لمشاكل التسجيل ودخول المنتدى يرجى مراسلتنا على الايميل liilasvb3@gmail.com






العودة   منتديات ليلاس > القصص والروايات > قصص من وحي قلم الاعضاء > القصص المكتمله من وحي قلم الاعضاء
التسجيل مشاركات اليوم اجعل كافة الأقسام مقروءة

بحث بشبكة ليلاس الثقافية

القصص المكتمله من وحي قلم الاعضاء القصص المكتمله من وحي قلم الاعضاء


إضافة رد
نسخ الرابط
نسخ للمنتديات
 
LinkBack أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
قديم 15-04-20, 11:13 PM   المشاركة رقم: 36
المعلومات
الكاتب:
اللقب:

البيانات
التسجيل: Sep 2018
العضوية: 330463
المشاركات: 1,136
الجنس أنثى
معدل التقييم: SHELL عضو بحاجه الى تحسين وضعه
نقاط التقييم: 47

االدولة
البلدEgypt
 
مدونتي

 

الإتصالات
الحالة:
SHELL غير متواجد حالياً
وسائل الإتصال:

كاتب الموضوع : SHELL المنتدى : القصص المكتمله من وحي قلم الاعضاء
افتراضي رد: زواج على حد السيف (2) سلسلة أسرار وخفايا عائلة الحيتان

 

-رياض ... هل وضعت كافة الحقائب بالسيارة ؟
أومأ السائق برأسه مجيبا بتهذيب:
-نعم يا سيد محمد ... هل ننطلق ؟
أشار له بحركة من يده بينما يصعد الى جوار زوجته القابعة بالأريكة الخلفيّة ترمقه بنظرات محبة رقيقة قبل أن يقول بعد استقراره بمقعده:
-هيا يا رياض.
قالت سوسن وهى تلقى برأسها على كتف زوجها:
-ألا تأمره بزيادة السرعة قليلا ؟ أشعر بأنه يسير كالسلحفاة زاحفا.
صاح ضاحكا:
-يا ربى ! أنتِ من بين جميع الناس يا سوسن والتى كانت تنهرنى بشدة اذا ما قدت السيارة بسرعة أكثر من ثلاثين كيلومترا فى الساعة على طريق عام خالٍ من المارة والسيارات وتتهمنى بالجنون المطبق يصدر عنكِ مثل هذا القول.
ربتت برفق على يده وهى تقول بتضرّع:
-أرجوك يا محمد ,أريد العودة بسرعة الى المنزل ,, لكم أوحشتنى ريم .. وقلبى يحدثنى بأنها تحتاج وجودنا بجانبها فصوتها لم يعجبنى بأخر مكالمة لنا.
ابتسم الزوج بحنان معهود وهو يضم كتفيها بذراعه اليسرى بينما يشدّ بيده الأخرى على كفّيها المضمومتين فى حضنها قائلا بتفهم:
-حسنا يا سيدتى طلباتك أوامر ... رياض .. أسرع قليلا ولكن بحذر ..
والتفت الى وجه سوسن الذى يحكى قصة اشتياق وحنين قبل أن يقول هامسا:
-هه هل يرضيكِ هذا ؟
قالت بصوت متوتر وهى تلوم تقسها:
-لا أعرف كيف طاوعتك على القيام بهذه الرحلة الطويلة الى خارج مصر ؟
هتف باندهاش ممازحا ايّاها:
-يا للنساء ! ألم تكن هذه هى رغبتك بالأساس بعد تقاعدى أن نذهب بعيدا لنستجم فترة من الوقت ؟
قالت بصراحة وهى تهز رأسها يمينا ويسارا بخفة:
-نعم ,ولكننى لم أحسب حسابا لمشاعر ريم ,فلم أكن أظن وقتها أن سفرنا سينزامن مع شهر العسل لرفيق وأميرة ... لقد تركنا المسكينة وحدها لنقضى نحن وقتا ممتعا !
أجابها بقوة:
-هى ليست وحيدة ,فأمى الى جانبها وهناء أيضا.
قالت بمرارة:
-ربما احتاجت الى مساندة رجل.
اشار لها أن تصمت وهو يقول بحزم:
-كفّى عن هذه الأوهام ,ريم بخير ولقد تركتها فى رعاية ابنىّ عميّها ,هما قادران على حمايتها ولو كلفّهما الامر غاليا.
-لا تغضب لم أقصدهما بشر فهما بمثابة اخوة لها كرفيق تماما.
-حسنا , فننهِ هذا النقاش العقيم فورا.
التزمت سوسن الصمت حتى نهاية الرحلة الى المنزل وهى تتذمر بداخلها من الكبرياء الشديد الذى يمتلكه رجال هذه العائلة ويحول دون اعترافهم بالقصور حتى فى أحلك المواقف.
ولكن كيف تسكت وجيب قلب الأم الذى يصدح بصدرها مخبرا ايّاها بأن ابنتها الوحيدة بحاجة الى حضنها فى هذه اللحظة ,ونادرا ما خاب حدس الأم !
توقفّت السيارة لدى وصولهما فترجّل منها محمد أولا قبل أن يقوم السائق بفتح الباب المجاور لزوجته وهو يتابع بعينيه سيارة أجرة فى طريقها عائدة نحو البوابة ,فتساءل محمد وهو يشيّعها بنظرات مقيّمة :
-ماذا تفعل هذه السيارة هنا ؟
أجابت سوسن ببساطة:
-ربما كانت تقلّ ضيوفا.
نظر محمد الى ميناء ساعته الأبيض قبل أن يغمغم متعجبا:
-فى مثل هذا التوقيت ! غريبة !
واسرع رياض مفرغا السيارة من كومة الحقائب المكدّسة بها بينما محمد يراقبه باشفاق موجّها تأنيبه لزوجته:
-سامحكِ الله ... كل هذه المشتريات.
رفعت رأسها بشمم وهى تجيبه بوداعة:
-أنها بعض الهدايا البسيطة لأفراد العائلة.
-أيتها الظالمة , لقد قمنا بنقل محتويات سوق صغير الى هنا وبطاقة الائتمان تشهد على ذلك.
-وما الضرر من ذلك ؟ لقد أردت شراء بعض الأغراض من أجل ريم , ألم يكفِ أننا سافرنا بدونها ؟ ثم أتضنّ على ابنتك الوحيدة ببعض المال ؟
-حسنا يا أم ريم لكِ ما تشائين دائما ,ولكِ كل ما أملكه مالى وحالى.
صاحت بغضب مصطنع:
-أنا أم رفيق !
-أليست ريم ابنتك هى الأخرى ؟
قالت بحنان بالغ وحزم شديد:
-بلى ,ولكن رفيق هو الابن البكرىّ ... أول فرحة لنا , وكما أطلق عليه عمى عبد العظيم - رحمه الله - لقب ( ولىّ عهد الشرقاوية ).
أحاطها بذراعه ليسيرا الهوينى بممر الحديقة وهو يقول مؤمنّا :
-رحمه الله وغفر له كان يحبه لدرجة لا يمكن وصفها.
ثم أضاف مشيدا بها:
-أنتِ لا مثيل لكِ ,,, نعمة من الله أن منّ علىّ بوجودك فى حياتى , نعم الزوجة والأم حقا.
-لا حرمنى الله منك أبدا ولا من أحد من أبنائنا.

#######

 
 

 

عرض البوم صور SHELL   رد مع اقتباس
قديم 15-04-20, 11:14 PM   المشاركة رقم: 37
المعلومات
الكاتب:
اللقب:

البيانات
التسجيل: Sep 2018
العضوية: 330463
المشاركات: 1,136
الجنس أنثى
معدل التقييم: SHELL عضو بحاجه الى تحسين وضعه
نقاط التقييم: 47

االدولة
البلدEgypt
 
مدونتي

 

الإتصالات
الحالة:
SHELL غير متواجد حالياً
وسائل الإتصال:

كاتب الموضوع : SHELL المنتدى : القصص المكتمله من وحي قلم الاعضاء
افتراضي رد: زواج على حد السيف (2) سلسلة أسرار وخفايا عائلة الحيتان

 

انتهى الفصل الرابع

قراءة ممتعة

 
 

 

عرض البوم صور SHELL   رد مع اقتباس
قديم 15-06-20, 08:27 PM   المشاركة رقم: 38
المعلومات
الكاتب:
اللقب:

البيانات
التسجيل: Sep 2018
العضوية: 330463
المشاركات: 1,136
الجنس أنثى
معدل التقييم: SHELL عضو بحاجه الى تحسين وضعه
نقاط التقييم: 47

االدولة
البلدEgypt
 
مدونتي

 

الإتصالات
الحالة:
SHELL غير متواجد حالياً
وسائل الإتصال:

