لمشاكل التسجيل ودخول المنتدى يرجى مراسلتنا على الايميل liilasvb3@gmail.com






العودة   منتديات ليلاس > القصص والروايات > قصص من وحي قلم الاعضاء > القصص المكتمله من وحي قلم الاعضاء
التسجيل

بحث بشبكة ليلاس الثقافية

القصص المكتمله من وحي قلم الاعضاء القصص المكتمله من وحي قلم الاعضاء


إضافة رد
نسخ الرابط
نسخ للمنتديات
 
LinkBack أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
قديم 03-12-13, 04:25 PM   المشاركة رقم: 41
المعلومات
الكاتب:
اللقب:
ليلاس متالق


البيانات
التسجيل: Oct 2013
العضوية: 259832
المشاركات: 746
الجنس أنثى
معدل التقييم: عشـق القــمر عضو جوهرة التقييمعشـق القــمر عضو جوهرة التقييمعشـق القــمر عضو جوهرة التقييمعشـق القــمر عضو جوهرة التقييمعشـق القــمر عضو جوهرة التقييمعشـق القــمر عضو جوهرة التقييمعشـق القــمر عضو جوهرة التقييمعشـق القــمر عضو جوهرة التقييمعشـق القــمر عضو جوهرة التقييمعشـق القــمر عضو جوهرة التقييمعشـق القــمر عضو جوهرة التقييم
نقاط التقييم: 1785

االدولة
البلدSaudiArabia
 
مدونتي

 

الإتصالات
الحالة:
عشـق القــمر غير متواجد حالياً
وسائل الإتصال:

كاتب الموضوع : Ahmad Rufai المنتدى : القصص المكتمله من وحي قلم الاعضاء
افتراضي رد: رواية 13

 

فصل جميل ..أستمر اخي بارك الله فيك..منتظره الفصل القادم والى ماسيصل اليه قصي!!!

 
 

 

عرض البوم صور عشـق القــمر   رد مع اقتباس
قديم 06-12-13, 08:01 PM   المشاركة رقم: 42
المعلومات
الكاتب:
اللقب:

البيانات
التسجيل: Sep 2013
العضوية: 258684
المشاركات: 28
الجنس ذكر
معدل التقييم: Ahmad Rufai عضو له عدد لاباس به من النقاطAhmad Rufai عضو له عدد لاباس به من النقاط
نقاط التقييم: 121

االدولة
البلدKenya
 
مدونتي

 

الإتصالات
الحالة:
Ahmad Rufai غير متواجد حالياً
وسائل الإتصال:

كاتب الموضوع : Ahmad Rufai المنتدى : القصص المكتمله من وحي قلم الاعضاء
افتراضي رد: رواية 13

 

