لمشاكل التسجيل ودخول المنتدى يرجى مراسلتنا على الايميل liilasvb3@gmail.com






العودة   منتديات ليلاس > القصص والروايات > قصص من وحي قلم الاعضاء > القصص المكتمله من وحي قلم الاعضاء
التسجيل

بحث بشبكة ليلاس الثقافية

القصص المكتمله من وحي قلم الاعضاء القصص المكتمله من وحي قلم الاعضاء


إضافة رد
نسخ الرابط
نسخ للمنتديات
 
LinkBack أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
قديم 08-07-20, 08:27 PM   المشاركة رقم: 46
المعلومات
الكاتب:
اللقب:

البيانات
التسجيل: Sep 2018
العضوية: 330463
المشاركات: 1,136
الجنس أنثى
معدل التقييم: SHELL عضو بحاجه الى تحسين وضعه
نقاط التقييم: 47

االدولة
البلدEgypt
 
مدونتي

 

الإتصالات
الحالة:
SHELL غير متواجد حالياً
وسائل الإتصال:

كاتب الموضوع : SHELL المنتدى : القصص المكتمله من وحي قلم الاعضاء
افتراضي رد: زواج على حد السيف (2) سلسلة أسرار وخفايا عائلة الحيتان

 

اليوم الذى تلا عودتهم من السفر مرّ بصورة بطيئة كئيبة الى درجة ألقت بظلالها حتى على سماح المرحة بطبعها ,فصارت تتجنّب الضحك وارتدت قناعا وهميا من الجدية ,, أحست بدون أن يؤيد احساسها دليل مادىّ أن هناك سحابة دخانية عبقت المنزل حتى كادت تخنق الجميع ,تضاءلت اجتماعاتهم اليومية وصارت فقط وجبة الغداء هى الرابط المشترك بينهم ,وما أثّر فى نفسها بشدة أن سيدتها الصغيرة ريم انطوت على نفسها بحزن دفين ... متى كان ذلك ؟ آه أنها تتذكّر جيدا عندما استدعاها والدها وقد تبدّلت أحواله كثيرا فلم يعد الرجل الهادئ الطباع الذى يفيض صبرا بل تحوّل الى شخص آخر لا يفتأ يؤنبها على أقل هفوة ويتهمها بالاهمال والتقصير ,, كان هذا فى الصباح .. استدعاها لتبلغ ابنته بأنه ينتظرها بغرفة المكتب .. أو غرفة الاعتراف كما صارت تطلق عليها ... لم يبد على وجهه أية دلائل على الغضب أو الانفعال ,استعاد طبيعته الرزينة ,تستطيع أن تقسم برؤية شعاع النور يتقافز من عينيه حينما نظق باسم ابنته المفضلّة فلا يخفَ على أحد مقدار حبه واعزازه لهذه الفتاة ,,, لم يرفض لها طلبا باستثناء موضوع عملها السابق والذى تراجع عن موقفه تماما بخصوصه .
جاءت ريم استجابة لنداء أبيها تسير بخطى متعثرة وبعقلها مئة سؤال وسيناريو لما سوف يدور بينهما , يتآكلها الفضول هل لرغبته بالاجتماع بها علاقة بالموضوع الذى يؤرقها كل ليلة ويخاصم جفونها النوم معاندا لحاجتها بالاستقرار .. اعترفت لأمها بما يجيش فى صدرها دون اغفال أى تفصيلة ,بالتأكيد هى من أخبرت والدها .. تكهّنت بخوف ورهبة .. أسيعاقبها على تهورها ؟ أم سيكتفى بمجرد زجرها ؟ لا تريد أن تضيف المزيد من التعقيدات الى حياتها ,ما بها يكفيها لسنوات .. رسمت خطتها بسرعة ومهارة .. ستنهار باكية تجثو على قدميها وتلثم يدى أبيها معترفة بذنبها ,وتضع باللوم على جاسر ,, سوف تحمّله المسؤولية كاملة .. هو من أحرجها واستغلّها لتمنحه موافقتها المسلوبة منها رغما عنها ,وعليه أن يواجه غضب عمه محمد كما يدعوه بمحبة وحيدا دون تدخل منها .. نعم ستنفض يديها من الموضوع برمته متخلّية عن مساندته , أنه يستحق أكثر من هذا كعقاب.
ابتسمت لنفسها بتشجيع وهى تهز رأسها راضية عن خطتها الجهنميّة التى تبلورت فى ذهنها ,, مع كثير من الدموع حتما سيعفو عنها الوالد متأثرا بمشاعر ابنته المرهفة الحس .. توقفت أمام الباب المغلق تعدّل من هندامها بيد مرتعشة قم سحبت نفسا عميقا وزفرته حارقا .. هيا يا ريم تستطيعين القيام بذلك يا فتاة !
دقّت على الباب ثم أدارت المقبض بعد سماع صوت والدها يحثّها على الدخول ,فدلفت الى الداخل تسير برشاقة فراشة ببنطال قصير يصل الى منتصف ساقها وبلوزة رقيقة بدون أكمام تربط طرفيها بعقدة على خصرها النحيل ,تهلّلت أسارير محمد حينما وقع بصره على ابنته وقال مرحبا يفتح ذراعيه من أجلها :
-ريم حبيبتى أشرقت الأنوار بحضورك يا شمس النهار.
ارتمت فى أحضانه تعانقه بشغف فجذبها لتجلس بجواره وحاجتها الى الشعور بالأمان والطمأنينة يجتاحها لتظل على وضعها الا أنه أزاحها قليلا ليتأمل ملامحها البريئة ,ورثت الكثير من والدتها ... اعتاد على ممازحتها بأنه يحبها لأنها تذكّره بها وهى بمثل عمرها فيشعر بأنه عاد لمرحلة الشباب من جديد وهو يرى حبيبته تولد أمام عينيه يراقبها مستمتعا بكل لحظة من مراحل تطوّرها العمرىّ .
لمحة واحدة أظهرت امتعاضه فى زمة شفتيه وهو يتلمّس خصلاتها القصيرة ,ثم انفرجت تلك الشفتان مرددة انذارا سبق أن سمعته مرة من قبل:
-لا تفعليها مرة ثانية يا ريم .. لا تقصّى شعرك.
تململت الفتاة بجلستها وقالت باستياء:
-بابا .. أنها مجرد قصّة للشعر .. موضة حديثة تتسابق الفتيات جميعهن لتقليدها.
وضع سبابته مدغدغا أرتبة أنفها وهو يقول بحبور:
-ابنتى ليست كأى فتاة ,وكل الحديث عن الموضة ومجاراتها لهو محض كلام فارغ.
وضعت يدها بتحية عسكرية وهى تصيح:
-تمام يا فندم أمرك سيدى.
-ريم هذا ليس أمرا .. أنه مجرد نصيحة من أب لابنته العزيزة على قلبه لا يحب أن يراها بصورة غير مناسبة.
طبعت قبلة دافئة على خده وهى تحيط عنقه بذراعيها تتعلّق به قائلة بدلال:
-اذا ضايقك الأمر الى هذا الحد فأنا أعتذر منك لن أكررها ,هل أجرؤ على زعل حبيبى ؟
-يا لك من مشاغبة .. حسنا لن تلهيننى عما أردت محادثتك بشأنه .. لن تفلتى منّى بهذه البساطة يا بنت محمد.
ها قد تجاوزا مرحلة المزاح ولم تعد لديها أية فرصة للهروب من المواجهة الوشيكة .. ستلزم الصمت منتظرة حتى يفاتحها هو بالأمر.
ابتدأ محمد حديثه بينما ابنته منصتة له بامعان ممتزج بالاحترام:
-أمك فاتحتنى بموضوع .. أقلقها كثيرا .. موضوع يخصك أنتِ ..
صمت لوهلة بينما امتدت أصابعه تتلاعب بخاتمها الماسىّ وهو يقول بهدوء:
-أنه جميل جدا .. ونفيس ..

