لمشاكل التسجيل ودخول المنتدى يرجى مراسلتنا على الايميل liilasvb3@gmail.com






العودة   منتديات ليلاس > القصص والروايات > قصص من وحي قلم الاعضاء > الروايات المغلقة
التسجيل

بحث بشبكة ليلاس الثقافية

الروايات المغلقة الروايات المغلقة


 
نسخ الرابط
نسخ للمنتديات
 
LinkBack (1) أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
قديم 30-11-15, 12:56 PM   المشاركة رقم: 586
المعلومات
الكاتب:
اللقب:
قارئ مميز


البيانات
التسجيل: Jun 2010
العضوية: 174082
المشاركات: 4,031
الجنس ذكر
معدل التقييم: fadi azar عضو ماسيfadi azar عضو ماسيfadi azar عضو ماسيfadi azar عضو ماسيfadi azar عضو ماسيfadi azar عضو ماسيfadi azar عضو ماسيfadi azar عضو ماسيfadi azar عضو ماسيfadi azar عضو ماسيfadi azar عضو ماسي
نقاط التقييم: 4492

االدولة
البلدLebanon
 
مدونتي

 

الإتصالات
الحالة:
fadi azar غير متواجد حالياً
وسائل الإتصال:

كاتب الموضوع : كَيــدْ المنتدى : الروايات المغلقة
افتراضي رد: قيودٌ بلا أغلال عانقت القدر

 

يمكن عودة جيهان الى منزل والدها ومعاملتها القاسية لوالدها قد جعل اختها تصارحها بحقيقة والدتهم وكم يوسف مظلوم

 
 

 

عرض البوم صور fadi azar  
قديم 30-11-15, 06:19 PM   المشاركة رقم: 587
المعلومات
الكاتب:
اللقب:
ليلاس متالق


البيانات
التسجيل: Jun 2014
العضوية: 267722
المشاركات: 575
الجنس أنثى
معدل التقييم: كَيــدْ عضو ذو تقييم عاليكَيــدْ عضو ذو تقييم عاليكَيــدْ عضو ذو تقييم عاليكَيــدْ عضو ذو تقييم عاليكَيــدْ عضو ذو تقييم عاليكَيــدْ عضو ذو تقييم عاليكَيــدْ عضو ذو تقييم عاليكَيــدْ عضو ذو تقييم عالي
نقاط التقييم: 947

االدولة
البلدSaudiArabia
 
مدونتي

 

الإتصالات
الحالة:
كَيــدْ غير متواجد حالياً
وسائل الإتصال:

كاتب الموضوع : كَيــدْ المنتدى : الروايات المغلقة
افتراضي رد: قيودٌ بلا أغلال عانقت القدر

 





-
-

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته :$$
مساءكم خير وسعادة واسعة يشملها رحمة الله ()

بقى لي موقف بس وأخلّص البارت، راح يكون بارت صادم وورقة جديدة راح تُقلب ومثل ما قلت لكم هالفترة بتكون بارتاتنا – مُستثار فيها الأحداث لأقصى حد! حاليًا احنا في فترة أحداث دسمة وتحتاج تركيز، تركت كل شيء وجلست أكمله لكم، وعاد لحد يقولي البارت قصير لا تطلع الجنية اللي فيني -_-
تاركة امتحان بكرا وماقد ذاكرت منه شيء وضاغطة على نفسي عشان اخلص البارت بدري وبعدين أذاكر - رفقًا بالقوارير - * دموع *
يلا بقى لي موقف بس ومراجعة، ساعتين أو أقل ويكون قدام عيونكم الحلوة عساني ما انحرم هالتواجد بس :"""

وبالنسبة للي يراسلوني بالكِك والسناب والانستقرام والبيبي ووووووو الخ! إذا تأخّرت عليكم فسامحوني حتى اللي يعلقون هنا وهم الأولى بمشاركتي لكم بس وضعي جدًا ما يسمح وأنا بنفسي ما أعرف أتعامل مع كل هالضغط اللي أكبر مني! عندي واجبات ماقد سلمتها وامتحانات الفاينل راح تبدأ وحالة! فسامحوني الله يجزيكم بالخير أحـاول أقل شيء ما أتأخر عليكم بالتنزيل.

شكرًا لعيونكم ولله اللي كتب تواجدكم بين صفحات روايتي ()



 
 

 

عرض البوم صور كَيــدْ  
قديم 30-11-15, 08:32 PM   المشاركة رقم: 588
المعلومات
الكاتب:
اللقب:
ليلاس متالق


البيانات
التسجيل: Jun 2014
العضوية: 267722
المشاركات: 575
الجنس أنثى
معدل التقييم: كَيــدْ عضو ذو تقييم عاليكَيــدْ عضو ذو تقييم عاليكَيــدْ عضو ذو تقييم عاليكَيــدْ عضو ذو تقييم عاليكَيــدْ عضو ذو تقييم عاليكَيــدْ عضو ذو تقييم عاليكَيــدْ عضو ذو تقييم عاليكَيــدْ عضو ذو تقييم عالي
نقاط التقييم: 947

االدولة
البلدSaudiArabia
 
مدونتي

 

الإتصالات
الحالة:
كَيــدْ غير متواجد حالياً
وسائل الإتصال:

كاتب الموضوع : كَيــدْ المنتدى : الروايات المغلقة
افتراضي رد: قيودٌ بلا أغلال عانقت القدر

 






سلامٌ ورحمةٌ من اللهِ عليكم
صباحكم / مساؤكم طاعة ورضا من الرحمَن
كيفكم يا حلوين؟ عساكم طيبين دايم ()


هالمرّة الجزئين منفصلين، فيه أجزاء لازم أضمّها ببعض في بارت واحد بس هالمرّة اختلف الوضع :"" الموقف الأول دسِم ومُفاجئ بس لا يمنعكم من تكملة باقي البارت بتركيز ، متى ما تشوّش تركيزكم توقّفوا عن القراءة وبعدين كملوا -> مذاكرة امتحان ماهو بارت :P

يلا استلموا جزء اليوم وقراءة ممتعة ، بسم الله
قيودٌ بلا أغلال عانقت القدر ، بقلم : كَيــدْ !