-13-


خرجت خلفه وأنا أخرج علبة السجائر من جيبي وأشعل واحدة، قالت الأستاذة (معالي):
- أطفئها أن كنت رجلاً..
كنت قد تقدمتها فأجبتها بصوت بارد:
- ومن قال لك أنني بحاجتها لأثبت أنني رجل..!!
لم أستطع معرفة التعبير الذي رسم على وجهها حينها لأنني كنت قد منحتها ظهري قبل أن أتحدث، عبر بنا الأستاذ حامد عدة أقسام قبل أن نصل إلى مكتبه ثم جلس وأشعل سيجارة هو الآخر، وبينما اتخذ داني مقعده أمام مكتب الأستاذ (حامد) وراحا يكتبان صيغ العقد وبنوده بينما اتخذت مقعدي في ركن قصي من الغرفة أفكر في ردة فعلي من تصرفها.
إن أكبر خطأ قد ترتكبه المرأة هو محاولة الانتقاص من رجولة أحدهم، لأن ردة فعله حينها تكون محاولة منه لإثبات رجولته وخشونته التي لن تأتي مناسبة لما تريده هي أبداً..
نكزني داني ثم همس لي:
- قصي.. هيا، لقد تم عمل كل شيء.. بقي تعميد الأستاذة معالي.
أشرت بيدي:
- اذهب وحدك.. لا أريد أن أراها.. سأنتظرك هنا..
اقترب مني وهمس لي في أذني بخجل:
- قصي.. رجاءاً لا تحرجني.. أنني أتلعثم أمام النساء سريعاً.
لم أتحدث بكلمة واحدة طوال بقائنا في مكتبها، وضعت الورق على الطاولة فقامت بتوقيعه دون أن تنظر إليّ ثم قالت:
- يعتبر هذا العقد نافذاً من صباح الغد.. مبارك لكما..
توجه داني إلى الباب فتبعته لكنها نادتني، قالت:
- أستاذ قصي.. هل تعلم لماذا طلبت منك أن تطفئ سيجارتك؟؟
لم أجبها.. اكتفيت فقط بالنظر في عينيها، فقالت بلهجة عراقية خالصة مليئة بالشوق في ثناياها:
- آني أحب ريحة السجاير.. لو ضليتك مولعها بضل أمشي وراك..
للحظة شعرت أنني أهوي في عالم ابتسامتها وحمرة خدها.. بدت امرأة أخرى غير تلك التي استقبلتنا هذا الصباح، شعرت أن تنهيدتها التي تبعت حديثها سحبت كل الأوكسجين من الغرفة، فنظرت لها بتوتر ولم أعرف ماذا يجب أن أقول أمام كل هذا الجنون..
وكما استطاعت أن تشعلني بكلمة، فقد أطفئتني بكلمة أيضاً ثم وجدتني وأنا أضغط على أصبعي بقوة خارج مكتبها أحاول أن أعود إلى وضعي الطبيعي دون فائدة.
وما أن دلفنا إلى السيارة حتى بدأ داني في الضحك بطريقة هستيريه.. لا بد أنه سمع ما قالته تلك المجنونة لكنني تظاهرت بعدم الاهتمام وأشعلت سيجارة أخرى فقال محاولاً تقليدها:
- لو ظليتك مولعها يا قصي .. آني..
لم يستطع إكمال جملته من الضحك فرميت سيجارتي من النافذة وأمسكت برقبته وصرخت في وجهه بتوتر:
- أسكت..
غطى وجهه بكلتا يديه ليمنع نفسه من الضحك، ثم عاود القيادة وهو يحاول السيطرة على نفسه.
أشعلت سيجارة أخرى ونظرت من النافذة أحاول أن أمنع نفسي من التفكير، قلت:
- مجنونة.. لا أعلم كيف تجرؤ على ذلك.. لوهلة شعرت أنني كنت أحلم.. تخيل أنني لم أستطع حتى أن أجيبها.. مجنونة..
- لكنها جميلة.. أعتقد أنها لم تتجاوز الثلاثين..
- لا.. لا.. أعتقد أنها.. في الرابعة والثلاثين.. الخامسة ربما.. لا أعلم.. لكنها تجاوزت الثلاثين دون أدنى شك.. عينيها صغيرة بعض الشيء.. لكنها تتناسب مع أنفها المنساب.. أعتقد أنها..
أدركت أنني أتحدث بصوت عالٍ بعض الشيء وداني ينظر إلي، قال:
- تعتقد أنها ماذا؟
- لاشيء.. داني انعطف إلى اليمين وتوقف أمام الصيدلية، لقد تذكرت شيئاً.
انعطف إلى اليمين ثم توقف، فخرجت من السيارة وأنا أقول له:
- سأتأخر كثيراً.. لا تنتظرني.. أخبر (حسن) أنني قد لا أعود اليوم.. وداعاً.
لم أنتظر لأسمع ما يقوله بل قطعت الشارع مسرعاً باتجاه الشارع المقابل وبعد ثلاثمائة متر توقفت لابتاع علبة شوكولاته صغيرة ثم توجهت إلى المشفى حيث ود..
دخلت إلى غرفتها بهدوء، بدا على وجهها أنها تحسنت كثيراً فجلست بقربها أتأمل وجهها وأسأل نفسي، أليس لها أهل أو أصدقاء يأتون للسؤال عنها؟؟ تخيلت نفسي في ذات الموقف ورأيتني وأنا ممتد على سرير في مشفى بوسط المدينة ولا أحد حولي فظهرت لي بعد قليل صورة أبي يدخل حاملاً في يده مجلة أطفال ومجموعة أوراق اللعب التي كنت أحبها كثيراً، ثم يقترب مني ويمسح على رأسي لينزع كل الآلام بيد واحدة بينما تحمل يده الأخرى كل سعادة الدنيا ليغمرني بها.
لطالما كنت الأثير عند أبي وإخوتي ولا زلت.. أذكر أنني أصبت يوماً بالحمى عندما كنت صغيراً ولازمت الفراش لأسبوع، كنت أشعر بأنني محور اهتمام كل عائلتي، فلا يكاد ينقضي وقت قصير جداً حتى أرى من يقف أمام سريري ويغمرني بابتسامة أو قبلة أو هدية ترسم الابتسامة على وجهي وتجعلني أتجاوز تعبي بسهولة.
مدّت (ود) يدها ولامست يدي، قالت:
- منذ متى وأنت هنا؟
وقفت مباشرة، قلت وأنا أنظر إلى عينيها:
- قبل لحظات..
صمتت قليلاً ونظرت إلى السقف كأنها تحاول أن تبحث عن كلمة تعبر عما بداخلها، قالت:
- تدخل وتخرج هكذا دون أن تحضر معك شيئاً.. يا لك من بخيل.
ضحكت وقمت لأحضر علبة الشوكولاته من على الطاولة وجلست على طرف سريرها، وشرعت أزيل عنها الغلاف ثم أمسكت بواحدة وقلت لها ضاحكاً:
- افتحي فمك..
فتحت فمها فوضعت قطعة الشوكولاته لكنها اكتفت بقضم نصفها ثم أغلقت فمها، فأعدت القطعة إلى الطاولة، قالت بخجل:
- قصي هل كنت أتحدث وأنا نائمة؟؟
ضحكت دون أن أجيبها ثم مسحت على وجهها، قالت:
- هل تعلم أنني أكرهك؟؟ من سمح لك بالدخول وأنا نائمة؟!
حاولت أن أزيل توترها فقلت لها ضاحكاً:
- لا تخافي.. لا أعرف أحداً من أهلك أو أصدقائك لأخبره بما تحدثتِ به أثناء نومك..
تغير وجهها تماماً، وقالت لي بحدة:
- ولا أعتقد أنك بحاجة لأن تعرف..
قمت من مكاني وتوجهت نحو النافذة ورحت أنظر من خلالها وأنا أعرف أن هناك أمراً تخبئه خلف هذه الجملة، وأن هناك احتمالات كثيرة خلف عدم سؤال أحد عنها منذ أن دخلت المشفى، لكن وجه الشبه بين كل هذه الاحتمالات هي أنها قاسية بكل تأكيد، قلت بابتسامة:
- ومن أخبرك أنني بحاجة إلى معرفة أحد منهم.. يكفي أن أعرف (ود) فقط.. النساء اللاتي يشبهنك لسن بحاجة إلى أحد يعرفن من خلاله.. أنت قبيلة كاملة بمفردك يا جميلة.
نظرت إليها لأرى تأثير ما قلته على وجهها لكنها بدت شاردة، صمتت قليلاً ثم قالت:
- عندما تكذب يا قصي فأنت لا تستطيع النظر إلى وجه محدثك، فتصطنع النظر من النافذة مثلاً كما تفعل الآن.. وكما فعلت في الحفلة سابقاً.. لكن لا بأس.. أنا أحب كذبك..
اقتربت منها، قلت:
- يبدو أنك معجبة بي لدرجة أنك تحاولين قراءة كل تصرفاتي في محاولة فاشلة منك لفهمها..
- لا يأخذك العجب بنفسك كثيراً يا قصي.. كل مافي الأمر أنني أفعل ذلك لأتجنب خوض تجربة أخرى مع رجل يشبهك في المرة المقبلة.. لا وقت لدي لأخسره كما ترى..
رحت أضحك بشدة إلى أن دمعت عيني من كثرة الضحك فجلست على طرف السرير ووضعت يدي على فمي في محاولة فاشلة للسيطرة على نفسي، ابتسمت (ود) بسعادة عندما رأتني أضحك بهذه الطريقة، ثم شدت على فخذي وقالت:
- أنا على ثقة من أنك تفعل الشيء ذاته معي.. لكنني أحبك هكذا.. كاذباً حنوناً خائناً مجنوناً ورائعاً.. كما أنت..
ابتسمت لها ثم حملتها دون أن تطلب مني ذلك ووقفت بها أمام النافذة لدقائق تدثرتُ فيها بالصمت بينما اكتفت هي بإغراق يدها في شعري واللعب به ومشاركتي النظر من خلال النافذة، كان المنظر يبدو متأثراً لدرجة أنني شعرت أنه يشاهدنا متعجباً وسعيداً كما نشاهده فيتأمل أصابعها النحيلة وقامتي المرهقة.. وتشابهنا القديم!!
عندما هممت بالخروج تلك الليلة قالت لي:
- قصي..
التفت نحوها بابتسامة لأحثها على الكلام، قالت:
- لقد تعلمت منك اليوم أمراً يا قصي..
تعلمت أن لا أكون آسفة على موتي.. وبالرغم من أنني عرفت الكثير من الرجال إلا أنني أعتقد أن الحياة كانت كريمة جداً معي في النهاية حين أرسلت إليّ هدية على شكل رجل اسمه قصي.
ابتسمت لها فتابعت:
- لا يعني ذلك أنك أفضل رجل التقيته في حياتي، لكنك رجل جيد..
