لمشاكل التسجيل ودخول المنتدى يرجى مراسلتنا على الايميل liilasvb3@gmail.com






العودة   منتديات ليلاس > القصص والروايات > قصص من وحي قلم الاعضاء > الروايات المغلقة
التسجيل

بحث بشبكة ليلاس الثقافية

الروايات المغلقة الروايات المغلقة


 
نسخ الرابط
نسخ للمنتديات
 
LinkBack (1) أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
قديم 26-09-15, 07:47 AM   المشاركة رقم: 491
المعلومات
الكاتب:
اللقب:
ليلاس متالق


البيانات
التسجيل: Jun 2014
العضوية: 267722
المشاركات: 575
الجنس أنثى
معدل التقييم: كَيــدْ عضو ذو تقييم عاليكَيــدْ عضو ذو تقييم عاليكَيــدْ عضو ذو تقييم عاليكَيــدْ عضو ذو تقييم عاليكَيــدْ عضو ذو تقييم عاليكَيــدْ عضو ذو تقييم عاليكَيــدْ عضو ذو تقييم عاليكَيــدْ عضو ذو تقييم عالي
نقاط التقييم: 947

االدولة
البلدSaudiArabia
 
مدونتي

 

الإتصالات
الحالة:
كَيــدْ غير متواجد حالياً
وسائل الإتصال:

كاتب الموضوع : كَيــدْ المنتدى : الروايات المغلقة
افتراضي رد: قيودٌ بلا أغلال عانقت القدر

 




صباحكم خير وراحة وسعادة للأبد
توني مخلصة البارت اللي وصلت فيه أمس لـ 32 صفحة بالوورد والحين مدري كم بالضبط :( طبعًا أنا مقررة يكون أقل شيء 40 صفحة فزدت عليه بالشكل اللي يخليه مُكتمل ، وعاد كنت أكتب وأنقله للاب أختي عشان أبني الهمة بالصفحات بس بما أني برى البيت فما عندي إمكانية أشوف عدد الصفحات لذلك نقدّرها بحوالي 37 بارت ونقول يارب يخادعني تقديري ويكون 40

الزبدة كثرت هذرة ، ساعتين أو ثلاث للمراجعة وراح يكون البارت عندكم ، اليوم راح أستعجل بتنزيله عشان النت مضروب شوي وأخاف يصير شيء ويمنعني من التنزيل
مراجعة بسيطة فقط ويكون البارت عندكم، وعاد الله الله بالحمـاس ترى حماسي صار فل مع هالبـارت لا يقل حماسكم عني :$$$

الحمدلله عليكم حتى يرضى ()

 
 

 

عرض البوم صور كَيــدْ  
قديم 26-09-15, 01:28 PM   المشاركة رقم: 492
المعلومات
الكاتب:
اللقب:
ليلاس متالق


البيانات
التسجيل: Jun 2014
العضوية: 267722
المشاركات: 575
الجنس أنثى
معدل التقييم: كَيــدْ عضو ذو تقييم عاليكَيــدْ عضو ذو تقييم عاليكَيــدْ عضو ذو تقييم عاليكَيــدْ عضو ذو تقييم عاليكَيــدْ عضو ذو تقييم عاليكَيــدْ عضو ذو تقييم عاليكَيــدْ عضو ذو تقييم عاليكَيــدْ عضو ذو تقييم عالي
نقاط التقييم: 947

االدولة
البلدSaudiArabia
 
مدونتي

 

الإتصالات
الحالة:
كَيــدْ غير متواجد حالياً
وسائل الإتصال:

كاتب الموضوع : كَيــدْ المنتدى : الروايات المغلقة
افتراضي رد: قيودٌ بلا أغلال عانقت القدر

 





سلامٌ ورحمةٌ من اللهِ عليكم
صباحكم / مساؤكم طاعة ورضا من الرحمن
إن شاء الله تكونون بألف صحة وعافية


استلموا الجزء وعسى أن يكون ممتع وطويل بقدر طول مراجعتي له :(

بسم الله
قيودٌ بلا أغلال عانقت القدر، بقلم : كَيــدْ !


لا تلهيكم عن العبادات

(54)




في وقتٍ سابق - صباحاتِ بروكسيل الباردَة
فرَكت كفيها ببعضهما البعضِ لترفعهما إلى فمها وتنفخ من أنفاسها عليهما، الصباحُ بارد، يُشاطر برودةَ الروحِ في الليالي الوحيدة قبل المنـام، يشاطر الأفكار التي تغرق في وسادتها الناعمةِ وبعض الدمعِ حين يصل بها الضيق منتهاه.
زفَرت من أنفاسها على كفيها مرةً أخرى ورفعَت حدقتيها للسماءِ الزرقـاء، لطالما أحبّت اللون الأزرق، السماء، البحر الذي لا تجدهُ في الريـاض، كل أزرقَ يكون بهيًا، وليتَ الحيـاة زرقاء لتأخذ جمال السماءِ وعطاءها.
تحرّكت بسرعةٍ لتتجه للصيدليةِ القريبة من مبناهم، اضطرت اليوم للنزول وحيدةً حتى دون أن تخبر والدها لكونِ ليـان قد نهضت فجأةً باكيـةً وجسدها ساخن، ستشتري لها دواءً خافضًا وإن لم يُفِد ستتصل بوالدها وتُخبره.
كلّ ما تعلمه أنّ والدها يُشغر وقته صباحًا بالكثير مما لا تعلمه، لا تدري إن كان يفكر بأن يعمل أم يعمل فعليًا فهو لم يتطرق لذكر ذلك أمـامها، خصوصًا أن راتبَ تقاعدهِ ممتازٌ ويكفيهم جميعهم وأكثر والحمدلله، لذا تستبعد كونه يفكر بالعمل، لكنها لا تدري أين يذهب منذ الصبـاحِ وحتى المساء.
دخَلت للصيدلية لتوضِّب أمورها بسرعةٍ وتخرج حاملةً كيسَ الدواء، تحرّكت متجهةً نحوَ المبنى لولا أن اصتدمَ بها جسدٌ كان مُسرعًا جعلها تسقطُ بقوةٍ على الأرضِ ويسقطَ الكيسُ جانبًا وتتناثر شظايا زجاجِ قنينة الدواء.
تأوّهت أرجوان بقوّةٍ وهي تضعُ كفّها على ظهرها، بينما انخضَ إليها جسدٌ أنثويٌ وصوتٌ ناعمٌ مرتبكٌ انبعثَ إليها معتذرًا : أنا آسفة، آسفة حقًا ، لم انتبه إليكِ
فتَحت أرجوان عينيها ببطءٍ لتنظر للفتـاةِ المتلثّمةِ أمامها، والتي عقَدت حاجبيها حين رأت ملامح أرجوان وعقلها يحاول تبيّن أين رأتها قبلًا، لكنّها كانت مستعجلةً كفايةً لتقفَ وهي ممسكةً بها متجاهلةً تفكيرها، وبخفوت : آسفة مرةً أخرى
نظرَت أرجوان عاقدةً حاجبيها للدواءِ وسائلٌ بنيٌ انسابَ من الكيس، تأوّهت بجزعٍ وهي تتّجه إليه دونَ أن ترد عليها، رفعَت الكيسَ لتعبسَ رافعةً نظراتِها إليها، وبجزعٍ دونَ أن تنتبه لارتباكِ تلك الفتاة التي تحرّك حدقتيها هنا وهناك بخوف : كُسِر الدواء!!! لا بأس لكن انتبهي في المرّة القادمـة
هزّت الفتـاة رأسها وهي تتحرّك عنها مبتعدةً دون أن تدري ما الذي قالته فعليًا، كانت كمن يُلاحقها عصابةٌ ما! . . لوَت أرجوان فمها باستنكارٍ لصمتها وردّة فعلها الأقرب - للوقاحة -، لو أنها مكانها لقامت على أقل تقدير بطلب شراءِ دواءٍ عوضًا عن الذي كسرته، بالرغم من كونها فعليًا لم تكن لترضى بذلك، لكن ردّة فعلها لن تكون بهذا الشكل!
زفَرت وهي تتّجه لأقرب حاويـةِ قمامة ومن ثمّ رمت الدواءَ المكسور، لتعودَ مرةً أخرى باتّجاهِ الصيدليةِ حتى تشتري واحدًا آخر عوضًا عن الذي كُسِر.

في الجهةِ الأخرى
تحرّكت غادة بهرولةٍ مضطربةٍ وهي تتمنى صفعَ نفسها لتهورها، أي تهوّر؟ ليست المرّة الأولى التي تستغل فيها خروج بدر مبكرًا، لكنَّ الوضع اختلف اليوم، أزواجٌ من الأعين، وتحرّكاتٌ مشبوهةٌ من حولها أثارت الرعب في نفسها! ما الذي يحدث؟!! لأول مرةٍ تبتعد كثيرًا عن المبنى بعد أن هزمتها رغبتها في المشي بعيدًا، وهاهي تجدُ تلك الأعينَ خلفها.


،


يقفُ خلفها في الحمام، كفّهُ تدلّك ظهرها والأخرى تستقرُّ على بطنها وهي تميل إلى المغسلةِ قليلًا وتمسح وجهها بالمـاء، رائحةُ عطرهِ تكتسحُ خلاياها، تلمحُ كفّه المعانقة لبطنها وطرفِ كمّ ثوبهِ الذي تبللَ في حين كان يستعد للذهابِ إلى عملهِ إلا أنّ صوتها وهي تتقيأ في الحمامِ بحدةٍ ووجعٍ جعلهُ يندفعُ إليها.
تشعر بالدوار، بالغثيـان يزدادُ مع رائحةِ عطرهِ القوي، تُحب رائحته! لكنّ رائحتهُ عنيفة، لا تناسب حاملًا تتقلّب معدتها في هذهِ الفترة، بللت شفتيها ووجهها غارقٌ في المـاء، كانت تستعدُّ للإحتدادِ معه ولفظ بضع كلماتٍ رافضةٍ لهذهِ " الفزعة " بعد أن كان وجعها قبل قليلٍ لا يسمح لها، إلا أنه بحركةٍ خاطفةٍ رفع كفه عن بطنها ليسحب بضعةَ مناديل ويقترب من وجهها ليمسحَ الماء عنها، ثمّ همس بخفوتٍ وهو يرمي المناديل في سلّة المهملاتِ بعد أن شعر باستوائها الآن : باقي تحسين بغثيان؟
ديما التي تشعر بالغثيان حتى الآن، لكنّه ليس بذلك العنفِ الذي يجعلها تتقيّأ، هزّت رأسها بالنفي وهي تتحرّك تُريد الخروج، وصوتها يهتف بنبرةٍ جافـة : روح دوامك ولا تحسسني بالذنب عشان شفقتك عليْ ، واضح كنت متقرف وأنت واقف جنبي وشايفني أستفرغ! معليش تستاهل مين قالّك تجي تسوي فيها الذوّيق الشهم
رفعَ حاجبهُ الأيسر ناظرًا إلى ظهرها وهي تبتعد عنه، تجاهل الردّ عليها وهو يخلع الكبك ويخرج من الحمّام ليُبدِّل ثوبه، تأخّر اليوم عن العمل لكن لا بأس، فمن الصعب عليه أن يراها بهذا الحال ويتجاهلها.
تمدّدت على السرير بينما كان هو قد تناول ثوبًا آخر وبدأ بارتدائه، في حين غطّت نفسها باللحافِ ووضعت ذراعها على عينيها منتظرةً انتهاءه وخروجه، تواجدهما معًا لا ينفع! منذ متى اقتربَ قطبان متشابهان؟ كلّنا نحمل نفس الشحنات، نفس الكبرياءِ والقسوة، أنتَ قاسٍ، وأنا لا أقارنُ بقسوتِك، لكنّ قسوتينا حين تلتقي تفرض النفور بيننا، فكيف نظلُّ في نفس الغرفة؟ سننفجر، صدقني قاربنا على الإنفجار.
انتهى واغتسَلَ بعطره، نظر إليها نظرةً خاطفةً قبل أن ينظر للبابِ حتى يخرج، تحرّكت قدماه وأنفاسهُ تستكينُ على أحرف اسمها الأربـع، بودِّه الآن لو يحتضنها ويقبل جبينها قبل ذهابه حتى يشبعَ جوعه إلى ملمسِ بشرتها صباحًا، إلى استنشاقِ شعرها الهمجي، من ذا الذي يبدأ النهار بجوعٍ صَرِف، يعمل بأضلعٍ وشفاهٍ تلتوي جوعًا . . عضَّ زاويـة شفته وعقلهُ يأمرهُ بالإستدارةِ إليها وإزهاقِ هذا الجوع، لكنّه هزَّ رأسه وخرجْ، ربما يبالغ كثيرًا في قسوتِه، أجل يُدرك ذلك، نفسيتها لا تحتمل، ومشاعرها نفسها لم تعد كما هي، يا الله ألم تعد كما هي! مستحيل، لا يذهب الحُب بهذهِ السرعة، لمَ بات يشكُّ في ذلك ويخشى أن يكون حدثَ إعصارٌ ما في صدرها أطاح بحبها له؟!