لا تلهيكُم عن العبـادات


(60)*2





أخرجَ هاتفهُ وقد قرّرَ الاتصـال به من جديد، كان في تلكَ اللحظـةِ قد وقفَ أمـام بابِ شقته، وفي اللحظـةِ التي أدخَل فيها المفتـاح شعرَ بشخصٍ يُمسك معصمهُ ويُديرهُ إليه بقوّة لينتهي بلكمةٍ على وجههِ أسقطته على الأرض وطـار بها الهاتفُ بعيدًا.
شهقَ وتقيّأ دماءً من فمِه لقوّة تلكَ اللكمة، نظرَ بذهولٍ للرجلِ الضخمِ ذو البشرةِ السمراء الذي لكمهُ وهو يجلس ويستندُ إلى الأرضِ بكفّهِ اليُمنى بينما اليُسرى يضعها على فمه.
قلبهُ بدأ يتراقصُ في جوقةِ الخوف! أصواتٌ عديدةٌ بدأت تتداخلُ في رأسهِ وتلكَ الهجمةُ لا معنى لها إلا واحد، لا أحد! لا أحـدَ ســواهم!! إلهي ما الذي يحدث!!
تحدّث الرجُل بلغةٍ لم يفهمها إلى الاثنين اللذين كانَا معه، فهم من إشارتهِ برأسه إليه أنّه يأمرهم بأن يقبضوا عليه ويجرّوه معهم. وما إن اقتربوا حتى انتفضَ وصفعَ يدَ الأولِ الذي أمسكَ بذراعِه، تحوّلت ملامحهُ فجأةً إلى متوحشة وهو يهربُ من الموتِ بعد سنتين، لن تنتهي غربتهُ وهربهُ ذاكَ بالموت! لن تنتهي إلّا بفرحٍ ولقـاء، يا الله آمنت بأنّ الدعـاءَ يردُّ القضـاء، وكنتُ في كل يومٍ بالرغم من يأسي أدعوكَ إن كنت كتبتَ لي الموت هنا أن يُردَّ ذلكَ بدعوةٍ من شفاهي، دعوةٌ من صدرِ - أمي - بالرحمـة! لطالما يكونُ قلبُ الأم مُحبًا حتى بعد أن يمُوت أولادها، أكـادُ أقسم أنها تدعو لي بالرحمة مع كلِّ فرضْ، قبل أن تنـام، حين تستذكرني بذكرى عابرة، تدعو لي بالرحمـة فصُبّ رحمتك التي وسعت كلّ شيءٍ يا الله واكتبْ لي عودةً تبتهلُ بها ملامحها، لا أُريد الموت! مهما تمنّيتهُ في صدري إلّا أنني لا أريده بهذا الشكل ودونَ أن يدري أحدٌ أنّي عشتُ لأموتَ مرتيْن.
تراجعَ للخلفِ بوحشيةٍ وعيناهُ تتّسعان بغضب، استعدَّ بكلِّ ما أوتيَ من عزيمةٍ للحيـاةِ أن يحمي نفسه، دعواتَ أمه، بُكـاءَ حبيبته، إن لم يكُن قد تبقّى لي ممن أحببتهم سوى هاتيْن فهما كافيتين، غدرنِي شخصٌ كانَ لي كلَّ الضحكـاتِ في الدنيـا، غدرتنِي يا أخِي! لكنْ تبقيتـا لي، تدعوانِ لي وتبكيان لأجلـي ، ودموعهما لن تذهبَ هكذا، سيعُود ، سيعُود مهما وقفَت الغربة فوقَ أكتافهِ وثقلت إلا أنّه لن ينحني.
صرخَ بغضبٍ وهو يُخرج من جيبهِ سكينًا صغيرًا : Get away from me.
أشـار الأسمـر للرجلانِ بأن يبتعدا، ومن ثمَّ لوى فمهُ ليلفظَ بصوتٍ ثقيلٍ قاسٍ جعلهُ يجفلُ بصدمة : تعال معنا وأنت ساكت ، ما بتضر إلّا حالك بهالعنـاد.
ماجد بتقزز : وعربي! أنتم من أيش بالضبط؟
الرجُل : هربَك لسنتين وهويّتك المزيفة هذِي ما يكفّون عشان ما نحصّلك، تتذاكى كثير علينا! . . سيّدْ متعب..
اتّسعَت عينـاهُ وارتعشَ السكِينُ في يدهِ برعشته، تراجعَ للخلفِ واسمهُ الذي كادَ ينساهُ يؤلمُه، اسمهُ الذي أضاعهُ في وطنهِ ينحره، اسمهُ الذي فقدهُ في المطـار قبل سفرهِ لميونخ جاءَ الآن وعُثِر عليه بين مفقوداتِ الأسمـاء.
يا الله! منذ متى كانتْ الهويّاتُ تُبكِي، منذ متى كانت الأسمـاء التي تنتمي إليـنا تُحشرجُ الروحَ بهذا الشكل، هاهو اسمهُ أصابهُ في مقتلٍ حين لُفظَ بهذا الشكلِ الصريحِ ومن صوتٍ غير صوتِ أدهم، لمَ يشعر بأنَّ أحرفهُ الأربعةَ تحشر ذاتها في حنجرته؟ لمَ سقطَ صوتُه بهذا الشكلِ الموجع؟ وكأنّه قاطعُ رقابٍ أسقطَ سيفهُ على عنقهِ لجريمةٍ لم يرتبكها، جريمةٌ سمّيت من بينِ المعاصي المستوجبـةِ للقصاص " كان اسمهُ فلان "!
تحشرَجت عيناهُ بدمعٍ أبى أن يسقط، هزّ رأسهُ بالنفي وجريمته تلكَ تُبكيه. تعبتْ! كثرة المناجاةِ في الليالي قاتلـة، تعبتُ من رغبتي في العودة! تعبتُ من شوقي لاسمي أولًا ، يئستُ ويأسي مهما أغرقني إلا أنني أدعو بالعودة رغبةً لا أمـل.
كلُّ شيءٍ عـاد فجأة، تلكَ الليلة، ذلك الحريقُ الذي لم يكُن ممن عانوهُ ورأوه، كانَ يومذاكَ بعيدًا عن الفندقْ، لتوّه خرجَ من المشفى بعد أن أخبرهُ الطبيبُ بأنّهُ في الجزءِ الأخيرِ من العلاج، كانَ بعيدًا، بعيدًا جدًا! لكنّه تمنى بعد ذلك الحريق لو أنّه كان فيه! لو أنّه كانَ ممن ماتوا وذهبَ إلى عائلته جثّةً ليُدفنَ في أرضهِ دونَ صدمةٍ وخيبةٍ في الليالي التي تلَت تلكَ الليلة، دونَ خذلان، دونَ شيءٍ يُذكـر، دونَ هذا البُعدِ وهذهِ الغُربة.
رجلٌ ماتَ في حريق، فقط! رجلٌ مات في حريق ، ولم يمُت حين اكتشفَ بأنّهُ غُدِر، لم يمُت حين اكتشفَ بأنّهُ غُدِر!! لم يمت تلك الموتةَ الموجعة!
شفاههُ بدأت بالارتعـاش، لمَ قلت اسمي؟ لمَ قلته؟ كان يكفي بأن تناديني بأيّ شيء، لكن لمَ استثرتَ كلَّ ذلك الوجعِ فيَّ؟ لمَ قلوبكم هكذا؟ أُرهقتُ يا الله، أُرهقتُ وجـاء اسمي الآن شاطرًا لِي دونَ وجعي.
صرخَ بألمٍ والدموعُ في عينيه تتكتّل دونَ سقُوطٍ يرحمُ بكـاءَ صدره، يرحمُ البُعد الذي أعشَبَ بوحشيةٍ وامتلأ شوكًا فيه : لا تقرّب! أحـذرك .. لا تقرّب!
ضحكَ ضحكةً مجلجلةً وهو يقتربُ بعبث : وش بتسوّي بهالسّكين؟ يا ولد ارحم حالك أنا لو مكانك تمنّيت الموت وسلمت نفسي للي يبيني وش هالحيـاة؟ كنت بنتحر أقل شيء.
متعب بألمٍ ترتعشُ شفاههُ ليعضَّ السُفلى والدمعُ جعلَ رؤيتهُ ضبابية، أيأتِي الآن شامتًا؟ يا الله ارحمنِي! ارحمنِي من هذا الحُزن واكتب لي بهِ عودةً وحيــاة.
ازدردَ ريقهُ وهو لم يعُد يرى ملامحهُ من ستارِ الدموعِ على أحداقِه : أنت لو فيك ذرّة حيـاة ما بعتْ عُمرك للحـرام ، اتركني لوجه الكريم أقل شيء تحصّل في هالمسكين أجر.
هوَ : أجْر فلوس؟ معليش ما نقبل بغيرها.
متعب بازدراء : الله يحرقك.
هوَ بسخريةٍ وأقدامهُ تقتربُ منه بينما متعب يعُود للخلف : إيانا وإيّاك، * باستفزازٍ له * طبعًا ما ننساه هو بعد ، شاهين صح؟ كان رهيييب هالرجّال الله يحفظه.
ارتعشَت يدهُ بقهرٍ والنـار اندلعَت في صدره، بدأت دماءهُ تغلي ورغمـًا عنهُ خشيَ في نبرتهِ تلك التهديدَ به، بالرغمِ من كونِه يُدرك بأنّهم لن يؤذوه، كيف لا وهو معهم؟ لكنّه يبقى قبل كلَّ شيءٍ وقبل غدرِه له الأخَ الذي لطالما مسحَ على شعرهِ ومارسَ دورْ " الأخِ الأكبرَ " عليْه، كيف لا! وهو ضحكتهُ التي كان يعنيها؟ مهما كانَ غدرهُ كبيرَ الحجمِ حتى وصل إلى هُنا وقتله أمـامِ عائلته إلّا أن حبّه ومكانته في قلبهِ لم تتزحزح، جُرحَت لكن بقيَت، بكلِّ شيء، بكل ذكرى، بكلِّ ضحكة، بكلِّ شيءٍ يا أخِي بقيْت! وذاكَ الغدرُ لم يستطِع أن يمحوك وليتهُ فعل، ليتهُ فعل مع كلِّ ليلةٍ يبزُغ فيها القمرُ بأشكالٍ عدّةٍ ويبقى حُزني يتصاعد، تبقى أمنياتِي تطُوف حولكم، لن أسامحك! لكنني لن أكرهك، أبدًا، لن أستطِيع.
متعبْ يلفظُ بنبرةٍ متحشرجةٍ لدى ذكرهِ لاسمه : تخسي ، لا تجيب اسمه على لسانك.
هوَ : اوووهوووو لا ما أصدق! ما ترضى عليه ينحرق بالنار!! لا لا ما أقدر على حُب ووفاء مثل كذا وهو بنفسه ما كان عنده هالمشاعر الفيّاضـة ... ههههههههههههه أشفق عليك صراحة ليت الدمعْ اللي في عيونك الحين يشُوفه ويحسسه بالذنب.
عضَّ شفتهُ بقهرٍ ليُكمل ذاك وهو يمارسُ استفزازهُ بأقصى ما يستطِيع : طيب ابكي! ليه ماسكها بعيُونك وتزيد حرقة جفونك !
متعبْ يصدُّ بوجههِ عنه ودمعةٌ سقطَت رغمًا عنه، أيبكِي دهرًا مضاهُ هنا وأحرقَ قلبه؟ أم يغضُّ الطرف عن حُزنٍ اشتعلَ في محاجرهِ وأرادَ دمعًا الآن؟ هل يسمحُ للضعف أمامه؟ حسبي على الكبرياءِ إن كان سيُعمّق هذا الحُزن في صدري، حسبي على الدمعِ إن عانَد حاجتي لهُ وسكنَ دونَ سقُوط.
كان أكبر خطأٍ قام بهِ أن صدَّ عنه، اندفعَ ذاكَ بخفةٍ لتتّسع عينا متعب لكنَّ الوقتَ مضى على الحذرِ إذ أمسكَ بمعصمِ يدهِ المُمسكةِ بالسكِينِ واعتقلَ كفّه الأخرى أيضًا، ضحكَ وهو يضغطُ على معصمهِ حتى أسقطَ السكين بينما شعر متعب بأنّ عظامهُ تحطّمت، دموعهُ هذهِ المرّة كانت تسقطُ بعد تلكَ الدمعة الوحيدةِ مثلَه، كانت تسقطُ دونَ شعورٍ منه وهو يُحاول بأقصى ما يستطِيع أن يقاومَ قبضتيْه القويّتين وصدرهُ يئن، باسمِ الحرّية، باسم والدته، باسم أدهم، باسم أسيل، باسم شاهيــن!!
شعرَ بضربةٍ قويّةٍ في مؤخرةِ عنقهِ ليتأوّه بقوّة وتترنّح الدنيـا في عينيه.


،


في جهةٍ أخرى . . كانَت عيناه تقرآن جدرآن غُرفتـهِ الكئيبة، هاهوَ من جديدٍ يستنفدُ مشاعرَ أقسى من ذي قبل، القنـاعُ الذي يرتديهِ كاذب! مهما تصنّع السخريةَ والعنـاد واللا مبالاةَ إلّا أنّه كاذب، دائِمًا ما يجدُ نفسهُ يواجهُ قسوةَ الآخرينِ تجاههُ بسخريةٍ وعنـادٍ وإن كان مُخطئًا. نعم أخطأ! آذآها كثيرًا، ومن حقِّ عبدالله أن يقسو ويجعلهُ يُطلّقها، وكأنّه سينصاع؟ اقتربَت منه هذهِ المرّة، سيكفّر عن كل سيّآته، يُقسمُ بذلك، سيكفّرُ عن تجاهلهِ لها طيلةَ تلكَ السنين، سيُكفّرُ عن كل الجنونِ الذي حصل، عن كلِّ ما فعـل، سأكفّر عن كل شيءٍ لأجلِ عينيْكِ، فاغفروا لي! فقط اغفروا كي لا أصبحَ أسوأ، أنا السيءُ جدًا حتى أظفر بما أُريد، فكيف إن كان ما أُريدهُ هو لي؟ أُدركُ بأنّ كل ما فعلتهُ جنونٌ ولا يصدّق، بأنّ صمتِي عن الحقيقةِ ذنبٌ لا يُغتفر، لكنّي بالرغم من كلِّ ذلك لا أعذرني، حبّي مجنونٌ كبدايتـه، وهذا الحُبُّ يسير بذاتِ الجنونِ الذي بدأ. لكلِّ شخصٍ أسلوبه في هذهِ الدنيا، في حبّه، في حياتِه، في علاقاته، وأنا أساليبي مجنونةٌ مثلي ، فاعذروني!
زفَر وهو يرفعُ هاتفَه، اشتـاقَ لذلك الغائبِ الذي خاصمهُ وهجرَه، يتجاهل اتّصالاتِه العديدة والتي أحرقت هاتفهُ قبل أن تتوقّف وكأنّه يئسَ منه أو قرّرَ الحفاظَ على بعضِ كبريائـِه . . ابتسم ، لطالما سأعترفُ وسأكرر هذا الاعتراف، أنتَ الحسنـةُ الوحيدةُ في حياتِي يا - متعب -.
قرّرَ أن يُنهي هذا العقابَ وهذا الصد، ضغطَ زرَّ الاتصـال وانتظَر أن يجيءَ الرنين . . لكنّ هاتفـهُ كـانَ مُغلق!


