لمشاكل التسجيل ودخول المنتدى يرجى مراسلتنا على الايميل liilasvb3@gmail.com






العودة   منتديات ليلاس > القصص والروايات > المنتدى العام للقصص والروايات > القصص المكتمله
التسجيل

بحث بشبكة ليلاس الثقافية

القصص المكتمله خاص بالقصص المنقوله المكتمله


إضافة رد
نسخ الرابط
نسخ للمنتديات
 
LinkBack أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
قديم 10-04-13, 04:02 PM   المشاركة رقم: 11
المعلومات
الكاتب:
اللقب:
عضو فخري
♪ مُخْمَلٍيةُ آلعَطّآءْ ♦


البيانات
التسجيل: Mar 2010
العضوية: 157123
المشاركات: 30,194
الجنس أنثى
معدل التقييم: ♫ معزوفة حنين ♫ عضو مشهور للجميع♫ معزوفة حنين ♫ عضو مشهور للجميع♫ معزوفة حنين ♫ عضو مشهور للجميع♫ معزوفة حنين ♫ عضو مشهور للجميع♫ معزوفة حنين ♫ عضو مشهور للجميع♫ معزوفة حنين ♫ عضو مشهور للجميع♫ معزوفة حنين ♫ عضو مشهور للجميع♫ معزوفة حنين ♫ عضو مشهور للجميع♫ معزوفة حنين ♫ عضو مشهور للجميع♫ معزوفة حنين ♫ عضو مشهور للجميع♫ معزوفة حنين ♫ عضو مشهور للجميع
نقاط التقييم: 13523

االدولة
البلدSaudiArabia
 
مدونتي

 

الإتصالات
الحالة:
♫ معزوفة حنين ♫ غير متواجد حالياً
وسائل الإتصال:

كاتب الموضوع : ♫ معزوفة حنين ♫ المنتدى : القصص المكتمله
افتراضي رد: عزرائيلي الهوى ، للكاتبة : Sameera kareemy

 


(26)


عآد حانقاً !
نعم عاد مُختلفاً ..
عاد كما لو كان لم يرتكب أية فاحشة !
عاد يرمقني بنظرات مُختلفة ! لم يعد مستعداً لتقبيل أقدامي ! ..
و على غير العادة واجه عبد الرحمن بقوة ليطرده بعنف من المنزل ..
لم يفعلها مسبقا لطالما كان يكبت في صدره كرهه العميق لعبد الرحمن ..
تَغير !تغير ..
رأيته يقابلني بعينين عسليتين تهتزان غضباً ..
شفتين حمرواتين يضغط عليهما بقسوة و أنا أهمس له بسُخرية :
:" لا تقنعني أنك لك ذرة رجولة و غيرة ! أمثالك تعودوا على العُهر و الفسوق "
فجأة اخترق الألم خدي بعنف ..
لم أستوعب أنه صفعني ! لم يفعلها طول فترة زواجنا !
كُنت مصدومة منه !.. صار أقسى ..
تعرضت مُسبقا للضرب من قبل عبد الرحمن و لكن مع يوسف كان ذلك مستحيلاً ..
حتى لم يكن يوسف يرفع صوته و يجادلني كما يفعل الآن ! ما الذي غيّره؟
تَمنيت لو أن أعاقبه طيلة وجوده معي على فعلته ! و أذكره في كل لحظة بما صنع!
أريده أن يُذل أكثر و يطلب العفو من الجميع !
و يتذكر أنه أخطأ خطئاً فادحاً بل خطئاً لا يمكن لزوجة أن تغفره له !
و أظل أعامله كشيء مقزز منبوذ فلا أكلمه أبداً و لا أجهز له أي شيء !
لا طعام و لا شراب و ملبس و لا أرتب له غرفته و كل شيء يمكنه أن يطلبه من الخادمة ..
بل أتجاهله بتحقير عندما يهم بصعود الدرج بصعوبة بالغة حاملاً عكازه فأشيح ببصري عنه ..
حتى يأتي السائق و يساعده في الصعود !
و أقنع نفسي ! أنه لا يعني لي شيئاً ! و حياتي هي أبنائي و فقط !
و عبد الرحمن هو وعد السماء لي و نتيجة أدعيتي بأن أفرح أخيراً في نهاية عمري هذا بالعودة له ..
قررت أن أقسو أكثر فأكثر ليستسلم يُوسف و يُطلقني ..
و هو الذي لم يقتنع بعد أنّي أكرهه ..
لكنه بدأ حقاً باستيعاب الفكرة ..
تصادمنا مراراً ! و لم أكن أتوقع منه أن يصل لمراحل الغضب تلك لأنه لم يسبق و إن غضب أو اعتلى صوته ..
صدّمني بتصديه لي بكل قوة !
لم يعد يركع ! لم يعد يسجد ..
لم يعد يعترف بذنبه ! لم يعد يلاحقني معتذراً ..
صار يتحدث بثقة و لم يعد يهمه إذ كُنت سأغضب أو سأتشاجر معه ..
نعم كنت أراقبه بدهشة و هو يجلس على الأريكة و يُقابل فاضل بملامح غريبة على وجهه المُسالم ..
ترتسم ابتسامة ساخرة على شفتيه و هو يرفع حاجبيه الشقراوين :
" ستحبسوني في غرفة في بيتي ! أي تبجح هذا ؟ "
يطرق باللون الشمعي على المنضدة و هو يعقد حاجبيه و هو يقول بحدة :
أنتم الضُيوف في بيتي !
و أنا مالك البيت !
هل نسيتما ذلك أم ماذا؟
ينظر لي فأشيح بوجهي بسرعة و أنا أسمعه يقول في سُخرية :
أم أنكما امتلكتما المنزل طيلة الأربعة الأشهر و ظننتما أنه ملك لكما !

كان مُختلفاً حقاً
لم يكن يوسف الذي أعرف
يوسف الانهزامي الذي لا يقوى على مجادلتي أو مجادلة فاضل و عبد الرحمن ..

مرت أيام طوال لم نكلم فيها بعضنا البعض و نسيت وجوده في المنزل تماماً !
كان يجلس في غرفته و لم أعد أراه أبداً !
الطلاق الأمنية التي أسعى إليها و أنا أدرك عواقبها في وجه والدي !
فأراني متخبطة مترددة ! هل أنا أريد الطلاق فعلاً ؟
يوسف لم يعد يدخل المطبخ لأنه يعلم أن لا طعام مُجهز له و عليه شراء طعامه بنفسه ..
و الصالة لم يعد يجلس فيها بحاسوبه المحمول فأحاديثي مع فاضل تخنقه ..
بيته يلفظه !
فأراه ينزوي في غرفته دائماً ..كما كنت أريد ..
شعر يوسف بكرهي العميق له لذلك تجنبني قدر الإمكان كما أتجنبه ..
و لكن في ذلك اليوم ..
كُنت قد توقفت متعمدة قرب غرفته حين سمعته يأن و ينادي الخادمة و يعود يتألم ..
أطل بحذر و أراه يفترش الأرضية و هو يراقب الدماء المريعة التي تسيل من ساقه المَجروحة ..
و لم أكن أعلم سر جروحه هذه فلم يخبرني بشيء ..
توترت و أنا أراه يحاول أن يسعف نفسه فيعجز عن ذلك فيعود لينادي الخادمة و الأمل مخنوق في صوته ..
شعرت بالأسى ناحيته و آلمني قلبي ..
و ظللت أستمع للهاثه و أناته ..
و لم أكن جريئة لأسعفه بنفسي ..
و نفضت هذه الفكرة الغبية عني فأنا و هو على مشارف الطلاق ..
" رباب!!! "
تصلبت! كان قد كشفني ..
قررت أن أستجمع قواي وأدخل الغرفة و كُنت أحاول ألا أنظر لجرحه كي لا يظنني متعاطفة معه ..
لكني منذ أن أبصرت عينيه خارت كل قواي ..
في عينيه حاجات كثيرة ملحة ! و كثير من الألم و الحزن ..
و لا أحد منا يرى هذه المطالب في عينيه ..
في عينيه العسليتين و رموشه الشقراء رجاءات كثيرة كتمها طويلاً لم يجد أحد يخبره بها ..
أكنت أظلمك يا يوسف ؟ رغم فعلتك الشنعاء ؟
وجهه كان محمراً كثيراً .. كان يتألم !
افتعلت القسوة قائلة :" ماذا تُريد "
أوجعني بلهاثه و هو يحاول معالجة ساقة ثم رفع عينيه مجدداً لي و برقته المعتادة همس :
" هل يمكنك أن تنادي السائق و الخادمة ؟
( بحشرجة ) أحتاج الاسعاف و المشفى .. رجاءاً "
قال هذه المرة أنه بحاجة للخدم و ليس بحاجة إلي !
لقد كف عن إخباري أنه بحاجة إلي ربما ليحتفظ بقطرات بسيطة من كبرياؤه ..
أتمم حينما رأى برودي :" أني أنزف ! "
أنا من ينزف يا يُوسف ! رغم الجراحات الغائرة في صدري فأني أحياناً أراك بريئاً رغم كل معاصيك ..
تُرى لماذا أتعاطف معك هكذا؟
قُلت بحنق :" جزائك و أقل من جزائك "
و رأيت في عينيه ألما مُبرحاً و هو يعود ليجفف دماءه فأغادر غُرفته لأرتمي على الأرض أنحب بعمق ..
أكتم صوت بكائي و أنا أستمع لأنينه و هو يعود ينادي الخادمة في وجع ..
كفاك يا يُوسف ! أوجعت قلبي الذي لن يحبك أبداً ! لماذا تعذبني الآن ؟
أمسح دموعي و أنهض مسرعة لأهبط على الدرجات !
كبريائي لن يجعلني أرسل الخَدم له .. حينها سيعرف أني تعاطفت معه ..قررت أن أدفع إليه فاضل ..
لقد نزف كثيراً !
أجلس أمام فاضل و أنا أنتظر دقائق ..
دقيقتان ثلاثة أربعة خمسة .. مرت سبع دقائق و أنا متوترة جداً ..
فلم أستطع الصمت أكثر قلت بسرعة له :
" فاضل اذهب للمخزن أشم رائحة حريق ! "
أعلم أن المخزن هي الغرفة الملاصقة لغرفة يوسف المفتوحة الآن!
عقد فاضل حاجبيه : لا أشم شيئاً !
- بلى ! أنا أشم يا فاضل ! أسرع أرجوك
أنا أشم رائحة حرائقه التي لا يعلم بها أحد !
نهض متخطياً الدرج برشاقة .. تنفست الصعداء قبل أن أهب أنا بدوري لأصعد الدرج ..
لا أدري لماذا لحقته !
لكن يوسف هناك ينزف و لا أحد يعلم! و وحدي من يعلم ..و لا أستطيع البوح بمشاعري الهائجة..
يمشي فاضل في الممر ليتوقف عند غرفة يوسف .. أناته تذيب الحديد الصُلب و وجدتني أرتعش ..
يطرق فاضل الباب المفتوح و أتوارى أنا عن الانظار لأستمع لنداءات يوسف : أدخل .. أني أنزف "
يُسرع فاضل ليدخل الغرفة و هو يهتف بعصبية :" ما بك! ما كل هذا؟"
تأتي همساته الهادئة :" الجُرح انفجر يا فاضل ( بألم ) و لا يمكنني تحريك ساقي أبداً "
بانفعال :" منذ متى تنزف؟ "
بصوت مخنوق:" لا أدري ! ربما منذ ربع ساعة ربما !"
صاح فاضل :" ربع ساعة؟ و لا أحد انتبه لك؟"
أشعر بالألم يغزوني أكثر..
" انهض لأقلك للمشفى"
" لا أستطيع تحريك ساقي أبداً "
" سأنادي السائق لنحملك سوية للسيارة .. انتظر .. "
و ينطلق فاضل ركضاً ليهبط على الدرج .. حتى فاضل بقسوته و كرهه ليوسف فإن قلبه ذاب شفقة .. فما له قلبي متحجر هكذا؟
أهبط على الدرجات و أجلس في الصالة في توتر قبل أن أرى فاضل و السائق يدخلان المنزل بسرعة ..
نظر لي فاضل و قال بقلق :" أمي زوجك ينزف بشدة!!!( بتوتر يمازجه الندم ) لقد كان ينادينا و لكن لا أحد سمعه! "
قُلت بابتسامة مُفتعلة :" أحقاً ! ذلك جزاؤه يا فاضل "
تأملني مشتتاً ثم همس :" أمي سنسعفه ! "
قُلت متنهدة :" أنت حُر"
و قلبي يصرخ :" أسرعوا إليه ماذا تنتظرون؟!"
هرع فاضل مسرعاً مع السائق على الدَرج و رأيتني أجلس بتوتر ..
و أنا أتذكر كيف كان يوسف يتوسط بقعة واسعة من الدّم فيلهث باعياء و هو يحاول الضغط على ساقه ..
أرتعش حينما أسمع صوته الهادئ و هو يخاطب فاضل بتوجع :" لا ! لا تضغط أنك تؤلمني "
أرفع بصري و أهتز لمرآه في منتهى الضعف يتكئ بذراعيه على فاضل و السائق ..
يهبطون على الدرج و يرفع يُوسف عينيه المتوجعتين لي فأهرب بأنظاري للتلفاز !
اكرهني يا يُوسف !
اكرهني !
و لا تهيج ضميري أكثر !
ابتعد بسلام و دعني أعود لعبد الرحمن ..
لا أريد أن أظلم أحداً في حياتي !
يُغلق الباب الرئيسي و يسكن قلبي لبرهة!
أينك يا عبد الرحمن كعادتك تعيد جمع شمل مشاعري ناحيتك ؟




ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ـــــــــــــــــــــــــــــــــــ

لا احلل مسح اسمي من على الرواية ..
تجميعي : ♫ معزوفة حنين ♫..

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ـــــــــــــــــــــــــــــــــــ


(27)



أصرخ و أنا أشيح ببصري قابضاً على أغطية السرير بعنف ..
أتعرق بجنون بينما تقوم الطبيبة بخياطة الجُرح من جديد ..
أغمض عيناي و الصداع بدأ يضرب ضرباً مدوياً في جمجمتي ..
السائق بدوره يحاول تهدئتي بألفاظه الغير مفهومة.. يمسك بجسدي بقوة .. الذي ينتفض بغير شُعور ..
قبل أن تبتعد الطبيبة قائلة :" انتهينا .. ارتح قليلاً .. ثم اخلع قميصك لنعالج بقية الجروح و الحروق "

رغم ألمي انتبهت لها لبرهة !
و كيف علمت أني أخفي جروحاً لا تطرأ على بال بشر ..؟
غادرت الطبيبة و السائق يساعدني على الاستلقاء في حذر ثم هم بالخروج من الغُرفة ..
دُرت ببصري في السقف لبرهة ثم نظرت لكيس الدم المعلق و الانبوب الممدود إلى كفي .. انتبهت لفاضل الذي وقف قرب الباب يتأملني ..

