بسم الله الرحمن الرحيم
البارت الواحد والشعرون
,
,
المملكة العربية السعودية – حائل
العاشرة صباحاً
تفقدت الشقةَ أخيراً ثم خرجت منها مع أمِها
نزلتا لتسألهما أمُ صقر
: تأكدتوا الشقة فاضية ؟
قالت ام علي
: ايه خلاص نزلنا كل شي
نادى تركي
: يلا يمه يلا عمتي مشينا
اقتربت رتيل من تركي برجاء
: خل هديل تجي معنا
: علي ما يرضى , يقول عيب تركب مع عبد الله , تعالي انتي
قالت باعتراض
: ليش عيب وش فيها ؟
: خلاص رتيل لا تطولينها , تعالي انتي معانا
: حرام وداليا !
: جيبيها ما بياكلها علي !
تأففت وذهبت الى داليا
: امشي معاي بسيارة علي
شهقت باستنكار
: تبيني اركب مع اخوك !
قالت رتيل بسخرية
: أي اخوي اللي مملك عليك اللي يجوز يشوفك ويكلمك ويجلس معك
قالت داليا برفض
: ماني جاية لو تفحطين
تأفف عبد الله
: رتيل اخلصي علي بنمشي !
: قول لها تجي معاي لسيارة علي
: روحي معها !
قالت داليا بغيض
: من جدك انت اركب سيارته !
نظرَ الى رتيل
: اتركيها خلاص واركبي مع اختك واستانسوا طول الطريق وهي خلوها بروحها هنا
قالت باعتراض
: لااا , لا تروحييين وتخليني بروحيي
: اجل اخلي اختي بروحها ! خلك هنا كلمي روحك
أولتها ظهرها وهي موقنةٌ أنها ستتبعها
تبعتها فوراً وهمست
: نجلس في المرتبة اللي ورى ولا تقولون له انّي معكم
قالت رتيل ساخرة
: تكفيين ي مدوخته عليك , والله ولا جاب خبرك ولا درى عنك امشي بس
دخلتا الى السيارة وركبتا في المرتبة الخلفية وهديل معهما
واستلقت ام علي في المرتبة الأمامية بمفردها
همست داليا وهي تضع كفها على بطنها
: جوعانة !
قالت رتيل
: ما فطرتي ؟!
هزّت رأسها نفياً
: كنت اتروش ويوم طلعت امي قالت بسرعة البسي بنطلع الحين
صمتت رتيل ورفعت السلة التي أمامها لتبحث عن شيءٍ يؤكل
: داليا ما في غير قهوة وتمر !
كشرت بوجهها
: التمر يسويلي حرقة عالصباح
ركب علي وحرك السيارة دون أن يعلم بوجود داليا
حتى سار على الشارع العام وعبد الله خلفه قالت رتيل بهدوء
: علي
: هلا
: حبيبي ما فطرت تقدر توقف عند اول بقالة تجيب تسالي وفطاير
: طيب
التفتت اليها داليا بصدمة
قالت بهمس
: ماله داعي لا توقفينه
: مالك شغل
قالت هديل ببرود
: علي
: هلاا
: تدري انّ داليا اللي ما فطرت ؟
قال بعدم فهم
: ايش ؟
قرصتها داليا وهي تقول بهمس
: وجججججع
صرخت هديل ليقول تركي بغضب
: وجع قصري حسك
: اقول داليا معانا في السيارة وهي اللي ما فطرت ورتيل تقول لك انها هي ما فطرت
صمتَ علي لثوانٍ ليفهم ثرثرة شقيقته
ثم انفجر ضاحكاً وهو ينظر اليهن من مرآته
لتنزل داليا بجسدها الى الأسفل
قالت رتيل بانتقاد
: وش حركات البزران ذي ؟
اشارت الى رأسها باصبعها ببرود
: كيفيي
ابتسم تركي وهو يقول
: هديل اذا كانت نعسانة جوّها كلّه يخرب وتصير نذله بدون منازع
قالت رتيل بغير رضا
: مالك داعي
وأشاحت بوجهها عنها
قالت هديل ببرود
: انطمي لا اقلب عليك
قال علي بحزم
: هديل
تأففت ولم تجبه
توقف علي عند أول بقالةٍ صادفته
وتوقف عبد الله خلفه وفتح نافذته ليسأل
: وش فيه ؟
ابتسم
: بجيب شوية تسالي للبنات , اطلع انت اسبقني للإشارة
نزل عبد الله من سيارته
: بنزل معك
حينَ ابتعدا عن السيارة قالت داليا وهي مختنقةٌ بعبرتها
: انا بنزل بروح لسيارتنا
قالت رتيل
: دالييا وش فيك اسفهيها , لا تصيرين بزرة مثلها !
