لمشاكل التسجيل ودخول المنتدى يرجى مراسلتنا على الايميل liilasvb3@gmail.com






العودة   منتديات ليلاس > قسم الارشيف والمواضيع القديمة > الارشيف
التسجيل

بحث بشبكة ليلاس الثقافية

الارشيف يحتوي على مواضيع قديمة او مواضيع مكررة او محتوى روابط غير عاملة لقدمها


 
نسخ الرابط
نسخ للمنتديات
 
LinkBack (6) أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
قديم 20-10-05, 10:47 AM   المشاركة رقم: 21
المعلومات
الكاتب:

البيانات
التسجيل: Jul 2005
العضوية: 345
المشاركات: 14,884
الجنس أنثى
معدل التقييم: ^RAYAHEEN^ عضو بحاجه الى تحسين وضعه
نقاط التقييم: 21

االدولة
البلدLebanon
 
مدونتي

 

الإتصالات
الحالة:
^RAYAHEEN^ غير متواجد حالياً
وسائل الإتصال:

كاتب الموضوع : ^RAYAHEEN^ المنتدى : الارشيف
افتراضي

 

هههههههههه لا ما حزرت
بدي اكتبهم ما عليه حتى لو انو بياخذوا معي وقت مو مشكلة
وما تفكر ابدا تقراهم من الكتب
لانو والله رايحه ازعل
انا ترى دورت كتير بالمواقع على شي موقع بيحويهم
بس ما في ـ واذا توفر بتلاقي خاصية النقل ممنوعة
والروايات المتوفرة مو حلوي
المهم انك اتابع الرواية لآخرها
علشان ابتدي بلي بعدها ههههههههه

 
 

 

عرض البوم صور ^RAYAHEEN^  
قديم 20-10-05, 07:23 PM   المشاركة رقم: 22
المعلومات
الكاتب:

البيانات
التسجيل: Jul 2005
العضوية: 345
المشاركات: 14,884
الجنس أنثى
معدل التقييم: ^RAYAHEEN^ عضو بحاجه الى تحسين وضعه
نقاط التقييم: 21

االدولة
البلدLebanon
 
مدونتي

 

الإتصالات
الحالة:
^RAYAHEEN^ غير متواجد حالياً
وسائل الإتصال:

كاتب الموضوع : ^RAYAHEEN^ المنتدى : الارشيف
افتراضي

 


-7-
لم تكن كبائن الهاتف العامة منتشرة في ذلك الوقت كما نراها اليوم ..‏
لذا كانت الطريقة الوحيدة لإجراء مكالمة غير معروفة المصدر هو أن ‏تتصل من عند البقال أو السنترال ..‏
السنترال خطر لأن هناك من يسترقون السمع على مكالمتك .‏
لهذا فكر في البقال .. وكان البقال الذي اختاره في ذلك الشارع الذي ‏يعج بورش الميكانيكا رجلا عجوزا غير فضولي شبه مكفوف شبه ‏أصم . هكذا لن يسند ذقنه الى قبضته ويظل يتابع كل حرف تقوله .. ‏ذات مرة كلم فتاة يحبها عند بقال من هؤلاء الفضوليين ، وقد ظل ‏البقال يتابع كل كلمة بتمثيل التنهد ونظرات الهيام .. ولا مانع من ( هأو ‏‏) بعد كل مقطع ..‏
البقال الذي اختار كذلك يضع الهاتف بالداخل .. هكذا لا تجد خلفك ‏طابورا ممن ينتظرون دورهم ويسترقون السمع على سبيل التسلية ..‏
فضولي جدا ! من اهم صفات الشعب المصري انه فضولي بشكل لا ‏يصدق ! ‏
هكذا شاعرا بانه ( يهوذا ) فعلا طلب ( سامح ) الهاتف ودخل المحل .. ‏ثم نظر حوله وطلب الرقم الذي حفظه عن ظهر قلب . جاءه الصوت ‏المهذب المنذر بالويل فقال بصوت راجف :‏
‏-" لدي بلاغ عن قضية تجسس . احسبها كذلك .. "‏
ساد الصمت للحظة ثم عاد الصوت المهذب : ‏
‏-" لحظة واحدة . " ‏