،


لم يستطِع النوم منذ البارحـة، يتقلّب على سريرهِ والذعرُ يهرولُ على جسده ويسدُّ مساماته ليمنع تعرّقه، يشعر بأن تراكمَ ماتحت جلدهِ سيُفجِّرهُ لا محالـة، أين وصلنا؟ بل أين وصلت؟ .. لم يتردد في سردِ اللعناتِ على إبراهيم في داخله، في شتمه، في بصقِ كل شتيمةٍ على وجهه، لازال حتى الآن يستذكر ما حدثَ البارحـة، الإطلاقات وصوتُ الرصاص الذي أرعبه، ومن ثمَّ شرح سند لهُم عن طبيعةِ ماهم فيه، هم مجموعةٌ خارجـة عن القانون، يجنونُ المال بالخديعةِ والأساليب الغيرِ شرعية، لا يهمّهم مدى إيذائهم للنـاس، وسقطوا هم في حفرتهم! يا الله ما الذي يحدث له؟ ما الذي فعله إبراهيم به؟!!
لازال يتذكر انفعاله هو وإبراهيم الذي رفضَ في بادئ الأمرِ الإنصياعَ لهم، ليظهر من بعد ذلك المدعو " سالم " باسمًا بملامحهِ الوحشيَة، لافظًا بكلماتٍ هزّته وكثّفت الرُعبَ فيه " دخول الحمـام مو مثل خروجه ، على بالكم بتقدرون تطلعون بهالسهولة بدون ضرائب؟ .. آه صح! ترى طبيعي جدًا تكون الضرائب موتكم بعد اللي عرفتوه "
حينها هدأ إبراهيم لفترة، لثوانٍ طالت قبل أن يُردف على صمتهِ بهدوءٍ شرس : والفائدة من تعاوننا؟
سالم بثقة : كل اللي تتمناه ، وأولها تكسر سلطان
بينما رفضَ سعد باهتزازٍ كل شيء، كل شيءٍ من المغرياتِ التي عرضها عليهِ سلمان وبالرغم من التهديداتِ أيضًا! وكانت النتيجة أن حُبس في إحدى الغرف ، إلى إشعارٍ آخر!
تأمّل سعد الغرفةَ ذاتَ الألوانِ الكئيبة، الغريب أنّهم لم يقتلوه مباشرة، ولم يؤذوه حتى الآن، ومن الواضح أنّهم يحتاجونه بشدّة، لكن لمَ هو وإبراهيم تحديدًا؟ ألأن لهم علاقةً مباشرةً بسلطان؟ ماذا يريدون من سلطان أساسًا؟!! . . " الله ياخذك يا سلطان كاني بتورط بشيء بسببك، والله ياخذك يا إبراهيم الله ياخذك " ، ولم يلقى بدًّا من لعنهِ من جديد.
ضوءُ النهارِ تسلل من النافذةِ الزجاجيـة، عقَد حاجبيه ناظرًا إليها، هل يثقون بأنفسهم حدّ أن يضعوه في غرفةٍ تحتوي نافذة؟ أيظنون أنّه يخافهم لدرجة أن ينزع أي فكرةٍ للهرب؟! .. نهضَ من السريرِ القاسي ليتّجه نحوها، نظرَ عبرها للحديقةِ الواسعة والسورِ المرتفع، مجنونٌ هو إذا بقيَ هنا، إذا تعاوَن مع أناسٍ مثلهم، قد يقومُ بكل " مصيبةٍ " في الحياة لكنّ هذهِ قاتلة! قاتـلةٌ وستلاحقهُ إلى أن يشيخ وإن تركوه هم.
بلل شفتيهِ وهو يتأمل السور، لن يبقى هنا، ولن يركض خلف إبراهيم في هذا الأمرِ وينصاع لهم ... عندَ تلك النقطةِ تحديدًا فُتحَ البابُ واستدارَ ناظرًا لسالم الذي دخَل وحده، عقدَ حاجبيه بتوجسٍ وصدره يضطرب وهو ينظر لملامحهِ المُرعبة عبرَ أثيرِ ظلامِ الغرفة والتي يتخلخلها خيوط الصباح من النافذة.
ابتسم سالم ببرودٍ قارس وهو يقترب منه : تفكر تهرب؟
لوى سعد فمهُ بكرهٍ لا ينجلي عنه الخوفُ في ذات اللحظة، لم يتحرك من مكانه وهو يهتف : أكيد طبعًا أجل بشوف النافذة وأتجاهل هالفكرة؟
سالم بتعجبٍ يرفع حاجبيه : من الدور الرابع؟
سعد : فيه أنابيب تقدر توصلني لبر الأمان
ابتسم بإعجابٍ لتفكيرهِ رغم تخلخل بعض الغبـاء فيه : وتظن إنك بتوصل قبل لا ينتبه لك أحد؟ إنت عارف كم شخص موجود بهالمبنى؟
سعدْ يعقد حاجبيه باستنكار : ليه هالمبنى وش مركزه بالضبط؟
سالم وابتسامته تلتوي لأسئلة سعد الماكرة، أجاب وهو يرفعُ كفهُ بثلاثِ أنامل مفرودة : مهم أكيد والأفراد فيه من المرتبة الثالثة
سعد لا يمكنه أن يثقَ بما يسمع، لفظَ باستفسارٍ آخر : أجل أنت تُعتبر من المرتبة الثالثة؟
سالم بابتسامةٍ تتسع : بالضبط
سعد : واللي اسمه صالح؟ هذاك اللي تسلل لشركة سلطان آخر مرة .. * من العمليات التي لم تُذكر تفصيلًا *
سالم يرفعُ حاجبيه، وبنبرةٍ متوحشةٍ متسلية : هذاك واحد عادي من المراكز اللي ولا شيء!، استخدمناه بس لمهمة وحدة وانتهى
ارتعدَت أطرافهُ بذعر، لا يستبعد أن يلحقهُ هو وإبراهيم، ازدردَ ريقه وهو يهمس لنفسه، فليذهب إبراهيم للجحيم! لا علاقةَ لي به.
لوَى سالم فمهُ وهو ينتبه لصمته الذي طال : والحين لازلت تفكر تهرب؟
رفعَ نظراته إليه بعد أن أسقطها أرضًا في حالـة شرود، إن تجرّأ ووافق فستتبعه تلك الموافقة أبد الدهرِ في حياته، حتى وإن تركوه فالراحـة لن تجيئه وهو يفكر في أنه تورّط مع أناسٍ خطيرين مثلهم، ما الذي يجعله يثق بأنّه لن يُسجن؟ لن يُلاحق في أقل تقدير؟ ما الذي يجعله يطمئن في حيـاتِه الباقية؟!
هزّ رأسه بالنفي وهو يهتف بجزع : لا تظن إني بوافق
سالم ببرود : أنت مجبور توافق ، مين منتظرك توافق أصلًا؟ تدري إنك مستحيل تطلع من هالمبنى عايش لو ما رضيت؟
سعد بذعرٍ وتوتر : ماني براضي
اقتربَ منه ببرودٍ وهو يبتسم ابتسامته الباردة والمُزعجة، وقفَ أمامه مباشرةً في حين كان ينظر إليه سالم بملءِ غرورهِ وبروده، همسَ بصوتٍ أشبه بفحيح الأفعى الماكرة : صدقني صرت معتبرك راضي أو * حرّك إبهامه ببطءٍ مستفزٍ بشكلٍ أفقي على عنقه كناية القتل *
عضّ سعد طرف شفتهِ بقهر، وارتفعَ صوته بغضبٍ صارخًا بحقد : يا حقييييير يا **** يا ******
ضحكَ سالم بقوةٍ وهو يُعيد رأسه للخلفِ قليلًا بينما كانت أطراف سعد ترتعش من فرطِ انفعاله، لم يستغرق في الضحكِ طويلًا حتى ارتدّ برأسهِ إليه ليضربهُ بهِ بقوةٍ على جبينه، تراجعَ سعد للخلفِ من حركتهِ الفجائية والصداع انتشر بقوةٍ في رأسه من صلابته، قبل أن يشعر بقبضةِ سالم ترتفعُ وتمسك بفكهِ بقوةٍ كادت أن تحطمه، وبحدةٍ من بين أسنانه : ما أنتظر كثير ولا أحكي كثير مع حثالة أمثالك ، بالعادة تهديد واحد ويصير اللي أبيه في غمضة عين ، الحين تجيني أنت وتفكر تتلاعب وتطوّل بالحكي معي؟
كان يتحدّث وقد ألصقَ فوّهةَ المسدسِ في رأسه بيدهِ الأخرى، تجمّد الدمُ في عروقهِ وهو يشدُّ على أسنانهِ وينظر لملامحِ سالم بقهرٍ وحقدٍ مختلطٍ مع الخوف، لكنّه بقي ثابتًا أمامـه رغم خوفه.
سالم بحدة : للحين مُصر؟
سعد بحقد : دامك حبستني وسويت كل هالبلبلة فعلى الأرجح ماراح تقتلني ، انت محتاجني!
رفعَ سالم إحدى حاجبيه وهو يبتسم بسخرية ويلصق فوّهة المسدس في رأسه أكثر : متأكد؟
سعد بأطرافٍ مضطربة لم يصل اضطرابها إلى صوته : مليون بالمية
ابتعدَ سالم للخلفِ قليلًا وهو يُبعد الفوّهة عن رأس سعد قبل أن يضربهُ بالمسدس بكلِّ قوةٍ على وجنته، ترنّح وهو يمسحُ شفته التي نزفت بينما نظراته مُثبتةٌ عليه، على ملامحه التي أضاءت أكثر بنضوجِ الصباحِ والشمس .. لفظَ سالم بقسوةٍ وبرودٍ وهو يدقق النظر في ملامح سعد : لي رجعة لك ، وصدقني الثانية بتكون نتيجتها اثنين ، يا معانا ، يا تحت التراب
ليتراجع نحو البابِ ويخرج مطبقًا لهُ خلفهُ بقوة.