كاتب الموضوع : SHELL المنتدى : القصص المكتمله من وحي قلم الاعضاء
افتراضي رد: زواج على حد السيف (2) سلسلة أسرار وخفايا عائلة الحيتان

 

الفصل الخامس



ألحّت فريال على زوجها لمرافقتها ذلك اليوم فى ذهابها الى منزل العائلة حيث اعتادت الاجتماع معهم .. لم يكن أهمية وجوده تقل عن الخبر السعيد الذى تودّ أن تزفّه اليهم ولم تكن بقادرة على مواجهتهم بمفردها وخاصة أن الأمر لا يخصّها وحدها.
هل ما تشعر به حقا هو الخجل الفطرىّ الذى ينتاب أية امرأة فى مثل حالتها ؟ أم أنها تعانى نوعا مرضيّا من الرهاب الاجتماعىّ يحول دون انسجامها ببساطة وسط الجموع حينما تتعلّق الأنظار الفضولية بما سوف تتفوّه به من كلمات.
كانت تجلس الى جوار أمها وتلقى برأسها على كتف المرأة العجوز , على كثرة المآسى التى مرّت بها فى حياتها ما زالت صامدة كشجرة عتيقة فى وجه الرياح العاتية ,تشعر بحيرة بالغة كيف تبدأ حديثها ,, قررت أن تطلع والدتها على سرها الصغير بينما يدى الوالدة تربت على ظهرها من الخلف كأنما تهدهد طفلة فى مهدها لا امرأة ناضجة قاربت على تجاوز منتصف الأربعينات .. ستظل بعينيها وقلبها ... طفلتها المدللة .. ابنتها الوحيدة .. أميرة العائلة ,وان كانت حفيدتها قد استولت على هذا الاسم فهذا لا ينفى أنها صورة مكررة من الأصل , فهمست بالقرب من أذنها بصوت يكاد يكون غير مسموع:
-ماما , هناك ما أود اخبارك به .. أنا ..
أولتها السيدة شريفة كامل اهتمامها وحينما أتمّت فريال عبارتها ارتسمت دلائل الدهشة ممتزجة بالسعادة على وجه المرأة المتغضن فكأنها عادت الى الوراء عشرين عاما.
بهذه اللحظة سمعوا رنين الجرس الخارجى معلنا عن وجود زائر , تلتها عدة طرقات مميزة على باب الفيلا الزجاجى ,شهقت ريم بفرحة وهبّت مسرعة نحو الباب وقد خمنت شخصية الطارق المتلهف ,وأشارت لسماح التى أتت بدورها لتقوم بعملها اشارة أن تبقى بمكانها ثم تجاوزتها لتفتح الباب وتروى ظمأها لرؤية الغائب الذى عاد سالما بصحبة زوجته ,وما أن لمحت طيفه حتى ألقت بنفسها دون وعى بين ذراعيه وهى تمطره بالقبلات الصغيرة المليئة بشوق غامر هاتفة:
-اشتقت لك كثيرا يا رفيق.
تلقفها رفيق فى أحضانه وهو يرفعها عن الأرض من خصرها ليدور بها مرتين قبل ان يصيح مختنقا:
-مرحبا حلوتى ,,أنا أيضا افتقدتك يا صغيرتى .. مهلا .. مهلا ..
وأزاحها بلطف حتى يستطيع التقاط أنفاسه وهو يتأملها بعين ناقدة قبل ان يقول بفتور:
-ما الذى فعلته بشعرك ايتها المجرمة ؟
يا له من حوار مكرر حتى بات الملل يتسرب من كل حرف منه ,لماذا يتهمها الجميع بالاجرام لمجرد أن اتخذت قرارا يخص شعرها هى ,الا أنها ما لبثت أن ابتعدت قليلا وهى تحاول أن تتصنّع المرح فقالت بلا مبالاة:
-ما رأيك يا عزيزى ؟ لقد غيّرت تسريحة شعرى ,, قمت بعمل ( نيو لوك ) كما يسمونه ,أليس مناسبا لى ؟
وأخذت تحرّك رأسها يمينا ويسارا باستعراض أمامه بينما عيناه تحاولان اختراق حاجزها الواقى لينفذ عقله الى معرفة ما تخبئه بداخلها.
أجابها ببطء:
-ربما ,ولكننى أفضلّ خصلات شعرك الطويلة.
دار هذا الحديث بين الأخ وأخته غافلين عن أميرة التى وقفت خلف زوجها كأنما هى غير مرئية بالنسبة لهما ,فلوّحت بيديها فى الهواء قائلة بمرح:
-هاى نحن هنا ..
التفتت ريم اليها قبل أن تغرقها فى حضنها بقوة وهى تقبّل وجنتيها قائلة بحماس:
-مرحبا بالعروس الجميلة ... زوجة أخى .. حمدا لله على سلامتكما.
بادلتها الأحضان وهى تقرصها بلطف فى ذراعها قبل ان تهتف مؤنبة:
-زوجة أخى .. هه ماذا قلنا سابقا يا فتاة ؟ أنا أميرة ,,واذا كان ضروريا أن تجدى لى لقبا مناسبا فليس هناك أفضل من ابنة عمتى.
تشاركتا الضحك سويا وريم تمازح أخاها قائلة بينما تقود أميرة من ذراعها الى الداخل:
-ها قد بدأت زوجتك بالتسلّط واتخاذ القرارات .. لماذا لم تخبرا أحدا بموعد عودتكما ؟
أخذت سماح جانبا وهى تتمتم بسعادة:
-حمدا لله على السلامة.
أجابها رفيق بينما يتأبط ذراع زوجته من الجهة الأخرى:
-أردنا أن نفاجئكم ,سلمك الله يا سماح , كيف حالك ؟
أجابته وهى تتجه لتحمل الحقيبة الكبيرة قبل أن تمد يدها لتغلق الباب:
-بخير حال عندما رأيتكما.
صاحت ريم وهى على أعتاب غرفة الجلوس بصوت عالٍ:
-مفاجأة ... انظروا من حضر !
انتفضت فريال بصدمة وهمّت بالنهوض لملاقاة ابنتها العائدة وقد أضناها الاشتياق والحنين الا أن أمها منعتها بحزم وهى تهمس:
-اهدأى قليلا , فالتوتر ليس مفيدا فى حالتك هذه ,وتصرفى برويّة.
همسة متضائلة من أمها:
-أميرة , ابنتى.
لم تمهلها ابنتها الفرصة لتنهض من مجلسها بل قطعت المسافة بينهما فى ثوانٍ معدودة وهى تجثو على ركبتيها بالقرب منها لتعتصرها بين ذراعيها وهى تقول بصوت متهدّج تتخلله عبرات تساقطت رغما عنها تحكى قصة شوقهما:
-ماما ... أوحشتنى كثيرا , كثيرا.
-أنتِ .. أمام عينىّ .. حبيبة قلبى وقرة عينى .. لا تغيبى عنى مجددا يا اميرة.
بينما حاولت الجدة أن تزيحها قليلا عن جسد أمها لتعطيها مساحة للحركة والتنفس بأريحية قائلة بحنان حازم:
-حمدا لله على سلامة الغاليين , حبيبتى ... خففى من احتضانك لأمك , على الأقل اسمحى لها أن تتنفس بحرية.
ابتعدت بحركة عنيفة وهى ما زالت تتحدث بعفوية من آثار نشوتها بلقاء أهلها بعد غياب شهرين متواصلين:
-آسفة يا أنّا لم أنتبه ... حبيبتى .. لكِ وحشة كبيرة.
وعانقت جدتها ثم عمتها هناء التى استقبلتها بترحاب وقالت بغبطة:
-مرحبا بأحلى عروس فى العائلة .. وجهك كالبدر فى تمامه.
هتفت فريال بانقباض:
-ما شاء الله ! قولى ما شاء الله يا هناء !
رفعت هناء حاجبا واحدا وهى تزم شفتيها باستياء واضح قائلة:
-وهل أحسد ابنى أخى يا فريال ؟ أنها بمثابة ابنتى التى لم أنجبها.
ورمت ابنة عمها بنظرة سوداء ,فابتسمت أميرة مجاملة لها وهى تقول بصوت مهتز لتغيّر مجرى الحوار:
-أين كريم وسيف ؟
بينما كان رفيق يضم مجدى الى صدره وكلاهما يربت على ظهر الآخر بصداقة ومودة قبل أن يقول الأخير بعتاب:
-عود أحمد يا عريس ,ولو لم تخفِ عنّا خبر عودتكما لكنّا الآن فى شرف استقبالكما بالمطار.
قال رفيق مقررا بينما يتبادل الأدوار مع زوجته ليمنح عمته قبلة على جبينها ثم يلتفت الى جدته يقبّل يديها وهى تمسح على شعره بحنانها المعهود:
-أردنا أن نصنع مفاجأة لكم , كما اننا لم نشأ أن نزعجك أنت فأنت الآخر عريس أيضا.
غمزه بوقاحة وهو يتساءل ببراءة مصطنعة:
-لماذا لم تقررا الحصول على اجازة ولو قصيرة ؟
أجابه مجدى بعد أن عاد الى مقعده قريبا من زوجته التى احتقن وجهها غضبا من جراء تلميح زوج ابنتها:
-لو تعرف بم كانت تفكر حماتك لحمدت ربك على أننى كنت مشغولا بالعمل هذه الفترة.
ثم اضاف بصوت أكثر انخفاضا غير عابئ بنظرات فريال الملتهبة:
-كانت تود مرافقتكما بالسفر ,والحمد لله أننا لم نفعل .. فظروفها الصحية لم تكن لتسمح بذلك.
زجرته هى بعنف:
-مجدى ... ما هذا الذى تقوله ؟
ربت على يدها التى كانت تكوّرها فى حضنها وهو يقول بهدوء:
-اهدأى حبيبتى ,أليسوا عائلتك ؟ لا أجد مبررا لاخفاء الأمر عنهم .
نظرت له أميرة بتساؤل قبل أن تقول بقلق وهى تحيط كتفى أمها بذراعها:
-ما بها أمى ؟ هل أنتِ بخير ماما ؟
