لمشاكل التسجيل ودخول المنتدى يرجى مراسلتنا على الايميل liilasvb3@gmail.com






العودة   منتديات ليلاس > القصص والروايات > قصص من وحي قلم الاعضاء > الروايات المغلقة
التسجيل

بحث بشبكة ليلاس الثقافية

الروايات المغلقة الروايات المغلقة


 
نسخ الرابط
نسخ للمنتديات
 
LinkBack (1) أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
قديم 01-05-16, 10:03 PM   المشاركة رقم: 786
المعلومات
الكاتب:
اللقب:
قارئة مميزة


البيانات
التسجيل: Sep 2010
العضوية: 190192
المشاركات: 574
الجنس أنثى
معدل التقييم: أبها عضو ذو تقييم عاليأبها عضو ذو تقييم عاليأبها عضو ذو تقييم عاليأبها عضو ذو تقييم عاليأبها عضو ذو تقييم عاليأبها عضو ذو تقييم عاليأبها عضو ذو تقييم عالي
نقاط التقييم: 748

االدولة
البلدKuwait
 
مدونتي

 

الإتصالات
الحالة:
أبها غير متواجد حالياً
وسائل الإتصال:

كاتب الموضوع : كَيــدْ المنتدى : الروايات المغلقة
افتراضي رد: قيودٌ بلا أغلال عانقت القدر

 

سلمت يداكِ كيد
تبارك الرحمن ابداع يفوق الوصف ..
أحداث مؤلمة ومشاعر متضاربة
متعب ..الشعور بالخيانة مؤلم ، فما بالك إن كان من أقرب
الناس .استطاعت تلك العصابة أن تزرع الفرقة بين
الاخوة وبشكل اجرامي قبيح .
لكن المستغرب أن يصدق متعب كل تلك الأقاويل عن أخيه
وهما اللذان تربطهما علاقة وطيدة !!
متعب وعودته إلى الرياض.. تُرى كيف سيكون لقاء متعب بأمه؟
و شاهين ؟ و أسيل ؟ أشفق على والدته وأحسب أن قلبها
سيتوقف من روع اللقاء ! فاللقاء بميت محال 😢

مبروك زواج أدهم وإلين ، ليس من السهل أن تنسى إلين
أحداث الماضي ، فهل سيتمكن أدهم من مساعدتها
على ذلك ،،؟ أظن أن العلاج سيطوووول .

غزل ...وقرارها الشجاع ووقوفها في وجهه أبيها خطوة
رائعه .. لكن هل ستسير الأمور كما تتمنى ؟

فواز .. انتقامك من جيهان وانتصارك لكبريائك ستكون
الضحية فيه جنان .. لا تستحق جنان أن تكون أداة لحرب
لا دخل لها فيها .. فلا تظلمها

كل الشكر والتقدير للمبدعة كيد .. 🍃🌸🍃

 
 

 

عرض البوم صور أبها  
قديم 02-05-16, 11:42 PM   المشاركة رقم: 787
المعلومات
الكاتب:
اللقب:
قارئ مميز


البيانات
التسجيل: Jun 2010
العضوية: 174082
المشاركات: 4,031
الجنس ذكر
معدل التقييم: fadi azar عضو ماسيfadi azar عضو ماسيfadi azar عضو ماسيfadi azar عضو ماسيfadi azar عضو ماسيfadi azar عضو ماسيfadi azar عضو ماسيfadi azar عضو ماسيfadi azar عضو ماسيfadi azar عضو ماسيfadi azar عضو ماسي
نقاط التقييم: 4492

االدولة
البلدLebanon
 
مدونتي

 

الإتصالات
الحالة:
fadi azar غير متواجد حالياً
وسائل الإتصال:

كاتب الموضوع : كَيــدْ المنتدى : الروايات المغلقة
افتراضي رد: قيودٌ بلا أغلال عانقت القدر

 

فصل رائع جداما حبيت انتقام فواز من جيهان كان كلامه جارح جدا كيف يحبها وبازيها جيهان تحتاج لان تتعالج نفسيا حتى تسطيع ان تثق بنفسها اولا وبعدها بالناس حولها متعب عاد للوطن كيف سيواجه اخيه واعتقاده بانه السبب في ما يحصل له بانتظارك اختي

 
 

 

عرض البوم صور fadi azar  
قديم 06-05-16, 10:12 PM   المشاركة رقم: 788
المعلومات
الكاتب:
اللقب:
ليلاس متالق


البيانات
التسجيل: Jun 2014
العضوية: 267722
المشاركات: 575
الجنس أنثى
معدل التقييم: كَيــدْ عضو ذو تقييم عاليكَيــدْ عضو ذو تقييم عاليكَيــدْ عضو ذو تقييم عاليكَيــدْ عضو ذو تقييم عاليكَيــدْ عضو ذو تقييم عاليكَيــدْ عضو ذو تقييم عاليكَيــدْ عضو ذو تقييم عاليكَيــدْ عضو ذو تقييم عالي
نقاط التقييم: 947

االدولة
البلدSaudiArabia
 
مدونتي

 

الإتصالات
الحالة:
كَيــدْ غير متواجد حالياً
وسائل الإتصال:

كاتب الموضوع : كَيــدْ المنتدى : الروايات المغلقة
افتراضي رد: قيودٌ بلا أغلال عانقت القدر

 



سلامٌ ورحمةٌ من اللهِ عليكم
صباحكم / مساؤكم طاعة ورضا من الرحمن
إن شاء الله تكونون بألف صحة وعافية


شكرًا لتواجدكم، شكرًا لكلماتكم الطيبة سواءً بالمتصفح أو خارجه، شكرًا للروايـة اللي جمعتنا .. إن شاء الله أكون دائمًا عند حسن ظنكم والله يكتب لي التوفيق والوصول للنهاية بسلام :$$

ممتنة لكم جميعًا وممتنة لكلماتكم الطيبة اللي تسعدني دائمًا، الله يسعدكم ويكتب لكم فردوسه :*



بسم الله نبدأ

قيودٌ بلا أغلال عانقت القدر ، بقلم : كَيــدْ !



لا تلهيكم عن العبادات




(73)*2




قُبيْل ساعاتٍ طـوال، ينتظرُ في المطـار بملامحَ بائسـة ، بين عينيْه يُعرّف الموتُ في كلمـة - غـدر -، إلهِي خثّر تلك الدمـاء التي انبثقَت من جراحِه، كـانت سائلةً فوقَ ما يجب، مائيةً أكثر من معدّل السيولَةِ الطبيعية ، ثلاثَ سنينَ تقريبًا ولم تتخثّر، ثلاث سنينَ إلا شهورٌ بسيطةٌ ولازالَت جراحهُ تنزفُ ولم يمُت، جفَّ ، وتجعّد جلدهُ وشـابْ ، يقتربُ من إنهـاء السابعةَ والثلاثينَ من العُمرِ والتجاعيدُ تسكنُ أسفلَ جلدهِ لا على السطحْ، هذهِ التجاعيدُ أعمقَ في المعنى، هذهِ الكهُولة تعني أنّ ضعفهُ أشدّ، أن عقلهُ يتذكّر المعانـاةِ أكثرَ ويتضخّم بذكرياتِه ولا ينسى، يُصبح واهنًا كتكتّلِ رملٍ ما إن يُعبثُ بهِ حتى تتناثرُ ذرّاتهُ هشاشةً، ويصبُح عقله من الجهةِ الأخرى يجلبُ الذكرياتَ القاسيـة للجزءِ الواعـي ، ليتعذّب أكثـر.
أسندَ رأسهُ للخلفِ على حافةِ الكُرسيّ وابتسامةٌ تكادُ تتقوّس للأسفل ترتسمُ على شفتيـْه، راقبَ النـاسَ العابـرين أمامه، ضحكاتُ مراهقٍ قُربه، رجلٌ يتغزّل بامرأتهِ خلفه باللغةِ الفرنسيّة، وبعيدًا ... بُكـاءُ طفل !
لو أنّ كل ما حدثَ لي لم يحدثْ لكنتُ الآن أحملُ طفلًا لي في يدي ، طفلي ، وطفلُها ، يا إلـه الفرحْ، يا إلـه خلقكِ الغـادرين، كادُوا بي يا الله ، دفعونِي في غياهِب الجبِّ ولم أجدْ حتى الآنَ سيّارةً يقتلعونِي من ظلامي .. هل لديهم طفلٌ الآن؟ هل سرقُوا طفلي أيضًا؟ هل سرقهُ مني كما فعلَ بامرأتِي ! . . غصّ في حلقهِ الوجَع، تضخّم حتى تحرّكت تفاحةُ آدم بصعوبةِ بلعهِ لريقِه، كيفَ يُوصفُ الوجَع بكلماتٍ منصفة؟ وحدهُ الذي لم ننصفهُ حتى الآن، وحدهُ الذي لازال يتّكئُ على زاويـة الأقلامِ ولم يسقُط في تعبيرٍ على الورَق، وحدهُ الحُزن ما يُجعّد الجلدَ الأسمـرَ ويُحرقه ، صحراءُ المشـاعر ، يا بطشَ شمسِه !
حاول أن يُغلق مسامعهُ عن صوتِ الطفلِ الباكِي كي لا يحترق، يُغلق مسامعه عن الكلمات المتغنّجة من المرأةِ خلفهُ والتي كانت تردُّ على رجُلها، كانت امرأتُه مختلفـة ، لكنّها كسرته وخذلته !
اقتربَ منهُ رجلٌ كان أحدَ الرجـال المُكفّلين بنقلهِ إلى بلدِه بأمان ، هتفَ ما إن وقفَ أمامه : طيّارتنا الحين.
نظرَ لهُ ببرودٍ ليرفعَ إحدى حاجبيه ويتساءل بنبرةٍ لا مباليةٍ في الحقيقة : وين اللي كان معاي طول هاليومين؟
الرجُل يجيبهُ برسميةٍ عمليّة : مشغُول.
نهضَ بجمود : عمومًا ما يهم !

ولأنّ الوقتَ يُجيد الجراحَ كمـا عقله الذي احتفظَ بالذكريات التي سمّاها في يومٍ جميلةً والآن مؤذيـة ، هرولَ بسرعةٍ ليصل.
الذكـرياتُ جزءٌ من الوجَع، وَ " القلبُ غمدُ الذكريات " .. حينَ يتذكّر لحظةً بينهُ وبين أخيه يتألّم ، وحين يتذكّر لحظةً بينهُ وبينها يمُوت بألمه.
الآن سماءُ موطنِه لاحَت في الأفق، أنـوارُ الريـاضِ دغدغَت عيُونه وقد وصلَ بعد مغربِ اليوم الذي كـان فيه زواجُ أدهـم ، اختلطَت مشاعرُ عديدةٌ في صدرِه، لكنّ شغفه السابقَ بالعودةِ مرِضْ، لم يكُن بنفسِ القوّةِ التي كـان عليها ... نـظر للأنوارِ بضيـاعٍ لا يستطيعُ تحديدَ هل هوَ سعيدٌ أمْ حزِين ، لا يستطيعُ تبيّن مشـاعرهِ بعد سنينَ من الشغف، سنينَ من الأمانِي، سنينَ من الأحلام التي تخيّل فيها عودةً سيرى من بعدها امه ، يحضنها ولن يخجلَ البُكاء على صدرِها .. يرى أسيل ، ويقبّل عينيها التي اشتـاق.
ابتسمَ الابتسامةَ التي لم تعُد شفاهُه تعرف غيرها، البسمةَ التي تكاد تتقوّس معها للأسفـل ، ابتسامةُ الانكسـار والانتهـاء ، ابتسامةُ نزيفهِ الذي لم يتوقّف ، لم تتخثّر الدماء على جلدِه ، ابتسامة التجاعيد التي تتكفكفُ أسفل جلدِه ( اللحـاف ).
كـانت الريـاضُ ملجأه لسنينَ حتى كبُر، كانت تحملُ ضحكاتـه ، والآن تشمتُ بهِ بذكرياتٍ مرّت عليهِ كمرورِ شريطِ حياتِه أمامه ، ومن مكرِها بعثَت إليه كذكرى أولى إحـدى اللحظات التي جمعتهُ بأسيـل ، وشاهين أيضًا !!