ضربت داليا هديل وهي تقول بغيض
: والله أوريك يا نذلة , وش مسويتلك انا عشان تتمنذلين علي
قالت ام علي بابتسامة
: تبيني اضربها ؟
: ايييه
ضحكت والتفتت اليهن
: تعالي هديل عندي لين تروقين وارجعي ورا
: ما ابي
: اجل لا اسمع صوتك ولا تضايقين خواتك
قالت معترضة
: ضاقت عليكم تمشون الليل او العصر ! لازم من الصبح ؟
تجاهلتها والدتها وهي تغمض عينيها وتستغفر بمحاولةٍ للنوم
عادا تركي وعلي
حينَ حركَ علي السيارة مدّ بِ ثلاثة أكياس الى الخلف
: رتيل
تناولتها منه
قال علي بابتسامة
: الكيس الأزرق لِ داليا بروحها والكيسين الثانية لنا كلنا
ضحكت رتيل وهي تجلس مكانها وتمد بالكيس الأزرق لداليا التي تمنت لو تقفز من السيارة هاربة
لم تأخذ الكيس وأشاحت بوجهها برفض
قالت هديل
: جيبيه انا آخذه خلّها ذي ترفس النعمة
أخذته داليا بعناد ومدّت لها بلسانها
ضحكت هديل ببرود
: الحمد لله والشكر
أراحت رتيل رأسها الى النافذة وأغمضت عينيها لتعود بمخيلتها الى قبلِ تسعِ أعوام
*في طريق العودة من مكة المكرمة
كانت رتيل تركب في المرتبةِ الأخيرة مع داليا
حصلت بينهما مشادة كلامية لتضرب داليا رتيل وتبكيها
بكت رتيل بصوتٍ عالٍ أفزع صقر وجعله يوقفُ السيارة
التفت بخوف
: وش فيه
قالت رتيل بصوتٍ باكٍ
: داليااا ضربتنييي
قال بغضب
: داليا ووجع
قالت ام صقر
: صقر وش فيك ! عادي صغار وتهاوشوا ! – التفتت الى الخلف وهي تمد بيدها الى رتيل وتنظر بعتاب لابنتها – تعالي رتيل , وين ضربتك
اقتربت رتيل ولا زالت تبكي وهي تقول
: عضتني وشدت شعري
لم يحتمل صقر صوتها الباكي
نزل من مقعده وفتح الباب الخلفي ليحملها ويمدّ يده الى الخلف ويضرب رأس داليا
فوراً بكت داليا من يده الثقيلة وعلى صوتها بالبكاء
لتقول رتيل بحزن
: حرام عليك
حملها دون أن يتكلم وركب في مكانه وتابع قيادته وهي في حجره
قالت امّه بخوف
: صقر لا تسوق وهي في حضنك خلها عندي
: ما ابي
تركها في حجره لتغفو على صدره ورأسها ملاصق لذقنه
بين الفينةِ والأخرى كان يقبّل رأسها
قال والده بعدم رضى
: ما يجوز تضرب اختك الصغيرة
قال بهدوء
: وهي ما يجوز تضرب بنت عمها
قالت داليا بحزن
: انت ظالم ما تحبني بس تحب رتيل , تفرق بيننا ! من اختك الحين انا ولا رتيل !