همّ مجدى بالتحدث نيابة عن زوجته الا أن جرس الباب دق مرة ثانية ,فقطّب رفيق حاجبيه قائلا بتساؤل:
-هل تنتظرون أحدا ؟
ضربت الجدة شريفة على جبينها بباطن كفها وهى تشهق:
-ياه ! لقد أنستنى الفرحة العارمة برؤيتكما .. أن أخبركم بعودة محمد وسوسن اليوم.
هتفت ريم بنزق:
-أبى وأمى ! أهما قادمان اليوم حقا ؟
هرعت سماح هذه المرة لتصل قبل ريم ففتحت الباب تستقبل العائدين بحرارة.
حينما قام محمد وزوجته بمصافحة الجميع ووصل الى ابنتهما ,نظر لها مندهشا من مظهرها الجديد فما لبث أن قال بصوت غريب:
-ريم .. عزيزتى .. أية مصيبة حلّت بشعرك الجميل ؟
قامت الفتاة جاهدة باخفاء رغبة دفينة تجيش بصدرها أن تضم نفسها اليه لتبثه شكواها وآلامها الجسيمة واكتفت برفع كتفيها عاليا وهى تقول بخفة:
-ليست مصيبة يا بابا , قررت أن أجارى أحدث الصيحات الخاصة بقصة الشعر.
هتف والدها باستغراب بعد أن منحها قبلة أبوية على جبينها:
-عشنا لنرى عجب العجاب.
فيما بعد اتخذ رفيق مقعدا مجاورا لشقيقته ثم اقترب من أذنها هامسا:
-أخبريننى أنتِ ,,, أين شباب العائلة ؟ ما لى لا أرى أيا منهما فى استقبالنا.
ترددت كثيرا قبل أن تجيبه ما جعله يتراجع بمقعده يرمقها بنظرة استفسار ,فقالت بعدم رضا:
-أحوالهما هذه الأيام لا تسرّ عدوا ولا حبيبا.
-هاتِ ما لديكِ أيتها الصغيرة .. بدون مقدمات.
-حسنا .. سوف ترى بنفسك .. كريم نادرا ما يتواجد هنا , أما عن سيف فها هو قادم مع عروسه.
رمت بجملتها الأخيرة وهى تنظر بغيظ الى نقطة ما خلفه.
التفت بكتفه وهو يردد بعدم تصديق:
-عروس من ؟ أهذه هى ؟
كان سيف يتقدم بخطوات واثقة الى الأمام بينما مها تتبعه بصمت مطرقة نحو الأرض وهى تئن بداخلها : لم أكن أعلم أن الأمر سيكون بمثل هذه الصعوبة! كل هؤلاء الأشخاص عليها أن تواجههم دفعة واحدة , سوف تصاب بالاغماء ثانية ,, رباه لماذا صار الهواء شحيحا لهذا الحد ! ماذا عن زوجها لا بد أنه سيتعرض لموقف أشد صعوبة منها ... ساخرة لامت نفسها فهو بكامل لياقته وأناقته وثقته بننفسه لا تتزعزع ,لا تدعى قلبك الطيب يشفق عليه ,أنه ليس بحاجة الى مساندة أو دعم ,أنتِ بمأزق يا مها ,لماذا وافقته على الحضور فى هذا الاجتماع العائلىّ ؟ وهل كان فى يدها أن ترفض ؟ هيهات أن يستسلم سيف لرغبتها , ألم يثبت لها منذ ساعات خلت أنه ينفذ مشيئته متى أراد بل ويرغمها على القبول ... كانت تحاول اخراس صوت صغير يخبرها بأنها لم تكن مجبرة على التجاوب معه .. كانت تريده مثلما أرادها وربما أكثر منه.
صاح مهللا بترحاب بالغ وهو يحتضن عمه بقوة ثم يتجه نحو رفيق فيفعل بالمثل:
-وأنا أتساءل عن مصدر هذا النور كله ,حمدا لله على السلامة .. ولكن لماذا لم تخبروننا بموعد قدومكم كنت انتظرتكم بنفسى فى المطار؟
بعد تبادل العبارات التقليدية والتحيات العميقة كان سيف الوحيد الذى يتحدث بأريحية تامة دون أن ينتبه للصمت المطبق الذى حل على الجميع وهم يحدجون مها بنظرات تكاد تصرخ هاتفة بها : من أنتِ ؟ وما الذى حشرك بيننا ؟
كانت سوسن أول من استطاعت أن تتغلّب على دهشتها وهى تمنح الوافدة ابتسامة حانية تذيب القلب وهى تتساءل بفضول:
-من أنتِ ؟
-أنا ... مها ... سيف ...
وأشارت الى زوجها بيأس واحباط علّها ينقذها من حرجها.
-سيف يا عزيزى ... هل جاءت معك ؟ أوه , أعتقد أن أمك ستسعد كثيرا , وأخيرا ...
قالتها بغبطة وتركت بقية جملتها معلّقة فقد وضح أنها استنتجت أن سيف قد اصطحبها معه الى منزل العائلة لتعريفها اليهم كخطيبته المستقبلية .
وفعت الجدة يدها فى الهواء لتشير للجميع بالصمت بعد أن تعالت الهمهمات الغير واضحة من الجالسين حولها وقالت بتأنٍ ورزانة:
-مهلا يا جماعة ... احم ... أود أن أعرّفكم الى كنّتنا الجديدة ... مها .. زوجة حفيدى سيف.
غمغم محمد بتوتر وهو يتراجع بمقعده:
-زوجته ؟؟
بينما اندفع رفيق هائجا نحو ابن عمه يمسكه من تلابيبه وصاح مهددا بعنف:
-أيها الأخرق .. ماذا فعلت بنفسك وبنا ؟ تزوّجتها هكذا بمنتهى البساطة ؟
حال بينهما صوت العم الصارم هاتفا:
-رفيق ... اترك ابن عمك وشأنه.
التفت الشاب الى ابيه وهو ما زال قابضا على ياقة قميص الآخر يقول بصوت متهدج:
-بابا .. أنت لا تعرف ... هى ..
وأشار بسبابته نحو مها التى انكمشت على نفسها بخوف واضح تحاول البحث عن ملجأ لها تحتمى به مما جال بخاطرها أن ينالها على يد ذاك الغاضب المتهور والذى كان فيما مضى رئيسا لها.
استطرد رفيق بعد أن قام سيف بانتزاع نفسه من بين أصابع يده:
-هى تلك ال.. لا أجد لها وصفا ملائما .. بقاموس المفردات اللائقة .. كيف استغلّتك لتحقيق مرادها ؟ أم تراك كنت ساعيا خلفها منذ البداية ؟
هتف سيف بانزعاج وهو يشيح بذراعيه بلا مبالاة:
-وما شأنك أنت يا رفيق ؟ من فضلك لا تتدخل فيما لا يعنيك .. أنها زوجتى ,ومنذ الآن فصاعدا عليك معاملتها باحترام.
نظر لها رفيق شذرا قبل أن يقول متهكّما:
-أها .. الآن السكرتيرة المطرودة صارت سيدة المنزل وعلينا احترامها .. هل يكفى أم علينا الانحناء حينما تمر وتقبيل يديها ؟
قال سيف بمرارة:
-أنت سبق واخترت زوجتك دون أن تشاورنا بالأمر ,وفرضت علينا القبول بها واحترامها ,ولا يخصك اذا ما كنت سكرتيرة أم عاملة نظافة ؟
وضع رفيق سبابته امام أنفه محذرا وهو يقول منذرا:
-ايّاك ووضعها بالمقارنة مع زوجتى ,فليست ابنة الحسب والنسب من تنتمى لعائلة الشرقاوى تشبهها بهذه الفتاة التى .. أقل ما توصف به أنها متسلقة وخائنة ,,, ويكفى أنها ابنة كمال الراوى.
كانت عبارته الأخيرة بمثابة القشة التى قصمت ظهر البعير بالنسسة لمحمد ,, فهو الوحيد من بينهم على دراية تامة بقصة كمال الراوى وعلاقته بعائلة الشرقاوى وشراكته لوالده.
فهتف مرددا وأمارات الذهول بادية على وجهه المتقلّص الملامح:
-ابنة كمال الراوى !! هل سكرتيرتك يا رفيق هى ابنة كمال ؟
كان الوالد يعرفها حق المعرفة بحكم رئاسته السابقة لمجلس ادارة الشركة وكانت هى تعمل سكرتيرة لابنه فتعوّد على رؤيتها كثيرا ولم يخطر بباله يوما أن يسألها عن اسمها بالتفصيل مكتفيا باسمها الأول ,وأضاف بلهجة حانقة:
-اجبنى يا رفيق هل كنت تعرف أنها ابنة الراوى ؟
تساءلت الجدة وقد استشعرت بالخطر يهدد استقرار عائلتها من جديد:
-ما القصة يا أولاد ؟ ومن هو كمال هذا الذى تتحدثون عنه ؟
بينما غطّت فريال فمها بيديها لتمنع صرخة مكتومة أطلقتها وهى ترتعش:
-أهى ابنة كمال وسهام ؟
رمتها مها على الفور بنظرة مترجية فهى الأولى التى تأتى على سيرة أمها الراحلة , اذن فهذه العائلة حقا كانت على معرفة وثيقة بوالديها أو على الأقل لم تكذب أمها حينما حدثتها عن شراكة أبيها للجد المتوفىّ ..
صاح محمد هادرا بعد أن هب على قدميه:
-رفيق !!
أطرق الابن براسه نحو الأرض خجلا من مواجهة أبيه فتمتم بوهن:
-هى ابنته ,ولكننى لم أكن أعرف حينما استلمت العمل.
هز الوالد رأسه يمينا ويسارا وهو يقول بصوت محتقر:
-خيّبت أملى فيك يا بنىّ ,للأسف لم تكن على قدر المسؤولية التى وضعتك بها.
رفع رفيق رأسه ببطء وهو يتحرك نحو والده يطلب الصفح قائلا بأسى:
-أبى .. اقسم لك أننى حينما عرفت بالحقيقة طردتها من الشركة بأكملها ..
أوقفه محمد باشارة حازمة من يده قبل أن يقول ناهرا ايّاه:
-قف مكانك .. لا أريد سماع مبرراتك الواهية , أنت لم تحافظ على الأمانة التى سلمتك ايّاها بل وكدت تتسبب بانهيار صرح شامخ باستهتارك وضعفك ..كيف سمحت لهذا ان يحدث تحت بصرك ؟
قاطعه سيف محاولا الدفاع عن ابن عمه وصديقه فقال بتردد وهو يتقدّم بدور نحو عمه:
-عمى .. أنا السبب فى كل ما حدث , لا تلقِ باللوم على رفيق ,, أنا من أخطا وليس هو.
رمقه محمد بنظرات نارية وهو يخاطبه بحدة:
-أنت ؟؟ هل كنت تعرف بهويتها الحقيقية حينما عيّنتها ؟
طأطأ راسه خجلا من اعترافه بخطئه الشنيع منذ البداية ,مما حدا بمحمد أن يتقدم منه ليرفع رأسه مجبرا ايّاه على معرفة مدى فداحة فعلته وهو يلقى بالكلمات فى وجهه كطلقات مدفع تصيبه فى الصميم:
-حسنا , الصمت خير دليل على الاعتراف , أنت الآخر لم تكن على قدر المسؤولية .. هل تدرك ما الذى يمكن أن يصيب أباك اذا عرف بزواجك من هذه ... هذه الفتاة .. تكلّم ... لا تقف كاللوح الخشبىّ ... تكلّم ...
-آسف ...
تمتمة مرتعشة حوت على ثلاثة أحرف كان كل ما يملكه سيف للدفاع عن نفسه وهو متأكد من عدم جدوى أسفه .
قهقه محمد ساخرا وهو يقول مقلّدا ابن أخيه حتى ان زوجته نفسها قد تعجبّت من ردة فعل زوجها فهذه هى المرة الأولى التى تراه هازئا:
-آسف .. بهذه السهولة ؟ يا ليت الأمر يتوقف على اسفك يا سيد سيف .. ولا تتوقع يا رفيق أنك ستفلت من نصيبك أنت أيضا , فالحسنة تخص والسيئة تعم ,ولا تحاول أن تتهرّب من غلطتك .. فلا يشفع لك جهلك بالأمور , أنت تدير مؤسسة ضخمة تقدّر بملايين الجنيهات وهفوة واحدة كهذه تذهبك وراء الشمس ..
وأشار بأصابعه الى نقطة بعيدة عاليا نحو السماء واستكمل مردفا بضيق:
-وتذهب الجميع معك ,, يا لخيبة أملى فيكم أحفاد الشرقاوى !
اعترض رفيق على الرغم من احساسه بالذنب قائلا:
-أبى .. أيمكننا مناقشة هذا الأمر على انفراد ؟ فلا ضرورة لأن يشهد الجميع على حوارنا .
رفع محمد حاجبيه دلالة الاستياء الشديد بينما قالت سوسن بهدوء يتناقض مع الغليان بداخلها وقد شعرت بالرأفة لحال زوجها الذى كان محمر الوجه من فرط انفعاله:
-محمد ... فلتهدأ ,كل الأمور يمكن أن تعالج بروية وحكمة .. لا نريد أن يرتفع ضغط دمك فلقد سبق وحذرك الطبيب من مغبة هذا الانفعال .. رفيق .. لا حاجة بك لمواصلة هذا النقاش ,ألا ترى كيف يشعر والدك بالاعياء ؟
كان محمد فى هذه الأثناء يحاول التماسك جاهدا وقد شعر بأن رأسه على وشك الانفجار من شدة التفكير فسقط جالسا بمقعده تلحق به ريم التى جثت الى جوار قدميه تربت على كتفيه وتمسد على رأسه بحنان بالغ وهى تهمس بقلق:
-بابا .. حبيبى .. ارجوك لا تفكر بالأمر نهائيا , كل ما تريده سيكون ولكن رفقا بنفسك وبنا.
فكرت الابنة أنها أرادت اللجوء الى أبيها لتعلمه بما صار معها فى غيابه حتى يتفهم تصرفها ويساعدها لتتجاوز أزمتها ,ولكن نظرة واحدة مجددا نحو وجهه المكفهر وقد بدا أكبر بسنوات من عمره الحقيقى ,تسلل الى قلبها شعور بالشفقة نحو هذا الرجل العظيم بنظرها وقررت أنه لا ضرر من تأجيل موضوعها لما بعد فيكفيه المصيبة التى ألقاها سيف فى وجهه حتى أثقل كاهله ,,ولكن أبوها يبدو غاضبا لسبب آخر .. ليس لمجرد أن ابن أخيه قد تزوّج من سكرتيرة وضيعة كانت تعمل لديهم ,يبدو أن هناك سرا خطيرا وراء غضبه العاصف .. لم تره يوما منفعلا بهذه الصورة.
دوما كان والدها مثالا للرجل الهادئ الأعصاب رابط الجأش ذى الرأى السديد والحكمة المجسّدة فى قراراته ,تولّى شؤون عائلته وترأس مجلس الادارة حتى قبل وفاة جدها بعدة سنوات .. فالأخير عانى من صعوبة بالحركة بعد اصابته الأخيرة بنوبة قلبية شديدة لازم على اثرها الفراش لبضعة اشهر ممنوعا من الانفعال والمجهود الزائد ,وحتى بعد تعافيه لم يعد مجددا ذات الرجل الصلب قوى الشكيمة , وأكبر دليل على تغيّره كان قراره باشراك الحفيدة .. لابنه المنبوذ سابقا بالوصية .. ترى لو كان جدها ما زال حيّا هل كان تجرأ أيا كان عليهم يوما ما ؟
تجمعت الدموع بمآقيها فحركت يدها تمسح عينيها بظهر كفها فى حركة أسرت قلبه على الفور .. أنها زوجته وحبيبة قلبه وتوأم روحه .. تشعر بما يعتمل فى نفسه فى هذه اللحظات الحرجة .. هل كان يظن أن تدوم سعادتهما الى الأبد ؟ ساذج غر هو من يتوقع الحصول على كل شئ دون أى خسارة .. أميرته تحاول أن تتظاهر بالقوة ولكنها بالنهاية اقتربت منه بصمت لتلقى برأسها على صدره تنظر له مشجعة فابتسم لها مطمئنا .. وتمسّك بيدها التى التفت أصابعها حول أصابعه متشابكة تضغط عليها بثبات تبثه مساندتها ودعمها .. أنت محظوظ بها يا رجل .. هتف صوت بداخله.
قال محمد بعد ان هدأ قليلا وكان يتبادل نظرات ذات معانٍ كثيرة مع أمه:
-اسمعوننى جيدا وأنصتوا لى جميعا .. لا أحد .. أكررها وأعيدها .. لا أحد بعد الآن .. يتخذ قرارا دون الرجوع الىّ ,, فى كافة الشؤون .. مفهوم ؟
-طبعا .. طبعا يا بنىّ لديك كل الحق.
كانت والدته صاحبة الاجابة الأسرع والتى تهدف الى تهدئة غضبه وتطييب خاطره.
بينما تمتمت ريم وهى تحاول اخفاء أصبعها الذى يحمل خاتم جاسر الماسىّ ,وعلى ما يبدو أن أحدا لم يلاحظه على الرغم من بريقه الذى يلمع مشعا فقد كان الجميع منشغلا بالعاصفة الهوجاء التى اثارها كلا من سيف ورفيق:
-حاضر يا بابا.
واكتفى الرجلين السابق ذكرهما بالايماء ايجابا برأسيهما ,فأشار هو لهما قائلا بصرامة بالغة:
-وأنتما الاثنان .. اتبعانى الى غرفة المكتب .. لنا حديث لم ينتهِ بعد.
متجاهلا محاولة زوجته لاثنائه عن الاتيان بأى مجهود
وقف على قدميه مجددا متجاهلا محاولات زوجته لاثنائه عن الاتيان بأى مجهود فأخذت تتبعه وصوتها يتردد يائسة من عناده:
-محمد .. أرجوك اسمعنى , أتوسل اليك .. فلترتاح قليلا ثم تناقش معهما فى الصباح كما يحلو لك.
لم يجبها وانما توجه على الفور نحو غرفة مكتبه وقبل ان يختفى طيفه بالداخل قال بصوت مرتفع:
-رفيق ... سيف .. أريدكما على جناح السرعة .. لا تتأخرا ..
رمق الأول الثانى بنظرة لائمة وقد زم شفتيه استياءا وهو يدمدم لاعنا:
-هل تشعر الآن بالراحة يا سيف ؟ أين كان عقلك ؟
ضافت عينا سيف لا اراديا وهو يجيبه باحباط بينما يسيران جنبا الى جنب نحو مصيرهما الغامض:
-أنت لا تفهم ما حدث , لم يكن بيدى .. الأمر أقوى منى.
وضع رفيق اصبعه أمام فمه وهو يهتف مغتاظا:
-اششش .. توقف عمّا تفعل ,ولا تحاول استدرار العطف نحوك ,فما قمت به لهو التهور بعينه ... ثم أين هو ابن عمك العزيز ؟ لماذا يختفى دائما فى هذه الأوقات العصيبة ؟ حسابه معى فيما بعد .. كيف لم يمنعك من ارتكاب حماقة أخرى ؟
توقف سيف بغتة عن متابعة السير وهو يلتفت بحدة نحو مرافقه قائلا:
-أنا لست طفلا صغيرا لأنتظر الاذن منك أو من كريم ,, وما قمت به لهو أمر شخصى يخصنى أنا فقط ..وان كنت لزمت الصمت سابقا فكان هذا احتراما لعمى الكبير .. ولست خائفا ولا نادما .. لقد تزوجت ,, لم أرتكب جرما.
ابتسم رفيق ساخرا بزاوية فمه وهو يهتف بغضب ممتزج بالأسى:
-أنت أجرمت فى حقنا جميعا .. وصمت العائلة بعار لن تمحوه الأيام .. هيا الى الداخل لنرى ما الذى ينتظرنا يا ايها الناصح.
ولكزه بمرفقه فى جانبه يدفعه الى داخل الغرفة قبل أن يصفق الباب ورائه.