*

تكتّفت برفضٍ وهي تكادُ تلصقُ ظهرها بالسيـارة وتلتحمُ بالكرسي ، ابتسمَ بعبثٍ وهو يُطفئ السيارة ويلفظ : يلا انزلي.
أسيل بحدةٍ ممتعضة : لا ، ولا ولا ولا مليون مرة.
متعب يكتم ضحكته : افا !
أسيل بغضبٍ تستديرُ إليه : كم مرة قلت لك فواز لو درى إنّي أدخل بيتك بيزعل !
متعب : عادي زوجتي وبعدين هذا بيتك المستقبلي لازم تتعرفين عليه !
لوَت فمها بغيظ : أصلًا خلاص ما أبي أسكُن فيه أبي بيت مستقل.
متعب بحدة : بنبدأ شغل الزوجات الحين؟ أتوقعها من أيّ مرَة إلا أنتِ !
أسيل بحرجٍ تُبرر : لا مو قصدي كذا ، بس يعني أخوك . .
متعب يقاطعها : لا تشيلين هم هالمسألة .. معليش حبيبتي ممكن ما تآخذين راحتك بس مو حاب أبعد عن امي !
ابتسمَت : يا الله صبرني ! خلاص لا تبكي علينا ..
ضحكَ وهو يفتح الباب ويهتف : يلا بس انزلي لا تحاولين تضيعين السالفة.
أسيل بغضب : عن الحقارة متعب والله عيب!
نظر لها من طرفِ عينه : شقلتي؟
أسيل وقد انتبهت لما قالته، شعرت بالحرجِ وشتت عينيها لتلفظ : بدون قصد.
متعب : طيب يلا انزلي ماراح نطوّل ، سلمي على امي ونسولف شوي وبعدها بترجعين ولا من شاف ولا من درى.
نزلَت من السيـارة بتذمّر : نستاهل أنا وفواز اللي معطينك وجه ! تماديت ..
تجاهلها وهو يلتف حول السيـارة حتى وصلَ إليها وأمسك بكفّها ليتّجهـا نحوَ بابِ المنزل ، فتحهُ متعب ودخل معها وهو يهتف : لو فكّر فواز للحظـة بس يمنعني أطلع معك ماراح يشكر بطن امه اللي جابه.
أسيل تدافع عن أخيها : بوقف بصفه ، طالت بعد تتجرأ على أخوي.
متعب يرفعُ إحدى حاجبيه : ماشاء الله بتوقفين بصفْ أخوك!
أسيل تبتسم : قلتها أخوي جعل العرب يفدونَه.
أدار وجههُ إليهـا : حسابك عندي.
: مين جايب معك يا كلب؟!
التفتا بسرعةٍ نحوَ شاهينْ الذي كان يقتربُ وهو يدير مفتاحَ سيّارتهِ في سبابتِه، تراجعَت أسيل بخجلٍ بينما ابتسمَ متعب بلؤمٍ وهو يلفُظ : ما أحكي مع العزوبيين .. أترفّع.
شاهين يبتسم : حسبي الله على عدو فواز اللي ما حصّل غير يرضى فيك أنت عشان تبثرنا ، تفي بس.
متعب يلكمهُ على كتفهِ بخفةٍ ليلفظَ بصوتٍ حادٍ بتمثيل : عن قلّة الأدب احترم أخوك الكبير.
شاهين بمكر : الحين قولي هو يدري إنّك مآخذ راحتك هالقد؟
متعب وقد فهمه ، ردّ ببراءة : أيه أصلًا قال زوجتك في النهاية مالي حق أحط حدود بينكم.
شاهين بشغبٍ مرر لسانهُ على شفتيهِ وهو يحرّك حاجبيهِ للأعلى والأسفل بلؤم : الحين بتّصل عليه وأسأله.
متعب بحقد : حيوان تسويها.
شاهين : هههههههههههههههههههه أجل تترفّع عن العزوبيين؟!! * وجّه حديثهُ لأسيل * يا مرَة أخوي ترى زوجك ما ينعطي وجه ، أمس قالي مرتِي مخفة من أقولها كلمة تطير مبسوطة ، ترى الشعراء كَذّابين لا تصدقين حكيهم.
متعب بعصبية : انقلع يا كذّاب لا تخليني أشوتك وأقفل باب البيت عليك وبعدين دوّر مين يدخلك ..
شاهين : ههههههههههههههههه امي عطتني مفتاح احتياطي بعد ما سويتها فيني ونمت بسيارتي هذاك اليوم.
متعب : إذا ما سويتها اليوم بسويها بكرا بعد ما أسرق مفتاحك وأنا نايم.
اتّجه للبـاب بعد أن شعرَ بأنّه أثقل الحديثَ معهُ وبقيَت أسيل واقفةً حتى هذا الوقت، بينما لفظَ صوتُه بتحدي : جرب يا ولد عُلا وبتلاقي سالفتك عند فواز عشان يحرمك تطلَع ويّاها.
خرجَ ومتعب يشتمهُ بحنق، استدار إلى أسيل ليهتف بتحذيرٍ وهو يرفعُ اصبعه أمام وجهها : يا وييييلك يا ويييييييييييلك تصدقين كلامه ... حسابه عندي.
أسيل ترفعُ حاجبها الأيسر : وأنت كل العالم ودك تحاسبهم؟ بصدّقه ترى لأنك بيـاع حكِي.

*

حطّت الطائـرة، وعينيهِ يُغمضهما بأسـى وحزنٍ مريـر ، خسرَهما ، خسرهما سويّةً ... يا الله حتى متى ستقتلعُ منّي الدنيا الجذور التي أحيـا بِها؟!


،


يطرقُ بأصابعهِ على المقودِ بغضبٍ وهو ينظُر للساعةِ تارةً ولجهةِ قاعـة الاحتفالات تارةً أخرى، احتدّت أنظارهُ وهو يراها تظهرُ من بينِ ظلامِ الوقتْ، هذا الانصيـاع الدائم لي منذُ كُسرَت انقلبَ فجأةً اليومَ لتتجاهلني، كانت تستفزّني حين تنصـاع بآليةٍ باردةٍ عن غيرِ البشر في لحظةٍ أنتظرُ منها حرارةَ انفعالٍ أو ردّة فعلٍ تُخبرني أنّ " ديم " حيّة ! وحينَ انتظرتُ منها الانصيـاع اليومَ فعلت العكس لتستفزّني دائمًا وتنجحَ في ذلك !
فُتحَ البابُ الذي بجانبه، لم تكدْ تجلسُ وتعتدلُ في جلستها حتى انبعثَ صوتُه من الغضب صارخًا بحدة : وأخيـــرًا شرفتي يا ست ديما !!!!
نظرَت لهُ بجمودٍ بعد أن فترتْ لوهلةٍ من صراخه، أشاحَت نظراتها عنهُ ببرودٍ استفزّه لتُغلق باب السيـارة وتعتدلَ في جلستها وحقيبةُ سهرتها بجانبها.
سيف بحدةٍ وعينيه تكاد أن تخرجا من محجريْهما غير مستوعبٍ هذا التجاهل المستفز ! : قد هالحركات يا ديما!
ديما تنظُر لهُ بصمتٍ لبعض الوقت، مرّت ثوانٍ قصيرة قبل أن تكسرها بصوتٍ فاتـرٍ امتلأ ببحّة حُنجرتها " التعبانة " : آسفة ما قصدت.
نظَر لها بصدمةٍ قبلَ أن يشتعلَ فجأةً ويعضّ شفتهُ كي يكتمَ حـنقه، حرّك السيارة بصمتٍ يصرخُ وهي يلوي لسانه قسرًا كي لا ينبعثَ إليها بلذاعة.
بينما وجّهت ديما نظراتها نحوَ النافذةِ بجمودٍ لتراقبَ الطريقَ وأنواهُ التي بدأت بعدّها بضجَر، لفظَ سيف فجأةً من الصمت : ليه ما طلعتِ وقت جيت لامي؟
ديما دونَ أن تنظُر إليه : ماهي حلوة بحقي وهم أقاربي.
سيف بنبرةٍ تحشرجَ فيها الغضب : بس أنتِ تعبانة !!
ديما : مين قال؟
سيف بحدة : دريت بعد من العصفورة!
تنهّدت بعجزٍ لتُشيح نظراتها عنهُ من جديد، حينها نفدَت أعصابهُ ليمدّ يدهُ بحدةٍ مستلًّا يدها وهو يلفظُ بعصبيةٍ بالغـة : مـــا ......... يا الله يدك حارة!!
تركها وهو يزفُر بغضبٍ من برودها تجـاه مرضها، أسرع قليلًا وهو يشتمُ بخفوتٍ ويتمتم بحنق : وتكابرين ليه؟ منتِ طبيعية يا ديما أبدًا منتِ طبيعية !!


