لمشاكل التسجيل ودخول المنتدى يرجى مراسلتنا على الايميل liilasvb3@gmail.com






العودة   منتديات ليلاس > القصص والروايات > روايات عبير > روايات عبير المكتوبة
التسجيل

بحث بشبكة ليلاس الثقافية

روايات عبير المكتوبة روايات عبير المكتوبة


إضافة رد
نسخ الرابط
نسخ للمنتديات
 
LinkBack (3) أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
قديم 11-10-08, 07:45 PM   المشاركة رقم: 31
المعلومات
الكاتب:
اللقب:
ليلاس متالق


البيانات
التسجيل: Feb 2008
العضوية: 64394
المشاركات: 246
الجنس أنثى
معدل التقييم: redroses309 عضو على طريق الابداعredroses309 عضو على طريق الابداعredroses309 عضو على طريق الابداع
نقاط التقييم: 217

االدولة
البلدSaudiArabia
 
مدونتي

 

الإتصالات
الحالة:
redroses309 غير متواجد حالياً
وسائل الإتصال:

كاتب الموضوع : redroses309 المنتدى : روايات عبير المكتوبة
افتراضي

 



10 - مواجهة المرأة الأخرى



كانت تارا واقفة بين الشجر على بقعة مرتفعة من الحديقة و هي تنظر الى الميناء لعلها ترى زوجها عائدا من اثينا .
و وصلت الى سمعها اصوات اجراس الماعز و نهيق الحمار يصعد لاهثا على طريق معبدة بالحجارة .
رأت تارا زورقا كبيرا قد يكون زوجها أحد ركابه .
ها هو يخرج من الميناء و في يده حقيبة و يتجه نحو الطريق المتعرجة و الكثيرة الانحدارات بين الفيللات التي هي زينة جزيرة هيدرا الصغيرة .منتديات ليلاس

لوح ليون بيده عندما رآها واقفة هناك .
و ردت له التحية بمثلها و في نفس الوقت شعرت بضيق في صدرها بسبب ما هي عازمة عليه ، و كذلك بالشوق الى نزواته الغريزية .
و تمنت لو انها تفهم موقفها من هذا الرجل الذي يسيطر عليها سيطرة تامة .
تكره هذا الرجل ، و الفكرة المتسلطة عليها هي ان تفلت من بين يديه ... و مع ذلك ... كان قد ألمح لها قبل سفره بتأثيره الطاغي عليها و بقوة انجذابها اليه و استسلامها الكلي لانفعالاته .

فكانت تحتار في امرها :
أهي الرغبة التي تستولي عليها ؟ أهي منحطة الى هذا المستوى العاطفي الذي امتلك قلبها و عقلها ... و حتى روحها ...
وطرد منها كل شيئ آخر ؟
هذا هو سجنها الحقيقي لا البيت الذي تعيش فيه .
و ما هي آخرة هذا السجن غير النكبة و العار ؟ كانت فتاة مثالية تضع الحب و الاهتمام بالناس فوق كل شيئ ... الى ان التقت بهذا الوثني اليوناني الذي همه الوحيد تعليمها دروسا في الرغبة من مختلف نواحيها .

- كم هو جميل ان ارى زوجتي تنتظرني . بالطبع شعرت بفراغ اثناء غيابي !

قال ذلك و ابتسامته الساخرة لا تفارق شفتيه .
توترت اعصابها و اصطكت اسنانها .
لماذا يتهكم عليها ؟

دارت على نفسها و اتجهت نحو البيت و هي تقول :
- صدف خروجي الى هنا لاني مللت من البقاء داخل البيت .

لحق بها و امسك بيدها و لم يستمع الى أنتها الخافتة :
- كيف كنت تمضين وقتك في غيابي ؟
- في القراءة و حمام الشمس ، و من ثم القراءة و حمام الشمس . وكنت اتناول وجبة طعام بين كل قراءة و حمام شمس و احيانا اتسلى بمراقبة سجاني و اتساءل ما قد عساهم يفعلون لو اني هربت .
- انهم يسبقونك في الجري .
- من يدري ... قد اتسبب لهم بلحظات يلهثون منها .
- و انت يا طفلتي ستسببين لنفسك لحظات تتألمين منها اذا لم تغيري مزاجك هذا . توقعت ترحيبا حارا فاستقبلتني ثعلبة صغيرة لسانها طويل .

صمتت و توجهت بافكارها و عينيها نحو اشياء اخرى تشغلها .
فأخذت تتطلع الى الاشجار التي تذهب الشمس اوراقها و الى الازهار الكثيفة حول النافورة و الفراشات التي تطير من زهرة الى زهرة .
وعن بعد رأت رعاة الماعز في التلال و الطرقات المؤدية الى الميناء الهادئ حيث صيادو السمك يصلحون شباكهم .
وانصتت الى اصوات الجنادب بين اشجار الزيتون و الى حفيف اوراق الشجر عندما يداعبها نسيم البحر .
كانت سعيدة بهذه اللحظة و هي تسير الى جانب زوجها لأنه لم يقطع عليها تأملاتها .
سيكون له الوقت الكافي ليشبعها من صوته !
- اصعدي معي و افرغي حقيبتي و اخبريني بما كنت تفعلينه في غيابي .

لم يطلب مساعدتها بل اعطاها امرا قاطعا .
- قلت لك ما كنت افعله .
- لم تفعلي شيئا آخر ؟

كانا امام باب غرفتهما و كان ممسكا بمقبض الباب و هو ينظر اليها مليا .
- كان يجب ان تعطيني وعدك ، و ستعطيني اياه في نهاية الامر .

خفضت عينيها لتتجنب نظراته الحادة .
كانت تفكر في وعد نيقولاوس لها بابعادها عن الجزيرة في فرصة مقبلة .

وضع ليون حقيبته على ارض الغرفة و قال :
- تعالي الي !

ذهبت نحوه طائعة مفضلة ذلك على الهرب و من ثم الوقوع في قبضته الحديدية .
- و الآن عانقيني !

اطاعت و عانقته و لكن ببرود .
عندئد شدها اليه شدا عنيفا و آلمها .
- لم تتعلمي بعد . اعتقدت انك تحققت من اني سيدك !
- اكرهك ، اكرهك ، هل تسمع ؟
- اسمع و كل البيت يسمع . اما تكرار عباراتك فليس فيه اقناع . و انت تعلمين انك في اعماق قلبك لا تكرهينني يا تارا .