تسارعت دقات قلبها تضرب بضلوعها وأنفاسها تلاحقت تباعا ,جاءت لحظة انكشاف الحقيقة .. ترددت وهى تطرق برأسها خجلا قائلة:
-بابا .. أنه ... لقد تفاجأت ... و..
ثم رفعت وجهها فجأة لتجد نظرات أبيها مسلطة عليها بتفرس فى قسماتها المرتبكة وتلاعب شبح ابتسامة على شفتيه ,مما أثار الريبة فى نفسها .. حاولت أن تستعيد ثقتها بالنفس وتماسك أعصابها الا أن صوتها خرج مرتعشا كصاحبته:
-جاسر .. هو من .. أعنى أنه هو المسؤول ..
لم يحاول والدها مقاطعتها ولا معاونتها على اكمال عبارتها الغير مفهومة ,فتوردت وجنتاها احمرارا ثم عادت لتطرق برأسها أرضا لا تتحمّل رهبة هذا الموقف .. ماذا سيكون نصيبها من اللوم والتقريع ؟ وهل سيكتفى والدها بتعنيفها أم سيمتد عقابه الى ما هو أسوأ ؟
توقعّت أى شئ منه .. ردا قاسيا ... تصرفا جافيا ... صراخا حادا الا أنها لم تتهيأ لضحكته المجلجلة عاليا والتى صاحبها صوته الذى يفيض مرحا :
-اذن نجح فى الحصول على موافقتكِ .
لم يكن هذا سؤالا ,, بدأ ذهنها بالعمل من جديد بعد لحظات توقف يحلّل كلمات والدها وهو يستطرد مهنئا:
-يبدو أنه يجيد الاقناع ,فها قد نال موافقة وحيدتى المدللة .. مبارك لكما حبيبة بابا.
غمغمت بالكاد قبل أن تغشى عيناها الدموع:
-أنت موافق .. عليه.
ربت على كتفها مضيفا باعجاب:
-جاء الىّ طالبا يدكِ قبل سفرنا فأخبرته بما يتعيّن عليه فعله .. أن يسعى لينال رضاكِ بنفسه .. طبعا أنا موافق والا لما أعطيته الضوء الأخضر لسؤالك عن رأيك ..
رددت بنفسها فى سخرية من جهلها : سؤالى عن رأيى ؟ لم يكن هذا وصفا دقيقا لما حدث بالفعل على أرض الواقع.
استطرد محمد غير واعيا لحالة ابنته الكئيبة :
-اسمعى جاسر قريب لنا ,ومع ذلك لم أكن لأمنحه مباركتى للزواج من جوهرتى الغالية الا بعد أن لمست بنفسى مدى حبه وتقديره لكِ ,, هو رجل بمعنى الكلمة وسيحافظ عليكِ ويفتديكِ بروحه.
استمعت مرغمة الى ابيها وهو يعدّد مآثر الرجل الذى جرح قلب ابنته وخدعها .. يتحدث عنه كابن وليس كمجرد قريب لهم .. آه لو تعرف يا أبى ؟
-أمك كانت ثائرة بحق ولم تكف عن تعنيفى لأننى أخفيت الأمر عنها ,, واضطررت الى التنازل كثيرا حتى أهدئ غضبها وأرضيها.
-صغيرتى .. لمَ أنتِ صامتة ؟ آه هذا خجل العذارى .. لكن يا بنيّتى لزاما عليكِ منذ الآن أن تتكلمى لتعبّرى عن رغباتك وأود أن أعرف ما تتطلّعين اليه .
أجابته شاردة الذهن :
-بخصوص ماذا ؟
رفع حاجبيه تعجبا وهو يقول بجدية:
-بخصوص الزواج طبعا ,اطلبى ما تشائين يا ريم ,أنا كفيل بتلبية كافة أمنياتك كما أن جاسر لن يتوانى عن فعل المستحيل لاسعادك.
حسنا يا جاسر , أنت تخطّط وتتصرّف بذكاء ,لتصل الى مبتغاك ,وتعتقد أنك قد انتصرت علىّ ,فليكن لك ما تشاء ... انتظر .. حتى ترى وتسمع بنفسك.
أزاحت أفكارها الانتقامية السوداء جانبا وتصنّعت الاهتمام بتجيب على والدها بحياء:
-أنت كفيل بهذا الأمر يا أبى أعرف أنك لن تخذلنى أبدا ,سأترك لك الاتفاق معهم فيما يتعلّق بالأمور المادية وخلافه ,أما طلباتى الخاصة فسأناقشها مع خطيبى .. جاسر.
ابتسم ملء فيه وهو يردد بانتشاء:
-عظيم .. عظيم , هذه هى ابنتى التى أفخر بها.
نهضت ووقفت تقول بحسم:
-شرطا واحدا يا بابا .. لن يتم الزواج الا بعد فترة خطبة أحدّد مدتها.
هز رلأسه ايجابا وهو يقول موافقا:
-لكِ مطلق الحرية فى تحديد موعد الزفاف ,, فأنتِ العروس.
وأضاف بعد أن نهض بدوره متوجها نحو مكتبه الفاخر وفى نيّته اجراء مكالمة هاتفية:
-سأتصل بعمى عبد الله لأحدد موعدا لحضورهم حتى يتقدّموا رسميّا ونتفق على كافة التفاصيل.
رمت بسؤالها عرضا:
-ألن تأخذ رأى رفيق بالأمر ؟
عقد الوالد حاجبيه بشدة وهو يتساءل بحدة:
-ولماذا ؟
رفعت كتفيها عاليا وقالت بنزق:
-ربما يغضب أنك لم تستشره.
أجاب نافيا:
-أنا والدك وولىّ أمرك والوحيد الذى يحق له القبول أو الرفض ,سوف أبلغّه بالطبع بموعد قدومهم حتى يكون حاضرا معى.
نظرت له بفخر قائلة:
-أنت الأفضل يا أبى.
وانصرفت تاركة أباها ليجرى اتصاله بمفرده فهى لن تتحمّل سماع كلمة واحدة مما سوف تُقال .. تربط مصيرها بمصير جاسر ,لن يجبرها والدها اذا ما رفضت أو تراجعت عن قرارها ,, أكيدة هى من ذلك الاحساس الا أنها تقبّلت الأمر بروح التحدّى .. لن تفرّ من مواجهته بعد الآن ,, ولن تختبئ فى انتظار من يأخذ القرار نيابة عنها ,ريم المقاتلة وُلدت على يديه وستذيقه الأمرين حتى تلقنّه درسا بحياته لن ينساه ,التلاعب بمشاعر الآخرين لهو جريمة نكراء .. تجرّع الدواء المر لا مفر منه حتى نحصل على الشفاء التام.

##########

 
 

 

عرض البوم صور SHELL   رد مع اقتباس
قديم 08-07-20, 08:28 PM   المشاركة رقم: 47
المعلومات
الكاتب:
اللقب:

البيانات
التسجيل: Sep 2018
العضوية: 330463
المشاركات: 1,136
الجنس أنثى
معدل التقييم: SHELL عضو بحاجه الى تحسين وضعه
نقاط التقييم: 47

االدولة
البلدEgypt
 
مدونتي

 

الإتصالات
الحالة:
SHELL غير متواجد حالياً
وسائل الإتصال:

كاتب الموضوع : SHELL المنتدى : القصص المكتمله من وحي قلم الاعضاء
افتراضي رد: زواج على حد السيف (2) سلسلة أسرار وخفايا عائلة الحيتان

 