هَمست له بكثير من الامتنان :" فاضل ! .."
و هممت لأستوي جالساً لكنه أسرع لي يربت عليَّ قائلاً :" ارتح الطبيبة ستأتي بعد قليل لتعالج بقية الرضوض و الحروق "
نَظرت له باستفهام فهمس :" لا داعي لتخفيها من دون معالجتها ..يجب أن تتعالج حتى لو لم نعلم ما سببها"
تأملته بعمق ثم همست :" أشكرك فاضل "
نهض مسرعاً ليقول بحدة :" أنا يا يوسف لم أفعل هذا لأجلك !! علمتني أمي أن أتصرف تبعاً لديني و انسانيتي .."
رُغم هذا ابتسمت و قلت :" و نعم التربية يا فاضل"
ظلّ يتأملني بعمق ثم هَمس :" فقط غيّر نفسك يا يُوسف و غير أخلاقك و أفكارك
و كُل شيء يجعلنا ننفر منك .. و حينها سنحبك بصدق ! "
تأملته طَويلاً .. لازلتُ أغير و أغير في نفسي يا فاضل فلا أرى إلا الصدود..
أنا في نظركم المذنب الوحيد و أنتم منزهون عن الخطأ !
أمك لم تهتز يا فاضل لها شعرة و هي تراني أستجدي عطفها اليوم لتغادر بعد أن تتركني أتلوى بنيران كرهها !
فهذا جزائي كما ترى هي ..
لقد تعذبت كثيراً في سعير جهنمها ! و لن تعفو عني ..أبداً!
أنا تغذية لكبريائها الذي أطاح به عبد الرحمن بطلاقه منها !
هي لازالت تُحب ممارسة هذا الدَور و أنا المسرح الذي تقف فوقه !

رأيت التردد بادٍ على فاضل و هو يعود ليجلس بالقرب مني ثم يرفع أنظاره لي قائلاً :" اسمع "
هززت رأسي اشارة إلى أني أسمعه فقال و هو يخفض عينيه بتوتر :" لا تعتقد أننا كنا نريد أذيتك ! ربما هو خطئنا أننا طلبنا منك الانزواء في غرفتك و أنت بهذه الحالة التي تحتاج للرعاية و الاهتمام .. من ناحيتي أنا أعتذر "
و نهض مسرعاً و خرج من الغرفة حتى من دون أن ينظر لي.. نظرت له بدهشة! لأول مرة فاضل " يتعاطف " أو يكون انسانياً معي ..




ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ـــــــــــــــــــــــــــــــــــ

لا احلل مسح اسمي من على الرواية ..
تجميعي : ♫ معزوفة حنين ♫..

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ـــــــــــــــــــــــــــــــــــ


( 28 )

المَنزل أظلم فجأة !
و رأيت أشباح الذنب تشيع نعش إنسانيتي !
رأيت كل شيء هدأ مع خروجه !
إلا قلبي نبض ليعلن ثورة على كبريائي الناسف تماماً لأي حق من حقوق مشاعري ..
خنقتها بيدي !
خنقت أي ذرة حُب أكنها لهذا الشخص لأن كبريائي لا يعترف بها !
و مَضيت أشحذ القوة من قسوة عبد الرحمن فغدوت أشبهه !
لأعلق مشنقة يوسف في منزله و أتمتع بعملية الخنق البطيء لمشاعره حتى يلفظ حُبي من أحشائه !
أقف في وسط المنزل جسد جامد .. مَسلوبة الملامح ..
و أمامي أرى عمّار يجلس في الصالة يشاهد التلفاز بسعادة غامرة !
بتشتت أحاول شغل نفسي بالعمل في المنزل و لكني لا إرادياً أتجه لغرفته ..
أتأمل الخادمة و هي تنظف البلاط و أنظر للدلو الذي يحوي قطع المناشف المملوءة بالدم ..
أعض على شفتاي و أتأمل أحاديث الخادمتين عنه و عن الحالة الصحية المتأزمة التي كان يعانيها ..
كانت الخادمتين تعلمان عنه ما لا أعرف !
قررت أن أُبعد هذه الأفكار و فكرت بشكل فعلي أن أصارح يوسف برغبتي بالهروب لمنزل أبي منعاً لمزيد من الأذى لي و له ..
فقد أذاني بما فيه الكفاية و لا أريد مقابلته بالمُثل !
فلن أرد له الاساءة ..
ابتسمت بُسخرية من طريقة تغطيتي لفعلتي حتى أمام نفسي ..
سأظل في منزل أبي ريثما يستوعب أبي أني أريد الطلاق حقاً !
و حينها سيخضع كما خضع لطلاقي الأول..
ظللت أنتظر عودتهما و أنا أتأمل عمّار و هو يفتح لعبته الجديدة ... تُرى من فينا المُخطئ يا يوسف؟
هُنا انتفضت كُلياً حينما فُتح الباب الرئيسي و دَخل فاضل و هو يلّوح بمفتاح السيارة ..
صُرت أترقب دخول يوسف قبل أن أنظر لفاضل و أنا أحكم لف خماري حول وجهي :" أين هو ؟ "
اقترب فاضل ببرود و جلس على الأريكة متنهداً و هو لا يشعر بنيراني .. ثم أجابني :" مع السائق .. "
أتمم :" لقد ضمدوا له كل جروحه .. كانت لديه حروق بليغة و نصحته الطبيبة أن يرقد في المشفى و لكنه رفض "
ثم همس :" زوجك غريب فعلاً ! أشعر أن وراءه مصائب كبيرة .. أخبرتني الطبيبة أن لديه آثار تعذيب في كل نواحي جسده ..
( حك حاجبه قائلاً بجدية ) حتى أن لديه جروحاً لم يرغب بمعالجتها و الكشف عنها لأسباب أجهلها .. "
ازدردت ريقي و أنا أشعر بالتوتر فهذا الجانب أنا أجهله تماماً !
و يوسف لم يخبرني بشيء أبداً!
نظرت لفاضل الذي همس مخفضاً عينيه بتوتر :" عذبوه في السجن ! هذا ما أنا متأكد منه ! "
كُنت سأسأل فاضل إن كانت ساق يوسف جيدة أم لا و لكني لزمت الصمت لألا يكتشف فاضل تعاطفي ..
فُتح الباب و تسمرت كلياً أمنع نفسي من الالتفات إليه ..
فنهض عمّار بلعبته صائحاً بسذاجة طفولية :" أبي ! "
و كُنت أنظر لملامح فاضل الذي يراقب يوسف بامعان قبل أن يقول :" تحتاج مساعدة ؟ "
بصوته الهادئ :" لا ! شكراً فاضل "
" أبي هل أنت مريض؟"
" لا عمار "
"إذا لماذا تمشي هكذا ؟ "
" بابا أريدك أن تركب لي اللعبة .. "
" بابا "
تنهد فاضل و هو ينادي عمار :" هيه ! دع أبوك الآن و تعال "
كُنت أخطط لمواجهة قوية مع يُوسف لأخبره أني أريد العودة لمنزل أبي !
لن أسمح له بالرفض أبداً ..
تأملته و هو يصعد على الدرج ممسكاً بعكّاز و هو مستند بجسده على جسد السائق ..
و كبحت مشاعر الشفقة بعنف ..
يجب أن أجد حل فعلي لحياتي الحالية !
فالحياة التي أعيشها ليست حياة يمكن عيشها ..
أريد عبد الرحمن !
سأنتهز أي فرصة تمكنني من السفر لعبد الرحمن !
بمجرد أن دخل غرفته نهضت بتصميم ..
فالتفت لي فاضل باستغراب :" إلى أين أمي ؟"
قُلت بحدة :" يجب أن أترك منزله هذا بأي شكل من الأشكال و سأخبره بذلك الآن "
همس فاضل :" ليس الآن أمي "
صُحت بحدة :" لماذا ؟ إلى متى سأظل أسايره في كل شيء ! لقد فقدت رغبتي بالعيش معه حقاً "
قال فاضل :" أنا أوافقك أمي و لكن دعيه يرتاح الآن قليلاً
( بضيق ) أظنه متحامل علينا كثيراً الآن !
أرجوك أمي دعيه و شأنه و لا تجرحيه أنه مسكين حقاُ"
تأملته بابتسامة ساخرة :" منذ متى تشفق عليه يا فاضل؟"
و أسرعت لأصعد الدرج ..



ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ـــــــــــــــــــــــــــــــــــ

لا احلل مسح اسمي من على الرواية ..
تجميعي : ♫ معزوفة حنين ♫..

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ـــــــــــــــــــــــــــــــــــ


( 29 )


أصعد الدرج و أنا أرفع ثوبي الفضفاض ..
أقف لبرهة أفكر بعمق في خطوتي الجريئة هذه !
و ماذا بعد الهروب لمنزل أبي؟ هل سيخضع ليُطلقني منه ..
هل سأرتاح حقاً !؟

وقفت أقلّب أفكاري و أنا انظر للسائق الذي خرج من غرفته و هبط على الدرج ..
فتنهدت بعمق و أنا أتجه لغرفته مُحكمة خماري جيداً على رأسي ..
فتحت الباب في حذر و وقفت أراقبه و هو يجلس على سريره و يحاول رغم إرهاقه أن يُركّب لعبة عمّار ..
و عمّار أمامه يخاطبه بازعاج :" أبي صديقي لديه نفس اللعبة و لكن بشخصيات أخرى هل تشتري لي إياها كلها؟ "
أظل أتأمل وجهه المحمر و هو يحاول بصعوبة أن يركب قطع اللعبة ..
شعره الأشقر كان مبعثراً بعشوائية و لم يكن يبدو في حال جيدة أبداً ..
بيجامة رمادية تكسو جسده الهزيل ..
في عينيه حُزن عميق ..
مع كل حركة من رموشه الشقراء فأنه يبث من عينيه وجعاً لم يسائله أحد عن سببه !
قال بتنهيدة و هو يترك اللعبة :
" سأشتري لك كل شيء عمار .. خذ لعبتك الآن لفاضل أنا لا أعرف كيف أركبها حقاً "
" أبي ... فاضل لن يركبها ! أرجوك أبي أرجوك أنها سهلة كثيراً "
خطوت بخطواتي للداخل لأصوب أنظاري لعمار و قلبي يقرع كقرع الطبول ..
أحاول تجاهل نظرات يوسف لي لأزجر عمار :" عمار خذ لعبتك و أخرج حالاً"
لملم عمّار لعبته بضجر و مشى مغادراً ..
قبل أن يرفع يوسف أنظاره لي ..
هذه المرة من المرات النادرة التي أدخل غرفته بعد عودته من السجن ..
و لذا شعرت باضطراب كبير و أنا أتذكر همساته القديمة لي
" رباب تعالي اجلسي ! "
" رباب اقتربي "
" رباب كنت أنتظرك "
و كُنت في كل مرة أخيب ظنه !
هذه المرة جَلست أنا أمامه من دون دعوة منه ..
و رفعت بصري له بقوة.. أو كُنت أمثل القوة ..
رأيت في عينيه الكثير !
حاجة ماسة! حاجة ماسة للعناق! حاجته الماسة هي الحُب !
و رأيت خَيبة ! و حُزن ..
و نُفور .. نعم نفور ربما مني ..
تفحصت بعيناي وجهه الشديد البياض و حدقتا عينيه العسليتين اللتين تجولان بعيداً عني ..
قُلت بهمس و أنا أشيح ببصري :" لا أحبك لذا لا تلمني ! "
كان يحدق في أصابعي المرتعشة طويلاً قبل أن تنفرج إحدى زوايا شفتيه بابتسامة متهكمة ..
رفع بصره لي .. فهزتني مقلتيه اللامعتين ! أكل هذا الحُب تكنه لي رغم ما فعلته بك ..
أخفضت بصري لأبصر الضماد على صدره و زنده الأيمن .. البيجامة الرمادية لم تتمكن من إخفاء كل تلك الجروح ..
فاجأني بهمسة :" و لكني أحبك "
شتت بصره على أنحاء السرير و هو يمسك بعبث بقطعة من لعبة عمار ..
ثم أطرق برأسه لتسقط غُرته لتغطي الوهن الذي ينبثق من عينيه ..

يهمس بصوته الهادئ :" لن يحبك عبد الرحمن مثلي ! لن يضحي عبد الرحمن مثلي ! لقد ... لقد .. "
صمت مُطولاً و هو يضغط بأصابعه على قطعة اللعبة بقوة ..
كأنه يناضل لاستخراج حقيقة مُرة ..
ضج وجهه بالتورد و هو يضغط على شفتيه الرطبتين ..
من دون أن يرفع عينيه همس و قد تحشرج صوته :" كانوا يهددوني باغتصابك يا رباب ! "
تصلبت أضلاعي لفترة و أنا أراه يشتت أنظاره ثم يهمس :" خضعت لهم لأجلك فقط ! "
كُنت أراقبه متسمرة ..
أزدرد ريقي بتوتر و أنا أسمعه يقول :" سمحت لهم أن يعتدوا على شرفي ! و لكن كُنت مستعداً لان أموت و ألا يلمسونك يا رباب ! "
صرخت بحدة و أنا أضيق عيناي دون أن أستطيع كبح انفعالي :" ماذا تقول؟ !! "
صرت أنا أتلفت حولي أتأكد من عدم وجود عمّار ..
ثم قربت وجهي ناحية وجهه الذي يشيحه عني بتوتر ..
حدقت بالنار المتقدة في خده ..
عينيه الحمرواتين و هو يخفضهما فترتعش رموشه الشقراء بحنق ..
جذبته من قميصه بأصابعي هامسة و أنا أدير عيناي في عيناه أنتظره أن ينظر لي ..
همست بغضب حاولت كبته بكل قوة :" عمّا تتحدث؟ هل حدث هذا واقعاً؟ لماذا فعلوا بك هذا و لماذا سكتت ؟ "
رفع عينيه العسليتين لتلألأ حدقتيه بحيرة ..
عاد يخفضهما بانكسار فتركت قميصه لأخفض رأسي أبحث عن إجابة في ملامحه التي يحاول إخفائها ..
همس بضيق :" نعم حدث ! أنك تعرفينهم أكثر مني "
و رفع عينيه لي بحب عميق .. بتردد لمس اصبعي الخنصر .. همس :" لا يهم ذلك أبداً ! ما دُمت لازلت أمامي بخير "
اهتزت مقلتي و أنا أراقبه بصدمة ..
تأملت جبينه الذي ترطب بحبات العرق لترمقني عيناه المتلألأتين بمشاعر كثيرة ! حُب ملوث بالدم ..
حانت مني ابتسامة و أنا أتراجع لأطلق ضحكة ساخرة ..
عُدت أرمقه بنظرة احتقار :" يا لك من مسكين ! هل تناضل من أجل امرأة لا تطيقك ؟ "
تأملني بابتسامة انكسار عَميقة قبل أن يهمس :" أنتِ موطني يا رباب ! سأحارب من أجلك ما حييت ! "
أغوص بعيناي في بحر الحُب في عينيه !
وددت لو أحتضن جسده الجريح .. و أخبره أني ! أحبه صِدقاً !
و لكن شيئاً متغطرسا يحوم في داخلي يحثني أن أصرخ في وجهه :
" طلقني !!!"