،


تخشّبت حواسهُ كالباب الذي أمامه . . هذا الليل، هذهِ النجُوم، هذهِ السماء كلّها شهدَت على وقوفنا معًا في هذهِ اللحظة. عجِز عقلي أن يُصدّق، هُنا رائحةٌ تطوفُ حول قلبي وتقيّده/تتشبّثُ بِحجراتِه، رائحةٌ اختلفَت عن رائحـةِ الطفلة، ومهدها، ووجنتها. هذهِ الرعشـة التي تُصيبُ أطرافي بنشوةِ وقوفها خلفي، هذهِ الكلماتُ التي تُحاربُ شفتاي كي تخترقهما " أنا بحلم؟ " .. شعرَ بلسانِه يلتوي وصوتُه يغصُّ في حنجرتهِ بتذبذبُ مشاعره ... هل أنا في حُلمٍ لذيذٍ استلّني في نشوةٍ دافئـةٍ وسيُعيدُني مهترئًا؟ هل أنا في جُحرِ قنديل؟ هذهِ الرعشـاتُ والتيارات التي أشعُر بها تسري في عروقي، الكلماتُ التي تُلهِبُ فمي، هي خلفي! وأنا أمامها، هي معي ، وحيديْن، هل تحقّق الحُلم وطمُوح الطفولة؟
استدارَ جسدهُ ببطءٍ يخشى أن يجدَ مكانها فارغًا، أن يكون نائمًا وسينهضُ ولا يجدها .. تلاشَى حُزنه بمتعِب لبعض الوقتِ الذي انتشَى بها، تلاشى في هذا الوقتِ وهي دواءه، هيَ " كفنُ الأحزان ".
ابتسمَت شفاهُه بسمةً صخُبَت بالسعادةِ وهو يراها تُديرُ ظهرها إليه ، تحقّق الحلم فعلًا ... عبَرت أقدامهُ إليها، شقّت الخطواتِ بينهما، بترتها! يُريد فقط أن يتأمّل الملامح التي نضجَت، يُريد أن يتفقّد وجنتها إن كـانت كما هي سابقًا، مُتعةَ أناملهِ وشفاهِه في صغرِه !!
وقفَ خلفها مباشرةً وصدرهُ يرتفعُ بتذبذبِ المشاعِر التي تضمُّ أضلاعهُ في انقباضَاتِ فؤادِه، رفعَ كفيْه ليضعهما على كتفيها حتى يُديرها إليه ويُزيح الستار الذي يفصِل ملامحها عنه، يرفعَ خمارها ويتأمّل الفتنـة.
وما إن أمسكها حتى انبثقَت همسةٌ خائفـة ، عينين زاغتـا بهلـع، انتفاضـةُ جسدٍ اكتنزَ فيهِ الخوفُ والغُربـة وهي تتراجعُ بتعثّر ، هذه الغربـة التي بدأت تشعُر بها منذ الآن، هذهِ الغُربة التي تشعُر بفحيحِها يخترقُ أذنها، بأنفاسِها " الزمهرير " تُجمّد وجنتها عن الانقبـاضِ بخوفْ.
همسَت بـ " لاااااا " وهي تتراجع، همسَت بها بنبرةٍ راجيـةٍ والحرفينِ تاهـا في يأسِها، تاهـا في انتفاضةِ نبرتها التي اهتزّت بهوانِها.
سحبَ يدهُ مباشرةً بتلقائيةٍ والربكـة أصابتهُ في الثبات الباقي فيه، هتفَ محاولًا تهدئة خوفها الواضِح منه ، بنبرةٍ حنونة : لا تخافين ، مافيه شيء بيكون بدون رضاك .. لو تبيني بعد أبعد أهم شيء لا تخافين.
راقبته بأحداقٍ ترتجفُ وهي تُقـاومُ رغبتها بالبكـاء، لا تدري كيف ضعفَت لهذا الحد، كيف ذهبَت القوّة الباقيـة فيها، حتى أنها تكـاد تخلفُ بوعدها لعينيها، بأن لا تبكي ! لا تستوعبُ في هذهِ اللحظـة أنّه باتَ أمامها، يقفُ أمامها، وحيدين ، يا الله ! . . . بقيَت تنظُر لهُ بخوفٍ وتوترٍ بينما كان هو يتراجعُ للخلفِ ببطءٍ حتى تهدأ أنفاسها التي كان صوتُها ينخرُ طبلة أذنه ويُضاعف حنانهُ كي لا تخاف أكثر، كفّيها ترتعشان بوضوحٍ أمامه، كانت لا تزالُ ترتدي عباءتها ، لكنّ نفضةَ جسدها كانت واضحة.
أدهم بحنانٍ وهو يبتسمُ لها وكأنّه يعامل طفلته، لا تزالُ طفلته، لم يغيّر الزمَن هذهِ الحقيقة، لا تزالُ الطفلة التي حملها في زمنٍ مـا، التي داعبَ وجنتها، التي احتضنها وحمـاها ... برقّة : تقدرين تآخذين راحتك ، اعتبريني ماني موجود لو تبين، أهم شيء لا أشوفك خايفة.
إلين تتراجعَ للخلفِ أكثر بخطواتٍ بطيئةٍ وكأنّها تخاف أن تُصبح فريسته، خـافت بشكلٍ لم تظنّ أنها ستُمارسُه، كل القوة التي تبنّتها تخلّت عنها، كلّ الثبات الذي قرأته على نفسِها نسيَته ، هتفت بحدةٍ تكذّب خوفها وتكذّبه بالرغم من كونِ رعشة نبرتها تصدقُه : لأيش بخاف؟ لا تآخذ مقلب بنفسك!
أدهم يُجاريها : إيه إيه .. أنا غلطان معليش.
إلين بنبرةٍ خائفـةٍ حاولَت مواراتها ولم تستطِع، خرجَت كلماتها إليه مرتعشة : لا تقرب مني ، ما أبيك تقرب مني !!
صمتَ ولم يعلّق ، بينما تراجعَت هي أكثر لا تدري أين ستَصلُ بجسدها النافِر عنه، تنظُر برعشة أحداقها لملامحهِ التي هدأت حتى تهدأ معه، لكنها لم تهدأ وهي تبحثُ خلفها عن مهربٍ وقوتها تذهبُ كلّها ، اصتدمَت بطاولةٍ زجاجيةٍ من خلفها، سقطَ من فوقِها مزهرية زجاجية لتنثر الضجيج بانشطارها وتشهقَ إلين بهلعٍ وهي تبتعدُ عنها، ضمّت كفيها إلى صدرها بعذابٍ وهي تُغمض عينيها بقوّة، أنفاسها تسارعَت أكثر، بينما وجدَ أدهم نفسه يتراجعُ بقلقٍ من أن تتوقّف نبضاتُ قلبها من شدّة خوفها ، فتحَ الباب وهو يلفظُ يريد طمأنتها قليلًا بعيدًا عنه : بجيب العشاء .. خذي راحتك.
غابَ ليصدحَ صوتُ آهتِها العاليـة وتنحني للأمامِ وهي تُحيط بطنها، نظرت للأرضِ بعينٍ فقدت ماءها، بشفتينِ تاهتـا عن بعضهما وعبر من بينهما هواءٌ صاخبٌ بالضجيج، شعرَت بوخزٍ في ملامحها، بانشطارٍ في أنسجتها، شعرت بجسدها يتفككُ وهي تفكّر بأنها باتت زوجةً لهُ وباتت قُربه، باتَا لوحدهما .. يا الله! لم تشعُر بهول مُصيبتها إلا الآن، ما الذي فعلته بنفسها؟ ما الذي فعلته بنفسها؟!
رفعَت رأسها بربكةٍ وهي تخشى أن يعُود بأيّ لحظـة، شتت عينيها تنظُر للجدرانِ ولملامح المكان الذي يحتضنها، الذي سحبَ ملامحها، هذا المكان الأول - في التقاء! .. ترنّحت بهوانٍ وعينيها تلتحمـان بالأبواب، رغمًا عنها تحرّكت، لا تريد أن يعُود وهي بفستانها، إلهي ما الذي فعلتهُ بنفسي! كيف أصبحتُ وهو وحيديْن، كيف أصبحتُ دونهم؟
بحثَت في الغُرف بضياع، وجدَت أخيرًا غرفـة النوم لتجد حقيبة ملابسها على الأرض، اُمتصَّت الحيـاة منها وباتت عينيها باهتتينِ وهي ترتعشُ وتُبعدهما عن سرير - العروسين!
بترددٍ ارتفعَت يديها لتبدأ بخلعِ عباءتها ليظهر فستانها الأبيضَ على جسدها الغض، تهدّل جلدُ يدِها، وشعرت بانصهارٍ في عظامها لتسقُط العبـاءة على الأرض وتجلسَ بهوانٍ على ركبتيها، استندَت على الأرضِ بكفٍ أرهقتهُ الرعشـة، رفعَت عينيها المُحمرّتين بملوحةٍ رفضَت الانسكابَ رغم عدمِ مقاومتها وكأنّها انصاعت لوعد شفاهِها، نظرت للسريرِ الذي تدخّلت كفوف هالة وهديل في وضعِ قميصٍ أبيضَ فوقه . . - آه - على حدّةِ الحُفرة التي وقعَت فيها وجدرانها امتلأت بشوكٍ كي لا تستطِيع تتسلقَه، آه، على رخويّةِ الأجفانِ بعد أن امتصَّ الملحُ ماهيّتها وتركها شفافةً تفضحُ حمرةَ عينيها، آه ، على انعكـافِ الهدبِ في ندمِ الانصيـاع لجنُون .. تضاعفَ الندمُ وسيفٌ انغرسَ في صدرها بعد أن غرقَ في قنّينةِ سُمٍّ سيفتكُ بعروقِها، لا أجدُ الآن مأوى لحُزنِ عينيّ إلا الأرض التي تُعانقُ أهدابي الآن ، لا أجدُ قِبلةً لهوانِ أحداقِي سوى تُربةٍ جامدةٍ استلّها " رُخـام "، تأوّهت مراتٍ وهي تسقُط بألمها بعد أن انتهَت حين وجدَت نفسها في قبره، انتهَت بـ " الانتحار ".
دخـل أدهم بعد وقتٍ للغرفـة حين لم يجدها في الصـالة، توقّف بصدمةٍ للحظتيْنِ وهو يراها بحالِها تلك وقد تخلّت عن سوادِ ما تسترُ بهِ زينتها، هروَلت أقدامه إليها بقلقٍ لينحني إليها أخيرًا ويُمسك كتفيها كي يرفها في اللحظة التي ذُعرَت فيها لملمسِ كفيه على كتفيها العاريين، صرخَت ليتركها مباشرةً وتعودَ للسقُوط على ركبتيها بعدَ أن رفعها قليلًا ، انسابَت كفوفها على الأرضِ وهي تنحني إليها أكثر وتغرقُ في أنينها الباهتِ دونَ بُكـاء، بكى صدرُها المجوّف فقط بعد أن عبـر من خلالِه هواءٌ باردٌ وخرجَ في هيئةِ أنين .. وقفَ أدهم بجمودِ جسدهِ وهو لا يستوعبُ كيف أنّها رافضةٌ لهُ لهذا الحد، لكنّه لم يتجرّأ على الاستنكارِ حتى وأهداها العُذر لذلك ، خفتَ صوتُه الهاتف باسمِها المُعانقِ لغيومِ قلبهِ البيضاء والتي لم تُمطِر حتى الآن باستقلاليةِ حيـاة : نجـــلاء . .
إلين تصرخُ فجأةً باترةً بقيّة حديثهِ بغضبٍ توازَى مع مقدار ألمها وانكسـارها : إليييييييييييين .. اسمي إلين ماهو نجلاء !! ماهو نجلاء !!!
أدهم بنبرةِ صوتِه الخافتـة : طيب ، إلين .. خلاص إلين.
إلين بوجَع : ما أعترفْ فيها .. عشْت سنيني كلها باسم إلين مين هذي نجلاء عشان تشيل جزء مني؟ ما اعترف ببنت أحمد ، ما اعترف بالطفلة اللي ولدتها رقيّة ، ما أعترف باللي شلتها بيدينك وهي طفلة !!
قطّب جبينه واعترضَ بصمتِه، راقبَ هيئتها من الخلفِ بفستانها النـاعم، عُنقها الناعم وخصلاتٌ قليلةٌ تعانقُه بعد أن تمرّدت على تسريحةِ شعرها، حتى الآن لمْ يرى ملامحها وكأنّ ملامحها تخاف أن يغرق في فتنتها وتُغويـه، قبضَت كفّيها على الأرضِ لتستقيمَا في عموديّةٍ وتُخفض جبينها إليهما حتى تسنده، أغمضَت عينيها بقوّةٍ وهوانٍ وهي تهمسُ بضعفٍ تتمنّى أنها في كابوسٍ وأنّ حضورهُ كاذب : ياربي ارحمني من كل هالشيء ، ياربي يا حبيبي ارحمني من هالكابُوس ، ارحمني من هالعذاب.
اقتربَ منها بأسى وهو يقطّب جبينه، جرحتهُ بهمسِها المسموعِ وكأنّه مرضٌ إن أصابها لن تُشفى منه .. ابتلعَ قهرهُ وهو يهتفُ بنبرةٍ حملَت بعضَ البرودِ والجفاف : قلتلك ماله داعي هالخوف مني ، ماراح أضرّك بشيء ولا بقرب لك بدون رضاك.
شهقَت بخفوتٍ وهي تفتحُ عينيها بشدّةٍ وتنظُر للأرضِ بصدمةِ حواسها التي صدّقت كل ما يجري حولها ولم يكُن كابوسًا، تجمّدت بينما أردف هو بنبرةِ أسى : بدّلي ملابسك ، واطلعي تعشي أقل شيء عشان نفسك .. إذا تكرهيني هالكثر لا تهتمين لتواجدي قُربك، اعتبريني مو موجود.
وصَلت إليها كلماتُه تلكَ ومن ثمّ صوتُ خطواتِه التي ابتعدَت عن الغرفـة، رفعَت رأسها بتذبذبٍ تتبعُ صوتَ خطواته التي تلاشَت بعد لحظات ... كيف لا أعتبرك موجودًا وأنتَ كنتَ تزور كوابيسي قبلًا؟ قُل ماهوَ منطقي، كُنتَ شبحًا في كوابيسي، والآن أنتَ حقيقةٌ في واقعي !!