،


" قاعدة أحـاول أستوعبك! "
ابتسمَ بعد جملتها المُستنكرةِ تلكَ وألقى برأسهِ على فخذيْها، رائحةُ عطرها دغدغت حواسَه، وهيَ تورّدت وجنتاها بخجلٍ وتجمّدت للحظـات، لترفعَ يدها أخيرًا وتتخلخل خصلاتِ شعره، بينما أغمضَ هو عينيه باسترخـاءٍ لافظًا : من أي ناحية تستوعبيني؟
أسيل تبتسم برقةٍ خجولة : الغزل عندك ما ينضب.
شاهين يقبّل كفها قبل أن يضمّها إلى صدره، بحالميةٍ وهو يُغمض عينيه : بينضب إذا نضب حبّك ، وحبّك ماراح ينضب فبالتالي هوّ باقِي.
أسيل تعضُّ طرفَ شفتها السُفلى : بيّاع حكي.
شاهين بضحكة : يا كثر ما تكررينها عليْ ، عمومًا يقولون لك اليوم البحر اضطرب، تدرين ليه؟
أسيل تُجاريه : ليه؟
شاهين يفتحُ عينيه وينظر لعينيها بحُب : التاريخ اليوم 14 ، القمر اكتمل.
احمرّ وجهها بشدةٍ لغزلهِ الصريحِ والمُباشِر، بللت شفتيها وغصّةُ الإحراجِ تُسكِنُ صوتها، في حين رفعَ هو كفّها ليُقبّل سبابتها، ومن ثمّ الوسطى، ينقُل جزيئاتِ عشقهِ عبر تفاصيلِ بصمتِها : إضطرابَ المد يعني اضطراب حوّاءْ لأنّك بينهم، حرام خذيتي منهم كل شيء!
أسيل تتنحنحُ بحرج : بيكبر راسي.
شاهين : تعوّدي على الغزل لأنه خُلق لِعيونك، المُعتـاد المفترض ما يربكك.
أسيل تُشتت عينيها بحرَج، تُحاول تغيير دفّة الحديثِ بعد استسلامها لكلماتِه : يقُولون فيه خسوف قريب.
شاهين يبتسم : شدعوى العالم حسدوك؟
أسيل ووجهها أصبَح كالدم : شاهين خلااااص!!
جلسَ وهو يضحكُ على تعبيرها المُحرَج، يعشقها ولا يستطيعُ أن يغفلَ عن ربكةِ قلبهِ حينَ يُقبّلها، لا يستطيعُ تجاهلَ أمواجِ السعادةِ التي تُغرقُ صوتـهُ في مُحيطِ التغزّل بها وحسب! في محيطها هي . . قبّل وجنتها المُحمرّة وهو يُريد قضمها للإغـراءِ الذي يستفزّهُ فيها، نهضَ عن السريرِ ليتّجه للحمـام وهو يهتفُ باسمًا : تأخّرت على الجماعة ، جهّزي لي ملابسي على ما أطلع من الحمام تمام؟
أسيل تنزلُ عن السرير : اوكي.
دخَل إلى الحمـام لتزفُر وترفعَ يدها إلى وجنتها بشرود، مهما ضحكَت بصدقٍ معهُ إلّا أن ضحكتها ميّتة! قلبها ينقبضُ ويوجعها، هنـاك صوتٌ يتكرر صداهُ داخلها ويُحرقها بنارٍ ذائبةٍ لا تبرُد، هنـاك تداخلاتٌ موجيةٌ في معدتها تجعلها تضطربُ رغمًا عنها، كوابيسها الليليةُ لا تتركها، صوتُه الذي يُناديها! صوتُه الذي يُعاتبها، صوتُه الذي يقول لها بأنّها خائنة، بأنّها تُحرقه، بأنّ خيانتها تلكَ مؤلمـة، تستيقظُ ليلًا والكوابيسُ قد حشرجَت نومَها، تعضُّ شفتها لتدفنَ نفسها بأحضانِ شاهين النائِم وكأنّها تطلبهُ أن يحميها من كلِّ ذلك الذنب! من كلِّ تلك الهتافاتِ والعتـاب، من لحظَةٍ وافقت فيها على هذهِ المعصيـةِ لشريعةِ الحُب الذي لم يمُت ولن يمُوت، لن يمُوت! يُحزنني أنّه لن يموتَ يا شاهين كما يُفرحنِي أيضًا، يُحزنني أنّني أؤذيكَ كثيرًا بهذهِ العلاقةِ الخاطئة، ليسَ ذنبكَ أنْ تمسّكت بي، ليس إلا ذنبي، أنا التي وافقتُ منذ البداية، أنا التي أخطأتُ منذ البداية، أنا التي أحللتُ هذا الخريفَ علينا، أحللتهُ يا شاهين وحرّمتُ كل الفصولِ الأخرى، حرّمتُ الدفء، المطر، التورّدَ في فصلٍ ربيعيٍّ لنـا، بقيَ الجفـافُ فقط، وكم اعتدتُ الجفاف! اعتدّتهُ واللهِ يا شاهين لكنّه حرامٌ عليك، لا يليقُ بك، أنتَ الغصنُ الطريُّ الرطبُ ذو الأوراقِ الخضراء ، لا يليقُ بك خريفي.
وضعَت يدها على قلبها الذي يؤلمها بشدّة، يئنُّ كثيرًا! يئنُّ طالبًا الخلاص من كلِّ هذا الذنب . . ارتعشَت شفاهها لتتحرّك باتجاهِ الخزانةِ وهي تُقاومُ الدمع الذي اختنقَ بملوحتهِ في عينيها، إن بكَت الآن كيفَ عساها تُخفي آثار ذاكَ البُكاءِ أمامه؟ قاومَت، وكم أصبحت مقاومة الدمعِ أسهل بعد أن اعتادتْه.


يُتبــع ..


 
 

 

عرض البوم صور كَيــدْ  
قديم 30-11-15, 08:51 PM   المشاركة رقم: 589
المعلومات
الكاتب:
اللقب:
ليلاس متالق


البيانات
التسجيل: Jun 2014
العضوية: 267722
المشاركات: 575
الجنس أنثى
معدل التقييم: كَيــدْ عضو ذو تقييم عاليكَيــدْ عضو ذو تقييم عاليكَيــدْ عضو ذو تقييم عاليكَيــدْ عضو ذو تقييم عاليكَيــدْ عضو ذو تقييم عاليكَيــدْ عضو ذو تقييم عاليكَيــدْ عضو ذو تقييم عاليكَيــدْ عضو ذو تقييم عالي
نقاط التقييم: 947

االدولة
البلدSaudiArabia
 
مدونتي

 

الإتصالات
الحالة:
كَيــدْ غير متواجد حالياً
وسائل الإتصال:

كاتب الموضوع : كَيــدْ المنتدى : الروايات المغلقة
افتراضي رد: قيودٌ بلا أغلال عانقت القدر

 