أعلم في قرارة نفسي أنك مغرور جداً، وأنك قد تقف بجانبي الآن فقط لتقوم بالتكفير عن أخطاء سابقة ارتكبتها مع أخريات.. لكنني لست غاضبة من ذلك لأن هذا يعني أنك تتمتع بنصف ضمير ولأن ذلك أيضاً لا يعنيني طالما لم أكن الفتاة التي أخطأت في حقها!!
ولكن.. لمَ تخطئ في حق الفتيات إن لم تكن تستطيع أن تعالج جراحهن؟؟ أعتقد أنك تفقد القدرة على الحب.. هل تعلم لماذا؟
لم أجبها.. استمريت بالابتسام وأنا أحاول النظر إلى عينيها فقط، فتابعت:
- يقولون أن فاقد الشيء لا يعطيه، وأنا أقول أن مالك الشيء هو من لا يعطيه.. لأنه يرى أن الوصول إليه طبيعة لا عطاءاً وأن امتلاكه له يأتي من منطلق استحقاقه له، متناسياً أنه قد ينزع عنه في أي لحظة ليمنح لغيره..
جلست تلك الليلة في غرفتي أنظر إلى المرآة وأفكر في حديثها، كنت أنتظر أن يخرج صوت ضميري من المرآة كما يفعل دائماً ليجادلني فأبرر له أسبابي وأقنعه بأنني على صواب، ولكنه آثر عدم الظهور ربما لأنه لا يريد تضييع وقته في نقاش يعلم تماماً أنني لن أقتنع به فأغمضت عيني وألقيت رأسي على السرير فسمعت صوت هاتفي وقمت لأجيب، قلت:
- أهلاً..
جاءني صوت أذكر أنني سمعته مسبقاً، قالت صاحبته:
- هل أنت قصي؟؟
- نعم..
بدأت تكيل الشتائم وتصرخ بكل قوتها ولم تترك نعتاً سيئاً أعرفه ولا أعرفه إلا وقذفتني به ثم بصقت في وجهي وأغلقت الخط دون أن تترك لي فرصة للرد أو الحديث.. أغمضت عيني وحاولت أن أشتت تفكيري كما أفعل كل مرة أحاول الهروب فيها من الواقع لكن ذلك لم يزدني سوى محاولة لمعرفة صاحبة الصوت.. ثم اكتشفت بعد أن قمت بعصر كل ذرة في دماغي أنها (هند)!!
في صباح اليوم التالي وبينما كان داني يشرف على تركيب الأجهزة بالأعلى، كنت أشرف على العمال الذين يقومون بإدخالها إلى الشركة ولمحت الأستاذة (معالي) وهي تقترب فابتعدت عن مدخل الباب قليلاً لكنها اقتربت مني، قالت:
- صباح الخير..
حاولت أن أكون طبيعياً جداً، فآخر ما ينقصني الآن هي وجنونها، قلت:
- صباح النور..
- أبو صدام.. هل لي أن أدعوك إلى فنجان قهوة في مكتبي؟
- لكنني.. أ..
قاطعتني:
- سأنتظرك حتى تكمل عملك..
حاولت الرفض مرة أخرى لكنها قاطعتني:
- سأسحب دعوتي وأطلب منك دعوة مماثلة إلى فنجان قهوة.. كما سأطلب من داني أن تقوم أنت بتركيب الجهاز في مكتبي لأنني سمعت أنك خبير في ذلك..
شعرت أنني لا زلت رافضاً هذا اللقاء فتابعت لتمنحه شيئاً من الرسمية والأهمية:
- ولدي بعض الأسئلة.. بخصوص العمل..
دلفت إلى مكتبها قبيل الظهر لأجد كل شيء بانتظاري.. قمت بتركيب الجهاز على عجل وهي تسألني عن بعض أمور العمل، قالت:
- الآن أريدك أن تنقل لي بعض البيانات من جهازي السابق إلى هذا الجهاز.. اعتبرها خدمة شخصية.
قمت بجميع ما طلبته مني دون أن أتحدث، كنت أجيب على أسئلتها فقط وحالما أنهيت عملي قمت لأخرج، قالت:
- عجباً.. أذكر أن شهماً بدوياً دعاني إلى فنجان قهوة.. وها أنا الآن أراه يتنصل من وعده.
للحظة أردت أن أسألها ماذا تريد، لكنني فضلت أن أعرف ماذا تخبئ لي هذه الجريئة، قلت بابتسامة باردة:
- لا زالت الدعوة قائمة..
كان لابد من قتل الخوف بداخلي أعلم إنني لو لم أفعل ذلك لبقيت ألوم نفسي طوال الليل منشغلاً بالتفكير في حديثها وتصرفاتها، وأنا لا أريد التفكير بأحد..
قامت باختيار المقهى الذي تفضله هي وما أن أخذنا أماكننا متقابلين حتى جاء النادل ليقف على رؤوسنا، قالت:
- فنجاني قهوة من فضلك..
وحلما جاءت القهوة سألتها:
- ثم ماذا؟؟
قالت ببراءة مصطنعة:
- ماذا عن ماذا؟؟
حركت أصبعي مشيراً إلى القهوة وأنا أنظر إلى عينيها، قلت:
- وماذا بعد القهوة؟؟
التقطت علبة سجائري بخفة وأشعلت واحدة ثم قدمتها لي، قالت:
- قصي.. أريد أن أنظر إليك وأنت تدخن سيجارة.
- فقط؟؟!!
- حتى الآن.. يكفيني ذلك.. أو لنقل أن هذا ما أريده حتى الآن..
لم أجبها ورحت أدخن سيجارتي، ولأول مرة في حياتي أتمنى أن تنتهي هذه السيجارة بسرعة، لكنها وضعت كفيها تحت ذقنها وراحت تنظر إليّ باستمتاع، قالت:
- لم قمت بدعوتي إلى فنجان القهوة هذا؟؟
- لأستطيع النوم ليلاً..
- وما الذي قد يمنعك من النوم إن لم تقم بدعوتي؟
نظرت إليها قليلاً وأنا أفكر، قلت:
- لا أعلم.. لكن على فرض أنني من قمت بدعوتك لفنجان القهوة هذا.. فما السبب الذي دعاك لاستجابة طلبي؟
شبكت أصابعها وبدت أكثر جديّة من ذي قبل ثم قالت بصوت رزين:
- أنا لا أؤمن بالصدف ولا أعترف بالحظ، لذلك أقوم بصناعة الفرص في حياتي بنفسي.. أو لأكون أكثر واقعية لنقل أنني لا أحب أن أترك فرصة في حياتي تمر دون أن أستغلها.. حتى لا أندم على ذلك لاحقاً..
هل فهمت ما أقصده؟؟
اكتفيت بالابتسام ونفثت دخان سيجارتي إلى الأعلى، فكأنها فهمت أن سبب صمتي هو عدم استيعابي لما قالته، فرحت تحاول أن تشرح الأمر بطريقتي، قالت:
- لقد استجبت دعوتك لأستطيع النوم ليلاً.. هل فهمت الآن؟؟
- نعم.. لكن أليس السعي وراء كل الفرص يحرمنا متعة الشعور بالحياة ويجعل صدمتنا أكبر حين نكتشف أن ليس كل ما نسعى وراءه يستحق كل هذه التضحية؟؟
أعادت جسمها إلى الوراء ونظرت إلى كوب القهوة شبه الفارغ كأنه يعلن عن نهاية اللقاء ثم قالت بصوت حائر:
- لا أعلم.. لكنك رجل غريب تجبر محدثك على الاعتراف بما تريده أنت دون أن تبذل جهداً يذكر..
- أرى أنك تنظرين إلى كوب القهوة.. هل تريدين كوباً آخر؟؟
نظرت إلى ساعتها ثم قالت:
- لا.. لقد تأخرت على ابنتي.. لابد أنها خائفة الآن.
قمت من مكاني وأنا أشير إلى النادل ليأخذ الحساب، قلت:
- لا بأس.. سأعيدك إلى مقر عملك بسرعة..
قالت بتردد:
- لا.. لا.. سأوقف سيارة أجرة من أمام المـ..
قاطعتها بسرعة:
- لا بأس.. سأوصلك بنفسي.. ليس لدي عمل.
عادت لتجلس بجانبي في السيارة تدلني على طريق مدرسة ابنتها، واتصلت بالسائق لتطلب منه عدم الحضور. وصلنا إلى المدرسة فاختفت وسط المبنى لدقائق ثم عادت وهي تمسك بيد طفلة صغيرة أجلستها في المقعد الخلفي ثم عادت لتجلس بجانبي وتوجهنا إلى منزلها.
قالت وهي تفتح باب السيارة:
- لقد أجبت دعوتك صباح اليوم وأريد منك أن تجيب دعوتي.
حاولت أن أتحدث لكنها قاطعتني:
- لا تتعذر بانشغالك.. أنت مدعو على الغداء معنا ولكن ليس الآن، حدد اليوم الذي يناسبك وأخبرني..
- لا يـ..
قاطعتني مرة أخرى:
- أنا لا أجبرك على النزول الآن.. طلبت منك أن تختار الذي يناسبك.. لا عذر لديك.. هل يناسبك نهاية الأسبوع؟
كان من الواضح أنها لن تغيير رأيها، قلت:
- حسناً..
أغلقت باب السيارة وهي تقول بلهجة جادة:
- عدني أنك ستحضر؟؟
- أعدك..
رفعت رأسها وأمسكت بيد ابنتها، ثم منحتني ظهرها وهي تقول:
- سنكون بانتظارك.. شكراً لوقتك قصي.
وسألت نفسي السؤال نفسه وأنا على فراشي تلك الليلة، وما الذي قد يمنعني من النوم إن لم أقم بدعوتها إلى فنجان قهوة!!؟؟
ثم رحت أسأل السؤال ذاته ولكن بطريقة مختلفة.. هل يمكن أن تكون (ود) على حق حين قالت أنني لا أستطيع أن أحب؟!
لقد كان بإمكاني أن أحب ربى لو كانت أجمل، وكنت سأهيم بخصال جداً لو كانت أقل جرأة مما كانت عليه، كما أنني كنت سأذوب عشقاً بـ (سمر) إن كانت أقل علماً مما هي عليه الآن.
هل هذه هي الحقيقة أم أنني أحاول أن أجد لنفسي عذراً عن كل علاقة فاشلة مررت بها حتى الآن؟ وهل يعتبر ما مررت به معهن تجربة حقاً إذا افترضت أنني لم أختر أن أحبهن؟؟!
لقد كانت (سمر) صادقة حين قالت أن أجمل الأشياء هو ما يحدث لنا مصادفة، فأنا لم أختر أن ألتقي بسمر كما لم أكن يوماً أملك خياراً معها..
بات يومي فارغاً جداً بدونها وباتت ترهقني الأفكار كثيراً، كانت (سمر) جرعتي المهدئة التي أتناولها يومياً للوصول إلى قمة النشوة في عالم جميل لا يشاركني فيه أحد، ومنذ أن رحلت قررت أن لا أمنح هذا الامتياز لأي أحد كان حتى لا يستطيع أن يسلبه مني لاحقاً..
وبعيداً عن كل هذا يبقى لسمر امتيازها الخاص في قلبي لشيء لا أعرف سببه أبداً.. ربما لأنني كنت أرى فيها أحد عناصر الحياة الأساسية..