،


الواحدةُ والنصف ظهرًا
جلسَ وهو بجانبِه، الجو حارٌ والجفافُ يحتكُّ بحنجرته، استدارَ ناظرًا لعبدالله وهو يبلل شفاهه، هل ما يفعلهُ صحيح؟ هل يجب أن يخبرهُ هو؟ ، انتهت فقرةُ الحيرةِ يا أدهم، انتهت فقرةُ التوترِ والتردد، وحيـاةٌ كاملةٌ يجبُ أن ينقشعَ عنها الظلام الذي كان اثنتانِ وعشرون سنة.
همسَ بخفوتٍ وتوترٍ وهو يمسحُ على شعرهِ اللولبي : الجو حار ، ما تبينا نغير مكاننا
عبدالله بجمودٍ نظرَ إليه وهو لا يهتم ولا يشعر بتلك الحرارةِ التي تغتالُ جسده، بنبرةٍ باردة : لا مافيه داعي لتغيير المكان ، ادخل في صلب الموضوع مباشرة
تنحنح أدهم بارتباكٍ وهو يفرك فخذيه بباطنِ كفيهِ وينظر للأمـام، للأرضِ الجافّةِ والمُخضرُّ منها أجزاءٌ بعُشبٍ يبكي حرارةَ الأجواء، أغمض عينيه للحظةٍ ومن ثمّ فتحهما، لمَ لا يبدأ هوَ بقولِ شيء؟ يُلقي براعم الماضي ليُسقيها هو وتتفتح أزهارها على يده! لمَ لا يُلقي الدافعَ ليتحدّث؟!!
ازدردَ ريقهِ وهو يُفرقع أصابعَ يدهِ اليُمنى، وبخفوتٍ متوتر : هي إلين قايلة لك شلون درَت؟
عبدالله بجمودٍ يوجّه نظراتٍ قاسيةٍ إليه : درت بوشو؟
أدهم يبتلعُ توتره وهو يعاتب نفسه على اهتزازهِ أمامه، منذ متى كان بتلكَ الصورة، منذ متى كان يهتزُّ أمام أحد ... لفظَ بصوتٍ قشَع عنه التوتر : أقصد شلون حطّت في بالها سالفة الأخوّة ذي
اتّسعت عينا عبدالله بصدمةٍ وقلبه ينقبضُ بشدّة، هتفَ بصوتٍ ارتعشَ لأول مرةٍ منذ بداية اللقاء : يعني منت أخوها؟
أدهم بهدوء : وإذا ما كنت؟
عبدالله بحدة : لا تتلاعب ، قول أيه أو لا
كان من الصعبِ عليهِ التفكير لوهلةٍ أنها بالفعل كانت تحادثه، أرادت أن تعيش معه، ذهبت إلى بيتهِ فعلًا وانتصفَت عشّه، كان صعبًا عليهِ أن تغتالها خيبةٌ أخرى بعد خدعةٍ جديدة.
بلل أدهم شفاههُ التي تجف برتابةٍ في هذا الحرْ، وبصوتٍ هادئٍ تلفهُ الأعاصيرُ من خلفِه، سننتهي هُنا، في غيهبٍ وحرارةٍ أذابَت كذبةً ما، كذبةً أنعشَت شيئًا ما في صدري لطالما كنتُ أتجاهله على مرِّ السنين، كذبةً زرعَت في صدري أمل الإقتراب . . أوجعتُ نفسي قبل أن أوجعك، أوجعتُ مشاعري التي ظننت غيابها في ظرفِ سنوات، صدقيني لم أكن المُلائم للأخوة، فما في صدري أكبر، لن تفهميه إن اقتربتي كـ - أخت - : أيه ، ماني أخوها
وكأنّ جبلًا اتّخذ أكتافهُ مَسندًا وحُمّل فوقهما، أغمضَ عينيه بقوةٍ وهو يخفضُ رأسهُ ساندًا لهُ على كفيه، بينما مرفقيه يستندان على ركبتيه، شعر بالحرارةِ تتغلغل صدره، لم ينتبه للأجواءِ ولم يُبالي بها، لم يشعر بها، لكنّها الآن أصبحت ملموسة، أصبحت تذيبهُ كمعدنٍ مُهترئ .. أي خيبةٍ تجيئها؟ وأي خداعٍ عاشتهُ طيلةَ تلك الفترة؟ .. ثقلت أكتافهُ وهو يحنيها بجزع، خُدعت صغيرته، لمراتٍ ومرات، أولًا بتلك الكذبة، وثانيًا بمرورِها وتصديقها لها بمساعدةِ الجالس بجانبه، لمَ صمت؟ لمَ مضى معها فيما تُريد وأرادها بكل حقارةٍ أن تكونَ في بيته؟ اشتعلَ الغضبُ في صدره، واستدار ينظر إليهِ بكل الحقدِ والإحتقار الذي قد يُزرع تجاهَ كل مجرمي الأرض، وهو المجرمُ الوحيد الذي اختزلَ القسوة والحقارةَ في نفسه، لقد أجرم في حقها بانعدامِ إنسانية، ألم يكُن أخاها منذ البداية؟ حقًا؟!! لم يكُن أخاها؟ لم يكُن مرتبطًا بها في علاقةٍ قُدسيةٍ كهذهِ وأراد اقترابًا مُحرمًا منها؟!
نهضَ بقوةٍ وغضبٍ عارمٍ غطّى النهارَ بليلٍ أسود، قبضَ على عنقهِ ليرفعهُ بحدةٍ صارخًا في وجههِ بكل حقدٍ وتقزز : منت أخوها؟ منت أخوها؟!! وتقولها كذا! بكل بساطة تقوووولها؟ .. يا خيبة الرجولة فيك، تخسي تكون رجّال والله، أنت حرام أصلًا تكون إنسان ، حرام تكون إنسان
التوَى حلقهُ بألمٍ لما يسمع، وانقبضَ قلبهُ خلفَ قفصهِ الصدري وعينيه تُظلمانِ بحُزنه، لا تكفي تلك الكلمات لوصفه، لا تكفي الأبجدياتُ لسيرته الذاتية والمُفعمةِ بالسواد، من ذا الذي يُدركُ روحه التي غادرتها الإنسانيةُ منذ صغره؟ غادرتها منذ ظُلمت تلك الفتـاة، طفلته وصغيرته التي لطالما لامسها بافتتانٍ ومنشفةٌ تعانقها لتستفزّه .. " آه " وكأنّ قلبي الصغير كان في مهدكِ يُدركُ أنّ لا علاقة دمَ بيننا، أنّكِ خلقتِ لأُفتَن بنعومةِ بشرتكِ القطنية، بعينيكِ التي شهدتُ انفتاحهما كثيرًا .. " لم تمري مرور الكرام " قالتها أمك، لم تمري مرور الكرام، ولأنّكِ لم تكوني " من الكرام " أوذيتي، مني قبل أن يكون من الجميع.
أغمضَ عينيه مع تقافزِ ضرباتِ صدره، عقله يسترجعُ سؤال سهى لهُ في تلك الليلةِ التي أضاءت بتواجدها في بيته، أصبتِ في سؤالك، اخترقتِ قلبي بسهمٍ أشعل كل مشاعر الماضي، خلقَ من أفكاري اتّجاهًا آخر، اتجاهًا دفعني اليوم لسردِ الحقيقة ، وماذا بعد الحقيقة؟ هل سأقترب من تلك الجوهرة؟ هل سيمنحني الله نعمةً كبيرةً لأُعانقَ وجهها يومًا، كنتِ أكبر من كل أحلامي، واللهِ أكبر، وأنا المتواضعُ في أحلامه، كلّما تمنيتكِ رزقني الله بقناعةٍ تكفيني عن ماهو أكبرُ مني.
نهضَ من أفكارهِ على كف عبدالله الذي صفعهُ صفعةً لم تكُن لتجعلهُ يُصدم الآن، ابتسمَ ابتسامةً باهتةً حزينة وهو يفتحُ عينيه ناظرًا إليه، من كان يظنُّ أنه سيسمح له بصفعه؟ بل من كان يظن أن تلك الإبتسامةَ ستتراءى على ملامحه لتلكَ الصفعة؟! ، أستحق، أستحقُّ أكثر من ذلك وأنا الذي منذ جاءتني تلك الليلة سمحتُ لنفسي برؤيةِ ملامحها وإشعال صدري من جديد، صدري الذي كان يشتعلُ بنارٍ قاتلةٍ كلّما حادثتني في الهاتف، أتصنّع غرورًا وكبرياءً وقلبي يصرخُ بانقباضاتٍ قاتلة، أنفي كلّ ظنونكِ لأني بالفعل " ما أبي عقلك يصدقها! "، أنا لستُ أخًا، ولن أكون لكِ يومًا ذلك.
لكنّ كل مشاعري خانتني في لحظةٍ لأنني أدرك أننا لن نلتقي في شطرٍ تائهٍ عن هذه الحيـاة، لذا فعلتُها، بالرغم من كوني كنتُ أخاف اقترابك، لكنني فعلتُها وكذبت! دونَ أن أبالي باحتراقِ فراشةٍ مثلكِ قرب نارِي.
رفعَ عبدالله كفّه ليصفعهُ من جديدٍ وابتسامته تلك تستفزه، صرخَ في وجهه بغضبٍ دون أن يُبالي بالأعينِ القليلة التي اتّجهت إليهم : يا خسيس، يا حقييير ، بغيتها هاه! بغيت تمارس وضاعتك فيها!! أنت وش؟ منت إنسان، محشومة الإنسانية منك .. ما خفت ربك فيها؟ ما خفت ربّك في هاليتيمة وأنت تفكّر بنجاستك؟!!
عضَّ أدهم شفتهُ السفلى وخطٌ من الدم سقطَ من زاويةِ فمهِ بعد الصفعة الثانية، شعر بطعم الدمِ في فمهِ ليُديرَ رأسه جانبًا ويبصقَ دماءه، ومن ثمّ أعاد نظراته إلى عبدالله في برودٍ لا يتناسبُ مع الموقف، وبجمود : ما تبيني أكمل لك القصة؟
صرخ عبدالله بغضب : ما عاد أبي أسمع منك شيء نعنبو دارك يا الحيوان شلون مخلوق؟
أدهم ببرود : كيفك ، مع إني ما أنلام هي اللي جتني والا أنا في البداية كنت أحاول أقنعها إني ماني بأخوها
اشتعلَ صدرُ عبدالله ليصفعهُ الصفعةَ الثالثة، دفعهُ بقوةٍ ليسقطَ جالسًا على الكُرسي الخشبي ومن ثمّ انحنى إليه وهو يشدَّ شعره بشدةٍ دون أن يستطيع السيطرةَ على غضبه : وما صدقت على الله؟ مشيت الكذبة عليها وهي الملهوفة على أخو ما درت إنه شيطان؟ ليه ما رحت لك من الأماكن النجسة وفرغت حيوانيتك على بنات من مستواك بدل لا تلعب عليها
أدهم يشعرُ بأنّ الكثيرَ من الهمومِ تكابلت عليهِ بعد هذا الإعتراف الذي ظنّه سيُريحه، مشاعرهُ أصابها طوفانٌ حادٌ شعر أنها ستقتلعه، صورتها تتجسّد أمام وجههِ كأجملِ أنثى رأتها عيناه، الآن يستطيع رؤية صورتها في ذهنه دونَ شعورٍ بالذنب، الآن يستطيع استرجاعَ ملامحها التي غُرست في عقلهِ في تلك الليلة، وقد نضجَت وازدادت جمالًا، ما الذي فعلتهِ بي؟ ما الذي أثرتهِ داخلَ صدري؟ . . بشرتها القمحية، عيناها الواسعتان والمُزيّنتانِ بظلالٍ وكحلٍ عربيٍ وعدساتٍ رمادية أخفت لونها المُعتم، أنفها الشامخُ وشفاهها المُمتلئة، إلهي ما هذا العذاب؟ لمَ جئتِ في تلك الليلة؟ لمَ جئتِ وقد نضجَت ملامحك لتجعل من عينايَ أسيرةً لها حتى الآن؟! الآن يستطيع استرجاعَ كل صورةٍ لها دونَ أن يقتلعه شعورٌ بالذنب لتلك الكذبة، لكنّه حتى بعد أن أزاح ذاك الذنب وجدَ صدرهُ يثقل بمشاعره، ولم تستطع الراحة العبور إليه حتى الآن.
نظَر لعبدالله بملامحَ ذاهبةٍ بعد جملته تلك، وابتسم رغمًا عنهُ بسخريةٍ من نفسه قبل أي شيءٍ آخر : الله يسامحك ، قذفتني .. تدري وش عقوبة القذف؟!
عبدالله بغضبٍ من بين أسنانه : ابلع لسانك يا حمار ، وقولي الحين شلون التحاليل طلعت إيجابية؟
ضوّق عينيه قليلًا وهو يشعر بالألمِ الذي انتشرَ في فروةِ رأسه لشد عبدالله لشعره الذي يتضاعف كلّما تصاعدَ غضبه، ولا يلومه، لو كان في مكانه وعلِم بأن رجلًا ما تلاعب بأنثى تخصّه في شيءٍ لقتله وشربَ من دمه. " تخصّه " يا الله ما أجملها من عبارة! ما بال مشاعره اليوم مشتعلةٌ حدّ الوجعِ وهو الذي كان يُحاربها لسنينَ ويتصنع أنّه دفنها؟
أدهم يهتف بخفوتٍ دونَ تردد : رشِيت الدكتور وقتها وخليته يتعاون معاي
كان بودِ عبدالله أن يصفعه ألفًا ويُشبعَ قهره فيه، لكنّه حررَ خصلاتِ شعره وهو يعودُ للخلفِ ويهتف بتقزز : ومبسوط على حالك؟ كنت مخطط تجيبها لك! بأي طريقة؟!!
أدهم بصراحةٍ تُلهب صدره : لا تلومني إذا قلت لك أيه
عبدالله بصراخ : الله يلومك ، الله يلومك ويرميك بنار جهنم يا وصخ، ما خفت ربك باللي تفكر فيه؟ ما خفت ربك!!!
ارتعشَت شفاههُ وهو يخفض نظراته ويبتلع كلماتًا تعبّر عن مافي صدرهِ بشكلٍ ماجنٍ قد تدفعُ عبدالله لقتله في هذا المكان، وبخفوتٍ وكأنه يُحادث نفسه : صدقني أنا مرمي فيها وخالص
عبدالله باحتقار : وعساك مُخلد فيها بعد
أدهم يبتسم ابتسامةً بعيدة المدى وهو يلفظُ بصوتٍ ملتهب : آمين ، للأبد مُخلد فيها!
أمسك عبدالله بذقنه بقسوةٍ ليرفعَ رأسه إليه متجاهلًا هذا الحديث وهو يهتف بحدة : شلون طاحت أقداركم ببعض؟ شلون وصلت لك ووش دخّل أمها أو نقول الزفتة اللي ما ندري وش أصلها اللي كذبت عليها قبل سنة؟
لوى أدهم فمهُ باحتقارٍ لتلك المرأةِ وهو يتجاهل قبضةَ عبدالله التي تكادُ تحطم فكه : هذي كذبت علينا قبلها مو بس على نجـ ... إلين
تجاهل عبدالله الاسم الذي كاد يلفظ بهِ أدهم، وبحدةٍ وهو يشد على فكيه أكثر : شلون كذبت عليكم؟ هي أمها أساسًا والا لا؟
أدهم يتحدّث بصعوبةٍ لفكّه المأسورِ بقبضة عبدالله : أيه أمها
ترك عبدالله فكّه فجأةً وهو يلعنها، ليستغفر من بعدها وقد هُدرت أعصابه اليوم كفايةً أسفل تلك الحقائق الموجعة، وماذا بقيَ بعد ذلك؟ المزيدُ من الأسى، الخُذلان، المزيدُ من الوجعِ على قلبِ تلك الفتاة التي لن تحتمل سماعَ هذا الحديث وهو الذي يتصنّع الإحتمال بينما صدرهُ يدوي بألم، أما تكفي تلك الكذبةُ التي اقتلعتها بها زوجته؟ أما تكفي تلك الصدمةُ التي ألقيَت على عاتقها؟ فكيف ستحتمل المزيد وهو الذي يكادُ يسقط منكبًا على وجهه؟!
فركَ أدهم فكّه وهو يُردف متجاهلًا الإختلاجات التي تموجُ في عيني هذا الرجل، سيكذب إن قال أنه لم يُشفق عليه، لكن لا مجال للتراجعِ الآن .. هتفَ بصوتٍ هادئٍ ظاهريًا يُعاكس ذاك الإعصار الذي خُلق داخلهُ وما عاد هناك مجالٌ لانبلاجهِ إلا بعينيها : امها اللي هي مرَت أبوي كانت متلاعبة ... شوف ترى أنا ما كانت تعني لي شيء، ولا أشوفها مرتبطة بعيلتنا أصلًا! فما أبالي أسرد لك وصاختها أو أنحرج . . الحيـاة حلوة والله
قالَ جملته الأخيرةَ وهو يبتسم بسخرية، بينما لوى عبدالله فمه بتقرفٍ منه، وماذا يُسمي " وصاخته " هو؟
أردفَ أدهم بصوتٍ متقزز : مرة من المرات طلبت من أبوي تسافر للندن، عاد أبوي الله يرحمه كان للأبد مدلعها وليتها تستاهل فوافق بس ما كان يقدر يروح معها لأنه مشغول ولا يقدر يخليها بروحها فخلاها تروح مع أخوها اللي وصلها بس وراح هو يهيت بعيد عن لندن بعد ما لعبت بعقله وأقنعته وهو أساسًا ما كان كبير وواعي كفاية فكان الوضع سهل عليها .. وعاد من بعدها الأخت ما صدقت على الله ولعبت بعمرها
عبدالله بقرفٍ ووجعٍ على إلين في ذاتِ اللحظة استغفرَ وهو يتمنى لو يبصقَ على وجهها ووجهِ أدهم الذي يسرد القصة وكأنه يحكي نكتةً ما، نكتةً تعدّت القذارة بمراحل.
أدهم يبتسم بسخريةٍ وهو يميل برأسه جانبًا ناظرًا لعبدالله الواقف أمامها بلوعةٍ وألمٍ يماثل ألمه بل يتجاوزه بمراحل على تلك الأنثى : باقي ما وصلنا للصدمة ، الأخت طاحت على رجّال معروف وعنده ثروة كبيرة فلعبت عليه وتزوجته
اتّسعت عينا عبدالله بصدمةٍ وهو يهتف ببهوت : تزوجته؟
أدهم بسخريةٍ لاذعة : أيه ، الرجّال على قولته ما عنده تلاعب فتزوجته وهي معطيته علم إنها مطلقة ، صك طلاق مزور وكذبة ورى كذبة لين ما وصلَت له