مسكين . كم هو واثق من نفسه ، و أي درس سيتلقنه اذا هي هربت منه !
رفعت عينيها فالتقتا بنظرته السوداء الجشعة بينما كانت يده تتلمس اذنها و رقبتها و كتفها .
- انت تكرهين فكرة خضوعك لأوامري و اعتبارها قانونا ، و لكنك لا تكرهينني . و انا مقتنع كل الاقتناع بأنك وصلت الى المرحلة التي تشعرين فيها بأنه لايوجد كره حيث يوجد لذة بيننا نحن الاثنين .

أشاحت بوجهها عنه و هي عازمة على ان تكرهه مهما كلف الامر .
- هذه مجرد رغبة و هي لا تدوم الا لحظة وقوعها .

لم تعلم كيف قالت ذلك ، الا انها تابعت و هي تنظر اليه الآن :
- انت تفهم ما أعنيه .
- نعم ، انا افهم ما تعنينه يا تارا .
- كما قلت ، انه ذو مفعول حال وقوعه و ليس بعد وقوعه .
- افهم مما تقولين ان الغرام او ما تسمينه بالرغبة تقتل التعقل ، اليس كذلك ؟
- هذا صحيح .
- و انا اوافقك الرأي . و من الطبيعي ان تعيق الرغبة قوى الادراك ، و لا يستطيع المرء ان يتحكم بعقله عندما تتحكم به ...
- كفى ! تعقل ! الا يوجد شيئ آخر تتكلم عنه ؟

افلتت منه و ركضت الى الطرف الآخر من الغرفة .
- كنا نناقش فقط قدرة المرء او عدم قدرته على استعمال عقله في حالات كهذه.
- كنا نتكلم عن كراهيتي لك يا ليون ! ربما لا اكرهك في ذلك الظرف بالذات ... و لكني اكرهك دائما بعد ذلك ... و أنصحك بألا تتحامق ، لأنك مهما حاولت اقناع نفسك او غيرك ، فإنك ستكتشف خطأك في نهاية الأمر .
- ماذا تعنين بذلك ؟ اذا كنت ناوية على القيام بشيئ يا تارا ، فإني انصحك أن تتذكري ما قلته مرة : لم يحدث ان حصل شيئ دون معرفتي .

و لكن قد تأتي لحظة تفاجئه .
على أية حال ، يجب ان تنتبه الى ما تقول فإنها كادت ترتكب هفوة لا تغتفر .
- كلامك غير واضح . ماذا استطيع ان افعل و حراسك يراقبون كل حركاتي ؟

حاول ان يقول شيئا و لكنه عدل .
تركها و لم تره بعد ذلك الا في ساعة متأخرة من النهار .

كان أول موضوع تكلم به في صبيحة اليوم التالي موضوع الوعد . فقال بصوت خشن :
- من الافضل ان تعطي هذا الوعد ، و الا سأبقيك سجينة الى حين ولادة طفل لنا . و هذا أمر يزعجك اكثر مما يزعجني .
- هل يزعجك حقا ؟
- سأرافقك الى اثينا في المرة القادمة . شركائي يعرفون انني متزوج لذلك استغربوا زيارتي الأخيرة بمفردي ، و لا أريد تكرار ذلك اذ انه سيبدو غير طبيعي .
- هذا مفهوم .
- و لكنك لا تتفقين او تشعرين معي .
- و لماذا أشعر معك ؟
- هل ستعطيني هذا الوعد ؟
- كلا ، لأني لا أستطيع إعطاء وعد ليس في نيتي الوفاء به .

ازعجها هذا الأمر لأنه قد يؤجل رحلته الى اثينا اذا لم ترافقه .
و قال لها في السابق ان من عادته زيارة اثينا كل اسبوعين تقريبا حيث يمضي عدة أيام ، و يبدو الآن انه متردد في الذهاب بدونها .
و من الطبيعي ان يستهجن اصدقاؤه و شركاؤه غياب زوجته .
- هذا يعني انك تأملين في إيجاد وسيلة للهرب .

كان ذلك اثناء تناول الفطور حيث انتظر وصولها اكثر من ربع ساعة .
و لما دخلت نهض و قدم لها الكرسي و ابدى ملاحظة على مظهرها مبديا إعجابه به .
كان لباسها يتكون من بلوزة حرير لها اكمام طويلة و سروال بزرقة الياقوت .
كان شعرها يتألق و لا أثر للحزن في عينيها .
و ابدى لها هذه الملاحظة ايضا ، و لكن كل هذا الاطراء لم يؤثر فيها ، و عزت سبب ذلك الى أملها في ان يذهب ليون الى اثينا ليأخذها نيقولاوس الى بيراوس فتتحرر !
و من هناك تأخذ أول طائرة الى الحرية في انكلترا !

نظرت إليه و علقت على كلامه الذي فيه شيئ من القلق :
- انت تعرف اني لم اقطع الأمل في الهرب . و تأكد لك منذ البداية ان الهرب يسيطر على جميع حواسي .

برقت عيناه و صعد الدم الى وجهه .
- إذا هربت ستأخذين طفلي معك .
- سأهرب قبل ولادته ... لماذا تتكلم عن الطفل ؟ لن احمل جنينا في بطني !
انت تبدو متأكدا و ارجو ان تكون مخطئا ! تسببت لي في عذاب اكثر مما استطيع ان اتحمل . و لا أريد طفلا يزيدني عذابا على عذاب !

شحب وجهه فجأة و لاحظت التواء عرق في وجنته .
- ترضين بنصيبك !
- لماذا ارضى به ؟

و اضافت بحرارة :
- هل يرضى به أي سجين حاله مثل حالي ؟
- انت لي ، و كلما اسرعت في الأعتراف بذلك اسرعت سعادتك بالاقتراب !
- اني مللت من ذلك . هل يمكن نسيان هذا الموضوع ؟ لا أطيق الدخول في نقاش هذا الصباح .

لم يقل شيئا و تابعا تناول فطورهما ، و اتى ستاماتي بالبيض المقلي و الفطر ، و بعد خروجه سألت تارا زوجها :
- متى ستذهب الى اثينا ؟

حاولت ان يكون صوتها طبيعيا قدر الامكان .
- لماذا تسألين ؟
- لا لسبب . اتساءل فقط .
- سأطيل مكوثي هنا . و اريد وعدك لآخذك معي .

