لمشاكل التسجيل ودخول المنتدى يرجى مراسلتنا على الايميل liilasvb3@gmail.com






العودة   منتديات ليلاس > القصص والروايات > قصص من وحي قلم الاعضاء > القصص المكتملة (بدون ردود)
التسجيل

بحث بشبكة ليلاس الثقافية


موضوع مغلق
نسخ الرابط
نسخ للمنتديات
 
LinkBack (12) أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
قديم 16-11-10, 07:14 AM   المشاركة رقم: 61
المعلومات
الكاتب:
اللقب:
VIP




البيانات
التسجيل: Jan 2009
العضوية: 117447
المشاركات: 738
الجنس أنثى
معدل التقييم: #أنفاس_قطر# عضو جوهرة التقييم#أنفاس_قطر# عضو جوهرة التقييم#أنفاس_قطر# عضو جوهرة التقييم#أنفاس_قطر# عضو جوهرة التقييم#أنفاس_قطر# عضو جوهرة التقييم#أنفاس_قطر# عضو جوهرة التقييم#أنفاس_قطر# عضو جوهرة التقييم#أنفاس_قطر# عضو جوهرة التقييم#أنفاس_قطر# عضو جوهرة التقييم
نقاط التقييم: 1255

االدولة
البلدQatar
 
مدونتي

 

الإتصالات
الحالة:
#أنفاس_قطر# غير متواجد حالياً
وسائل الإتصال:

كاتب الموضوع : #أنفاس_قطر# المنتدى : القصص المكتملة (بدون ردود)
افتراضي

 




بسم الله الرحمن الرحيم
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
عيدكم مبارك جميعا وكل عام وأنتم بألف خير وتقبل الله طاعتكم
يا الله قربوا نعطيكم العيديات :)
نهار مبارك يارب وغمر الله قلوبكم الطاهرة بالرحمة بالسعادة
.
الجزء القادم لا أعلم كتى بالتحديد سأعلن عنه فور عودتي من سفري
وسيكون في أحد أيامنا المعتادة نفس الوقت..
.
الآن الجزء 61
.
قراءة ممتعة مقدما
.
لا حول ولا قوة إلا بالله
.
.
.

بين الأمس واليوم/ الجزء الحادي والستون





يقف أمام باب مجلس الحريم المطل على الحوش..
يعرف هذا البيت جيدا.. فهو من بناه.. ويحفظ كل تفاصيله..
التي حاول تناسيها منذ علم أنها سكنت قريبا منه..
طوال الأشهر الستة الماضية وهو يحاول تجاهل حقيقة سكناها بجواره..
حتى حين يخرج من بيته يدور للجهة الأخرى لم يعبر ولو لمرة واحدة من أمام بيتهم مباشرة
خوفا أن يلمحها خارجة في سيارة مغيمة بالسواد..


حتى الجد جابر.. غالبا هو من يأتي لمجلس زايد لأنه يشعر بالضيق من الجلوس في البيت
فيمر كل يوم بعد عودته من صلاة العصر.. ويبقى حتى يذهب لصلاة المغرب..
ثم يعود لبيته..
لذا لم يضطر أن يضغط على أعصابه.. وهو يتجاهل وجودها قريبة هكذا..

ومع ذلك في أحيان كثيرة كان يقول لنفسه ليلا وهو يستعد للنوم
"هل لو أرهفت السمع قليلا سأسمع صوتها يعبر الحوائط؟؟"

كان وجودها جواره رغم كل محاولات التجاهل متعب إلى حد كبير لمشاعره وذكرياته..
فهو يؤمن أنه لم يبق لسواه سوى الذكريات!!


هذه المرة لم يضع مطلقا في باله أي احتمال أنه سيراها...
فهو اتصل بكاسرة مباشرة حتى تكون من تفتح له الباب..
لذا حين فُتح الباب.. دخل بثقة وعفوية.. وهو يسلم بنبرته الواثقة الفخمة..


ليجد أن من فتحت له الباب سيدة متشحة تماما بالسواد ومعها خادمة كانت تضع صواني القهوة والشاي على الطاولة وتقف عندها..


عــــــرفــهـــا..!!
عـــــــــــــرفــــــــهــــا!!
وعرف من هي... وآه من هذه المعرفة ما أقساها!!
أي كارثة.. مصيبة.. فاجعة.. كاسحة.. كل مسميات الصدمة للصدمة هذه لم تخطر له ببال!!


"لماذا ترتكبين هذه الجريمة في حق عمكِ يا كاسرة؟؟
أأتي لأصلح بينك وبين زوجكِ
فيكون جزائي أن تذبحيني؟؟
المرة الماضية لم أستطع احتمال رؤية طرف أناملها
فكيف وهي تقف أمامي هكذا؟؟؟ كيف؟؟"


لم ينظر مطلقا ناحيتها وهو يختار له أقرب مقعد للباب ويجلس عليه.. وهو يغلف كل مشاعره -التي احترقت فجأة- بالبرود قدر ما استطاع..

ولكنها لم ترحمه وهي ترد السلام بصوتها الرخيم..
ثم تهتف باحترام جزيل: حياك الله يا أبوكساب..
بنتك بتجيك الحين.. والله لا يقصر خطوتك ويكبر قدرك مثل ماكبرت قدرها..

حينها كاد يقسم أنه انتفض بعنف قارص وهو يشعر بلسعة باردة حادة كسهم مسموم اخترقت أذنه من ناحية لتخرج من الناحية الأخرى..
لم يكن يريد أن يسمع صوتها مطلقا.. كان يخشى من تأثير الصوت عليه
أما أن يقلب مواجعه أو ينسفها..!!!

فإذا به يقلبها كإعصار هائج..مجنون لا يرحم من يعبر عليه!!
مازال الصوت هو نفسه كما سكن في روحه..
هو نفسه .. نفس البحة الناعمة ولكن..أكثر نضجا وعمقا وهدوءا وأنوثة..إلى درجة تثير الصداع..

ولكنه بات خاليا من روح تمردها المتعجلة على الدوام التي كانت تأسره وتغيظه في ذات الوقت..
لتسكنه روح عمق مختلفة مسكونة بأنوثة لم تُخلق إلا لها وحدها..


أنهت عبارتها وخرجت.. لتتركه مبعثرا خلفها.. لم يستطع حتى أن يرد على ترحيبها..
بل وصف (التبعثر) لا يمكن أن يرتقي ليصف حالته أبدا..
هل يُقال حين تتفجر الروح إلى أشلاء لا عدد لها.. مجرد تبعثر؟!!
هل يُقال حين تقتحمك كل ذكرياتك الأثيرة بقوة آلاف القنابل النووية.. مجرد تبعثر؟!!!
هل يُقال حين ترى كل أحلامك تتضاءل وتتقزم أمام مجرد همسات.. مجرد تبعثر؟!!
إن كان يصح أن يُقال ذلك عن حاله ويوصف ذلك بالتبعثر..
فهو إذن تبعثر ملايين المرات ودون توقف!!!!


" ألوم الولد الصغير على اندفاعه
وأنا الشيبة القاضي ماني بقادر أتحكم في انفعالي؟!!
أشلون شكلي قدامها
وأنا حتى ماتحفيتها ولا سألتها لو كاسرة قالت لها شيء مثل ماهو مفترض؟؟
ليتني ماجيت..
ليتني ماجيت..!!!"


بعد أقل من دقيقة عادت مرة أخرى.. لتصدمه صدمة أشد من الأولى..
فهو توقع أنها انجزت مهمتها في ذبحه.. فلماذا عادت إذن؟؟


"لماذا عادت؟؟ لماذا؟؟
أ لم يكفها مافعلته بي؟؟
ماعاد بي شيء يحتمل وجودها أبدا!!"


كاسرة دخلت خلفها.. وهي تتجه لزايد لتقبل رأسه ثم تجلس جواره وهي تهمس باحترام:
أمي من كثر ماهي زعلانة عشان كساب تبي تقعد تساعدك عليّ..

حينها كانت مزنة تتوجه لتجلس في الناحية الأخرى..


زايد شعر بالفعل أن ريقه جاف.. وأن الكلمات كلها هربت منه..
كره لأبعد حد أن يكون هو.. زايد المتحكم المسيطر في هذا الموقف... موقف الضعف..الذي لا يليق به أبدا!!

شد له نفسا عميقا وهو يستعيد سيطرته على الموقف!!
فهذا نتاج فترة متطاولة من التدرب على التحكم في أعصابه في أقسى المواقف وأعقدها..

ليهتف بحزم السيطرة على الأمور : زين يأبيش دام حتى أمش مهيب راضية على سواتش
منتي بمكبرة قدري وقدرها وترجعين لبيتش..
ولو كساب مضايقش بشيء أنا بأخذ لش حقش منه.. أنتي تعرفين غلاش..
وتدرين أكثر أني وش كثر أوصي كساب عليش..
بس مايصير يأبيش الرجّال طلع وأنتي في البيت يرجع ما يلقاش..

همست حينها كاسرة بحزم مخلوط باحترامها العظيم لزايد:
قدرك أنت وأمي على رأسي.. بس ماظنتي إنه يرضيك أنه قدرك وقدرها يغصبني على حياة ما أبيها..؟!!

حينها تكلمت مزنة بثقتها البالغة الراقية: زين الحين أنا وعمش موجودين
أنتي بنتي وهو أبيه..
قولي لنا السبب..
ما يصير يأمش تهدمين حياتش كذا وماتبين حد يتدخل..
كساب ماشفنا عليه شيء يحدش تطلعين من بيتش..
ودامش ماتبين تكلمين.. فالحق الحين عليش مهوب عليه...

شعر زايد بصداع فعلي يمزق دماغه بمطارق لا ترحم
"هل هذه تتكلم أم تغرد؟؟
كيف أحل المشكلة وأنا عاجز عن التركيز هكذا؟؟"

كاسرة بذات الحزم الرافض لإعطاء مبررات: يمه اسمعيني أنتي وعمي
أحيانا ترا ما يكون فيه سبب ينقال..
صدقوني أنا وكساب مابيينا مشكلة فعلية
بس ماصار بيننا توافق.. ليش تبون تغصبوني أو حتى تغصبونه؟؟
ماتدرون يمكن لا رجع من السفر تلاقونه مستانس أني أنا فكيته من شري..

حينها هتف زايد بحزم وهو مازال يتجاهل النظر بكل قوته لبقعة الضوء والتشتيت الجالسة في الطرف الآخر أمامه..
لا يعلم كيف يستطيع التوفيق بين كلام مهم يجب أن يقوله.. وإحساس قاهر بانعدام التركيز يتجمع في المكان:
زين يأبيش ليش تسلبينه حقه إنه يعبر عن رأيه..
دام تقولين مابينكم مشكلة.. ارجعي لبيتش.. ماراح أقول الحين
بس لا رجع من سفره يلقاش قدامه مثل ماكنتي وراه يوم سافر..
تفاهمي أنت وإياه وتأكدي أني معش طول الطريق..
بس لا تخلين العزة بالأثم تأخذش..