##########

 
 

 

عرض البوم صور SHELL   رد مع اقتباس
قديم 15-06-20, 08:29 PM   المشاركة رقم: 39
المعلومات
الكاتب:
اللقب:

البيانات
التسجيل: Sep 2018
العضوية: 330463
المشاركات: 1,136
الجنس أنثى
معدل التقييم: SHELL عضو بحاجه الى تحسين وضعه
نقاط التقييم: 47

االدولة
البلدEgypt
 
مدونتي

 

الإتصالات
الحالة:
SHELL غير متواجد حالياً
وسائل الإتصال:

كاتب الموضوع : SHELL المنتدى : القصص المكتمله من وحي قلم الاعضاء
افتراضي رد: زواج على حد السيف (2) سلسلة أسرار وخفايا عائلة الحيتان

 

اعتدل السيد مجدى بجلسته وهو يتأهب للنهوض قائلا بصوته الرخيم:
-حمدا لله على سلامتكم جميعا .. فريال , أعتقد بانه علينا المغادرة الآن حتى نترك لهم فرصة للراحة.
تململت زوجته قليلا قبل أن ترمق ابنتها الشاردة الى جوارها بنظرة متحسرة وهى تقول باستسلام:
-لديك الحق فهم مرهقون بلا شك من أثر الرحلة الطويلة للعودة.
ابتسمت السيدة شريفة بدبلوماسية وهى تحادث زوج ابنتها بأريحية تامة ,فقد باتت تتقبّل وجوده وانتمائه لعائلتها وتناست الماضى بكل آلامه وأخطائه:
-لماذا لا تبقون هنا الليلة ؟ فغرفة فريال ما زالت فارغة وبها فراش واسع ..
قاطعتها ابنتها وهى تقف على قدميها بينما عيناها ما زالت معلّقة بوجه أميرة:
-لا يا أمى .. فمجدى لديه عمل فى الصباح الباكر ولن يستطيع تأجيله ,كما أن حقيبته الخاصة فى البيت.
ومنحت زوجها ابتسامة عذبة فبادلها بواحدة أكثر رقة وهو يقول بامتنان:
-فعلا لن استطيع أن أبيت خارج المنزل هذه الليلة ولكن اذا أردتِ استبقاء فريال فلا مانع لدىّ .. لا بد أنها تريد قضاء وقتا أطول برفقة أميرة.
راقبت شريفة ردة فعل ابنتها وقد تكهنت بأنها سوف تؤيد هذا الرأى الا أنها قلبت الموازين كلية حينما أمسكت بيدى أميرة وهى تناشدها الانتباه ثم قالت بشكل صادم:
-طبعا أود اختطافها من بينكم جميعا والاحتفاظ بها فى أحضانى للابد .. ولكنها الآن صارت امرأة متزوجة ومن حق زوجها فقط ابقائها معه ,كما أنه لدىّ انا الاخرى زوج بحاجة الى من يعتنى به , أليس كذلك ؟
وقفت أميرة مشدوهة بالمحاضرة التى القتها أمها للتو على مسامع الجميع .. عن حقوق الأزواج .. أيعنى هذا أنها قد رفعت الراية البيضاء ولن تحارب رفيق مجددا ؟ ابتهلت الى الله أن يكون رأيها هذا عن اقتناع فعلى ما يبدو ان ايام العسل قد انتهت من حياتها مع رفيق وفصل جديد يبدأ فى حياتهما المشتركة بموقف عصيب للغاية , زوجها فى مأزق خطير .. تشعر بأن اجتماعه هو وسيف مع والده لن يسفر عن خير ,حاستها السادسة ,, كما سبق واخبرتها صديقتها ليلى أن النساء يمتلكن وحدعن هذه القدرة الفائقة على التكهن بوقوع المصائب ,, ليلى ,, اين أنتِ الآن يا فتاة ؟
وجدت بنفسها القدرة اخيرا على الكلام فغمغمت قائلة:
-نعم يا ماما ,, انتِ الأفضل على الدوام ,وأعدك بأننى سوف اعوّضك عن هذا الوقت الضائع ,, ستملّين من صحبتى.
طبعت فريال قبلة دافئة على وجنتها وهى تقول آملة أن تتحسن الأوضاع والظروف:
-سوف أحادثك غدا ان شاء الله ,تصبحون على خير.
وأرسلت تحياتها للجميع قبل ان تغادر برفقة زوجها المحامى.
كانت مها ما زالت مسمّرة بوقفتها غير قادرة على الاتيان بأية حركة وقد بدا لها أنها غريبة جدا عن هذا المكان لا تنتمى بأية صفة للموجودين به ,, تحاول لملمة شتات روحها الممزقة جراء كلمات السيد محمد المهينة وقد عرفته فيما مضى رجلا مهذبا معتدا بنفسه لا تفلت منه العيبة كما يقال ,لطالما تساءلت كيف لهذا الرجل ان ينتمى لعائلة مثل تلك ؟ الفكرة الوحيدة التى سيطرت على عقلها منذ وعت على هذه الدنيا أنهم ظالمون يفترون على الضعفاء ليسلبونهم حقوقهم ,هذا ما زرعته أمها فى سنوات ,, وها هى تحصد النتيجة وحدها .. لعنت ضعفها ,وحدتها ,شعورها باليتم والحرمان من نعمة الأهل ,بلا أقارب ولا أصدقاء .. كلا هديل .. تذكرتها فجأة وكأنما عادت اليها الذاكرة المفقودة ,صديقتها الوحيدة والأثيرة .. هديل ,تشعر بالتقصير فى حقها ,من منهما كان عليها أن تسأل عن الأخرى ؟ أنّبت نفسها بحدة : منذ متى وأنتِ تلقين بالا لهذه الأسئلة ؟ كلا منكما كانت تشارك الأخرى فى أدق تفاصيل حياتها كالأخوات.
-لماذا تقفين هكذا بمكانك ؟ تعالى واجلسى معنا.
نظرت بطرف عينها نحو تلك التى أحرقتها بنظرات عينيها القاسية بينما لسانها يظهر خلاف ذلك ,ريم تلك الفتاة الجميلة ,ابنة عم زوجها والتى الى الآن تجهل طبيعة علاقتها به والى أى مدى تكن له مشاعرا خاصة ؟ هى على يقين بأنها تكرهها أو على الأقل لا تحبها ,تكره فكرة تواجدها بالمنزل وحقيقة زواجها من سيف.
قامت هناء بتشجيعها بدورها على الاختلاط بهم فأشارت لها بمحبة نحو مقعد فارغ تدعوها للجلوس ,ترددت لبرهة حتى تتخذ قرارها مما حدا بالجدة أن تهتف بفروغ صبر:
-هيا يا فتاة .. تقدمى واجلسى هنا .. لن يأكلك أحد منّا.
بينما منحت موافقتها الضمنية لانصراف كنتها وحفيدتها قائلة باشفاق:
-سوسن .. أميرة لماذا لا تصعد كلا منكما الى غرفتها لترتاح ,لقد قطعتما شوطا كبيرا فى رحلة العودة ولا بد أنكما بأمس الحاجة للنوم.