كان يستطيع الآن ان يرى بعين الخيال اجهزة التتبع تعمل .. أجهزة ‏التسجيل تعمل .. الرجال الأشداء ينحدرون على الأعمدة الزلقة كما ‏يفعل رجال المطافئ مسرعين نحو سياراتهم .. ( طبعا هذه فكرة ‏طفولية لكنه لم يستطع إبعادها ) .. يرى سيارة ( الوسائل المساعدة ) ‏تنطلق وذلك القرص على ظهرها يدور في جشع بحثا عن مصدر ‏المكالمة .. يرى مائة كاميرا وجهاز تنصت تزرع في غرفته باللوكاندة ‏في هذه اللحظة بالذات قبل ان يفتح فمه .. يرى الوزير شخصيا يصدر ‏تعليماته ، واللواءات الأشداء ذوي النظارات السوداء يجتمعون ‏بالساعات في قاعات واسعة مكيفة .. والغرض ان يعتقلوه هو .. ( ‏سامح ) .. والتهمة :‏
الإبلاغ عن جاسوس يتضح انه ليس كذلك !‏
ابعد عن ذهنه هذه الخواطر العصابية العصيبة وركز على المكالمة ..‏
بعد قليل جاء صوت اكثر عمقا وتهذيبا يسال من هو فقال :‏
‏-" انا مواطن صالح .. "‏
‏- " ومن اين تتكلم ايها المواطن الصالح ؟"‏
كان هذا تضييع وقت متعمدا .. بالتأكيد هم يعرفون أي هو او على ‏وشك معرفة ذلك .. لهذا قال دون ان يبالي بالرد :‏
‏-" هناك صحفي يدعى ( فايز قطب ) .. صحفي في جريدة ( الأحداث ‏الأسبوعية ) .. إن درجة ملئ بالمنشورات العبرية وخرائط ورموز .. ‏وهو متغيب منذ اسبوع او اكثر عن العمل .. " ‏
ساد الصمت .. ثم قال الصوت الوقور :‏
‏-" إنه صحفي كما تقول .. رما كان هذا يتعلق بعمله .." ‏
قال وهو يتنهد كي لا يفقد الوعي :‏
‏-‏ ‏" عمله لا علاقة له البتة باللغة العبرية .." ‏
عاد الصوت يقول في مرح مهذب : ‏
‏-‏ ‏" ليكن يا سيدي .. لكن الا تريد ان تشرفنا بمعرفة اسمك ؟ "‏
‏-‏ ‏" قلت إنني مواطن صالح .. "‏
‏-‏ ‏" إذن لم لا تمر علينا كي نحتسي القهوة معا وتحكي لنا بالتفصيل ؟ ‏‏"‏
قال بصوت مخنوق : ‏
‏-‏ ‏" لا .. شكرا ! "‏
ووضع السماعة واستدار ليدفع ثمن المكالمة ويفر .. فقط ليجد امامه ‏اربعة رجال اصغرهم وارقهم في حجم باب الغرفة التي تجلس فيها ‏الآن ، والشرر يقدح من عيونهم .. بينما البقال العجوز شبه الكفيف ‏يشير له متهما وهو يرتجف :‏
‏-" إنه هو .. كان يتلفت حوله ويتكلم همسا في الهاتف ، ويقول شيئا ‏عن التجسس ..إنه جاسوس ! "‏
ادرك ( سامح ) ان هؤلاء هم الميكانيكية الذين ناداهم العجوز لنجدته ‏‏.. ويبدو ان حماسهم الوطني ملتهب .. ‏
قال أحدهم : - " الجاسوس الوغـد !"‏
وقال آخر : ‏
‏-‏ ‏" فليضرب بالأحذية ! "‏
‏-‏ ‏" بل نسلمه لرجال الأمن .. "‏
‏-‏ ‏" بعد ان يضرب بالأحذية .."‏
صاح ( سامح ) وهو يتراجع للوراء بصوت أراده حازما فخرج كالبكاء ‏‏: ‏
‏-‏ ‏" انا لست جاسوسا .. ان ابلغ عن جاسوس ! "‏
‏-‏ ‏" هأو ! "‏
كان هذا هو درسه الاول عن سلوك الجموع الذي لا منطق له ، والذي ‏وصفه ( شوقي بك ) بــ ( ياله من ببغاء .. عقله في أذنيه ) .. لا فارق ‏بين الجاسوس ومن يتكلم عن الجاسوسية . .المهم انه كان يتكلم همسا ‏‏.. المهم انه مريب .. المهم انه يجب ان يضرب بالأحذية !‏
وقال له احد الواقفين وهو يلوح بمفتاح إنجليزي مرعب : ‏
‏-" ربما كن تصادقا لكنك ستبقى هنا الى ان يتأكد رجال الأمن من ‏قصتك ! "‏
قال آخر وهو يلوح بـ ( كوريك ) عملاق : ‏
‏-‏ ‏" وحتى يصل هؤلاء . سنذيقه الويل .. "‏
‏-‏ ‏" نعم .. سيتمنى لو لم يولد ! "‏
‏-‏ ‏" نعم .. نعم .. فليضرب بالأحذية ! "‏
كما ترون ليس الرعب الوحيد في العالم هو رعب مصاصي الدماء ..‏