كان زايد يتكلم ويتكلم ويتكلم بطريقته الخاصة البالغة الحزم والفخامة
بينما مزنة تنظر له من خلف فتحات نقابها الشديدة الضيق
بالكاد تظهر رفات رموشها التي لم يستطع حتى أن ينظر ناحيتها وهو يتجاهل النظر لها..
فيكفيه مافعله به صوتها.. لن يحتمل رؤية (زولها) حتى!!

كانت تنظر له وتبتسم رغم حساسية الموقف..
فهذه هي المرة الأولى التي تراه يتكلم بعد ثلاثين عاما!!
حتى المرة الماضية حين جاء لأخذ كاسرة كانت هي معتصمة بالباب
هو لم يرفع صوته بالسلام وكل حواره كان مع كاسرة..

وسبب رغبتها بالإبتسام.. أنها ترى أمامها كم تغير.. تغير جذري شكلا ومضمونا.. حتى أسلوبه في الكلام تغير 180 درجة..
فأين زايد الهجومي الحاد غير اللبق.. من هذا الفخم الأنيق والواثق الذي تشعر بروح سيطرته تحيط المكان بإحكام من حوله..؟؟


كإحساس..زايد الآن كما كان قبل ثلاثين عاما.. مجرد جار وابن جماعتها تربطها به المودة العامة.. ولم تحمل له أبدا مشاعر خاصة..

كانت وهي مراهقة تشعر بالغيظ منه.. ولم توافق على الزواج منه لأنها شعرت أنه يريد فرض سيطرة عليها هي ترفضها..

بعد ذلك تحولت المشاعر لمشاعر احترام عميق وهي ترى تواصله مع والدها
ولا تأخذه أبدا مشاغله المتزايدة عن وصله وخصوصا مع معرفتها بمحبة والدها له

ولكنها وهي تراه الآن لا تنكر أنه يستحق فعلا مشاعر الإعجاب التي يثيرها في الجميع..
فهي كانت سابقا تستغرب كيف استطاع زايد المتهور العنيد طويل اللسان أن يحقق كل هذه النجاحات..!!

الآن.. آن لها ألا تستغرب أن من له هذه الطريقة المقنعة المبهرة في الكلام لابد أن ينجح..
لا تعلم كيف إن ابنتها مازالت لم تقتنع حتى الآن..
رغم أن في ابنتها كثير من عنادها ولكن السنوات هذبتها ومنحتها الحكمة..
ولو كانت هي في موقع ابنتها من تستمع لزايد لكانت تعود معه لبيتها الآن..

زايد تعب فعلا من محاولة إقناع كاسرة التي كانت مصرة تماما على موقفها
حينها وقف وهو يهتف بحزم: تعبتيني يأبيش وماهقيت إني مالي خاطر عندش كذا

كاسرة همست بجزع حقيقي وهي تقبل رأسه: محشوم فديتك.. بس ظني إنك صرت أكثر واحد يعرفني في ذاك البيت
وماظنتي يرضيك أكسر نفسي عشان أرضيك..

زايد قبل جبينها وهو يهتف لها بمودة عميقة: أنا رايح يأبيش عمرة الليلة
وبأدعي لكم ربي يصلح بينكم
بس طلبي مني شي واحد..
لا جا كساب يبي يكلمش.. لا تصدينه.. طالبش يأبيش تقعدين معه وتتفاهمون...

حينها همست كاسرة في داخلها بألم: (لا تخاف مهوب جاي.. أصلا هو يبيها من الله..)
ولكنها أجابته بمودة: أنت تأمر.. والله لا ياتي لأقعد معه ونتكلم..
بس لا تهقا أني رديتك وأني بأرجع معه.. قدرك أكبر عندي من كل قدر..


زايد غادر وهو يشعر أنه يريد أن يهرب فعلا.. يشعر ن جسمه خلا من الطاقة تماما..قدماه بالكاد حملتاه للخارج..
يبدو أنه سيحتاج بالفعل إلى الذهاب للعمرة مع ابنه التي جاءت في وقتها لتبرد بسكينتها جروح قلبه التي انفتحت على اتساعها
ليُذر عليها كل ملح العالم!!


كان يعلم أنه يستطيع أن يضغط على كاسرة أكثر من ذلك لو استخدم كل ذكائه وقدرته على الإقناع..
ولكن هذا هو كل ما استطاعه حتى لا يبدو بمظهر مزري أمامها..
يا الله لماذا جاءت مع ابنتها لماذا؟؟

ماذا استفاد غير اشتعال الحرقة والمرارة في جوفه.. وفشله في الوساطة التي جاء لها..؟؟

لو أنه على الأقل نجح في وساطته كان سيقول أن حرقته المتزايدة التي تكوي جوفه جاءت بنتيجة..

لا يعلم كيف مازال لها كل هذا التأثير الأسطوري في ذاكرته رغم مرور كل السنوات؟؟
كيف لم يخفت تأثير وجودها في المكان كما لو أنها شمس تحرق كل ماحولها..؟؟
تماما كما كان يشعر بها وهو يراها تعبر الطريق أو تقف أمام الباب وهي صغيرة..
ليجد كل شيء حولها بهت.. تماما كما الشمس تُبهت ماحولها!!

"يبدو أن مزنة ستبقى حسرة مرة في قلبي حتى أموت!!!"



خلفه كانت مزنة تهمس بغضب وهي تخلع عباءتها وتجلس: أنتي مافي وجهش سحا
حتى جية عمش مالها قيمة عندش..
ماحتى كبرتي قدره وهو جايش عاني لين مكانش..؟؟

حينها استغربت مزنة وقلبها يتهاوى وهي ترى كاسرة جلست جوارها
لتحتضن خصرها وهي تضع رأسها على كتفها وتهمس بحزن:
بس يمه طالبتش.. بس.. حرام عليكم كل واحد يضغط علي من ناحية..
أنا بروحي تعبانة وماحد راضي يرحمني..

مزنة احتضنتها وقلبها كما لو كان سيتمزق ألما من أجل ابنتها وهي تهمس بحنان:
يأمش نبي مصلحتش.. كساب والله العظيم مافيه مثله.. أنا أعرفه زين يأمش
يعني ما أظنه شين لدرجة أنش ماتطيقين تعيشين معه..
ولو فيه طبايع ماتعجبش.. المرة تقدر تغير رجّالها بصبرها عليه..
ولو أنتي ماتحبينه...
ترا الحياة الزوجية تستمر بالمودة حتى لو ماكان فيها حب بمفهومكم يا الشباب..!!

حينها تدفقت كاسرة بألم وهي تشدد احتضانها لخصر أمها ودفنها لوجهها في ثنايا صدرها:
كساب مهوب شين.. أدري.. والله العظيم مهوب شين..
أما على الحب؟؟
أنا مهوب بس أحبه.. أنا أموت فيه ومن أقصاي
ولو فيه شيء فوق كذا فهو حبي له.. ارتحتي يمه!!
بس يمه ما ابي أعيش معه.. ما أبي..
تكفين يمه.. كفاية تسوين علي حصار..
انا بروحي متضايقة حدي إنه عمي زايد طلع زعلان..


مزنة صمتت وهي تمسد شعر كاسرة بأناملها..
ورأس كاسرة يرتخي على كتف أمها وهي تمنع نفسها ان تبكي.. رغم حاجتها الماسة لذلك..

ومزنة تقرر أن تتوقف تماما عن الإلحاح على كاسرة.. حتى حين..!!
فهي لم تتوقع أبدا أن كاسرة قد تعبر عن حبها له بهذه الطريقة ثم تقرر تركه..
هناك شيء قد لا تفيد فيه الوساطات..
شيء بينهما ولن يحله سواهما!!

ولكن مع ذلك مزنة ستنتظر عودة كساب قبل أن تنزل معه بكل ثقلها..
فهذا الشاب أصبح قريبا جدا من روحها..
وهي تعوض فيه كثيرا من مشاعرها التي كانت لمهاب..ويسد فراغا ما في حياتها..
فهو بعيدا عن كونه زوج ابنتها..كان كثيرا ما يزورها هي..
وبينهما تفاهم كبير رائع...
تراه أكثر من مذهل.. ويعجز أيا كان على عدم الإعجاب بشخصيته ورجولته ولباقة حديثه وإتساع أفقه..

فلماذا ابنتها عاجزة عن رؤية كل هذه المزايا.. لماذا؟؟






************************************






عاد للبيت بعد صلاة العصر.. بعد أن تغدى في بيت أهله..
لم يصعد للأعلى..
ولكنه يشعر أن البيت ساكن تماما.. حتى ابناه لم يراهما اليوم..
نادى إحدى الخادمات وسألها عن نجلا والأولاد..
فأجابته أنهم ذهبوا جميعا مع سميرة حوالي الساعة الثانية والنصف..
استغرب..سميرة تأخذهم بعد عملها وتذهب أين..
وكيف تخرج نجلا بدون أذنه.. يعلم أنها حتى لو كانت غاضبة فيستحيل أن تذهب دون أن تستأذن لو حتى برسالة هاتفية..
أ يعقل أنها عادت لبيت أهلها؟؟

اتصل بنجلا ولم ترد.. واتصل مرة أخرى لترد عليه سميرة.. سلم باحترام ثم سألها عن نجلا..

سميرة همست بتردد: نجلا تعبانة شوي وجبتها المستشفى الأهلي عشان يسوون لها فحوص شاملة..

حينها تفجر قلق صالح: أشلون تعبانة والبارحة مافيها شيء؟؟؟
ووش ذا التعب اللي يستلزم فحوص شاملة؟؟
تدرين... خلاص أنا جايكم الحين؟؟

لم يستغرق سوى عشرين دقيقة ليكون واقفا بجوار سميرة.. التي شعرت بالحرج من وقوفها مع صالح في الممر.. بعد أن اتصل بها لتواجهه خارجا..
حتى يعلم منها ما الذي حدث قبل أن يرى نجلاء
كان صالح يتفجر قلقا حقيقيا وهو يسأل بأنفاس مقطوعة:
نجلا وش فيها؟؟

سميرة شرحت له باختصار ودون تعمق عن حالة نجلا..
ليجيب حينها بغضب متفجر: وليش ماقالت لي أنا يوم إنها صار لها كم شهر وهي تعبانة؟؟

سميرة أجابته بحرج: إسأل روحك يابو خالد.. أنت اللي عايش معها المفروض إن التغيرات ذي ما تمر عليك..
والحين دامك جيت.. اسمح لي بأكلم رجالي وأروح..
نجلا داخل في الغرفة هذي وأنا اسمح لي..

سميرة غادرت بالفعل لصالة انتظار أخرى حتى تهاتف تميم ليحضر لأخذها فهي لا تستطيع البقاء مع صالح..

بينما صالح لم يستطع صبرا وهو يطرق الباب ويدخل..
حين دخل كانت تتمدد على السرير وعليها لباس المستشفى وعباءتها جوارها..
ويسحبون منها عدة زجاجات من الدم..
بعد أن أصرت سميرة أنها لابد أن تبقى الليلة في المستشفى حتى ينتهون من نتائج الفحوص..