أصدرت مها همهمة تدل على الموافقة وجلست تضم يديها معا متشابكتى الأصابع تعد الدقائق التى مرت على غياب سيف بداخل غرفة مكتب عمه .. أتراه تشتاق له بعد كل ما حدث ؟ كلا سارعت بالنفى أنها فقط قلقة بخصوص موضوع زواجهما والذى صار شوكة فى حلق الجميع على ما يبدو ,لم يعد يشغلهم سوى السكرتيرة الوضيعة التى تجرأت على الاقتران بمن يفوقها مركزا ونسبا .. يا لكبريائهم اللعين ! أيعتقدون أنهم بمرتبة تعلو بقية البشر .. لقد خلق الله الجميع سواسية كأسنان المشط ,ولا يفرّق عبدا عن آخر الا بعمله.
بينما حاولت المرأتان الممانعة فى الاستجابة لطلب السيدة المسنّة بحجة البقاء حتى انتهاء الاجتماع الثلاثى بغرفة المكتب الا أن اصرار الجدة على انفاذ رغبتها تم بسلاسة فما لبثت أميرة ان ألقت عليهن تحية المساء متمنية لهن الخير بينما رافقت ريم والدتها الى الطابق الأعلى حتى تساعدها على افراغ حقائبها فقد سبق وأعلنت سوسن أنها لن تخلد الى النوم حتى تطمئن على حال زوجها وابنها.
ساد صمت رهيب لا يخترقه سوى دقات الساعة الكبيرة المعلّقة على الجدار الحجرى معلنة وصول الساعة الى العاشرة مساءا فوضعت شريفة يدها فوق فمها لتخفى تثاؤبها المتكرر حتى أشفقت عليها هناء فقالت بمودة:
-ماما ,, لماذا لا تذهبين الى غرفتك حتى تنالى قسطا من الراحة ,لقد تجاوزتِ موعد نومك بكثير.
أنكرت شريفة هذا الخاطر وهى تؤكد أنها لن تنام قبل أن تعرف ما توصل اليه الرجال الثلاثة قبل ان تلقى بعبارتها التالية بشكل عرضى:
-ألم يكن الأجدر بابنك أن يكون حاضرا الآن مع عائلته ؟
أخذت هناء تحاول التهرّب من الاجابة على هذا السؤال الافتراضى فهى لم تكن على دراية بما يفعله فى هذا الوقت خارج المنزل حتى استطردت حماتها بلوم:
-كريم يحتاج الى وقفة شديدة منكِ يا هناء ,, وأعتقد أنه بانشغالك الدائم عنه سوف تفقدينه ببطء ,امنحيه جزءا من وقتك واهتمامك.
نظرت هناء بطرف عينيها الى مها وهى تتمتم بضيق:
-ماما .. ليس هذا هو الوقت الملائم لهذا الحديث.
تتبعت السيدة العجوز نظراتها حيث توقفت لدى مها التى شعرت بحرج بالغ وهى تسمع اعترافها بصراحة:
-أتقصدين من أجل وجودها ؟ هه عليكِ ان تعتادى على ذلك فعلى الأرجح أن ابنك على وشك القيام بتصرف مماثل لابن عمه اذا لم تنتبهى قبل فوات الأوان.
تحدثت عنها وكأنها ابتلاء عليهم تقبّله رغما عن ارادتهم ,هى كالدواء المر الذى يتجرعونه على كره منهم.
التزمت هناء الصمت احتراما واكتفت بتنكيس رأسها أرضا لتأخذ مها انطباعا خاطئا عنها فلماذا تستسلم هذه المرأة بخنوع لهذه السيدة المستبدة ,لماذا لا تقف وتدافع عن حقها وحق ابنها فى العيش كما يحلو لهما.
ركنت شريفة الى مسند الأريكة بذراعها الواهنة حتى بدأت عيناها تغلقان لا اراديا وارتخى رأسها بشعره الأشيب فوق كتفها فتبادلت هناء النظرات مع مها كأنما تخبرها بأن هذه السيدة تحمل هموما كالجبال فوق أكتافها , أليست هى رأس العائلة الآن بعد وفاة الجد ؟
أرسلت هناء فى طلب سماح حتى تساعدها من أجل الاعتناء بالمرأة العجوز ونقلها الى غرفتها ,فما أن شعرت بهما تحاولان اسنادها لتقف حتى حاولت التملص منهما بقوة اذهلت مها نفسها ,حتى ربتت هناء على كتفها بلطف وهى تتضرع اليها ألا تقاوم:
-ماما , ارجوكِ اذهبى مع سماح الى غرفتك .. لا تنسى أوامر الطبيب بالتزام الراحة.
-وأية راحة أجدها يا هناء بهذه الأوضاع ؟ وكل أحفادى مشتتون يصارعون دوامات ماضٍ ,لا ذنب لهم فيه.
منحتها ابتسامة مشرقة تزهر بالأمل وهى تقول:
-ثقى فى رحمة الله وعنايته ,لا بد أن نجد لكل مشكلة حل.
تنهدت الجدة برضا:
-ونعم بالله يا ابنتى.
ثم رافقتها سماح الى غرفتها تحيطها بذراعيها بحنان كأم تحاول حماية وليدها الصغير من أى خطر مما دفع مها الى التركيز عليهما حتى بعد ابتعادهما بمسافة كافية وكانها لا تستطيع أن تمنع نفسها من الانبهار بطبيعة هذه العلاقة بين الجدة والفتاة التى تعمل لديهم ,ما زالت غير قادرة على التفكير بها بأية صورة أخرى منذ أن حذرها سيف من اهانتها أو التقليل من شأنها بألا تعاملها كخادمة .
تناهى الى مسامعها صوت هناء وهى تراقبها بشغف:
-أنها ليست مجرد عاملة .. نحن نعدها بمثابة ابنة لنا.
تراجعت مشدوهة وهى تتساءل هل أفلت لسانها بما يعتمل فى صدرها حتى أنقذتها هناء من حيرتها وهى تضيف بمودة:
-لا ولكنه كان واضحا فى عينيك .. عيناكِ صافيتان تعكسان ما بداخلكِ .
هل تصدّق أن أناسا بهذه العقلية والقدرة على الاهتمام بمستخدميهم بهذا الشكل يمكنهم اللجوء الى الخداع ؟هل تصدّق عنهم الأسوأ كما ادّعت أمها انهم بلا شفقة ولا رحمة ؟ بل هى المخادعة الوحيدة كما يبدو لها فى هذا النطاق.
-أنتِ تشبهين أمك كثيرا , لم ترثى من أبيك الا النذر القليل ولهذا لم أتعرّف عليكِ فى البداية.
اتسعت عينا الفتاة بذهول تام ونظرت اليها مستنجدة قبل أن تقول ببطء:
-أنتِ تعرفين والدىّ ؟
لم يكن سؤالا بقدر ما كان تعلقّا هشا ببادرة أمل أن تمنحها قدرا من الطمأنينة التى تفتقدها ..
كانت هناء تنظر الى البعيد وتقول بصوت يأتى من هوة سحيقة:
-أعرفهما .. طبعا.
توسلّت لها بصورة مذلة تناشدها الكثير:
-أخبريننى عنهما , أرجوكِ.
ولم تستطع أن ترفض استجدائها الذى نهش بقلبها فهى بالنهاية أم , ولكن هل سترتاح الشابة بعد هذا الحوار أم ستزداد تعاستها ؟