يتبع..

 
 

 

عرض البوم صور Ahmad Rufai   رد مع اقتباس
قديم 07-12-13, 03:38 PM   المشاركة رقم: 43
المعلومات
الكاتب:
اللقب:
عضو راقي


البيانات
التسجيل: Sep 2011
العضوية: 229283
المشاركات: 7,565
الجنس أنثى
معدل التقييم: براعم عضو ماسيبراعم عضو ماسيبراعم عضو ماسيبراعم عضو ماسيبراعم عضو ماسيبراعم عضو ماسيبراعم عضو ماسيبراعم عضو ماسيبراعم عضو ماسيبراعم عضو ماسيبراعم عضو ماسي
نقاط التقييم: 6201

االدولة
البلدJordan
 
مدونتي

 

الإتصالات
الحالة:
براعم غير متواجد حالياً
وسائل الإتصال:

كاتب الموضوع : Ahmad Rufai المنتدى : القصص المكتمله من وحي قلم الاعضاء
افتراضي رد: رواية 13

 
دعوه لزيارة موضوعي

السلام عليكم

يعطيك العافيه اخوي

نساء من كل صوب تحيط بهالقصي >>>> يعني مافيه فرصه او نفس بين كل وحده >>> مابضيع وقت

بالبداية كانت ربى >>> طالبه مغتربه وبحاجه الى رفقه وعريس لقطه >>> ليس فيها ميزه

ومن ثم خصال >>>> امراة جريئه تعيش وسط عائله تظن نفسها منفتحه على العالم >>>> كل ماتريد يجاب

تالا >>>> جميلة ومغتره بذلك الجمال تريد ان تكون محط اهتمام جميع الرجال من حولها وكانه امر طبيعي مسلم به !!!

سمر >>> خجوله مثقفه وذكيه ومستمعه جيده وصريحه >>>>> نعم الصديقه

ود >>> ماهو مرضها ؟ ولما لا يزورها احد >>> هل هنالك مايجعلهم يتبرون منها ولايريدونها >>> هل هي عابثه ؟؟؟

معالي >>> ارمله او مطلقه او ربما امراة متزوجه

انواع وتجارب مختلفه من النساء في حياة قصي

الى الان لم يتعلق بواحده منهن وربما يكن مشاعر لسمر لانها مختلفه عن الاخريات تحترم ذاتها الا انه لايريد انسانه اذكى منه


في كل علاقاته السابقه كان العقل هو الحاكم >>>> رافضا التعلق بامراه لديها عيب ما يرفضه العقل


يعطيك الف عافيه من ابداع لاخر باذن الله

 
 

 

عرض البوم صور براعم   رد مع اقتباس
قديم 09-12-13, 10:05 AM   المشاركة رقم: 44
المعلومات
الكاتب:
اللقب:
ليلاس متالق


البيانات
التسجيل: Oct 2013
العضوية: 259832
المشاركات: 746
الجنس أنثى
معدل التقييم: عشـق القــمر عضو جوهرة التقييمعشـق القــمر عضو جوهرة التقييمعشـق القــمر عضو جوهرة التقييمعشـق القــمر عضو جوهرة التقييمعشـق القــمر عضو جوهرة التقييمعشـق القــمر عضو جوهرة التقييمعشـق القــمر عضو جوهرة التقييمعشـق القــمر عضو جوهرة التقييمعشـق القــمر عضو جوهرة التقييمعشـق القــمر عضو جوهرة التقييمعشـق القــمر عضو جوهرة التقييم
نقاط التقييم: 1785

االدولة
البلدSaudiArabia
 
مدونتي

 

الإتصالات
الحالة:
عشـق القــمر غير متواجد حالياً
وسائل الإتصال:

كاتب الموضوع : Ahmad Rufai المنتدى : القصص المكتمله من وحي قلم الاعضاء
افتراضي رد: رواية 13

 

جممميييل جداااا..!!