لم يُجبها وأرضاها لاحقاً بقطع شوكولا , ولم تعلم أن قطع الشوكولا التي أحضرها لرتيل كانت أكثر من قطعها !*
اهتزت السيارة ليضرب رأسها في النافذة وتفتح عينيها فوراً
انتبهت الى دموعها التي انهمرت ولم ينتبه لها أحدٌ لأنها كانت تضع غطاء وجهها
التفتت الى داليا وهديل التين كانتا منهمكتين في الحديث ونسيتا خلافهما !
,
,
المملكة العربية السعودية – الرياض
الحاديةَ عشرةَ صباحاً
في الجلسة العربية المنصوبة في حديقة المنزل
جلس سعود وسلطان والجدة
قال سعود
: وش رايك يمه وش آخذ هدية لزوجتي
نظرت اليه بغيض ليضحك ويقبّل رأسها
: للمرة الألف أعتذر لك وأقول لك الموضوع صار بسرعة ما قدرت أعلمك !
: لك فوق الشهرين يالردي تسعى بالموضوع ولا قدرت تعلمني ! ما غير الانجليزية تعرف كل شي وتشاورها في كل شي
ضحك بعمق وهو يضع يده على عينه
: انتي وش فيك على نانا !
قالت باستنكار
: اعووذ بالله ! وش نانته يا ساتر ! لا بالله انهبل الولد
ضحك سلطان رغماً عنه
: ما استحيت على وجهك هذا طولك وتقول نانا
قال مبتسماً
: ما اقدر أغير ! من ولادتي وانا ما اناديها الا نانا
صدّت عنه جدتي وهي تلوي فمها
: عشتو
ضحك مجدداً وقال
: ها وش قلتي وش أودي للحرمة
: خذ لها قطعة ذهب
قال بعدم رضى
: وش ذهب !
نظرت اليه بهجوم ليضحك ويبرر
: يعني أقصد ابي شي رومانسي مو ذهب
: الله يا الزمن , الحين الذهب ما عاد يعجبكم ! براحتك روح للسوق وشوف وش تبي تشتريلها
التفتت الى سلطان وقالت بعطف
: قوم يمه جيب ابوك يجلس هنا على الهوا زين له
نهض بصمت وذهب لغرفة والده
كانت أروى هناك تعبث بهاتفها ووالدها جالسٌ على كرسيه بصمتٍ كالعادة
دخل الى الغرفة فوضعت هاتفها جانباً ونهضت بابتسامة
: هلا والله
اقترب وقال
: وش تسوين ؟
رفعت كتفيها
: ولا شي !
نظر الى هاتفها ثم اليها
زفرت , ثم ابتسمت ومدّت له بالهاتف
نظرَ اليه لثوانٍ ثم أخذه ليتفقد الاتصالات والرسائل وهي تنظر اليه بهدوء
أعاده اليها وتجنب النظر الى وجهها
: تعالي اجلسي معانا انا وجدتي
: وسعود ؟
دفع كرسيّ والده وهو يقول
: اصبري أشوفه بيقوم ولا لأ
خرج واقترب من جلستهم
قال لسعود
: بتقوم ولا جالس ؟
حمل هاتفه ونهض
: بنام شوي لين الظهر ثم أطلع للصلاة وبعدها بروح لعمتي عايدة
قبّل رأس جدته ودخل للمنزل
نادى سلطان أروى لتجلس معهم
كانت أروى تتحدث الى جدتها وهو صامت
وتحاول أروى اشراكه في احاديثهما فيقولَ كلمةً ويعود للصمت !