#########

 
 

 

عرض البوم صور SHELL   رد مع اقتباس
قديم 15-06-20, 08:30 PM   المشاركة رقم: 40
المعلومات
الكاتب:
اللقب:

البيانات
التسجيل: Sep 2018
العضوية: 330463
المشاركات: 1,136
الجنس أنثى
معدل التقييم: SHELL عضو بحاجه الى تحسين وضعه
نقاط التقييم: 47

االدولة
البلدEgypt
 
مدونتي

 

الإتصالات
الحالة:
SHELL غير متواجد حالياً
وسائل الإتصال:

كاتب الموضوع : SHELL المنتدى : القصص المكتمله من وحي قلم الاعضاء
افتراضي رد: زواج على حد السيف (2) سلسلة أسرار وخفايا عائلة الحيتان

 

بعد اغلاق الباب الذى يفصلهم عن العالم الخارجى تماما وما يدور به ,اتخذ محمد مجلسه خلف المكتب بينما اشار للشابين بالجلوس أمامه متقابلين وجها لوجه ,بدأ تحقيقه بطرح السؤال الأكثر أهمية قائلا:
-متى كنتما تنويان اعلامى بالأمر ؟أود أن أسمع من كليكما تفصيليا.
قام رفيق بفك أزرار قميصه العلوية حتى يتحرر قليلا من الشعور بالاختناق الذى بدأ ينتابه وهو يجيب بصراحة:
-لقد اعتقدت اننى قد قمت بمعالجة الأمر وتوصلّت الى نهاية مناسبة لهذا الاشكال ,لقد اتفقنا أنا وسيف على طردها من الشركة ,ولكن هذا الغبى ,, اضاع كل ما فعلناه هباءا.
اشار له سيف بتهديد وهو يصيح حانقا:
-لا تتهمنى بالغباء , أنت لا تعرف كل مجريات الأمور كما تتوهم , ولا تنس بأنك تركت لنا الجمل بما حمل لتغرق فى العسل حتى أذنيك مع ,,, زوجتك.
هب رفيق على قدميه ليوجّه قبضته نحو عنق ابن عمه كأنما يود اسكاته فتملص منه الأخير بذكاء وقد تكهّن بنيّته قبل أن يضرب محمد سطح المكتب بقبضتيه بشدة وهو يصيح بهما ناهرا:
-توقفا .. كفاكما تسرعا واحترما وجودى قليلا ,وأنت يا رفيق ماذا دهاك ؟ ألم يعد لك كبيرا ؟ وأنت يا سيف هل بغياب والدك صرت حرا تتصرف على هواك كأنه لا عائلة لك ؟ ثم ماذا بشأن العمل . كيف تخاطران بوجود واحدة من عائلة الراوى فى مركز حساس كسكرتيرة لك أيها السيد المدير ؟
عاد رفيق الى مقعده وهو يشير باتهام نحو ابن عمه قائلا بغضب:
-اسأل هذا المحترم كيف سمح لهذا بأن يحدث ؟ لقد أخفى الامر عنّا كليّا وحينما عرفت لم أتوانَ عن فصلها نهائيا والقائها بالشارع ,الا أنه والفضل يعود للأخ .. عادت لتخطو بقدميها الى قلب العائلة ,منح هذه الساقطة اسمه ببساطة.
صاح سيف منتفضا بحدة وهو يضع ذراعا بخصره والآخر يلوّح به أمام عينى رفيق:
-لا تصفها بالساقطة , ايّاك يا رفيق أنها زوجتى الآن ولن أكرر تحذيرى مرة أخرى.
صاح محمد وهو يتلوّع غضبا وحنقا:
-اصمتا ... لا أحد منكما يتحدث الا بعد اذنى , اجلس يا سيف ,وأنت يا رفيق لا يصح هذا الكلام عنها فهى بالنهاية اصبحت زوجته.
-أنت تدافع عنه يا أبى !
-أنا أتحدث بالعقل ووفقا للمنطق الصحيح ,ولن أقبل بأن تهين هذه الفتاة كما لن أقبل أية اشارة بها اساءة لزوجتك أنت.
ضرب رفيق كفا بكف وهو يقول متبرما:
-عجبا ! هل أصبحتا فى نفس الكفة ؟
أنهى محمد هذا النقاش المحتدم هادرا:
-نعم يا رفيق أنا أرى هذا , هل ستعارضنى ؟
أطرق برأسه وهو يغمغم:
-حاشا لله يا أبى !
ثم خاطب ابن أخيه بحدة بعد أن وجده يسترخى بمقعده حينما رأى دفاعه عن زوجته:
-ولا تظن أننى موافق على هذه الزيجة ,على العكس انا ضدها ولكن ما باليد حيلة , أنت وضعتنا أمام الأمر الواقع بطيشك وتهورك ,وأحب أن أنبهك الى انك لن تدفع الثمن وحدك ..
-عمى أرجو منك أن تستمع لما أود قوله ,أنا .. لم أقم بشئ خاطئ , لقد تزوجت مثلما يفعل كل الرجال ,ولا اجد داعيا لكل هذه الضجة .
-حقا ؟ اذن أهنئك فأنت ترى خلافنا جميعا.
-بماذا اخطأت يا عالم ؟ اذا كان على أبى فأنا كفيل باقناعه.
-اذا كنت ترى الموضوع برمته من هذا المنظار الضيّق فلن أكلّف نفسى عناء توضيح الأمر لك ,سأكتفى فقط بتحذيرك ... لن يعجبك ما سوف تعرفه عن عائلة زوجتك المحترمة.
-أنا أعرف كل شئ يا عمى ,لا تخش علىّ.
قطب محمد جبينه بشدة حتى كاد حاجباه أن يلتقيا قبل ان يتبادل نظرات متسائلة مع ابنه قبل أن يهتف بدهشة حقيقية:
-ربما لا تعرف كافة التفاصيل يا بنى .. ألم يكن جديرا بك أن تترك الماضى حيث كان مدفونا ؟
ضحك سيف بسخرية قائلا:
-أأنت أكيد يا عمى أنكم قد أجدتم اخفائه بالكامل عنّا ؟
-ماذا تقصد ؟
-لا شئ.
تراجع سيف مصعوقا من نفسه , هل كان مستعدا لفضح أمه ؟ لا سيدفع هو الفاتورة كاملة دون أن تمس سمعة والدته بكلمة واحدة ,قدره الذى كُتب عليه ولا مناص من الرضا به.
-ولكن عليك بالتفكير منذ الآن كيف ستبرر زواجك من هذه الفتاة بالذات دونا عن نساء العالمين لوالدك ,ولا يمكن لأحد أن يتصوّر ردة فعله حينما يعرف ,سيحرق غضبه الأخضر واليابس.
تراءى لسيف أن عمه على دراية كاملة بعلاقة أمه السابقة بوالد زوجته فلا يوجد مبرر معقول لكلامه الا هذا التفسير.
نظر الى عينى عمه مطولا علّه يقرأ ما بداخلهما من نظرات خفيّة الا أن محمد سرعان ما أخفض بصره هربا من مواجهة عينى سيف المترقبتين ثم عاد ليسأل من جديد بذهن صافٍ:
-لماذا لم تنتظر عودتنا قبل اتمام عقد القران ؟
أجاب سيف بغموض:
-ربما لأنكم ما كنتم ستمنحوننا مباركتكم على هذا الزواج فقررت ..
قاطعه رفيق بحدة :
-قررت أن تضعنا أمام الأمر الواقع ,ولكننى أملك حلا لهذه المشكلة العويصة قبل عودة عمى عادل من سفره.
نظر له محمد مستنجدا وهو يقول بلهفة واضحة بينما عيناه تتراقصان بمحجريهما:
-ما هو هذا الحل يا بنىّ ؟ تكلم سريعا.
تعلّقت الأعين بشفتيه اللتين انفرجتا ببطء وئيد عن حله السحرىّ كما يتخيّل هو ليتلفّظ بكلمة من أربعة أحرف:
-الطلاق , يمكنك أن تطلقها يا عزيزى وتلقيها بالأزقة حيث تنتمى حقيقة ..
هتف سيف مصعوقا وهو يضرب الأرض تحت قدميه بعنف لا مثيل له:
-ماذا ؟ أجننت يا رفيق ؟ لا يمكن طبعا.