يُتبــع . .

 
 

 

عرض البوم صور كَيــدْ  
قديم 06-05-16, 10:22 PM   المشاركة رقم: 789
المعلومات
الكاتب:
اللقب:
ليلاس متالق


البيانات
التسجيل: Jun 2014
العضوية: 267722
المشاركات: 575
الجنس أنثى
معدل التقييم: كَيــدْ عضو ذو تقييم عاليكَيــدْ عضو ذو تقييم عاليكَيــدْ عضو ذو تقييم عاليكَيــدْ عضو ذو تقييم عاليكَيــدْ عضو ذو تقييم عاليكَيــدْ عضو ذو تقييم عاليكَيــدْ عضو ذو تقييم عاليكَيــدْ عضو ذو تقييم عالي
نقاط التقييم: 947

االدولة
البلدSaudiArabia
 
مدونتي

 

الإتصالات
الحالة:
كَيــدْ غير متواجد حالياً
وسائل الإتصال:

كاتب الموضوع : كَيــدْ المنتدى : الروايات المغلقة
افتراضي رد: قيودٌ بلا أغلال عانقت القدر

 






،


تسللت أصابعهُ بينَ شعرها وهو يتفقّد بكفهِ الأخرى حرارتها التي انطفأت قليلًا بعد ذهابِهما للمشفَى واعتنائهم بها، مسحَ على جبينها بحنانٍ وهي تفتحُ عينيها لتنظُر لهُ بنظراتٍ فاتـرة، ابتسمْ : الله أكبر على هالشفايف البخيلة .. ابتسمي !
ابتسمَت بمجاملةٍ فاترة ليتنهّد وتتلاشى ابتسامته ، أخفضْ رأسه حتى لامس جبينه جبينها، شفاهُه القريبةُ من أذنها انفرجتا بهمسٍ خافت : تعرفين معنى الصبر النرجسي؟ لمّا يصدّ عني شخص وأنا متأكّد إنه بيرجع لأنه يحبني، لأني مثل ما حكَى قبل ، عجز قلبه يكرهني! ... لا تطوّلين بالغيبة !
أغمضَت عينيها بصمت، بينما أردف بنبرةٍ تولّعت بِها وبفتنتها، نبرةٍ تُقبّل وجنات الزهر برقّتها : أعتقد صرتِ تدرين بما فيه الكفاية إنّي أحبك ..
أغمضَت عينيها بهدوء : الغريب إنّك صرت كريم بهالكلمـة . .
سيف بخفوت : أحبك.
ديما بجمود : ما عـاد تكفِّي.
سيف : كانت تكفِي قبل !
ديما : كل شيء تغيّر.
سيف بأسى : بيقدر ربّي يعوّضنـا.
ديما بنبرةٍ لا مُبالية : بس أنا ما عاد أبي.
سيف يرفعُ وجههُ عنها حتى قابل عينيها بعينيه .. لفظَ بحدة : في اللحظـة اللي كنت رافض إرادة ربي كانت أقوى وحملتِ .. وهالشيء بيصير بعد حتى لو ما بغيتي.
ديما تنظُر لهُ بعينين ميّتتين وهي تمرّر لسانـها على شفتيها، لفظَت بجمود : بحرص إنّ هالشيء ما يصيـــ . .
قاطعها بكفّه التي وضعها على فمها وهو ينحني إليها حتى لامس وجنتها بشفتيه، وبخفوتٍ محذّر : لو أكتشف إنّك تستخدمين شيء يمنعك من الحمل صدقيني ماراح تكون ردة فعلي سهلة.


،


تتساقطُ المجوهراتُ بفوضويّة، صوتُها المُصتدمِ بطاولـة التسريحةِ المُخضبة برائحة العطر الذي ضمّد كفّها . . تابعها بأجفانٍ ثقيلة وهي تخلعُ مجوهراتِها، عينيه الغارقتـان في النُعـاس أصابـها الأرقُ وهو يفكّر بصمتٍ قاتـل ، يغرقُ في سوداويـة أفكـاره، يغرقُ في الموضوع الذي ظلَّ يؤرقهُ لثلاثِ ليـالِي .. بينما تحرّكت هيَ تُريد أن تستحمّ بعد أن تمسح مساحيق التجميل عن وجهها.
غابَت عن عينـيه لتعودَ بعدَ وقتٍ وتجدهُ لازال في حالتـه، اقتربَت من السرير وهي تترك تجفيفَ شعرها وتهتفُ باستغراب : شاهين وين رحت؟
نظَر نحوها بجمودٍ ليهتف دون مقدمات : من العريس اليوم؟
أسيل بعقدةِ حاجبين : العريس؟
شاهين : أيه .. عطيني اسمه.
أسيل بتعجب : ليه أنت ما عرفتَه؟ مو معقول !
شاهين : أبي أتأكد بس.
أسيل لا تدري إلى أين يُريد الوصول، لفظَت باستسلامٍ تريد أن ترى ما وراءه : أدهم عبدالله السامي.
أغمضَ عينيهِ بقوّةٍ وأعاد رأسهُ للخلفِ وهو يشتمُه من بين شفتيْه. فغَرت أسيل فمها بصدمةٍ وهي تستمعُ لهمستهِ الخافتـةِ لـ " قذر "، لم تتسنّى لها فُرصة رؤية العريس أبدًا ولو أنها رأته لتفهّمت غضبه الآن. نطقَت بتساؤل : شفيك شاهين شكله بينك وبينه شيء!
شاهين بحدةٍ يُدير جسدهُ عنها ليسندَ كاملَه على جانبِه الأيسر وهو يهتفُ بنبرةٍ حـادة : أشيــاااااء ماهو شيء حسبي الله عليه !!
بهتت بصدمةٍ ولم تنطُق بشيءٍ وهي تعلم أن استفسارها قد يجيء بمضاعفةِ غضبهِ لذا صمتتْ، واستنتجت دونَ ذكاءٍ أن بينه وبين هذا الرجُل مشاكل يجعلهُ يُبغضه.
بينما بقيَ شاهين يتقلّب فوق السرير وهو يشعُر أنّ نارًا تشتعلُ أسفله، لا يدري ما الذي يفعلهُ وفتاةٌ بريئةٌ سقطت في أيدي مُجرمٍ تخفّى بهيئة الصالـِح.

أخرجَت أسيل ملابسها من الخزانة وهي تتجاهلُ صراعهُ مع مفرش السرير، إن غضبَ تلحظُ فيه أنّه يتصارعُ مع ملابسه، مع شعرهِ إن جففه، مع المفرشِ وهاتفهِ وكل شيء!
ابتسمَت رغمًا عنها وهي تأخذ ملابسها ومن ثمّ هاتفها الذي رنّ بوصولِ رسالـةٍ مـا، فتحَت قائمة الرسائل النصيّة لتظهر لها رسالةٌ اعلانيةٌ فقط، كادَت تخرج لكنّ عينيها اصتدمتـا بتلك الرسالـة الغريبة من الرقمِ الفرنسي، الرسالـة التي احتوَت كلمـةً واحدة أرّقتها وهي تُحاول فهم محتواها، تُحـاول ألا يتعرقل عقلها عند فكرةٍ واحدةٍ تُحاول ثنيها لأجْل شاهين .. هي رسالةٌ وصلتني بشكلٍ خاطئ ، لا أحد من معارفي الآن يقطُن فرنسا أو يملك رقمًا فرنسيًا حتى أشكّ في أنّ ذلك حقيقة .. مجرّد رسالةٍ وصلتني عن طريقِ الخطأ .. فقط!


