فيك بروايتك وفصولها شيء جديد وغير مكرر ومشوق شكرا لك احببت اسلوبك وكتابتك وبالنسبه للقبك او اسمك اجده مثل كتابتك مشوق وغامض



شيء يسعدني ويزيدني فخر
أعتزّ بنظرتك لها وأفتخر إنها جديدة وغير مكررة بالنسبة لك :$

تسلملي عيونك الحلوين :)
عاد اللقب قصة عشق :/ كل من شافه وقع في حبه لووول


كَيــدْ 07-09-14 09:06 AM

رد: قيودٌ بلا أغلال عانقت القدر
 
اقتباس:

المشاركة الأصلية كتبت بواسطة ...همس القدر... (المشاركة 3470061)
السلام عليكم كدو…
البارت قصير بس مزدجم جدا بالمشااعر…
وخصوصا مشااعر ادهم الصالحة… عدهم مهما حاول يبين لنفسه انه سيء الا انه فيه جانب صالح بيظهر شوي شوي ..والحمد لله انه اتصل علي الين الحين قبل ما تخرب كل علاقتها مع اهلها الباقيبن ..خلها تبعد عنهم بهدوء يمكن احسن…
ممم كدو شوي اتشوت في المشهد الاول كانت الين ولا جنان ???! اللي كتبت مقاله عالكمبيوتر… .
واخيرا عرفنا ماضي فواز وجيهان
اذا هو محاولة اعتداء انقذها فواز منها ..
ممم عالاكيد ام فواز شافت او عرفت يهالشب فاتهمت جيهان انها كانت متعمدة او فكرت ان فواز ورا هالشي… .
كدو البارت قصيير والاحداث قليلة ..حاولي تزيدي حبيبتي…
بانتظار القادم
سلام

Sent from my GT-I8150T using Tapatalk 2


وعليكم السلام والرحمة :)


اللي في المشهد الأول هي جنان يا عيني :$
بحاول حبيبتي :/ وقصر هالبارتات ما كان ضيق في الوقت بقدر ماهو ضيق في نفسي


إن شاء الله نرجع لطول البارتز الأولى ()*

وعليكِ سلامٌ من قلبي ..


كَيــدْ 07-09-14 10:28 AM

رد: قيودٌ بلا أغلال عانقت القدر
 
اقتباس:

المشاركة الأصلية كتبت بواسطة ...همس القدر... (المشاركة 3470212)
حبيبتي لا تضغطي هلى نفسك…
واوعي تكتبي لمجرد انك ترضينا ..
هي غلطة كبيرة لكاتبات متميزات ..
ارتاحي للبارت وبعدين نزليه ..
وبالنسبه لان الافكار بتطير خبي عندك ورقة وقلم واكتبي الافكار اول باول اوحتى نوت الموبايل ولما تجي تكتبي خلي هللورقة قدامكي…

Sent from my GT-I8150T using Tapatalk 2



بشوف الوضع وأنا قبل لا أكون كاتبة كنت قارئة
وأعرف وش يعني بارت واحد في الأسبوع
هالشيء بيخليكم تنسون الأحداث وهذا أنا ما أبيه

فلــو كان هالشيء ما يأثر عليكم فــ نخليه بارت واحد يكون من 30 - 40 صفحة بالوورد
والقرار الأخير لكــم :)


لست أدرى 07-09-14 07:25 PM

رد: قيودٌ بلا أغلال عانقت القدر
 
- ههههههههههههههههه وإلى الآن انتِ أكثر قارئة تكره سيف
ربي يسعدك بس والله انّي ضحكت على هالجزئية من تعليقك :) ... اي والله على أيّ أساس بتحبه؟ .. لا هو ولدها وعليها ولد زوجها الظالم من ضرتها!
وهذا واقعيًا بيخليها تكرهه



ههههههههههه ده شئ يشرفنى على فكرة .. انا قلتلك قبل كده " لكم سأشمت فيه عندما أراه يتمرغ فى بحور عشقها " وانا لسه ثابته على موقفى .. صراحة أنا ماضحكتش على تعليقى ده إلا لما قلتيلى انه ضحكك ... أنا كنت بكتبه وانا محروقة منه فعلا وهطق من تصرفاته !!!




تدرين لو تعليقاتك تكون بالفصحى ما كنت حسيت بالمتعة في قراءتها مثل ما أحسّ وأنا أقراها بالمصرية
يخي انتو من وين تجيبون الحلاوة في كلامكم؟


ههههه الله يخليكى ياقلبى ... انتى اللى عيونك حلوة مش أكتر .




هههههه يعني أفهم انه أنا الشريرة هنا؟؟
اي واضح انك مجرمة عن حقيقة فـ لازم أخاف منك :/ عاد كله بيهون ولا تكونين مجرمة في التوقعات
ماودي أحسّ اني مكشوفة يابنت وعاد انتِ ماشاء الله واضح عليك سرعة بديهة
فخلي عقلك اجرامي الا في التوقعات - فيس يطالعك برجاء -


ههههههههههه أنا عقلى اجرامى فى التوقعات ؟؟؟ عقلى اجرامى آه دى ممكن أصدقها ... لكن انا مش كاشفاكى ولا حاجه .. ماشاء الله عليكى بتعرفى تموهى حلو .


يعني بكل بساطة المشهد يخص ليلى بس سوينا حركات تمويه وظنيتوها غزل - فيسي الشرير - لووول.


هههههههههه مش بقولك ... وشربناها فعلا الحركة



ربى يخليكى ياعسل .. الكام رد دول أسعدونى جدا والله ، ربنا مايحرمنى منك


بالنسبة للبارتات ومواعيدها ... أنا مع البنات .. يهمنى جدا انك تاخدى راحتك فى كتابة البارت وماتكونيش مضغوطة .. 3 أيام ربما تكون مش كافية لكِ انك تمخمخى كويس وتعيشى حياتك مع الكتابة ثم التعديل وهكذا .. فخدى راحتك لو بارت فى الاسبوع مافيش مشكلة عندى . عادى فيه روايات كتير ماشيه بالنظام ده واتكيفنا معاها جدا .. طالما الناتج فى الآخر هيطلع بشكل يرضينا كلنا يبقى نستحمل أى حاجه .


بانتظارك يا غالية

الهي عفوك ارجو 08-09-14 02:48 AM

رد: قيودٌ بلا أغلال عانقت القدر
 
اضم صوتي للي يشوفون ان بارت واحد افضل من ناحيتين لك حتى تكوني مرتاحه وماتنضغطي اختي كيد لانك اكيد لما ترتاحي حتبدعي باذن الله وتمتعينا والامر الاخر انه ما يمدينا ننسى البارت السابق , وسنكون بشوق اكثر ومتعه اكثر شكرا لك

كَيــدْ 08-09-14 02:53 AM

رد: قيودٌ بلا أغلال عانقت القدر
 



الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 6 ( الأعضاء 3 والزوار 3)
‏كَيــدْ, ‏الهي عفوك ارجو, ‏ذيره




صباح الورد
إن شاء الله تكونون بخير وعافية :$



نظرًا لاجتماعكم على بارت واحد أسبوعيًا
فـ من اليوم ورايح راح يكون موعدنا هو الخميس من كل أسبوع


ربى يخليكى ياعسل .. الكام رد دول أسعدونى جدا والله ، ربنا مايحرمنى منك

- أنا نفسي حسيت براحة نفسية :) على الأقل انتهيت من ردود منتدى وبقي لنا مشوار طويل
وإن شاء الله مع النظام الجديد في التنزيل راح أعطيكم حقكم في الردود

بعد قلبي يا عسى السعادة ما تفارقك ..






انتظروني يوم الخميس ببارت طويل يعوضكم عن قصر البارتز السابقة :""
ودمتم بخير







Tami.999 10-09-14 05:25 PM

رد: قيودٌ بلا أغلال عانقت القدر
 
شحالج كيد

انا ما احب ف الروايه الدم يعني تكون مأساوية وقتل وأطفال ،،،،،،، وانتي ما قصرتي ف المقدمه ههههه صعب علي طفل يشوف ابوه ميت وبدمه

الله يسامحج كيف برقد ألحين 😩😩 المهم

خلي مخي يفضى من الروايات لإني ما احب أتابع واااااايد روايات ب نفس الوقت بتكون زحمه مروريه خخخخخ عندي

يلا موفقه ف روايتج حبيبتي

كَيــدْ 11-09-14 12:03 PM

رد: قيودٌ بلا أغلال عانقت القدر
 
اقتباس:

المشاركة الأصلية كتبت بواسطة Tami.999 (المشاركة 3471644)
شحالج كيد

انا ما احب ف الروايه الدم يعني تكون مأساوية وقتل وأطفال ،،،،،،، وانتي ما قصرتي ف المقدمه ههههه صعب علي طفل يشوف ابوه ميت وبدمه

الله يسامحج كيف برقد ألحين 😩😩 المهم

خلي مخي يفضى من الروايات لإني ما احب أتابع واااااايد روايات ب نفس الوقت بتكون زحمه مروريه خخخخخ عندي

يلا موفقه ف روايتج حبيبتي

ياهلا بتيمو
الحمدلله طيبة عساك بخير :)

ههههههههههههههههههه يا بكاشة ، مو لهالدرجة المشهد دموي وعنيف

يلا إن شاء الله يفضى بسرعة متشوقين لحظورك بيننا



بحفظ الله يا ألبي

كَيــدْ 11-09-14 12:08 PM

رد: قيودٌ بلا أغلال عانقت القدر
 


سلامٌ ورحمةٌ من الله عليكم
صباحكم سعادة ورضا من الرحمن
مساؤكم فرحٌ لا يزول
إن شاء الله تكونون بأتم صحة وعافية

اللهم اكتب للمسلمين الخير في كل مكان


,

بسم الله نبدأ

قيودٌ بلا أغلال عانقت القدر
بقلم : كَيــدْ !

لا تلهيكم عن العبادات



(18)




صمامات طفايات الحريق تتجه عند نافذة تلك الشقة، وإلى الآن هو ينتظر بلهفة، لكن لمَ ينتظر؟ إن كانت غاليةً عليه حقًا فلمَ لا يندفع داخلًا ليبحث عنها؟ أخذ شهيقًا وأعصابه نفدت كما نفدت الحياة في عينيه . . ألا عيناه كوني غطاءً عن قلبه كما كنتِ وكما يجب أن تكوني، ألا عيناه أنتِ مضيتي تعكسين جلمودًا ضعيفًا فلا تُبدي ضعفه أكثر، إنهم يتربصون بي، يُراقبون كلّ حركةٍ في جسدي، أستشعر تلك العيون ولا قدرة لي على العثور عليها، أستشعر تلك العيون ولا مجال للقبض عليها فكوني يا عيناي غطاءً سميكًا. ويا لهفتهم بنزع هذا الغطاء فلا تخونيني وترتفعي.
زفر بنفاد صبر، والجحيم يرتسم في عينيه، إن كان ماضيه هو الأشدّ حرارةً في جسده فلمَ يخاف هذه النار؟ .. الجنون تسلل إليه، الجنون انتشل العقل والحكمة في هذه الأثناء، سيدخل وسيكون من الأفضل لو مات مُحترقًا!!!
تقريبًا النار بدأت بالسقوط رويدًا رويدًا، وسقوطه الأكبر سيكون بانتظار رؤيتها، سيبحث عنها بنفسه، سيُخرجها من بين النيران بنفسه، ,إن كان هناك جنونٌ في نظره فهو في الإنتظار، إن كان هناك صبرٌ فبالتأكيد لن يقترن بالإنتظار، وأيّ صبرٍ يأتي على انتظارِ موتِ عزيز؟ أيّ صبرٍ ذاك الذي يتحلى به في هذه الأثناء؟ إنكِ الأم ما قبل الأخيرة، حيّةٌ للآن كوني، وشخصٌ مثلي لم ينعم بأمٍ حقيقيةٍ كيف عساه يفرط بأخرى؟ كيف عساه التكاسل الآن لإنقاذكِ من حريقٍ تافهٍ بالنسبة له قد يُزيلك من الوجود؟ ..أنتِ ممن زرع الحياة في عينَي، أنتِ ممن زرع الأمل في ذبذبات صوتي، ألا تريدين انتظار راضي؟ ألستِ التي كنتِ مُتيقنةً بتواجده في هذه الدنيا؟ إذن كيف لكِ التفريط به بعد صبرٍ دام خمسة عشر عامًا؟
اندفع للداخل وصراخٌ تصاعد من خلفه، صراخٌ من أفواهٍ عديدةٍ تصاعد الجنون به حتى توهم صوته، صوت العمِ الأب، صوت القاتل الأب، صوت الأخِ الأب، صوت المُجرم الأب، أيأتي الجنونُ في لحظاتٍ بأصواتٍ لأناس تمناهم في لحظات - تمنّي -؟ كان ولازال ممن قذفهم من حياته ولا مجال للعودة حتى في جنونه، لا مجال للعودة فلا تحاول يا سلمان.
اندفع داخلًا من بوابةِ المبنى مُتجاهلًا كل صوتٍ اندفع من ورائه ، " يا رجَال " " يا أخّ " " الحقوه بيدخل " ... كلماتٌ عديدة خرجت من أفواهِ من لا يعرفونه، لكنّ اسمًا واحدًا خرج من فم شخصٍ يعرفه حقّ المعرفة " سلطـــــــــــــــــان "


,


وجهك ضَو ، وجهك نور ، وجهك سعادة ما تنتهي ، وجهك راحة وجهك أمان ، وجهك روح ما تختفي ، وجهك رسم يا سبحان الله ، وجهك جمال منتشي ، حتى عيوني قالت ببعثرة : وجهه لوين ينتمي؟

تمتمت بها بين نوبات هذيانها، بلحنها السريع بعض الشيء والذي اعتادت عليه منه هو. وهو قطّب جبينه ما إن سمع تلك الكلمات ولحنها المحفوظ قي قلبه، لحنها المحفوظ بين طيّات ذاكرته كما كلماتها العتيقة، ألا زالت تذكرها؟ ألا زالت تحفظ تلك الكلمات؟ ألا زات تذكر اللحن الذي صنفته ضمن أجمل المعزوفات حتى بتهوفن لم يصل إلى جمالها كما تقول في " مهايطاتها " الدائمة؟
عجبي منكِ يا جيهان! تظهرين في كلّ مرةٍ كفراشةٍ أخرى غير السابقة، تظهرين في كلّ مرةٍ بحلّةٍ جديدة حتى بتّ أُصدق جنونك.
اقترب منها ما إن سمعها تنادي باسمه، ذكريات ذاك اليوم الأسود خلّفت وراءها العديد والعديد، ورغبةٌ جامحةٌ أصابتها لتُفضفض، لتتحدث قليلًا وتُعاتب، لتنهار حصون الصمت والبرودة الدائمة بينهما، ملّت من حياتها التعيسة وهي التي لا تستطيع صُنع سعادتها من العدم، لا تستطيع تصنع الإبتسامة بينما هي بداخلها عابسة.
كان شبهَ مُتمددٍ بجانبها يستند على جانبه الأيمن، وهي مُتمددةٌ على ظهرها وقطعةُ قماشٍ مُبللةٍ استقرت على جبينها . . . همست بصوتٍ مبحوح : تذكرها؟
ابتسم ابتسامةً باهتة، وكيف عساه ينساها؟ .. أردفت ببحة : كنت دايم تغنيها لي قبل لا أتغطى عنك ... الكل كان يقول عني شينة وملامحي ماهي حلوة بس كنت أردد هالأغنية اللي انت مألفها عشاني، حسيت إنّ كلماتها تزرع فيني ثقة كبيرة ... وبعد ما تغطيت عنك ولا عاد سمعتها منك، حسيت بفراغ كبير ، ترديدي لها ما كان كافي، كنت أحب أسمعها من أخوي وولد عمي اللي أحبه أكثر من كل أقاربي ، ثقتي تزيد، فخري بوجهي الشين في وقت مراهقتي يزيد
والحين مع إنّ ملامحي تغيرت ونضجت إلا انها ما تعتبر حلوة إلا بنظرك انت
أغمضت عينيها بقوةٍ وهو يستمع لها بصمت، وأين الكلمات منه؟ غادرته وفضلّت جعل أذنيه تتلذذان بصوتها المبحوح، منذ مدةٍ لم يتجه حديثهما لمحورٍ غير الحقد والكره، منذ مدةٍ لم يتجه حديثهما سوى للنفور وكأنهما شحنتان متساويتان بينما هما في الحقيقة العكس من ذلك، هما مختلفان، مختلفان فلمَ لم ينجذبا؟
أردفت بهمس : ليه كنت وما زلت تشوفني حلوة؟
اقترب أكثر ليستشعر جسده حرارة جسدها، هما الآن كالماء والنار، حرارتها تلسعه ليتلذذ بها، وبرودته بالنسبةِ لجسدها تلسعها لترتعش ... لمَ تأتي القوانين الفيزيائية عكس ما ذُكر حين يتعلق الأمر بقلبين؟ أليس من الأجدر به أن يتبخر الآن؟ أليس من الأجدر أن يتلاشى تحت وطأة حرارتها القاسية؟ .. أو كان منها أن تبرد وتنخفض حرارتها للدرجة الطبيعية فلمَ لم يحدث أيٌّ من هذان؟
همس بالقرب من أذنها، بصوتٍ انساب كالماء في رقته، بصوتٍ شابه القطرات في وطأتها الناعمة : لأن المعشوق دايم حلو بنظر العاشق، لأن اللي يشوفك هو قلبي ماهي عيوني
لم تفتح عينيها، والأكسجين اندفع بجنونٍ إلى رئتيها، صدرها ارتفع بشهيقٍ قويّ ليهبط بزفير ضَعُف ولم يجد طاقةً تُعيله . . لكن، العبرة في لحظةٍ كهذه جاءت كشوكةٍ في بلعوم الحياء المفروضِ قسرًا في لحظةٍ كهذهِ أُشبعت بكلماتِ غزلٍ منه، الغصة داهمتها لتبكي، لتئن تحت وطأة ماضيها ... هاتفةً بعتاب : ليه طيب كسرت قلبي؟ ليه حسستني بالرخص؟
فواز ، أنا عمري ما حبيتك إلّا كأخ ، بس مو لدرجة إنّي أرفضك أو ما أفرح فيك كزوج ... بس ليه؟ ليه خليت فرحتي تنقص بكلماتك وهروبك؟
تجعد وجهه دون رضا، كومضاءٍ مرّ ذاك اليوم في عينيه، كبريقٍ تلألأ الحزن في شفتيه اللتين ارتعشتا، لكنه وبالرغم من ذلك لم يندم، لم يندم ولمَ عساه يندم؟ هي المُخطئة وليس هو، ماذا كانت تتوقع منه في تلك الحال غير ما فعل؟ ماذا توقعت منه وما ردة الفعل التي ظنتها؟
لفظ بهدوء : أشوف شخص يحاول يغتصب بنت عمي قبل لا تكون حبيبتي، وبكل وقاحة داخل البيت اللي كان فاضي ، ولما أنوي أتكلم قدام عمي باللي صار ترفضين! .. وكأنك تدافعين عنه ، كأنك تخافين من شيء! تخافين نمسكه! أو تنكشفين!!! ... وش تتوقعين تكون ردة فعلي؟ الشكوك قتلتني، نحرتني، تخيلت إنّك انتِ اللي كنتِ رخيصة بالشكل اللي دفعه يتمادى! وش تتوقعين مني يا جيهان؟ وش تتوقين من ولد عمك؟
يومتها أنا ما كنت العاشق ، كنت ولد العم، ولد العم يا جيهان


,


بعض الممرات أُشبعت بالنيران، وبعضها تهاوى سقفها الخشبي حين أُحرقت بعضٌ من أجزائها، وهو أيهتم للخطر الآن؟ كم فقد ولن يحتمل أكثر، وكثيرًا ما يتصنع الرجل القوة حتى مع نفسه، لكنه ضعيفٌ جدًا ليتصنع ذلك أمام نفسه، وكيف للمرء أن يكذب على نفسه؟ حتى المنافقين يكذبون أمام الناس لكنّهم مع نفوسهم لا يكونون إلّا صادقين، لذا هو يعترف لنفسه بكل صدق، هو ضعيفٌ جدًا، يتصنع القوةَ أمام غيره، يتصنع اللا مُبالاة والبرود لكنه مع نفسه صادق ... هو ضعيف، ضعيفٌ جدًا.
وصل للطابق الثالث وهو يسمع خطواتٍ من خلفه لكنه كان يتجاهلها ولا يستدير، صوتٌ ينادي لكنه ينكره، ينكره وكيف عساه التصديق؟ إنه الصوت الذي غدر به فكيف عساه يكون موجودًا الآن ليُنقذه من تهوره؟ إنه الصوت الذي خانَ فكيف عساه يكون هنا مُنقذًا لمن خان ولمن غدر؟
صرخ من خلفه بغضب، وكفه وصلت إلى كتف سلطان لتقبض عليها بقوة، وبنبرةٍ تأجج بها الغضب وشتائمه وكلماته الآمرة هذه لطالما لفظها له حين يكون غضبه في أوج اشتعاله : أنا لما أقولك وقف توقف وانت حمار ... ويييين رايح يا غبي؟؟؟
صدره كان يرتفع ويهبط بانفعال، عيناه متسعتان لا يُصدق ما يسمع، أهو هنا حقًا؟ لم يكن يتوهم صوته ولا مناداته له! لم يكن يتوهم ملاحقته له ليُنقذه!! ... استدار ببطءٍ إليه، وكأن الدنيا أُعتمت في عينيه، وكأن الدنيا غابت عن عقله، لم يعد يرى سواه، كان هو، يقف ووجهه غاضبٌ منه، غاضبٌ من تهور طفله المعهود، رباه أيتوهم وجوده أم أنّ عيناه المُشتاقتان تتوهمان ذلك؟ أيتوهم صوته الغاضب أم أن أذناه المتلهفتان تصنعتا سماع صوتِه؟؟
أغمض عينيه للحظات، وأنفاسه في صراعٍ جنوني، تلفظُ هواءهُ باندفاعٍ خارق، تلفظُ روحه إلى جحيمٍ حارق، يشعر أنّ حباله الصوتية تحتك ببعضها لتُصدرَ صريرًا مؤذي، لا يريد أن يتكلم الآن فهو ليس إلا متوهمًا، لا يريد أن يفتح عينيه حتى تنجلي تلك الصورة الخادعة.
نظر سلمان لوجهه بغضب، وبسخرية : لهالدرجة يائس من حياتك؟ تشتهي الموت يا سلطان؟؟
زمّ سلطان شفتيه، ثم فتح عينيه ببطءٍ ليرى أمامه عمه الغاضب والساخر، يا الله ، لم يكن يتوهم لا صوته ولا صورته! لم يكن يتوهم قدومه، ما الذي جاء به؟ أيعقل أنه يريد إنقاذه؟ أيعقل أنه يخاف عليه؟ .. لا ، لا يصدق ، يستحيل أن يكون هذا هو ما يريد، يستحيل أن يكون هذا ما يريده شخصٌ قتل أخاه فكيف بابنه؟
همس بصوتٍ لا حياة بِه : وش جاي تبيه؟
سلمان ببرودٍ ساخر : جاي أنقذ ولدي من الموت
اصطكت أسنانه بضعف، وعيناه غامتا بمشاعر عديدةٍ لا تريد أن تموت. ليس وقت الضعف الآن، فنبرة السخرية تجلت في صوته كما في ملامحه، وكما توقع فهو ليس هنا لإنقاذه وهل يعقل أن يُفكر سلمان في ذلك، هو هنا يسخر ومن يسخر لا ينوي الإنقاذ!
سلطان بحدة : مشكور محنا بحاجتك ... وياليت ما تقول ولدي تراها تقرف بالدرجة اللي تخليني اشمئز من نفسي
أردف بقهرٍ وهو ينفض يد سلمان بقسوةٍ عن كتفه : وانقلع من وجهي أو ضف نفسك بالنار يكون أحسن
استدار ينوي الذهاب، سيكمل بحثه وهذا السلمان يؤرقه الآن، لكنّ سلمان شدّ على عنقه من الخلف بكفٍ واحدةٍ ليُعيد وجهه لوجهه، وبحدة : ما أروح إلا وانت معاي، رجلي على رجلك وأبوك يا حبيبي تسمع كلامه غصبًا عن خشمك
قال جملته الأخيرة بسخريةٍ لاذعة، لاذعةٍ بالقدر الذي جعل كل خلاياه ترتعش انفعالًا، إنّه الآن يضغط عليه نفسيًا ليضعف أكثر، يستفزه ليظهر بصورةِ الضعيف أمامه، وهو الضعيف حقيقةً فهل يرتجي رؤيته أضعف من ذلك؟
همس بحقدٍ تجلى على صوته : تخسى الا انت تكون أبوي
ابتسم سلمان وهو يرى إمارات القهر على وجهه، ليهمس له بصوتٍ اختفت به السخرية : ليه تبي تنقذها؟ تخاطر بحياتك عشانها! بتكون احترقت بالكامل الحين صدقني
اتسعت عيناه، بهت وجهه للحظات، وكلماته انغرست في عقله، ما الذي يقصده؟ هناك معانٍ كثيرة استشعرها خلف كلماته، أيعقل ان يكون له يدٌ في ذلك؟ أيعقل أن يكون السببُ فيما حصل؟
ازدرد ريقه قبل أن يهمس، بصوتٍ خشيَ صاحبه زيادة محصول سلمان السلبي في قائمته السوداء : وش تقصد؟ ... لا يكون
زفر سلمان ببرودٍ ودون مبالاة، ونظراته تمركزت على ملامحه، باردةٌ كانت تلك النظرات لتنخر عضامه ببرودتها، بركانيةٌ كانت لتقتلعه من جذور العقل، تلبسه الجنون، تلبسته الصدمة بالقدر الذي جعله يُمسك بمُقدمة ثوب سلمان هامسًا دون تصديق : مو معقول .. مو معقول ... انت! انت السبب؟؟
صرخ بقهرٍ وحقد، وعيناه التمعتا بدموعٍ حاول قمعها، أيأتي الآن لينتشل البقية الباقية من أحبائه؟ أيأتي الآن بكل بلادةٍ قاصدًا قلع جذور ليلى من الدنيا؟ : تجاوزت حدودك ... تجاوزت حدودك يا سلمان .. * ارتفع صوته أكثر * ليييييه؟ ليه تقتلها لييييييييييييييييييييه؟ وش سوت لك؟ وش ضرتك فيه عشان تقتلها؟ لا عندها مركز تطمع فيه ولا هي كاشفة سواياك عشان تخاف تفضحك ... ليه قتلتها لييييييييييه؟؟
زفر سلمان بملل، ليرفع يديه يُمسك بيدي سلطان المُتشبثة في ثوبه ينوي ابعادهما، وتلك البرودة استفزت سلطان بالقدر الكافي لجعله يرفع إحدى كفيه ولأول مرةٍ ليلكم سلمان، ليلكم الرجل الذي رعاه لسنين طوال، الرجل الذي أنشأه كما يريد، الرجل الذي كان من المفترض أن يكون الأحنّ عليه والأحب له، وهو بتلك اللكمة يمحي كلّ أثرٍ بقي له في قلبه، تزحزحت كل مكانةٍ له ولم يبقى سوى الحقد، الحقد الذي تولد لينمو الآن أكثر وأكثر.
أيأتي الكره كومضاتٍ حتى يستقر في لحظةٍ ما؟ ... يكرهه، يُجزم أنه يكرهه وكرههُ له تولد منذ عرفه على حقيقته والآن هاهو ينمو وينمو ليصبح ناضجًا، ينمو ليمحي كل أثرٍ حلوٍ مرّ في حياته معه.
والكره يمسح كل شيءٍ ماضي، يُجفف اللحظات دون أن يسعفها بقطرة ماء. انتهينا يا أبي وانتهت قصتنا، انتهينا وانتهت كل لحظةٍ قد ترتفع بها ضحكاتٌ بيننا، انتهينا وانتهى الجسر الممتد بيننا، وأنت من هدمه، أنت من قذفني بعيدًا، أنت من غدر لننتهي بفعل الغدر، انتهينا، انتهينا وهل بعد النهاية بداية؟؟
همس بقهر، بحقدٍ كان صادقًا هذه المرة، دون أيّ غصةٍ قد تداهمه، دون أيّ أسى قد يعتريه وهل ينفع الأسى الآن؟ هل تنفع الأمنيات بكون كل هذا كابوسٌ في منامٍ لعينٍ سيستيقظ منه؟ : حقير، مجرم ... بدفعك الثمن، صدقني بخليك تآكل أصابعك من الندم يا حقيــــــــــــــر
ابتسم ، وتلك الإبتسامة كانت تحمل الكثير من السخرية، ابتسامةٌ ضاعفت من قهره، من حقده، من كرهه الوليد له.
استدار سلمان برأسه بعد أن كان للكمته الأثر ليُدير وجهه جانبًا، هامسًا باستفزازٍ ساخر، عاتب : كذا يا سلطان؟ كذا تعلمت تتعامل مع أبوك؟؟
ولا زال يُمارس ضغطه عليه، لكنه الآن لن يُفيد، لن يُفيد فسلمان الأب انتهى، انتهى من قلبه، انتهى من عقله، ولم يبقى سوى سلمان العم الغادر والقاتل.
سلطان بحدةٍ حاقدة وهو يُخفض يديه : حاشاه أبوي تكون في مكانته ... حاشاه يكون بنفس القيمة الحقيرة اللي انت فيها!
تقتلها؟ تقتلها يا سلمان؟ لهالدرجة وصلت فيك يا رجّال يا قوي؟ تطلّع مواهبك على مرة؟؟
سلمان ببرود : وش تهمك فيه؟ ترى زوجها راح من قبلها وأكيد هي ودها تلحق فيه
ما إن أنهى جملته تلك حتى تلقى لكمةً أخرى من سلطان ليرتفع ضحكه عاليًا وعاليًا، ليرتفع من بين النيران المّارة من حولهما دون أن تكون وصلت إليهما بعد.
سلطان من بين أسنانه وضحكهُ يستفزه أكثر : وعمي راضي بعد! .. قتلته؟ ... وبكل جراءة تقولها قدامي، بكل جراءة تتكلم وناسي إنّي أقدر أفضحك وأرميك بالسجون؟؟!
توقف ضحك سلمان فجأة، ومن ثم نظر لملامح ابن أخيه بحدة، ونارٌ اشتعلت فجأةً في عينيه، وحشٌ نهض ليصبح سلطان فجأةً يلاصق ظهرهُ صدر سلمان وذراعه التفّت خلف ظهره بقوةٍ تحت وطأة كف سلمان القوية.
شدّ سلمان على معصم سلطان أكثر وهو يهمس بخفوتٍ قرب أذنه : تهددني؟ تهددني يا ولد فهد وناسي انّي عايش 15 سنة بأمان وبدون ما أحد يقدر يمسكني بتهمة قتل قديمة وبايخة؟ تهددني وأنا اللي أقدر أطلّع نفسي من أيّ مشكلة مثل ما تطلّع الشعر من العجين!!
هه .. شكلك ما عرفتني كويس يا سلطان، ما عرفت اللي تحكي معه بهالطريقة عشان تحسب له ألف حساب
زمّ سلطان شفتيه بغيظٍ وهو يشعر بالعجز في تحرير ذراعه من يد سلمان القوية، ونار الغضب اشتعلت في صدره لوصفه لتلك الجريمة بـ " تهمة قتل قديمة وبايخة " .. أأصبح قتله لوالده تهمةً " بايخة " كما يقول، أأصبحت جريمةً لا معنى لها؟؟
وذاك أكمل بهمسٍ بارد : بطلع من هالمكان … ولازم تطلع انت بعد معي .. لازم ما تموت الحين، مو الحين


,


بين الأطفال كانت تجلس على الأرض، تاركين مقاعدهم كما يحبون في حصتها هي، وهي تاركةٌ لمكتبها لتمتعها بالجلوس معهم على الأرض، يا الله كم تعشق الأطفال، لم تمضي سوى خمسة أيامٍ على بدئها لعملها لكنهم تعلقوا بها جدًا لمعاملتها الحنونة معهم، وهل توجد معاملةٌ أخرى مع الأطفال غير هذه؟
هاجمتها فجأةً صورة زياد لتتلاشى ابتسامتها الدائمة مع أطفالها هنا، كيف تقرّ أن لا معاملة مع الأطفال سوى هذه وهي التي تكره زياد بالقدر الذي يجعلها تتمنى ابتعاده عن محور حياتهم، أن يبتعد عن والده حتى!
زمّت شفتيها وهي تنفض أفكارها تلك، وأحد الأصوات الصغيرة اقتلعتها من أفكارها : استاذه ديما
انتبهت لتنظر للطفلة الجالسة بجانبها وأمامها كراسةُ رسم، لتبتسم لها بفتورٍ هاتفة : نعم حبيبتي
الطفلة : شوفي رسمي حلو؟
قابلت الطفلة بابتسامةٍ نقية، وبإعجاب : الله .. حلوة كثير حبيبتي ، شاطرة
ابتسمت الطفلة بفخرٍ وشهادة معلمتها تُنمي ثقتها أكثر وأكثر، بينما أكملت ديما جولتها بين الأطفال وهي تحاول نزع صورة ذاك الطفل المكروه من قبلها من رأسها.


,


للتو انتهت حصّة التاريخ المُفضلة لديها، وهي المعروفة باجتهادها عوضًا عن شقائها وعنادها الدائم مع معلماتها.
سمعت صوت صديقتها الجالسة بجوارها تتحدث معها بضحكة : شفتي أبلة مزنه ، وأخيرًا بدّلت شوزها
ضحكت غيداء بشقاء : حسبي الله عالعدو ، ما تتركين الحش في خلق الله
صديقتها نجوى : عشتو .. غيداء بقدر جلالتها وعظمتها تقول هالكلام
تنحنحت غيداء بفخر : اسكتي بس أنا تطوّعت .. كلمة ثانية منك عن الأبلات وبنشر في المدرسة انك خارجة عن الإسلام
لتتبع كلامها ذاك بضحكةٍ مُجلجلةٍ وتلك كشرت بوجهها : انتِ آخر وحدة ممكن تتطوّع
غيداء : ليه؟ تنتظرين اللحية والثوب القصير!
نجوى : لا أنتظر اللسان المُتنعم بذكر الله وانتِ الصادقة
هزّت غيداء رأسها بالنفي في حركةٍ تمثيلية وهي تُغمض عينيها : الله يثبتنا على طاعته ويلهمنا الذكر في كل الأوقات
نجوى : آمين .. والله انك محتاجة هالدعوات الله يهديك بس
فتحت غيداء عينيها لتنظر إليها بترفّع : نعم نعم!
اعتدلت نجوى بسرعةٍ وهي تهمس : اسكتي اسكتي وصلت أبلة الدين
اعتدلت غيداء وهي تستشعر الهيبة المُتدفقة من تلك المعلمة، مما يجعلها تحترمها ليس لهيبتها فقط، بل للبشاشة المتعلقة في ملامحها وطريقة معاملتها لهم.

من خلفهم بصفوف، تحديدًا الصف الأخير، تجلس وبجانبها أخرى تطابقها في صفاتها لكن بشكلٍ أرحم، ونظام صفهم يقوم على أن تجلس كل اثنتين بجانب بعضهما، بالرغم من أنّ هذا النظام انتقده الكثير من المعلمات بسبب شغب هذا الصف تحديدًا إلى أنهم لطالما قاموا بإشعالِ - مُظاهراتٍ - كما يُسمونها بمبالغةٍ منهم حتى تتراجع الإدارة عن قراراتها دائمًا.
همست سارة بخبثٍ للجالسة بجوارها : تدرين يا العنود ، والله لو نكسبها بنحصّل من وراها فلوس وش كثرها
العنود : تقصدين غدو البزرة؟؟
سارة بخبث : اي ، حالتها مناسبة، لا تنسين إنها الحين ماهي بعذراء، ولو حشّينا راسها شوي وأقنعناها أكيد بنحصل من وراها مكسب
قلّبت العنود ملامحها، وكلام سارة لا يروقها : حرام عليك سارة، البنت طفلة ، وبعدين وش دراك إنها ماهي بعذراء؟ لا تنسين إنّ القصة متداولة من مجموعة بنات حتى إنها ما انتشرت بشكل كبير، وهذا ما يدل الا على إن القصة كلها كذب
سارة بإصرار : لا انا متأكدة ، لأنها بنفسها متصلة علي وقاصّة علي سالفة عشان تفهم اللي صار لها .. في البداية صدقت قصتها الكاذبة بس بعدين فهمت لما سمعت الحكاية الحقيقية من البنات ، وتدرين وش اللي قالته؟
ثمّ بدأت تقصّ عليها ما قالته لها تفصيلًا لتُفهمها أنها حقيقةً ليست عذراء!


,


تتصفح مجلةً بين يديها من شدة مللها، وفي أثناء تصفحها جذبها عنوانٌ باللغة الفرنسية في جانب إحدى الصفحات
( إعلان للتسجيل في نادي الحورية الإسلامي للنساء ) - نادي الحورية = اسم وهمي -
شدّها العنوان، وحين قرأت المحتوى جيدًا علمت أنه نادٍ رياضي للنساء فقط، إسلاميٌّ وهذا ما شدّها للموضوع أكثر، جيد ، ستجد ما تتسلى به.
فجأةً تذكرت ليان لتعبس بملامحها، ومن سيهتم بها إن هي فكرت في نفسها قبلًا، تأفأفت وهي ترمي المجلة جانبًا، حياتها أصبحت مملةً جدًا، تتمنى لو لم يُغادروا الرياض لتصبح حياتهم على هذه الوتيرة الخانقة، نظرت للساعة ووالدها في هذا الوقت دائمًا ما يكون في الخارج، إذن لمَ لا تأخذ ليان وتخرج!
لكنها تذكرت فجأةً أمر والدها لهم بعدم الخروج من دونهم بعد ما حدث لها آخر مرة .. يـــــا الله! ستختنق من حياتها هذه.


,


صوته يثير الإشمئزاز، أنفاسهُ مقرفةٌ كما هو، كفه المُمسكة بمعصمه يشعر أنها ليست سوى نجاسةٍ تشبثت به، باختصارٍ كلّه يثير الإشمئزاز، والعزاءُ الوحيد يا أبي أنه يشبهك في ملامحه، العزاء الوحيد أن له ذات الملامح، كم من العقود يحتاج ليتجاوز هذا الشبه؟ كم من الضربات اللازمة والموجهة إليه حتى ينسى شبهه لوالده في ملامحه بعيدًا عن الصفات؟
وهو الذي كان يفتخر به، وهو الذي كان يقول له : شبيه أبوي
شبيهه حتى في الصفات كما اعتقد وها قد جاء العَام الذي جعله يدرك مدى الإختلاف. إلهي كيف كنتُ قد أهديتُه لقب الأب وهو لا يستحق؟ كيف ذلك؟ .. النار تصهر قلبه، صدره يحترق، عيناه تنصهران بملحٍ صلبٍ لا يريد الذوبان، وأنت يا سلمان لست إلّا مثالًا من صنف شبيهي البشر، من لا يحقّ لنا البكاء عليهم أو بالأحرى من لا يحقّ لهم التنعّم ببكائنا، لست إلّا سحابة صيفٍ سأتجاوزها، أقسم لكَ سأتجاوزك، سأتجاوزك.
سلطان بهمسٍ حاقد : ماني بطالع الا وهي معي … أو الموت أفضل دامك تبي حياتي الحين
ابتسم سلمان ابتسامةً صغيرة، ليهمس : محتاجينك … فوق ما تتصور يا الغالي ، وحياتك الحين مهمة
أداره بسرعةٍ ليلكمه في معدته بقسوة، وبصوتٍ بارد : تدري يا سلطان ، تدري لو قلت لك إنّك غالي عن حقيقة ، و 15 سنة في الواقع ماهي قليلة، بس أنـا أشتغل على أساس مبدأ واحد … نفسي نفسي!
ونفسي قبلك يا سلطان .. مالك لزوم لو كنت بتشكل عليها خطر … بس مو الحين موتك، مو الحين تدري ليه؟ … لأنّ نفسي محتاجتك
لم ينتظره ليبدأ بالدفاع عن نفسه، بل سدد له لكمةً أعنف حتى يُضعفه، وسلطان انحنى ليضع كفيه على معدته، ليردف سلمان وهو يقبض على كتفه بإحدى كفيه بقوة : الحياة تعتمد على أساس واحد … البقاء للأقوى وبس
وانت ضعيف، عاطفتك تحركك، وهذي العاطفة ما تنفع في قانون الحياة … البقاء للأقوى، للأقوى يا سلطـــــان


,


كان يُحدثها في الهاتف وابتسامةٌ تعلو محياه، وتلك الأم منذ أيامٍ تطلب منه ذات الطّلبِ وهو بالرغم من كون الموضوع راق له إلّا أنه لا يعلم ما رأيها هي.
علا بإصرار : طيب دامها هي خجلانة منك أنـا بكلمها عنك
شاهين يومئ برأسه والفكرة حازت على إعجابه، لربما إن حدّثتها أمه ستوافق .. ابتسم بخبث … وهذا ماهو يريد، لن يبقى كالمعتوه يترقب تقبلها له، لكنه أيضًا لن يتحلى بالقسوة معها وهذا ماهو مستحيل في قاموسه : طيب يا نظر عيني كلميها ما عندي مانع .. مشكلتها خجولة وبالحيل ترد على اتصالاتي
علا بحماسٍ بعد موافقته : من عيوني حبيبي اليوم أكلمها
شاهين بابتسامة : تسلملي عيونك يا الغالية … يلا أستأذنك عندي مرضى ينتظروني
أغلق وابتسامته تُزيّن ثغره، وهل سينتظرها أكثر حتى تتقبله؟ وخير وسيلةٍ للدفاع هي الهجوم، ضحك بخفوتٍ وهو يتذكر تلك المقولة، منذ متى أصبح الزواج حربًا يا أسيل؟ .. جعلتني أبدو كمجنونٍ في الحب بينما أنا في الحقيقة لستُ بعاشق، لكنّ ذلك لا يجعلني أُنكر أنّ لك مكانًا ما في قلبي جعلني أتمسك بك.


يتبــع ..


كَيــدْ 11-09-14 12:15 PM

رد: قيودٌ بلا أغلال عانقت القدر
 


رُبع ساعةٍ مرّت بعد اتصالها به، والتوتر أصابها حتى أن أطرافها لم تتوقف عن الإرتعاش وإلى الآن، أليس هذا ما كانت تريد؟ أليس ما كانت تنتظره منذ البداية؟ .. إذن لمَ تشعر بالتراجع الآن؟ لمَ تشعر بالخوف؟
لا لا ، لن تتراجع، هي أرآدت الإبتعاد، أرادت أن تكون مع من هم أهلها بالدم وليس فقط بالتربية أو بالرضاع، وكما يُقال " عمر الدم ما صار ميّه " .. فـ هم وإن كانوا قد رموها مرةً إلا أنها في النهاية ابنتهم وستعود لهم.
أغمضت عيناها بقوةٍ وأسنانها وطأت على طرف شفتها السفلى، والسُفلى هي المحكومة دومًا بالألم، هي المحكومة دومًا بتحمل وطأةِ من هو أعلى منها، كما هي! .. كانت الأقلّ مكانةً والسُفلى هناك بين عائلتها الحقيقية ليرموها ويتخلصوا منها، كانت السُفلى لتعيش بقيةَ حياتها تائهةً لا تعرف من هي، والآن هي السُفلى لتُظلم تحت وطأةِ هالة القاسية! ظلمتها وأيما ظلمٍ هذا، ظلمها لها كان أقسى من ظلم والدها لها، ظلمها لها استمر لسنين طوالٍ بينما ظلم والدها انتهى فهي لم تكن تعرفه أصلًا لتشعر بظلمه، انتهى بزجها في ميتمٍ وقد كان أرحم من هالة التي يتّمتها بينهم، جعلتها كاليتيمةِ منهم وهي ابنتهم.
استنشقت القدر الكبير من الأكسجين وصدًا لصوتٍ ميتٍ ينادي بالكبرياء داخلها، ينادي بالحفاظ على بقايا رماد كبريائها المُحترق، أتذهب مع من كاد يُنهيها مرةً؟ أتذهب إلى من رموها سابقًا؟ أم أنّ بقاءها هنا بين من أخفوا أنها ابنتهم وبالتأكيد شعروا بالحرج منها أفضل من ذهابها مع أدهم؟
معهم ، قد تعيش ما تبقى من عمرها في حنان، لكن أحنانهم يمحي الماضي؟ أحنانهم يُنسيها كل هذا؟ كيف سيُقنعون المُجتمع بأنها ابنتهم بالرضاع؟ وهل سيصدق أحدٌ ذلك وأميرة قد أعلنت أمام النساء أنّها ستتزوج بمن هو - أخاها -
أصبحت مُقيّدةً والأمر لا حلّ له، لذا من الأفضل لها الرحيل حتى لا تُحرجهم قبل أن تُحرج نفسها.
وهي مع أدهم سيكون لها فرصةٌ عظيمة في جعله أفضل، في جعل حياتها أفضل والفرص معه أكبر من الفرص مع عائلةٍ احتضنتها طوال عمرها والآن حُشرت في زاوية كذبةٍ أُخفيت لسنين وسنين حتى لا تكون هناك فرصةٌ للحل.
وقفت والإصرار يشقّ طريقها إليها، ستنزل لهم وتخبرهم قبل أن يأتي أدهم وتكون الصدمة أعنف وعدم التصديق وارد.
تناولت " آيشارب " زهري لتلفه على رأسها دون أن ترتدي أيّ عباءه، ثم اتجهت للباب لتفتحه وتشقّ طريقها للأسفل، وفي طريقها وجدت هديل أمامها.
اتسعت عينا هديل ما إن رأتها قبل أن تبتسم بفرح : وأخيرًا طلعتي من غرفتك؟ قــ..
قاطعتها إلين بجفاف : وينه عمي عبدالله؟
انتبهت هديل لمناداتها لوالدها بـ " عمي " لكنها لم تُعلّق على ذلك، لتهمس : في المجلس مع عمتي أميرة
أميرة! … باتت تكره هذا الإسم كثيرًا، بالرغم من أنها ممتنةٌ لها لأنها كانت السبب في كشف الحقيقة، لكن ألم تكن هناك طريقةٌ أفضل لذلك؟ ألم تكن هناك طريقةٌ أفضل تخرجهم بأقلّ خسائر؟ يا الله كم بدأ كرهها لهالة أيضًا يتسلل رويدًا رويدًا إلى قلبها، وهل هناك من سيقول لها " لا حقّ لكِ بهذا الكره"؟ ... التربية ليست كلّ شيء، فهي كُشفت على حقيقتها المرّةِ أخيرًا، عرفت من هي بالنسبة لهالة التي وبالرغم من أنها كانت مُحبّةً لها بالقدر الكبير إلّا أنها تبقى كالعديد تخجل منها وتمقت مكانتها في المجتمع.
زفرت بضيقٍ وهي تتجاوز هديل لتتجه للمجلس، والأفكار العقيمة تهاجمها دون هوادة، تُسعفها بالكثير من الجرَاح دون أن تُسعفها بالدواء! مُشكلةٌ دون حلْ، متاهةٌ دون مخرج، قيودٌ دون أغلالٍ مرئية! ويا خيبتها بقيود تلك الحياة، تخنقها، تلتف على عنقها حتى تقترب من الموت دون أن تلمسه، دون أن يُسعفها بالإجابة عليها بالموافقة على أخذها إليه، إلهي إنّ الموت أرحم فأسعفها به، الموت أرحم من هذا كله، أرحم من هذا الظلم وهذا القمع، إنها تسقط في حفرةٍ لا نهاية لها، تضيع في متاهةٍ لا خروج منها، تبحث عن قطرةِ ماءٍ ولا تجد إلّا السراب، وحياتها في راحةٍ هو السراب بعينه!
عضت شفتها وهي تقترب من الباب بغصّة، هل ستيأس الآن؟ من المفترض أن تتأمل في حياتها القادمة، من المفترض منها أن تنتظر راحتها في الأيام المقبلة، وهل عساها ترتاح الآن مع كومة أفكارها هذه؟
نفضت تلك الأفكار من رأسها وهي تُحرّك مقبض الباب لتفتحه، ثم دخلت لترى عبدالله الجالس بجانب أخته والذي ما إن رآها توقف عن الحديث.
عبدالله بصدمة : إلين!! * ثم أردف بابتسامة * ياحيّ هالوجه، تعالي تعالي حبيبتي
دخلت بصمتٍ وكلماته وأسلوبه الأبويّ يهز أعمق أعماقها، يُضعفها وكيف عساها الصمود أمامه؟ كيف عساها الصمود وهو لا يفتأ يُغرقها بحنانه.
همست وابتسامةُ أسى تجلّت على شفتيها رغمًا عنها : بغيتك بكم كلمة
عبدالله وابتسامته لم تختفي : وانا تحت أمرك، كم إلين عندنا! …. تعالي حبيبتي، تعالي اجلسي
أشار بكفه إلى المكان بجانبه، كانت ستتجاهل طلبه وهي إلى الآن ليست معتادةً على أن يكون والدها، لكنها في ذات الوقت لم تُرد جرحه وهي التي لا تقوى على ذلك، كما أنها ستترك بيتهم اليوم وتريد إبقاء بعض الذكريات الجميلة معهم.
اقتربت منه لتجلس بجانبه، ولأولِ مرةٍ تمتدّ يده ليلفّ ذراعه حول كتفها منذ كبرت وبُنيَت الحواجز الدينية بينهما، حينها ارتعش جسدها وكأنه أمرٌ غريبٌ عليها، بل هو بالفعل غريب، لأول مرةٍ تشعر ببشرته عليها، لأول مرةٍ تشعر بثقل ذراعه على كتفها، وآهٍ كم هو مؤلمٌ أن تكون المرة الأولى التي يلمسها فيها والدها، آهٍ كم من الحسرة أصابتها لحرمانها من هذا الحنان الملموس أعوامٍ وأعوام، ألم تقل بأن الراحة والسعادة تعاكس طريقها بعيدًا عنها؟ ألم تقرّ على ذلك؟ وهي التي ستبقى تقلّبُ حسراتها ذات اليمين وذات الشمال، لن تنتهي هذه الحسرات، لن تنتهي ومن يعلم لربما ستتضاعف في الأيامِ القادمة!
عبدالله : وش عندك يا بنتي اسمعك
ابتلعت ريقها قبل أن تنظر لأميرة بصمت، ولا جرأةَ لديها لتقول مافي جعبتها أمام اثنين فيكفي واحدٌ اعتادت عليه سنين بينما أميرة لا تعرفها إلّا من باب قربهم لها.
فهمتها أميرة وفهمها عبدالله، لتنهض خارجةً من المجلس دون اعتراضٍ لرغبة إلين في الحديث معه بمفردهما.
نظر إليها عبدالله مجددًا بعد أن كان يتتبع أميرة : هاه وش هو الموضوع؟
إزدردت ريقها، والقلق يداهمها من ردة فعله، التردد يهاجمها في وقتٍ غير وقته، كيف ستكون ردة فعله إن علم أنها كانت تخدعهم لسنةٍ كاملة دون أن تخبرهم بالحقيقة، كيف ستكون ردة فعله وهي التي عاشت معهم كابنة حرامٍ دون أن تكون متيقنةً من عكس ذلك حقيقةً.
همست بترددٍ ويديها تفركان بعضهما في حجرها، بينما عيناها مُتجهتان للأسفل : بغيت أقول .. انه .. أنا
كلماتٍ قصيرة مُتقطعة كانت تلفظها ببطء، بترددٍ كبير، بخوفٍ أعظم، صدرها يرتفع ويهبط في توترٍ شديد، وهو بقي يراقب بصمتٍ دون أن يقول أيّ حرف، إلى أن لاحظ امتداد فترة صمتها، ليهتف وهو يمد يده يمسك إحدى كفيها بحنان، وذراعه الأخرى اشتدّت حول كتفيها : خايفة؟ مو راضية تصدقين اللي صار؟
أنا مثلك ما كنت بصدق، كذّبت اللي قالته هالة في البداية لأنّه شيء مو معقول، شلون سكتت؟ شلون رضيت بهالشيء؟
بس ما كان لي إلّا التصديق، وشك بسيط في هالموضوع ينفيه من أساسه ... أميرة كانت شاكة من البداية، تدرين إنّها شافت هالة مرة وهي ترضعك بصغرك مثل ما قالت لي!!!
اتسعت عيناها بصدمة، وتشنج جسدها للحظات، بينما عبدالله شدّ على كفها أكثر حين شعر بتشنجها، ليُكمل : يومها هالة ارتعبت، واللي مو داخل مزاجي للحين سبب خوفها ذا، حلفت لأميرة إنها المرة الثانية اللي ترضعك فيها، وبتكون الأخيرة أو تكمل وتعلن عن رضاعها لك
أميرة مشّت السالفة، واللي ما كانت متأكدة منه هو إن كانت هالة وقتها صادقة في عدد الرضعات أو لا
ارتعشت شفتاها، ودمعةٌ خائنةٌ سقطت من عينها اليُسرى، وكم آلمها ما سمعت، لمَ أرضعتها إن كانت لا تعتزّ بذلك علنًا؟ لمَ كانت بكلّ تلك الأنانية والقسوة؟ أليس لها كامل الحق ألآن في كرهها؟ وفعلتها هذه محت كل أمرٍ جميلٍ كان بينهم سابقًا، محت كل ذكرى قد تبقى في قلبها، محت كل ما كان يجمعهما من حبٍ وحنان، حتى شكها السابق بها وبابنها لم يأتِ بذات الوطأة الآن، لم يأتِ بذات القسوة كما الآن. أواهٍ إنّ الجرح يغرس جذوره في قلبها أكثر وأكثر، يستحلّ كل جزءٍ من خلاياها كبكتيريا عجزت كراتها البيضاء عن قتلها، عجزت مناعتها عن احتمالها فماتت! ماتت وجعًا لم يختفي حتى بعد موتها!
ابتسمت بألم، بحزنٍ ساخرٍ على حالها، وكفها المُتحررة من كف عبدالله ارتفعت لتمسح دمعتها الخائنة تلك بعنفها الذي ترجّل داخلها، وعيناه كانتا تتابعان دمعتها تلك قبل أن تمسحها بأسًا وقهرٍ من زوجته القاسية تلك، كيف هان عليها ظلمُ يتيمةٍ كـ إلين؟ كيف هانت عليها تلك القسوة دون أن يرفّ بها جفن؟ لكن ، أليس هو قاسٍ أيضًا؟ ألم يكن سابقًا لا يُطيق تواجدها؟؟ ... لكنه ليس كهالة، لم يؤذها يومًا كما آذتها هالة، كرهه لها لم يتعدى سوى التجاهل، بينما غضبه ورفضه لها ما كان يظهر إلا حين يكون وحده مع زوجته بعيدًا عن تلك الطفلة.
لفظت إلين، بصوتٍ خرج واثقًا هذه المرة، يبحث في جميع زوايا روحها عن كبريائها الجريح والذي لن تسمح بنجاح اغتياله : إذا كانت تحسّ بالحسرة والندم لأنها أرضعتني، تحسّ بالخجل مني، فـ أنا بريحها، بطلع من هنا وعايلتي أولى فيني من شخص ما يبيني
لــي أب بيغنيني عنها ، لـي أخ بينسيني هيّ، لــي عائلة يا عمــــــــي، لي عائلـــــــة


,


يجلس على الأرض أمام المبنى الذي انطفأت به النيران دون أن يكون قد أخرجها، دون أن يُنقذها!
أنفاسه تتصاعد، صدره يرتفع بقوةٍ ليهبط بعنفٍ أشد، عيناه المُتسعتان تمركزتا على الأرض وشماغه كان قد رماه قبل أن يندفع داخلًا والآن هو بين يديه!
إستطاع إخراجه بكل سهولة! إستطاع أن يُخرجه دون أن تكون ليلى قد خرجت من قبله!
يديه تنتفضان بعنف الغضب المتأجج داخله، كيف فقد وعيه ليُصبح هنا؟ كيف كان بذلك الضعف المُخزي؟ كيف كان مُثيرًا للشفقة إلى هذا الحد!!!
صرخ وهو يرمي الشماغ في الأرض بشتائم ولعناتٍ لم يهتم لتصاعدها، صرخ بكامل القهر في قلبه وصدرُه بدأ بإحداثِ صريرٍ حتى سعل تحت أثر استنشاقهِ لكمٍ هائل من الدخان الملوث داخلًا.
اقترب أحد المُسعفين منه ليُسعفه، وحين انتبه له سلطان صرخ بغضب : انقلع من وجهي، ما أبي منكم شيء
شعر بكفٍ تستقر على كتفه، وحين استدار رأى عناد الذي وجه نظراته للمُسعف : ابدا في شغلك ما عليك منه
بدا على وجهه الحزن، وعينيه أغلقهما لثوانٍ والغصة تداهمه، وكلمات سلمان ترنّ في أذنيه
( انت ضعيف، عاطفتك تحركك، وهذي العاطفة ما تنفع في قانون الحياة … البقاء للأقوى، للأقوى يا سلطـــــان )
نيرانٌ تتصاعد، تتجاوز المعقول، لا تكلّ ولا تضعف ... إنطفأت النيران التي أمامه لكنّ نارًا أخرى اشتدّ تصاعدها، انتشر دخانها، تخنق قلبه، تُحرق جسده، يتلاشى عظام السكون من فوقها.
رباه! لو كان الأمر بيده لقتله في تلك الأثناء، لو كان الأمر بيده لقذفه في تلك النيران، لو كان الأمر بيده لسلخه من اسم عائلته. لمَ جاء امتحانك لي يا رب في أحد أفراد عائلتي؟ لمَ جاء امتحانك لي في شخصٍ حمل " النامي " وذيّله باسمه، لمَ كل تلك القسوة في اختبارك هذا يا الله؟
شدّ بجفنيه على عينيه وألمٌ يخنقه حد تَجاوزِ الوجع إلى الموت! وحين شعر بعناد يساعده ليقف أبعد يديه عنه بعنفٍ ليقف بنفسه، ودون أن يلتفت بعينيه إلى عناد همس بصوتٍ جفّت الحياة به : ماتت … ماتت يا عناد وأنا وقفت عاجز
ماتت ولا قدرت أسوي شيء
أنــا مثل ما قال ، مثل ما قال … ضعيييييييييييف
نظق الكلمة الأخيرة بيأس، وبتلات القوّة تتساقط دون أن يكون للتويجة أيّةُ قدرةٍ على إنقاذها، تتساقط دون أن يكون هو الغراء الذي يُعيدها واهيةً مُتصنعةً إلى مكانها
ولكم سيشمت فيه أبدًا، البقاء للأقوى كما أسلف قائلًا، وهو الذي يتصنع القسوة وموت قلبه فكيف كان ضعيفًا قبل دقائق؟
كوّر قبضته أمام صدره، هذا القلب يجب أن يموت، يجب أن يمــــوت
سعلُ فجأةً بصوتٍ عالي ليُمسكه عناد من كتفيه بينما كان واقفًا من خلفه : اهدا سلطان ، يمكن طلعت، لا تفكر كثير
سلطان بقهرٍ من بين سعاله : ما طلعت، ما طلعت
دفعه عناد معه إلى سيارة الإسعاف : خلاص أنا بتأكد تطمن ، انت بس خلهم يسعفونك، استنشقت دخان كثير وهالشيء بيضرك
لم يعترض، وهو يشعر بأنه مرهقٌ كفايةً حتى لا يواجههم بالعناد.


,


أهلكها ذاك الحوار، وما إن سمعت كلماته الأخيرة حتى وضعت كفيها على أذنها صارخة : خلااااص فواز واللي يعافيك اتركني من هالسالفة
قطب جبينه مُنزعجًا وهو يقف مُبتعدًا عنها، هاتفًا بحدة : هذي هي انتِ … أنانية بالقدر اللي يخليك تدورين راحة نفسك وتنسين راحتنا مع بعض! بس والله والله يا جيهان إنّي راجع لك في وقت ثاني تكونين فيه أفضل عشان ننتهي من مهزلة حياتنا كذا
إمّا حياة مستقرّة بيننا … أو العكس من هذا وبكون أنا المُسيطر … بدون طلاق، وقلتلك من قبل … الطلاق في شرعي محرم!!!
قال كلماته تلك ثمّ ابتعد عنها راحلًا، وهي أغمضت عينيها بقوة، بإرهاقٍ من كلّ ما يحدث حولها، بيأسٍ يتغلغل أعماقها ولا يكلّ من جرحها، زفرت بجزعٍ ودمعةٌ سقطت لتستقر على الوسادةِ مُشاركةً لها أحزانها.

بينما فواز خرج من الشقة وهو الآخر مُرهقٌ من حياتهما التي ومن المحال أن يُنهيها بالطلاق، زفر بضيقٍ وقلبه يختنق بأفكاره وذكرياته، ثمّ أغمض عينيه بقوةٍ ليفتحهما بعد ثوانٍ، ويده امتدّت لجيب بنطاله ليستخرج هاتفه.
بعد ثوانٍ قليلة رُفع الخط من الجهة المُقابلة : أهلين فروس وينك فيه الحين؟ ..…. لا ما في شيء بس ودي أغير جو شوي ..… فاضي؟ …... أوكي نتقابل في حديقة العرب


,


بعد أن أغلق الهاتف خرج من غرفته ليتخطى الدرجات للأسفل، لكنّ صوت جنان أوقفه عن متابعة طريقه : فارس
استدار إليها مُبتسمًا : عيوني
جنان من الأعلى : وين رايح؟
فارس : طالع مع فواز شوي
عبست بإحباطٍ وهي التي كانت تريد منه أن يُخرجها من جوّ المنزل الكئيب هذه الأيام، وحين انتبه هو لعبوسها لفظ بتساؤل : وش فيك جنو؟
جنان بابتسامةٍ باهتة : ولا شيء يا الغالي كنت أبي أطلع معك بس خلها ليوم ثاني
قطب جبينه وابتسامةُ أسى تجلت على شفتيه : معليش حبيبتي إن شاء الله يوم ثاني
ابتسمت لتودعه قبل خروجه ثم اتجهت لغرفة والدها، وحين أصبحت تقف أمام الباب وقفت لثوانٍ طالت تقريبًا وهي تتذكر ما حدث مع خالها، الأفكار لم تعتقها منذ تلك اللحظة، لكن الإصرار أيضًا لم يعتقها وكل ما تريد معرفته هو سبب ذاك الكره المتغلغل في عينيه لها.
سمعت صوت والدها المرتفع : ادخلي يا بنتي ليه واقفة؟
ابتسمت رغمًا عنها لتدخل، وبمشاكسة : شلون عرفت إنّي ورى الباب؟ مركب كاميرات تجسس مثلًا!!
ناصر المُستلقي على فراشه بينما جسده من الأعلى مرتفعٌ وبين كفيه كتاب : أميّز ريحة الغالية وصوت خطواتها من بين ألف ناس
اتسعت ابتسامةُ الدلال على شفتيها لتقترب منه وتجلس بجانبه، ثم مدّت ذراعيها لتُحيطا كتفيه بدلال
ناصر يبتسم ليرفع إحدى كفيه واضعًا لها على رأسها، والأخرى تحمل كتابًا بجانبه على السرير
جنان بدلال : وش تقرا؟
ناصر : مؤلفات لغازي .. تبين تقرينها؟
جنان : رواية؟
ناصر : لا .. سيرة
امتعضت لتهزّ رأسها بالنفي : تعرفني أتململ من غير الروايات بسرعة
ناصر بضحكة : ما منك رجا .. ليتك تحاولين تتثقفين بشيء غير الروايات
ابتعدت قليلًا وابتسامةٌ شقيّة مرتسمةٌ على شفتيها : تعرفني مجنونة روايات ، ترى هذا بلى ثلاثة أرباع بنات هالقرن، يدورون على الحياة اللي يتمنونها في قراءتهم لهالروايات
هزّ ناصر رأسه نفيًا بأسى : الله يهديكم بس
جنان بمرح : احمد ربك بنتك ما اتجهت لروايات النت … كل البلى فيها ، عاد الكتب فيها شوية ثقافات ونطلع منها بفايدة غير الحب والرومانسية اللي نفتقدها احنا المساكين بهالزمن
ناصر بابتسامةٍ لم يستطع منعها : رومانسية هاه
جنان بمشاكسة وهي تحتضن ذراعه ووجنتها استقرت على كتفه : أصلًا من بعد أبو فارس مافيه رومانسية
ضحك بخفة : يا بكاشة
جنان بصوتٍ سافر بعيدًا، بعيدًا جدًا، إلى تلك الأم العذبة، إلى تلك الزهرة النظرة، همست بصوتٍ يتخلخله بعض الحزن لكن لا يخفى عليه الحنين : يا بختها ام فارس فيك
ابتسم ناصر بأسى، لكنه سرعان ما حاول إزالة الجو المشحون بالحزن ليهتف بمرح : قاعدة تتمصخرين بشيباتي؟
أغلقت عينيها لثوانٍ قبل أن تختفي ابتسامة الحزن المُغلفةِ بالحنين وتحلّ محلها ابتسامةٌ خالطها بعض الشقاء : أنا أصلًا أقريت من اليوم .. انّ بعد رومانسية أبو فارس مافيه .. ونقدر نضيف فارس بعد
ضحك بصخب، وتلك تابعت : أصلًا خلاص مافيه رجاجيل من بعدكم
ناصر بضحكة : الله أكبر .. انتظري بس أوصّل هالكلام لزوجك المُستقبلي
مرّغت وجنتها في كتفه هاتفةً بعتب : أفــا! .. يرضيك تخرب بيت بنتك؟ .. هذا أصلًا لو جاء هالزوج ، انتظر بس يجي ومن عيوني أغيّر نظرتي في الرجاجيل ، شكلي بعنّس ولا جاني هالنصيب
ناصر بابتسامة : الله كريم يا اللي ما تستحين ، تتكلمين كذا قدام أبوك
ابتعدت عنه قليلًا لترفع كفيها في استسلامٍ مرح : مو ذنبي انت اللي فتحت السالفة أول
تحوّل وجهه فجأةً إلى حُزنٍ ما أنهش روحها قبله لتنتفض مُقتربةً منه، حُزن عينيه اتجه لعينيها تلقائيًا، اتجه لقلبها ومن ثمّ وجهها دون سابق إنذار، وهذا هو مدى ارتباطها به، قد يصل الأمر دون مُبالغةٍ لأن تموت من أجله، قد يصل الأمر إلى أن تقبّل الأرض لتبتعد الأحزان عنه، وحُزنٌ يغلف عينيه ماذا يُسمى؟ إنّه خنجرٌ يُغرس في صدرها، سمّ يفتك بها، نارٌ تحرقها، وأنا يا والدي سأكون النور لكَ إن حلّ الليل على روحك، سأكون الدواءَ إن أصابك أفةٌ ما.
همست بغصة : وش فيه عيون جنان وجنتها؟
ابتسم أبو فارس بحزنٍ وعينيه تتأملان وجه ابنته الجميل، والذي حملت جماله من أمها المتوفاة، تشبهها، تشبهها في أدقِّ تفاصيلها، حتى الجسد الغضّ والقُصر الذي لطالم تذمرت منه، حتى في انحناءات جسدها النحيل وأدقّ تفصيلٍ بها.
ابتسم بحزنٍ شارد، غير مُنتبهٍ لما سيقول : أمك يا جنان .. أمك
نظرت إليه جنان نظرةً مُتسائلة، لكنها أيضًا تغلفت ببعض الحزن، بينما تابع هو وعقله سافر إلى مكانٍ بعيدٍ عن واقعهما : ليتني أقدر … ليتني أقدر أسامحها ، غدرت فيني بأبشع طريقة، جرحها للحين يتغلغل بصدري ويعمق أكثر وأكثر
بس وش لي غير الحسرة والندامة؟ حسبي على قلبي بس! حسبي عليه وحده
طوال حديثه الغائب ذهنيًا عنه، طوال كلماته التي كانت تُرشف من شفتيه، كانت عيناها تتسعان تدريجيًا، تتسعان أكثر وأكثر.
أمها!! .. ماذا حدث؟ ألم يكن هو وهي كأجمل زوجين أمامهم؟ ألم يكونا عاشقين لبعضهما؟ ألم يكونا كأميرين خياليين في حبهما لبعضهما؟؟ كقصةٍ من أرض الخيال كانا! فكيف تسمع الآن هذا الكلام من والدها؟؟
وأُحجيةٌ أخرى تضمّ إلى سابقتها التي لم يمرّ عليها أسبوعٌ حتى، لغزٌ آخر يحشر ذاته في عقلها ليزداد توهانها.