رفع الأخير حاجبيه بصورة مبالغ فيها وهو يكاد ينفجر غيظا ,وتساءل محمد بالحاح:
-لماذا لا يمكنك تطليقها ؟ أرى أنه ربما يكون هذا هو الحل الأمثل ,اسمع .. هل ورطتك بمؤخر صداق كبير , اذا كان هذا ما يمنعك من تطليقها سوف اقوم أنا بدفع المبلغ كاملا ...
حاول سيف أن يقاطع استرسال عمه بالحديث قائلا:
-ليس الأمر كما تتصور يا عمى ... أنا ..
-ماذا تخفى عنّا أيضا ؟ اطرب أذنىّ بسماع اعترافاتك كاملة.
أخذ الشاب يحرّك أصابع يده بحركة عصبية مستمرة أثارت أعصاب الرجلين الآخرين حتى انفجر أصغرهما سنا متوعدا:
-لا تقل بأنك تحبها ولا تستطيع الاستغناء عن وجودها بحياتك , سبق وتناقشنا بهذا الأمر ,لا يمكنك أن تأمن مكر امرأة كمها ,تلك التى ادّعت البراءة بمنتهى السهولة ,, أنها ناعمة كالحيّة بالضبط .. لا تسلّمها عنقك يا سيف .
شحب وجه أبيه وهو يضغط بطرفى اصبعيه على جانبى رأسه حيث يدأ يشعر بصداع نابض يتصاعد ألمه فى كل لحظة الى حد لا يحتمل ,أسرع رفيق نحوه ليحمله على النهوض من مقعده غير آبه لاعتراضه الجلىّ وهو يقول مترأفا بحاله:
-بابا , لا ترهق نفسك أكثر ,,, تعالى الى فوق لترتاح قليلا ,ويمكننا ارجاء هذه المناقشة لما بعد .
ردد محمد بحسرة وهو يستند الى ذراعى ابنه القويتين بينما خطواته تتثاقل تدريجيا حيث شعر بأن قدميه لا تقويان على حمله:
-كلما مر الوقت كلما تفاقمت الأمور بشكل لا يحمد عقباه ,كنت أود انهاء المسألة برمتها قبل رجوع عمك , المسكين لن يحتمل صدمة كهذه , ربما تودى بحياته.
ونظر الى ابن أخيه الذى تسمّر واقفا على بعد خطوات قليلة منهما وقد أصابته الجملة الأخيرة لعمه فى الصميم ,, هل من الممكن أن يخاطر بايذاء والده بهذا الشكل ؟ وأمه أيضا ,, لن تتقبّل الأمر ببساطة وتمنح عروسه قبلة المباركة ,لربما أقامت الدنيا ولم تقعدها أبدا ... بيد أنه عازم على المضى قدما فى تنفيذ خطته فقال بصوت خفيض:
-عمى .. لدى اقتراح ... اذا تكرمت بسماعه ..
أغمض محمد عينيه لوهلة قبل أن يرغم جفنيه على الانفتاح مجددا وهو يشير بيده الى أريكة قريبة منهما ففهم رفيق على الفور أنه يريد الاستماع الى حديث سيف مما جعله يتراجع بعيدا عن باب الغرفة المغلق ويعود أدراجه الى الداخل ,ارتمى الرجل على الأريكة فأصدرت صوتا مسموعا كأنها تئن من ثقل جسده المنهار وقال يبتلع ريقه بصعوبة:
-قل ما تريد ,لا أظن أنك ستأتى بشئ مفيد ولكن لا بأس من الفضفضة ..
-علينا اخفاء الأمر عن أبى وأمى حتى أهيأ لهما الموضوع بصورة تدريجية حتى لا يصدما.
لم يستطع رفيق امساك لسانه عن الانزلاق ليقول متهكما:
-يا له من اقتراح ذكى ! وكيف تتوقع منا اخفاء السيدة زوجتك عنهما , أنلبسها طاقية الاخفاء مثلا , أم نضع عصبة على عينى عمى وزوجته فلا يرونها.
طوّح سيف بذراعه بحركة دلّت على شدة استيائه وهو يقول منتصبا فى جلسته:
-أقسم بالله لم أعد أحتمل سخريتك وتقليلك من شأن الآخرين , دعنى أنهى كلامى للآخر ,وبعدها لك مطلق الحرية لسلخ فروتى بمبرد لسانك الحاد هذا.
رفع العم يده بصعوبة بالغة أظهرت تدهور حالته الصحية بوضوح وهو يتمتم :
-دعه يكمل يا رفيق , تعلّم الانصات لحديث الغير قبل أن تقاطع معترضا.
ها هو والده يعطيه درسا تعليميا فى الأخلاق والفضل الكبير يعود لابن عمه الأحمق ,تجرّع مرارة كالعلقم فى حلقه وانصاع لأمر والده صاغرا فاستكمل سيف عرض اقتراحه:
-الحل بسيط للغاية ,سوف نغادر أنا ومها الى أى مكان آخر قبل رجوع والدىّ من السفر .
حملق الاثنان فى وجهه مليّا حتى يتأكدا أنه قد أنهى حديثه وبالفعل أخبرهما صمته أنه لن ينطق بحرف آخر فقال عمه بتملّق:
-ونعم الرأى يا ولدى ,هذا بالنسبة لوجودها هنا فى البيت .. وماذا عن الآخرين الذين رأوا مها وعرفوا بزواجكما ؟
-يتجاهلون الأمر وكأنه لم يكن ,لا يوجد شخص غريب بيننا ,فنحن عائلة واحدة ,سوف نطالبهم بادّعاء عدم المعرفة.
-والى متى تتوقع بنظرك أن يستمر الوضع بهذه الكيفية ؟ الى ما لا نهاية !
-كلا ... حتى أفاتحهما بالأمر بنفسى.
-وفجأة .. هوب .. عمى لقد كنت معنا فى برنامج الكاميرا الخفيّة.
وفرقع رفيق بأصابعه أمام عينى ابن عمه ليفيق من غفلته.
قال محمد بنفاد صبر وهو عازم على النهوض للمغادرة النهائية هذه المرة :
-ربما أنت تراه حلا مثاليا ,,وأنا أجده دربا من خيال بحت ,, الأوقع والأسهل ان تطلقها يا سيف .. لا أطالبك بأن تظلمها , كلا سوف تمنحها حقوقها كاملة ,, اشترى لها بيتا خاصا , أعطها نفقة شهرية ضخمة تكفل لها حياة كريمة .. ولكن أنت تدرك أن زواجكما لا يمكنه أن ينجح ولا أن يدوم .. العقل يقول هذا .. فكّر مليّا فى حديثى قبل أن تتخذ قرارك النهائىّ.
- عمى ...
صاح سيف محاولا ان يثنيه عن هذا القرار بدون فائدة فقد اشار لابنه حتى يقترب منه ,ثم تحامل عليه ليخرج من غرفة المكتب تاركا ابن أخيه متخبّطا فى دوامات حيرته اللا نهائية والتى ابتلعته الى قاعها ,, هذه المرة عليك أن تصارع وحيدا .. دون اللجوء لمعونة أحد ولو كان أقرب الناس اليك ,, أشخاص من لحمك ودمك قد تخلّوا عن مساندتك ,ولم يتبقّ لديك سوى الغريب.


########

 
 

 

عرض البوم صور SHELL   رد مع اقتباس
إضافة رد

مواقع النشر (المفضلة)

الكلمات الدلالية (Tags)
أسرار, الحيتان, السيف, سلسلة, زواج, عائلة, نيفادا
facebook



جديد مواضيع قسم القصص المكتمله من وحي قلم الاعضاء
أدوات الموضوع
انواع عرض الموضوع

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة
Trackbacks are متاحة
Pingbacks are متاحة
Refbacks are متاحة



الساعة الآن 03:26 AM.


 



Powered by vBulletin® Version 3.8.11
Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd.
SEO by vBSEO 3.3.0 ©2009, Crawlability, Inc.
شبكة ليلاس الثقافية