نجلا حين رأت صالحا.. رغما عنها تغرغرت عيناها بالدموع..
صالح دار من الناحية الأخرى بعيدا عن الممرضة.. ليشد على كف نجلا بقوة وهو يهتف بعمق: أفا يام خالد.. ترا مافيش إلا العافية
لا توسوسين بشيء الوسوسة من عمل الشيطان..

نجلاء حينها بدأت تبكي: بس أنا ما أسوس.. والله العظيم ما أوسوس..
لا تقول إنك ما لاحظت أشلون أنا متنت مع أني ذبحت روحي ريجيم
لا تقول إنك مالاحظت أشلون مزاجي على طول متعكر وأقل شيء يضايقني..
أما عاد اللي ماقلته لك إنه حتى دورتي الشهرية مختبصة مرة وحدة..
وعقب ذا كله تقول لي لا توسوسين..

صالح شد على كفها بقوة أكبر وهو يذوب لها حنانا: حتى ولو.. هذي كلها أعراض اختلال في الغدة
بس يعطونش علاج ينظم عملها بتكونين زينة.. السالفة بسيطة لا تكبرينها يالغالية..

نجلا أجابت بحزن عميق: خير إن شاء الله خير..





*************************************





ركبت جواره وهي تشير بالسلام.. أشار لها بالسلام ردا عليها
ثم أشار: شأخبار أختش؟؟

أشارت بقلق: مابعد طلعت نتائج الفحوص..

ثم أشارت بتردد: تميم أبي أروح لبيت هلي عشان عيال نجلا.. أمي ماتقدر عليهم كلهم.. ونجلا يمكن تمسي في المستشفى..

لا ينكر أنه شعر بضيق عميق.. فهي نادرا جدا ما باتت عند أهلها..
وهو اعتاد على وجودها لأبعد حد.. لا يتخيل أنه قد يبات الليلة دون إحساسه بعذوبتها تحيط المكان..

ومع ذلك هز رأسه موافقا..
وهو يتجه لبيت أهلها..

حين وقفا في باحة البيت.. كانت تستعد للنزول حين شد على كفها..
انتفضت وهي تنظر له وتشير بيد واحدة: تبي شي؟؟

شد على كفها بقوة أكبر ثم أفلتها وهي يشير ببساطة مهمومة: لا..

سميرة لا تنكر تصاعد دقات قلبها لأبعد حد..
تصرفاته باتت توترها كثيرا لدرجة القلق وهي تشعرها بالتحفز لعجزها عن فهمه..
كانت تشعر أنه يريد أن يقول شيئا ولكنها لم تمنحه الفرصة وهي تنسحب هاربة..

حين دخلت لداخل البيت وصلت رسالة لهاتفها.. كانت منه:

" يعني عشان اسمك على القلب منحوت
معاد تسأل صاحبك كيف حاله؟؟ "

سميرة ألقت الهاتف على الاريكة كما لو كان سيلسع يدها..
ثم جلست بعيدا عن الهاتف كما لو كان الهاتف وحشا مرعبا وهي تضع كفها على قلبها لتهدئ دقاته:

أنا أقول الرجّال استخف رسمي..مافيه شك..
بروحي كنت أسخن يوم أقرأ مسجات صويلح لنجول..
أشلون الحين والمسج لي!!

يمه يمه يمه.. حرمت أفتح مسجات منه....





**********************************





" خوش وقت يروحون فيه علي وزايد للعمرة
عشان نكسبش عندنا"

مزون تلبس زايد الصغير وهي تجلس على الناحية الأخرى من السرير وهي تبتسم:
إيه تبون تشغلوني خدامة عند زايد الصغير.. ألبس وأغسل..

عفراء بابتسامة أمومية: يا النصابة.. توش متهادة مع جميلة من فيكم اللي تبدل ملابسه وأنتي اللي فزت..

مزون تضحك: أنا فزت لأن جمول أصلا ماصدقت تشوفني تبي تتسبح..
خبرش الدلوعة لو ما تنقعت في الماي المعطر على الأقل نص ساعة.. بتجيها حساسية..
وبعدين أنا فزت المرة اللي فاتت.. ذا المرة المفروض مرتها.. والأخت صار لها أكثر من ساعة فوق..

عفراء بحنان موجوع: زين مزونتي روحي طلي عليها.. ترا حالها مهوب عاجبني..
وحاسة إنها داسة عني ضيقتها..
يعني من عقب حالتها الهستيرية يوم طلقها خليفة سكتت مرة وحدة عقب ماولدت..
أنا دارية إنها كاتمة في نفسها عشان ما تضايقني.. تكفين خليها تفضفض لش شوي.. مهوب زين تكتم في نفسها..

مزون تضع زايد الصغير بين يدي خالتها لترضعه وهي تقبل رأسها وتهمس بمودة عميقة: حاضرين يالغالية.. ولا تحاتينها..



مزون طرقت الباب بخفة.. ودخلت لتجد جميلة مرتبكة.. تنهض عن السرير وهي تحاول إخفاء وجهها ومازال روب الحمام عليها..

وهي تهمس بصوت محتنق: دقايق مزون بس أستشور شعري وألبس ملابسي وأنزل لكم الحين..

مزون تقدمت منها وهي تشدها لتجلس معها على السرير وتهمس بحنان:
أدري أنش كنتي تبكين.. مافيه داعي تدسين.. شوفي وجهش وعيونش بس..

حينها دفنت جميلة وجهها في كتف مزون لتنتحب بوجع عميق: بأموت يامزون بأموت..
ماهقيت خليفة يسوي فيني كذا.. ماهقيت أني ممكن أهون عليه كذا..!!

مزون بحزن: ياقلبي ياجميلة أنتي اللي حديتيه يسوي كذا..

جميلة بين شهقاتها: لا ماحديته... أنا عطيته الخيار.. وهو ماصدق يخلص مني..
أنا كنت أقول له كذا وأنا بأموت من الرعب إنه صدق يبيعني..
بس مابغيت أعيش حياتي معه وأنا حاسة إني خيار هو مجبور عليه.. حدته عليه الشهامة وأني بنت عمه المريضة..
بغيته يختارني الحين بكامل اقتناعه.. بس هو ماصدق.. ماصدق.. قال جاته من الله..باعني وبرخيص..

حينها همست لها مزون بنبرة تهدئة: زين دامش تقولين إنه بايعش.. خلاص ليش تبكين عليه كذا؟؟

جميلة مازالت تنتحب: هذي عشرة طويلة.. ثمان شهور وهو مستحملني ومستحمل غثاي.. تعودت عليه فوق ما تتخيلين..
وهو يا مزون.. طيب وحنون فوق ما تتخيلين..
تمنيت لو أقدر أرد له شوي من جميله علي.. قلت لا اختارني بإرادته والله لأخليه أسعد رجّال في العالم..
بس.. بس...

مزون ترفع وجهها وتمسحه بحنان ثم تهمس بحزم رقيق: بس يا قلبي لا تبكين
الوجه الحلو هذا ما انخلق عشان يبكي..
أصلا أنا محتاجتش تروحين معي ننقي شبكة علي ودبلته..وشوي هدايا لمرته..
تدرين الملكة صارت وحن مشغولين مع خالتي في المستشفى..
الليلة نروح للأماكن القريب.. وبكرة الصبح من بدري نكمل..
ونروح لهم في الليل بكرة..

جميلة تمسح وجهها: ماعليه مزون اسمحي لي ما أقدر أخلي أمي حايسة مع زايد..

مزون تبتسم: فديت حس المسئولية ياناس.. لا تحاتين أمش عندها بدل الخدامة أربع..
أنا اللي محتاجتش الحين!!






***************************************






القلق يلتهم روحه.. وهما ينزلان للأسفل بعد أن أصرت الدكتورة ..
أنه لابد أن تعمل نجلاء تلفزيون..
بينما قلق أشد سوداوية ومرارة يلتهم روح نجلا.. هل تكون مصابة بشيء في الرحم تريد أن تتأكد منه الطبيبة؟؟

نجلا طوال نزولهما للاسفل ويدها ترتعش بعنف في يد صالح التي تشد عليها بقوة وهي تكثر من الدعاء وقراءة القرآن..

وصالح يطمئنها إنه لا داعي للقلق.. رغم أنه يكاد يموت قلقا..بل يكاد ينتهي من شدة احتكام قلقه.. وهو يحاول إبعاد الأفكار المؤذية عن باله..
أ يعقل أن تكون مريضة وهو طوال الأشهر الماضية كان يحرق أعصابها؟؟
حتى لو لم تكن مريضة كما يدعو ويتمنى
فهي كانت تعاني لوحدها من هواجسها دون أن يشاركها سوى بالصراخ عليها وتأنيبها في كل وقت..
يا الله كم هو نادم على كل هذه الشهور التي جعلها تعاني بسببه دون أن يخفف عنها..!!

شد على يدها أكثر وهما يقتربان.. ويكثر الدعاء في قلبه..
وهو يشعر بندم عميق يُغرق روحه على كل دقيقة سمح لنفسه فيها أن يجرح مشاعرها!!

حين وصلا.. وتمددت نجلاء على السرير..
شجاعة صالح كلها ذهبت وهو عاجز عن تقبل الفجيعة إن حدثت..
هتف لنجلا بحنان عميق: أنتظر برا؟؟

شدت نجلا على يده بقوة وهي تهمس بجزع: لا لا.. تكفى لا تخليني..

الطبيبة جلست من الناحية الأخرى وتبتسم وهي ترى علائم الرعب والتوجس على وجهيهما..
الطبيبة مررت الجهاز على بطن نجلاء من الأسفل.. بينما وجهيهما يزدادن امتقاعا..وهما ينظران للشاشة الضخمة أمامهما..
الطبيبة رفعت درجة الصوت من الجهاز ليسمعا بما أن الصورة لم تظهر بعد..

صالح هتف بجزع: وش ذا الصوت..؟؟

مع أنه سبق أن سمعه ولكن شدة جزعه وخوفه على نجلاء ألغى كل التركيز من مخيلته..

بينما نجلا اختنقت تماما وغامت عينيها وهي تشعر بانهيار حقيقي موجع
وهي تتعرف فورا على الصوت..
لتظهر الصورة حينها واضحة على الجهاز..
ليصرخ صالح بصدمة كاسحة: جنين..؟؟؟

ابتسمت الطبيبة: ليه ماسمعت دقات قلبه؟؟...وشوفت عينك قربت كل أعضاءه تكتمل.. شوف رأسه وايديه ورجليه..
أنا بس حبيت أعرف المدام أي شهر.. لأن الدم ماوقف معها فهي مش عارفة الحمل بالتحديد كان متى..
لكن على الجهاز مبين.. المدام دخلت الشهر الخامس قبل يومين.. والجنين سليم الحمدلله..
والمدام كمان سليمة وكل تحاليلها ممتازة.. وحالة استمرار نزول دم بعد الحمل طبيعية مادامت لا تتجاوز الحد..