آسفة يا يُوسف !
أنت بحثت في هذه الدنيا عن امرأة تحتويك !
و رأيتني أهلاً لهذه المُهمة !
و أسكنتني في قصرك و سلمتني مفاتيح خزائنك و أعطيتني كل ما تملك
و أهديتني كل ما في قلبك ..
و لكني ! لم أحبك قط !
أو !
أني أحببتك
لكني لن أتخلى عن عبد الرحمن !

 
 

 

عرض البوم صور ♫ معزوفة حنين ♫   رد مع اقتباس
قديم 10-04-13, 04:02 PM   المشاركة رقم: 12
المعلومات
الكاتب:
اللقب:
عضو فخري
♪ مُخْمَلٍيةُ آلعَطّآءْ ♦


البيانات
التسجيل: Mar 2010
العضوية: 157123
المشاركات: 30,194
الجنس أنثى
معدل التقييم: ♫ معزوفة حنين ♫ عضو مشهور للجميع♫ معزوفة حنين ♫ عضو مشهور للجميع♫ معزوفة حنين ♫ عضو مشهور للجميع♫ معزوفة حنين ♫ عضو مشهور للجميع♫ معزوفة حنين ♫ عضو مشهور للجميع♫ معزوفة حنين ♫ عضو مشهور للجميع♫ معزوفة حنين ♫ عضو مشهور للجميع♫ معزوفة حنين ♫ عضو مشهور للجميع♫ معزوفة حنين ♫ عضو مشهور للجميع♫ معزوفة حنين ♫ عضو مشهور للجميع♫ معزوفة حنين ♫ عضو مشهور للجميع
نقاط التقييم: 13523

االدولة
البلدSaudiArabia
 
مدونتي

 

الإتصالات
الحالة:
♫ معزوفة حنين ♫ غير متواجد حالياً
وسائل الإتصال:

كاتب الموضوع : ♫ معزوفة حنين ♫ المنتدى : القصص المكتمله
افتراضي رد: عزرائيلي الهوى ، للكاتبة : Sameera kareemy

 


( 30 )





اكتفيت من الجراحات !
فقلبي ينزف بشدة و مَشاعري تُداس تحت قدميها كُل يوم !
كبريائي يُصلب على هامة جبروتها ..
و دموعي دماء جارية أريقت بما فيه الكفاية ..
رأيت السعادة و الخلاص في عينيها .. يوم نهضت مغادرة .. !
منذ زمن لم تضحكي بصدق يا رباب !
كيف أنتزع حبك من أحشائي؟ فأنتِ الحب الأول !
أنت القارب الذي حاطني لأستطيع الإبحار في هذه الحياة الصعبة ..
رغم كل الجراحات !
و رغم المسافات المهولة بيننا ..
سيبقى قلبي الأعمى يعشق سوطك ! يعشق جلاّده ! يعشق عزرائيله !
أنظر لعمّار الذي نام على صدري ممسكاً بلعبته..
مسحت بكفي على شعره .. فلتسامحني يا عمّار !
ستعيش مشتتاً مثلي تفتقر للعائلة .. ستبحث عن حُب ! مثلي..
أنا يا رباب .. سأعود كما كنت يتيماً ..
لقيطاً ! وُجد طفلاً ! يتجنب الكثيرون لمسه! عَشت منبوذاً ! دنساً !
عشت أتلظى بنار الوحدة !
سأغترب من جديد يا رباب ! حُبك ! موطني..


يُفتح الباب ليقف فاضل يتأملني مُطولاً ..
و أنا أنتشل عمار من حجري لأضعه بجانبي و أسند رأسه جيداً على الوسادة .. يقترب ثم يجلس على السرير يتأملني ..
أخاطبه بهمس :" أين هي أمك ؟ "
خفض بصره ثم همس :" تُجهز حقائبها "
أنظر للعبة عمار التي بدأت في تركيبها بأصابعي المرتعشة ..
ثم همست :" ستأخذ معها عمار؟"
قال بحدة :" بالتأكيد ! "
هززّت رأسي لأفهمه أني لست عدائياً حيال هذا الموضوع ....
تأملني بعمق ثم همس : لماذا لم تطلقها و تريحنا و تريح نفسك ! ؟
لماذا ستذهب أمي لمنزل جدي و تبقى هناك بدون ورقة الطلاق ؟ "
رفعت بصري له حيث كان ينظر لي بذات النظرة التي رمقني بها يوم زفاف والدته بي .. ( الحِقد )
قلت بهمس و أنا أخفض بصري :" أملاً بأن تهدأ النفوس في منزل أهلها ! "
ابتسم فاضل بسخرية :" أيها الفاجر تظل تمثل لنا أنك بريء و أنك مظلوم ..
مثلك شخص زاني يجب أن يدفن رأسه في الأرض .. يجب أن تطلق أمي و أنت خَجل من نفسك "
و نهض قائلاً :" حاولت أن أبرر لك أخطائك ! فلم أستطع كُلياً !
فاشكر أمي يا يوسف لأنها ستفترق عنك و ستكتم فضيحتك "
ثم أكمل و هو ينظر لعمّار :" ظننت أمي متصابية يوم تزوجتك !
و أنها هامت بشاب يصغرها سناً و يفوقها وسامة .. لذلك بدأت أنفر منها !
(ضيّق فتحتا عينيه ) رأيتك في يوم زفافها شاباً وسيماً مُتناسق في جسده و مظهره ... و قلت في نفسي بأن أمي فقدت عقلها و أنها تزوجتك دون أي اهتمام لعمرها و سنها..
و لكني تأكدت أنها مخلصة لأبي طوال فترة زواجها بك ! و ما دعاها للبقاء معك انسانيتها ! لأنك شخص مسكين حقاً( نظر لي باشمئزاز ممزوج بسخرية )
لكنك جنيت على نفسك و فرطت بها لذلك على أمي الرحيل
لم أحبك قط يا يوسف ! ليس لأنك زوج أمي ! بل لأنك لا تستحق أمي "
لم أكن أسمعه في ذلك الوقت!
عندما تتشبع بالجراح فأنك لا تشعر بالطعنات التي تأتي متأخرة !




أقف بجسدي المنهك مستنداً على عِكّازي أمام منزل أسرة رباب ..
و أرى من بعيد عمي و هو يحاول ردع ابنه عن الخروج من المنزل كأنه يعلم أننا سنتقاتل من جديد ..
لقد سلمت لهم رباب و عمار !
سلمت لهم حياتي !
لماذا لا يرفقون بهذا القلب الذي ينزف ؟ لمَ؟
يخرج أخيها مشتعلاً يواجهني بملامح كُره و يصرخ بقوة فيغدو وجهه كوجه أسدٍ غاضب :
" أيها المخابر العميل رأيناك في القنوات تكذب و تدلس !
فلو لم تجلب أختي لجئت و انتزعتها منك رغم أنفك يا مُرتزق ! يا منحط ! "
عَلمت أن ذلك الفيديو اللعين قد عُرض أخيراً ليدوي دويه في منزل عمّي ..




ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ـــــــــــــــــــــــــــــــــــ

لا احلل مسح اسمي من على الرواية ..
تجميعي : ♫ معزوفة حنين ♫..

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ـــــــــــــــــــــــــــــــــــ


( 31 )

أقف بجسدي المنهك مستنداً على عِكّازي أمام منزل أسرة رباب ..
و أرى من بعيد عمي و هو يحاول ردع ابنه عن الخروج من المنزل كأنه يعلم أننا سنتقاتل من جديد ..
لقد سلمت لهم رباب و عمار !
سلمت لهم حياتي !
لماذا لا يرفقون بهذا القلب الذي ينزف ؟ لمَ؟
يخرج أخيها مشتعلاً يواجهني بملامح كُره و يصرخ بقوة فيغدو وجهه كوجه أسدٍ غاضب :
" أيها المخابر العميل رأيناك في القنوات تكذب و تدلس !
فلو لم تجلب أختي لجئت و انتزعتها منك رغم أنفك يا مُرتزق ! يا منحط ! "
عَلمت أن ذلك الفيديو اللعين قد عُرض أخيراً ليدوي دويه في منزل عمّي ..
شعرت بالعار ينهش ما تبقى من إنسانيتي !
لم أعد شيئاً ! لم أعد ..
أهمس و أنا أدفعه صدره العريض بأصابعي :" اخرس و لا شأن لك "
و نظرت لعمي الذي جاء يبعد ابنه الذي انقض علي بجنون
متلفظاً بأبشع الكلمات قبل أن يغادر و هو يتمتم :
" منذ أن تزوجته رباب و أنا أكرهه ! العميل المُخابر
المرتزق ! عديم الشرف !
عبد الدينار ! عبد الأموال ! ستطلق أختي رغماً عنك يا نجس !"

تأملته و هو يدخل المنزل منفجراً بكلمات أخرى تعبر عن غيظه
و نظرت لعمي الذي واجهني ممسكاً بكتفاي ..
نظرت للعبرة و الحزن المرتسم في عينيه .. تمتم بوهن :
" يوسف ! لماذا ! لماذا ؟ ماذا فعلت ابنتي لتحضرها هًنا ؟ هل أخطأت ؟ هل تنوي أن تطلقها؟"
تأملته عميقاً ثم همست و أنا أقترب منه بتعاطف :
" سأتركها هنا لفترة ! تحتاج لفترة تكون فيها قريبة منكم !"
خاطبني بلوم :" رغم هذا ! ألم يكن عليك احتمالها قليلاً !
النساء عصبيات دائماً يطالبن بالرجوع لمنزل آبائهن و كأنها ستعيش فيه الهناء .. !
لماذا لم تتفاهم معها ؟"

تأملته مُطولاً ! أكان يعلم بعلاقتنا الحقيقية؟ !
هل كان يعلم بما فعلته أنا لتكرهني كليا! ؟
تمنيت لو أستطيع التفكير ببساطة مثله ..
أتفاهم مع رباب و ترجع لي !
كم هي الحياة جميلة لو غدت بهذا الشكل ..
هَمس عمي و هو يتفحص جسدي :
" هداك الله ! هداك الله !
ألم يفتح عليك الله من أوسع أبوابه ! لماذا طمعت بأموال الحرام ؟
هناك الكثيرون يتعذبون بسببك الآن يا يوسف "

لم أستطع تبرير شيء فأنا حقاً افتريت على الناس زوراً و بهتاناً !
لذلك انسحبت بهدوء ناحية سيارتي و عمي يسير خلفي برجاء عجز عن التعبير عنه ..
ثم مد ذراعه ليمسك بعكّازي مستوقفاً إياي ..
أدرت رأسي له فهمس :" يوسف ! لا تضيع ابنتي للمرة الثانية بربك ! !
هل أستطيع أن أستقبل ابنتي الكبرى من جديد في بيتي و هي على مشارف الشيخوخة ؟
لماذا يحدث هذا؟ هل الخطأ فيها أم فيكم !
أم فيَّ أنا الذي أتهور في تزويجها ..
لماذا ؟ تذكر يا يوسف أنك وعدتني أن تتحمل عصبيتها ؟
أين هو وعدك .. ألم تطمئني أنك تحبها !
و أنك لا تهتم لفارق العمر؟
أين هو كلامك ؟ "

فتحت ثغري لأتكلم لولا صرخة خرجت من منزلهم .. :" أبي!!!"
رفعت عيناي لأبصرها و هي تخرج متدثرة بعباءتها السميكة ...
وجهها بدا يحمل إمارات الكُره لي ..
تسحب كف والدها لترمقني بنظرة حادة و تنظر لأبيها قائلة :
" إذ كنت أثقل عليك سأجد لي مسكنا آخر !
ثم نظرت لي بحقد قبل أن تغادر عائدة ..
تأملتها و هي تعود للمنزل تطرق طريقها بخطوات غاضبة ..
فهمست لعمي :" أخبرها أني سآتي لأرى عمّار كُل خميس .. "
و اتجهت لسيارتي أضع عكازي في المقعد الخلفي و أراني أزفر و أنا أمسك بالمُقود !
هل توقفت حياتي عند هذا الحد ؟
ابتسمت .. استريحي يا رباب سنفترق للأبد !
سأنتصر لكبريائي فقد مللت الذُل أمامك !
لا داعي لتكوني عصبية هكذا !
و هدئي من أعصاب الجميع !
أخوتك الثائرون ! أمك الحانقة !
أختك المشفقة عليكِ
و عبد الرحمن النابض حباً لك !
و فاضل أيضاً!

جميعكم اهدئوا !
يوسف الذي تكرهون لن يعود هنا أبداً إلا لعمار كل يوم خميس !
أهذا يرضيكم؟



ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ـــــــــــــــــــــــــــــــــــ

لا احلل مسح اسمي من على الرواية ..
تجميعي : ♫ معزوفة حنين ♫..

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ـــــــــــــــــــــــــــــــــــ


( 32 )

تحوطني تلك الجدران التي ضمتني منذ أن كُنت طفلة !
كانت مخلصة لتبقى تحمل نفس الملامح ..
عتيقة بالية تحتفظ بشعارات كتبناها يوم كنا صغاراً ..
كانت هذه الجدران مساحة لنعبر عن آرائنا السياسية على الاغلب ..
" الشعب يريد إسقاط النظام "
هذا ما تعلمناه منذ أن كنا أطفالاً !
و لم نكن ندري لماذا نتمنى هذا الشيء و لماذا نردده بكل قوة !
و اليوم أرى أخوتي و أخواتي مجتمعين أمام التلفاز يحدقون بوجهٍ أعرفه جيداً !
كُنت معهم أراقبه من شاشة التلفاز الصغيرة جداً
و التي تشوشت ألوانها ..
و لكن لون الحزن لازال يطغى على عينيه ..
أراقب شفتيه التي تجمد فيهما الدم و هو ينطق بحروف لا تنتمي له :

" نعم .. لقد أبرحوني ضرباً !
هددوني ..
انقضوا على شركتي و نهبوني ..
هاجموني في قعر داري .. هاجموا زوجتي !
أرعبوا طفلي .. و اقتادوني لمكان أجهله
و لكنه على الأرجح مقر من مقراتهم التي يتناقشون فيها ..
عذبوني كثيراً !
بالصعق بالجلد بالحرق ..
بالتجريح بالتنكيل بالسباب بالشتائم ..
بكل شيء يخطر ببالكم !
أجبروني أن أكون معهم و أقف معهم !
و لكن .. تمكنت من الهرب منهم للشرطة ..
الحمدلله فالشرطة حمتني و اعتنت بي
و اعتقلت من قاموا بذلك واحداً واحداً .. "


و غاصت عينيه في ألم مرير يكشف بقوة بأنه أُجبر على نطق هذه الكلمات ..