 
 

 

عرض البوم صور ^RAYAHEEN^  
قديم 21-10-05, 01:44 AM   المشاركة رقم: 23
المعلومات
الكاتب:

البيانات
التسجيل: Jul 2005
العضوية: 345
المشاركات: 14,884
الجنس أنثى
معدل التقييم: ^RAYAHEEN^ عضو بحاجه الى تحسين وضعه
نقاط التقييم: 21

االدولة
البلدLebanon
 
مدونتي

 

الإتصالات
الحالة:
^RAYAHEEN^ غير متواجد حالياً
وسائل الإتصال:

كاتب الموضوع : ^RAYAHEEN^ المنتدى : الارشيف
افتراضي

 


-8-
كان د. ( عباس فوزي ) قلقا بحق ..‏
عندما يستجوبك رجال الشرطة ثم يقولون لك في كياسة إنهم يعتقدون ‏إنك الضحية التالية ، لا تشعر باطمئنان كبير .. سوف تموت ميتة ‏شنيعة لكن لا تقلق .. هناك من سينتزع قلبك من بين الضلوع لكن لا ‏تخف .. سوف يكتب بدمك اسم ضحيته التالية .. لكن لا تهتم بهذا .. ‏نحن نراقبك ..‏
فقط لا تبتعد عنا .. لا تدعنا نفقد اثرك . لا تسافر إلا إذا اخبرتنا ..‏
لم يكن يعرف إلا أن د. ( زكي عبد الرازق ) أستاذ التاريخ الذي أشرف ‏على رسالته يوما قد مات .. مات قتيلا بطريقة بشعة .. وقد قال له ‏رجال الشرطة إنهم يتوقعون بشكل كبير ان يكون هو الضحية التالية ‏وان يموت بذات الطريقة ..‏
صاروا يصطحبونه بسيارتهم من وإلى داره .. هناك مخبر يقف أمام ‏باب بيته ومخبر يجلس عل مقعد خارج غرفة المدرسين بالكلية .. لكن ‏الى متى ؟ سوف يملون وسوف يتركونه وحيدا وعندها ..‏
كان ( عباس فوزي ) في الخامسة والثلاثين بدينا ذا عينين خضراوين ‏مذعورتين ، وشعاره في الحياة هو : لقد خرجوا ليظفروا بي .. من هم ‏؟ الجميع .. كل شخص وكل شيء .. ولهذا كانت وفاته واردة حقا من ‏فرط الهلع عندما عرف ما عرف ..‏
لم يكن متزوجا لأنه يهاب النساء .. وقد أدرك انه سيفقد قلبه الذي لم ‏يستعمله قط ..‏
سأل رجال الشرطة إن كان بوسعه اقتناء مسدس لكنهم هزوا رءوسهم ‏ان لا ..‏
هكذا كان يقضي اسود ساعات حياته في العمل ، واسود منها في البيت ‏‏.. حتى بدأ يتمنى ان ينتهي القاتل من عمله سريعا ليريحه من هذا ‏الجو ( الكافكاوي ) ..‏
قالت له ( سوسن ) زميلته في العمل : ‏
‏-" كل هذا الجو البوليسي يثير قلقي .. " ‏
ثم شرد ذهنا وقالت : ‏
‏-‏ ‏" هل تعتقد أنه يمكن ان يقتحم المكان حاملا بندقية آلية ليفرغها ‏في كل الموجودين في غرفة المدرسين ؟ " ‏
نزل لها وابتسم .. هي فقط تريد ان تطمئن على حياتها .. لو كان القتل ‏سيتم بطريقة محددة فبها ورحبت ، اما ان تتعرض هي للخطر كذلك ‏فأمر يثير الرعب . ‏
النظارة الانيقة فرنسية الطابع ذات الزجاج الشفاف ، والشعر القصير ‏عل طريقة ( إنوك إيميه ‏Anouk aimee ‎‏ ) بطلة ( رجل وامرأة ) ‏معشوقة الشباب في هذا لعصر .. والشفتان المصبوغتان بالأحمر ، مع ‏تلك اللمسة الراقية الانيقة .. إنها بالضبط الأنثى التي تمنى لو فاز بها ‏يوما .. لكنه لم يجرؤ قط على الكلام معها ، ومن الواضح انه لن يفعل ‏‏.. كان إحساسها بحسنها مبالغا فيه من الطراز الذي جعلها موسوسة ‏تشعر بان الرجال لا يفعلون أي شيء إلا ليلفتوا نظرها .. الامر الذي ‏يذكر ( عباس ) بأبيات الساخر الاعظم ( بيرم التونسي ) عن انثى ‏مماثلة تمشي في الشارع فــ ...‏
إن كح واحد تقول قصده يشاغلني ‏
وإن تف راخر تقول عاوز يقابلني
وإن بص راجل تقول مالك حتاكلني
أما اللي يضحك ده يبقى ف هواها قتيل ‏
قال لها في صبر : ‏
‏-‏ ‏" أحب ان اطمئنك ان اساليب القاتل دقيقة جدا ولا تترك مجالا ‏للخطأ .. ثم اذكرك بان هذا الموضوع سري تماما .. لا احد يعرفه او ‏هذا هو المفترض .. يقولون إنه كمين .. " ‏
‏-‏ ‏" اتمنى ان ارى ذلك الاحمق الذي سيقع في كمين كهذا ، بينما ( ‏سطويسي ) يجلس كالديدبان على باب الغرفة .. " ‏
‏-‏ ‏" الحمقى كثيرون .. على فكرة اسمه (ح حسن ) لا ( بسطويسي ) ‏‏" ‏
‏-‏ ‏" كل المخبرين اسمهم ( بسطويسي ) وكل رجال الامن اسمهم ( ‏بسيوني ) .. هذه قواعد صارمة لا تخرق إلا على سبيل الاستثناء ‏الذي يؤكد القاعدة " ‏