نجلاء أدارت وجهها ناحية صالح وهي تدفن وجهها في عنقه وتنتحب بصوت مسموع

حينها وقفت الدكتورة لتغادر وهي تشد الستارة عليهما..
ليزداد نحيب نجلاء ارتفاعا.. صالح ضمها بكل حنان وهو يهمس بتأثر عميق:
الحين ليه تبكين يا الخبلة.. هذا أنتي سليمة وحامل بعد..

شددت احتضانها لعنقه ونحيبها يزداد ألما وهي تهمس باختناق: مبسوطة يا صالح مبسوطة..

صالح هتف بألم السعادة الحقيقية: أجل لو زعلانة وش بتسوين؟؟
هذا أنتي اختصرتي أربع شهور من الحمل يعني شهور الوحم..
عشان ماتصدعيني وتقولين مشتهية لبن العصفور وإلا ما أدري ويش..





***************************************






عاد إلى غرفته الليلة في وقت مبكر لأنه كان لديه عدة رسائل إلكترونية مهمة لابد أن يرسلها قبل الغد..

لم يجدها في الغرفة.. ولكنه وجد الغرفة مرتبة بعناية بالغة.. وتفوح برائحة عطرة مميزة..
ثم حين فتح الخزائن وجد ملابسه كلها قد اُعيد ترتيبها بدقة أكثر عناية وتفوح منها رائحة عود ثمين مركز..

مطلقا لا يمكن أن يجد على جوزا أي ممسك من هذه الناحية.. فهي طيلة الأشهر الستة الماضية كانت تبالغ في اهتمامها بكل هذه التفاصيل..

ولكن لا يعلم لماذا شعر اليوم أن هذا الاهتمام ليس عفويا بل متقصدا حتى يلاحظه.. وهاهو لاحظه.. فماهي خطوتها التالية؟؟


كان مستغرقا في العمل على حاسوبه حين دخلت وهي تحمل حسن النائم على ذراعيها..
حينها قفز بجزع حقيقي.. وهو يلقي الحاسوب دون تفكير لا يعلم أين ألقاه..
ليتناول حسن منها وهو يهتف بغضب مكتوم:
أنتي صاحية؟؟ الولد ثقيل.. وأنتي توش في الشهر الثاني وطالعة من المستشفى وهم معطينش إبر تثبيت..
تبين تسقطين أنتي وإلا وش تبين؟؟

حينها أجابت بألم عميق: يهمك يعني؟؟

عبدالله باستنكار وهو مازال يحمل حسن: نعم؟؟

جوزاء تجاوزته وهي تهمس بذات الألم العميق: تدري إنك حتى ماقلت لي مبروك على حملي؟؟

عبدالله بذات نبرة الاستنكار: نعم؟؟

حينها همست بسكون: ممكن لو سمحت تحط حسن على سريره عشان ألبسه بيجامته.. نام بدون مايقول لي إنه بينام..

عبدالله توجه لغرفة حسن ليضعه على السرير وجوزا وقتها كانت تستخرج لها ملابس داخلية وبيجامة حتى تستبدل ملابسه..
وضعتها على السرير ثم توجهت للحمام لتحضر بعض الماء الدافئ في إناء وفوطة صغيرة لتمسح جسد حسن بما أنه نام قبل أن تحممه
كان عبدالله يراقبها وهي تقوم بعملها بكل دقة وتفاني.. حين وصلت لإلباسه ملابسه.. شدها عبدالله وهو يهتف بحزم:
خلاص أنا بألبسه كفاية عليش ذا كله وأنتي مدنقة..

جوزا بجزع عفوي: لا والله ماتلبسه وأنا قاعدة صافة يدي..

عبدالله بحزم: بس جوزا اقعدي خلاص..

جوزا لم تجلس لكنها انسحبت بإرهاقها وعادت لغرفتها بينما عبدالله أكمل إلباس حسن الغارق في نومه
وهو يحركه بخفة ثم يتولى هو مسئولية تحصينه بالأذكار..
ليعود بعد ذلك لجوزا التي كانت تستحم في الحمام..
عاود تناول حاسوبه.. ليكمل عمله المبتور..

حينها خرجت وهي تلتف بروبها وتسأله بسكون وهي تستدير لإخراج ملابسها:
تبي عشا؟؟ ماظنتي إنك لحقت تتعشا في المجلس دامك جاي بدري كذا..

أجابها بسكون مشابه: ماني بمشتهي.. كنت مع واحد من الربع في كوفي عقب المغرب
وكلنا كيك مع القهوة وسدت نفسي..
ثم أردف بذات السكون: ومبروك

أجابته وهي مازالت توليه ظهرها بنبرة حزن عميقة: مالها طعم بالضبط مثل ماقلتها!!

حينها وقف وتوجه ناحيتها ليمسك بخصرها وهو يديرها ناحيته ويهتف بعمق:
لا تصيرين سخيفة لأنش عارفة أني مبسوط ومستانس..وفوق ما تتخيلين..

أجابته بذات نبرة الحزن الشفاف وهي تزيل يديه عن خصرها: مبين واجد إنك مبسوط!!





*************************************






" سميرة يأمش روحي لبيتش.. نجلا جات وخذت عيالها من زمان"

سميرة برفض: خلاص يمه بأنام عندكم.. أنا استأذنت تميم ورخص لي..

أم غانم باستغراب: بس يامش بكرة عندك دوام.. أغراضش كلها معش..؟؟

سميرة لأنها كانت قد قررت أنها ستبات..
فهي طلبت من وضحى إرسال حاسوبها وأوراقها التي كانت قد أعادتها معها حين أنزلوها في بيت نجلا اليوم ظهرا..
لذا أجابت والدتها: إيه يمه كلها معي..

لكنها يستحيل أن تخبر والدتها عن السبب الحقيقي لرغبتها في عدم العودة لبيتها
وهي تحتضن هاتفها بين يديها وتقرأ رسالة تميم الأخيرة ربما للمرة الألف..
بعد أن قرأت كل واحدة من الاربع السابقة التي وصلتها الليلة لألف مرة أيضا ربما..

" يا ويلش يا وضحى لو كنتي اللي قلتي لتميم
أني وحدة خبلة والمسجات تأثر علي
فأشلون والمسجات منه هو!!
لا حول ولا قوة إلا بالله هذي الليلة قاعد يلعب بي كنه يلعب بكورة"


وهي في أفكارها انتفضت مع رنة الرسالة السادسة
شعرت بالصداع وهي تهمس داخلها: الرجال هذا استخف وبيجنني معه..
فتحت الرسالة وشعورين متضادين يمزقانها تماما.. اللهفة لمعرفة المكتوب والخوف منه:

" إن قلت احطك داخل العين.. عييت***خايف يحول الرمش بينك وبيني
وان قلت احط بداخل القلب لك بيت***صعب علي اخفيك عن نظرعيني
ودي اشوفك كل ما اصبحت وامسيت***ممساك في قلبي وصبحك بعيني "


حينها ألقت سميرة الهاتف جوارها.. ودفنت وجهها بين يديها وهي تنخرط في بكاء رقيق عميق..
تشعر أنه يضغط على أعصابها ومشاعرها كثيرا.. والمشكلة أنها لا تستطيع مواجهته لأنه يضغط بطريقة غير مباشرة..
والدتها قفزت بجزع لتجلس جوارها ووهي تسأل بقلق:
سميرة يأمش.. تميم مزعلش في شيء؟؟

سميرة دفنت وجهها في كتف والدتها وهي تهمس بصوت باكي: لا والله يمه..
بس أنا مضغوطة شوي..

لم ترد أن تكذب عليها بشيء وفي ذات الوقت لم ترد أن تخبرها بشيء خاص بها هي فقط ولن تتفهمه والدتها..

والدتها احتضنت كتفيها وهي تهمس بحنان: تعبانة يأمش من الشغل.. قدمي على إجازة..

سميرة بذات الصوت الباكي: خير يمه.. خير..






***********************************






" عمرة مقبولة يبه.. وتقبل الله طاعتكم"

زايد يلتفت لعلي وهو يلف إحرامه ليستر الجزء العلوي من جسده النحيل
وهما خارجان من عند الحلاق ويبتسم: وعمرتك وطاعتك مقبولة إن شاء الله

ثم أردف باهتمام عميق: أشلون نفسيتك الحين يأبيك؟؟

علي بشجن إيماني عميق: مافيه حد يأتي هنا ونفسيته ماترتاح.. الله لا يحرمنا زيارة بيته..

زايد بذات الاهتمام: ودعيت من قلبك..

علي بذات الشجن الإيماني: والله العظيم دعيت ودعيت ودعيت من أقصاي..
الله لا يخيبني.. قلبي احترق من يومين
وش بيصبرني باقي العمر..؟؟

زايد يهتف في داخله بألم هو يملأ عينيه من علي:

"يصبرك اللي يصبر أبيك..
ثلاثين سنة مافتر لساني وأنا أدعي ربي في كل صلاة إنه ينسيني إياها
وما نسيت..
لكن ذا المرة مادعيت إلا لك.. أنا استحملت واتحمل
مافرقت علي المواجع عقب ذا السنين كلها..
لكن أنت بغيت تموت من يومين..
يأبيك لا تحرق قلبي عليك..
طالبك ياربي وأرجاك ماتحرق قلبي عليه وأنا واقف قدام بيتك وجايك عاني
فلا ترد دعوة من نصاك"


علي ابتسم وهو يهز كتف والده: يبه وين رحت؟؟

زايد انتفض بحزم: هنا يأبيك هنا..
يا الله خلنا نروح الأوتيل نرتاح ماعاد باقي على شروق الشمس إلا شوي..





*********************************






" يا الله.. أحلى صباح ذا الصباح مر علي من زمان"

نجلاء تبتسم وهي تنفض الفراش ثم ترتبه وهي تنظر لصالح الذي نهض للتو:
إيه اشتكي اشتكي... يعني أنا نكد من زمان..

صالح يميل ليقبل كتفها ثم يتوجه لتناول فوطته ويهتف بسعادة حقيقية:
نكدي علي على كيف كيفش... أنا كلي حلالش..

نجلاء مازالت تبتسم وهي تكمل الترتيب: هذا كله تبي بنية يعني؟؟

صالح بمودة عميقة: بنية صبي اللي بيجي من الله حياه الله.. المهم أنش زينة وبخير..


يا الله كم يبدو هذا الصباح مختلفا لهما كليهما..!!
مشرق شفاف مغلق بسعادة شفافة..
بعيدا عن الهم غير المعروف المؤلم الذي غمر الأشهر الماضية..
روح طاهرة نقية ساكنة تغمر المكان تماما كروح الجنين الذي يسكن أحشائها..
الذي جاء كالسحر ليعيد كل الأمور إلى أفضل من نصابها حتى!!
كم يبدو كل شيء تافهما حقيرا أمام نعمة الله عز وجل وهو يمنح روحهما السكينة ويغمرهما بفضله!!





************************************






" عبدالله قوم..
خلاص أنا جهزت الريوق تحت عند أمي صافية"

عبدالله نهض وهو يفتح عينيه على وجهها المرهق.. هتف بصوت ناعس:
رجاء جوزا لا عاد تسوين شيء..
أساسا الريوق عند أمي أشكال وألوان على كل حال.. ومسوينه الخدامات من صبح..
مافيه داعي تسوين شيء..