,


عيناه المُتسعتان تنظر في عينيها بذهول، ما سمعه للتو أقرب إلى الخيال فكيف لعقله أن يصدق أنّ لها عائلةً ظهرت بعد كل تلك السنين؟ كيف لعقله تصديق أنّ لها عائلةً ظهرت فجأةً من العدم؟
همس دون إدراكٍ لما يسمع، بصوتٍ به من الحذرِ القليل، من الصدمةِ الكثير : وش قلتي؟؟
إلين بتشديدٍ على كل كلمةٍ تقول : عندي عايلة .. تركوني لشيء أنا ما أعرفه بس مع كذا مستعدة أغفر لهم وأرجع
عبدالله وصدمةٌ تتضاعف على وجهه، مايسمعه الآن أشبه بشيءٍ من خيال، أشبه بشيءٍ من اللا واقع، لم يستطع التصديق وهي تكمل بشرودٍ وشفتيها ارتعشتا قبل أن تسرد له ما حدث قبل عام، دون أن تكون لها الرحمة لتتركه يستوعب قبلًا، لكنها كانت تعلم، أنها إن صمتت لدقائق ستصمت للأبد، اندفاعها وجرأتها الآن سيختفيان، وهي التي داهمتها الثقة فليس من الحكمة ألّا تستقل هذه الدقائق القليلة قبل أن يأتي …. أدهـــــــم

*

تقف عند باب الجامعة، وهديل بجانبها تتثاءب من حينٍ لآخر، ابتسمت وهي تنظر إليها بحُب : يا كسولة اصلبي شوي
هديل بنُعاس : تدرين إنّي ما نمت بسبب هالإمتحان الزفت .. الله ياخذ الدكتورة ليتها رحمتنا شوي، راح سهري هباءًا منثورًا
ابتسمت إلين برقةٍ وهي تتابع السيارات بشرود، مضت دقائق لربما كانت طويلة والصمت يُخيّم على المكان، حتى هي داعب جفنيها النوم لكنّها قاومت وهي تلمح أنه بقي القليل لتسقط هديل نائمةً على الأرض.
ابتسمت وهي تتخيل ذلك، وسرعان ما تحولت ابتسامتها لضحكةٍ رقيقةٍ خافتة، والتي سمعتها هديل لكن ما بها من نعاسٍ لم يسمح لها بالإستفسار عن سبب ضحكها ومشاركتها فيه
شعرت بأحدٍ يقف بجانبها، لكنها لم تستدر وهي تُكمل النظر إلى الشارع بشرودٍ وشفتيها ترسمان ابتسامةٍ رقيقة، وطال الوقت في وقوفها بجانبها قبل أن تهمس بصوتٍ به من البرودة والقسوة الكثير : إليـــن!
استدارت إلين إليها ببطءٍ والإستغراب ارتسم على جبينها الذي تقطب والذي لم يكن واضحًا لعيني المرأة من خلف نقابها : عفوًا!
المرأة ببرود : إلين والا غلطانة؟؟
إلين بحذر : اي إلين … أي خدمة؟
المرأة : حابة أحكي معك شوي … ممكن تتفضلين مشكورة معاي؟!!!
اتسعت عينا إلين بذعر، وأول ما خطر في عقلها هو قصص الإختطافات التي تحدث بشكلٍ شبه يومي. ارتعشت لتتراجع بصورةٍ قليلة وارتباكها بدا واضحًا على حركاتها المُضطربة، لكن ذلك لم يظهر بصورةٍ كبيرة على صوتها حين لفظت : وعلى أيّ أساس أتفضل معك؟؟
المرأة بذات البرود المستفز : محنا رايحين مكان .. بس أبيك على انفراد، بكلمك في موضوع يخصك انتِ في المقام الأول
إلين بارتبك : على انفراد وين؟؟
أشارت المرأة على مكانٍ يبعد خطوات، والقصد أنها تريد أن تكون منفردةً معها بذات المكان، بعيدًا عن هديل وغيرها.
باغتها التردد، لكنها أيضًا شعرت بفضولٍ كبيرٍ يدفعها لسماع هذه المرأة، وبما أنّها لن تذهبا لأيّ مكانٍ فلا بأس في سماعها.
استأذنت من هديل التي استنكرت في البداية وجود تلك المرأة، لم تسمعها جيدًا لأنها كانت تتحدث بصوتٍ شبه منخفض، بينما تعذرت إلين بانها تريد منها مساعدةً في أمرٍ ما.
إلين بحذر وهي تبتعد عنها مسافةً لا بأس بها : نعم وش عندك؟
المرأة بغموض : أعتقد إنك تعرفين أدهم السامي
اتسعت عينا إلين فجأةً وارتعشت شفتاها بشكلٍ بسيط، وذلك الإسم اقترن برعبِ طفلةٍ بداخلها لم ولن ينتهي، وكيف ينتهي وهي عانت منه كثيرًا؟
همست بصوتٍ اتضح به الإرتعاش : لا ما أعرفه .. منو ذا أدهم
تراجعت للخلف باضطرابٍ واضح، وبصوتٍ مُهتز به من الذعر الكثير : إذا جاية تسأليني عن هالاسم فأنا ما أعرفه .. والحين اسمحي لي بروح، ما بقي شيء ويجي السواق
أمسكت المرأة بمعصمها بقوةٍ وإصرار، وبصوتٍ خافتٍ دبّ الرعب في أوصالها : ما انتهيت .. وتطمني ما جيت وأنا من طرفه أو أفكر أأذيك
جيت عشان أبيّن لك حقيقة اختفت من سنين

.

.

.

انــتــهــى

ومن الحين أقولكم خلونا حبايب :$ لا تهجمون علي وتقولون وين ديما وسيف!
فيه أوقات أقدر أتجاوز فيها الزمن وأجيب أحداث تصير في ساعات متفاوتة وأقدر فيها أرجع للوراء وأقدم لقدام، بس في هالبارت صعب أترك الأحداث اللي تصير عشان أتجاوز الوقت وأجيب موقف لسيف وديما بالغصب!
وكل هالأحداث قاعدة تصير في وقت الصبح :$ يعني كل شخص في دوامه وما جبت غير مقطع بسيط عن ديما في دوامها وغير كذا ما أئدرش
وأعتقد واضح لكم إنّ البارت قوي كفاية بظهور الباشا سلمان فيه بعد غياب

^ كل هالمحاضرة لأني عارفة إنكم بتوروني الويل عشان ديما وسيوف O__o




ودمتم بخير / كَيــدْ !

...همس القدر... 13-09-14 07:08 AM

رد: قيودٌ بلا أغلال عانقت القدر
 
كدوووو انا احبك....
عنجد البارررت الاسبوعط افضل بكثير من بارتات شبه يوميه.. وكميه الاخداث فيها افضل بكثيييير.. احس في هالبارت استمتعت اكثر بكثير من ااببارتات القصيرة... هههه ومش راح اقول ولا شي عن ديما وسيف>>>فيسي المؤدب..
اول شي نجي لجيجي وفواار : فوواز بدا بالمعاتبه الخين.. صحيح ان رفض جيجي للتبليغ عن السايق صعب بس مو لدرجه بشك فواز فيها!! الحادثة ه صعبه عليها جددددا ورفضا ما كان الا لخووفها الشديد لا أكثر .. وفواز كان لازم يتفهم هالشب

سليماااان: مممم يمةن في البارتات السابقة كنت متأمله خير في سليمان اما الخين فانا اتاكدت ان سليمان مجررم خطير ما ليهمه الا حااله.
سلطان:الله يصبرك على مصابك يا اخي... بس تسمعش لكلام سليمان بقوله امك ضعيف.. هالمشاعر اللي انت بتمتع بها هي الشي الوحيد اللي بيفرق بين الانسان وبين مجررررم قااتل زي سليمان.. اذا انعدمت الرحمة في قلبك ايش راح يفرقك عن سليمان وقتها؟!!!.
غيدا: هالبنت لازم حد يوعيها فبل ما تروح فيها من ورا ساارة وغيرها

الين : الله يصبررك ويعينك.. يا خوووفي يخيب املك ادهم عالمزبووط..
جنان: اذا صاحب العينان المخيفتان خالها.. شو السر ورا اللي حكاه ابوها... وليش هالخقد كله بعيون خالها.....
شااهين: ياعيني يا برنس لما تبدا اتكتك وتخطط هههه حلال عليك والله...
ارجوان&عنااد: هنوو احس انك بتجنبس الحكي عنهم عشان لما يلتقوا رااح ياكلوا الجو عن كل اولادك فانتي الحين متجنبيتهم لحتى يجي وقتهم>>> فيس مصر انهم كابلز

ديمة يا قلبي زياد طفل ما له ذنب بالكراهية اللي بتشعريهد رجاهه.. كله من ابووه هههه انتي موجهه مشاه ك للاتجاه الغلط.. يعني بدال ما تكرهي زياد اكرهي ام او حتى ابو زياد >>>>فيس اصلاح ذات البين خخخخخخخ

كدو بجد استمتعت جدا بقراءه بااارت اليوم..
وهالبارت الاسبووعي كان لازم يكوون من زمان عشان يكون للاحداث طعم اخر...
بانتظار القادم
تقبلي مروري
سلاااام
Sent from my GT-I8150T using Tapatalk 2

لست أدرى 15-09-14 09:16 PM

رد: قيودٌ بلا أغلال عانقت القدر
 
السلام عليكم كيد يا غالية


لا اتطمنى حبيبتى مش زعلانة انه المبجل سيف ماظهرش فى الفصل ده !! بالعكس خلى ديما تفتك منه شويتين هههههههه


لو ليا اعاتبك على شخصية ماظهرتش فهى غزل ... قلتلك انا بدأت احب الثنائى ده .. عجبنى والله ... بس طبعا ليكى كل الحق ... سلطان عنده مصايب الدنيا دلوقتى ومش هيكون فى مزاج كويس يقابل غزل فيه .

سلمان ده كل ماقول فيه أمل يطلع برئ يرجع يبصملى بالعشرة انه مجرد مافيش منه اتنين !!! بس مش قادرة افهم ايه معنى كلامه انه محتاج لحياة سلطان دلوقتى ؟؟ مستفيد منه بإيه بعنى ؟؟ ولا عشان ينفى تهم عن نفسه ؟؟

ليلى عندى أمل لسه انها هتخرج منها .. أما نشوف معاكى !!



فواز وجيهان ... على فكرة انا بأيد فواز جدا فى اللى قاله .. له كل الحق يشك فيها .. انا مش بتهمها ولا بلومها على تصرفها لأنها كانت فى حالة صدمة من اللى حصل واكيد خايفة من ردة فعل ابوها ومن الفضيحة !! بس فى نفس الوقت مالومش فواز على تفكيره خصوصا انه زى ماقال بيتعامل بمنطق ابن العم مش العاشق ... أى رجل فى الموقف ده لازم تركبه الشياطين ويشوف الدنيا كلها سودا قدام عينيه .

وفعلا جيهان أنانية فى كل تصرفاتها ومواقفها .. مع ابوها واخواتها اولا ودلوقتى مع فواز .

انا ومن مكانى هذا بعلن دعمى المطلق لفواز فى كل تصرفاته مع جيهان خانم ...احم احم بشرط طبعا يبقى قد كلمته ويعرف يعدل موازينها صح وإلا هسحب تأييدى لو حسيته نخ .


اممممممم مين تانى ؟؟

آآآه خلينا فى إلين وابوها ... بصى يا ستى .. تصورى للى هيحصل والمنطقى فى نظرى انه ابوها مش هيستسلم ببساطة لكلامها ويقبل انها تخرج من بيتهم ... اكيد لازم يتعرف على ادهم الاول ويتعرف على العيلة اللى هى رايحة تعيش معاها ، وطبعا لو ادهم صدق فى كلامه يبقى هيعرفوا انه ابوه مات وانه عايش لوحده .. اعتقد ساعتها عبد الله هيرفض انه الين تروح تعيش مع ادهم وهيصر انها تفضل معاهم مع الحفاظ على علاقتها بأدهم .. ده المنطقى فى رأيى لأنه وجود عائلة لإلين مش سبب كافى انه يسمحلها تخرج من بيتهم .. لازم اولا يتعرف على العيلة دى ويتأكد من اخلاقهم ووضعهم " خصوصا انه ليهم تاريخ مشرف برميهم لبنتهمم من سنين " .. ده تصرف اى اب طبيعى ، وهو ليه كل الحق يفرض عليها رأيه بما انه فعلا ابوها .


نيجى بقى للست جنان الغامضة لحد دلوقتى .. كيد بقولك ايه ؟ ماتخلى ارجوان وجنان يتقابلوا ويتعرفوا ويبقوا اصحاب بقى !! والله حرام عليكى البنتين فى غربة وحالهم كرب وماحدش حاسس بيهم .. وانتى حتى مش عايزاهم يسلوا بعض شوية ؟؟ آآآه يا ام قلب قاسى

هههههههههه سورى واخدانى الحماسة

المهم خلينا فى جنان دلوقتى بما انك لسه مش مديه اى ملامح لحكاية أرجوان ..
ايه قصة أم جنان بقى ؟؟ ازاى غدرت بأبوهم ؟؟ عندى تصور اجرامى كده بس مش متخيله انه ممكن يحصل فعلا .
ممكن تكون ام جنان زوجتها لابن خالها من غير علم جنان وابوها ؟؟ بس مش متخيله ازاى ؟ لأنه ابوها هو وليها الشرعى وماينفعش زواجها بدون موافقته !! إلا لو ده حصل فى فترة كان مريض فيها او حاجه .. خصوصا انى مش فاهمه ايه قصة مرضه بالضبط !!
بس ده مايفسرش نظرات خالها اللى مليانة كراهية !!!

الموضوع غريب وغامض . بس دماغى مش جايبه تفسير تانى دلوقتى . بانتظار ايضاحات اكثر .


فاضل حد ؟؟؟

آآآه طبعا الاخت غيداء ... بس دى ماليش اى تعليق عليها ... ماقدرش اقول غير الله يحفظك يا بنتى ... ربنا يستر .


سلامات كيد ... بانتظارك ياقمر فى البارت الجاى

تفاحة فواحة 18-09-14 12:59 PM

رد: قيودٌ بلا أغلال عانقت القدر
 
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
تعتذر الكاتبه كيد عن انزال الجزء الجديد بسبب انها مريضه دعواتكم للكاتبه
بس تتحسن صحتها راح تحط لكم البارت
الف سلامه عليك حبيبتي

...همس القدر... 18-09-14 01:25 PM

رد: قيودٌ بلا أغلال عانقت القدر
 
الف لا باس عليك هنوو
ما عليش بانتظارك...
عوافي توتو

Sent from my GT-I8150T using Tapatalk 2

كَيــدْ 20-09-14 05:42 PM

رد: قيودٌ بلا أغلال عانقت القدر القيد الثامن عشر
 



الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 6 ( الأعضاء 4 والزوار 2)
‏كَيــدْ, ‏هَتيف, ‏خواطر قلم, ‏سمرو



السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
كيفكم؟ عساكم طيبين؟

أعتذر منكم على تأخيري في تنزيل البارت
ما أحب أبرر بس من جد كان حيلي مهدود والبارت بقي جزء بسيط منه ما كملته بسبب تعبي
ولو إن الموضوع انحصر على التنزيل كنت تحاملت على روحي ونزلت لكم البارت


ما أطول عليكم
بحاول أكمل الجزء البسيط من البارت وإن شاء الله إذا مانزل بوقت متأخر بالليل بيكون عندكم قبل الفجر



ومرة ثانية :/ أعتذر :*

هَتيف 20-09-14 09:46 PM

رد: قيودٌ بلا أغلال عانقت القدر القيد الثامن عشر
 
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

أبد أبد ماكنت اويه أقرا الرويه الّا إذا أكتملت
بسبب كثرة الكاتبات اللي يسسحبوون أو يتهاونون في أوقات البارتات
بس ماش ماقدرت أصبر على روايتك جداً جداً جمييله وأسلوبك جمييل ..
..
كنت بعلق على الروايه الحين بس قلت لين تنزل البارت وأعلق مره وحده <3
الله يوفقك ياارب , وألف لاباس عليك كدّو ..

كَيــدْ 21-09-14 01:03 AM

رد: قيودٌ بلا أغلال عانقت القدر القيد الثامن عشر
 



سلامٌ ورحمةٌ من الله عليكم
صباحكم سعادة ورضا من الرحمن
مساؤكم فرحٌ لا يزول


,

بسم الله نبدأ
قيودٌ بلا أغلال عانقت القدر
بقلم : كَيــدْ !

لا تشغلكم عن العبادات


(19)




نظرت إليها بتوجسٍ، لم تكن تريد لهذا الحديث الكمال لكنّ مابها من فضولٍ دفعها للإستماع دون صوتٍ منها، وحين لم تجب عليها أردفت المرأة : وين أهلك؟
تقوس حاجباها بارتفاعٍ مُتعجِب، أهلك؟؟ .. إن كانت تعرف اسمها ألا تعلم ما طبيعة حياتها؟ ... أمالت رأسها قليلًا ووجومٌ هاجم ملامحها، أصاب قلبها انكسارٌ بفقدها لأجملِ شيءٍ في الحياة، لكن لمَ تهتم؟ هم تركوها والله عوّضها بمن هم أفضل . . و ( رب ضارةٍ نافعة ) وضارتها بعدم الأهل كانت نافعةً بعثورها على أجمل هديةٍ من الله، إذن لمَ قد تهتم؟؟
تنهدت بحسرة، ثم نظرت إليها عبر فتحات النقاب بعينين قدحتا بالقوة، وبحدة : ما عندي
رفعت المرأة حاجبًا، وقد كانت مُحجبةً لا تُغطي وجهها، وبذلك ظهرت ملامح وجهها الجميلة رغم وضوح تعاليم الكِبرِ عليها..
ابتسمت برقة، ثمّ رفعت يدها تريد رفع نقاب إلين لكنها أمسكت يدها بقوةٍ تمنعها وعيناها اتسعتا بصدمة، همست بذهول : انتِ وش قاعد تسويين؟!!!
ابتسمت المرأة بسخرية، وبصوتٍ كان به الكثير من الحالمية وإحدى أناملها ارتفعت لتصبح أمام عيني إلين : يا سبحان الله ... عيونك فيها سحر غريب
شعرت إلين بتوجسٍ منها، لمَ تتكلم معها بهذه الطريقة؟ . . تراجعت للخلف فجأةً حين شعرت بأنامل المرأة تلامس أهدابها، وبصوتٍ مرتعش يحمل من الصدمة الكثير : انتِ مجنونة!!
ضحكت المرأة بخفوت، وبقسوة : مجنونة! .. اللي مشتاقة لعيون بنتها مجنونة!!
بهتت، والكلمات اخترقت مسامعها كنصلٍ قاسي، اخترقت عقلها كحربٍ طاحنةٍ بدأت دون سابق إنذار، " بنتها "!! ، أكلمةٌ كتلك تقال داعبة؟ أغريبةٌ تمزح بتلك الكلمة؟
ابتلعت ريقها وهي تنظر لوجه المرأة بذهول، بشفتين فاغرتين وعينان تزدادان اتساعًا، باغتها الكثير من التردد، لم يكن هناك امرأةٌ قد قالت لها تلك الكلمة سوى هالة فقط، فلمَ قد تقولها لها هذه المرأة؟ أتقصد الدعابة أم أمرًا ما؟ . . شيءٌ ما داخلها كان يخبرها أن تستمع للمزيد، أن تعلم ما معنى قول المرأة لها بـ “ بنتها “، أن تترك لفضولها العنان.
اتسعت ابتسامة المرأة بقسوةٍ وهي ترى عينيها المذهولتين، لتهمس بصوتٍ جليديٍ قاسي : تشبهيني كثير ، أشوف نفسي في عيونك، وهالشيء طبيعي، مو انتِ من دمي!!
انتفضت إلين فجأةً وهي تتراجع، هذه المراة تثرثر بأمورٍ خطيرة لا مزاح فيها، لذا من الأفضل عليها الذهاب وتركها، من الأفضل عليها تجاهلها، بالرغم من أنّ صوتًا داخلها يأمرها بسماع بقية ثرثرتها، لكن لمّ تشعر بالخوف من مقدمتها في الحديث!!
ما إن تحركت ذاهبةً حتى أمسكت المرأة بمعصمها بشدةٍ وقسوة، لتهمس لها بصوتٍ كان به من الحقد الكثير : أنتِ أخته .. أخت أدهم .. بنت زوجي .. بنتي ... بنت الحقير اللي تركني
ارتعشت بقوةٍ وإغماءةٌ أصابتها لكلمتين فقط، لمسمًا واحدٍ فقط، غاب العالم كله وفقدت الشعور بما حولها .. فقدت الشعور بكل شيءٍ وصدرها ارتفع بقوةٍ ليهبط بأنفاسٍ قاسيةٍ لاهبة
( أخـــــــــت أدهـــــــــــــم )
أخته! .. رفعت نظراتها المُتسعة للمرأة، تمادت! .. جاءت الآن بكلامٍ لا مزاح فيه، لكنّ الأعظم هو أن تمزح بشيءٍ يتعلق بأدهم، إن كانت تعرف أدهم فهي بالتأكيد تعرف أخلاقه، وبالتأكيد تعرف ماحدث وكان!
همست بحدة : اتركي يدي عنك واذلفي .. ماودي أسمع بشيء من تخريفك
شدّت المرأة على معصمها أكثر وعيناها اتسعتا بلهيبٍ قاسي، شرارةُ شرٍّ ظهرت على زوايا عينيها اللتين كانتا .... تشبهان عينيها!!!!
للتو انتبهت، ملامحها بالفعل تشبه ملامحها هي . . انتفضت بقوةٍ وهي تحاول سحب يدها لكنها شدّت أكثر لتهمس : بكرة ... تمثلّي بأي مرض ، بأي تعب، وروحي للمستشفى اللي قريب من هنا ... وأنا بكون هناك، وبتلاقين الدليل على كل كلامي
بنت عبدالله السامي ... أخت أدهم ... بنت رقية .... إلين عبدالله السامي!!!!

*

رفعت عيناها لعبدالله، لتبتسم بأسى وهي ترى نظراته المُتسعة، لم تذكر له شيئًا عن ماضيها مع من هو اخاها، لم تذكر له كل ذلك الخزي وكيف عساها تخبره؟؟
همست بشرودٍ وهي تداعب قماش تنورتها السوداء ورأسها انخفض قليلًا : ورحت .. يومتها تصنعت التعب ورحت بعد الجامعة للمستشفى مع هديل ... ما كنت واثقة بالقدر اللي يخليني أروح بروحي، بس كان فيني فضول كافي وصدمة كافية عشان ألبي اللي قالته وأشوف دليلها المزعوم
تحاليل DNA لمرة إسمها رقيّة عبدالرحمن ، مقارنة بتحاليل لي انا .. وكانت النتيجة أكبر صدمة لي ، كانت صفعة بوجهي ، كانت شيء ما أقدر أوصفه لك يا عمي
تخيّل تكون عايش كل عمرك كشخص يتيم ما تدري إذا انت ولد حرام أو لا، تخيل إنك عايش سنين وسنين كشخص ماله هوية وانت في الحقيقة عكس كذا
يومتها مرضت .. انهرت .. ظليت ليلتي كلها أبكي ومخدتي تواسيني ، شلون طاوعهم قلبهم شلوووون؟؟
سقطت دموعها بألمٍ وعجر، وكفيها ارتفعتا قليلًا قرب وجهها يرتعشان، لتردف بنحيب : شلووووون طاوعهم؟ مو أنا بنتهم؟ مو أنا من لحمهم ودمهم!!
انكسرت ... كل شيء فيني تحطم لأجزاء وأجزاء مافي رجا برجعتها .. كل شيء اسوّد بوجهي
الإنسان لو انكسر ما يصير شظايا ... الإنسان لو انكسر يتلاشى . . . يتـــــــــلاشـــــى ... ينتـــهـــــــــــي
غرقت في نحيبٍ صامت وهي تُغطي وجهها بكفيها، تُعزي ذاتها بدموعها، تعزي نفسها المُتلاشية لكسرها بدموعٍ أشدّ انكسارًا ... من يمسح دموعها في أشدّ الحاجة لكفٍ حنون؟ من يمسح الحزنَ المتمركز في صدرها كملكٍ جائرٍ احتل عرش قلبها؟ من يرَبتُ على وجنتها إن انكسرت نظراتها؟ من لها؟؟ من لها ليسْقها من الحنان ما يعوّض عنها جفاف عينيها لكثرة ما ذرفا؟
من لها ليُنسيها السنين العجاف؟ من لها ليمحو كل نظرة بؤسٍ هاجمت عيناها في يومٍ ما؟ من عساه ليُقدم حياته لها في سبيل فرحها وحسب؟ … لا أحد! لا أحد سيفدي أفراحه لأجلها، لا أحد سيتبرع بضحكاته لها.
والبائس هو من ولدُ وحيدًا ليموت كذلك! البائس هو من ولد ناقصًا ليموت ناقصًا، من ولد وقد ختم على جبينه ( الوحدة والنقصان! )
وحيدةٌ هي دون عائلة ، وناقصةٌ هي دونهم!
حتى البَحّار إن عظمت رحلاته بروحٍ وحيدة إلّا أن البحر يكون أبوه وأمه وأخاه! .. وهي حتى الجدران تخلّت عنها لتُخفي عنها سرًّا عاش سنينًا!
يُقال أنّ للجدران آذان، وسكوتها عن سرّ هالة إثباتٌ لوحدتها حتى من الجمادات!
نظر إليها عبدالله بصمتٍ مطبق، مطولًا دون كلمة، دون صوتٍ يثبت تواجده، ولأول مرةٍ تكون كلماته في حضرة موضوعٍ ما - ميتة -
بكاؤها يُثبت صحّة كلامها، نحيبها أرهق عقله الذي يجاهد لاستيعاب ما سمع، كيف يمكن أن يكون لها عائلةٌ ظهرت بعد كل هذه السنين؟ كيف يأتي هذا الحديث الآن؟ وكيف لعقله التصديق؟
تنفّس بقوةٍ وهو ينظر إليها بعينين لا تعبير بهما، يريد منها التفسير أكثر لكنها وبكل بساطةٍ لم تكن تنظر لنظراتهِ المُتسائلة فهي قد خبأت وجهها خلف كفيها، خبأت وجهها عن كل نظرةٍ وبكاؤها أخيرًا جعله يهتزّ خلال كل المعمعة القابعة في عقله.
احتضنها بمواساةٍ وهو نفسه لم يستطع أن يستوعب بعد، لم يستطع التصديق بعد، يشعر أنه ضائعٌ ولا يدري ما الخطوة التالية، لكنه في النهاية همسٍ بصوتٍ لا تعبير به : متأكدة؟
استغرقت ثوانٍ قبل أن تومئ بضعف، ليبتلع ريقه هاتفًا : تحاليل الـ DNA عندك؟
أومأت أيضًا بذات الضعف ليبعدها قليلًا، وبيديه انزل كفيها عن وجهها ليهتف بصوتٍ حاول دفع الثبات به : وريني ياها


,


هدوءٌ مُخيّم على جو السيارة، تزداد سرعته وعيناه مُتشبثتان بالأمام، في فراغ، في تفكيرٍ عميق.
أغمض عينيه لثانيةٍ ليفتحهما والإصرار يرتسم على جنباتهما، عليه أن يُنظّم نفسه ويكون أمامها طبيعيًا، لن يجعلها تنتبه لشيء، لأي شيء!
المهم أن يكون هناك من بقربه، لن يكون وحيدًا طيلة ما تبقى من حياته، لذا عليه الاستسلام والإذعان لما تريد.
وصل بعد دقائق للمنزل الذي يحفظ طريقه جيدًا، كيف لا وهو المنزل الذي تقطن فيه!
ترجل، ثمّ رفع عينيه ينظر للمنزل البسيط والراقي أمامه، بملامح لا تعبير فيها، إلى أن رفع في النهاية نظّاراته الشمسية ليُغطي بها عينيه، حتى يختفي أثر التعب والإرهاق فيهما.
تنهد يدفع تردده ويستبدله بالإصرار والثقة، ثم أخرج هاتفه من جيبه .. ليتصل بها.

في الداخل - غرفة إلين
جلست على السريرِ بصمتٍ بعد ما أخذ عبدالله الأوراق وبات يُقلبها، وكأنه لا يستوعب مافي يده أبدًا ولا يريد ذلك، لا يستوعب بل كيف عساه ذلك؟ أيعيش في فيلمٍ أم ماذا؟ أيرى حُلمًا أم واقع؟
كيف يمكن أن تظهر عائلةٌ من العدم بعد كل تلك السنين؟
حتى الآن لم يصدق، لم يقتنع . . . رفع نظراتٍ غيرَ مصدقةٍ إليها، ليهتف بحذر : وإيش اللي خلاك تصدقين إنك بنت الرجال اللي ذكرت اسمه؟ ممكن ، ممكن تكون …
لم يكمل كلامه لتفهم ما الذي أراد قوله " ممكن تكونين بنت حرام "
ابتسمت بأسى، وبهمس : حتى أنا في البداية ظنيت السالفة فبركة منها، هي أمي ما اختلفنا، بس وش اللي يخليني بنته؟
هذا اللي سألتها عنه … وكانت الإجابة
وقف لتتجه للتسريحة بعد أن أخذت مفتاحًا من تحت وسادتها ثم أدارت قفل أحد الأدراج لتُخرج ورقةً مُهترئةً اتضح بها القِدم، ومن ثمّ قدمتها إليه … وهناك وقع الدليل.
تصويرٌ لكرت العائلة، الأب عبدالله السامي، الزوجة رقيّة بنت عبدالرحمن، الابن أدهم عبدالله السامي
الابنة … نجلاء عبدالله السامي!!!
رفع رأسه بسرعةٍ إليها، بعينين مُتسعتين يحاول فهم ما قرأه للتو، يحاول تحليل ما مقصدها، يحاول التهام ما تنوي قوله.
ثم باضطراب ... انفرجت شفتاه عن كلماتٍ مُبعثرة، عن تلعثمٍ غير مُصدق : انتِ … انتِ نجلاء؟؟؟!
اهتزت شفتيها لتخفض رأسها دون إجابة، دون إيماءةٍ على الأقل ترحم حيرته وتشتته، وفي ثوانٍ كان صوت نحيبها يتصاعد، ولسانها يلفظ بما كان الأشد عليها قسوة : بعد شهرين من ولادتي … أبوي رماني، اتهم أمي بخيانته ، تبرأ مني على أساس ماني بنته، بنت حرام!!!
تدافعت شهقاتها، لتردف باختناق : تخيّل .. حتى ما فكر يحلل، ظلمني بتفكيره ورماني، طلّق امي وهي بدورها ما اهتمت لي * ابتسمت بسخرية * مثل ما تقول … أنا ضربة شؤم عليها، وش تبي فيني؟ وش ترتجي مني دام انتهت حياتها الزوجية واتهمها زوجها بالزنا بعد ولادتي؟؟؟
تراجعت للخلف لتجلس على السرير، تهتف بانهيار : وش ذنبي؟ أوجعوني بدون أيّ ذرة رحمة، أوجعوني بدون أي إنسانية، لا هو اعترف فيني، ولا هي تمسكت بي!
أغمض عينيه بقوة، ثم استنشق ذراتٍ من الهواء ليزفرهن، أهناك من يفكر بهذا الشكل الظالم؟ أهناك من يطاوعه قلبه لكلّ ذلك؟
كيف لأبٍ أن يفكر هكذا دون أن يتأكد؟ كيف لأمٍ أن يطاوعها قلبها في ترك ابنتها دون قلبٍ ينبض بالرحمة، دون فطرتها التي تنمّ عن حب أبنائها.
كلّ شيءٍ جاء دون أن يذهب، كصاعقةٍ استقرت في عقله، كسكين انغرس في قلبهِ دون أن يخرج، كل شيءٍ جاء ليحمل له أسًا لا يمكن نسيانه، ليحمل صدمةً لا يمكن تجاوزها
قبل أيامٍ صدم بحقيقة كونها ابنته … والآن بحقيقة كون لها عائلةً تخلّو عنها!!
فتح عينيه، ثم نظر إليها مطولًا دون صوت، ينظر لانكسارها وبكائها، ينظر لذبول عينيها وجفاف زواياها، ينظر للألم الذي حمّله الماضي في قلبها.
اقترب منها ببطء، ينوي مواساتها، يريد القول بأنه سيعوضها عن كلّ الظلم الذي كابدته ... بينما هي تهمس بانهيارٍ وعيناها مُتشبثتان بالأرض : بس تدري! وجعهم ما كان شيء … قدام الوجع اللي لقيته هنا!
توقفت قدماه عن الحركة، توقفت حواسه عن عملها، توقف عقله عن التفكير، وكلماتها هذه تحمل معانٍ عديدة، معانٍ قاسية.
رفعت وجهها المتورم إليه، لتهتف بألمٍ وعيناها تحكيان ملحمةَ عذابٍ لم تنتهي : على كثر الوجع اللي لاقيته في حياتي .. والله ما أوجعني شيء كثر ما أوجعني تصرف أمــــي هالة!
وهالوجع دفعني لشيء واحد ، للرحيل ، للخروج من المكان اللي اندفنت فيه بهالحقيقة المرّة، بهالتصرف اللي يثبت مكانتي هنا
شرارة الماضي … ولا نار الحاضر

انقطعت سيل كلماتها التي آلمت قلبه، الكلمات التي شطرت تفكيره لأكثر من نصفين، انتهى حديثها القاسي برنين هاتفها على السرير . . لترتفع كفاها تمسحان دموعها، ثم تناولت الهاتف وما إن رأت هوية المتصل حتى ردت دون أن تنظر لعبدالله الواقف مكانه دون حراك، وبهدوء : جاهزة


,


يتحدث من داخل الشركة والهاتف يستقر بجانب أذنه، كفٌ تشبثت بالهاتف وأخرى تفتح الأدراج وتبحث عن كل شيءٍ قد يتعلق بما يريد.
من الطرف الآخر . . إبراهيم : عجل يا سعد ، لقيت شيء؟ .. عالأقل أوراق البيت، الشركة .. لازم تطلع بشيء ، لازم
سعد بارتباك : لا ما لقيت ، اصبر علي تراني منخرش كفاية
إبراهيم باستعجال : طيب عجل عجل .. وأهم شيء لا يدخل عليك هذاك النشبة ونروح فيها
سعد : لا من هالناحية تطمن ، السكرتير برى يراقب والفلوس اللي عطيته كافية عشان تخرسه
إبراهيم : لا وصل سلطان ما بيقدر يرده
سعد : وانت مو مراقبه؟؟
إبراهيم : اختفى عن عيوني مدري وين راح .. شو...
قاطعه سعد حين سحب إحدى أدراج المكتب ليجدها مُغلقة : لحظة!
إبراهيم بانشداه : لقيت شيء؟
سعد : هالدرج مقفل ، أكيد فيه شيء من اللي نبيه .. أغلب الأدراج مفتوحة لأن اللي فيها ماهو مهم ، بس دام درج لمكتب ومقفل أكيد يحتوي على شيء مهم
إبراهيم باندفاع : حاول تفتحه ، اكسره لو تطلب الأمر
سعد بتردد : كذا بننفضح وراح ينتبه ، خلاص إبراهيم، مضطر أخرج وبعدين إن شاء الله برجع أحاول أفتحه .. المهم حصلنا شيء يخلينا ما نيأس ولا نستسلم
تنهد إبراهيم يكبح لهفته، يفكر بعقلانيةٍ أكثر، وسعد صديقه مُستقرٌ في عمله هناك فلمَ الإستعجال.
لفظ : أوكي .. اطلع الحين وفتّح عيونك أربع أربع، والسكرتير حطه خاتم في اصبعك ، ولو حسيت بخطر تجاهه …. اقتـــلـــــه
اتسعت عينا سعد، ليهتف بصراخ : مجنوووون انت؟؟ لا لا .. سرقة اختلاس اغتصاب بس قتل!!!
زفر إبراهيم بيأسٍ منه، ثم بصوتٍ حانق يضيّع الموضوع : خلاص ما عليك منه .. الفلوس بتكفيه وبتخليه ينخرس
محنا متورطين في جريمة قتل … تطمن
أغمض سعد عينيه بقوةٍ وهو يتنهد، ثم أنهى الإتصال ليخرج من مكتب سلطان بذات الطريقة التي دخل بها … دون أن ينتبه له احد.
وفي أثناء تحركه باتجاه الباب الخارجي رمى رزمةً من النقود على طاولة السكرتير … ثم خرج


,


تناولت حقيبتها الزيتية وهي تتجه لباب غرفتها تنوي الخروج، وتلك الأخت تنظر إليها بعبوس، لا يرضيها حال أختها المتحرر بعض الشيء.
جود بعبوس : بثينة يا حبيبتي ، ما تحسين حياتك غلط؟
لوت بثينة شفتيها المتلونتان بالنبيذي والمكتنزتان بإغراء : جاني سيف؟!!!
ازداد عبوس أختها، ثم تنهدت وهي تهتف دون يأس : الساعة 11 ونص، أحد يطلع في هالوقت؟ كان الأفضل تروحين لشغلك بدل هالعبث
بثينة دون مبالاةٍ تحرك يدها في الهواء لتتردد صوت أساورها المزينةِ لمعصمها : قلتلك مثل ما قلت له من قبل … أنا إنسانة حرة، ما أحب أكون محصورة بحياة معينة، روحي تعشق الحرية ولا يحكمني لا زمان ولا مكان ولا مجتمع!
أعيش بالشكل اللي يريحني ويناسبني ، وهذا هو الإختلاف اللي بيني وبين تفكير سيف، واللي خلى حياتنا مع بعض مستحيلة
سيف يبيني بالشكل اللي في باله وهذا شيء مستحيل ، ربّة منزل يكون شغلها الشاغل بيتها وبس … وهذا بالنسبة لي مو ممكن يكون
تنهدت جود للمرة الألف، وهذا الحديث لطالما سمعته من أختها مرارًا ومرارًا، اختها المدللة التي لا يحكمها قرار.
لم تقل كلمةً أخرى لاختها التي استدارت لتخرج حتى تقابل صديقاتٍ لها في عزّ الظهيرة، دون مبالاةٍ بالوقت أو بأي أمرٍ آخر.


,


يجلس في سيارة الإسعاف ونصف وجهه مُغطى، الأكسجين ينبعث إلى رئتيه وهو لا يشعر سوى أنّ ما يدخل إلى رئتيه ليس إلّا نارًا هوجاء تقتلع سكونه.
وصل إليه صوتُ رجلان يتحدثان، وأحد الصوتين يعرفه جيدًا، لقد كان صوت الرجل الذي كاد يتشاجر معه قبل أن يدخل، والذي طمأنه بأنهم سيخرجونها.
تحدث الرجل : لقيتوا شيء في الشقة؟ جثة مرة حسب ما قاله لي هذاك الرجال
الآخر باحترامٍ لمن هو أعلى مركزًا منه : الشقة كانت فاضية من أي إنسان
اتسعت عيناه استنكارًا، وبريقُ أملٍ لمع في قلبه، بينما هتف الرجل الأعلى مركزًا بغرابة : متأكد؟ طيب انتو مطلعين مرة في العقد الخامس من الشقة السادسة؟
الآخر : ما طلعنا أحد .. كانت فاضية من البداية، لأن مجموعة دخلتها قبل لا ينتشر الحريق وما كان يسكنها أحد
توقفت أنفاسه، توقف عن الشعور بما حوله ولم يسمع كلمةً أخرى، ماذا يعني ذلك؟كيف عساها تكون غير موجودة؟
أتكون خرجت لمكانٍ قبل أن يحترق المبنى؟ .. داهمه شعورٌ بالأمل والراحة، لكن أين عساها تذهب؟ لا مكان قد تخرج إليه ولا حاجةً تقتضي منها الخروج؟
مسح على عينيه بظاهر إحدى كفيه، وهو يتمتم بالحمد بالرغم من أنّ قلقه وإلى الآن لم يتلاشى
إلّا أن مسألة عدم تواجد جثتها في الشقة بل عدم تواجدها منذ البداية أراحته، المهم أنها بخير، المهم أنها كذلك.


,


توقف عن المشي ليستدير إليه، ويديه دُسّتا في جيب بنطاله، وبتساؤل : ومتى العملية؟
فارس بابتسامةٍ مُتأمِلة : بعد أسبوع ونص تقريبًا
لوى فواز شفتيه بتفكيرٍ قبل أن يهتف : يعني يمديني أكون جنبك … زواج أختي بقي عليه أسبوعين وشوي ، وزين إنّ عملية عمي ناصر قبلها بكم يوم
نظر إليه فارس بامتنان : بس بتكون أختك محتاجتك قبل زواجها بفترة طويلة
فواز بابتسامةٍ أخوية : ما عيك من هالناحية ، من الأساس إجازتي ما راح تكون قبل أسبوعين
فارس بمرح : كثرة إجازاتك ترى .. أنا متأكد إنّ المندوب السعودي بيطردك آخرتها
فواز بغرور : يجرب
فارس : مالت على وجهك


,


انتظر، وانتظر، لكن لم يُفتح الباب، ولم تأتي بعد، أعساه يفقد الأمل أو يفكر في أنها قد لا تجيء وهو الذي يُدرك إصرارها؟
لم يفكر بتاتًا في أنها قد تكون تراجعت، لذا لا يزال ينتظر، بلهفةٍ لم تخفى عليه، يسند ظهره إلى السيارة وقدمه اليُمنى تتحرك على الأرض دون ضجر، دون مللٍ لتأخرها، فلهفته فاقت صبره الشبه معدومٍ غالبًا.
مرت خمس دقائق على اتصاله بها، ثم عشر، ثم ربع ساعة، ثم نصف!
رفع هاتفه ليستعجلها، لكن الباب فُتح، وهو رفع رأسه بسرعةٍ متوقعًا رؤيتها مُتلحفةً بالعباءة، تمشي باتجاه السيارة، لتذهب معه ، لكنّ ما رآه …. فاق كل توقعاته.
اقترب عبدالله منه بصمتٍ بينما هو مُقطب الجبين، عرفه وكيف لا يعرفه؟ كيف لا يعرفه وهو ممن تسكن عندهم، يعرفه وكيف لا يعرفه وهو كفيلها!
وصل إليه عبدالله ثمّ مد يده ليصافحه، وهو ردّ عليه بما أراد، بشكلٍ باردٍ وغير مُبالٍ به، ولمَ قد يبالي بمن لم يُرده؟
هتف عبدالله بهدوء : أدهم السامي
أدهم بحاجبٍ مرتفع وهو يحاول تحليل معنى أن يخرج عبدالله دونًا عن إلين : سم
عبدالله : تفضل … حاب أحكي معك شوي
أدهم ببرود : ما أشوف لهالإشكاليات داعي .. أعتقد إنك عارف ليه أنا جاي!
أومأ عبدالله ببرودٍ مماثل، ثم لفظ : وتتوقع بعطيك ياها كِذا بكل بساطة
ازداد ارتفاع حاجب أدهم في سخرية : وعلى أي أساس تمنعني؟
عبدالله بحدة : على أساس إنّي أبوها
زفر أدهم بضجر، ثم رفع هاتفه ينوي الإتصال بها لكن عبدالله منعه حين سحب هاتفه بلطف : ماهي راده عليك … جوالها عندي
ارتفع حاجبيه معًا هذه المرة، بعينين اتسعتا كعيني صقر، أولًا لوقاحة عبدالله في أخذه للهاتف، ولما سمعه ثانيًا، ما معنى ذلك؟ أيريد منعها من الذهاب معه؟؟؟
احتدت ملامح أدهم وهو يهتف من بين أسنانه : شكلك منت ناوي على خير
كان تقييم عبدالله في بادئ الأمر حين رآه غير ثابت، فشكله كمواطنٍ عادي في الثلاثينيات بملابس مرتبةٍ أنيقة، وهو يريد تقييمه عن قرب، بالحديث معه والسؤال عنه، فكيف له أن يجعلها تذهب مع شخصٍ لا يعرف كيف هو ولا طبيعة الحياة التي يعيشها؟
جاءه الإنطباع الأول في تشابكهما الآن .. إنسانٌ به من البلادة والوقاحة الكثير، وهذا الإنطباع لا يُشجع.
عبدالله بصوتٍ لطيفٍ بعض الشيء لكنّ الجدية والصرامة به طغت ليستشعر أدهم الوقاحة والإندفاع عوضًا عن اللطافة : غلطان .. الأب لما يفكر في مستقبل بنته ما يكون ناوي على شر
أدهم بوقاحة وهو يسحب الهاتف من كف عبدالله المُتدلية : شكلك كذبت الكذبة وصدقتها … تراك في النهاية مجرد كفيل لها وأنا اللي المفترض يكون الوالي عليها
عبدالله بنبرةٍ لم تتغير أو تهتز : غلطان … العلاقة بيننا ماهي محصورة على كفيل ومكفول … عوضًا عن كونها عايشة عندنا اثنين وعشرين سنة هي بنتي بالرضـــاع
اتضحت الصدمة على محياه، ولم تخفى تلك الصدمة عن عيني عبدالله الذي ابتسم بلطفٍ وهو يضع يده خلف كتف أدهم يحثه على المسير : أدخل وخلني أتعرف عليك عن قرب …. ومنها أتفاهم معك


,


جلست على السريرِ بعنفٍ بعد ان انهت جولتها ذهابًا في الغرفةِ وإيابًا، حبسها، منعها من الخروج من المنزل، منعها حتى من هاتفها كي لا تتصل.
تدرك لمَ يفعل ذلك، وليست حاقدةً عليه أو غاضبة، تدرك انه يريد منها المكوث أو التأكد من طبيعةِ حياة عائلتها اللذين رموها سابقًا، وكيف عساه يثق بأناسٍ تخلو عن ابنتهم في السابق؟
فركت عينيها الذابلتين بغصة، لا تريد البقاء هنا وكيف عساها التفكير في ذلك، إن علم بحياةِ أدهم فسوف يمنعها من الخروج، لن يرضى، لكنها تريد أن تذهب معه، تشعر بالأمان يختلجها إن هي فكرت بالذهاب معه، لن يؤذها، وشعورٌ عنيفٌ داخلها يؤكد لها ذلك، شعورٌ عظيمٌ داخلها يخبرها بأنّ حياتها مع أدهم ستكون أفضل.
لكن ماذا عن والدها؟ أيعقل أن يتقبلها كما تتمنى؟ … لكن لا يهم الآن، المهم أن تخرج من هنا مع أدهم الذي تحتاجه وبشدةٍ في هذه المعمعة.

في الأسفل
جلس أدهم بجانب عبدالله تفصل بينهما مسافةٌ لا بأس بها، وعيني أدهم تنظر لعيني عبدالله كصقرٍ مُستعدٍ للهجوم في أيّة لحظة، حذرٌ كعادته، لا يثق بسرعة. وذاك كان ينظر إليه بهدوءٍ دون تعبير ما.
بادر أدهم بالكلام أولًا : ما يهمني إذا كنت أبوها بالرضاع جد والا لا … أظنك تدري إنها تبي تطلع معي بكامل إرادتها، ومافي شيء يمنع هالشيء
صمت عبدالله للحظاتٍ قبل أن يهتف بهدوء : ومافيه شيء يسمح لك قانونيًا بأخذها … تواجدها معك راح يثير الفضايح لأنه مافيه أوراق رسميّة تثبت إنك أخوها … والا!!
رفع أدهم إحدى حاجبيه دون مبالاة، لا يهتم لكل تلك الإشكاليات القانونية ولا يعيرها أيّ اهتمام.
قبل أن يرد باغته عبدالله بسؤاله : وأبوك وش نظرته للموضوع؟ هو يبيها ترجع له والا شلون؟ ما أشوف إنّ قرارها وقرارك كافي .. ولو كان موافق على هالشيء كان أثبت إنها بنته قبل، هذا يثبت إنّ الموضوع من راسكم انتو الإثنين
بلل أدهم شفتيه ثم أصدر تأفأفًا أعطى انطباعًا آخر عنه، من قد يكون بردات الفعل هذه عند حظرةِ موضوعٍ حساسٍ كهذا؟ … تنهد بيأسٍ والواضح أنّ أدهم رجلٌ لا يحتمل المسؤولية.
قطب عبدالله جبنه قبل أن يسأله : ليه ما جيت من قبل عشان تآخذها؟ تحديدًا وقت ما عرفت بعلاقتك الحقيقية فيها؟
فهم أدهم ما يرمي إليه عبدالله، أي أنه لم يكن مهتمًا لها، يريده أن يظهر على حقيقته ليجد حجةً أقوى في منعه لأخذها، لكن أيوجد كأدهم في التلاعب في الكلمات؟
هتف بثقةٍ باردة : تعلقها فيكم كان يمنعني، شلون آخذها وهي ماتبي إلا تكون وياكم؟؟
بس الحين صار الوضع تحت يدي … مدري وش سويتوا لها حتى تفضلني عليكم
انعقد حاجبي عبدالله بانزعاج، كلامه صحيحٌ ومقنع، خصوصًا أنّ ظهور الحقيقة الثانية جاءت بعد ما حدث.
زفر بضيقٍ وهو يشد على قبضتيه في تفكيرٍ لم يطل، ثم رفع رأسه لينظر لأدهم بحدةٍ صارمة : بس هي كلمة أخيرة بقولها لك يا أدهم ، حاليًا ما أقدر أسلمها لك، مو بهالطريقة وأنا ما أعرف عنك أي شيء!
وبرضه مافيه إثباتات قانونية تعطيك الحق في أخذها
أعتذر … بس مرادك ماهو عندنا ممكن مؤقتًا ، وممكن للأبد
وقف أدهم بغيظٍ وهذا الكلام كلّه لا يستصيغه، وكيف له ذلك وهو يحتاج إليها في هذا الوقت أكثر من أيّ وقتٍ آخر؟ كيف عساه الرضا بما يقوله هذا الرجل وهو يشعر أنه وحيدٌ بالقدر الذي يجعله يُخاطر ليأخذها معه؟
هتف من بين أسنانه بحدة : كلامك ما يمشي معي دام كلامها يخالفه، إذا هي تبي تكون معي مالك شور عليها
رفع عبدالله حاجبًا : تراني مسؤول عنها حاليًا
أدهم بتحدي : أنا أخوها
ابتسم عبدالله ابتسامةً لا معنى لها : بدون إثباتات ، وأنا أبوها بالرضاع
لوّح ادهم بكفه في الهواء هاتفًا بحدةٍ ساخرة : ياشييييييخ … ولو ، مالك عليها صلاحيات
وقف عبدالله بهدوءٍ ليقول بنبرةٍ مُنهيةٍ للنقاش : انتهت الزيارة ، أتمنى تطلع من هنا
زمّ شفتيه في حنق، وحين همّ بالرد بصوتٍ عالٍ سبقه عبدالله الذي هتف بغلاضة : على فكرة، أبي منك إثبات إنك ولد رقيّة وعبدالله ، يعني بيكون الوضع مختلف لو ..
قاطعه أدهم ببرود : فاهمك … بس رقيّة ماهي أمي، هي مرة أبوي، والوالدة الله يرحمها صارت عند اللي خلقها
صمت عبدالله للحظاتٍ وعيناه ضاقتا، ثم عضّ طرف شفته وهو يهتف بحذر : وإلين تدري؟
رفع أدهم كتفيه مُجاريًا له : وأنا شدراني بعد! كل أسئلتك هذي ما تهمني، واترك إلين تنزل ، كلامك ذا لا يودي ولا يجيب
ضوّق عينيه دون رضا، ثم هتف : تدري وش معنى كلامك؟ هالشيء بيخلي الوضع مختلف، ممكن تكون تهمة أبوك صادقة وإلين ماهي بنته، هنا ماراح تكون أخوها ولا لها حق عليك
ارتفعت زاوية فم أدهم في ابتسامةٍ ساخرة، مللٌ أصابه من هذا الحديث الذي لا طائل منه، وكلّ ما يريده هو تلك، أن تذهب معه، وهذا الرجل يبدو أنه لن يُسهل عليه الأمر.
هتف بفحيحٍ أشبه بفحيح الأفعى، بصوتٍ اتضح به فقدان الصبر : طيب .. أشوفك حاشر خشمك بزيادة، بس ماعليه، بنعطيك على جوّك
إذا تبينا نتقابل بكرة ونتأكد في المستشفى فما عندي أي مانع، بالعكس، راح أتسلى كثييييير
رفع عبدالله حاجبًا : الموضوع ما يحتمل تسلية ، وواضح إنّك إنسان غير مبالي وهالشيء ما يحمسني أعطيك بنتي
ضحك أدهم بخفوتٍ ساخر، ومن ثم هتف : وكأني جاي اخطب، مو جاي آخذ أختــي
شدد على الكلمة الأخيرة ليهتف عبدالله بصوتٍ استشعر أدهم منه فقدان الأعصاب : لو كان هالشيء حاصل ، ماكنت بتشرف أعطيك وحدة من بناتي
ضحك أدهم بصخب، ثم رفع إحدى كفيه يغطي بها عينيه ورأسه يتحرك يمنةً ويُسرةً أثناء ضحكه. بينما عبدالله بقي صامتًا ينظر إليه ببرود، لا يرتاح له، والآن أصرّ على منع إلين من الذهاب معه، ولو دفعه ذلك للقسوة عليها.
نظر إليه أدهم بتحدي بعد أن أنهى نوبة ضحكاته، وبكلمةٍ واحدةٍ ارتفع بها الأدرينالين في جسد عبدالله : متأكد؟؟؟
شد عبدالله على أسنانه يكبح انفعالاته قبل أن يندفع ليلكمه على فمه الوقح ويُكسّر أسنانه، أيعقل أنّ إلين كانت لتذهب مع رجلٍ كهذا؟ أيعقل أنها كانت لتعيش مع شخصٍ وقح ولا مُبالي كأدهم؟؟؟
هتف بحدةٍ والإستفزاز تجلى على صوته : احترم نفسك يا أدهم، ما ودي أغلط عليك في بيتي
تحرك أدهم دونَ مبالاة، ثم هتف بجملةٍ واحدةٍ جعلت عبدالله يقرّ بطيشه وعدم مسؤوليته : شوف لي طريق


,


الواحدة ظهرًا.
سحبت النقاب ومن ثمَ الخمار وهي تشعر بالإرهاق والقرف من نفسها، بقيت تنتظر طويلًا تحت الشمس حتى جاءها سيف، ومن عظمة غيظها صرخت في وجهه حين صعدت للسيارة : زميلاتي مستغربين ليه ما أروّح مع سواق دام زوجي مشغول بدوامه ، ساعة أنتظرك حتى إنّي رفضت أروّح مع وحده منهم والسبب نفسه ... انت
وقتها لم يلفظ بحرفٍ وتحرك مُبتعدًا عن الروضة، حتى وصلا إلى المنزل ليُمسك عضدها قبل أن تنزل هادرًا بهمس : لو ما رفضك للروحة مع زميلاتك كنت كسرت راسك على صراخك في وجهي .. بس هالتصرف الحكيم منك شفع لك
لم ترد عليه وقتها بل سحبت نفسها ببطءٍ لترتجل عن السيارة وتدخل، والآن هاهي لا تريد سوى الدخول للحمام والتنعم باستحمامٍ مُنعش، لذا أخرجت ملابسها لترميهم على السرير وتدخل مباشرةً حين سمعت صوت الباب الخارجي للجناح، فهي لا تريد الإصطدام معه.
دخل هو ليكون دخوله في الوقت ذاته الذي اطبقت فيه باب الحمام، ليبتسم بسخريةٍ ثم خلع ثوبه وعلّقه، ومن ثمّ اتجه للسرير ليرمي بجسده عليه وهو يشعر بأنّ جسده مرهق، ولم يلبث سوى دقائق حتى غرق في نومه.
خرجت بعد مدةٍ وهي تجفف شعرها، ثم اتجهت للمكان الذي رمت فيه ملابسها لتنتبه لجسده النائم بإرهاقٍ بادي على ملامحه بالرغم من نومه .. اقتربت منه ببطءٍ ثم رفعت اللحاف لتُغطيه عن التكييف البارد، وتبقى بحنانها وطيبتها معه بعد كل شيء، وليته يستحق.
توقفت يدها عند صدره فجأة، وعيناها تعلقتا بملامحه، تعلقتا بتضاريس وجهه القاسية، حاجباه ليسا في استرخائهما، حتى وهما نائمان لا يفكان تعقيدتهما، وكأن الغضب والقسوة لا يبارحانه حتى في منامه، أيحلم أنه يخاصمها أيضًا في حلمه؟؟
كشرت بغيظٍ لتلك الفكرة، ولمَ لا! فهي تتوقع أيّ عجبٍ منه، تتوقع أيّ أمرٍ فهو سيف، رجل العجائب في الغضب والقسوة.
تأفأفت بضيقٍ وهي تمرر سبابتها على حاجبيه مرارًا ومرارًا، وكأنها بذلك تريد منهما أن يسترخيان، أمثله يسترخي جزءٌ منه وهي التي بالرغم من أنها تغرقه في حبها إلّا أنه يبقى كما هو، بقسوته وبجاحته!
سحبت يدها فجأةً وهي تهزّ رأسها دون فائدة، وأنت يا سيف الذي لا يرضيك شيء، لا يرضيك سوى العنجهية والسيطرة، امبراطورٌ أنت في القسوة، سيد الحضور والجاذبية حين تكون متواجدًا.
زمت شفتيها بقوةٍ وهي تتراجع فجأة، بحنقٍ من نفسها التي اتجهت لمحورٍ آخر في خضم قهرها منه.
ابتعدت عن السرير ثم مدت يدها لتتناول ملابسها التي كانت متطرفةً في السرير ثم خرجت بعد ان أغلقت الأنوار.


,


عاودت العناد، والجوع انتصر عليها حتى رمت باتفاقهما وأوامره عرض الحائط، لتخرج من الجناح مُتجهةً لأقرب مطعم، لم تطل في خروجها لخوفٍ غريبٍ دفعها للعودة بعد ساعةٍ تقريبًا، ربما خوفٌ من غضبه، بل بالتأكيد لذلك.
اليوم تأخر في العودة، وخروجها كان في الثانيةِ والنصف، والآن الساعة أصبحت الثالثة والثُلث، بالتأكيد سيكون عاد، أو ربما اقترب من العودة، وكم تتمنى أن يكون الخيار الآخر.
زفرت بارتباكٍ حين أصبحت أمام باب الجناح، ثم أغمضت عينيها لثوانٍ قبل أن تفتحهما وترسم عليهما إصرارًا وقح!
ودائمًا ما يتجلى هذا السؤال في عقلها، لمّ تخاف منه؟ ما معنى أن تخاف منه إلى هذا الحد؟
زمّت شفتيها ثم أخرجت المفتاح الآخر من حقيبتها، مفتاحٌ تحمله هي ونسخةٌ أخرى يحملها سلطان . . فتحت الباب، ثم دخلت بحذرٍ وهي تتمنى ألا يكون متواجدًا، لكن خاب رجاؤها.
توقف في مكانها للحظاتٍ وهي تراه جالسًا على إحدى الأرائك، ينظر لهاتفه بغضبٍ وشتائمٌ لشخصٍ مجهولٍ تسللت إلى أذنيها.
ابتلعت ريقها، يبدو أنه في مزاجٍ سيء، ورؤيته لها لا يصبّ في صالحها، لكن من المحال أن تدخل دون أن يراها، لذا من الأفضل أن تبدو أشد قوة.
لم تطل في تفكيرها، فهو قد شعر بتواجدِ أحدٍ ما ليرفع رأسه، وما إن رآها حتى قطب جبينه باستغرابٍ للحظات، يحاول تحليل سبب دخولها الآن، وسبب حملها لحقيبةٍ في يدها . . . خرجت دون إذنه!!!
ثم سرعان ما جحظت عيناه بغضب، وهو الآن غير مستعدٍ لأي استفزازٍ من أي أحد.
هتف من بين أسنانه بوعيد : وين كنتِ؟
أدركت انه للتو عاد، ولم ينتبه بعد لعدم تواجدها حتى رآها، تمنت لو أنها عادت قبل لحظات، لو أنها فقط أسرعت قليلًا، وفي ماذا تفيدها لو! هاهو الآن متواجدٌ أمامها، يستجوبها بعد أن علِم بخروجها، وهي يجب أن تكون اكثر ثباتًا و - وقاحة -!
حركت يدها في الهواءِ دون مبالاةٍ وهي تجيب ببرود : رحت أتغدى
انتفخت أوداجه، وعيناه كانتا مُشبعتان بالشرّ كفايةً قبل دخولها، والآن ازدادتا شرًا، جاء الآن من يفرغ غضبه به، جاء هذا الشخص بقدميه، هي من جنت على نفسها بتصرفها الأهوج، ولتحتمل ما سيصيبها.
وقف بهدوء، لتنتشر رعشةٌ طفيفة في جسدها، لا يبدو بحالٍ طبيعية، عيناه ليستا بعينيه التي اعتادت، نظراته تحمل آخر غير سلطان الذي اعتادت … مابه!!!
ارتباكٌ هزّ جسدها في رعشةٍ خائفة، تحركت بسرعةٍ تنوي الذهاب لغرفتها، بخوفٍ اتضح في عينيها أخيرًا لتختفي وقاحتها الأولى، بذعرٍ جعلها تتحرك آليًا تنوي الهرب .. لكن لا . . . وصل إليها الوحش.


,


تتحدث في الهاتف بحرج، ومن تُحدثها الآن هي ام زوجها، أو من الأفضل القول، - أم زوجيها -
قطبت جبينها وهي تشعر بالحقارة لتفكيرها بهذا الشكل، لكن ماذا بيدها؟ هم من أجبروها على هذه الأفكار الساقطة، هم من جعلوا منها خائنةً لاثنين.
عضت طرف شفتها وهي تهمس برجاء : لازم خالتي؟
علا بإصرار : أكيد .. والا شتبغين الناس تقول عن شاهين؟ ما جاب لمرته شبكة؟
تنحنحت بارتباكٍ وفكرة أن تذهب معه تؤرقها، يكفي تلك المرتين ولا رجاء عندها لتُعيدهما، مرةً خرجت معه ليتناقشا كما يسميها هو، وأخرى حين أخذها للمشفى، ولا داعي للقول بأنّ كلاهما - مأساةٌ - في زحزحة ذاكرتها ومشاعرها بشكلٍ غير لائقٍ كونها مُتزوجة.
أسيل بهمس : طيب خليه هو يآخذها بذوقه، مو لازم ذوقي
علا بإصرارٍ أشد : قلت مع بعض .. كذا أفضل وأضمن لرضاك
أسيل بصوتٍ يائس : ضامنه ذوقه
علا : وكأنك تعرفيه؟؟
تنهدت باستسلام، وكم تكون ضعيفةً حين يصبح الكلام مع أعزاء على قلبها كوالدة متعب!
يا الله! . . حتى عند تلك النقطة هي خائنة، هي والدة شاهين أيضًا فلا داعي لتفكيرها العنصري الآن، لا داعي ليكون تفكيرها محصورًا في نقطةِ الماضي.
لكن ما عساها تفعل؟ ما عسى أن يكون بيدها إن كان ماهو ملكٌ لشاهين يكون ملكًا لمتعب أيضًا؟ وما ذنبها إن كان تفكيرها بمتعب يحتلّ مساحةً أكبر في عقلها!
تعبت يا الله بالقدر الكافي لتكون حقيرةً في عين نفسها أكثر من عين غيرها، تعبت من جفاف تفكيرها الدائم في شاهين كصحراءٍ خاويةٍ من الماء، بينما متعب واحة! واحةٌ معطاء، يحتل تفكيرها لتبتسم، وإن كانت ابتسامتها في أغلب الوقت حزينة، إلا أن ذكراه تكفيها لتبتسم.
همست بضعفٍ واستسلام : أبشري يا خالتي … لك اللي تبينه، إن شاء الله أكون جاهزة قبل لا يمرني
ابتسمت عُلا برضا، ثم ودعتها لتُغلق الهاتف وابتسامةٌ واسعةٌ ارتسمت على شفتيها، وفي تلك اللحظة كان شاهين يدخل ويلقي السلام، لترد عليه بلهفةٍ ابتسم لها، وسعادةٌ عشوائيةُ المدى تُغلفه حين يرى التجاعيد حول فمها وعينيها تزداد لابتسامتها، أوليست أجمل النساء في عينيه؟ أو ليست الدنيا بما فيها؟
والأم سعادةٌ لا اثنان لها، حلمٌ في صحوةٍ لا منام، معزوفةٌ ترددها كناري السعادة والحنان.
وأنتِ أيتها الأمُ سعادةٌ سرمدية تحجّبت بالحنان.
شاهين بابتسامة : وش عندك يا الغالية؟ أشوفك مبسوطة


,


بظاهر كفها تُغطي عينيها، والكمادات التي كانت على جبينها سقطت بجانب رأسها على الوسادة، تتنفس من فمها المفتوح ونومها مُتذبذبٌ للإرهاق الذي تشعر به.
شعرت به يجلس بجانبها، لكنها لم تبدي أيّ ردة فعلٍ تثبت أنها شعرت به، ليس تجاهلًا بقدر ما كان إرهاقًا للحد الذي جعلها لا تنظر لوجهه حتى.
نظر إليها للحظات، ثم مد كفه ليُلامس عنقها بظاهر أنامله، بينما هي ارتعشت لبرودة بشرته بالنسبة لها، وشعورٌ غريبٌ داهمها.
هذه الكف! ليست كف فواز! ليست لفواز، إنها أخرى غير ملمس كفه … هذه الكفُّ ذات ملمسٍ خاص، ناعمةٌ في وطأتها على قلبها، حنونةٌ في مسحها على الجراح … تعرفها، تعرفها جيدًا وكيف عساها لا تعرفها وهي كفه، كف والدها!!
نبضَ قلبها بقوةٍ وحنين، وأمانٌ عجيبٌ غلف روحها، أمانٌ لا يشعر به المرءُ إلّا مع من لهم مكانةٌ خاصة، خاصةٌ جدًا لا ينالها أيّ بشري.
شعرت بأنّ دموعًا احتبست داخل عينيها، أحرقت مغلتيها، وغصةٌ داهمتها اشتياقًا لجوّ العائلةِ الذي فقدته بما اقترفته يداها، لكنها وبالرغم من شوقها له لم تفتح عينيها، لم تنظر إليه ولم تبكي في أحضانه.
يا الله، كم أن وجع هذه اللحظة بات قويًّا على قلبها، كيف عساها تحتمل أن تكون بقرب من تحب ولا تستطيع أن تنعم بحنانه؟ كيف عساها احتمال هذه الفجوة التي تمتد وتمتد دون توقف؟
استدار يوسف إلى فواز هاتفًا بقلق : ما أخذتها للمستشفى؟
فواز بهدوءٍ ويداه مُكتفتان أمام صدره : توني كنت راجع آخذها قبل لا ألاقيك في طريقي
أعاد يوسف نظره إليها ثم إليه في قلقٍ واضح : قست درجة حرارتها؟
أومأ فواز ثم لفظ : 38 ونص، ويمكن خفّت بعد الكمادات
تنهد يوسف لينظر لابنته مطولًا، هل كان قراره خاطئًا حين تركها؟ هل آذاها بذلك أم العكس؟ لمَ يرى الذبول نحت وجهها أكثر من ذي قبل؟ ولمَ يستشعر الضعف في ملامحها؟
تهدل جفناه وهو يعضّ طرف شفته بتفكيرٍ عقيم، يثق بفواز كثيرًا، لكن أتكفي الثقة؟ أتكفي تلك الثقة ليجعلها في عهدته؟ أتكفي ليتوكل عليه في رعايتها؟
تنهد بضيقٍ وهو يشعر بأن الأفكار تتأجج في رأسه دون أن تنطفئ، دون أن تريحه بزوالها أو ركودِها.
انحنى قليلًا ليُقبّل جبينها بحنانٍ بالغ، وهي كانت تُحاربُ غصاتها بأقصى ما تملك من طاقة، بأكبرِ قدرٍ من الكبرياء، أوليست هي التي طردها وقلعها من جذور حياته؟ إذن لمَ قد تبكي الآن أمامه؟ ولمَ قد يهتم هو لها بعد كل ما فعل؟
بقيت على سكونها حتى ابتعد، ثم استدار لفواز بهدوءٍ ليهتف : انتبه لها يا فواز تراها غالية
فواز : لا تحاتي يا عمي … في عيوني
صمت قليلًا وهو يُشتت نظراته، ثم عاد ينظر إليه ليردف : يعني منت ناوي …
قاطعه يوسف : قلت لك من قبل … هذا أفضل لها
تنهد فواز بيأسٍ وهو يومئ برأسه دون معنى، بينما تحرك يوسف ينوي المغادرة، بعد أن نظر لجيهان المُتصنعة للنوم لثوانٍ ومن ثمّ ذهب ومن خلفه فواز.
اجتذبت الأكسجين بنهمٍ لتطلق لدمعاتها العنان، وكفها ابتعدت عن عيناها لتتابع باب الغرفة المفتوح دون أن يكونا أمام مرأى عينيها. غالية؟ أيقول أنها كذلك في قلبه وهو الذي لا يفهم معنى الكلمات؟ لا يؤديها حقها الكامل ولا يُدرك المعنى الكامن خلفها؟
وكيف عساها تكون غاليةً على قلبه وهو آذاها بأشدّ ما يمكن؟ كيف عساها تكون ذا مكانةٍ عنده وهو الذي أبكاها حتى هذه اللحظة؟
والوجع لا يكون أشدّ إلّا إن كان سببه عزيز، لا يكون أشدّ إلا إن استسهل إطلاقه قريبٌ كـ - أب -


,



صرخت بصوتٍ مكتومٍ وهي تشعر أنّ قبضته ستحطم عضدها لا محالة، كان غاضبًا بالقدر الكافي ليفقد عقله في هذه الأثناء، غاضبٌ بالقدر الكافي لينتشل الأمان من روحها ولينتشل كل فكرةٍ في رأسها تنمّ عن اختلافه، كان غاضبًا بالدرجة الكافية ربما … لضربها!
همست بألمٍ والذعر يرتسم على ملامحها، بصوتٍ لم يخفى عليه الندم، وكم تمنت في هذه الأثناء لو أنها تحاملت على جوعها ولم تخرج، لو أنها لم تُيقظ وحشًا كالذي أمامها : سلطان … قاعد تعورني
شدّ على عضدها أكثر غيرَ مُبالٍ بألمها، والغضب المُتصاعد داخله انعكس سلبيًا على تصرفاته، على نظراته، على ملامحه التي باتت مرعبةً لعينيها.
زمجر بغضبٍ وصوتٍ فقد حلّته التي كانت في الأيام السابقة : غلطتي وقت عصيتيني في يوم مثل هاليوم
ابتلعت ريقها بصعوبةٍ وهي تشعر أنها تبتلع أسيدًا من شدة حرارة الخوف التي باتت تسري في جسدها، إنه مرعب! مرعبٌ حين يغضب، تشعر انه ليس من البشر في نظراته، وكأن الشرّ كلّه كمن في عينيه، وكأن الخير تلاشى، وماذا كانت تظن؟ أكنت تعتقد أن هناك خيرًا فيه؟
كانت تعلم منذ البداية أنّ طيبته لم تكن سوى تمثيلٍ أحمق، لم تكن سوى تصنعٍ منه، والآن هاهو يثبت كل ما كانت تُدركه منذ البداية.
لم تكن تقدر على النظر لوجهه مطولًا، لذا كانت نظراتها مُتمركزةً في الأسفل وضعفٌ أصاب جسدها، تُريد الهرب، تُريد الإبتعاد عنه، لكن كيف عساها ذلك وقبضةٌ حديدية تُكبّلها.
مضت الثواني في صمتٍ مُهيبٍ، فقط أنفاسها الخائفة وأنفاسه الغاضبة ما يشرخان السكون، لمَ هو صامتٌ الآن؟
قطبت جبينها باستنكار، لكن لم يكن لها الجرأة لترفع رأسها وتواجهه بنظراتها الخائفة والمستنكرة، لم تكن لها القدرة لتنظر في ملامحه، بينما هو تحولت نظراته الغاضبة إلى ملامحها فقط …. باشمئزازٍ ونفور.
ترك عضدها فجأةً بعد أن كادت تفقد شعورها بتلك المنطقة، ويده الأخرى اندفعت بخفةٍ ليقبض على فكها بقسوةٍ رافعًا لرأسها حتى تواجههُ بعينيها اللتين اتسعتا صدمةً وذعرًا، وكم بدا الإرتعاش على شفتيها مُثيرًا للشفقة، لكن ليس له وفي هذه الأثناء.
سلطان بغيظٍ وهو ينظر لملامحها السمراءِ بكرهٍ عجيبٍ ظهر بعد الذي واجهه في يومهِ هذا، ظهر لاتصالها بمن كان لهم الذنب لما هو فيه : كنت غبي … يوم قلت مالك ذنب، مالك علاقة باللي اقترفه غيرك ، وما كنت حاسس بطيبتي البايخة اللي خلتني ابتعد كثير عن حقيقة كونك …. دمك من دمهم!
زمت شفتيها تحاول قمع ارتعاشهما، ثمّ أغمضت عينيها بقوةٍ وهي تحاول دفع خوفها منه، لمَ تستمع إلى كلماته دون أن ترد؟ من يكون هو ليُخرسها ويجعلها تبدو بهذا الضعف المُثير للشفقة أمامه.
عادت لتفتح عينيها، ونظراتها تحولت من خوفٍ إلى تحدٍ كاذب … كاذبٍ فقط بينما الخوف لازال ساكنًا في قلبها.
غزل ببحة : من دمهم؟ قصدك من دم أبوي بس … بينما الدم الثاني انت اللي حامله، دم سلمان!!!
شدّ على فكّها أكثر لتتأوه ألمًا، وملامحه أصبحت أكثر احتدادًا وقسوة، أكثر نفورًا منها.
غزل بحدةٍ مُتألمة : بعد يدك
عضّ طرف شفته وهو ينفضها بعنفٍ عن قبضته، وبحدةٍ غاضبة : انقلعي غرفتك
مسحت على فكها بألمٍ اتضح على ملامحها، ثم نظرت له بقهرٍ ليُعيد من بين أسنانه : انقلعي غرفتك قبل لا أغلط وأمد يدي عليك!
تحولت نظراتها لازدراءٍ قبل أن تلفظ بحقد : ما يهمني تمدها أو لا … لأني صرت واعية ومؤمنة إنّ بهالعالم ما عاد فيه رجاجيل
رفع حاجبه دون أن يرد، بينما صدّت عنه لتتجه لغرفتها وحقدها هذه المرّة تضاعف، وقد أيقنت بعد ما حدث الآن أنّ لا رجاء في أيّ آدمي.
كلهم من نفس الصنف، مخلوقاتٌ بشعة لا رحمة في قلبها، بل لا قلب لها من الأساس، عاشقون للسيطرة مُحبون للهيمنة، مخلوقاتٌ تعشق الإمتلاك ساديةٌ لا أمل في طيبتها.
وسلطان غير مختلفٍ عنهم.