فى منزل الجد عبد الله ,تجمعّت العائلة على طاولة الطعام وكان خالد مدعوا الى الغداء فى السابقة الأولى لمثل هذا الحدث ترحيبا به كعضو جديد ينضم الى العائلة .. كان مقرّرا أن تقام هذه المأدبة فى منزل والد ليلى الا أن الجد قد أعلن عن تولّيه هذه المسؤولية باعتباره رأس العائلة وكبيرها .
ساد جو من الألفة والمرح بينهم خاصة وجاسر لا ينفك يلقى بالنكات على الثنائى الجديد ممازحا بخفة صديقه قائلا:
-يا لك من محظوظ ! نلت الدرّة المكنونة التى لم نكن لنفرّط بها الا لمن يستحقها.
جعل تعليقه البسمة ترتسم على وجوه الجميع ما عدا السيدة فريدة التى لم يعجبها ما يحدث فمصمصت بشفتيها حسرة على حال ابنتها قائلة بصوت مدوٍ:
-المهم أن نرى ماذا سيقدّم العريس المحظوظ لهذه الدرّة ؟
تمايلت ليلى بحركة رشيقة لتتراجع فى مقعدها بينما نظراتها تنتقل من ابن خالتها الى خطيبها ,قائلة بدلال يليق بها:
-لا تشغلى بالك يا ماما فخالد لن يقصّر ابدا فى تحقيق ما أريده , أليس كذلك يا عزيزى ؟
لماذا تصرّ على احراجه بهذه الابتسامة المغرية التى تمنحها له فقط فى المناسبات العامة وأمام حشد من الناس فيعجز عن الخروج من دائرة جاذبيتها المغناطيسية ,ظل يحملق بها بانبهار واضح فلكزه صديقه فى جانبه دون أن يلمحه أحد منقذا ايّاه من هذا المأزق بقوله المداعب:
-كما أن خالد الآن اصبح هو المدير المسؤول عن مكتب السيد فهمى ,وفى غضون بضعة أشهر سيتحسّن وضعه أكثر ..
تنحنح خالد مستعيدا قدرته على الكلام بصعوبة بالغة وهو يجل حنجرته أكثر من مرة قائلا بصوت مبحوح:
-أنا تحت أمر ليلى فى أى شئ ...
ونظر الى والدة ليلى برهبة قبل أن يضيف ببسالة نادرة:
-ورهن اشارتك يا .. حماتى.
شهقت فريدة وهى تضرب على صدرها بقوة قائلة بابتذال:
-حماتى ... آه ,, صبّرنى يا رب.
كاد الوضه أن يحتدم لولا أن تدّخل الجد سريعا فقال بابتسامة عريضة:
-بالمناسبة لقد ذكّرتنى بنفسى عندما تقدمت لخطبة زوجتى أم شريفة وفريدة - رحمها الله - وكانت والدتها سيدة فاضلة رائعة بحق أخذتنى على جانب منفرد لتبارك لى ثم تؤشر لى بتحذير قائلة :ايّاك أن تغضب نور الهدى أو تضايقها والا سوف ترى من حماتك وجها آخر ... طبعا غرقنا بالضحك سويّا لم تكن تقصد تهديدى فعلا انما ودّت أن تبعث لى برسالة مغلّفة بالضحك أن أعنى بزوجتى جيدا ومن يومها وأنا أنفّذ توصيتها هذه الى أن فارقتنى الغالية الى بارئها ,, حبا فيها وليس خوفا من حماتى ... أصرّت علىّ بعد عقد القران ألّا أناديها سوى بأمى .. لأن والدتى كانت قد توفّت بذلك الوقت.
تمتم خالد باحراج:
-شرف عظيم لى أن أناديها بأمى طبعا فهى أم الغالية.
نظرت له فريدة شذرا وهى تقلب شفتيها بحركة مستاءة لتهتف:
-لا .. لا داعى لذلك .. حماتى أفضل بكثير.
أمسك جاسر نفسه عن الانفجار بالضحك وقال مقترحا دون أن يجرؤ على مواجهة خالته:
-لماذا لا تلقبّها بخالتى مثلى ؟
تحدّث السيد سليم لأول مرة بعد صمت طويل مصدّقا على هذا القول:
-فكرة جيدة .. وبهذا نحل المعضلة الكبيرة لا ماما ولا حماتى ,, أنت عبقرى بحق يا جاسر.
حدّجته زوجته بنظرة غاضبة قبل أن تعلن اعتراضها الصارم:
-هذا هراء ...
فكفّ زوجها عن تناول طعامه الذى غص حلقه بآخر لقمة منه وتناول كوبا من الماء يتجرعه بلهفة غريق موشك على النهاية مما جعله يصدر صوتا عاليا أثناء ارتشافه للماء ,ضجّ الجميع بالضحك الا فريدة التى زجرته بعنف:
-سليم .. لا تتجرع الماء هكذا ,كم من مرة أخبرتك أنه غير لائق ,نحن لسنا ببيتنا.
أشار لها والدها بلطف وهو يقول بتساهل:
-فريدة .. اتركيه على راحته فالمسكين كاد أن يختنق بكلماتك .. كما أننا عائلة , لا يوجد أى غريب بيننا.
ثم أولى اهتمامه الى صهره قائلا :
- بمَ تشعر الآن يا سليم ؟ هل أصبحت أحسن حالا ؟
تنفس الرجل الصعداء وهو يلقى بالشهادتين قبل أن يهتف بارتياح:
-الحمد لله يا عمى ... سفرة دائمة .
ونهض من مقعده ناويا المغادرة فسألته شريفة بمودة:
-سليم .. لماذا لا تكمل صحنك ؟ ألم يعجبك طعامى ؟
قال سليم بصراحة:
-وهل هذا كلام يا شريفة ؟ أنتِ تعرفين كم أحب تناول الطعام الذى تتولّين طهيه وخاصة أصابع الكفتة المشويّة , لا أجرؤ على مقاومة التهامها .. سلمت يداكِ والعقبى حينما نفرح بجاسر وعروسه قريبا ان شاء الله.
انتهز الجد هذه الفرصة ليعلنها على الملأ قائلا ببشر :
-حسنا بمناسبة الكلام عن جاسر .. أبشّركم بأن والد العروس هاتفنى منذ قليل ليخبرنى بموافقته على تحديد موعد لزيارتهم.
صفقت ليلى بجذل معبّرة عن سعادتها الجمّة وأخذت تترنم بصوت حالم:
-يا له من يوم جميل لا يُنسى أبدا ,ربما استطعنا أن نجعل الفرح اثنين كما فعلت فى حفل خطبتى يا جاسر ,أفسدته بنجاح منقطع النظير ..
بينما اقتربت شريفة من ابنها تحتضن رأسه مهنئة وزوج الخالة يتمنى له السعادة والخير حتى فريدة المتأففة على الدوام تخلّت عن عبوسها لتحل محله ابتسامة حنون ,, أما خالد فقد ربت على ظهره متلاعبا بحاجبيه بشقاوة قائلا:
-مبروك يا عريس نحن السابقون وأنتم اللاحقون.
وجاسر غارق بأفكاره الخاصة تساوره الشكوك هل حقا وافقت ريم على الزواج منه ,هو الوحيد الذى يعرف بحقيقة موقفها يوم الحفل حيث وضعها أمام الأمر الواقع .. استسلامها الغير متوقع أثار الريبة والشكوك بنفسه ,رآها فتاة مختلفة تماما عن سابق معرفته بها .. واحدة مقاتلة على أتم استعداد للسعى وراء تحقيق أهدافها بروح مثابرة ,حرة الارادة مستقلة بعناد .. وظلّت دوائر تساؤلاته تتسع وتتقاطع حتى انتبه لسعال جده الذى جعله يفيق من شروده فتابع الأخير قائلا:
-ما رأيك أنت يا جاسر ؟
فتح عيناه عن آخرهما كأنما يحاول استيعاب ما يحدث معه فأدرك أن العيون كلها مسلطة عليه ,فرك كفيه بتوتر وهو يحاول تصنّع المرح ليسأل ببساطة:
-تريد معرفة رأيى فى ماذا يا جدى ؟
مال الجد برأسه بزاوية حادة كأنه يبحث عن شئ ما وصاح يزجره بلطف:
-أنت .. أفق من أحلام اليقظة التى غرقت بها .. أنا أتحدث بشأن الموعد المنتظر ,, قال محمد بأنه لا مانع أن نحضر هذا الأسبوع ,وان كنت أفضل ان ننتظر بضعة ايام ريثما يستريح من عناء السفر وتبعاته ,هه ماذا قلت ؟
أومأ برأسه موافقا على اقتراح الجد العقلانىّ وتحيّنها فرصة مناسبة ليختلى بنفسه بعض الوقت قبل أن يراها مجددا وجها لوجه ,وهناك أيضا رفيق الذى عاد هو الآخر من رحلة شهر العسل التى طالت كثيرا .. أهو غارق بالعسل حقا أم سيتذوق طعم البصل ؟
-كما ترى يا جدّى الرأى النهائى لك .
-حسنا فلنذهب الى غرفة المعيشة ... حتى نحتسى القهوة هناك .. تفضلوا ..
بينما غادر الرجال قاعة الطعام المطلّة على البهو الرئيسى توجهت النساء الى المطبخ لاعداد القهوة بعد الانتهاء من ازالة بقايا الطعام ولملمة الصحون الفارغة بغرض جليها ,, وقفت ليلى حائرة لبضعة ثوانٍ فقد دق هاتفها بهذه اللحظة معلنا عن اتصال من آخر شخص توقعّت رؤية اسمه ,, يملك تأثيرا كالسحر على قلبها .. كلما اعتقدت أنها باتت قادرة على التخلّص من ذكراه الأليمة واستئناف حياتها التى تحطّمت على يديه يظهر من حيث لا تحتسب.
حسمت ترددها بقرار متراخٍ ,ستجيب على هذا الاتصال فالفضول يتآكلها لمعرفة سبب اهتمامه بمحادثتها وقد انقطع بينهما كل سبيل لاجراء حديث متحضّر بين اثنين .. ارتبطا يوما بعلاقة حب باءت بالفشل الذريع.
بينما عقلها يكيل لها الاتهامات واحدا تلو الآخر ,, كاذبة أنتِ ,, ليس الفضول هو دافعك لاجابته .. أنما الحنين .. والشوق لما مضى .. احذرى أنتِ مخطوبة لرجل آخر لم تعودى حرة ,كما أنه رجل متزوج .. باغتتها الذكرى بجفاء ملهبة قلبها النابض بقوة.
نظرت حولها بترقب ولما وجدت أنه لا أحد يراها انسحبت بخفة كالقطة الى موقع يصلح للاختباء .. شعرت بأنها تتصرف بخسّة ونذالة , وتغلّب تهوّرها على تعقلها فى ثانية واحدة .. ارتعشت اصابعها حتى كاد الهاتف يسقط محطّما على الأرض فأنقذته يدها الأخرى واستقبلت المكالمة قائلة بصوت متهدّج من أثر اشتعال عاطفتها:
-آلوو .. سيف.