- الحقييييير !
نَظرت لأخي الذي يواجه التلفاز و في كل مرة يعيد تشغيل الفيديو المسّجل تشتعل نيرانه أكثر ..
نَظرت ليوسف في التلفاز و هو يكشف عن ذراعه فيظهر أثر لحرق بليغ في زنده لم أكن منتبهة له..
تأملت عينيه !
يقولون الكاذب يُفضح من عينيه !
و أنا رأيت في عينيه كذباً ملوثاً بالدم ..
هل عذّبوك لتفعل هذا يا يوسف؟
أنت رغم كل شيء لست سيئاً لتلك الدرجة!
أعلم أنهم دسّوا في فمك أكاذيبهم بعد أن عذبوك هكذا ..
أرى ابتسامته في التلفاز مطعونة بالألم و هو ينظر للمذيع الذي يستمر في مهمته
بخلق أكاذيب أكثر ظنّاً منه أنه يقنع الناس !
جَمالك فاتن يا يوسف !
مُبطن أنت بجمال لا يراه الكثيرون و حتى أنا لا أراه !
طُهرك يا يوسف مع كل آثامك ..لا يراه أحد ! لا أحد
لم و لن يقنعوا الناس بوجه يوسف الذي كشف عن القصة الأصلية بعينيه الصادقتين ..
كان يكذب بلسانه و بعيونه يروي القصة الأصلية !
عذّبوك يا يوسف؟
جئت لي تلهث بجراحاتك و تخبرني أنك تحملت كل شيء لأجلي فأراني أصد عنك لأنك زاني و أتجاهل نزيفك ..
لم أمنحك فرصة لتروي لي قصة العذاب الذي عانيته ..
و قصص الاغتصاب و التهديد الذي عشته لأجلي !
ظننت أنك حين تصبر على أذاهم ستكسب حُبي !!
فخابت ظنونك و انفجرت جروحك بالدم من جديد !
جروحك لن تندمل أبداً !

إلى أين ستلجئ يا يوسف بعد اليوم ؟
المنزل فارغ ! و ثرثرة الخدم مملة و قاتلة !
تشعرك بالوحدة و الوجع؟
و تظل تمسح بأصابعك على جروحك تنتظر من يداويها !
فلا ترى أحد !

أنظر للجمهور الذي نهض بحماس يصفق فتسدل أستار المسرح لتنتهي التمثيلية أخيراً !
فينهض أخي شاتماً يوسف و هو يهمس :
" الحقير! لمَاذا ! لماذا ظهر على حقيقته هكذا؟ لأجل المال؟ "
قالت أختي منى و هي تقشر الخيار :" صبغوه بالمكياج كي يبدو جريحاً حقاً ..
و يأتي لنا بالعكّاز فأظنه حقاً مصاب ! لتنكشف اللعبة أخيراً "
يهمس فاضل بعد تردد :" خالتي ! هو فعلاً جريح ! رأيت جراحه بنفسي و رأيت جرح ساقه وهو منفجر بالدماء "
همهمت أمي و هي منشغلة بتغليف ما تبقى من طعام الغداء :" يا لسوء حظك يا رباب"
الجميع أغلق أذنيه عن الحقيقة و انشغلوا بتعداد مساوئه ..
و كل واحدٍ صار يتذكر المواقف التي حصلت فيها نزاعات بين يوسف و بينهم فيظلون يذكرونها بتفاصيلها ..
نعم يا يوسف لا أحد سيغفر لك أخطائك !
كُنت طوال الوقت صامتة أراقب أبي و هو يجلس في غرفته ..
تاركاً الباب مفتوح ..
أتحمل همي يا أبي؟ !! أتلوم نفسك ؟
آسفة! لم أشأ أن أعود لك شبه مطلقة من جديد !آسفة حقاً !
نَظرت لعمّار و هو يقف أمام التلفاز بعد أن كان سعيداً جداً لمرأى أبوه لكن عند انتهاء البرنامج
رجع لي بعد أن استمع لكلمات السخط من أفواه خالاته و خيلانه عن أبوه ...
رجع لي و عيونه تحكي قصص من الحِيرة ..
همس و هو يطل بوجهه الطفولي على وجهي :" أمي هل أبي سيء؟ "
هَمست :" لا أعلم حقاً يا عمّار "
اقترب مني و جلس قُبالتي و أخرج لعبته قائلاً :" أبي صنع لي لعبتي و أعطاني إياها قبل أن يغادر أنظري أمي "
كانت مركبة أجزاؤها بشكل خاطئ و لكنها تفي بالغرض لتسعد عمّار
أو ربما عمّار ما يهمه فقط أن أبوه اهتم به فقط و لا يهم إذ كانت ركّب أجزاء اللعبة بالشكل الصحيح !
هل عمّار يشبه يوسف في لطافته ! و سماحته ! و سذاجته؟
آهٍ يا يُوسف ! ضيّعت نفسك فتحمّل وزرك !




ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ـــــــــــــــــــــــــــــــــــ

لا احلل مسح اسمي من على الرواية ..
تجميعي : ♫ معزوفة حنين ♫..

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ـــــــــــــــــــــــــــــــــــ


( 33 )

تتوقف سيارتي اللكزس بتردد يناقض فخامتها !
الأجواء محتشدة بغيوم من الويلات !
أزدرد ريقي في توتر عظيم و عيناي تجولان حولي بترقب ..
كفي تقبض على المقود بقوة و الساعة في معصمي الأيسر تشير إلى الثامنة صباحاً !
أترجل من سيارتي أخيراً..
و أنا أنزع نظارتي الشمسية أتفحص بعيناي هذا المشهد ..
أقف أنظر للغفير المتجمهر أمام شركتي و هم يحملون لافتات بيضاء بها كَلمات كثيرة !
على الأرجح هي مَسبة لي !
أتقدم بصعوبة ناحيتهم فيلتفتون لي !
يصرخون ! يشتمون !
أتوتر و أنا أتلفت حولي قبل أن أستمع لدوي إطلاق مُسيل الدموع ..

فزعت و أنا أنكمش بسرعة مغمضاً عيناي رافعاً كفاي بشكل لا إرادي ناحية أذنادي ..
استدرت برأسي لعناصر الشرطة مُحملين بأسلحة خاصة لتفريق هذه الجموع !
انتباتني رعشة لمرأى عناصر الشرطة بملامحهم البادرة
و رأيتني أنتبه لامرأة مسنة صرخت بوجهي :
" ماذا فعل لك ابني كي تفتري عليك هكذا ! ؟؟
( بتحشرج ) حكموا عليه بالمؤبد

اهتزت عيناي و أنا أرى أمومتها النازفة و أطرقت برأسي ..
لتصرخ هي :" أعلم أن ابني لن يتعرض لشخصٍ مثلك بسوء !
هو ابني ! و تربيتي ! "

أحكمت خمارها على وجهها و صُرت أدير عيناي بترقب في الجموع المتأهبة لطحني
المحملين بهواتفهم المزودة بكاميرات .. يحاولون أن يلتقطوا عَجزي ..
أخرجت تلك الأم قرآنا و وضعته بين يدي و هي تهمس بكثير من العداء لي :
" إن كنت صادقاً ! أقسم على القرآن الكريم أن مُحمد عبد الله ابني قد فعل بك ما قلته على التلفاز ! "
دوى صوت قرع قلبي بجنون أمام مرأى القرآن بين يدي !
أشعر بالدنس !
بالألم !
بالعار ..
لا أستطيع لمسه !
السماء تنذر بأمطار من لعنات
و القرآن المقدس بين يدي يسائلني التوبة !
فأنكمش .. مع عيون المتجمهرين الصارخين :" أقسم يا كاذب يا مدلس"
" إلى النار يا عبدة الدينار "
" أقسم ! أقسم !"
أنظر لملامح القوة على وجه تلك الأم ثم أدير رأسي لعناصر الشرطة و هم يراقبونني ..
أتخيل ذلك الضابط المتوحش بينهم ..
أتخيله يرفع كفه يمررها عرضياً أمام عنقه ليهددني كما في السابق !
يهددني بالموت ..
ازدردت ريقي و أنا أنظر للقرآن في رهبة عظيمة!
رَفعت عيناي المتلألئتين لتلك الأم و أعدت لها القرآن هامساً :" آسف "
تنطلق صرخات انتصارهم و أنا أسير برعشة إلى شركتي ..
محتفلين بكشف كذبي ..
و خلفي يقف ستة عشر شرطي يحمل في يده السلاح يهددني بالموت !
أي حياة هذه التي أعيشها!؟
أراني أدخل شركتي ألمس بأصابعي جبيني كأنني أخفي الانكسار المختزن بعيناي ..
أتشاغل بتنسيق بذلتي بلونها البيج الدافئ و عُيون كثيرة تراقبني خُلسة من وراء المكاتب ..
مُديرهم عميل و مرتزق !
أجلس أمام مكتبي .. أزفر لتعبر أنفاسي الحارة بين شفتي المتوهجتين ..
أحاول أن أكون هادئاً !
و أنا أتجاهل أصوات الفوضى في الخارج ..
أرفع رأسي لحُسين
يضع ورقة على المكتب ثم يهمس :" اعذرني أنا سأستقيل مع فواز! و خمسة موظفين آخرون !
الشركة ليست آمنة.. و لا أوافقك أبداً على الاتجاه الذي سلكته ! "
أحدق في الورقة التي تركها ثم أرفع بصري له بضيق و أنا أرخي ربطة عنقي الفيروزية اللون ..
أتأمله بعمق ثم أهمس بضيق :" تستقيلون؟"
هزّ رأسه :" نعم"
قلت بوهن :" لماذا؟؟"
زفر و هو يتأملني !
كأنه ينظر للإحمرار في وجهي الذي يعلن ضُعفي !
كان صديق و رغم هذا حاول ألا ينجر وراء عواطفه فصار يشتت بصره قائلاً :
" أعلم أنك بريء ! و لكن الشركة اليوم تابعة للحكومة !
و أنا لا أقبل أن أعمل في شركة بهذا التوجه !
كما تعلم فأنا معارض متعصب .. ( حاول أن يبتسم ليخفف وطأة الصدمة علي )"
أتوتر و عيناي تتلألأ بالرجاء له !
و كأنني كنت أهمس له أنه يبقى معي في هذه المحنة !
الشركة ستنهار باستقالة كل هؤلاء ..
تحمّر أوداجي و أنا أتأمل ورقة الاستقالة !
حُسين
فواز
نادين
مراد
محمد طاهر
جواد
سًهيل
اهتزت أصابعي !
أكفأ الاختصاصين بل أفضل الموظفين المخلصين الذين تستند عليهم الشركة و تعتمد على خبرتهم !
ظننتهم مُخلصين !
و لكن .. لا أحد سيقف معك إذ كنت كشفت عن وجهٍ آخر يناقض الوجه الذي تظهر به كل يوم !
أرفع عيناي بتوتر لحُسين ثم أطرق برأسي ألتقط قلمي أوقع على الورقة بعجز ..
يتقدم ناحيتي و قد شعر بالأسى تجاهي ..
وقف بجوار كرسيي لينحي بلطف و هو يربت على كتفي :
"آسف جداً .. اعتنِ بنفسك ! الطريق الذي تسلكه معتم "
أتأمله بعبرة!
و هل بيدي أمر اختيار الطُرق التي أريد ؟
أنا الآن أخسر كل شيء .. فمن يهتم؟






أقمار تجول بروحانية حَول النهر المتدفق بماءه الزُلال الصافي ..
كُن كحوريات ! طاهرات ..
أثوابهن بيضاء نقية .. الرحيق ينبعث منهن كأنهن خُلقن من ماء الزهر ..
الطهر !
نعم أنهن نساء الطهر !
أهذه مريم العذراء ؟
و هل تلك فاطمة الزهراء ؟
و هل تلك أم المؤمنين عائشة ؟
تلك الحوراء ! و تلك حواء ؟
و تلك خديجة ؟
وُجوه نقية !
نجوم ساطعة !
جمال مُخلد في ملامحن ..
بأكف بيضاء كُن يسقين أهل الجنة من ذلك النهر !
فأرى كل بقايا قاذورات الدنيا تتلاشى منهم لتحال وجوههم لبدور ساطعة ..
الطُهر !
كم هو حاجة فطرية ملحة !
هممت لأقترب من ذلك النهر ..
قبل أن أنتبه لقدماي المثبتتان في الأرض ..
لازلت أقف في الخارج !
لم أطأ ما بعد أسوار الجنة بعد ..
أبواب الجنة مغلقة في وجهي !
ليس قبل أن أتطهر !
ليس قبل أن أكون أهلاً لأشرب من ذلك النهر !
جهنم الكُبرى تصرخ من خلفي بلظى نيرانها ..
جائعةٌ هي لالتهام أجساد أخرى .. سعيرها يكاد يلامسني ..
أهذه هي النهاية المفجعة ؟
أهذه نهايتي .. ؟
أحشر مع بقية الفسقة و الفاجرين ..
و أذوق معهم من نفس الكأس ! الزقوم و الحميم .. ؟
أهكذا ستطهرني من دنسي يا ربي؟
أم ؟
سأتطهر أنا بنفسي لأدخل جنتك؟

 
 

 

عرض البوم صور ♫ معزوفة حنين ♫   رد مع اقتباس
قديم 10-04-13, 04:03 PM   المشاركة رقم: 13
المعلومات
الكاتب:
اللقب:
عضو فخري
♪ مُخْمَلٍيةُ آلعَطّآءْ ♦


البيانات
التسجيل: Mar 2010
العضوية: 157123
المشاركات: 30,194
الجنس أنثى
معدل التقييم: ♫ معزوفة حنين ♫ عضو مشهور للجميع♫ معزوفة حنين ♫ عضو مشهور للجميع♫ معزوفة حنين ♫ عضو مشهور للجميع♫ معزوفة حنين ♫ عضو مشهور للجميع♫ معزوفة حنين ♫ عضو مشهور للجميع♫ معزوفة حنين ♫ عضو مشهور للجميع♫ معزوفة حنين ♫ عضو مشهور للجميع♫ معزوفة حنين ♫ عضو مشهور للجميع♫ معزوفة حنين ♫ عضو مشهور للجميع♫ معزوفة حنين ♫ عضو مشهور للجميع♫ معزوفة حنين ♫ عضو مشهور للجميع
نقاط التقييم: 13523