,


تقف أمام الخزانة بشرود، دون أن تكون منتبهةً للصوت المُنادي لها، الساعة الآن أصبحت قرب السابعة والنصف مساءً، ويداها المُتلهفتان تتفقدان ما قد يُثبت حملها لجنينٍ ما في رحمها من عدمه.
فقدت الإنتباه وخيالها ذهب للبعيد، وفي تلك الأثناء وفي غمرة انشغالها بخيالاتها دخل سيف : وينك؟ ساعة أناديك؟؟؟
انتفضت فجأةً وشهقةٌ خافتةٌ تسللت من بين شفتيها، وقد كان ظهرها في تلك الأثناءُ يواجهه، لكن إن اقترب، فسيرى مافي يدها بالتأكيد.
يا ويلها! سيموت حلمها في مهده إن هو كشفها الآن، ستنتهي سعادتها إن هو علم في هذه الأثناء.
الهواءُ خانها حتى باتت تشعر بالإختناق، لا أكسجين اندفع إلى رئتيها، الخوف باغتها ليحتلّ قلبها، عيناها اتسعتا ذُعرًا.
عُد، عُد من حيث أتيت، لا تقترب الآن … لا تقترب!!

.

.

.

انــتــهــى
اللهم لا إله إلا أنت سبحانك إنّي كنت من الظالمين

إن شاء الله يحوز هالجزء على إعجابكم
مع إنّي راجعته بس حاسة إن باقي فيه أخطاء إملائية فادحة




ودمتم بخير / كَيــدْ !




كَيــدْ 21-09-14 02:52 AM

رد: قيودٌ بلا أغلال عانقت القدر القيد التاسع عشر
 



كدوووو انا احبك....
عنجد البارررت الاسبوعط افضل بكثير من بارتات شبه يوميه.. وكميه الاخداث فيها افضل بكثيييير.. احس في هالبارت استمتعت اكثر بكثير من ااببارتات القصيرة... هههه ومش راح اقول ولا شي عن ديما وسيف>>>فيسي المؤدب..
- الحمدلله إنّه في عيونكم أفضل :$ ههههههههههه زين خليك على فيسك المؤدب طول محنا في الرواية أوكي! <- فيسي المتعجرف لوووول

اول شي نجي لجيجي وفواار : فوواز بدا بالمعاتبه الخين.. صحيح ان رفض جيجي للتبليغ عن السايق صعب بس مو لدرجه بشك فواز فيها!! الحادثة ه صعبه عليها جددددا ورفضا ما كان الا لخووفها الشديد لا أكثر .. وفواز كان لازم يتفهم هالشب
- بديهيًا لو بنت قامت تدافع عن شخص تحرش فيها اول شيء بيخطر في بال أي أحد إنها متعاونة معه أو لها دور في تماديه
وطبيعي إنّ فواز بيفكر بهالشيء قبل خوفها


سليماااان: مممم يمةن في البارتات السابقة كنت متأمله خير في سليمان اما الخين فانا اتاكدت ان سليمان مجررم خطير ما ليهمه الا حااله.
سلطان:الله يصبرك على مصابك يا اخي... بس تسمعش لكلام سليمان بقوله امك ضعيف.. هالمشاعر اللي انت بتمتع بها هي الشي الوحيد اللي بيفرق بين الانسان وبين مجررررم قااتل زي سليمان.. اذا انعدمت الرحمة في قلبك ايش راح يفرقك عن سليمان وقتها؟!!!.
غيدا: هالبنت لازم حد يوعيها فبل ما تروح فيها من ورا ساارة وغيرها

الين : الله يصبررك ويعينك.. يا خوووفي يخيب املك ادهم عالمزبووط..
جنان: اذا صاحب العينان المخيفتان خالها.. شو السر ورا اللي حكاه ابوها... وليش هالخقد كله بعيون خالها.....
شااهين: ياعيني يا برنس لما تبدا اتكتك وتخطط هههه حلال عليك والله...
ارجوان&عنااد: هنوو احس انك بتجنبس الحكي عنهم عشان لما يلتقوا رااح ياكلوا الجو عن كل اولادك فانتي الحين متجنبيتهم لحتى يجي وقتهم>>> فيس مصر انهم كابلز
- هههههههههههههههههه والله إنّ أرجوان هذي زوجتوها لأكثر من شخصية في الرواية
خلاص عافت الزواج على هالحال ههههههههههه

ديمة يا قلبي زياد طفل ما له ذنب بالكراهية اللي بتشعريهد رجاهه.. كله من ابووه هههه انتي موجهه مشاه ك للاتجاه الغلط.. يعني بدال ما تكرهي زياد اكرهي ام او حتى ابو زياد >>>>فيس اصلاح ذات البين خخخخخخخ
- ههههههههههههههههه مالت على فيسك الإصلاحي
الحين تبينها تحب ولد الناس وتكره زوجها؟؟
يا شين اصلاحاتك بس :""


كدو بجد استمتعت جدا بقراءه بااارت اليوم..
وهالبارت الاسبووعي كان لازم يكوون من زمان عشان يكون للاحداث طعم اخر...
بانتظار القادم
تقبلي مروري
سلاااام

أهم شيء استمتعتي فيه
وعليكِ سلامٌ من قلبي - قلب -

كَيــدْ 21-09-14 03:07 AM

رد: قيودٌ بلا أغلال عانقت القدر القيد التاسع عشر
 




السلام عليكم كيد يا غالية
- وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته ()

لا اتطمنى حبيبتى مش زعلانة انه المبجل سيف ماظهرش فى الفصل ده !! بالعكس خلى ديما تفتك منه شويتين هههههههه
- هههههههههه ياذا الحقد اللي مقطعك :$ ما نقول غير الله يعينك يا سيوف على دعواتك

لو ليا اعاتبك على شخصية ماظهرتش فهى غزل ... قلتلك انا بدأت احب الثنائى ده .. عجبنى والله ... بس طبعا ليكى كل الحق ... سلطان عنده مصايب الدنيا دلوقتى ومش هيكون فى مزاج كويس يقابل غزل فيه .
- غزل أهوه ظهرت في بارت اليوم
وإن شاء الله ظهورها يعجبك


سلمان ده كل ماقول فيه أمل يطلع برئ يرجع يبصملى بالعشرة انه مجرد مافيش منه اتنين !!! بس مش قادرة افهم ايه معنى كلامه انه محتاج لحياة سلطان دلوقتى ؟؟ مستفيد منه بإيه بعنى ؟؟ ولا عشان ينفى تهم عن نفسه ؟؟
- بتفهمين كلامه في القادم

ليلى عندى أمل لسه انها هتخرج منها .. أما نشوف معاكى !!
- ههههههههههههههه إن شاء الله إنها خرجت ، انتِ بس ادعيلها بالرحمة لووول

فواز وجيهان ... على فكرة انا بأيد فواز جدا فى اللى قاله .. له كل الحق يشك فيها .. انا مش بتهمها ولا بلومها على تصرفها لأنها كانت فى حالة صدمة من اللى حصل واكيد خايفة من ردة فعل ابوها ومن الفضيحة !! بس فى نفس الوقت مالومش فواز على تفكيره خصوصا انه زى ماقال بيتعامل بمنطق ابن العم مش العاشق ... أى رجل فى الموقف ده لازم تركبه الشياطين ويشوف الدنيا كلها سودا قدام عينيه .

وفعلا جيهان أنانية فى كل تصرفاتها ومواقفها .. مع ابوها واخواتها اولا ودلوقتى مع فواز .
- صحيح كلامك ، هو الطبيعي راح يفكر بهالشكل ، عرضه وشرفه وأكيد يهمه
فلـو شاف شبهة في تصرف بنت عمه شلون بتكون ردة فعله!
أكيد مثل ما أسلف


انا ومن مكانى هذا بعلن دعمى المطلق لفواز فى كل تصرفاته مع جيهان خانم ...احم احم بشرط طبعا يبقى قد كلمته ويعرف يعدل موازينها صح وإلا هسحب تأييدى لو حسيته نخ .


اممممممم مين تانى ؟؟

آآآه خلينا فى إلين وابوها ... بصى يا ستى .. تصورى للى هيحصل والمنطقى فى نظرى انه ابوها مش هيستسلم ببساطة لكلامها ويقبل انها تخرج من بيتهم ... اكيد لازم يتعرف على ادهم الاول ويتعرف على العيلة اللى هى رايحة تعيش معاها ، وطبعا لو ادهم صدق فى كلامه يبقى هيعرفوا انه ابوه مات وانه عايش لوحده .. اعتقد ساعتها عبد الله هيرفض انه الين تروح تعيش مع ادهم وهيصر انها تفضل معاهم مع الحفاظ على علاقتها بأدهم .. ده المنطقى فى رأيى لأنه وجود عائلة لإلين مش سبب كافى انه يسمحلها تخرج من بيتهم .. لازم اولا يتعرف على العيلة دى ويتأكد من اخلاقهم ووضعهم " خصوصا انه ليهم تاريخ مشرف برميهم لبنتهمم من سنين " .. ده تصرف اى اب طبيعى ، وهو ليه كل الحق يفرض عليها رأيه بما انه فعلا ابوها .
- تحليل وتوقع ذكي .. برافو عليك
من جد جبتيها بمنطقية وبشكل واقعي، وبديهيًا راح يرفض عبدالله أدهم لحتى يعرفه كويس لأنه صعب يسلم إلين له


نيجى بقى للست جنان الغامضة لحد دلوقتى .. كيد بقولك ايه ؟ ماتخلى ارجوان وجنان يتقابلوا ويتعرفوا ويبقوا اصحاب بقى !! والله حرام عليكى البنتين فى غربة وحالهم كرب وماحدش حاسس بيهم .. وانتى حتى مش عايزاهم يسلوا بعض شوية ؟؟ آآآه يا ام قلب قاسى

هههههههههه سورى واخدانى الحماسة
- ههههههههههههههههههههه عارفة إنّ قلبي قاسي
أصله الكتابة لو اعتمدت فيها على العاطفة بتصير الرواية في خبر كان والأحداث بايخة وخالية من أي صعوبات وعثرات


المهم خلينا فى جنان دلوقتى بما انك لسه مش مديه اى ملامح لحكاية أرجوان ..
ايه قصة أم جنان بقى ؟؟ ازاى غدرت بأبوهم ؟؟ عندى تصور اجرامى كده بس مش متخيله انه ممكن يحصل فعلا .
ممكن تكون ام جنان زوجتها لابن خالها من غير علم جنان وابوها ؟؟ بس مش متخيله ازاى ؟ لأنه ابوها هو وليها الشرعى وماينفعش زواجها بدون موافقته !! إلا لو ده حصل فى فترة كان مريض فيها او حاجه .. خصوصا انى مش فاهمه ايه قصة مرضه بالضبط !!
بس ده مايفسرش نظرات خالها اللى مليانة كراهية !!!
- مممم ممكن تحليلك صحيح وممكن لا
وبالنسبة لقصة مرضه فأنا وضحتها في الأحداث السابقة، صار له حادث تسبب له في عاهة وهذي هي القصة


الموضوع غريب وغامض . بس دماغى مش جايبه تفسير تانى دلوقتى . بانتظار ايضاحات اكثر .


فاضل حد ؟؟؟

آآآه طبعا الاخت غيداء ... بس دى ماليش اى تعليق عليها ... ماقدرش اقول غير الله يحفظك يا بنتى ... ربنا يستر .


سلامات كيد ... بانتظارك ياقمر فى البارت الجاى



ربي يسلم يدينك ()

كَيــدْ 21-09-14 03:32 AM

رد: قيودٌ بلا أغلال عانقت القدر القيد الثامن عشر
 
اقتباس:

المشاركة الأصلية كتبت بواسطة هَتيف (المشاركة 3475481)
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

أبد أبد ماكنت اويه أقرا الرويه الّا إذا أكتملت
بسبب كثرة الكاتبات اللي يسسحبوون أو يتهاونون في أوقات البارتات
بس ماش ماقدرت أصبر على روايتك جداً جداً جمييله وأسلوبك جمييل ..
..
كنت بعلق على الروايه الحين بس قلت لين تنزل البارت وأعلق مره وحده <3
الله يوفقك ياارب , وألف لاباس عليك كدّو ..

وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته ()

نقول الحمدلله انك قريتيها
إن شاء الله ما أكون من الكاتبات اللي يسحبون لأن هالحركة تستفزني كفاية عشان ابتعد عنها

عيونك الجميلة يا ألبي :$
وأنتظر تعليقك اللي راح يسعدني اكيد

شكرًا لقلبك ..

لست أدرى 22-09-14 11:07 PM

رد: قيودٌ بلا أغلال عانقت القدر القيد التاسع عشر
 
حمدا لله على السلامة يا غالية .. شفاك الله وعافاكِ حبيبتى ... آسفه انا جيت متأخرة اساسا فماشفتش الخبر الا بعد مارجعتى .. عودا حميدا


نيجى للبارت الرائع بكل معانيه ... ماشاء الله عليكِ حبيبتى بتتألقى يوما بعد يوم .. بجد بحسك كل بارت بتتفوقى على نفسك اكتر واكتر ... قوة سردك للمشاعر وأسلوبك فى التعبير اللى يخلينا كأننا مكان البطل وحاسين بكل اختلاجات نفسه !!! ماقدرش اقولك غير أبدعتى أبدعتى أبدعتى ...

إلين المتصدرة لهذا البارت سواء فى بدايته .. سواء فى قصتها اللى اتضحت تفاصيلها كاملة ، سواء فى حزنها وقوة ألمها ووصفك الرائع لمشاعرها وجودة اختيار الكلمات .
طبعا عبد الله تصرف بمنطقية تامة ... خصوصا انه لسه مش قادر يستوعب الموقف وبيحاول انه يلاقى ثغرة تنفى الموضوع من أساسه .
السؤال دلوقتى ... ليه رقية دى ظهرت فى حياة إلين مرة تانية ؟؟؟ بتقولها مشتاقة ؟؟؟ أى اشتياق ده من أم كان اسهل ماعندها انها ترمى بنتها للشارع ؟؟ أى اشتياق بتتكلم عنه وهى يادوب جات ألقت عليها الصدمة واختفت من حياتها مرة تانية ؟؟ أى اشتياق ده قولولى بالله عليكم !!! هل دى أم ؟؟؟ خسارة فيها اللقب والله .

بس فيه نقطة .. أدهم بيقول انه أخو إلين من أم تانية .. المفروض البطاقة العائلية بيتكتب فيها أسامى كل الزوجات واسامى كل الابناء وكل ابن منهم هو من أى زوجة .. فليه ده ماظهرش فى البطاقة اللى رقية ورتها لإلين ؟؟!!!!
محتاجه اجابة عن النقطة دى ..


غزل وسلطان .... آآآآه عليكِ يا بنتى ، وقعتى فى ايد من لا يرحم !!! هههههههههه
سلطان شاف اللى يكفيه وزيادة من الناس دول فطبيعى انه مايقدرش يستحمل بنتهم اكتر منكده وهو شايف فيها دم اللى قتلوا أبوه ... بس هى كمان ردتهاله صح لما قالتله انه هو كمان دمه من دم سلمان !!! ههههههههههه عجبتنى الحتة دى .
المهم ... سلطان حالته صعبة الفترة دى ، خصوصا لحد مايلاقى ليلى او يعرف ايه اللى حصلها ... ازاى هتكون علاقته بغزل فى الفترة الحرجة دى ؟؟ حمدت ربنا انه مسك نفسه وماضربهاش وخلاها تروح اوضتها قبل مايطلع همه فيها اكتر .. لأنه البنت كمان مش ناقصه تشوف منه جانب وحش يكرهها فى صنف الرجالة كلهم بزيادة ... مش متخيلة الوضع هيكون عامل ازاى .. بس اتمنى غزل تخرج من قوقعتها شوية وتحاول تقف جنب سلطان وتخفف عنه ، على الاقل تحترمه وماتزودهاش عليه ، ولو عملت كده هو بالمقابل هيراضيها ومش هيسئ لها ... عارفه انه صعب خصوصا انه سلطان اساسا كتوم ومش هيفتحلها قلبه ابدا ، وفى نفس الوقت هى مش عايزة اى تطورات فى علاقتها معاه .. هى عايزة العلاقة تفضل باردة لحد ما السنة تخلص !!! بس دعونا نأمل فى صمت


ديما وسيف ... عجبنى المشهد جدا وهو نايم ذو الحواجب المعقودة على الدوام !! الأخ بيتخانق حتى وهو نايم ؟؟؟ هههههههههههههه الله يعينه على نفسه الصراحة ... حبيبتى ديما ربنا يصبرها

ربنا يستر هتخرج من المأزق الاخير ده ازاى ؟؟ ولا هيشوف الاختبار فى ايدها ويثور ويهيج بقى وخلاص تمر العاصفة ؟؟ المشكلة انه لو ده حصل فهى مش هتمر على خير لأنه سيف ممكن يتمادى ويطالبها تنزل الحمل او يطلقها !!! مش عارفه يا كدو انتى ناويالهم على ايه ؟؟ الله يستر منك .

أسيل وشاهين ... بانتظار اللقاء المرتقب ... بقولك إيه عايزينه لقاء متظبط بقى كده ومتميز يعوض عن غيابهم بقالهم كام بارت .. ولا إيه ؟؟؟
صراحة بشفق على اسيل من حيرتها والموقف الصعب اللى هى فيه .. فكرة المقارنة انها زوجة لأخين ، وحاسة بالخيانة فى حق الاتنين !!! موقف صعب بجد ومش هين على اى حد .



ملحوظة بس صغيرة .. " تشعر أنها تبتلع أسيدا من شدة حرارة الخوف " أسيد مقابلها فى العربية حمض أو حامض .. فلم استخدام الالفاظ الغربية وانت تتحدثين بالفصحى !


بالتوفيق يا قمر

بانتظارك فى البارت القادم باذن الله .

فتاة طيبة 25-09-14 02:30 PM

رد: قيودٌ بلا أغلال عانقت القدر القيد التاسع عشر
 
رائع ياكيد رائع أرى أمامي كاتبة واعدة قادمة بقوة لديك قلم مذهل تبارك الله في حسن الصياغة وقوة اللغة وروعة التراكيب ... شدتني الرواية رغم انها لم تكتمل لاجد امامي معزوفة جميلة تتقاطر حسنا وبهاء ... سلمت أناملك ونحن متابعينك بإذن الله لنهاية القصة .

كَيــدْ 26-09-14 01:41 PM

رد: قيودٌ بلا أغلال عانقت القدر القيد التاسع عشر
 
السلام عليكم :(

معليش على التأخير وهذا هو البارت وصل :$*

كَيــدْ 26-09-14 01:55 PM

رد: قيودٌ بلا أغلال عانقت القدر القيد التاسع عشر
 
سلامٌ ورحمةٌ من الله عليكم
صباحكم سعادة ورضا من الرحمن
مساؤكم فرحٌ لا يزول


* فيس مستحي منكم * :(< من جد معليش على التأخير اللي ما كان بإرادتي
وهذا هو البارت وصل أو نقول البـ … <- مدري عاد شلون تجي ، بس تصغير كلمة البارت، عاد دوروها انتو :)^
من الحين أقولكم ترى الجزء قصير بس هو البارت عبارة عن جزئين لا جمعناهم بيصيرون بارت طويل <- احلفي :(
عارفة إنّ ثرثرتي جايبة لكم الضغط بس عاد وش أسوي لا صارت الثرثرة عندي واجب في بداية ونهاية البارت

^ خلاص خلاص بسكت


,

بسم الله نبدأ

قيودٌ بلا أغلال عانقت القدر
بقلم : كَيــدْ !



(20)*1




توقفت حواسها عن العمل، عدا حاسة الخوف التي انتشر مفعولها في كامل جسدها الذي تشنج عن الحركة، تشنج عن أيّ ردة فعلٍ حتى الإرتعاش.
سينتهي الحلم قبل أن تكتمل نشوته، ستنكسر اللهفة قبل أن يحلّ سببها، لا تأتي الآن أرجوك، لا تقترب أرجوك، مرةً واحدةً فقط افعل ما يُسعدها، لا تكسرها الآن باقترابك وكشفكَ لها، لا تقتل حلمها.
ارتفع صدرها بشهيقٍ مؤلمٍ ليهبط بزفيرٍ أقسى، وهي الآن تكابد كي لا تصرخ عليه بالذهاب، تكابد كي لا تنهار الآن خوفًا.
سيف يُقطب جبينه مستغربًا : أعوذ بالله .. شفيك انتِ انصميتي؟؟
لم تعلم ما الذي يجب عليها فعله في تلك الأثناء، إن مدّت يدها لتُعيد إخفاء اختبار الحمل تحت ملابسها سينتبه، وإن تركتها في مكانها قرب صدرها وكفيها مُتشبثتان به أيضًا سينتبه حين يقترب، ولم يكن لديها سوى أن تتجمد خوفًا في مكانها.
أهذا وقته ليأتي؟ بل كان غباؤها هو ما جاء لتجعلها لهفتها تتهور بهذه الطريقة وهو متواجدٌ في البيت . . زفرت بارتباكٍ ولم تجد لديها سوى أن تُخبئه بخفةٍ بين جسدها وطرف تنورتها، وقتها كان قد وقف خلفها والغضب بدا على ملامحه ليلفها إليه من كتفها : ما تسمعين انتِ والا شلون؟؟
نظرت إليه بشفتين فاغرتين وعينين طغى عليهما الارتباك والخوف، وهو لاحظ ذلك ليُقطب جبينه، بينما كانت تضع ذراعها على بطنها بشكلٍ حاولت جعله عفويًّا حتى لا يظهر له تضاريس ما تُخبئه.
سيف بحاجبين معقودين : شصاير؟ ليه خايفة ومتلبكة كِذا؟
بللت ديما شفتيها بطرف لسانها، ثم تنحنحت لتهتف بصوتٍ بحّ لخوفها : نعم
رفع سيف حاجبًا ليهتف باستنكار : نعم! … كِذا بكل بساطة؟
تكتف ليردف : وين كان عقلك وأنا أناديك؟ وليه كل هالخوف اللي على عيونك؟
شتت نظراتها عنه لتتنفس من فمهما المفتوح ثم تعود لغلقه بارتباكٍ وتوترٍ واضح، ثم ببساطةٍ رغم بعض الخوف المتغلغل في صوتها : مين قال إنّي خايفة؟ وليه بخاف؟
نظر إليها بوجومٍ لحظات وهو يحاول تفسير سبب ارتباكها هذا وخوفها، ثم بخفوتٍ مُتشكك : مسوية شيء أكيد؟
نظرت لوجهه بصمتٍ لثوانِي، ثم ازدردت ريقها لتهمس : غلطان … ما سويت شيء، أصلًا كنت مسرحة شوي وما انتبهت لك وقت ناديتيني
وبعدين أكيد كنت مناديني بالإسم اللي انت معتبره وطبيعي بطنشك
ارتباكها وخوفها جعلها تسير بالحديث لمحورٍ آخر، لمحورٍ بدايته حادةٌ قد يتبعه نقاشٌ عقيم، لكنّ ذلك أفضل من أن يكشفها الآن، لذا خرج صوتها حادًا بعض الشيء والسبب في كل ذلك خوفها.
رفع حاجبيه ينظر إليها مُتعجبًا، قبل أن يومئ ببطءٍ وهو يغمض عينيه لثوانٍ ومن ثم يفتحهما، هاتفًا : اهممم .. وتقولين أنا اللي مسبب المشاكل في حياتنا!!
لم ترد وهي تحاول أن تتجاوزه لتختبئ في الحمام بسرعةٍ قبل أن ينتبه، لكنه باغتها في لحظةٍ ليحبسها بين ذراعيه وظهرها التصق بالخزانة، بينما كفيه مُسندتان على الخزانة بجانبها.
سيف بخبث : وين وين! تونا بأول المعركة اللي انتِ بديتيها
قطبت جبينها بانزعاج : وخر سيف واترك عنك حركات البزران ، أبي أمشي
سيف : بالأول علميني وش اللي مقوم شياطينك الحين
تأفأفت بضيقٍ ولا قدرة لها على المناوشات الآن، تخاف أن ينتبه لها ويكشفها، لذا من الأفضل أن تماطل حتى تذهب.
ديما : سيف واللي يعافيك تراني متضايقة كفاية .. بعد بروح الحمام
اقترب أكثر حتى التصق صدره بصدرها، وبهمس : وليه القمر متضايق؟
رفعت حاجبيها وعيناها اتسعتا بذعرٍ وهي تحاول أن تتراجع أكثر، خشيت أن يشعر بتواجد الأنبوب بينما هي ملتصقةٌ فعليًا بالخزانة فكيف عساها تهرب.
ديما بارتباكٍ واضح : سيف
تراجع سيف قليلًا وهو مُتعجبٌ لتغير تقاسيم وجهها، وبتساؤل : إيش فيه؟ حالك ماهو طبيعي اليوم
تنفست الصعداء ما إن ابتعد عنها، ثم نظرت لوجهه باضطراب : مافيني شيء .. بس ، أحس نفسي متوعكة شوي
سيف باهتمام وهو يقترب منها قليلًا : من إيش؟
ديما باضطرابٍ وهي تشتت نظراتها هُنا وهناك : شوية ارهاق ويروح
وضع كفه على جبينها، وبحاجبين معقودين : مافي حرارة، طيب تمددي شوي وارتاحي
أومأت وهي تريده أن يبتعد عنها لتتنفس الصعداء : بروح الحمام أول
وبخفةٍ تجاوزته لتهرول حتى باب الحمام تحت انظاره المُهتمة.


,


زفرت وهي تلف خمارها حول رأسها، شاهين ينتظرها في الخارج وهي تتمنى لو تتصنع الإغماء كي لا تخرج معه، لكن ما الفائدة؟ يجب عليها أن تواجه حياتها ولا تتهرب ككل مرة، وكم أن مدى تناقضها فظيعٌ في نفسها، في كل مرةٍ تقول أنها ستحاول تقبّله ولا تستطيع، في كل مرةٍ تقول أنها ستكون أقوى لتعيش لكنها أضعف من المحاولة حتى.
غطت وجهها ومن ثم سحبت حقيبتها الليمونية بفتورٍ غريب، واليأسُ يحاكِي ملامحها، الحزن يغزو قلبها ويمارس بطشه، منذ مات وهي ليست هي، ليست أسيل نفسها ولا زوجة متعب، أصبحت أرملةً وكم كان ذلك قاسي، لكن الأقسى هو حالها الآن! فكيف عساها ستصبر وقد ملّ الصبر منها منذ قديم الأزل.
خرجت من غرفتها ومن ثم نزلت الدرجات لتُقابل أمها المبتسمة في طريقها.
أسيل بخفوت : أنا طالعة
أمها بابتسامة : انتبهي على نفسك حبيبتي
أومأت لتودعها ومن ثم خرجت، وحين رأت سيارته السوداء تيبست للحظاتٍ وهي تشعر بالتردد، لكنها أكملت طريقها بعد تنهيدةٍ صدرت من بين شفتيها، وبتشتتٍ فتحت الباب الأمامي وهي تشعر أنها باتت تتحرك بآليةٍ وكأن الروح غادرتها، وكأن جميع حواسها ماتت ولم يعد لديها ما يصنفها من الأحياء.
بعد أن استقرت جالسةً والباب أغلقته استدار ينظر إليها بابتسامة : ياحيّ الله هالوجه
ارتبكت لتفرك أصابعها باضطراب، بينما أردف هو بأريحية : شلونك؟
أسيل بهمسٍ مُضطرِب : الحمدلله
اتسعت ابتسامته وهو يحرك السيارة، وببراءة : مافيه سؤال عني أنا؟؟
قطبت جبينها قبل أن تنظر إليه بطرف عينيها، ومثل هذا الحديث معه لا يروقها، تفضّل الرسميات دون أن تنكسر الحواجر بينهما، لكن أيعقل أن يبقى الحال كذلك مدى حياتها معه؟؟
همست باستسلام : كيفك؟
شاهين بابتسامةٍ لا يُعرف معناها : طيّب … خصوصًا بعد ما شفتك
هذه المرة استدارت إليه بكامل رأسها لتنظر لوجهه الباسم بحاجبين معقودين، مابهِ اليوم؟ جرأته في الحديث معها لا تُعجبها إطلاقًا، يُشعرها بالتشتت أكثر مما هي فيه . . . زفرت لتصمت دون أن ترد عليه، بينما هو كان ينظر للطريق وابتسامةٌ تغلّف شفتيه.
كان الصمت هو رفيقهما الثالث في بقيّة الطريق، وهي كانت تنظر للشوارع والمنازل تحاول إشغال نفسها عن التفكير فيمن يجلس بجانبها، ذو الرائحة العطرية الرجولية التي طغت على المكان، حتى أنفاسها باتت محصورةً في عطره فقط، عطره الذي يحاصرها من كل حدبٍ وصوب ليُثبت تملكه لها.
تنهدت بيأسٍ قبل أن تنتبه لتوقف السيارة في هذه الأثناء، وبآليةٍ استدارت تنظر إليه حين هتف : وصلنا
نظرت للمكان الفاخر ببرود، دون شعورٍ بأيّ تميزٍ لكونها معه أو في مكانٍ فاخرٍ كهذا، ولو أنها كانت مع متعب لكان الوضع مُختلفًا، أيّ مكانٍ يأخذها إليه يكون مُتميزًا لأنه من اختاره، وليس لأنه مميز.
عضت شفتها بقهرٍ من حالها هذا ومن أفكارها التي لا تبارحها، أفكارها التي لا تعبأ أن تُرهقها بحجم الذنب الذي يتغلغل قلبها.
شردت بأفكارها حتى نسيت أن تخرج، ولم تفق إلا حين فُتح بابها ليستند شاهين بذراعه على السيارة وجسده يغطي عنها طريق الخروج، وبحاجبٍ مُرتفعٍ هتف باستنكار : وبتجلسين في السيارة؟
ازدردت ريقها بحرجٍ لتهمس : لا بس … * بترت عذرها الساذج لتردف * ممكن شوي!
ابتعد لتترجل عن السيارة، وحين أغلقت الباب تناول كفها مباشرةً ليأسرها في قبضته الضخمة، ارتعش جسدها من أعلاها لأسفلها، ورُبطت الحروف ليُمحى تجاوزها لشفتيها، ولمسة بشرته لبشرتها الناعمة أشبه بتمريرِ سكينٍ حادةٍ بنعومةٍ تجرح ولا تدمي!
يدهُ كطوفانٍ سحيق، طوفانٍ اقتلع الكلمات الأخضر منها واليابس، اقتلع تفكيرها وجنونها فباتت ساكنةً لا ردة فعلٍ عكسيةٍ كان هو يتوقعها، توقع أن تسحب يدها على الأقل لكنها لم تفعل، وذلك إيجابيٌّ في بداية طريقه، وطريقه إلى قلبها يحتوي على أفرعَ عديدةٍ إن هو أخطأ وسلكَ إحداها فستنتهي القصة.
ابتسم لها وهو يجتذبها لتتحرك معه، ودون كلمةٍ منها تحركت ووجهها يحاكي البهوت والضياع، دخلا لمحلّ الجوهرات ليصبحا في دقائق أمام العديد من النماذج الفاخرة والأنيقة، يجلسان أمام البائع يفصل بينهما وبينه طاولةٌ زجاجية وضع على سطحها العديد من الأطقم والمجوهرات.
شاهين : ممم ونشوف ذوق البرنسيسة الحين
تجاهلت كلماته وهي تريد أخذ أي شيءٍ لتنتهي من هذا الجو بسرعة، تريد أن تبتعد عنه قدر الإمكان فحضوره أشبه بحضورِ شيءٍ خارقٍ يحصر الأنفاس
وفي تلك الأثناء كان البائع يبتسم ويعرض أغلى مافي المحلّ وأجمله، وشاهين ينظر للموضوع أمامه بسخاءٍ ينتظر منها البدء في الإختيار، وحين لم يجد منها إجابةً تنهد : الأطقم تنادي عليك
شعرت بالحرج منه، ثم تنحنحت لتُشير لإحدى الأطقم دون أن تُعير إهتمامًا لا للشكل ولا للسعر، المهم فقط أن تخرج من هنا وتعود للمنزل بعيدةً عنه.
ابتسم شاهين وهو ينظر للطقم الذهبي الذي أمامه، كان بسيطًا ولم يُعجبه كثيرًا، يُدرك أنها تريد أن تنتهي بسرعةٍ لتبتعد وذلك ما يسليه أكثر ليُماطل.
شاهين : لا ماهو حلو .. خلينا نشوف غيره
قطّبت جبينها ثم لوت فمها وهي تنظر لوجهه بتساؤل، لمَ إذن طلب أن تكون معه عند الإختيار إن كان هو من سيختار؟؟
ابتسم شاهين حتى بانت أسنانه حين انتبه لنظراتها المُتمركزة عليه : خير! … ما ينفع مجانين يختاروا
اتسعت عيناها بصدمة، وعقلها تذكر مباشرةً حين دعاها بـ " نوستالجيا "، وهذا ما قصده الآن بالجنون، كادت لضحكةٍ أن تفلت من بين شفتيه لكنه سيطر عليها ليُعيد نظره للبائع : ورني هذا
كان يشير لإحدى الأطقم الناعمة من الذهب الأبيض، وحين أصبح بين يديه تلّمسه برضا : شرايك في ذا؟
نظرت إلى وجهه بقهرٍ لم يخفى على عينيه العابثتين، إن كان سيختار هو فلمَ أصرّ على أن تكون معه؟ إن كان ينوي فقط أن يرمي بكلماته القاسية هذه عليها فلمَ كانت غبيةٍ لتأتي؟ . . ليتها لم تجئ معه، ليتها لم تنصع لرغبة أمه وتصنعت المرض لتتجاوز هذا الموعد.
نظرت إليه بحقدٍ للحظات، ما الداعي لسؤالها إن كان هو أحرجها بعد أن أخذها معه لتختار بنفسها - كما يقول -
ندت من بين شفتيه ضحكةٌ خافتة، يُدرك غيظها منه وهو في قرارة نفسه يرى أنها تستحق، فلتذوقي القليل من الغيظ الذي كان يشعر به حين يكون عقلك مع غيره وجسدكِ معه، وليس هو من قد يكون مُسالمًا طيلة الحرب، ومنذ متى أصبحت علاقة الزواج حرب!!
أعاد نظره للبائع : المدام عجبها ذا … غلفه واعطني السعر
كانت مُتفاجئةٌ من أفعاله لكنها لم تعلق أو تقل شيء، المهم الآن أنهم انتهوا وستعود إلى المنزل، لم تستطع منع تنهيدةِ راحةٍ من الظهور لينظر لها هو نظرةً خاطفة ومن ثم يعيد التحدث مع البائع.
وبعد دقائق كانت تجلس في السيارة وهو بجانبها يقود، شردت عنه وهي تغرق بأفكارها، تغرق بسمومها النافذة إلى قلبها قبل أيّ شيءٍ آخر.
هل كان هناك حياةٌ أخرى يعيشها المرء بعد أن يموت؟ غير البرزخ! غير حياة القبور! . . . لمَ خالفت القاعدة إذن ولازالت وإلى الآن ميّتةً في الحياة الدنيا؟ لمَ خالفت كل القوانين وبقيت تتحرك كالأحياء وهي في الحقيقة من صنف الأموات - قلبيًا - ؟
زفرت بضيقٍ وعيناها تتطلعان في الفراغ، لا بريقَ حياةَ بهما ، ولا أمل بحياةٍ أخرى سعيدةً يشع منهما.
انتبهت لوقوف السيارة، لترفع رأسها ببرودٍ تنوي الخروج، لكنّها جُفلت حين رأت المكان الذي هم فيه.
أسيل ببهوتٍ ودون استيعاب : لحظة … احنا وين؟؟؟
وجّه شاهين نظراته إليها، وبابتسامةٍ عابثة : ما تشوفين؟ مطعم! … عاد ماني أقل من غيري في الرومانسية قلت أعزمك هنا وألبسك الطقم بنفسي
اتسعت عيناها دون تصديقٍ، وبتلعثم : بس .. بس .. احنا ما اتفقنا على كذا!!!
شاهين ببرود : مو ضروري نآخذ بشورك
ترجل عن السيارة ليتجه إلى بابها، ومن ثمّ فتحه ليهتف بحاجبٍ مُرتفع : شكلك متعودة إنّ الناس تفتح لك!
نظرت إليه بتردد : أبي أرجع البيت
شاهين : أفــآ! بعد ما وصلنا؟ يهون عليك تكسرين بنفسي؟؟
صمتت للحظات، وعيناها تتنقلان منه إلى حُجرها، ومن ثمّ تعود إليه، وهي تشعر بالفعل أنها تمادت، لكنّ تماديها هذا ليس بيدها، هو زوجها لكنّ هي لا ترى أنّ ذلك صحيح، ترى أنّ زواجهما منذ البداية كان خطأً جسيمًا هما مرتكبي هذا الخطأ الفادح، وبالتأكيد سيكون لهذا الخطأ عقابٌ جسيم، عقابٌ سيجعلهما يعضان أصابعهما ندمًا على ما ارتكباه.
شعرت بقبضته تُمسك بمعصمها، ثم بخفةٍ اجتذبها إليه .. هاتفًا بصوتٍ به من الحدة القليل : أنا لو أطاوعك بظلّ اليوم كله واقف عند حظرة جنابك
ارتبكت قبل أن تحاول سحب يدها لكنه شدّ عليا أكثر بعنادٍ أشدّ، بتملكٍ قاسي، غابت عنها الحياة لتمشي خلفه بانصياعٍ تام، ويده تُحرقها دون هوادة، نارٌ في قبضته أحالتها لرمادٍ لتمشي خلفه وكأنما هناك ريحٌ تسيّرها.
تبدو ضعيفةً معه، والضعف يكمن في روحها حقيقةً، الضعف في قلبها وليس في مكانٍ آخر، الضعف هناك، في صدرها، في قلبها، استقرّ بعرشه المُتمركز بجذوره داخل قلبها ولن يساعد أيّ شيءٍ في اقتلاعه.
بعد لحظات … كان يجلس وهي أمامه، ببروده الذي استحلّ على روحها، وصوته جاءَها بغتةً من اللا مكان، حمل خلفه عتابًا حاد : أعتقد انتِ مع زوجك والا ما تعرفين بهالشيء؟؟؟
ابتلعت ريقها وهي تفرك كفيها قبل أن تنظر لوجهه القاسي، والآن هاهي تجد الكلمات تعربد في زنزانة الصمت لا تُسعفها بحرفٍ حتى، شفتاها لم تعودا تريدان الإجابة، فضلتا أن تبقيا مُطبقتين وهو ليتحدث … فهي لن ترد.
رفع حاجبيه قبل أن يتناول قائمة الطعام ، وبتحدي : بكيفك … بس أنا ماراح أطلب لك شيء، تكلمي انتِ بنفسك
شعرت بالحنق منه لكنها تجاهلته تمامًا، وبعد لحظاتٍ كان النادل يقف عند طاولتهما، وبعد أن أخذ طلبات شاهين انتظر طلبات أسيل.
شاهين بعبث : المدام شبعانة ما تبي شيء … جيب لها بس كوب قهوة
رفعت حاجبيها وهي تنظر لوجهه العابث، فهمته جيدًا وحركات الإستفزاز هذه إن كانت في الحقيقة تُثير حنقها إلّا انها ستتجاهلها . . وبحنق : ايه … مشكور ، كوب قهوة تكفيني
ابتسم شاهين قبل أن يرفع هاتفه يُسلي نفسه به، وهي بقيت في مكانها تشتعل غيظًا منه، ومن شدة غيضها أزالت برقعها لتتسع عيناه بصدمة.
وقف كالملسوع ليهتف بغضب : لا من جد أنا متزوج مجنونة
وبخفةٍ أغلق الستار لتُحجب الرؤيا في هذا الصرح المُميت عن أيّ أحد.


,


طرقت الباب برقة، وانتظرت لدقائق تنتظر منه أن يجيب، وحين وصل إليها صوته سامحًا لها بالدخول فتحت الباب ودخلت.
حينها كان جسده شبه مُستلقٍ على السرير والحاسوب في حجره، لم يرفع رأسه لينظر إليها لتبتلع هي ريقها، وبهمس : عنــاد!
رفع رأسه ببرودٍ لينظر لوجه أخته الصغرى، وبهدوء : نعم .. بغيتي شيء؟؟؟
ازدردت ريقها وغصةٌ داهمتها، لا تحب أسلوب التجاهل هذا حينما يكون غاضبًا عليها، لا تحب أن يبتعد عنها وهي تنظر إليه لا تدري بمَ تتقدم.
اقتربت من سريره بخطواتٍ مُتباعدة، وحين جلست بجانبه هتفت بغصة : ليه تتجاهلني؟
نظر إليها لثوانٍ بنظراتٍ باردة، ومن ثم أعاد نظراته لشاشة حاسوبه : وش عندك؟
غيداء برجاء : عناد شسويت أنا عشان تتجاهلني؟
تنهد بضيقٍ قبل أن يُغلق شاشة الحاسوب بقوةٍ وينظر إليها : أعتقد انتِ عارفة شسويتي!
ابتلعت ريقها بارتباكٍ، وبهمس : إيش تبيني أسوي لحتى ترضى
رفع حاجبًا : أعتقد انتِ أدرى
أطرقت برأسها وكفها بدأت بمداعبة طرف بلوزتها : عناد أنــا …
عناد : انتِ إيش؟؟
ابتلعت الكلمات ولم ترد، ليتنهد هو قبل أن يهتف بحزم : قفلي الباب من بعدك .. ولا لقيتي شيء تقوليه تعالي
يقسو عليها، وهو الأعلم بها، يعلم أنه إن قام باحتوائها لتعترف فسترى أنّ حنانه دافعٌ لتكذب، بينما إن قسى عليها وابتعد فستندفع هي للقدوم
وليس هو من قدْ يتجاهل أمرًا حساسًا كهذا ويرميه في غياهب النسيان، اخته لا تدرك شيئًا في هذه الحياة وذلك خطيرٌ عليها، خطيرٌ بالقدر الذي قد يمحوها.


,


زفرت بضيقٍ وهي تراه يأكل بأريحيةٍ وبطءٍ شديدين، يُثير حنقها، يُثير رغبتها في الصراخ عليه، لكنها وبالرغم من ذلك لم تنبس ببنت شفة، فليفعل ما يفعل، فليقم بمحاولة إثارة غيظها، فهي مهما حدث لن تفكر في الإجابة عليه.
طال الوقت وهو يأكل، يعلم أنه بدا فضًا بما يفعل، لكنّ هناك صوتًا ما في داخله يأمره بفعل ذلك، ولا ينكر شعوره بالمتعة.
وجزءٌ منه لا يصدق أنها تفضّلت لتكشف وجهها أمامه، وذاك تطورٌ جيدٌ في علاقتهما، أيّ أنها بدأت في تقبله ولو قليلًا.
هتف بعد فترةٍ طالت بعض الشيء : مصرّة ما تبين تطلبين؟!!
اتسعت عيناها وشدّت على قبضتها قليلًا : الحين منو اللي ما خلاني أطلب .. أنا والا انت
ابتسم بهدوء : الحمدلله أثبتي انك من البشر وتحسين بالجوع
صدّت عنه بغيظٍ ليضحك ومن ثمّ استدعى النادل الذي توقف خلف الستار، لينظر إليها من بعد ذلك : وشو طلبك؟
صمتت للحظات، وبعد برهةٍ أجابت بصوتٍ اتضح به الحنق : ما ودي بشيء
هزّ رأسه بالنفي أن لا فائدة ترجى منها، ومن بعد ذلك وقف هو ليتجه للنادل ويطلب لها هو، وبعد أن رحل.
شاهين وهو يجلس : انتِ أبدًا مافيه أي فايدة تنرجى منك
شتت نظراتها عنه ولم ترد، ليزفر بضيقٍ قبل أن يهتف : تدرين .. حسستيني بالملل من هالجو! أحاول أطلّع جانب ثاني فيك غير عن هالجانب الممل بس واضح إنه مافيه أمل منك
وقف ليُردف : مدري هو أنا منكوب والا انتِ مبتلية من ولادتك بهالصفات
كلامه قاسٍ، قاسٍ شطرها نصفين، جاءَ باردًا كالصقيع لكنّه نارٌ أحرقها.
أهي بالفعل هكذا؟ مملةٌ ذات شخصيةٍ منفرة؟ تُثير الملل والسخط لكل من حولها؟
وإن كانت كذلك بالفعل فهي ما ذنبها؟ ما ذبها إن مُحقت شخصيتها من بعد أن ترمّل قلبها؟ ما ذنبها إنّ كانت الحياة لم تنصفها بحبٍ دائم؟
والحب هو الحياة، الحُب هو الدافع للعيش، فماذا عسى أن تكون الحياة بعد أن يموت من يستحق الحب؟ ماذا تكون بعد أن ينتهي ما يُمجّدها؟
لم ترد عليه وهي تُخفض رأسها لتغرق في دموعٍ صامتة، دموعٍ رآها ولم تهزّ به شيء، عاد ليجلس مكانه بصمتٍ وبرودٍ مُطبق دون أن يُضيف كلمةً واحدة، وهي غرقت بحزنها الذي لا ينقطع


,


يوم السبت

نظرت إلى ملامحه بتوسل، وحين كان رده البرود همست بإحباط : طيب ليه؟ إذا ما كان تواجدي مرحب فيه من البداية ليه تمنعني أروح معاه؟؟
تكتف وهو ينظر إليها بحزم : لأنه مو قد الثقة، وفيه أمور تتعلق فيه وبأهله ودي أتأكد منها بعد … هالولد ما ينضمن
زمّت شفتيها بألم، هذا ما كانت تخشاه، هذا ما كانت لا تتمناه، الآن عبدالله يرى أدهم بهذا الشكل، إذن فهي لن تستطيع الخروج من هنا، لن تستطيع المُغادرة معه.
نظر إليها مطولًا ينتظر منها أن ترد عليه، وصمتها جعله يعلم أنها تدرك ذلك، تدرك كم هو رجلٌ لا يُعتمد عليه، إذن لمَ تريد الذهاب معه؟ ألهذه الدرجة كان ألمها هنا كبيرًا حتى تفضّل ذاك عليهم؟؟؟
تنهد حين طال صمتها وهي تفرك يديها في حجرها والحزنُ يشقّ طريقه في عينيها اللتين لطالما بكيتا، عينيها اللتين لطالما أثبتتا كرمهما الدائم، كغيمةٍ معطاء لا تُجفف وجنتيها، أمطارهما شبهَ دائمةٍ أحالت وجنتيها لأرضٍ خصبةٍ لا قاحلتان.
لفظ بهدوء : جرحك بيلتئم مع الأيام، وإذا ودك أعاقب هالة عشان ترتاحين فما عندي أي مانع … المهم انك تجلسين هنا وتنسين الروحة معاه
ارتعش فكها قبل أن تُخفض رأسها، وكيف لقلبها أن يسمح بمعاقبة من كان لها فضائل جما معها، هي وإن كانت آلمتها بفعلتها وزرعت في قلبها حقدًا عليها إلّا أنها من المُحال أن تُفكر يومًا بالعقاب.
وكيف لقلبها أن يطاوعها بذلك وهي كانت لها المنزل والأم بعد أن انتهت في ميتمٍ بفعل يدي أُناس هم من المفترض من أرحم الناس بها! كيف قد يطاوعها قلبها في إيذاء من انتشلها من حفرة الوحدة والنسيان؟
استدار عبدالله ينوي المغادرة، وقبل أن يخرج من الباب عاد للاستدارة إليها ليهتف : فكري يا إلين … انتِ بنتي هالمرة مو بس في مقام بنتي، ومن سابع المستحيلات أفرط فيك
قال كلماته تلك ومن ثمّ خرج، وصوته ارتفع مُناديًا للخادمة : سارا
في لحظاتٍ كانت الخادمة قد وقفت أمامه لتهتف : نعم سير
عبدالله : أكل إلين وصليه بهالفترة لغرفتها، ولو ما رضت تآكله علميني
أومأت بطاعةٍ ليتجه لغرفة نومه التي مضى عليه أيامٌ لا يدخلها إلا ليأخذ ملابسه منها، تحديدًا منذ ما حدث.
في الأمس قابل أدهم في المشفى لأجل التحاليل، حتى يتأكد من تطابق تحاليله مع إلين، وقد كانت النتيجة إيجابية، لكنه وبالرغم من ذلك رفض أن يُسلمها له تحت أيّ ظرف، وذاك ما أثار حنق أدهم الذي توعده بالفوز وكأنهما في حرب، اعتبر المسألة مجرد تحدٍ في المقام الأول وهذا ما أثار حنقه هو من الجهة الأخرى.
دخل للغرفة ليجد هالة جالسةً على السرير تُغطي وجهها بكفيها بهمٍ واضح، مضى عليها أيامٌ وهي منعزلةٌ تمامًا عنهم، وهو لا يتوانى في تجاهلها فهي المرأة التي أخطأت في حق من في البيت كثيرًا.
اتجه للخزانة حتى يُخرج ملابسَ له، وحين انتبهت هي لتواجد أحدٍ ما في الغرفة رفعت رأسها بانشداهٍ لتراه أمامها، يُخرج ملابسه دون تعبيرٍ يُثبت أنه يراها، وكأنها ليست سوى نكرةٍ لا يلتفت إليها، وما أقساه من عقابٍ هذا حين ترى نفور الغير منك، ما أقساه من شعورٍ حين يُصبح العالم برمته لا يستطيع حملك، والأقسى وطأةً أن يكون هذا العالم هو عائلتك.
همست دون حياة، بصوتٍ جفّ ولم يجد من يُسعفه بقطرة ماءْ : كيفها إلين؟؟
رفع حاجبًا دون أن يستدير، وتسأل عن حالها؟ ألها الحق في ذلك؟ ألها الحق في أن تسأل عن حالِ من قتلتها بدمٍ بارد؟؟
تجاهلها تمامًا وهو يأخذ ملابسه ينوي الخروج، وحين انتبهت لذلك رفعت صوتها قليلًا بغيظ : عبدالله … مالك أي حق تحاسبني بهالشكل
ازداد غضبه أضعافًا، لكن لم يكن له سوى التجاهل حتى لا يُخطئ في حقّ أولاده قبل أن يكون في حقها، فهذه المرأة إهدار دمها حلال!
لم يرد عليها وهو يغادر من الغرفة دون حتى أن يلتفت إليها، وتلك تهدل جفناها لتضرب السرير بقبضتها قهرًا.


,


بالأمس لم يقابلها إطلاقًا، بل لم يهتم لرؤيتها من الأساس، وهذا أفضل لهما، فمسألة لقياه بها قد لا تكون محمودة العواقب، وهو يشعر بكرهه لها قد تضاعف بعد الذي حدث، كيف لا وهي مُتعلقةٌ دمًا بمن كانوا السبب.
رفع هاتفه الذي يرن بلهفةٍ لم تخفى على ملامحه، وبعد أن أجاب : هاه فؤاد ، لقيتوا عنها شيء
فؤاد : لا طال عمرك .. دورنا عن اسمها في كل المستشفيات الحكومية والفنادق بس ما لقينا لها أي أثر
استنشق الأكسجين من بين أسنانه وهو يغمض عينيه بقهر، وبعد برهةٍ هتف : دور في المستشفيات الأهلية .. لا توقفوا عند هالنقطة ، لازم نلاقيها لازم
أغلق الهاتف ثمّ مسح على ملامحه بغلّ، وفي تلك الأثناء كان وقع خطواتٍ تُثار في المكان، زمّ شفتيه بغضب، ليس وقتك الآن، ليس وقتك!!
لم يرفع رأسه لها وهي تجاهلته تمامًا قبل أن تتجه للمطبخ بصمتٍ مُطبق، صمتٍ كان يُخبئ خلفه الكثير من التحدي والكبرياء.
زفر بكرهٍ قبل أن يهتف : ياليت ربي خذاني قبل لا أفكر أتزوجك
ثم وقف ينوي مغادرة المكان


,


كانت تنظر لوجهه بشرودٍ تام، وهو يقرأ كتابًا بين كفيه كما عادته، منذ أن سمعت كلماته تلك وهي تتظاهر بعدم الإهتمام وكأنه لم يقل شيئًا، ومن الواضح أنه هو الآخر لم ينتبه لما قاله لها أو بالأحرى … يتظاهر بذلك.
قرّبت كوبَ الماءِ منه وهي تهتف : يبه
رفع رأسه عن الكتاب ليبتسم له ابتسامةً زائفة : عيونه
جنان بابتسامةٍ عذبة : الدواء
أومأ ليضع الكتاب جانبًا ومن ثمّ تناول كوب الماء منها، وبهدوء : وينه أخوك؟
جنان وهي تجلس بجانبه : في غرفته … اي صح ، نسيت بقولك شيء
ابتسم لها قبل أن يبتلع أول قرصٍ من الدواء، وبحنان : وش عندك؟
جنان بابتسامةٍ مُحبة وهي تضع رأسها على كتفه : اول ما ترجع تمشي ، ودي يكون لـي الشرف بكوني أول شخص يركض معك الصبح
ضحك بخفوتٍ وهو يداعب خصلات شعرها : ما طلبتي شيء، من عيوني
جنان بابتسامةٍ شقية : تسلم عيونك الــ * ثم بترت عبارتها لتُردف بشقاء * والا أقول ، خلني ساكتة أفضل ما تهفني بهالكتاب
صخب بضحكاته وهو يضربها بخفةٍ على رأسها : من يومي غاسل يديني منك


,


تأملت الكيس القابع على السرير بجانبها، مطولًا دون أن تتحرك شفتيها بكلمة، هذه المجوهرات هي ما ألبسها إياها في ذاك اليوم بمشاعر غريبة، كانت تتمنى لو تعرف ما شعوره حين يقترب منها، أيراها مجرد زوجةٍ عادية أم أرملة أخيه سابقًا؟ ألها جانبٌ ما في حياته أم أنها لا تساوي له شيئًا؟
وكم تتمنى حقيقةً ألّا يكون لها أي جانب في حياته، فهي لا تستحق أن تكون بذا مكانةٍ في قلبه لأنه بكل بساطةٍ لا يعنيها بشيء، ومن غير العدل أن تكون المشاعر بينهما غير مُتبادلة.
تنهدت وهي تُنزل قدميها عن السرير بعد أن كانت تضمّ ركبتيها إلى صدرها، ومن ثمّ اتجهت للباب حتى تخرج من الغرفة متجهةً للأسفل.

*

يده أولًا، مُلامسةً ليدها بكل نعومة، كان بها الكثير من الجمود كي لا تنفعل وتبتعد، كان بها الكثير من الرفض لكنّها ابتلعت رفضها في دوامةِ الصمت.
ألبسها الخاتم وهو يهمس لها بثلاث كلماتٍ فقط : ترى انتِ زوجتي
بنبرةٍ فيها الكثير من التحدي، ليس تذكيرًا كي لا تبتعد بقدر ماهو تحدٍ مُبطن كي لا تفكر حتى بالإبتعاد . . أوَتقدر على الرفض الآن لهذه اللمسات؟ وهو الآن يُحاصرها، يجلس بجانبها بعد أن قرّب الكرسي الذي كان يجلس عليه ليُلاصقها.
قبّل خُنصرها لترتعش بارتعاش شفتيها، وهذه اللمسات هي الأولى منه، غريبةٌ عليها، مُبهمةٌ على قلبها، قاسيةٌ وجدًا لكونها من رجلٍ آخر.
شاهين بهمسٍ قُرب أذنها : عقي طرحتك
عيناها كانت تُقابلان حُجرها، لا تريد الإنصياع، لكنه كان أقوى لتنصاع، وفعلت ما أراد.
هذه الفتاة ملكه، زوجته ومن حقه أن يكون قاسيًا معها في هذه اللحظات إن أرادت هي الإبتعاد، لن يكون ضعيفًا ليسمح لها بالتمادي أكثر، لن يكون كالأخرس يرى نفورها ويرضى دون اعتراض، لذا يجب عليه التحرك وهاهو تحرك منذ الوقت الذي آراد بها أن تخرج معه.
تناول العقد الناعم والذي ما اختاره إلّا لأنه رأى أنه سيناسب نعومة بشرتها في نعومته وبهائه . . . ألبسها إياه دون عناءٍ كونها كانت رافعةً لشعرها في " كعكعةٍ " فوضويةٍ أثارت رغبةً عارمةً لديه في نزعها لينساب شعرها امام عينيه، لكنّه أعرض عن ذلك شفقةً بها، يكفي قربه هذا وسيأتي اليوم الذي يلامس فيها شعرها دون قيودٍ أو اعتراض منها حتى بعينيها.
أنامله كانت لاتزال تلامس عنقها، وارتعاشٌ طفيفٌ كان يواجه جسدها، تشعر بارتباكٍ أحمق يهاجمها حتى عينيها كانتا مُشتتان في كل زاويةٍ في المكان عداه هو، لا تريد النظر لوجهه فيزداد ارتباكها.
همست بغصةٍ شعر بها : شاهين … خلني أكمل الباقي أنا .. تكفى
ابتسم بسخرية، ألهذه الدرجة قربه مؤذٍ لتحاول الإبتعاد بأقصى ما يمكن؟ ألهذا الحجم هو وفاؤها لتحاول الإبتعاد عن زوجها الآن؟؟
كان ليُعاند ويرفض إلا الإقتراب أكثر، لكنّه شعر بالرحمة تجاهها، ونبرة التوسل التي أطلقتها قبل ثوانٍ كانت أكبر من عناده وإصراره في التحكم، وكان لها ما أرادت


,


بعد أسبوع - يوم السبت

نظرت إلى الطبيبة الجالسة أمامها بضياع، والحياة توقفت للحظاتٍ عن المسير، عيناها توقفتا عن البريق، وأذناها لم تعودا تسمعان شيئًا غير الذي قيل منذ ثواني.
ستصبـــــــــح أمــــــــــــًا!!
رباه ، كم أنّ وقع هذه الجملة كبير، كبير جدًا بالدرجة التي باتت فيها نبضات قلبها تتصارع، سيلٌ من السعادة بدأ بالإنتشار مع دمائها، وكلّ أمرٍ سلبيٍّ في حياتها قد اختفى / تلاشى
وفرحٌ كهذا يأتي ليُزيل كل الأحزان قبله، وابتسامتها الآن محت كل دمعةٍ كانت، إنّك كريمٌ يا الله، كريمٌ بالقدر الذي يجعل الأفراح في القلوب أقوى من مئةَ حزنٍ خلى، أقوى من وطأةِ كل دمعةٍ سقطت لتُزيل ألوان السعادة في قلبها، والآن هذه الفرحة كانت كبيرةً بالقدر الذي يُزيل كل دمعةٍ قد تُنهي سعادتها هذه.
شهقت بعمقٍ وهي تُغمض عينيها، وكفها استقرت على بطنها، هنا، توجدُ روحٌ لم تتكون بعد، توجد روحٌ لم تكتمل بعد، هنا توجد سعاةٌ سرمدية لا تنتهي بأيّ حزن، توجد روح السعادةِ برمّتها.
زفرت بقوةٍ ودمعةٌ سقطت من عينها اليُمنى، سقطت لتكون المناقض الآن لابتسامةٍ تصاعدت على شفتيها، لتكون المناقض في لحظةٍ كهذه.
اتسعت ابتسامة الطبيبة التي هتفت : نقول دموع الفرح؟؟؟
أومأت وهي لاتزال تُغمض عينيها وروحها اليوم أخرى، ومن ثم استدارت لتنظر لأم سيف بحزم : ما عاد يهمني … ما عاد يهمني
فهمتها أم سيف جيدًا، فرحتها الآن أكبر من أن تهتم لردة فعل سيف، حتى هي فرحت بالقدر الكافي لتتجاهل ما سيحدث، لكن أيعقل أن تكون ردة الفعل كبيرةً بالقدر الذي يُنسيهما فرحة هذه الثواني؟؟
تحركتا خارجتين بعد أن ودعتا الطبيبة التي أهدتها نصائح قبل خروجها . . وفي السيارة.
ام سيف : ديما
نظرت إليها ديما بذات الضياع، وكأنها لم تصدق بعد أنها تحملُ روحًا في أحشائها، وكفها القابعة على بطنها تُثبت عدم تصديقها ذاك.
أردفت ام سيف : سيف مو لازم يعرف الحين
قطبّت جبينها قبل أن تهتف بحدة : وليه؟ حرام احمل يعني؟ آخرته بيعرف وما بيده شيء، لا بيقدر يرجع الزمن لورى عشان يمنعني ولا بيكون فيه بطش كبير لدرجة انه ينزله
تنهدت ام سيف بقلق : وهذا هو اللي مخوفني
اتسعت عينا ديما بصدمة : لا مو معقول … ما يوصل لهالدرجة
ام سيف : اي ما يوصل … بس ما تدرين وش ممكن يصير في لحظة غضبه، وانتِ حملك ماهو ثابت للحين وينخاف من ردة فعله
صمتت ديما للحظاتٍ باقتناع، بالرغم من أنّ الفكرة أثارت حنقها كثيرًا، أيعقل أن تصل به الغطرسة إلى قتل ابنه قبل أن يأتي! أيعقل أن يصل به إلى ذلك.
وكم آلمتها تلك لفكرة، لكنّ الحذر واجب، وهي يجب عليها أن تحذر في هذه الأثناء قبل أن تندفع لتخبره، وكم من القسوة أن يرفض!!


,


كانت تجلس أمام التلفاز حين دخل عليها، كملاكٍ وردي ترتدي بيجاما وردية انسدلت على جسدها بنعومة، تأملها للحظاتٍ وابتسامةٌ ارتسمت على شفتيه، قبل أن يتجه إليها ليجلس بجانبها، وحين انتبهت له هي لم تنظر إليها، ولا رغبة لها في احتكاك وجهها بوجهه.
تناول كفها بين كفيه ليهتف : شلونك اليوم؟
جيهان بهمس : طيبة
فواز : شربتي دواك؟
أومأت دون كلمةٍ قبل أن تتحول ملامحه للجدية : والحين نقدر نتكلم دامك صرتِ بخير
زفرت بيأس، وهذا المحور من الحديث لا يروقها، يثير ذكرياتٍ قاسيةٍ في عقلها، يُرهق قلبها . . همست برجاء : مو الحين فواز … تكفى
تنهد فواز وهذه النبرة لا تروقه ، قبل أن يهتف بحدة : ومتى بنتكلم ان شاء الله؟ إذا ما انتهينا من سالفة الماضي مستحيل نعيش مع بعض
جيهان بهمس : سواءً كذا والا كذا … ماراح نعيش مع بعض
رفع حاجبًا : تحلمين
وقف ليُردف بقسوة : وقلتلك مليون مرة … طلاق احلمي فيه
نظرت إليه لدقائق بصمت، بنظراتٍ ميتةٍ لا تعبير فيها، بينما زفر هو بانفعالٍ ليهتف : ولعلمك … تراني راجع بعد كم يوم للسعودية عشان زواج أسيل، وبآخذك معي
فغرت شفتيها واتسعت عيناها، والصدمة والرفض تراءت عليها، ستعود! ستعود للمكان الذي هربت منه؟؟
لا ، مُحـــال .. لن تعود مهما حدث، لن تعود للبلد الذي هربت منه مهما حدث.
انتبه فواز لنظراتها، وقبل أن تصرخ بالرفض كان هو قد سبقها بقسوة : على أساس فيه مكان أحطك فيه؟؟
بترجعين يا جيهان معي سواءً رضيتي أو لا .. لأنه من سابع المسحيلات اتركك هنا بروحك
وكلامي هذا أمر ماهو تخيير


.

.

.


يتبــع في الجزء الثاني

بليز لا تقولوا قصير لأني أنا نفسي متعقدة من هالقصر
تراه هو جزء بسيط وبيتكمل ، ولو خلصته قبل الخميس أوعدكم بحطه لكم
بس ارحموني من العتاب - دمعة -




ودمتم بخير / كَيــدْ !

لست أدرى 26-09-14 07:32 PM

رد: قيودٌ بلا أغلال عانقت القدر القيد التاسع عشر
 
ولا يهمك يا غالية ... مافيش لوم عليكِ


راجعالك بالرد قريبا او ربما اآجله لبعد الجزء الثانى


بالتوفيق حبيبتى

كَيــدْ 30-09-14 06:06 PM

رد: قيودٌ بلا أغلال عانقت القدر القيد التاسع عشر
 



السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
إن شاء الله تكونون بألف خير وعافية

جايتكم والخبر الشين بس لا تحذفوني بأقرب شيء عندكم -_-

من المفترض أكون مخلصة الجزء الثاني من زمان ومنزلته لكم بس يا كثر ما أقول " يا شين حظي مع الأجهِزة "
الزبدة اللاب مريض ومحتاج دعواتكم <_<
لا تقولون كاثرة اعذارك هاليومين بس الوضع والله ماهو بيدي
وانا من اكثر الناس اللي تكره كثرة الأعذار بس اصبروا
راجعة لكم متى ما تضبط الوضع :$

متأكدة وواثقة فيكم وفي رقيّكم
وعارفة انكم راح تعذروني لأني ما اعتذر عن هباء
فلا تخذلوني هالمرة




أحبكم () والله لايحرمني منكم ومن أمثالكم
استودعكم ربي


أبداع أنثى 30-09-14 06:34 PM

رد: قيودٌ بلا أغلال عانقت القدر القيد التاسع عشر
 
هـــلآ كــيــد

ياليــت كل الاخـبــار الشـيــنــه كــذا

أنا متابعـه لك بصمت من مده قريبه والله

كنت أنتظر نزول البارت حتى أعلـق

ههههههه ومن نحاسه حظي طلع لابك خربان

ترى السبب أنا مو لآبك ^_^

أهم شي نبــي بــارت مشبــع

والله يعطيك العـافيـه ع هالجميـلـه الرائعه

لست أدرى 30-09-14 09:03 PM

رد: قيودٌ بلا أغلال عانقت القدر القيد التاسع عشر
 
ههههههههههههه طيب كدو صابرين عليكِ ... افتكرى الجمايل دى بس لوول


أهم حاجه ترجعيلنا بعيدية محترمة ... اقل من كده مش هنقبل


كل عام وأنت بخير ياقلبى

fadi azar 02-10-14 09:26 PM

رد: قيودٌ بلا أغلال عانقت القدر القيد التاسع عشر
 
اختي لقد لفت نظري اسم الرواية فبدات بقراة اول قيد لاعرف هل اكملها ام اتركها فما شعرت الى وانا اختم القيد العشرون فعلا رواية رائعة جدا وساكون من المتابعين لها

كَيــدْ 05-10-14 06:11 PM

رد: قيودٌ بلا أغلال عانقت القدر القيد التاسع عشر
 
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته :$
إن شاء الله تكونون بأتم صحة وعافية

عساكم مبسوطين بالعيد!
وكل عام وأنتم بخير وصحة وعافية
عساكم من عوادة وياعسى أفراح العيد ماتفارقكم في أيامكم

هذا ثاني عيد يمرّ وأنا معكم
وما أنكر إنهم كانوا مختلفين لدخولي لعالم جديد وهو النشر
بس هالإختلاف لذيذ جدًا مو لدخولي بهالعالم وبس! اللذاذة كانت بتواجد متابعين مثلكم وبكل صدق
ياعسى ربي مايحرمني تواجدكم ()

بحاول إن العيدية توصلكم قبل انقضاء الأسبوع
صحيح متأخر بس أفضل من لا شيء
وإن شاء الله اللاب بيطلع من الصيانة اليوم أو بكرة وراح أبتدي في تكملة الجزء وبطوّله بقد ما أقدر عشان يكون تعويض



أستودعكم ربي ()

لست أدرى 07-10-14 12:22 AM

رد: قيودٌ بلا أغلال عانقت القدر القيد التاسع عشر
 
كدو يا قلبى ... شوفى تقرير روايتك هنا وقوليلى رأيك !!