جوزا بذات النبرة الساكنة الحزينة وهي تنهض من جواره:
ليه ما تبيني أسوي لك شيء؟؟ أو ماتبي مني شيء؟؟

عبدالله اعتدل بشكل كامل ليشدها ويعيدها جواره ويهتف بنبرته الحانية التي افتقدتها خلال اليومين الماضيين إلى درجة الوجع:
جوزا اشفيش كل شيء تفهمينه بالمقلوب..
أنا بس ما أبيش تتعبين نفسش.. أنتي بروحش تعبانة..

حينها أدارت وجهها للناحية الأخرى حتى لا يلمح دموعها..
حينها أدار وجهها ناحيته ليقبل عينيها المبللة بألم اشتياق موجوع ويهتف بعمق متجذر:
مثل ماتكرمتي علي بمرة وحدة وذوبتي قلبي بكلمة..
أقول الله لا يحرمني من عيونش.. ياكثر ما تطعنين في ذا القلب ولا كفاش..


حــيـنـهـا..
دفنت وجهها في صدره وهي تنتحب فجأة بطريقة جنائزية فعلية كما لو أنها تكتم هذا الدمع في قهر روحها منذ دهور..
بكت كما لو أنها لم تبكِ مطلقا قبل ذلك..
ثم بدأت تلكم صدره بكل قوتها وهي تنتحب بجنون:
أنت نذل وحقير وأنا أكرهك.. أكرهك..
تدري أني أكرهك..

شدها ليحتضنها بقوة ووهو يهدهدها كما لو كان يهدهد طفلة:
خلاص خلاص...أششششش... أدري أنش تكرهيني.. وأنا أستاهل..

مازالت تنتحب بهستيرية كل ألم الذكريات ومرارتها.. ووجهها مدفون في صدره:
لا ما أكرهك.. أحبك.. بس أنت ماتستاهل..

أجابها وهو مازال يحتضنها ويبتسم بألم: أدري بعد!!

مازالت تنتحب وتهذي بكلمات مبعثرة: لا.. أنا أحبك.. بس أنا اللي ما أستاهل حتى أني أحبك عشاني أنا نذلة وحقيرة..

عبدالله يشدد احتضانها أكثر وهو مازال يهدهدها ويهتف بألم عميق.. عميق.. عميق:
لا عاد هنا ما أسمح لش.. أنا لو رضيت تقولينها لي.. ما أرضى تقولينها لنفسش..

مازالت تنتحب وهذيانها مستمر وكلماتها تتناثر بين شهقات نحيبها:
وكذابة بعد.... وممثلة.. أنا ما استخدمت.... مانع حمل أساسا..
وكنت بأموت... لو ما حملت..وكنت خايفة.... إنك تملل مني وتخليني..
وأنا زعلانة.... لأنك منت بفرحان بحملي..... مع أني كنت بأموت من الفرحة يوم دريت..
أبي ولد بعد.. وأبيه يشبهك مثل حسن.. أبي أجيب عيال واجد.... وأبيهم كلهم يشبهونك..
وأبي أكمل دراستي.. وأبي عبدالرحمن يقوم لأني اشتقت له واجد..
وأنا أحبك.. والله العظيم أحبك.. وما أتخيل حياتي من غيرك..
تكفى لا تخليني.. لا تخليني.. والله العظيم حياتك من غيرك ماتسوى..
أنا من قبلك ميتة وأنا حية..

أنهت عبارتها لترفع رأسها قليلا وهي تطوق عنقه بذراعيها وتدفن وجهها بين عنقه وكتفه
وتستمر في النحيب من أقصى نقطة مدفونة في روحها..

عبدالله بدأ يشعر أن قلبه يؤلمه فعلا وهو يُعتصر فعلا بقوة كاسحة من فيض المشاعر المتفجر غير المتوقع..
يؤلمه فعلا وهو يحتضن خصرها بقوة ويهتف بألم شجن عميق:
أنا كنت خايف إنش أنتي اللي تخليني.. وأنا اللي كنت حاس إن حياتي بتنهار يوم فكرت أنش بتخليني..
ولو أنت تحبيني شوي أنتي عارفة إن حبي لش ماله قياس..
ووالله العظيم أني كنت متشفق على حملش أكثر منش بس ما أبي أضغط عليش..

جوزا حينها صمتت عن الكلام ولكنها لم تصمت عن البكاء الذي تحول لأنين موجوع مثقل بشهقات خافتة وهي تتعلق بعنقه أكثر..
كما لو كانت تخشى فعلا أن يتركها..
وعبدالله يضمها لصدره أكثر وهو يدفن رأسه في طيات شعرها ويتنفس بعمق..
وألم قلبه يتزايد لفرط سعادة ماعاد يحتملها..
كان يحتضنها بكل قوته ويأسه وكأنه لا يريد إفلاتها أبدا لأنه يخشى أن يكون في حلم جميل طال اشتياقه له وهو لا يريد أن يصحو من هذا الحلم أبدا.. لا يريد..
لن يحتمل أن تمنحه كل هذا الفيض من خصوبة المشاعر ثم تعاود جره على أرض جفائها البور..


حسن قاطع فيض المشاعر وهو يقفز على السرير معهما ويهتف وهو يفرك عينيه بنعاس: وس فيه؟؟
سويتو ازعاز ماخليتوني أنام..
أنا زعلان عليكم ومابي أروح روضة..

حينها شدت جوزا حسن بينها وبين عبدالله وهي تحتضنهما كلاهما وتنتحب بشكل أشد..
عبدالله خلص حسن برقة وهو يهمس بألم: فكيه شوي.. الولد انخنق وهو مهوب فاهم شيء!!






************************************






سميرة تنتظر قدوم تميم ليأخذها لعملها رغم أنها أرسلت له رسالة إنها ستذهب مع سائق بيت أهلها..
ولكنه أرسل لها رسالة رفض قاطع..
كانت سعيدة جدا أنها أخيرا ترى منه رسالة رسمية بعد أن أرهقها البارحة برسائله غير الرسمية إطلاقا..

وهي في الانتظار وصلتها رسالة منه ظنته يخبرها أنه في الخارج.. ففتحتها بعفوية:

" من أمس وقلبي خفقته ماهي بخير ..من يوم غابت عن سمايا بروقك
يومين وهمومي بقلبي طوابير ......وأنت الوله ما يبلل عروقك
كانه بخل ؟حول علي الفواتير!..وكانه ثقـل ؟الله يلين خفوقك !

أنا برا.. ياقلبي "

سميرة همست بغيظ مخلوط بأنفاسها المقطوعة تماما من سببه وهي تضع هاتفها في الحقيبة:
دمك خفيف ياولد..
وقلبي بعد؟؟.. الحالة صارت مستعصية عندك!! الله يشفيك..

حين خرجت.. وركبت جواره بتوترها الغريب هذه الأيام.. سلمت بإشارة ساكنة..
ثم التفتت خلفها لتلقي التحية على وضحى ليتحول التوتر إلى صدمة..
وهي تشير بجزع: وين وضحى؟؟

أجابها ببساطة: عندها موعد اليوم الصبح.. أمي ودتها وعقبه بتجيبها هي للمدرسة..

توترت أكثر وهي تهمس لنفسها بتذمر وبصوت مسموع: والله مهوب بعيد إنك بعد اللي مسوي ذا الحركة !!

حينها أشار لها بإبتسامة: تراني حتى لو أنا ما أسمع.. أدري لو كان اللي جنبي يتحلطم.. أحس بالذبذبة..

سميرة شعرت بالخجل الذي تفجر لخجل أشد وهو يشد يدها ليحتضنها في كفه بقوة ثم يفلتها وهو يشير بتقصد:
انبسطتي البارحة وأنتي مخليتني بروحي ماقدرت انام حتى..؟؟

حينها انفجرت سميرة وهي تشير بانفعال: أنت ليه تسوي فيني ذا كله؟؟ حرام عليك

هز كتفيه ببساطة باسمة وهو يحرك السيارة: ليه أنا وش سويت؟؟
حرام يعني أعبر عن شوقي لش؟؟





***********************************






" الدحمي.. إلا أنت وش تحب تأكل دامك دب كذا؟؟ وحتى الغيبوبة ماضعفتك..
لأنه من الحين أقول لك إذا أنت تبي تاكل شيء من ورا أيديني
استعد لشيئين.. أما الريجيم وإلا التسمم..
أنا فاشلة في المطبخ.. وترا مهوب ذنبي.. أمي ماعلمتني
وتبيني أتبرأ من أمي ماعندي مانع... أهون علي من أني أتعلم أطبخ "


صمتت عالية قليلا ثم همست بتردد خجول:
عبدالرحمن.. لو مسكت يدك بس..
بتعصب علي وتقول إني قليلة أدب؟؟
تدري لو عليّ أنا.. خاطري أسوي أكثر من كذا.. لا تنصدم وتقلب وجهك وتقول هذي مافي وجهها حيا
لأنه المشكلة أني مستحية ومن قلب وإلا ماكان خليتها في خاطري..
بس الحين صدق صدق خاطري أمسك يدك بس..
عادي يعني ماراح تزعل؟؟


وأيضا لشدة استغراقها في الثرثرة والارتباك والنظر لوجه عبدالرحمن لم تنتبه إلى تغير مؤشراته الحيوية..
دون أن تعلم أن هذه ليست المرة الأولى ولا الثانية ولا حتى الرابعة..
فهو خلال الأسبوعين الماضيين بدأت مؤشراته الحيوية تتغير أحيانا مع حديثها..

فرغم شدة اهتمام أهله به إلا أنهم لم يكونوا يوجهون له حديثا مباشرا
أو يشعرونه أنه مخلوق حي كما تفعل هي.. بحديثها الحماسي وكأنها تتحدث لإنسان متفجر بالحياة..

كان يسمع أحاديثهم من بعيد ودون تركيز كالهذيانات.. وكثيرا مايسمع تلاوة والده للقرآن
التي كانت تعمق سكينته وسكينة روحه وهو يتمنى لو تنتهي هذه الحياة ليرتحل إلى جوار ربه..


فهو كان بالفعل في غيبوبة عميقة سيطر فيها عقله الباطن تماما الذي رفض عودته للحياة بعد أن شهد بنفسه موت صديق عمره..

كان يحاول أن يصل له وهو يسمع حشرجة صدره التي علم يقينا أنها لحظات انتزاع الروح..

ولكنه حين وصل له بصعوبة وهو يشعر أن جسده يتمزق من الألم كان مهاب قد فارق الحياة..
كان هو من أغلق عينيه وتشهد عليه.. قبل أن يدعو ربه بصدق موجوع أن يأخذه معه لأنه لن يحتمل الحياة بعده..

حتى وهو في غيبوبته كان يدعو الله بذات العمق أن ينهي هذا العذاب الطويل..
حتى دخلت هذه المخلوقة الغريبة حياته.. بداية لم يعرف من هي.. وهو يسمع ثرثرة كثيرة لا يفهم أكثرها..