،


نظَرت للحقيبةِ البنية بشرود، لم تتجرأ حتى الآن على بعثرةِ ما داخلها لتكتشف ولو خيطًا يربطها بتلك الفتـاة، سقطَت هذهِ الحقيبةُ منها صباحًا في ذاكَ الاصتدام ويبدو أنها لم تنتبه لعجلتها وبعثرتها تلك . . عقَدت أرجوان حاجبيها وهي تجلس على السرير الذي يحمل تلك الحقيبة، نظرت إليها بتوجسٍ وكأنها ترى مخلوقًا مؤذيًا أمامها، لمَ ورّطت نفسها وحملتها معها؟ لكنّها لم تكُن لتتركها حتى يتلقفها أحد المارةِ ويسرقها . . مدّت يدها لها وفتحتها بتوترٍ وحَرج، نظرت لما في داخلها حتى لمحَت هاتفَ " آيفون " لتقطّب جبينها، أخرجت الهاتفَ ووضعته جانبًا، لا داعي للتطفل على الهاتف فقد تعثر على أوراقٍ ثبوتية تستطيع بها الوصول إلى الفتـاة .. بحثَت في حنايا الحقيبةِ ولم تجد أكثر من مستلزماتٍ عادية دون أوراق، زفَرت وهي تعود للنظر إلى الهاتف، لم يعد لها خيارٌ آخر ... حملته بترددٍ لتفتحه، زفَرت بأريحيةٍ حين لم تجدها واضعةً قفلًا يمنع أحدًا من الدخول، وشدّها أن لغة الهاتف كانت عربية ، تلك الفتـاة عربية! ، ابتسمَت تلقائيًا وهي تشعر بأنها مسؤولةٌ كليًا على إيصالِ هذه الحقيبةِ إليها، فهي عربيةٌ تجري دماؤها في عروقها.
اتّجهت ناحيـة الاتصالاتِ الصادرة لتستنكر أنّه لا يوجدُ سوى رقمٌ وحيدٌ فقط، لكنها لم تستغرق في التفكير وهي تتّصل به.


،


من جهةٍ أخرى
وضعَ مسدسهُ جانبًا على الطاولة وهو يمسحُ حبيباتِ العرق عن وجههِ بمنشفةٍ صغيرة، جلسَ على الكرسيِ وهو ينظر للرجالِ من حوله، ابتسم ابتسامةً خافتةً وقد تركهم يرتاحون لبعضِ الوقت بعد أن غسلهم الإرهاقُ اليوم وهو أيضًا.
رمى المنشفةَ على كتفيه وهو يتناول هاتفهُ الذي كان يضعهُ فوقَ الطاولـة، اتّجه لرقمِ غادة حتى يتّصل بها ويطمئن عليها، لكنّه ما إن حرّك اصبعه ليتصل حتى أضاء هاتفهُ برقمها، فابتسم تلقائيًا وهو يهمس : الطيب عند ذكره
ردّ عليها ورفعَ الهاتفَ لأذنه ليهتف بابتسامة : هلا بحبيبة أخوها هلا ، رحت اليوم وأنتِ مثل أمس زعلانة عسى رضيتي علي وقررتي تتصلين
توترَت أرجوان من الجهةِ الأخرى وهي تحكُّ عنقها، كانت تُدرك أنّ الرقم الذي ستتصل بهِ سيكون صاحبهُ رجلًا من تسميته " أخي حبيبي " ولم يكن لها خيارٌ سوى أن تتصل بهِ لأنه الرقم الوحيد الموجود في الأرقام الصادرة ويالغرابة الأمر! ، تمنت لو أنها انتظرت والدها حتى يعود لتتركهُ يتصرّف بنفسه، لكن بمَ تفسر خروجها دونَ علمهِ صباحًا؟ بالتأكيد هي لا تريد إخبارهُ بمرض ليان، فآخر ما تريده هو أن تقلقه.
بللت شفتيها بتوترٍ وهي تسمعهُ يهتف باستنكارٍ لصمتها : غادة شفيك؟ ما أظن بتتصلين علي عشان تسكتين
تنحنحت بإحراجٍ كبيرٍ وهي تهمس بتوتر : آسفة أخوي ماني صاحبة الجوال
نهضَ بدر متفاجئًا وعيناه تتسعان، عمِل عقله بسرعة، كيف وصل هاتفها إلى فتاةٍ غريبة! ما الذي سيجعله يخرح من البيتِ ليقفز في يد هذهِ التي تُحادثه! . . وجَد نفسه يحترقُ وهو يهتفُ بحدةٍ وعنفٍ يختلطان بقلقه : وش موصل جوالها لعندك؟ مين أنتِ أصلًا!!
عقَدت حاجبيها باستنكارٍ لهجومه، لكنها ازدردت ريقها بإحراجٍ وهي تهمس بخفوت : صدمَت فيني الصبح بالغلط وطاحت شنطتها من غير لا تنتبه
بدرْ عقد حاجبيه، أين اصتدمَت بها وهي التي تجلس طول فترةِ غيابهِ في الشقة المراقبَة؟! ، بحدةٍ وهو يشدُّ على الهاتفِ هتف من بين أسنانه : لا تتلاعبين معي ، مين أنتِ وشلون وصلتِ للجوال؟
ارتعشَت شفاه أرجوان بتوترٍ من صوته الغليظِ والقاسي وكأنه يحادث مذنبة، عقدَت حاجبيه وهو تلوي فمها بغيظ، يبدو أن هذهِ العائلة تحلّت بالوقاحـةِ توارثًا! ... شدّت شفتها بامتعاضٍ وهي تهتف بأدب : عفوًا يا أخ ما أسمح لك تشكك بنيتي ، أختك طاحت منها الشنطة وأنا أخذتها عشان ما تنسرق ولأني كنت الطرف اللي صدمت فيه فشفت إن من حقها أحتفظ فيها وأوصلها لها
تحرّكت قدما بدر لاتّجاهٍ معين وهو يلفظ بسخرية : علينا! تظنيني غبي أو أيش بالضبط؟ صدقيني كنتِ غبية يوم ورطتي حالك معي أنا تحديدًا ، لو عطوك مهمة أصعب بتكون سهلة دامها بعيدة عني
أنهى جملته تلك ليدخل لغرفةٍ محددةٍ وينظر لأحد الجالسين على مكتبهِ ينظر لشاشةٍ أمامه، وبهمسٍ حازمٍ وهو يُغطي سماعة الهاتف : أبي أتتبع هالاتصال ، بسرعة
انتفضَ الرجل ناظرًا له وبسرعةٍ هزّ رأسه بطاعة، بينما اقتربَ منه بدر وهو يسمعها تلفظ بغضبٍ بعد موجةِ الجُمل الغريبة التي قالها لها، وبالرغم من عدمِ فهمها إلا أنها أدركت أنها أخطأت حين اتصلت، لذا هتفت بحدة : شكلي غلطت يوم اتصلت عشان أرجع أغراض أختك ، السموحة منك، وإذا بغيتوا الأغراض أرسل رسالة على هالرقم لأني مستحيل أرجع أتكلم مع شخص ما عنده ذوق
قالت كلماتها تلكَ ليُدرك بدر أنها تنوي الإغلاق، حينها هتفَ بحدة حتى يمنعها : لا لا يبيلنا ناخذ كورس عن الذوق منك .. تسمحين آخذ عنوانك عشان تعلميني؟
ارتعشَت أرجوان لوقاحتهِ لتبتلع الكلمات لجوفها وتوفّرها على نفسها، أغلقَت في وجههِ دون ردٍ آخر وهي تلومُ نفسها على تفكيرها الذي أسقطها في طريقِ هذا الوقح، ليتها تركت الحقيبة، وليتها لم تفتحها، ليتها لم تتصل بهِ وتستمع لصوتهِ المزعجِ وأسلوبهِ الفظ.

من الجهةِ الأخرى رمى بدر الهاتفَ بغضبٍ بعد إغلاقها لينظر للذي كان يوضّب مسألة التتبع، وبصراخٍ يصب جام غضبه عليه : اترك اللي بيدك وروح شوف لي وضع الشقة، ويا ويلكم والله! يا ويلكم لو اكتشف إنه صار لأهلي شيء
تنفسَ بغضبٍ وهو يضغطُ على رأسه وانفعالاتٌ تجيئه من كل حدبٍ وصوب، أيعقل أن يكون أصابهم شيء؟ غيرُ معقول، غير معقول، لم يتبقى من عائلته الصغيرةِ سواهم، وإن ذهبوا لن يحتمل الوحدة، سيموتُ غرقًا في ظلامها.
غضبهُ جعلهُ يغفلُ عن نقطةٍ هامةٍ وهو يتحرّك ذهابًا وإيابًا في الغرفةِ بينما الأعين تنظر إليه بقلق، ففي العادةِ يكُونُ هادئًا لذا من الأمور الخارقة للطبيعةِ أن يصبحَ بهذا الشكل.
توقّف فجأةً وعيناه تتّسعان بعدما عاد إليه الإدراك، كيف غفل عن هذا الأمر؟ .. زمّ شفتيه قبل أن ينظر لشخصٍ آخر غير الذي ذهبَ ليهتف بقسوةٍ وغضبٍ أسود : تتبّع لي إشارة الجوال اللي متّصل علي