االدولة
البلدSaudiArabia
 
مدونتي

 

الإتصالات
الحالة:
♫ معزوفة حنين ♫ غير متواجد حالياً
وسائل الإتصال:

كاتب الموضوع : ♫ معزوفة حنين ♫ المنتدى : القصص المكتمله
افتراضي رد: عزرائيلي الهوى ، للكاتبة : Sameera kareemy

 


(34)

ماذا جرى ؟
لا أعلم ..
و لكن أجنحة عزرائيل خيمت على بيتي لأيام طُوال !
أظلم المكان بشكل مُهيب !
و صُرت أسمع همسات أشباح الوحدة تأتيني من وراء الجدران التي بدأت تضيق علي أكثر فأكثر !
أتقلب في سريري بجنون و الظلام الدامس صار حليفاً للفراغ و السكون ضدّي ..
أدفن وجهي في الوسادة و أنا أرمش لاهثاً ! أشعر بالنيران تلسع جسدي !
أقبض بأصابعي بعنف على شعري و أنا أعض شفتاي ..
كوابيس أتت كمطارق فولاذية على رأسي !
لتطرأ في ذهني صورة !
طفل تُرك بلا أوشحة !
تُرك عاريا ملطخاً بالقاذورات
ليرمى على بوابة المشفى في ساعة متأخرة من الليل !
صراخه المخنوق لم ينتبه له أحد ! فالجميع منشغل بنفسه !
طِفل ! كُتبت عليه الذلة و الوحدة منذ أن أبصر هذه السماء المعتمة !
الوحدة ! أبشع كابوس عِشته في حياتي !
و شيطان رباب كان ونيساً لي طيلة الست السنوات التي مضت !
كان عذابي لذيذاً ! فقط لأني كُنت ضمن أسرة ! و هذا ما يُهمني !
و اليوم وجدت المنزل فارغ ! عدا عن همهمات الخادمات ! شعرت بسموم الوحدة تغزوني من جديد ..
بودي لو أصادق أي شخص ألاقيه ! بودي لو أحتضن أي جسد أراه ! أشعر باليُتم !
لو كان لدي أم ! لو كان لدي أب ! لو كانت لدي أسرة !
لو كُنت عشت انساناً طبيعياً ينتمي إلى نطاق معين ! ينتمي إلى أي شيء ! لما احتجت لشيطان رباب !
أنا الآن وحيد ! أحتاج شخصاً !
أحتاج ليد ! تخرجني من العتمة التي أغرق فيها !
أحتاج لحضن يمتص مني كل أوجاعي !
أحتاج لطُهر ! أحتاج لأكون شخصاً طاهراً ! لأستطيع العيش في حياتي من جديد !



**

في الفترة التي تلت رحيل رباب .. فأني عشت حالة هلامية من الوعي و اللا وعي !
كُنت أعيش بعالم آخر ! عالم لم أعرفه منذ فترة !
ثمة ضوء وردي ينبثق من فوهة في سمائي المظلمة فيخترق عتمة منزلي !
ثمة شخص يشعر بالوجع بداخلي ! بالاستصراخ في أحشائي ! بالنزيف .. بالاحتضار !
ثمة شخص يراقب !
ثمة شخص يُحب !
ثمة أيدي بيضاء تستحثني أن أنهض ! أن أخرج من العتمة ! أن أتطهر ! أن أتغير ,,
كوابيسي المرعبة انقشعت لتحل مكانها أحلام مبهمة !
كأنها إلهام !
أراني مجدداً أمام نهر صافي ..
و أرى كل نساء الأرض الطاهرات يجلن حوله ..أتعطش لأشرب منه رشفة ! قطرة ! فلا أستطيع !

** هو !
نعم أنه هو !
أنه يحثني على الاقتراب من سماءه !
يحثني أن ألقي بالنجاسة من داخلي !
أن أتوب !
أن أبحث عن أبوابه !
يخبرني أنه فتح أبواب المغفرة لي !
علي فقط أن أعبرها !
فقط !
**



ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ـــــــــــــــــــــــــــــــــــ

لا احلل مسح اسمي من على الرواية ..
تجميعي : ♫ معزوفة حنين ♫..

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ـــــــــــــــــــــــــــــــــــ


(35)


مطلقة !
شعور مفزع يراودني !
هذا اللقب عندما يطوقني من جديد فأنه يذكرني بمشاعري السابقة..
في الأيام التي تلت طلاقي من عبد الرحمن !
جالسة في منزل أهلي بشعور مقيت!
اشعر أني ضيفة ! ضيفة فقط ..
ضيفة صار مكانها فراش أرضي في غرفة مُنى و بجانبها يرقد طفلها !
بعد أن كانت غرفتي واسعة كبيرة
تطل على غرفة أخرى للملابس
حاجياتي و هدايا يوسف الثمينة و ملابسي التي جلبها لي من أفخم المحلات المعتبرة
أودعتها لخزانة منى و أخبرتها أنه بامكانها أن تمتلكها !
فهي جديدة لم تمس !
لم أنزع حتى اللاصق الذي يحوي السعر ...
لم أستخدم شيئاً أهداني إياه يوسف !
و كُنت أرتدي القلادة التي أهداني إياه عبد الرحمن مسبقا !
رغم أنها عتيقة مزرية !
أما مجوهراتي !
سلاسل الألماس و خواتم الذهب المرصعة بالياقوت
و اللؤلؤ الاصلي التي ينتقيها يوسف بخبرة عميقة ..
لم أمسها هي الأخرى ! لذا أعطيتها لمنى التي قالت بقوة :
" لا ! إذ كنت لا تريدينها أعيديها ليوسف ! "
قُلت :" لا يُمكن ! "
عادت تقول :" و رصيدك المكتنز بالأموال يا رباب !!! أعيدي الأموال لصاحبها قبل أن تتطلقي ! "
أموال يوسف الذي كان يهبها لي من فترة لفترة
و يودعها في رصيدي قائلاً أنني يمكنني التصرف بها كما أشاء !
أشتري أي شيء أريده بها ! محلاً ! سيارة ! أرضاً ! عمارة !
رغم انه لم يقصر أبداً في الانفاق علي و كتب لي العديد من الممتلكات باسمي ..
لكنه أصر أن يبقى هذا الرصيد الهائل لي وحدي !
قالت منى بجدية :" أعيدي له كل شيء ! "
قُلت بهمس :" ذلك من حقي كزوجة !"
فكّرت في ذلك لفترة!
هل كُنت حقاً زوجة ؟
و لكني تعلمت ألا أضيع نفسي ؟
عبد الرحمن إذ تزوجته فهو مِسكين فقير ! من المفترض أن أسانده بأموالي !

أقف أمام المرآة!
أشعر بتغير طفيف في جسدي ! تغييرات كريهة حقاً ..
رغم كل ما فعلته لأبدو رائعة .. أراني أمرر كفاي المبللتين على صدري و كتفي المترهل ..
بشرتي تغير لونها بشكل غريب ! جمالي يتناقص بسرعة!
امرأة بعمري ماذا تنتظر ؟
أين أنت يا عبد الرحمن ! دعنا نعيد أيامنا السابقة قبل ان تسلب مني الدنيا كل شيء..
خَجل يعتملني ! عبد الرحمن لن ترى فيّا رباب السابقة !
الجميلة ! الفاتنة ! المهتمة بنفسها و بكل شيء ..
سترى فيا امرأة عجوز رغم كل ما فعلته لتبدو أصغر ..
لم أعد ألاقي يوسف أبداً !
يأتي لرؤية ابنه و اصطحابه ليوم كامل ثم يعيده نائماً !
و لم يعد يسأل عني و كذلك أنا !
بالرغم أنه الوضع الذي أريد إلا ان أبي ثار ليصرخ في وجهي :
" ماذا فعلتِ ليوسف هاه ! "
صار يصرخ بشكل مزعج و يخبرني أنني لست مراهقة لأعود لبيته في أي وقت ! و علي التحكم بنفسي ..
كنت أشيح بوجهي عنه كيلا أضطر لمجادلته
و هو بدوره كان يصر على اثارتي و هو يصرخ :
" هل تريدين الطلاق ؟ نعم تريدين الطلاق !
لن تتطلقي فهمتِ !
لن تتطلقي !
إن تطلقت هذه المرة أقسم أني سأتبرأ منك و من أبنائك
و لن أفتح بيتي لك مجدداً فهمتِ !
استوعبي أنك عجوز !
ألم تعلمك أمك كيف تحترمين زوجك و تقدرينه
و تلزمين بيتك؟
مُخجلة يا رباب ! "

كززت على أسناني فتراجع هو قليلاً ليأخذ نفساً !
كان يحملق بي بنظرات مرعبة حقاً و كنت أخشى عليه من العصبية فهي ليست جيدة لصحته ,,
اقترب مني و جلس قبالتي و انحنى بوجهه لينظر لي بعمق ثم همس :
" ما هو خلافك مع يوسف ها؟
ماذا فعل ؟( قال بنبرة أهدئ) يوسف هذا الرجل المسكين
ليس له في هذه الدنيا إلا أنتِ يا ابنتي ! "
همست بحنق :" أبي انت من زوجتني بشخص ليس له أصل و لا عائلة تردعه ! "
قال بانفعال :" و ماذا فعل لك هذا المسكين ؟
ألم تريه في التلفاز ؟ مَظلوم ! صدقيني يا ابنتي أنه مَظلوم ..
هل سألتيه ؟ هل تحققتِ من الأمر "
صحت بقوة :" أبي لا يهمني ما قال على التلفاز و أنا خلافي معه ليس بسبب ذلك !
أبي يوسف اقترف جرماً آخراً لا يمكن أغفره له أبداً!
لأني منذ البداية لا أطيقه !"

زفر أبي ثم همس :" رباب !
يوسف مسكين و يحبك ! ستر عليكِ و ساندني مادياً..
هذا الشخص طيب و مَظلوم طيلة حياته ! أنه متعلق بك كثيراً يا رباب ! أنت كل شيء بالنسبة له ..
لقد اضطهدوه في طفولته كثيراً يا ابنتي !
لم يكن يعيش حياة طبيعية و لذلك هو متعلق بك ..
هل ستتركينه ؟ سيضيع ! و سيضيع عمار أيضاً !
و ستضيعين أنتِ أيضاً "
ربت على كتفي:" فكري في الموضوع يا ابنتي"
يا أبي.. لا حياة زوجية تبنى على الشفقة فقط ! تبن على الحُب أولاً و المعرفة و العِشرة و التجانس !
هذا الرجل لا أحبه و لا أعرفه و لا أتجانس معه أبداً !
أشعر بقذارته !
أشعر بأنه مملوء بالخطايا !
جينيات الحرام تسري في دماءه !
لا يمكن أن أتقبله !




ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ـــــــــــــــــــــــــــــــــــ

لا احلل مسح اسمي من على الرواية ..
تجميعي : ♫ معزوفة حنين ♫..

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ـــــــــــــــــــــــــــــــــــ


(36)


أقف بين موظفيني القلة !
أتأمل موظفتي ( رحمة )
و هي تطلعني على كمية الخسارات التي تعرضت لها الشركة ..
أقبض بأصابعي بعجز على مسند كرسيها و أنا أضغط على صدغي ..
خسارات متتالية دون أن أستطيع أن أتفادها او أحسن من الشركة .. اتنهد و أنا أرخي ربطة عنقي و يستدير لي الموظف الآخر قائلاً :
" الديون تكاثرت على الشركة سيدي !
يجب أن نفعل شيئاً ! الشركة تنهار تماماً ! "
ضغطت على شفتي و أنا أنظر لشاشة الحاسوب مجددا ثم همست :" لا أعرف حقاً ماذا أفعل ! "
استدارت لي الموظفة رحمة باستنكار لأنسحب باستسلام متجهاً لمكتبي تتقاذفني الهواجس !
ترى ماذا أفعل! الشركة كانت قائمة على عمل الاختصاصيين !
و على المعاملات مع بقية الشركات و الوكلاء !
أما الآن ! فلا الاختصاصين بقوا في شركتي و لا الوكلاء يريدون التعامل مع شركتي
و الحكومة ؟ الحكومة ادّعت أنها ستساندني ! فأين المساعدة ؟
خلعت جاكيتي لأضعه على كتفي الكُرسي الجلدي ..
و ارتميت عليه متنهداً .. أطرقت برأسي و أنا أنظر للهاتف بعجز ..
هل ؟ هل أطلب المساعدة من الحكومة ؟؟
مددت أصابعي بتوتر للهاتف ! من المفترض أن أكون مقرباً لهم !
كانت الأفكار تتقاذف في ذهني ! هل سأغرق في التعامل مع هذه الفئة الظالمة من الناس ؟
قطع تفكيري طرق الباب .. لأرفع رأسي قائلاً :" تفضل ! "
ينفتح الباب و تُطل الموظفة رحمة ! صرت أخشى حقاً من دخول الموظفين لمكتبي ..
أخشى من استمارات طلب الاستقالة التي يضعونها على مكتبي بجحود ..
تقدمت رحمة و هي فتاة عشرينية مجدّة في عملها و لم يسبق و إن تغيبت عن العمل ..
دعوتها للجلوس و نهضت بدوري لألتقط من يديها الأوراق المطبوعة لأجلس قبالتها ..
وضعت الأوراق على المنضدة هامساً :" أنا أعتذر ! رُبما سأضطر لأغلق الشركة "
كانت تتأملني بصدمة و في كل مرة تتوسع فيها عينيها الداكنتين و يهتز فيها حاجبها الأيمن أشعر بالأسى بعمق ..
و أنا أشتت بصري في الأوراق التي على المنضدة ..
" أأنت جاد سيدي؟"
قلت و أنا أشبك أصابعي ببعضهما البعض في انهيار .. :
" رُبما ! الشركة تنهار ! ليس هناك مقوم واحد لنجاحها !
الديون كثرت ! لا أستطيع حتى دفع الرواتب بشكل منتظم ..
لا يوجد في الشركة اختصاصيين كفؤ لفحص الأدوية قبل بيعها ..
الشركة تفتقر للموظفين و للمعاملات !
الشركات ترفض التعامل مع شركتي !
ذلك كله سيؤدي بشركتي للانهيار ! "
و رفعت حزمة الأوراق من المنضدة مبتسماً :
" كل شركة لها فترات صعود و هبوط
و ربما يؤدي الهبوط لعدم قدرتها على الصعود !
و هذا ما تمر به الشركة "
كُنت أتحدث بشكل يائس حقاً !
لم أعتد أن أبث لموظفيني هذا الوهن و لكنه الواقع ..
انفعلت رحمة :" و لكن ! الشركة لم تصل لتلك المرحلة بعد "
نسقت خمارها حول وجهها المدور متأهبة لقول ما لديها في تصميم .. نظرت لي بتركيز ثم همست :
" سيدي أنت تتغير ! لم تكن كذلك ! ( تفحصتني )
سيدي ! يمكننا إنقاذ الشركة ! لماذا نيأس ؟
لماذا نعلق آمالنا دائماً بمن يرفضوننا؟
لماذا نعلق مصيرنا بإشارة منهم !
هل هم يستحقون منا ذلك؟
دائماً كل شخص يستطيع العيش حتى لو فقد كل من حوله
شركتنا يا سيدي لن تنهار لأن الشركات الأخرى قاطعتها
(باصرار) و لن تنهار لأن الموظفين قدموا استقالتهم !
سيدي ! ( رمقتني بعمق )
سيدي ! أنت طاقة لا تخمد ثق بذلك !
لماذا نعتمد على الداخل أصلاً ؟ لماذا ؟
لماذا يا سيدي لا نستورد الموظفين من الخارج الذين لن يكونوا عنصريين تجاه شركتنا
لماذا لا نتعامل مع شركات عبر الانترنت ؟
نعم يمكننا أن ننهض ببطء هكذا !
نتعامل مع الشركات الأجنبية التي لا تضع شروطا معينة مع من تتعامل مع شركات ..
الخارج يا سيدي !
دعنا ننظر للخارج بما أن الداخل يرفضنا !
سيدي !
أنا مستعدة أن أبقى معك للنهاية بشرط ألا تستسلم و تقفل الشركة ! ( باصرار )
بشرط ألا تستعطف الشركات الذي خذلتنا
بشرط أن تصمد أكثر يا سيدي
و تشكل نفسك من جديد و تقوي عزيمتك "
كُنت حينها أصغي لها بعمق
و كلماتها تحثني شيئاً فشيئاً أن أرفع عيناي من أوراق الخسارات
إلى النجاح التي تصفه بعينيها ..
كانت حوراء العينين ..
قوية ! بكلماتها المزلزلة لغفوتي ..
ناعمة الملامح إلا أن عينيها الحوراوتين فيهما قوة هائلة ..
و أصررت بدئاً من كلماتها أن أستنهض شركتي من جديد إلا أني !
عندما عدت لبيتي .. و تدثرت بالأغطية مستعداً للنوم !
مرت كلماتها في ذهني و كأنها تحمل معاني أخرى !

