قال عندئذ بسخرية:
- آه .. عفواً سامحيني, فلقد نسيت ان سلالتك كباقي الارستقراطيين حصلت على لقبها عن طريق السرقة والغش , ولابد ان هذا يجري في عروقكم حتى الساعة .
رمقته بنظرة حادة ثم اشاحت بوجهها عنه وراحت تحادث بعض اصدقائها . عند حلول الساعة العاشرة وجدت نفسها واقفة بين جيريمي وبيتر اللذين حاولا الانضباط و المحافظة على الرسميات في حفلة كهذه.
نظرت بيبا نحو جيريمي وقالت بشيء من التردد :
- شكراً على تقبلك لكل الامور برحابة صدر , فلابد ان الأمر كان كالصدمة بالنسبة اليك.
- آه .. حسناً لا اشعر بالحزن ابداً , فهو شاب طيب وسنبقى اصدقاء بالتأكيد.
- اتمنى ذلك ياجيريمي , لكن الأمر ليس كما يبدو فأنا .. فأنا لم..
لاحظ في الحال الدموع التي ترقرقت في عينيها وقال:
- مابك يافتاة , تمالكي نفسك , ماالأمر؟
منتديات ليلاس
شعرت فجأة بدافع قوي لأن تخرج مافي قلبها , فقالت :
- انا آسفة .. ولكن أنستطيع التكلم قليلاً.. وليس هنا بالطبع.
لقد طلبت ذلك من جيريمي لأنها لم تجد امامها سواه إذ ان مارغوري كانت قد غادرت مسبقاً بسبب طفلها الموجود في البيت , ولوسي من غير المعقول ان تسلمها اسرارها.ريحانة
بحثت عن شوان فرأته واقفاً عند طرف الغرفة يتكلم مع لوسي ووالدتها وفي نفس الوقت يراقبها بكل حذر خوفاً من ان تبتعد عن نظره فتقوم بأي عمل أحمق.
- اعتقد انك تحتاجين الى بعض الهواء المنعش يابيبا من الافضل ان نخرج قليلاً الى الحديقة.
- لا استطيع فقد يراني احد في الخارج.
- وماذا في ذلك؟ لن يفكر بك احد بأي سوء.
توسلته قائلة :
- اسبقني انت الى الخارج وسألحق بك عندما تسنح لي الفرصة , انتظرني امام البيت الصيفي.
- يبدو لي الأمر غامضاً , ولكن لا اعتقد ان خطيبك سيغضب لهذا الحد فنحن في القرن العشرين .
- اعرف هذا ياجيريمي , ولكن ارجوك اسبقني وسألحق بك.
- حسناً لا تخافي , سأراك بعد قليل.
وبعد قليل شعرت بالامان من نظرات شوان التي كانت تلاحقها , استطاعت ان تخرج من غرفة الجلوس وتسللت بسرعة الى البيت الصيفي بالرغم من وجود بعض الاشخاص في الخارج , كان جيريمي ينتظرها هناك ورأته من خلال الظلام.
فقال معترضاً :
- ماذا هناك يابيبا؟ لقد اعتقدت انك ستدعيني انتظر طوال الليل هنا.منتديات ليلاس
نظرت الى الخلف بسرعة , ثم قالت :
- آسفة جداً, هيا ندخل .