،


استغرقَت الحرارةُ في التغلغل إلى أجسادِهم، والحديثُ الذي يُقالُ يُثقل صدر عبدالله بينما يفكُّ القليلَ من ضيقِ الآخر وفي ذاتِ اللحظةِ يُلهب مشاعره، وكأنّ التياراتِ تنتقل منه إلى عبدالله، بمشاركةِ نارٍ تشتثيرُ جزيئاتِه ... هاهي الشمسُ تشهد على اعترافِي، على " كم أنا أحمقُ حين قررت لعبَ مثل هذهِ اللعبة "! هل كان بالفعلِ يُفكر بذلك الغبـاء المُزمن؟ أن يُقرّبها منه وهي التي بحضورٍ واحدٍ نسفته؟! ماهذا الضعفُ الذي تخلفينه فيَّ؟ لطالما تصنّعت عدم المبالاة بِك، عدم الإهتمام وعدم تغلغل ذكراكِ في جدرانِ ذاكرتي، لكنّك بحضورٍ واحد، في بيتي، بملامحَ ناضجةٍ تزيّنت لتُجسِّدي الفتنة ، أسقطتِ كل حصوني دفعةً واحدة.
عضَّ زاويةَ فمهِ وهو يشعر بأن صورتها تدغدغُ صدره، زفَر يلفظُ مشاعره التي تفجّرت في لحظةٍ واحدةٍ مباغتةٍ لثباته، وبصوتٍ يحمل هدوءً زائفًا : تزوجوا فعليًا ، وجلست معه فترة بسيطة وبعدين تركها ، يمكن درى! يمكن علمته او اكتشفها بنفسه، محد يدري ... بس للأسف حملت منه
شدَّ عبدالله فمهُ بتقززٍ وتقرفٍ من هذه القصة التي يسردها أدهم بكل برودٍ وكأنّهُ يقرأ عليهِ قصة ما قبلَ النوم، قصّةً أعظم بكثيرٍ من أن يتحملها هو ويستقبلها بكل أريحية، فكيف بها؟ كيف ستكون ردّة فعلها إن علِمَت؟ تمايل حاجباه بألمٍ عليها ، ونظَر بضعفٍ إلى أدهم الذي كان يصدُّ نظراته عنه، فمهما كان صوته باردًا، فهو بذاته يهتزُّ قلبه لتلك القصةِ التي تكبِّل معصميها بعارٍ لا ذنبَ لها فيهِ ولا تُدركه.
أكمل بخفوتٍ مستوجعٍ وهو يميل برأسه قليلًا وصورةُ تلك الطفلة الملتفة بالمنشفة تعاودُ السطوعَ في ذاكرته : رجعَت للسعودية ولا كأن شيء صار ، وقدام أبوي هي حامل منه! هذا اللي ظنيناه وعشنا عليه حتى بعد ولادتها ، بس جاء يوم وكشفت فيه نفسها ، بكل برود! بكل قسوة رمت قنبلتها ومعاها طفلتها واختفَت!!
التوَت معدةُ عبدالله وهو يزمُّ شفتيه، وتراجعَ أدهم براسهِ للخلفِ وأنامله تعبرُ عبور التائهينَ بين خصلاتِ شعره، صوتهُ يتوه ما بينَ وجعٍ وشوق، وما بين ذكرَى وألم ، بُكاءُ رضيعةٍ تريد حليبَ أمها، جائعة، تحتاجُ أحدًا يُنظِّفها ويهتم بها، ووالدهُ من الجهةِ الأخرى يصرخُ بهِ وهو يحملها بوجعِ مراهقٍ في الثانيةِ عشرةَ من عمره، يلتصقُ بطفلتهِ التي تعلّق بها منذ رآها أول مرةٍ وعينيها مغمضتان، منذ أن قالت لهُ رقية " لن تمر مرور الكرام "، منذ أن لامس وجنتها بافتتانٍ وشعرَ في أعمقِ قلبهِ أنّها ستكونُ شيئًا مختلفًا في حياته، شيئًا استثنايئًا، شيئًا " لن يمر مرور الكرام " !!

*

بصراخٍ غاضب مجنونٍ والإحمرارُ يغزو عيناه : طلعها من بيتي ، طلع هالـ **** من بيتي
يُعانقها بقوةٍ وهو ينظر لوالدهِ بذعر، ليست المرةَ الأولى التي يصرخُ فيها بوجهه، ولطالما تجاوز الصراخ إلى ضربه، لذا لن يخاف! لن يخافَ وسيتمسك بطفلتهِ إلى النهايـة.
تراجعَ للخلفِ وهو يلمحُ عينا والدهِ الذي كان يقتربُ منهُ بوحشيةٍ وكأنه يستعدُ لقتلِ شخصٍ ما، لكن لا! ليست هي، ليست نجلاء!! .. كان وقتها لايزال على أعتابِ المراهقة، لكنه يفهم، يُدرك كل شيءٍ ويدرك أن ما قالته زوجة والدهِ أمامه خطير، خطيرٌ للغايـة على صغيرته قبل أي شخصٍ آخر.
شدّها إلى صدرهِ الرقيقِ وهو يهتفُ بارتعاشٍ شديدٍ وإصرارٍ أشد بينما عينيه ترتعشان بخوف : م ، ماني براميها
والدهُ بغضبٍ عارمٍ وهو يقتربُ منه ويُمسك بها محاولًا انتشالها إلا أنه شدَّ عليها بقوة : هاتها ، هات هالـ**** الحقيرة خلني أرميها برى البيت وتلحق أمها الـ****
صرخَ أدهم وعينيه تفرّان منها دمعةٌ خائفةٌ على طفلته ولا خوفَ آخر : لاااا ماراح أعطيك ، ماراح ترميها بتجلس نجلاء هِنـــا
احمرّت عينا والدهِ بينما تصاعدَ بُكاء تلك الطفلةِ في حضن أدهم الذي خانتهُ عيناهُ من بين المراتِ النادرة التي بكى فيها، لم يكُن في طفولته ضعيفًا، ولم تُكن عيناه تهويان طريقَ البللِ والدمع، لكنّ صدرهُ التهبَ تلقائيًا بها ولأجلها وأذاب كل تجمدٍ في عينيه.
شعرَ بكفِ والده تهبطُ فجأةً على وجنتهِ بعنفٍ جعله يترنح بقوةٍ لكنّهُ تماسكَ لأجلها، عضّ شفته بقهرٍ وهو ينظر لوالدهِ ليهتفَ بحدةٍ رغمًا عن صوته : اضربني ، بس صدقني ماراح أتركها
والده بعينين تتسعان بغضب : تراددني يا ولد!! هذي آخرتها! تراددني !!!
أدهم بقهرٍ وهو يهزّها في حضنه كي يُسكن بكاءها، ومن بينِ دموعه : ماراح تطلع ، حرام عليك وين تروح؟
والده بصراخ : لجهنم !! أقسم بالله لو ما تطلعها الحين إنك لتنجلد للصبح وأخليك تشوف حياة البرزخ
أدهم بشجاعة : ماني خايف منك ، متعود على ضربك بس نجلاء لاااا ، مستحيل تطلع
هبَطت صفعةٌ أخرى على وجنته ذاتها التي استقبلت صفعتهُ الأولى، شعر بها تتخدّر وزاويةُ شفتهِ السُفلى جُرحت لترسم خطًا من الدمِ إلى ذقنه، لم يهتم لشيء، لا للألم الذي انتفضَ في وجنته، ولا لشفتهِ التي جُرحت وكلُّ حواسهِ تنشدُّ نحو صوتِها الباكي، صوتها الذي زرعَ فيه قوةً غريبةً وهو يحتمل الصفعاتِ المتتالية التي جاءته بعد أن فقدَ والدهُ عقلهُ وأمسك بشعرهُ ليُهيل على وجههِ بالضرب وكأنه يعاقبه على خيانة زوجته، وأجفانهُ تنسدلُ على حدقتيه بينما ذراعيه تحملانها وجسدهُ ينحني قليلًا للأمامِ خوفًا من أن تصلها كفُّ والده التي لا يستنكر أن تقتلَ هذهِ الطفلة. تصاعدَ بُكاؤها أكثر وهي تشعر بالضيقِ مما يحدث حولها وكأنّها تُدرك .. تراجعَ والدهُ بغضبٍ ناريٍ وهو يصرخُ في وجهه بعد أن فرغَ القليلَ من غضبهِ على ملامحه الطفولية : انقلع من وجهي ، انقلع أنت وهالـ **** ولا أشوفها اليوم .. بكره أنا بتصرف وأرميها للي مثلها

*

يومئذٍ أمضت ليلتها الأخيرةَ في منزلهم داخلَ غرفته، على سريرهِ تبكي جوعًا وفقدًا إلى من يرعاها، يتمنى يومها لو أنّ الوقت كان باكرًا حتى يستدعي عمتهُ سهى التي كانت تكبره بسنواتٍ قليلة، ربما كانت لتُدرك كيف تهتم بها وينقشعَ هذا العجز الذي يُغلفه، رعاها بحجم قدرته الصغيرة، جهّز لها الحليبَ ليسقيها به، نظّفها وبدّل ثيابها، عاملها كطفلته الصغيرةِ والوحيدة، الإستثنائيةِ على قلبه، يتأملها بعينين حزينتين وصدرهُ يصرخُ برفضِ البعد، كان يدرك أنها آخرُ ليلةٍ ستتواجدُ فيها معه، بالرغم من كونه يصرخ في داخله بأنه لن يسمح بذلك، لكنّه عاجز! عاجزٌ مهما تصدّى لوالده.
هدهدها حتى نامت، وبقيَ بجانبها يتأمّل ملامحها المُحمرةَ ويتلمس بشرتها الناعمـة، يقبل وجنتها بافتتانٍ بهذهِ الطفلة الملائكية، جسدها الصغير يستكين بجانبه، دونَ منشفةٍ تعانقها هذهِ المرة، دونَ شيءٍ يحدُّ من حركات يديها وقدميها، دونَ شيءٍ يمنعه من حشرِ سبابته داخل قبضتها الصغيرة .. ما أجملكِ يومها! ما أجملك، كنتِ برعمًا صغيرًا يستعدُّ للنضوجِ ليظهر بأجمل حلّة، كنتِ قمرًا يُحاربُ الليالي حتى يتكون بدرًا ويوقف الزمنَ عنده، كُنتِ ولازلتِ أكبر من كل أحلامي وأجلّها، أحلامي المتواضعة والتي تلائمُ مقامي، لكنني في قرارةِ نفسي أدرك أنني أتمسّك بكِ دونَ أن أشعر، لذا اغفري لي سوءاتي، فالمرءُ حين يتمنى ماهو أكبر منهُ يخرجُ من ملّةِ النزاهةِ ويتحلى بوضاعةٍ كافيةٍ حتى يفوز بأحلامه، أحلامه التي لن تصلَ يومًا لقدرِك.
كل تلك الإختلاجات غزَت صدره، تلك الذكرى وتلك الليلة، سردَها كقصةٍ مأساويةٍ لنفسه ، دونَ أن يتجرّأ على ذكرها للواقِف أمامه.


،


رفعَت حاجبيها باستفزازٍ لإلين وهي تهتف ببطء : قربت أخلص
إلين ترفعُ إحدى حاجبيها لتلفظ بامتعاض : بهالسرعة؟!
هديل بمشاكسة : عادي ترى في رمضان فيه ناس كثيرة تختم القرآن ثلاثين مرة بعد! يعني كل يوم يختم
إلين ترمِي قلمها جانبًا وتجلسَ بعد أن كانت ممددةً على بطنها فوق سريرها : قولي والله!
هديل تبتسم باستفزاز : سوري اسم الله أكبر من إني أنزله على كل شيء
لوَت فمها بامتعاضٍ وهي تُمسك القلم بنيةِ رميهِ عليها، لكنَّ هديل قفزَت بسرعةٍ باتّجاهِ الباب لتلفظَ إلين بسرعة : أمزح أمزح ماراح أضربك بس تعالي اجلسي
هديل تحرّك حاجبيها بلؤم : راحت عليك الجلسة المميزة مين قالك تطولين لسانك على أسيادك
إلين بتكشيرة : يا شينك، أساسًا ما بغيتك بس كنت بسألك عن * بترددٍ وإحراجٍ وهي تحكُّ عنقها * أبوي
عقدَت هديل حاجبيها وهي تبتسم لإحراجها وهي تقول تلك الكلمة التي كانت قبلًا تقولها مراتٍ كثيرةً بعفوية، لكنّها في هذهِ الفترة باتت تعبرُ في لسانها بلسعةِ إحراج، ألأنه أصبح بالفعل والدها؟!
هديل بابتسامةٍ صافية : شفيه؟
إلين تفركُ كفيها ببعضهما محاولةً طردَ توترها : ما تغدى معنا اليوم
هديل : أيه قال عنده موعد مهم ما يقدر يأجله؟
إلين بضيق : ما قدر ينتظر لين يتغدى؟! وبعدين مين هالمتخلف اللي يحط موعد بهالوقت؟
ضحكت هديل : طيب ورى تسبينه؟ خلاص هو قال ماراح يتأخر ودامك متضايقة لأنه ما أكل فأول ما يجي حطي له أكل ياكل أصابعه وراه
إلين تبتسم بحب : يستاهل جعلني فدا شيباته