يبدو ان راااح نعيش مع قصي حياااه مختلفه !!
وعجيبه في نفس الوقت ان لم اجد اسم اسميه غير قصي المزاجي!!
يبدو ان حياته الماضيه اثرت فيه ربما ..متشوقه لمعرفة ماحصل معه في ماضيه والى اين سيصيل..وقلمك جميييل جداا!!
وكل شخصية من ربى الى خصال الى ود وسمر وتالا ومعالي تختلف عن الاخرى ولابد ان ارفع دستتة قبعات لقصي المزاجي بررااااففو قصي في روتينك اليومي خمس فتيات!!!!!!
رااائع رقم قياااسي!!هع هع!!
ابداااعك جميييل اخي ..اتمنى لك المززيد من الابدااااع..اتمنى تعلمنا بااسرع وقت حياة قصي الماضيه..وشكرااا..

 
 

 

عرض البوم صور عشـق القــمر   رد مع اقتباس
قديم 13-12-13, 08:06 PM   المشاركة رقم: 45
المعلومات
الكاتب:
اللقب:

البيانات
التسجيل: Sep 2013
العضوية: 258684
المشاركات: 28
الجنس ذكر
معدل التقييم: Ahmad Rufai عضو له عدد لاباس به من النقاطAhmad Rufai عضو له عدد لاباس به من النقاط
نقاط التقييم: 121

االدولة
البلدKenya
 
مدونتي

 

الإتصالات
الحالة:
Ahmad Rufai غير متواجد حالياً
وسائل الإتصال:

كاتب الموضوع : Ahmad Rufai المنتدى : القصص المكتمله من وحي قلم الاعضاء
افتراضي رد: رواية 13

 