#########

 
 

 

عرض البوم صور SHELL   رد مع اقتباس
قديم 08-07-20, 08:29 PM   المشاركة رقم: 48
المعلومات
الكاتب:
اللقب:

البيانات
التسجيل: Sep 2018
العضوية: 330463
المشاركات: 1,136
الجنس أنثى
معدل التقييم: SHELL عضو بحاجه الى تحسين وضعه
نقاط التقييم: 47

االدولة
البلدEgypt
 
مدونتي

 

الإتصالات
الحالة:
SHELL غير متواجد حالياً
وسائل الإتصال:

كاتب الموضوع : SHELL المنتدى : القصص المكتمله من وحي قلم الاعضاء
افتراضي رد: زواج على حد السيف (2) سلسلة أسرار وخفايا عائلة الحيتان

 

-للمرة الألف أحذرك يا مها من مغبة تدخلك فى خصوصياتى ,لا تدسّى أنفك الجميل هذا فيما لا يعنيكِ.
ألقى بعبارته فى وجهها ككرة صلبة ارتطمت بكيانها, فعلى الرغم من أنها قد ابتهجت لاطرائه العفوىّ بقى جزء بعقلها يشعر بالاضطراب من جراء انكاره لحقها فى معرفة تفاصيل حياته.
مدت يدها متضرعة نحوه وهو تسأل من جديد:
-أرجوك ,فقط هذه الاجابة البسيطة لن تضرّك بشئ لكنها تعنى لى الكثير .. أتراك تنتظر منى أن أتوّسل لك راكعة حتى تمنحنى هذا الشرف.
زفر متنهدا بينما يرفع ساقا فوق الأخرى بوضعية شامخة تطل من عينيه نظرات التعالى والكبرياء يرمقها كمن يجدها ليست بمقامه حتى يتبادل معها أطراف الحوار ,ثم نظر الى ساعته التى انبأته بمضى الوقت سريعا ,وعليه أن يبدأ بالتحرّك فورا فهب واقفا على قدميه بينما زوجته ما زالت معتدلة بجلستها ,قاصدا الخروج من الغرفة انتبه لهمستها المتأففة:
-تبا لعناده وغروره الذكورىّ !
توقفت أصابعه على مقبض الباب الذى لم يكمل دورته فظل مغلقا ,وأدار وجهه بالتفاتة بسيطة لينظر لها من فوق كتفه باشمئزاز هاتفا من بين أسنانه:
-لو لم أكن متعجلا للخروج للقنتك درسا جديدا فى كيفية تعاملك مع زوجك واحترامك له ,وأطمئنك لاحقا سيتاح لنا وقتا طويلا حتى أنظف عقلك هذا مما يختزن به من قاذورات .. فقط كونى عاقلة والزمى مكانك ريثما أعود من مشوارى ,لا أريدك أن تتسكعى هنا وهناك تثرثرين مع أيا كان ,لم يعد الوضع كالسابق .. الجميع على علم بهويتك ولا بد أنهم يدركون جيدا الهدف من زواجنا.
اندفعت تكرر سؤالا مصيريا:
-ما ذنبى أنا فى كل هذا ؟
ابتسم ساخرا وكل حرف ينهال فوقها كسوط جلدى يلهب روحها:
-ذنبك ؟ حبيبتى لا تدّعى البراءة أنتِ من سعيتِ الى هذا بقدميكِ ,ثم أليس هذا هو ميراث عائلتك ؟ من المقدّر أن تدفعى عنهم الثمن ,فكما يقول المثل الآباء يأكلون الحصرم والأبناء يضرسون ,أنتِ مدينة لى يا مها وليس العكس وأنا أنوى جعلك تسددين كاملا.
ثم لوّح لها بكفّه يمينا ويسارا عدة مرات قائلا:
-الى اللقاء يا حلوتى ,, انتظري عودتى.
وتركها تتلوى بحسرتها وقهرها فمنذ تلك الليلة الحاسمة حيث عرف عمه بهويتها الحقيقية وتبدلّت معاملة الجميع لها ,فان كانوا بأول الأمر تحركهم مشاعر الاشفاق عليها أو حتى الاستغراب من قبولها بهذه الزيجة ,فقد انتهوا الى احتقارها بالتجاهل أو التقليل من شأنها .. حيث لا أحد ينظر اليها ولا يتبادل معها الحوار كأنها تحمل وباءا قاتلا.
ما عدا تلك السيدة اللطيفة المعشر هناء والدة كريم ,الوحيدة بينهم التى تشعرها بأنها ليست وحيدة بهذا العالم القاسى تغدقها بحنان ومشاعر فيّاضة .. لن تنسى لها حسن صنيعها ما حيّت ,وهى التى أطلعتها على حقائق لم تكن لتصل اليها بسهولة ساعدها على تفهّم الموقف السائد فى العائلة من ارتباطها بواحد منهم ,سلبتها معرفة الحقيقة سلاحها الوحيد الذى شحذته ضد سيف وعائلته بأكملها ,بل صار الشك طريقها نحو اليقين .. ماذا لو كانت أمها تكذب ؟ لا , لا يمكن أن تفعلها .. وان ثبت ذلك فكيف تتصرف على هذا الأساس الجديد الذى يقلب عالمها رأسع على عقب.
الرغبة فى الانتقام تلاشت كالسحر ,, هل يمكنهما البدء من جديد وكأن شيئا لم يكن ؟ تشعر بأن زوجها يدبّر أمرا فى الخفاء لا يفصح عنه أمامها.
توجهّت على الفور الى الحمام لتتوضأ ,وخرجت تبحث عن ثوب الصلاة الفضفاض الذى أصرّت على سيف أن يبتاعه لها بعد أن انتهيا من التسوّق فى محال الملابس فى ذلك اليوم البعيد... امتثل لرغبتها دونما سؤال وان ظلت تعابير وجهه غامضة بالنسبة اليها وما أن قامت البائعة بلفّه فى كيس ورقىّ حتى سألها صراحة:
-هل هو لكِ ؟
رفعت حاجبا وهى تسأله بعدائية واضحة:
-نعم , هل هناك ما يمنع ؟
واصل استفساره وكان الأمر لا يعنيه حقا بل ليشغل وقتهما فى طريق العودة:
-لا , أعنى هل ستستخدمينه للصلاة ؟
تأففت هى بشدة وأخذت تعض على شفتيها توترا ثم قالت:
-وهل يستخدم لغرض آخر ؟
أجابها ببساطة:
-نعم هناك بعض النساء اللاتى يرتدينه لقضاء بعض المشاوير ,ولكنهن محجبات أما أنتِ ف ...
وتوقف برهة يطالعها بتفحص مشيرا الى شعرها وملابسها القصيرة ففهمت اشارته سريعا وتقلّصت ملامح وجهها الملائكى بقوة وهى تنفى عن نفسها اتهامه الصريح:
-أنا لا أرتدى الحجاب , ولا أرتدى الأزياء المحتشمة ولكن هذا لا يعنى أننى لا أصلّى ولا أعرف فروض دينى.
لما رأته جامد التعابير لا يتراجع عن تقديره الخاطئ لها اضافت بمرارة:
-أنت لا تصدّق أنه يمكننى أن أصلّى واقوم بكافة الفروض الأخرى , أليس كذلك ؟
قال مدعيّا اللا مبالاة:
-هذا شأنك الخاص ولا يعنينى من قريب ولا بعيد .
وكأنه يخبرها بأنه ليس سهل الانخداع بالمظاهر فهو يعلم كيف دبّرت لايقاعه بهذه الورطة ,وهذا بنظره كافٍ لاصدار حكمه عليها.
عادت الى واقعها بعد أن انسدل الثوب عليها مخفيا معالم جسدها بالكامل وثبتت الجزء العلوى منه كغطاء لشعرها ,وولّت وجهها شطر القبلة وهى تبدأ صلاتها بصوت خاشع , لاجئة الى رب العالمين أن ينجّيها ويخلّصها مما هى فيه.
أنهت صلاتها ثم أخذت تتلو بعض الأذكار وهى مفترشة سجادة الصلاة على الأرض ,ثم تناولت هاتفها الخلوىّ تفتش عن اسم بذاته وأجرت اتصالها تنتظر اجابة الطرف الآخر داعية الله أن يعينها على الصبر ويهيّأ لها من أمرها رشدا.