بابتسامةٍ وهي تحرّك ساقيها في الماءِ بعد أن شمّرت بنطالها إلى ركبتيها : وليه خالتي مانعتك من المسبح؟ أكيد مسوّية شيء.
غيداء الغارقةُ في الماءِ إلى ذقنها، لوَت فمها بضجرٍ لتلفظَ بدلال : عقااااب ، كنت قبل كم يوم أستعبط وأرقص عند المسبح وماحسيت الا وأنا مفحّطة له بسبب المويا اللي على الأرض وطحت طبعًا وراسي جاء بالحافّة ، عاد صوتي الغبي طلّع صرخة وصلت لآخر الحـارة وماما جات منخرشة وخايفة عليْ بس الحمدلله كنتْ وقتها مدوخة شوي من الضربة مو مرة وقدرت أطلع من المويا وهي من هذاك اليوم حلفت ما أطب المسبح الا وقت ما يصدر العفو منها.
ضحكَت غزل بقوةٍ ولم تستطِع سوى أن تضع كفها على فمها محاولةً قتلَ ضحكاتها إلا أنها ما استطاعت، رفعَت غيداء إحدى حاجبيها لتتحرّك مقتربةً منها بتهديد : أقسم بالله لأسحبك وأخلِيك جنبي وبعدها دوري لك على ملابس ، اهجدي.
غزل من بينِ ضحكاتها تحرّكُ حاجبيها للأعلى والأسفل : عادي بجلس مبلولة لين تجي خالتي وتكشفك.
غيداء تتحوّل للوداعةِ فجأة : لا شدعوى بعطيك من ملابسي
غزل : هههههههههههههههههه أنتِ بالأول شايفة جسمك يا المعصقلة وشايفة طولك يا السنفورة؟
غيداء بسخرية : عداااال يا كيم كارداشيان.
غزل بضحكة : لا وييين أنا أحلى طبعًا.
تجعّدت ملامح غيداء بازدراءٍ وهي تراها تقلّب عينيها بغرور : خفي علينا.
ضحكَت غزل وهي تركلُ الماء بقوةٍ ليتناثر على وجهِ غيداء التي سعلت بعد دخُول المـاء لفمها وهي تشتم بصوتٍ متقطّع، بينما قفزَت غزل بعجلةٍ حين رأتها تقترب منها بسرعةٍ بعد أن مسحت وجهها ونيتها بسحبها إلى الماء ترسبت على نظرتها الحاقدة : تعالي يا معفنة يا الخايسة وين بتروحين مني؟
غزل بضحكٍ صاخبٍ فتحت فمها لتتكلم إلا أنها ما إن نطقت بحرفٍ حتى أردفتهُ بصرخةٍ صاخبةٍ وقدمها تعرقلت من فوق الماءِ وتزحلقت، جاءها العقابُ دُون أن تقُوم غيداء بشيء، لذا غرقَت تلك بضحكةٍ شامتة وهي تراها تجلس وتمسك ظهرها متأوّهةً بألم.
غيداء بشماتةٍ ضاحكة : الله يمهل ولا يهمل هههههههههههههه شكرًا شكرًا يا ربي أحبك.
نظرَت إليها غزل بحقدٍ وهي تمسّد ظهرها : بوريك وبعلم خالتي انك سبحتي طيّب يا غويّد نشوف بعدين الله يمهل ولا يهمل صح.
نهضَت وهي لازالت تتأوّه وتمسك بظهرها لتتحرك خارجةً وبعضُ الماءِ بلل جزءً من ملابسها، في حين بقيَت غيداء تضحك وهي متأكدةٌ بأنها لن تشيَ بها لوالدتها.
بقيَت قليلًا تسبحُ تاركةً غزل وعقلها يسبحُ معها في أفكارٍ وخيالاتٍ وهي تعُود في بعض اللحظـات لذكرى ذلكَ اليومِ في منزل سلطان حينما احترق، ارتعشَت رغمًا عنها، لربما غادرها الجهلُ قليلًا، وفهمت وجهًا من الحيـاة بعد ما حدثَ لها ومنذ أن سألت سارة ذاكَ اليوم، كرهَت نفسها، وخجلت من حيـاةٍ هي فيها، أسوأ شعورٍ داهمها في حياتِها كلّها كان شعورها يومذاك . . اقشعرَّ جسدها فجأة ببرودةِ تلك الذكرى وبالرغم من دفءِ المـاءِ إلا أن دفئهُ لم يستطِع الوصول إلى ثلجيةِ ذلك الشعُورِ بالخِزي.
زفَرت بوجَع، أخطأ عنـاد كثيرًا حينَ ظنّ بأن الصمت هو الحـل مع ما أصابها، ربّما خانتهُ معرفتـه وبراعته عند أخته هذهِ المرّة.
خرجَت من المسبحِ وتنـاولت المنشفةَ لتجفّف جسدها وشعرها، تحرّكت باتّجاه المجلس لتقف عند الباب هاتفةً بصوتٍ فاتِرٍ حزين : ببدّل ملابسـ ..
صمتت مستنكرةً حينما رأت غزل تُحادثُ في هاتفها بابتسامةٍ وديعة : طيب ، ما عليك خليها علي هي بس خجولة شوي.
غيداء تُغمض عينيها وتفتحهما بصدمةٍ وهي تُحاول أن تستوعبَ بأن الهاتف الذي تُحادثُ فيه غزل هو هاتفها هي!!!
أغلقَت غزل الهاتفَ وأخفضتـه، لتبتسم : شفت جوّالك يرن ورديت ، حرام عليك واضح إنّ هالبنت شحليلها وحابتك.
شهقَت غيداء دون تصديق : ساااارة !! تقصدين ســـااارة؟!!!
غزل بهدوءٍ وكأنّها لم تقُم بخطأٍ ما : أيه هي ، قلتلها اليوم بنزورها استحيت منها على كثر حنّتها وواضح الزعل بصوتها منك ، تقول تتجاهلينها بعد في المدرسة شدعوى !!
غيداء بغضبٍ من تطفّل غزل الذي تجاوزَت بهِ المعقول : نزووورها؟ أنتِ مستوعبة وش قاعدة تقولين .. * وضعَت كفيها على رأسها لتسقطَ المنشفة التي كانت على كتفيها * يمه يا قلبي ومعطيتها كلمة بعد؟ تبيني أطلع من غير شور عناد وماما؟ ولسارة بالضبط اللي عنـاد كارهها!!!
غزل بسخريةٍ رفعَت إحدى حاجبيها : والله يا هالعنـاد مصدّق روحه وماخذ مقلب بنفسه يقال له الحق يحكم على فلان وعلّان وهو السالفة كلها مجرّد سيطرة! أكره هالنوع من الرجـال على باله هو الحاكم والعالم كلّها تحت يده.
غيداء بحنقٍ من حديثها العلني أمامها عن أخيها : ما أسمح لك غزل! ، معليش لا تخربينها بيننا بسبب وحدة ما تعرفينها وجيتي حشرتي نفسك بسالفتي ويّـاها.
غزل تصمتُ عن ذمّ عنـاد وهي في داخلها لا تُريد خسارة غيداء التي تصنعُ منها جانبًا لا تعرفه وتضحكُ معها بعفوية، صمتت لثوانٍ قبلَ أن تلفظَ بهدوء : طيب شوفي ، أنا قلت لهالبنت نزورها اليوم أنا وأنتِ، بما أنك متوجسة منها فبروح معك ، هي رحّبت بالفكرة وما قالت شيء لو إنها ناوية لك بنية قشرا تلعثمت وتهرّبت .. إذا لاحظنا فيها سلوك مُريب صدّقيني بعتذر منك على كل كلمة قلتها في حقْ أخوك.
غيداء تهزُّ رأسها بنفيٍ شديدٍ لتلك الفكرة : لا لا ولا تحاولين مستحيل أطلع لها وعناد ماهو راضي.
غزل بمحاولةٍ وإصرار : بس اليوم !! يمكن عناد سامع عنها شيء وظلمها عشان كذا خايف عليك ،
وفي ذاتها تقول " الا متجبّر وشايف حاله الله يخسف برجاجيل مثله لو ماهم في هالحياة كانت الدنيا بخير "!!
أكملت وهي تقفُ وتقتربُ منها : أنا بكُون معك لا تحاتين غيود وإذا شفنا عليها شيء نطلع من بيتها مباشرة . . هاه شرايك؟
صمتتْ غيداء لبعض الوقتِ بقلقٍ ورفض، لتبتسمَ غزل وهي تضعُ كفّها على كتفِها الرطِبَة : أنا معك غيود وبس مرة أولى عشان تكسرين ظنّك اللي بيكون خاطئ على الأرجح ، ماراح نطوّل صدقيني.
بللت غيداء شفتيها بقلقٍ وازدردَت ريقها : طيب عناد وماما؟ يمكن ترجع بعد شوي.
غزل بانتصارٍ بعد أن استشفّت في حديثِ غيداء بعض الرضَا : الحين اتّصل عليها وأقولها بنروح لصديقتي وأكيد ماراح تقول لا ، وبما أنّها هي بعد ظنّها سيء تجاه سارة ماراح أقولها معليش! . . عارفة بيت سارة أنتِ وينه؟
غيداء تهزُّ رأسها بالنفي وعلى وجهها وشاحٌ من القلقِ والذعرِ من فكرة أن تذهبَ إليها دونَ رضا أخيها، أردفَت غزل ببسمة : خلاص ماعليه نكلمها في طريقنا. سواقكم موجود صح؟
غيداء تُعاود هزّ رأسها بالإيجابِ صمتًا.
رفعَت غزل هاتفها حتى تُحادث ام عنـاد وهي تلفظُ بحماس : خلاص روحي بدّلي ملابسك واجهزي على ما أكلمها.


،


يقفُ أمـام البابِ الخارجي وهو ينظر للرجـال اللذينَ يدخلونَ إلى منزله، ملامحهُ صامتـة، لا تحكِي عن شيءٍ مما في صدرِه، يتمنى لو يسيرُ هذا الليلُ سريعًا وينسى نفسهُ معلقًا في هذا المكـان ولا يمشي خطوةً باتّجاهِ هذهِ الخيبـة، يتمنى لو يذهبُ جسده على الأقل لكن لتبقى روحهُ ومشاعرهُ هنـا، ليتجمّد الحُزن هنا، في هذهِ الخطوةِ الساكنةِ لا الخطوةِ التي تليها، في هذهِ الخطوةِ الصامتـة لا خطوةُ الاقترابِ من نـارٍ تُحرقه.
زفَر بضيق، ماهذا الضغط الذي يُمارسهُ على ذاته؟ ليته رفضْ! أو على الأقل جعل كلَّ هذا في منزلهِ هو دونَ حضور سلمان، لم يكُن ليهتم للنـاس ونظرتهم وأسئلتهم الفضولية حول غيابِه! كل شيءٍ كان ليكُون سهلًا، سهلًا جدًا ، غيرَ الآن!!
أدار رأسه للصوتِ الذي كان يُحادثـه : هذي الساعة المباركة اللي شفناك فيها يا بو فهد.
استدارَ سلطان وابتسم : أهلين عمي بو نواف.
مدّ يدهُ ليُصافحه. أبو نواف بعتب : وينك يا رجّال غطست وما عاد شفناك.
سلطان بلطف : مشاغل الدنيا.
أبو نواف : سمعت إنّك شِلت زوجتك من بيت أبوها بدون لا حفلة ولا شيء! ولو إني استغربت تسرّعك بس حابب أقول مبروك الله يجعل حياتَك ويّاها كلّها فرح ويرزقكم بالذريّـة الصالحة.
سلطان : تسلم.
أبو نواف : الله يسلمك ، ندخل والا واقف منتظر أحد؟
سلطان يهزُّ رأسهُ بالنفي ووقتُ مجيء أبو نواف كان مناسبًا حتى يجدَ الدافعَ ليدخل : أبد كنت توني واصل على جيّتك.
تحرّكـا ليدخلا، بدأ أبو نواف بالسؤال عن سلمان وهو يبتسم على مضضٍ ويردَّ عليه، لا أحدَ يعلمُ كم أنّ تعليقهُ فيَّ يجرحني بسهامٍ عددها السنواتُ التي مضَت معه.