بعد ان جلسا جبناً الى جنب قال لها بلطف:
- حسناً , ماذا هناك يابيبا , ماالذي خشيت اطلاعي عليه في الداخل هناك.
احتارت من اين ستبدأ بحديثها , ثم قالت :
- آه.. أتذكر ما أطلعتني عليه الاسبوع الماضي , الموضوع المتعلق بأعمال والدي؟
- نعم بالطبع أذكر, ولكن ماعلاقة هذا بذاك.
- كل شيء ياجيريمي , فوالدي كان يخدع الناس ويستعمل اموالهم لمصاريفه الخاصة.
- ماذا تقولين؟ هذا عمل اجرامي .
اجابته بقلق:
- نعم , فلقد اعتقد انه سيعيد كل شيء الى صاحبه بعد ان يرث جورج ولكن شوان حصل على كل شيء بدلاً منه.
- آه سيسبب ذلك المتاعب الكثيرة .
- لن يحصل شيئاً من هذا فقد علم بالأمر واشترى كل شيء.
- اشترى كل شيء؟ هذا عمل نبيل منه.
اجابت بمرارة :
- لا لم يكن كذلك , فهو يكرهني ويكره عائلتي بأسرها.. وخصوصاً جدتي, ولكنه فعل ذلك كي يتزوجني وبذلك ينتقم منا جميعاً.
منتديات ليلاس
احست بيبا بأسى عميق في داخلها وحاولت كبت الدموع في عينيها ولكنها لم تستطع , فانهمرت على خديها بسرعة فأزالت المساحيق التي كانت قد وضعتها على وجهها.منتديات ليلاس
عندها اعترض جيريمي قائلاً:
- انتبهي الى سترتي , خذي منديلي فهو نظيف.
اخذت بيبا تضحك لدى سماعها كلمات جيريمي الساخرة وهذا ماجعلها تتأكد من انه لم يكن يحبها فأرتاحت لأنها لم تسبب له الاذى او الحزن من جراء الزواج من غيره.
ثم قال بعبوس :
- آسف اذا كنت لم افهم بسرعة, ولكن أتقولين انك ستتزوجين من هذا الرجل لتبعدي والدك عن المشاكل؟
نفت بحركة من رأسها وقالت:
- كلا , فأنا لا اهتم بأمره ابداً, انما افكر في هؤلاء الفقراء الذين استثمروا كل ما يملكونه مع والدي وهو الآن مفلس ولن يستطيع ان يعيد اليهم قرشاً واحداً.
وافقها جيريمي قائلاً:
- معك حق , فجميع هؤلاء المستثمرين هم من الناس البسطاء وخسارة اموالهم ستكون بمثابة كارثة لهم.
- اعرف ذلك ولذا وافقت على الزواج من شوان.
- أتعنين انك لا تحبينه ابداً؟
اغروقت الدموع من جديد في عينيها وقالت:
- هذه هي المشكلة , فأنا احبه ولكنه يكرهني.
- مهلاً يابيبا لا تزعجي نفسك , فأنا متأكد من انك مخطئة , كان ينظر اليك كما لو انه مستعد لأن يقتل أي رجل قد يقترب منك.منتديات ليلاس
- اعرف ذلك ولكن هذا لا يعني انه يحبني , فماذا أفعل؟
واسندت رأسها على كتفه وهي تجهش بالبكاء, وضع يده على رأسها وبدأ يربت على شعرها ليخفف عنها , ثم قال:
- لا عليك يابيبا لا تبكي فستسير الامور على مايرام فعلى الأقل أنا أحبك.