لم تعجبها هذه النتيجة .
يجب ان يذهب عاجلا ام آجلا ، و لكن متى ؟
لا يستطيع ان يهمل أعماله الى الأبد .
- اذن عليك ان تنتظر وعدي . و من المؤكد ان التزاماتك في اثينا لن تصبر عليك كصبري في إعطاء الوعد .

أخافتها نظراته و تشنجات وجهه و اخذت اعصابها تتوتر . يا إلهي ! دعه يذهب .
دعه يواجه مشاكل او مصاعب او أي شيئ فيضطر للذهاب !
- يبدو انك تستعجلين ذهابي . هل لديك سبب ؟

هزت تارا رأسها و لم تنظر الى صحنها . اضاف زوجها :
- تكونين مخطئة تماما إذا اعتقدت ان خدمي سيخاطرون بوظائفهم عندي اذا هم تهاونوا في مراقبتك .
كوني عاقلة و قدمي لي هذا الوعد .

احست باليأس يدخل الى قلبها .
و لكن ما عتمت بعد دقيقة ان واتتها فكرة أعطتها أملا جديدا .
و تكلمت متصنعة اليأس في صوتها و محاذرة ألا يكشف كلامها عن نواياها :
- قد أرغم في النهاية على اعطاء الوعد .
تنهدت بطريقة جعلته يصغي بانتباه و خفضت كتفيها حزنا .
و أضافت :
- كسبت كل جولاتك في معاركك معي يا ليون ، و لا أرى سببا يمنعك من ان تكسب هذه الجولة ايضا .

ارتجفت شفتاها و وضعت شوكتها و سكينها في الصحن كأنها فقدت شهية الأكل .
- أرى انك بدأت في التعقل . كنت اعرف انك تتقبلين الحقيقة في آخر الامر .

كان بادي السرور اذ ان شفتيه ابتسمتا و بدا الارتياح في عينيه .
نظرت في عينيه و ازدردت ريقها آملة ان يكون لاحظ ذلك .
و كل همها الآن ان تجعله يلاحظ ترددها في إعطاء الوعد . و ان يقبل بالفكرة التي توحيها إليه .
- لن تنال هذا الوعد الآن .

جعلت صوتها يرتجف ليدل على انها هزمت و تابعت تقول :
- انك لم تحطم إرادتي كليا بعد ... بالرغم من كل محاولاتك .
- ليست لدي اية رغبة في تحطيم ارادتك .
- لك كل الرغبة . كم مرة قلت لي انه يتوجب علي اعتبارك سيدا لي ؟ كم مرة حصلت مني بالاكراه على ما ترغب فيه ؟
- كل ما أريده منك هو ان تتوقفي عن معاكستي .

امتنعت عن المضي في الجدال و مضت بضع دقائق لم يقولا اثناءها شيئا .
و بعد ان جمع ستاماتي الصحون و ذهب بها الى المطبخ . قال ليون :
- اذا قبلت بمبدأ إعطاء الوعد فالأفضل ان تعطيه الآن . لم تزوري الجزيرة بعد و لم تري شيئا خارج نطاق الفيللا . انت حمقاء يا تارا .
- لا يمكنني إعطاؤه الآن . يجب ان اتروى ... امهلني قليلا .

طلبت الامهال بصوت كله توسل و رياء و فيه رنة لوم على عدم صبره .
كانت دائما صريحة و مخلصة معه و لكنها الآن و لأول مرة في حياتها تلجأ الى الخداع .

وافق ليون و هو يتنهد :
- حسنا سأمنحك مهلة .

و أضاف :
- أرى لا خيار لي غير ذلك .

فهمت من نظرته انه ما يزال يعتبرها عنيدة .
ليعتقد ما يريد شرط ألا يكشف نواياها .

ربحت هذه الجولة اذ قال لها بعد مضي عشرة أيام انه ذاهب الى اثينا .
- احب ان ترافقيني الى اثينا يا تارا . و الوعد ؟
- ربما اتيت معك المرة القادمة . اتمنى لك رحلة موفقة .

خجلت من نفسها لأنها كانت تخدعه . ولكن لم يكن لها خيار آخر .
- لو تأتين معي ستكون زيارة متعة ايضا . و ستعجبك اثينا بمعالمها و مشاهدها .
- سمعت عنها الكثير و سأزورها يوما .
- اذن تعالي معي .

كان صوته هادئا وطبيعيا جدا يخلو من لهجة الأمر او الغطرسة .
و لما رفعت عينيها و نظرت اليه أحبت فكرة مرافقته .
و لكن كان عليها ان تعده ، و الوعد يعني الوفاء .
و عندها يكون قد فات الأوان .
- المرة القادمة .

كانت في غرفتها عندما دخل و عانقها قائلا انه ذاهب .
- فيك الكثير لتقدميه لي .

و نظرت إليه و هو يهرول نازلا الى الميناء . كان رشيقا مليئا بالشباب و الحيوية في كل حركاته .
و أسفت لأنها ستحرم نفسها منه اذا هي تركته .

لن يتأخر نيقولاوس عن المجيء .
فقد زارها ثلاث مرات في الغياب السابق لزوجها .
و في كل مرة كانت تخشى ان يطلع احد الخدم ليون على ذلك .
و لكنها لم تقلق كثيرا نظرا للفارق الكبير بين طبقته و طبقة الخدم خاصة في بيت ليون .
و امضت بعد الظهر تتجول في انحاء الحديقة و هي تتطلع الى قدوم صديقها في كل لحظة .
ربما لم يكن نيقولاوس على علم برحيل ليون بعد .
او ربما عدل عن تقديم المساعدة لها معتبرا ان هذه المجازفة لن تفيده بشيئ .

حل وقت العشاء و لم يحضر ، و عندما كانت ستجلس الى المائدة دخل ستاماتي قاعة الطعام و أخبرها ان زائرة تريد السيد ليون .
- اسمها الأنسة فلورو يا سيدتي . ترغب في مقابلة السيد ليون ، لكنني قلت لها انه مسافر ، و هي موجودة الآن في غرفة الجلوس .