-14-

هذه الحياة جميلة في مظهرها، متغيرة في طبعها، والأنثى كذلك.. جميلة في بهجتها وحضورها وضحكتها، لكنها متغيرة الطبع متقلبة الأفكار، تأخذ طابع الأشياء التي تتعامل معها بشكل أو بآخر، هذا ما يجعل التعامل معها ممتعاً ومخيفاً في الوقت ذاته، سيصيبك الغرور عندما تستطيع فك شفرتها، كما يصيبك الخوف دائماً من ردة فعلها، ربما كانت المرأة التي تعاملها هي عنصر الحظ في هذه الحياة بالنسبة لك.
لذلك عليك أن تتقبلها كما تتقبل حظك في هذه الحياة لتستطيع العيش برضا!!
تقترب الأنثى من طبيعة الحياة هذه كلما عادت أكثر إلى بدائيتها، إلى حواء، إلى الأصل القديم الذي لم تخالطه تكنولوجيا، ولم تأثر عليه عادات وتقاليد.
في ظهر اليوم التالي ذهبت لزيارة (ود).. كانت قد تحسنت كثيراً وبدا عليها أنها بدأت تستعيد عافيتها تدريجياً، لاحظت ذلك حين رأيتها تحاول فعل كل شيء بنفسها دون مساعدة من أحد. جلست أراقبها بصمت حتى استهلكت كامل طاقتها وخفضت رأسها لتستلقي مرة أخرى، صمتت قليلاً ثم قالت:
- قصي..
- أهلاً..
قالت بسخرية:
- أراك صامتاً على غير عادتك.. هل وقعت في غرام إحداهن؟!
- وكيف عرفتِ ذلك؟؟
- أنت رجل لا يصمت إلا عندما يصل إلى قمة اليأس أو قمة الفرح.. أعلم أن الرجال لا يحبون الحديث كثيراً.. لأنهم يفضلون التعبير عن مشاعرهم بشكل عملي، والتي تتخذ عادة شكل الأشياء التي يتعاملون معها، لكنهم يتحدثون بين الفينة والأخرى عن أنفسهم.. لكنك غريب جداً فلا أذكر أنني رأيتك تتحدث عن نفسك أبداً.. كما أنك تنعتها دائماً بالكذب لكنك مقتنع بها ولا تحاول تغيرها..
لم أجبها فصمتت قليلاً ثم تابعت بعد أن حاولت أن ترفع رأسها لتنظر إلى وجهي:
- أنت تفهمني، أليس كذلك؟
- بكل تأكيد..
اقتربت منها ورفعت رأسها قليلاً ثم وضعت بعض الوسادات تحت ظهرها وجلست على طرف السرير وأنا أبتسم، قالت:
- كيف تحب أن أكافئك على هذا؟؟
- الأمر لا يستحق..
- لنفترض أنه يستحق من وجهة نظري على الأقل.. كيف تحب أن أكافئك؟؟
صمتّ قليلاً لأفكر ثم وضعت نظارتي في يدها، قلت:
- هل بإمكانك أن تمسحي لي زجاج نظارتي.
التقطت نظارتي ومسحتها بطرف كمها بعد أن غطتها ببخار حار أخرجته من فمها ثم أعادتها لي.. لكنها سحبتها مرة أخرى، قالت:
- اقترب.. سأضعها على وجهك أيضاً..
اقتربت بوجهي حتى أصبحت أمامها مباشرة فألبستني إياها، قلت:
- شكراً..
- على الرحب والسعة.. هل وقعت في غرام إحداهن فعلاً قصي؟؟
اتجهت نحو النافذة عمداً ونظرت من خلالها، قلت:
- لا.. ألم تخبريني سابقاً بأنني أفقد القدرة على الحب.. كيف سأقع في غرام أنثى إذن؟
صمتت قليلاً ثم قالت:
- أنا آسفة..
نظرت إلى عينيها ثم عدت ببصري إلى النافذة، بقيت على حالتي تلك لدقائق فقالت:
- كنت أعتقد أنك تحب النظر من النافذة لترى شيئاً يلهمك فتخبر به محدثك، لكنني أشعر الآن أنك تتهرب مني.
كانت تلك الدقائق كفيلة بأن تنزعني من عالمي بالكلية وتسحقني في عالم اللا شيء بعد أن كنت قد نسيته لفترة ظننت فيها أنه اختفى من حياتي ولم يعد له مكان فيها، فلم أستطع الردّ عليها ولا استيعاب ما تقوله خاصة وأنها باتت تحمل بالنسبة لي جزءاً منه، اقتربت من الطاولة لآخذ مفاتيحي فحاولت أن تمسك بيدي لكنني سحبتها قبل أن تصل إليها ومنحتها ظهري بسرعة، قالت:
- قصي.. هل أنت غاضب؟؟
- لا..
- هل مللت مني؟؟ ستزورني غداً.. أليس كذلك؟
قلت بصوت بارد بعد أن التفت إليها:
- بالتأكيد.. إن لم يكن اليوم هو الأخير في حياة أحدنا..
تجمعت الدموع في عينيها وقالت بصوت مبحوح:
- أنت تخيفني.. أنا أكرهك..
مر الأسبوع رتيباً ومملاً بشدة، لم تخبرني ود بخروجها من المستشفى في اليوم التالي ولم أحاول الاتصال بها، قررت ألا أكون عبئاً ثقيلاً تحاول التخلص منه، كلانا لم يحاول أن يحافظ على هذه العلاقة كما لم يحاول أحدنا أن يمنحها بعض الخصوصية، جعلنا ذلك نبدو كغريبين التقيا في أحد محطات الزمن، ثم افترقا بعد أن أخذا موعداً بألا يلتقيا مرة أخرى.. الغريب أنها أخذت قداحته وأخذ كتابها، كي يكون عذراً للالتقاء في حال حاول أحدهما الاتصال بالآخر مرغماً بشوق، أو مرهقاً بحنين!!
كان أسبوعاً رتيباً زارني فيه أطياف كل من عرفتهم في حياتي، كنت قد حاولت التخلص من دعوة (معالي) ولكنني في آخر الأمر لم أجد بداً من الذهاب لأنني لم أستطع معرفة سبب دعوتها لي بعد أن فكرت كثيراً.. فقررت الذهاب فقط لأعرف ماذا تخبئ لي.
اتصلت بي بعد الواحدة ظهراً تخبرني أنها بانتظاري فأخبرتها أن لدي عملاً أنهيه وأحضر بعده حالاً.. في الواقع لم يكن لدي عمل.. كنت أنتظر اتصالها فقط..
استقبلتني ابنتها الصغيرة أمام الباب ودعتني إلى غرفة الجلوس، بعد دقائق دخلت الخادمة تحمل بيدها صينية عليها كوب بنفس لون الغرفة، يبدو أن (معالي) تهتم كثيراً بالتفاصيل المرهقة.. أعتقد أن ذلك يجعلها تعيش جحيماً لا يطاق.
لم يختلف ديكور منزلها عن ديكور مكتبها كثيراً إذ كان بنفس الأناقة والجمال، وضعت الكوب على الطاولة وأشعلت سيجارة وأنا أحاول ألا تعرف الطفلة التي وقفت بقرب الباب أنني أشاهدها، بدت مرتابة من مظهري ومتطلعة إلى معرفة سبب وجودي هنا، كانت تقترب كلما شعرت أنني لا ألاحظ ذلك، وعندما شعرت أنها اقتربت كثيراً أشرت لها بيدي فعادت مباشرة إلى الداخل ثم عادت بصحبة والدتها التي بالغت في الترحيب بي كثيراً ثم جلست أمامي على الكرسي المقابل تحمل طفلتها بين ذراعيها، قالت:
- سعيدة جداً بحضورك يا قصي..
- وأنا كذلك.. سعيد جداً بتواجدي هنا..
نظرت إلى منفضة السجائر ثم أعادت نظرها إليّ، قالت:
- أين عائلتك؟؟ لا أرى أحداً معك!!
اعتدلت في جلستي وقلت بابتسامة:
- في الواقع.. إنهم يسكنون مدينة أخرى..أعمل هنا بمفردي.
- وتعيش وحدك؟؟!!
- لا.. أسكن مع أحد أصدقائي..
كان من الواضح أنها تريد أن تخوض في تفاصيل التفاصيل، وكنت أعلم إنني إذا أردت أن أعرف سبب دعوتها لي عليّ أن أبقي فضولها لأطول وقت ممكن، وألا أدخلها في التفاصيل سريعاً حتى لا أفقد عنصر المفاجأة، وقبل أن تلقي سؤالاً أخر كان من الواضح أنه يحاول الخروج من شفتيها قلت:
- أرى أنك بمفردك.. أين والد.... بالمناسبة.. ما اسم ابنتك؟
قالت بابتسامة:
- ليان.