،


الساعةُ الخامسـةُ عصرًا
رائحةُ القهوةِ العربية تغزو أنفها، ترتشفُ من مذاقِها ورائحتها في آنٍ واحد، منذ ساعاتٍ أنهوا غداءهم، غداءٌ من نوعٍ فاخرٍ أحيطَت بهِ هالةٌ من المُتعةِ والراحـة، من الضحكاتِ والعفويـةِ التي تتمثّل بها معهم رغمًا عن تصنّعاتها القديمة.
وضعَت الفنجانَ على الطاولـةِ وقدْ ارتسمَت شفاهها شائكةً بتصبّغ أحمر الشفاهِ الزهري عليه، تناولَت منديلًا ومسحت أثر أحمر شفاهها بحرَج، كانت ترتدي بنطالًا من الجينز الرمادي، ومن فوقهِ تنسدلُ بلوزةٌ بيضاءُ ذاتَ أكمامٍ طويلةٍ و " هاي نك "، تزيّن أذناها بقرطٍ ألماسي ووجهها يتصبّغُ بالقليل من المكياجِ لتظهر فاتنةً بالتفافِ خصلاتِ شعرها الأسود في شكلٍ لولبي يعانقُ وجهها بهمجيةٍ ساحـرة.
وكأن سلطان باتَ يُدركُ أنّ مزاجها يستوي هُنا، بين عائلتِه الصغيرةُ والمتكاملة! بكل أذيةٍ لروحها متكاملة! .. ابتسمت وهي تنفضُ شعرها للخلفِ عن وجهها محاولـةً طردَ كلِّ فكرةٍ سلبيةٍ قد تُعكِّرُ صفو هذا الجو الجميل.
بالرغم من كونها شعرت بالإحراجِ ما إن قال لها سلطان بأنه سيأخذها للغداءِ في منزل عائلته بينما سيذهب هو للغداءِ خارجًا مع عناد وصديقهم، تذكّرت تلقائيًا حماقتها يومَ سقطَت أمامهما في المجلس بعد تجسسها عليهما، لكنها أخفت إحراجها ولم تُرِد تعكيرَ مجرَى الميـاهِ بينهما بتلك الذكرى خصوصًا أنه لم يتطرق لها أبدًا وكأنها لم تحدُث أساسًا.
نظَرت لغيداء التي قفزَت بجانبها وهي تهتف بشقاء : ما تسمعين أنتِ ما تسمعين؟ أعوذ بالله منك يا سليطن حتى وأنت بعيد شايل عقلها
فغَر فمها وعقدَت حاجبيها باستنكارٍ بينما وجنتيها تتوردَان قليلًا، وبحَرج : اص يا مال العفريت لا تجيبين شيء من راسك
غيداء بمشاكسة : هيا احلفي إنه ما جاء بعقلك ولو ، هه، فكرة مبتورة قصيرة
غزل تبتسم رغمًا عنها : بتروا راسك قولي آمين
غيداء : آمين لعدويني
آمين، لدعواتٍ تعانقُ السمـاءَ مختلطةً برجـاءٍ وأمَل، للحظةٍ كهذهِ أبتسم فيها بصدقٍ تمتدُّ حتى آخرِ رمق، ما الذي حدَث؟ الله وحدهُ يعلم أنني لم أكُن أضحك، أُشاكس، أبترُ اللحظاتِ المعتمة في دماغي حتى لا أُعكر جلسةً تنتشرُ من حولها رائحةً منمقةً من السعـادة .. كيف ولجتُ لهذهِ الحيـاة؟ لمَ أشعر بأنني أتعلّق بهذهِ البسمة؟ أنا عابرةُ سبيلٍ ليسَ إلا، عابرةٌ ستخلِّفُ في عبورها مكرًا ولؤمًا، فُرضت عليّ مهمةٌ ما إن أنتهي منها حتى تُضيء مغادرتي وتُفتح أبوابُ الجحيم لأمضي عن هذهِ الجنة .. ما بالي؟ هل تعلّقت بهذهِ البسمة؟ بهذهِ الرائحة؟ بهذهِ " السوالف " والمشاكساتِ من تلك المراهقة؟! أجرمتَ في حقي يا أبي كما لم تجرم بي من قبل حين رميتني في هذهِ الحيـاة التي يعلم الله كم هي جميلة، وتُكمِلُ نقصي.
صرخَت فجأةً حين شعَرت بلسعةٍ في زندها أسفل قماشِ بلوزتها القطني، نظرَت لغيداء بصدمةٍ بعد أن قرصتها وهي تحرّك حاجبيها بلؤم : مرة ثانية أخذتها يا سلطان مرة ثانية .. أناديك ما تسمعين؟! تستاهلين
فغَرت فمها الملوّن بالزهري وعيناها المُكتحلتان تتسعانِ بها، بللت شفتيها ووجهها يحتدُّ وهي تهتف من بين أسنانها : وربي ما تعدي على خير
صرخَت غيداء منتفضةً لتهربَ حين قفزَت غزل تنوي عضّها، اتّجهت للبابِ بذعرٍ بينما صوتُ أمها يرتفعُ غاضبًا من فظاظتها معها وغزل تضحكُ دونَ شعورٍ منها وقد قبضَت عليها قبل أن تخرجَ من الغرفـة، وبمكرٍ تنظرُ لام عناد بينما أصابعها تنغرسُ في ذراع غيداء بوحشية : ما عليك خالتي خليها تاخذ راحتها وأنا بآخذ راحتي في العقاب
غيداء بذعرٍ ورجـاء : لا لا إلا العـ ... آآه
لم تكدْ تُنهي جملتها ورجاءها إلا وأسنانُ غزل تقبضُ على عضدها بانتقامٍ وحشيٍ وصرخةُ غيداء المتألمةُ تنبعثُ من الجهةِ الأخرى ، هتفت بصراخٍ غاضبٍ متألم : يا حيـوانة اتركيني ، أسنان قرش مو إنسان حسبي الله
ابتسمَت غزل بانتصارٍ وهي تُخفف من وطأة أسنانها دونَ تركها، وفي تلكَ اللحظـةِ شعرَت بيدين تُمسكان كتفيها لتسحبها وتنتشلها عن عضدِ غيداء وصوتُ سلطان يهتف بذهول : أعوذ بالله وش اللي يصير هنا؟
بهتت غزَل وفمها يتّسع بصدمةٍ وإحراجٍ بينما يدها لا تزل تُمسك بذراعِ غيداء التي نظرت إليه بألمٍ لتهتف وهي تقوّس شفتيها : شفت سلطان شفت مرتَك! عضتني آح يا يدي الله يرحم هالجلد اللي لو ترهّل والله لأكسر أسنانها هالكلب المسعور
زمَّ سلطان شفتيه حينَ شعر أنه لن يستطيعَ كتم ابتسامته، وانخفضَت نظراته لغزل التي لازال يُمسك كتفيها بينما هي تنظر للأرضِ بإحراجٍ يلتهبُ في وجنتيها وكفيها تتعانقان بعد أن سحبتهما من ذراعِ غيداء كطفلةٍ مذنبـةٍ صمتت حين أُمسكَت بالجرم المشهود .. بللَ شفتيه وهو يخنقُ ضحكته وابتسامته، وبصوتٍ حازم : أقدر أفهم ليه عضيتيها؟
أخفضَت رأسها أكثر بإحراجٍ وخجل وهي لا تستطيع النظر إلى وجههِ في صومعةِ هذا الإحمرارِ الذي يغزوها، حينها ابتسمَت غيداء بلؤمٍ وهي تقترب هاتفةً بصوتٍ حزينٍ مُبالِغ وهي تمدُّ عضدها إليه لتُريه موقعَ الجريمة بعد أن احمرّت راسمةً أسنانَ غزل : شايف؟ بتشوّه من بعد عضّة كلبتك المسعورة * شهقت فجأة * يا خوفي تكون مسعورة جد ، لاااا بروح فيها لو ما عطيتوني مضاد للسعار
رفعَ حاجبيه وابتسامته التي كانَ يُحاربها ارتسمَت على شفاههِ رغمًا عنه، وبصوتٍ باسمٍ جعلَ خلاياها ترتعش : عن العيـارة بس ، إذا ما طلعتِ البادية ما أسمي نفسي سلطان .. وبعدين لا عاد تسبين زوجتي
ارتعشَت أناملها باضطرابٍ وكفيه اللتين تُمسكان كتفيها تشعر أنهما تلسعانها من فوقِ قماشِ بلوزتها، انتشرَت الحرارةُ في جسدها بعبورِ سائلٍ ساخنٍ في عروقها، بتدفّقِ الإرتباكِ معَ دمها بمشاركةِ ذاكَ السائل، وكأنّ سلطان شعرَ برعشتها حينها واستوعَب موقفهُ بعد أن قرر أنّه سيكون حذرًا في تعاملهِ معها، انتفضَت يدهُ ليُنزلها عن كتفيها وتراجعَ للخلفِ قليلًا وهو يلومُ عقلهُ على النسيـان، على عفويتهِ للمرة الألفِ معها! ازدردَت ريقها بعد أن تركها وعانقَت كتفاها البرودةُ عوضًا عن دفء كفيه التي كانت تصل بشرتها ولم يستطِع القماش أن يكون حائلًا، نبضَ قلبها بقوةٍ وجسدها يشتعلُ بالبرودةِ كليلةِ شتاءٍ طويلـة، لطالما ارتسمَ الشتاءُ بطولِ الليل، الليل يعني الوحدة، البرودة، الفراغُ والخواء ، وهي مخلوقةٌ صنِّفت بالليليَة، ما أشدّ هذا الخواء الذي يتشعّب في صدرها، يغرسُ جذورهُ في قلبها ورئتيها ليخنقَ كل شهيقٍ ويحصرَ عمليةَ التنفّس في الزفِير.
وجّهت نظراتها لغيداء التي كانت تحادثُ سلطان بدلالٍ وهي تُريه آثار عضّتها بينما صوتُها لا يصلها، ترى تحرّك شفتيها دونَ أن تدركَ أي موجةٍ صوتيةً منها .. ارتفعَت نظراتها لملامح سلطان الذي كان ينظر لعضدِها بابتسامةٍ ويتلمسها بأنامله، ومن ثمّ ضحكَ بقوةٍ دونَ أن يستطيع السيطرةَ على نفسهِ وهو يهتف بكلماتٍ مشوشةٍ لأذنها : أجل قرصتيها؟! قايل والله أنتِ البادية تستاهلين ، وزين ما سوّت فيك
غيداء بحقدٍ ابتعدَت عنه لتتّجه للمجلس وهي تتمتم متذمرة : أيه طبّل لها عشان المرة الثانية تعضني في رقبتي وتموتني ، كلبة مسعورة ماهي بشر يشهد ربي
سلطان بتهديدٍ يكتم ابتسامته : بجي هالمرة أعضك أنا ما أسمح لك تسبين زوجتي
كشّرت غيداء وهي " تكش عليه " لتدخل، حينها اتسعت ابتسامتهُ وهو يوجّه نظراتهِ لغزل التي كانت بين الواقعِ وأفكـارها، حينها توتّرت نظراتهُ قليلًا وهو يلُوم ذاتهُ على غبائـه وأذيّته لها دونَ إرادةٍ منه، لا يعقل أن تنجرف إليه! لا يريد ذلك ولا يتمنى بأي شكلٍ من الأشكـال أن يؤذيها خصوصًا إن كان إيذاءً ينصبُّ في مشاعرها، وهو الذي يدرك أكثر من أي شخصٍ آخر أن المشاعرَ إن أوذيَت فألمها أقوى من الألـم الجسدي، إن كان قلبه ينزف كثيرًا بوجعٍ لخذلانٍ عبَر في حياته ولم ينتهي عبورهُ فكيفَ بها وهي أنثى؟ لـن يُسامح نفسه إن استغفلتها مشاعرها تجاهه، لن يُسامح نفسه إن أصبح يومًا ما يحتلُّ جزءً ما في مشاعرها.
تنحنحَ نافضًا كلَّ سلبياتِ أفكارهِ، وبصوتٍ جامدٍ بعد أن سمعَ صوتَ أمه تستدعيهما ليدخلا مستنكرةً وقوفهما خارجًا : غــزل
انتفضَت لتنظر إليه ببهوتٍ هامسة : هــاه!
سلطان بملامح جامدةٍ تُشاطر صوته : امشي ندخل لهم ، بجلس معكم دقيقتين قبل لا أروح لعنـاد