كَيــدْ 07-10-14 08:45 PM

رد: قيودٌ بلا أغلال عانقت القدر القيد التاسع عشر
 
اقتباس:

المشاركة الأصلية كتبت بواسطة لست أدرى (المشاركة 3480697)
كدو يا قلبى ... شوفى تقرير روايتك هنا وقوليلى رأيك !!

وصلني الرابط بالآسك من كم يوم وشفته :$
ومايحتاج أقول لك وش رأيي لأن جمال أسلوبك حكى ()
حبيت سلاسة أسلوبك وبساطته اللي أوصلت شعور الأبطال قبل لا توصل محتوى الرواية
وببساطة التقرير وصل قلبي قبل لايوصل لعيوني

تشكرات على هالجمال يا ملكة ()

لست أدرى 07-10-14 09:08 PM

رد: قيودٌ بلا أغلال عانقت القدر القيد التاسع عشر
 
اقتباس:

المشاركة الأصلية كتبت بواسطة كَيــدْ (المشاركة 3480964)
وصلني الرابط بالآسك من كم يوم وشفته :$
ومايحتاج أقول لك وش رأيي لأن جمال أسلوبك حكى ()
حبيت سلاسة أسلوبك وبساطته اللي أوصلت شعور الأبطال قبل لا توصل محتوى الرواية
وببساطة التقرير وصل قلبي قبل لايوصل لعيوني

تشكرات على هالجمال يا ملكة ()



تسلمى ياقلبى ..


ده مايوفيش روايتك حقها ، لكن مجرد محاولة بسيطة منى لا اكثر

وان كنت قدرت اوصل شعور ابطالك فعلا فده لأنى حسيته وبقوة بفضل روعة أسلوبك اللى خلانا متعايشين معاهم وعارفين كل دخائل نفوسهم .. اتمنى بس انى اكون قدرت افهم دواخلهم فعلا !!


بالتوفيق ياقمر .. بانتظارك

كَيــدْ 22-10-14 08:41 AM

رد: قيودٌ بلا أغلال عانقت القدر القيد التاسع عشر
 
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته :""
شلونكم؟ إن شاء الله طيبين!

حبايبي من جد اشتقت لكم واشتقت للذة التزيل ومشاركتكم بالتعليقات

صعبان علي اللي بقوله بس ماحبيت أخليكم مثل ( الأطرش بالزفة )
مالي شغل في الإلكترونيات ولا لي علم في سوالفها
هو شكله لابي منتهي وخالص، وللحين صدقوني والله مدري إذا بيرجع لي أو انتهى خلاص
عمومًا هو أنا رافع ضغطي من زمان وناوية أشتري لي واحد جديد إن كتب الله ذلك


''( نترك البربرة وندخل في الأهم "( أنا بغلق الرواية مؤقتًا وأوعدكم برجع لكم بأقرب فرصة <- وأحط تحت أوعدكم مليون خط
ودامني أدخل المنتدى فهذا يثبت إني بكمل معاكم
يعني لا فكرَت وحدة فيكم اني ناوية أسحب عالبطيء تذكروا إني أدخل المنتدى وهذا وحده اثبات غير السوشيال ميديا وتواجدي فيهم
يعني بالعقل وحدة تسحب أكيد راح تدور راحة بالها وتغير عضويتها وتحذف حساباتها! عشان بس راحة بالها والهروب من الأسئلة والعتاب
وأنا من الناس اللي تدور راحة بالها لذلك كونوا واثقين برجعتي

إغلاقي للرواية ما كان إلا عشانكم ويشهد ربي على كلامي :" أقدر أتركها مفتوحة ومجال التعليقات والإستفسارات مفتوح بس كِذا انتو راح تكونوا منتو عارفين تمامًا اذا بكمل قريب أو بعيد
ودامها مغلقة وما انفتحت الجواب واصلكم بدون وجع راس :) ولأنكم تهموني ويهمني عدم تشتيتكم والتشيِيك الدايم على الرواية بتتم مغلقة إلين ما يفرجها ربي
وأتمنى يكون قريب وانتو لا تحرموني من الدعوات

"( حساباتي مفتوحة لكم، بروفايلي والخاص مفتوحين لكم، وأي سؤال أو استفسار أنا حاضرة لعيونكم ()
تويتر, كِك, سايات مي.
+( الآسك غيرته وهذا الجديد : _Kaid@
وحياكم دايم ()

بشتاق لكم يشهد ربي :(


تحيــاتي ()

تفاحة فواحة 20-11-14 06:26 PM

رد: قيودٌ بلا أغلال عانقت القدر القيد التاسع عشر
 
تفتح بطلب من الكاتبه
حياك الله كيد منوره

كَيــدْ 20-11-14 07:16 PM

رد: قيودٌ بلا أغلال عانقت القدر القيد التاسع عشر
 


السلام عليكم ورحمة الله وبركاته



من باب : اذا لم تكن لديك الظروف فاصنعها
صنعت لِي ظرف ما أثق في دوامه عشان أرجع للرواية من بعد ما اشتقت لها
مو مهم الطريقة اللي بنزل لكم حاليًا عبرها بس اللي يهمني أقوله لكُم هو إني - ما أثق في دوام هالطريقة - وحبيت أبلغكم من البداية
عشان لا انقطع هالظرف ما تقولين قاعدة تجيب أعذار كل شوي!

http://up.graaam.com/uploads/imag-6/...529117c1c9.jpg

+ ( عارفة ومتأكدة بعد إنّ فيه منكم اللي يشوفني من منظار - الكاذبة - اللي تلفّق الأعذار وما ألوم اللي يفكر فيني بهالطريقة المُحبطة
والسبب إنكم ما تعرفوني كويّس إضافةً للإنقطاعات والسحبات السابقة في روايات تعلقتوا فيها
بس حاولوا تغيّرون هالنظرة ولا تمشوا مع " الشر يعُم! " لأنه غلط تعممون نظرتكم على جميع الكاتبات اللي يتعثرون شوي وعلى اللي يطيحون وما ينهضون!
وكونوا واثقين إني لو أغلقت الرواية أو تأخرت مرة ومرتين إلا أني راح أوصل في النهاية لبر الأمان برفقتكم جميعًا أو بدونكم مع إنّ قلبي ما يقوى :(
وتذكروا إني بديت الرواية بروحي، بدون لا يكون معي أحد يقول لي إبدأي
فمن سابع المستحيلات أوقف لأني مالقيت شخص يقول لي كملي.


+ "( لا تسألوني ليه فتحتي الرواية وانتِ مو ضامنة دوام التنزيل بهالوقت وهذا غلط بحقكم إني أوقف كل شوي - لأمور خارج إرادتي -
لكن انظروا للجانب المُشرق في الموضوع، على الأقل - فيه احتمال - لدوام التنزيل وأنا ماقلت أكيد بيزول هالظرف اللي صنعته
+ عشان ما تنسون الأحداث ونسترجع جو التنزيل شوي ()



كثرت بربرة وهذي عادتي :$ :P
وفي النهاية البارت إن شاء الله بيكون يوم الأحد ، أقصد بارتين طويلين مُش بارت :D
انتظروني ()


كَيــدْ 20-11-14 10:04 PM

رد: قيودٌ بلا أغلال عانقت القدر القيد التاسع عشر
 
اقتباس:

المشاركة الأصلية كتبت بواسطة لست أدرى (المشاركة 3475974)
حمدا لله على السلامة يا غالية .. شفاك الله وعافاكِ حبيبتى ... آسفه انا جيت متأخرة اساسا فماشفتش الخبر الا بعد مارجعتى .. عودا حميدا


نيجى للبارت الرائع بكل معانيه ... ماشاء الله عليكِ حبيبتى بتتألقى يوما بعد يوم .. بجد بحسك كل بارت بتتفوقى على نفسك اكتر واكتر ... قوة سردك للمشاعر وأسلوبك فى التعبير اللى يخلينا كأننا مكان البطل وحاسين بكل اختلاجات نفسه !!! ماقدرش اقولك غير أبدعتى أبدعتى أبدعتى ...

إلين المتصدرة لهذا البارت سواء فى بدايته .. سواء فى قصتها اللى اتضحت تفاصيلها كاملة ، سواء فى حزنها وقوة ألمها ووصفك الرائع لمشاعرها وجودة اختيار الكلمات .
طبعا عبد الله تصرف بمنطقية تامة ... خصوصا انه لسه مش قادر يستوعب الموقف وبيحاول انه يلاقى ثغرة تنفى الموضوع من أساسه .
السؤال دلوقتى ... ليه رقية دى ظهرت فى حياة إلين مرة تانية ؟؟؟ بتقولها مشتاقة ؟؟؟ أى اشتياق ده من أم كان اسهل ماعندها انها ترمى بنتها للشارع ؟؟ أى اشتياق بتتكلم عنه وهى يادوب جات ألقت عليها الصدمة واختفت من حياتها مرة تانية ؟؟ أى اشتياق ده قولولى بالله عليكم !!! هل دى أم ؟؟؟ خسارة فيها اللقب والله .

بس فيه نقطة .. أدهم بيقول انه أخو إلين من أم تانية .. المفروض البطاقة العائلية بيتكتب فيها أسامى كل الزوجات واسامى كل الابناء وكل ابن منهم هو من أى زوجة .. فليه ده ماظهرش فى البطاقة اللى رقية ورتها لإلين ؟؟!!!!
محتاجه اجابة عن النقطة دى ..


غزل وسلطان .... آآآآه عليكِ يا بنتى ، وقعتى فى ايد من لا يرحم !!! هههههههههه
سلطان شاف اللى يكفيه وزيادة من الناس دول فطبيعى انه مايقدرش يستحمل بنتهم اكتر منكده وهو شايف فيها دم اللى قتلوا أبوه ... بس هى كمان ردتهاله صح لما قالتله انه هو كمان دمه من دم سلمان !!! ههههههههههه عجبتنى الحتة دى .
المهم ... سلطان حالته صعبة الفترة دى ، خصوصا لحد مايلاقى ليلى او يعرف ايه اللى حصلها ... ازاى هتكون علاقته بغزل فى الفترة الحرجة دى ؟؟ حمدت ربنا انه مسك نفسه وماضربهاش وخلاها تروح اوضتها قبل مايطلع همه فيها اكتر .. لأنه البنت كمان مش ناقصه تشوف منه جانب وحش يكرهها فى صنف الرجالة كلهم بزيادة ... مش متخيلة الوضع هيكون عامل ازاى .. بس اتمنى غزل تخرج من قوقعتها شوية وتحاول تقف جنب سلطان وتخفف عنه ، على الاقل تحترمه وماتزودهاش عليه ، ولو عملت كده هو بالمقابل هيراضيها ومش هيسئ لها ... عارفه انه صعب خصوصا انه سلطان اساسا كتوم ومش هيفتحلها قلبه ابدا ، وفى نفس الوقت هى مش عايزة اى تطورات فى علاقتها معاه .. هى عايزة العلاقة تفضل باردة لحد ما السنة تخلص !!! بس دعونا نأمل فى صمت


ديما وسيف ... عجبنى المشهد جدا وهو نايم ذو الحواجب المعقودة على الدوام !! الأخ بيتخانق حتى وهو نايم ؟؟؟ هههههههههههههه الله يعينه على نفسه الصراحة ... حبيبتى ديما ربنا يصبرها

ربنا يستر هتخرج من المأزق الاخير ده ازاى ؟؟ ولا هيشوف الاختبار فى ايدها ويثور ويهيج بقى وخلاص تمر العاصفة ؟؟ المشكلة انه لو ده حصل فهى مش هتمر على خير لأنه سيف ممكن يتمادى ويطالبها تنزل الحمل او يطلقها !!! مش عارفه يا كدو انتى ناويالهم على ايه ؟؟ الله يستر منك .

أسيل وشاهين ... بانتظار اللقاء المرتقب ... بقولك إيه عايزينه لقاء متظبط بقى كده ومتميز يعوض عن غيابهم بقالهم كام بارت .. ولا إيه ؟؟؟
صراحة بشفق على اسيل من حيرتها والموقف الصعب اللى هى فيه .. فكرة المقارنة انها زوجة لأخين ، وحاسة بالخيانة فى حق الاتنين !!! موقف صعب بجد ومش هين على اى حد .



ملحوظة بس صغيرة .. " تشعر أنها تبتلع أسيدا من شدة حرارة الخوف " أسيد مقابلها فى العربية حمض أو حامض .. فلم استخدام الالفاظ الغربية وانت تتحدثين بالفصحى !


بالتوفيق يا قمر

بانتظارك فى البارت القادم باذن الله .



ياهلا فيك وتسلمين على جمال قلبك
+( أنتِ أكثر وحدة أعتذر منك بشدة
تأخرت كثير في ردي عليك بس اسمحيلي ظروفي منعتني
أتمنى تعذريني لأنها مو المرة الأولى اللي أتأخر فيها عليك :$

أول شيء يسعدني كثير إن أسلوبي في عيونكم يتحسن أكثر من قبل ()
شيء يزيد من فخري والله :)


ما شاء الله عليك دايم تركزين في نقاط غيرك ما يركز فيها ولا ينتبه لها
بيوضح وش قصة ام أدهم اللي مافيه إثباتات لها عندهم

ههههههههههههه سيف له شخصية متفردة حتى في أحلامه :P لووول


بالنسبة لكلمة ( أسيد )، أظن ذكره عادي في الفصحى لأنه اسم علمي .. بس شككتيني وراح أنتبه وأشوف الوضع في المرات الجايـة :(


أنرتِ :" وتعليقاتك دايم سعادة بالنسبة لي ، ممتنة لقلبِك ()

كَيــدْ 20-11-14 10:11 PM

رد: قيودٌ بلا أغلال عانقت القدر القيد التاسع عشر
 




اقتباس:

المشاركة الأصلية كتبت بواسطة فتاة طيبة (المشاركة 3476719)
رائع ياكيد رائع أرى أمامي كاتبة واعدة قادمة بقوة لديك قلم مذهل تبارك الله في حسن الصياغة وقوة اللغة وروعة التراكيب ... شدتني الرواية رغم انها لم تكتمل لاجد امامي معزوفة جميلة تتقاطر حسنا وبهاء ... سلمت أناملك ونحن متابعينك بإذن الله لنهاية القصة .


الروعة بعيونِك عزيزتي تسلمين والله كلك ذوق :$
أفتخر بمتابعتك ونورتينا ()

كَيــدْ 21-11-14 06:53 AM

رد: قيودٌ بلا أغلال عانقت القدر القيد التاسع عشر
 




اقتباس:

المشاركة الأصلية كتبت بواسطة أبداع أنثى (المشاركة 3478381)
هـــلآ كــيــد

ياليــت كل الاخـبــار الشـيــنــه كــذا

أنا متابعـه لك بصمت من مده قريبه والله

كنت أنتظر نزول البارت حتى أعلـق

ههههههه ومن نحاسه حظي طلع لابك خربان

ترى السبب أنا مو لآبك ^_^

أهم شي نبــي بــارت مشبــع

والله يعطيك العـافيـه ع هالجميـلـه الرائعه


ياهلا فيك يا الغالية ()
حياك الله بيننا وياسعادتي فيك والله

ههههههههههه مو منك الا من سوء تعاملي أنا :P
أنا للأسف فيني عاد سيئة في استخدام الأجهزة هي السبب في خرابها <- خلينا مستورين أحسن ~_~

إن شاء الله بدل البارت بيكون فيه بارتين مع إنهم ما يعوضون عن الشهرين اللي فاتوا
بس إن شاء الله يرضوكم :""

أنرتِ وخالقي ()



كَيــدْ 21-11-14 07:01 AM

رد: قيودٌ بلا أغلال عانقت القدر القيد التاسع عشر
 




اقتباس:

المشاركة الأصلية كتبت بواسطة لست أدرى (المشاركة 3478415)
ههههههههههههه طيب كدو صابرين عليكِ ... افتكرى الجمايل دى بس لوول


أهم حاجه ترجعيلنا بعيدية محترمة ... اقل من كده مش هنقبل


كل عام وأنت بخير ياقلبى


ههههههههههههه وجاء العيد وانتهى والبارت ما جاء :P
بس اعتبري فتح الروايـة راح يكون بمناسبة اتمامي للـ 17 من العمر ودخولي في عمر جديد :)))
وهذا كان من أسعد الأمور بالنسبة لي
والبارتين بيكونون هدية خاصة لكم بدل لا تهدوني أنتم لوووول
وإن شاء الله تقبلين فيهم :(


كَيــدْ 21-11-14 07:08 AM

رد: قيودٌ بلا أغلال عانقت القدر القيد التاسع عشر
 



اقتباس:

المشاركة الأصلية كتبت بواسطة fadi azar (المشاركة 3479040)
اختي لقد لفت نظري اسم الرواية فبدات بقراة اول قيد لاعرف هل اكملها ام اتركها فما شعرت الى وانا اختم القيد العشرون فعلا رواية رائعة جدا وساكون من المتابعين لها

ويا فخري الكبير والله
شكرًا لكَ أخي وأنا أعتز بتواجدك في صفحات روايتي المتواضعة :)

أنرت ..

حنان الرزقي 21-11-14 07:44 AM

رد: قيودٌ بلا أغلال عانقت القدر القيد التاسع عشر
 
ماشاء الله تبارك الله ياابنتي فاجأني سنك الذي ذكرته في تعليق سابق مع مالمسته من موهبة متميزة وابداع أخّاذ في روايتك ظننته متأت من كاتبة ثلاثينية او اربعينيّة خاصة قدرتك الرائعة على استبطان الشخصيات وكشف جوانبها النفسية الخفية رغم تعددها واختلافها ومن اصعب الامور فعليا هو ان تجعلي القارئ يرى كل ذلك من خلال كلمات فحسب فترتسم في ذهنه صور ومشاهد شتى وتلك هي وظيفة السرد الملغم بالحوار والوصف فيصبح صاحب الرواية ليس كاتبا فقط بل هو مخرج تلفزي ايضا ,استمتعت فعلا بقراءة الفصول العشرين في ليلة واحدة تقريبا ولكن في منتدى اخر و انا بانتظارك ان شاء الله واخيرا اتمنى ان اجد قلما مبدعا كقلمك في اوراق تلاميذي فاسعد به وشكرا ياابنتي

لست أدرى 21-11-14 06:59 PM

رد: قيودٌ بلا أغلال عانقت القدر القيد التاسع عشر
 
يا أهلا بك كدو ... حمدا لله على سلامتك ياقمر


حبيبتى ... زى ماتشوفى وضعك يسمحلك قررى انت ... وفى كل الاحوال تأكدى انى معاك وبانتظارك .


سلامات ياقلبى

كَيــدْ 21-11-14 10:56 PM

رد: قيودٌ بلا أغلال عانقت القدر القيد التاسع عشر
 



اقتباس:

المشاركة الأصلية كتبت بواسطة حنان الرزقي (المشاركة 3492104)
ماشاء الله تبارك الله ياابنتي فاجأني سنك الذي ذكرته في تعليق سابق مع مالمسته من موهبة متميزة وابداع أخّاذ في روايتك ظننته متأت من كاتبة ثلاثينية او اربعينيّة خاصة قدرتك الرائعة على استبطان الشخصيات وكشف جوانبها النفسية الخفية رغم تعددها واختلافها ومن اصعب الامور فعليا هو ان تجعلي القارئ يرى كل ذلك من خلال كلمات فحسب فترتسم في ذهنه صور ومشاهد شتى وتلك هي وظيفة السرد الملغم بالحوار والوصف فيصبح صاحب الرواية ليس كاتبا فقط بل هو مخرج تلفزي ايضا ,استمتعت فعلا بقراءة الفصول العشرين في ليلة واحدة تقريبا ولكن في منتدى اخر و انا بانتظارك ان شاء الله واخيرا اتمنى ان اجد قلما مبدعا كقلمك في اوراق تلاميذي فاسعد به وشكرا ياابنتي


رباه ما أجملك!
قرأت تعليقك ببطء وتمعن من شدة جمال حكيك اللي وصل قلبي ()
ممتنة لك وممتنة لقلبك الزين ياعسى ربي يحفظك
كلك ذوق والله ، أحرجتيني بكلامك الحلو ()

لكِ خالص احترامي عزيزتي


كَيــدْ 21-11-14 11:02 PM

رد: قيودٌ بلا أغلال عانقت القدر القيد التاسع عشر
 

اقتباس:

المشاركة الأصلية كتبت بواسطة لست أدرى (المشاركة 3492183)
يا أهلا بك كدو ... حمدا لله على سلامتك ياقمر


حبيبتى ... زى ماتشوفى وضعك يسمحلك قررى انت ... وفى كل الاحوال تأكدى انى معاك وبانتظارك .


سلامات ياقلبى


حبيبتي والله :*
ربي يسلمك ويحفظك من كل شر
ممتنة لك ولقلبك الطيّب
أنتِ من الأعضاء اللي من بدوا معي وهم ما تخلّفوا عن ترك بصماتهم بين كل بارت وبارت
لذلك أنا ممتنة لك جدًا وممتنة لأمثالك اللي صار تواجدهم في الروايـة شيء أساسي عندي

لكِ حُبي ()

كَيــدْ 22-11-14 11:53 PM

رد: قيودٌ بلا أغلال عانقت القدر القيد التاسع عشر
 




سلامٌ ورحمةٌ من الله عليكم
صباحكم / مساؤكم سعادة وراحة بال


بسم الله نبدأ
قيودٌ بلا أغلال عانقت القدر
بقلم : كَيــدْ !


لا تلهيكم عن العبادات




(20)*2





الخامسةِ والنصف مساءً
كان جالسًا بصمت، على إحدى أرائك الصالة المواجهةِ لباب الجناح، يهزّ ساقه علامة الغضب، وأسنانه وطأت على طرف شفته السُفلى.
كان تحديًا، عنادًا منها، خروجها دون أن تنتظره ومع السائق هو بمثابةِ تحدٍ لفروضه، لقوانينه التي أنشأها منذ أن دخلت حياته وقلبه، لكلّ قمعٍ فرضه في حقها.
بدأت تنساب رويدًا رويدًا من بين براثن طاعته، بدأت بسلسلة عصيانٍ لا يعلم إن كانت ستطول، أينتظر أكثر؟ أينتظر انتهاء سلسلة تمردها حتى تصل لما قد يُنهي ما بينهما؟ وذاك مالا يريده، ذاك مالا قد يحتمل وطأته.
وهو الذي سيكون فاشلًا إن لم يحافظ على علاقته هذه كما لم يُحافظ على سابقتها، سيكون رجُلًا ضعيفًا إن فُكّت قيوده الملتفة حول عنقها كحبلِ مشنقةٍ يُحتم عليها الوقوف دون حركة، دون محاولةٍ للهرب والقفز حتى لا تموت!
إنّها فراشته الصغيرة التي تدور في فلك حرارته، يُحرقها كيف يشاء وهي المُنجذبة لنوره الآسر لعينيها، الحارق لقلبها.
أغمضَ عينيه بقوةٍ حين سمع صوت الباب وانفعالاته كُبتت قسرًا، كبتها حتى لا يثور في وجهها، ليس رحمةً بقدر ماهو تأنٍ، وتمردها اليوم سيكون الأخير ... يُقسم بذلك.
ما إن رأته حتى تشبثت بحقيبتها وخوفها سطعَ رُغمًا عنها، لكنها أخفته بمهارتها التي اكتسبتها حديثًا في علاقتها معه، بات سهلًا أن تتظاهر بالكره أو الشجاعة وهي العكس من ذلك، وعظَمةُ ما واجهته معه من تقلباتٍ أكسبها مهارةً في التصنّع.
تجاوزت نظراته تنوي الذهاب لغرفتها وهي تدعو أن يكون غضبه واقفًا عند الحد الذي ينظر فيه إليها بتلك النظرات الحارقة دون أن يقترب، دون أن ....
أغمضت عينيها بقوةٍ وهي تشعر بخطواته المهرولة باتجاهها، كم كانت غبيةً حين فكرت في أنه قد يتركها، وكأنها لا تعرف من هو!!
وقف أمامها والغضب يتراقص في عينيه، وما بينهما من مسافةٍ لا يتعدى السانتيمترًا الواحد، بينما المسافة بين قلبيهما تتباعد قسرًا، الأمان منه في قلبها يطير ورُبما دون عودة.
ويا للأسى حين يكون هو مصدر ذهاب الأمان، كان من المفترض أن يكون العكس من ذلك، كان من المفترض أن راحتي تكون بكَ ومعك، كان من المفترض بك أن تحميني حتى من نفسك! لكنّ القلق يتصاعد فيّ كلما تراءت أمامي تلك النظرات القابعة في عينيك، أترجّل كل قصائد الرثاء لموت ما قد أشعر به من راحةٍ معك، وهاهو قلبي يعزف لحن الأشطر وعيناي قافيةٌ لم تستوي لبطش عينيْك، لتمرد أحرف لسانك القاسي ولقسوة العضلة القابعة بين أظلعك.
هتف بخفوتٍ وهو ينظر في عمق عينيها : ليه صايرة تحبين العناد كثير؟
بللت شفتيها قبل أن تُشتت نظراتها الضعيفة عنه، المُنسلخ عنها قوةٌ زائفةٌ لا تفتأ أن ترحل في غياهب قسوته.
لكنّها رغم الخوف المُتمركز في قلبها رفعت عينيها إلى عينيه في مواجهةٍ عكسية، وشفتيها انفرجتا عن كلماتٍ قويةٍ رغم ضعف صوتها : صحتي أهم من موعدك مع ابنك!
قست عيناه وامتدت يده ليجذبها من عضدها إليه، وبكلماتٍ غاضبةٍ وصل مداها عبر أنفاسه الحارة : صعبان عليك تنتظرين كم دقيقة؟ والا هي فرصة واستغليتيها!!!
رغم الغضب في صوته، رغم كلماته المُستفسرةِ بقسوة، إلا أن عيناها بقيتا مُتّصلتين بعينيْه في تحدٍ جحيمي! ما كل تلك القوة التي تشعر بها رغم خوفها الذي يزلزل قلبها؟ هل حمل جنينٍ في بطنها يُكسبها كل تلك الشجاعة والرغبة في المواجهة؟ يُكسبها قوةً لا تطول في العادة!!
همست بحدة : مو مسألة فرصة واستغليتها ... بس الموضوع بكبره مثل ما حكيت عنه ... صحتي أهم من موعدك مع طفلك!! إذا كنت تلتقي فيه بكل يوم فأنا موعدي يوم واحد مايفرق معك تختلي لي؟ أجل أنا بعد ما تفرق عندي إذا عصيتك في كم ساعة!!
شد على أسنانه ولفظُ اسمها خرج من بين شفتيه بـ ( مي )، في العادة إن كان غاضبًا فهو يناديها باسمها لا بالإسم الذي ألقاه عليها، لكنّ لسانه في هذه المرة شذّ عن القاعدة فألقى في قلبها غلًّا وغضبًا أكبر
أعد إليّ هويتي التي مزقها لسانك، أعد إليّ - ديما - التي انطفأ نورها بشفتيك! ديما التي افتقدتها أذناي وحلّ محلها مي، ديما التي غابت عن علاقتنا بعد أن دهستها ببطشك.
عضت شفتها بقوةٍ حتى كادت أن تدميها، ثم رشقت باسمها غضبًا في وجهه : ديما .. ديمــا .. ديـــمــــــا
لفظت بالأخيرة صراخًا ليخنق صراخها بكفه، ووجهه اقترب أكثر ليهتف بخفوتٍ غاضب : لسانك محتاج قص! بس أكيد بعد ما أقص رجولك اللي صايرة تعاندني كثير هاليومين!
أمسكت بمعصمه لتُزيل كفه عن فمها بعنفِ الغضب بداخلها : وإن شاء الله الأيام القادمة كمان
قالت جملتها تلك ثم تجاوزته تنوي الإبتعاد عنه، قُربه بات يُغضبها أكثر، يُقلقها أكثر، ويقهرها كثيرًا!!!
لكنّ يده امتدت ليقبض على معصمها قبل أن تبتعد، ثم أعادها أمامه هاتفًا بغضب : على وين؟ يعني ترمين الكلام وتروحين! بدون حساب ولا شيء!!!
نظرت إليه ووجهها تشنج بغضبها، عيناها الخائنتان بدأتا بالإحتقان بدموعها الكريمة، ونظراتها المُنكسرة وصلت إلى عمق عينيه كسهامٍ مسمومة.
زمّ شفتيه قبل أن يشتت نظراته عن عينيها، ودموعها يجب ألا تُؤثر به فما الذي قد يختلف الآن؟ هل سينصاع الآن إلى عينيها؟ . . وعيناها ملاذها لكن ليس منه! ليس مني يا ديما فلا تذرفي تلك الدموع الآن فقلبي لن يرق لعينيك، قلبي لن يلين وهذا ما تعلّمه مع مرّ السنين
سيف ببرودٍ قاسي : تعاندين وتعصين كلامي وبعدها تتبكبكين! وتظنين ان كل كلمة ترمينها مجرد طق وسلام ... صايرة تتمردين بشكل لا يُطاق، بشكل أنتِ اللي راح تدفعين ثمنه! .... * أعاد نظراته لعينيها ليردف بحدة * محتاجة ترويض مم جديد يا مي!
عضت طرف شفتها وعيناها أطلقتا دمعها، وبالرغم من ضعف عينيها إلّا أن لسانها انطلق بتحدي : تراهن؟
سيف بحدةٍ وقد بدأت أعصابه تُتلف أكثر بتحديها : على
ديما : طفــــل
اتسعت عيناه، وبريق الشرّ تتلألأ في حدقتيه ... دفعها بقوةٍ جعلتها تتراجع خطوتين فقط وصوته اندفع إلى أذنيها عبر صراخه : ديــــــــمـــــــا
صرخت هي الأخرى بعد أن استقامت بطولها : هذا حقي ... حقي اللي مو بكيفك تمنعني منه ... حقي اللي أخذته مني بس أنا اللي بسترجعه غصبًا عنك
قبض على فكها بقسوةٍ حتى كاد أن يُحطمه، وصدره يرتفع ويهبط بجنون غضبه الذي وصلها بسهولة، لكن لن تنصاع، لن تضعف أمام ظلمه هذا.
هتف في وجهها بغضب : قلتلك من قبل .. طفل ما أبيــه ... سواءً منك أو من غيرك
وانتهى هالكلام من سنين ماله داعي هالعناد منك * وبقسوةٍ أكبر * لأنه انتهى ... فاهمة؟!
قال كلمته الأخيرة وهو ينزع قبضته عن فكها بقوةٍ أدارت رأسها، بقوةٍ حطمت قلبها لتُذرف دموعها بكرمٍ حاتمي.
سمعت صوت خطواته الغاضبة تبتعد، إلى أن تعالى صوت إطباقه للباب الخارجي للجناح بينما قدميها اتجهتا لأقرب أريكةٍ حتى تجلس، تشعر أن طاقتها كُلّها هدرت في هذه المواجهة، تحديدًا بعد كلماته الأخيرة، كلماته التي أثبتت كلام أمه، من غير الحكمة أن يعلم الآن، من غير الحكمة أن تتهور بتحديها فتخبره.
لكن وما معنى أن يرفض طفلًا! هاهو طفلها بين أحشائها، سواءً رضي أم لا، سواءً وافق أم رفض، لا يُهمها تبعات ذلك لأن سعادتها به ستكون كافية، ستكون مُضادًا لكل ما قد تمرّ به من قِبله.
مسحت على بطنها بباطن كفها وعيناها تتلألآن بحنينِ أمٍ تنتظر طفلها وقدومه، بحنين أنثى انتظرت هذا الشعور العظيم ليأتيها بعد سنواتٍ جافة، بحنين امرأةٍ تتمنى طفلًا تحمله بين يديها وتُرضعهُ من حليبها.
همست من بين أسنانها بحدةٍ وهي تمسح على بطنها وكأنها تطمئن جنينها : بيرفضك بهالوقت .. بس آخرته بيرضى ... بترضى يا سيف، بترضى


,



راقبها ببرودٍ وهي تضع كأس الشاي على الطاولة الزجاجية أمامه، أنفها مُحمرٌ والشحوب بادٍ على ملامحها، لم تكن لديه أيّ رغبةٍ في الجلوس حين عرف أنّ والدها وفارس غير موجوديْن، لكنّ دافعًا غريبًا داخله جعله يبقى، جعله يقعد مع أكثر البشر قُبحًا لديه، ولطالما سأله ناصر مغتاظًا : ماذنب فتاةٍ أنا ظلمتها؟؟
بلل شفتيه بطرف لسانه، ونظراته الباردة اتجهت للكأس المندفع منه دخانٌ يجاري الحرارة الكامنةَ بداخله، يُجاري ما يشتعل في قلبه من صراعٍ واحتكاكِ عدّة مشاعر لينتج عن هذا الإحتكاك شرارة حقد! شرارة غضب.
بينما كانت تنظر له هي عن بعد خطواتٍ لا تتجاوز الإثنتين، شحوب ملامحها إثر المرض ازداد بزيارته، وازداد أكثر ببقائه ... وبقائها هي بمفردها معه!
تحركت شفتاه، بعد دقائق طالت بصمتهما، بعد دقائق كانت رحيمةً لها بصمته، بصوتٍ كان صقيعه قاتل! : وبتظلّين واقفة طول اليوم قدامي؟؟
قطّبت جبينها لتبتلع ريقها بتوتر، وما فهمته من كلامه هو أن تخرج، أن تختفي من ناظريه، وهي لا تمانع إطلاقًا.
لكنّ صوته الذي أكمل بهمسٍ حاقد جعلها تفهمه جيدًا وتفهم ما أراده بحديثه، صوته الذي اندفع بسهامٍ مسمومةٍ أصابت قلبها في مقتل : ما تختلفين عن أمك أكيد، كانت تعامل الضيوف بطريقة غلط! وانتِ الحين واقفة قدامي مثل الصنم وكأنّي زبون في مطعم تشتغلين فيه * وضع ساقًا على أخرى لترتفع نظراته الحادة هذه المرة إلى عينيها * وراه ما تجلسين؟ تراني ما آكل!
عضّت طرف شفتها بحنقٍ لم يظهر لعينيه المُتربصتين بأقلّ حركةٍ منها، كيف له أن يتكلم عن أخته الميتة بهذا الشكل؟ كيف له أن يذُمها وهي التي تقطن في قبرها الآن ... والسؤال الأهم في هذه الأثناء ، أيعقل أنه يكره أخته!!!
اختلطت العديد من الأفكار في تلك الثواني وعقلها لم يستطع ترجمة الكلمات القليلة التي ذكرها، والمغزى الذي وصلها من حديثه، أنه يكره أمها - والتي هي أخته - كما يكرهها!!
لمَ هو قاسٍ هكذا؟ قاسٍ حتى على أخته كما هو قاسٍ معها، قاسٍ حتى على نفسه وهذا ما يظهر لعينيها.
جلست على بُعدٍ ليس بقليلٍ عنه، وكأنه وباءٌ قد يصيبها إن هي اقتربت، والحقيقة أنه يعاني من وباءٍ لا تظنّ أن له علاج.
زمّت شفتيها بصورةٍ سريعة قبل أن تشحذ لسانها بالشجاعة لتنطق بصوتٍ اندفع فجأة : خالي
ارتفع حاجبه قبل أن تحتد نظراته دون أن يُجيب وهو ينظر إليها، ينتظر اكتمال حديثها دون أن يُرهق نفسه بالرد على من لا يرى أنها تستحق.
ابتلعت ريقها ببطءٍ قبل أن تتردد، وبوجع : ليه تكرهني؟؟
تيبست نظراته للحظاتٍ بعينيها اللتين تشتتا في لحظةٍ وكأنّ شجاعتها انسحبت دفعةً واحدة من أرض المعركة، أهذا وقت الهروب؟ أهذا وقت التراجع؟ أهذا وقت الخوف من نظراته القاسية تلك؟؟
التوت شفتيه في لحظةٍ بابتسامةٍ قاسيةٍ ساخرة، ليهتف بصوتٍ اندفع كفحيحِ أفعى متسلطة : على أساس لك الحق تدخلين مزاجي أول! لا دخلتي مزاجي يا بابا هنا ممكن أتقبل وجودك
ابتلعت غصتها وغضبٌ تأجج داخلها من كلماته التي انبعث بها كبرياءٌ مقزز، وكأنه لا يتحدث إلا مع حشرةٍ لا قيمة لها . . نظرت لعينيه بحدة لتردّ بصوت خرج مغتاضًا : ذابحك الغرور مع احترامي لك
تجاهل جملتها بملامح عادت لبرودِها، ثم وقف فجأةً دون أن يكون قد ارتشف رشفةً من الشاي، دون أن يكون أعطاه الفرصة ليبرد حتى! . . بينما ملامحها احتفظت بقسوةِ القهر فيها، بقسوة الظلم منه، ما الذي فعلته ليكون معها بكل هذه البجاحة والقسوة؟ ما الذي فعلته له ليكون بكل هذا التعالي معها؟
هتفت بالقهرِ الذي احتفظت به سنين، بالقهر الذي نتج بسببه، بصوتٍ اندفع به الكثير من الحسرة : ترى الغرور مو بصالحك ... لأنه ماراح يزعج الا أنت فانتبه!
تجاهلها وللمرة الألف، تجاهل نبرتها المتحدية وكأنها لم تلفظ إطلاقًا، تجاهلها وهل عساه يردّ عليها الآن وهو الذي قد يندفع في أيّ لحظةٍ ليكشف كل مستور؟!!!
توقف عند الباب يُديرها ظهره وببرودٍ يُعاكس ما بداخله في هذه الأثناء : لا جاء ناصر يا ويل لسانك يعلّمه بتواجدي ، دامي جلست معك فاللي بيكون في عقله عن اللي صار بيننا تصوّر ثاني بعيد كثير عن الحقيقة!!!
فغرت شفتيها وليس تهديده ما أثار انفعالاتٍ وصراعاتٍ داخلها، بل كلماته هذه التي كانت تحمل العديد من المعاني التي لم يستطع عقلها إدراكها.
" فاللي بيكون في عقله عن اللي صار بينتا تصوّر ثاني بعيد كثير عن الحقيقة "!!!


,


تأفأفت وهي ترى رقمه يُنير شاشة هاتفها، مضت عدة دقائق وهو مُصرٌّ على مكالمتها بينما هي تتجاهل الردّ تمامًا، ويبدو في الحقيقة أنه مُعاندٌ لا مصرْ!
" أففففف " ... نطقتها للمرة الألف، لينجذب اهتمام والدتها وتتجه نظراتها إليها بعد أن كانت تقرأ في إحدى الكُتب التاريخية القابعة في يدها، وضعت الكتاب جانبًا على الأريكة التي تلوّنت بالقرنفلي الناعم، وبحاجبين انعقدا تساؤلًا : وش فيك تتأففين من ساعة؟ مضايقك شيء!
" وفيه غيره " ... كلمتان ودّت لو تصرخ بهما من شدّة الغضب والحنق المُتأججان في صدرها، المُسيطران على أيّ شعورٍ آخر ليكونا البارزين في بعض المحادثات بينهما.
منذ آخر لقاءٍ كان في عيْنيها جريئًا وهو لا يملّ من محاولة الحديث معها، وتارةً ينال ما يريد وأخرى تتجاهله به، والآن ما عسى أن يكون قرارها، أتتجاهله أم تغضّ الطرف عن ماضيها لترد عليه؟
تنهدت بضيق، ثم عاودت النظر لهاتفها بعد أن كانت عيناها مُتجهتان لأمها، وقد كان رقمه وقتذاك قد اختفى.
أسيل بهمس : مافيه شيء
نهضت لتُردف : معليش يمه عندي مكالمة برد عليها
ابتسمت أمها وقد استوعب عقلها بعض الشيء أن المعنِيّ بالأمر هو ( شاهين )، لذا هتفت : خذي راحتك
اتجهت أسيل لغرفتها، وفي أثناء صعودها عتبات الدرج أُنير هاتفها باتصالهِ كما توقعت، ردت عليه وهي تكمل طريقها، رُبما جزءٌ منها يشعر بالذنب، لذا ردّت عليه بصوتٍ هامس بالرغم من أنها حقيقةً لم تكن تريد الرد : ألو
وصلها صوته الخافت : يا هلا ... على بالي بتعاندين بعد!!
صمتت قليلًا، وطرف لسانها مررته على شفتيها باضطراب : كنت مشغولة شوي ، و ...
قاطعها : ولازلتي مشغولة وبتقفلين .... كذبة قديمة!!
احمرّت وجنتاها والتوتر غشى ملامحها، وفي أثناء ذلك كانت قد توقفت أمام باب غرفتها والكلمات تتنافر من حولها بكثافة الحرجِ الذي تغلغلها.
سمعت صوت ضحكاتٍ مكتومةٍ قبل أن ترتفع قليلًا ليطغى صوته على صوت مزامير السيارات من حوله، وذاك ما جعلها تدرك أنه يقود في هذه الأثناء ... كم هو مجنون! ... جملةٌ طرأت على تفكيرها، بل كانت مُستقرةً هناك في مركز ذاكرتها، مع جُملٍ عديدةٍ وصورٌ لا تبارح ذكرياتها، لا تبارحُ خلواتها، كصوته الذي طُبع في أذنيها كختمٍ خالدٍ لن يموت مادامت هي حيّة، كصورته التي لا تبارح ناظريها، كشخصه هو الذي احتلّ عرشها.

*

" يا مجنون! لا تكلم وانت تسوق " ... صرخت بتلك الجملة غاضبةً ليندفع صوتها إلى أذنيه عبر الهاتف كنصلٍ حاد جعله ينتزع الهاتف بعيدًا عن أذنيه لثوانٍ، وصوت ضحكاته تجلجلت في أنحاءِ سيارته قبل أن يُعيد الهاتف هاتفًا بضحكة : حشى مو صوت آدمية
أسيل بغضب : وهالراس اللي عندك مو راس إنسان .... شلون تفكر بالله؟
ضحك متعب بعبث : معليش أنا أفكر بعقلي مو براسي
أسيل بحدةٍ حانقة : متــعــب!!
ارتفعت ضحكاته أكثر، ليرتفع صراخها من الجهة الأخرى مما دفعه ليكتم صوت هذه الضحكات حتى تسلم أذنيه.
عقد حاجبيه وابتسامته حلّت محل ضحكاته : اتقي ربك ، إذا كان راسي مو راسي إنسان فإذني شاذة عنه
هتفت أسيل بحدةٍ يشوبها بعض القلق : اسمع ... أنا الحين بقفل ... وأول ما توصل اتصل فيني، مو ناقصني يصير لك شيء
ابتسم متعب بمحبة : تخافين عليْ؟
أسيل : شرايك؟
متعب : يا بعد قلبي والله ، أقـ
قاطعته بحدة : لا تطولها ... مع السلامة
أغلقت الهاتف مباشرةً ليجفل للحظاتٍ قبل أن تنفرج شفتاه عن ضحكاته، وجنونها المُتمركز في خوفها عليه من أشدّ ما يُحب، من أشدّ ما يروق له ويجعلها في عينيه الأنثى الفريدة من نوعها.

*

بللت شفتيها بلسانها، ورغمًا عنها اندفعت هذه الذكرى إلى عينيها، وكأنما ترى نفسها في ذاك اليومِ وهي واقفةٌ في منتصف غرفتها تُكلمهِ بغضبِ القلق داخلها، وليس ذنبها أن يحتلّ تفكيرها وهي معه! ليس ذنبها أن تفكر بغير شاهين في هذه الأثناء، ليس ذنبها أن يُشبهه في العديد من الأمور المنفرة بالنسبة لها وهي التي كانت تُؤمن أن لا اثنين منه فما الذي اختلف الآن؟ لمَ تراه في شاهين؟ لمَ يخونها عقلها حين تكون معهُ صوتًا أو جسدًا؟
همست دون شعور : معليش متـ * تداركت نفسها لتردف بارتباك * آمم ، شاهين ..... بقفل ولا وصلت للبيت كلمني
لم ينتبه للجزء الأول من جملتها في حين كان يضرب مزمار سيارته لتتحرك السيارة التي أمامه بعد أن فُتحت الإشارة، قطّب جبينه باستغرابٍ لطلبها، وصوتها كان صادقًا ليُدرك أنّها لا تتهرب من محادثته.
شاهين بتساؤل : وليه؟ لا تقولين مشغولة ومن هالحكي، عارف إن هالأعذار تقليدية وكاذبة
شتت نظراتها بقلقٍ من أن يكون قد انتبه لما كانت ستقول، لكنّ صوته كان طبيعيًا بدرجةٍ بثّت بعض الراحة إليها.
أسيل بهمس : ما أحب أكلم أحد وهو يسوق
اضطربت نظراته، وقد أدرك دون ذكاءٍ من هو ( الأحد ) هذا، وكيف قد لا يدرك وهو المرتبط بهذا الأحد من كل الجوانب حتى في زواجه!!
خانته شفتيه هذه المرة، ليهمس بخفوتٍ يرجو ماسيكون توهمًا : تخافين علي؟
صمتت للحظات، وترددها جوابٌ كافٍ يُشبع أذنيه ويُضاعف خيبته بها، من المؤلم أن لا تحمل زوجتك مشاعر خاصةٍ تجاهك، ليس المهم أن تكون حبيبتك لكن يكفي أنها زوجتك / ملكٌ لك! وكيف لهذا الملك أن يكون بهذا الإنحياز؟ أيكون الجلاد القاسي حتى تستوي؟ أم يكون الرقيق لتتمادى؟ ... وماذا إن كان مابين الإثنين؟؟؟!
للتو انفرجت شفتاها بعد أن درست الرد الذي ستطلقه على مسامعه، ردٌ برقةٍ كافيةٍ يكون عادلًا في علاقةٍ كعلاقتهما، علاقةٍ مفروضةٍ تُحتم على الطرفين الكثير والكثير.
لكنّ صوتًا قويًا صدر من جهته، صوتٌ ألجم لسانها عن النطق، صوتٌ مصدره احتكاك إطارات السيارة بالطريق بقسوةٍ ومن ثم صوتُ اصطدامٌ يتخلخله صراخ شاهين!!


,


قبل ذلك بدقائق
وهو الآخرُ كان يتحدث في الهاتف أيضًا، يستشعر حنق الطرف الآخر من أنفاسه المُهدرةِ بشدّة الغيظ فيه، لكنه وبالرغم من استشعاره لحنق هذا الشخص إلا أنه هتف ببرود : وش جوابك؟
أدهم بحدةٍ تشرح غضبه : قلت لك من البداية مافيه أي فايدة من كل اللي قاعد تسويه، محسسني إني جاي من المريخ ورى هالتحقيقات! تراني أدهم عبدالله ماني مخلوق من كوكب ثاني
عبدالله يتجاهل كل ما يقول ليركز على أمرٍ واحد : ايه .. انت أدهم بس منو عبدالله؟
صرخ ادهم بانفعالٍ وقلة صبر : إبليييييييس
عبدالله يهزّ رأسه بقلةِ حيلة عابسًا دون رضا وأيُّ ابنٍ يتحدث عن والده بهذه الطريقة؟، الآن يستطيع القول " غاسل يدي منه "
عبدالله بتأنٍ استفز أدهم أكثر : وأمك وش قصتها بعد؟
أدهم : لا هذي يبيلها جلسة مخصوصة! شرايك نتقابل في أي مطعم وبسرد لك شجرة العائلة من إلى وأألف لك قصة حياتي في قصيدة؟؟؟
أغمض عبدالله عينيه بقوةٍ وهو يحرك شفتيه دون صوت " يا صبر أيوووووب "
أدهم يردف بغل : بس هاه لو كان عندك صبر تسمع ألف بيت بجيك طاير
هتف عبدالله من بين أسنانه : لو ما عندي صبر بتكون سامع صوتي الحين؟!!
أردف مُسيطرًا على أعصابه : أدهم اسمعني كويس ، الموضوع مو مجرد طق وسلام! خلينا نتفاهم شوي
أدهم : هالموضوع ما فيه تفاهم ... ماني مجرم حتى تستجوبني بهالطريقة التافهة! أختي وودي آخذها أجرمت بشيء؟؟
عبدالله : لا ما أجرمت .. بس من سابع المستحيلات أسلمها لك بكل هالبساطة بدون ما أتأكد مين انت!!!
اتسعت عيناه بغضبٍ ليهتف من بين أسنانه غاضبًا : أدهم عبدالله السامي ... ولد روزالين ويا عساني بحريقة لأني حمار قاعد أكلم شخص مثلك ..... اشبع بالأسماء ودوّر عليها في جيبك
أغلق الهاتف بعد انفجاره ذاك وحاجبي عبدالله انعقدا بقلة حيلة، أيّ نوعٍ من الرجال هذا؟
" روزالين "! ، اسمها وحده مُثيرٌ للريبة، أتكون أجنبيةً أم أنه مجرد اسمٍ عابر لا علاقة له بجنسيتها؟


,


توقفت سيارته بعد ذاك الصدام الذي لم يكن بالعنف الكافي ليؤذي الطرفين، حتى أنه لم يلفت أنظار أحدِ الناس.
أنفاسه تسارعت بذعرٍ وقد ظنّ أنّ الموت حان، ظنّ أنه ملاقٍ لأخيه، ظنّ أنه السابق وهو اللاحق في وقتٍ أبكر بكثير، بأكثر مما قد يتخيله العقل. هو هكذا الموت، يجيء في وقتٍ يراه البشر مُبكرًا، يجيء لتحلّ الصدمة على كلّ من حوله، كما أصابه هو حين مات أخيه!
ابتلع ريقه ثمّ زمّ شفتيه ويديه اللتين لازالتا مُتشبثتان بالموقد ترتعشان، شدّ عليهما أكثر ليحل وثاق السكون، ليُقيّد ذعرَهُ إلى الجحيم، ليتناول جرعاتٍ مُسكنّةٍ تُثبط من عزيمة ذاك النابض بين أضلاعه.
زفر بقوّةٍ بعد أن استطاع السيطرة قليلًا على أنفاسه، ثمّ بهمس : الحمدلله يارب كما ينبغي لجلال وجهك وعظيم سلطانك
شكر ربه عديدًا، غافلًا عن هاتفه الذي سقط وقت اصطدامه وأسيل لازالت معه، انحنى حين انتبه ليأخذ الهاتف وكما توقع كانت لاتزال على الخط، وما إن وضع الهاتف على أذنيه حتى انساب صوتها الخائف والمُنادي لاسمه بنغمةٍ ناقوسيّة متميزةٌ بنبرتها، والتميز يكمن في ترددات صوتها الغير مدونةٍ في الفيزياء! والتي لم تُدرَس على مرّ التاريخ لصعوبة دراستها، كمُعضلةٍ اجتمع الحُنكاءُ لحلها ولم يستطيعوا! ككيمياءٍ غير محدودة الهوية مجهولة النتائج، تلك النتائج التي كانت هو مُمثلها!
هتف وأنفاسه لم تستقر بعد : تطمني ... أنا بخير
أغلق دون أن يسمع إجابتها وفي لحظاتٍ كان صوت ضرباتٍ على النافذة قد صَدر ليُثير انتباهه، استدار عشوائيًا ليرى شابًا يقف عند باب السيارة والواضح من ملامحه الغاضبة أنه لا ينوي خيرًا.
استدار ثانيًا لينظر للسيارة المصتدمة به من الزاوية الأمامية اليُمنى، وحين لم يرى السائق أدرك أنه هذا الواقف الغاضب عند بابه. تنهد بضيقٍ وهو يتساءل، أهذا وقته!
عاد ليستدير إليه حين تصاعد ضغط الضربات، ليُنزل النافذة دون أن يُفكر حتى بالنزول إليه، فهو يعلم تمامًا كيف أنه لا تُناسبه الأجواء الشبابية المشحونة حتى لا يندفع بتهوره.
شاهين بهدوءٍ ولباقة : أعتذر منك أخوي ، ما كنت مركز كويس بالطريق
رفع الواقف حاجبًا بحدةٍ وفظاظة، ثم بصوتٍ خرج وكأنّه يُحلل ماقيل الآن : ما كنت مركز!! * وبسخرية * يا الله من جد معذور
بلل شاهين شفتيه دون أن يرد على سخريته تلك، بهدوء قد يتحول في أيّ لحظةٍ إلى عاصفةٍ هوجاء : بعوض لك لو فيه خسائر، وهي من غير بسيطة مافيه داعي للمُبالغة!
نطق كلمته الأخيرة بتشديدٍ عميق، وذاك احتدت نظراته أكثر ليهتف ساخرًا : سحبت كلامي، عذرك ماهو مقبول، أجل كنت بتذبحني وتقول بعوضك وماكنت مركز ومدري إيش من خرابيطك؟ قولي بالله عليك وش بيكون التعويض لا صار لي شيء
الغرور ينبعث منه دون هدوء، هذا ما استشعره شاهين في كلماته، نظراته نظراتُ عابثٍ لا يهتم للإبتعاد عن المشاكل بل على العكس هو يبحث عنها، وقد وقع مع الشخص الخطأ!
بردت نظراته فجأةً ليهتف بخفوتٍ مُحذر : تراك تتلاعب مع الشخص الغلط يا أخ! وش تبغى أكثر من اعتذاري وتعويضك؟
إزداد ارتفاع حاجبيه ببطءٍ لتتسع ابتسامته الساخرة أكثر وأكثر، وبخفوتٍ ساخر : على قولتك، قاعد أتلاعب! تدري ليه؟ لأني طفشان وكنت معصب من قبل لا أشوف رقعة وجهك فقلت أتسلى معاك شوي!
وصلَ إلى أقصى حدودِ الصبر، وبحدّةِ ارتفاع حاجبه الأيمن هتف : متأكد تبي تتسلى معاي أنا!!!
ارتفعت زاوية شفتيه بابتسامةٍ ساخرةٍ ليُردف : ياشين حظك كانه رماك بطريق الشخص الغلط
امتدّت يده لقُفل الباب، وفي تلك الأثناء سمعا صوت خطواتٍ من خلفهما وصوتٌ اندفع مُتعجبًا : أدهــم!!
استدار الواقف ببطءٍ بعد أن استطاع تمييز صوته بسهولةٍ تامة، كيف لا وهو الذي تشاجر معه قبل أيام خلت، كيف لا وهو الذي كاد يقتله في شجارٍ قاتل!
وذاك تيبّس للحظاتٍ واسم " أدهم " انساب إلى أذنيه كانسياب رصاصٍ صُهرَ ليُعذبه، انساب إلى أذنيه وكأنما ما انساب ليس علَمًا تكوّن من أربعة أحرف، ليس مجرد اسمٍ بل كان أكبر من أن يتجاوزه دون توقف، أكبر من أن يتجاوزه بأدني بساطةٍ تُذكر.
وكيف عساه اسمٌ جاء من الماضي القريب أن يمرّ؟ كيف عساه يتجاوز أذنيه كنسيمٍ رقيق؟ لن يمرّ! لن يمرّ وإن مرّ لن يكون مروره مرورَ الكِرام، لن يكون نسيمًا بقدر ما سيكون سَمومًا حارقة، هواءٌ ساخنٌ يصهر أذنيه في اللا زمان!
" تشابه أسماء! مجرد تشابه يا شاهين، لا تنفعل، لا تِهتم، مجرد تشابه وبس!!! "
حاول أن يُقنع عقله بتلك الكلمات وبالكاد استطاع امساك زمام نفسه من الإندفاع ليسأله بتهورٍ إن كان يعرف شخصًا اسمه " متعب "، حينها سيكون سهلًا عليه تعرّف صحة ذلك من ردّة فعله قبل أن يفكر بالكذبِ عليه.
لكن كيف عساه لا يهتم يا الله؟ كيف عساه يتغافل عن السؤال والتأكد؟ كيف عساه أن يلزم الصمت في زمنٍ نسيَ الصمت نفسَه وتلاشى؟
تحجّرت نظراته بحجرِه بينما انساب إلى أذنيه حديثهما.
خالد بسخرية : ما تترك عادتك يا المشكلجي
رمقه أدهم باستحقارٍ قبل أن يدقق في ملامحه ويلحظ أثار كدماتٍ تكاد لا تُرى، وبمكر : شلونك اليوم؟ طيّب؟؟
خالد بقهرٍ وحقد : ولد عُرف شنتوقع منه؟ بس تفكر في المشاكل وتظنّ إنك تلفت الأنظار لما تجيبها لك
اتسعت نظرات أدهم مُحذرة، وبفحيحٍ أشبه بفحيح الأفعى : انتبه لكلماتك
ابتسم خالد بتحدي : وشاللي بتسويه يعني؟ تراك في المرة الماضية تقوّيت بحجة إنّي اللي بديت وبكذا ربحت شهادة الشباب ضدي، بس هالمرة أوعدك ماراح أمد يدي لحتى تمد انت .... يا ولد الأجنبية!!!
أدهم بحدة : ما عليه يا ولد الأصول ... وين الشهود طيب؟ ترى العالم ماهم مركزين معانا ومحد بيشهد على هواش مشوش بالنسبة له!
ارتفعت نظرات شاهين لتتثبت بعيني خالد وقد فهم مغزاه، حينها ابتسم بسخريةٍ ليفتح الباب ويترجل عن السيارة، هاتفًا ببرود : مو ناقصني وجع راس ... لا خلصتوا نادني يا الحبيب عشان ننتهي من موضوعنا ، وياليت غضبك يتفرغ مع هاللي قدامك لأنك منت ناقصني بعد .... ودي انتهي من سالفة الصدام بسرعة
لفظ كلماته تلك ومن ثم ابتعد عن المكان قليلًا بعد أن قام بتأمين سيارته، قليلًا بحيث يستطيع رؤيتهما وهما لا، فماالذي يجعله يضمن أن ما يحدث الآن ليس خطةً لإيقاعه وسرقته! خصوصًا أن أحدهما ... " أدهم "
الإسم الذي قد يكون حامله هو الرجل الذي بحث عنه طويلًا، الإسم الذي أرهق عقله بالتفكير به، ولربما رحمته الأقدار لتوقعه في طريقه، رحمته لينتهي طريق البحث الذي طال وجدًا.
رنّ هاتفه في تلك اللحظات وهو يرى مشاداتٍ في الحديث بين أدهم وخالد، رفعه ليتراءى أمام عينيه رقم أمه، كان سيتجاهل لأن المكان والزمان لا يُعينان للتحدث مع أمه خاصةً، لكنه رد بنية الإنتهاء من الإتصال بسرعةٍ فقط ليعلم ماذا تريد.
شاهين : ألو ... هلا يمه ...
قاطعه الصوت الأنثوي من الجهة المقابلة، صوتٌ لم يكن صوت أمه بل كان ... سوزان!!!
سوزان بقلق : استاز شاهين
قطّب جبينه باستغرابٍ من اتصالها هي به ومن رقم أمه!! وقبل أن يستوعب كان صوتها قد اندفع إلى أذنيه مُهرولًا : بترجاك أستاز تعال بسرعة ... إمّك تعبانه كتييير
اتسعت عيناه وجفل للحظاتٍ دون أن يرمش بجفنيه، توقف الزمن وهو يفكر أنّ هناكَ خطرًا يحوم حولَه، خطرٌ يسمى - الفقد - يعيد تدوير نفسهِ من جديد.
ظلّ مُجفلًا إلا أن نبّهه صوتها : بسرعة
أغلق مُباشرةً ودون تفكيرٍ اتجه لسيارته مُهرولًا، دون أن يكون استوعب كُليًا الأمر لكن يكفي أن أمه تعبَةٌ وهذا يُلخصُ الخطر بأكمله.
وصل للباب مٍتجاهلًا كل من حوله، مُتجاهلًا أدهم ومن معه، مُتجاهلًا التعويض الذي ذكره ومُتجاهلًا - أدهم الماضي - برمّته.
انتبه إليه أدهم ليقطب جبينه بوحشيةٍ وهو يراه يفتح باب السيارة ينوي الذهاب مُستعجلًا، لذا سحبه من خلفية ياقتِه بفظاظةٍ هاتفًا : وين وين؟ كذا عيني عينك تهرب!!!
استدار إليه شاهين بوحشيةٍ هو الآخر ليلكمه لكمةً أردته ساقطًا على الأرض، ولم يكد أدهم يستوعب الوضع مُتسِع العينين حتى كان شاهين يركب سيارته ويُغلق الباب.
صرخ أدهم بغضبٍ حقيقيٍّ هذه المرة وهو يقف ليُسرع ويلحق به : هييييييه ياحماااااااار
لكن شاهين كان قد تحرك بسرعةٍ مُتجاهلًا له بل لم يكن معه من الأساس.
وقف أدهم في مكانه لثوانٍ وهو متسع العينين بصدمةٍ لا يستوعب ما حدث، كيف استطاع شاهين خداعه بهذه البساطة وهرب؟ كيف احتال عليه وجعله يثق بعدم هربه ليهرب أخيرًا؟؟؟
شدّ على أسنانه بغيظٍ وهو يشعر بالحماقة تتخلخله، لتُصدَر صوتُ ضحكةٍ خافتةٍ من الخلف كانت ضحكة خالد الساخرِ منه، ثم بدأت الضحكة بالإرتفاع تدريجيًا حتى استدار أدهم صارخًا في وجهه بغضب : وانت يا الحمار الثاني ... اقسم بالله ذابحك اليوم ، ذابحـــــــك
رفع خالد حاجبيه بتحدي، ثم رفع هاتفه ليتظاهر أنه يُكلم شخصًا قاصدًا السخرية اللاذعة به : ألو ... تدري يا الحبيب، عندي شخص واقف قدامي كان يلعب الغميضة مع صاحبه وقدر صاحبه يهرب منه بكل بساطة وهو يضحك عليه .... هاه ، لا لا اسمه أدهم مو تكسّرت سيارتي وانضحك علي، ههههههههههههههههههههههه
ضحك أكثر وأكثر، وهو يقصد بذلك إغاظة أدهم أكثر مما هو عليه، وقد كان له ما أراد، إذا اندفع إليه أدهم بغضب الأرض ضاربًا له بقهرٍ من كل ما يحدث من حوله، بينما بقي خالد واقفًا يتلقى الضربات دون أن يُدافع عن نفسه، ولم يكن ليتوقف ضربه له لولا تدخّل القليل من الكثير اللذين انتبهوا للشجار الذي يحدث أمامهم.
أزاح رجُليْن أدهم عن خالد المتكور على بطنه بعد أن رفسه أدهم حين أمسكا بيديه ودفعاه عنهُ قليلًا، ليلفظ بغضبٍ وقهر : خلوني عليه الـ*** الـ*** ... أنا اليوم ذابحه ذابحه
شدّ خالد على أسنانِه ليبدأ بما كان يُخطط له منذ البداية، وبتساؤلٍ مقهورٍ - مُتصنع - : نعم! جاي لعندي وتضربني كِذا بدون سبب وبعدها تتلفظ علي!!
أدهم بغيظٍ وهو يحاول تحرير يديه : تفوووو عليك يا المايع يا الدلووووع
مسح خالد على وجهه وكلماتُ أدهم أشعرته بالغضب والحنق لكنه تحاملَ على غضبه لينطق : ماراح أرد على واحد مثلك، تحاول تستفزني عشان أضرب! لا الحمدلله ما وصلت لهالهمجية بس ان شاء الله موعدنا مع الشرطة
شعر بكفٍ على كتفهِ ليستدير لصاحب الوجه الوقور والذي هتف بمودة : خذ العفو وأمُر بالعرف ، لا تكبرها يا ولدي وسامح والله بيعطيك ثوابك
نظر إليه خالد ثمّ هتف بقهرٍ لبق : بس ياعم هذي ماهي المرة الأولى اللي يعتدي علي فيها بدون سبب
اتسعت عينا أدهم وهو يلفظ باستحقارٍ له : اي يا ابني الصغيرون روح بعد اشتكي للماما أكيد بتبكي عليك وتساندك
كشّر بوجهه مُردفًا بازدراء : تخسى تكون رجال انت
كان خالد ليردّ بغيظٍ لكن الرجل منعه ناصحًا برقة : ما عليك منه يا ولدي .. المرجلة ما تكون بالأيدي ، خلك أحسن منه وسامح
صمت خالد قليلًا، وعقله وكلّ مافيه يرفض فكرة أن يُسامح وهذه هي فرصته ليردّ له الدين، لذا هتف برفض : معليش يا عمي ، لو سكت له مرة ومرتين فالثالثة ثابتة، وقتها راح يقتلني بطيشه أكيد
ابتسم أدهم ساخرًا، وبفحيحٍ أشبه بفحيح أفعى ماكرةٍ تُحاول إغاظته بصوتها : ما عندي مانع يا ولد الماما ... شرايك نروح للشرطة الحين؟ صدقني بمشي بكامل رضاي
تكلّم الرجل قاصدًا أدهم : استهدي بالله يا ...
قاطعه أدهم بفظاظة : محد طلب نصيحتك
هزّ الرجل رأسه بيأسٍ وهو يدعي له بالهداية، ثمّ نظر لخالد هاتفًا قبل أن ينسحب : كون أحسن منه
نظر خالد لأدهم مطولًا، وابتسامةٌ ضئيلةٌ ارتسمت على شفتيه، ثمّ اقترب منه ببطءٍ ليهمس بوعيد : موعدنا عند الشرطة ، وهالمرة كل شيء بصالحي أنا


,


الساعة الثانيةَ عشرة - منتصف الليل
نظرت للساعة بصمتٍ غيرَ مُرحبٍ به، مضت الساعات ولم يعد! لكن لمَ قد تقلقُ عليه، هو ليس طفلًا حتى تخاف عليه، وبالتأكيد سيعود خلال دقائق.
وقفت بعد أن كانت جالسةً أمام مرآةِ التسريحة تُمشط شعرها لتتركه في النهايةُ حرًا ينساب على ظهرها بتموجاته الناعمة، ثمّ اتجهت للسرير ونور الأبجورة وحده ما يضيء الغرفةَ إضاءةً خافتة.
واليومُ وإن كانت في مُعظم ساعاته بعيدةً عنه إلا أنه من أسعد أيامها معه وكيف لا يكون وحلمها بدأ مسيرة التحقق؟ كانت تمشي بخطواتٍ بطيئةٍ وكفها تعبر تضاريس بطنها بشغف، ثمّ تنهدت وهي تغمض عينيها تتخيل الكثير والكثير، يومًا ما ستبدأ حركاته بمضايقتها في نومها، في صحوتها، وما أجملها من مضايقات، يومًا ما ستبدأ بسماع صوت نبضاته فتبتسم لنبضاتٍ هي لها إحياء،
ويومًا ما سيكون بين يديها فلا تحرمها من هذا الشعور يا الله!
استلقت بعد أن نزعت الروب الأسود عنها ليظهر قميص نومها الطويل، وملامح وجهها تجعدّت بقلقٍ بعد أن كانت مُسترخيةً بسعادة، وعيناها تلقائيًا اتجهت للساعة، وهكذا تكون حين تستلقي وهو ليس بجانبها، هكذا تكون حين يأتي موعد النوم وهو خارج البيت غاضبًا، لكن لمَ تهتم؟ فليغضب فهي المظلومة أخيرًا وليس هو، لا يجب أن تشعر بالذنب لأنه هو من أذنب في حقها وآذاها حد الوجع النفسي.
هو من كان الجلاد لقلبها، وأصبحت هي الواقفة على حُبه الهش، حبه الذي باتت تخشى أن ينكسر فتسقط، تخشى أن يتصدع أكثر مما هو متصدعٌ الآن بفعل طاحونته - شفتيه - القاسية.
والإنتماء بين يديْك فكيف عساي أغترب عن وطني؟ أتكون خيانة الوطن في عينيّ هيّنـةً لأُسافر عنه؟
وأنت دمِي إن لم تكن وطني، فهل لجسدي القدرة على تجفيف ذاته منك فـ يعيش؟
تقلّبت كثيرًا وعيناها بين كل ثانيتين تتجه إلى ساعة الحائط، وقلبها في هذه الأثناء بات كالساعة يُصدر دقّاتٍ تعدّها أذنيها لتضيِيع الوقت، لمحاولة جلب النوم وهل تستطيع؟
اتجهت العقارب للـثانيةَ عشرة وخمس عشرةَ دقيقة، والنوم انتظره كما تنتظر هي، انتظر قدومه ليأتيها.
أغمضت عينيها تحاول تجاهل رغبتها في انتظاره وجلب النوم قسرًا، لكنها ما إن أغلقت عينيها حتى صدر صوت انشراع باب الجناح الخارجي ليقفز قلبها بنبضاته وتفتح عينيها.
لكنها سرعان ما أغلقتهما تحاول تثبيط عزيمة النابض هناك بين أضلعها، إن كانت تهتم لأمره فسوف تتظاهر بالعكس، إن كان حبّه مُتمكنًا منها فسوف تتظاهر بالكره ... وهكذا يكون النزال بين قلبين في حين كانت المشاعر فيهما مُتناقضة. والتناقض الأعظم يكمن فيها وليس فيه حقيقةً، فمن ذا الذي يُحب من يأخذ ولا يُعطي؟ من ذا الذي يُحب من ينتظر الكثير ولا يُجازي؟
وما بيدها إلا أن تُجاري هذا التناقض لتنظر إلى أيّ مدًى قد تصل. والحُب لعينيك فرضٌ إن لم أقم بهِ أهلكاني، والكُره لهما مُهلكةٌ أشدّ، فحُزنٌ يُحيِي ولا فرحٌ يُميت.
أغمضت عينيها بصورةٍ أشد حين سمعت صوت خطواته المُقتربة من السرير، وقد كانت قد تركت باب الغُرفة مشرّعًا له لما لا تعلم! والآن هاهي تواجهه بظهرها المُغطى بلونٍ قال في يومٍ من الأيام أنها - ملكةٌ به -
وقف للحظاتٍ ينظر إليها من ارتفاعه، ولم يكُن صعبًا عليه أن يُدرك صحوتها فصوت أنفاسها يكاد يخترق أذنيه.
ابتسم ابتسامةً تكاد لا تُرى، ابتسامةٌ بلا معنى ثم تجاوزها ليتجه للحمام في حين خوفٍ منها، خوفٌ لا تعلم ما مصدره تحديدًا! ولمَ تخاف منه الآن؟ بل لمَ تتصنع النوم وهي التي كانت تنتظره منذ ربع ساعةٍ خلت؟
دقائقُ قصيرة كان بها في الحمام، وكانت تلك الدقائق كافيةً لجلب النوم لعينيها بعد أن ذهب قلقها أدراج الرياح بعودتِه، ارتخى جفناها وقد بدأ عقلها بالغياب إلى عالم الأحلام حتى أنها لم تشعر به حين تمدد جانبها بعد أن بدّل ثوبه ببجامته المُعتمة.
اقترب منها وهو لا يستطيع الآن تبيّن إن كانت لا تزال تتصنع النوم أم نامت فعليًا، فأنفاسها هدأت بعكس ثورانها حين دخوله.
همس : لسا ما نمتي؟
لم ترد عليه ليضع أنامله على كتفها برقة : إذا ما نمتي ودي أتكلم معك بخصوص اللي تمشكلتي فيه معي قبل لا أطلع.
عبس حين لم ترد، فلفَـظ " مي " وهو يعلم أن نطقه لهذا الإسم يستفزها بالحجم الذي يجعلها ترد عليه. لكنها أيضًا لم ترد! ليتأكد أنها بالفعل نائمة وغير مُتصنعة.
زفر بصمت، ثم اقترب منها أكثر لتُلامس أنفاسه أذنها، وبهمس : عاندي ... مثل ما تبين ، لأن كل هالعناد ماراح يتجاوز مجرد تفكير .... لأنك قول بدون فعل! وهذا اللي يريحني من ناحيتك!
اقترب أكثر حتى لامس أذنها بشفتيه هذه المرة، وبوعيد : بس الا هو .. قلتي وما فعلتي، لكن صارت المرة الثانية اللي تقولين فيها معصية وتسوينها
بتكون هذي الأخيرة يا ديما ... بتكون المرة الأخيرة اللي تركبين فيها مع شخص غيري ... صدقيني

*

: وين كنتِ؟
نظرت إليه بعد أن وضعت حقيبتها، بعينين كان بريق التمرد فيهما أشد من بريق جمالهما، أو ربما هذا البريق هو ما يُهديهما الجمال!
بُثينة بهدوء : كان عندي موعد مع صديقتي وما كان عندي وقت أنتظرك أو أتصل فيك
عقد حاجبيه دون رضا، وبغضب : ما كان عندك وقت تتصلين فيني! بس كان عندك الوقت عشان تتصلين في السواق مو؟
بثينة ببرود : مين قال؟ هو كان موجود من غير
ضرب بقبضته على الطاولة أمامه ثمّ وقف بعد أن كان جالسًا : كذااااابة ... كنت مرسله لشغلة في الوقت اللي طلعتي فيه
قطّبت جبينها بغضبٍ هي الأخرى : طيب إيش فيها؟ وليه الحين قاعد تصارخ بوجهي كأني أجرمت بشيء!!! بغيت أطلع واتصلت على السواق عشان يوصلني صار شيء؟
سيف بغضبٍ حاد : صار أشياء مو شيء ... تحررك صار أكبر من علاقتنا وعنادك لي أكبر جريمة!
تأفأفت بثينة هاتفةً بقلة صبر : علاقتنا علاقتنا ... أبثرتني بهالعلاقة اللي صايرة تخنقني! حاسة نفسي مسجونة مو متزوجة
أمسك سيف بمعصمها وحاجبيه مُنعقدان بغيظ : بثينة .. استهدي بالله وخلينا نعيش مرتاحين، حالتك ماهي عاجبتني وفيه فرق بين العزباء والمتزوجة! متى ناوية تفهمين هالشيء؟؟؟
شدّت بثينة على قبضتها لتهتف بخفوتٍ غاضب : ما ودي أفهم .. ارحمني من تشددك يا سيف
ضغط على معصمها أكثر بصبرٍ انتهى ونفد، وبغضب : متشدد؟ تعتبريني متشدد وانتِ تطلعين وتدخلين على كيفك؟ وهالسواق الثاني صاير خاتم في اصبعك يتستر عليك ويظنني أهبل ما أدرك اللي يصير حولي!!!
أردف وهو يشدّ على معصمها أكثر وأكثر حتى كاد أن يُحطم عظامها : شخص غيري كان بيفهم الأمور بمنحنى ثاني! بس لأني أعرفك كويس تفكيري التزم حدوده، بس هالحدود ما تشفع لك ... ما تشفع لك يا بثين!
فيه حدود بين المرة والسواق، وانتِ بمجرد ما صرتي تغريه بالفلوس وتحركيه بكيفك تجاوزتي كل معقول ... تجاوزتيه كثييييير يا زوجتي!!
في تلك الأثناء اعتلا صوتُ بُكاء زياد البالغ من عمره سنتين ونصفًا، حينها ترك معصمها بغضبٍ هادر لتفرك المنطقة التي كاد أن يحطمها بكفها الأخرى، بملامح تصاعد بها التمرد والغيظ، وبريق عينيها جعله يُدرك أنها ستعانده ... أكثر وأكثر.
لذا كان صباح اليوم التالي هو صباح ترحيل السائق وإطلاقه من عمله!!