#########

 
 

 

عرض البوم صور SHELL   رد مع اقتباس
قديم 08-07-20, 08:31 PM   المشاركة رقم: 49
المعلومات
الكاتب:
اللقب:

البيانات
التسجيل: Sep 2018
العضوية: 330463
المشاركات: 1,136
الجنس أنثى
معدل التقييم: SHELL عضو بحاجه الى تحسين وضعه
نقاط التقييم: 47

االدولة
البلدEgypt
 
مدونتي

 

الإتصالات
الحالة:
SHELL غير متواجد حالياً
وسائل الإتصال:

كاتب الموضوع : SHELL المنتدى : القصص المكتمله من وحي قلم الاعضاء
افتراضي رد: زواج على حد السيف (2) سلسلة أسرار وخفايا عائلة الحيتان

 

أنهت هديل ارتداء ملابسها على عجل والقلق يسيطر على كل خلية منها .. صديقتها يائسة الى حد بعيد تقسم أنها لمست بصوتها رنة الهزيمة والشعور بالانكسار مجسّدا أمامها .. أخطأت بل ارتكبت أكثر الأخطاء حماقة وظنّت أنها ستفلت من عواقب فعلتها , رمت بتحذيراتها عرض الحائط تصم أذنيها عن سماع توسلات الصديقة الصدوق لها بألّا تنزلق لهذا المنحدر الشائك ,بل وصل الأمر الى حد تهديدها بمقاطعتها الأبدية اذا ما أقدمت على تنفيذ خطتها الشيطانية ,ليس هذا وقت البكاء على اللبن المسكوب .. هذه هى عبارتها التى ألقتها على مسامع مها حينما اتصلت بها ترجوها أن تأتى لرؤيتها فهى غير قادرة على البوح بمكنونات صدرها لأى كائن سواها ,هى محاطة بالأعداء فى كل زاوية بهذا المنزل .. ارتجفت لا اراديا وهى تفكّر بأنها ذاهبة الى منزل عائلة الشرقاوى .. عائلة كريم .. وبالرغم من أن مها حلفت بأغلظ الأيمان أن البيت خالٍ الا من نساء العائلة ,لم تتمكن من تهدئة ضربات قلبها المتزايدة فى سرعة عجيبة .. هى الأخرى تجلس وحيدة بالبيت فوالدها خرج فى موعد مع هناء ليتناقشا بخصوص مشروعهما المشترك ,حمدا لله فلن تكن مضطرة لاختلاق الأكاذيب بشأن ذهابها الى مها .. أسرعت بوضع لمسات خفيفة من أحمر الخدود لاخفاء شحوب وجنتها الملحوظ وظلال كحلية لعينيها أبرزت اتساعهما وجمالهما الرقيق .. ورشة عطر برائحة الورد والياسمين أكملت الصورة النهائية ,ابتسمت لصورتها المنعكسة بالمرآة مشجعة تحاول اقناعها أنه لا بأس بمظهرها .. استنشقت بعمق ثم اختطفت حقيبة يدها الصغيرة لتغادر المنزل ,لم تترك اية ملاحظة لوالدها على أمل عودتها سريعا قبل رجوعه.
أوقفت سيارة أجرة وأعطت السائق العنوان بدقة كما وصفته لها صديقتها بالضبط.
أوصلتها السيارة الى الحى الراقى والمشهور بروعة منازله ورفعة مستوى ساكنيه ,دفعت حسابها قبل أن تغادر السيارة التى توقفت أمام منزل عريق تحيط به حديقة غنّاء ,تنسمّت رائحة الزهور العطرة التى هبّت مع النسيم الخفيف لوقت ما قبل المغيب .. شعرت ببرودة غريبة فى أطرافها .. هذا هو بيته .. بيت معذبها وحبيبها .. قرعت الجرس الموجود على جانب البوابة الحديدية .. أتاها صوت رجل يسألها بآلية عن هويتها فتحدثت عبر جهاز الاتصال .. لتخبره بأنها ضيفة للسيدة مها ,وكان رجل الأمن قد سبق وتلقّى الأوامر بادخالها .. انفتحت البوابة الالكترونية بكبسة زر كاشفة عن ممر طويل متعرج ,ووجه رجل أسمر يطل مبتسما بلزوجة وهو يشير لها بالتقدّم فأطاعته صامتة الا أنها توقفت بعد خطوتين لتسأله عن الاتجاه الصحيح ,فقال باستياء وكأنه أمر مفروغ منه :
-سيرى بمحاذاة هذا الممر حتى نهايته ستجدين باب الفيلا.
شكرته بهمهمة خجول وقد ضايقها تحديقه المستمر فيها ببلاهة كأنها آتية من كوكب غريب ,شعرت بأنها تتضاءل كلما تقدمت الى الأمام .. منزعجة من كل مظاهر الثراء الفاحش حولها .. تعمل فى شركتهم منذ سنوات ولكنها لم تعِ جيدا مقدار نفوذهم ومكانتهم العالية الا الآن .. فوجئت بأنها أمام الباب الزجاجى للفيلا كما أخبرها الرجل السمج .. ضغطت على الجرس ,وتململت فى وقفتها حتى طالعها وجه فتاة بمنتصف العشرينات ترتدى زيّا يوحى بأنها الخادمة ولدهشتها كانت تبتسم بترحاب وهى تسألها :
-أنتِ الآنسة هديل , أليس كذلك ؟
هزت رأسها دلالة الموافقة , فأفسحت لها سماح طريقا وهى تدعوها للدخول قائلة:
-السيدة مها فى انتظارك ,تفضلى.


##########

 
 

 

عرض البوم صور SHELL   رد مع اقتباس
قديم 08-07-20, 08:33 PM   المشاركة رقم: 50
المعلومات
الكاتب:
اللقب:

البيانات
التسجيل: Sep 2018
العضوية: 330463
المشاركات: 1,136
الجنس أنثى
معدل التقييم: SHELL عضو بحاجه الى تحسين وضعه
نقاط التقييم: 47

االدولة
البلدEgypt
 
مدونتي

 

الإتصالات
الحالة:
SHELL غير متواجد حالياً
وسائل الإتصال:

كاتب الموضوع : SHELL المنتدى : القصص المكتمله من وحي قلم الاعضاء
افتراضي رد: زواج على حد السيف (2) سلسلة أسرار وخفايا عائلة الحيتان

 