ابتسم . ثم بدأ يشعر بذلك الحافز الذي يقاومه منذ خمس سنوات .. ‏الآن صار في حالة من التهور العاطفي والنفسي ربما دفعته الى ‏الجنون .. ‏
قال لها وهو يزن كلماته : ‏
‏-‏ ‏" ثمة شيء يجب ان اخبرك به .. " ‏
قالت وهي تخط شيئا في ورقة : ‏
‏-‏ ‏" يتعلق بـ ؟ " ‏
‏-‏ ‏" بنا .. كنت اريد القول إن .. " ‏
قالت في ضيق : ‏
‏-‏ ‏" أنا لا أبالي بهذه الامور .. دعنا نتكلم عما هو أهم .. هل جلبت لي ‏ذلك المرجع الذي .. " ‏
هنا توقفت ونظرت الى الباب فنظر الى حيث نظرت ..‏
ذلك الرجل الضخم يطل برأسه من الباب ثم يتوارى .. لمحة واحدة لم ‏تطل لكنها اثارت توتره ..‏
نظرت له متسائلة فبادلها النظر ..‏
نهض واتجه الى الباب فلم يجد ( بسطويسي ) الذي هو ( حسن ) على ‏مقعده كما هي العادة .. المقعد خال فلا بد انه ذهب يبحه عن ( تعميرة ‏‏) في أقرب مقهى .. لقد شعر بالملل ..‏
قال لها وقد شحب وجهه : ‏
‏-‏ ‏" لقد رحل .. " ‏
‏-‏ ‏" وهذا الذي اطل من الباب ؟ هو ليس من أعضاء هيئة التدريس ‏‏.."وليسا طالبا .. إنه اكبر وأكثر شراسة من أي طالب .. " ‏
بدأ يعرق وبدأ يشعر بأن ساقيه تتخليان عنه .. هكذا اتجه الى الباب ‏فسألته متوترة : ‏
‏-‏ ‏" إلى اين ؟ " ‏
‏-‏ ‏" سأبحث عن ( بسطوي .. أ .. ( حسن ) .. لا بد انه قريب .. يجب ‏ان نعرف من هذا المتسلل .. " ‏
‏-‏ ‏" لكن هذا خطر .. ربما كان هذا هو ما يريده بالضبط " ‏
‏-‏ ‏" لا اعتقد .. إن الكلية مزدحمة والوقت نهار .. من الأفضل ان ‏أتواجد وسط الزحام " ‏
ولم يشغل باله بصدها له على الأرجح ستعرف كيف تتصرف ، وهذا ‏تطبيق حي لمقولة شاعر العامية العبقري ( يموت حبيبي ولا ‏استهواش ) ..‏
ومشى مسرعا في الممر بين الطلبة المتزاحمين .. في نهاية الممر ‏يوجد باب المصعد .. سوف يستقله الى الطابق السفلي ويبحث عن ‏المخبر .. إن لم يجده سيعود إلى داره ..‏
إنه يشعر بقلق لأن وجه ذلك الرجل الضخم الذي اطل من الباب لا ‏يفارق خياله ..‏
انفتح باب المصعد فخطا الى الداخل وفي اللحظة الأخيرة خطا احدهم ‏الى الداخل معه ..‏
إنه يعرف هذا الوجه ..‏
ذات الوجه الأسمر والجسد الضخم .. ذات الملامح الغليظة والنظرة ‏المرعبة المثبتة على وجهه بالذات ..‏
إنه هو .. وقد كانت لعبة محكما حقا .. لا يمكن ان تنفرد بأحد في هذه ‏البناية إلا دورة المياه او المصعد .. والمصاعد يمكن إيقافها بين ‏طابقين في أي وقت تريد ..‏
الآن ينعلق الباب هو يقف .. كطفل أمام هذا العملاق الفارع ..‏
في يد العملاق حقيبة رثة تطل منها اشياء مرعبة .. وثياب العملاق ‏ممزقة متسخة تنم عن حياة خشنة لا شك فيها .. ‏
فتح فمه ليصرخ فلم يخرج صوت ..‏
هنا مد العملاق يده الغليظة نحوه دون ان ينطق ..‏
هكذا تكور ( عباس ) على نفسه على الأرض في وضع جنيني وراح ‏يبكي كالأطفال ..وعندما انفتح باب المصعد والتف العابرون ينظرون ما ‏هناك ، كان ( عباس ) على الارض يعوي بصوت يمزق نياط القلوب ، ‏بينما الكهربائي يضرب كفا بكف ..‏
‏-‏ ‏" اقسم بالله انني لم المسه .. قالوا لي ان كشاف غرفة المدرسين ‏بالطابق الثالث لا يعمل ..وجدت ان هناك من يجلس فيها فقررت ‏تأجيل الأمر ، ونزلت لأصلح شيئا آخر في البناية ذاتها .. فجأة ‏وجدته معي في المصعد يركع على الأرض ويبكي كالأطفال .. اقسم ‏بالله انني لم انطق بحرف .. "‏
لم يفهم الواقفون شيئا .. لكن الكهربائي ظل يردد وهو يضرب كفا ‏بكف : ‏
‏-‏ ‏" يا فتاح يا عليم يا رزاق يا كريم .. لا اعرف من أين تتهاوى هذه ‏المصائب فوق رأسنا !! "‏
مع الكثير من ( حتودونا في داهية الله يخرب بيوتكو ) واعتذر للتعبير ‏لكني احاول نقل ما قاله حرفيا ..‏
في هذه اللحظة عاد ( بسطويسي ) الذي هو ( حسن ) بعد ما دخن ‏حجرين .. وجد هذا الزحام حول مدخل المصعد فقرر الا يضيع وقته ‏بالانتظار .. نها ثلاثة طوابق يمكن ان يصعدها وثبا .. إن هؤلاء القوم ‏المترفين الأثرياء يملكون الكثير من الفراغ والبال الرائق ، وعندهم ‏متسع من الوقت يسمح لهم بالتجمهر حول أبواب المصاعد .. اما هو ‏فعليه مسئولية أمنية ثقيلة يجب أن يقوم بها ..