،


مسحَت وجهها بعنفِ كفّيْنِ امتهنتهما رعشةٌ واكتفَت منهما حتى اللحظةِ ما قبْل الآن، رفعَت وجهها للمرآةِ أمامها لترَى العبثَ الذي حدثَ فيهِ من ذوبـانِ مساحيق التجميلِ على بشرتها، انسيابَ الكُحل حتى ظهرَ مُحيطُ عينيها كبحرٍ أسودَ عـاثً تكويِنَ أحداقها لتُصبح بشفافيةِ الوهنِ والحُزن.
أخفضَت وجهها وبدأت بفرك وجهها بالماء دون أن تحاول تنظيفهُ بمناديل الماكياج الخاصة، تنتقمُ من وجهها لأنّها أوصلَت نفسها للتهلكة، أوقعَت مصيرها في حُفرةٍ تندلعُ فيها النيرانُ من كلّ جهةٍ وتحرقها دونَ أن تقتلها.
استغرقَت وقتًا طويلًا في مسحِ وجهها لتبتعدَ في النهاية عن المرآة وتفتحَ الماءَ لتندسّ أسفلَهُ وتُغرق جسدها كُلّه، هذا المـاءُ الباردْ، ليتهُ يُطفئ هذا الاشتعالَ في جسدي، ليتهُ يمسحُ كلّ المصائب التي حدثَت اليومَ أو أخرُجَ منه وأجدَ نفسي أفقتُ في غرفتِي .. ليس هُنا !!
انتظَرها خارجًا وَ " البشت " رماهُ بجانبِه ، دقيقةً بعد أخرى ، العشـاء أمامهُ تخلخلهُ ثاني أُكسيد الكربونِ من رئتيهِ المُضطربتينِ وهو ينظُر بتوهـانٍ حيثُ لا يدرِي ، تأخّرت كثيرًا، وتأخّرها يعني الهربَ الذي غرسَ سيفهُ في شغفهِ بقوّة ، كـان يُدرك أنّ هذهِ الليلةَ لن تكُون سهلَة، أنّ في صدرها الكثير عليْه، أنّه آذآها وأنّها لن تتقبّله بسهولـة ، قـال سيصبُر ولن يؤلمهُ أيّ ماقد تفعله وتقوله، لكنّه حين خـاض اللحظـة بينهما شعر أنّها تؤذِي رجولته برفضها، شعر أنّها تُقلّل منه فخـاف أن يفقد أعصابهُ التي لم تُهذّب حتى اليوم بشكلٍ صحيح.
نهضَ حين تجاوزَت النصفَ ساعةٍ دونَ أن تأتي، دخَل لغرفةِ النومِ بملامحَ متضايقة تشنّجت وزحفَت إليها بدايات فقدانِ أعصابِه، لم يجدها في الغرفة، ووجدَ فستانها الأبيضَ مرميًّا على الأرضِ أمام بابِ الحمام، تنهّد واقتربَ منهُ ليقفَ بجانبهِ مباشرةً ويتّكئَ بكتفهِ عليه ليصلهُ صوتُ المـاءِ وصمتُها الذي يُخبره بضجيجٍ أنّها تكتمُ الكثيرَ في قلبها تجاهه، صمتها الذي يصرخُ بصدّها ، لمْ يرى عينيها حتى الآن، ولو رآهما يُدرك أنّه سيرى من خلالهما حقدًا صارخًا.
زفَر بصبرٍ ومن ثمّ رفعَ يدهُ ليرسم على البابِ بأصابعَ شاردة، وصوتُه خرجَ من حنجرته فاترًا تكادُ البرودةُ تُحلّل أيّ دفءٍ فيه : نجــ ... إلين ، تأخرتِ!!
عمّ الصمتُ لثانيتينِ فقط، قبل أن يأتي صوتُها صارخًا بانفعـال : مالك شغل فيني .. اذلف من وجهي ما أبي أسمع صوتك ولا أبي أحس فيك قُربي!!!
تراجعَ للخلفِ وهو يعضّ شفتهُ بحنقٍ وأعصابهُ نفدَت وطغَت نهائيًا على شغفهِ بهذهِ الليلة التي ستكُون فيها قُربه، شدّ على قبضتيْهِ بقوّة ، وتراجعَت خطواتهُ للخلفِ وصوتُها يصلُها بشدّتها المعنِّفة للأرض حتى قُطعَت بابتعادهِ ومن ثمّ صوتُ البابِ الخارجِيّ الذي صاحَ مُعلنًا خروجه.


،


جلسَت وأنارتْ ضوء الأبجورةِ بجانبها، لم تستطِع النوم من شدّة قلقها وكذلك هو ، تشعُر بهِ يتقلّب منذُ وقت، وجّهت نظراتها إليهِ لتهتف بقلق : عبدالله.
عبدالله دون أن ينظُر نحوها : همممم.
هالة بقلق : خايفة عليها !
عبدالله يُخفي قلقهُ أيضًا رغم أن توترَ حركاته وتقلّباتهِ تفضحه، ‏كيف عساهُ يطمئنُّ عليها وهي لدى أدهم؟ .. لفظَ بنبرةٍ هادئةٍ ظاهريًا : ليه الخوف الحين هي ببيت زوجها ماراح يضرها بإذن الله.
قالها بالرغم من كونِه لا يصدّق ما قالَه، بينما ابتلعَت هالة غصّتها وهي تهتفُ بحُزن : ما تعودت تنام بغير هالبيت ، فوق كذا زوجها ما كان الا ولد زوج رقية!
جلسَ عبدالله بحدةٍ لينظُر إليها بعصبية : هالة ! كم مرة حذرتك ما تفتحين سالفتها ؟!!
هالة بألمٍ تنظُر إليه : ما قصدت أحكي عنها كثر ما أقصد أدهم بعينه ، بالحيل استوعبت إنه ولده قبل شهور ، أخاف يكون مثل أبوه ويضيمها !!
عبدالله : بعيدة عليه .. لو سوّاها أنا بوقف بوجهه وأوريه شلون يكون الضيم .. ما أرخصها لو على قص رقبتي ، والبيت مفتوح لها متى ما بغَت.
بالرغمِ من أنّه قال لها قبلًا لن يتدخّل في قرارها، لن يكون معها إن اكتشفَت خطأها ، لكنّ قلبهُ الحنونَ عليها لم يستطِع ، ولن يستطيع أبدًا القسوةَ على ابنتهِ التي احتضنها منذُ كانت طفلةً عمرها ستّةَ أشهُر.

في غرفةٍ أخرى ، تحتضنُ هديل وسادتها ودموعها تسقُط رغمًا عنها بعد مغادرةِ إلين المنزل، في هذهِ اللحظة تمنّت لو تذهبُ لغرفتها، تجدها فوق سريرها، تجلسُ معها ، وتسهران سويّةً! كيف تستوعبُ أنّها تركتهم؟ أنّ اختها الكُبرى ابتعدت !!


،


الفجـر، وبعد أن انحلّت زرقة السماءِ المُعتمـةِ وأشرقت الشمسْ، اقتربَت من سريرِها ببطءٍ بعد أن انتبهت لحركاتها التي فضحتْ صحوتها، نظرَت لملامحها لتجد عينيها تنظُران جانبًا بشرود، وضعَت كفها على كتفها لتهمس بنبرةٍ خافتة : جوج . .
نظرت لها جيهان بصمتٍ وهي تُقطّب جبينها، بينما أردفَت أرجوان بهدوء : تنزلين معي للصيدلية؟
جيهان تعقدُ حاجبيها : ليه وش تبين بهالوقت؟
أرجُوان ترفعُ يدها لتُريها ظاهرها : احترقت وودي آخذ لي مرهم.
جلسَت بقلق : شلون احترقتِ يا غبية؟
أرجوان : طاحت عليْ المويا المغلية .. قومي يلا قبل يصحى أبوي.
تحرّكت بآليةٍ والحيـاةُ تنسحبُ من عينيها رويدًا رويدًا، تبهتُ أجفانها بحمرةِ عينيها التي ظلّت ساهـرةً مع نجومِ الليلِ تتفقّد رسالتـه الأخيرة في عقلها وتذُوب بحُزنها/بخسارتِها، شحبَ الجلدُ المُصمَت ليبدُو شفافًا يفضحُ الدمعَ في عينيها . . خرجتـا بعد وقتٍ بهدوءٍ حتى لا ينهضَ يوسف الذي عاد للنومِ بعد صلاة الفجـر على غيرِ عادتـه، نزلتـا واستقبلتا هواءَ الصباحِ المُنعش.
أرجوان تُدير عينيها إليها لتبتسمَ وهي تلحظُ بهوتَ ملامحها وشحوبها، لفظَت تُحاولُ بثّ بعضِ الابتسامة لشفتيها الجافتينِ منها : اليوم الصُبح يشبهني.
نظرت لها جيهان بسخرية : مرررة ، الله يعين بروكسيل.
أرجوان بابتسامة : تذكرين لما نراكض بهالحي بطفولتنا؟ ما تغير كثير.
ابتسمَت جيهان بحنينٍ للذكرَى التي عبَرت أمام أحداقها، الذكرى التي كانت تحتضنُ عائلتها كلّها، تحتضنُ كلّ من تُحب .. هتفَت بخفوت : مرات الناس تطفش من شقاوتنا.
أرجوان بضحكة : أنتِ وأسيل بس ، لازم تجينا شكاوى لما يجون عيال عمي عبدالعزيز الله يرحمه.
جيهان وابتسامتها تتّسع : كنتِ عاقلة بزيادة منتِ طفلة طبيعية ، وديما نفسية ومغروة.
أرجوان : ههههههههههههههههه الله أكبر ماني طبيعية؟
نظرت لها جيهان بحاجبٍ مُرتفع : طفلة عاقلة ما تركب !
أرجوان : أنتِ اللي كنتِ دلوعة وشقيّة بزيادة.
جيهان بعفوية : تربية فواز ، علمني أنا وأسيل على الشقـاوة وإزعـاج الناس . .
ابتسمَت أرجوان بصمتْ، بينما تجهّمت ملامحُ جيهان فجأةً حين عبَر فواز بذكرياتِهما أيضًا ، توقّفت خطواتُها فجأةً لتنظُر للأرضِ بجفافِ عينيها بعد أن انسحبَت الميـاهُ في بكاءٍ مريرٍ تلك الليلة بعد رسالتِه ، مررت أرجوان لسانها على شفتيها ومن ثمّ وضعَت كفها على كتفها لتهمس بخفوت : متذكرة يوم ورطتوا أبوي مع صاحب السوبر ماركت وسرقتوه .. تفشّل يومتها منكم وهو يدفع له بس الرجّال كان يعرفنا ومشاها لكم.
جيهان تتجاهلُ ما قالت وتلفظُ بوجع : من بكرا بتصير حالتي الاجتماعية مطلقة !
زفَرت بضيق : جيهان منتِ أول وحدة ولا آخر وحدة تتطلق ! وش عليك من الجاهلين لا تشوفين إن الطلاق نقص للمراة!
جيهان بغصّة : الا نقص ، كله مني ! أنا السبب .. أنا السبب!!!
أمسكت بمعصمها بحدةٍ ومن ثمّ اجتذبتها للصيدلية التي أصبحت أمامها، هتفت بحنق : جيت أبي أروق مداجك رجعتي لنقطة البداية .. ما منك فايدة! صح غلطتي بس خلاص انتهى كل شيء!! هو متزوج ويمكن الحين مبسوط، وأنتِ بتكملين عدتك بكرا وللحين حزينة مع إنك بغيتِ الطلاق أصلًا من البداية !!! * توقفت عند باب الصيدلية لتستدير إليها وتُردف بحدة * بلاش حُزن ، عُمر الدموع ما باركت السعادة ! بتزيدك ضيق يا جيهان.
كانت تُدير باب الصيدلية ظهرها وأمامها جيهان التي شتت عينيها بضيقٍ لتثبتا أخيرًا وتعقدَ حاجبيها فجأة .. رفعَت أرجوان حاجبها الأيسر باستنكارٍ لصمتِها ونظرتها الغريبة للخلف، استدارَت لتجدَ عينيْ جيهان واقعةً على رجلٍ كان خلفهم يحملُ كيسًا ويقطّب جبينه بضيق، تحرّك نحو الباب حتى يخرج، لكنّه توقّف فجأةً ينظُر لهما باستنكار .. استدارَت أرجوان بحرجٍ ووجهها احمرّ لتنظُر لجيهان بحدةٍ وصوتُها يخرج إليها خافتًا منحرجًا : جيهااااااااااان شفيك وخري عيونك عنه!!
جيهان تُشيح أحداقها عنهُ لتنظُر لأجوان وتهتفَ بتساؤل : هذا ماهو أخوا هذيك البنت؟
أرجوان باستغراب : أي بنت !!
جيهان : اللي يوم طحتِ بالبحيرة تذكرين ؟!
أرجوان ببلاهة : هاه !
جيهان : الا هو متأكدة.
أرجوان تُعيد النظر لملامحه المتصلّبة أمامهم، تضاعفَت حُمرة ملامحها بحرجٍ حين وجدَت نظراته متّجهةً إليها بصمت، نظرت لجيهان لتهتفَ بخفوت : امشي أنتِ ووجهك فشلتينا شوفي شلون يناظر !!
جيهان تبتسمُ بلؤم : صدقيني ترى عيونه طويلة.
أرجوان : الله يفضحك يا العوبا !! امشي امشي لا بارك الله في لسانك !!
ضحكَت جيهان بينما كانت تدفعها أرجوان حتى تخرجا وتبتعدا عن الصيدلية.
جيهان بمتعة : ترى كان وده يشيلك للمستشفى هذاك اليوم.
أرجوان بحنق : ويعني؟ أي رجال بمكانه بيسويها.
جيهان تتوقفُ وتستديرُ إليها ولازالتا قريبتينِ من الصيدلية : تراه عربي.
أرجوان : ماهو هذا اللي مفشلني! أخاف يسمعك يا وقحة .. امشي أنتِ ووجهك أستاهل أنا اللي أجيب معي فضيحة مُتنقلة.
جيهان : ههههههههههههههههههههههههه طيب حرق يديك!
أرجوان بغضب : راااح!
خرجَ بدر من خلفهم بملامحَ جامدة، نظر لهما نظرةً خاطفةً ومن ثمّ ابتعدَ وصداعُ رأسه يزحفُ حتى لعنقهِ من الخلفْ، بالرغم من كونِه لم يستطِع تذكّر ملامحها حين تحدّث عنها تميم ومن ثمّ حين طلبَ التوضيح من غادة إلا أنه ما إن رآها الآن حتى استطـاع ربطها بذلك اليوم وقد كانت ملامحها المفتـاح ليتذكّر ذلك المسـاء في الحديقة.
شدّ على الكِيس بعد أن ابتعدَ عن نطاقهما ومن ثمّ رفعَ عينيه للسماءَ الزرقـاء وهو يضوّق عينيه بضيق، كـان يعلمُ أن الأرضَ ستموجُ من أسفله وأنّ السماء ستقتربُ منه بنجومها ليحترق! أنّ الوحدةَ ستجعل أطيافهم تزدادُ شقاوةً حولَه حتى أطيافُ الأحيـاء ستزورهُ في الليـالي التي يعيشُها وحده ... آه يا الله الهمني الصبرَ على هذهِ الجدارن التي تكادُ تسحقني، ألهمني الصبر على غيابهم الذي صنعَ فجوةً فيّ يعبُرها الهواءُ ولا يتجاوزني.