,
,
المملكة العربية السعودية – الرياض
الواحدة والنصف مساءً
دخلَ الى المنزل مسرعاً والى غرفةِ شقيقه
: خالد ربع بندر حقين الجامعة دلوني على الشلة اللي كان يجلس معاهم قبل لا يسافر
فزّ خالد من سريره وهو يقول باضطراب
: وينهم فيه ؟
: واحد منهم اللي هو مع بندر في الجامعة ساكن في شمال الرياض
صفر خالد وهو يضع يده على رأسه
: الله اكبر عليه , ربي مسلطه من شمال الرياض على بندر !
: خالد لازم نروح له بأسرع وقت نفهم منّه سالفتهم !
دخلت ام خالد الغرفة وهي تقول بهذيان
: لقيتوا بندر ؟
التفتا اليها وقال خالد بحنان
: بنلقاه ان شالله , انتي بس هدّي بالك
جلست أرضاً وقالت بيأس
: ما بيرجع ولدي ! بيذبحوونه , آآه يممما بندددر , ولدددي , ياربييي ردّه لي , يارب متى يجيني فرجك يارب
جلس خالد أمامها وهو يتنفس بصعوبة
: سيجعل الله بعد عسرٌ يسراً , فديتك يا يمه هدّي , بيرجع ان شالله
هزّت رأسها بهستيريا
: ولديي ولدي بيذبحونه ! ياااربييي انا وشش سويييت في حياتي يصير فيني كذذاااا
جلس فيصل بجوارها
: يمه لا تعترضين , ارضي بقضاء الله وربي يفرج عليك
ساعدها خالد على النهوض وأخذها الى غرفتها وفوراً خرج مع شقيقه الى رفيق بندر
,
,
المملكة العربية السعودية – الشرقية
الرابعة عصراً
دخل وليد الى المنزل
وجهه قد شحُبَ كثيراً
والتعب يغزو ملامحه
انضم الى عائلته الذين كانوا يجلسون في غرفة الجلوس
قال والده لملاك
: قومي قهوي أخوك
نهضت ام فهد مبتسمة
: انا اقهويه
مدّت له بالفنجان لينظر اليه برهة , ثم رفع رأسه لينظر الى أخته التي ابتسمت ببساطة ورفعت فنجانها وشربت منه بهدوء
حمحم ولم يشرب
لا يستطيع !
ذلك أكبر من قدرته
لا يثق بهم
ولا ينسى أبداً عذاب والدته بسببهم , وان كانوا لم يخفوها , فقد آذوها سلفاً !
التفت لأخيه ليسأله بهدوء
: شلونك الحين ؟
نظرَ اليه فهد بعمق ثم قال
: طيّب الحمد لله , باقي لي جلستين ان شالله
هزّ رأسه بصمت
اقتربت ملاك وجلست بقربه
همست بحنان
: شفيك ؟ متغير !
هزّ رأسه نفياً
: ما في شي
مسحت على كتفه
: وليد شكلك تعبان ولك كم يوم مو جالس معاي ! يعني تسمح لي أخالطهم تقوم وتسحب علي ! لا بركة في مجالستهم دامها بتبعدك عني
ضحك بهدوء وهو يقول
: مشغول شوي , لا تشغلين بالك أيام وتعدي
ابتسمت له ثم قالت
: ليش ما تقهويت ؟
: آآ , مو مشتهي ! ما ابي قهوة
رفعت حاجبها الأيمن بغير تصديق فضحك
لن تفهمي يا صغيرتي ما أشعر به
انا قُتلت مرةً قبلَ أعوامٍ بعيدة
وقتلني أبي مجدداً حينَ زفّ اليّ خبر وفاة أمي
انا ابغضهم يا ملاك !
أبغض ابي وزوجته وابنيه !
انا لا عائلةَ لي سواكِ وخالتي وابناءها
انا يتيمٌ مذ هجرتني امي
انا مكسُورُ خاطرٍ مُذ انتزِعت من حضن امي , يا ملاك !
شقيقكِ الذي تستندين اليه ما هو الّا بقايا تقاوم من أجلك !