تعانقت الفتاتان بلهفة عطشان فى الصحراء رأى نبعا بواحة خضراء فارتمى ينهل منه بلا ارتواء ,,وهكذا كانت حاجة كلتاهما للأخرى .. همست مها بعتاب الأصدقاء:
-أهانت عليك سنوات عشرتنا وصداقتنا ؟ هل نسيتِ صديقتك التى هى بحاجة اليكِ ؟
ضمتها هديل أكثر الى صدرها غامرة ايّاها بحنان كأنما تعتذر عن غيابها وهى تقول بأسى:
-لو تعرفين فقط ما مررت به لعذرتنى ..
أبعدتها مها قليلا لتمعن النظر الى هيئتها وقوامها الذى ازداد نحولا عن طبيعته وعينيها اللتين فقدتا بريقهما اللامع .. وشفتيها المضمومتين بحزم .. أطلقت من صدرها تنهيدة عميقة وهى تتساءل بصورة مباشرة:
-أهو السبب فى معاناتك ؟
حاولت هديل فى البداية أن تتصنّع عدم الفهم حفاظا على كبريائها فرددت وراءها:
-من تقصدين ؟
جذبتها مها من يديها وهى ترمى بنفسها على الأريكة لترغمها على الجلوس بجانبها وقالت متعجبة:
-ومن غيره ؟ السيد كريم المتحذلق الآخر ؟ سليل عائلة الحيتان ..
قامت هديل بانكار التهمة المنسوبة اليها وقالت وفى عينيها تصميم:
-لم أعد أهتم لأمره , فأنا لست سكرتيرته الخاصة وشؤونه لم تعد تشغل حيزا من تفكيرى.
رفعت مها حاجبيها الرفيعين باندهاش حقيقى وقالت بخبث:
-هديل .. على من تمثلين ؟ علىّ أم على نفسك ؟ انظرى الى عينىّ مباشرة وأخبريننى أنكِ لا تهتمين لأمره مثقال ذرة.
وأمسكت بذقن صديقتها لتواجه نظراتها الثاقبة فأشاحت الفتاة بوجهها الى الناحية الأخرى وهى تهتف بضيق:
-مها .. توقفى حالا عن أساليبك البغيضة تلك فى استجوابى كمذنبة ارتكبت جرما مشهودا.
اضطرت مها الى تنفيذ رغبة هديل فأفلتتها بحركة مفاجئة ,ثم اعتدلت بجلستها قبل أن ترميها هديل بسؤالها الفضولى:
-ماذا بخصوصك أنتِ والسيد المستبد ؟ ماذا حلّ بزواجكما ؟
سرعان ما تقلّصت ملامح مها الرقيقة بألم جارف وصاحت بأنين روح تحتضر:
-زواجنا ؟ أنها أكبر خدعة فى حياتى .. تلك الفكرة التى زرعتها أمى برأسى .. أننى قادرة على الانتقام من هذه العائلة ..والثأر لما حل بوالدىّ من مآسى على يدى الجد المتوفى ,يبدو أننى عشت بوهم كبير .. آآآه.
ودفنت وجهها بين كفّيها منتحبة ببكاء مرير اثار شفقة ورأفة صديقتها عليها فاحتضنتها بقوة تهدهدها كطفلة صغيرة:
-اششش .. اهدأى يا حبيبتى , انا بجانبك ولن أتركك مجددا.
انتفض جسد مها الغض بارتجافة لا ارادية وهى تجاهد لتقول من بين شهقاتها:
-لا أقدر , لا أقدر ,, أنا متعبة .. أنا .. آآآه.
ربتت هديل على رأسها وهى تقول مشجعة:
-حسنا اذا كان البكاء يريحك فافرغى فيه كافة شحنات طاقتك السلبية , اخرجى ما بداخلك .. اصرخى اذا شئتِ.
ثم أخذت تمسح بخفة على شعرها وهى تتلو عدة آيات قرآنية بصوت خفيض ولكنه مسموع ...
ارتخت أطرافها المتشنجة ,واستكانت روحها الى جوار رفيقتها الأثيرة وهى تدفن وجهها بصدر هديل تستمع الى دقات قلبها المنتظمة .. ثم بعد لحظات رفعت بصرها نحو الفتاة الصامتة وهى تقول بتمتمة :
-أنا آسفة يا هديل .. حقا آسفة ,كنت فى غاية الأنانية .. لم أهتم سوى لحالى ..ونسيت أنكِ تعانين مثلى وربما أكثر.
-لا عليكِ يا مها فنحن صديقتان ,وما نفع الأصدقاء ان لم يكن وقت حاجتنا الى وقوفهم ومساندتهم لنا فى الشدائد.
استعادت مها بعضا من مرحها وهى تقوم منتفضة من مقعدها:
-يااه أنستنى لهفتى اليكِ واشتياقى لرؤياكِ أن أسألك ماذا تشربين ؟
ابتسمت هديل دون رغبة حقيقية وهى تقول لتتجنّب اشعار صديقتها بالحرج:
-وهل أتيت الى هنا لأحتسى الشراب ؟ مجيئى كان فقط من أجل الاطمئنان عليكِ .. احم ,, أخبريننى كيف يعاملك ذلك الـ ... زوج ؟
تاهت مها بأفكارها الخاصة وقالت تغالب دموعها المتساقطة:
-سيف ... أنه فقط لا يشعر بوجودى .. بالنسبة له مجرد سكرتيرة حقيرة نصبت له فخّا لتوقعه بمصيدة الزواج.
قالت هديل باندفاع محموم:
-يا ربى ! كيف تحتملين الحياة معه اذن ؟ مها ,, تعالى معى فلتعودى الى بيتك .. اتركيه .. وارحلى قبل أن تخسرى أكثر.
هزت مها رأسها الجميل يمينا ويسارا برفض قاطع وهى تعود لأنينها الخافت متوجعة:
-لا ... لا يمكن ,لن يسمح لى قبل ... قبل أن ..
وبترت عبارتها فلم تقوَ على البوح لصديقتها ببنود اتفاقهما المشين يوم عقد القران ..
استحثتها الأخرى على الحديث وهى تمسك بمرفقها :
-مها .. ما الذى أجبرك عليه هذا الوحش القاسى القلب .. معدوم الضمير ...
وصبّت عليه سيلا من الصفات المذمومة تشفى به غليلها من تصرفه اللا معقول بحق صديقتها الا أن قاطعتها مها باشارة من يدها قائلة بصوتها المرتعش:
-كفى .. لا فائدة مما تقولينه ,أنا راضية بالبقاء هنا الى جواره كزوجة ,, ولو كلفّنى الأمر حياتى .. أتصدقين أننى بدأت أرى الأمور بمنظار آخر ,ماذا لو كنت أعيش طوال حياتى بوهم كبير من نسج خيالى أو خيال أمى .. أتعرفين والدة كريم .. هناء .. تلك المرأة هى الوحيدة التى تعاملنى بانسانية وكأننى ابنة لها .. ذات يوم حينما عرفوا بحقيقة هويتى وانقلب الجميع ضد سيف وضدى أخبرتنى بأشياء كنت أجهلها .. عرّت الحقيقة أمامى , هل تعتقدين أن امرأة مثلها قادرة على ادّعاء الكذب ؟
أخذت هديل وقتا مستغرقة فى التفكير فى ما تفوّهت به صديقتها وقالت بعد تأنٍ:
-الحق يُقال أن أبى دائما ما يشيد بها .. أنه يعتبرها كملاك يحيا وسط البشر.
قطبت مها جبينها وهى تتساءل:
-أيعرفها والدك ؟
ابتسمت هديل بمرارة وهى تعترف بأسى:
-يعرفها .. نعم يعرفها حق المعرفة .. المهم أننى أنا ايضا لمست طيبتها وحنانها ورقة قلبها ,وبرأيى أنه لا يمكن لها أن تزيّف الحقائق ,, بماذا أخبرتك ؟
أخذت تعض على أناملها بغيظ وهى تتمتم بضعف:
-لا يهم ذكر التفاصيل .. اذا صدقت هذه المرأة فأبى كان شيطانا مريدا وأمى لم تكن بأفضل حالا منه ... كأنها تحكى لى عن شخصين غريبين عنّى لا أعرفهما ,فى البداية أنكرت باصرار ورفضت تصديقها زلكننى رأيت بعينىّ ردة فعل عم سيف .. تعرفينه السيد محمد .. حينما علم بزواجه منى أقام الدنيا ولم يقعدها وكان هذا فقط بعد أن قدّمنى رفيق له باسمى الكامل .. مها كمال الراوى ,, كأن عقربا لدغه ,تكهرب الجو بعدها ... آآآآه , رأسى سينفجر لم أعد أحتمل ,أريد معرفة الحقيقة ...
ثم قبضت على ذراع هديل بشدة وقد طرأت لها فكرة جديدة فقالت بتوسل:
-هديل .. الوحيد الذى اثق بع كثيرا هو والدك ,, لا يمكنه أن يكذب ولو على رقبته سيف مسلط ,اسمعى بما أنه يعرف أبى وهناء ايضا فلا بد أن لديه بعض المعلومات التى ... ربما تنقذنى من حيرتى .. أريد برّا آمنا أرسو عليه .. أرجوكِ يا هديل هل يمكن أن تسدى لى هذا المعروف ؟
ربتت هديل على كتفها بلطف وهى تطيّب خاطرها المكسور بحنان تعدها:
-حسنا , سوف أسأله ولكن هل أنت متأكدة من أنكِ على استعداد لسماع الحقيقة ؟ أعنى ماذا لو لم تكن لصالح والديكِ ؟