ولكنها كانت تتحدث له من قرب وبشكل مباشر وكل حديثها له.. عرفها..
فهي عرفته بنفسها.. واعتاد عليها بسرعة..
في البداية كان عاجزا عن التركيز
ولكنه بعد ذلك بدأ يركز معها ومع حديثها وهو يلتقط كل ماتقول..

وبدأت تجذبه لعوالمها الملونة المرفرفة المليئة بالحياة.. بدأ يشعر فعلا أن هناك حياة خلف أسوار سكون جسده..
تعرف على أخبار كل من تربطهم به علاقة وهي تشعره كم مضت الحياة بالناس بعده..
ثم بدأ يتعرف على وقت زيارتها ويتلهف لها بطريقة لا واعية..

ولكن مازالت حرقة مهاب أكبر بكثير من أن يقرر عقله الباطن إطلاق إساره...



عالية حاولت بالفعل أن تمسك بيده لكنها فشلت لشدة خجلها ثم همست بتأفف:
تدري عبدالرحمن أنا وحدة جبانة وما أبي أمسك يدك خلاص..
الظاهر أني خايفة أمسكها وتقوم تأكلني..
خلك أنت لين تقوم وتمسك يدي.. ياويلك ماتمسك يدي..وتبوسني بعد أول ما تشوف وجهي..
مهوب أنا قاعدة أسوي لك غراميات وأنت راقد ومكبر المخدة وبعدين كله على الفاضي..

نظرت لساعتها همست بتأفف: أف وأف وأف.. مسرع يمر الوقت..
ابيك مهوب ماخذ يوم إجازة واحد يعني ويريح شيباته شوي؟؟؟






**************************************






انتفض بشدة وهو يشهق بعنف وزايد يهز كتفه ليوقظه
قبل صلاة الظهر ليصليا في الحرم ثم يطوفان قبل المغادرة للمطار..

ثم اعتدل جالسا وهو يشد له أنفاسا صعب عليه سحبها ليكح بشكل متقطع..
زايد ناوله كأس ماء وهو يربت على كتفه ويهتف بهم عميق:
بسم الله عليك يأبيك بسم الله
ثم أردف بهم أعمق: علي أشلون ممساك ؟؟

علي يحاول الوقوف بتوازن رغم شعوره بدوار خفيف وهو يهتف باحترام:
زين جعلني فداك..

زايد بذات نبرة الهم العميقة فمايراه في هذا الفتى من ألم يجرحه لأبعد حد:
تكذب علي وأنا ممسي معك وسامع بنفسي..!!

علي بجزع عفوي: وش سمعت؟؟ والله ماقلت شيء!!

زايد بشجن وجع عميق: تون يأبيك.. طول ما أنت راقد وأنت تون..
ونينك ذبحني.. ونين موجوع..
حرام عليك يأبيك تسوي في روحك كذا..

حينها همس علي ببساطة مغلفة بعمق إنساني متجذر:
ليه يبه؟؟ هو الشيء ذا بيدي..؟؟
وإذا على الونين.. من شابه أباه فما ظلم..
وعلى الأقل يبه أنت عندك اسم تون به.. البلا اللي حتى اسمها مايعرفه..
سنين يبه وأنت تون باسمها وما مليت ولا عجزت..
مستكثر علي الونين الحين...؟؟

زايد بصدمة كاسحة حقيقية زلزلت كيانه وقلبت كل شيء فيه:
انا أون باسمها؟؟ مستحيل.. مستحيل

علي بنبرة بدأ الحزن يغلفها: تبي أقول لك اسمها عشان تصدق؟؟ أو تبيني أقول لك من هي لأنه صار عندي توقع..

تدري يبه ..عقب ما كبرت شوي.. صار يجيني إحساس مثل الموت
يا ترى أمي كانت تسمعك وأنت تون باسم غيرها؟؟

بس عقبه ريحت نفسي بأحد ظنين.. تكفى لو كانت إنك ماتغيرها في بالي..
قلت لنفسي إنها لو كانت تسمعك كان مستحيل تسكت عليك..
والثاني قلت يمكن إنها حب عقب أمي.. لأني ماسمعتك تون باسمها إلا عقب موت أمي بسنة..


زايد مازال يهز رأسه رفضا.. وكل مافي باله هي وسمية.. وسمية فقط!!
هل تجرأ على جرحها بهذه الطريقة المتوحشة؟؟ مستحيل مستحيل..!!
يحاول أن يريح وجعه بظن ابنه الثاني.. أنه لم ينادي باسمها إلا بعد وفاة وسمية
بما أن علي يقول إنه لم يسمعه إلا بعد وفاتها بسنة..
وعلي كان الوحيد الذي ينام معه أحيانا حتى قبل وفاة وسمية..

زايد بذات الصدمة: ومن بعد اللي سمعني أون باسمها غيرك؟؟ يمكن الحين فضيحتي الكل داري بها..

علي بنبرة شجن عميقة: ماظنتني حد.. لأنه ماحد كان ينام معك في غرفتك حتى لا سافرنا غيري..
كساب ومزون كل واحد منهم في غرفة..
مرة وحدة كنا كاشتين وأنا وكساب سهرانين وانت امسيت.. كساب استغرب وقال: أبي وش يقول؟؟
بس أنا قلت له إنك تنادي باسم مزون.. وعقبه رحت وقلبتك بشويش على جنبك الثاني عشان ما تون.. وعشان ماينتبه هو إنك تدعي حد غير مزون..

زايد شعر بضيق عميق التهم روحه.. من كل ناحية..
سيموت فعلا لو أن وسمية كانت تسمعه وهو بجوارها وينادي غيرها.. سيموت!! سيموت!!
وكيف أنه حمّل هذا الفتى الصغير سره وهو مازال طفلا حرص على هذا السر وكتمانه..
ثم بعد ذلك أورثه دائه نفسه.. هذا القلب الذي حينما يحب لا يعرف أنصاف الحلول..


ولكنه مازال يقول أنه غير علي.. هو كان ومازال قادرا على الاحتمال..ومابقي له من مزنة هو محض ذكرى..

ولكن قلب علي الشفاف المغرق في الشفافية وروحه التي لا تعرف التلون لن تحتمل.. وقلبه يحترق بهذه الطريقة..

زايد هتف بحزم: يا أبيك خلك مني.. أنا سالفة غبّرت وكل السالفة مجرد ذكريات ماقدرت أنساها..
لكن أنت مستحيل أخليك كذا..
خلاص فاضل بأتفاهم معه.. وأعرف أشلون أرضيه..
لكن مستحيل أخليك كذا قدام عيني.. قل لي أي شيء عنها.. ونخطبها أول مانرجع الدوحة..

علي بحزم رقيق: يبه خلنا ننزل الحرم ومانضيع الوقت.. قلت لك البنت ذي خلاص مستحيل أخذها..

زايد بحزم أشد: زين بنعجل بعرسك.. ماتدري يمكن لا عرست تطيب نفسك منها..

علي برجاء: يبه طالبك ماتحل الغلط بغلط.. مرتي مالها ذنب في حالتي عشان نعاقبها بها..
خلني شوي يمكن أنسى وألا أتناسى بروحي.. وخل البنية تدرس براحتها لين تتخرج..
ووعد علي أتزوج إن شاء الله أول ما تتخرج مرتي...





**************************************






" هلا والله مزون ياحياش الله.."

مزون بمودة: هلا والله كاسرة.. أشلونش اليوم؟؟

كاسرة بذات المودة: طيبة طاب حالش

مزون العائدة للبيت بعد أن انتهت من تغليف هدايا عروس علي كانت تحادث كاسرة على الهاتف وتهمس برقة:
كاسرة تقدرين تروحين معنا بيت عمتش عقب المغرب..؟؟
خبرش خالتي نفاس.. وأنا وجميلة مستحين نروح بروحنا.. ونبيش تروحين معنا..

كاسرة بأريحية: أكيد أقدر.. عقب المغرب بتلاقوني جاهزة أنتظركم..

كاسرة أغلقت الهاتف وهي تنهض لتلبس نقابها وتهمس لفاطمة: فطوم تبين أوصلش للبيت؟؟

فاطمة تقف وهي تهمس بمودة: لا فديتش.. أصلا أبو العيال بيجيبهم وبنطلع نتغدى برا..
إلا أخت رجالش وش تبي فيش؟؟

كاسرة بحزم: قولي مزون.. أو لو بغيتي أخت كساب... بلاها رجّالي..

فاطمة تضحك:صدق خبلة.. وهو رجّالش حتى لو ماقلت..

كاسرة بثقة: تبيني أروح معها هي وجميلة لبيت عمتي.. أكيد يبون يودون لشعاع شبكتها..

حينها همست فاطمة بخبث: خاطري أشوف جميلة ذي اللي خلت كاسرة على سن ورمح تولع غيرتها..

أجابتها كاسرة ببساطة حازمة: حلوة وتجنن وجذابة جدا.. العين ما تمل من شوفتها.. وحتى طولها وجسمها يجنون إلا خيال..
وشعرها يجنن مع إنه قصير واجد.. وبشرتها كأنها حليب بعسل من كثر ماهي حلوة..
مع أني يوم شفتها كانت تعبانة وبدون ميكب كلش..
كفاية عليش كذا؟؟

أجابتها فاطمة بخبث لطيف: أفهم من ذا المعلقة اللي وش طولها إنها أحلى منش يعني؟؟

كاسرة بثقة: مافيه حد أحلى مني.. ولا حتى يقرب من مستواي..
بس على قولت الشيخ كسّاب.. لولا اختلاف الأذواق لبارت السلع..
يمكن تكون هي ذوقه.. وشايفها أحلى.. بكيفه مايهمني..

فاطمة تستعد للمغادرة معها وتضحك: كذابة عودة!!






**********************************






"عبدالله اشفيك تأخرت؟؟
شوي ويأذن العصر وأنت مابعد تغديت"

عبدالله باستعجال: هذا أنا جاي في الطريق عشر دقايق وأكون في البيت..
ثم أردف بابتسامة: وبعدين عبدالله حاف كذا.. مافيه حبيبي.. قلبي؟؟

جوزا ابتسمت: ماسمعت إن العجلة شينة..

عبدالله يبتسم: والله في حالتنا مااسمها عجلة.. صار اسمها مشي السلحفاة..


عبدالله أغلق الهاتف ومازالت ابتسامته الدافئة مرتسمة على وجهه..
يحاول أن ينظر لكل شيء في الكون بإيجابية.. حتى مقابلة الطبيب التي أخرته عن العودة للمنزل يحاول ن يأخذها من جانبه الإيجابي..


يتذكر اتصال الطبيب المسئول عن حالة عبدالرحمن به وطلبه أن يحضر حالا لمقابلته..

عبدالله تفجر قلقه وهو يجلس أمام الطبيب: عسى ماشر؟؟

الطبيب بمهنية خير إن شاء الله.. أنا طالبك بخصوص عبدالرحمن..

عبدالله بقلق أشد: وش فيه عبدالرحمن؟؟

الطبيب بذات النبرة المهنية: أنا بصراحة ماحبيت أتكلم مع أبوه عشان ما أعطيه أمل ولا أحطمه.. وأنا شايف بنفسي حالته..