 
 

 

عرض البوم صور ^RAYAHEEN^  
قديم 25-10-05, 03:35 AM   المشاركة رقم: 24
المعلومات
الكاتب:

البيانات
التسجيل: Jul 2005
العضوية: 345
المشاركات: 14,884
الجنس أنثى
معدل التقييم: ^RAYAHEEN^ عضو بحاجه الى تحسين وضعه
نقاط التقييم: 21

االدولة
البلدLebanon
 
مدونتي

 

الإتصالات
الحالة:
^RAYAHEEN^ غير متواجد حالياً
وسائل الإتصال:

كاتب الموضوع : ^RAYAHEEN^ المنتدى : الارشيف
افتراضي

 

قابلت ( فايز ) في مكتبي بالكلية ...‏
لا اذكر اليوم طبعا .. لا اذكر الساعة .. لا اذكر الظروف .. فقط اذكر ان ‏‏( فايز ) هذا كان في منتصف العشرينات من العمر ، غير حليق الذقن ‏‏.ز مبعثر الثياب كأنه في حالة نزول أبدي من الحافلة المزدحمة .. ‏واعتقد انه لا يظفر بالكثير من المال من عمله لان حذاءه بحاجة الى ‏حذاء ..‏
لو تغاضينا عن هذا وهو بالفعل تافه فأنا اعتقد انه شاب ظريف ذكي .. ‏ولسوف يحقق نجاحا عظيما ما لم يتم تحطيمه كالعادة .. إن عدد هؤلاء ‏الشباب المؤهلين للنجاح يثير ذهولي .. لو تركوا وشانهم لامتلأ العالم ‏بالناجحين .. وكما تعمل جهات م اعلى منع تكاثر ضفادع العلجوم في ‏انهار استراليا كي لا تقتل التماسيح ، تعمل جهة ما على حفظ التوازن ‏الطبيعي البيولوجي كي لا تموت التماسيح الحقيقية في العالم على يد ‏هؤلاء الموهبين الأذكياء ..‏
صافحني وقال : ‏
‏-" انا (فايز قطب ) .. صحي بجريدة ( الأحداث الاسبوعية ) .. "‏
‏-" ( رفعت إسماعيل ) .. أستاذ امراض الدم بكلية طب ( .... ) .. "
ضحك في حرج وقال : ‏
‏- " لا بد ان يكون احد الطرفين غنيا عن التعريف ، ما دام الطرف ‏الآخر جاء للقائه .. " ‏
قلت في خبث وانا اشير له الى مقعد ليجلس عليه :‏
‏-" بالعكس .. اردت ان اذكرك باني طبيب أولا .. بعض الناس ينسى ‏هذا .. كلهم في الواقع .."‏
كنت قد ادركت انه جاء لــ ( رفعت ) الآخر .. ( رفعت ) الذي يجيد ‏الحديث عن تعويذات الكهنة القدامى ، وطقوس فتح التوابيت ، ورطق ‏قتل مصاص الدماء .. هناك من يحسبني متخصصا اتقاضى راتبي من ‏الدولة مقابل هذه الخبرة .. احب ان يتذكروا انني طبيب من حين لآخر ‏‏.. طبيب لا بأس به ..‏
قال في حياء :‏
‏-‏ ‏" في الحقيقة انني جئت فعلا من اجل د. ( رفعت ) الآخر .. "‏
تنهدت في غيظ وقلت : ‏
‏-‏ ‏" خمنت هذا ما دام عنقك لا تحيط به العقد اللمفاوية ، وما دام انفك ‏لا ينزف .. وما دمت متورد الوجه .. أنت لا تنال تغذية جيدة لكنك ‏سليم كالجرس .. ما هي مشكلتك يا بني ؟ "‏
‏-‏ ‏" خطر لي إنك الشخص الوحيد المثقف الذي يمكن أن اجد عنده ‏إجابة .. دعك من حقيقة انك لا تكسب مليما من هذه الامور وهذا ‏يدعو للثقة وحقيقة ان عندك شجاعة الاعتراف بانك لا تعرف .."‏
حقا .. التقطة الأخيرة هي الأهم .. لو انك سالت بائع جرائد او سباك ‏عن ( القينعور ) لأخبرك به بلا تردد برغم انه لا انت ولا هو ولا انا ‏يعرف أي شيء عنه ..‏
ثم إنه فكر قليلا وبدا انه يجد عسرا في البدء .. لهذا سهلت عليه الامر ‏ونهضت لأغلق الباب .. هذا يعطيه فرصة لترتيب أفكاره ..‏
جريدة ( الأحداث الاسبوعية ) ؟ لا بد انني قرات عددا او اثنين .. إنها ‏من تلك الجرائد التي لا تعرف هدفها بالضبط .. حيانا هي سياسية ، ‏واحيانا هي فكاهية تذكرك بـ ( البعكوكة ) ، واحيانا هي مخصصة ‏لمشاكل المرأة وكيف ان الرجال أوغاد ، واحيانا تتخصص في فضائح ‏الفنانات الملفقة غالبا .. الخلاصة إنها جريدة ممتازة إذا كان الهدف ‏من الجرائد هو تشرب الزيت المتخلف من قلي البطاطس .. حبره اثابت ‏بطريقة تثير الإعجاب وهو ما كانت تفتقر له صحف كثر شهرة وأهمية ‏‏..‏
عدت لمقعدي وجلست .. فقال لي بطريقة أكثر تصميما : ‏
‏-" الحقيقة أنني اردت استشارتك .. بصدد كتاب معين .. هل تعرف ‏كيف واين احد نسخة من كتاب ( إينوخ ‏Enoch‏) ؟ " ‏
فكرت في السم قليلا ثم تذكرت اين سمعته من قبل .. قلت له وانا افتح ‏درجي : ‏
‏-" أعتقد انك لن تجده في مصر ابدا يا بني .. هناك نسخة شهيرة ‏ترجمها ( دي ‏Dee ‎‏) .. لكن ما الذي يقودك إلى هذه المتاهات ‏العبرانية ؟ " ‏
لم يرد وابتسم ، وإن سره على ما يبدو انني لم افتح فمي في بلاهة ‏لدى سماع الاسم ..‏
قال لي : ‏
‏-‏ ‏" أعتقد أنك كذلك تعرف من يدعى بـ ( ناتان غزة ) ؟ " ‏
عدت اكرر في إصرار : ‏