كان يقفُ مُحدّثًا أحد العاملين اللذين استأجرهم لتنظيمِ عشاءٍ ضخمٍ كهذا، يتحدّث معهُ بجمودٍ وذات الهيبةِ التي لا تتزحزح، تحرّك العامل مبتعدًا بعد أن انتهى من حديثهِ وأوامره له. استدارَ ليعاودَ الدّخول للمجلسِ الخارجيِّ الواسِع، لكنّه تجمّد في مكانه فجأةً وهو يلمحُ سلطان يأتِي مقتربًا ومعهُ أبو نواف، يُحادثهُ بابتسامةٍ من يراها يصدّقها، لكنّه وبما أنه يدركه جيدًا أكثر من أيِّ شخصٍ آخر رأى تلكَ الابتسامةَ بحقيقتها، ببهوتها ومجاملتها.
لا أحدَ يفهمهُ كمـا هو، لا أحد يتعرّى أمامه سلطان بكلِّ مشاعرهِ إلا أمامـه وإن حاولَ أن يسترَ ذلك العريّ بتصنّعِ اللا مبـالاة والحقد، يدرك أكثرَ من أيِّ شخصٍ آخر أنّه لازال يتألم، لازال يضعفُ بحبّه لهُ وإن حاولَ إقنـاع ذاته بأنّه كرِهه.
ابتسمَ ببهوتٍ في المقابـل، في تلكَ اللحظةِ اتّجهت عينا سلطان وأبو نوّاف إليه، توقّف الزمن للحظـاتٍ قصيرة، في ملامِحِ أبيه المختبئة في تقاسيمه، في نظراتِهِ البـاردة، في وقوفهِ الثّابت وجمودُ وجههِ وعينيْه المتّجهتين إليه . . يراهُ لترتبكَ الحيـاة! لتفقدَ توازنها، ليس عدلًا! ليس عدلًا أن يتحشرجَ صدرهُ كلّما رآه ويغصَّ القهرُ في عينيه بينما هو جامد/بارد. ليس عدلًا كل ما يحدثُ له الآن وما يحدثُ كلّما رآه، هاهو صدره يتوعّكُ بنَفَسِه، هاهي الكلماتُ تغصُّ في حلقه والقهرُ في محاجرِه، كان يعلمُ أنّه سيلقاه، لكنَّ اللُقيا ككل مرةٍ تكونُ قاسيةً متخثّرةً في حلقـه، لا تمرْ! كلُّ ما يتعلق بهِ لا يمرْ، يتوقّف عنده، تتوقّف الحيـاةُ بمُجملها، يصبحُ أضعفَ فيها من أن يصمُد، إلهي ماهذا الضعف! ماهذا الضعف!! . . عضَّ على شفتهِ بقوّة وشد على قبضتيْه، جسدهُ تشنّجَ تلقائيًا عدا أقدامهِ التي أكملت سيرها بصمتْ، بجانبِ أبو نواف الذي ابتسمَ لسلمان المُقتربِ منهم بابتسامةٍ مماثلة/جامدة!!
وقفَ أمامهم وصدرُ سلطان يبدأ في الارتفاعِ منفعلًا مع انخفـاضٍ خائب، رحّب سلمان بأبو نوّاف ومن ثمّ نظر لسلطان بابتسـامةٍ لم يستطِع قراءتها، كيف لا والألمُ يحجبُ عن عينيه كل شيء، بقيَت النظراتُ تتواجـهُ بصمتٍ في حربٍ طاحنـةٍ لم يُنهِها التاريخ، لم تَكتُب نهايتها السِّيَرُ بعد. من سيربح؟ من سيُنهي رحلتهُ في محطّة الراحـة، هل يكُون سلمان فيرتاحُ ضعفَ ارتياحه؟ أم يكُونُ هو فتُغسل كلُّ آلآمـهِ بعد خيباتٍ أُلوفْ! بعد خيباتٍ وحُزن! هل سيرتـاح أصلًا؟ وكيف يرتاح؟ وهذا الغدر لم يكُن كأيّ غدر، هذا الغدر عمرهُ خمسةَ عشرَ عامًا بِيضًا أحبّهُ فيها كما لم يحبَّ أحد، رأى الحيـاةَ فيه لتتحطّم نافذتهُ فجأةً فكيف عساهُ يُكمل رؤية الحيـاة كما كانت.
أجفلَ وتراجعَ خطوةً للخلفِ وهو يلحظُ اقترابَ سلمان، توجّست ملامحه وانعقدَ حاجباه باستنكـارٍ قلِق، في حينِ بقيَ هو يبتسم بتلكَ الابتسامةِ المُبهمةِ ذاتها، حتى وقف أمامهُ مباشرةً أمام أنظـارِ أبو نوّاف ليضعَ كفّهُ على رأسِ سلطان ويقبّل جبينه!!
اتّسعَت عيناه بصدمة، وارتعشَ رغمًا عنهُ بعد أن اضطربَ قلبهُ الذي نسيَ قُبلةَ تلكَ الشفاه، نسيها وقد كانت الأخيرةُ قبلَ تلكَ الصّدمـةِ بلحظاتٍ غيرِ طويلة، اعتاد في كلِّ يومٍ هذهِ القُبلة ليردّها بواحدةٍ في أنفهِ وأخرى على رأسه، لكنّها الآن صادمة! شاذّةٌ عن وضعهما الأسـودِ بعد بياضِه . . تراجَع بقوّةٍ وعنفٍ وهو ينظُر إليه بقهرٍ وألم، يُداعبُ الذكريات الحلوةَ لهما بوحشيةٍ تؤلمه، يُـوَلّفُ الأيـامَ بينهما بدمٍ لن يجف، جُرحَت، ودمها لن يجف! تاللهِ لن يجف . . في حين كانت إحدى حاجبيْ أبو نوّاف قد ارتفعَت باستنكارٍ للشحناتِ التي لحِظها بينهما وفضّل الابتعاد عنهما.
سلمان بهدوءٍ مُستفزّ وهو يُبلّل شفتيه : جاء في بالي احتمال 1% إنك ماراح تجي ، هالواحد كان كافي عشان أصدّقـه.
سلطان يزدردُ ريقهُ وهو يضوّق عينيه بحقدٍ ويدفعُ مشاعره المضطربة بعد تلكَ القبلة : لا عـاد تمثّل قدام العالم بشيء مقرف ما يليق لك!!
سلمان بابتسامةٍ ظهرَت بها أسنانه : وش تمثيله؟
سلطان بقهر : لا عاد تقرّب مني.
سلمان باستفزازٍ له : اوووه هذا اللي مخليك تناظرني بهالحقد؟ عمومًا تفضّل يابو فهد تو ما نوّر البيت بطلّتك.
صدّ عنهُ سلطان بقهرٍ ومضى باتّجاه المجلس، رغبـةُ القتلِ تتأجِج في صدرهِ من جديد، أمنيـتهُ المجنونة تعود لتنثرَ صداها في عقله من جديد، لو أنّ كل ذلك حلم؟ لو أنّ كل ذلك وهم؟ لو أنّه في غيبوبةٍ ما سيستيقظُ بعدها ليُصدم بأنّ كل هذا الألمِ سراب! لو أن - لو - لم تأتِي في هذهِ اللحظـة ليُدرك أنّ كل شيءٍ لم يكُن، لم يكُن! وتبقى لو تشرحُ الضعفَ والخذلانَ في صدورِنا.
هزّ رأسـهُ وهو ينفضُ تلكَ الأفكـار ويكفكفُ حزنه خلفَ ابتسامةٍ باردة، ليُلقي السلام ما إن دخَل.


،


ترمي ملابسها في الحقيبةِ بفوضويةٍ عنيفة، دموعها تجري على وجنتيها بقهر، في لمعةِ أحداقها غضبٌ وحُنقٌ من إرغـامِ فوّاز لها بما لا تقواه، مهما أرادته وتمنّته إلا أنها لا تقواه، لا تقوى لقاءه، لا تقوى رؤيـة عينيه لترمي نفسها في أحضانـه، ستوجعه، ستُعيدُ تلكَ اللمعـةَ من جديدٍ ليحلَّ العتابُ مرةً أخرى، هي لا تفعلُ كلّ ذلك بتخطيط! ليسَت بذاكِ السوءِ الذي يراهُ من حولها، ليسَت بذاكِ السوءِ الذي يسمحُ لأرجـوان بإيلامها، بتجاهلها، بالصدِّ عنها وإلحاقِ المزيدِ من الأوجـاعِ إليها.
لمَ تشعُر بالوحدةِ تخنقها؟ تستحلُّ الجزء الأكبر من حياتِها، تلكمُ معدتها بحضورِها المُسيطرِ على دفّةِ حياتِها، فوّاز لا يكفيها عن السنينِ التي عاشتها بين عائلتها، لا يكفيها عنِ الضحكاتِ المجنونةِ تلك، عن الإجتماعاتِ المُشاكسة، عنِ الليالي التي استدعَت فيها أرجوان لتسهر معها في غرفتها على فيلمٍ جديدٍ لتمثّلا النومَ كلّما فتحَ والداها البابَ حتّى يتأكدا من نومهما، عنِ الرّقصاتِ المجنونةِ التي كانت تؤلفها وصراخِ أرجوان لتُغلقَ الأغانِي وقد قررت أن تتوب وتتوقف عن الاستماع إليها لتعُودَ دونَ شعورٍ لتشغيلها كلّما انطفأت، ويدخلَ والدها أخيرًا ويغلقها لأنّهما أزعجتاه، يبدأ مسيرةَ النصحِ وأنّ رصاصًا ذائبًا ينتظرهما في النـار، فترتعبان لساعاتٍ ثمّ تنسيا النصح وتعُودُ الكرّة، عن كل شيء! عن كلِّ جنونٍ عاشتـهُ في كنفِ عائلتها، عن كلِّ تلكَ الرقـةِ والسعـادة التي كانت تُحيطها. ليسَت ذكرى عابرة لتتجاهلها! ليسَت ذكرى عابرة لتنساها وتُدثّرها بابتسامةٍ تشقُّ الأرضَ لعُمقها، منذ وقفَت تلكَ الغيمةُ في حياتِنا ونحنُ نتظرها أن تهطُل بماءٍ عذبٍ يجعلنا نبتسم، لكنها توقّفت فقط، توقّفت لتظللنا عن الشمس، توقّفت لتُزهقَ ظلالنـا.
شهقَت بألمٍ وهي تجلسُ على السريرِ بجانب الحقيبةِ التي حملت قليلًا من الملابس بفوضويّةِ مشاعرها، عضّت شفتها السُفلى ووجنتيها تحمرّان ملتهبةً بهذا البُكاء، بكاؤها فاضِح، إن داهما بكَت ملامحها وإن لم تسقط الدمُوعُ بعد، سيأتِي فوّاز ليرى المعالم التي نحتها على وجهها لإرغامه لها على مالا تريد، لا وجعَ أكبر! سابقًا تركها والدها بقسوةٍ وأمرها أن تذهب مع فواز " بلا حفلة زواج "! والآن فواز سيُعيدها إليه بذاتِ القسوةِ بحجّةِ " حفلةِ الزواجِ " هذه! من ذا الذي يحتملُ هذا التراشُق؟ يؤذونها كثيرًا بقسوتِهم هذِه، يؤذونها كثيرًا.


يُتبــع ..