،


دخَل الجنـاح وهو يُنزلُ شماغهُ ويتخلخل شعرهُ بأناملهِ السمراء، اتّجه لغرفـة النومِ ليجدها جالسةً فوقَ السريرِ وأمامها الحاسوب، ليبتسم تلقائيًا بحبٍ وهو يُلقي السلامَ على ملامحها الجميلةِ في عينيه، على بياضِها وشعرها الذي ينسابُ على كتفيها المرمريينِ وظهرها، يُغطي جزءً من ملامحها وهي تخفضُ رأسها قليلًا ناحيـة الشاشـةِ وعلى عينيها تضعُ نظارةً للنظَر .. رفعَت رأسها مباشرةً إليه بعد أن ألقى السلام، لتزورها بسمةٌ خافتـةٌ كضوءِ شمعةٍ في وسطِ ظلامٍ دامِس، شمعةً يلتجئُ إليها المحتاجون إلى نور حينَ يطمُس الظلام معالم الحيـاة، وبنبرةٍ رقيقةٍ خجولة : وعليكَ السلام ورحمة الله
فواز برقّة : تغديتي؟
توترَت قليلًا وهي تُخفضُ نظراتها لشاشةِ الحاسوبِ المستقرِّ على فخذيها، وبخفوتٍ متوتر : لا
فواز يعقد حاجبيه بانزعاجٍ من جوابها، هتفَ بنبرةٍ حاولَ أن تكونَ هادئةً بما يكفي فمن في موضعها لا يحقُّ لها أن ترفضَ طعامًا يصلها إلى جناحها بعدَ أن كانت تنفرُ من أي وجبةٍ عائليةٍ تجمعها مع - أمه -!! : وليه؟ ما عجبك الغداء والا شلون؟
جيهان بتوتر : مو عن كِذا بس * صمتت لا تجدُ جوابًا لن يُغضبه *
بللَ فوّاز شفتيهِ وهو يرمِي شماغهُ على أولِ كرسيٍ أمامه، ثمّ بدأ بفتحِ أزرّةِ ثوبهِ هاتفًا بهدوءٍ ظاهري : دام الغداء يوصلك لهنا مو عيب عليك ترفضينه؟!
حكّت أذنها بكتفها بعد أن أمالت رأسها بتوتر، جوابها بكل بساطةٍ لن يكُون غيرَ أنها " علِمت من الخادمة أن من طبخَت الغداءَ هي أمه! "، وبالتأكيد لن تعجبه تلك الإجابـة، وتخشى على وجنتها أن تتكرر تلك الصفعةُ منه، أو أن يرتفعَ صوتُه عليها غاضبًا وهي التي لا تُريد لهذهِ الصورةِ الملائكيةِ أن تتبدّل .. من حقها أن تبني لها قوقعةً خاصةً تكونُ فيها لؤلؤةً لا تقتربُ منها الأيادي التي تبغضها! من حقها أن تعيشَ في عالمها الذي تختـارُ فيهِ من يحقُّ لهُ دخولها، أيظن أنّه سيفرضها عليها لأنها أمه فقط! لكنّها أخطأت في حقها، ولكلّ فعلٍ ردّة فعل، خصوصًا إن كان هذا الفعل " قذفها ".
لم تردَّ على استنكارِه ذاكَ ليستديرَ إليها ببرودٍ وهو يقتربُ منها، رفعَت رأسها بعد سماعها لخطواتهِ لتنظر لعينيه بتشتت، عينيه الحادتينِ دونَ أن تحيطهما هالاتٌ بعكسها بعد أن انتشلت الليالي النومَ من عينيها لأيـام، أمالَت حاجبيها وهي تتأمّل ملامحه الرجولية، أنفهُ الطويل وفمهُ العريضِ والمُحاطِ بعارضٍ يزيدهُ رجولةً ويبعثُ إليه جاذبيةً و " ملوحة "، ليسَ من العدلِ أن يكون الزوجُ أجمل! ليسَ من العدلِ أن تسكن بينهما فروقاتٌ كهذه .. كامرأةٍ هي تتمنى أن تتزوّج قبيحًا خيرًا من أن يكون أجمَل منها، فعلوِّ الزوجِ في جمالهِ بنسبةٍ هائلـة على امرأتِه يجيءُ مقاربًا لشعورِ المرأةِ بالقهر حين تكون ضرّتها - مثلًا - أجمل منها، خصوصًا إن كانت لا تثق بنفسها.
نفَضت تلك الأفكـار عن عقلها وهي تشعُر بيدهِ التي أمسكَت بنظارتها وأنزلتها عن عينيها ليضعها على الكومدينةِ جانبًا، وبصوتٍ هادئ : دامك ساكتة فعذرك أكيد بيخليني أعصب أو ما عندك عذر أساسًا! .. قوليلي وش حالك من الإثنين؟!
ازدردَت ريقها بصعوبةٍ وهي تدرك أن جوابها سيغضبه، لذا همسَت بخفوتٍ كاذب : الثاني .. مالي رغبَة بالأكل
رفعَ حاجبه دونَ رضا بالجواب : مو قلتلك دام الأكل يوصلك عيب عليك ترفضينه؟ * بنبرةٍ حادةٍ أردف * لا تخليني أعصب عليك ، أنا متغافـل عن مسألة رفضك للأكل معنا مع إني عارف السبب زين ، لا تظنين هالحـال بيطول لأني كذا والا كذا راح أجبرك تآكلين معنا لو طوّلتي بدلعك ، لذلك الأفضـل تراجعين نفسك وتنزلين بإرادتك
ازدردَت ريقها مرةً أخرى وبصعوبةٍ أشد، أخفضَت رأسها قليلًا لتُشتت حدقتيها لجميعِ الجهاتِ الأربَعِ دونَ المنتصف، دونَ أن تستقرَّ أحداقها عليه، مسألـة التقائها بأمه تجعلها تثور! تجعلُ دمها يفورُ وذكرى اتّهامها لها بتلك التهمةِ القاسيَة ترتدُّ في جدرانِ عقلها، توخزُ صدرها بألمٍ لتُشعرها بعارٍ لم تقُم به.
اضطرَب تفكيرها ليخرجَ صوتها محملًا بنبرةٍ رافضةٍ حادة بعض الشيء : ما أبغى
فواز بهدوءٍ يحاولُ زرعهُ في صوته رغمًا عنه : مو بكيفك ، معليش هنا وكفايـة! إذا ودك ترضين زوجك فأول طريق لهالشيء رضا أمه .. صدقيني لو سكت عنك أكثر فاعرفي إني بيوم راح أأذيك .. الرجّال اللي يرضى بأذيّة أمه بيرضى بالمثل لزوجته
جيهان بارتعاشٍ وهي توجّه نظراتٍ مضطربةً إليه يتوارى خلفها أي رضا بما يقُول، يتوارى خلفها أي تفكيرٍ منطقي : ما أقدر ، هالموضوع خاصّة محد له حق يتدخل فيه
فواز يرفعُ حاجبيه بتعجبٍ مذهول : نعم!! محد له حق يتدخل فيه؟!! هذي أمي يا جيهان تعرفين وش يعني أمي؟ سكوتي ما يعني رضاي باللي قاعد يصير .. اتّقيني لأني ما أضمن غضبي إذا غلطتي عليها، وأعتقد جرّبتي هالغضب!
تشنّجت وجنتها وهي تصدُّ عن وجهه جانبًا، ارتعشَت شفتاها وعرقٌ في عنقها ينبضُ بقوّةٍ لشدّة الضغطِ الذي تشعر بهِ من إرادتِه وإرادتها، لن يفهمها، لا أحدَ يستطيعُ فهمها، لا أحد يستطِيع الشعورَ بحزنها وبعمقِ الوجَع، طالـت التُهمةُ يومَذاك فواز كما طالتها، لكنّه يستطيع النسيان! يستطيع الضّحك على مجرد الذكرى لأنّها أمه! لأنهُ في النهايـةِ رجل! وكما غُرس في عقل الأنثى " الرجل ما يعيبه شيء! "، بينما هي كأنثى سيركضُ خلفها العـارُ والذنب، ماذا إن علِم أحدٌ بتلك التهمةِ غيرِ أسيل؟ بالتأكيد كانوا ليُصدقوا، وإن علموا بأن تلك التهمةَ كاذبةً فسيبقى العـار ملتصقًا بها كأُنثى " تم الشك في شرفها " ... لا أحد يفهمها، لا أحـد! وهي يستحيل أن تسامح، ليست بتلك المثالية لتُسامح.
همَست بغصّةٍ دونَ أن تنظر لوجهه : إذا قابلتها صدّقني ماراح أمسك لساني، وماراح أتّقي غضبك، وبتعصب، وبترجع تضربني . . * أدارت وجهها إليه لتُردف بحزن * صدّقني منت حاس باللي فيني، أنا انسانة إذا كرهت طبيعتي تخليني أغلط، أخلاقي شينة! أدري بهالشيء، بس صدّقني هالأخلاق للي يستاهلون
اتّسعت عيناهُ بصدمةٍ وهو يتراجعُ قليلًا بحدّة، وبصوتٍ غاضبٍ وهو يشد على قبضتيه : للي يستاهلون؟ أنتِ مستوعبة اللي تقولينه؟ معترفة إن أخلاقك شينة حتى مع أبوك! اللي يستاهل مو؟!
جيهان بوجعٍ تعقدُ حاجبيها، هذا الموضوعُ لا يمكن أن يقترنَ بأمه، لا يُمكن مقارنـةُ والدها بها أصلًا!! . . لفظَت بعبرةٍ وحنينٍ مُندسٍ خلفَ هذهِ العبراتِ الساخنـة : هالموضوع مختلف ، أنت ما تدري عن شيء فلا تقارن
فواز بحدة : أدري عن عقوقك وهذا كافي، ما يهم السبب كثر ما يهم إنه أبوك في النهايـة! .. أنتِ تظنيني أصلًا بسكت! راح تعقلين غصب عنك وترجعين لصوابك
جيهان بألم : تركنا سالفة أمك وجينا لأبوي! فواز الله يخليك ما ودي أقولك مالك دخل فلا تجبرني أحاكيك بطريقة ما تعجبك
فواز بصوتٍ غاضب : راح أتدخل رضيتي أو لا
زفَرت بقلّة صبرٍ وهي تُخفض وجهها وتشدُّ على تنورتها المقلِمة بالأسودِ والأبيض بأناملها المتشنّجة، لم تردّ عليه والكلماتُ تنحشرُ بين شفتيها في انطباقهما المُطلق، ربما تخشى أن تطلق كلماتها وتُهدي نارَ غضبهِ المزيدَ من الحطَب، لذا صمتت واعتصمَت ذاكَ الصمت.
لكنّ فواز لم يكُن ليصمت، إذ امتدّت كفّاه إليها ليُطوّق وجهها ويوجّهه إليه وهو يعقدُ حاجبيهِ وصدرهُ يمتلئُ بعطرها العذب، عيناهُ تنضحُ فيهما صورتُها التي تكاملت ولم تستطِع أن تحملانها فأبى القلبُ إلا أن يُنصف اكتمالها في حجراتِه الأربع. هتفَ بنبرةٍ خافتةٍ محمّلةٍ بعاطفةٍ يعصَى على صدرها حملها : ما أبي تفرقنا جنة أو نار بالآخرة، ارحمِي حبي كانِك بتستهيني فيه وهو يسوى الدنيا ومافيها! الدنيا ما انخلقَت لنا، الدنيا ما تتّسعنا! احنـا لنا الآخرة ونعيم قربنا في نعيم جنّاته، خلّي النعيم اثنين، وخلّي عيوني أنتِ في الدارين ... بإذن اللي خلق عيُونك
ارتعشَت شفتيها لتعضَّ السُفلى منها وهي تقتلُ آهةً دغدغَت حنجرتها، لمَ يعبّر بهذه الطريقةِ ليُخرسها؟ يقرن حبّه بالجنـة كثيرًا ليُدركَ عقلها حجم هذا الحب، هذا الحب الذي يحملُ كل نعيمِ الحياةِ في كفّةٍ و " هي " في الكفةِ الأخرى لترجح " هي "! ... يا الله ما أقوى مشاعره، ما أقوى حبّه الذي لا يجيء حبي لهُ نصفه، كم هي بخيلةٌ مشاعري! كم هي عصيّةٌ عن هذا العُمقِ الذي يسكُن في مشاعرك.
اقترَبت ملامحهُ منها وهو يتنفّس أنفاسها الغادرةَ عن رئتيها، أنفاسها التائهةِ عن طريقِها الغيرِ مأهول، عن دربِ الحيـاةِ لتموتَ مانحةً أنفاسها لَه ... وضَعَ جبينه على جبينها وكفيه لازالتا تعانقانِ وجهها، وبخفوتٍ وهو يضوّق عينيه ويبتسم : اللي مريح قلبي شوي إن المرء يُحشر مع من يُحب، الخوف من بعَد الصراط
عقَدت جاجبيها وعيناه تتشوّشان عن عينيها من هذا القرب، ارتسمت ظلُّ ابتسامةٍ على فمها وهي تهتف بغصّة : يمكن ربي ما يكتب لنا ننحشر مع بعض
فواز بخفوتٍ وهو يشدُّ في احتضانِ وجهها : بكثّر من الصدقات والأعمال الصالحة، وبدعي الله بهالأعمـال أكون ويّاك للأبد، ومافيه شيء " أبد " غير الجنة والنار، وعشان الجنة والنار طبعًا بدعي للأبد الجميل
أردفَ وهو يتركُ وجهها ويعانقها : اللهم أسألك بكل عملٍ صالحٍ قمت بهِ في حياتِي أن ترزقني رفقتها في جنتك ، اللهم بكل صدقةٍ أطلقتها لوجهكَ إنّ نعيمي هيَ