هذه إلين ! أتت لترى ليون ...
- أحتفظ بعشائي ساخنا يا ستاماتي .

وجدت إلين جالسة تحمل سيكارة بين اصابعها الطويلة الرشيقة .
حيتها تارا و هي معجبة بالوضع الرزين المحترم الذي تتخذه بسهولة .
- تريدين مقابلة ليون ...
- قال ستاماتي أنه متغيب . كان بودي محادثته في موضوع عرض الأزياء المقبل في اثينا . آسفة لأني لن اتمكن من رؤيته .
ذهب اليوم ؟
- نعم .
- سأراه عند عودته .

القت إلين نظرة احتقار على ملبس تارا التي لم ترى ضرورة في تغيير السروال و القميص الى لباس رسمي و هي وحيدة .
- لم ترغبي في الذهاب معه ؟
- أفضل البقاء هنا .
- كنت اعتقد انك تحبين ان تكوني برفقته .
- ربما رافقته في المرة القادمة .

جلست تارا و تمنت ان تسرع إلين في الذهاب . لا ترى دافعا لأن تطيل اقامتها ما دام الشخص الذي تريد رؤيته لم يكن موجودا .

- سيكون كثير الانشغال في المرة القادمة لأهمية العرض ، اذ سيأتي مشترون من بريطانيا و باريس و امريكا .

كانت تتكلم بترفع كأنها تحاول ان توحي اليها بأنها تعرف كل شيئ عن مؤسسة هيرا مقابل جهل تارا المطبق .
- اعتقد انك تعرفين اني النموذج الأول لليون .
- ذكر شيئا من هذا القبيل .

اضافت إلين بشيئ من الكبرياء :
- ليون لا يساوي شيئا بدوني .
- صحيح ... ؟

رفعت تارا حاجبيها استغرابا و تهكما و أضافت :
- و لكن لا يوجد انسان لا يمكن الاستغناء عنه !

تورد وجه إلين من الغيظ .
وضعت السيكارة بين شفتيها و سحبت نفسا و هي تسلط نظرها على تارا من خلال الدخان .
- هل علمت اني كنت مخطوبة الى ليون ؟

فوجئت تارا بهذا القول و قالت :
- هذا قول لا يعاد أمام زوجته . ألا تظنين ذلك ؟

لم تتأثر إلين بهذا بل ثبتت نظرها على تارا التي كانت توشك ان تبكي .
- أنه تخلى عني بطريقة غير لبقة و الكل يعلم بالأمر .
و استغرب انك تجهلين ذلك .

بقيت نظراتها الثابتة مسلطة على تارا التي كانت تعتقد ان إلين تتكلم بهذه الطريقة مدفوعة بغريزتها الأنثوية أو لأنها تحسدها على كونها زوجة ليون .
- لا أعرف كيف التقيتما أو كيف تزوجتما ، و لكني اعرف انه تزوجك في نزوة غضب أو حقد . و كنا قد تشاجرنا قبل ذلك ، و لكن شجارنا لم يكن ذا بال . غضب لأنه اعتقد اني ...

توقفت فجأة كأنها غضبت من نفسها لأنها كشفت الكثير . و لكنها اضافت على الفور قائلة :
- هذا هو ليون ، مندفع ، متقلب .

هزت تارا رأسها و قالت :
- زوجي ليس مندفعا . لماذا تقولين ذلك ؟
- بسبب قصر المدة التي تزوجتما فيها .

سحقت إلين طرف السيكارة في المنفضة .
و مدت يدها لتأخذ واحدة من علبة سكائر ذهبية امامها و قالت :
- لم يتسع له الوقت الكافي ليتعرف عليك بما فيه الكفاية .

تجاهلت تارا هذا التعليق ، و لكن إلين اصرت على معرفة ذلك فسألت :
- كم طالت مدة التعارف بينكما ؟
- لا يهم ان يعرف الناس طول مدة تعارفنا .
- انه لا يحبك ... لا ، لا تقاطعيني ! لو كان يحبك لأخذك معه . غاب عنك مرتين و لم تكوني معه في أيهما .

و نظرت إلين الى تارا بإمعان ثم أضافت :
- كان من المستحيل ان يسافر دون أن يأخذني معه عندما كنا مترافقين .
- كان في امكاني الذهاب معه ، لكني فضلت البقاء هنا .
- هذا يعني انك لا تحبينه ايضا . هل تزوجته من أجل ماله ؟

كاد الغيظ يخنقها .
تأكد لتارا ان الغيرة تقتل إلين و لا تبالي بما تقول .

وقفت تارا و قالت و هي تشير بيدها الى الباب :
- بما انك اتيت لتقابلي ليون ، فأنا متأكدة انك لا ترغبين في البقاء اكثر من ذلك .
ان عشائي ينتظرني . و سأعلم ليون بأنك اتيت و قد يتصل بك تلفونيا .

بلعت إلين هذه الاهانة و وقفت بكل رشاقة فاتجهت نحو الباب و هي تنظر الى تارا نظرة احتقار .
و كانت تجيبها بثقة اكثر منها تحية عندما قالت :
- طابت ليلتك .
- و ليلتك يا آنسة فلورو .

رافقتها تارا حتى الباب الأمامي رغم وجود ستاماتي ليفتحه لها .
- عشاؤك جاهز يا سيدة ليون .
- اشكرك يا ستاماتي .

نظرت تارا اليه و رأت الدهشة و الاستغراب اللذين لاحظتهما في عيني كليانش عندما قدمها ليون على انها زوجته . و تذكرت كلمات كليانش حينذاك :
- زوجتك يا سيد ليون ؟ و الآنسة ... ؟

كاد يلفظ اسم إلين و لكنه توقف في الوقت المناسب .
كان كل خدم ليون و جميع سكان هذه الجزيرة الصغيرة يعرفون العلاقة المتأصلة بين ليون و نموذجه إلين ، و كلهم كانوا يتوقعون ان يتزوجها .

هل يهتم ليون بها ؟ يصعب ان تصدق تارا ان ليون يهتم بأحد غير نفسه .
الحب شيئ يكاد لا يعرف منه شيئا .

