نشأة صلاح الدين الأيوبي

حياة صلاح الدين الأيوبي صلاح الدين الأيوبي هو الملك الناصر أبو المظفر صلاح الدين والدنيا يوسف بن أيوب بن شاذي بن مروان بن يعقوب الدُويني التكريتي. وعُرف ضمن أبرز القادة وأفضل الحكام على مر التاريخ لتأسيسه الدولة الأيوبية التي وحدت مصر، والشام، والحجاز، وتهامة، واليمن تحت مظلة الراية العباسية، وخوضه غمار المعارك ضد الصليبيين، ونجاحه الساحق في استعادة أغلب الأراضي الفلسطينية ولبنان بعد هزيمتهم في معركة حطين الشهيرة.

نبذة عن حياة صلاح الدين الأيوبي

وُلد في تكريت بالعراق سنة 1138 م لأسرة تنتمي لحكام العراق في هذه الفترة، حيث كان والده حاكمًا لقلعة تكريت، إلا أنه انتقل مع أسرته إلى بعلبك لتولي والده ولايتها لمدة سبع سنوات، ثم رحلت أسرته خلال مرحلة شبابه إلى دمشق، وهناك نمت علاقته مع أميرها نور الدين محمود بن زنكي. وقد حفظ كلًا من القرآن والحديث، وتعلم الفروسية، وتدرب على استخدام السلاح، وتعلم اللغة، والعلوم المتنوعة. وبذلك ساهمت نشأته بصورة فعالة في تنمية شخصيته وصقل قدراته.

بدأت مسيرة إنجازات صلاح الدين في السادسة عشر من عمره عندما شارك مع القائد أسد الدين شيركوه لنصرة الوزير الفاطمي شاور بن مجير السعدي ضد الوزير ضرغام بن عامر بن سوار المنذري اللخمي الذي استولى على مصر وقتل أكبر أبنائه. وبالرغم من دوره الضئيل في النجاح الذي حُقق في هذا الشأن، إلا أن ذلك مَثل تمهيدًا له قبل تحقيقه لعدد هائل من الإنجازات القيادية التي كان يُعد أولها نجاحه في تولي قيادة قلب جيش شيركوه الذي نجح في هزيمة الصليبيين في أول معركة حربية ضدهم في صحراء الجيزة، إذ استطاع صلاح الدين أسر أحد قادة جيشهم.

وشرع صلاح الدين بعد ذلك في الحكم عندما استخلفه أسد الدين على الإسكندرية، ونتيجة لبراعته في القيام بمهامه، وحنكته، ووضوح رؤيته أٌسندت إليه الوزارة من قِبل الخليفة الفاطمي بعد وفاة شيركوه، إلا أنه تعرض لمحاولة إغتيال على يد بعض من جنود وأمراء الفاطميين. ومن هنا بزغت انتصاراته المتتالية كقائد وحاكم، التي كان من بوادرها ملاحقته للجيش الصليبي والاشتباك معهم في مدينة دير البلح سنة 1170 م، ثم فتح قلعة إيلات.

وسَنحت له الفرصة تولي حكم مصر سنة 1171م، لضعف الدولة الفاطمية، وسيطرة الدولة العباسية على الحكم. واستطاع إثبات جدارته كحاكم باكتساب تأييد ودعم المصريين، ثم أجرى عدة تعديلات لتطوير مصر لتكون عونًا له في حروبه ضد الصليبيين، ومن أمثلة هذه التغييرات استبدال القضاة الشيعة بقضاة شافعيين، وتحفيز خطباء المنابر على التحدث عن الخلفاء الراشدين، وتأسيس المدرستين الناصرية والكاملية لنشر العلم والمذهب السني.

وفي غضون تلك الفترة، تحديدًا عام 1172 م، أرسل صلاح الدين جيشَا بقيادة أخيه الأكبر توران شاه للدفاع عن أسوان ضد النوبيين، وبالفعل نجح الجيش وأجبر النوبيين على الإنسحاب، ثم تعقبه إلى بلاد النوبة وفتح بلدة قصر إبريم. وبعدها كان صلاح الدين عائدًا من مقابلته مع زنكي بدمشق، فانتهز فرصة مروره بالأراضي الشامية الخاضعة للحكم الصليبي وأغار على بعض مراكز البدو لدعمهم الصليبيين بإمدادهم بالمرشدين ومقتفي الأثر مما يُعزز قدرتهم على مهاجمة المسلمين. وخلال تلك الرحلة اشتبك مع الصليبيين في بضعة معارك وانتصر عليهم.

وقد أدت قوة تأثير صلاح الدين الأيوبي ومدى سيطرته على مصر إلى خوف نور الدين زنكي من امتداد نفوذه واستيلائه على حكمه، فاضطربت علاقتهما وحاول تقييد نفوذه خلال مرات عديدة على الصعيدين السياسي والحربي، لكن صلاح الدين نجح في التغلب على جميع المعوقات بفضل حنكته إلى أن دعمه القدر وتوفي زنكي سنة 1174 م.

وفي نفس عام وفاة زنكي أرسل صلاح الدين جيشَا بقيادة توران شاه إلى اليمن لقتال عبدالنبي المهدي لاستيلائه على اليمن، ونجح الجيش في استعادة اليمن، فأعلنت الحجاز انضمامها لمصر. وبذلك تزامن موت زنكي مع انتصار صلاح الدين البارز مما دعم من إحكامه السيطرة التامة على مصر، وإنطلاق مسيرة فتوحاته وإنجازاته كحاكم وفاتح بارز. ومن هنا ظهر مُصطلح الدولة الأيوبية في التاريخ للإشارة إلى نجاحاته المختلفة.

إنجازات صلاح الدين الأيوبي

  • الفتوحات: فتح الشام، ودمشق، والقدس.
  • الإنجازات الحضارية: تشييد العديد من القلاع والمساجد مثل: قلعة صلاح الدين الأيوبي.
  • الإنجازات الإجتماعية: من أمثلتها إلغاء الضرائب المفروضة على الحجاج أثناء مرورهم بمصر، والإنفاق على الفقراء والغرباء خاصةً عند لجوئهم إلى المساجد.
  • الرعاية الصحية: إقامة الكثير من المستشفيات مثل: مارستان القاهرة.
  • نشر العلم: بناء عدة مدارس كالمدرسة القمحية لتدريس الفقه المالكي، والمدرستين الناصرية والصالحية المختصين بالفقه الشافعي، والمدرسة السيوفية للمذهب الحنفي، ومدرسة القدس.

وفاة صلاح الدين

توفي صلاح الدين الأيوبي يوم 4 مارس عام 1193 م، بعد صراعه مع نوبات المرض منذ سنة 1183 م، والذي لم يستطع الأطباء في ذلك الوقت تشخيصه بدقة، إلا أن الطبيب الأمريكي ستيفن غلوكمان إستطاع مؤخرًا ترجيح سبب الوفاة وهو اصابته بحمى التيفوئيد، ودُفن صلاح الدين في المدرسة العزيزية قرب المسجد الأموي بدمشق.