,


ساعدها في الإستلقاء بيدٍ حنُون وهو ينظر إليها بقلق : بشويش يا الغالية جعلني ما أذوق فرقاك
ابتسمت له بحُبٍ هامسة : الله لا يحرمني من برك
لم يردّ لها الإبتسامةَ بدوره، بل نطق بقلقٍ وجدية : سمعتي وش قال لك الدكتور؟ ياليت بس تسمعين له يا يمه ، ياليت بس
لم تختفي ابتسامتها الحنون من بين تجاعيد وجهها وهي تهتف بخفوت : ما دام عندي ولد اسمه شاهين بعد الله فأنـا متأكدك اني بكون بخير
ابتعد قليلًا وهو يرسم الحدة على ملامحه : يمه ، الحياة ماهي لعبة والحذر واجب، وش اللي خلاك بالله تدخلين المطبخ وتشتغلين؟ هذا وانتِ عارفة هشاشة عظامك وإن ما وصلت لمرحلة ما تسمح لك بالحركة إلا أنها كافية عشان تلتزمين بالقواعد الطبية، وكفاية إنك من الأساس ما تشربين دواك بانتظام وهذا اللي ما يسمح بعلاجك.
عبست بعتابٍ هاتفةً بغنج : ليه تعاتبني الحين؟ ربي كتب أطيح تبيني أعترض على قدره؟
شاهين : والنعم بالله بس ربي قال ولا تلقوا بأيديكم للتهلكة، وانتِ عارفة إنّ أي اصابة في عظامك ماراح تلتئم بهالعمر!
زفرت وهي تمطّ فمها من هذا الحوار الذي أثار مللها، ثم رسمت ابتسامةً ودية وهي تلفظ : وين سوزان ما أشوفها؟
استقام شاهين واقفًا وهو يجاريها بتغيير دفّة الحديث : أكيد بغرفتها، تعرفينها مستحيل تجلس في مكان أنا فيه
ضحكت بخفوت : فديتها على هالتحفّظ ، وربي يجازيها بالجنة تعبت معي اليوم في المستشفى، كانت رافضة فكرة رجعتها الا معي
ابتسم لها وهو يلفظ محاولًا إنهاء الحديث لتنام : طيب يلا يا بعد دنياي ارتاحي الحين، وأنا رايح للمطبخ أسوي لك حليب مع قشر البيض عشان تشربيه
كشّرت لكن صوته قطع كُل سُبل المُعارضة : وبدون اعتراض ... بتشربيه كلَّه


,


مُمددةٌ على سريرها دون أن يكون النوم يُداعب جفنيها، كانت تتأملُ سقف الغرفةِ بنقوشاته بصمتٍ وتفكيرٍ عميق. إنّ حياتها شائكة! تشعر بأن شخصيتها مُتناقضةٌ مُتصنعَة، والتناقضُ يكمن أولًا وليس أخيرًا في بريق عينيها اللتان تعكسان ماليس في داخلهما، تعكسان الدلال والترف والتمرد، بينما هي في داخلها العكس من ذلك تمامًا، هي في داخلها خاويةٌ تُجاري الدرك الأسفل في الحياة! وماذا تتوقع بعد ذلك؟ إن كانت الدنيا بما فيها قد خانتها أتتوقع وفاءً من نفسها حتى؟ وهي التي باتت تحذر حتى من نفسها التي خانتها مرارًا ومرارًا، نفسها التي خانتها آخر مرةٍ حين كُتبَ لها تدمير ذاتها، لتُصبح الآن ملكًا لرجلٍ وهي التي كرهت الرجال حتى أماتتهم من تفكيرها.
رفرفت أهدابها الكثيفة بحركةِ أجفانها تُداري بعض الدموع التي لا تُبارحها أثناء خلوتها، دموعها التي لربما ستكون هي الوفيّة الوحيدةُ لها، وكم تتمنى ألا يكون عكس ذلك!
ودايمًا ما تضلُّ الطريق في فكرها قبلًا، لـذا هي مُتأكدة .. ستخونها دمُوعها يومًا!
سمعت صوت رنين هاتفها القابع بجانب وسادتها وتجاهلته، تجاهلت ضجيجه مُغمضة العينين لتنام! أوَضجيجُ هاتفٍ أكبر من ضجيج ذاتها؟ . . لـذا كان رنين الهاتف - لا شيء - في أذنها.
انتظرت انقضاء الرنين، فقط لتقوم بعادتها، وهي وضع السماعات في أذنها مستمتعةً بمزامير الشيطان والنومِ بكل أريحيةٍ حتى تهرب من واقعها.
لكن من بين ضجيج الهاتف اعتلا ضجيجٌ آخر، ضجيجٌ رجوليّ دفعها لفتح عينيها وتوجيهِ نظراتها للباب.
في حين كان سُلطان يتحدثُ في الهاتف بصوتٍ عالٍ بعض الشيء، يشتمُ ويشتم! حتى أنّ الفضول داهمها لتنهض وتتجه للباب لتفهمَ ما سببُ هذا الغضب.
فتحت الباب قليلًا، فقط بالدرجة التي تجعلها ترى هيئـته، وقد كان يطوف ذهابًا وإيابًا كأسدٍ حبيس، يتحدث بغضبٍ حتى أنّ الكلمات تداخلت في عقلها ولم تفهم سوى ( حريق و سلمان )
قطّبت جبينها تُحاول الربط بين الإسمين، وبهمسٍ مُتسائل : يعني لازم اسم سلمان ما يرتبط الا بالحرائق؟؟؟
هزّت رأسها يمينًا ويسارًا ببطءٍ وهي تمطّ فمها، وقد ارتبط اسم سلمان سابقًا بحريق منزل ابن أخيه، ومن ثمّ إحدى مخازنه ... والآن ماذا؟؟
رُغمًا عنها أشفقت على سلطان، هي لا تعلم الكثير عن التفاصيل، لكن يكفي أن تعلم أنه خُذل .. تمامًا مثلها!
وماذا إن خُذل؟ أيُعقل أنها تشفق عليه الآن؟ إنـه في النهايةِ رجل، عكسها تمامًا، يستطيع أن يُقوّم حياتـه دون أحد، ليس مثلها، وليس كبقيةِ الإناث اللاتي لا يستطعن الإستناد إلا على رجل، لكن هي ستُحيد عن القاعدة، لن تنتظر رجلًا حتى تستند عليه وستستند على أرجلها فقط ... وليذهب سلطان إلى الجحيم!
عقدت حاجبيها وغضبٌ تجلى دون مُبرر، غضبٌ دفعها لفتح الباب والهتف بوقاحة : خفّض صوتـك ... ودي أنام
لم يلتفت إليه سلطان وهو يُغلق الهاتف وقتامةُ ملامحه وحدها نذيرٌ كافٍ ليبتعد كلّ شخصٍ عنه. لم يُجبها، ولم تتحرك حدقتيه باتجاهها حتى، وكأن لا أثنى تقف قريبةً منه أو صوتها اتجه إليه.
ازداد انعقاد حاجبيها وغضبها وإن كان في البداية دون مُبرر إلا أنه الآن جاء لتجاهله لها، تُريد منه الردّ لترد بما هو أعنف، تريد منه الردّ لتُفرّغ الشحنات التي تجتاحها بِه.
زمتّ شفتيها بخفةٍ قبل أن تهتف : أطــرش
أغمض عينيه ببطءٍ وهو يُكمل مسيرةَ تجاهله لها، وبعد لحظتين تحرك لتنتفض دون شعور، لكنها بقيت على موقفها وهي تنظر له بعين القطة، بينما اتجهت قدماه إلى غرفته ... ببساطة!
فغرت شفتيها قليلًا وبعض الراحة داهمتها، كانت تُريد منه الرد، لكنها في الحقيقة ارتاحت بعدمه!
وأيّ تناقضٍ تعيشه؟ أيّ صراعٍ هذا الذي يجتاح شخصيتها المهزوزة؟ إنها كقطرة ماءٍ في بحر، كحبةِ رملٍ في صحراء، إن غابت لن يتأثر الكون ولن تهتزّ الطبيعة، لذا كان حريًا أن تكون بتناقضٍ مُثيرٍ للشفقة، تتصنع القوةَ تارةً بكونها قطرة/حبة رمل، لتضعف حين تتذكر أن - غيابها لن يضر -


,


الحاديةَ عشرةَ بتوقيت بروكسيل
كانت مُستلقيةً على جانبها الأيمن، أغمضت عينيها وهي تُهدي فواز ظهرها، وهو كان العكس من ذلك، يواجه ظهرها بوجهه، يتأمله طويلًا في حين كانت نائمةً أو ربما كانت نائمة!
بل على الأحرى لم تكن نائمة، كانت تشعر به يتطلّع بها، تشعر بنظراته التي لا تُفسر، نظراته التي تصبّ جامَ لا تفسيرها عليها! تخترق ظهرها لتمنعها من النوم مطولًا. غادرها النوم كما غادرتها الحياة قبلًا لتُصبح جثةً تمشي بلا شعور، لتُصبح " زومبي " حيْ! ومنذُ أن صرّح لها برغبته في عودتها معه للرياض وهي مُشتتةٌ ذهنيًا، لن تيأس، ستُحاول إنحاءهُ عن رغبته وتركها أو البقاء!
شدّت جفنيها بقوةٍ على مرآةِ عينيها تُحاول جذب النوم إليها، لكن كيف لها ذلك ونظراتُه ضجيجٌ كافٍ ليضيع النوم بين تردداته؟
أما هو ... فقد كان ينظر إليها بصمت، نظراتٍ لا تُفسّر وفكرةٌ ما طرأت عليه، خطوةٌ لاحقةٌ يفكر أيخطوها أم لا؟ ورجلٌ شرقيٌ مثله قد يصعب عليه أن يندفع بخطواته لهذا الطريق، لكن لأجلها، لأجلها فقط والأهم هو ما نهاية الطريق، الأهم هو الهدف لذا لن يلتفت للأشواك أسفل قدميه، المهم هو ما ستؤول إليه علاقتهما فيما بعد.
سمع صوت أنفاسها تُثار باستنشاقها للأكسجين بعنف، ثم استدارت إليه فجأةً ليتبس تفكيره للحظاتٍ قبل أن تهتف بعنفٍ وعُنف الإحراج في عينيها أكبر : لا عاد تناظرني بهالشكل، أبي أنام
ارتسم شبح ابتسامةٍ على شفتيه، وعينيه تسيران على ملامحها التي تضاءل بياضها في عتمة الغرفة، ثمّ بهمس : نامي ، عيوني ما منعتك هي بس تتأملك
ارتبكت نظراتها مُشتتةً حدقتيها، وتلقائيًا عادت لتستدير عنه وتواجهه بظهرها : ودك تتأمل ظهري تأمله ما عندي مانع
اتسعت إبتسامته على نبرةِ الحرج في صوتها وهو يمدّ يده لتقع على رأسها، حينها ارتعش جسدها بخفةٍ ولُجم لسانها وهي تستمع لصوته الهامس : كِذا والا كذا عيوني تتأملك، وتتأمل سحر شعرك خصوصًا
ازدردت ريقها ببطء، وكفّهُ كتيارٍ مررَ الكهرباءَ في جسدها لترتعش ويرتعش تفكيرها.
فواز يُردف بابتسامةٍ وهو يشعر بتأثيرهِ عليها : قد قلت لك قبل إني أعشق شعرك؟ تراه ياخذ جزء بسيط من عشقي لك فما بالك بكِلّك؟!
ابتعدت عنه بسرعةٍ وكأن كلامه قد لسعها برقته، لسعها بحنانه الذي لا تستطيع ردّهُ له.
همست بغصة دون أن تواجهه بوجهها : الله يخليك فواز .... خلاص
لكنّ كفه كانت الأسرع قبل لسانه ليُعيدها بقربه بل أكثر، حتى أن جسدها قد التصق بهِ كُليًا وصدرهُ يشارك ظهرها في دفئه.
ارتعشت بعنفٍ وهي تشعر بقواها قد خارت أمام دفئه، وعقلها يسألها مرارًا وتكرارًا " أتكرهينه حقًا؟ "
أتكرهه بالفعل أم ماذا؟ وإن كانت تكرهه بالفعل فلمَ إذن لا تبتعد الآن؟ لمَ لا تشعر بأي رغبةٍ في مواجهته بعنفٍ والإبتعاد؟
لا ، لا .. هي لا تكرهه، هي فقط عاتبة، عاتبةٌ لا غير، لكنها أيضًا لا تحبه! مشاعرها تجاهه .... أخويةٌ لا غير!!!
والمشاعر الأخوية قد تدفعها لقبوله وحُبّه كزوجٍ مستقبلًا، لكنّ عتابها يطغى على مشاعرها الأخوية تلك وعقلها الباطن يُقنعها أبدًا أنه هرب من واقعه معها يومًا! شكّ بها يومًا! أحزنها وأشعرها بالنقص وبالكثير حتى وإن لم يكُن يقصد ذلك، لـذا هي عاتبة، عاتبةٌ لكن ليس بالقدر الذي يجعلها تصدّه مطولًا وتكرهه، لكنّها عاتبةٌ بالقدر الذي يدفعها للإقتناع بأنها تكرهه!
همسَ لها وهو يُحيط خصرها بإحدى ذراعيه ويدهُ الأخرى تُداعبُ خصلات شعرها : تذكرين وش قلتِ لي مرة؟ ... ماراح تمنعيني من حقوقي.
اضطربت أنفاسها وفغرت فاهها، بينما استرسل هو : بس أنا الحين ما أبي منك شيء!
تدرين ليه؟ لأنّي أبي أشوفك بالأبيض قبل، من حقك تجيني بالشكل اللي تتمناه كل بنت ... كاملة بالأبيض.
وأنا ماودي أسلب منك هالحق، ولاراح أستغل الظروف بحجة حقوقي!
زمّت شفتيها بعبرةٍ وهي لا تدري بمَ ترد، وكمية الحنان الذي يُغرقها به في كلماته سلب منها أيّ قُدرةٍ على الرد.
شدّ على خصرها أكثر وهو يُكمل همسَه في أذنها : بس لهذاك الوقت اللي تلبسين فيه الأبيض، أنا حاب إن مكانك يكون هنا وقت النوم ... بحضني
تنفّست باضطرابٍ بينما أغمض هو عينيه وأنفه مدفونٌ خلف أذنها يستنشق رائحة جنونه، يستنشق رائحة شعرها.
فواز بخفوت : نامي
أغمضت عينيها تلقائيًا مع أمره اللطيف ذاك، بتشتتٍ وأسنانها تلامس شفتها السُفلى رغبةً في العضّ بقوةٍ حتى يُطرَد هذا الشعور بشعورها بالألم، شعور الأمان والراحة بين أضلاعه، شعورها بالإستسلام إليه، شعورها بالضعف بين حناياه!
وفي تلك الليلةِ شعرت أنها تخوضُ حربًا مع أفكارها وذاتها، تلك الليلةِ تحديدًا كانت طويلةً نائمًا هو بعد هذا القرب، وهي المُتيقظةٌ لحضنه وحسب!
إنّ الطريق يطُول لتعذيبي، والمواقف تتشابك في ذهني حتى تُرهقني ... وأستسلم!


,


الساعة السادسة صباحًا.
رفعت شعرها القصير برباطٍ أبيض يتماشى مع لون قميصها الفضفاض، ثمّ نظرت لملامحها الشاحبة مطولًا وهي تفكر في الكثير، مُستقبلها وأحلامها تضيع بحُزنها السخيف على ماضيها الضائع .... السخيف! رُبما بل بالتأكيد ستكون هذه الكلمة اجحافًا في حق حزنها، فأيّ سخافةٍ قد تكون؟ وأين فرحها من كل هذه الصدمات والضغوطات الحياتية؟ إنها بشر، وهم يهلكونها يومًا بعد يوم بصدماتٍ لا يحتملها آدمي.
واليوم هي ستكون فولاذًا مُتهالكًا تجاه هذه الصدمات لتعيش فترةً وجيزة إلا أن ترحل من هنا وتُريح نفسها وتريحهم أيضًا منها ومن حملها الذي سمح للبعض منهم بظلمها.
تناولت عباءتها لترتديها كما اعتادت قبل تلك الحقيقة، لن تنزل إليهم بغير ما اعتادته وهي في نظرها إلين المكفولة فقط!
اتجهت للباب بعد أن غطّت شعرها وأخذت حقيبتها ثم فتحته وهي ترسم على وجهها برودًا صقيعيًا. كانت ستتجه لغرفة هديل أولًا لكنها شعرت بالغرابة في ذلك عكس العادة، هاهي فقدت عفويتها حتى مع هديل! وأيّ عفويةٍ قد تظلُّ بعد أن سُلبت هويتها المُعتادةُ بينهم؟ بعد أن سُلبت مكانتها التي هي في نظرها مرموقةٌ أكثر من مكانتها حاليًا!
نزلت بخطواتٍ باردة تعكس نظراتها الميتة، ولسوءِ الحظ كان ياسر وقتها مُتجهًا للباب حتى يخرج لكنه توقف حين انتبه إليها.
قطّب جبينه قبل أن يرسمَ ابتسامةً ودودة، ثم اقترب منها لتتراجع تلقائيًا وهي تنظر إليه نظراتٍ لا تفسر، وشعورها في هذه الأثناء هو الذي لا يُفسر! وهاهي أفكارُها المؤلمةُ والمُعذبِة تعود إليها من جديد لتلسعها بحرارة الخِزي والخجل.
أكنتُ أحبك يا من تُسمى أخي؟ هل كان قلبي يحمل كل ذلك الإنحلال حتى فقد بصيرته ليُحبّ من هو مُحرمٌ عليه؟ ليحبّ بتلك الصورة البشعة!
وفرضٌ عليّ الآن أن أكره نفسي وقلبي قبل أن أكره ذاك الحب الذي تحول لصورةٍ بشعةٍ من الكُرهِ الآن كما أكرهك أنت أيضًا!!
هتف بمودة : أوصلك في طريقي؟
قطبت جبينها دون رضا أو بالأحرى بكرهٍ لا تعلم كيف حلّ على قلبها لمن لا ذنب له، لكنها قاومت ذلك الكُره لترد بصوتٍ بارد : مشكور .. بروح مع هديل
ياسر : بس هديل كان ببالها ماودك تداومين لذلك داومت من غيرك
نظرت إلى وجهه بينما كانت قبلًا مشتِتةً نظراتها عنه، ليردف هو مُستدركًا : كانت بتسألك بس أنتِ صار لك فترة ما داومتي عشان كذا قلت لها تتركك
ازداد انقطاب وجهها، لتهمس ببرودٍ مُنفر : خلاص ماله داعي تاخذني بطريقك، غيرت رأيي ما ودي أداوم
استدارت لتعود أدراجها إلى غرفتها لكن يده امتدت ليُمسك بكفها، حينها استدارت إليه بعنفٍ ونظراتها المصدومة جعلته يُفلت يدها بهدوءٍ ورقة : الجامعة بطريقي ... يعني مافيه أي حرج
صمتت مُطولًا وهي تقبض على كفها أسفل صدرها وكأنها تخافُ أن يمد يده مرةً أخرى ويُمسك بها، كانت ستُفصح بعنفٍ أنها لا تريد الخروج معه لكنها تراجعت عن عنفها الغير مُبرر لتهمس : طيب ... الحين بلحقك
ابتسم لها ثم هتف بمودة : أنتظرك
اختفى في ثوانٍ عن أنظارها لتبدأ بالتفكير مُطولًا، أتلحق به أم تُظهر نفسها بصورةٍ قبيحةٍ بتجاهلها له!
لكن ما ذنبه لتكرهه؟ هي من أحبته قبلًا وليس هو من أجبرها على ذلك! هي من تمرد قلبها ليخوض في الحب وياليته لم يفعل، يا ليته لم ينبض له وبه! وماذا تفيد ليت الآن بعد أن سلكت ذاك الطريق الماجن ولا أمل في العودة للخلف وقد تحولت إشاراته المرورية لحمراءَ أبدية!
زفرت تستجمع خلاياها الدماغية، تُفكر بعقلانيةٍ أن لا ذنب له بل هي في الحقيقةِ من أذنبت لذا يجب عليها أن تدوس على كرهها كما داست على حُبها من قبل وأسدلت عليه ستارًا ليُحجَب عن كل من حولها.
استغفرت عديدًا، ثم قررت أخيرًا أن تذهب معه بما أنها أعلمته بذلك، غطّت وجهها بنقابها أخيرًا واتجهت للباب لتخرج.
ركبت في الخلف، وهو تجاهل الأمر ولم يحبذ أن يُجبرها بعد أن اعتادت واعتاد هو على هذه الحدودِ بينهما.
تحرّكت السيارة والصمتُ كان مُبالغًا به للدرجة التي جعلت صوت أنفاسهما سهل الإنتشار مع جُزئيات الهواء، وأيّ صوتٍ قد تحجِب جُزيئاتـه صوت أنفاسهما في هذه اللحظات؟
مدّ يده ينوي تلويث هذا الجو الصامت بتشغيله للإذاعة لتتعالى صوتُ الأغاني القديمة في هذا الوقت المُبكر من الصباح. حينها تغضّن جبينها، وانتظرت على أمل أن يُغيّر الإذاعة لكنه لم يفعل.
لو أنها ركبت معه قبل شهرٍ على الأقل، في هويتها السابقة، في لباسها القديم والأجمل في عينيها، لكانت طلبت منه بعنفٍ أن يُبدّل القناة. لكن ما الفائدةُ من التمني؟ هاهي بحلتها الجديدة والقبيحة، حلّتها التي أوجبت عليها رسم الحدود بينها وبين هذه العائلة، الحلّة التي باتت كالستار الذي يحجب عفويتها معهم، والحلّة التي منعتها الآن من أمره بغضبٍ أن يُيبدّلَ القناة.
وليت - ليتَ و لو - يُبدلان الأحوال والزمان، ليتهما يُبدلان الوضع الكئيب لما هو أجمل وأنقى.
أسندت رأسها بصمتٍ على زجاج النافذة، تحاول السفر بعقلها إلى تفكيرٍ آخر لتغييب عن واقعها وتغييب أذناها عما تسمعان.
لكنّ صوتَهُ جاء ليُغلّف شرودها الوهمي ويثير اهتمامها إليه : ما ودك تحكين بشيء؟
صمتت لثوانٍ تنظر إليه عبر فتحة النقاب ببرود، وبانزعاجٍ من صوت الأغاني التي اعتادت بُغضها وغُلّف قلبها بكرهها : بـ إيش أحكي؟
ياسر بهدوء : احكي أي شيء يثبت إن إلين لساتها عايشة!
زمّت شفتيها حين ارتعشتا بعبرة، والغصةُ كانت حاجزًا في بلعومها أخرح صوتها مُختنقًا : طيب قفل الأغاني أول
شعر بالحرج لتمتد يده مُباشرةً ويُغلق الإذاعة، كيف نسي أنها لا تستمع للغناء؟
ياسر بحرج : معليش ، ما أسمع الأغاني كثير بس صارت عادة عندي اسمعها في طريقي للدوام بس.
لم ترد مُباشرةً، وهي تنظر إلى ملامحه عبر المرآة أمامها حيث كان هو أيضًا ينظر إليها عبرها. وكيف لو أنها كانت في ظروفٍ أخرى كـظرفٍ حلمت بهِ كثيرًا أن تكون - زوجةً له -!
ستكون الآن بجانبه، تبتسم له وتنظر إليه نظرةً مُختلفةً عن نظرتها له الآن، كانت لـ ...
" استغفر الله ، استغفر الله " ... استغفرت عديدًا داخلها وهي تحاول طرد هذه الأفكار، يكفي حُلمًا لم يُكن ليتحقق وإن لم يكن بالفعل أخاها، يكفي تجاوزًا يا عقلها! فلذةُ التفكير قبلًا كانت مُنعشةً عكس تفكيرها الحارق الآن، إنه أخاها! فـ حرامٌ هذا التفكير، حرامٌ عليها أن تفكر حتى كيف لو كان في حالٍ أخرى.
أيقظها صوته المازح من تفكيرها، يُحاول إخراجها من هذا الصمت الكئيب : عاد يقولون إن إلين ساكتة والجو كئيب
لم تُشح بنظراتها عنه، نظراتها اللا مُعبرةَ عن ما تشعر به حاليًا، نظراتها التي يُغلفها الكثير من البرود.
تنهد بضيق، ثم بجدية : إلين ... ودي أحكي معك شوي بخصوص اللي صار
أشاحت بوجهها عنه في ضيق، وبأسى : يا ليت ما تفتح هالموضوع ياسر .. لأنه يضايقني بما فيه الكفاية
ياسر : أنا ما راح أبرر اللي سوته أمي لأنه مافيه سبب مقنع يخليها تسكت كل هالسنين! بس بغيت أقولك إننا معك حتى تتجاوزين اللي صار وتعيشين بطبيعية، احنا دايم معك سواءً كنتِ بنتنا أو لا
تهدّل جفناها بعبرةٍ إلى أن انسدلا على لؤلؤتيها، لتحجبا بريق الدمع فيهما، لتحجبا تلألأ الأسى فيهما. إنّـه لمن العارِ أن تبغض شخصًا يكون بهذه الشفافية معك، وأعظم عارٍ هو أن تكره شخصًا لذنبٍ لم يقترفه هو بل أنت من اقترفه!
همست وهي مُغمضةُ العينين، وقطرةُ دمعٍ برقَت في زاويةِ عينها اليُسرى، بصوتٍ كان به الكثير من الإمتنان والشكر : مشكور ... مشكور يا ياسر
ابتسم لها عبر المرآة ثمّ وجه نظراته إلى الطريق وهو يُجيبها بلطف : العفو ... العفو يا أختي


,


وقت الفسحة اقترب من نهايته، وهي اعتذرت من صديقاتها لتتجه للحمامات بمفردها، دخلت لتدخل تلك من خلفها وتُغلق الباب الرئيسي بكل وقاحة، وهي ذُعرت من صوت إغلاق الباب لتستدير وتراها أمامها.
للحظاتٍ رفرفت بجفنيها وهي لا تدرك لمَ أغلقت الباب واستندت بظهرها عليه تمنع أيّ شخصٍ من الدخول خلفهما. وبلعثمةٍ مذعورة : افتحي الباب
لوت سارة شفتيها قبل أن تهمس : بغيتك بشيء أول، شيء يفيدك انتِ أولًا وأخيرًا
ازدردت غيداء ريقها وهي لا تعلم لمَ تشعر بكلٌ هذا الذعر الكافي ليجعل صدرها يرتفع ويهبط بعنف، الهواء ينسحب تدريجيًا، والضعف يتخلخلها لتهتف أخيرًا باستسلامٍ حتى تنتهي تلك الدقائق التي تقيدهما معًا هنا : بخصوص إيش؟
سارة بخبث : بخصوص الفلة والوناسة
قطّبت غيداء جبينها قبل أن تتمتم باضطراب : نعم!!
تحولت ابتسامة سارة للودّ قبل أن تندفع من بين شفتيها كلماتٌ رقيقة : عندي بكرة عزيمة للبنات في بيتي، وحابة اعزمك انتِ بعد ... فـ شرايك بهالشيء؟
للحظاتٍ جُفلت لتتشتت نظراتها في المكان عنها، بكل شيء عداها وهي تفكر، ما معنى ذلك!!
طالت الثواني بعض الشيء قبل أن تنظر إليها هامسة : أعتذر ، ما أطلع بنص الأسبوع عشان الدراسة
زمّت سارة شفتيها دون رضا، ثم ابتعدت عن الباب لتقترب منها وصوتُ رنين الجرس انساب إلى أذنيهما مُعلنًا انتهاء موعد الفسحة، ظهر الإرتباك على ملامح غيداء الطفولية لتتراجع خطوةً وتتوقف، لمَ تشعر بالخوف عند رؤية نظراتها التي تُشبه نظرات ثعلبةٍ ماكرة؟ وما كل تلك الطاقة السلبية التي تنتابها حين تُحدثها؟؟
توقف سارة قربها لترتفع كفها وتستقر على كتفها، وبتودد : مافيها شيء، بأجله للخميس، وياويلك تقولين عندك شيء!
قالت كلماتها تلك ومن ثم تراجعت بسرعةٍ حتى تخرج كي لا تعطيها المجال الكافي لترفض، وهي وقفت مُتجمدةً في مكانها للحظاتٍ وملامحها لا تُفسر، انسحبت جميع التفسيرات وذبلت نظراتها ، بقيت في مكانها واقفة، غير مُطنئنة، متوجسة .... ماذا تريد منها !!!

.

.

.

يُتبع بالجزء الواحد والعشرين
الفجر بيكون موجود بس محتاجة شوية وقت عشان أكمل مراجعته :$







كَيــدْ 23-11-14 04:19 AM

رد: قيودٌ بلا أغلال عانقت القدر القيد التاسع عشر
 




(21)





الواحدة ظهرًا.
دخل البيت بخطواتٍ مُرهقة، وملامحه ترسمُ الإرهاق بعينه، وهاهو يعودُ للبيتِ الخاوي بعد أن كان في الأيامِ السابقة ينام في الخارج، في أيّ شقةٍ وإن كانت قذرة! المهم فقط ألا يعود، ألا يعود .... ويرى الوحدةَ ترتسم في سكون المنزل، في صوتِ الرياح التي تعبر صدره فقط، بعد أن غاب صدر والده الذي على الأحرى لا يستحق لقب " الأب ".
إنّ الفقد يكمن عند البعض في الشعور بالوحدة بعد موت الشخص وليس لموته!
طيلةَ الأيامِ التي عاشها فيها والدهُ لم يشعر بوجوده أصلًا، لكنه أيضًا لم يكن يشعر بالوحدة! لم يكن يهتم كثيرًا لو نام والده في المنزل أم أنه لا زال يتسكع خارجًا مع رفاقِ السوء. إلا في بعض اللحظات الخائنـة! بعض اللحظات التي يُصبح فيها على سريره مُستعدًا للنوم، مُتأملًا، مُتأملًا .... إلى أن يشعر أن هناك ما ينقص في هذا البيتِ الكئيب!
لكنه بعد أن مات والده، بعد أن رحل، شعر بالفقد والوحدة لأنه سينام في الأيام التاليةِ وحيدًا، دون أن يُفكر في بعض اللحظات هل نام والده في المنزل أم لا!
ضغط على صدغه وهو يشعر بصداعٍ يخترق رأسه لفقدانه النوم بأريحية، وبالرغم من شعوره بالوحدة الآن، وبالألم من جهةٍ أخرى بسبب رأسه ... إلا أن الغضب في صدرهِ كان أعنف. يتمنى لو يستطيع الإمسك بذاك الخالد وسحق عنقه بين قبضتيه.
في البارحة وبعد ذاك الشجار سُحب للشرطة بالفعل بعد استدعائـه، كان خالد قد اشتكى عليه ولحسن حظ خالد وسوءِ حظه هو أن كانت كل الظروف في صالحه، فهو ضربَ لكن لم يُضرب من قبله، والشهود كثير.
لذا أُجبر على توقيع مُعاهدةٍ بعدم إيذائه مرةً أخرى وقد كان جيدًا أن الأمر توقف عند هذا الحد، لا بل ليس جيدًا! فهو قد أدرك مقصد خالد من كل ذلك، كانت نيته فقط هي إهانته لا غير، وقد نجح.
عضّ شفته وهو يُطلق شتيمةً ما من بين شفتيه، ثمّ تحرك صاعدًا لكنّ صوتًا ما صدر من المطبخ ليتوقف وهو يُقطب حاجبيه، من سيكون هنا يا تُرى!!!
توجّس تفكيره، وقدماه اتجهتا للمطبخ مُباشرةً لينظر ما قصة هذا الصوت؟ رُبما تكون قطة، لكن لربما لا تكون!
دخل المطبخ مُندفعًا، ليُجفل واقفًا وهو يرى جسدَ امرأةٍ تقف أمام المغسلة وتنظف الصحون القليلة التي تراكمت هنا قبل أسابيع، وقلّتها أكبر دليلٍ على عدم سكن أصحاب البيت الدائم فيه، بقي واقفًا للحظاتٍ وعقله لم يستوعب من تكون هذه التي تُديره ظهرها و" آيشارب " ليمونيٌّ شفاف التفّ على رأسها.
كانت تغسل بصمت، بتفكيرٍ عميقٍ وملامحها خطّت معالم الحزن، وحين تحرك خطوةً فاضحةً من خلفها فُجعت لتستدير بسرعةٍ وهي تضع كفّها على صدرها.
اتسعت عيناه وهو يرى ملامح ليست غريبةً عنه، ملامح لم تتغيّر إلا قليلًا لتُظهر فقط عُمر صاحبتها التي ناهزت الثلاثين، وشفتيه بدورهما تحركتا دون صوت، دون استيعاب
عـــمـــتـــي سُـــهـــى!!!
أمّا هي الأخرى فلم تنتظر كثيرًا لتستوعب من الواقف أمامها، وكيف لها ألّا تعرف من ترعرت معه وكانت له الأخت قبل أن تكون العمة؟ كيف لها ألّا تعرف من حاربت عائلتها لتأتيه وتقف معه؟
اندفعت بسرعةٍ إليه وهي تلفظُ اسمه من بين شفتيها بخفوتٍ مُعذب، تُطوّق وجهه بكفيها و " الآيشارب " انسحب عن شعرها إلى كتفيها ثمّ إلى الأرض، تستطيل على أصابع قدميها العاريتين لتستطيع الوصول إلى طوله الذي يسبقها بمراتٍ حتى تُقبل وجنتيه، ثم جبينه وأخيرًا عينيه الشبيهتين بعينيها.
أطالت في تقبيل عينه اليُسرى ودمعها يسبق نحيبها في السقوط، يسبق مقدار الحُزن والخيبة.
بينما هو كان واقفًا، مُجفلًا لا يستوعب ما أمامه، يشعر بقبلاتها الحنون ولا يردّ بشيءٍ يُثبت أنه يراها.
وأخيرًا استيقظ على صوتها الباكي، على عتابها وهي لا تزال تُمسك بوجهه : كِذا يا ولد أخوي؟ كذا يا أدهم تقطعني ولا تسأل عني؟
ازدرد ريقه وهو يُشتت نظراته عنها، ثم بعد لحظتين أعادها لوجهها حتى يتأكد، أهــي بالفعل أمامه؟ أم أنّ وحدته جعلته يتخيّل أشياءً ليست حقيقية! أمنياته تجعل عقله يُصوّر له ماليس بأمامه!
همس بغصّةٍ مُتسائلًا، يريد التأكدَ أنها بالفعل هي وعيناه لا تتوهمان، بصوتٍ مُثيرٍ للشفقة هزّ أعماقها : عمتي سُهى ... هذي من جد انتِ؟؟؟
زمّت شفتيها قبل أن تهمس بشبح ابتسامة : اي هذي أنا ... عمتك سهى يا القاطع
أدهم دون استيعاب : بس ، بس شلون ... شلون جيتي وأنتِ ...
قاطعته حين فهمت ما يعنيه : جدك كان رافض بس أنا جيت بالغصب ، مو من حقهم أبدًا يتركون حفيدهم بسبب أفعال أبوه
أخفضت عيناها بحزنٍ هامسة : واللي مقطع قلبي أكثر ، إن ولدهم مات وهم ما مشوا في جنازته ... يا قو قلبهم شلون قدروا؟؟؟
أدار رأسه عنها وهو يُغمض عينيه، كان قد أرسل إلى جدهِ من باب التبليغ فقط، كان يعلم أنّ أحدًا منهم لن يأتي للصلاة على ابنهم السكير والمُخزي لهم كابن!
لكن ذلك موجع، موجعٌ حدّ النخاع، كيف كان لجده كلّ تلك القسوة حتى يترك ابنه؟ كيف كان له ذاك القلب الصقيعي حتى في موت ابنه؟
رفرفت سهى بعينيها حُزنًا قبل أن تهمس : تدري ، مع إنّ أبوي كان قاسي يوم رفض يجي، بس كان يبكي كل يوم قبل لا ينام!
رفع أدهم حاجبيه غضبًا وهو ينظر إليها : ربي يجزيه بالخير سوّى اللي عليه وزود!
نظرت إليه سهى بعتاب : لا تقول كذا يا أدهم، هو رفض يجي بس ما رفض يدفنه! الذنب على محمد ما رضى يقول له بموت أخوي، وما درى إلا بعد ما اندفن
قطّب أدهم جبينه : عمي محمد؟ بس أنا أرسلت لجدي
سهى : وجدك تعرفه ما يعرف يقرا، عشان كذا خلى محمد يقرا له وياليتني كنت بهذاك الوقت جنبه عشان اقرا له أنا
شفت قسوة عمك؟ سكت وما بلغ أبوي الا بعد ما اندفن
أظلم وجه أدهم وهو ينظر للفراغ، ما كلّ هذا الحقد؟ ما كلّ هذا الكره؟ كيف لأخٍ أن يقوم بكل هذا لأجلِ امرأةٍ لم يحصل عليها؟؟؟
أكملت سهى بحسرة : يا ليتك شفت أبوي بعد ما درى، قوّم الدنيا ولا قعدها، شلون رضى محمد يسكت ولا يتكلم؟ ظل متحسر ويوم قلت له خلنا نروح على الأقل لأدهم وعشان العزى رفض من شدة قهره ... قال يكفي يستقبل المعزين في بيته
التوت زاوية فمه بسخرية : هه .. ماني محتاج وقفته
استدار عنها ينوي الذهاب، لكنّ يدها امتدت لتمسك بزنده وتهتف عاتبة : وش هالقسوة يا أدهم؟ ترى جدك ما كان القاطع بس أبوك هو القاطع وانت أدرى بعناد عبدالله
وبعدين هذا استقبال بالله؟ تدري كم صار لي يوم هنا؟ .. صاير لي يومين وأنا بروحي منتظرة رجعتك، حتى رقمك اللي غيرته ما عطيتني هو! ولو إنّي ما كنت عارفة عادتك بدسّ المفتاح الإحطياتي تحت مفرش الباب ما كنت دخلت.
جايب هالقساوة من وين؟؟ أنا وش ذنبي عشان تتجاهلني وتقطعني؟
لم ينظر لوجهها بتاتًا، ويدهُ تيبّست تحت كفها المُتشبثة بِه، وذكرياتٌ تصاعد مداها في عقله لتُهيّض حزنه بوحدتهِ مُجددًا، لتُشعره بالأسى ولا شيء سوى الأسى.
تقدّمت لتقف أمامه، ثمّ ابتسمت وهي تُمرر سبابتها على جُرحٍ صغيرٍ بجانب حاجبه : ما تترك عادتك من كنت صغير ، بس تتهاوش مع خلق ربِي ولا تهتم بالعواقب
اتسعت ابتسامتها لتُردف مُحاولةً إخراج نظرة الحُزن من عينيه : وبعدين وش هالتكشيرة؟ وجهك مخيّس من غير ماله داعي تخيسه زيادة
رُغمًا عنه ابتسم وهو يرفع حاجبه الأيمن، ثمّ رفع سبابته ليضعها أمام عينها اليُمنى : وانتِ عيونك لازالت صغيرة! متى بتكبر بالله؟؟
عضّت طرف شفتيها بغيظٍ ولطالما كانت هذه الجُملة تستفزها : تراها نفس عيونك
أدهم بتداركٍ يُصحح لها وهو يبتسم : مع اختلاف بالحجم
سهى : اختلاف بسيط
أدهم : بس تبقى عيوني هي الأحلى
سهى بغيظ : من زينها
ضحك أدهم بخفوتٍ وهو يرد : تراها نفس عيونك
رفعت حاجبيها وهي تهزّ رأسها بالإيجاب : مع اختلاف بالحجم
ردّ أدهم بعد موجةِ ضحكةٍ هاجمته : خلاص غلبتيني
ابتسمت سهى برقة، ثمّ أمالت حاجبيها وهي تهمس بحنين : ملامحك ، لازالت هي نفسها من كنت صغير ، قاسية تشبه ملامح عبدالله!
اختفت ابتسامته وهو يتنهد بعمقِ التأثُرِ الذي يواتيه، لطالما كان يتمنى في صغره لو أنه كان يُشبه أمه التي لا يعرف عنها الا صورة! صورةٌ تحتضن ملامح أُنثى جميلةٍ بعينين خضراوين وشعرٍ بُنيٍّ شديد النعومةِ والجمال.
أمه الذي ترعرع خلف كذبة موتها، أمه التي لم يعرف عنها شيئـًا سوى صورتها حتى كبِر وأدرك الحقيقة من فم والده نفسه، وقد قال له بقسوةٍ ذات يوم " أنت بالنسبة لناس ابن غير شرعي "!!!
أغمض عينيه بقوة وهو يتفكر بأمه التي لا يحمل تجاهها أيّ مشاعر ملموسةٍ سوى أنها أمه ومن الفطرة أن تكون شخصًا استثنائيًا، لـم يُكن ذنبها أن تلاعب والده بها وتزوجها بطريقةٍ خاطئـة لينكرها في لحظة! ولم يكن من المُنصف أن يكُون هو نتيجةَ هذا الزواج حتى يحمل الذنب، حتى يعبر الإتهام جسده ولا يتجاوزه.
تنهد بضيق، ثم رفع ناظريه إلى ملامحها ليُحاول تغيير مجرى هذا الموضوع الذي يصدّ دفاعات روحه النازفة : طيب وش جايبك الحين للمطبخ ... تعالي نطلع برى نسولف على رواق
سهى برفعةِ حاجب : المطبخ مكتوم وفيه مجموعة مواعين واضح إنّ لها فوق الشهر ... واضح إن البيت بيتك! عشان كذا بنتهي من اللي بقى وانت روح نام ، واضح على وجهك التعب
ابتسم ابتسامةً تكادُ لا تُرى، يا الله، إنها لازالت كما هي، تفهمه من تعابيره، لا زالت تُدركُ أدقّ تفاصيله، لم يؤثر بها البُعد ولا الفارق الزمني بين آخر لقاءٍ بينهما، لم يؤثر بها الطريق الذي امتد بينهما كما يعتقد أنه لربما أثر به!
همس : زين حسيتي فيني لأني خجلت أتركك الحين وأنام ... يلا باي
ابتعد مُباشرةً خارجًا من المطبخ لتضحك بخفوتٍ وهي تهمس وسعادةٌ ما اجتاحتها برؤيته بعد غياب : واضح خجلان ... حتى انك ما صدقت خبر


,


دخلت وبرفقتها هديل، كانت هديل تُحدثها كثيرًا وهي لا ترد إلا بابتسامةٍ ثابتةٍ لا تحمل أدنى شعور، أو ترد ببضع كلماتٍ مُختصرة، ولم يكُن صعبًا على هديل أن تُلاحظ هذا البرود لكنها تلتمس لها العذر، وكيف لا تلتمس لها وهي ظُلمت من قبل والدتها سنين طوال!!
هتفت إلين بخفوتٍ بعد أن دخلت : بطلع أنام .. ما ودي بالغداء
هديل تُقطّب حاجبيها برفض : لا لا وشوله ما تاكلين شيء ... بتمشين معاي أكيد الغداء جاهز الحين والعالم منتظرينا
صمتت إلين بانزعاجٍ وهي لا ترغب بشيءٍ أبدًا، لكنها أومأت برأسها موافقةً دون أن تكون موافقةً في داخلها فعلًا، وكأنها باتت رجلًا آليًا ينصاع بسرعة.
ابتسمت هديل برقة : ولأني ما أثق في عبطك وعارفة إنك ممكن لما تطلعين تبدلين راح تفكرين تلعبين علي عشان كِذا بتاكلين وبعدين تبدلين
لم ترد إلين سوى أنها تحركت تجاه غُرفة الطعام ومن خلفها هديل التي تنهدت بضيقٍ لهذا البرود المُرهق، لكنها تبعتها بصمتٍ ولا رغبة لها في الضغط عليها.
ما إن دخلتا غُرفة الطعام حتى تراءى لأعينهمَا عبدالله الجالس في مقعده وعلى بعد مقعدين تجلس هالة بصمتٍ وملامح لا تُفسر.
وقفت إلين مكانها، وقد تغيّرت ملامحها مائةً وثمانين درجة وقدميها كادتا تتحركان لا شعوريًا لتخرج، لكن يد هديل كانت الأسرع لتقبض على معصمها وهي تبتسم : مساء الخير
انتبه لهما كلٍّ من عبدالله وهالة بعد أن كانا غارقين في تفكيرهما لصمتهما الذي سبقته شُحنةٌ لسانية قبل أن تكون من نوعٍ آخر.
ابتسم عبدالله وقد انتفخت أوداجه برؤيته لإلين : يا حيّ الله بنتي .. تعالي تعالي يا حبيبتي اجلسي جنبي
تكتفت هديل بغيظ : بدينا بحركات التفضيل
ورغمًا عن إلين ابتسمت شفتيها ابتسامةً تكاد لا تُرى ووجه عبدالله الباسم جعلها تخطو خطواتٍ مُتضائلـة لتجلس أخيرًا بجانبه.
هديل بعبوس : لنا الله بس
ثمّ تحركت تنوي الجلوس بجانب والدها من الجهة المُقابلة، لكنّها وما إن رأت ملامح أمها التي غطّاها البرود وهي لا تنظر لأيٍّ منهم شعرت وكأن سكين العطف غرس نصله في قلبها، ولم تكن رؤيتها بهذا الشكل وكأنها غريبةٌ بينهم سهلًا عليها لتتجاوزه، لم يكن من السهل ألّا يرفّ لها جفنٌ وهي تراها بهذا المنظارِ الموجِع لقلبها.
لذا غيّرت وجهتها لتجلس بجانب أمها وابتسامةٌ حنون غلّفت شفتيها، هاتفةً بخفوتٍ وبعض الدلال وهي تطوّق عضدها : شلون مامتي الحلوة
ابتسمت هالة دون تعبيرٍ وهي تُمرر أناملها على خُصلات شعر هديل المُتحررة من خمارها : الحمدلله بشوفتك ... ليه ما فسّختي عبايتك وبدلتي قبل؟
هزت هديل كتفيها : مافيه سبب بس كذا
بينما من الجهةِ الأخرى، كانت غصّةٌ قد هاجمت حُنجرتها جعلت حتى ابتلاعها لريقها صعبًا، تفهم شعور هديل ولا تلُومها، تفهم كيف هي العاطفةُ بين الأم وابنتها ولا عتب على هديل فيما تقترفه الآن في حقّ قلبها.
هي لم تفهم شعورَ الأمّ يومًا، لم تشعر بكلّ تلك العاطفة تجاه أمٍ لها، لم تبرق عيناها يومًا بقُربها من أمها، لكنها تُدرك جيدًا أن هذه العاطفة كافيةٌ لتكُون الأم في عيني الولد/الإبنة تستحق أنقى مُعاملةٍ وإن لم يكُن شخصها نقيًا، تستحق أن تكون ملكةً وهم عرشها وإن أخطأت يومًا في حق أحد أفراد الشعب!


,


: آآآآآه يا ربي
لفظت بذلك وهي ترمي بجسدها على أقرب أريكةٍ في الصالة وإرهاقها كافٍ ليسحق جسدها سحقًا.
والآخر دخل من خلفها وقد وصل إلى أذنيه صوت تأوهها ليبتسم ساخرًا : هذي ضريبة الشغل ... تحملي
نظرت إليه ثمّ صدت بصمتٍ ومنذ أن استيقظت وهي تتجاهل الرد عليه تمامًا بينما هو لم يُعر الموضوع أهمية. تحرك صاعدًا وبقيت هي جالسةً في مكانها تُمسد كفًا بأُخرى، وعبوس وجهها يُوازي بؤس تفكيرها، إنّ وضعهما وإن كان لبعض مثيلاتها من النساءِ لا يُطاق إلّا أنها ترى جمال حياتها به! وكم هي بائسةٌ بتفكيرها هذا، هي كالشكولاة وهو كالقهوةِ المرّة، بالرغم من اختلاف المذاق إلا أنهما معًا يتناسبان كما يتناسب السالب والموجب فينجذبان إلى بعضهما!
ازداد عبوسها بتفكيرها السخيف، ودّت لو تُقطع خُصلات شعرها لتفكيرها الدائم عنه، لبحثها دائمًا وأبدًا عن الأعذار لأجله في كل خطأ يقترفه، بالتكفير الدائم عن ذنوبه وانسلاخها من كبريائها لأجله.
تنهدت بضيق : طيب مين يكفّر عن ذنوبي في حق نفسي؟؟
زمّت شفتيها قبل أن تتجه كفها لمحور السعادة في جسدها، هامسةً له ببضع كلماتٍ حنون وهي تُمرر كفها ببطءٍ ورفقٍ وكأنها تخشى أن تؤذيه : راح تكون انت مو؟ ... أهم شيء لا تطلع على أبوك وتتعب مرتك بعدين
ضحكت من بعدها وهي تتخيل ذلك، رباه كم من السعادة تجتاحها حتى باتت تتخيل ما سيكون مُستقبلًا، حتى باتت تتحدث مع نفسها... لا بل معه! فهو روحٌ ستأتي ليكون التعويض المُرضي من سيف بعد كل ما أثاره في حياتها من عذاب، سيكون الدواء الذي يُبرء جروحها، سيكون المُطهر لكل ذنوبها في حق نفسها، كما كانت المُطهر لذنوب سيف.
نهضت بعد أن ارتسمت ابتسامةُ سعادةٍ على وجهها ثمّ اتجهت للدرج لتصعد للأعلى حتى تبدّل ملابسها وتنام، فهي تشعر أنّها تريد النوم يومين مُتتاليين من شدّة الإرهاق الذي تشعر به.
لكنها توقفت بغتةً حين سمعت صوت أم سيف من خلفها : رجعتوا؟
استدارت ديما إليها، بابتسامةٍ مُشرقةٍ تختلف عن ابتسامتها السابقة، كيف لا وهناك حنانٌ يتدفق في صدرها لما سيكون في أحضانها بعد عدةِ أشهر : اي رجعنا خالتي
ابتسمت أم سيف وهي تُلاحظ شروق ملامحها : طيب الخدامة الحين تجهز الغداء ... لا تتأخرون
بالرغم من أنها لا تحمل أيّ رغبةٍ الآن في الطعام بل رغبتها في النوم أقوى إلا أنها أومأت ثمّ أكملت طريقها صاعدةً للأعلى.

دخلت غرفة النوم لتراه لتوّه يخرج من الحمام بعد أن بدّل ملابسه بلباسٍ بيتيٍّ مُريح، أمعنت به للحظات، بملامحه الرجولية الحادة، بقمحيةِ بشرته التي تُعاكسها هي بسمارها، أوَلم تقل من قبل أنهما مُختلفان؟ مختلفان بالقدر الذي يجعلهما مُتناسبان، مُختلفان بالقدر الذي يجعل كلًا منهما لا يكتمل إلّا بالآخر، وهذا الإختلاف هو من أكثر ما يهدي حياتهما نكهةً خاصة، لذيذةٌ وإن كانت حارقةً بعض الشيء للسان قلبها.
انتبه إلى نظراتها ليبتسم ويصدّ عن ملامحها يُسوّى ياقة قميصه الأبيض أمام المرآة : مضيّعة شيء بوجهي؟؟
تدافعت الحُمرة إلى وجنتيها لتصدّ عنه بسرعةٍ وهي تُبلل شفتيها بلسانها ارتباكًا، ليتها تفقئ عينيها ... ليتها!!
ضحكَ بخفوتٍ وهو يقترب منها برضًا تام بعد أن لاحظ نظراتِ - العاشقة - التي ترويه حدّ النضوح، ثمّ وقف أمامها مُباشرةً لا يفصل بينهما سوى أنفاسهما، أنفاسهما التي تراجعت لتُصبح أنفاسه هو وحده!
قُربه يخنقها، يُسيطر على عمل رئتيها فيتعطلان لثوانٍ مُرسلان إشارة الموت إلى عقلها، فلا يرتوي إلا بدمٍ مُختلطٍ بهِ لا بالأُكسجين.
إنّه الحياةُ برمّتها، إكسير الحياة فما معنى الأُكسجين والماء إن كانت عيناه ارتواءٌ كافٍ، إنّه المُحرك لدورتها الدموية بجرعات حبه المجنونةِ ورفرفات أهدابه الآسرة.
لم تنظر إلى عينيه بل قلبها الذي بدأ التغزل بمرآهما، ويدُه امتدت ليقبض على ذقنها يُدير ملامحها السمراءَ إليه، يتأمل تضاريس وجهها قبل أن ينفُث برقةٍ فيه لتُغمض عينيها تلقائيًا.
ثمّ تتلون شفتيه بابتسامةٍ عابثة : تدرين ... دايم لو نمت وأنا معصب منك بسبب حركاتك المجنونة أصحى وغضبي كله طار
رفرفت أهدابها ثم فتحت عينيها لتنظر لوجهه بضياع، ليقترب أكثر حتى كادت أنفهُ تُلاصق وجنتها : عيونك تكفير كافي لكل أخطائك
ازدردت ريقها بعصوبةٍ وهي تُغمض عينيها لمواجهتها قرصيّ الشوكلاة المُبحرتان في بياض عينيه، بينما هو ينظر إلى انحناءِ أهدابها بعينين انخفضتا لهجوم موجها الوردي المُنبعث منها، مُقتربًا قليلًا حتى تُلامس شفتيه أهداب عينها اليُمنى، ثمّ تنحدر إلى شفتيها بهدوءٍ مُقبلًا لها بحنانٍ كافٍ لتفتح عينيها ببطءِ استنشاقها لأنفاسه، ببطءِ استيعابها لحنانه المُهلكِ هذا، ببطءِ إرادتها في تطويق عنقه كعاشقةٍ تتشبث بعشيقها أمدًا غير معلوم.
لقد علقتُ في مأزق حُبكَ وانتهيت، شرّعت أبواب الخيبةِ وأضعت جميع المفاتيح عمدًا كي لا أُغلقه، فخيبةٌ لو كان مصدرُها - سيفًا - كُسرَ الغمد كي يبقى السيف حرًا طليقًا حتى يبطش بقلوب العذراوات من الحب مثلي ويتلطخ بدمائهن كما حدث معي، كما حدث لقلبي حين اخترقهُ نصلكَ الحاد ... هي خيبةٌ مُختارة، كما اخترت الإستسلام إليك بنفسي، كاستسلامي لحنانكَ في هذه اللحظات، كاستسلامي لتياراتك الجارفة مُتجاهلةً جميع العواقب.
ابتعد عنها قليلًا وهو يطوّق وجهها بلمسةٍ حنونةٍ كقُبلته، ينظر لعينيها بعينين باسمتين وأجملُ اللحظات لا تكون إلا معها، حين يُصبح بعفويته التامة ليصعد برفقتها إلى جنّات الحُب تاركيّن الدرك الأسفل من الحياةِ البائسة، الحياة التي أفقدته عفويته التي ما عادت تعود إليه إلا قليلًا، وهاهي تعود الآن، كما كانت تعود قبلًا معها ثم ترحل كضيفةِ شرف، تبقى لثوانٍ وتختفي لأعوام!!
حكّ شفتيه ببعضهما البعض، ثمّ ابتسم وهو يحرك إبهامه على نعومة وجنتها، ليهتف أخيرًا بعبث : ولأنّ عيونك كفّرت عن كل ذنوبك السابقة والكثيرة ... هذي هي انتهت مدة صلاحيتها
غمز بعينه ليُردف : عشان كِذا حاولي ما تعصين مرة ثانية ولا تزعلين حبيبك ... أوكي
فغرت شفتيها والكلمات تُسرق منها دفعةً واحدة لتكون كالبكماء في حضور كلماته الرقيقة/المُحذرة ..... ما هــذا الأسلــوب المسيطــر!!!!!
لم يستطع منع نفسه من الضحك وهو يُشاهد " تبلمها " في حظرة كلماته، ضحكته كانت عابثةً بالقدر الذي جعلها تُشتت نظراتها تبحث عن الأبجديةِ لترد، تبحث عن حصنٍ لتبنيه أمام هجومه المُسيطر عليها بهذا القدر الذي يجعلها - ضعيفةً لسانيًا -!!!
تحركَ سيف مُتجهًا لخارج الغرفة، وحين جاورها عبث بشعرها بكفه ليقف للحظتين هاتفًا بأريحية : تراني حذرتك بس بأسلوب ثاني .. عاد ما فاد معك الأسلوب السابق قلنا نغيّر شوي
ضحك أكثر وهو يبتعد، يبتعد، يبتعد ... حاملًا مقدارًا كبيرًا من سكونها ليحتقن وجهها غيظًا دون تصديقٍ لما حدث، في لحظةٍ رفعها لأعلى مراكز الحبور بحنانه، وفي لحظةٍ أخرى نقلها إلى أعلى مراكز الغيظ/الضياع.
لتصبح واقفةً الآن في مكانها بعباءتها/خمارها الذي استراح على كتفها، ونقابها الذي كانت تحمله في يدها حين دخلت أين أصبح؟! أضاع كما ضاعت الكلمات منها حين غفلةٍ من مخارج الأحرفِ لديها؟ أضاع بفعل تياراتهِ الهوائيةِ أم أن قُربه تحكّم بنسبة الأدرينالين لترميه!!!.
ببلاهةٍ بدأت تبحث بعينيها عن نقابها في الأرض، ثم رفعت عينيها للأعلى فجأةً وهي تهمس من بين أسنانها : هدي ... هدي ... مايسوى والله ما يسوى
عضت شفتها بقوةٍ حانقةٍ وهي تُغمض عينيها بقوةٍ وتجذب الأنفاس ببطءٍ قسرًا، فقط لتهدأ ويهدأ اضطرابها الآن، فقط لتتجاوز لمسة شفتيه الحانية وكلماته العابثة، فقط لتُلملم نفسها بعد هذا التشتت والتخبط.

بينما كان يتخطى العتبات والتواءُ شفتيه أصبح دون معنًى ملحوظ، وهو منذ تزوج بها وضياعها بين يديه يُرضيه أشدّ الرضا، يُشبع غروره الرجولي ويُنسيه كل ما فاتَ من حماقاتها، المهم أنها بالرغم من كلّ ما حدث لازالت هي، لازالت الضائعةِ به والمُلملَمُ شلمها تحت حكمه، لازالت الضعيفة إليه والمُقيّدةُ به، لازالت هي " مَي " التي يُحب فيها ضياعها.


,


يتحدث في هاتفه جالسًا أمام التلفازِ المُغلق، بينما كانت هي في غرفة النوم ترتب ملابسها في الخزانة، واليأس رغمًا عنها يعتريها، تفكيرها يُنبئُها أنها لن تعود أبدًا لعائلتها وسيكون فواز هو العائلـة لها منذ أن حلّت عنده.
سمعت صوت خطواته تقترب من الغرفة، ليُداهمها الخجل رُغمًا عنها وهي تتذكر قربها منه البارحة، قربهما من بعضهما البعض بدرجةٍ غير أخويةٍ - كما تعتبره -، قربٌ يفيض بالدفءِ والحنان الزوجي فقط.
اقترب منها حتى وقف خلفها، ثمّ وضع شيئًـا ما على أذنها جعلها تنتفض فزعًا وتنظر ليده التي امتدت إلى أذنها لتتصل بالهاتف، وملامحه ... كانت لا تُفسر!!!
قطّبت جبينها استغرابًا وهي تتساءل بعينيها " من؟ "، لكنّ جمود وجهه وتيبّس شفتيه لم يُهدِها الإجابة.
وللتو كادت تتحدث، للتو كادت تسأل من، لكنّ الصوت الرجولي الذي اندفع إلى أذنيها جعل عيناها تتسعان، وحدقتيها تلقائيًا نظرت إليه باستفهام.
الطرف الآخر : ألـو ... أخت جيهان؟؟
فغرت شفتيها وهي تنظر لفواز مُستفهة، الصوت الذي تسمعه الآن لم يعبر أذنها قبلًا، لم يمرّ على مسامعها ليُخلَّد حتى تسترجعه إن قابلها مجددًا، إذن لمَ قد يجعلها فواز تُحدثه؟
هتف الرجل : ألـو ... تسمعيني؟؟ ...... فواز!
حين لم تجد الإجابة من فواز، داهمها بعض الغيظ فردّت لتُزيل توهانها : نعم
الرجل : السلام عليكم
لم ترد جيهان على سلامهِ بل هتفت باستفهام : مين معي؟
الرجل : معك الدكتور عناد
ارتسم على وجهها مائةُ علامة استفهام وعيناها وللمرة الثالثة ربما تتجهان لفواز الجامدةِ ملامحه وهي تسأل : دكتور؟!! ... دكتور إيش؟
عناد بهدوء : دكتور نفساني


,


ارتشفت من القهوة رشفةً ثمّ وضعت الفنجان على الطاولة لتردّ على سؤال زوجها عبدالرحمن : كانوا شاكين في البداية ... وانت عارف إنّ أي شك في الرضاع يلغيه من أساسه
قطّب عبدالرحمن حاجبيه والأمر لم يدخل رأسه برمّته، ثم عاد وسأل : ومين الحرمة اللي قلتِ إنها الشاهدة الوحيدة على عدد الرضعات؟
ابتسم أميرة لترد ببراعةٍ وثقة : ما أعرفها زين ، بس كل اللي أعرفه إنها من معارف هالة القديمين واللي صاير لها فترة ما تقابلت وياها، بس يوم سمعت إنّ ياسر وإلين بيتزوجون انصدمت وتصرفت بسرعة بإنها بلغت هالة ونبهتها
لوى عبدالرحمن فمه بتفكير، وهو ينظر لوجهها بحيرةٍ يُخالطها عدم التصديق الكُلي، وكما توقعت هاهو يسأل من جديد : فيه مرة ما تركز بعدد الرضاع بالله؟؟؟
أميرة : قلت لك كانت شاكة ... والشك ينفي الرضاع من أساسه
هزّ رأسه نافيًا وهو يتنهد بحنق، ثم وقف لافظًا : يا شين ما سوّت يوم إنها بغت ترضع وتنسى! ... الله يهديها بس كان ظلمت البنت كل هالسنين
عقدت أميرة حاجبيها وهي تتفكر، بالفعل! لمَ كانت صامتةً طيلة هذه السنين؟ ما الدافع الحقيقي لصمتها؟ ما الدافع لتجاهلها حُرمة ياسر على إلين والمخاطرة بهذا التهور؟
كان ذنبًا أن تسكت، والآن هاهي تُعاقب لذنبها بما يعتري صدرها بعد كشف الحقيقة، وبالتأكيد ما يعتريه ليس راحةً إطلاقًا.


,


تجلس على السرير مُمددةُ القدمين والحاسوب يستقر على فخذيها، بينما أختها تمشي ذهابًا وإيابًا في الغرفة، كحالها منذ أيامٍ وهي تُحاول تقليب المسألةِ في رأسها غيرَ مُصدقة.
وهاهي ترفع رأسها لأماني ككل يومٍ بعد أن تُكمل جولتها : أماني ... تصدقين اللي صار والا مثلي؟؟
تأفأفت أماني بملل، ثم نظرت إليها مُقطبة الحاجبين راجية : رانيا واللي يعافيك ترى أبثرتيني!
رانيا : بس شلووون؟ والله العظيم ماني مصدقة للحين
أماني بملل : المفروض تكونين مبسوطة مو هذا اللي كنتِ تبغيه؟
رفرفت بأهدابها مرارًا قبل أن تقترب فجأةً وتجلس بجانب أماني مُتناولةً الحاسوب منها.
أماني باستغراب : خيييير!
رانيا وهي تضغط الأحرف لتكتب في محرك قوقل " الشك في الرضاع " : لحظة بتأكد من شيء
نظرت أماني لما تكتبه رانيا مُقطبة الجبين : حكم الشك؟ ليه تبحثين تراه واضح
رانيا : أبي أتأكد
تمعنت في ما تقرَؤه، ومعها أماني الملاصق كتفها لكتف رانيا، ليرتفع صوت أماني في النهاية هاتفًا : قلت لك واضح .. ماله داعي هالبحث والتنقيب
زمّت رانيا شفتيها وهي تنظر للشاشة وعمق الشفقة يكبر داخلها، عمقُ الشفقة على إلين.
منذ أن علمت بحقيقة كونها أختًا لياسر وقليلٌ من البغض تجلى لتحلّ الشفقة محلّها، بالرغم من كونها مُقتنعةً بعدم إخلاصها في حب ياسر، مُقنتعةٌ أنها لا تحب للحب بل لمصالح دنيويةٍ أخرى، لكن أن تعيش سنين بهويةٍ لا تُمثلكَ أمرٌ صعب/مُحزن، كصعوبة ابتلاع الصديد، وكم هو مرٌّ أن لا تتلبس بهويتك وتتحلى بثوبٍ مُهترئٍ ليس ملكك، كم هو مُحبطٌ أن تكون الدنيا صغيرةً بهذا الحجم، بالحجم الذي جعل اثنان كادا أن يتزوجان إخوةً ضامهما الشك.
زفرت بضيقٍ وما وصلها هو ذاته ما وصل إلى مسامع عائلتها أجمع ولربما أناسٌ غيرهم، شكّ هالة في رضاعها وشهادةُ أخرى كشفت الستار بعد سنين. وكم هو مؤلمٌ حين يُرفع الستار عن مسرح الخيبات.