ركزّت مها نظرها على نقطة مجهولة من العدم وقالت بصوت آتٍ من هوة سحيقة:
-الحقيقة أحيانا تجرحنا ولكنها تريحنا ,, أنشد السكينة وراحة البال .. تعبت .. تعبت.
ابتلعت هديل ريقها بصوت مسموع وهى تشعر باحساس غريب بعدم الراحة .. تململت فى جلستها ثم نظرت الى ساعة يدها وشهقت بفزع :
-يااااه لقد سرقنا الوقت ولم أشعر بمروره ,مها علىّ أن أعود الى البيت حالا فأنا لم أخبر أبى بخروجى واذا عاد ولم يجدنى سوف ينتابه القلق علىّ ,, حبيبتى سأتصل بكِ يوميا حتى اطمئن عليكِ ,رجاءا لا تغلقى هاتفك كعادتك اذا ما أردتِ الهروب من شئ يزعجك فهذه وسيلتى الوحيدة للاطمئنان عليكِ ومعرفة أحوالك.
شعرت مها بأن توتر صديقتها ليس مرده فقط قلقها على والدها أنها تكافح من أجل الظهور بشكل عادى وكأنها لم تفقد وزنا هائلا ,ترفض باباء أن تعلن عن ضعفها ازاء الوحش الكاسر المدعو كريم .. هى دونا عن غيرها تعرف أن رجال هذه العائلة قساة عديمى الرحمة وحينما يمس الأمر كرامتهم فهم يتصرفون كأسود جريحة هائجة .. ترى ماذا فعلت صديقتها حتى يدّمرها بهذه الطريقة ؟ أنها تتلاشى تدريجيا ,قالت مها بشبه اعتذار:
-أنا آسفة لأننى أثقل عليكِ بحمل همى وأنتِ تحملين فوق أكتافك جبلا منه .. اعذرينى يا حبيبتى فلم يعد لى سواكِ أنتِ وعمى صلاح.
انخرطت الأخرى ببكاء تأثرا بما قالته صديقتها وقالت تمسح عينيها وأنفها بمنديل ورقى قدمته لها مها وهى تغمغم بعد أن هبّت على قدميها تنوى الرحيل:
-لا عليكِ عزيزتى أنا لا ألومك أبدا كان الله فى عونك .. أنت فى عرين الأسد .. أما أنا على الأقل نجوت بأعجوبة.
همّت بايصالها الى الطابق السفلى الا أن هديل منعتها بحركة حادة متشددة وهى تأمرها:
-كلا أنا أعرف طريقى جيدا , ارتاحى أنتِ ,لا يعجبنى شحوب وجنتيك كما أننى سأختنق اذا ما ودّعتك على الباب.
استسلمت مها لارادتها فلم يكن لها طاقة للمجادلة معها ,, ولكنها همست أخيرا:
-لا تنسى اتفاقنا , سأنتظر منكِ مكالمة عاجلة.
أومأت الفتاة برأسها ايجابا وهى تؤشر لها مودّعة فقالت مها :
-تصحبك السلامة يا حبيبتى.
خرجت هديل من الغرفة بهدوء والعاصفة بداخلها تضرب كل أوتادها الثابتة .. انصدمت لمرأى صديقتها تذبل هى الأخرى مثلها وان كانت تدّعى الجلد والصبر ,فلن تحتمل قسوة زوجها ,لن يصمد قناع القوة الذى تتمسّك به ,, هى هشة وحساسة للغاية.
كان الطريق الى الأسفل مشوّشا بسبب بقايا عبراتها التى لم تغادر عينيها صانعة ما يشبه الغيوم أمامها , أطرقت برأسها تمشى الهوينى .. حتى اصطدمت بجدار بشرىّ أمامها فتأوهت بقوة قبل أن تتمتم باعتذار خافت:
-آآه , آسفة.
ورفعت رأسها ليتحقق لها اسوأ توقعاتها ... تعرف انه ليس يوم سعدها .. رأت عينان ناريتان ترمقانها بغضب مستطير بينما صوته القوىّ تردد صداه فى أنذيها برنين مزعج:
-هديل .. ماذا تفعلين هنا ؟
لم يكن بحال افضل منها ,ظهر الانزعاج جليّا على ملامح وجهه الذى ابيّض فجأة وكأن اللون انسحب من بشرته .. حاولت أن تتحرك مبتعدة لتهرب الا أن ساقاها خانتاها شعرت كأنهما لم تعودا موجودتين .. وقبل أن تهوى التفت ذراعان قويتان حول جسدها تمنعها من السقوط.
ازداد ارتباكها وتوترها بصورة ملحوظة فهى لم تكن مستعدة لهذه اللمسات الحارقة التى ألهبت كيانها وأحرقت ما تبقى من منطق سليم تفكر به ,هتفت بهذيان:
-أتركنى ... دعنى وشأنى .. أنا .. كنت فى زيارة لمها.
قاومت بكل ما تملك من بقايا قوة منهارة حتى تتملص من بين ذراعيه لن تسمح لمشاعرها الضعيفة لأن تطفو على السطح مجددا تتغلّب على كبرياء الأنثى بداخلها ,فشدّد قبضته بقسوة وهو ينهرها بضيق:
-كفّى عن محاولاتك الصبيانية ,اذا أفلتّك الآن فسوف تقعين أرضا.
-وما شانك أنت بى ؟ أقع أرضا أم ينكسر عنقى , فلا فارق لديك , لا تدّعى الاهتمام بى ولا تتصنّع الرأفة معى.
شعر بغضبه المكبوت الذى طال كتمانه لأسابيع ينفجر بغتة وهو يراها رؤى العين على قيد أنملة منه وبمنزله ,, آخر مكان توقّع أن يقابلها فيه .. شعر بهزالها ووهنها وصوتها المرتجف خوفا .. أيمكن لها أن تخاف منه هو ؟ لا تفسير آخر لرهبتها ازاء هذا الموقف ورغبتها بالفرار منه .. صاح مؤنبا:
-أنا لن أؤذيكِ ,وما قلته عن عدم اهتمامى غير صحيح اطلاقا .. بدليل أننى لم ولن أتركك تسقطين طالما أنا موجود ..ولا ضرورة لأن تشعرى بالخوف منى .. والآن أعيدىّ علىّ سبب هذا الشرف العظيم بالزيارة ؟
كفّت عن محاولاتها للابتعاد بعد أن أرخى ذراعيه قليلا وان لم يكن كافيا للسماح لها بالتقاط أنفاسها المتلاحقة ,بداخلها كانت ممتنّة حقا لمساندتها فهى وان كانت على شفير الموت لم تكن لتسأله المساعدة ,لن تمنحه السعادة بشعور التفوّق عليها .. لقد أزاحها من حياته كحشرة وضيعة ونسى وجودها .. أجابت وهى تحاول التماسك:
-دعتنى صديقتى لزيارتها .. فهل هناك من مانع لأن تستقبلنى هنا ؟ أم أننى قد أهنت قدر العائلة الكريمة بزيارتى الوضيعة ؟ انظر أنا لم ألمس شيئا ولم ألوّث الهواء المعقّم بالفيلا بأنفاسى.
باغته هجومها المفاجئ ونبرة صوتها التى احتدت بانفعال وهى تسخر منه بمرارة شديدة .. أفلتها بحركة واحدة متراجعا الى الخلف ليتمكن من رؤية تعابير وجهها بوضوح فترنحّت قليلا حتى استقرّت على قدميها تثبتهما بقوة على الأرض وهو يقول بتهكّم:
-أرى أنه قد نبتت لكِ مخالب حادة أيتها القطة الصغيرة .. لوم أعهدك ساخرة هكذا فى الماضى يا هديل , أم ترانى قد انخدعت بمظهر الملاك البرئ ؟
-لم أعد مهتمة برأيك فى شخصى .
رفع حاجبا مترفعا وهو يهتف بدهشة:
-ومنذ متى ؟
-منذ أن نقلتنى الى قسم آخر ,فلم أعد سكرتيرتك الخاصة.
هتف بانزعاج:
-ولكنك ما زلتِ تعملين بشركتنا ؟ أليس كذلك ؟
رفعت سبابتها فى وجهه بحركة لم تكن لتحلم أن تفعلها سابقا ولا فى أحلامها وهى تدمدم:
-وان يكن .. هذا لا يعطيكِ الحق فى تحليل شخصيتى ومحاسبتى على أفعالى .. أنا حرة ,, واذا أردت زيارة صديقتى فلن تمنعنى ..
تشدّق ساخرا وهو يضع يديه على خصره بعد أن أخفض اصبعها المهدد بحركة متسلّطة أثارت الرجفة فى أوصالها:
-أنتِ واثقة من نفسك جدا .. اذا كنتِ تجهلين الحقيقة يشرفنى أن أخبرك بها .. للمصادفة الغريبة ان هذا المنزل هو بيتى الذى اقطن فيه .. هه ما رأيك الآن ؟
أجابته بترفع وقد اكتسب صوتها بعض الثقة والقوة:
-وان يكن .. لست مالك المنزل أنت مجرد فرد من العائلة يسكن فيه ..
فغر فاه بدهشة حقيقية هذه المرة وهو يقهقه هازئا:
-ماذا تقولين أيتها الحمقاء ؟ لا أصدّق أنكِ .. أنتِ .. هديل التى أعرفها ..
قاطعته بحدة وهى تصر على أسنانها:
-أنت لا تعرفنى يا سيد كريم ,واذا سمحت لى أريد الانصراف حالا ,, هل يمكنك أن تفسح لى طريقا ؟
رمقها بنظرة متسلية وهو ينظر الى الممر المتسع أمامها بينما هو واقفا على جانب منه وقال بخفة:
-حسنا اهربى ,, وكما أرى فالطريق واسع وأنا لا أسدّه أمامك.
همّت بالمغادرة واذ دنت من موقعه التفت لها هامسا:
-وليكن فى علمك .. أريدك غدا أن تحضرى الى مكتبى باكرا ,مفهوم ؟
رفعت بصرها اليه بعينين حائرتين تمتلآن ألما لطريقته الرسميّة معها وقالت بتساؤل:
-لماذا ؟
شمخ برأسه عاليا فى حركة مقصودة مظهرا كبريائه العنيدة وقال بحزم:
-أنتِ موظفة لدينا ,, وأوامر رؤسائك لا تُناقش .. فقط التزمى بما أقوله دون تعقيب سوى بنعم وحاضر.
زمت شفتيها قبل أن تقول بحقد:
-حاضر , غدا سأكون فى مكتب سيادتك ... يا شهريار.
وجرت مسرعة بعد أن اضافت الكلمة الاخيرة بنزق قبل أن يستطيع اللحاق بها لتلقينها درسا فاستوقفته ريم التى خرجت من غرفتها بهذه اللحظة تناديه:
-كريم .. مع من تتحدث ؟
التفتت هديل اليها قبل أن تخطو قدماها لتنزل أول الدرج ,وحدّقت بها بفضول تحاول أن تنعش ذاكرتها اين رأتها من قبل , فأنقذتها ريم بندائها المذهول:
-هديل ؟؟ ألا تذكريننى .. أنا ريم ..
تسمّرت هديل بموقعها ثم اشارت بطرف اصبعها نحوها وقد عاودتها الذكرى فصاحت بحبور:
-ريم محمد ... أهذه أنتِ ؟
تراجع كريم الى الوراء حينما تلاقت الاثنتان بعناق قوى وكلتاهما تهمس باسم الأخرى فقال بهدوء:
-هل تعرفان بعضكما ؟
هتفت ريم بسعادة وهى تضم شفتيها بقبلة فى الهواء الى الأخرى:
-أنا وهديل .. كنا زملاء بذات الكلية , هل نسيت يا كريم أننى خريجة كلية سياسة واقتصاد مثلها ؟ وقد سبق واخبرتك أننى أعرفها حينما ..
أرجع رأسه للخلف مقاطعا لها قبل أن تذكّره بموقفه السابق يوم قرّر الاستغناء عنها قبل ان يقول بانتباه:
-حقا ! نسيت هذه المعلومة تماما.
أدركت ابنة عمه أنه لا يريد أن يذكر تفاصيل خاصة أمام هديل فاستطردت بمكر:
-الا أن هديل تكبرنى بعام واحد ..وتعرّفت اليها بسنتها قبل الأخيرة فى الكلية .. ياااه لكم افتقدتك يافتاة.
صاحت هديل متعجبة وهى تشير لها عدة مرات :
-ولكن شعرك لم يكن بالغ القصر هكذا ,كنتِ مميزة بخصلاته الطويلة لم أرَ فتاة من قبل تمتلك شعرا حريريا بذات الطول فى الكلية كلها.
رفعت ريم رأسها الى السماء مستنجدة فلم تعد تتحمّل أن يعاتبها كل من يراها على شعرها وما فعلته فى حقه من جرم ,لكنها لم تتمالك نفسها حين انفجر كريم ضاحكا لرؤيته هذا المشهد المتكرر فسارعت لتوجه له لكمة خفيفة فى معدته انحنى اثرها بجذعه متلويّا وهو يتصنّع الألم والمعاناة هاتفا بحنق وغيظ:
-أصبتنى فى مقتل يا بلهاء ..
-بلهاء !! من تلك البلهاء ؟ سوف أريك ..
وبسرعة البرق خمّن نيتها لأذيته هذه المرة بحق فتراجع خطوتين قبل أن يكتّف ذراعيها معا بقبضته مشدّدا عليهما حتى أنّت بألم صارخة:
-يا لك من جلف ,كيف تتعامل بهذا الأسلوب الخشن معى ..
قال منذرا:
-أنتِ من بدأ التحدى فلا تبكى شاكية اذا ما حاولت الدفاع عن نفسى .. اهدأى .. سوف أتركك اذا ما أقسمتِ الا تعاودى فعلتك مرة ثانية.
راقبتهما هديل بمزيج من الغيرة والحسد ,فهما يتصرفان بعفوية نادرة وكانهما على معرفة وثيقة .. نعم ,, لقد رأتها تخرج من احدى الغرف المجاورة .. اذن هى ... هل من الممكن أن تكون خطيبته ,بالتأكيد فحينما أفلتت يدها تدلّكها مكان قبضته الحديدية التمع بخنصرها الأيمن خاتما ماسيّا , لا يمكن أن تخطئ تفسير وجوده مزيّنا لأصبعها .. هى مخطوبة ولمن ... لكريم .. حبيبها.
-استمحيكم عذرا للمقاطعة ولكن علىّ الرحيل على الفور , فرصة سعيدة أننى رأيتك مجددا يا ريم.
أجفلت ريم للهجة الفتاة الغير وديّة وهى تودّعها بجفاء فمطّت شفتيها دلالة عدم الفهم وهى تسألها:
-ولكنك كنتِ هنا فى بيتنا .. بهذا الطابق لا يوجد سوى غرفنا .. هل كنتِ فى زيارة لكريم ؟
اتسعت حدقتا هديل رعبا من تفسيرها الخاطئ لوجودها بالمكان فاسرعت تنفى عن نسها هذه التهمة النكراء بحدة:
-كلااااا طبعا .. أنا .. أتيت بناءا على دعوة من صديقتى ... مها.
وأشارت بيدها للباب المغلق بعيدا وهى تتعجب كيف لم تسمعهم مها على الرغم من ارتفاع اصواتهم ثم رددت ببلاهة أكثر حينما انتبهت :
-بيتكم ؟ وغرفكم ؟ هل تعيشين هنا يا ريم ؟
أٌغرق القريبان فى الضحك سويا من جهل الفتاة الواضح بصلة القربى بينهما حتى تلوّن وجهها بالأحمر القانى ظنّا منها انهما يسخران من حديثها فقالت باستياء:
-هل يمكنك لأحدكما أن يخبرنى بالنكتة التى ألقيتها للتو حتى تكادان تموتان من شدة الضحك ؟
سعلت ريم لتجلى حنجرتها وقد راعها كم الضحك الذى اثارته فيها هذه الصديقة القديمة وهى التى لم تبتسم من قلبها منذ أشهر مضت وحتى كريم انتابه ذات الشعور لمجرد أنها هديل ملاكه الجميل هى من تسعد قلبه .. ثم قالت باستخفاف:
-ولمَ لا أعيش هنا ؟ هل لديك اعتراض ؟
هزّت هديل كتفيها وهى تقول بلا مبالاة مصطنعة:
-وما شأنى أنا لأعترض ,أنا فقط أتساءل بدافع من الفضول.
-لا يمكن ألا تكونى على دراية بأننى أنتمى لهذه العائلة .. يا هديل.
-أنتِ ؟ ولكن ما الصلة بينكما ؟
تساءلت هديل وقد استولى عليها الغباء فلم يعد عقلها بقادر على التفكير.
-اسمى ريم محمد عبد العظيم الشرقاوى وهذا الذى لا يقوَ على الوقوف ثابتا فقد ضحك حد الثمالة هو كريم وجدى عبد العظيم الشرقاوى ,, هل وجدتِ الرابط المفقود بيننا ؟ لا يمكن .. أنا ابنة عمه يا هديل , ماذا حلّ بذكائك الخارق ؟ كان الجميع يشهد لكِ بالعبقرية ؟
أطبقت جفنيها على عينيها وهى خجلة من اظهارها لمدى سذاجتها وبلاهتها أمامه ,يقع اللوم عليه فلو كان أخبرها كأى سيد محترم بصلة القربى بينهما ما وقعت بهذه الورطة السخيفة.
ربتت ريم على ظهرها بود وهى تهمس بهدوء:
-لا بأس يا هديل ,, لا بد أنها كانت صدمة مفاجئة لكِ شلّت تفكيرك تماما .. أنا أمزح معكِ يا صديقتى وسعيدة أيضا بهذه المصادفة لولا ..
وقطع عبارتها المبتورة وصول رفيق وأميرة الذين عادا لتوهما من زيارة لفريال فى منزلها الجديد ,وقد هتف الأول متسائلا :
-ما هذا الاجتماع الغريب ؟ ما الذى جمع شملكم هنا ؟ خيرا يا ترى أم ؟؟؟
حدّقت به ثلاثة أزواج من العيون وهم لا يدرون حقا كيف يفسّرون له الموقف.

############

 
 

 

عرض البوم صور SHELL   رد مع اقتباس
إضافة رد

مواقع النشر (المفضلة)

الكلمات الدلالية (Tags)
أسرار, الحيتان, السيف, سلسلة, زواج, عائلة, نيفادا
facebook




جديد مواضيع قسم القصص المكتمله من وحي قلم الاعضاء
أدوات الموضوع
مشاهدة صفحة طباعة الموضوع مشاهدة صفحة طباعة الموضوع
تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة
Trackbacks are متاحة
Pingbacks are متاحة
Refbacks are متاحة



الساعة الآن 06:56 PM.


 



Powered by vBulletin® Version 3.8.11
Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd.
SEO by vBSEO 3.3.0 ©2009, Crawlability, Inc.
شبكة ليلاس الثقافية