تأوه ونهض ليسأله والده
: شفيك ؟
هزّ رأسه نفياً
: ما في شي بطلع أنام
نظرَ الى ملاك وهو يجاهد نفسه ألّا يأمرها بالنهوض معه
فتح فمه ليتكلم ثم تراجع
فهمت ملاك نظراته
وكيف لا تفهمها وقد عاشت على أوامرها عمرها كلّه !
نهضت معه فسألها
: وين رايحة !
ابتسمت
: بروح انام انا بعد مصدعة
تنهد بامتنان وصعدا الى غرفتيهما
ليستلقي هو على سريره وينظر الى صورةِ أمه
وتجلس ملاك تكتب مقالاتٍ وتقرأ كتباً !
,
,
استراليا – كانبرا
التاسعة صباحاً
دخل الى المبني يسيرُ بهدوء
حتى دخل الى قسمِ المالية الذي يضج بالموظفين والعملاء
سأل أحدَ الموظفين
: عامر جا ؟
: لا طال عمرك للحين
: طيب ان جا خليه يمرني ضروري
: ابشر
همّ بالخروج من القسم لكنّ أحدهم كانَ مستعجلاً واصطدم به ليتراجع من قوة الصدمة
رفع رأسه بغضب
: ما تشوف انت ؟
ردّ الآخر ببرود
: انت اللي منزل راسك ! مو مشكلتي انك مفهي
حملق فيه لثوانٍ وهو يسمع شهقات الموظفات
اقترب أحد الموظفين وقال بهدوء
: طال عمرك اعذره !
التفت اليه ببرود
: على أي اساس تعتذر عني !
قال ابو راجح بهدوء
: خلّه يا ياسر
همسَ أحدهم
: ذياب اعتذر , والله بتوقيع منّه يطيرك من وظيفتك
تجاهل الجميع ودخل مكتبه ببرودٍ تام
وخرج ابو راجح من القسم وهو يشعر بالغضب من هذا المستهتر !
,
,
المملكة العربية السعودية – الرياض
الثانية والنصف مساءً
طرق خالد الباب ولم يفتح أحد
ليتقدم فيصل ويضربه بشدة
حتى فتح شابٌ في اواسط العشرين
قال باستغراب
: نعم !
سحبه فيصل بقسوة وضرب جسده بالجدار واقترب منه وهو يقول بحدة
: شلون وديت اخوي ؟
قال الشاب بصدمة
: من اخوك ؟!
صرخ به فيصل
: وين وديت بندر الله ياخذك
ابعده خالد وهو يقول
: فيصل اتركه لا يصير له شي ونبتلش فيه – نظر الى الشاب وهو يقول بحدة – بندر ولد محمد اللي كان يجلس معك الفترة الأخيرة
صمت لثوانٍ وهو يتذكر ثم قال باستدراك
: اييه , وش فيه ؟!
انفلت فيصل ليلكمه وامسك به شقيقه
: بس يا فييصل
قال الشاب
: والله ماني فاهم وش تبون
قال خالد
: الولد جلس معاك الفترة الأخيرة والحين راح لسوريا ! وش سالفتك وش انت قايل له
قال بصدمة
: بندر بسوريا !!
قال فيصل بغضب
: أي خل نفسك غبي ومو داري عن شي , الله ياخذك انت واشكالك
نظر اليه ثم الى خالد ثم قال
: والله اني ما ادري عن شي ! كان عندنا مشروع نشتغل عليه حنّا الاثنين , وصرنا نلتقي باستمرار , بس ما اعرف شي عن سوريا وغيره
قال فيصل
: اجل من يدري ؟ انت معرفه على احد موديه عند احد ؟؟
صمتَ ليتذكر ثم قال بلا تصديق
: رحت معاه مرتين او ثلاث لاستراحة ولد عمي وربعه !
