بريكست ومخاوف من تمددها الي عشرينات القرن الحالي

بات الآن رسمياً: رئيسة الوزراء البريطانية قدمت طلب انسحاب بلادها من الاتحاد الأوروبي. هذه الخطوة زادت من حالة الارتباك التي يعرفها المشهد الأوروبي، ما يحتم تسليط الضوء على بعض الأسئلة حول هذا الانسحاب.

هناك حقيقة عملية بدأت تستقر في محادثات “بريكست”: خروج بريطانيا بسلاسة من الاتحاد الأوروبي، سيكون عملية ستمتد إلى منتصف العشرينيات من القرن الحالي.

نتيجة بحث الصور عن مخاوف من تمدد "بريكست" إلى عشرينيات القرن الحالي
هذا نوع من حياة ستتمطى إلى العقد المقبل، الذي يُنظَر إليه في المحافل الخاصة على أنه أمر لا مفر منه من قبل مفاوضي “بريكست” على الجانبين، لكن الاتفاق على الشكل الذي ينبغي أن يتخذه ذلك هو من أقسى التحديات.
قال أحد المفاوضين: “عند مرحلة معينة علينا أن ننظر في المرآة، ونعترف لأنفسنا بمدى طول الفترة التي سيحتاجها كل هذا الأمر”.
جزء من فترة التعديل تم الاتفاق عليه الآن من حيث المبدأ: بعد خروج بريطانيا من الاتحاد في آذار (مارس) 2019، ستدخل في مرحلة انتقالية ستلتزم فيها بقوانين الاتحاد الأوروبي حتى نهاية عام 2020.
حتى لو تم التوصل إلى اتفاقية تجارية بين بريطانيا والاتحاد الأوروبي بحلول عام 2021 – وهو أمر شكل فيه بعض المفاوضين من الاتحاد الأوروبي – فستكون هناك حاجة إلى مزيد من الوقت.
قال سام لاو، من “مركز الإصلاح الأوروبي”: “يعلم الجميع أن الفترة الانتقالية حتى نهاية عام 2020 لن تكون طويلة بما فيه الكفاية، من أجل التفاوض على الاتفاقية التجارية المستقبلية وتنفيذها”.
هناك عدد كبير أسماء الإصلاحات الفنية التي تهدف إلى كسب الوقت: حيث يشار إليها على أنها الفقرات الانتقالية أو فقرات التنفيذ، أو فقرات المساندة، أو فقرات التمديد، أو فقرات الاستمرار، أو أحكام الإدخال التدريجي، أو أحكام الانسحاب التدريجي.
من الناحية الأساسية، هناك قضايا سياسية على المحك. حين يتم “بريكست”، فما الضمانات الملزِمة التي ستكون لبريطانيا حول الترتيبات المستقبلية؟ وإلى متى ستدوم؟ وما مدى اختلاف المعاملة نحو إيرلندا الشمالية عن بقية المملكة المتحدة؟

التحدي العملي
الفترة الانتقالية، أكثر من أي شيء آخر، من شأنها أن تمنح بريطانيا الوقت لإنشاء البنية التحتية الجمركية، وإدخال أنظمة الكمبيوتر، ومرافق التفتيش، وتوظيف العاملين، واختبار التكنولوجيا.
جون تومبسون، الرئيس التنفيذي لإدارة الضرائب والجمارك البريطانية، يقدِّر أن التحضيرات التي من هذا القبيل، من شأنها أن تحتاج في أحسن الأحوال إلى ما بين ثلاث سنوات وخمس سنوات، مهما كان النموذج التجاري بين بريطانيا والاتحاد الأوروبي الذي تم الاتفاق عليه.
يعتمد كثير على عمليات التوافق بين الطرفين، أو إقرار التشريعات، أو تقييمات الإنجاز المتكافئ – وهو عمل ربما سيستمر إلى فترة العشرينيات. وحين سئل تومبسون عن الفترة التي سينتهي فيها تحويل قسم الجمارك، قال: “متى سأبدأ؟”

تمديد فترة الانتقال التام
إحدى الطرق لضمان وجود فترة مؤقتة لمعالجة المشكلات هي من خلال معاهدة الانسحاب، وهي الاتفاقية الملزِمة التي تبين تفاصيل أحكام خروج بريطانيا.
مسودة نص الخروج من الاتحاد الأوروبي تشتمل على فترة انتقالية مدتها 21 شهرا من كامل المملكة المتحدة حتى كانون الأول (ديسمبر) 2020. تستطيع بريطانيا أن تطلب تمديد هذه الفترة.
إلا أن هذا من شأنه أن يتضمن أن كامل مجموعة قوانين الاتحاد الأوروبي سيظل معمولا به لفترة أطول – وهو أمر مرفوض من قبل أنصار “بريكست”. ومن شأنه أيضا أن يقتضي مزيدا من المفاوضات المتعِبة حول مساهمات بريطانيا في الميزانية.