يُتبــع . .

 
 

 

عرض البوم صور كَيــدْ  
قديم 06-05-16, 10:24 PM   المشاركة رقم: 790
المعلومات
الكاتب:
اللقب:
ليلاس متالق


البيانات
التسجيل: Jun 2014
العضوية: 267722
المشاركات: 575
الجنس أنثى
معدل التقييم: كَيــدْ عضو ذو تقييم عاليكَيــدْ عضو ذو تقييم عاليكَيــدْ عضو ذو تقييم عاليكَيــدْ عضو ذو تقييم عاليكَيــدْ عضو ذو تقييم عاليكَيــدْ عضو ذو تقييم عاليكَيــدْ عضو ذو تقييم عاليكَيــدْ عضو ذو تقييم عالي
نقاط التقييم: 947

االدولة
البلدSaudiArabia
 
مدونتي

 

الإتصالات
الحالة:
كَيــدْ غير متواجد حالياً
وسائل الإتصال:

كاتب الموضوع : كَيــدْ المنتدى : الروايات المغلقة
افتراضي رد: قيودٌ بلا أغلال عانقت القدر

 





،


منبطحةٌ على بطنها وهي تتصفّح في حاسُوبها ، دخـل بإرهـاق الظهيرةِ الساخنـة، ابتسمَ ابتسامةً طفيفة ما إن رآها بحالتِها، قدميها مرتفعتينِ للاعلى وتحرّكهما بانسجامٍ مع ما تنظُر إليه.
اقتربَ وهو يجزمُ بداخلهِ أنّها امراةٌ تعيشُ في لحظاتِ طفولـةً بأفعـالها، سذاجـة الأطفالِ في تفكيرها.
انتبهَت لهُ لتترك ما كانت تنظُر إليه وتبتسمَ وهي توجّه أحداقها إليه، ردّ سلطان الابتسامـة لها ويدهُ امتدّت للماءِ الذي كان على الكومدينة، صبّ في الكوبِ الزجاجي ومن ثمّ شربَه، وضعَ الكوبَ ولفظَ بهدوءٍ ووقـارٍ وهو ينظُر لملامحها المُسترخيـة : وش عندها الحلوة مخليها منسجمة بهالشكل؟
لوَت فمها بحنقٍ من معاملتهِ لها وكأنّها ابنتُه ، يُمارس أبوّةً لم يذُقها عليها .. شتت عينيها تُخفي قهرها وهي تردّ بفتُور : قاعدة أتأمّل القطاوي هنا.
سلطان يعقدُ حاجبيهِ باستنكار : قطاوي.
ابتسمَت رغمًا عنها وغابَ حنقُها حين عقدَ حاجبيه ، تحبُّ التجعيدةَ التي تُخلق بينهما، ملامحهُ الوسيمة - الفتنة - لها ، تغرقُ في محيطهِ أكثر دون أنْ تفكّر أو تخاف أنّ هذا المُحيط قد يثورُ عليها في لحظةٍ مـا ، لم تخَف من فكرةِ أنّ المحيطَ يعلمُ خبايا ما فيهِ وإن تلحّفت لوقتٍ بتربةِ قاعهِ ستضعفُ التربـة وتنحلّ عنها يومًا.
جلسَت على ركبتيها وهي تهتفُ بحماسٍ طفُولي : أبي قطو ! خاطري أربي حيوان.
كشّر سلطان تلقائيًا : تمزحين أكيد!
غزل باحباط : ليه؟
سلطان : أنتِ من جدّك؟
غزل تمطُّ شفتيها بدلال : أيه .. أبي قطو أبيض كلّه شعر.
سلطان بتذمّر : يا الله من وين طلعت رغبتك هذي الحين؟
غزل باحباطٍ من ردّة فعلِه التي أخبرتها بوضوحٍ عن رفضـه : من زمان أبي ، طيب أنت ليه ماهو عاجبك الموضوع؟!
سلطان يُميل فمه : أكره القطاوي.
غزل بفتورٍ تنظُر للأسفل : خلاص دامك ما تحبها مستحيل أدخّلها البيت.
اقتربَ من السريرِ أكثر ليجلسَ بجانبِها عليه، فتحَ ذراعيهِ وهو يلفظُ بحنانٍ لا يملكهُ سواه، حنانٍ يجعلها تحبّه أكثـر : تعالي.
اقتربَت منهُ وهي تبتسمْ، توسّدت أضلعهُ بينما مسحَ على شعرها برقّةٍ وذراعيها تُحيطُ خصره، لفظَت بامتعاض : بطّل تعاملني كطفلة!
كانت تُريد أن تقُول " كابنة " لكنّها صمتت عنها أخيرًا، ضحكَ سلطان وهو يضعُ كفّهُ على رأسها ويهتف : أنتِ مو شايفة حركاتك شلون تثبت إنك طفلة في العشرينيات؟
رفعَت وجهها لتنظُر لملامحهِ وهي تبتسمُ ابتسامةً مُجاملةً باهتـة، كلّ ما تعلمه أنّ فكرة هذهِ الحدودِ بينهما قد تأصّلت فيه عقله حتى اقتنعَ بها، أنّها طفلتهُ وليست زوجتهُ حدّ أنها لا تؤثـر بهِ وتفتنه ، لربّما كان ما حدثَ قبل أشهرٍ عاملًا أيضًا، يخافُ عليها ربّما ! حتى لو تأثّر بها لا تظنُّ أنّه سينصـاعُ لأهوائِه ويقتربْ ، أو ربما يتقزز منها !!! ..
ربما لو كان أكثـر خبرة ، لاكتشف أنّ البكاءاتِ وسوء نفسيتها لم يكونا بسببٍ اغتصـابٍ زائفٍ بحجمِ ماهو بسبب الخداع .. بسبب غدرِها به.