*************************

 
 

 

عرض البوم صور redroses309   رد مع اقتباس
قديم 11-10-08, 07:47 PM   المشاركة رقم: 32
المعلومات
الكاتب:
اللقب:
ليلاس متالق


البيانات
التسجيل: Feb 2008
العضوية: 64394
المشاركات: 246
الجنس أنثى
معدل التقييم: redroses309 عضو على طريق الابداعredroses309 عضو على طريق الابداعredroses309 عضو على طريق الابداع
نقاط التقييم: 217

االدولة
البلدSaudiArabia
 
مدونتي

 

الإتصالات
الحالة:
redroses309 غير متواجد حالياً
وسائل الإتصال:

كاتب الموضوع : redroses309 المنتدى : روايات عبير المكتوبة
افتراضي

 


11 - خطة الهرب



بدا انتظار تارا لزيارة نيقولاوس أبديا .
نهضت مبكرة من نومها مما جعل النهار أطول و أثقل على اعصابها .
لم يقل ليون كم سيطول غيابه و قد يعود في اليوم التالي أو نفس اليوم .
لا ، لن يعود الليلة اذ ليس من الممكن ان يكون قد أنهى اعماله في هذه البرهة الوجيزة .
- لماذا لا تأتي يا نيقولا ! لماذا ؟

كانت تمشي من غرفة الى اخرى و تتفرج على بلاطها المرمري و سقوفها المزينة و اثاثها الثمين ذي الطراز القديم و على آنية الصيني الهشة .
و حاولت ان تركز افكارها على اشياء غير الهرب .
اقتربت من النافذة و وقع نظرها على النافورة الجميلة فاجتذبها جمالها لتخرج الى الحديقة حيث السلام و الهدوء و لكن السلام لم يجد طريقة الى قلبها و لا الهدوء ان يطرد منه القلق و الشك .
و اذا تخلى نيقولاوس عنها فستكون نهاية حياتها .
اذ سترغم حينئذ على اعطاء الوعد او انها ستجن !
لا تستطيع ان تتحمل هذا السجن اكثر من ذلك .

و إذا و لدت طفلا هنا فلن تتمكن من ترك الجزيرة الا بعد سنوات .
و سيتبع الطفل الأول طفل ثاني و ثالث ... من يدري ؟

تابعت تجوالها في الحديقة و كانت تنظر الى ساعتها بين لحظة و اخرى .
- نيقولا ، أرجوك ... تعال !

ستصيبها الهستيريا اذا ظلت على هذه الحال .
و لذا عزمت على عمل شيئ .
عادت الى البيت و تناولت كتابا لتقرأ في الحديقة ، و لكنها لم تستطع ان تركز افكارها .
نظرت الى الازهار و الى الفراشات الجميلة فلم تتأثر بأي منها بعد ان كانت تجد فيها متعتها الكبرى .
نهضت لتمشي و لم يلفت نظرها أي شيئ ، و تطلعت الى الأفق فرأت البحر ، هذا البحر الذي خيل اليها انه سينقلها الى ارض الحرية .

كان دافوس و كليانش يرشان شجر البرتقال و الليمون بمرشوش ضد الحشرات .
و رأت دافوس يوجه نظره الى نقطة معينة بعد اشارة من زميله .
و تبعت تارا اتجاه نظرهما فرأت رجلا يصعد الطريق نحو البوابة الكبرى .

توقف الرجلان عن العمل و انتظرا ، لكن تارا ادارت ظهرها اعتقادا منها ان الرجل آت ليرى أحد الخدم .
كانت جالسة امام البيت و الكتاب في يدها عندما اتى كليانش و الرجل بصحبته .

قال الرجل :
- معي رسالة للسيدة ليون ، نسوا ان يرسلوها اليك عندما وصل البريد هذا الصباح .
قد تكون مهمة و لذا أتيت بها شخصيا لأسلمها لك .

كانت لغته الانكليزية ركيكة .
نظر حواليه و حك شعر رأسه و قال :
- الحر شديد ! انا عطشان ه استطيع ان اشرب قدحا كبيرا من الماء !

كانت نظراته مثبتة في عيني تارا ، و في أسرع من البرق فهمت كل شيئ و صرخت في وجه كليانش :
- حالا ، كأس ماء ... أو تحب شراب الفواكه ؟
- جميل جدا ! الكثير من عصير البرتقال !

انحنى كليانش و لكنه قال قبل ان يذهب :
- لم أرك من قبل .
- اتيت لزيارة أختي . هي سيدة ... سيدة البريد ؟

كان من الواضح انه يعني مديرة مكتب البريد .
قال كليانش :
- اخوتها كثيرون . اهلا بك الى جزيرتنا .
- شكرا جزيلا !

ابتسم عندما قال ذلك و كشف عن عدد لا بأس به من أسنان الذهب .
- سآتي لك بالشراب .

ذهب كليانش و دعت تارا الغريب لأن يجلس فجلس و أخرج مظروفا من جيبه .
أبقته في يدها برهة و هي تتساءل عما يمكن ان يحتوي الغلاف من ... أخبار حسنة أو اخبار سيئة .
اما ان فيها خبر استعداد نيقولاوس ليساعدها أو انسحابه من العملية لعجزه عن القيام بها .

تحسست تارا الغلاف و من ملامستها عرفت ان في داخله قلما .
اذن نيقولاوس يريد منها جوابا .
فتحت الغلاف و الأمل يتسرب الى قلبها و اخرجت منه ورقة مطوية ، و سمعت الرجل يقول :
- انا سافاس ، و سأنقل جوابك الى السيد نيقولاوس .

اومأت برأسها و بدأت تقرأ :
- قبل ان تستمري في القراءة ، اكتبي على الغلاف مكان غرفة نومك بكل دقة و اعطيه لسافاس .

كانت هذه الكلمات مكتوبة بأحرف كبيرة على رأس الرسالة .
كتبت تارا على الغلاف ماطلب نيقولاوس و أعادته الى الرجل .
كان قلبها ينبض بقوة و بدأت تشعر بأنها حرة .

و ضع الرجل الغلاف في جيبه و في هذه اللحظة اتى كليانش بالشراب و لم يغب إلا دقيقتين .
و هنا فهمت تارا معنى و قيمة العبارة المكتوبة بأحرف كبيرة و التي تعجلها بالرد ، و ليساعدها في تعجلها وضع قلما مع الرسالة .