,


كانت تصرخ بجنون، والهاتف قد رمته بعد أن أغلقت في وجه عناد، لا تصدق ما حدث، لا تُصدق من كانت تُحدث، كيف لـفواز هذا القدر من القسوة ليراها مجنونةً أو معطوبةٌ عقليًا حتى يُحوّلها إلى طبيبٍ نفسي بهدف مُعالجتها.
صرخت وهي تهزّ رأسها بغضب، بغيظٍ من تفكيره : مــااااني مجنووووونة .... ماني مجنوووووونة عشان تخلي طبيب نفساني يكلمني
تنهد فواز وهي يمسح وجهه وصراخها مزّق طبلة أذنه، ثمّ صوّب حدقتيه إلى وجهها مُباشرة وهو يهتف بحدةٍ وثقة : منتِ مجنونة، تطمني ... مو كل من يتجه لطبيب نفسي مجنون! اصحي على تفكيرك واتركي عنك الصراخ والشوشرة
شدّت على أسنانها غضبًا ومُغلتيها تُصارعان الدموع، مُقتربةً منه وشفتيها تهتزتان بعبرةٍ وجنون، ليست مجنونة، ليست مجنونة، هيَ واللهِ ليست مجنونةٍ فـلمَ إذن يجعلها تُحدث طبيبًا؟ هي فقط أذنبت قليلًا في الأيام السابقة، أذنبت في حق والدها بمعاملتها القاسية، أذنبت في حق فواز بجفائها معه، لم تفعل شيئًا آخر، لم تُذنب أكثر ليُعاقبها بهذه القسوة، لم تفعل شيئـًا، لم تفعل شيئًا تُقسم بذلك، فلمَ يكون قاسيًا في عقابه وهي لم تقسو عليه إلى هذا الحد؟ لمَ يقسو عليها بنظراته الجادةِ الآن وهي التي ارتاحت إليه البارحة؟
لا تجعلني أكرهك، أرجوك لا تدفعني لهذا الشعور، لا تُعاقبني بهذه القسوة على ذنبٍ لا يستحق فأكرهك حقًا، لا تُمت شعور الأمان الذي اعتراني البارحة بقربك، أرجوك لا تفعل ذلك .... أرجوووووك.
أمسكت بقميصه البني بكفيها الناعمتين وعيناها تُطلقان رجاءً موجعًا، هامسةً من بين شفتيها برجاء : ماني مجنونة . . تكفى فواز لا تظن فيني كذا! لا تسوي فيني هالشيء والله ماااني مجنونة
لا تخليني أكرهــك .... الله يخليك لا تخليني أكــــــرهك
أمالت رأسها إلى صدرهِ وأناملها مُتشبثةٌ بقميصه، كرصاصةٍ اخترقت قلبه كانت أناملها، ليتيبس في مكانه مُنتظرًا خروج الروح، وصوتُ بكائـها الذي ارتفع بسقوط دمعها وصل إلى أذنيه كصريرٍ آذاه، كموجاتٍ فوقَ صوتيةٍ لم تحتملها أذناه.
فغر شفتيه يجتذب الهواء، يشد على ظهرها بكفه اليُمنى من الخلف ليلتصق جسدها كُليًا به. يجب ألا يتراجع، يجب ألا يجعل إنهيارها دافعًا ليتراجع للخلف، وهذه هي الخطوةُ المُثلى، هذا هو الطريق الأأمن لهما دون تفرعات، دون تعرقلاتٍ وتعثرات، لذا لن يتراجع، لن يتراجع وسيقسو إن تطلّب الأمر.
هتف بهدوءٍ وهو يرفع يدهُ الأخرى ليُعانقها : جيهان ... لا تخافين ، لجوء الشخص لطبيب نفسي ما يعني جنونه! أنتِ بس محتاجة تبوحين عشان تتخلصين من الشحنات السلبية جواتك، محتاجة تفضفضين لخبير بس مو معناه إنك مجنونة! . . لا أنتِ عاقلة فتطمني
رفعت وجهها المُبلل بالدمع عن صدرِه، تنظر له بعينين مُتوسلتين، عينان برقتا ببحر دموعها، عينان اخترقتا عينيه ليُخلفا عذابًا لا يُقاوم.
همست بتوسل : بفضفض لك ، راح أبوح لك وأفرغ شحناتي لك وحدك ... بس لا تسوي فيني كذا، لا تخذلني يا فواز .... تكفى
نظر لعُمق عينيها وكلماتها مؤثرةٌ بشكلٍ موجع، ونطقها لـ " لك " كان آسرًا لقلب أيّ عاشق، هي الآن تُثبت مليكته لها، تُثبت أنه حاكمها وإن لم يكن لقلبها!
اخفض رأسه قليلًا ليصل لعينيها، ثمّ قبلهما كلًا على حدةٍ ليهمس أخيرًا : ولأني ماودي أخذلك ... بسلمك له، عشانك بس!


,


تمشي على إحدى أرصفةِ بروكسيل بخطواتٍ مُرتبكة، ترفع يدها دون شعورٍ لتسوّي حجابها ثم تقف فجأةً وتستدير للخلف، لكن لا أحد! إذن لمَ تستشعر تلك العينين؟ لمَ تستشعر لؤلؤتين سوداوتين تُحدقان بها بذات النظرات السابقة، حقدٌ يختلط بنظرةٍ ما مُبهمة!
إنه يراقبها، هي مُتأكدةٌ من ذلك، يمشي خلفها ليختفي حين تستدير، دارسًا جميع تحركاتها ومُتوقعًا لكل ما قد تفعله .... لمَ يفعل كلّ هذا!!!
تشبّثت بالكيس الذي في يدها وهي تعود لتُكمل خطواتها، لكن هذه المرة بشكلٍ أسرع قليلًا، تشعر بالتوجس من تتبعه لها، تشعر أنها مُحاصرةٌ بعينيه . . وهي الساذجة التي لطالما كانت تتجاهل مراقبته لها ليس لشيءٍ سوى ابتعادًا عن المشاكل، لكن يبدو أن صمتها جعله يتمادى كثيرًا، جعله يتجاوز جميع الحدود.
وصلت للمنزل، والذي كان لا يبعد كثيرًا عن المكتبة التي عادت منها، وما إن تراءى المنزل لعينيها حتى أكملت ركضًا من شدة خوفها، وحين دخلت تنفست الصعداء وقلبها ينبض بجنونِ الخوف والإضطراب الذي كان يعتريها.
وضعت يدها على صدرها تُثبّطُ أنفاسها، ثم تلقائيًا دون أن تشعر استدارت تنظر للباب، أيعقل أن يلحق بها إلى هذا المكان أيضًا!!!!
أغمضت عينيها وهي تُبلل شفتيها بلسانها، تستغفر مرارًا حتى يزول رعبها هذا، وما إن شعرت ببعض الراحةِ حتى تصاعد رنين هاتفها.
رفعت الهاتف مُقطبة الجبين، ليظهر أمامها رقمٌ غريب، كانت ستتجاهل الرد في حالتها هذه، لكنّ شيئًا ما غبيًا جعلها ترد.
تدافع صوتٌ رجوليٌّ قبل أن تلفظ بكلمةٍ من الجهة المقابلة، هامسًا كان بدرجةٍ أثارت القشعريرة في جسدها : شكلك بالزهري يذبح.
ارتعش جسدُ جنان وعيناها تتسعان تدريجيًا، دون تصديق، دون استيعاب
هـــيــــثــــم!!!
فغرت شفتيها والكلمات انسحبت منها دفعةً واحدة، ودون شعورٍ أغلقت الهاتف بعد لحظتين من صدمتها، ووجهها يرسم تعابيرَ الذعر واللا تصديق.
تمــادى، تمادى كثيرًا باتصاله الآن! ما الـذي يريده؟ ما الذي يرتجيه من تتبعه لها دائمـًا بعيني الصقر؟؟!!
رفعت كفها لتضعها على جبينها وهي تُفكر، تتنفس ببطءٍ غيرَ مستوعبةٍ بعد، هل وصل تماديه للحدّ الذي يجعله يتصل، للحد الذي يجب فيه أن تُحدث فارس؟ أم من الأفضل لها السكوت ابتعادًا عن المشاكل؟
كانت صامتةً مُنذ البداية، والآن هاهي حائرةٌ لا تدري ما الذي يجب فعله.
لكن ماذا عن خالها أمجد؟ ألا تكفي الفجوةُ التي بينها وبينه؟ هي لا تنتظر أن تُضاعفها بالشكوى على ولده بل تتمنى اضمحلالها، لكن أمنِ الحكمةِ أن تسكت؟؟؟
رفعت رأسها حين سمعت صوت خطوات، وما إن رأت سامي ورامي أخويها حتى زفرت براحة، ما بها خايفةٌ إلى هذا الحد؟ لا يمكن أن يتجرأ ويدخل بكل وقاحةٍ هكذا.
سألها سامي بطفولية : وين كنتِ؟
أغمضت عينيها بقوةٍ وتنفست ببطءٍ تحاول العودة لطبيعتها، ثم فتحتهما لتنظر لهما بابتسامةٍ مُزيفة : توني جاية من المكتبة عشان آخذ كم غرض للرسم
رامي : مو كنتِ تعبانة؟
جنان بابتسامةٍ مُهتزة : مجرد زكام بسيط وراح
تحركت مُتجاوزةً لهما لتُردف وهي تمشي مُديرةً ظهرها إليهما : أبوي وفارس راحوا المستشفى والا لسا؟
رامي : طلعوا من شوي وأخذوا وليد معاهم * عبس ليردف * ليه ما ياخذونا احنا كمان؟
استدارت إليه بذات الإبتسامةِ الزائفـة : وشولها الغيرة؟ عادي ياخي خلوهم ياخذوه لا تصيروا بزران ... مو هم أمس أخذوه بعد وتركوني؟
عبس الآخر أيضًا : مو على قولتك احنا بزران؟ أجل بزران بزران ليه ما ياخذونا؟
ضحكت بخفةٍ وهي تكمل طريقها : مناك بس


,


اقتربت الساعة من السابعة والنصف مساءً، كانت تتصفح مجلةً للأزياءِ في يدها حين تصاعد رنين هاتفها، لم تنظر إلى الهاتف القابع بجانبها على الأريكة المُفردة، فقط لأنها تُدرك من المتصل، تُدرك وقد ملّت من هذا الروتين الممل واتصاله الدائم بُها ليس لشيءٍ سوى لمصالحه.
غزل تتنهد بضيقٍ وهي تتناول كوب قهوةٍ وترتشف منه ثم تعود لتضعه على الطاولة البيضاء أمامها. تجاهلت الهاتف تمامًا ولم تُعره اهتمامها، فهي تدركُ جيدًا ما سيكون محور الحديث، وتُدرك جيدًا مدى الخذلان والخيبة اللتان ستواجهانها إن هي ردت.
حين طال الرنين، نظرت للهاتف ورفعته، فقط لتضعه على الوضع الصامت كي لا يُزعجها، ثمّ نهضت بصمتٍ لتخرج من غرفتها، مُتجهةً للمطبخ وقد أصابها الجوع، تُدرك جيدًا أن الثلاجة أصبحت مُمتلئةً بما سيُشبعها، فعلاقتها بسلطان أصبحت صامتة، لذا هو يُحضر لها كلّ ما قد تحتاجه، وعلاقةٌ كهذه أيُمكن أن تدوم أو تطول؟ . . وهذا ما هي تريده، هذا ما تطمح إليه، وهو بالتأكيد لن يحتمل لسنةٍ كاملة وسيُطلقها في أقرب وقت.
قد كانت مُشكلتها الكُبرى منذ البداية أنها تقيّدت بهذا الزواج لسنة، لكنّ علاقتهما الآن لا تؤهل، وهذا ماهي سعيدةٌ لأجله، حتى وإن شعرت في بعض الأوقات بالرهبةِ منه إلّا أنها في النهاية ستتحرر، لتعود لمـا هو أقسى! لكنّه الأفضل بالنسبة إليها فهي قد اعتادته، اعتادت القسوةَ والجفاء، اعتادت القسوة والبرود، لكنها هنا وإن كانت ستعتاد إلا أنها بالقُربِ من رجلٌ هو زوج لها، وذلك الخطـــر بعينه!.
فتحت الثلاجة لتنظر لما فيها أولًا، ثمّ مدّت يدها لتتناول عصير برتقالٍ طازج، بالرغم من شدّة جوعها إلا أنها ستقتصر على عصيرٍ وحسب فلا رغبةَ عظمى لديها لأيّ شيءٍ آخر.
تراجعت بعد ما أخذته لتجلس على أقرب كرسيٍّ في المطبخ، ثم تنهدت وهي تتأمل في الأفق، تغيب بعقلها وبريقُ عينيها طغى عليهما الحُزن، طغى عليهما الضياع.
معاذ الله أنّ الحياة تغفو عند عينين دامعتين، معاذ الله أن الدنيا تتقلص حين يُنزعُ الإيمان بالخالق من قلب إنسيّ . . ما هذا الفراغ الذي تعيشه؟ ما هذا اليأس الذي يغتالها مائةَ مرةٍ في كل ثانية؟ ما هذه الوحدة التي يعيشها قلبها؟
من يسكن قلبها يا الله ليبطش به ويجرحه بنصلٍ حادٍ مسمومٍ في كل يوم؟ من هذا الجائر الذي يسدّ مغلتيها لحبس الدموع فلا تبكي حينما تحتاج؟ بل تبكي حين يريدُ كبرياءها المزعوم! من هذا الذي يقف في حنجرتها ليمنع صوتها من الصراخ برجاء : توقفــوا عن التنكيل بي!
لو أنها تبكي متى أحتاجت، لو أنها تصرخ، لكانت أقلّ حُزنًا وبؤسًا، لكان نصيبها من السعادة ولو قطرة! .... أم أنها تحتاح أمرًا آخر غير الصراخ والبكاء؟؟
في تلك الأثناء كان سلطان يقف على عتبة باب المطبخ، واقفًا في مكانه ينظر لبؤس عينيها، ينظر لمدى الخيبة في ملامحها، ينظر للتيه الذي يسكن حدقتيها!
هي لا ذنب لها، لا ذنب لها، وهو لا ذنب له أيضًا بذاك الحقد الذي يتصاعد في قلبه تجاهها، لا ذنب له في كرهها ... كلانا لم يكن له الذنب يا غزل، كلانا لم يُخطئ، والذنب انسلخ عنا لينتمي للطريق الذي عبرناه سويًا، لم أُخطئ حين تلبّست بالمثالية لأُنقذكِ من مجتمعٍ لا يرحم، ولم تُخطئِي حين كان مُناكِ العيش بسلام.
كلانا كان بريئًا من ذنبنا، كلانا لم يتعمد الخطأ بعلاقةٍ لا أمل فيها، لكنّ الماضي اقترب منا، بل كان قريبًا منذ البداية ليُذنب في حقنا.
كان ذنبي أن كُنتُ ابن أخيه ، وكان ذنبك أن كُنتِ ابنة صديقه وشريكِه.
أغمض عينيه بقوة، ثمّ استدار ينوي الخروج بعد أن عاد لأمرٍ مُستعجل، مُحدثًا نفسه بكلماتٍ يرى أنها الحق الآن " ما أذنبت يوم كانت نيتي ما أظلمك بذنب غيرك، بس أذنبت يوم صرتِ أنتِ زوجتي ... هالمهزلة لازم تنتهي، لازم تنتهي بس شلون؟ شلون ومو أنا اللي ممكن يرجع عن كلامه!! "


,


مساءَ الخير، أما بعد : فقد انسلخت يا قلبي وانصهرت، صيّرتُك عدمًا بخطئٍ لا يُغتفر
لم تُخطئ في اتخاذِكَ الحُب خليلًا، بل كان خطأك أن اخترت أن تُحب - فلانًا -
لـذا كان فرضًا أن يكون هذا هو الأمثل مصيرًا!

أغمضت عينيها بقوةٍ ثمّ فتحتهما وهي تتجه للإعدادات، تنوي إغلاق حسابها في الفيس بوك نهائيًا، بإصرار عينيها على الخضوع للحقيقة، بإصرار عقلها على صهر قلبها، هذا إن لم يكن قد انصهر تلقائيًا بالنار التي تدفقت منذ أيام.
همّت بإلغاءِ حسابها نهائيًا لكن طرقًا على الباب قاطعها، لتُحيد عينيها عن الحاسوب بعد أن كانت قد اعتادت ألا تستخدم إلا هاتفها في الفيس بوك، لكن عبدالله رفض أن يُعيد هاتفها وإلى الآن : مين؟
هالة : أنا
صُدمت ما إن سمعت الصوت، وتشتت عيناها بتحرّك حدقتيها هنا وهناك غير مستوعبة، ماذا تُريد منها؟ وكيف لها كل تلك الجرأةِ لتأتيها حتى هنا!!
عضّت شفتها بقوةٍ وهمت بالصراخ بـ " اذلفي "! لكنّ لسانها ورغمًا عن عقلها استقر في سقف فمها مُحيلًا محاولاتها للفشل، وقد كان المسيطر في تلك الأثناء هو قلبها، قلبها الذي بدأ يُحدثها بما هو غير مرغوب.
- إن كُنتِ عاتبة، إن كُنتِ حاقدة ، فهذًا أبدًا لا يُهديك الحق لترمي جميع فضائلها عليكِ كلّ تلك السنين
حينها بدأت طاقة عقلها بالرد، خوضًا في حوارٍ جنونيٍّ بين عقلها وقلبها، خوضًا في صراعٍ مصيريٍّ سيكون نتيجته طريقة التعامل مع هالة!
- أيّ فضائل بالله عليك! أيّ فضائـل تلك التي تسمح لي بنسيانِ فعلةٍ فاقت فضائلها أضعافًا؟؟
- فضائلُ تكفي لتمشي سويّةً على تعاملكِ معها، ويكفي فضلًا أنكِ أصبحتِ بهويةٍ أرقى من قبل على يديها
اهتزت شفتاها عند ذاك التفكير الذي تدفق من قلبها، مُحــال! لن تكون بهذا الرُخص لتبيع اثنتانِ وعشرين عامًا خلت لأجلِ هويّةٍ أقالتها للجحيم! ما الرُقيّ في هذه الهويـة؟ وما العيب في كونها عاشت سابقًا دون هوية؟ ما العيب في قضاءِ الله؟ ما العيب في أنها ولدت وكبرت دون نسب؟ ما العيب يا الله لتكون صغيرةً الآن في عين نفسها لما أُطلق من قلبها؟ ما العيب يا الله في نفسها التي آمنت بقضائـكَ ولم تتذمر لما كُتب لها حتى ظهرت تلك الأم التي كشفت كل شيءٍ عن ماضيها ومن ثم حقيقتها هنا من فمِ هالة؟ ما العيب لتُصبح الآن مُشتتةً ما بين قلبها وعقلها!
إن الأيام تذبل في عينِي بعد أن حلّ الخريف دون أن تتساقط، دون أن تهوي لقاعِ اليأس. إنّ الأيـام يابسةٌ في غصنها لم تسقط، لازالت تحتضر وإنّي على الموتِ ساعٍ! إنّي على الموتً راضيـةٌ إن كان راحةً تُسافر بي بعيدًا عن هذا الضباب الذي أصبح يعربد في صدري الآن. مزقني يا الله بعيدًا عن هذا العالم المُخزي، عن هذا العالم المؤذي، عن هذا العالم الفتّاك!
طُرق الباب مرّةً بعد مرّة، لكنّها تيبّست في مكانها ولم ترد أو تقُم، وهناك خارج الغرفةِ كانت هالة تقف دون اهتمامٍ إن كان سيراها أحدٌ أم لا، إن كان سيراها عبدالله أو غيره، المهم أن تتحدث معها، المهم أن تراها.
وفي تلك الأثناء كان ياسر يصعد حاملًا " البالطو " الأبيض على كتفه والإرهاقُ بادٍ على عينيه، وما إن رأى أمّه تقف عند باب غُرفةِ إلين حتى توقف في مكانه غيرَ مُستوعب، ما الذي تريده أمــه بعد؟؟؟
هرول مُسرعًا إليها حتى يُمسك كتفها، فاستدارت إليه بوجومٍ بينما هو تحدث بوجومٍ أعنف لكنّ صوته كان خافتًا : يمه شتسوين عند باب غرفتها؟ اتركي البنت منك تكفين، وبعدين والله لو أبوي يشـ..
عقدت حاجبيها غضبًا وهي تقاطعه : أبي أحكِي معها ضروري فكني منك ومن أبوك بعد!
عضّ طرف شفته وهو لا يفهمها، وما إن استدارت لتطرقَ من جديدٍ حتى رفع هو يده ليًمسك بكفها ويمنعها : يمه تعوذي بالله ، غلط منك تواجهينها بعد اللي سويتيه، أنا لو مكانك والله ما يكون لي وجه
احتدّت نظراتها بقوّةٍ وهي تنظر له بغضب، رافعةً صوتها في حين غفلةٍ منها لتُفجر قنبلتها في وجهه : أنـا اللي المفروض ما يكون لها وجه؟ أنا تقولي كذا يا ياسر وتنسى فعلتك معها؟
اللي المفروض ما يكون له وجه يشوفها هو انت! انت مثل ما المفترض هي بعد ما يكون لها بعد سواتكم
اتسعت عيناه بصدمةٍ وهو يتلقى هذا الكلام الضخم منها، غيرَ مُصدقٍ لكلّ تلك الظنون المُحرّمةِ التي تُصدَر من عقلها، الآن أصبحا مُذنبين في نظرها؟ الآن أصبحا مُخطئيْن وهي التي نسيت حتى أن تُحذرهما حين ظنّت هذا الظن! وهي التي تجاهلت أمرَ حقيقةِ إلين حين ظنّت بهما سوءً.
كلماتها لم تخترق أذنا ياسر فقط، بل تجاوزتهما لتصل للقابعة في تلك الغرفة، والتي سقطت دموعها ما إن سمعت ما سمعت. يكفي أرجوكِ، يكفي عذابًا فأنا لستُ كـ ياسر الذي ظننتِ بهِ فقط، أنـا بالفعل مُذنبة، أنا بالفعل قَد " سَوِّيت وانتهيت " من هذا الذنب الذي بقيت آثاره بكُرهي له! لذا يكفي، يكفي عذابًا أرجوكِ.
هتف ياسر بغيظ، عاقدًا حاجبيْه غير مُصدق : الله يسامحك يا يمه ، الله يسامحك بس على سوء ظنك فينا
إذا كنا بنظرك غلطانين واحنا ما سوّينا شيء فأنتِ أكبر غلطانة يوم سكتي وفي بالك الشينة! أنتِ أكبر غلطانة يوم فضّلتي حفظ سرّك وتطنيش الغلط اللي في بالك!
هزّ رأسه نفيًا وهو ينظر لها بعتب، ثمّ أردف بجملةٍ قصيرةٍ واحدة " إتركيها بهالفترة مو عشانها بس عشانك! "
ثم ابتعد عنها بعد تلك الجملةِ تاركًا لها واقفةً أمام الباب، عقلها يتخبط بكلماته، إلى أن انسحبت أخيرًا مُبتعدةً عن غرفة إلين.


,


جالسِين مع بعضهم البعض في الصالة، وهي كانت جالسةً بجانبه ولا يفصل بينهما الا بضع سانتيمترات.
ارتشفت من كأس الشاي الذي في يدها ثمّ ابتسمت لأم سيف تردّ على سؤالٍ أطلقته لها : لا والله بالعكس حلوين ويطيرون العقل
ام سيف : هم صح الأطفال حلوين بس يغثون شوي ، وهذي انتِ ورطتي نفسك بروضه
ضحكت ديما دون أن تتجه عيناها لسيف وهي تفهم تمامًا ما مقصد أمه، لكنّ ما يحدث بينهما لم يكن ليُهديها الجرأة حتى تنظر إليه وتتكلم، هناك فجوةٌ بينهما، فجوةٌ كبيرةٌ لا تعلم إن كانت ستضمحل أم لا، لا تعلم إن كانت ستُردم أم ستبقى بينهما.
رفع سيف حاجبه الأيمن : يعني أنـا كنت غثيث والا شقصدك؟
ضحكت أمه ببراءة ثمّ نظرت لديما : الحين أنا قلت اسمه
اكتفت ديما بابتسامةٍ دون أن تتكلم، لتُردف أمه : رحم الله امرئٍ عرف قدر نفسه ، هذا انت بلّغتنا انك كنت غثيث وأنا ما قلت هالحكي
سيف : أنا غثيث؟؟؟
ام سيف ترفع كتفيها بابتسامة : انت اللي قلت ماهو أنا
ابتسم سيف : مقبولة منك ، أكون لك مليون غثيث لو تبين
هذه المرة نظرت إليه ديما وهي ترفع حاجبًا، لينظر إليها وقد فهم ما معنى نظراتها " من يومك مليون غثيث بس معاي "
لكنه ابتسم وهو يرفع حاجبًا كما فعلت دون مبالاةٍ ثمّ عاد ينظر لأمه : بس لعلمك يمه لا كنت غثيث فأنا ماخذ هالصفة منها
لفظ جملته وهو يُشير لديما لتتسع عيناها وتُطلق شررًا منهما.
ام سيف : لا عاد الا ديوم
ضحك سيف بخفةٍ وهو ينظر لديما نظراتٍ لم تفهمها : صدقي أو لا تصدقي ، من عاشر قومًا أربعين يومًا صار منهم، وزين وقفت السالفة على كذا وأنا معاشرها ثلاث سنين
اتسعت عينا ديما أكثر ليشتعل لسانها الأنثوي الفتاك : نعم! المفروض أنا اللي أقول هالحكي ، زين مني ما صرت أنانية ومتسلطة مثلك وأنا معاشرتك ثلاث سنين!
سيف بضحكة : وزين ما صارت أعصابي تنفلت بسرعة وأنا معاشرك ثلاث سنين
صدّت عنه وهي تدرك أنه يستفزها فقط في هذه الأثناء وقد نجح في ذلك، بينما هو في أقصى حالات " الروقان " عكسها تمامًا، من السهل عليه اللعب بأعصابها كما يشاء، من السهل عليه أن يجعلها كما كانت في الظهيرةِ لا تفقه شيئًا من الأبجديات، ومن السهل عليه أيضًا أن يستفزها في لحظة، أن يُفرحها في لحظة، ويُحزنها في لحظات!
ام سيف بجبينٍ مُقطب : لا تقلبوها جد الحين
وضع سيف ساقًا على أخرى وهو يهتف بأريحية مُستفزة : مروق ولله الحمد
وقف ديما فجأة، ووجهها ممتعضٌ بشدةٍ لتبتعد عنهم صاعدةً لجناحها، لتستدير ام سيف بغضبٍ إليه : عجبك الحين؟
سيف بلا مبالاة : تطمني شوي وتروق
زفرت أمه بغضبٍ لتقوم هي الأخرى تاركةً المكان، وهو بقي جالسًا في مكانه مُقطَّب الجبين، إلى أن هتف دون مبالاةٍ وهو يقوم من مكانه : حريم! يبون يمازحون من غير ما يمازحهم أحد ... والله حالة


,


" بتصل عليه الحين " ... هتف بتلك الجُملةِ وهو يجلس بجانبها على السرير، وهي قد كانت تنظر لحجرها حين دخل إليها بعد أن تركها وخرج في خضم تلك الساعات حتى يتركها لتفكر بأريحية.
والآن ما إن سمعت تلك الجملة حتى رفعت رأسها بسرعةٍ لتنظر إليه، وعقلها ينطق بكلمةٍ واحدة " مُستحـيــــل "
جيهان برفض : لا تتصل ، لأني ماراح أكلمه
فواز : مين قال رأيك مهم الحين؟ أنتِ ما تعرفين مصلحة نفسك عشان كذا أنا أقولك ما أخيرك!
هزّت جيهان رأسها بالرفض وهي تنظر إليه بنفور : ما ودي
تجاهلها فواز وهو يضغط زرّ الإتصال، وفي تلك اللحظةِ كانت يدُها تمتد لتُمسك بالهاتفِ بُعنفٍ وترميه حتى تفكك لأجزاءٍ بعنفِ رميها له ... صارخةً بجنون : مـــا ودي ما ودي
شدّ فواز على أسنانه غضبًا، لكنه لم يرد وهو ينهض مُتحركًا باتجاه الهاتف، وما إن وصل إليه حتى جلس الفرقصاء ليتناوله، وقد كانت الشاشة سليمةً لحسن الحظ بعد هذا الرمي العنيف، تناول البطارية ثمّ ألحقها بالهاتف ومن ثمّ تناول الغطاءَ ليُغلقه.
بينما هي كانت تنظر إليه بنفور، بغضبٍ ترجمته عيناها، بحقدٍ وخيبةٍ تراءى على صفيحةِ حدقتيها، كيف له أن يظنّ بها هذا الظنّ السيء؟ كيف له أن يراها مجنونةً وهي سليمةٌ لا علّة بها؟
وقف فواز بذات هدوئِـه ثمّ استدار ينظر إليها بحزم، مُتجاهلًا مساراتِ نظراتها، لافظًا بحدّةٍ وأمر : بتركك الحين ، بس من بكرة غصب عنك راح تنصاعين للي بقوله لك، سواءً كان بكامل رضاك أو لا
شدّت جيهان على أسنانها قبل أن تصرخ : مانــي مجنونة
فواز بحدة : ومحد مختلف بهالشيء ... قلت لك من قبل يا جيهان مو كل من يلجأ لدكتور نفسي مجنون!
تشبثت بمفرش السرير وهي تقوّس شفتيها استعدادًا للبكاء، إلى أن هتفت أخيرًا بتوسل : ما ودي ، تكفى لا تجبرني يا فواز
تنهد فواز بعمق، ثمّ استدار عنها ليخرج من الغرفةِ تاركًا نظراتها تلك التي هو مقرٌّ أنها لن تؤثر به ليتراجع، لكنه بات يخشى، بات يخشى أن يحدث العكس من ذلك ويتعاطف في أمرٍ لا يحتمل التعاطف، لـذا هو مُضطرٌ للإبتعاد في الساعاتِ القادمة، ومُضطرٌ للقسوةِ إن احتاج ذلك!


,


تجلس في الصالة وحيدةً وفي يدها الهاتف، تُرسل إليه من باب اللباقة، لا بل من بابِ القلق! حتى وإن كانت لا تريده إلا أنها قلقت عليه، قلقت عليه من باب الإنسيانية ومن باب عاطفتها الأنثوية الحساسة.
أرسلت إليه في الواتس أب " شاهين "
انتظرت لثوانٍ قليلة، ولم تجد منه ردًا، كانت تراه مُتصلًا وقد فتح المحادثة لكنه لا يرد!
لذا أرسلت من جديد " انت بخير؟ وش صار أمس "
هذه المرة رأت " جاري الكتابة " لتتسع عينيها قليلًا وتعتدل في جلستها توترًا
شاهين : " تطمني أنا بخير "
تنهدت براحة، ثم عادت لتُرسل : " طيب وش صار؟ "
شاهين : " ما صار شيء ، كان صدام بسيط انحشت منه "
عقدت حاجبيها : " انحشت منه؟ "
ابتسم شاهين وهو يتذكر ما حدث البارحة : " اي انحشت منه، وقت ما كنت بتفاهم مع الرجال جاني اتصال اضطرني عشان أنحاش "
أسيل : " أها "
شاهين : " بس أها! "
احمرت وجنتيها ارتباكًا وهي لا تعلم بمَ ترد، لكنه سبقها قبل أن تفكر : " تدرين إنّ أها ذي تعتبر تصريفه كتابية؟ "
بللت شفتيها ارتباكًا قبل أن ترد : " لا والله مو قصدي "
شاهين : " أجل؟ "
أسيل : " بس حبيت أتطمن عليك "
شاهين : " بس؟؟ "
أسيل : " اي "
ابتسم شاهين بعبثٍ وهو يعتدل في جلسته في حين كان جالسًا على كرسيّ مكتبه، ثم كتب : " طيب تدرين إن * اي * هذي تعتبر تصريفه بعد "
رفعت أسيل حاجبيها : " من متى؟ حتى وإن كانت أنا ما أقصد كذا "
شاهين : " لا اعترفي قصدك تصرفيني، طيب تدرين إن * ما أقصد * تعتبر بعد تصريفه "
فغرت شفتيها وحاجبيها انعقدا، ثم همست بينها وبين نفسها : وش يهبب ذا؟
وقبل أن ترد كانت رسالةٌ منه قد وصلت لتقرأها : " إذا انكتبت ما أقصد بفراغ بين الكلمتين فهذي تصريفه لأنك تبيني أروح وأبعد مثل ما أبعدتي بين الكلمتين .. بس لا كتبتي ماأقصد فكذا تكونين صادقة وما قصدك تصرفيني لأن الكلمتين لاصقة ببعض "
اتسعت عيناها للحظات غير مستوعبة، وما إن أفاقت حتى انسابت ضحكةٌ خافتةٌ من بين شفتيها وقد فهمت عبثه جيدًا، لترسل وهذه المرة بابتسامةٍ زيّنت شفتيها : " من وين تجيب هالتفسيرات الأسطورية انت؟ "
ابتسم شاهين وهو يرد : " من علم النفس "
أسيل : " علم النفس تبعك هاه! قاعد تخلق تفسيرات بكيفك وتنسبها لعلم النفس "
ضحك شاهين بدوره بخفوت، ثم رد فقط بـ : " ههههههههههههه "
ضحكت أسيل مع رؤيتها لحرف الهاءِ مُتكررًا، لترد بدورها : " طيب تدري إن أغلب اللي يكتبون * هههههههه * في المحادثات النصية يقصدون فيها انهاء المحادثة والتصريف؟ "
اتسعت ابتسامته برسالتها التي تدفقت عفويةً دون نفور، ثم رد : " ماأقصد <- وشوفيني كتبتها ملتصقة "
ابتسمت دون شعورٍ لكن سرعان ما اختفت ابتسامتها وهي تتنبه لنفسها، تتنبه لطريقة مُحادثتها له، لطريقة ابتسامتها المُستمتعة وهي تُحدثه، ودون أن تشعر خرجت من المحادثة والواتس بأكمله وهي تزفر بذعر.
ما بالها نسيت نفسها في لحظة؟ ما بال استدراجِـه لها حازَ بفائدة؟ ما بال أسلوبه العابث حقق نجاحًا أوليًا في علاقتهما؟ .... و .. ما بالها أخذت الأمر بحساسيةٍ هكذا بينما كانت قبل ثوانٍ تتحدث معه كما لو أنه زوجٌ مرغوبٍ فيه بالكامل؟ أتبخل على نفسها بعلاقةٍ جديدةٍ وتتصنع الوفاء أم ماذا؟ أتكون قراراتها السابقةِ مع نفسها مجرد تلفيقٍ وكذب؟ لكنها بالفعل لا تريد خيانة متعب! لا تريد أن تحب بعده، لا تريد أن تُخالف الإناث في صفة الوفاءِ لمن تُحب، لا تريد أن تكون شاذةً عن القاعدةِ ولا توفي له، لـذا ستحاول، بل ستصرّ على ألا تجعل لشاهين منفذًا ليُأثرَ بها.

.

.

.

انــتــهــى


* مقتطفاتٌ من الجزء القادم

استدارت إليه وقد كان على بعد خمس خطواتٍ تقريبًا منها : وش تبي مني ملاحقني بكل يووووم؟

،

سلمان : في عيونك ما كنت متصنع
سلطان : عساها تحترق هالعيون!
سلمان : أفا! تدعي على نفسك يا سلطان؟

،

برجاءٍ ورُعب : لا لا ، تكفى ... الا بطني، الا بطــنــي يا سيف



انتظروني يوم الخميس ()

ودمتم بخير / كَيــدْ !



كَيــدْ 23-11-14 05:12 AM

رد: قيودٌ بلا أغلال عانقت القدر القيد التاسع عشر
 



أتمنى يروقوا لكم الجزئين
ترى كل واحد فيهم عن بارت ونص لو ما كان بارتين


+ بكون سعيدة لو اللي خلف الكواليس يظهرون نفسهم لو بتقييم بسيط
ودي أعرف اذا متابعين كيد في ارتفاع كبير أو لا
وإن ماكان لهم عضوية بالمنتدى بيسرني تعليق بسيط في الآسك أو الكِك


تحيــاتي ()

حلم الشروق 23-11-14 06:31 AM

رد: قيودٌ بلا أغلال عانقت القدر القيد التاسع عشر
 
تبارك الرحمن مبدعة أختي كيد هذا ما عهدنا منك

fadi azar 25-11-14 09:42 PM

رد: قيودٌ بلا أغلال عانقت القدر القيد التاسع عشر
 
فصلين رائعين جدا

أبداع أنثى 26-11-14 09:46 PM

رد: قيودٌ بلا أغلال عانقت القدر القيد التاسع عشر
 
رائعه تسللللم أيديك ي بطله

خفت ع ديما بأنتظر بكرا ع جمممر

اذ فقدت طفلها بسبب سيف بتكرهه كره عظيييم

ي زين شاهين والجميله اسيل >>باقي لها وقت تتعود على وجوده بحياته

الرائعين فارس وجيهان ..ي لبى فارس الشرهي بشهامتهه
بننتظر مين يغلب قلبه او عقله وي خوفي جيهان تتصرف تصرف سيء وخصوصا هي بحالتها النفسيه المتذببه مثلا تهرب

كثييير احتمالات براسي ..لكن ننتظر غدا بفارغ الصبر

ربي يسعدك ..أسعدتنا عودتك ي الغاليه ..بوصيك الا ديوووم لايصير بطفلها شيء

كَيــدْ 27-11-14 11:48 PM

رد: قيودٌ بلا أغلال عانقت القدر القيد التاسع عشر
 


سلامٌ ورحمةٌ من الله عليكم
صباحكم / مساءكم راحة



بسم الله نبدأ

قيودٌ بلا أغلال عانقت القدر
بقلم : كَيــدْ !

لا تلهيكم عن العبادات



(22)



الساعة الحاديةَ عشرةَ مساءً بتوقيت بروكسيل
كانت تنظر بعين الرضا لتعليقات المُتابعين في مدونتها، لرأيهم عن مقالها الأخير والذي كان عنوانه ( قلبي يتألم! ). آخر مقالٍ لها عن القلب وآلآمهِ التي تتمثل بها لما لا تعلم! لأمرٍ ما ناقصٍ بها، لجُرحٍ قديمٍ رُبما، لأمٍ رحلت رُبما، لكميةِ الأسى التي تداهمها في لحظةٍ ما من كل شهر! أو من كل أسبوع! أم من كل يوم!!!
لا تعلم، لا تعلم متى تأتِيها تلك المشاعر السلبية، لكنها تعلم أنها لا تشعر بها دائمـًا، رُبما لأن شعورها بالسعادةِ بين كنف عائلتها أقوى، أو ربما لأنها لا تعرف من الأساس ما سبب تلك المشاعر السلبية!
تنهدت بصمت، ثمّ أغلقت الحاسوب لتنهض ناويةً النزول، عدّلت من تنورتها " الميدي " الكريمية ثمّ تحركت باتجاه باب غرفتها وخرجت.

في الأسفل.
فارس : يلا هانت ، مابقي غير يومين ويجي الموعد
ابتسم ابو فارس ابتسامةً صافية، دون توترٍ أو خوف، فهو إنسانٌ مؤمن بقضاءِ ربّه ويدرك أن ما أصابهُ لم يكُن ليُخطئهُ وما أخطأهُ لم يكُن ليُصيبه، لـذا هو غير متوجسٍ لنتيجةِ العملية، بالتأكيد سيكون سعيدًا إن عاد للمشي، لكنه أيضًا كإنسانٍ سيحزن إن حدث العكس، وبالرغم من ذلك هو يؤمن أنّ حزنـه لن يتغلب على ما تبقى من حياتـه، فلحظةُ حزنٍ ستنجلي بلحظاتِ فرح.
ابو فارس : ربي يكتب كل اللي فيه خير لي ... سواءً نجحت العملية أو لا أنا راضي
فارس : ربي يكتب لها النجاح
ابو فارس : آمين
سمعا صوت خطواتِ جنان وهي تتجه إليهما بابتسامة : آمين يا رب
قبّلت جبين والدها بحُبٍ واحترام ثم جلست بجانب فارس الذي هتف بضحكة : قُبلة العظماء
جنان تُكمل بابتسامةٍ شقية : اللي منت منهم
ضحك فارس بخفة : لنـا الله بس ، الا قولي لي يا بنت ، خالي أمجد قبل أمس جاء وما قلتِ لي؟
اضطربت نظراتها وانفرجت شفتاها في تعجب، كيف عرف وهي لم تخبره أو توضح لأحد؟ حتى إخوتها لم يكونوا في المنزل حين قدومه بل كانوا يلعبون في إحدى الحدائق القريبة! أو ربما رأوه؟؟
كادت تهتف بسؤالٍ مستفسرٍ عن كيفيةِ معرفته بقدومه، لكنها صمتت في حين لفظ ابو فارس بشيءٍ من الصدمة وهو يسألها : خالك جاء؟
نظرت لملامحه بتوترٍ وهي مُقطبة الوجه، تتذكر تحذيره لها وكلماته التي لم تفهمها جيدًا، لكنها في النهاية ردّت دون أن تكذب : ايه كان هنا .. بس ما طوّل أبد
ابو فارس بقلق : جلس شوي؟ سولفتوا مع بعض؟ قال لك شيء؟
قطّبت وجهها أشدَّ من ذي قبل، وما أثار ريبتها أكثر من كلام خالها هو تحفّظ والدها عن أمر هذا السر بدرجةٍ غير معقولة، إلتزامُه الغموض حتى أنّ شعورها بالمعرفة تجاهه بدأ بالتلاشي! بدأ يلفظ أنفاسه! لمَ بات والدها غريبًا؟ بل لمَ لا يكون غريبًا إلا حين يكون خالها أمجد قريبًا! ما الماضي الذي ارتسم لديه بصحبته؟ ما السرّ الذي يكمن خلف كره خالها لها؟
كلها أسئلةٌ لا يعرف إجابتها الا اثنين، اثنين كلاهما غامضين لا تفسير لتصرّفاتهما.
جنان بهدوءٍ ظاهريٍّ فقط : ما حكى كثير ، يعني سأل عنك وعن فارس وقلت له إنكم في المستشفى
صمت أبو فارس وهو لا يُصدق كلامها، وكيف يُصدق وهو يُدرك ما يعتري صدر أمجد حين يراها؟ يُدرك كُرهه لها، ويُدرك مقدار نفوره منها الذي قد يجعله أخيرًا يفتضح أمرهم أمام ابنته؟
انتبهت لنظرة الريبة في عينيْه لتبتسم له، مُردفة : مع إنه كان جاف وجلف شوي ، لا مو شوي الا كثير ... بس ما عليه تعودت على شخصيته
بهتت نظرات والدها وهو يشتت عينيه عنها، أيّ شخصيةٍ هذه؟ إنها شخصيةٌ ينتحلها معها فقط، ليست شخصيته ولا أسلوبـه، ليست إرادتُه ما تحركه بحجم ماهو حقده! لكن ... الخطأ أولًا وأخيرًا لن يقع إلا على عاتقِه، هو الذي أخطأ، هو الذي ظلمها، وهو الذي لـن يُسامح نفسه بمـا اقترفه من ذنبٍ حين وثِق بمن لا يستحق!
وبالرُغم من كونه شعر بالضيق لتصريحها بأسلوبه معها، إلا أنه قد ارتاح لأن الأمر توقف عند جفافِه، فأن يكون باردًا جافًا معها أمرٍ اعتاد عليه ولم تتجاوز قسوته قلبه حتى الآن، لكن أن ينفلت لسانه فهذا مالن يستطيع معهُ صبرًا.
حادت عن نظرات والدها التي ما تلبث أن تشعر بالوجع يتغلغل في صدرها حين تطفُو على عينيْه، ومنطقةٌ ما في عقلها تُخبرها بمنطقيةٍ أن ما يخفيه لـن يكون هيّنًا، لكنه ما إن عظم حجمه إلا أنها ستهوّنه، لأنه والدها، وكل ما منه هو من حبه فقط، ولطالما كانت جملتها الشهيرةُ بين إخوتها إن حدث أن وبخها : مستحيل أزعل من أبوي ، لأنّ كل حُجرة في قلبي من الحُجرات الأربعة منقوش فيها حرف من حروف اسمه عشان ينتهي بـ ناصر
وهذه هي قاعدتها في علاقتها معه، ليس مجرد أبٍ وحسب، بل هو الدنيا برمتها في عينيها.
سألت فارس ببعض التردد : شلون عرفت وأنا ما قلت لك؟
فارس : قابلت هيثم اليوم العصر وقالي إنه كان موجود عندنا
اضطربت نبضات قلبها وتشتت حدقتيها ما إن سمعت باسمه.
ما الذي يريده مالكُ هذا الاسم؟ ما الذي يريده مالكُ هذا الاسم؟ ما الذي يريده مــالكُ هــذا الاســم؟!!!!
ودّت لو تصرخ غضبًا من ملاحقاتهِ الشبه دائمةٍ لها مع أنها لا تعرف عنه سوى أنه قريبها، لا تعرف عنه سوى أنه القريب البعيد في صفاته عن من يغار على عرضِه وأهله! مُلاحقاتُه الدائمةُ لها بعينيه تلك الشبيهتين بعيني صقرٍ جائـعٍ تُثير حنقها ورعبها، تعلم أنه لا ينوي بها خيرًا وربما صمتها يجعله يتمادى أكثر، بالرغم من كونه حتى الآن لم يقترب كثيرًا منها الا مرةً واحدة، فقط يُراقبها عن بعدٍ منذ أشهرٍ طالت وقد تجاوزت العام!
كانت تتجاهل الأمر حين تنتبه لملامحه لكنها تلحَق تواجده في المكان الذي تتواجد فيه بالصُدف، صُدفٌ وصدف، حتى انفجرت مرةً وصرخت في وجهه بخوفٍ بعد أن استدارت إليه وقد كان على بعد خمس خطواتٍ تقريبًا منها : وش تبي مني ملاحقني بكل يووووم؟
صرخت بها بقوةٍ غيرَ مباليةٍ لمن سمع من العرب أو غيرهم، ليقف هو لثانيةٍ فقط ثم يُكمل خطواته نحوها.
تحركت قدمها اليُمنى خطوةً للخلف بذُعر، لكنها توقفت حين فكرت أنه لن يفعل بها سوءً فهما في مكانٍ عامٍ كما أنها قريبته!!
يا لسخفها حين فكرت أنه لن يتمادى لأنها قريبته، فهاهو تمادى بالأمس وكسر كلّ حدود الإحترامِ والقرابةِ بينهما باتصالهِ بها بكل وقاحة!
وقف على بُعد خطوةٍ منها وهو ينظر إليها بغموض، واضعًا كفيه في جيبي سترته، صامتًا لثوانٍ قبل أن ينفث قبلًا الهواء البارد ببردوةِ الأجواءِ ومن ثم كلماته : لأنِك المنحلة عن عائلتنا ، لأنك مناسبة كثير لشخص مثلي!
ارتعشت شفتاها ليس لبرودةِ الأجواء بل لكلماته الغريبة هذه، ودون أن تشعر بنفسها كانت تستدير عنه لتذهب، بعيدةً عنه راكضةً رغمًا عنها بخوفٍ إلى المنزل، بينما بقيت نظرات الصقر مُحدقةً بها حتى تلاشت عن ناظريْهِ تمامًا.
ابتسمت بفتورٍ وهي تهتف بإيجازٍ وكل الكلمات سُرقت منها : أهـا


,


الثانيةَ عشرةَ بتوقيت الرياض
إنّهُ مزعج، مزعجٌ حد الإعياء، تقولها دون تردد، هذا الذي أزعجها بإصراره على الإتصال بها مُزعج، مزعجٌ كما أنـه مُخيف!
أترد عليه وتنتهي من اتصالاته التي لم تتوقف حتى الآن؟ أتقول له بإيجازٍ " لم أعثر على شيءٍ " لتنتهي منه إلى ميعادٍ غير معلوم؟ بالرغم من كونها تُدرك أنها ما إن تُجيب حتى يستغرق ساعاتٍ في التحدث معها عن موضوعٍ سئمت التحدث عنه!
زفرَت بضيقٍ وهي تفكر ما الخطوة الأسلمُ لها، أترد؟ أم تتجاهل؟
يا الله! . . رمَت الهاتف بقوةٍ على السرير بعد أن أغلقته نهائيًا، وهي تهتف من بين أسنانها مُغمضةَ العينين : ما راح تردين يا غزل ، لمتى يعني بتخافين منه وتفقدين شخصيتك بالكامل عنده؟ لمتى!!

في الغرفةِ الأخرى
استوى جسدهُ مُمددًا على السريرِ بإرهاقٍ جمْ، مضت أيـامٌ وأيام، وهو لا يجدُ لها أثرًا! كيف يعقل أن تختفي فجأةً دون شيءٍ يُثبت أنها لازالت حية؟ كيف يُمكن أن تختفي دون أن تضع ما يدلّهُ عليها؟
زمّ شفتيه وهو يُغمض عينيه مُتفكرًا، كلّ شيءٍ بسببه، كل شيءٍ يقع على عاتقـِه، كلّ شيءٍ لا يحدث إلا بتدبيرٍ منه، وبالتأكيد أنـه أوهمه بتواجدها أثناءَ الحريقِ ليُخفيها ويُظلله. أجل، هذا احتمالٌ يُمكن أن يكون صحيحًا، هذا احتمالٌ لا يجب له تجاهله، قد يكون هو الذي خبأها، قد يكون هو من ظلله . . كيف لم يفكر بهذا من قبل!!!
فتح عينيْه بحدةٍ ثمّ جلس بعنف، ودون ترددٍ تناول هاتفه الموضوع على الكومدينـة ليتجه لرقمه مباشرةً وحقدٌ يتأجج في صدره، يُعمي عينيه عن أيّ شيء.
اتصل به، ولم يلبث ثوانٍ إلا وهو يرد، وصوته تحلى بالكثير من الدهشـة : سلطــان!!
سلطان بحقد : وينها؟
قطّب سلمان جبينه قبل أن يبتسم، وبهدوء : شلونك؟
سلطان بحدة : وينها؟
سلمان : وكيف حياتـك الزوجية؟ مرتاح؟
صرخَ بنفاد صبرٍ وانفعال : ويــنــها تكلم
ضحك سلمان بخفوت : ما تغيرت أبد ، بصلتك محروقة!
أغمض سلطان عينيه للحظةٍ قبل أن يشدّ على أسنانه مُخرجًا الكلمات من بينها مُختنقة : وين مخبيها؟ أنا متأكد ان لك يد في ضياعها!
فتح عينيْه عاقدًا حاجبيْه باستفسارٍ هامس، ناقم : وش تستفيد من كل هالحقارة اللي قاعد تسويها؟ وش مرادك يا سلمان؟
لم تختفي ابتسامةُ سلمان الباردة وهو يستمع لكلماته، لكنه ما إن نطق " سلمان " حتى أعقب على لفظه هاتفًا : يا يبه! والا نسيتها
شدّ سلطان على أسنانِه أكثر وبقبضته على الهاتف أشد، هاتفًا بحنق : معصي
سلمان : بس صار ، لا تنكر إنك ما حسيت أبدًا باليتم وأنـا معاك!
شعر سلطان بغضبٍ يتأجج أكثر وأكثر في صدره، كلماته مستفزة، يستخدم مواقف سابقةٍ حجةً عليه، في وقتٍ كان يراه صالحًا مُحبًا وحنونًا! كان يراه فيها رجلًا شهمًا بمعنى الكلمة أفنى عمرًا في تربية ابن أخيه، دون مللٍ أو كلل.
سلمان : تذكر مين سوّى أخلاقك يوم كنت طايش؟ انت على يدي صرت تكره الأغاني وتنزعج لما تسمعها عكس قبل لما كنت مدمنها بمراهقتك
سلطان بحنق : بروح أسمعها الحين وألغي فضلك هذا
سلمان بابتسامةٍ هادئة : ما علمتك مرة لا تطلع حرّتك بالمعاصي؟؟
صمت سلطان دون أن يجد ما يردّ به. إنّ أكثر ما تعلمه، بل كلّ ما تعلمه كان على يده، كان بفضله وما أخزاه من فضل! ما أخزى أن يكون معلمك هو قاتلك، ما أخزى أن يكون مأواك هو منفاك فيما بعد، وما أشدّ الخيبة حين يخونك شخصٌ كان قريبًا منك بدرجةٍ لا تحتمل الإبتعاد ولو خطوة، بدرجةٍ لا تحتمل أن يوضع بينك وبينه حاجزٌ زجاجيّ!
هتف سلمان همسًا وهو ينتبه لاضطراب أنفاسه : طيب للحين حافظ العشرين جزء اللي حفظتك هم من القرآن؟ ما حفظت أكثر منهم؟
أغمض سلطان عينيه بأسى، بحقدٍ على نفسه قبل أن يكون حقدًا على من يُحدثه، إنـه خائن! خائنٌ لأنه اقترب ممن حرمَه من والده حتى سمّاه " يبه "!
ويا عتاب " يبه " الآن حين أُطلقت على من لا يستحق، يا بؤس عمرهِ الذي أمضاه سابقًا مع شخصٍ زائف، ويا ويل قلبه حين أحبه، حتى وإن بدأ حقده وكرهه له بالتنامي أكثر وأكثر إلا أنّ ذنبه السابق لا يغتفر ... إطلاقًا.
سلطان بهمسٍ وهو مغمضُ العينين : كل أفضالك السابقة ... انمحت بسبب مساوئك وحقيقتك
تجاهل سلمان جملته تلك وهو يلفظ بما هو أكثر استفزازًا له، مُقرًا بصفةٍ ليست له : كنت مثالي
أومأ سلطان رأسه يُصحح له : تتصنع المثالية
سلمان : في عيونك ما كنت متصنع
سلطان : عساها تحترق هالعيون!
سلمان : أفا! تدعي على نفسك يا سلطان؟
تنهد سلطان بحنقٍ لإطالةِ الحديث بينهما : والنهاية! وش تبي من كل اللي تسويه؟ هذا الشيء الوحيد اللي ما فهتمه للحين
سلمان ببرود : شيء ما يخصك
سلطان بحدة : يخصني .. يخصني ، تدري ليه؟ لأنك دخلت في السالفـة أبوي والحين أمي ليلى * صرخ بانفعال * وييييين مخبيها؟؟؟
صمت سلمان للحظاتٍ وكأنه يفكر بما يرد، بأسلوبٍ مستفزٍ نجح فعلًا فيما يريده، إلى أن هتف : مو هي ماتت في الحريق؟ شلون بكون مخبي جثتها عندي؟؟
اتسعت عيناه ازدراءً بسخريته، هاتفًا بتحذيرٍ وصوتٍ يُنبؤ بالشر : لا تستفزني
سلمان ببرود : قلتلك من يومك بصلتك محروقة ، مو قاعد استفزك انت اللي تخلي نفسك مُستفَز بسرعة انفعالك
سلطان بغضب : وينها؟ هي مالها ذنب ليه تدخلها في مخططاتك اللي مدري وش تبي منها!
سلمان : شيء جائز
قبض سلطان على هاتفـه أكثر حتى كاد أن يُحطمه، وبحدة : بطلّع الحكي منك صدقني
ثمّ أغلق وهو يفكر بخطوةٍ مجنونة في الغد، لن يبقى ساكنًا في مكانهِ أكثر، يجب عليه أن يتحرك، يجب!


,


كانت في الحمام تغتسل حين كان سيف مُمددًا على السرير ببنطال بجامته فقط يتصفح في هاتفه.
خرجت وهي ترتدي روب الحمامِ في صمت، اتجهت للخزانة لتُخرج قميصَ نومٍ طويل وساتر بلونٍ خربزي، ثمّ عادت للحمام.
وضع هاتفه على الكومدينةِ جانبًا ثمّ استلقى على بطنهِ ينتظر خروجها، وما إن سمع صوتَ بابِ الحمامِ يُفتح حتى هتف بإرهاق : تعالي أبيك تهمزيلي ظهري
نظرت إلى جسده المُسجى على السرير دون تعبيرٍ ثمّ صدّت عنه. بكُل بساطةٍ يعتدي بلسانه ثمّ يأمر! بكل بساطةٍ يُخيّب آمالها بتعامله ثم يأمر، بكل بساطةٍ ينسى أو يتناسى ما فعل بينما كل جراحهِ تبقى موسومةً في صدرها الذي بات شراعًا لرياحه التي تُحركها كيف تشاء!
أبسط كلماته الساخرةِ وإن كانت مُزاحًا هي في قلبها نصلٌ حاد، ليست حساسةً بقدر ماهو غيرُ مُحِب! لذا فكلماته تأتي صفعةً في وجهها لأنـها تُدرك أنه لا يحبها وقد يعني بكلماته الصدق! تعبت منه ولازالت تواجه تعبها هذا لتنال فقط قربه، تعبت ولازالت تواجه تعبها فقط لتنال بركته التي ترى أن لا بركةَ قبلها أو بعدها، تعبت ولازالت تُصارع خيباتها فقط على أمل أن الغد سيكون أجمل، لكنّه على الأرجح سيبقى مُظلمًا قاحلًا من دون بصيص نور!
تجاهلت أمره وهي تتجه للمرآة لتُنزل المنشفة عن كتفيها ثمّ تفتح مُجفف الشعر حتى تُجفف شعرها.
عبس سيف وهو يستمع لصوت المجفف المزعج، ثمّ استدار ينظر إليها : ما سمعتي؟
تظاهرت بعدم سماعه بسبب الصوت، وهو ظلّ ينظر إليها عاقد الحاجبين ببعض الغضب لتجاهلها الذي يدرك أنه مُتعمَد. ليقف أخيرًا مُتجهًا إليها وتفزع هي حين رأته عبر المرآة، لكنها تصنعت القوة في حين وصل هو إليها ليفصل الجهاز عن الكهرباء، هاتفًا بحدة : التطنيش ما يمشي معي
نظرت لوجهه بحنق، ثمّ هتفت بحدة : تبيني أهمز لك؟ معليش ماني جارية
رفع حاجبًا بتعجبٍ من تفكيرها، ثم هتف بحدة : الحين أنتِ بتصيرين جارية لما تهمزين لزوجك؟ من وين جايبة هالتفكير المتخلف! صدق انكم ناقصات عقل يا الحريم
نظرت إليه بحدةٍ وهي تبتعد عنه، لكنه مدّ يده ليقبض على زندها مُعيدًا لها إليه بغضب : تراك قاعدة تعصبيني فانتبهي! قلت لك من قبل ما عاد بقى لك كفارة عندي فلا تغلطين
زمّت شفتيها حانقة، قبل أن ترد عليه بانفعال : طيب بهمز لك، بس دامك تشوف إنّ الهمزة ما تعتبر من باب الولاء والعبودية أجل همزلي أنا بعد!
لم يستطع منع نفسه من الإبتسامةِ بسخرية وضحكةٌ يُنافسها رغمًا عنه كي لا تصعد إلى فمه، وهو يُدير إصبعه جانب رأسه بحركةٍ دائرية بمعنى " مجنونة "، ليردّ أخيرًا خلف نظراتها الحانقة وهو يشعر بالإستمتاع : طيب ما طلبتي شيء يازوجتي المصون ... عشان بس أثبت لك إن هالأمور ما تُعتبر عبودية * أكمل بسخرية * شكلك متابعة لتاريخ الجواري صح حتى التبست عليك الأزمان
كانت تتوقع منه أن يرفض، وتفاجأت بعض الشيء بموافقته. بينما تحرك هو عائدًا إلى السرير ليستلقي على بطنهِ بأريحيةٍ هاتفًا بأمرٍ جلف : يلا تعالي جسمي مكسر
ظلّت تنظر إليه للحظاتٍ دون تعبير، إلى أن اقتربت منه بانصياعٍ وهي تتمنى لو تسحق رأسه، ثمّ جلست على السرير بجانبه لتبدأ بتدليك ظهره وملمس بشرتها على عُريّ ظهره جعله يشعر بالإسترخاءِ رُغمًا عنه، مُغمضًا عينيه مُستمتعًا ببرودةِ أناملها، مُستمتعًا بنعومةِ ضغطها على فقراتِ ظهره برقةٍ تُشبهها.
تأوّه حين شعر بها تضغط بعنف، ثمّ لانت يدها فجأةً وعادت لرقتها، ليهتف هو بوعيدٍ وشفتيه تفترّان عن ابتسامة : مردودة
تجاهلته وهي تكمل عملها، تدلّك ظهره بمهارةٍ ولا مانع في التجاوزات قليلًا لتضغط بقوّةٍ حتى تؤلمـه، لكنه أبدًا لم يتأوه من بعد تأوهه الأول، بل بقي مُبتسمًا لمدى الغيظ في حركات أناملها الباردة، لشعوره بتيّاراتِ الغضب التي تُصدر عبر أناملها.
لا بأس! اغضبي وتمردي، فأنتِ تبدين مُستفزّةً بجمالكِ أولًا قبل أن يكون الإستفزاز لتصرفاتك، اغضبي ما دام غضبك لم يتمرد خارجًا، اغضبي ما دام غضبك يأتي نتيجةَ إرخائـي للحبل وليس إطلاقه!
اغضبي يا نجمتي الأخآذة فغضبكِ يُزيدكِ توهجًا لتصبحي في عيني - أجمل ملاك -
همس سيف : تسلم يدينك ، يكفي
رفعت كفاها ببطءٍ وهي تحيد بنظراتها عنه، ثمّ ابتعدت تنوي الوقوف لكنّه كان أسرَع حين جلس مُمسكًا بمعصمها : على وين؟ مو كان اتفاقنا تهمزين لي ثمّ أهمز لك؟
فغرت شفتيها وهي تنظر له دون تعبير، ربما أيضًا لأنها توقعت الكذب بالرغم من معرفتها أنه لن يقول كلمةً ليتراجع عنها، بقيت ساكنةً في مكانها تنظر إليه بصمت، وهو يبتسم ابتسامةً لم تعلم ما معناها لتوهانها في تلك اللحظات.
سيف : وبنظل طول الليل كذا؟
نظرت ديما لعينيه لتتكلم أخيرًا بخفوت : كنت أمزح ، ماله داعي
سيف يسحبها إليه بإصرار : وأنا ما كنت أمزح ... انبطحي
ديما تُقطب جبينها توترًا ورفضًا : تكفى سيف مو بالغصب ، أنا والله ما ودي بس كنت امزح
جذبها إليهِ أكثر بإصرارٍ ينبض من عينيه، ثم هتف بحزم : دامني قلت لك طيب أجل مافيه مردة لكلمتي
ازداد انقطاب جبينها وهي تزدرد ريقها توترًا، ما الذي فعلته بنفسها!!!
ديما بتوتر : طيب ، موافقة بس بشرط
سيف يُكتف ذراعيه بقلة صبر : وهو؟
ديما : دلك كتوفي بس، ظهري ما يعورني أوكي!
كانت تطلب ذلك بتوترٍ وبشكلٍ طفوليٍّ أثار ابتسامته، ليهتف أخيرًا بخبث : أنتِ بس انبطحي
انبطحت بتوترٍ وهي تشتم غباءها، ما الذي فعلته بنفسها لتتهور بهذا الشكل؟
مسح سيف بكفه على فقرات ظهرها ثمّ انحنى قليلًا حتى يصل لأذنها هامسًا : ليه الخوف؟ ماني وحش أنا
رفع رأسه عنها وهو يبتسم بخبث : مو أنتِ اللي طلبيتي؟ أجل تحملي
ديما بذعرٍ وهي تتحرك تريد النهوض : سيف والله ...
لكنه قاطعها حين أعاد جسدها ثمّ بدأت يداه بالتفنن على كتفيها بلطفٍ رجولي كان بالنسبةِ لها يحوِي بعض العنف. أغمضت عيناها بقوةٍ تحت تدليكه مُصدرةً تأوهًا طفيفًا ومن ثمّ استرخت قليلًا وهي تدعي الله أن تمرّ هذه الليلةُ على خير.
إن عمق يديه أعنف بكثيرٍ من مجرد تدليك، إنهما لقلبها لمسةُ جنونٍ أصابته بالعدوى ليتسارع انقباضه، ليهيم بضياعٍ تحت تملّكِ يديه.
بينما هو كان يبتسم ويديه تضغطان بأكبر قدرٍ من اللطف، من الصعب على هاتين اليدين أن تؤذي جسدها الهشّ، من الصعب عليهما أن تُسلطا قوتهما على نحالةِ جسدها وهي كورقةٍ خضراءَ مُبتلّةٍ لن تحتمل أقلّ خدش، لن تحتمل أن تطأ قدمٌ حادّةٌ عليها لتُمزقها، لـذا كان رقيقًا معها، رقيقًا بقوةٍ رجولية هي لها مؤلمةٌ بعض الشيء.
انزلقت كفاه قليلًا للأسفل، لتفتح عينيها هامسةً بتوتر : خلاص
لم يهتم لما سمعه وهو يشعر بالمتعةِ في تدليكِ جسدها الغض، حتى وصل أخيرًا لنهايةِ ظهرها لتتحرك مذعورةً ودون شعورٍ هتفت بحدة : خلاص يكفي
سيف بهدوء : أنتِ ما وقفتك الا لما دلكتي لي ظهري كامل ، عشان كذا لازم أجازيك بالمثل
شهقت حين شعرت به يضغط على أسفل ظهرها، لتهتف برجاءٍ ورُعب : لا لا ، تكفى ... الا بطني، الا بطــنــي يا سيف
توقف فجأةً عند صوتها المُرتعب رافعًا يديه وهو مُقطّب الجبين، وعقله لم يجد تفسيرًا لخوفها هذا، لكنه في النهاية هتف بحسن نيّة : وش فيه بطنك؟ يعورك؟
جلست وهي تتنفس بارتباك، ولم تجد غير أن تؤمئ وهي تشعر أنها تورطت بتهورها حين طلبت منه ببجاحةٍ أن يُدلك لها كما ستدلك له، غبية غبية، ماذا جنَت الآن من عنادها غير رُعبها بلمساته الرجوليةِ القاسيةِ بالنسبةِ لجسدٍ يحمل طفلًا لم يصل للشهر بعد!
نظر إليها سيف بقلق وتفكيره ذهب للجرثومة التي حدثته عنها أمه : الدكتورة ما عطتك دواء؟
ديما بارتباك : الا وتوني قبل لا أتحمم ماخذته
سيف : أجل؟
ديما بكذب : بس الدكتورة قالت لا أسوي مثل هالحركات لأنها ممكن تأذيني
صمت سيف لتطمئن حين رأت في ملامحه بعض الإقتناع، وهي في داخلها تشكر الله على سهولةِ إقناعها له بتلك القصة.
كانت ستترحم على نفسها لو أنه علم، كانت لتندم لو أنّه أكمل، وجنينها الآن هو الأهم في فترةٍ كهذه وحتى بعد خروجه للدنيا، لم تسعى لعصيان سيف حتى ينتهي الأمر دون اكتمال روحها بهذا الطفل، لم تعصِه لتنقطع سعادتها في البداية، لـذا كان حريًا ألا يعلم سيف بأي شيء، تمامًا كما قالت أمه ولن تشعر أبدًا بأي ذنبٍ وحتى إن شعرت بالذنب فستتجاهل هذا الشعور لأنه الآن منفي!.


,


الواحدةُ ظهرًا من اليوم التالي
" يبيلك تلتزمين بالأيام الجايـة، وش كنتِ بتسوين لو جاك حرمان؟ "
قطّبت إلين جبينها عند سماعها لتلك العبارات من هديل، ثمّ تنهدت بضيقٍ هاتفة : لولا عمي بعد الله كانت بتروح علي أغلب المواد ... * عبست لتُردف * الجانب الممل في الموضوع هو إنّي بروح المستشفى عشان الأعذار تبعي
دخل في ذلك الوقت ياسر بملامح مُنهكة بينما كانتا واقفتين قرب الباب وعباءتهما لازالت عليهما : وانتِ الصادقة ، الجانب الممل في الموضوع هو المستشفى
ظهر فجأةً الجمود على ملامحها وهي تزفر بشكلٍ طفيفٍ لم يُظهر اضطرابها، فـ ياسر لا يستحق أن يُظهَر أمامه البغض ولا أيّ شكلٍ من المشاعر السلبية، هو يستحق الكثير، يستحق الطيبة والمعاملة الحسنة، لا علاقة له بما اقترفته قبلًا بحبه فكيف عساها تبغضه وهي التي تحمل كل الذنب؟.
هديل : مروّح اليوم بدري!
مرّ ياسر من جانبها ليُداعب شعرها المكشوف بعد أن حلّت عنه خمارها، هاتفًا بتعب : نسيتي إن اليوم الإثنين ودوامي يخلص بدري؟
هديل وهي ترفع يدها بعفويةٍ لتُرتب شعرها الذي عبث به : اي صح نسيت
مرّ ياسر من جانبهما صاعدًا للطابق الثاني بعد ما نظر لإلين وابتسم لها بلطف، ثم هتف وهو يصعد العتبات يُديرهما ظهره : ترى ما ودي أتغدى ، أبي بس أنــام بعد هالتعب ... فلا تزعجوني
هديل بصوت عالي : أمي راح تزعل منك لو ما أكلت معنا
أكمل طريقه صاعدًا ليرد بجملةٍ قصيرة : اعتذري لي منها
ثم اختفى عن أنظارهما لتعبس هديل بحنق : الله يعينني الحين على اطلعي لأخوك يا هديل وانزلي يا المزعجة ما ودي ... اففففف
ابتسمت إلين طيف ابتسامةٍ لتتحركَ مُبتعدةً عنها : وأنا بعد ما ودي بالغداء ... اعتذري عني
هديل بصدمة : نعم!! أجل أجلس أنا بروحي
إلين بهدوء : منتِ بروحك تطمني
لم ترد أن تقول لها " أنتِ مع خالتي وعمي " فآثرت التعبير بذاك الشكل المُضمحل، وكم سيكون صعبًا أن تتعامل في هذا المنزل بطبيعيةٍ تامة سواءً مع هالة وحدها أو مع الجميع! لكن يجب عليها أن تحاول التأقلم ولو قليلًا، فـ عبدالله حرمها من فرصة الذهاب مع أدهم والواضح أنها ستبقى في هذا المنزل مدةً من الزمن، لكنه لن يطول، تقسم بذلك!
لن يطول الجفاف الذي تعيشهُ وسيأتي الهطل دون الخصب. سيأتي الهطل لتعيش عند من كانت تزدرئه، والخصب لن يأتي الا حين تستقر مع أخٍ أزال الصورة السابقة له وآتى نفسه هويّةً أفضل وأرقى.
هذا الجفاف يقتلعني من الأكسجين كي لا أتنفس، هذا الجفاف قذف الماء منِي ولم أعد سوى غُصنٍ يآبس بدأ بالتآكل، هذا الجفاف استحلني وهجر قطيعه لأتلاشى! لـذا فأنا - الغصن - أنتظر الهطل، وسأمشي إليه بنفسي، سألوذ إلى الغيمةِ التي تحمله دون أن أنتظرَ رياحًا تجِيء به إليْ، وليَدُم هذا الهطل! فهو أفضل من الجفاف، ليدُم إلى أمدٍ غير معلوم، حتى ألوذ من جديد إلى الخصب.