لماذا نعلق آمالنا دائماً بمن يرفضوننا؟
لماذا نعلق مصيرنا بإشارة منهم !
هل هم يستحقون منا ذلك؟

هل رباب تستحق؟

 
 

 

عرض البوم صور ♫ معزوفة حنين ♫   رد مع اقتباس
قديم 10-04-13, 04:03 PM   المشاركة رقم: 14
المعلومات
الكاتب:
اللقب:
عضو فخري
♪ مُخْمَلٍيةُ آلعَطّآءْ ♦


البيانات
التسجيل: Mar 2010
العضوية: 157123
المشاركات: 30,194
الجنس أنثى
معدل التقييم: ♫ معزوفة حنين ♫ عضو مشهور للجميع♫ معزوفة حنين ♫ عضو مشهور للجميع♫ معزوفة حنين ♫ عضو مشهور للجميع♫ معزوفة حنين ♫ عضو مشهور للجميع♫ معزوفة حنين ♫ عضو مشهور للجميع♫ معزوفة حنين ♫ عضو مشهور للجميع♫ معزوفة حنين ♫ عضو مشهور للجميع♫ معزوفة حنين ♫ عضو مشهور للجميع♫ معزوفة حنين ♫ عضو مشهور للجميع♫ معزوفة حنين ♫ عضو مشهور للجميع♫ معزوفة حنين ♫ عضو مشهور للجميع
نقاط التقييم: 13523

االدولة
البلدSaudiArabia
 
مدونتي

 

الإتصالات
الحالة:
♫ معزوفة حنين ♫ غير متواجد حالياً
وسائل الإتصال:

كاتب الموضوع : ♫ معزوفة حنين ♫ المنتدى : القصص المكتمله
افتراضي رد: عزرائيلي الهوى ، للكاتبة : Sameera kareemy

 



(37)


لماذا نعلق آمالنا دائماً بمن يرفضوننا؟
لماذا نعلق مصيرنا بإشارة منهم !
هل هم يستحقون منا ذلك؟

هل رباب تستحق؟

الخارج يا سيدي !
دعنا ننظر للخارج بما أن الداخل يرفضنا !

الداخل يرفضني ! فالخارج ! سيقبل بي...؟

و تذكرت حينها نظرات الاحترام المغلفة بالاهتمام من مقلتيها !
انتفضت كالملسوع ..
و أبعدت غطائي عني و أنا أتملس عنقي ..
فيمَ أفكر ؟
بالبحث عن قلب أنثى أخرى ؟
الخيانة مجدداً يا يوسف؟
ألستَ تريد التوبة !
ألستَ تبحث عن طرق الله فحسب؟
هل أنا شخص دنيوي لهذه الدرجة حقاً !!؟






أقف أمام منزل أبا رباب مستنداً على سيارتي اللكزس ..
كُل يوم خميس أأتي لأأخذ عمار معي بصمت وأترك في يد فاضل مصروف والدته و مصروف عمار ..
في ذلك اليوم كنت أقف عاقداً ذراعاي أمامي صدري

و أنا أشيح بوجهي إلى أشجار الليمون الذي يزرعها عمي بجد ..
الرياح تهب لتبعثر غُرتي عن جبيني ..
أزفر بضيق قبل أن انتبه لعمي الذي يفتح الباب بقوة و يصرخ :" أخرجي !!! "

كان منفعلاً ! لأول مرة أراه غاضباً هكذا !
رأيته يجر رباب من معصمها
و منذ أن التقت أنظارنا شعرت باللهيب يسعر بداخلي ..

كانت تبكي !
لأول مرة أراها تبكي بهذا الضعف !
وجهها محمر ! و عينيها متورمتان !
كأنها قد اعتادت البكاء منذ زمن ..

عباءتها تسقط على كتفيها بإهمال و خمارها مرتخي حول وجهها !
ازدردت ريقي و أنا أنظر لعمتي و هي تصرخ :
" حرامٌ عليك !!! أتركها ! أنها لا تريده "

أنظر لأخاها و هو يقف بغضب مغمضاً عينيه دون أن يستطيع فعل شيء ..
كان عمي غاضباً بشكل مريع و رأيته يجرها بقسوة ..
آلمني قلبي حقاً

و لم أستطع إلا أن ألتقط عكازي
ثم أسرع إليه لأمسك يده التي يقبض بها على معصم رباب بعنف ..
رجيته قائلاً :

" عمي "
نظر لي و صرخ :" يوسف
تأخذ امرأتك الآن لبيتك !
لا مكان لها هنا !
و لو عصتك في أمرٍ واحد
( كسِّر ) عظامها ! "


حولت أنظاري لرباب المنكسرة !
كانت تبكي و هي تخفض عيناها و تمتم بكلمات لا أفهمها ..
مددت يدي بحذر لأمسك معصمها و كُنت أود لو أمسح دموعها !
لم أكن أرضى عليها هذا الهوان !
أمسكت بكفها و لم تمانع أبداً و كانت راضخة رضوخ غريب ..

خاطبت عمي بهمس :" عمي اهدأ ! كانت رباب .."
صرخ عمي و هو ينظر لها بعنف :
" كانت تريد الطلاق و لم يكن لديها سبب واحد !
( نظر لي ) خذها و اقفل عليها الأبواب يوسف !
أنها متمردة افعل بها ما تشاء و لكن لا تعدها لمنزلي ! "

كانت عمتي ستنطق إلا أن عمي صرخ :" ماذا أيضاً؟ ما دخلكم؟
هذه العجوز يجب أن تعقل ! يجب أن تفهم أنه شابت !
يجب أن تفهم من هي ! و أن تكف عن هذا الغرور "

كنت أتأملهم يتناقشون بحدة و رأيت رباب تتجه بسرعة للسيارة ..
تجر عباءتها المهملة لتفتح الباب و هي تبكي !
و نظرت لفاضل و هو ينقل الحقائب الكثيرة الخاصة بوالدته !
ليضعها في صندوق السيارة...

أمسكت بيد عمار و اتجهت للسيارة في توتر و أنا أتكئ على عكازي ..
أوقفت فاضل قبل أن يعود لمنزل جده و همست :
" ما الذي حصل؟"
شتت هو أنظاره ثم همس :" جدّي !
جدي غضب من أمي لأنها فاتحته في موضوع الطلاق "

تأملتهم و هم لازالو يتنازعون و فاضل يحثهم على الدخول للمنزل منعاً للفضائح ..
و نظرت لرباب و هي تجلس في المقعد الأمامي تغطي بكفيها وجهها !
كانت تبكي بصدق !


فتحت الباب الخلفي و أجلست عمار في الخلف و أغلقت الحزام عليه ..
كُنت متوتراُ قبل ان أفتح باب المقعد الخاص بي ..
مرت لحظات بعد أن أغلقت الباب و أنا أمسك بالمقود ..
كان نحيبها يمزق أحشائي تمزيقاً !


كانت تبكي بشكل مؤلم ! كأنها فقدت أشياء كثيرة !
رأيتها في منتهى الهوان ! و لم أعتد أن أراها هكذا !
كانت دائماً صلبة و معتدة بنفسها و بأسرتها !

عمّار يراقبنا بصمت هو الآخر !
بالكاد استطعت أن أدير رأسي لها
لأراها تمسح عينيها من الدموع التي غمرت وجهها ..
بحذر أمسكت بمعصمها النحيل لأبعد كفها عن وجهها هامساً :" رباب "


تصلبت و هي تغطي وجهها أكثر بكفيها بقوة !
و همست بصوت متحشرج :" حرك السيارة من هنا ! "
كانت تبدو غاضبة بشكل كبير على أبيها !
و لم أعرف في الحقيقة كيف يمكنني علاج ذلك



لذلك قدت السيارة لمنزلنا و شغلت القرآن ..
فتنساب الآيات الكريمة في أذنينا بشكل رهيب !
أهو علاج روحي ؟

هدأ التكهرب الحاصل
و رأيت عمار قد خرج من حالة الصدمة التي تعتريه
و صار يعبث كالعادة بأي شيء يراه ..


أما رباب لازالت تنحب و لكن بصوتٍ مكتوم !
وصلنا سريعاً لمنزلنا ..
ركنت السيارة و أشرت للسائق أن يأتي و ينتشل الحقائب ..
لم أحب عودتها لي مجبورة !
مقهورة و ذليلة ! لم أحب ذلك ..


أتكئ على عكازي لأنظر لها و هي تدخل المنزل مُسرعة !
كانت تهرب ..نعم كانت تهرب لغرفتها !
هل تبادلنا الأدوار يا رباب !
لتهربين أنتِ لغرفتك تقفلينها هرباً مني ؟


لم أكن لأتركها في تلك الحالة ابداً !
و رأيتني أصعد الدرج بصعوبة متجهاً لغرفتها المغلقة ..
أطرق باب غرفتها و أنا أسمع لصوت بكائها العالي !
كأنها تفرغ كميات مكبوتة من الحزن ..


صاحت :" لا أريد رؤيتك ! "
هَمست :" أنت بخير؟ "
صمتت و لم ترد علي .. اقتربت من الباب هامساً :
" أأدخل رباب ؟ أريد الاطمئنان عليك فحسب"
أيضاً صمتت و بدلاً من أن ترد عادت للبكاء ..


فتحت الباب بحذر شديد..
فهذه الغرفة محرمٌ علي دخولها منذ زمن طويل ..
فتحت الباب لأقف أراقبها و هي تستلقي على السرير بشكل مؤلم ..
متكومة على نفسها ..
تدفن وجهها في الوسادة !
كانت لا تزال بخمارها و عباءتها !
و فهمت أنها حقا تتعذب معي ..


ترددت في الاقتراب ! فأنا أكثر شيء تكرهه !
و رغم هذا صَعُب علي رؤيتها بهذا الشكل ..
جلست على السرير..
و مسحت على شعرها المبلل بدموعها الذي يعاند للتحرر من الخمار .. هَمست :" رباب "


انكمشت و هي تبكي .. لم أكن الشخص المؤهل لمواساتها !
و فكرت لو جئت بفاضل معنا ألم يكن أفضل ليهدئ من روعها ؟
همست :" رباب ! لا تبكي"
دفنت وجهها في الوسادة تهرب مني ..
و ظلت تنحب بشكل يمزق نياط القلب ..
أمسكت بذراعها أحاول أن أساعدها على الجلوس و مواجهتي و لكنها كانت نافرة بشكل لا يصدق ..
استوت على السرير لتقبض على الأغطية منكسة رأسها و صارخة :

" أغرب عن وجهي !
لماذا أنت هنا؟
لقد تحققت أمنيتك !
أعود لبيتك هذا و ترتاح أنت ..لا يهم ما هي إرادتي ! "

أمسكت بمعصميها و همست :" رباب ! لماذا لا نفتح صفحة جديدة ! لماذا لا .... "

صرخت و هي تنفر مني :" اخرس و لا أريد رؤية وجهك "
و دفعت كتفي بقوة و هي تشيح بوجهها ..قلت باصرار و أنا أحاول تهدئتها :" رباب اسمعيني ! "
حملقت بي بعينين حمراوتين منتفختين إثر البكاء المستمر ثم هتفت بكره :
" ماذا تريد ؟
ماذا تريد مني بعد ؟
ها أنا عدت لبيتك !
و لن أعود لمنزل أبي حتى لو زنيتَ أنت مائة مرة ! "
كانت تلهث و هي تنظر لي بعميق حقد..