‏-‏ ‏" طبعا .. قلت لك إن هذه متاهات عبرانية لن تخرج منها أبدا .. ‏أعتقد أنك مهتم بسحر الكابالا اليهودي ‏kabala ‎‏ .. هذا سحر ‏اختص به حاخامات اليهود أنفسهم ومن الصعب ان تتعلمه أو تجد ‏من يعلمه لك .. كتاب ( إينوخ ) نفسه عبارة عن شفرة معقدة جدا . ‏حتى لو وجدت ترجمة ( دي ) فلن تستفيد منها شيئا .. " ‏
قال في تهذيب : ‏
‏-‏ ‏" أنا اكتب مقالا مهما عن هذا النوع من السحر ، وقد راسلت ‏الكثيرين خارج مصر .. لكن كما قلت انت لا احد يتبرع بهذه الاشياء ‏‏.."‏
قلت له محذرا وانا اغلق الدرج : ‏
‏-" خذ الحذر .ز نحن في حالة حرب مع إسرائيل .. لا تبعثر الغبار حول ‏نفسك لأن اهتمامك العبراني هذا قد يلقى حولك ظلال الشك .. إن تهمة ‏التجسس ليست بعيدة عن أحد .."‏
‏-" الفارق واضح بين من يدرس للعلم ومن يدرس للتخابر "‏
‏- " أتمنى ان ارى كيف ستشرحهذا لرجال أمن الدولة عندما يرون ‏لديك أوراقا امتلأت بالخرائط والرموز وقد كتبت بالعبرية .. ويعرفون ‏انك تراسل البروفسور ( ديفيد فلان ) أو ( حاييم فلان ) بالخارج .. ‏حدثهم وقتها عن سحر ( الكابالا ) .. نعم .. فهم رجال مرهقون يتوقون ‏الى بعض المرح .."‏
قال في حزم وهو يضغط على عضلات فكيه : ‏
‏-‏ ‏" سأتذكر هذا .. شكرا .. لكن ارجو ان تقدم لي العون .."‏
فتحت الدرج ثانية .. في الرة الأولى فتحته على سبيل تزجية الوقت ‏والملل .. هذه المرة افتحه لاخرج قصاصة ورق كتبت عليها بعض ‏الحروف اللاتينية ..‏
‏-‏ ‏" هذا عنوان نصاب يهودي يعيش في الولايات المتحدة .. يدعى ‏انه ساحر واحيانا اوشك على تصديقه ، لكنه يعرف أشياء كثيرة .. ‏على الاقل يعرف أين يوجد كتابك هذا .. لا أردى ما يمنع من ‏مراسلته لأنه مجنون شهرة ، ويصبو لا، ينال أي نوع من التقدير ‏بأي شكل .. لاحظ ان مراسلة الولايات المتحدة لن تبعث حولك ‏ابخرة الشك ..‏
أخذ القصصة ونظر فيها وغمغم :‏
‏-‏ ‏" ( سام م . كولبي ) .. (نيويورك ) ؟ شكرا سيدي .. ساعرف كيف ‏افيد من هذه المعلومات .."‏
ثم نهض .. وفكر حينا توطئة لأن يقول :‏
‏-‏ ‏" هل تسمح لي بالتردد عليك لمزيد من الاستشارات ؟ " ‏
‏-‏ ‏" أي وقت .."‏
لم يكن هذا ودا زائدا فأنا ما زلت عدو العلاقات البشرية .. لكني شعرت ‏بعطف عليه .. حينما يسكن هذا العقل الذكي الطموح ذلك الواقع الفقير ‏المحبط ، يكون الفتى جديرا بالرعاية وربما بعض الحنو الأبوي .. ‏يجب ان يوجد إنسان ما يصغى إليه وهو يبكي ، ويفسر له لماذا فشل ‏بينما هو جدير بالنجاح ، ويشرح له لماذا كان العالم بهذه القسوة ..‏
لم ار الفتى إلا بعد أسبوعين واستغرقت عامين حتى اتذكر من هو .. ‏
قال لي وعيناه تلمعان :‏
‏-‏ ‏" الامور تتحرك بسرعة .."‏
‏-‏ ‏" هل وجدت كتابك ؟ " ‏
‏-‏ ‏" في الحقيقة لم اعد بحاجة إلهي .. لقد تجاوزته منذ زمن .."‏
ثم نظر حوله وقال بحذر : ‏
‏-‏ ‏" في الحقيقة لم يعد هذا المكان مناسبا للكلام . . لم تعد الجريدة ‏مناسبة .. أنا لا اتردد علهيا منذ فترة لا باس بها .. لا اعرف مكانا ‏آمنا يمكن الكلام فيه .. "‏
‏-‏ ‏" هذا من سوء حظك . " ‏
قال وهو يواصل البحث بعينيه عن جواسيس : ‏
‏-‏ ‏" هل لي ان اطمع في خدمة ما ؟ " ‏
‏-‏ ‏" هذا يتوقف على الخدمة .. "‏
‏-‏ ‏" اريد ان أقابلك في مكان خارج المستشفى .. بعيدا عن الناس .. ‏يجب ان أطلعك على ما وصلت اليه .."‏
فكرت في ملل .. الحق إنني لا ارغب بتاتا في معرفة ما يعرفه .. لقد ‏قابلت مليون شخص وصلوا إلى حل سر الكون وإلى ابتكار مذاهب ‏فلسفية جديدة .. أحد هؤلاء كان يدعو لدين جديد قبل أن يدخل ‏مستشفى المجانين الىن .. نعم .. لا ارغب البتة في سماع المزيد ..‏
لكنه كان مصرا كالكابوس .. هكذا لم أجد ما افعله أو أقوله ..‏
‏-‏ ‏" لن أتعبك معي .. هناك مدرسة تحت الإنشاء بقرب هذا المكان .. ‏البناية خالية منذ فترة ولا توجد بوابة .. سوف نلتقي هناك .."‏
قلت لنفسي إن هذا الفتى مخبول فعلا ..‏
وسألته في غيظ ..‏
‏-‏ ‏" ألا ترى أن نلتقي في المقابر ؟ سيضفي هذا بهجة لا شك فيه .."‏
قال بحرج :‏
‏-‏ ‏" يؤسفني بشدة ان اطلب هذا منك .. لكن صدقني لدي أسباب قوية ‏جدا سوف تعرفها عندما نلتقي .."‏
‏-‏ ‏" ولماذا لا تختار أية كافيتيريا ؟ "‏
‏-‏ ‏" الأسباب تتضح فيما بعد كما قلت .." ‏
حككت ذقني مفكرا .. ثم فتحت الدرج وأغلقته عل سبيل العصبية .. ‏وسألته :‏