،


مرّت ساعاتٌ طويلةٌ منذُ تركها وخرج، منذُ الليـل ، أي عريسٍ هذا الذي يقضي ليلتهُ بعيدًا عن عروسِه؟! . . ابتسمَ بسخريةٍ من ذاتِه وهو يعترفُ أنّه هربَ خوفًا من نفسِه! خوفًا من أعصابه التي لم تُهذّب، أليس هو من كـاد قبل سنينٍ أن يؤذي طفلةً بسببِ لسانٍ أهـوجَ منها؟ فماذا قد يفعل بامرأةٍ نضجَت وأصبحَت أنثـى تفتُن النـاظر لها ، أضحَت أنثـاهُ الفاتنة.
تنهّد بأسى وهو يرفعُ رأسه للأعلى ويستقبلُ حرارةَ الأجـواء، اقتربَ الشتـاء من جديد، هذهِ المرّة إن لم يستطِع أن يكُون فيها فسيمُوت بردًا! ستجتمعُ برودةُ صدرِه مع برودةِ الهواءِ حولـه.
زفـر بقنوطٍ ومن ثمّ اتّجـه لسيارتِه التي كانت قريبةً بعد أن تركها ياسر قُرب الفندقِ وذهبَ مع والدِه، فتحَ البـابَ في اللحظـة التي ارتفعَ فيها رنينُ هاتفـهِ المُلقى على المقعدِ الذي بجانبهِ ومن الواضح أنّه صرخَ كثيرًا ولم يجِد من يكتمُ صراخـه، رفعهُ بضجرٍ لينظُر للمتصلِ الذي ما كـان إلا مجهولًا، أمالَ فمهُ قليلًا وهو يردُّ ويضعهُ على أذنه هاتفًا بنبرةٍ باردة : نعم ..
من الجهةِ الأخرى ، ابتسمَ بعد أن سمعَ صوتَه، ليجيء صوتُه ناحيـة أدهَم كصاعقة ، قبل أن يُصبح بلسمًا لحزنِ أيـامٍ وليالِي : أدهم.
تجمّدت حواسُ أدهم للحظـة، اتّسعت عينـاه وكفّه ارتعشَت برعشةٍ خاطفـةٍ كادَ فيها أن يسقُط هاتفهُ كما سقطَت كلماتهُ بضعفٍ خافت : متعب !!!
متعب بابتسامة : أيه .. معليش تأخّرت على ما أكلمك .. مبروك الــزوا ....
قاطعهُ أدهم بصرخةٍ غاضبةٍ وعروقُ عنقه كادت أن تنفجر : يا حيوواااااان يا . . .
قاطعهُ متعب بحدةٍ حين خشيَ أن يلفظَ إحدى كلماتهِ البذيئة : أدهم عن قذارة لسانك أحذرك!
أدهم بقهر : عن قذارة لساني!! هذا اللي قدرت عليه وأنت خرّبت عليْ فرحـة زواجي؟!! فرحتي اللي ما كانت كاملة وأنا أظنّك ميت وأثاريك حيّ وما طمّنتني !!
صمتَ متعبْ وقد شعَر بالندمِ لأنه لم يتّصل عليه في العيد ذاته أو اليوم التالي على الأقـل ، هتف بصوتٍ متأسف : أعتذر .. بس كانت نفسيتي زفت .. نسيتك !
ضحكَ أدهم بقهر : نسيتني؟ ليتك سكت.
أطبق متعب فمهُ ولم يلفظْ بشيءٍ آخر، بينما عقدَ أدهم حاجبيه قليلًا بعد أن استوعبَ أمرًا ما ليهتف بنبرةٍ مستنكر : لحظة ! أنت الحين متّصل من رقمك السعودي يا مجنون!!!
متعب يبتسم : من رقمي الجديد.
أدهم ببلاهة : هاه!
متعب : وينك فيه الحين؟!
أدهم دون فهم : ويني؟ أكيد في الرياض.
ضحكَ متعب رغمًا عنه : لا يا شاطر وينك في الرياض الحين؟
حرّك أدهم عينيه حولهُ بغبـاءٍ وهو يُخبره أين هو، حينها ابتسم متعب وهو يلفظ : يلا ماني بعيد عشر دقايق وأكون عندك.
أدهم : عشر دقايق؟!!
متعب بمتعةٍ وهو يستمعُ لنبرةِ أدهم الذي لم يكُن يفهم شيئًا : أيه بجيك من باريس الحين.
أدهم بغباء : بعشر دقايق؟!
متعب : هههههههههههههههههههههههههههههه اخخخ بطني ليتني مسجّل كلامك وأسمعك إيّاه بعدين.
أدهم بغضبٍ احمرّت ملامحه : حيوان .. بتوضّح لي الحين والا شلون؟!
متعب بـ " لعانة " : لحظة ما اسمعك .. الشبكة عندي معفنة.
أغلقَ ليبهتَ أدهم بصدمةٍ وهو يُبعد الهاتف عن أذنهِ وينظر للشاشة ببلاهة ... ما الذي يقصدهُ بأنه سيكون هنا خلال عشر دقائق !!!
مرّت العشرُ دقائق سريعًا وتبعتها دقيقتيْن وهو ينتظرُ في مكانه لما لا يعلم، فهم أنّه يجب عليه أن ينتظر ، لربّما عقله أدرك في داخلـه أنّه في الرياض، لكنّه لم يستوعب تلك الفكرة بعد .. زادَت الدقائق عن العشـر، وبدأ أدهم يغضب لهذا الانتظـار، كـاد يتّصل بهِ من جديدٍ لكنّ سيارة أجرةٍ توقّفت قريبًا منـه، رفعَ أنظارهُ باستنكارٍ لينظُر من النافذةِ للشخص الذي نزل من السيارةِ وهو يرتدي ثوبًا ويتلثّم بشماغِه ، فترَ في مكانه وبقيَ ينظُر لهُ بجسدٍ تجمّد في مكانه، بينما اقتربَ متعب بعد أن تأكّد من بعيدٍ أن الجالس داخل السيارةِ هو أدهم، ابتسمَ وهو يُدرك عدم استيعابهِ لما يحدث، لفكرةِ أن يكُون عـاد . . اقتربَ من السيارةِ وسيارة الأجرة ابتعدَت ، وقفَ بجانِب البابِ ليرفعَ أدهم وجههُ ناظرًا إليه بنظراتِ غبـاء، ضربَ النافذةَ بتسليةٍ وهو يُبعد طرف الشماغِ عن وجههِ حتى يراه . . وفي لحظةٍ سريعةٍ لم يشعُر سوى بالبـاب يُفتح وملامح أدهم تغيّرت بشكلٍ ملحوظ ، تراجعَ للخلفِ بينما ترجّل أدهم عن سيارتهِ واقتربَ منه وهو ينظُر لهُ بصدمةٍ أنهاهَا بقبضتهِ التي لكمتهُ على وجههِ مباشرة.
تراجعَ متعب بغضبٍ وهو يضعُ كفّه على أنفهِ الذي كاد أن يحطمه، صرخَ بحنق : صاحي أنت!!
اقتربَ منه أدهم بغضبٍ وهو يستعدّ لضربهِ من جديدٍ صارخًا : إيه صاحي يا كلب !
متعب بغضبٍ يحذّره : والله لو تمد يدك مرة ثانية بعلّمك شلون تكون المضاربات .. اعقل !
لم يبالي أدهم بحديثهِ وهو يلكمهُ من جديد، حينها اشتدّ عضب متعب الذي ردّ له اللكمـة بأخـرى ليدخلا في عراكٍ حادٍ وشتائمَ غاضبـةٍ انبثقَت من حناجرهم الصارخـة ، كان الشارع شبه فارغٍ في هذا الوقتِ من الظهيرة، لذا طالَ عراكهما قبل أن يبتعدَا تلقائيًا بعد أن أخذَ التعبُ منهما القوّة ، تراجعَ أدهم وهو يمسحُ شفته التي نزفَت وكذلك ضغطَ متعب على أنفهِ بسبابتهِ وابهامهِ يحاول أن يوقف نزيفه، ابتسمَ بسخريةٍ وهو يهتفُ بينما لازالت أصابعه تضغطُ على أنفه : امحق لقاء !
أدهم يبتسم بسخريةٍ مماثلـة : برّدت خاطري منك.
متعب يستفزّه : بكيتني؟!
أدهم : للأسف ، ما تستاهل دمعة.
متعب يُخفض يدهُ عن أنفه بعد أن توقّف النزيف : ما انبسطت بليلة العُمر أمس!
أدهم بسخريةٍ من نفسهِ هذهِ المرة : مرة ، من البسطَة مواصل للحين!
نظرَ لهُ بصدمة : اووووفف! كذّاب !!!
أدهم بسخرية : والله !
ضحكَ متعب : ههههههههههههههههههههههههه خلّك ثقيل منت معقول يا رجّال !
أذهم يضيعُ الموضوع : خلّك مني الحين .. شلون رجعت؟ لا تقول فيصل!
ابتسمَ متعب بأسى : هذاك طلع حيوان.
أدهم بحدة : قلتلك من قبل .. حذرتك وما صدّقتني ... غبي!
متعب بحدةٍ مُماثلة : لا تسب مرة ثانية والا بخليك . . .
قاطعهُ أدهم بنبرةٍ مستفزة وهو يرفعُ إحدى حاجبيه : وش بتسوي هاه؟ ورني يلا ورني يا بطـل.
شتت عينيه عنه بحنق : الله يعين زوجتك .. وجهك الحين بيخليها تفكر تهرب لأهلها على ما أظن .. وش هالزوج اللي يجيها بصباحيّتها ووجهه مفقّع!
أدهم يمسحُ على ملامحهِ التي بدأ يظهرُ فيها آثار عراكهما، وبسخرية : الله ياخذك ما يكفيني هواشي قبل يومين * يقصد مع شاهين * بالحيل قدرت أعالج اللي بوجهي بيومين قبل لا تشوفه وتنخرش ... على فكرة ترى منت أقل مني.
متعب بحنق : الله يسامحك الحين بتورّط معهم على شكلي ..
أدهم باستغراب : مين تقصد؟!
متعب ببرود : مين غير الشرطة مدري مين بعد! خانقيني من أمس .. وزين منهم ما حبسوني بسجون بعد يعني تُحسب لهم خلوني أنام بفندق .. اليوم بالحيل قدرت أطلع وأظللهم وش هالحياة المُملة!!
أدهم بسخرية : يبون يحسسونك بالأهمية والا أنت مجرد حشرة صدّقني.
اقتربَ منه متعب وهو يشدُّ على أسنانه بعصبية : برجعك لها بدون خشم!
أدهم يضعُ يدهُ على أنفهِ ويلفظُ بتمثيلٍ ساخر : لااا تكفى خلاص أعتذر منك سيد متعب.
متعب ابتسمَ رغمًا عنه : للأبد أنت حقييييير ...
ضحكَ أدهم وهو يقتربُ منهُ ويعانقهُ بفرحٍ لعودته، لحياتِه التي لم تنتهي بتلك الطريقة ، لأنّه يقف الآن أمامـه ، وبأخويّةٍ خالصـة : لا عاد تعيدها وتخليني أبكي على وجهك المعفن!
متعب بسخرية : رجال طول وعرض وتبكي!
أدهم : على أساس تجي قطرة من بكاك أنت !! كم مرة أتصل عليك وأسمع صوتك اللي يفضحك.
ابتعدَ متعب وهو يعضُّ شفتهُ بحرج : أنا حالي مختلف عنك.
أدهم : وييييييين ! في النهاية رجال طول وعرض وتبكي؟!
متعب يبتسم : الله ياخذك.
أدهم : ويـّاك.
تلاشَت ابتسامةُ متعبْ فجأةً حين مرّت ذكـرى هذهِ الكلمـات في قلبهِ قبـل عقله ، كلمـات شاهين الذي كـان يكرّرها كثير " الله ياخذك " ليُتبعها ببسمـة : للجنّة أنا وياك والغاليـة.
لحظَ أدهم تبدّل ملامحِ متعب، حينها تجهّم وهو يهتف : شفيك؟
متعب بنبرةٍ فاتـرةٍ يبتسم : أبيك تساعدني بشغلة.
أدهم باستغراب : أبشر ... وش هي؟
متعب بجمود : جيب لي شاهين ... أبي أقابله بأي طريقة كانت!