استعذت بالشيطان و همست قائلاً منكساً رأسي أخاطبها :
" رباب ! أنا أعرف شعورك جيداً !
لا ملجأ لك ! و أنا أيضاً لا ملجأ لي !
لماذا يا رباب ؟ لماذا لا نلجأ لله ؟ ( رفعت أنظاري لها )
نعم نذهب للحج هذه السنة يا رباب ..( أبتسم بهمس ) نؤدي مناسك الحج ! لم نحج منذ أن تزوجنا يا رباب !
أليس كذلك؟
و سندعو الله مخلصين ! أن يقودنا للطريق الأفضل بالنسبة لنا !
و أن يبصرنا و يساعدنا أن نحل كل هذه المشاكل ؟
فإن كانت الخيرة أن نفترق ! سنفترق
و إن كانت الخيرة أن نظل مع بعضنا البعض سنفعل ! "



هدأت هي كلياً و هي تحدق في اللاشيء ..
اقتربت منها بحذر و بكثير من التردد قبلت جبينها ثم ابتعدت مسرعاً قبل أن تنفر و هي تصرخ :
" ماذا فعلت؟ ! أنت ..."
قاطعتها و أنا أمسك بكتفيها قائلاً بتأثر :
" رباب ! أنا أحبك !
و قبل كل هذا أنا أريد أن أتوب
و أريد أن يغفر لي ربي ذنوبي الكبيرة ..
و أريد أن تستقر حياتي و حياتك !
(بابتسامة) و أريد أن أراك سعيدة ! فقط !
أنا أعلم أنك ستسعدين كثيراً بالذهاب للحج !
سيكون الله معك و لن يترككِ تائهة ضائعة !
( بهمس ) كلما اقتربنا منه ! سيقترب منا أكثر !
كلما طلبنا منه شيئ ! سيعطينا أشياء !
سنطلب منه أن يكتب لنا ما هو صلاح لنا ! .."

كانت تحملق بي مُطولاً
و شعرها الرطب يتموج من حول وجهها الشاحب إثر الدموع ..
خمارها يسقط على كتفيها ..
كانت تسرح مُطولاً قبل أن تبتسم بسخرية و هي تنظر لي :
" زنا و حج ؟؟ أي شخصٌ أنت ! أي خطة تعدها لاستمالتي ؟ "

لم أعد أهتم لتلك الطعنات فابتسمت هامساً :
"أنا أريد التوبة يا رباب ! و الحج سيطهرني من الذنوب !
سأسأل الله أن يغفر لي الزنا و سأجتهد لأتخلص من آثامي ..
أنا واثق من رحمة الله "

تأملتني مُطولاً و أنا أنظر لها بتشجيع ..
تهتز مقلتيها و هي تنظر لي بعمق .. ثم تبتسم بنفور :" اذهب وحدك !
و إذ تمكنت من تغيير نفسك فتلك معجزة ! "
رغم هذا ابتسمت و قلت :" و إذ تغيرتُ يا رباب هل ستسامحيني ؟"
كانت تنظر للأغطية عميقا !
ثم رفعت رأسها ناحيتي بتفكير :
" إذ أصبحت شخصاً أهلاً لذلك! سأسامحك ! "


ضحكت بفرحة!!!
لوجود هذه الكوة الصغيرة
التي تعتبر لي كمنفذ لقلب رباب ..
و هززت رأسي راضياً بهذا الاتفاق ..
..



ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ـــــــــــــــــــــــــــــــــــ

لا احلل مسح اسمي من على الرواية ..
تجميعي : ♫ معزوفة حنين ♫..

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ـــــــــــــــــــــــــــــــــــ


(38)


أراني أجلس مع عمار جلسة مغلقة !
أجلسه معي على سريري ..
لم أكن جاداً و حازماً مع عمار مُسبقا
و تركت لرباب الحرية لتوبخه على أشياء كثر
و كنت أنا فقط أحسن التلوين معه في دفاتره ..
لا أتقن سوى اللعب معه و السير معه في الحدائق لأجيب على أسألته البسيطة ..


ما هذا أبي؟
قرد !

و هذا ؟
سنجاب يا عمار ..


كُنت أباً ليناً طيباً !
لم يعلّم طفله سوى الابتسام ! فالحياة جميلة !
علمته شيئاً لست مقتنع به !
لتطفو فوق لسانه كلمات هزّتني هزاً ..

- أبي لماذا أمي تكرهك ؟
- أبي لماذا الجميع يكرهك ؟
- أبي أنت سيء أليس كذلك؟


قال تلك الكلمات بهمس و هو يقترب مني
و أنا منهمك بالتدوين بحاسوبي المحمول !
حركت بصري بجهد ناحيته فرأيته يتكئ بوجهه المدور على كفيه الصغيرتين .. ينظر لي ينتظر إجابة !
كان قد صعقني حقاً !


و لم أكن أعي أن طفلي قادر على الرؤية و الاستنتاج !
ما رآه طفلي كافٍ ليصل لهذه النتيجة ..

كان ينظر لي بقناعة كبيرة بالفكرة التي استقرت بذهنه
و لم يكن ينتظر مني تأكيداً !
لم يكن مستاءاً ! كان قابلاً بالفكرة! مقتنع بها !
فترة طويلة تركته فيها بعيداً عني


لتترسخ في ذهنه هذه الأفكار الشيطانية
بوجوده مع أسرة رباب التي تبغضني بغضاً عميقاً !
كانت ضحكة عمار هي المنفذ بالنسبة لي !
فعمار هو الوحيد الذي يعترف بوجودي كأب !


أنا أشكل له شخصاً ذا أهمية يفاخر به أمام أصدقائه و هو يصرخ :
" هذا أبي الوسيييم "
كان معجباً بي ! و ما ألذ هذا الشعور !
و لكن الآن أراني أهتز لرؤية هذه النظرة منه !


سحبته من كفه برفق و أجلسته في حجري أمسح بكفي على رأسه ..
فهذا الطفل تربيتي ! كيف لي أن أعود في نظره الأب المثالي ؟
ماذا أخبروك طفلي ؟ ماذا أخبروك عني؟

ابتسمت له بحب و أنا أمسح على شعره الأسود ..ثم همست بصدق :
" يا عمار !
لا يهم إذ كان هناك الكثيرون يكرهوننا ! المهم أننا نؤمن أننا على الصواب ! "

رفع رأسه لي هامساً :" أبي لماذا يقولون عنك ذلك ؟ قالوا عنك أنك كنت في السجن و أنك شرير و أنك ..."
قاطعته بابتسامة :" يا أبي ! من يعرفني أكثر منك يا بني ؟
هل تراني سيء؟ ألستٌ أبوك؟ ألم أعلمك الخطأ من الصواب؟ لماذا تصدقهم؟ هم لا يعرفونني ! ما يهمني أنت فقط لأنك تعرفني "

حدق بي طويلاً ! ثم عاد ينظر للأمام بحيرة .. همس :" أبي أنت طيب و لكن !
لكن الجميع في منزل جدي يكرهك ! حتى جدتي تظل تدعو عليك !! ..."
حُرت كيف لي أن أعالج تضارب الأفكار في ذهنه !
فصورتي تنهار أمامه و رغم هذا لا أريد تسقيط جدته و خيلانه و خالاته من عينه ..

في وسط حيرتي قال هو بعبرة :
" لكني أحبك "


نهض مسرعاً ليحتضنني بعمق .. مسحت بكفي على رأسه !
هذا الطفل كبير بقلبه بالرغم من عدم فهمه للأمور !مثلي تماماً ..
مشاعره تحركه !


..



ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ـــــــــــــــــــــــــــــــــــ

لا احلل مسح اسمي من على الرواية ..
تجميعي : ♫ معزوفة حنين ♫..

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ـــــــــــــــــــــــــــــــــــ


(39)



أنه الحج الأول لي !
نعم ..


أسير في المطار و أنظر لجموع الأهالي الذين يصرخون مودعين المسافرين ..
أتخيل شخصاً بينهم يودعني !! فلا أرى أحد !

رغم وحدتي شعرت بشعور مثلج ..
شعور مثلج بأني سأذهب لأقدس مكان في هذه الأرَض ..
شعرت بأن ثمة شخص يرافقني ! يواسيني ..يؤنس وحدتي..

أنا في طريقي لجنة الله في أرضه..
نعم هو نهر الطهر الذي سوف نتطهر منه في الدنيا لنلتحق بالجنة ..
أجلس قرب النافذة أراقب أرض موطني و هي تصغر و تصغر مع إقلاع الطائرة ..


لم أشعر بالحنين لموطني ! فلطالما لفظني ! و لكني شعرت بالاشتياق لرباب ! لعمار !
كان اشتياقاً ممزوج بالسعادة ..
أبتسم و أنا أسند رأسي على النافذة لتنعكس فيها عيناي المتلألئتين بحُب رباب !


أهو حُب شيطاني؟
لا !
هو حُب انساني ! و لكنه لم يطوق ببركات الله !
لم يطوق بالقرب إلى الله !
أحببتها فقط ! و نسيت الله!
أي شخص كُنت أنا؟

قرار الحج ! كان قراراً قُذف في ذهني كنيزك !
لم أكن أفكر به حتى و لكنه جاء كفكرة لكي أتوب فعلياً و أتطهر ..

لازلت أتذكر نفسي و أنا أوضب حاجاتي في حقيبتي و الخادمة تهرع لجلب المستلزمات الناقصة ..
أراني أجلس القرفصاء في الصالة ببلوفر ذا ياقة بلون كُحلي قاتم..
و بنطال جينز أنتزع من جيبه هاتفي لأتأكد من وقت إقلاع الطائرة المسجل في التقويم الخاص بي ..
و أعود لأنظر لمحتويات حقيبتي الصغيرة ..
كان أجمل شيء كنت محافظاً على وجوده ..
هو لباس الإحرام !


أرفع بصري لعمار و هو يجول حولي يسألني كالعادة اسئلة كثيرة ..
- أبي ماذا يوجد في الكعبة؟
الله في الكعبة أليس كذلك و أنت تذهب لزيارته؟


- لا يا عمار ربنا في كل مكان ..
و لكننا نذهب للكعبة لأنه مكان مقدس و فيه تقام عبادات كثيرة ليعطينا الله الحسنات ..

أبتسم له
و أنا أعود لألتقط من كف الخادمة مستلزمات السباحة
لأدسها في إحدى جيوب الحقيبة ..
فيطل عمار بوجهه لي قائلاً بقلق :" أبي متى سترجع؟ ستتأخر؟ "


أبتسم له بعمق و أنا أهمس :" سأرجع !
و سأشتري لك كل شيء تريده ! حتى الشخصية التي تحبها !
سأشتريها مع كل أصدقاءها "
توسعت عيناه بفرح قبل أن ينتبه لنداء والدته :" عمار "


وقفت هناك بثوبها الطويل و خمارها الطويل .. كانت هادئة ..
غير عدائية في ذلك الوقت ..
حثت عمار على الذهاب للنوم و اقتربت مني بحذر لتنظر لحقيبتي المملوءة بالحاجيات ..
شتتت أنظارها قائلة بتوتر :" الليلة ستسافر؟ "
ابتسمت لها بصدق :" نعم "
اقتربت بحذر لتضع أمامي كتيب ..
استقامت هامسة و هي مشيحة بوجهها :" دعاء التوبة ! اقرئه كل يوم ..
حتى لو كان ذنبك كبيراً فالله سيسامحك إذ كنت جاداً في توبتك "

نظرت لها لوهلة ! لم أكن أعلم أنها ستهتم لأمر توبتي ..
همست بصدق :" شكراً "
رأيتها تهم بالرحيل فنهضت مسرعاً لأستوقفها :" رباب "


توقفت دون أن تلتفت لي .. اقتربت قليلاً لألمس ذراعها ..
نفضتني بعنف و قالت :" ابتعد !
تطهر ! تُب ! من ثم فكر بالاقتراب مني ..
أنت الآن نجاسة لن تتطهر إلا بالعبادات "

ازدردت ريقي لقسوة كلماتها و لكن كلماتها كانت صادقة ..
قالت :" تصبح على خير "
استوقفتها رغماً عني :" رباب ألن تودعيني ؟ "


بجهد استدارت لتتلاقى بوجهها مع نظراتي .. كانت في عراك بافكارها .. تشتت أنظارها بحيرة فيسقط خمارها باستسلام على كتفيها ..

بابتسامة ألم أحثها بذراعيَّ أن تقترب و كلي يأس من أن تقترب و لكني أتوجع حقاً لفراقها !
رغم أن هذا السفر أنا متشوق كثيراً و لكني سأشتاقها ..فهي حياتي !
هي كل شيء بالنسبة لي !
رفعت بصرها ناحيتي فرأيت عينيها غارقة في الدموع ..
حنقاً علي؟ لا أعلم !
كرهاً لي؟
ألماً ؟ وجعاً؟


إلا أنها ... جالت بأنظارها المتلألئة في عيناي ثم همست :
" عُد فقط ! هذه المرة عُد سالماً "
كُدت أخر صريعاً إثر جرعة مضاعفة من سُم حبها ..
تأملتها و هي تبتعد.. و رفعت عيناي للأعلى ..
كأني أرى سماءه محملة بالعطايا !
بالهدايا ! بالوعود ..



..

 
 

 

عرض البوم صور ♫ معزوفة حنين ♫   رد مع اقتباس
قديم 10-04-13, 04:03 PM   المشاركة رقم: 15
المعلومات
الكاتب:
اللقب:
عضو فخري
♪ مُخْمَلٍيةُ آلعَطّآءْ ♦


البيانات
التسجيل: Mar 2010
العضوية: 157123
المشاركات: 30,194
الجنس أنثى
معدل التقييم: ♫ معزوفة حنين ♫ عضو مشهور للجميع♫ معزوفة حنين ♫ عضو مشهور للجميع♫ معزوفة حنين ♫ عضو مشهور للجميع♫ معزوفة حنين ♫ عضو مشهور للجميع♫ معزوفة حنين ♫ عضو مشهور للجميع♫ معزوفة حنين ♫ عضو مشهور للجميع♫ معزوفة حنين ♫ عضو مشهور للجميع♫ معزوفة حنين ♫ عضو مشهور للجميع♫ معزوفة حنين ♫ عضو مشهور للجميع♫ معزوفة حنين ♫ عضو مشهور للجميع♫ معزوفة حنين ♫ عضو مشهور للجميع
نقاط التقييم: 13523

االدولة
البلدSaudiArabia
 
مدونتي

 

الإتصالات
الحالة:
♫ معزوفة حنين ♫ غير متواجد حالياً
وسائل الإتصال:

كاتب الموضوع : ♫ معزوفة حنين ♫ المنتدى : القصص المكتمله
افتراضي رد: عزرائيلي الهوى ، للكاتبة : Sameera kareemy

 


(40)

ذلك المَكان ! هو كان ماء الطُهر ..
هو ماء الطهر الذي يجول من حوله المُطهرون بروحانية ..

شعرت بنفسي شخص مختلف تماماً ! أرتدي الإحرام الأبيض !
فاشعر أن مشاعر الدنس تتلاشى ..

أسير مع بقية الحِجاج أشعر بي ! شخصاً متوهجاً ! نورانياً ملائكيا..
كنت مصمماً أن أؤدي الفريضة بشكل صحيح !

الحج لم يكن فريضة و حسب .. الحج كان نعمة ..
مُنحت الفرصة لأدخل هذه الجنة و أتمتع بالطهر الأبدي فيها ..