كان كليانش واقفا ينظر الى سافاس و هو يجرع شراب البرتقال ... و من ثم رافقه الى البوابة .
وضعت تارا الرسالة في جيبها و دخلت البيت .
و لما آوت الى غرفتها ، قرأت ماكتب لها نيقولاوس بينما كانت دقات قلبها تعلو و تهبط حسب مؤثرات الرسالة :
" عزيزتي تارا
بالرغم من أني عرفت بسفر ليون المبكر هذا الصباح ، رأيت من الأنسب ألا آتي إليك ...
و أنا متأكد من ان هذا هو رأيك ايضا .
ومن المستحسن ان نبقي كل شيئ سرا بقدر الامكان .
و لذا ذهبت البارحة الى بوروس و رجعت برجل يقوم بأعمال على زورقي من وقت لآخر .
سافاس غير معروف مطلقا في هيدرا و هذه الحيلة ستنجح .
اما الخطة فهي كالآتي :
اريدك ان تكوني جاهزة في الساعة الثانية صباحا عندما اضع سلما تحت نافذتك .
و اذا رغبت في أخذ بعض الثياب ضعيها في صرة و ارمي بها من النافذة و سأضعها في حقيبة فيما بعد . لا تستعملي اية حقيبة لأن صوتها يوقظ الخدم .
ضعي حراما على حجر النافذة لكي يرتكز عليه و هكذا لا يخرج صوتا . هذا كل ما هو مطلوب منك . و سأعيد سافاس الى بوروس الساعة السابعة من هذا المساء و هكذا يكون بعيدا عن الانظار . و سيكون زورقي جاهزا و سيقلك الى بيراوس . لا أدري لماذا اقوم بهذا العمل . ربما لأنه مثير ، او ربما لأني أحب ان أنقذ فتاة من مأزق ، أو ربما لأني احببتك كثيرا " .

كان على الرسالة توقيع نيقولاوس فقط .
مزقت تارا الرسالة قطعا صغيرة جدا و رمتها في التواليت واختفت مع الماء .

لم تمر تارا ابدا بوقت اطول من الفترة بين قراءة الرسالة و بين فتح النافذة بكل هدوء و وضع الحرام عليها كيلا تتسبب في أي صوت .
كل شيئ حاضر و تطلعت من النافذة الى الحديقة فلم ترى شيئا بسبب الظلام الدامس .
كان قلبها يدق بسرعة كبيرة و اعصابها مشدودة .
لم يكن هناك أي صوت أو حركة و كانت صرة الثياب في النافذة . ها هو ! تصورت أنها رأت شبح رجل يتحرك ... و ان السلم رفع الى النافذة .

حبست انفاسها و هي تتوقع ان يتأرجح السلم بسبب ثقله فيهوي الى الأرض يصطدم بالحائط او بإحدى النوافذ الأخرى .
لكن نيقولاوس قوي و قد وضع السلم في مكانه .
رمت تارا بالصرة الى أسفل و كانت على وشك ان تعبر من النافذة و تضع قدمها على درجة السلم عندما رأت ظل رجل آخر يتحرك و من ثم يركض مسرعا الى الناحية الأخرى من الحديقة .
و جمدت في مكانها عندما رأت ظل رجل ثالث ، طويل و ذي خطوات سريعة ...منتديات ليلاس

شعرت ان قلبها توقف .
لا ، غير ممكن ! هذا غير حقيقي ! من المستحيل ان يكون ليون هنا في هذا الوقت من الليل ! و من الرجل الطويل الآخر السريع
الحركة ؟
كادت تموت من الرعب و تسمرت في مكانها عندما رأت الشبح واقفا يتفحص المكان و من ثم ينحني و يلتقط الصرة .
و في اللحظة التالية رأته يرمي بالصرة على الأرض و يركلها برجله و يشتم ... كاد يغمى عليها .

كانت ما تزال مسمرة في مكانها عندما دخل زوجها غرفة النوم بوجه لم تتميزه بسهولة من حدة الغضب .
كان دمه يغلي حتى بدا كأنه الشيطان نفسه .
و الآن ماذا سيعمل بها ؟
رأت الغضب يتملك زوجها في السابق كثيرا و لكن ليس بالدرجة التي تراه فيها الآن . انه سيقتلها حتما و بحركة غريزية وضعت يدها على عنقها . نعم ، سيخنقها الآن ...
- من كان يساعدك ؟

صدمها صوته الهادئ و أحست انها مريضة معقودة اللسان .
و لما لم تجبه سألها ثانية و بصوت هادئ ايضا :
- سألتك سؤالا !

كانت تبتلع ريقها و تبكي .
- لن ... لن اقول لك ! لن اقول ل ... لك !
- ستقولين ... و إلا اضطررت الى تعذيبك !

قفز قفزة خفيفة و أمسك بيدها فأحست بألم شديد فيها و صرخت .
- أجيبيني !

كشر عن أسنانه و بدا كأنه نمر يستعد للهجوم على فريسة .
- أجيبيني قبل ان أميتك خنقا !
- لا ... لا استطيع .

رفعت رأسها و كانت تعرف ان نقطة دم لم تبقى في وجهها .
و تساءلت عن الحظ المشؤم الذي اتى به في تلك اللحظة بالذات بينما كانت على وشك التخلص من قبضته المخيفة .
كان الشيطان بجانبه ... أنه الشيطان بنفسه !
- أرجوك الا ... تطلب مني ما ... ما يمنعني شرفي من ...
- شرفك ! انت تكلمينني عن الشرف ؟

رماها بنظرة جعلت جسمها المرتعد يتقلص .
لم يتكلم و لكن عينيه كانتا تعبران عن ازدراء أقوى من الكلام .
- ذلك الوضع الذي تكلفته قبل سفري لتظهري نفسك في موقف المهزوم و الوعد الذي أملتني به لأصدق انك استسلمت بعد ان خسرت كل الجولات ، كان كل ذلك جزءا من مخطط الهروب الذي صممته سلفا . أليس كذلك ؟

كانت هزاته من أعنف ما عرفت ، و لما رفع رأسها اليه ارغمها على النظر اليه .
- أليس كذلك ؟

أشارت بعينيها بنعم و هي تتساءل عن مدى احتمالها و ما اذا كانت ستبقى واقفة على رجليها لو أخلى سبيلها .
- نعم ، كان كذلك .
- مع من خططت ؟
ربما رشوت أحد الخدم ليساعدك ، و إلا فمن يستطيع مساندتك ؟
- لا علاقة بأي من الخدم بهذا .
- لا تكذبي ... !