زفر فيصل بغضب وتنهد خالد بصبر
: اسمع يا... وش اسمك ؟
: رائد
: اسمع يا رائد , الليلة بتروح معانا لاستراحة ولد عمك ذا سمعت
هزّ رأسه ايجاباً
: ابشر
تركاه عائدان الى المنزل
وصلا ونزلا ليفتح فيصل الباب ويجيب خالد على هاتفه
: هلا
: هلا خالد
شهق وهو يقول
: بنددر
: شلونك ! شلون امي وفيصل
قال خالد بغضب
: وينك حسبيّ الله عليك من كلمتنا من الرقم الأول تقفل ولا قدرنا نكلمك بعدها
سعل ثم حمحم ليصفي حنجرته وقال
: مو رقمي ذاك , رقم واحد هنا
دخلا للمنزل
قال خالد
: طيب قول لي شلونك شخبارك , عساك طيّب ؟
انشدت ام خالد لحديث خالد , نهضت وأسرعت اليه بلهفة
: تكلم بندر ؟
ابتسم ومدّ لها بالهاتف
: كلميه
أخذت الهاتف وهي تهتف
: بندر
قال بشوق
: يا روح بندر
تهدج صوتها لتبكي
: وينك يمه , اشتقت لك
: وانا اشتقت لك يا بعدي , شلونك يمه شخبارك
: متى ترجع ؟
ازدرد ريقه وقال
: ماني راجع يمه ! ادعيلي بأحد الحسنيين اما النصر واما الشهادة وارضي عني تكفين
صرخت به بغضب
: والله مو راضية عنك , ارجع يا بندر والله ماني راضية , والله بدعي عليك ان ما رجعت
رمت بالهاتف وهي تصرخ بغضب
قال خالد لبندر بقهر
: الله يسامحك ويغفر لك على اللي سويته فيها امي حالها انقلب فوق تحت , انت اخوي الصغير ووصية ابوي ما اقدر ادعي عليك , لكن لو صار لأمي شي بسببك ماني مسامحك واقاضيك قدام رب العالمين
قال برجاء
: اقنعها ورضيها خالد , تكفى يا اخوي اقنعها , خلّها ترضى عني
: اتقِ الله وارجع لها , ما يجوز تجاهد بغير رضاها
قال كلماته وأغلق الهاتف غاضباً منه
,
,
المملكة العربية السعودية – الرياض
العاشرة مساءً
أوقفَ علي سيارته أمام منزل عمه لتنزلا داليا ورتيل
التفتت ام علي الى رتيل
: تعالي معانا خليك يومين !
هزّت رأسها نفياً
: لا خالتي ما ابي ابات برى البيت
قالت ام علي
: نعم ؟!!
قالت باستدراك
: يمه يمه
نزلتا لتقول ام علي بحنان
: استودعك الله , لا تقطعيني رتيل
قال علي ضاحكاً
: لا تقطعيني داليا
اسرعت داليا بالدخول للمنزل دونَ ان ترد
قبّلت رتيل رأس ام علي ولوحت لأخويها واختها مودعة ودخلت للمنزل
مرّت بغرفة الجلوس واسترقت النظر الى صورته
ابتسمت وحركت شفتيها دون صوت
: رجعنا ! اشتقت لصورتك واشتقت لزوايا البيت اللي اشوفك فيها
صعدت الى غرفتها مهرولة لتختلي بنفسها
استلقت على سريرها بعباءتها وسحبت صورته من تحت وسادتها لتنظر اليها ملياً
همست
: وينك يا صقر ! اشتقت لك , ليت ربي يرزقني شوفتك قبّل لا يجيني الموت من حاجتي لك !
,
في غرفة داليا
صعدت فور دخولها للمنزل وأسرعت الى نافذة غرفتها التي تطلُ على الشارع
كانت تسترق النظر الى علي مبتسمةً بخجل
" داليا لا تقطعيني "
ضحكت وهي تتذكر نبرته وضحكته
رفع رأسه الى الأعلى مباغتاً اياها قبل أن يُحرك سيارته وابتسم ابتسامةً واسعة
شهقت وتراجعت وانفجر هو ضاحكاً وحرك سيارته
,
,
الى الملتقى :)