كُنت رغم جهلي بالكثير من الأمور إلا أنني كنت مجتهداً كثيراً ..
و أمام مرأى الكعبة ! يا له من منظر مهول !

شعرت بالرعشة تعتريني و أنا أحدق في الكعبة و القدسية التي تحيط بها !
أشعر بالملائكة تجول بسكون

و نداءات الحجاج ( لبيك اللهم لبيك )
شعرت بها نداءات لضميري النائم ..

تفيض عيناي بالدموع و المشاعر تهتز بصدري!
أتذكر صباح .. أتذكر ذنوبي !
فأندم كل الندم ..

أنا براء من يوسف الأول !
أنا يوسف آخر لا يرتبط بذلك الشخص المذنب ..

تائب أنا ! تائب ..
كانت لحظات لا تنسى ! فيها استنهاض للروح ..
كل منسك من مناسك الحج كان يؤكد على نفس الهدف
التطهر !

بُسرعة انقضت تلك الأيام !
مرت كبريق !

نعم بريق أبرق على حياتي المُظلمة !

أحللنا من الإحرام و بدأ العد التنازلي للعودة ..
شعرت أني أنجزت ما لا يمكن لشخص عادي انجازه!
أشعر بقلبي طاهر نظيف تخلص من ثقل الذنوب



ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ـــــــــــــــــــــــــــــــــــ

لا احلل مسح اسمي من على الرواية ..
تجميعي : ♫ معزوفة حنين ♫..

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ـــــــــــــــــــــــــــــــــــ


(41)

عاد يوسف..

اشتقته .. و كتمت اشتياقاتي !
و كتمت شعوري بالوحدة من دونه !

فهو الآن من يحتويني بعد أن لفظني منزل أبي ..
هو فقط يحن عليّ و يُسامح و يصفح ..

و هو فقط من يبتسم و يحبني بصدق و مُستعد لتقديم كل شيء ..
أما أبي الذي كنت أفاخر به فقد طردني و لم يكترث بأمر قطيعتي له,,,

أنظر ليوسف !

عاد حليق الشعر ! مُطهر القلب ..
النور يشع من وجهه .. ابتسامته خلابة بشكل فاتن ..

أراقبه بعمق و أنا أطهو .. أراه يلعب مع عمار .. يحمله ..
يدور به بجنون .. و يهوي به على الأريكة بتعب ..

فيضحك عمار بسعادة و هو يشد على ياقة يوسف :" مرة أخرى ! مرة أخرى "
أتأمل ضحكة يوسف المسالمة لعمار ..

كان سعيداً بشكل واضح ..تغير !
عاد نقياً ! سعيداً مستعداً للحياة !

أخفيت ابتسامتي و خرجت من المَطبخ أخاطبه :" يوسف .. ينقصنا الطماطم و الثوم ! "
انسلت مني هذه الكلمة و لم أكن أدري مقدار تأثر يوسف بنطقي لاسمه !

رغم أني أخفيت ابتسامتي و لكني لم أخفي نبرة الود في حديثي لي ! هل أحببته ؟

ابتسم يوسف بعمق و هو ينهض قائلاً :" يوسف تحت أمرك "
لم أحاول أن أخفي ابتسامتي و عدت للمطبخ !

هذا الرجل المسكين يجن جنونه ..
إثر ابتسامة !
إثر نبرة !

إثر أصغر دليل يثبت له أني أكن له ذرة من الود ..
لحظات و اختفت فوضته مع عمّار ...
عُدت أقطّع البصل بهمة..


يُوسف تغير ! صار شخصاً أحبه ! بالفعل
و لا يمكنني نكران ذلك!

كيف تغير ؟ لا أعلم ! و لكن الحزن كان غباراً يغشي عينيه !
و منذ أن عاد من الحج شعت عيناه بالسعادة !

أنتبه لقرع الجرس ..
رفعت الخمار فوق رأسي و أمرت الخادمة أن تذهب لترى من الذي يأتينا في وقت كهذا ..
هُنا دخل فاضل ..
ضَحكت له قبل أن أنتبه للرجل الذي دخل بعده مباشرة !!
كان عبد الرحمن .......


تصلبت تماماً و أنا أنظر لعبد الرحمن
و هو يجول كعادته بأنظاره بثقة في أنحاء المنزل

فتستقر أنظاره علي .. أحكمت الخمار هو حول وجهي
و دفعت بالخصلات التي تمردت لتنسل من جانبي وجهي ..

نَظرت لفاضل الذي قال :" أبي قال أنه يريد أن يتشكر ليوسف السلامة بعودته من الحج "
دعوتهما للجلوس و أنا مرتبكة ..
لأول مرة أرتبك من وجود عبد الرحمن ..

جَلست على الكرسي أرحب به و سألته عن حاله ..
رفع أنظاره الحادة لي مبتسماً :" المُهم أنتِ يا رباب ! كيف حالك ؟"
أبتسم له و أنا أهزّ رأسي ضامة كفاي لبعضهما البعض :" بخير .. الحمدلله "

ابتسم عبد الرحمن هامساً :" أين هو ؟ لا أريد نطق اسمه "
قُلت بتحفظ :" خرج و سيعود بعد قليل "

رمقني عبد الرحمن بابتسامة ساخرة :" و هل كان الحج الذي أداه حقيقيا أم .. "( و ضحك متهكماً )

تنهدت بارتباك ثم همست :" كان .. أقصد "
ثم زفرت لأكون صادقة و قلت :" بصراحة يوسف تاب إلى الله! "

توسعت عينا فاضل و عبد الرحمن و لا أدري لمَ هذا الوجوم ..
إلا أنني أكملت هامسة :" توبة نصوحة .. توبة صادقة !
أُعجبت بقدرته على التغلب عن نفسه .. لقد كان مصمماً أن .."

قاطعني عبد الرحمن و كأن الحديث أزعجه فقال بضحكة عصبية:
" فليتب ! و ليسجد لله ! هذا ليس شأننا يا رباب ! "

نَظرت له باستغراب :" ماذا تقصد"

زفر عبد الرحمن و هو يمد رجليه ثم قال :
" أقصد أنه أولاً و آخراً خانكِ ! لم تكوني تحبينه !
سواء تاب أم لم يتب أنتِ لستِ له ! "

ثم نظر لي بعمق هامساً :" أليس كذلك ألستِ تريدين الطلاق ؟
سأساعدك ! ( شبك أصابعه و رفع ذقنه بثقة )
لقد أثثت شقة جيدة تكفينا .. و أنفقت عليها ..
اشتريت الأثاث اللازم .. كان مستعملاً و لكنه يفي بالغرض ..
سوف نعود لبعضنا البعض يا رباب ! "

رفعنا أبصارنا للأقدام المُسمرة بقربنا ..
رفعت بصري لكيس الطماطم التي بحوزة أصابعه ..
و لعمار و هو يمص المصاصة المملوءة باللعاب ..
رفعت بصري لـيوسف الواقف يتأملني بعمق ........
......



ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ـــــــــــــــــــــــــــــــــــ

لا احلل مسح اسمي من على الرواية ..
تجميعي : ♫ معزوفة حنين ♫..

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ـــــــــــــــــــــــــــــــــــ


(42)


أنهض كالملسوعة !
أتشبث بعباءتي و أنا أنظر له !

نهض عبد الرحمن من مكانه ليقف أمام يوسف .. كيس الطماطم يستقر على الأريكة ..
كف عبد الرحمن تشد على كف يوسف في ترحاب مزيف ..

تتقارب أجسادهما ..

جسد عبد الرحمن الضئيل و ملابسه المتواضعة القاتمة اللون ..
و جسد يوسف الذي استعاد صلابته .. و استعاد أرطال فقدها بعد عودته من السجن ..

قميصه الأبيض الناصع ..كان شيئاً يعزز التناقض مع عبد الرحمن ..
كنت مغيبة عن الوعي !

هل سمع هذه المؤامرة النجسة !
لأول مرة أشعر بالعار أمام يوسف ؟ أسمع كل شيء؟

أنظر لوجهيهما بتوتر عظيم ..
عبد الرحمن بوجهه الأسمر النحيل و لحيته المخلوطة بالشيب ..
عينيه الحادتين ! ابتسامته الواثقة ..

وأنظر لوجه يوسف بقلق كبير و أنا أتأمل وجهه الأبيض و و رموشه الشقراء و هو يخفضها بسكون غريب..

أسمع كل شيء؟
و لكنه فضّل التجاهل ّ! لا يمكن أنه لم يسمع أي شيء ..

يَجلس يوسف بجوار فاضل .. و الصَمت الغريب يغلفه و هو يتشاغل بعمار ..
أتأمله بعمق.. بشرته البيضاء تتورد بشكل تدريجي ..

هذا التورد يوحي بأنه غاضب .. يعقد حاجبيه الشقراوين و هو يخفض عينيه ..
و عبد الرحمن كان جريئاً بشكل ساحق ليثبت أنظاره الحادة على يوسف و يقول بتهكم :

" حجيت ؟ بشكل صحيح؟ "
رفع يوسف نظره لعبد الرحمن
و ضغط على شفتيه لبرهة و هو يشتت بصره ثم عاد ينظر لعبد الرحمن هامساً :
" نعم الحمد لله ! "


ابتسم عبد الرحمن :" سألت شيوخاً؟
سألت أشخاصاً يساعدوك على ذلك ! "

اهتزّ حاجبي يوسف حِنقاً ... لكن همس و هو يغض بصره :
" نعم ! بالتأكيد "

تأمله عبد الرحمن و هو يرتخي في مقعده..
لترتفع إحدى زوايا فمه بسُخرية ليتحدث بكل قوة عن الحج و عن الحسنات....

أنظر لفاضل المُتوتر و كلانا عُدنا ننظر ليوسف
و هو ساكن يتأمل عبد الرحمن بنظرات باردة !

يرمش بعينيه فأتوتر أكثر ! هل سمع تلك المؤامرة ؟ ماذا يموج بصدره !
هُنا هَمس عبد الرحمن ليوسف :" لا تظن أن الزنا ذنب سيطير بهذه السهولة "

و تراقصت على شفتيه ابتسامة ساخرة !
ليشتعل يوسف و هو يرمق عمّار منتفضاَ .. همس فاضل لعبد الرحمن :" أبي ! "

نظرت لوجه يوسف المُحمر و هو يشد يشبك أصابعه ببعضها البعض بقوة شديدة ..
أراقب خصلات شعره الشقراء التي تلامس جبينه الندي المُحمر !

يرفع بصره لعبد الرحمن بنظرة لاهبة حقاً !
قال و هو يحاول أن يكون هادئاً :
" بإذن الله سيغفر لي الله هذا الذنب ! الله أرحم مما تتصور "

ابتسم عبد الرحمن بسُخرية ..
فقطع فاضل هذا الجِدال فوراً حينما نظر ليوسف :" كيف كان الحج "

كم كانت جلسة يسودها التوتر ! تملأها النظرات !
مشحونة بالمشاعر السلبية ! و كم كنت أتحاشى النظر ليوسف !

سمع كل شيء .. سمع مؤامرة عبد الرحمن !
سمع عن الشقة ! سمع عن نوايا الطلاق..

نودع عبد الرحمن و فاضل و يسكن المنزل بشكل رهيب !!

......



ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ـــــــــــــــــــــــــــــــــــ

لا احلل مسح اسمي من على الرواية ..
تجميعي : ♫ معزوفة حنين ♫..

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ـــــــــــــــــــــــــــــــــــ


(43)


كان يوسف قد تصرف بشكل عادي جداً
و تناول طعام الغداء ليتجه لغرفته لأخذ القيلولة !

لا أدري لماذا تحرك قلبي بجنون !!
لا أريد خسرانه أنا حقاً لا أوافق عبد الرحمن فيما يقوله !

أنا !!
أنا لست قذرة لأخطط لشقة و بيت آخر
و هنا هذا الرجل يبسط كفيه لي بحنان و كرم ..
لماذا الجحود؟ لماذا يا رباب ؟

خلد عمار للنوم و وجدتني أتذكر كل حيلي السابقة مع عبد الرحمن لأستميل عطفه !
لابد أن أقترب !

لا أريد خسران هذا الرجل الطيب !
لابد أن أخفض له جناحي ..

لابد أن أكف عن غروري ..
لا أدري ماذا جرى لي حقيقة !

و كيف دب العشق في أوصالي ! ليحولني لمراهقة!
خجولة من البوح بمشاعرها التي تسيرها ..

فتحت باب غرفته و رأيته يتدثر بالأغطية مخفياً وجهه ..
ظننته نام ..

و رغم هذا فأني اقتربت لأقف على مقربة ..
بتردد مسحت على ذراعه فسرعان ما أزاح عن وجهه اللحاف

لينظر لي بعيون شبه مغلقة ..
استوى جالساً و هو ينظر لي باهتمام :" ما بك رباب "

كالعادة في منتهى الرقة و الهدوء !
رفع رأسه ناحيتي و ظننته لم يسمع شيئا مما تفوه به عبد الرحمن
و قررت التأكد و أنا أهمس :" أيزعجك وجود عبد الرحمن؟"

تأملني مُطولاً ثم أمسك بكفي ليحثني على الجلوس على السرير قُبالته ..
ابتسم و بتردد واضح مسح ظاهر كفي ..

بتردد أكبر قبّل ظاهر كفي .. و ترك كفي سريعاً كي لا أثور ..
و كان تردده الأكبر في الجواب الذي سيعطيني إياه !

كان يفكر بعمق و كأنه لا يريدني أن أغضب و لكنه يريد أن يكون صادقاً
..
نَظر لي بابتسامة ثم هَمس :" آآ !

عبد الرحمن رجل طيب و جيد و بالتأكيد هو قريبك و أب ابنك !
و لكن ( توتر و بعثر نظراته ) لكن ... لكن "

أكملت عنه :" تغار منه! "
رفع أنظاره لي ليراني أنهض ... توتر ! تشنج ! اهتزت أصابعه ..
كنت ؟
أنوي ذلك و بقوة ..
أنوي فعل ذلك..

......



*نهاية الجزء

 
 

 

عرض البوم صور ♫ معزوفة حنين ♫   رد مع اقتباس
إضافة رد

مواقع النشر (المفضلة)

الكلمات الدلالية (Tags)
للكاتبة, الهند, kareemy, sameera, عزرائيلي
facebook




جديد مواضيع قسم القصص المكتمله
أدوات الموضوع
مشاهدة صفحة طباعة الموضوع مشاهدة صفحة طباعة الموضوع
تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة
Trackbacks are متاحة
Pingbacks are متاحة
Refbacks are متاحة



الساعة الآن 12:47 AM.


 



Powered by vBulletin® Version 3.8.11
Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd.
SEO by vBSEO 3.3.0 ©2009, Crawlability, Inc.
شبكة ليلاس الثقافية