أخذ يهزها هزا عنيفا و بلا شفقة .
- لقد شبعت من خداعك !
- لي مطلق الحق في ان أخدعك !

لم تعرف كيف خرجت هذه العبارة من فمها .
و شعرت باصابعه تطوق عنقها فبدأت تحس بالاختناق ، بدأت تقاوم و تتلوى لتنقذ حياتها من موت محقق .
في هذه اللحظة رفع يده عن عنقها و سألها بصوته الهادئ الناعم الذي يخفي وراءه عاصفة كاسحة :
- قولي لي مع من كنت تخططين للهرب بينما كنت تحاورين و تداورين معي ؟

لم تعرف لماذا اغاظتها عبارتا " تحاورين و تداورين " ، و بخفة لم ينتبه اليها افلتت منه و قفزت الى الطرف الآخر من النافذة .
- من حقي ان أخطط و لكل سجين الحق في الهرب . فكيف تجسر على اتهامي بأني أعمل في الخفاء بينما انا أعمل لأنقذ نفسي ؟

و بالرغم من ان كلماتها لم تكن بحدة كلماته إلا انها اغضبته .
- ما زلت انتظر اسم شريكك ! من هو ؟

كان ظهرها الى النافذة و أحست بالهواء يداعب شعرها . هل تقفز ... ؟
تفضل الألم الناتج عن هذه القفزة على الألم الذي سيسببه لها الآن و هو يتقدم نحوها بخطى ثابتة . تلمست حجر النافذة و امسكت به و لكنها لم تكن متأكدة من أنها تستطيع ان تقفز قبل وصول زوجها اليها .
فطن هذا الى نيتها فقفز و أمسك بها .
و في الفترة القصيرة التي اقتضته لإنزالها عن النافذة تسارعت الأفكار في رأسها و فكرت في العقاب .
ارادت ان تستسلم الا ان مرأى عينيه المرعبتين و فمه الملتوي من الغيظ و يديه القويتين أثرت فيها و مدتها بقوة خارقة مكنتها من القفز و الجلوس على حافتها ،
و صرخت :
- سأقفز . استعد ...
- قفي ! انت مجنونة ... قفي !

كان خائفا ، و لأول مرة في حياته كان خائفا .
حاول ان يتقدم لكنها صرخت في وجهه :
- خطوة أخرى و سأقذف نفسي !
- تارا ، لا تكوني حمقاء !

خفت حدة صوته قليلا و لكنها كانت تعلم أنه اذا أعادها الى رشدها ستعود الحياة كما كانت .
كما تعلم ان سبب هياجه هو رفضها افشاء اسم من ساعدها ، و الويل لها اذا ضعفت امامه فلن يشفق عليها و لن يرحمها .
- انزلي عن النافذة ! انزلي الآن !
- هذا ليس وقت القاء الأوامر . أتى دوري انا لأحمل السوط بيدي . و أفضل ان اتسبب في أذى نفسي على ان اتأذى منك .

سمعت أسنانه تصطك و رأت يديه تنقبضان .
أفرحها تغلبها على خوفها لأنها متأكدة من انه لن يتركها تقفز ، و في هذه الحالة سيستسلم لها و يحد من كبريائه اليوناني .
كان واقفا امامها لا يعرف ما يفعل في هزيمته امامها .
فحاول ان يقنعها بصوت ألطف :
- انزلي .
- لن انزل قبل ان تعدني بأنك لن تستعمل القوة معي و لن تجبرني على افشاء اسم من ساعدني
في وضع السلم ...

و التفتت لتدل على مكان السلم ففقدت توازنها و كانت على وشك ان تسقط لولا انه اسرع بخفة مذهلة و امسك بها من ثيابها و أنزلها .
رمت نفسها عليه و وضعت رأسها على صدره و أخذت تنتحب .
طوق جسمها بذراعيه ليمنعها من السقوط على الأرض لا ليجعلها تشعر بحنانه .
و عدا ذلك لم يتفوه حتى بكلمة عطف ، و كان جسمه متصلبا .
و لما رفعت نظرها الى وجهه عاودها الخوف من جديد .
اذ كان ينظر اليها نظرته في كل مرة يريد ان ينزل بها عقابا .
قال بصوت هادر :
- انك فتاة مجنونة حقا ! يجب ان اجلدك لمسلكك هذا !

و بدلا من جلدها عانقها بنفس العنف .
كانت مقاومتها بلا فائدة لأنها فقدت كل قواها و رأت ان شعوره نحوها كان شعور السيد نحو خادمه لأنه كاد يتذوق طعم الاهانة و الاستسلام عندما فرضت عليه شروطها .
تركها و أغلق النافذة .
صحيح انه انقذ حياتها و لكن هل لتحيا حياة اطمئنان بعد الآن ام لتعود الى نمط حياتها السابق ؟
هو هو في نظرته الحديدية .
هو هو في بطشه الجامح .
اخذها ثانية بين ذراعيه و قال :
- سأستجوبك مرة اخرى في الصباح . اما الآن ...

عانقها و اخذت ترتجف معتبرة عناقه عقابا لها .
و ذكرت نفسها ان وجودها تحت سقفه نتيجة اختطاف و ارغام .
- حذرتك و قلت لك اني لن أؤخذ على غفلة .
- نعم ، حذرتني ياليون .
- هل تعرفين سبب وجودي هنا الليلة بدلا من اثينا ؟
- كلا .

توقع منها تعجبا أو استغرابا و لكن كل ما سمعه كان صوت بكاء هادئ .
- و لكنك تودين ان تعرفي .

هزت كتفيها و قالت :
- انت دائما تكسب و ستكسب دائما .
- هل يئست الآن من الهرب ؟

ابتلعت ريقها و كان قلبها يبكي من الحسرة .
و اجابت لكن بعد ان هز كتفيها ليذكرها بأنه ينتظر جوابها :
- اعتقد ذلك ...
- لم افطن الى معنى كلامك إلا فيما بعد عندما قلت انك ستفكرين بإعطاء وعدك .
و رأيت ان هناك شيئا غير طبيعي في قولك . فتراءى لي انك لم تكوني صادقة . و ان طريقتك في الكلام ربما كانت خدعة . فسقطت في الفخ بعد ان جذبني الطعم . و لن أفهم أبدا كيف انخدعت بهذه السهولة و التفسير الوحيد هو اني وثقت فيك . و لكن هذه الثقة تلاشت حالما تفتح ذهني ، فاستأجرت زورقا سريعا و أتيت بأقصى سرعة ممكنة .