 
 

 

عرض البوم صور ^RAYAHEEN^  
قديم 25-10-05, 08:28 AM   المشاركة رقم: 25
المعلومات
الكاتب:

البيانات
التسجيل: Jul 2005
العضوية: 345
المشاركات: 14,884
الجنس أنثى
معدل التقييم: ^RAYAHEEN^ عضو بحاجه الى تحسين وضعه
نقاط التقييم: 21

االدولة
البلدLebanon
 
مدونتي

 

الإتصالات
الحالة:
^RAYAHEEN^ غير متواجد حالياً
وسائل الإتصال:

كاتب الموضوع : ^RAYAHEEN^ المنتدى : الارشيف
افتراضي

 

- " ولماذا لا تختار اية كافيتيريا ؟ "
- - " الاسباب تتضح فيما بعد كما قلت .."
حككت ذقني مفكرا .. ثم فتحت الدرج وأغلقته على سبيل العصبية .. وسألته :
- " متى تريد أن نلتقي ؟ "
- " إن كان هذا غدا لغدوت لك شاكرا .. "
مددت يدي الى المفكرة الغيرة لأعرف مواعيدي فقط لأجد أنني اضعتها .. منذ اقتنيت مفكرة المواعيد هذه لم اجدها في اية مرة بحثع فيها عنها .. لقد ضاعت نحو مائة مرة حتى الآن ..
قلت له :
- " لا بأس .. ليكن هذا عند الظهر .. أرجو الا يكون الليل شرطا عندك .."
قال ضاحكا :
- " اما هذا فلا .. الأمر متروك لكم .. "
وهكذا افترقنا .. وقدرت انني اخطأت عندما كنت ودودا ..
هكذا سأحتاج الى قد زائد من العنف وقلة ا لذوق لأتخلص منه .. وهو ما كان يمكن تجنبه بقدر قليل منها في البداية ..
***
عند الموعد توجهت الى تلك المدرسة القريبة من المستشفى ..
انها مدرسة تحت الإنشاء منذ نعومة أظافري .. لسبب ما يعملون فيها الى الأبد .. جدران من القرميد الأحمر .. بقايا مواد بناء ورمال .. ربما قط او قطان اصيبا بصدمة عصبية عندما رأيا بشريا هنا .. يبدو ان البعض كان يستعمل هذا المكان كدورة مياه ، لكن هذا منذ سنوات لحسن الحظ .. ثم لا شيء ..
انت سخيف يا ( رفعت ) .. سخيف فعلا .. هذا المكان ؟ يزيد على مقلب أو ..
أو فخ ؟!
لكن اي فخ ؟؟ ولماذا ؟ إلا لو افترضنا ان الفتى مخبول .
- وهذا وارد ـ او يسخر مني ـ وهوي احتمال ضعيف ـ .. لا يبدو لي مولعا بالسخرية من الشيوخ ..
- مشيت وسط المكان الخالي . لقد رايت ومشيت في اماكن اسوأ .. دعك من أننا عند الظهيرة ونور الشمس يبدد كل خوف او قلق .. من الصعب ان اتصور كارثة تحدث لي هنا ..
اين الفتى ؟
نظرت لساعتي .. لقد مرت عشر دقائق .. معالم المقلب تتضح لي .. سوف انتظر خمس دقائق اخرى ثم ارحل .. لا توجد دروس مجانية لكني على الأقل لم اضرب او اهان او ادفع مالا .. وهذا شء نادر هذه الأيام ..
صوت الأنين هذا ..
انا موقن ان هناك صوت انين .. ولكن من أين ؟
مشيت ببطء نحو ذلك الجدار الذي يشبه بناية غير مسقوفة .. إن الصوت آت من هنا ..
مشيت بحذر .. متوقعا ان اجد نفسي امام كلب جريح غاضب .. لكن الفضول قتل القط في كل مكان وزمان ..
ما هذا ؟ في البدء خيل إلي انني ارى كومة من الثياب ألقاها أحدهم وهذا شيء وارد هنا ثم دنوت أكثر فعرفت أنها ليست كومة ثياب .. أنا اعرف هذا القميص الذي لا يتبدل وهذا الحذاء الأوحد ..
إنه ( فايز ) .. هو بالذات ..
وبنظرة طبيب قدرت ان الأمر قد انتهى .. هذا الفتى الواعد المليء بالحيوية .. لكن ما اثار هلعي بحق هو سبب الوفاة .. لقد انتزع قلبه !
وقفت مذعورا .. أين النيتروجلسرين ؟ أين ؟ لقد تكلمت كثيرا في هذا الموضوع .. ناقشته ورأيت صورة .. لكن لم اتصور ان اراه راي العين .. ثم ما دخل هذا الفتى .. هذا الصبي الذكي بالقصة ؟
" لم تعتد مقابلة هذا الطراز من الجرائم في مصر ، وبأي ثمن لا اريد ان اسمع عن الجريمة الرابعة .. "
بدأ النيتروجلسرين يعمل وتصاعد الدم يخفق في رأسي .. شعرت بدوار شديد .. يجب ان اضيف الأسبرين الى علاجي ، وغلا فإن جلطة الدماغ ستنضم الى قائمة اسباب وفاتي التي اجمعها كهواة الطوابع ..
دنهوت من الجثة أكثر .
لو كان الأمر صحيحا لوجدت كلمة بالدم إلى جوار الجثة لكن .. اسم ( فايز ) لم يكتب من قبل مطلقا فما معنى هذا ؟
لا توجد كلمات .. فقط بركة دم ..
وارتجفت واستندت بظهري الى الجدار .. لم تكتب كلمات .. معنى هذا انها لم تكتب بعد !!
ومعنى هذا ان القاتل هنا .. لم يجد الوقت الكافي ليرحل !
اين هو ؟ كيف اقاومه ؟ ما قدرتي على مقاومة قاتل يستطيع انتزاع قلب إنسان من صدره ؟ ربما لو تظاهرت بفقدان الوعي .. تلك الحيلة القديمة تنجح دائما معي ..
أين هو ؟
وفجأة وقعت عيناي على الجدار ..
الآن عرفت من كتب تلك الكلمات جوار جثث القتلى ..
بخط واضح رأيت الدم يجري في اتجاه مستحيل فيزيائيا ليكتب بوضوح تام :
( فتحي )
إن احدا لم يكتب تلك الكلمات ..
الكلمات هي التي كتبت نفسها !
الجزء الثاني
كتاب الاسماء
مخطوطات ؟ إن العالم يعج بها .. هناك مخطوطات في كل مكان .. حتى الشيخ ( عطوة ) نصاب قريتك الذي يزعم قدرته على فك العمل يملك مخططات .. لو ان رجلا وجدها بعد مائتي عام لملأ المنشورات العلمية صخبا عن اكتشافه المهول ..
-1-
قال ( عادل ) :
- " لعل الجرائم ستستمر .. لعل القتيل القادم يدعى ( فتحي ) وسوف تجد بجواره اسم ( عباس ) .."
قلت له في غيظ :
- " هل رايت ؟ غسم ( عباس ) ذكر من قبل .. هكذا لا يستقيم منطق الجرائم .. لقد لاحظنا ان الترتيب دقيق تقريبا .. كل قتيل ينذر بالاسم القادم .. باستثناء الأول ولو قرأت اسم ( مصطفى ) جوار جثة الفتى لكان هذا اقرب الى المنطق .. هذا يغلق الدائرة كما يقول كتاب السيناريو " ..
اشعل لفافة تبغ وقال :
- " أو لو كان قتيل امس يدعى ( عباس ) .. لاستقامت الأمور "
من جديد وبالقلم ( الفلوماستر ) الغليظ الذي أحمله ، رسمت على الخزانة المعدنية جدول القتلى :
القتيل ما كتبه الدم
مصطفى عباس
يوسف زكي
زكي يوسف
فايز فتحي