،


جلسَت في الصالـة تضمُّ وسادةً إلى حجرها، تنظُر للأرضِ بفراغٍ والسـاعاتُ تمرُّ دونَ أن تستطيعَ النوم لساعتينِ متواصلتيْن .. لم تجدهُ بعد خروجها من الحمـام، نامَت بخوفٍ من أن يأتي في أيّ لحظـة، كـانت تنهضُ كلّ نصفِ ساعةٍ وتبحثُ في الجنـاح بتوجسٍ ولا تجده ، تعُود للنومِ من جديدٍ وتنهضُ فجأةً بأرقٍ من أن يكونَ قريبًا منها.
شدّت على الوسـادة بضيقٍ من هذا الخوفِ الذي يتملّكها نحوه، من هو! جاءَت ليلة البارحـة دون أن تكونَ خائفـة، لكنّهُ ما إن اختلَى بها حتى شعرَتْ بأنّها وقعَت في مصيدةِ صيّادٍ ستنتهي على يديه!
تنفّست بتحشرجِ الهواءِ الذي نفرَ منها وتزاحمَت جزيئاته بعيدًا عنها ، أعتمَت عيناها بغيـابِ شمسٍ في نهـارْ، وتغافلت أذناها عن صوتِ البـابِ الذي فُتح .. رفعَ أدهم حاجبيهِ ما إن رآها، وبالرغمِ من لهفتهِ لرؤيةِ ملامحها التي لم يستطع رؤيتها البارحـة إلا أنه حرّك أقدامه بحذرٍ ودونَ صوتٍ حتى لا تنتبه لهُ وترى هيئته الفضائحيّةَ هذِه ، فكما قال متعب قد تفكّر بالهربِ وقتها لعائلتها . . عضّ شفتهُ وهو يتوجّه للغـرفة ويُديرُ وجههُ إليها بحذر، لكنّ صوتَ اصتدامِ قدمهِ بإطار البابِ ومن ثمّ آهتهِ العاليـة كـان الحافـز لعقلها الذي تنبّه وجعلها تستديرُ إليهِ مباشرةً وتشهق، توسّعت عيناها وقفزَت واقفةً بينما نظر أدهم لقدمهِ بغيظٍ وهو ينحني ويخلعُ حذاءهُ ليرميه أمامه على البابِ شاتمًا : جززززممممه .. ما منك فايدة !
خلعَ الأخرى وبقيَ بجواربـه، دلّك التي اُصتُدِم بها ليرفع جسدهُ أخيرًا ويتحرّك حتى يدخُل الغرفـة دون أن يفكّر ولو لوهلةٍ أن يستدير لإلين ويتركها ترى وجهه، بينما بقيَت هي من خلفهِ مصدومةً لتواجدِه حولها دون أن تنتبه في اللحظة التي كانت متوجّسةً طول الليل في عدمِ وجوده! رميهُ لحذائه بهذهِ الطريقة الهمجية، وأخيرًا شتيمتهُ لهُ بـ " جزمه "!!!
إلين بهمسٍ خافتٍ وهي تضمُّ " البشت " النسائي الثقيل ذو اللونِ الرصاصي على بجامتها : أنا بيدين مين طحت يا ربي!
في الداخِل، أخـرج جينزًا و" تيشيرت " أسود، ومن ثمّ اتّجه للحمـام، خلعَ ثوبهُ الذي كان يحملُ قطرةَ دمٍ عند كمّه بعد أن مسحَ فمه الذي نزفَ من عراكِه مع متعب، نظرَ لوجههِ في المرآةِ وابتسمَ ابتسامةً شقّت عنـان الحزنِ الذي كان يؤرّق أفراحهِ في الأيـام التي مضَت ، متعب حي ! الحمدلله كما ينبغي لجلالِ وجهه وعظيم سلطانه.
مسحَ وجههُ الذي احتوى بعض العلاماتِ الزرقاء والخضراء، لفظَ بحنقٍ وهو لا يزال يبتسم : يعني ما لقيت ترد على ضربي لك الا اليوم؟ الله يستر لا تشوفني وتهج هي من غير شيء هاجّة.
استحمّ لنصفِ ساعةٍ وخرجَ بعد أن ارتدَى ملابسهُ في الحمـام، نظر للغرفـة ولم يجدها فيها ، حينَها اتّجه للصـالةِ وهو يضعُ المنشفةَ الصغيرة على كتفِه لتستقبل ذرّات المـاء المُنسابِ إليها ويشتمُ متعب في داخله على ما خلّفه في ملامحه، مرر لسانـه على شفتيهِ وهو ينظُر ناحيـة الأريكةِ التي تقعدُ عليها بصمتٍ متوتّر، تفركُ كفيها حتّى احمرّت بشرتها وهي تدركُ أنّه سيخرجُ إليها في أيّ لحظـة.
ابتسمَ وهو يقتربُ منها بخطواتٍ صامتـة، وقفَ خلف الأريكةِ التي تجلسُ عليها، يدرك أنّ ردّة فعلها قد تكون عنيفةً حين تشعُر به، ويحاول أن يستعدّ لذلك كي لا يغضب، وإن غضب سيخرجُ لنصفِ ساعةٍ على الأقل ، فهي أرتهُ من نفُورها ما يكفي ولا يريدها أن تنفُر أكثر.
تأمّل شعرها البنيّ القصير والذي يُلامس عنقها بشكلٍ مُستفزّ، مدّ يدهُ ببطءٍ ليهتف في اللحظةِ التي وضعَ فيها كفه على رأسه : لا تهربين ولا تخافين!
لكنّها وكأنّه لم يقُل ما قـال .. شهقَت بقوّةٍ وكـادت تنهضُ لولا يدهُ الأخرى التي ثبّتتها من كتِفها، أردف بابتسامة : ما آكل والله خوفك ذا ماهو معقول !
إلين بحدةٍ مرتعشـة : وخـر يدينك عني .. لا تلمسني.
أراد أن يُمارس العناد في هذهِ اللحظة ، لكنّه تعقّل وهو يلفظُ بنبرةٍ رقيقةٍ خافتـةٍ وكفّه لازالت على رأسها : اللهم إني أسألك خيرها وخير ما جبلت عليه، وأعوذ بك من شرها وشر ما جبلت عليه.
هدأ خوفُها قليلًا، بينما ابتسمَ هو ليلفظَ بلُطفٍ وهو يترك لكفهِ استشعار نعومةِ شعرها دون أن يرفعها : ممكن الحين نحكي بدون ما تظلين خايفة؟
إلين بنبرةٍ فاترةٍ تُخفض رأسها وجسدها المُقشعرّ يُضاعف ربكتها من قُربه : مين قال إني خايفة؟
أدهم يُجاريها : أعتقد إني غلطـان . . شوفي بجلس جنبك وأحكي معك بالهداوة .. اللي عندك قوليه وبسمعك، ومنها تسمعيني بعد .. ماله داعِي تهربين مني.
هدأت بعض الشيء بنبرتِه وكلماتِه الهادئة، لم تردّ عليهِ بينما اتّسعت ابتسامتهُ وهو يُبعد كفيه عنها ويلفُّ حول الأريكةِ إلى أن جلسَ أخيرًا بجانبها ، ابتعدَت بتلقائيةِ جسدها الذي لا يُريد اقترابه، لم يقُل شيئًا أو يعترض كونها لم تنهضْ وتهرب.
التحمَت عينـاهُ بنصفِ ملامحها التي ظهرَت لهُ أخيرًا، ظهرَت بعد غيـابها خلفَ صدّهـا البارحـة، ظهـر نصفُها، وتمنّى في هذهِ اللحظـة أن تتمرّد كفـه على عقلهِ الذي لا يُريدها أن تخـاف، تمنّى لو يرفعها ، يُلامسُ نعومـة الوردِ في الوجنـات، يلامسُ رمشَها الطويل ويدغدغُ أحداقها، يعزفُ سمفونيّةً من الفتنـة على شفتيْها، أنفِها ، وتبقى الرغبـةُ يقتلها في أصابعهِ ويقاومُها . . . زفـر بحنقٍ وهو يُشيح أنظاره عنها وشعرها يستفزّه كي يُزيحهُ عن عنقها الطويل، لو ظلّ يتأمّلها وبينهما هذهِ الحواجر سيجنّ! لفظَ بنبرةٍ تشتّت موجاتُها وتبعثرت كبعثـرةِ حواسِه : آسف على طيشِي . .
أدارَت رأسها ببطءٍ إليهِ لتبهَت فجأةً ما إن رأت وجههُ الذي رُسم من فوقِه خريطةُ طيشٍ أخرى ، فغَرت فمها دونَ استيعـابٍ لرجلٍ تُشرق عليه شمسه الأولى وهو " متزوّجٌ " وملامحهُ تكشفُ همجيّةَ مُراهق.
ابتسمَت بسخريةٍ ليخرج صوتُها بغيرِ رعشتهِ وخوفِه : آسف على الصفة اللي ما تركتك للحين !
ابتسمَ بحرجٍ ليرفعَ كفّه ويحك عنقه : مين قال.
إلين بحدة : وجهك !
عضّ شفتهُ وتمتمَ بغيظ " الله ياخذك يا متعب "، أدار رأسهُ إليها ليلتقِي بملامحها دونَ انتصـافْ، يلتقِي بالبدرِ الذي اكتمـل . . شتت عينيها بتلقائيةٍ ما إن نظر إليها، بينما أغمضَ عينيه بافتتانٍ بجمالها وهو يهمس : يارب الفتنة ، صبّرني على هواها !
سمعتهُ لتنهضَ برعشةٍ وتوترٍ بينما مدّ يدهُ حتى يمنعها من الهرب، أمسكَ معصمها وجذبها إليه وقد تمرّد برغبتـه في قُربها على عقلهِ أخيرًا، سقطَت بجانبِه وهذه المرّة التصقَ جسدهَا بهِ ورأسها سقطَ على كتفِه ، صرخْت بذعرٍ وهي تشتمه محاولةً الوقوفَ بتعثّر قدميها : وخر عني يا زفففففت
أدهم بجنونٍ لفّ ذراعهُ حول خصرها وقلبهُ ينبضُ بشدّةِ قُربها الذي أنـارَ جزءً مُظلمًا من حياتِه، دفنَ وجهها في صدرهِ وهو يهتف بعذاب : حسّي بقلبي .. اسمعي تردّدات اسمك مع كل نبضة.
إلين بهلعْ : الله ياخذك انت وقلبك اتركننننننني ..
تذكّرت فجأةً ذلك النهـار الذي اختطفها فيهِ وعُمرها خمسَة عشرَ عامًا ، تذكّرت صراخـها في سيارتهِ كي يتركها ، وصراخـها حين كادَ يغتصبُها ... بدأ جسدها يرتعشُ بشدةٍ وهي تُحـاولُ دفعهُ وتلفظُ بنبرةٍ متقطّعةٍ باعيـاء : مستحيييل تتغير ، كل السنين اللي ضريتني فيها صارت تمثّلك .. لا تقرب ... * تحاول أن تبتعدَ عن نطاقِ حرارة جسده * اتركني .. آه ياربي !!
فتـر جسدهُ وذراعهُ ترتخي من حولِها وقد وصلَ إليهِ بوضوحٍ التأثير السلبيّ الذي خلقهُ فيها ولم يمُت ، أبعدَ يدهُ بندمٍ على تسرّعه ، اقتربَ كي يتحدّث معها ، كي يضعَ النقـاط على الحُروف، كي يغيّر نظرتها إليه .. لكن من الواضح أنّه لن يُجيد سوى إيذاءها حتى ولو لم يقصِد!
نهضَت بتعثّرٍ وهي ترتعشُ كرعشةِ حِنجرتها التي همسَت باختنـاقٍ وهي تنظُر لوجهه بحقد : حسبي الله عليك...


يُتبــع . .

 
 

 

عرض البوم صور كَيــدْ  
 

مواقع النشر (المفضلة)

الكلمات الدلالية (Tags)
ليلاس, لغز, أكشن, القدر, الكاتبة كيد, انتقام, يوسف, رواية رومانسية, سلطان, غموض, عانقت, قيود, كيد
facebook




جديد مواضيع قسم الروايات المغلقة
أدوات الموضوع
مشاهدة صفحة طباعة الموضوع مشاهدة صفحة طباعة الموضوع
تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة
Trackbacks are متاحة
Pingbacks are متاحة
Refbacks are متاحة


LinkBacks (?)
LinkBack to this Thread: https://www.liilas.com/vb3/t195238.html
أرسلت بواسطة For Type التاريخ
Untitled document This thread Refback 02-10-16 06:32 AM


الساعة الآن 06:42 AM.


 



Powered by vBulletin® Version 3.8.11
Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd.
SEO by vBSEO 3.3.0 ©2009, Crawlability, Inc.
شبكة ليلاس الثقافية