فترة مساندة لكامل المملكة المتحدة
التفضيل الذي يتشكل حاليا لدى رئيس الوزراء تيريزا ماي هو إعادة تصميم “المساندة” المقدمة لإيرلندا الشمالية، وتطبيقها على كامل المملكة المتحدة لفترة زمنية محدودة.
تتفق لندن وبروكسل على أنه يجب أن تكون هناك خطة احتياطية، أو مساندة، لضمان ألا تنشأ حدود فعلية عبر الجزيرة بعد “بريكست”.
الاتحاد الأوروبي تصور أن هذا سينطبق على إيرلندا الشمالية وحدها. وهذا أمر كريه تماما بالنسبة إلى ماي، على اعتبار أن من شأنه أن يعني وجود حواجز على التجارة عبر البحر الإيرلندي.
من خلال تمديد فترة المساندة إلى كامل المملكة المتحدة، تستطيع ماي أن تتجنب الحدود الداخلية التي من هذا القبيل ضمن المملكة المتحدة، ولربما تكون قادرة على “الاختيار حسب الرغبة” بعض ميزات السوق الأوروبية الموحدة للسلع، وتقديم مسار انزلاقي سلس للخروج من الاتحاد الأوروبي.
المشكلة هي أن الاتحاد الأوروبي يقول إن خطوة من هذا القبيل من شأنها تقويض المادة 50 من معاهدة الخروج، التي لا يفترض فيها أن تحدد العلاقات المستقبلية بين بريطانيا والاتحاد.
إريك وايت، وهو محام مختص في التجارة كان يعمل سابقا لدى المفوضية الأوروبية ويعمل الآن لدى شركة هيريرت سميث فريهيلز Herbert Smith Freehills، يجادل بأن ماي تقدم حجة “منطقية للغاية”.
وقال: “إذا استطعت إنشاء فترة مساندة لإيرلندا الشمالية، فإنك تستطيع أن تفعل ذلك لكامل المملكة المتحدة. لا يستطيع الاتحاد الأوروبي أن يقول إن هذا الأمر غير جائز بحسب القانون، ولكن يستطيع القول إنه لن يقبل به.”
تظل العوامل السياسية صعبة. سيريد الاتحاد الأوروبي تطبيق شروط صارمة على كامل المملكة المتحدة، بما فيه صلاحيات محاكم الاتحاد وأجهزته التنظيمية، وربما مساهمات الميزانية.
جيكوب ريز موج، وهو نائب من حزب المحافظين يناهض التكامل الأوروبي، وصف المساندة بأنها “فخ” من شأنه أن يجعل بريطانيا “دولة تابعة”.
في الأسبوع الماضي أصبحت ماي “ساخطة ومتوترة” بعد أن سألها ليو فارادكار، رئيس وزراء إيرلندا، حول الشروط التي بموجبها ستنتهي فترة المساندة، وفقا لدبلوماسي مطلع على الاجتماع.
وصف أحد كبار المسؤولين في الاتحاد الأوروبي فكرةَ الفترة الزمنية بأنها “معيبة تماما”. وقال المسؤول: “هي لا تجيب عن السؤال الإيرلندي، وكل ما تفعله هو أن تدفع بها فترة زمنية أطول. بمعنى أنهم يؤجلونها”.

مسار المعاهدة التجارية
معاهدة تجارية بين بريطانيا والاتحاد الأوروبي، التي يتم التوصل إليها بعد “بريكست”، هي الأداة المفضلة لإعطاء مزيد من الفترة الانتقالية. في العادة يُدرِج الاتحاد الأوروبي أحكاما في اتفاقيات التجارة الحرة للإلغاء التدريجي للاتفاقيات القديمة والإدخال التدريجي لاتفاقيات جديدة، وغالبا ما يكون ذلك على مدى عدة سنوات.
هذا النهج يثير مشكلات أساسية بالنسبة لماي، فهو يتطلب من بريطانيا قبول مساندة ملزِمة قانونا، لفترة زمنية غير محدودة، لإيرلندا الشمالية وحدها.
قال مسؤول بريطاني: “هذا سيكون النهاية”، ولاحظ أن القبول نظريا بحدود على البحر الإيرلندي، من شأنه أن يقضي على الأغلبية الحاكمة التي تتمتع بها السيدة ماي، حيث سيسحب حزب الديمقراطيين الوحدويين والمحافظين المؤيدين للاتحاد البريطاني، في إيرلندا الشمالية، تأييدهم لها.
ومن شأنه أيضا أن يزيد من عوامل اللبس للشركات والحكومة إلى أن يتم التوصل إلى اتفاقية تجارية مفصلة.

الفترة الانتقالية الجمركية
يوازن المفاوضون بين خيارات التسوية. أحدها هو إنشاء فترتي مساندة في معاهدة الانسحاب: فترة غير محدودة لإيرلندا الشمالية، وفترة محدودة منفصلة لكامل المملكة المتحدة، تقوم على أساس اتحاد جمركي وتدوم إلى نحو 2023–2024.
هذا من شأنه أن يعطي الوقت اللازم لضمان خروج سلس من سوق الجمارك والسلع في الاتحاد الأوروبي، ولتصميم ترتيبات لاختبار الحدود بالنسبة لإيرلندا.
ستظل هناك اعتراضات هائلة يجب التغلب عليها، في كل من بروكسل ولندن.
قال دبلوماسي من الاتحاد الأوروبي يعمل على ضمن فريق مفاوضات “بريكست”: “نحن بحاجة إلى أن نوقف التركيز على الحلول المرحلية. لا بد لهم من اتخاذ بعض الخيارات. فمن هو ذاك الذي سيستثمر في البنية التحتية الجمركية، إذا لم يكونوا يعلمون الأمور اللازمة للمستقبل؟”.