عبدالله تزايد قلقه: ليه شاللي صاير..؟؟

الطبيب بهدوء: عبدالرحمن صار له أسبوعين والاجهزة المتصلة به تسجل تغيير متذبذب في إشاراته الحيوية..

عبدالله بذات النبرة القلقة: وهذا وش معناه؟؟

الطبيب بذات الهدوء: أحد شيئين.. أما أنه ممكن يصحو من الغيبوبة... أو..
إنه هذي أيامه الأخيرة..

عبدالله قفز وهو ينحني على مكتب الطبيب ويهتف باستنكار: نعم؟؟

الطبيب بذات المهنية: يا أخ عبدالله أنا اخترت أكلمك أنت بالذات
عشان عارف إنك ممكن تفهم علي.. وتتهيأ للي بيصير على فرض إنه ممكن يصير..
في حالات الغيبوبة اللي بدون سبب عضوي مثل حالة عبدالرحمن
قبل حدوث تغير كبير بفترة تبدأ تظهر مؤشرات طفيفة على تغير في المؤشرات الحيوية
الحين فيه حالتين متوقعة تاليا: أما إنه يصحى.. أو لا قدر الله يموت..
وعبدالرحمن قضى فترة طويلة في الغيبوبة.. احنا ماندري لو كان يسمع أي أصوات أو عنده استجابات للمؤثرات الخارجية..
ولو صحى احتمال كبير يكون يعاني أما من تخلف عقلي أو شلل جسدي.. ويمكن يعاني منها كلها.. لأنه العقل والجسد قضوا فترة سبات طويلة وصعب يستعيدون نشاطهم السابق..

عبدالله بجزع: لا حول ولا قوة إلا بالله.. وش ذا الفال يادكتور؟؟

الدكتور بذات المهنية الهادئة: أنا أهيئك لأسوأ الاحتمالات بس..
وبالنسبة لافضل الاحتمالات.. بالنسبة لحركة الجسد أنا شايف إن أبوه كان مهتم كثير بهذه الناحية
لدرجة إنه كان يجيب مدلك زيادة عن مدلك المستشفى.. ودائما يحرك كل مفاصله.. فممكن نتوقع إنه لو صحى يتحرك بس بيحتاج لفترة قبل يستعيد الحركة بشكل طبيعي
أما بالنسبة للنشاط العقلي ما أقدر أفيدك لحد مايصحى..
لأنه لو ماكان يسمع إطلاقا ولا عنده أي استجابة خارجية.. فاحتمال التخلف وارد بشكل كبير..

عبدالله حينها هتف بحزم: وحن إن شاء الله مؤمنين إن الله رحمته أوسع من كل شيء..
وأنا إن شاء الله متوقع قريب أسمع خبر إنه صحى وهو سليم إن شاء الله..

حينها أجابه الطبيب بابتسامة: إن شاء الله..
والحين أبي أقول لك على إجراء أنا قررت أسويه..
أنا لاحظت إنه تغير المؤشرات يصير عند عبدالرحمن خلال فترة معينة محددة
تقريبا بين الساعة 11 الصبح و3 ونص العصر..
وهالشيء غريب فعلا...
عشان كذا أنا بأخلي ممرضة تلازمه خلال هالوقت.. عشان نشوف شنو اللي يحفز النشاط عنده.. عشان نحلله.. يمكن نستفيد منه..



كان هذا حوار عبدالله مع الطبيب الذي قرر ألا يخبر به أحدا
فهو لا يستطيع مطلقا أن يمنحهم أملا قد لا يكون حقيقيا
فأهله لن يحتملو أبدا أن يفجعوا بعد أن تأملوا أملا شاسعا كهذا...






***********************************





بعد خمسة أيام..

.
.





" سمور أشفيش.. من يوم جيتكم وحالش مهوب عاجبني
سرحانة وذا التلفون مايرن رنة مسج إلا كنه راكبش عفاريت"

سمير تهمس في داخلها : هذا اللي كان ناقصني.. دقة ملاحظة كاسرة..
ياشيخة ارحميني.. كفاية أخيش لاعب في حسبتي..
لا عاد ليلي ليل ولا نهاري نهار..
والمشكلة ليته بس يصرح وش يبي كان ارتحت..
خله يقول لي أنا زفت غلطان وأبي الرضا وأتغلى عليه شوي..
وإلا يقول لي أنا مليت منش وأبيش تفارقين لبيت هلش..
لكن مسجات ولمسات غير مقصودة وأنا أدري إنها مقصودة
وهدايا وورد وعزومات عشا.. وفي النهاية يبين إنه ملاك مايبي شيء النصاب...
تعبت والله العظيم تعبت.. خلاص بأنفجر منه...

حينها قررت سميرة أن تقلب الطاولة على كاسرة حتى تبعدها عن حالتها وهي تهمس بتخابث:
تدرين قبل شوي وأنا جايه من بيت هلي.. شفت سيارة كساب داخلة حوشهم..
زمان عن شوفة الحلوين...

شعرت بألم عميق.. عميق جدا.. فهي كانت تترقب عودته بقلق روحي عارم منذ أيام بعد أن تأخر في رحلته ثلاثة أيام أكثر من موعد عودته مما زاد من قلقها عليه..

وإن كان عاد..
ليصبح قريبا.. فهي لابد أن تعتاد على هذا الوجع المر الجارح في غيابه..
همست بثقتها المعتادة: حياه الله على بيته..

سميرة بابتسامة: التئل صنعة... على قولت خالي هريدي
وأنتي اللي اخترعتي الصنعة..





***********************************



قبل ذلك بقليل..


" علي فديتك وين بتروح؟؟
توك جاي!! "

علي باستعجال وهو يتأكد من ترتيب مظهره في المرآة: فيه وفد جاي بأكون مع المستقبلين..

مزون بقلق: علي حبيبي هالك نفسك في الشغل وبزيادة.. مع أنك المفروض تأخذ راحة مع ذا المرض اللي ما عاد صحيت منه..

علي بشجن: خليني أشتغل يأخيش وألهي نفسي.. لو قعدت وأرتحت على قولتش بأموت من الهم..

مزون بحنان: أنت تدور الهم لنفسك بدون سبب.. يأخي عيش سنك شوي..
اطلع مع ربعك وانبسط... ماركبك الهم غير ذا الشغل اللي مايخلص..

علي يبتسم لها بمودة صافية وهو يخرج: خير خير إن شاء الله...




بعد دقائق
كانت مزون مستغرقة في مشاهدة برنامج ثقافي حين سمعت الصوت القوي الحاني:
السلام عليكم ..

حينها قفزت وابتسامتها تتسع وهي تتلقاه بقبلاتها واحضانها:
هذا اللي قال أربع أيام صارت أسبوع بدون حتى ماتدق تلفون تطمني عليك
لولا إن أبي قال لي إنك كلمته وإلا كان استخفيت..

كساب يجلس وهو يهتف بمودة: وهذا أنا جيت.. لا نقص مني يد ولا رجل..
وتأخرت غصبا عني..

مزون همست بمودة صافية: أشلونك فديتك عسى ماتعبت..

كساب بابتسامة: أبد..

مزون برقة: تتقهوى؟؟

كساب بمودة: لا بأطلع أشوف كاسرة وأتسبح
ثم أردف نبرة غامضة باسمة: وفيه عقب سالفة صغيرة أبي أخذ رأيش فيها
وعقب بأروح لخالتي.. تروحين معي؟؟

حينها همست مزون باختناق وهي تراه يقف فعلا: كاسرة مهيب فوق.. عند بيت أهلها..

كساب بعفوية: عادي بأتصل لها تجي..

مزون باختناق أكبر: كساب أنت ماكلمت مرتك طول الأسبوع اللي فات؟؟

كساب بنبرة غضب: ليه أنا كلمتش يعني؟؟
ماقدرت أكلم حد.. يالله قدرت أكلم ابي وقلت هو بيبلغكم..

مزون حينها همست بنبرة عتب: يعني أنت حتى ماسألت عنها؟؟
مرتك راحت لبيت أهلها زعلانة..وأبي حاول يرجعها بس هي مارضت..

حينها تفجر غضب أسود قاتم في كل تفاصيل وجهه: نعم؟؟ زعلانة؟؟





********************************





" عالية يأمش.. لمتى وأنتي رابطة رأسش كذا..؟؟"

عالية تضغط رأسها وتهمس بإرهاق: يمه الصداع ذبحني.. والبنادول ماعاد فادني..

أم صالح بقلق: تدرين لازم تسوين أشعة على رأسش.. وش ذا الوجع اللي مايشيله البنادول..

عالية باصطناع: يمه يمكن أسناني أو أذاني فيها شيء.. عشا كذا جايني صداع..

أم صالح بقلق: زين بكرة لا تروحين الدوام.. بأروح أنا وأنتي مع فهد للدكتور

عالية تهمس لنفسها بهم " حتى لو رحت الشغل وش الفايدة؟؟
ذا المقرودة قاعدة تحرسه.. والمشكلة إنها عربية
والله لا تفضحني لو شافتني أوطوط عنده
شكلي لازم أغير الأدمان أخليه كابتشينو أحسن من وجه عبدالرحمن الدب"


مرهقة عالية تماما وهي تشعر بفراغ عاطفي ونفسي كبير بعد أن تولت ممرضة حراسة عبدالرحمن خلال الفترة التي كانت تزوره فيها
وبالطبع توقفت عن زيارته لأنها تعلم أن الممرضة ستسأل من تكون..
فكرت أن تتهور وتزوره بعد أن تخلع البالطو الأبيض على أساس إنها أحدى قريباته..
ولكنها لمعرفتها بحب الممرضات بشكل عام للثرثرة الودودة والعربيات منهن بشكل خاص..
علمت أن أن الممرضة قد تخبر شقيقات عبدالرحمن وأمه أو والده بزيارتها لو على سبيل تبادل أطراف الحديث..

تشعر بالفعل أن حالتها مزرية وهي لم تعتد أن تكون فاقدة السيطرة هكذا..
وهي تقرر أنها لابد أن تحاول علاج نفسها من هذه الحالة بأي طريقة!!





*************************************





كانت توشك على الاستحمام لتبرد جسدها قليلا.. لأنها شعرت منذ معرفتها بعودة كساب بحرارة عارمة اجتاحت جسدها..
يا الله هاهو يعود ليقلب موازين حياتها من جديد.. وعلى كل حال يجب أن تعتاد على ذلك لأنها لن تتراجع عن رأيها..


منعها من ذلك رنين هاتفها.. تناولت الهاتف لتكون صدمتها الهائلة في الاسم المضيء على الشاشة..
لم تتوقع أبدا أنه قد يفعلها ويتصل.. توقعت أن تكبره سيمنعه تماما..
أو ربما لم يعلم بعد أنها رحلت.. ولأنه لم يجدها في البيت اتصل يبحث عنها..

لا تنكر أنها استغربت أنه لم يتصل بها الأسبوع الماضي إطلاقا..
لذا ظنت أنه لابد علم بمغادرتها للبيت..