,


حين واجهها والدها بالصمت على ما طلبت أدركت في صمته الرفض، والرفض غيرُ معنيٍّ في قاموسها فهي قد اشتاقت حدّ النخاع. لذا شدّت على الهاتف عند أذنها هاتفةً برجاء : أرجوك يبه لا تقول لا! والله ما نتأخر وإن شاء الله ماراح يصير شيء مثل قبل
تنهد يوسف وهو يلمح رغبة ابنته العارمة في الخروج، يعلم أنها تشعر بالملل بعد أن رحلت أختها ولم يبقى معها من يسليها سوى ليان.
يوسف بعطف : انتظري بس لليل وأنا بنفسي بطلعكم معاي، كنت مخطط من كم يوم نطلع مع بعض ومنها بنشتري الأغراض اللي تحتاجينها
صمتت أرجوان للحظات، لم تكن راضيةً عما قاله لها الآن، فهي تخطط للمرور على أختها قبل أن تذهب لتطمئن عليها بعد أن اشتاقت لها. والدمُ يحنّ أخيرًا، بالرغم من أن أُختها أخطأت خطأً فادحًا إلّا أنها في النهايـة أُختها، دمها يسري في عروقها، وخطأها يُمكن أن يُغتفر بما أنـه لم يكن خطأً كخطأ أمها.
أرجوان برجاء : بس يبه أنا ودي أشتري أغراض خاصة لا تحرجني معك
صمت وهو يتنهد، ثمّ هتف بعد برهة باستسلامٍ لرغبتها : خلاص اطلعي وخذي معاك ليان
ابتسمت أرجوان بفرح : ميغسي يبه ما راح نتأخر
أغلقت الهاتف وزفرت بفرح، وأخيرًا ستخرج من هنا قليلًا، ستتجه أولًا لأختها التي اشتاقت إليها، ستتجه لها أخيرًا وتُقابلها.
ابتسمت ابتسامةً فرِحةً طفيفة، ثم اتجهت لغرفتها حتى تقوم بتجهيز ليان ومن ثم لتخرجان.


طرقت جرس الباب بخفة، وهي تسألُ الله أن لا يكون فواز موجودًا حتى لا تُحرج بقدومها في هذه الساعة. حقيبتها " البيبي بنك " تشبّثت أناملها بها بتوترٍ ويدها الأخرى تُمسك بيدِ ليان، انتظرت لثوانٍ لربما طالت تحت وقوفها هذا، إلى أن فُتح البابُ أخيرًا وجسدُ فواز انزاح عن الباب بعد أن رأى هويـة القادم من العينِ السحرية.
فواز : حيّ الله بنت العم
شعرت بالحرج لتُطرق برأسها، وأختها الصُغرى اندفعت للداخل لتُعانق ساقي فواز بهجومٍ طفوليٍّ أثار ضحكه، ناظرًا لوجهها المُمتلئ وشعرها القصير الحريري الذي يتلوَى بدلالٍ من حولها.
فواز بابتسامة : ليونتي القمر
رفعها إليه ليُقبل وجنتيها وينظر لأرجوان التي بقيت واقفة : تفضلي
ابتسمت له بحرجٍ وهي تدخل هامسة : وينها جيهان؟
فواز : بالغرفة * وهو يشير باتجاه غرفة النوم، ثمّ أردف * إذا منحرجة مني بطلع
أرجوان بسرعة : لا لا عادي ما فيها شيء
فواز وهو يتجه للباب : لا خذوا راحتكم ... تسمحين لي آخذ ليان معي للبقالة القريبة من هنا؟
صمتت للحظاتٍ قبل أن تؤمئ برأسها ببطء، ليبتسم فواز وهو يخرج بينما تنهدت هي وعيناها تنظران للغرفة التي أشار لها فواز ببعض الشوق، ثم تحركت قدماها باتجاه الغرفة لتراها جالسةً على السريرِ تُهدي الباب ظهرها.
ابتسمت بحنينٍ وهي تهمس باسمها : جوج
قطّبت جبينها لسماعها صوتُ أختها هنا! أتحلم! أمْ أن وحدتها غلّفتها حتى أصبحت تسمع أصواتًا تحتاجها في هذه الأثنـاء! أو قد يكُون ... قد يكون جنونها الذي يظنه فواز بها!!
زمّت شفتيها وهي تفكر أتستدير وتتأكد أم لا! وكثيرٌ من التردد داهمها، كثيرٌ من الرفض غزاها، ماذا لو لم تكن أرجوان خلفها؟ ماذا لو لم تكن خلفها ويُصبح جنونها حقيقيًا وما تسمعه ليس إلا من فعله!
لـذا تيبّست في مكانها وهي تُسدل جفنيها على عينيها بخشية. لستُ مجنونـة، صدقونـي لستُ مجنونة!
انتظرت أرجوان منها أن تستدير وتنظر، وحين طال مكوثها على حالتها جعّدت وجهها بضيق، ألهذه الدرجـة تغيّرت حتى يُصبح تواجدُ أختها غير مرغوبٍ به؟ أحقدت عليها كما تحقد على والدها؟ أهان عليها أن تكُون بكلّ تلك القسوة؟
اقتربت منها بخطواتٍ واسعة تعكس حُنقها منها، ليس من حقها أن تقسو بهذا الشكل! ليس من حقها أن تُعاقبها على شيءٍ لم تفعله!
دارت حول السرير حتى وقفت أمامها، وفي تلك اللحظة بقيت جيهان مُطرقةً برأسها للحظاتٍ قبل أن ترفع رأسها مُتّسعةَ العينين.
هامسَةً دون تصديق : أرجوان!!!
أرجوان بعتب : ليه هالنظرة؟ انصدمتي بشوفتي ما رحت بعد صدك؟
بقيت تنظر إليها بعينين مُتسعتين للحظاتٍ لم تطُل، إذن فـ أرجوان هنا؟ وما سمعته بالفعل كان صوتها لا من جنونها الوهمي، هي ليست مجنونة، ليست مجنونة.
كما أن أرجوان جاءت، في لحظةٍ كانت فيها الدنيا ترتسم بالرمادي والأسود فقط دون الأبيض، كانت فيها الدنيا تلوّن نفسها بضحكةٍ خبيثةٍ وتُرديها في حُفرتها وحُزنها.
بدأت مُقلتيها بقذف الدموع رويدًا رويدًا، وشفتيها تقوستا بعبرة : أرجــواني
نطقت اسمها ومن ثم بكت وهي تندفع إلى حضن أرجوان التي تيبست للحظاتٍ لفعلها وعلى ملامحها البهوت، غيرَ مستوعبةٍ تلك النظرة التائـهة التي غلفت حدقتيها، نظرةُ احتياجٍ وضياع، نظرةُ حزنٍ غلفتها الكثير من الحاجـة.
همست أرجوان وهي تضع كفها على شعر جيهان التي بدَت كالأختِ الصغرى لا الكُبرى : جيهان حبيبتي وش فيك؟
جيهان ببكاء : محتاجتك
غضّنت جبينها وهي تدفعها عنها برقةٍ وتُجلسها على السرير لتجلس هي الأخرى بجانبها، ثم تناولت كفها الباردة هاتفة : وش فيه؟ فواز مضايقك بشيء؟
شتت جيهان نظراتها، وقد كان صعبًا عليها أن تنطق بـ " ايه "، ستشعر بمدى فداحةِ نفسها لو نطقتها، ستشعر بمدى حقارتها لو صرّحت بالإيجاب، ففواز مهما فعل إلا أنه زوجها، كما أنها تعلم أنه يظنها مجنونة، ولم يفعل ما فعل أخيرًا دون هذا الظن الذي جعلها تعتب عليه، في النهايـة لن تسامحه على ما فعل، لن تسامحَه، لكنها لن تُظهره بهذه الصورة السلبية أمام أختها لـذا صمتت.
هزّت رأسها بالرفض لتشدّ أرجوان على كفها : أجل وش فيه؟
صمتت للحظات، ثمّ نظرت في عمق عينيها لتهمس : بس اشتقت لكم
أرجوان باستدراج : لمين اشتقتِ؟
جيهان : لك ولليان و .... * اضطربت نظراتها وهي تزفر بشكلٍ طفيفٍ مُردفة * ولأبوي وأمي
قطّبت أرجوان جبينها وهي تحتضنها برقة : خلاص يا جيهان ادعي لها بالرحمة ولا تخلين شيء ماضي يأثر على حاضرك
جيهان بغصة ودموعها تتساقط : طيب إذا كان هالماضي ما انفقد الا بسبب حاضر وش السواة؟
أرجوان بحدة : أبوي ماله ذنب اتركي عنك التفاهات
تراجعت جيهان بعنفٍ وهي تهتف بقهر : الا له! له ذنب وهو اللي قسى عليها عشان تفكر تنتحر
ضوّقت أرجوان عينيها بتساؤل : معقولة تفكيرك بهالتفاهة يا جوج؟ معقولة تظنين ان فيه انسان سخيف يفكر بالإنتحار عشان سبب بسيط مثل ذا؟
جيهان بحدة : أجل وش هالسبب العظيم اللي بيخليها تنتحر غير ظلم أبوي؟
ابتسمت أرجوان بسخرية : ظلم أبوك! ظلم أبوك والا ظلم أمك؟؟
جيهان بصدمة : أرجــوان
أرجوان بحدة : لا تسكتيني عن الحق! والا انك تتهمين أبوي بالظلم عادي أما أمي لا!
زمّت جيهان شفتيها بحنق : تراها أمك!
ضحكت أرجوان وهي تُصفّق بيدها : برافو عليك ... يعني أبوي مثلًا ماهو أبوك!
شتت جيهان نظراتها قبل أن تُغمض عينيها بأسى، وتلك بدأت بالإستغفار وهي تعاتب نفسها على كلامها ذاك، قبل أن تقفَ وهي تلفظ بحدة : الله يسامحك كانك خليتيني أتكلم غلط ... الله يرحمها بس
تحركت تنوي الذهاب بعد أن كانت قد جاءت لتطمئن عليها وتُحادثها لوقت، لكنّهما في النهايـة عادتا لأصل المُشكلة التي أنشأت كل هذه التذبذبات في حياتهم، عادتا للخطأ الذي حصل وما أودى بحياتهما للجحيم، لـذا ستخرج قبل أن تقول مالا يليق وقبل أن تُخطئ ويزلّ لسانها بالحقيقة.
حالما رأت جيهان أختها تذهب هتفت بسرعة : لوين؟ ما ودك تجلسين معي شوي والا صرت بالنسبة لك ولا شيء بعد؟
توقفت أرجوان مُديرةً لها ظهرها وهي تزفر : أبوي ماكان اعتباره لك ولاشيء! هو بس كانت نيته ترتاحين مع فواز لو مو معاه
ابتسمت جيهان بسخرية : واضح
استدارت إليها أرجوان بعنف : جيهااان ، لا تخلينا نعلط على بعض هاه!
جيهان بدفاع : أنا ما غلطت! أنتِ اللي من صغرك تميلين لأبوي أكثر عشان كذا تشوفين كل شيء يسويه صح
تأفأفت أرجوان بقلةِ حيلة وهي تهتف بعتب : لو بنظل كذا على طول فالأفضل أروح، جلوسي ماراح يفيدك بشيء بس بيبني فجوة بيننا
صمتت جيهان وهي تزمّ شفتيها بعبرة : يعني يهون عليك تركي وأنا في وسط حاجتي لك؟
أرجوان بعتاب : ويهون عليك تجازيني بهالطريقة وأنا اللي جيت لك؟
جيهان بصدق : خلاص والله ما بقول شيء عنه ولا بجيب سالفة اللي صار قبل ... بس أبي منك تجلسين ولو ربع ساعة، ربع ساعة بس
تنهدت وتلك النبرةُ أضعفتها، ثمّ عادت لتقترب منها وتجلس بجانبها وابتسامةٌ حنونة غلّفت شفتيها : طيب ... بجلس بس ماراح أتأخر لأني مضطرة أرجع للبيت بدري


,


كانت تجلس على مقعدها تتناول الطعام بوداعة، عناد يجلسُ مقابلًا لها ولا يفصل بينهما سوى الطاولةِ التي احتوت على بعض الأصناف من الطعام، أخفضت الملعقةَ وهي تنظر لوجه عناد الغارقِ في تفكيره وهو يأكل، وملعقتها بدأت بالتحرك عشوائيًا على الصحن وهي تفكر.
لمَ لازالت صامتة؟ لمَ لا تخبره وينتهي تجاهله لها؟ ولمَ تشعر بالخوف من تلكَ المدعوةِ سارة والتي ستتوقف نظراتها تلك وتوددها الغريب ما إن تُحدث أخاها ليوقفها عند حدها، توددها الغير مُطمئن، ومنذ أن دعتها لتحضر منزلها وهي قلقةٌ حتى أنها كانت تتجاهلها اليوم وتتجاهل إصرارها لتذهب. لكن هل ستتوقف بالتأكيد أم أنها لن تجلب سوى المشاكل دون أدنى فائـدة؟
تنهدت وهي تضع كفها على وجنتها بينما أسندت مرفقها على الطاولة، تنظر لعناد الذي رفع أنظاره لبرهةٍ إليها لتخفض هي ناظريها بسرعة. تشعر كما لو أنها قامت بجُرمٍ ما حين أغضبته منها، بل هي بالفعل قامت بهذا الجرم! هي بالفعل أخطأت وهي التي تعلم أن عناد إن غضب منها فلن يُكلمها حتى تُصحح ما فعلت، لـذا من الواجب أن تصحح خطأها وتتحدث، يجب عليها ذلك!
عادت لترفع نظراتها إليه لتراه قد أخفضها وعاد لأكله، ومن أسفل الطاولةِ مدت قدمها قليلًا حتى تصل لساقيه وتوكزه وكزةً خفيفة. حينها ارتفعت نظراته إليها بسرعةٍ لتبتسم ببراءةٍ وتودد، مُحركةً شفتيها دون صوت " أنا آسفة "
نظر إليها لثوانٍ، ومن ثمّ أخفض نظراته ببساطةٍ وعاد لأكله مُتجاهلًا إعتذارها وهو يقرأ في عينيها ما يُريد، كان يشعر بنظراتـها منذ البداية ويشعر بها في غمرة انشغالها بأفكارها، لكنه الآن تجاهل اعتذارها ذاك ليتأكد فقط من صدقها ومن اعتدالها حتى تبوح له بمشاكلها في الأيـامِ القادمة ولا تتردد.
عبست ما إن انتبهت لتجاهله وجمود ملامحه، لـذا عادت لوكزه في ساقه لكنّه في النهاية أبعد ساقيه عن مرماها.
تنهدت، ثمّ نظرت لوالدتها التي همّت بالنهوض، وبابتسامةٍ ودودة : شبعتي؟
ام عناد : الحمدلله
ذهبت امها لتنظر بسرعةٍ لعناد الذي همّ هو الآخر ليقوم، لكنها هتفت برجاء : عناد
اعتدل لينظر إليها بصمت، لتُردف : أنا آسفة
صمت للحظاتٍ يتصنع القسوة في ملامحه : لـ!
غيداء : لأني ما كنت صادقة معك ... والله العظيم ما كنت أقصد شيء الا إنّي أبعد عن المشاكل
أسند عناد مرفقه الأيمن على الطاولة وخدّه على كفّه اليُمنى، ثمّ هتف بجديـة : وأي مشاكل بتجيك قصدك؟ مين هي البنت تحديدًا عشان تجي منها المشاكل؟
أطرقت برأسها للحظاتٍ تُزيح ناظريها عنه، ليهتف هو بحزم : غيداء!
رفعت عينيها إليه بصمت، ليردف : شكلك كاذبة هالمرة بعد في اعتذارك، ليه ساكتة وكأن أحد ماسك لسانك؟
غيداء بتوترٍ لا تنظر إليه : لأنها تخوفني!
عناد يعقد حاجبيه : مين؟
غيداء وهي تفرك كفيها توترًا : بنت القاضي ... أحس نظراتها وكلامها معاي يخوفني منها!
ضوّق عناد عينيه وقد كان يشك منذ البداية في أنها هي ذاتها، ثمّ زمّ شفتيه حنقًا من فكرة أنّ فتاةً مثلها تقترب من أخته وتتحدث معها. هتف بحزم : وش تحكي فيه معك؟
غيداء : ما تحكي معي كثير، بس مرة مرة ... وهذا اللي مخوفني منها * بترددٍ أردفت * هي عازمتني يوم الخميس عندها
اتسعت عينيه للحظةٍ ثمّ أرخاهما : لأي مناسبة؟
هزّت غيداء كتفيها ليبدأ هو بالتفكير، لمَ قد تقوم فتاةٌ لا تعرف غيداء حق المعرفة وتظنّ بها شرًا بدعوتها لمنزلها؟ هي من القلّة اللذين يعلمون بما حدث لها، ومن القلّة اللذين ظنوا أنها فقدت عفتها.
داهمته الشكوك بهذا الموضوع، فكما هو معروفٌ بين بعض الناس فسارة تلك مشكوكٌ بأخلاقها التي تنافت مع أخلاق أبيها العامل في مجال القضاء، العادل والذي يخاف الله في نفسه فكيف اختلفت هذه الفتاة عن والدها؟
نظرت إليه غيداء بقلق : عناد .. للحين زعلان مني؟
نظر إليها يغتصب ابتسامة، ثم أمرها بالإقتراب منه لتنهض مُباشرةً وتتجه إليه.
عناد بابتسامةٍ عطوفة : نكمل الرضاوة ببوسة هنا وهنا * يُشير إلى وجنتيه *
ابتسمت غيداء بسعادةٍ وهي تهبط بشفتيها على وجنته اليُسرى ومن ثمّ اليُمنى وقد انزاح شيءٌ ما من على صدرها، بالرغم من كونها تخشى خطوة عناد القادمة وما سيفعل إلا أنها تثق به وتثق بجميع قراراتـه.


,


" إيش صار؟ "
" ليه طلعتي أمس واتصلتي اليوم بس ما التفتي لرسايلي حتى؟ "
" أسيل! عارف إنك متصلة لا تسوين فيها واو شلون يشوفني! "
" أسيل ، تراك قاعدة تتمادين كثير بتجاهلك، لا تظنين اني ساكت من زود طيبتي! بس أنا ساكت من قلة صبري بس "
" براحتك، لا تفتحين الرسايل ، وبعدين لا تقولين ليه سويت الشيء الفلاني من غير ما تعطيني خبر ... تراني جاي اليوم لك "
تيبّست وهي تقرأ رسائلهُ بعد نصفِ ساعةٍ من إرسالهِ لها، لم يعد متصلًا وكأنه دولةٌ هددت أخرى بالقصف واختفت فجأة، لا بل دولةٌ هددت قريةً صغيرة بقُنبلةٍ نووية لتُصبح الآن في ضجيجٍ داخلي دون أن تستطيع الهرب من حدودها بعد أن وضع جنوده حولها، يمنعون أهلها من الهرب حتى يحين وقت إبادتها.
أرسلت إليه باضطرابٍ ظهر في كلماتها التي كانت عاديّةً لكنها مفهومةٌ من قبل الطرفين : " بأي ساعة راح تجي؟ "
بعد لحظاتٍ كان مُتصلًا، فتح الرسالةَ وقرأها وقد كان أفضل منها، حين أنه قرأها في وقتها، لكنه لم يرد!
عضت طرف شفتها وهي تعودُ لترسل إليه : " شاهين رد علي أرجوك "
تجاهل الرد أيضًا، لتتنهد بارتباكٍ وهي لا تريد قدومه، لا تريده أن يجيء إليها، لا تريد أن تراه فهي تخشى أن تكون بقربه بعد مقابلتهما الأخيرة، لا بل تخشى أن تكُونَ قربه منذ بدايةِ ارتباطهما.
شدّت على الهاتف بعد أن رأته قد خرج، ثمّ أغمضت عينيها بقوةٍ وهي تتوسل نفسها أن لا تقلق، تتوسل الهاتف أن يكُون كاذبًا، تتوسل " الواتس أب " أن يكون هرمًا أو أُصيب بالزهايمر، تتوسل أناملها لو لم تُحدثه البارحة، تتوسله هو ... ألا يجيء.
فهي عجوزٌ في منتصف العقد الثالث من عمرها، عجوزٌ لم تتجاوز العشرينيات، لم تصلْ للرقم ثلاثين وقد أهلكها وتجعّد قلبها بزوجٍ رحل وفقدته، هرِم عقلها بذكرياتٍ لازالت تترسب على سطح مركز الذاكرة، بل على عقلها أجمع، سقطَ بهاءُ شبابها بفقدها إكسير الحياة المُسمى - متعب -، وما أعنفه من فقد.
بينما شاهين، لازال شابًا في العقد الرابع، لا تستحقه إطلاقًا، لا تستحقه لأنّها أحبت وانتهت ومن تستحق شابًا مثل شاهين يجب أن تكُون صبيّةً حسناء لا عجوزٌ هرمةٌ مثلها. صبيّةٌ لم يسبق لها الحُب.


,


الثامنةُ مساءً
جلس بجانبها وهو يُلاحظ تحسّن مزاجها بعد أن قابلت أرجوان ومن ثمّ ليان حينَ عودتـه بها، وجهها الآن مُشعٌّ بدرجةٍ أفضل من ذي قبل، وابتعادها عنهم كان له دورٌ عظيمٌ في تقلّبِ مزاجها وضيقها الدائم.
أمسكَ بكفها اليُسرى وهو يهمس : جاهزة؟
كانت تنظر للأرض ببعض الراحـة، تحدثت مع أرجوان لساعةٍ ربما ومن ثمّ ذهبت، بقيت لساعاتٍ وحيدة وفواز قد تركها لبعض الوقت بمفردها، لكنها بالرغم من ذلك لم تشعر إطلاقًا بأيّ وحدةٍ فحديثها الذي كان بمثابـِة فضفضة أراحها جدًا، وكأن الأحاسيس السلبية كانت مُتمركزةً في الأحرف فقط، في عضلةِ لسانها وحين أطلقت تلك الأحرف شعرت بالراحةِ التامة.
والآن ما إن أمسك فواز بيدها وقال ما قال حتى تغيّر مزاجها مائةً وثمانين درجة، لمَ لازال يصرّ على جنونها؟ لمَ لازال يراها بتلك الصورة الغيرِ مرغوبة؟ ... وجّهت نظراتها إليه مُقطبة الجبين بضيقٍ وانزعاج، ومن ثم هتفت بحدة : قلت لك ماني مجنونة ليه مو راضي تفهم!!
رفع حاجبيه وهو يشدّ على كفها : وأنا قد قلت لك غصبًا عنك بتسوين اللي قلته!
عقدت حاجبيها بنفورٍ وهي تسحب يدها منه، ومن ثمّ وقفت بعنفٍ وهي تلفظ بعنفٍ أشد : انت ليه تعاقبني بهالطريقة؟ شسويت لك؟؟؟
فواز بصوتٍ متفاجئ : أعاقبك؟ تشوفين العلاج عقاب؟؟
صرخت جيهان بانفعال : ايه عقاب ... عقاب لو كان بدون بلاء
وقف هو الآخر ليقبض على عضدها ويسحبها معه باتجاه الحمام، ووجهه مُتجعدٌ بغضب، وحين رأت جيهان ملامحه وتصرفـه هذا خافت وشكّت بجنونه هو : فوااااز! وش بتسوي؟
لم يرد عليها فواز وهو يفتح باب الحمام ومن ثمّ يتجه للمغسلة ليفتح صنبور الماء.
خافت جيهان أكثر وقد صوّر لها عقلها أنه سيقتلها، لذا هتفت بأنفاسٍ ضيّقة : جنيت؟؟؟
فواز بحدة : ايه جنيت .... امسحي وجهك يلا!
تراجعت للخلف قليلًا وهي تُقطّب جبينها دون فهم، لكنّ يده كانت أقوى ليُعيدها إليه حتى اصتدمت به، وبحزم : قلت امسحي وجهك ... والا أقول حطي راسك كلَّه تحت المويا، بسرعة!
فغرت شفتيها وهي تتنفس بسرعةٍ وانفعالٌ داهمها حين فهمت ما يريد من فتح الماء البارد وأمره هذا. وبحنقٍ شدّت على أسنانها : حط راسك انت لأنك المنفعل بيننا مو أنـا، النـار قاعدة تشب من راسك
فواز بأمر : قلت حطي راسك تحت مويا
صرخت جيهان بقهر : لا ماني حاطته وانقلع من وجهي
أمسك فواز بفكها وهو يقرب وجهها من مجرى تدفق المـاء، بينما كانت تقاومه بضراوةٍ لكنه كان أقوى. حتى وضع رأسـها أخيرًا تحت الماء لتشهقَ بقوةٍ وهي تشعر بالبرودة التي هاجمت رأسها، وفي تلك اللحظة انسحبت يدهُ واستقرت هي برأسها والمـاءُ يهاجمها ليِبلل خصلاتِ شعرها حتى وصل إلى صدرها.
ابتعد فواز عنها وهو يسحب إحدى المناشف المُعلقة، ومن ثمّ اقترب بملامحَ جامدةٍ ليسحبها إليه في غمرةِ سكونها جسديًا وصوتيًا، ليلفّ المنشفة المتوسطة في الحجم على رأسها ويُغطى جزءً من عنقها وصدرها.
انتفضت جيهان حين لامست دفء يده أمام البرودةِ التي تستحلّ جسدها في هذه الأثناء، وجسدها ساكنٌ تمامًا كما عينيها المُتمركزتان في الفراغ، تمامًا كفراغ روحها من أيّ شيء، كفراغ شفتيها من الإبتسامةِ الحقيقية، كفراغ حدقيتها من اللمعان بسعادة.
إنـها خاويةٌ تمامًا، فارغةٌ من كلّ أمرٍ إيجابيٍّ ولا تسكنها سوى السلبيات التي هي في أصلها خواءْ! إنها ككُرةٍ مُصمتة لا تحوِي شيئًا، كورقةٍ يابسةٍ سقطت وانتهى أمرها، كخريفٍ فرض تواجدهُ ووعد بعدم الرحيل والإستوطانِ فيها ... إنها فارغة، فارغةٌ من كل شيء!
جذبها فواز إليه وهو يرى نظرةَ البؤس في عينيها، ومن ثمّ احتضنها بين ذراعيه هامسًا بشيءٍ من الحزم : بتصل عليه الحين واسمعي له على الأقل ... مو لازم تتكلمين
لم تُبدي أيّ حركةٍ للحظاتٍ وهي تشعر أنها مُنتهيةٌ تمامًا وعيناها تستعدان للبكاء، ليست مجنونة، ليست مجنونة، تريد أن تقسم له لكنه يرفضُ تصديقها، تريد أن تُخبره بذلك لكنه يصرّ على رأيـه، لكن لمَ تبالي إلى هذا الحد؟ لمَ تحزن لهذه النظرةِ التي يراها بها؟ أليست " منتهية وخالصة "؟ إذن لمَ كل ذلك الدفاع عن مجد عقلها؟ لمَ كل تلك الأسلحةِ اللسانية التي توجهها إليه لتجعله يُصدق!
لقـد انتهت منذ زمن، انتهت وما عاد هناك أملٌ في رجوعها، ما عاد هناك أمل لتجد نفسها من جديدٍ تحت ذلك الحطام الذي دفنها أسفله.
أومأت برأسها بنظرةٍ كالأموات، لتظهر على شفتيه طيف ابتسامةٍ وهو يشدها إليه أكثر وبللها ينتقل إليه : لمصلحتك ... صدقيني لمصلحتك ... من يومي أفكر بمصلحتك، مصلحتك قبلي أنا وقبل الكل

*

" وش سويت في البنت؟ تكلم وش سويت فيها؟ " .. صرخةٌ انسابت إلى أذنيه وهو يقف أمامها كالصنمِ لا يتحرك، وتلك تشدّ على ياقةِ ثوبهِ تُكمل صراخها عليه تارةً، ومن ثمّ على الأخرى تارة : وانتِ! يا مسودة الوجه شلون؟ شلون رضيتيها على نفسك؟
صرخ فواز وهو يرها تُهاجم بلسانها جيهان التي كانت تبكي بعنف : يمه خلاص! قلت لك أخذتها للمستشفى لأنها كانت تعبانـة ... ليه قاعدة تقذفينا الحين؟؟؟
ام فواز بحدةٍ وهي تشير إليه بإصبعها ومن ثم إلى جيهان : كذاب .. كذاب ... كنت طالع وياها، اعترف ماني غبية * اقتربت من جيهان لتشدّ على خمارها الذي كان على كتفيها بعد أن خلعته أم فواز عن رأسها حين دخولهما * شايف شكلها؟ شايف اللي أشوفه؟ تظنني غبية ما أفهم! أنا مرة وأفهم منك ومنها ... كل شيء واضح يا فواز ، كل شيء واضح
عضّ على طرفِ شفته بغضب، وحينَ همّ بالحديث تكلمت جيهان بضعف : والله ماكنا طالعين مع بعض ... كنت ... كنت تعبانة، وأمي كانت عند أهلها، وأبوي والبقية راحوا يتمشون بس أنا رفضت
وبرجاءٍ أردفت : صدقيني كنت تعبانة بس وهو أخذني للمستشفى لما جاء قبلكم ولقاني طايحة.
ام فواز بحدة : تلعبين علي أنتِ؟
تكلمت أسيل التي كانت معها وهي تُمسك بكفها هاتفة : اسمعي منهم السالفة ، لا تحكمين عليهم من نظرة!
ام فواز بعنفٍ وهي تسحب يدها : ما راح أسمع منهم ... بعد اللي شفته وشلون بصدق قولي لي؟ وشلون بصدق؟


,


دخلت غُرفتَه المُظلمة والباردة، لتفتح الأنوار بحنقٍ ومن ثم تتجه لسريره وهي في ذروةِ غضبها منه.
سحبت اللحاف عنه لتصرخ باسمه بغضب : أدهـــم
انكمش جسد أدهم وهو يشعر بالبرد يهاجم عظامه بعد أن سحبت منه اللحاف، ثمّ مدّ يده في الهواء يُريد منها أن تُناوله اللحاف، هاتفًا بصوتٍ مُشبعٍ ببحةِ النوم : عمتي سهى ... هاتيـ مممم
سهى بغضب : مالت على شكلك يا المهمل ، قوم صلى يلا
أردفت بصوتٍ عالٍ : اربعة فروض! أربعة فروض يا أدهم اتقي ربك!!
تأفأف أدهم : يووووه ، بصليها لا قمت اتركيني
سهى بحدة : لا ماني تاركتك ... مين بالله اللي ينام الظهر؟ نومك خايس مثل وجهك قوم صلى
تأفأف من جديدٍ وهو يرفع الوسادةَ ليُغطي بها رأسه بعد أن انبطح على بطنه، لكنها بجنونِ الغضب المُتمركزِ بها في تلك الأثناء سحبت الوسادة التي على رأسه ومن ثمّ المُتناثرةِ حوله بغضبٍ عارم لترميها في الأرض، صارخة : قوووووم ياللي جامع صلاته له يومين ... قوم يا حمار قوووم .... اي صلاة ذي بالله؟
أدهم بمللٍ وصوتٍ مبحوح : أعوذ بالله
سهى بحدة : أعوذ بالله منك ومن شيطانك! ... ولك وجه تذكر اسم الله وانت ما تصلي؟
جلس أدهم عابس الوجه، وملامحه لازالت مُنتفخةً بنومه، وبملل : ومين قال ما أصلي
أشارت سهى لعينيها : عيوني
تأفأف للمرةِ الثالثة وهو ينهض من سريره بعنف، وبقهر : خلاص قمت ارتاحي .. بصلي .... اوووووف
سهى بحدة : منك
تجاهلها أدهم وهو عابس الوجه ليتجه للحمام، هذه عادةٌ غلفته، يصلي حين يُصادف أن يكون غير مشغولًا، ينام عن الصلوات وحين ينهض قد يصليها وقد لا يصليها!
سهى بحلطمة : الولد خربان .... خرباااااان


,


ضرَب جرس البابِ بعنفِ المشاعر التي تختلجه في هذه الأثناء، ما بين حقدٍ وحنق، وما بين رغبةٍ في القتل، وكم يتمنى لو أن رغبته تلك بسيطةٌ ليُحققها دون أن يرفّ جفنه، كم يتمنى لو أنّ ما بين أضلعِه مجرد حجرٍ لا يستصعب القتل.
زفرَ بقلّة صبرٍ ينتظر، واقفًا أمام بابِ البيت الخارجي الذي أُغلق لسنواتٍ حتى يكون صاحبهُ بجواره يتصنع الرغبة في البقاءِ في منزل أخيه الراحل، والذي لم يُقتل الا بفعلِ يديه! كثعلبٍ ماكرٍ تصنّع شكل البشر ليدخل بينهم ويقضي على سعادتهم أجمع! كسنواتِ قحطٍ أصابت الناس بالبؤس والضياع.
انتظر، إلى أن سمع صوتًا رجوليًا من السماعة الجانبية : مين؟
ظهر على وجهه الجمود، وهو يرفع صوته ليرد بثقةٍ عارمـة : سلطان النامي
الرجل : لحظة طال عمرك بآخذ لك الإذن
اختفى الصوت لدقائقَ وهو يقف في مكانه وجمودُ ملامحِه انعكس على جميع حواسَه، والدقائق تلك مرّت كعام، والعام كعقد، والعقدُ كقرن! الإنتظار باتَ بائسًا كما عينيه اللتين انخفض بريقهما إلى أن أصبحتا على بعدُ خطوةٍ من العُتمة، كالعتمةِ التي يسكُن فيها قلبه، ينتظر ولو بصيصَ نورٍ يتحول بعد مدةٍ إلى بريقٍ خارق.
انساب صوتُ فتحِ الباب، ليفيق ويرسم الحدة في ملامحه، وفي خلال لحظاتٍ كانت قدماه تتحركانِ بثقةٍ حتى وصلت للباب الداخلي الذي كان مفتوحًا له.
دخل المنزل الذي يحفظ ممراته جيدًا، هذا المنزل الباذخ الذي لا يُمثل إلا صاحبه، هذا المنزل القبيح في عينيه الذي لا يُمثل الا مالكه.
انساب إلى أذنه صوت سلمان الذي كان يجلس في الصالةِ ينتظر قدومه، وقد كان وقتها يُحدث شخصًا في الهاتف بثقة : خلاص ، علمتك بتوصلك بقية الشحنة خلال هالأسبوع ... وأعتذر منك مرة ثانية لتأخري، بس انت داري باحتراق المستودع
ابتسمَ بخفةٍ مُردفًا : شكرًا لثقتك
أغلق وابتسامته تحوّلت لأخرى ذاتَ مغزى، بينما كان سلطان خلفه، ينظر إليه ببرودٍ قاتل : حيّ الله سلطان
تحرك سلطان خطواتٍ متناغمة وهو لا يرى منه سوى خلفِه، وحين قابله وجهًا لوجه نظر في عمق عيني سلمان كذئبٍ لا يرَى سوى جنيٍّ أمامه، يريد أن يلتهمه بإي ثمن، يريد أن يمزقه بأي ثمن!


,


منذ البارحَة لم يتوقف رنين الهاتف، كانت تتجاهل وتتجاهل، وتُدركُ ما سيصيبها فيما بعد لهذا التجاهل، وبالرغم من خوفها إلا أنها تلبست بالحدةِ والقوةِ الزائفة وبعنادها المُعتاد والزائف، تناقضٌ يعيشه ظاهرها وباطنها، فهي في داخلها خائفةٌ وفي ظاهرها ترفض الإنصياع.
وصلتها في النهايـةِ رسالةٌ منه، كلماتٌ انسابت بغضبٍ استشعرته من الأحرف التي التبس بعضها بغيرها، وقد كان كاتبًا بالحرف الواحد " عزل رذي لاتنرفز يني "
من طريقة الكتابةِ الخاطئـة ادركت أنه كان مُستعجلًا وهو يخطّ تلك الرسالة بأصابعَ مُنفعلة، وبالرغم من اهتزازها داخليًا رعبًا وخوفًا منه إلا أنها لم ترد، لم ترد وهي تعلم أنه لو غضب منها فلن تجد درعًا يحميها بينها وبينه، حتى المُسمى زوجها لن يُنقذها، لن يُنقذها ممن انصاعت لاقتراحـه منذ البدايةِ حمايةً لعارها - كما أسلف -، والذي اعتادت أن تسرد له كلّ تفاصيلها كما فرض عليها في كلّ يومٍ منذ أن انطلقت في حياةٍ يُقال أنها زوجية بانصياعٍ مذعور.
غرل بهمسٍ مُرتعش : ما برد ، مليت منك ، ما برد
كانت ترتعش بشدةٍ وقد ملّت هذا الدور الوديع والمُثير للشفقة، ليتها لم تتزوج، ليتها لم توافق وفضّلت الفضيحة التي كانت ستلحق بها على أن تكون في هذا الوضع فقط لأنها زوجة سلطان. إنّه ليومٌ كئيبٌ ذاك الذي أعلنت فيهِ الموافقة على سلطان زوجًا، يومٌ كئيبٌ حين لم تفكر في أنه ولد " الفهد " لتُدرك ما معنى ذلك بعد الذي حدث وانتهائها كفتاةٍ غير مُلائمةٍ للزواج ومن ثمّ ذلك الإقتراح حتى تُستر.
زمّت شفتيها لتنهض، ثمّ نظرت للهاتف وجنونٌ اعتراها يأمرها بتهورٍ أن تُغلق هاتفها نهائيًا لتقع المُصيبَة على رأسها ويقتلها!
تراجعت عن جنونها ذاك، ثمّ وقفت وهي تترنح كأنها سكيرٌ في ليلةٍ مُظلمة، تشعر بالوهن لشدة اهمالها لغذائها، فهي بالرغم من كون سلطان قد وفّر لها كل ما قد تحتاجه إلا أنها وإن أكلت فهي لا تأكل الا القليل.
تنهدت وهي تخرج من الغرفـة، ثم اتجهت للمطبخ تنوي شرب بعض الماء، لتتوقف أمام الثلاجة وتفتح بابها مُتناولةً قنينةَ ماء.
وفي غمرةِ ارتوائها كان جسدٌ رجوليٍّ يقف خلفها، وصوته ارتفع بغضبٍ يُماثل شرّ عينيه في حجمه : القطو دايم يطلع خشخشة لا صار في المطبخ
شهقت بقوةٍ والقنينة سقطت من كفها، وبسرعةٍ استدارت إليه وصدرها ارتفع بشهيقها دون أن يهبط بالزفير، ضاع الزفير كما ضاعت نظرتها الحزينة تلك بنظرةِ رُعبها وصدمتها الحالية، ضاع الزفير تحت وطأة الشهيق، وعينيها تتسعان لمرآه، كيف أصبح فجأةً أمامها!!!
همست دون تصديق : شلون .. شـ لون دخلت؟
رفع احدى حاجبيه بقسوةٍ وهو يهتف بغضبه الدائم الذي تراه به دون أن ينحل عن كلماتهِ وعينيهِ حتى يديه! رافعًا مفتاحًا تدلى بين سبابته وإبهامه : مفتاح احتياطي ، وشوية فلوس ... وتصير الدنيا تمام
والحين يا مدام سلطان .... ليه ما كنتِ تردين على الجوال وأنا اللي كنت منبهك؟؟

.

.

.

انــتــهــى


* مقتطفات من الجزء القادم


كانت تقول دائمًا أن دموعها هي الشيء الوحيد الذي لم يخُنها بعد، لم يخُنها لتبقى بكبرياءِ عينيها اللتين لا تبكيان، لكن ماذا إن هي احتاجت تلك الدموع بالفعل؟ لمَ تخذلها كما خذلها كل شيء؟ لمَ تخذُلها دموعها دون أن تقوم بخيانتها؟

،

ارتخت أجفان سلمان فجأةً وهو يهمس دون تعبيرٍ مقروء : يدك صايرة طويلة


+ بنرجع لموعدنا السابق وهو يوم الخميس
فانتظروني

لا تحرموني من طيب دعواتكم




ودمتم بخير / كَيــدْ !


كَيــدْ 28-11-14 01:13 AM

رد: قيودٌ بلا أغلال عانقت القدر القيد التاسع عشر
 



اقتباس:

المشاركة الأصلية كتبت بواسطة حلم الشروق (المشاركة 3492489)
تبارك الرحمن مبدعة أختي كيد هذا ما عهدنا منك

من دواعي سروري وفخري
شكرًا لقلبِك ()

اقتباس:

المشاركة الأصلية كتبت بواسطة fadi azar (المشاركة 3493017)
فصلين رائعين جدا

شكرًا لكَ أخي :)


كَيــدْ 28-11-14 01:37 AM

رد: قيودٌ بلا أغلال عانقت القدر القيد التاسع عشر
 




اقتباس:

المشاركة الأصلية كتبت بواسطة أبداع أنثى (المشاركة 3493220)
رائعه تسللللم أيديك ي بطله

خفت ع ديما بأنتظر بكرا ع جمممر

اذ فقدت طفلها بسبب سيف بتكرهه كره عظيييم

ي زين شاهين والجميله اسيل >>باقي لها وقت تتعود على وجوده بحياته

الرائعين فارس وجيهان ..ي لبى فارس الشرهي بشهامتهه
بننتظر مين يغلب قلبه او عقله وي خوفي جيهان تتصرف تصرف سيء وخصوصا هي بحالتها النفسيه المتذببه مثلا تهرب

كثييير احتمالات براسي ..لكن ننتظر غدا بفارغ الصبر

ربي يسعدك ..أسعدتنا عودتك ي الغاليه ..بوصيك الا ديوووم لايصير بطفلها شيء




ربي يسلمك يا الغالية

قصدك فواز وجيهان
شكل الأسماء في روايتي تعاني من مُشكلةٍ ما ، الكثير يغلط فيهم :'(
مشكلة كبيرة لو فكرت مجرد تفكير بالهروب :( بس كل شيء جائز


ويسعدك الخالق
وأنا أسعدتني طلتكم جدًا ما انحرم يارب ()

ما بديش أقول لا توصين حريص
بس بقول بقاء طفلها من عدمه يرتبط بشخص أنتو تعرفون كويس مين هو :/

شكرًا لقلبِك ()

كَيــدْ 28-11-14 01:41 AM

رد: قيودٌ بلا أغلال عانقت القدر القيد التاسع عشر
 






تنويه /

الجزء الثاني والعشرين نزل في الصفحة السابقة
عشان محد يضيع أو يظن البارت للحين ما نزل

+ ياليت لو وحدة من المشرفات تعدل في عنوان الرواية عشان البعض يعتمد تنزيل البارتز على أساسه
والعنوان للحين متوقف على الجزء التاسع عشر



وشكرًا للجميع ()

منـار القمر 28-11-14 08:58 AM

رد: قيودٌ بلا أغلال عانقت القدر القيد التاسع عشر
 
ماعني في بدايه الروايه
لكن عجبني تعدد الشخصيات
واسلوبك الجميل

الله يعطيك العافيه وتكملينها
بانتظاارك واتمنى الاستمرار وعدم الآنقطاع
تعبت من الروايات الناقصه فانا من عشاق الروايات
الى اكملها مع الكاتبه فلده الانتظار والاتشويق احب
اعيشها لكن من كثر من الروايات الناقصه خففت من الهوايه
وفقدت كثير من حماسها

وشكرااااا

fadi azar 29-11-14 04:11 PM

رد: قيودٌ بلا أغلال عانقت القدر القيد الثاني والعشرين
 
فصل رائع جدا

منـار القمر 03-12-14 03:28 PM

رد: قيودٌ بلا أغلال عانقت القدر القيد الثاني والعشرين
 
روايه جميله
نحن بالقرب ننتظر منك
القادم بشوق ومحبه

كَيــدْ 03-12-14 10:26 PM

رد: قيودٌ بلا أغلال عانقت القدر القيد التاسع عشر
 
اقتباس:

المشاركة الأصلية كتبت بواسطة منـار القمر (المشاركة 3493438)
ماعني في بدايه الروايه
لكن عجبني تعدد الشخصيات
واسلوبك الجميل

الله يعطيك العافيه وتكملينها
بانتظاارك واتمنى الاستمرار وعدم الآنقطاع
تعبت من الروايات الناقصه فانا من عشاق الروايات
الى اكملها مع الكاتبه فلده الانتظار والاتشويق احب
اعيشها لكن من كثر من الروايات الناقصه خففت من الهوايه
وفقدت كثير من حماسها

وشكرااااا

يسرني إعجابك في الرواية
عيونك الجميلة يا بعدي

ربي يعافيك وأكيد بكملها وما بترك مولودتي الٲولى في عالم النت ناقصة
+ تطمني إن شاء الله ما أكون من النوع اللي يسحب

العفو لقلب الزين ()

كَيــدْ 03-12-14 10:31 PM

رد: قيودٌ بلا أغلال عانقت القدر القيد الثاني والعشرين
 
اقتباس:

المشاركة الأصلية كتبت بواسطة fadi azar (المشاركة 3493712)
فصل رائع جدا



شكرًا لك


اقتباس:

المشاركة الأصلية كتبت بواسطة منـار القمر (المشاركة 3494520)
روايه جميله
نحن بالقرب ننتظر منك
القادم بشوق ومحبه



عيونك الجميلة يا عزيزتي
حسيت في تعليقك إنه ودك تتطمنين من تواجدي للحين
بس تطمني أنا ماراح أسحب

البارت كل خميس فانتظريني بكرة مع كامل ودي ومحبتي ()

كَيــدْ 04-12-14 10:35 PM

رد: قيودٌ بلا أغلال عانقت القدر القيد الثاني والعشرين
 

سلامٌ ورحمةٌ من الله عليكم
صباحكم / مساءكم مغفرة وسعادة لا تنتهي




في البداية تذكرون المُقتطف اللي حطيته نهايـة البارت السابق؟
أول مقتطف بالضبط ؛* هذا الله يسلمكم بعد ما أخذتـه من بارت اليوم انتبهت إنه جزء لازم ينعرض بعدين وبوقت متأخر شوي عن بارت اليوم :P
اعذروني على تسرعِي هالمرة :$ بس يحصل كثير إني أكتب موقف في بارت وبعدين أنتبه إنه بدري ينعرض ولازم أأخره شوي عشان نظام الأحداث :"
لذلك لا تستغربون لما ما تشوفون الجزء اللي عرضته في المقتطف ببارت اليوم

ونبدأ على بركة الله ()
بسم الخالق ، ان شاء الله تستمتعون بقراءة البارت ..


+ هالبارت بيكون إهداء لكل قرائي الإماراتيين بمناسبة اليوم الوطني
الله يحفظ شيوخكم ويرفع من قدركم أكثر، ويديم رقيكم وجمال قلوبكم اللي يشلع القلب ()

دام عزكم يا دار زايد ()




قيودٌ بلا أغلال عانقت القدر
بقلم : كَيــدْ !


لا تلهيكم عن العبادات




(23)






جلسَ أمامه على الطاولةِ الزجاجيةِ بعد أن قرّبها من الأريكةِ التي كان يجلس عليها سلمان أكثر، ناظرًا لوجهه الباسمِ بجمودٍ أشبه بالحجر. صامتًا لفترةٍ طالت دون أن ينبس ببنت شفة.
أغمض سلمان عينيه للحظةٍ ثمّ فتحهما، بينما تقدّم جسده قليلًا للأمام بعد أن كان مُسنِدًا ظهرهُ على الأريكة، هاتفًا بخفوتٍ مُبتسم : وش جاب ولد أخوي وابني لعندي بعد ما كان قاطعني؟
لم تتحرك عضلةٌ في وجه سلطان سوى انقباضٍ سريعٍ في فكه، وعيناه شبيهتان بعيني ميتٍ لا تفسير بهما.
تقلّصت ابتسامةُ سلمان تدريجيًا حتى كادت تتلاشى، لكن بقي لشفتيه ظلُّ ابتسامةٍ فقط وهو يرفع كفه ليضعها على رأس سلطان هامسًا : اي ابني ... وما ودي أشوف هالنظرة في عيونك مرة ثانية
زمّ سلطان شفتيه قليلًا وهو يرفع يده ليُمسك بمعصم سلمان وينفض كفه عن رأسه، هاتفًا بحدةٍ من بين أسنانه : لا تلمسني
تراجع سلمان قليلًا وهو يرفع كتفيه ببرود : كيفك ... لك اللي تبيه
تنهد لينظر له بجديةٍ هذه المرة مُردفًا : وش جابك لعندي يا سلطان؟؟؟
سلطان ببرود : جاي أطلع الكلام من عيونك
ابتسم سلمان بسخريةٍ طفيفة : أي كلام؟
سلطان : وينها فيه؟
سلمان : مين؟
سلطان بحدة : وينها فيه؟
سلمان يتنهد ثمّ يضع قدمًا على أخرى هاتفًا : إيش تشرب؟
شتت سلطان نظراته وهو يزفر بغضبٍ وصبره قد نفد بل كان نافدًا منذ البداية.
ابتسم سلمان وهو يرى إنفعالاته : أذكرك قبل كم شهر كنت صبور وما تُستفز بسرعة ... حتى وإن عصبت ما يظهر عليك، وش صار الحين؟
وقف سلطان بعنفٍ وهو يصرخ : صار إنك واحد خسيييييس
تأتأ سلمان وهو يهزّ رأسه نفيًا بأسف : معقولة هذي نظرتك لي؟؟
توقدت عينا سلطان بنارٍ قد تقتلع الأخضر واليابس، وحدّةٌ ارتسمت في زواياها، ثمّ دون أن يدرس خطوته مدّ كفيه ليُمسك بياقة ثوب سلمان يرفعه إليه بغضب : تكلم
ارتخت أجفان سلمان فجأةً وهو يهمس دون تعبيرٍ مقروء : يدك صايرة طويلة
هزّه سلطان بانفعالٍ وهو يهتف بغضبٍ سطع في صوتـه : لا تلعب معي يا سلمان ... احكي وين خبيتها؟؟؟
أغمض سلمان عينيه للحظاتٍ وهو يرسمُ ابتسامةً لا تُفسرُ على شفتيه، ثمّ رفع كفهُ اليُمنى ليضعها على قبضتي سلطان المُمسكتين بياقةِ ثوبه.
سلمان بخفوتٍ وهو يفتح عينيه : في الحفظ والصون ... في مكان محد يقدر يوصله ..... القبــــر


,


جلست على السرير بعد أن أشار لها أن تقتربَ منه وتجلسَ بجانبِه، وقد كانت قد بدّلت ملابسها ببيجاما قطنية بيضاء، ووجهها الأبيض يُحاكي شحوب روحها وهزيمتها المؤبدة، شعرها لازال يحتفظ بالقليل من البلل الذي كاد أن يسحب آخر آثارِه.
لم تنظر إليه بعد أن جلست بينما أمسكَ فواز بكفها الباردةَ بين كفيه الدافئتين قبل أن يهمس : سمي بالله
لم تتحرك عضلةٌ في وجهها سوى رفرفةٍ بطيئةٍ لأجفانها، وأنفاسها الدافئـة تخرج من بين شفتيها كسَمومٍ حرقتهما لتستنشق الهواء البارد حولها وكأنها بذلك ترتجي إطفاءَ حرارة شفتيها.
غابت عن العالم للحظات، غابت عن دنياها الفانيةِ لثوانٍ طالت وهي تغرق في ظُلماتِ تفكيرها وليلها السادِي الذي يهوى نشر نسيمهِ العاصف، ليلها القاسي المُتعربد في صدرها والذي كثُفت السحُب في سمائـه لينجلي أيّ نورٍ للقمر، أوَيوجدُ قمرٌ من الأساس؟ وأيّ قمرٍ قد يكون بهذا التهور ليُحاول السطوعَ في ليلٍ كانت سحُبه كبحرٍ ارتفع مدّه كي لا تنتهي أمواجه؟ وأيّ جنونٍ ذاك الذي يتعقل في صدرها الآن؟
أفاقت على كفِه التي وضعت الهاتف على أذنها وهو يُشير لها أن تُجيب، لتتيبس للحظاتٍ وكفها قد تحررت من كفيّ فواز في لحظةٍ لم تشعر بها، ودون أن تحاول رفع يدها والإمساكَ بالهاتف ظلّت تنظر في الفراغ وجسدها في حالَة سكون.
فواز بخفوتٍ وهو يقطب جبينه : جيهاااان
رفعت ناظريها فجأةً عن الأرض، ثمّ وجهت حدقتيها إليه لتنظر لملامحه المُتجمدةِ من زاويـةِ عينها، ويدها بآليةٍ ارتفعت لتُمسك بالهاتف المحمول دون أن يتغيّر أيّ تعبيرٍ في وجهها.
تنهد فواز وهو ينظر لوجهها، في حين لفظت هي ببرود : همممم
انسابَ إليها صوتُ عناد مُلقيًا السلام، وهي بدورها بقيت كما هي ولمْ تُجِب، وحين رأى فواز صمتها الذي طال تنهد وهو يقف من مكانه مُتذكرًا حديثَ عناد " الصمت في أول محادثة شيء منتهي منه وهذا اللي بيصير في الغالب ... فلا تستعجلها في الكلام "
نظر إليها من ارتفاعِه، جالسةٌ كانت والضياع يرسُم تأثيره في ملامحها. تحركَ مُبتعدًا عن المكان وهو يشعر أنـه يستصعب سماع صوتها الذي سينساب لغيره في هذه الأثناء، صوتُها الذي سيُلقَى على مسامع غيره.
زفر بضيقٍ طاردًا تلك الأفكار مع زفيرِه، ثم خرج ليدفع الباب من خلفِه بقدمه، وهو يُفضل أن يكون بعيدًا عنها في هذه الأثناء.


,


تخطى عتبات الدرج وهو عابس الوجه يحرّكُ أنامل يدهِ اليُسرى بين خصلات شعره الأجعد، بينما كانت هي الأخرى جالسةً أمام التلفاز في الصالـة ترتشف من الشاي، وما إن سمعت صوتَ خطواتٍ تقترب حتى استدارت لترى جسده الذي اقترب ليجلس في النهاية بجانبها.
سهى بتهكم : الله يتقبل منك
أدهم بنزقٍ وهو ينظر للتلفاز : منا ومنك
سهى : واليوم راح تنام معي هاه .. مافيه سهرة وبعدين نومة بالظهر
نظر إليها أدهم ليهتف : لا عاد كذا قوية يا ماما
سهى : وبتظل كذا انت ونومك الزفت؟؟
أدهم بتكشيرةِ ملل : ما خرِب الا بهاليومين
سهى : طيب بسألك، انت ما عندك شغل تروح له على هالنوم؟ شلون عايش؟؟
أدهم دون مُبالاةٍ وهو يلتقط جهاز التحكم ليُقلّب بين القنوات : عندي شغل في وحدة من البنوك القريبة بس تاركه لي فترة
سهى برفعة حاجب : زين ما انطردت
تنهد أدهم ليتهدج صوتُه فجأة : ماخذ لي إجازة من بعد وفاة أبوي
قطّبت جبينها ما إن سمعت ما قاله وبعض الحُزن يُهاجمها، بينما أردف وهو يستدير إليها بابتسامة : هو صحيح أنا كسول بالشغل وأوقات أسحب بعمد كذا يوم بس عاد مو لهالدرجة
ابتسمت سهى : مصدقتك
تنهد أدهم بقوةٍ وهو يُعيد ظهره للخلف يستند على ظهر الأريكةِ وقد استقر على إحدى قنوات الأفلام المُرعبة.
سهى بتكشيرةٍ ما إن رأت ما استقر عليه : مافيه قناة غيرها تفتح لنا حق هالجن؟
أدهم بأريحية : من زمان ما شفت لي فيلم مُرعب
سهى بحلطمة : عساهم يجونَك بالليل لا سهرت وتركت صلاتك
ضحك أدهم بخفوتٍ ليستفزها بضحكتِه اللا مُبالية، حينها لوت فمها بحنقٍ وهي تضرب كتفه بفظاظة : جيب الريموت
أدهم يبتسم للتلفاز مُتجاهلًا لها : يلعن ابليسك من مرَة شوفوا الممثلة المزة ذي
سهى من بين أسنانها : الله يفقع عيونك هات الريموت
أدهم يضحكُ وهو يُتابع مُطالعته للتلفازِ باستفزازٍ لها : واو وش هالجسم يا ساتر
صرخت بهِ وهي تنقضّ عليه لتُمسك بمعصمِ يده اليُسرى تُريد أخذ جهاز التحكم : يا صايع يا قليل الأدب هات الريموت الله ياخذك
شعر بثقلها عليه لكنهُ لم ينظر لها حتى وهو يتابع التلفازَ بعينيه بينما رمى الجهاز بخفةٍ من كفه اليُسرى إلى اليُمنى وأبعد يده إلى أبعد مدى حتى لا تصلَ إليه.
سهى بحنق : أدهـــم
أدهم : يوووه وين راحت الممثلة الصاروخية هذيك
سهى بصراخ : صاروخ ينسفك قول آمين
أدهم : هههههههههههههه ليت عندي زوجة مثلها
عضّت سهى شفتها السُفلى وهي تبتعد عنه تزفر بوحشيةِ الحنق بداخلها، ثمّ هتفت بغصة : حمار والله ماعاد أجلس معك
وقفت وهي تُقطب وجهها بقهرٍ مُتجهةً باتجاه عتبات الدرج لتصعد للغرفةِ التي تنام فيها، حينها ضحك أدهم بقوةٍ هذه المرة على حساسيتها المُفرطةِ التي ما بارحتها حتى الآن، ليُكمل مسيرةِ استفزازهِ لها بصوتٍ عالٍ : علميني لا لقيتي جن بغرفتك يا عمتي العانس
صرخت وهي تصعد الدرجات دون أن تستدير إليه : عانس بعيونك يا زفت!!


,


تراجع للخلف وهو يستنشق الأكسجين بنهمٍ ليزفرُه بعنفٍ وقد تركَ ياقةَ ثوبِ سلمان، ناظرًا لوجهه بحدةٍ ارتسمت على زوايا عينيه الحادتين، ملتهمًا جزيئات الهواء الساخنةِ التي هي في أصلها - تمردٌ - تمركز في تحررها وثورانِها، وحرارةُ جسده مصدرٌ كافٍ لتنتشر الجزيئات أكثر وتتمرد بشكلٍ أعنف، تمامًا كما حدقتيه اللتين تمردتا بسهامهما التي اقتلعت جذور جمود سلمان ليعتدلَ في وقفته وهو يزفر بهدوءٍ هاتفًا : إطلع!
سلطان بحدةٍ وكل نظرةٍ أُخرى سوى الحقد تلاشى معالمها في زوايا عينيه : عسى القبر يلمّ جسمك قبل يلمّها
مطّ سلمان فمه وهو يُحرك رأسه يمينًا ويسارًا هاتفًا باستفزاز : ترى الدعوات تنرد على الشخص هاه! لذلك اطلع قبل لا تدعي أكثر ويلمّك القبر قبلي يا مُحترم ياللي تقدر عمك
سلطان بانزعاج : ماني طالع لين ما أعرف كل شيء يا ... عمي!
سلمان يبتسم لنبرته في آخر كلمة : هممم ، وإيش ودك تعرفه؟
سلطان يزدرد ريقهُ وهو يشعر أن حلقه قد جفّ من شدةِ انفعاله، قبل أن يهتف بخفوت : ليه تسوي كل هذا؟؟ أبي أفهم هالشيء بس، شلون هان عليك أخوك وولده؟؟؟
ارتفعت زاوية فم سلمان بابتسامةٍ لا تُفهم معناها وهو يضرب ذقنه بسبابته وقدماه بدأتا بالتحرك مبتعدًا عنه، لتتبع عينا سلطان ظهرهُ وهو يتحرك : مممم شلون هان علي أخوي وولده؟؟
وقف ليستدير إليهِ مُردفًا : لحظة! .. هو صحيح الأخ هان علي بس الولد لا! ولو كنت هاين علي ما بشوفك قدامي الحين
اتسعت ابتسامتهُ باستفزازٍ ليُكمل : يقولون ما أغلى من الولد الا ولد الولد ... بس أنا بقول ما أغلى من الأخ الا ولد الأخ
قطّب جبينه وهو يشعر بنصلٍ حادٍ يخترقه بسخريتهِ تلك، أي بشرٍ هذا الذي يرى الموتَ مجرد لعبةٍ يخوضها ثمّ يجعلها مجالًا للسخرية؟ أي بشرٍ هذا الذي مات ضميرهُ واندثر بين ترابِه؟ أيّ بشرٍ هذا الذي يرى الموتَ يُلجئُ إليه لأي دافع؟ وأيّ بشرٍ ذاكَ الذي قطع كل سُبلِ الوَصالِ وحلل دمَ قريبِه ليقتله بانعدامِ ضميرٍ يُذكر؟؟
سلطان بقهر : انت واحد ... اخ من وين جيت؟؟؟
اقترب منه سلمان فجأةً ثمّ أمسكَ بكفه، ليتراجع سلطان وهو يحاول سحبها بحدةٍ ونفور وكُره، لكنّ سلمان شدّه أكثر إليه وهو يهمس : تبي تعرف أكثر؟ تبي تفهم بشكل أكبر؟ ... أجل تعال معاي
تحركَ وهو يسحبه من خلفه، وقدما سلطان تحركتا بآليةٍ وهو يتمنى بالفعل معرفة السبب المُقنع الذي دفع بعمه لكل هذا، هل سيكون سببًا مقنعًا، هل سيكون دافعًا كبيرًا للقتل؟ هل سيكون أمرًا عظيمًا ليصغر كل شيءٍ في عيني سلمان سواه؟
لم يمانع وهو يمشي معه، وقد استشعر سلمان ذلك فترك يدهُ ليمشي سلطان بمعية نفسه من خلفه، إلى أن توقفا في النهاية أمام غرفةٍ يعرفها جيدًا، هي غرفة نوم سلمان.
دخل سلمان غرفته، بينما توقف سلطان للحظاتٍ عند الباب وهو يشعر أن عطر سلمان المنبعث من الغرفة يُنفره من الدخول، عطر سلمان الذي تحلى بالقبح وترك الجمال، لذا تراجع، يشعر أنه سيتقيأ إن هو دخل إليها، يشعر أن سيُحطم كل مافيها إن تحركت قدماه لها.
خرج سلمان بعد لحظةٍ وهو يحمل أوراقًا في يده، وبابتسامةٍ تُثير الإستفزاز : ما ودك تدخل؟ ... براحتك
مدّ كفه بالأوراق لينظر سلطان لوجهه بريبة، حينها أردف سلمان بابتسامة لم تختفي : الأوراق ما تاكل ... شوف وش فيها
زفر قبل أن يمدّ يده ويلتقط الأوراق، ثم وضعها أمام عينيه وهو يرى مخططًا ما، لم يفمه جيدًا ليرفع نظراته لسلمان الذي هتف بهدوء : هذا مشروع كنت مخطط له من سنين
ازداد تقطيبه لجبينه دون فهم، ليُكمل سلمان : مخطط له من 15 سنة ... مشروع شخصي في فرنسا حبيت فيه أعتمد على نفسي بدون لا يساعدني فهد، ولأني عارف إن فهد لا درى راح يعرض مساعدته بحكم إنه كان يشوفني صغير في مجال الشغل ما علمته
تابعه سلطان باهتمام، تلتهم أذناه ما يقول مُنتظرتان الدافع الذي قد يكُون مُقنعًا.
سلمان يُكمل : بس بعدين عرف بنفسه، شلون عرف ما أدري، لكنه في النهاية ما قال شيء، احترم رغبتي وتركني مع انه كان يشوفني مو أهل لمثل هالمشاريع ... بس بعد فترة، جاء وقت احتجته فيها لمساعدته ، وتدري وش كان رده؟ تخلى عني بكل بساطة!
نظر إليه سلطان نظراتٍ حاقدةٍ وعيناه تشتعلان شرًا، وبخفوت : رحت اختلست ولما كشفك قتلته مو؟؟ * صرخ بانفعال * كذااااااااااب . . تلعب على عقلي بهالقصة؟ تظنني غبي عشان أصدقك!!!
تراجع سلمان للخلف وهو يبتسم ببرودٍ أثار فكرة القتل في عقل سلطان، ثم أردف : ما ودك تصدق لا تصدق
سلطان بقهر : تشوفه سبب عشان تقتل؟ تشوفني غبي عشان أقتنع بهالقصة وإنّ هالسبب السخيف بيخليك تقتل أخوك؟
رفع سلمان كتفيه : عاد عندي ما كان سخيف
اندفع إليهِ سلطان بغضبٍ أعماه ليُمسك بعنقه يُلصق ظهره بالجدار، ثم صرخ : أجل أنا بقتلك وبقول السبب عصبيتي! شرايك؟؟؟
لم يستطع سلمان منع ضحكةٍ خافتةٍ من أن تنساب من بين شفتيه وهو يهمس : ما تقدر
شدّ سلطان على عنقه بقوةٍ ومن ثمّ أفلتهُ وهو يتراجع وصدره يرتفع ويهبط بعنف، وبقهرٍ هتف : راح أعرف حقيقتك وحقيقة القصة يا سلمان ... وراح أعرف وينها أمي ليلى فيه، صدقني بعرف مكانها وأنا عارف إنها للحين حية


,


اقتربت الساعةُ من الحاديَة عشرةَ دون أن يكُون هناكَ مؤشرٌ يدلّ على اقترابِ قدومه، لم يتصل ولم يؤكد قرب قدومه حتى، وانتظارها ملَّ وهي التي لا تتمنى قدومه، لكنه بتأخرِه أثار مللها الذي طغى على خوفها ورفضها لهذا الأمر.
حتى الإنتظار الغيرَ مرغوبٍ به يجزع ويمل حين يطول، كان حُريًا بها في حالتها ونفورها ذاك أن تفرح بعدم قدومِه حتى الآن، لكنّ الإنتظار كان لهُ كلمةٌ أخرى لأنه " زهق " من توترها في سبيل قدومِه ولقائـه.
تنهدَت وهي تقف من مكانها لتبدأ بالتحرك ذهابًا وإيابًا، كانت جالسةً تنتظره في المجلِس العربي وقد تلحفت بثوبٍ قُرنفليٍّ ناعم، بحجم ما كان ساترًا لكل تفاصيلها كان راقيًا وجذابًا على جسدها الذي أصابته النحالةُ بعد أن كان ممتلئًا بعض الشيء، ممتلئًا بدرجةٍ كانت تُصيب متعب بالجنونِ كما قال مرةً، حيث أنه كان في بعض المرات يناديها بـ " رويانة " وهذا اللفظ قد أحبته منه فقط.
تنهدت للمرة العاشرةِ رُبما وهي تطرُد تلك الأفكار لتُخفض عينيها تنظر للساعةِ الذهبية التي التفت حول معصمها، " 11:05 ".
لوت فمها، وفي تلك الأثناءِ دخلت أمها هاتفة : ما جاء؟
نظرت أسيل باتجاهها لتُحركَ رأسها يمينًا ويسارًا بنفي، حينها قطّبت ام فواز جبينها هاتفة : الساعة صارت 11 وخمس! اتصلي وتأكدي ، شكله ماهو بجاي او لا يكون صار له شيء!
فغرت أسيل شفتيها وبعض القلق أصابها لذاك الإحتمال، أيعقل أن يكُون قد أصابه شيءٌ ما!!
اتجهت للمقعد الذي كانت عليه لترفع هاتفها المستكينَ عليه، ثمّ اتجهت لرقمهِ مُباشرةً لتتصل به بارتباك. طال الرنين وطال حبلُ ارتباكها أكثر، وعيناها تتجهان مرةً للفراغ ثم إلى أمها.
ام فواز بحاجبين منعقدين : ما يرد؟
هزت أسيل رأسها بالنفي، وفي تلك اللحظةِ تحديدًا كان الرنين توقف ليصلها صوته الناعس : ألــو
أسيل بسرعة : شاهين وينك؟
غضّن شاهين جبينه وهو يجلس بعد أن فتحَ نور الأبجورة بجواره، ثمّ أزاح الهاتف عن أُذنيه لينظر للساعةِ ومن ثمَ أعاده هاتفًا باستنكار : أسيل؟
أسيل : ايه هذي أنا ... وينك أنت؟
شاهين باستغراب : في البيت ... إيش فيه؟
ظهرَت ألفُ علامةِ تعجبٍ على وجهها وهي تهمس : منت جاي؟
شاهين يعقد حاجبيْه : جاي؟
أسيل : مو قلت بتجي اليوم؟؟؟
ازداد انعقادُ حاجبيه للحظات، وكفهُ المتحررةُ من الهاتفِ كان يحُك بها فروةَ رأسه، وحين استوعب قليلًا وتذكر ما أرسله لها في الواتس هتف بصدمة : أنتِ منتظرتني للحين؟
أسيل بتوتر : ايه
أغمض شاهين عينيه بقوةٍ وشفتيه افترتا عن ابتسامة، لثانية فقط، ثم تحولّت تلك الإبتسامة في اللحظةِ التالية إلى ضحكات : ههههههههههههههههههههههههههههههههه مو من جدك؟ لا بالله مو من جدك!
أسيل دون فهمٍ حتى الآن : مو انت قلت
قاطعها شاهين بضحكة : وأنتِ صدقتي؟ ااااخ بس يا شاهين والله إنك بطل
شعرت أسيل بغضبٍ من ضحكهِ وكلماته التي لم تستوعبها كُليًا حتى الآن، وهي تشعر بالغباء انتابها لتلك الساعات التي كانت تُفكر فيها وهي تنتظر " ما الذي سيحدث حين يجيء؟ وكيف ستكون في وجوده؟ كيف ستتعامل معهُ وكيف ستقدر على المحاولة فقط لنسيان متعب؟ "
أسيل بحدة : إيش قصدك؟ يعني ماراح تجي؟
شاهين بابتسامةٍ عابثة : يعني ودك أجيك الحين؟ ما عندي مانع بس تراني نعسان وما بنام الا بغرفتك وعلى سريرك وبـ ...
قاطعته أسيل بصرخةٍ ووجهها تشرّب بالحمرة : شــــاااااهيييين
ضحكَ شاهين وبحّة النومِ تُخالط ضحكته، لتعبس هي بغضبٍ من فعلته، كانت تنتظر حتى ملّ الإنتظار منها، متوجسةٌ حتى ملّ التوجس منها، مُضطربةٌ حتى بات الإضطراب بها أمرًا جليًا، وهو ماذا؟ لم يكُن إلا نائمًا في خضم انتظارها له، بسكينةٍ بينما هي كانت في ضجيجٍ تمكّن منها. لمَ فعل بها ذلك؟؟
أسيل بضيق : مشكور على مقلبك ... روح كمل نومك
صمت شاهين وهو يستمع لنبرتها تلك، المُتضايقةُ من فعلته التي لم تكُن مقصودة بشكلٍ تام، العاتبةُ بشكلٍ خفيٍّ جعلت قلبه ينبض أكثر بين أضلعه. صوتها في كل حالاتِه - فتنةٌ - تصيب قلبه قبل أذنيه، صوتها في كل لكنةٍ يكون لهجةً مكونةً من عدة مخاليط هيهاتَ أن تتمكن أيّ عمليةٍ فيزيائية أو كيميائيةٍ من فصلها. صوتها حتى في حزنِه فرح، وحتى في فرحه أحزان!
شاهين وحتى مع سماعه لتلك النبرةِ التي وصلت لقلبِه أولًا ابتسم بعبث : ودك تقفلين قفلي .. ترى ما أحس بالذنب أنا!
أسيل بقهر : لأنك واحد ما عنده ضمير
شاهين : ههههههههههههههه يمكن! .. * أكمل وقد اختفت معالم الضحكات في صوته * مثلك لما تذكرين اسم متعب أو تفكرين فيه وأنا معاك!
جفلت واتسعت عيناها والأكسجين انقطع عنها للحظات، بينما كانت تلك الكلمات قد انسابت إلى أذنيها بهدوءٍ وبرودٍ حمل في طياتِه عتابًا كان في حقيقتِه طعنةً في صدرها، تلوّنت الدنيا بالأبيض بينما كانت هي في عينِ نفسها نُقطةً سوداء تكاد لا تُرى من مدى حقارتها! أُعتمتْ في نفسها حتى اختفى النور وتلاشى وصوتُ شاهين انساب إلى أذنيها بعد لحظةٍ هامسًا : تصبحين على خير
ليُغلقَ تاركًا لها تائهةً في صومعةِ أفكارها، عيناها تيبستا في الفراغ ونصلُ سكينٍ حادةٍ اخترقت قلبها بقسوة، سكينٌ صدئـَة نشرت السمّ في دمها ليلتهب جسدها بألمِ كلماته. إنه في النهاية رجل، فما الذي كانت تتوقعه من سكُونِه وصمته لتتمادى بنفورها؟ ما الذي كانت تتوقعه بتجاوزِها في تمردها عليه؟ أكانت تظن أنه يختلف عن غيرِه وسيُمرر تفكيرها بغيره مرور الكرام ليبتسم لذلك وكأنها تفكر في أخيها أو والدها وحسب؟؟!
هي من أخطأ منذ البداية لأنها وافقت، وليس هو من أخطأ لأنه طلب يدها!
لـذا فكل أعذارها وندمها مجرد أمرٍ مفروغٍ منه لأنها أخطأت وليس من حقها التراجع الآن. لأنّ تراجعها في هذا الوقت وإن كانت تتمناه وسعيت لهُ دون جدوى سيؤذيهِ في المقام الأول.
رطّبت شفتيها بطرف لسانها والإضطراب ظهر حتى فيهِ حيث كان يرتعش أثناءَ جولتِه على شفتيها كارتعاش أهدابها، وأذناها كان اضطرابهما بعدم سماع أمها التي هتفت بقلقٍ وهي ترى انفعالات ابنتها والهاتف لازال في مكانه قابعًا عند أذنها اليُسرى : أسيل يمه وش فيه؟
لم ترد عليها أسيل، ولم تلتفت حتى وهي تنظر للأرض بضياع، حينها اقتربت امها منها حتى وقفت أمامها لتضع كفها على كتفها بقلق : أسيل!
نظرت إليها أسيل بعينين غطّى جفنيها نصفهما، لتهمس : يمه أنا غلطت لما حبيت؟
قطّبت امها جبينها هامسة : كيف؟؟
أسيل بخفوتٍ وهي تنظر للفراغ : إيش يسوى الرجال لما مرتَه تفكر في غيره؟
انخفض تقطبيها لجبينها وهي تهتف بجدية : أسيل! وبعدين معاك؟!!
زمّت أسيل شفتيها قبل أن تزفر وهي تُحرك رأسها يمينًا وشمالًا، تشعر أن الدنيا تُغلق أبوابها في وجهها يومًا بعد يوم، في كلِّ يومٍ يُغلق باب، وفي كلِّ يومٍ تنتهي سعادة، في كلِّ يومٍ تؤذي غيرها كما تؤذي نفسها أيضًا، الذنب الأكبر يقع على عاتقِها، لكنه أيضًا يحمل جزءً من الذنب فهو لم يقتنع سابقًا بتركها ورفَض هذه الفكرَة تمامًا، إذن لمَ يجب أن تشعر هي فقط بالذنب وهو الذي رفض الطلاق حين عرضته؟ لمَ يجب أن تُعاتب نفسها ولا يُعاتب هو نفسَه لأنه آذى ذاته؟ كانت صريحةً معهُ منذ اللحظات الأولى، لكن ماذا برأيها أن يفعل وهي التي وافقت منذ البدايـة؟؟
نظرت لأمها بصمت، ثمّ زفرت لتمرّ من جانبها وليتَ الماضي يمرّ ويتجاوزها، لا! ... لا تريده أن يمرّ ويتجاوزها! تريد أن تعيش به وأن تتلذذ بتذوقه في كل يوم، لذا هي تتمنى أن يمرّ حاضرها فقط ليتجاوزها، وتُريد بقاء الماضي دون أن يتجاوزها أو تتجاوزه.
خرجت من المجلس تاركةً لأمها التي تنهدت وهي تهزّ رأسها أسفًا، اقترب زواج ابنتها دون أن يكُون هناك تغيرٌ ملحوظ، حتى أنهما حين تخرجان للتسوق لا ترى ذات المتعة التي كانت تراها في عيناها حين اقترب زواجها من متعب.