توقف و دهشت لأن شفتيه كانتا ترتجفان و جبينه يعرق .
- يجب ان تعرفي ان ما عندي يكون ملكا لي ، يا زوجة ، و اعتقد الآن أنك ستعتبرينني زوجا لك ... و سيدا .

تنهدت و اشاحت بوجهها .
و لكنه أدارها نحوه و ثبت نظره في نظرها .
سألته و هي تتعلثم :
- هل ستسيء معاملتي
غدا ؟
- أنا أسيء معاملتك ؟

بدأت يده تعبث بأزرار بلوزتها .
- اي بارغامي على إعطائك اسم من وضع السلم ؟

فكرت تارا في دافوس و كليانش اللذين رأيا الرسالة عندما اتى بها الرجل .
سيعرف بها حتما و سيكون يوم غد كابوسا بالنسبة اليها .
- لن أقول لك أبدا . يمكنك ان تقتلني ، و لكنك لن تعرف من ساعدني .
- لن اقتلك ...

بدأ الآن عملية عناقه و لم تختلف هذه بتفاصيلها عما سبقها من عمليات مماثلة .
- في حياتي كلها لم استمتع بوجود امرأة كما استمتع بك .

نسيت تارا مغامرة تلك الليلة و خوفها من المستقبل .

**************************

يتبع...

 
 

 

عرض البوم صور redroses309   رد مع اقتباس
قديم 11-10-08, 10:28 PM   المشاركة رقم: 33
المعلومات
الكاتب:
اللقب:
ليلاس متالق


البيانات
التسجيل: Mar 2008
العضوية: 66854
المشاركات: 2,022
الجنس أنثى
معدل التقييم: safsaf313 عضو سيصبح مشهورا قريبا جداsafsaf313 عضو سيصبح مشهورا قريبا جداsafsaf313 عضو سيصبح مشهورا قريبا جداsafsaf313 عضو سيصبح مشهورا قريبا جداsafsaf313 عضو سيصبح مشهورا قريبا جداsafsaf313 عضو سيصبح مشهورا قريبا جدا
نقاط التقييم: 585

االدولة
البلدEgypt
 
مدونتي

 

الإتصالات
الحالة:
safsaf313 غير متواجد حالياً
وسائل الإتصال:

كاتب الموضوع : redroses309 المنتدى : روايات عبير المكتوبة
Congrats

 

وااااااااااو رائع تعبينك معانا يا قمر

 
 

 

عرض البوم صور safsaf313   رد مع اقتباس
قديم 12-10-08, 02:56 AM   المشاركة رقم: 34
المعلومات
الكاتب:
اللقب:

البيانات
التسجيل: Oct 2008
العضوية: 98317
المشاركات: 15
الجنس أنثى
معدل التقييم: QUEEN CROWN عضو بحاجه الى تحسين وضعه
نقاط التقييم: 11

االدولة
البلدSaudiArabia
 
مدونتي

 

الإتصالات
الحالة:
QUEEN CROWN غير متواجد حالياً
وسائل الإتصال:

كاتب الموضوع : redroses309 المنتدى : روايات عبير المكتوبة
افتراضي

 


شكراً شكراً شكرا ًجزيلاً
والله تعبناك معانا بس سامحينا
وبليز بليز بليز كمليها !!!!!!!!!!!!
في انتظارك
thanx

 
 

 

عرض البوم صور QUEEN CROWN   رد مع اقتباس
قديم 12-10-08, 05:53 PM   المشاركة رقم: 35
المعلومات
الكاتب:
اللقب:
ليلاس متالق


البيانات
التسجيل: Feb 2008
العضوية: 64394
المشاركات: 246
الجنس أنثى
معدل التقييم: redroses309 عضو على طريق الابداعredroses309 عضو على طريق الابداعredroses309 عضو على طريق الابداع
نقاط التقييم: 217

االدولة
البلدSaudiArabia
 
مدونتي

 

الإتصالات
الحالة:
redroses309 غير متواجد حالياً
وسائل الإتصال:

كاتب الموضوع : redroses309 المنتدى : روايات عبير المكتوبة
افتراضي

 

مشكورين على المرور safsaf313 و QUEEN CROWN
على المرور
و خلاص الراوية قريب بتخلص باقي الفصل الأخير بس
و الحقيقة أسعدتني متابعتكم للرواية .

 
 

 

عرض البوم صور redroses309   رد مع اقتباس
إضافة رد

مواقع النشر (المفضلة)

الكلمات الدلالية (Tags)
anne hampson, آن هامبسون, اريد سجنك, دار الكتاب العربي, رومنسية, روايات, روايات مكتوبة, روايات رومانسية, روايات عبير المكتوبة, pagan lover, عبير, عبير القديمة, عسل الصبار
facebook




جديد مواضيع قسم روايات عبير المكتوبة
أدوات الموضوع
مشاهدة صفحة طباعة الموضوع مشاهدة صفحة طباعة الموضوع
تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة
Trackbacks are متاحة
Pingbacks are متاحة
Refbacks are متاحة


LinkBacks (?)
LinkBack to this Thread: https://www.liilas.com/vb3/t95118.html
أرسلت بواسطة For Type التاريخ
ط£ط±ظٹط¯ ط³ط¬ظ†ظƒ ط¢ظ† ظ‡ط§ظ…ط¨ط³ظˆظ† ط¹ط¨ظٹط± This thread Refback 31-08-14 04:19 PM
ط£ط±ظٹط¯ ط³ط¬ظ†ظƒ ط¢ظ† ظ‡ط§ظ…ط¨ط³ظˆظ† ط¹ط¨ظٹط± This thread Refback 21-08-14 07:46 PM
Untitled document This thread Refback 10-04-10 06:48 AM


الساعة الآن 08:55 PM.


 



Powered by vBulletin® Version 3.8.11
Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd.
SEO by vBSEO 3.3.0 ©2009, Crawlability, Inc.
شبكة ليلاس الثقافية