،


عودةٌ لما قبل ثلاثِ ساعاتٍ ونصف، الماضي لازال جاريًا كجريانِ حرارةِ الجوِ على بشرتيهما، هي وحدها الذكرى مُلهِبة، وكلاهما لا يحتاجانِ للهيبٍ آخر ومصدرٍ آخر للحرارة، بعضُ الحديثَ يكون ثقيلًا يحنِي أكتافَ الرجـال، يكون موجعًا كفايةً ليوخزَ خاصرتهُ ويستثيرَ دمـه .. تحرّك عبدالله بضعفٍ ليجلسَ على الكرسي بجانبِه بعد أن شعر بأنّ وجعهُ لن يكونَ شيئًا أمـام وجعها، ستنحني كوردةٍ ذابلة! لم تكد تُزهرُ وتستقيم، لم تكَد الأمطار تسقطُ عليها وتُحيلها وردةً عطِرةً ليجيء هذا الصقيع .. أين الندى منها؟ أين حُبيباتُ الماءِ من جِذرها ، ستجفُّ يا الله! ستجفُّ وهو الذي سيقفُ دونَ طاقةٍ تكفي لبثِّ الثباتِ فيها، سأضعفُ عند حُزنها! هي التي لكذبةٍ من زوجتهِ بكَت سنينًا عاشَت فيها مخدوعةً ومجهولةَ الهويّة، أرادت تركهم وبعثِ الهويّة إليها قصرًا، هويةً زائفةً لو تدرك حقيقتها لبكَت دهرًا وما كفاها البُكاء! البُكاء لا يكفي هذه المصائب، ما الذي ستفعلهُ إن علمت؟ بالتأكيد ردّة فعلها ستكون أقسى! ... ماهذهِ الخيبـات؟ ماهذا الضعف الذي ينخرُ عظامه؟
أخفضَ رأسهُ وثقلٌ أصابـه، أسندهُ على كفيه والجفافُ يستحلُّ حنجرته، تضاربَت الكلماتُ في اهتزازٍ واهنٍ والبحّةُ تسكنُ نبرته، هتفَ بفتورٍ وجزَع : كمّل ، قول كل شيء! أوجعني مرة وحدة .. التقسيط في الوجَع أقسى
ازدردَ أدهم ريقهُ وهو يصدُّ بوجههِ للجهةِ اليُمنى بعيدًا عن شكلِ عبدالله المكسور والذي لمحه من طرفِ عينيه، وبتحشرج : رقيّة بكل بجاحة قالت اسم الأبـو قبل لا تطلع، وعلى هالأسـاس أبوي راح له باليوم الثاني .. وفرضها عليه برميها له
التوَت حنجرة عبدالله بوجع، وعقد حاجبيه وهو يتنفّس بصعوبة، بينما أكمل أدهم : واضح إن أبوها كان يدري أساسًا إنها بنته وشكلها هي معلمته فما كان عنده قدره يعارض! * ابتسمَ بحزن وغصّة * طفلة! رامينها على بعض، ما تدري عن شيء بالدنيـا وابتدَت حياتها بهالشكل! .. تدري؟ ما كان من حقنا كلنا نبكي وقت طلعنا للدنيـا، هي الوحيدة اللي كان حقها تبكي! لأن البُكاء أنصَف تعاسـة حياتها
ما تجاوزت الشهر، وصـارت كل هالتقلبات بفترة بسيطة!
أدارَ رأسه إلى عبدالله وهو يشاركه الإنكسار في نظرةِ عينيه، في صوتِه الذي انكسَر كغصنٍ قاسٍ في ليلةِ ريحٍ شتائيـة، هاهو اليومَ دكّ حصونه، رفعَ الستـار عن مسرحِ الحقيقة، لا يعلـم إن كان سيُصدقه أم لا، لكن يكفي أنهُ عرّى الماضي أمامـه وقام بما كان يجب عليه أن يقوم بهِ منذ زمَنٍ طويل، هو الأكثر ذنبًا من بين كل الأطراف، هو الذي أذنبَ في حقّها ولازال هذا الذنبُ يجري حتّى الآن.
بلل شفتيه وهو ينظرُ لعيني عبدالله المُنكسرة، وبخفوت : أكيد تدري إن زواج مثل زواج رقيّة وأبو إلين مع إنه باطل بس الأولاد اللي ينتجون من هالعلاقة يُنسبون للأب الحقيقي ، لأنّ المعاشرة صارت بظن الزوج إن الزواح صحيح
لم يُبدي عبدالله أي ردّة فعلٍ تُثبت أنّه سمعه، ليتنهّد أدهم بخفوتٍ وهو يُغمض عينيه، لا يلومه في شيء، إن كان يعتقد ردّة فعلٍ منه فقد تكونُ صدمةً مدوّيةً على قصةٍ مأساويـةٍ كهذه، ومن أبسطِ حقوقه الآن الصمت، أن يتركَ متعسًا لالتئـام هذا الجُرح الغائِر الذي يُدرك أنّه تخلّف في صدرهِ لما سمِع، كجرحهِ الذي يتعمقُ اثنانِ وعشرونَ عامًا عجافٍ دونَ أن يلمحَ ظلَّ التئآمه، جُرحه مختلف! لن يلتئم مهما حدَث، لن تجفَّ دماؤهُ التي تنزفِ لتسقط مع كل قطرةٍ اسمها، نجـلاء ، نجــلاء الطفلة ... فقط!
اقتلعهُ من جذورِ أفكارهِ صوتُ عبدالله الذي همسَ بنبرةٍ رغمَ ضعفهِا كانت حادة : هو الثاني اللي رماها بالميتم ، صح؟
عقدَ أدهم حاجبيه وهو يدرك أنه يقصد والد إلين الحقيقي، لذا هتفَ بخفوت : أيه
عبدالله بجمودٍ دونَ أن ترتفعَ نظراته عن الأرض : وش اسمه؟!
لم يتفاجئ أدهم لسؤالـه، فأوّل ما توقّعه هو أن يستفسرَ عن اسم هذا الأبِ الذي رمى ابنتهُ لذنبِ أمها .. بلل شفتيه والحقدُ العظيمُ في صدرهِ يتصاعـد، يتمنى بكل الشرِّ في قلبه أن يذهبَ إليهِ ويقتله ، أن يشوّه ملامحَ وجههِ لتفريطهِ في تلك الفراشـةِ الناعمـة . . هتف بحقدٍ ووحشيـة : أحمد ، أحمد الأميـر

.

.

.

انــتــهــى

النت لعب فيني لعب على ما أرسلت البارت كامل :( طبعًا فوق ما النوم لاعب فيني لذلك نقول لي " نوم العوافي " وقراءة ممتعة لكم، التعليقات بمسكها بعد ما اصحى إذا كان النت صاحي طبعًا وبقتبسها كاملة الحين عشان أرد عليها عندي مرة وحدة ()


وهذا اقتباس مهم للي تلتبس عليهم الأمور بسرعة أو نقول نسوا القديم والمهم


اقتباس :-  
إبراهيم وسعد وخصوصًا إبراهيم تم ذكرهم قبل البارت الأخير وبارت السكرتير بفترة ، كثير منكم تغافل أو نقول نسي هالجزئية المهمة اللي توضح سبب الكره ضد سلطان من إبراهيم ..
طبعًا إبراهيم كان يشتغل عند سلطان وبينهم مشاكل كثيرة واحتكاكات سلبية، ما ذُكرت بالتفصيل بس ذكرت إجمالًا إنه ما كان بينهم وفاق ومشكلة ورى الثانية بين مدير وموظف عنده ... طبعًا في الأخير تم طرد إبراهيم من شغله بس إبراهيم أساسًا كاره سلطان وحاقد عليه وتفكيره السطحي ساعد في زرع هالعداوة في قلبه وفكرة تخريب حياة سلطان بأي طريقة
وبس هذي القصة وصلى الله على محمد ، مشكلتكم تنسون أهم الأمور لدرجة إني اشك معاكم وأوقات ألخبط بالأحداث وأنسى اللي كتبته من بعض تعليقاتكم



ودمتم بخير / كَيــدْ !
[/B]

 
 

 

عرض البوم صور كَيــدْ  
قديم 26-09-15, 05:41 PM   المشاركة رقم: 493
المعلومات
الكاتب:
اللقب:
قارئة مميزة


البيانات
التسجيل: Sep 2010
العضوية: 190192
المشاركات: 574
الجنس أنثى
معدل التقييم: أبها عضو ذو تقييم عاليأبها عضو ذو تقييم عاليأبها عضو ذو تقييم عاليأبها عضو ذو تقييم عاليأبها عضو ذو تقييم عاليأبها عضو ذو تقييم عاليأبها عضو ذو تقييم عالي
نقاط التقييم: 748

االدولة
البلدKuwait
 
مدونتي

 

الإتصالات
الحالة:
أبها غير متواجد حالياً
وسائل الإتصال:

كاتب الموضوع : كَيــدْ المنتدى : الروايات المغلقة
افتراضي رد: قيودٌ بلا أغلال عانقت القدر

 

ما شاءالله تبارك الله ..

الله يحفظك يا كيد وتسلم يمناك ..

لي عودة بإذن الله للرد ..

 
 

 

عرض البوم صور أبها  
قديم 26-09-15, 07:11 PM   المشاركة رقم: 494
المعلومات
الكاتب:
اللقب:
قارئة مميزة


البيانات
التسجيل: Sep 2010
العضوية: 190192
المشاركات: 574
الجنس أنثى
معدل التقييم: أبها عضو ذو تقييم عاليأبها عضو ذو تقييم عاليأبها عضو ذو تقييم عاليأبها عضو ذو تقييم عاليأبها عضو ذو تقييم عاليأبها عضو ذو تقييم عاليأبها عضو ذو تقييم عالي
نقاط التقييم: 748

االدولة
البلدKuwait
 
مدونتي

 

الإتصالات
الحالة:
أبها غير متواجد حالياً
وسائل الإتصال:

كاتب الموضوع : كَيــدْ المنتدى : الروايات المغلقة
افتراضي

 

فعلا جزء فيه من المفاجأة والحزن والألم ما اعتصر قلبي ..

في البداية لفت نظري ورود اسم (سند) من ضمن أفراد العصابة
هل هو سند الذي كان يهدد شاهين لإجراء عملية والدته؟

سليمان ..يعمل ضمن عصابة خطيرة تتعامل بأشياء غير قانونية!
كان أكبر توقع لي أنه انسان جشع يتبع أساليب ملتوية للوصول
إلى مآربه ..(الله ينتقم منك يا شيخ ).

فواز .. اليوم رايتك بيضه يا ( حِمش ) ..😄
يبدو أنك استمعت إلى اعتراضاتنا واحتجاجاتنا
ومن ثمّ وضعت خطوطاً حمراء لجيهان لا تتعداها .
وأحسنت حين قلت أن من لم يكن فيه خير لوالديه
فلن يكون فيه خير لزوجه.
تحمل همّ اجتماعكما في الجنّة ،ما أعجب حبّك يا فواز!

إلين ..يا إلين ، أوجعتِ القلوب ، وهيّجتِ المدامع .
كان الله في عونكِ وعون كل من كان على شاكلتك .

رقيّة ..سحقاً لنساءٍ خائنات خانوا الله قبل أزواجهم
أيوجد هكذا بشر! اقشعر بدني من فعلتها .
ولا لوم على زوجها حين أراد أن يتخلص من نجلاء ، حتما
ستذكّره بخيانة من تسمى زوجته .وفجورها .

أدهم ..كانت تلك المفاجأة الكبرى في الجزء !
لست أخاً لإلين ! فعلك لا يقل بشاعة عن زوجة أبيك .

سؤال حيّرني ..؟ إلين كانت تصاب بكوابيس. وتردد اسم أدهم
و محاولته النحرش بها ..
كيف تعرفت على أدهم اذا كانت حياتها ما بين الميتم ثم عند
عائلة عبدالله ؟
إذا كان أدهم تحرش بها فعلا فلم إذا كانت مصرّة على الذهاب
إليه والعيش معه بعد أن حصل سوء الفهم بينها وبين
عائلة عبدالله ؟؟؟

ابدعتِ يا كيد في وصف غضب عبدالله ،
أهذا ما يسمى بقهر الرجال ؟؟ إنه مؤلم حقّاً،
لهذا استعاذ منه رسولنا الكريم ( صلى الله عليه وسلم ) .

أحمد الأمير ،،، مممم ، هل هو أحمد والد غزل ؟؟
أم أنني شطحتُ كثيراً ؟؟ 😊

غزل وغيداء ..ثنائي يضفيان على الجلسة روح
المرح والبهجة إذا اجتمعا ، هذا ما لمسه سلطان وأراده
لغزل ،، .أن تنقشع مسحة الحزن من حياتها .

أرجوان ..ولقاؤها بغاده ،، هل له دور في تغيير مسار حياتهم؟
هذا ما ننتظره في الجزء القادم بإذن الله .

شكرا من القلب للمبدعة كيد .
لا حرمنا الله من ابداعك ..🍃🌸🍃

 
 

 

عرض البوم صور أبها  
قديم 26-09-15, 08:12 PM   المشاركة رقم: 495
المعلومات
الكاتب:
اللقب:

البيانات
التسجيل: Aug 2015
العضوية: 300603
المشاركات: 22
الجنس أنثى
معدل التقييم: bushraa عضو بحاجه الى تحسين وضعه
نقاط التقييم: 20

االدولة
البلدSaudiArabia
 
مدونتي

 

الإتصالات
الحالة:
bushraa غير متواجد حالياً
وسائل الإتصال:

كاتب الموضوع : كَيــدْ المنتدى : الروايات المغلقة
افتراضي رد: قيودٌ بلا أغلال عانقت القدر

 

كل عام وانتم بخير

سلمك الله على الابداع هذاكيد

 
 

 

عرض البوم صور bushraa  
 

مواقع النشر (المفضلة)

الكلمات الدلالية (Tags)
ليلاس, لغز, أكشن, القدر, الكاتبة كيد, انتقام, يوسف, رواية رومانسية, سلطان, غموض, عانقت, قيود, كيد
facebook




جديد مواضيع قسم الروايات المغلقة
أدوات الموضوع
مشاهدة صفحة طباعة الموضوع مشاهدة صفحة طباعة الموضوع
تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة
Trackbacks are متاحة
Pingbacks are متاحة
Refbacks are متاحة


LinkBacks (?)
LinkBack to this Thread: https://www.liilas.com/vb3/t195238.html
أرسلت بواسطة For Type التاريخ
Untitled document This thread Refback 02-10-16 06:32 AM


الساعة الآن 12:04 AM.


 



Powered by vBulletin® Version 3.8.11
Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd.
SEO by vBSEO 3.3.0 ©2009, Crawlability, Inc.
شبكة ليلاس الثقافية