 
 

 

عرض البوم صور كَيــدْ  
قديم 30-11-15, 09:13 PM   المشاركة رقم: 590
المعلومات
الكاتب:
اللقب:
ليلاس متالق


البيانات
التسجيل: Jun 2014
العضوية: 267722
المشاركات: 575
الجنس أنثى
معدل التقييم: كَيــدْ عضو ذو تقييم عاليكَيــدْ عضو ذو تقييم عاليكَيــدْ عضو ذو تقييم عاليكَيــدْ عضو ذو تقييم عاليكَيــدْ عضو ذو تقييم عاليكَيــدْ عضو ذو تقييم عاليكَيــدْ عضو ذو تقييم عاليكَيــدْ عضو ذو تقييم عالي
نقاط التقييم: 947

االدولة
البلدSaudiArabia
 
مدونتي

 

الإتصالات
الحالة:
كَيــدْ غير متواجد حالياً
وسائل الإتصال:

كاتب الموضوع : كَيــدْ المنتدى : الروايات المغلقة
افتراضي رد: قيودٌ بلا أغلال عانقت القدر

 





لازالتْ الليالـي كعادتِها طويلـة، الظلامُ طويل، والصبحُ يغادر بسرعة، كم باتت تكرهُ الليل! الكتابـة، الشاي، كلّ ذلك كانت تحبّه! لكنها فجأةً كرِهته، لطالمـا كانت تحب كتابة المقالاتِ العلمية، الاجتماعية، تمارسُ شيئًا أدركتهُ من قراءآتِها والكثيرُ من تخصصها الذي لم تُكمله " علم اجتماع ". ولطالمـا كانت تقرأُ اعتقاداتٍ كانت تراها خاطئةً عن الكتابـة، بأنّ الكتّاب مجانين، مريضينَ بالوحدة! الانطوائية، يُسهبونَ في حزنهم ويبالغون فيه، أو ينثرونهُ على أوراقهم حتى لا يُغرقهم، رأتْ كل ذلك هرطقات! لكنها الآن أدركت أنها تُعاني من ذلك، أنّها أصبحَت انطوائيةً فجأة، تُسهب في حزنها، مُثيرةٌ للشفقة!!
هل هو إسهابٌ في الحزنِ أم أنّ الصدمةَ ذاتها تستحقُّ هذا الحزنَ وأكثر؟ تستحقُ التضاؤل أمام الحيـاة، لطالما أنشدت في أحرفها بأنّ الحيـاة لا تتوقّف على شيء! لمَ كذبت؟ لم كتبت شيئًا واختلفَت عند فعلِه؟ هل تختلفُ موازينُ القناعات حينما تصبحُ الإصابة لكَ شخصيًا؟ ليست نصحًا، ليست توجيهًا، هي جرحٌ في داخلها، فكيف توجّه ذاتها بكلمات وهي المُحتاجـةُ إلى طبيبٍ يوجّهها ودواءٍ يجعلُ جرحها يلتئمْ!
غارقـةٌ كانت في صورةٍ لـه، في هاتفِ أخيها الذي أعطاها لتضعهُ في الشاحـن، يبتسم للكاميرا، يقفُ بجانبِ فـارسْ وملابسهُ السوداءُ تنعكسُ على بشرتهِ فتجعل منه جذابًا للنظـر، كفهُ اليُمنى على كتفِ فارس، يستقيمُ بجانبهِ الأيسر، لا يليقُ بها! هذا ما فكّرت به، هو لتلكَ فقط، مهما رأت في ملامحه الجاذبية والرجـولة، كحلمِ كل فتـاة، لكنّه ليس لها، هي سارقة! سارقةٌ انتشلتهُ من بينِ يدي جيهان، تدركُ أنّه لو أرادها لرأته أو سمعتْ عنه بعد عقد قرآنِهما، لكنه اختفى! ليُثبت أنه يحاول لملمة نفسه بعدَ زواجٍ لم يُرِده.
شعرَت بشخصٍ يقفُ خلفها، توتّرت واستدارَت بسرعة لترى فارس يقفُ خلفَ الكرسي الأبيض الذي تجلسُ عليه، يعقدُ حاجبيه باستنكارٍ والواضـحُ أنه رأى ما كانت تنظر إليه.
ارتبكَت نظراتها وأغلقَت هاتفهُ بسرعة وهي تكادُ تقتلُ نفسها، لم تتخيل ولو بنسبة واحدٍ بالمائةِ أن يجيء في هذه اللحظة! لمَ ذلك يــا الله!!! لمْ تشعر بحمرةِ الخجل التي تصاعدَت في وجهها لتتلعثمَ الكلماتُ في فمها : أنا ، كنت ، بس ... يعني مااا ...
قاطعها صوتُ فارس بهدوءٍ ليُنهي مسيرة لعثمتها وإحراجها : كنتِ تتأمّلين بصورة فوّاز!!
انفرجَت شفاهها وماتت الكلماتُ في حنجرتها بعد ما غرقَت في إحراجٍ كثافتـهُ حجم الذنبِ الذي تلبّسها في هذهِ اللحظة وكأنّها كانت تتأمّل رجلًا لم يُصبح زوجها، تتأمّل رجلًا يُحرّم عليها أن تفكّر بهِ كتفكيرٍ امرأةٍ بزوجها .. زوجها! لمَ الكلمة مؤذيةٌ لهذا الحد؟ ثقيلةٌ في التفكير، لا تنتمي إليها! لمَ شعرت بأنّها كبيرةٌ جدًا، عظيمةٌ بدرجةٍ يحرّم عليها قولها، وكأنّها سرقَت حقيبةً وسمّتها أمام العالمين " حقيبتي "؟ .. آه! يا لفداحــةِ ذنبها! ما الحدُّ المكتوبُ لمن هي مثلها؟ ما الحدُّ الملائـمُ لسارقةٍ تقتلعُ الأزواج من زوجاتِهن! يُقطعُ فرحهنّ من خِلاف، أولًا يذهبُ دونَ الابتسامة، تستطيعُ التبسّم، لكنْ حينما يكتملُ الحدُّ ستذهبُ تلك البسمة، فهل ينتظرها هذا الاكتمال؟
ارتعشَت شفاهها وهي تنظُر لملامحِ فارس الناظِر إليها بصمتٍ أثلجَ الدمع الذي يكادُ يسقط، ذوّب الذنبَ ليسيلَ من مساماتِها فيُلهبَ بشرتها البيضـاء، احمرّت ملامحها فوقَ احمرارها الطبيعي، عضّت شفتها لتُخفضَ وجهها أخيرًا بذنبٍ ومعصيـة، تزدردُ ريقها، ذاكَ الذي يختلطُ بمرارةٍ كالعلقم، يعبُر الحناجـر فيزيدَ من لوعـةِ - الآه -! تلكَ الآهـةُ التي خرجَت من بين شفتيها الآن لتُردفها بنبرةٍ مُتحشرجةٍ تُبرر بها : دخلت الصور بدون قصد مني عشان أشوفه، ما كنت أدري إن له صور عندك والله! ما كنت أدرِي.
لفظَتها بصوتٍ يمتلأُ بحشرجةِ بكاءْ، انعقدَ حاجباه أكثر، بلل شفتيه وتحرّكَ رأسه ناظرًا لحنايا غرفتهِ بتشتتٍ وهو يزفُر هواءً تمنّى لو أنه كان وجعَ أختـه . . نظَر إليها، وجهها غلّفته خصلاتُ شعرها البندقية التي سقطَت على ملامحها البيضاء لتَستُر حُزنها، تقبضُ على هاتفهِ بقوّة، وكفّها الأخرى تُداعبُ بهِ قماشَ بنطالها القطنِيِّ الأسـود. لفظَ بخفوت : لو ترسلين الصورة لجوّالك بعد وتجلسين تتأمّلينها ليل ونهار ماني قايل لك شيء! بالعكس بكُون مبسوط.
عقدَت حاجبيها لحديثهِ وارتفعَ رأسها ليرى عينيها الغارقتين في ملوحتهما الذائبة، ابتسمَ مُردفًا : ترى فوّاز صديقي وعارف أخلاقه، طبيعي أتمنى شخص مثله لك، بس إنّي أشوف فيك عدم الرضا! تتزوجينه غصب! تبكين لأنّك ما تبينه!! هِنـا أكيد بتضايق وبصرْ إنك تتطلقين منه لو ما ودك فيه حتى لو كان صديقي.
صمتت وتلاشَت الكلمـاتُ في لحظةِ استماعِها له، بقيَت تستمعُ بصمتٍ وهي تقرأ محاسـنَ فوّاز التي ذكرها، هي لا ترفضه لشيءٍ سوى أنّ السوءَ هيَ! أنّ الذنبَ هي، أنها سارقــة!!
فارس يُكمل بابتسامةٍ وهو يمدُّ يدهُ ويتناول هاتفهُ من بينِ كفيْها بعد أن فصلَ الشاحنَ عنه : انصدمت وأنا أشوفك تناظرين صورتـه، لا تبررين خوف مني! ناظريه! بس قوليلي إنّك رضيتي فيه؟!
أجفَلت وهي تراه يفتحُ صورتهُ تلكَ ويقفُ بمحاذاةٍ لها وهي جالسة، أخفضَ هاتفهُ ووضعَ الصورةَ أمامها، ليهمسَ بأمل : راضيـة فيه يا جِنان والا الدعوى ودّك تشوفين الشخص اللي تزوجتي فيه بدون رضاك؟!
شتت عينيها عن الصورةِ رغمًا عنها، ارتفعَ صدرهَا مضطربًا لأقصاهُ لينسى زفيرًا ساخنًا مُتحشرجًا، أيظنُّ بأنها تريده؟ تريدُ شخصًا خُتم اسمُ امرأةٍ على جبينه؟ ربّما يُحبها، لا تهتم! لكنّهُ لها، لهـا منذ البدايةِ ولم يكُن يومًا يُفكّر فيها. ارتعشَت شفتاها قبل أن تهمسَ بخفوتٍ متحشرجٍ بغصّاتها وهي تنظر للأرضِ بعيدًا عن صورته : عادي عندك أكون زوجته الثانية؟
صمتَ فارس لبعضِ الوقتِ وصمتت بسمته، لكنّه تنهّد أخيرًا ليسحب هاتفهُ ويضعُ كفّه على كتفها : ناظريني طيب.
جنان تستديرُ إليه بوجهها المُحمر، بلل هوَ شفاههُ قبلَ أن يهتفَ بهدوء : أنا كرجّال ما عندي أبدًا مانع من التعدد ، فغلط إنك تسأليني أنا هالسؤال لأن نظرتي للموضوع بتكون نفس نظرة معظم الرجـاجيل ، أنتم الحريم نظرتكم عاطفية بحتة، بس احنا نختلف! يمكن البعض إذا مو المعضم منا ما يكُون مؤهل لهالخطوة ، بس فواز!! أبصم لك بالعشرة ولو كان عاشق لمرته بعد مستحيل هالشيء يخليه يظلمك! مستحيييل، يمكن للحين هو مختفي شوي عن حياتِك من بعد العقد، بس بيرجع ، وبيعاملك مثل أي زوج وبيسعدك بعد. لا تفكرين إنّي ما أفكر لأختي برجال تكون هي الأولى بحياته، أنا فكّرت من جانب المنطق ومن الجانب الإيجابي للموضوع ، وش يدرينا ممكن يجيك رجّال ما تزوج من قبل ويخليك تعيشين بجهنم! وممكن رجّال متزوج ثلاث ويعيّشك بنعيم!! . . خلي عاطفتك الحين، وخلّي تفكيرك بمرته الأولى ، فكّري بنفسك جاك رجّال يُشهد له بأنّه نشمي ومستحيل يضيمك!!
سقَطت دموعها برفضٍ لحديثه، كيف يطلبُ منها أن تترك عاطفتها وتفكيرها بزوجته! كيف يقُول بأنّه يتحدّث بالمنطق! لو أنّها في موقِعِ جيهان هل كان ليقول هذا الحديث؟ هل كانت هيَ لترضى بأن يتزوج زوجها بأخرى؟؟ لا علاقـة لها بنظرة الرجـال، لا علاقة لها إن كان جيدًا سيعدلُ أم لا، لكنّها لا ترضى! لا ترضى أن تمتلكَ رجلًا هو لغيرها أساسًا، لا ترضى أن تستحوذَ على ممتلكاتِ غيْرِها.
هزّت رأسها بالنفِي والاعتراضِ لكلِّ ما قاله، تحررت حنجرتها من تضخّم تلك الغصة وتضاءلت ليخرج صوتها أخيرًا بعد احتباسِه، ليخرجَ معترضًا عنيفًا : أفكّر بنفسي؟ أنا لو فكّرت بنفسي بقول ماراح أرضى إن زوجي يتزوّج عليْ! ماراح أرضى إنّي أكون ثانية بحيـاة رجّال، إذا أنتم الرجاجيل تغضبكم فكرة إنّ طليقتك وهي طليقتك وما عادت لك تزوّجت من بعدك، فكيف أفكر بشخص هو ملكْ غيري؟ ما يهمني هوّ نشمي، هو رجّال بيسعدني، ما يهمني غير إني ما آخذ حياة غيري! عمري 23 سنة يا فارس! ليه أحجز عمري بشخص متزوج وأنا ببداية حياتِي؟!!
زفَرَ واستقامَ مُبعدًا كفّه عن كتِفها، ابتأستْ ملامحهُ قليلًا وتلاشت كل ظلالِ البسمةِ والأمـل، لن يُرغمها على شيء، مهما تمنّى رجلًا كفواز لها إلا أنّها ستبقى ككل أنثى، من الصعبِ أن ترضى بحالٍ كهذا، الإناثُ خُلقنَ ليمتلكنَ رجلًا واحد، لا يستطعن التعداد، لذا دائمًا ما تكونُ نظرتهنَّ تملّكيةً لمن يُحببن، أمّا الرجـال فخلقوا وهم يستطيعون أن يكون في كنفِهم أربعة! وهنـا سببُ اختلافِ النظـر . . لن يُجبرها! بالتأكيدِ لن يُجبرها.
صمتَ للحظـاتٍ قليلة قبل أن يركّز بنظراته على عينيها ويهتف بحدّية : تبينه يطلّقك يعني؟
جنان بقوّةٍ تنظر في عمقِ عينينه : أيه ، أبي الطلاق.
فارس بعد زفرةِ يأس : لك اللي تبينه ، والله ما تجلسين بذمته إذا هالشيء يضايقك ولو إنّي أبيك تفكرين أكثر بعيد عن عاطفتك.
ابتسمَت جنان بسعادةٍ وهي تقفُ وتقتربُ منه، قبّلت كتفهُ وهي المحتاجةُ لوقفةٍ كهذهِ تُريحها من كلِّ هذا الذنب، كفارةٌ لمعصيتها، لا أمـل لها إلا فارس، لا أمـل لها إلا هو.
همسَت بنبرةٍ مـمتنةٍ باكية وهي تأكّد لهُ ما تريد : أي فارس ، الله يخليك ما ابيه! ما ابيه ولا بفكر بالعكس حتى.


