كاتب الموضوع :
Rehana
المنتدى :
روايات عبير المكتوبة
رد: 26 - المسافرة - راكيل ليندسي - روايات قلوب عبير القديمة
انفرجت اسارير ابيا قليلاً:
- انا لست صغيرة الى الحد الذي تظنين. عمرى اربعة و عشرون, ابدو اصغر سناً لقامتي القصيرة النحيلة.
اجابتها العجوز:
-لا ينقصك أي شيء يا عزيزتي والآن ما هو اسمك الاول؟ لا استطيع ان اناديك الآنسة وست طوال الوقت, وانت في هذا العمر.
-اسمي ابيا او ابيغيل.
-انا ماتيلدا بيتمان, ويسعدني لقاءك جداً. ليتنا تعرفنا اليك في المطار. كان جيلز بدل رأيه لو عرف انني ساسافر مع رفيقة ممتعة مثلك.
لم توافق ابيا على هذا الرأي و هى تتذكر الاسلوب العدائي الذي عاملها به, ولكنها احجمت عن قول اي شيء.
استطردت السيدة بيتمان:
-اتوق الى رؤية الهند عبر عينيك البريئتين. قمت برحلتي الاولى منذ زمن بعيد فلا اكاد اذكر اي أمر عنها.
قالت ابيا:
-لن انسى رحلتي الاولى ابداً. و ستكون رحلتي الاخيرة ايضا. سأذهب الى مدينة بورتموث في بريطانيا السنة المقبلة.
-ما هذا التشاؤم والانقباض و اليأس و الاستسلام للقضاء و القدر؟
خالت ابيا ان فلسفة المرأة العجوز فلسفة خاصة بها, اما هي فلا يمكن لها الايمان بها. ان القضاء والقدر قوة هائلة تعتقد بوجودها. غيرت الموضوع بلباقة. و اخذتا تتجاذبان اطراف الحديث الى ان غطت السيدة بيتمان في نوم عميق . وغلب ابيا النعاس ايضاً, والطائرة تهم بالهبوط نحو المطار.
حطت الطائرة على المدرج واخذ الركاب بعد دقائق الخروج منها. وما ان انهت ابيا الاجراءات الرسمية حتى تبين لها العدد الحقيقي لمجموعة الركاب الذين اتوا معها في الرحلة الخاصة .كانوا عشرين مسافراً و مسافرة. وادركت انها تصغرهم جميعهم سناً.
قدم رجل هندي سمين نفسه كممثل شركة السياحة و قاد المجموعة الى الحافلة التي ستقلها الى المدينة.
-ان السيد شيران , الدليل السياحي, سيلتقي بكم جميعا بعد الظهر, اما في الوقت الحاضر, فسأتولى الرد على اي استعلامات بنفسي. وكما تعلمون , يمكنكم قضاء بقية اليوم كما تشاءوون.
قالت احدى النساء:
-اريد شراء بعض الحاجات. ما قطعت كل هذه المسافة لاقضي يومي بدون فعل اي شيء.
تجاهلت ابيا كل هذه الاحاديث , وراحت تنقل انظارها في المشاهد الريفية ذات السهول المترامية. بدت لها الارض خصبة, و مقسمة الى قطع صغيرة , وكأنها جزء من الريف الانكليزى. لكنها لاحظت قلة العاملين في الارض, ما عدا بعض النساء, والجواميس التي تجر محراثاً خشبياً طويلاً. لم تعبر الحافلة وسط القرى لتتبين معالم الحياة فيها, بل كانت تلمح بين الفينة والاخرى مجموعة من الاكواخ, مبنية من الطين او العشب اليابس.
عندما اقتربوا من المدينة لم تتغير المناظر الطبيعية كثيراً , او حتى الطريق نفسها, حيث لا توجد ارصفة تفصل المارة عن السيارات والدراجات. ووجد سائق الحافلة نفسه يخفف من سرعته اكثر من مرة ليفسح المجال امام البقرات الهائمة وسط الشارع. بقرات عجاف لا احد يقترب منها, الى ان تتضور جوعاً و تلفظ انفاسها, فيحملونها في الشاحنات الى اماكن بعيدة. تلك ناحية شغلت بالها حول الهند, و ستكرهها من كل قلبها.
واخيراً توقفت الحافلة امام فندق اوبروي ذي المدخل الزجاجي الذي ترجل امامه معظم الركاب, بمن فيهم السيدة بيتمان. وتوجه من تبقى منهم الى فندق نورندا الاكثر تواضعاً, وعندها فقط ادركت ابيا ان مجموعتها صغيرة جداً. وجدت غرفتها بسيطة للغاية, ولكنها نظيفة, و تحتوي على حمام عملي يفيض بالماء الحار.
|