- وأين والد ليان؟
حاولت أن تخفي ارتباكها وأن تبدو طبيعية فقالت بابتسامة:
- إنه.. في عالم آخر..
ابتسمت لها دون أن أعلق على حديثها ففهمت بطريقة غير مباشرة أنني لا أحب الخوض في التفاصيل كما تفعل، كنا سنتحول إلى حالة الصمت لكن الخادمة أنقذت الموقف عندما أطلت من الباب وأشارت لسيدتها، فقامت (معالي) وهي تقول:
- سعيدة جداً بحضورك.. تفضّل.. الغداء جاهز..
كانت (معالي) تبدو مختلفة تماماً عن لقائنا في المقهى، بدت رزينة وحكيمة كما كانت في أول زيارة لي إلى المكتب، وهذا مالم أتوقعه أبداً.. تبعتها إلى طاولة الطعام فأزاحت الكرسي إلى الخلف ثم ابتعدت قليلاً لتسمح لي بالجلوس ثم قامت بالجلوس هي أيضاً على الكرسي قبالتي وابنتها بجانبها، كانت مهووسة جداً بترتيب الأطباق والصحون ووضعها بطريقة متناسقة على الطاولة، والغريب أنها كانت تفعل ذلك دون تكلف أو مبالغة.
قلت بابتسامة:
- أعجبتني طريقتك في ترتيب طاولة الطعام.
ضحكت بخجل ثم قالت:
- كل النساء يستطعن فعل ذلك بسهولة.. أنا على ثقة أن والدتك ترتبها بطريقة أجمل.
نظرت إلى عينيها لثوان دون أن أجيبها، لم أتخيل يوماً كيف كانت والدتي ترتب الصحون على الطاولة، ويبدو أنها لاحظت شرودي فقالت:
- أليس كذلك؟؟
اكتفيت بتحريك رأسي نحو الأسفل مع ابتسامة حاولت جاهداً أن أجعلها تبدو طبيعية.
بالرغم من أن والدي كان لا يكف عن الحديث عن والدتي واهتمامها بنا، لكنه لم يذكر يوماً شيئاً يتعلق بطريقتها النسائية في ترتيب الصحون، أو في أشياء سحرية تفعلها النساء ولا تلاحظه إلا النساء أمثالهن!!
أعتقد أنه مهما بلغ اهتمام الرجل بما تفعله الأنثى فلن يستطيع أن يصف ذلك لأن والدي وبقدر حبه واهتمامه بوالدتي وتذكره لها، إلا أنه لم يذكر يوماً شيئاً مشابهاً لهذا أبداً.
سمعت صوتها يخترقني، قالت:
- هل تحب أن تأكل بطريقتك يا قصي.. أم بطريقتنا؟
- وما الفرق؟
راحت تشير بيدها إلى الأطباق وهي تقول:
- نحن نحب نأكل من هذا الطبق أولاً ثم من هذا.. بعض الناس يفضلون أن يبدأوا بهذا الطبق أولاً..
راحت تشرح لي بحماس بعد ذلك مقادير كل طبق من أطباقها وتخبرني ماذا سيحصل إن أضفت كثيراً من هذه البهارات أو تلك، بعضها قد يصبني بعسر في الهضم أو قلق في النوم، كما أخبرتها أمها بذلك نقلاً عن جدتها التي أخذت هذه المعلومة عن أمها بالتواتر.
وخلال نصف ساعة أصبحت قادراً على أن أقول.. أن الطعام عبارة عن إرث ثقافي وتاريخ منقول، وأن امرأة لا تجيد الطهي هي امرأة جاهلة مهما امتلكت من مقاييس العلم في العصر الحديث..
للحظة شعرت أنني آكل تاريخ العراق، مبهراً بنخيله الشاهقة وترابه الناعم، ممزوجاً بكثير من حضارة بابل وآثار بغداد ولذعة حكّامه، ومطهياً بماء دجلة والفرات..
أعشق التنقل بين المدن، أعتبرها تجربة جديدة تسمح لي بتلمس معارج الحضارات ومخابئ الكنوز فيها، فإذا أردت أن تعرف تاريخ مدينة فاقرأ وجه امرأة من سكانها.. حتماً ستخبرك عيناها بالحقيقة.
بدت سعيدة جداً وهي ترى ملامح الرضا بادية على وجهي وأنا أمضغ طعامها بتلذذ عجيب، قالت:
- أنا سعيدة جداً لأن الطعام أعجبك..
رفعت الملعقة عن الصحن وأنا أقول ضاحكاً:
- إن طعاماً كهذا ليس بحاجة إلى ملعقة، أعتقد أنني بحاجة إلى رمح أحقق به مجداً أو قلماً أسجل به شعراً أعلقه على هذه الطاولة ليكون علامة أشكرك بها على روعة هذه الملحمة.
دخلت في نوبة من الضحك وارتسمت على وجهها أمارات الفرحة كأنها حققت ما كانت تصبو إليه، قلت:
- هل درستِ الطهي؟؟
وضعت يدها على فمها لتمنع ضحكة أخرى ثم قالت:
- لا.. لقد درست علم النفس.. ثم حولت مسار دراستي إلى العلوم السياسية..
- وما الذي دفعك لدراسة علم النفس في البداية..
أعتقد أن إعجابي بطعامها كان بادرة جيدة جعلتها تعود تدريجياً لطبيعتها المجنونة، قالت:
- لأقوم بتحليل شخصيتك.. علمت أنني سألتقي يوماً برجلٍ غريب الأطوار مثلك.. أردت أن أخبره بما في قلبه حينها.
ضحكت قليلاُ ثم قلت:
- وماذا تعتقدين في قلبي الآن..
حاولت أن ترسم على وجهها ملامح الجد وهي تقول:
- هل تصدق إن أخبرتك أنني لا أعلم.. أقصد أنني سأحاول أن أفعل ذلك الآن..
أستطيع أن أقول أن داخل قصي مدينة لا تهدأ.. كما أن في داخله قصص لا تنتهي لكنه لا يحب سردها.. يبتعد بمشاعره عن الجميع.. ولا يحب مشاركتهم بأغلب مافي نفسه.. لا أعتقد أن ذلك ناتج عن عقدة نفسية.. ربما يكون هذا الابتعاد ناتج عن جرح عميق سببه له أحدهم.. لا أعلم.. ربما كانت فتاةً لأنني لا أعتقد أن هناك رجلاً قادراً على النيل منك..
لكن صدقني لو كان الأمر كذلك فكل ما عليك فعله هو أن تدلني على عنوانها..
استغربت من قدرتها التحليلية السريعة، لكنني لم أحب أن أشعرها بأنها صادقة فضحكت:
- وماذا ستفعلين بها؟؟
بدت جادة جداً وهي تحكم قبضة يدها على الملعقة، قالت:
- سآتي بها وأجبرها على تقبيل باطن قدمك.. صدقني..
- وماذا سأكسب حينها؟؟ إن تقبيلها لقدمي لن يغير شيئاً من حقيقة ما حدث.
قالت بتأثر شديد:
- وهل أحببتها حقاً قصي؟
حاولت أن أبدو طبيعياً جداً وألا أظهر ذرة اهتمام لما قالته لتوها، قلت:
- لا يزال الأمر مجرد تخمين.. ربما يكون ماتقولينه ليس حقيقة أصلا.. لم لا تسكبين لي طبقاً آخر من هذا الشيء الجميل الذي لا أعرف اسمه؟؟
وقفت من مكانها وهي تمسك بالطبق، كان من الواضح جداً أنني قمت باستفزازها، قالت:
- سآتي لك بالقدر كله وأضعه بين يديك.. أعلم أنك لا تريد الحديث.. لكن صدقني أنا لا أريد أن أعلم بحجم ما أريدك أن تتحدث فقط..
كان يوماً جميلاً شعرت بأنني تخلصت فيه من الأرق والتفكير الذي صاحبني في الأيام الأخيرة، تحديداً منذ لقائي الأخير بسمر ورسالتها الأثيرة.. لذلك لم أمنع نفسي من الاستجابة لدعوة (معالي) حين اتصلت بي بداية الأسبوع تخبرني أنها تدعوني إلى فنجان قهوة آخر في نفس المقهى، بدت (معالي) حنونة جداً تسبغ عليّ الكثير من الاهتمام بأدق التفاصيل مهما بدت صغيرة أو غير مهمة بالنسبة لي، كانت تستمتع بعد سجائري نهاية كل لقاء كطفلة تعد ألعابها الصغيرة بفرح.
دعتني نهاية الأسبوع إلى غداء آخر وبالرغم من أنني كنت مرتبطاً بموعد إلا أنني أجلته إلى وقت آخر لأستمتع بصحبتها ولقائها الجميل.