،


ضجيجٌ يملأُ مسامعها، أحاديثُ تختلطُ بلهجاتٍ عربية، مصرية، شامية، ليبية، والكثيرُ من اللهجاتِ الخليجية! لطالما عشِقَت اللهجـات، كانت دائمًا ما تظهرُ بلسانٍ ذُو حلّةٍ جديدة يضحكُ بها بَدر، دائمًا ما يقُول لها بأنّها " زاحفة "! وتتجاهلهُ هي وتحادثه بلهجةٍ تكون تارةً نجديةً بحتة، وتارةً حجازيةً بحتة، ومرةً جنوبية، ومراتٍ كثيرة شمالية أو مصرية والأكثرُ أن يخلطَ حديثها بالمغربِ والمشرق، يقُول لها بدر في بعضِ المرّات " خرّبتي اللهجة "! فتردُّ عليه بلهجةٍ جنوبيةٍ متدللة " احلف لك اللهجة قاعدة تقول يطعنّي اللي يحكي بي ما جمّل الحكِي الا فمّش العذبْ يا غادة وما زانَ الغزل الا لعيونِش الحلوة عساشْ عن حوّاء كلهم يفدونِش بسواد عيونهم ويضمونش برمشهم جعل الضيم ما يقربش ولا يضايق قلبش "، فيضحكُ طويلًا دونَ أن يستطيعَ كبحَ ضحكاتهِ وهو يقول من بينها " وي وي وش دخّل كل هالغزل ردّي على قدّ الجواب ! " فيأتِي ردّها ضاحكةً " ما أسهبت في الحديث إلا لأجل - الشين - ".
أينَ ذلك الدلال؟ تلكَ الضحكةُ الطويلة؟ الآن هاهو يجلسُ على طاولةٍ بجانبها مع عربيٍ يعرفهُ في هذا المطعمِ العربي المُزدحمِ بصحراءِ الشرقِ الأوسط، تنظرُ لطبقها ببؤسٍ و " الكبابُ " لا يُغريها هذهِ المرّة على غيرِ العادة، وأمامها حسام يأكلُ طعامهُ بشهيّةٍ مفتوحة.
ازدردَت ريقها وشهيتها مغلقة، رفعَت عينيها تنظرُ إلى ابتسامتهِ وهو يحادثُ الذي يجلسُ أمامه خلف الطاولـة، تنتظرُ أن يرفعَ عينيه، تُدرك أنها إن اتّصلت بهِ سيتجاهلها تمامًا، لذا انتظَرت أن ينظر نحوها وهي واثقةٌ بأنّه ينظر نحوهم كلّ عشرِ ثوانٍ بقلقهِ الذي لا يرضى أن يتركه.
رفعَ عينيه فعلًا حتى يطمئن عليهم، أسوء شيءٍ أن يعيشَ الإنسان حياةً يخشاها! يخشى أن يُسرقَ منها فجأة أو يُسرق من يُحبْ.
التقطتهُ عينا غادة لتُشير إليه بأنها تُريده، حينها تجمّدت نظراته، وتجاهلها! بكلِّ بساطةٍ وهو يعُود ليحادثَ من معه.
تحشرجَ صدرها بألم، زمّت شفتيها والوجعُ يتجدّدُ في صدرها، تجاهلهُ لا يُربّي عن المعصية، تجاهلهُ يقتل! واللهِ يقتـل . . وجَدت نفسها تندفعُ بألمها لتقف متجاهلةً ردّة فعله، تمرّدت ساقاها لتتّجه إلى طاولته وتقفَ أمامه مباشرةً ليرفعَ هو نظراته متفاجئًا، بينما لم تترك لهُ الوقت الكافي ليستوعبَ إذا هتفَت بثبات : متى بنطلع؟ اختنقت من المكـان.
شعرَ بغضبٍ عارمٍ جعل النارَ تندلعُ من عينيه بوعيدٍ وهو يأمرها بصمتٍ أن تعود لطاولتها، لكنّها ثبّتت قدميها رغمَ خوفِها لتبقى في مكانها، وعينُ الرجلِ الآخر تتابعُ ما يحدثُ بصمتٍ وهو يُداعبُ بيدهِ سماعة التجسس المُختبئةِ خلفَ ياقةِ قميصه!
بدر بنبرةٍ ثقيلةٍ غاضبة بعد أن رأى أنّها لن تتحرّك : عفوًا أختي! من وين تعرفيني؟!
صُدمت وتجمّدت ساقاها، تحرّكت خطوةً للخلفِ وملامحها تبدّلت مائةً وثمانينَ درجةً لتتنحنحَ وهي تُحاول بفشلٍ أن تحسّن خطأها بعد ما فهمته : مو ئلت يا بيبي رح تدفع عني وبعدها بدنا نطلع نتمشّى سوا؟!
قالتها بدلالٍ مُرتبكٍ وهي تميل على طاولتهِ قليلًا، بينما غضبٌ عارمٌ في ملامحهِ كان يجري، يحاولُ تجميد يدهِ كي لا تندفعْ وتفقأ عينَ الرجل الذي ينظُر إليها بطريقةٍ يُدركُ أنها قذرة!! . . لفظَ بصوتٍ ثابتٍ وابتسامةٍ قاسية : اووه أنتِ اللي صدَمت فيها أول ما دخلت المطعم!! يا حليلك باقي متأمّلة ترى لقيت لي اللي تغطّي عنك.
تصنّعت الغضبَ وهي تستقيمُ وتحملُ كوبَ الماءَ الذي بقيَ منهُ القليل لتُسقطهُ على كمّ معطفِه ، وبقهر : هيك عم تلعب فيّا يا ابن الكلب!! يخرب بيتك شو حقييير.
قالت كلماتها بغضبٍ ومن ثمّ ابتعدَت عنهم لتجلسَ في إحدى الطاولاتِ الفارغة وتهزَّ ساقها بغضب، بينما رفعَ الرجل الذي مع بدر حاجبًا وابتسمَ بتسلية : عنيفة!!! ولذييييذة صراحة لو مكانك ما أضيّعها عليْ.
بدرْ بقهرٍ يمسحُ معطفهُ الجلديَّ من الماء وصدرهُ يشتعل، نظر إليه ولفظَ بابتسامةٍ ضيّقة : ما عليك منها نكمّل حكينا.
نظرَ إليهِ بعد أن كانت نظراته متعلقةً بغادة، وبمكر : اللي يشوفك يقول ماوراه هالحركات طلعت من جنبها.
بدر بغضب : نرجع لموضوعنا أفضل من هالحكي الفاضي يا محمد.
محمد يغمزُ له : الحين فاضي والا يوم دخلت وشفت المزّة كان غير.
يكادُ يلكمهُ لا محالة! بل يكـادُ يقتله!! لو لم يكُن صوتُ عبدالله يصلُ أذنيه الآن بأن يتجاهل، لقتلَهُ لا محـالة.
تنحنحَ بدر ووارى نارهُ خلفَ نبرةٍ جـادة : المهم ، أنت الشاهد الوحيد حاليًا لنا على أعمـال سعُود الرازن وتجاوزاته، الدلائِل الحين معك؟!
محمد بابتسامةٍ ماكرة : في شقّتي ، نروح لها؟
بدر بتهرّب : لو مو عندي أشغال الحين! نتّفق على موعِد ثانِي؟
صمتَ محمّد لوقت، ثمّ هتف : ما أقدر! خروجي مرتيْن وثلاث بهالشكل خطر علي وأنت أدرى من بعدْ خيانتي لسعود، أكيد ماراح يتركنِي كذا.
صمتَ بدر لثوانٍ وكأنّه يُفكر بينما كان يستمعُ لحديثِ عبدالله في أذنه، ومن ثمّ هتفَ بثبـاتٍ بعد تلقّيه للأوامر : بأجّل كل أشغـالي وأروح ويّاك ، أكيد بخلّي حراسة علينا ونقدر منها نحمِيك.
وقفَ محمد وابتسامةُ نصرٍ تتجلّى على شفتيه، أخيرًا هاهو سيوقعُ ببدر وينجح في مهمته التي ستُكلل بمكافأةٍ لم يحلم بها حتى! ... : مشينا
تحرّك محمد ومن خلفهِ بدر يتباطأُ خطواتٍ وهو ينظر بطرفِ عينيه لغادة التي كانت لا تزال تجلسُ لوحدها بعيدًا عن حُسـام، تنظُر إليه بمراقبةٍ صامتـةٍ وقلِقه، تُعاتبُ ذاتها في داخلها على تهوّرها المجنون، تطلبهُ سماحًا أخيرًا وإن لم يكُن قد سامحها على خطأها الذي يسبقهُ بعد. بينما كان بدر ينظُر إليها بعينينِ يرجوها منهما أن تكون حذرة، أن تبقـى بخير، حتى يعُود!
كان خلفَ محمّد بخطوات، لذا أخفَضَ صوتهُ وهو يُحادثُ عبدالله بعد أن أبعد نظراته عن غادة : أهلي ! أهلي لا تخليهم هنـا بروحهم تكفى.
عبدالله من الجهةِ الأخرى وهو يضوّق عينيه بتأثرٍ لنبرته : لا تحاتي، الحين نوصّلهم لشقتك سالمين.