- شيء مؤثر جداً.
كان صوت شوان يدل على ان الغضب العارم يسيطر عليه وهو يقف عند مدخل البيت الصيفي ويرمقهما بنظرة ازدراء وسخرية.
حاول جيريمي توضيح الامر بقوله :
- آه .. أنا آسف , فلا اريدك ان تسيء فهمي.
- كلا , فسوء فهمي لن يسبب أية متاعب.
فقال جيريمي بارتباك :
- اسمع ياشوان , اعتقد انك تود التحدث مع بيبا .. لذا فسوف أنصرف.
- افعل ذلك.
غرقت بيبا في قلقها وخوفها بعد ان انصرف جيريمي , فكان عليها ان تدرك انه لن يستطيع حمايتها ولكنها كانت تعلم انه لم يقصد ماقاله , بل فعل ذلك كان الشيء الأنسب للقيام به في تلك الظروف.
وخفق قلبها بتوتر حين نظرت الى خطيبها وحاولت الدفاع عن نفسها , تلعثمت بيبا حين قالت :
- أنا .. أناآسفة ..كنا .. كنا فقط ...
منتديات ليلاس
قاطعها قائلاً:
- اعفيني من التبريرات , من المفروض ان تشكريني على تخليصك من هذا الوغد وليس البكاء لرحيله .
ولما اقترب منها نفرت بسرعة خوفاً من ان يبدأ بأفعاله المعتادة .
قال لها باشمئزاز :
- كلا, ليس لدي النية بأن ألمسك بعد ان لمسك جيريمي بهذه السرعة , ولكنني لن اتركك هنا بل سأصحبك الى غرفتك حيث تصلحين من شأنك مجدداً كي تبدين لائقة.
امسكها بذراعها ليخرج بها من المنزل الصيفي , فرمقته بنظرة تعبة ولكنه تابع طريقه مبتسماً لكل من ظهر امامه وكأنه يريد ان يعلم الجميع بأنه هو من بعثر شعرها بهذه الطريقة. سألها :
- أهناك سلم خلفي؟.
اومأت برأسها ايجاباً واشارت الى الاتجاه خوفاً من ان يحاول تقبيلها كما كان يفعل دائماً, ولكنه لم يكن يفكر في ذلك ابداً , وتساءلت ما اذا كان قد غير رأيه بالنسبة للزواج منها.ريحانة
عادت الدموع تترقرق في عيني بيبا , لقد قالت الحقيقة لجيريمي من انها تحب شوان كثيراً, اقفلت قبضة يدها وبدأت تلمس خاتم الخطوبة بأصابعها , لقد تعودت على وجود الخاتم في اصبعها مع انه لم يمر عليه سوى اسبوع فقط , فقد تأكدت من انها تحب شوان وانها تكره خسارته , فهي مستعدة ان تعيش معه في هذه الطريقة على ان لا يهجرها ابداً.
كان السلم الخلفي يؤدي الى القسم الأعلى من المنزل وحين وصلا الى غرفتها نظرت بيبا الى شوان وبوادر الأسف العميق ترتسم على وجهها , حين قالت :
- شوان, ارجوك أنا.. أنا متأسفة.

ابتسم بغموض وقال بخبث:
- خائفة؟ من المفروض ان تخافي , فقد حذرتك من ألا يلمسك رجل غيري, ومن حسن حظك ان الموعوين مازالوا هنا فلولا ذلك لجعلتك تدفعين الثمن حالاً ولكني سأضيف هذا على الحساب , في اثناء غيابي..
قاطعته قائلة:
- هل انت راحل الى مكان ما؟
- سأعود الى كندا في صباح الغد.
- ولكن.. الى متى؟.
شعرت بالألم يعتصرها , ماذا اذا حصل ونسي كل شيء عنها عندما يصبح في كندا ويلتقي بأصدقائه القدامي؟ ماذا اذا نسيها ونسي صفقته المجنونة؟
نظر اليها بعينين ضيقتين وقال:
- لا تخافي لن أغيب اكثر من اسبوعين فعلي تسوية بعض الامور المتعلقة بعملي وشقتي وسأعود في موعد الزفاف.
- آه.. لا اعتقد انه من المناسب ان ترحل الآن.
ثم تابعت بصوت بارد:
- لدي الكثير من الفواتير المتعلقة بالزفاف وهناك امور اخرى لم أبدأ بها بعد.
- اعتذر ولكن غيابي ضروري.
مد يده في جيبه واخرج منها بطاقة اعتماده وهو يتابع :
- اليك بطاقة الاعتماد هذه, استعمليها متى شئت وبقدر ماتريدين فستجدين فيها اكثر مما قد تفكرين في انفاقه.
- شكراً جزيلاً, اعتقد ان هذه البطاقة ستحل المشكلة كلياً.
- اذا, حصولك على بطاقة الاعتماد يجعل من وجودي غير ضروري أليس كذلك؟ ولكني أنصحك بالاستمتاع بحريتك في هذين الاسبوعين لأني سأعود لأضعك تحت طاعتي, والآن جهزي نفسك فسأعود بعد ثلث ساعة لأخذك لنودع المدعوين الأعزاء كأي ثنائي شديدي الانسجام.منتديات ليلاس
ابتسم بسخرية ثم استدار وخرج من الغرفة بهدوء.
ارتمت بيبا على سريرها بضعف تفكر بأمر واحد, وهو وضعها الحزين وموقفها البائس من رجل تحبه لكنه يكرهها وينوي الزواج منها بعد ثلاثة اسابيع.

نهاية الفصل السابع

مششششكوره دائما خياراتك روووووعه تسلم الايادي يامبدعه