قال لي في ضيق :
- " هيه ! هذه القذارة لن تزول من على الخزانة المعدنية .. انت تتلف أثاث الحكومة .."
قلت شارد الذهن وانا اتأمل الجدول :
- " جرب استعمال قطنة مبتلة بالكحول .. دعنا من هذا وقل لي .ز هناك اسمان كتبهما الدم ولم يقتلا .. ( عباس ) و ( فتحي ) .. "
قال :
- " هذا ما اقصده .. سوف يقتلان قريبا .. وعندها تستريح انت نفسيا .. "
ثم اضاف وهو يمد يده ليتناول قدح القهوة الذي كاد يبرد :
- " الحقيقة ان عقلك لم يعد على ما يرام .. انت موشك على الخبال .ز اعني ان خيالك ازداد عما كان "
- " لا اعتقد هذا .. سوف اعرف يوم أجن .. إنني أراهن على هذا .. حتى اللحظة لا يوجد جزء يعمل بكفاءة في جسدي إلا كليتي وعقلي وربما بعد العقد اللمفاوية هنا وهناك .. "
- " وكلامك عن الدم الذي يكتب بنفسه ! "
جلست الى الاريكة اللجلدية .. الحقيقة انني لا اصدق انني رايت ما رايت .. والمشكلة انه لا يوجد شهود .. دعني احك هذه القصية في اي مكان ، ولسوف تكتف ان قميص الاكمام ليس بعيدا عن اي منا ..
قلت في صبر :
- " ( عادل ) .. لا يوجد شهود .. لا استطيع اثبات كلامي .. لكن الدم هو الذي كتب هذه العلامات بنفسه ،، اقسم بالله العظين ان هذا حدث .. "
عقد يديه تحت ذقنه وسالني في حزم :
- " وباية طريقة تقرأ تلك الاسماء التي كتبها دماء الموتى ؟ "
- " لا اعرف .. فقط اعرف انه لا يوجد شيء سهل او واضح في الحياة .. من السهل ان تبدو الأمور واضحة منطقية ( غائية ) في القصص .. لكن في الحياة يصير الغموض اسم اللعبة .. "
ومسحت بمنديلي الخزانة ثم نظرت له .. فعلا هذا اللون ثابت .. إنه باق للابد ..
قال لي في غيظ :
" هل ترى ظ لن يزول هذا .."
- " يمكنك ان تدهن الخزانة بلون آخر . هذا اللون المرادي الحكومي كئيب على كل حال .."
سألني ( عادل ) من جديد :
- " ما الذي يجمع بين هؤلاء الذين ماتوا ؟ "
قلت له :
- " سالوني في القاهرة في مديرية الأمن عن هذا .ز خطر لنا ان العامل الذي يجمع هؤلاء هو نوع من التخصص الأكاديمي .. اكثرهم له علاقة بدارسة التاريخ .. المكان الجغرافي لا علاقة له .. الحالة الاجتماعية والسن لا علاقة لهما .. لهذا راقبوا كل ( عباس ) تنطبق عليه هذه الشروط .. من الواضح ان هؤلاء بخير حال .. نلاحظ هنا الوجه الجديد . ذلك الصحفي الشاب المتحمس الذي لم يعد كذلك ، نجد انه ليس اكاديميا لكنه مهتم بشدة بذلك الكتاب اللعين ( إينوخ ) ، وهو يريد ان يعرف شيئا عن ( ناتان غزة ) و .. من جديد تتكرر نغمة الاهتمام بالتاريخ .. إذن نحن امام قاتل تسلسلي يقتل المهتمين بالتاريخ ! "
- " بالمناسبة .. قبل مقتل الفتى بأيام اتصل احد اصدقائه في العمل بامن الدولة .. كان يشك في ان ( فايز ) يمارس نشاطا تجسسيا ما لأنه وجد في درجة أوراقا عليها كتابة عبرية .."
ادهشني الخبر .. لم اتوقع انني بارع الى هذا الحد .. لقد انذرت الفتى من سوء الفهم .. قلت :
((( الصفحة ملغاة من الكتاب ولا اعرف السبب !!! )))
-2-
الآن ننتقل الى احداث وقعت منذ عامين بعيدا عن مصر ..
كيف عرفتها ؟ هذه تفاصيل سوف احكيها فيما بعد ، لكن يجب ان اخبرك ان د.( زكي ) كان يحتفظ بمذكرات دقيقة عن كل شيء .. إنه رجل دقيق فعلا حتى انه كان يضع علامات صغيرة في اسفل كل صفحة ، عرفت فيما بعد انها مرات دخول الحمام ..
نحن الآن في النمسا .. للدقة نقول إ،نا في ( سالزبوج Salzburg ) المدينة النمساوية التي تقع في الغرب ..
إن النمسا عبارة عن حلم بصري وسمعي جميل لا يمكن وصفه ، ولا تعبر عنه إلا موسيقا ( شتراوس Strauss ) .. دعك من ان ( سازبورج ) هي البلد الذي انجب العبقري ( موتسارت Mozart ) .ز معنى ( سالزبورج ) هو ( قعلة الملح ) .. لان الملح كان ذا اهمية اقتصادية قصوى لهذا البلد .. نتحدث عن الماضي طبعا ..
هذا الذي يلبس معطفا وقبعة وجه مألوف لنا . . إنه د.( زكي عبدالرازق ) استاذ التاريخ الذي قابلناه من قبل لقد مات في تلك الشونة كما نعرف ، لكننا هنا نلقاه منذ عامين في واحدة من ازهى فترات حياته واكثرها خصوبة .. يبدو نمساويا اكثر من النمساويين كما ترى لانه اندمج فعلا في العالم ..
الفتاة الشقراء التي تتعلق بذراعه ليست زوجته كما تلاحظون .. إنها ( جابي ) صديقته .. بالنسبة لي هي اقرب الى سحلية تم سلخها او صورة سلبية لامرأة جميلة .. لكنه يراها جميلة وهذه مشكلته على كل حال ..
لماذا هو هنا ؟ مهمة علمية طبعا .. إن راتب رهبان العلم هؤلاء لا يسمح بالسياحة .. وكان قد حصل على درجة الدكتواره من انجلترا في ظروف كئيبة ، لهذا يمكن القول إنه لم ير اوروبا قط ..
عرف ( جابي ) لأنها شقية أحد زملائه النمساويين ، وكانت مطلقة شابة لطيفة المعشر تطوعت لأن تكون مرشدته في هذا البلد الساحر ، وبفضلها صار يتكلم الالمانية كأهلها .. هنا تحدث العقدة الشهيرة التي عبر عنها ( يحيى حقي ) في ( قنديل أم هاشم ) حيث لم يعد الرجل يرى في العالم إلا نمسا كبيرة .. هنا التحضر والرقي والجمال والعلم ..

 
 

 

عرض البوم صور ^RAYAHEEN^  
 

مواقع النشر (المفضلة)
facebook




جديد مواضيع قسم الارشيف
أدوات الموضوع
مشاهدة صفحة طباعة الموضوع مشاهدة صفحة طباعة الموضوع
تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة
Trackbacks are متاحة
Pingbacks are متاحة
Refbacks are متاحة


LinkBacks (?)
LinkBack to this Thread: https://www.liilas.com/vb3/t4679.html
أرسلت بواسطة For Type التاريخ
Untitled document This thread Refback 05-01-11 12:16 AM
Untitled document This thread Refback 30-05-10 05:30 PM
Untitled document This thread Refback 04-10-09 04:51 AM
Untitled document This thread Refback 23-07-09 06:26 PM
Untitled document This thread Refback 24-04-09 12:34 AM
Untitled document This thread Refback 06-04-09 10:00 AM


الساعة الآن 02:54 PM.


 



Powered by vBulletin® Version 3.8.11
Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd.
SEO by vBSEO 3.3.0 ©2009, Crawlability, Inc.
شبكة ليلاس الثقافية