،


الأحـاديثُ تتداخلْ، كأنّ اللغـاتِ كلّها اجتمعَت في أذنيْه حتى تدورَ بهِ الأحرفُ ولا يفهمُ منها شيئًا، هنـاكَ ضائقةٌ شعوريةٌ في صدره، في جانبُه الأيسر عضلةٌ ضاقَ بها الدمُ وجفّت، توترٌ في أنفاسـه، رائحةُ العودِ المُعتـادِ على سلمان امتصّتها كل زاويـةٍ ليشعرِ بهِ على يمينه، على يساره، أمامهُ ومن خلفه! هناكَ مرضٌ اعتلّه اسمه " سلمان "، مرضٌ لا شفـاءَ منه، مهما أجزمَ أن العدلَ سيُشفيه إلا أنه في قرارةِ نفسهِ لن يُشفى.
يرتشفُ من القهوةِ العربية، عيناهُ شاردتـانِ في لونِ القهوةِ الاستثنائي، رُمزَت هذهِ القهوةُ إلى العربِ بمرارتها وبالرغم من هذهِ المرارةِ إلّا أنّها مصدرُ إدمـانٍ لدى المُعضَمِ منهم، وسلمـان قهوةٌ أخرى! كيفَ تجتمعُ المرارةُ والحاجـةُ فيه؟ إلهي! هل يعترفُ بأنّه يحتاجه! أمـازال حتى مع سنواتهِ السبعِ والعشرينَ يحتاجُهُ أبًا يطبطبُ على كتفِه كلّما تعرقل؟ ما الذي يُفكّرُ به؟ أيُّ أبْ؟ أيُّ أبٍ وهو قتل الأبَ ذاتـه.
عضّ طرفَ فنجانِ القهوةِ دونَ أن يستطيعَ مقاومـةَ ذلك والضغطِ الذي يضيقُ بقلبه، هذهِ القسوةُ قد تمتدُّ إلى قلبهِ فتُفيقهُ مما هوَ فيه، هذهِ القسـوةُ قد تجعلهُ يستيقظُ من إدمـانِ تلكَ المرارة! آه يا الله! الهمني الصبر، ما عادت روحي تقوى، ما عادت تقوى كلَّ هذهِ الخيبـات.
لم يشعُر بعنـاد الذي جلسَ بجانبه، كانَ يُراقبُ انفعالاتِه منذُ دخَل، نظَر إليه بتركيزٍ ليُصدمَ من وضعهِ ويرفعَ يدهُ حتى يضعها على كتفهِ هاتفًا بقلق : سلطان!
سلطان ينتبهُ إليهِ ويستديرُ بعد أن أرخى أسنانهُ وأنزل الفنجـان، نظرَ إليهِ ببؤسٍ وهو يشتكي بعينيه مِن حُزنِه وخذلانِه، يستسلمُ لكلِّ كلمةِ شكوى تهطُل من حدقتيه ليلتقطها عناد ويشدَّ على كتفِهِ أكثر، لافظًا بهمس : تحمّل ، تحمّل! ليلة وبتعدّي.
سلطان بحشرجةٍ يصدُّ عنه : هو بكل لحظـة في بالي ، ماهو ليلة وبس! ماهو ليلة.
عناد بقوّة : وماهو أنت اللي تضعف عشان خيانة وغدر! اصحى يا سلطان هي حيـاة هذي كل ما شفته انقلبت حواسك؟
سلطان بقهر : ماني أنت، ولاني مثلك أقدر أتجاوز! عمرنا 15 سنة يا عناد! عمرنـا ماهو يومين!!
عناد بحدة : ليه ماهو 27!! ليه تحصر نفسك بهالشكل فيه؟؟
سلطان : و 27 أييش؟ 15 سنة منها له!!
عنـاد بغضب : أعوذ بالله ! أعوذُ بالله!!!
عضَّ سلطان شفتهُ وهو يضعُ الفنجانَ بحدةٍ صخبَت بهِ الطاولةُ الزجاجية ولفتت منها بعض الأعيُن القريبة، دخَل في تلكَ اللحظـةِ عاملٌ اقتربَ منه ليهمسَ لهُ - بأنّ سلمان يُريد منهُ أن يشرفَ على جزءٍ من العشـاء فوحدهُ لن يستطيع.
نهضَ بحنقٍ وهو يحاول إقنـاع نفسه بأنّ تجاهلهُ لهذا اليومِ خاطئ، لطالما كان الأكثـرَ حماسًا، ووالدهُ - الحقيقي - لا يستحقُّ كل هذا البرودِ في صدقةٍ له، تحرّك ليتبَعهُ من خلفهِ عناد وهو قلقٌ عليـه.

.

.

.

انــتــهــى ..

ما عندنا تعليق :) ارتحتوا أخيرًا ياللي مجهدين نفسكم بمتعب وماجد وهو وماهو هو؟! الحين طلعنا من نطاق هالسؤال وصرنا بنطاق ( وش بيصير له؟ وش بيصير لأسيل؟ شاهين؟ وش قصّة شاهين أساسًا !!! )
جزئيته كانت بتبكيني عاد :( - يعني ابكوا معي - لووول. فديته ولدي عاش بغربة سنتين -> قاعدة تلطّف الجو عشان ما تجلدونها :P
عمومًا ، موقف متعب كنت بغيّر مكانه وأخليه قفله عشان تواجده في البداية ممكن يشتت تركيزكم عن باقي البارت، بس مكانه الصحيح هو البداية وبخرّب تنظيم البارت لو غيّرت ترتيب الأحداث.

سُو ، نشوفكم على خير وحاولوا ما تخلّون تفاجئكم بمتعب ينسيكم باقي المواقف * دمعة * :" + دعواتكم لي عندي امتحان بكرا ماقد ذاكرت منه شيء وحصرت وقتي اليوم بهالبارت، لا تبخلون علي بدعاءكم.

^ هذا وهي ما عندها تعليق :) الزبدة موعدنا الجاي يوم السبت ()

ودمتم بخير / كَيــدْ !





 
 

 

عرض البوم صور كَيــدْ  
 

مواقع النشر (المفضلة)

الكلمات الدلالية (Tags)
ليلاس, لغز, أكشن, القدر, الكاتبة كيد, انتقام, يوسف, رواية رومانسية, سلطان, غموض, عانقت, قيود, كيد
facebook




جديد مواضيع قسم الروايات المغلقة
أدوات الموضوع
مشاهدة صفحة طباعة الموضوع مشاهدة صفحة طباعة الموضوع
تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة
Trackbacks are متاحة
Pingbacks are متاحة
Refbacks are متاحة


LinkBacks (?)
LinkBack to this Thread: https://www.liilas.com/vb3/t195238.html
أرسلت بواسطة For Type التاريخ
Untitled document This thread Refback 02-10-16 06:32 AM


الساعة الآن 12:33 PM.


 



Powered by vBulletin® Version 3.8.11
Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd.
SEO by vBSEO 3.3.0 ©2009, Crawlability, Inc.
شبكة ليلاس الثقافية