بعد ذلك الغداء الذي كان ألذّ من سابقه عدنا إلى غرفة الجلوس، بدت (معالي) أقل رسمية وأكثر حميمية في التعاطي معي، قالت:
- لم لا تشعل سيجارة يا قصي؟
ابتسمت لها وأشعلت سيجارة، قلت:
- وما قصتك مع سجائري؟؟
استنشقت هواء الغرفة بشوق، قالت:
- أحب رائحتها.. وأحب إدمانك لها..
راحت تنظر إلى عيني مباشرة ثم قالت بعد لحظات:
- أستطيع أن أخبرك عن شخصية كل رجل من طريقة إمساكه لسيجارته ونفثه لدخانها وانفعالاته عندما يدخن.
كان من الواضح أنها جادة جداً، قلت:
- وطالما أن رائحتها تعجبك إلى هذا الحد لم لا تدخنين إذن؟
- لا أستطيع.. حاولت ذلك عدة مرات لكنني لم أستطع أعتقد أنني أستمتع أكثر عندما يدخنها أحـ..
دخلت ليان تحمل في يدها لعبة صغيرة ثم صعدت على الأريكة وراحت تحدث والدتها في أذنها وهي تنقل نظرها بين لعبتها وأذن أمها، يبدو أنها كانت تخبر والدتها أن دميتها لم تعد تعمل، قبلتها (معالي) في خدها ثم همست لها:
- لا بأس.. سأشتري لك واحدة أخرى غداً..
عادت الطفلة تهمس في أذن والدتها فقالت لها:
- لا يمكننا الخروج الآن لقد تأخر الوقت.. سأشتري لك واحدة أخرى أجمل منها.
قاطعتها:
- أعطني اللعبة..
رفضت الطفلة أن تعطيني دميتها لكنها رضخت أخيراً تحت أصرار (معالي) على أن تفعل ذلك، اقتربت مني بحذر، ووضعت اللعبة أمامي على الأرض ثم عادت إلى أمها وبدأت تراقبني وأنا أفتح الدمية وأنظر إلى بطاريتها، قلت لمعالي:
- مممم.. هل لديكم قصدير؟؟
طلبت معالي من خادمتها أن تحضر قصديراً ففتحت الدمية من الخلف ثم أعدت القطعة إلى وضعها وقمت بتثبيتها بقطعة صغيرة من القصدير وأنا أقول لـ(ليان):
- عندما كنت صغيراً كنت أحب أن أغير بطارية ألعابي كل دقيقة إلى أن تخرج هذه القطعة فأهملها وأرميها.. لكن أخي كان يأخذها دوماً ويصلحها بهذه الطريقة ثم يعيدها إلي ويخبرني أنّه اشترى لعبة جديدة، لكن أمّك لن تكون قادرة على فعل هذا.. لأنك ستصنعين هذا بنفسك.
ابتسمت (ليان) عندما سمعت دميتها تصدر صوتاً من جديد، قالت لها (معالي):
- هيا.. إذهبي وخذيها.. وقولي له شكراً..
اقتربت (ليان) مني بخجل فأخذتها وقبلتها وأعطيتها الدمية فخرجت مباشرة من الغرفة تركض بمرح.
قالت (معالي):
- يبدو لي أنك عشت طفولة سعيدة.. لماذا تعيش بعيداً عن أهلك؟؟ لا تخبرني أنك لم تجد عملاً في منطقتك!! لن أصدق ذلك..
ابتسمت لها وأشعلت سيجارة أخرى وأنا أخرج لساني.. لم تبادلني الضحك كعادتها، ضلت صامتة للحظات ثم قالت:
- لقد ولدتُ وترعرعتُ في بغداد.. كان أبي يعمل جندياً في الجيش، بينما كانت أمي معلمة في مدرسة ابتدائية، هل تعلم ماذا يعني أن يكون والدك جندياً في الجيش العراقي؟؟
لم أجب فتابعت:
- ذلك يعني أنني لم أكن أرى والدي إلا ببزته الرسمية أغلب الوقت، وفي تلك الأوقات التي عقبت الحرب مع إيران، كنت أراه أحياناً يرتدي ذلك القميص والبنطال القماشي بلون واحد.. حتى أنني لا أذكر أنني رأيته يرتدي غيرهما يوماً.. يبدو أن ولاءه لصدام كان أكبر من ولاءه لنفسه..!!
في الليالي التي كان يعود فيها مرهقاً إلى البيت كان يطلب مني أن أذهب لشراء علبة سجائر، فأنطلق مسرعة وأحضرها له، وبالرغم من أنني كنت أعلم أنه سيطلب مني الاحتفاظ بالباقي ككل مرة إلا أنني كنت أعيده ليطلب مني ذلك بنفسه.. فأذهب مرة أخرى لشراء الحلوى وأعود لآكلها بين يديه منتشية وأنا أتنفس عبق سجائره بحب وأنظر إلى دخانها يتطاير في الهواء..
رفعت رأسي لأجد أن عينيها قد امتلأت بالدموع، قالت:
- كان هذا كل ما أعرفه عن والدي.. ثم اختفى كما اختفت رائحة السجائر من المنزل والحلوى من يدي..
هل تعلم.. أحياناً نفكر كثيراً في أمر دون أن نجد إجابة مقنعة له، لكننا ما أن نتحدث مع شخص مثلك حتى نكتشف عن حياتنا أموراً لم نتوقف عندها بشكل كافٍ.. عندما سألتني لم لا أدخن إن كنت أحب رائحة السجائر إلى هذا الحد لم أجد إجابة مقنعة، لكنني اكتشفت الإجابة الآن حين أعدّت السؤال لنفسي أكثر من مرة.. ولم لا أدخّن؟؟
ربما لأنني حين أنظر إليها يخامرني شعور بأنني طفلة.. طفلة تعلم أن التدخين أمر لا يتقنه سوى الكبار فقط..
حاولت أن أتجاوز الموقف الذي بدا مؤثراً جداً بالنسبة لي.. ولأول مرة في حياتي أشعر أن تدخين سيجارة أمام امرأة كـ (معالي) يعتبر مسئولية!!
حاولت أن أبدو طبيعياً وأنا أسألها:
- وكيف حال والدك الآن؟
عضت شفتها السفلى تحاول أن تمنع نفسها من البكاء وتستعيد هدوئها بالتدريج، قالت:
- لا أعلم.. لقد هجر والدتي عندما كنت في التاسعة.. تقول والدتي أنه تزوج بامرأة أخرى تصغره بعشرين سنة.. لكننا لم نره بعد ذلك ولم نسمع له خبراً، وبعدها بفترة طويلة أخبرنا جارنا أنه قتل في حربنا مع الكويت حين كان عائداً.. كثرت الأخبار عنه لكن ذلك لم يعد يعني أحداً بعدما بات الجميع مشغولون بأنفسهم.. مرت الأيام ودخلت الجامعة ثم تخرجت في عام الغزو..
رحت أبتسم لها وأحثها على الحديث فتابعت:
- كان من الصعب إيجاد وظيفة في ذلك الوقت.. تزوجت ابن خالتي والذي كان يعمل مغترباً هنا.. قام بترتيب أوراقي ثم أحضرني معه إلى هنا.. كان طيباً في البداية، رقيقاً وجميلاً يغني لي ويراقصني بحب، حتى أنجبت (ليان)..
أصبح بعدها سكيراً عديم الفائدة، يبقى خارج البيت لأيام..
أمسكت بيدها اليمنى زاوية الأريكة وضغطت على يدها اليسرى بشدة، قالت:
- استيقظت على صوته في أحد الليالي وهو يفتح الباب، دخل إلى غرفتي ونعتني بأقبح الشتائم، أراد أن يأخذ ابنتي فأخرجت سكينا من المطبخ لأهدده به، لكنه حاول أكثر، فطعنته في يده وصرخت فهرب..


يتبع

 
 

 

عرض البوم صور Ahmad Rufai   رد مع اقتباس
إضافة رد

مواقع النشر (المفضلة)
facebook




جديد مواضيع قسم القصص المكتمله من وحي قلم الاعضاء
أدوات الموضوع
مشاهدة صفحة طباعة الموضوع مشاهدة صفحة طباعة الموضوع
تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة
Trackbacks are متاحة
Pingbacks are متاحة
Refbacks are متاحة



الساعة الآن 06:27 AM.


 



Powered by vBulletin® Version 3.8.11
Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd.
SEO by vBSEO 3.3.0 ©2009, Crawlability, Inc.
شبكة ليلاس الثقافية