,


" يا بنت! " ... قالها بقسوةٍ وهو يتجه لها في حينِ كانت جالسةً على سريرها في غرفتها، كانت تتحدث في الهاتف وما إن رأت وجه والدها بعد أن فتح الباب والغضب في عينيه حتى استأذنت بهدوء : معليش حبيبتي بتصل عليك بعدين
أغلقت ثم نظرت لوالدها الذي وقف أمامها : وش فيه؟
هتف بحدة : وش مسوية لأخت عناد الأحمد؟؟
قطّبت جبينها وهي تلوي فمها وحاجبٌ ارتفع عند ذكرِه لغيداء : وش مسوية لها؟؟
ابو سارة بحدة : من شوي أخوها مكلمني، ما قال لي وش مهببة بس قال وده تبتعدين عنها .. أنتِ مضايقتها بشيء؟
وضعت قدمًا على أخرى وهي تُسكن نارًا في جوفها " أجل رحتي تشكين لبابتك يا غدو! " : وش سويت يعني؟ مجرد إني عزمتها عندي يوم الخميس
قطّب والدها جبينه : البنت صغيرة وانتِ مشاكلك مسودة وجهي وما أستبعد إنك مسويَة لها شيء .. هذا كله من دلع خلّانك لك اللي مخربك جلستِك عندهم كثير
سارة بانزعاج : جلستِي عندهم؟
والدها يرفع اصبعه محذرًا : شوفي .. هالبنت ابتعدي عنها ما ودي بمشاكل مع الناس! وانتِ صادقي من عمرك واتركي عنك مخالطة اللي أصغر منك مو كل بيت يحب إن بناته يصادقون ناس أكبر منهم بالعمر!
مطّت فمها بضيقٍ وهي تهمس همسةً لم تصل لوالدها : يا سخفها الحمارة! * رفعت صوتها قليلًا هاتفة * طيب ، راح أبتعد عنها يُقال ميتة عليها أنا
هزّ والدها رأسه يمينًا ويسارًا ثمّ استدار ليخرج وهو يفكر في تعديل ابنته أكثر ومنعها من بعض الحُريةِ التي تعيشها.
كشّرت ما إن خرج لتهتف : اوكي غدو .. ما عليه رحتي تشتكين! ... طيب طيب



يتبــع ..




كَيــدْ 04-12-14 10:59 PM

رد: قيودٌ بلا أغلال عانقت القدر القيد الثاني والعشرين
 






يجلس في المقهى الذي كان بجانب المبنى القاطن فيه، يحتسي من القهوةِ المرّة ومرارتها تدخل قلبهُ قبل جوفِه، يرتشف المرارة قبل أن يرتشف السائل الساخن القابع في الكأس، ولأنّ المرارةَ موجودةٌ في مجرى دمِه كان لابد أن يشعر بها مع كل نبضةٍ وكل رشفةٍ وكل رفّةِ جفن، ولأن المرارة كانتْ أيضًا هجومًا خارجيًّا حيٍ كما هي في دمِه كان لابد من أعصابِه الحسية أن تُرسل تنبيهاتٍ لدماغهِ حتى يقوم بدوره بتنبيه الأعصاب الحركية ليبتعد، وابتعد! ابتعد عنها وتركها هناك في الأعلى، صوتُها ينساب لغيره، مرارتُها الحلوةُ ابتعد عنها بأمرٍ من دماغهِ وبقيت تلك المرارةُ التي تجري في دمه.
هل تركها بالفعل هناك؟ صوتُها يجري لأذنِ عناد فقط؟؟
" أعوذ بالله من الشيطان الرجيم " . . تعوَذ من الشيطان وهو ينفض رأسه من تلكَ الأفكارِ العقيمة التي لا طائل منها سوى اللوعة التي ستصيب قلبه فقط . . تنهد لينظر لساعةِ معصمه التي بدأت عقاربها بالإتجاه للثانيةَ عشرة منتصف الليل، لقد تأخر في الرجوع كثيرًا.
وقف ثم دفع الحساب ليخرج، وكفيه دُستا في جيبي معطفهِ الجلدي الأسود يبحثان عن الدفء بعيدًا عن هواءِ بروكسيل البارد، ليتجه مُباشرةً للعمارةِ ويدخل صاعدًا لشقته.

دخل غرفة النوم بعد أن لاحظ هدوء الشقة، وما إن وقعت عيناه عليها مُتمددةً على ظهرها تنظر للسقف بشرودٍ وملامح لا تُفسَر حتى تنهد مُقتربًا منها.
فواز بهمس : جيهان
اتجهت عيناها إليه للحظة، ثمّ عادتا من جديدٍ لتنظرا للأعلى دون أن تلفظ بشيء. حينها زفر وهو يقترب أكثر إلى أن جلس بجانبها على السرير.
فواز : وين الجوال؟
أغمضت عينيها دون أن ترد وهي تُغمض سمعها أيضًا عنه، وحين أعاد سؤاله شدّت على جفنيها أكثر وهي تُديره ظهرها إليه.
فواز بحدة : جيهان ... عن التطنيش عاد
زفرت وهي تزمّ شفتيها، وحقدٌ تأجج في قلبها وانتقل إلى عينيها اللتين فتحتهما لتنظر إليه عبر زاويةِ عينيها وهي لا تزال مُمددةً على جانبها الأيمن وهو يجلس من خلفها، هاتفةً بحدة : الأرض استقبلته بكل رحابة صدر
اتسعت عيناه وهو يستدير بسرعةٍ ليبحث بعينيه عن هاتفه الذي سيُحطم لا محالةً على يدها الطائشة، وما إن رآه مرميًا قرب الحائط ومن الواضح أنه تلقى " رميةً جامدة " حتى تأفأف وهو يتجه إليه ليتناوله، هاتفًا من بين أسنانه : ياليل المصايب! * استدار إليها مُردفًا * انكسرت الشاشة
لوت فمها دون مبالاةٍ وهي تسحب اللحاف لتُغطي جسدها به، وبحقد : مو ذنبي ، صاحبك ممل ويحب يتفلسف كثير
عضّ طرف شفته وهو يقترب منها حاملًا أجزاءَ هاتفه التي التقطها وأمسكها بكفٍ واحدة، يُحاول إسكانَ الحدةِ في صوته : فشلتيني معه .. مية بالمية فشلتيني معه
احتدت نظراتها وهي تستديرُ بقوةٍ إليه جالسةً لينساب اللحاف إلى حجرها، وبقهر : فشلتك؟ هذا اللي يهمك؟ ... ترى انت اللي فشلت نفسك ماهو أنا . . . هه ، رجال ما عندك نخوة تخلي مرتَك تكلم واحد غيرك
ارتفع حاجبيه بجنونِ التعجب في داخله، وبصوتٍ مكتوم : لا تجيبين تفسيرات من راسك وتحورين الموضوع على مزاجك الحين! . . قولي لي وش سويتي بالضبط؟
جيهان بنزق : إسأل صاحبك
ثمّ عادت لتتمدد وتُهديهِ ظهرها مُتدثرةً باللحاف، حينها زفر وهو ينظر لهاتفه في كفهِ ومن ثم نظر إليها من جديدٍ بقهر : هاتي جوالك
جيهان ببرود : تراه على التسريحة ، خذه ما أبيه
زمّ شفتيه بقهرٍ وهو يتجه للتسريحةِ حتى يآخذه، ثمّ رفعه ليضع هاتفه الذي تحطمت شاشته نهائيًا بعد أن أخذ الشريحة ينوي نقلها لهاتف جيهان.
هتف بحدةٍ يُريد استفزازها : لعلمك ترى جوالك بيصير لي لين ما أشتري جديد أو أصلح ذا
تجاهلته تمامًا وهي تغطي وجهها كما جسدها، تجاهلته وتجاهلت صوته الذي انساب إلى أذنيها كصريرٍ آذاها/غلف سمعها بموجاتٍ كانت تتجاوز الفوق صوتية بمراحل عديدةٍ حتى مات سمعها ولم يعُد له أيّ أثر، مات كما ماتت ذكرى إحدى الليالي التي قضتها تنعم بالأمان بين أضلعه، مات كما مات بريق عينيها منذ زمنٍ ولم يتبقى منه سوى بصيصِ نورٍ تلاشى بفضل فواز .. هه! يريد مصلحتي كما يقول! ومصلحتي في الحقيقةِ باتت تكمن في ابتعادِه بعد هذا الخذلان الذي واجهني به، هذا الخذلان الذي قطّع ثقتِي بكَ لأشلاءٍ يا فواز ولم يعد في جوفي أيّ طعمٍ لكَ سوى المرارةِ والمرارةِ لا غير.
كانت معصيةً مني لنفسي أن وثِقت بك، وكان التكفير على معصيتِي تلك بزوالِ النعَم التي قد أستشعرها معك مُستقبلًا.
نظر فواز لتكوين جسدها الذي تغطى بالمفرش العنابي ثم تنهد وهو يتجه للبابِ ينوي الخروج، باتت صعبةَ المراس بعض الشيء، عنادية لأجل مجد عقلها الذي تظن أنه أباح هتكه، وأنتِ المجدُ ذاتـه يا جيهان، العالية فوق كل شيءٍ والصاخبةُ في هدوءِ ملامِحك والمُغرقةُ في بحُور شعرِك، أنتِ الثلجُ الذي يكمنُ في دفءِ بشرتك، الناعمةُ الخشنة، أنتِ التي سكَنت الفؤاد واحتلت حُجراتِه الأربع، طاردةً كلّ ماقد ينوي العبور إليه فلم يعُد في جسدي أيُّ دمٍ أو أكسجين إلا أنتِ التي لخصتي جميع أساسياتِ الحياة فيك.


,


" وبعدين؟ " . . عبست بشدةٍ ما إن سمعت لكنته الحازمَة حين لفظ بكلمتهِ تلك، تتدلل عليهِ اليوم بعد أن أعادته أخاها الذي اعتاد تدليلها ومُداعبتها بكلماتِه الحنون التي تدخل قلبها دون أن تطرق بابه.
غيداء بغنج : عنودي بليييز أبي أسولف وياك شوي
عناد وهو يمرر كفَه على شعرهِ المموج : إيش قلت؟ عندي شغل من بدري يا غيداء افهمي هالشيء؟
ازداد عبوسها وغنجُ صوتها : أنت في الساعات اللي راحت ما خليتني أسولف وياك وقاعد تكلم في الجوال
رفعت حاجبها بخبثٍ مُردفة : اعترف مين كنت تكلم؟
رفع حاجبيه باسمًا وهو يلتقط إحدى الوساداتِ ليرميها على وجهها : أقول اذلفي
ضحكت غيداء بشدةٍ وهي تُمسك الوسادة في يدها بعد أن اصطدمت بوجهها : بتقولي وحدة من مرضاك عارفَة .. يوم من الأيام بتخرب والسبب هذول المرضى اللي تكلمهم، ليه ما يروحون عند حريم بالله؟
استلقى عناد على سريره بعد أن كان جالسًا وهي تقف بجانب السرير تتحدث إليه، ليهتف : في الطب مافيه مرَة أو رجال ... المهم في النهايَة هو العلاج اللي بياخذه المريض والشرع ما حرم هالشيء
تلحفَ مُردفًا : ويلا اذلفي وجهك، بعد لين الثلاثة ولو ظليتني أشوفَه بقوم أغير خريطته
غيداء بتكشيرة : خلاص طالعة اووووف
ضحك بخفوتٍ وهو يراها تتجه للباب : قفلي الباب وراك ... ولا تنسين النور
لوَت فمها بحنقٍ وهي تُغلقُ الأنوار ومن ثمّ تخرج لتغلق الباب من خلفِها، وما إن استرخى في تمدده حتى فُتح الباب ليزفر : أعوذ بالله من غضب الله
غيداء بابتسامةٍ ظهرت في الظلام عن طريق النورِ المُنبعث من خلفها : نسيت شيء مهم
عناد وهو يضع ساعده على جبينه مُغمَض العينين : وشو؟
اقتربت منه غيداء بهرولةٍ حتى وصلت إليه، ومن ثمّ انحنت لتُهديهِ قبلةً صغيرة في وجنته : هذي
ابتسم عناد دون أن يفتح عينيه، وبهمس : واحد ... اثنيـ
قاطعته بضحكة : خلاص طالعة طالعة
لتخرج من جديدٍ وصوت ضحكتها الخافتةِ تنساب إلى أذنيه.

كان قد تلحف أخيرًا، وجفنيه بدأ النوم يداعبهما، وفي تلك اللحظات وصل إلى سمعِه صوت رنين هاتفِه، ليُقطب جبينه وهو يتنهد بضيق، ومن ثمّ استوى جالسًا ليتناول الهاتف من على الكومدينةِ وينظر لهوية المتصل الذي كان فواز.
لم يستطع منع نفسه من الإبتسام ما إن رأى اسمه، ودون أن يشعر انسابت ضحكةٌ خافتةٌ من بين شفتيه ليرد بضحكة : يعني لازم هالإزعاح
وصل إليه صوت فواز المكتُوم بحنقٍ واضحٍ ميّزه : معليش عارف إن الوقت متأخر بس اعذرني
عناد بمزح : لا منك ولا من مرتك
غضّن فواز جبينه بانزعاج : وش سوت؟
عناد بعد ضحكةٍ قصيرة : الله يسلمك ما سوت شيء
فواز بخفوت : يعني حكت معاك؟
عناد : لا ، قلتلك هو شيء متوقع ، ماراح تحكي في أول مكالمة
فواز : طيب؟
عناد : كانت ساكتة وأنا أحكي وأحكي لين ما عطتني شكر بسيط وقفلت بوجهي هههههههههههههههه
فواز بقلق : شكر؟
تنهد عناد ليهتف بابتسامة : تطمن ما سوت شيء ، هي بس أهدتني سبّة وقفلت
فواز بإحراجٍ تأوه : اوووه معليش
ضحك عناد : ليه تعتذر؟ تراها أفضل من غيرها ... بعضهم يغسلون فيني الأرض بلسانهم وانفعالهم، بس عادي متعود على الوضع
صمت فواز وهو لا يدري بمَ يرد، وعيناه اتجهتا تلقائيًا لباب الغرفةِ التي تنام بها.
عناد يُردف بهدوء : ممكن أسألك سؤال
فواز بشبحِ ابتسامة : تفضل
عناد : كنت تقدر تآخذها لأي دكتور أو دكتورة نفسية أفضل من صوت ينسمع بالجوال ، بس ليه ما جيتني الا أنا؟
فواز يزفر بضيقٍ قبل أن يرد : أترك الجواب عندي أفضل
عناد : براحتك بس لا حسيت انه لازم تقابل دكتور وجه لوجه راح أبلغك وأسحب نفسي
فواز : ما تقصر الله يسلمك
ابتسم عناد بخفة : طيب انت الحين متصل عشان هالسالفة؟ كنت تقدر تتصل بكرة بدل لا تزعجني بهالليل وانت عارف إن وراي دوام
ضحك فواز بخفوتٍ وهو يهتف : نعتذر منك دكتورنا ... روح كمل نومك


,


دخل والإرهاق يشقّ ملامحه، المكانُ هادئٌ بعكس ضجيج العواصف داخله، وكيف قد يكون الإبحار بصمتٍ فوق أمواجِ الضجيج؟ كيف لهُ أن يكون هادئًا في خضم الضجيج الذي يُحركُ سكونَ سفينته من كل جانب؟
زفر وهو المعتاد على سكُون غزل الدائم، وكأنها ميّتةٌ حيةٌ في كنفه، وكأنّه القبر الذي احتوى سكون جسدها دون أن يستطيع تجاهل وجودها بين حناياه.
المكان مُوحشٌ جدًا، كوحشةِ روحهِ التي تشتاق إلى من يقتنصها ويحتضنها إليه، كاشتياق أنفاسه للإختلاطِ بأنفاسِ غيرهِ بعكس حالتِه الآن. غزل حتى في وجودها رثاء! إنّ عينيه الآن ترثيان روحهُ الميتة والمُصلّبةُ على قارعةِ الغربة.
أعبُر طريقًا فينسى هذا الطريقُ خطواتي، أنظُر للمارةِ من حولي ولا ترانِي أعينُهم، ألتقط الأكسجينَ من الهواءِ فيقذفنِي الهواء بنفسه إلى الفضاءِ حتى أسبح في فراغهِ دون أُكسجينٍ يُسعفني. يا الله! إنّي أضيعُ دون مأوى، أحتضر دون أن يُسعفني الموت فينتَشل روحي، إنّي ألمحُ الموتَ ينظرُ إلي في كل مرةٍ ويتوعدني بالقدومِ بشكلٍ أبطأ/أعنف، ليتهُ يجيء في لحظةٍ عابرةٍ تختزل الوجع الذي سكن فؤادي منذ الطفولةِ حتى ريعانِ الشباب، تختزل سنواتٍ مرّت بي على سكّةٍ فولاذيةٍ تشعّبت بالصعاب والإنحناءاتِ لأسقط كل مرةٍ ولا أنهض مستويًا. أسعفني يا الله بروحٍ لا تُنازع الموتَ فتُطلق دون عودة، أسعفني يا الله بموتٍ قريبٍ ينتشل وحدةَ اللحظاتِ التي انتظرت النور ولم يجيء، أسعفني بخلاصٍ ينتهي بي إلى راحةٍ أبديةٍ دون خذلانٍ أو خيبةٍ أخرى، أسعفني يا الله!
زمّ شفتيه ليفركَ عينيه بظاهرِ كفه اليُمنى وكأن شيئًا ما يُحرقه بهما، ثمّ اتجه لغرفتهِ بعد أن ألقى نظرةً خاطفةً على بابِ غُرفتها الساكن والمفتوحِ بعض الشيء كما سكونها المُتمرد ببريقِ عينيها.
وصل لبابِه، وما إن أمسكَ بمقبضهِ حتى فُتح ليُجفل وهو يُعيد كفه إليه، حينها خرجت أمامه! غزل التي كانت مُرتبكةً وملامحها لا تفسر! ملامحَ سمراءَ جميلةٍ انتفخت ببكاءٍ هاجمها، عينانِ حمراوتان اهتزّت حدقتاها برعبٍ ما.
عقد حاحبيه ليهمس بتساؤلٍ مُتعجِب : وش تسوين في غرفتي؟
لم ترد، وعيناه تابعتا تفاصيل ردات فعلها، تشتيتُ عينيها اللتين أخبرتاه بمُصيبةٍ ما قامت بها، عضّها لشفتها المُمتلئةِ بعض الشيء والمزمومةِ بشكلٍ يُثير أي رجل، الشحوبُ يعبُر ملامحها السمراء بعنجهيةٍ وتمرد، يُفسد تضاريسها العذبَة الأقرب لسهولٍ خصبة تجذب الناظرين.
أعاد سؤالهُ بخفوتٍ أشد : وش تسوين في غرفتي يا غزل
ازدردت ريقها وهي ترفع عينيها إلى ملامحهِ المُرهقة، ثم عادت لتشتيتهما وهي تردّ بتلعثم : شاحن جوالي ضاع
سلطان يرفع إحدى حاجبيه : على أساس بيزحف لين غرفتي!
غزل : لا بس دوّرت في كل الجناح وما لقيت شيء .. قلت ما بقى غير غرفتك فدخلت
هتفَ سلطان بقسوةٍ ارتسمت في ملامحه : أجل مرة ثانية يا هانم لا بغيتي تشكّين إني سرقته مثلًا إستأذني وعقب ادخلي
غزل بارتباك : ما قصدي كذا
سلطان بقسوة : ما يهمني قصدك ... وإذا كنتِ خلصتي بحثك فاطلعي!
عضّت طرف شفتيها بحرجٍ وهذه الحركة لطالما كانت تُكررها أمامه كثيرًا حين يُهاجمها الإضطراب، شعرها مُتحررٌ من حولها بهمجيةٍ وفوضويةٍ تثيرُ الأعين، وعيناها الحمراوتان بدتا أجمل في حزنهما.
اندفع داخلًا حين رأى منها السكون في مكانها دون أن تتحرك وتنزاح عن طريقِه، وحين دخوله بذاك الهجوم المُنفعل كانت كتفه تصتدمُ بكتفها لتُزاح رُغمًا عنها وتتأوه بخفوت.
غزل بألمٍ وهي تفرك كتفها بكف يدها الأخرى : ما سويت شيء عشان تدفعني بهالطريقة
سلطان بنزقٍ وهو يجلس على سريرهِ لينحني حتى يخلع حذاءه بعد أن رمى " غترتهُ " على السرير : ما شفتك عشان أتعمد دفعك
زمّت شفتيها بحنقٍ وهي تشعر بالدموع تعاود القدوم. يكفي، لقد واجهت منذ ساعاتٍ ما كان كافيًا ليُهلكها، وليس هذا وقتَه ليزيد الطين بلّه، ليس هذا وقته ليُضاعف الجراح في صدرها، ليس هذا وقتَه ليُجدد الألم فيه أكثر حتى يُظهره بصورةٍ تُرضى كل الرجال المُستبدين في هذا العالم، هذا إن كان هناك من هو غيرُ مُستبد!
بللت شفتيها قبل أن تهاجمه بعينيها اللتين حُبست الدموع خلف بابِ مُقلتيها لكي لا يظهرا على زجاجتيهما، هاتفةً بحدة : ما شفتني؟ حشرة عشان ما تشوفني والا شلون؟
رفع عينيه إليها ببرودٍ وهو يُسوّى ظهره بعد أن كان مُنحنيًا يخلعُ حذاءه، ليرفع كتفيه ونظراتُه قاسيةٌ اليوم ككلِ مرةٍ يأتي فيها غاضبًا حتى يُفرغ غضبه بها : يمكن!
اتسعت عيناها بصدمةٍ وانفرجت شفتاها، صدرها ارتفع بغضب استنشاقها للأكسجين ليهبط بعنف زفيرها، وبصراخ : حقييييير ... انت الحشرة هنا مو أنا
سلطان بحدةٍ يُسيطر على أعصابه كي با ينهض إليها ويسحقها : انقلعي برى قبل لا يصير شيء ما يرضيك
غزل بعنادٍ تُكتف يديها وتستند بكتفها على إطار الباب : ماني طالعة وش بتسوي؟
سلطان من بين أسنانه : قلت اطلعي برى أبرك لك
غزل بعنادٍ أشد وهي تعضّ شفتها : مـــانـــي طالعة ... وكلام الحشرات ما يمشى علي
صرخ سلطان صرخةً أفزعتها وقد تجاوز حدود غضبهِ بأميال : غــــــــــــــــزل
انتفضت ما إن انساب إلى أذنيها صوتُه الرجولي الصارخ، لكنها بالرغم من رؤيتها للغضب الذي ارتسم في جميع تفاصيلهِ إلا أنها وقفت في مكانها بثباتٍ مهزوزٍ هاتفة : مابطلع .. ما بطلع . . ووريني وش بتسوي ياولد فهد
برقت عيناهُ بوحشيةٍ حين سماعه لاسم والده، وبحدةٍ وعنفٍ نهض لتنتفض وتتنفس بقوةٍ لكنها لم تتزحزح عن مكانها، اتجه إليها حتى وقف أمامها، ثمّ مد يدهُ ليشدّ على عضدها العاري هامسًا بحدة : وش تبين بالضبط من استفزازك لي؟
غزل باضطرابٍ حاولت إخفاءهُ دون جدوى : مو قاعدة أستفزك .. انت اللي تُستفز بسرعة مو شغلي
شدّ أكثر على بشرتها حتى كاد يخترق جلدها بأنامله، وجملتها تلك كانت شبيهةً بإحدى جُمل سلمان اليوم بدرجةٍ كبيرةٍ أثارت استفزازَه أكثر
" أذكرك قبل كم شهر كنت صبور وما تُستفز بسرعة ... حتى وإن عصبت ما يظهر عليك، وش صار الحين؟ "

تنفّس بقوةٍ وهو يقرّبها إليه أكثر حتى اصتدمت أنفاسه بوجهها، حينها ارتعشت وتجمدت في مكانها وصعوبةُ التنفس عندها أصبحت أكبر : ابعد عني
سلطان بحدةِ صوتِه يبعث أنفاسًا حادةً أيضًا لتلسع بشرتها بحدتها : شغلك بيكون عندي لو تماديتي أكثر ... عطيتك وجه أكثر من اللازم وضروري أربيك من جديد
زمت شفتيها بذعرٍ وهي ترفع كفها بضعفٍ لتضعها على صدرهِ تدفعهُ هامسةً من بين أسنانها : ابعد عني
ابتسم سلطان بسخريةٍ وهو يدفعها عنه، ثم هتف ببطءٍ ساخرًا وهو يهزّ رأسه يمينًا ويسارًا : ما تزوجتيني الا عشان تهربين من فكرة إنك ما تتزوجين مرة ثانية! بس ما أستبعد أبدًا هدف ثاني لأبوك ومنها إثبات إني ماني رجال لو تزوجتي من بعدي ... هه! مهزلة أنتِ وأبوك يا غزل!
عقدت حاجبيها وهي تنظر إليه باضطراب وخوف، ما الذي يعنيه بكلماته؟ هل .. هل سيُخالف ما اتفق عليه هو ووالدها؟؟
سلطان يُردف : بس اللي ما تعرفينَه لا أنتِ ولا أبوك المخفة هو إن سلطان ولد فهد ما يهمه حكي الناس ولا يهتم لكلام الحشرات اللي حوله ... * أعقب بتحدٍ * أنا رجال لنفسي ماهو لك ولأشكالك ، وكلمتي ما تنرد لو على صورتي قدام الناس . . . حتى لو جيتيني بيوم وقلتِ لي يا سلطان أنا أبيك بقولك بح مافيه!
أغمضت عينيها بقوةٍ وراحةٌ غلفتها بعض الشيء، تستمع للثقةِ في كلماتِه، تشدّ على أسنانها بعنفٍ وما أصابها في تلك اللحظة لم يكن سوى .... طمأنينة!
كلمات سلطان لم تجري في أذنها من قبل، نبرته التي نضحت ثقةً ورجولةً اخترقت عقلها بقوة، وقناعتها السابقةِ بأن الرجال لا يهمهم سوى رضا شهواتهم لا تزال قائمة، لكنها الآن لا تدري لمَ شعرت بأن كلماته ليست مجردَ كلمات، شعرت بطمأنينةٍ انسابت إلى قلبها وهناك ما يُخبرها أن تطمئن من ناحيَة رغباتِ سلطان أو فكرة أن يُقدم يومًا ما على ماهو محظور.
حاولت طرد تلك الأفكار وهي تحثّ نفسها ألا تُصدق كل ما تسمع لمجرد الثقةِ في نبرته وتأثيرِ كلماته . . وبحدةٍ وثقة : أجيك بيوم؟ مرة واثق من نفسك!
رفع سلطان حاجبيه وهو يتراجع للخلفِ قليلًا : لا تتحديني ما بيصير لك طيّب
غزل بابتسامةِ كبرياء : أجل اتحداك! أنت بتخلي الغزل يبيك بيوم؟ ... هه ، النجوم أقرب لك
ضحكَ سلطان وهو يمسك بمقبض الباب يستعد لإغلاقِه، رافعًا سبابةَ يده الأخرى هاتفًا بثقة : بدا العد التنازلي ... تحملي التحدي وكوني قدَّه لو طحتي على وجهك في يوم
غزل بغرور : نشوف مين بيطيح على وجهه
قالت جملتها تلك وهي تنسحب إلى غرفتها بعد أن تهوّرت بتحديها، لا بل لم تتهور! هي تعلم من هي، تُدرك من هي، لـذا لن يأتي يومٌ لتتغير وتبحث عن رضى أنوثتها عند سلطان تحديدًا، تُدرك ذلك لذا خاضت بما خاضت.
دخلت غرفتَها تزفر بكبت، ثمّ رفعت هاتفها لتخطّ بأنامل مضطربةٍ وهي تفضل الإرسال على الإتصال به " دوّرت بغرفته بس ما لقيت شيء "!


,


الساعة الثانيَة ظهرًا
بعد أن اغتسلت وارتدت قميصًا قطنيًا يصلِ إلى نصف ساقها تمددت على السرير وهي تزفرُ بإرهاق، كان سيف قد عاد لعملِه بعد أن أوصلها، يقُول بأنه اليومَ مشغولٌ ولن يعود الا متأخرًا.
استرخت على جانبها الأيمن، تنظر للجهةِ التي ينام فيها عادةً، الجهةِ التي لا تزال تحتفظ بأثرِه، الوسادة التي تحتفظ برائحته، واللحاف الذي يتشاركانهِ في كلّ ليلة.
تنهدت وهي تُغمض عينيها اللتين تريانهِ حتى وهما مُغمضتين! .. وما إن أغلقتهما بثوانٍ حتى استقرت أنفاسها وغرقت في نومها لإرهاقها، بالرغم من أنها لم تعتد من قبل أن تنام في فترة الظهيرة لكن على الأرجح أنها ستعتاد على ذلك مع عملها هذا إضافةً لكونها حاملًا الآن.

مرّت الساعات وهي نائمة، وعانقت العقارب الخامسَة والرُبع، وأصواتٌ تصاعد مداها خارج الغرفة التي تنام فيها، لتنزعجَ في نومها تهمهم وتنقلب على جانبها الأيمن، وفي لحظةٍ كانت قد انتفضت جالسةً بفزعٍ وهي تنظر للساعةِ الجداريةِ بذهول : صارت خمسة وربع! لاااا ما صليت!!
أزاحت اللحاف عنها ثمّ ركضت باتجاه الحمام دون أن تلتفت للضجيج في الخارج والذي لا يمكن أن يكون سببه سيف وحده!
بعد دقائقَ طويلةٍ كانت تطوي سجادة صلاتها ومن ثمّ تخلع رداء الصلاة لتلملمَه بعشوائيةٍ ومن ثم ترميه مع السجادةِ والرداء على السريرِ وصوتُ ضحكاتٍ في الخارح لفتت انتباهها حين انسابت إلى أُذنيها، استدارت إلى الباب وهي تُقطّب جبينها باستغراب، صوتُ ضحكَات سيف وضحكةٌ طفوليةٌ أخرى .... لا يمكن!
ديما ببهوت : مو معقول ... مو معقول يكون جابه لـ هنا!!
تحركت قدماها دون أن تشعر باتجاه الباب وهي تُتمتم بـ " مستحيل " ... لا يمكن أن يُصبح احترامهُ لها في عينيه بهذا الإضمحلال! لا يُمكن أن يكُون تماديه معها الى هذا الحد! لا يمكن أن يفعل بها هذا ويلفظ كل احترامٍ لها عنده!
اقتربت من الباب لتضع قبضتها على مقبضهِ وهي تتمنى أن الصوت مُجرد خيالاتٍ بفعل الجنِّ أو بفعل عقلها المُرهقِ لا غير، وما إن فتحت الباب حتى وقفت في مكانها بجفولٍ وهي تراه يجلس في حجر سيف الجالس على الأرض، ألعابٌ عديدة تناثرت من حولهما، شفتيه كانت تتحركان عن أذني زياد، يهمس له بكلماتٍ أضحتكه.
لا، فعلها، قام بكلِ بساطةٍ بفتح بابِ قلعتها لأعدائها، قام بكلِ بساطةٍ برمي احترامِه له وإحضارهِ بكل دمٍ بارد. لمَ يقوم بكل هذا؟ لمَ يقُوم بكل هذا يا الله؟ لمَ يهوى تعذيبي وتنكيلَ قلبي مرارًا ومرارًا؟ لمَ يقوم بكل هذا؟ لم يقوم بكل هذا؟؟!!
كانت تهزّ رأسها بالنفي وهي تقوس شفتيها دلالةَ البكاء، وقتئذٍ انتبه سيف ليوجّه نظراته إليها واقفةً عند باب غرفتها، ليبتسم بهدوءٍ هاتفًا : وأخيرًا صحيتي؟ متى نمتي؟
أطبقت جفنيها بقوةٍ للحظاتٍ وهي تتنفس ببطءِ القهر داخلها، قبل أن تهتف من بين أسنانها بحدة : طلّعه برى!
قطَّب سيف جبينه : كيف؟
فتحت عينيها لتهتف بحدةٍ في وجهه : طلعه برى جناحي .. مالك حق تجيبه لهنا
وقف سيف بذهولٍ ليقف معه زياد الذي انتفض من صوتها العالي والحاد، مُتشبثًا بثوبِ والده ينظر إليها بخوف.
سيف بحدة : جنيتي؟؟
صرخت ديما بانفعالٍ وهي تُشير لباب الجناح : اي جنييييت .... طلعه برى ما أبي أشوفه
عضّ شفته بقوةٍ وغضبٌ هاجم ملامحه التي احتدت بعنفٍ وهو يضع كفه على شعر ابنه، وبهدوءٍ ظاهريٍ وهو ينظر لزياد : روح عند جدتك حبيبي وأنا بلحقك بعد شوي
أومأ زياد بسرعةٍ ثمّ هرول باتجاه الباب وكأنه يهرب من وحشٍ بريٍّ يُلاحقه، ثمّ فتح الباب ليخرج بسرعةٍ دون أن يغلقه من خلفه لشدةِ ذعره.
نظر إليها سيف وهو يتنفس بقوةٍ بعد أن كان ينظر لزياد حتى اختفى من أمام عينيه، ثمّ اقترب وبحرُ الغضب أغرق كل نظرةٍ أخرى في عينيه، حتى ما وصل إليها أمسك معصمها بغضب : أنتِ شقصتك بالضبط؟؟
سحبت معصمها بقوةٍ وهي تنظر إليه بملامةٍ وحقد : قصتي انك قاعد تتعمد إهانتي!
سيف : أتعمد إهانتك؟ * صرخ بغضب * أتعمد إهانتك بطفل!! طفــل يا جاهلة؟؟!!!
صرخت هي بدورها : ايه ... طفل ، طفلك اللي قاعد تتباهى فيه قدامي وكأنك تقول عندي وما عندك! طفلك اللي جايبة لحتى جناحي بشكل يثبت إنه مافيه أي ذرة إحترام لي في عينك
سيف بغضب : احترام؟ ليه هو أنا جبت بثينة عشان تعصبين بهالطريقة؟ ... كل اللي جبته هو زياد وبس!
ديما بحدةٍ تنظر في عينيه بتمردٍ وغضبٍ لا يظهر بها الا نادرًا : زيادك أنت! اللي هو ولد زوجتك السابقة ... اللي حارمني من العيال لأنك ما تبي ولد من غيرها!!!
حرَك كفه في الفراغ بانفعالٍ وهو يشدد على كلماته : ما بيهلكك الا ظنونك وتفسيرك للأشياء بكيفك! تظنين إنّ كل شيء يمشي على كيفك أنتِ؟ ... أجل لك اللي يبيه كيفك، اي عشان بثينة!
ظهر في عينيها الذهول، وقلبها تمزق لأجزاءٍ تلاشت في غبار قسوةِ كلماتهِ التي شطرتها لأنصافٍ ارتجت الموت ولم يأتيها، كلماتِه التي تُدرك أنه لا يعنيها حرفيًا بل قالها عنادًا فقط، لكنها كانت كافيةً لتُدمي قلبها وعينيها اللتين رثتا حالهما بالدموع في هذا الأجواء الدمويَة.
يُدمي ويمسَح الدماء، ذاك هو سيفها الذي تمرد عن غمدِه ليتحرر ويسفكَ بها، انهُ يجرحها بنصلِه الحاد ليُدير نفسه ويمسح دماءها بجانبِه الناعم، يُبدع في التنكيل بها وإهانةِ حُبها له، يتميز في سحقهِ لكلِ نظرةٍ غير التي يُريد في اللحظةِ التي يُريد.
أريد أكرهك فكيف أفعل؟ أريد أن أبزق حُبك في وجهك فكيف أقدر؟ ما أنت إلّا وسمّ طُبع على جبيني ليبقى مُلتصقًا بي ما حييت، ما أنت إلا دمٌ يجري في أوردتي فكيف أُجففك من دورتِي الدمويَة وأنت عنصرٌ أساسيٌ بها. أريد أن أكرهك يا سيف كما تنصاع أنت لإرداتك في طعني، أريد أن أقذفك من جسدي كما أقذفُ دموعي في هذا اللحظاتِ دون أن تنتهي .... لكن كيف؟
عضّت شفتها بقوةٍ حتى شعرت أنها ستتقطعُ لا محالة، ودون أدنى شعورٍ رفعت قبضتيها المتكورتين لتضرب بها صدرهُ باكيَة : مين تظن نفسك؟ مين تظن نفسك؟ ... * تنفست بانهيارٍ وهي تردف بصوتٍ غلفه البكاء * بولد ..، والله بولد وراح تشوفني شايلة ولدي وتتحسر! بولد وراح تقبل فيه سواءً اقتنعت أو ما اقتنعت
أمسك قبضتيها بيديه بقسوةٍ وهو يدفعها عنه دفعةً بسيطةٍ ليُبعدها عنه فقط، لكنها كانت كافيةً لتُسقطها جالسةً لانهيارها وضعف جسدها في هذه الأثناء.
سيف بوعيد : والله والله يا ديما لو أدري إنك مسويَة شيء أو ما تداومين على الحبوب اني بأخليك تتمنين الموت وما يطولك ... وهذا أنا حذرتك وولد مافيه الا بحسراتِك
لفظ كلماته القاسيةَ تلك ثمّ ابتعد عنها خارجًا، وما إن خرج من الباب حتى قابل والدته التي جاءت بعد أن أعلمها زياد ولأصواتهما المرتفعة، وبحدة : وش سويت لها؟؟؟
سيف بغضبٍ وهو يتجاوزها : ما سويت لها شيء بس هي اللي سوت بروحها
توقف ليستدير إليها هاتفًا بصوتٍ عالٍ قاسٍ كبرودةِ الشتاءِ وانجراف السيول : علميها شلون تحترمني كويس ... وزياد والله لو تتعرض له بكلمة إني لأدفعها ثمنها! .... طفل وش سوى لها؟
وصلتها كلماته جيدًا، كانت تبكي وكفها على أسفل بطنها الذي يؤلمها بجنون، لكن بكاءها وألمها لم يمنعانها من الصراخ بقهر : اللي سواه إنه حمار ولد حمـــار
تنفس بقوةٍ وهو يندفع باتجاه الباب حتى يدخل إليها والغضب أعماه نهائيًا هذه المرة، لكنّ أمه وقفت في وجهه لتضع راحة كفيها على كتفيه، وبرجاء : أسألك بالله تتركها
تراجع وهو يتنفس بعنفِ الغضب داخله، ووجهه يتجاوز في شرّه كلّ ملكٍ جائرٍ هان عليه أن يفتك بشعبه، إذن ماذا عنه إن اقترب منها ولم تكن أمه موجودةً الآن؟
أغمض عينيه بقوةٍ يحاول السيطرة على أطرافه التي ارتعشت بفعل الغضب الذي دفع بالأدرينالين لأقصى حد، ثم تراجع لينزل الدرجات بهرولةٍ وهو يهتف بصوتٍ عالٍ بعض الشيء ينظر لزياد الذي كان يجلس على إحدى أرائكِ الصالة ووجهه مذعورٌ بدرجةٍ كبيرة : امشي برجعك للبيت ... ماراح تبات اليوم عندي نخليها بيوم ثاني
اقترب منه بسرعةٍ وكأنه انتظر منه ذلك بعد الخوف الذي واتاه من زوجة ابيه الشريرة، لم تكن أمه مُخطئةً إطلاقًا أو كاذبةً حين صوّرتها بالساحرةِ الشريرة التي يجب أن يبتعد عنها كي لا تؤذيه.
أمسك بيد سيف الذي تحرَك به إلى الباب وهو يخبره أنه سيجلب له ألعابه فيما بعد بينما ملابسه ستبقى عنده حتى إن جاءه مرةً أخرى، وهل سيجيء؟!


,


نظرت للهاتف ووجهها يمتقع بشدة، يُظلم ويختفي النور منه تدريجيًا، ترى رقمهُ الغير مدونٍ عندها يُنير شاشة هاتفها، تتجاهل ولا يتوقف، حتى حين كانت قبل قليلٍ جالسةً مع عائلتها دفعها رنين هاتفها لتركهم وهي تخشى أن يشكوا بشيء.
عضّت شفتها وهي لا تدري ما الذي تفعله، هل تخبر فارس ليتصرف معه وتتورط أكثر مع خالها؟ أم تصمت لتتورطَ أكثر مع هذا المدعو هيثم والذي هو ابن خالها؟.
كادت تُغلق الهاتف نهائيًا حين لم يتوقف رنينه، لكنها في النهاية تراجعت لترد عليه بتردد، إن كانت لا تستطيع التحدث، ولا تَركه بأريحيته، إذن فلتواجهه بنفسها وبكل شراسة.
ردت بحدة : أنت شتبي بالضبط؟؟
هيثم : اوووه وأخيرًا رديتي!
جنان باضطراب : انت مجنون والا قاعد تستهبل معاي؟
هيثم بوقاحة : لا هذا ولا ذاك، اللي فيني هو العشق
زمّت شفتيها وهي تُغمض عينيها بحقد، ثمّ هتفت من بين أسنانها بحدة : اسمعني زين ... هي كلمة ورد غطاها، لو شفت رقمك مرة ثانية والله ما يردني عن فارس الا لساني ... وهذاني حلفت وبكون عند حلفاني
أغلقت بغضبٍ وهي تتنفس بانفعالٍ بدا مليًا في صدرها الذي كان يرتفع ويهبط بجنون، وهي تقرّ في نفسها أنها لن تصمت وستخبر فارس إن اتصل بها فعلًا.
من جهةٍ هي تتضايق من تعامل والده معها، ومن جهةٍ أخرى هذا الذي لم يحترم صلتهما ببعضهما البعض! فكيف عساها تحتمل؟


,


كانت تستمع إليه ببهوتٍ وكلماتهُ كانت كطعمٍ لاذعٍ عبَرَ بلعومها، كطعمٍ مرٍ جعلها تتقيأ السكون وقلبها بدأ في صياحٍ مُعذِب.
إلين بغصة : مات؟؟
نظر إليها بتأثرٍ لبريق عينيها المُتأثرتان، لاهتزاز شفتيها حين سماعها بخبر موتِ من كان على الأحرى أن تحقد عليهِ لكل ما فعله بها. إن ما فعله لم يكُن هينًا لتُسامح أو تحزن لفراقِه وهي التي لم تعش معه لحظةً منذ أفاقت للعالم.
زمّت شفتيها وحدقتيها تهتزان، هي لا تكنّ له مشاعر خاصة، لا تشعر تجاهه بأي حبٍ أو عاطفة، وكيف عساها تكن له المحبَة وهي لم تعش معه لحظةً واحدة؟ أدهم نفسه لا تُنكر أنها لا تزال تشعر ببعض الكره تجاهه ولا توجد أي عاطفةِ حبٍ لتُطلقها نحوه، لكنها على الأقل تشعر حين تُحدثه أو تفكرُ فيهِ براحةٍ لا مثيل لها، بشعورٍ خاصٍ على الأرجحِ هو شعور الأخويَة وإن لم يكُن هناك حبًا.
بينما والدها لا تعرف صوته، لم تره من قبل، لم تواجهه وجهًا لوجه، إلا أن خبر وفاتِه كان كالسهم، كان كسلسلةٍ طولها عشرونَ ذراعًا لُفّت كلّها حول عنقها لتُقيّد صوتها وأنفاسها إلى أن تختنق، لا تحبه نعم، لكنه في النهاية والدها وإن لم يكُن حزنها عليه بهذا الحجم الذي سيكون متوقعًا حين يُفقد الأب.
همس عبدالله بخفوت : عظم الله أجرك
أومأت وهي تزفر بكبت، ثم هتفت بتهدج : شلون عرفت؟
عبدالله : جلست أسأل عنه أكثر من شخص لين ما وصلت للي قالولي عن موتَه
نظرت إليه دون تعبيرٍ مقروء، وبهمس : قالولك شيء ثاني عنه؟
أغمض عبدالله عينيه للحظة، كان صعبًا عليه أن يقول لها ما قيل، كان صعبًا عليه أن يُخبرها بكل أريحيةٍ كيف كان والدها المزعوم ... اغتصب ابتسامةً وهو يهتف : كل خير
أطرقت بوجهها بعد أن أدارت رأسها عنه وأناملها تُداعب مفرش سريرها الذي كانت تجلس عليه كما عبدالله، وبحيرةٍ وحزن : وليه أدهم ما حكى لي بخصوص موته؟
عضّ عبدالله طرف شفتِه وهو الذي لا يشعر بالإطمئنان تجاهه، سأل عنه ولم يعلم ما يكفي، فهو لا يختلط مع الناس كثيرًا ولا يُماشي الا أشخاصًا محدودين، باختصارٍ هو غامضٌ بالنسبة للكثير.
عبدالله : في النهاية أنا ماني مرتاح له ولاني راضي إنك تروحين له حاليًا
عقدت حاجبيها وهي تستدير إليه تُقطب جبينها، وكفها امتدت إليهِ لتُمسك بكفهِ برجاء : طيب رجع لي جوالي .. خلني اكلمه الله يخليك
عبدالله بانزعاجٍ لرجائها : إلين أنا ما أقصد تقييدك والسيطرة عليك .. أنا بس أبوك! والأب دايم يخاف على عياله ووده بمصلحتهم
نظرت إليه بتاثرٍ أهلكها، بأنفاسٍ اضطربت، وكلمة - أبوك - كانت أكبر من أن تحتملها، أكبر من أن تتجاوز أذنيها دون أن تُطبع في ذاكرتها. عيناها لمعتا بدمعٍ لا يريد النضوب ولن ينضب، لكن دمعها الآن لم يكن عن حُزن، لم يكُن عن ضيقٍ أو خيبة، دمعها الآن كان لفرحٍ نتَج عنه هو، عن مدى الحنانِ والعاطفة التي انبعثت من عينيه بصدقٍ أوجع قلبها، عن مدى ما رأته من حُب حقيقيٍ فقدتُه، لا لم تفقده، وكيف تفقده وهي لم تذقه من الأساس؟ والأحرى أن تقول عن حبٍ حقيقيٍ لم تذقه.
اقتربت منه دون شعورٍ لتضع رأسها في النهايَةِ على كتفها تبحث عن دفء جسده، ودمعٌ تجاوز جفنيها ليشقّ طريقه عبر وجنتيها، وبامتنان : شكرًا لك .. شكرًا لك يا يبة


,


جلست بجانبها على الأرضِ وهي تراها تبكي قهرًا وألمًا وخذلانًا، تضع كفها على بطنها وأنينٌ ينبعث من بين شفتيها مع نحيبها الباكي.
ام سيف بقلق : صار لك شيء؟ ضربك؟
هزّت رأسها بالنفي وهي تشهق ببكاء : لو إنه ضاربني والله ماكنت جلست ثانية وحدة معاه ... ممم آآه يابطني
ام سيف بقلق : لا يكون صار للولد شيء!
تقوست شفتاها وازداد نحيبها بخشيةٍ من هذه الفكرة : والله مابسامحه لو صار له شيء، والله ما بسامحه
مدّت ام سيف يداها لتُساعدها في النهوض، ثمّ تحركت وهي تسندها بينما ديما تتأوه لألمٍ حادٍ بعض الشيء أقلقها وأبكاها أكثر من بكائها لما فعله سيف بها.
وصلت للسرير لتستلقي، ووجهها يُحاكي في ألمهِ شحوبَ التائهين والمُعذَبين في السجون، ولأنها السجينة خلف قضبان سيف كان لابد منها أن تشعر بعذاب السياط التي تجلد جسدها بفعل يديه، كان لابد منها أن تتعذب ببطشه لها في كل ثانية.
تركتها ام سيف وهي تخرجُ مُسرعةً تنوي احضار هاتفها والإتصال بالطبيبةِ لتطمئن.
في تلك اللحظةِ كانت تغطي وجهها بكفيها تئن بألمٍ نفسي قبل أن يكون جسدي، ونفسها نضحت بالخيباتِ والخذلان منه. تُدرك جيدًا أنه إن أصاب جنينها شيءٌ في هذه الأثناء فستكرهه لا محالة.
إن الحزن والفرحَ يتعاقبان، تمامًا كما الليل والنهار، وأنا أعيشُ في شتاءٍ دائم، في أقصى كوكب الحب، في القطب الصقيعي، في نقطةٍ كان فيها ثقب الأوزون مُتسعًا فلم يحجب عني أيّ اشعاعاتٍ مضرةٍ والتي كانت هي كلماتكَ يا سيف. الأوزون هو حُبي لك، حبي الذي زُرع فيه فجوةٌ كانت أكبر من أن تمنعك من جحيم فمكِ وانبعاثِ أسهمك.
والشتاءُ في القطب الصقيعي طويل، شبه دائم، لذا كان حريًا أن نكونَ في ليلٍ دائم، في حُزنٍ يُغلفني أنا يا سيف، في حزنٍ وأفراحي مُعجزةٌ إن ظهرت في ذاك القطب الجليدي.
لمَ لم تكُن لي الفراء التي تُدفئني؟ لمَ لم تكُن لي الدفء الذي يحميني من جورِ الشتاءِ ورياح الجليد التي نخرت عظامي حتى الموت؟ لمَ لم تكُن لي الدواء يا سيف بل كنت الداء؟ ولمَ حلّلتُ عليكَ إيذائي إلى هذا الحد؟ أنتَ بكتيريا عجزت كرات الدمِ البيضاء من هزيمته، أنتَ بكتيريا تجري في دمي وتُرهقني حد البكاء، أنتَ سيفٌ وسأكررها مائةَ مرةٍ أو ألف، سيفٌ تحرر من غمدهِ ليفتك بقلبي.
جاءتها ام سيف بعد دقائق وهي تتحدث في الهاتف بتعثر : لا مافيه نزيف * نظرت لديما بقلق * ما ظني بنجيك الحين ، ليه هو فيه خطر؟
نظرت إليها ديما وهي تُسدل جفنيها ودموعها تغرق وجهها. لتبتسم ام سيف باهتزازٍ وهي تهتف : طيب .. مشكورة دكتورة ما قصرتي
أغلقت ثمّ اقتربت من ديما التي تساءلت بتألمٍ وقلق : إيش قالت؟
ام سيف بخفوت : إن شاء الله مافيه خطر انتِ بس ارتاحي اليوم ولا تسوين شيء يرهقك
ديما : يعني مافيه داعي نروح لها؟
ام سيف تهز رأسها بالنفي : كانت بس بتتطمن أكثر ... بس تقول إن شاء الله ما يكون فيه شيء، أي ضربك بسيطة بهالفترة ممكن تأذيه فخليك منتبهة أكثر
أصاب وجهها الوجوم وهي تمسح بكفها على بطنها، وشهقةٌ مُعذِبة انسابت من بين شفتيها، ثمّ أدارت ظهرها إلى أم سيف وهي تهمس بغصة : اتركيني بحالي خالتي
جلست بجانبها وهي تهمس : ما بطلع لين ما تقولين لي وش صار؟
ديما بقهرٍ دون أن تنظر إليها : صار إنه قاعد يقلل من احترامي
ام سيف تقطب جبينها باستغراب : لأنه جاب زياد؟
استدارت ديما إليها بقهرٍ تأججت ناره في عينيها : جابه لجناحي يا خالتي ... جابه لجناحي عشان يقهرني
ام سيف بحاجبين منعقدين : مين قال وده يقهرك؟ زياد كان بيجلس اليوم مع سيف عشان كذا بغى ينومه في الغرفة الثانية بالجناح
ديما بشراسة : كذاب كان يمديه يحطه بأي غرفة بالبيت
ام سيف : بس هو وده يكون قُربه
ديما : وقربي عشان يقهرني
ام سيف بخفوت : قاعدة ترهقين نفسك بظنونك
زمّت ديما شفتيها وعيناها برقتا بخيباتها، والإرهاق في الحقيقةِ لا يَتمثل الا به وبسببه هو وحده! . . من ذا الذي يستطيع مواجهةَ تيارٍ كتياره؟ من ذا الذي يستطيع هزيمة خيبةٍ تعتلي فؤادها بفعل يدِ من كان على الأرجحِ أن يكون نصفها الآخر والمُكمل لها؟ من ذا الذي يصبِر كما صبُرت؟ .. ثلاث سنين وأشهرٍ كانت فيها كالمعتكفِ عن السعادة الحتمية، كالغارقِ في يأسهِ حتى ملّ أن يطفو لينجو، كالذي سقط في حفرةٍ لا نهاية لها ولازال حتى الآن يصرخ هاويًا إلى دونِ قاع.
إن السعادة تتناثر مع نسماتِ الريح، مع أوراقِ الخريفِ مع حباتِ الرمال، مع دمعها الذي يطير إلى الأسفل لا الأعلى! مع نحيبها الذي سطعَ بألمِه على آذآنٍ كان من بينها أذنا سيف الذي تجاهل وفضّل أن يزيد جرعاته.
همست بخذلان : لو ماكان قصده يقهرني ... فهو أثبت إن احترامه لي معدوم لما جابه وأنا محرومة بفضله . . . ليش سوى فيني كذا يا خالتي؟؟!
تنهدت ام سيف وهي تُربت على كتفها، وبهمس : خلاص لا ترهقين نفسك ... عشان جنينك اللي انتظرتيه فترة ماهي قليلة
هزّت رأسها ودموعها تنسابُ بحريةٍ على وجنتيها، لتنهض أم سيف وترفع اللحاف تُغطيها به، ومن ثمّ خرجت.


,


السابعةُ ليلًا
خرجت من المطبخِ بخطواتٍ متفاوتة، ترتدي بيجاما طفوليةٍ وردية اللون رُسم على قماشها مجموعة دببةٍ بنيّةٍ صغيرة، شعرها انساب على كتفيها بعشوائيةٍ وفضوية، وفي كفِ يدها اليُسرى كانت تحمل صحنًا زجاحيًا حوى شوكلاه " النوتيلا "، وبين أنامل يدها الأخرى حملت ملعقةً صغيرة كانت تغمسها في النوتيلا لترفعها إلى فمها وتلعقها.
سمعت صوتَ رنين الجرس يتصاعد، فعبست بحدةٍ أكثر من عبوسها السابق، وعيناها تحكيان ضيقًا تحاول تفريغه بما في يدها.

مرّت ام فواز تتجه للباب الخارجي حين سمعت صوتَ رنين الجرس، وما إن لمحت شكل أسيل الفوضوي حتى توقفت تنظر إليها مُقطبةَ الجبين : أسيل! للحين بالبيجاما ما غيرتيها
أسيل بضيق : مالي خلق حتى عشان أدخل الحمام وأتحمم
هزّت أمها رأسها بالنفي وهي تهتف بضيقٍ من حالتها : أجل اجلسي لين تتعفنين * نظرت لما في يدها لتُردف * ونوتيلا بعد؟ لا شكلك وصلتِ أقصى حدود الإحباط
رفعت أسيل كتفيها ببرود ثمّ تجاوزتها لتتجه باتجاه الدرج وهي تغمس الملعقة في النوتيلا مجددًا، حينها رنّ الجرس من جديدٍ لتُسرع أمها باتجاه الباب وهي تتحلطم من حال ابنتها قبل أن يكون من تجاهل الخادمة للباب.

كانت أسيل قد صعدت الدرج وقدماها تقتربان من بابِ غرفتها، لكنّ صوت أمها أوقفها حين نادتها بصوتٍ عالٍ تلفظ باسمها : أسيـــل
استدارت أسيل بهدوءٍ ما إن سمعت اسمها وهي تعود باتجاه الدرج : نعم
كانت تمشي بخطواتٍ هادئة، وما إن وقفت أعلى الدرج حتى هتفت : وش فـ ....
قُطع حديثها بشهقةٍ وصلت أذني أمها كما أذني الواقف بجانبها، وعيناها تتسعان بصدمةٍ وهي ترى شاهين ينظر إليها، يقف بجوار أمها، يرمقُ شكلها وابتسامةٌ ظهرت على شفتيه رغمًا عنه، ليس لملامحها المصدومةِ بقدر ماهو لشكلها الطفولي المبعثر والشكولاه التي كانت تُغطي زاوية فمها ومناطقَ من شفتيها بشكلٍ مُغرٍ.
حركت شفتيها المغطاة بالنوتيلا بكلماتٍ دون صوت، كلماتٍ لم يستطع ترجمتها بعينيه، وجهها يحمرّ تدريجيًا وعيناها يُغلفهما الذهول، يغلفهما الإحراج والخجل الذي رأى في هذه اللحظاتِ أنه لا يليق إلا بأنثى اسمها - أسيل - ..... لااااااااا
زمّت شفتيها بعُنفٍ لتتوزع الشكولاة على سطحهما، تُغمض عينيها بقوةٍ قبل أن تتحرك تنوي الهروب، تريد أن تموت في هذه اللحظةِ المُحرجة، تُريد لو أنها تفقد وعيها ويراها ولا تراه.
لقد رآها بهذا الشكل! بهذا الشكل! بحماقةِ مظهرها، بقميص بيجامتها الذي كان " كت "، تُظهر مرمريةَ كتفيها، ببنطالها الذي كان ينتهي عند نصف ساقيها، حافيةُ القدمين وشعرها بالتأكيد كان أشعثًا بشعًا.
هتفت امها بصدمةٍ وصوتٍ عالٍ ما إن رأتها تهرب : أسيـــل! شقلة الأدب هذي وين رايحة؟؟؟
ضحكَ شاهين بقوةٍ لم يستطع كبحها وهو يراها تفرّ هاربة، ودون أن يستطيع منع نفسه واحترام وجود امها تحركَ بسرعةٍ خلفها وهو يهتف لام فواز : بطلع لها بنفسي
اتسعت عيناها لكنها لم ترد سوى بإيماءةٍ لم يرها شاهين في حين كان يهرول أمامها يُدير ظهره إليها.
دخلت أسيل غرفتها بسرعةٍ أمام مرأى عينيه، لم تنتبه له حين كان يلحق بها، ولم تنتبه له حين رأى باب غرفتها يُغلق أمام عينيه ليُميزه بكل سهولة من بين الغرف المحيطةِ بغرفتها.
أسندت ظهرها على الباب وهي تتنفس بسرعة، كفها لا تزال تُمسك بالصحن الذي يحوي النوتيلا البائسة، والملعقة ضاعت مع ضياعِ عقلها، ضاعت كما ضاع سكونها وبرودها في هذه اللحظات، سقطت كما سقط قلبها وهي تراه ينظر إليها ... بهذا الشكل المُزري!!
أسيل بقهرٍ ووجهها لازال يحتفظ باحمراره : الله ياخذ النوتيلا ... الله ياخذ النوتيلا ... الله لا يوفقك يـ ... ااااااه
شدّت عى أسنانها بقوةٍ وهي تطبق جفنيها على عينيها، وما إن ابتعدت عن الباب حتى دفعه شاهين بخفةٍ وهو يدخل باسمًا : شقلة الأدب هذي اللي تخليك تتركين زوجك وتهربين؟؟

.

.

.

انــتــهــى

إن شاء الله يكون بارت مُرضي
ما صدقت متى خلصته والنت لعب فيني :(


+ حبيت أطلب منكم طلب صغنون، بالنسبة للي تتابعني في تويتر وما تحب تعلق في المنتديات ... بيسرني تعليق ورأي بسيط في هاشتاق #رواية_كيد
ودي أشوف تفاعل معاي وأميّز قرائي أكثر، وأكيد بيسرني هالشيء




ودمتم بخير / كَيــدْ !

كَيــدْ 04-12-14 11:37 PM

رد: قيودٌ بلا أغلال عانقت القدر القيد الثاني والعشرين
 

الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 19 ( الأعضاء 6 والزوار 13)
‏كَيــدْ, ‏جوزيف الحربي, ‏hoouur, ‏كلابي, ‏صمت الهجير, ‏احساس ورد


حياكم * فيس أبو عيون قلب *
اليوم الحضور أكثر من كل مرة ()* يارب زيد وبارك

بس هاه حطوا لو تعليق بسيط ، اليوم ضغطي ارتفع للمليون بسبب الرواية
من المغرب وأنا أشتغل على البارت يرضيكم ما تجازوني ولو بشيء بسيط :( <- نحاول نستعطفكم شوي :D



قراءة ممتعة ()

لوولووز 06-12-14 12:23 PM

رد: قيودٌ بلا أغلال عانقت القدر القيد الثاني والعشرين
 
السلام عليكم
من زماااااان ماقريت رواية شدتني كذا 😍😍
قريت اول فصلين واستمعت وجميل انه فيه شخصيات كثير ومتنوعه
والاحداث حماااس ،بس اللي محيرني لييه سلطان ما اهتم وخاف على اخته مثل اخوه عناد ؟؟؟
يعني اخته من الكتب والصوور
يعطييك العافية استمري ❤️❤️🎉

فتاة طيبة 06-12-14 03:25 PM

رد: قيودٌ بلا أغلال عانقت القدر القيد الثاني والعشرين
 
جميل جدا الجزء واسلوبك أخاذ عزيزتي كيد ...لكن علاقة سيف وزوجته علاقية عبودية بصراحة استغرب ممن تعلم ان زوجها لايريد ان ينجب منها وتبقى معه مادام رفض الانجاب فهو لايحب زوجته مامن رجل يرفض ان تحمل زوجته الا وهو يرفضها شخصيا وماذا بقي لكرامة المرأة وقتها ... شكرا لك وسلمت اناملك

fadi azar 07-12-14 12:24 AM

رد: قيودٌ بلا أغلال عانقت القدر القيد الثاني والعشرين
 
فصل رائع سيف انسان مستبد يعامل زوجته كانها جارية عنده ليس لها شعور تحس به ولكن هي أيضا مخطئة يجب ان تتخز قرار صارم بالابتعاد عنه لتحافظ على جنينها متشوق لمعرفة التكملة

ابنة الحظ 07-12-14 04:20 AM

رد: قيودٌ بلا أغلال عانقت القدر القيد الثاني والعشرين
 
بدون مجامله كيد روايتك من اجمل وارقى الروايات اللي قريتها واللي راح اقراها ، سواء من عمق الشخصيات وروعه السرد والتنقل بين الاحداث والاماكن ، استمري بروايتك واحنا معك ومن نجاح الى نجاح باذن الله ، بس عندي طلب بسيط لو سمحتي : اتمنى تشوفي حل للاخ سيف لانه باطن كبدي بالحيل !

ايشو المطيري 09-12-14 11:42 PM

رد: قيودٌ بلا أغلال عانقت القدر القيد الثاني والعشرين
 
لو اقولك اني سجلت بالمنتدى عشان روايتتك ، وربي ذا الصدق :""( ♡ ♡.
انا م قاهرننني بالروايه الا سيففف نفسي افرمه اخخخ
انا لو مكان ديما انحاش ل امي واجلس عندها لما يعرف قيمتي وربي يقهر هو الي يحتاج طبيب نفسي مو جيهان :'(
وحابه افهم حاجه م فهمتها للحين كيف عرف ابو غزل انها مب بنت ؟ وكيف صارت كذا لان جد ماهمت سالفتها !
رويتتك جميييله جداً ، اتمنى تكملينها ولا تسحبين عليها .


الساعة الآن 03:40 PM.

Powered by vBulletin® Version 3.8.11
Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd.
SEO by vBSEO 3.3.0 ©2009, Crawlability, Inc.
شبكة ليلاس الثقافية