تركت الهاتف يرن حتى انقطع.. فهي غير مستعدة أبدا لسماع صوته..
ليس لأنها خائفة...أبدا.. ولكن لأن الشوق أضناها تماما..
وهي يستحيل أن تتراجع عن قراراها بعدم العودة إليه..لذا لا تريد ألما هي في غنى عنه..

وصلتها رنة رسالة.. رسالة أثارت صدمتها بشكل أشد.. لم تتخيل أن كساب سيفعلها وبهذه السرعة!!
شعرت أنه لابد وهو يطبع هذه الرسالة كسر لوحة مفاتيح الهاتف لشدة غضبه:


" انزلي تحت يا الجبانة..
أنا في مجلس الحريم مع عمتي مزنة..
انزلي خلينا نتفاهم يأم التفاهم
زين يا البرنسيسة أنا أوريش التفاهم على أصوله
انزلي بس "




#أنفاس_قطر#
.
.
.

 
 

 

عرض البوم صور #أنفاس_قطر#  
قديم 25-11-10, 06:46 AM   المشاركة رقم: 62
المعلومات
الكاتب:
اللقب:
VIP




البيانات
التسجيل: Jan 2009
العضوية: 117447
المشاركات: 738
الجنس أنثى
معدل التقييم: #أنفاس_قطر# عضو جوهرة التقييم#أنفاس_قطر# عضو جوهرة التقييم#أنفاس_قطر# عضو جوهرة التقييم#أنفاس_قطر# عضو جوهرة التقييم#أنفاس_قطر# عضو جوهرة التقييم#أنفاس_قطر# عضو جوهرة التقييم#أنفاس_قطر# عضو جوهرة التقييم#أنفاس_قطر# عضو جوهرة التقييم#أنفاس_قطر# عضو جوهرة التقييم
نقاط التقييم: 1255

االدولة
البلدQatar
 
مدونتي

 

الإتصالات
الحالة:
#أنفاس_قطر# غير متواجد حالياً
وسائل الإتصال:

كاتب الموضوع : #أنفاس_قطر# المنتدى : القصص المكتملة (بدون ردود)
افتراضي بين الأمس واليوم/ الجزء الثاني الستون

 




بسم الله الرحمن الرحيم
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
ياهلا والله وحياكم الله
يا مرحبا بكل المشتركين الجدد نورتوا مكانكم وبيتكم الثاني في ليلاس
ويامرحبا بكل القلوب الدافية اللي دايم محاوطتني الله لا يحرمني منكم جميع
.
.

أدري فيه ناس متحمسين جدا إن مزنة وزايد يتزوجون
وناس على الجبهة الأخرى معارضين جدا
وأنا أقول لكلا الفريقين سواء صار هذا الشيء أو ماصار
بيكون السبب والنتائج بعيدة جدا عن توقعاتكم وبطريقة قريبة جدا من الروح!!! و .......... للحديث دائما بقية إنما مع الأحداث!!
.
.
البعض يتسائل لما شعاع أول حد يحبه علي
ليش تاثر من رفض جميلة له؟؟
لو رجعتوا لذاك الجزء بتلاحظون إنه قال إنه ألمه مو ألم حبيب لم ينل حبيبه
لكن ألم خذلان من أقرب الناس من أبوه قبل جميلة
.
.
فيه سؤال عسل بجد من وحدة أكيد عسل وكيوت مثل سؤالها
أشلون الابتسامة بفخامة؟؟
شفتي أشلون السياسيين المخضرمين يبتسمون
ابتسامة مرسومة بحرفنة رزينة وثقيلة بس في نفس الوقت تبدو غير متكلفة
هذي هي الابتسامة الفخمة.. وهي طبعا نتاج شخصية فخمة مثلها :)..
.
ويا الله مع لقاء قمة kk على قولت بعض البنات الحلوين
.
الجزء 62
.
قراءة ممتعة مقدما
.
ومواعيدنا القادمة هي مواعيدانا الاعتيادية
الأحد والثلاثاء والخميس الساعة السابعة والنصف صباحا
وأعدكم أن أحاول إن استطعت أن أبكر أكثر لطلب بعض الغوالي
الذين يريدون الموعد بعد الفجر
رغم أن ظرفي الأسري يمنعني نوعا ما.. !! لكن سأحاول
وإذا ماقدرت السموحة أرجوكم!!
.
لا حول ولا قوة إلا بالله
.
.





بين الأمس واليوم/ الجزء الثاني والستون





" الحين يأمك أنت ليه معصب كذا؟؟
بنتي وأنا أعرفها.. لو شافتك معصب بتعند معك!!"


كساب بحزم غاضب: يعني يمه عاجبتش سواها؟؟
أنا مسافر وأنا وهي مابيننا شيء أبد..
أرجع ما ألاقيها..
أنا ماراح أجبرها على العيشة معي.. بس السنع سنع..
ليش ما انتظرتني لين أجي ونتفاهم..
مهوب تتقصد إني أروح.. عشان هي تطق من البيت..
وحتى جية أبي لين عندها مالها اعتبار!!
قولي لي وين السنع في كل اللي هي سوته؟؟

مزنة بنبرة أمومية حازمة: يامك لا تظن إنه عشانها بنتي إني بأوقف معها ضدك..
أبد.. تأكد إني معك.. وما أبي إلا عمار بيت بنتي..
بس أنت شوف أنت وش موجع كاسرة فيه؟؟ شكلها موجوعة منك واجد!!

كساب باستنكار حاد: أنا موجعها؟؟

مزنة بذات النبرة الأمومية الحازمة: بنتي أعرفها زين.. صبور
وماحدها تطلع وهي مافي أذنها ماي إلا شيء كايد..

مزنة يستحيل أن تكشف مشاعر ابنتها لكساب.. فهي ائتمنها على هذه المشاعر
التي ستجعل كساب في موقع القوة..
وهي لا تريد مطلقا أن تسلب ابنتها حقها في إدارة الحوار وفقا لرغبتها..

كساب حينها هتف بحزم: زين خلها تجي وأسمع منها..
لأني قدامش أقول أني ماسويت لها أي شيء..



حينها دخلت كاسرة ..
تماما كما هي..
واثـقـة.. آسـرة.. فـاتـنـة.. سـاحـرة...
وكل هذه الصفات تغلغلت فيها حتى نخاع النخاع..!!
سلمت وجلست بعيدا عنه..

حينها هتفت مزنة وهي تقف: أنا بأروح وأخليكم تأخذون راحتكم في الحوار..

حينها همست كاسرة بحزم: يمه لا تروحين.. ماعندي كلام غير اللي قلته قدامش وقدام عمي زايد..

كساب بنبرة حازمة وهو ينظر لها من تحت أهدابه:
بس أنا عندي كلام غير.. وأحب أقوله لش وحن بروحنا بعد إذن عمتي طبعا..

مزنة خرجت دون أن تهتم لرفض كاسرة..
التي همست بعد خروج أمها بكل ثقة: الحمدلله على السلامة..

أجابها بتهكم غاضب: ذربة يا مدام.. تقطرين ذرابة..!!

فاجابته بتهكم غاضب مشابه: على الأقل أعرف الذرابة.. مهوب مثل ناس حتى مامرت عليهم..

حينها فوجئت به يتحرك من مكانه بسرعة واثقة متحكمة قبل أن تتصرف هي ليشدها من مكانها ويوقفها
حاولت التخلص من قبضته دون جدوى وهي تهمس بغضب: كساب فكني أحسن لك..

كانت تغطي بغضبها على توترها وهي قريبة منه هكذا وهو يشدها ملاصقة له وتتنفس أنفاسه من هذا القرب.. وهي أضناها الاشتياق له من مجرد أيام!!

هتف بتلاعب ساخر: أحسن لي؟؟ وش بتسوين يعني؟؟ الواحد يهدد على قد مستواه!!

همست بغضب أشد: وأنت مستواك تستقوي على مرة تدري إنها ماتقدر عليك لا استخدمت ايديك؟؟

همس بمكر غامض: أنا استخدمت إيديّ؟؟ خافي ربش تبهتيني؟؟

كاسرة بذات النبرة الغاضبة: أنت تستعبط.. فكني!!

كساب حينها ابتسم بمكر أشد وهو يرفع يديه الاثنتين من جواره ليريها إياهما:
ترا ايديّ من زمان جنبي.. أنتي وش اللي ملصقش فيني؟؟

كاسرة تأخرت بحرج وهي تكتشف أنه بالفعل أفلتها.. ومع ذلك مازالت هي ملتصقة به..

هتف بذات نبرة التلاعب التي تغيظها: اعترفي إنش مشتاقة لي.. وبلا هياط..
أنتي بروحش منتي بقادرة تبعدين عني..
ثم هتف بنبرة تهكم: وبعدين وحدة زعلانة على رجّالها.. وشو له ذا الكشخة والتعدال..؟؟ عشان تنزل وتصارخ عليه يعني؟؟

جلست مرة أخرى بثقة وهي تحاول استعادة زمام نفسها التي قلبها بلعبته الصغيرة الماكرة:
قلتها لك قبل.. مشكلتك ذا الثقة اللي على غير سنع..
أما على الشوق..لشنو أشتاق طال عمرك؟؟
لاحترامك لي؟؟.. وإلا لتعاملك الرقيق؟؟.. وإلا لكلامك الحلو؟؟
أما على الكشخة.. مسجك وصلني نزلت على طول.. ما أهتميت أبد أغير لبسي ولا أمسح مكياجي... لأنه رأيك في شكلي مايهمني!!
ولو أنت تأثرت وما مسكت نفسك.. مهوب ذنبي!!

كساب جلس غير بعيد منها في جلسته المتحكمة الواثقة وهو يهتف بثقة طاغية:
خلينا الحين من ذا الهذرة الفاضية..
وقولي وش اللي زعلش كذا فجأة... خلصيني.. وقومي نرجع لبيتنا الحين..

أجابت بتهكم ساخر: أقوم أرجع البيت؟؟ كذا؟؟
ثم أنقلبت نبرتها للجدية: أما اللي مزعلني أظنك إنك عارف ومن زمان.. يعني لا تحط نفسك متفاجئ من طلعتي من البيت..
لأن الطلعة خلاص تحصيل حاصل..
كساب أنت لا تحترمني ولا تحبني ولا حتى تبي عيال مني... فليش أستمر في الحياة معك..؟؟
خلاص الحياة وصلت بيننا لطريق مسدود..

كساب باستغراب ساخر: الحياة بيننا وصلت لطريق مسدود؟؟
ومتى اكتشفتي ذا الشيء؟؟

ثم بدأ صوته ينحدر للغضب: اكتشفتيه وأنتي مودعتني ببوساتش وأحضانش..؟!
يعني يالجبانة دام على قولتش بيننا خلاف من زمان.. وش ضر لو اننتظرتيني لين أرجع ونحل خلافنا..
ثم اشتد غضب صوته: وإلا عشانش جبانة وماعندش قدرة توقفين في وجهي وتقولين أنا بأروح لبيت هلي وأنتي ماعندش سبب؟؟

كاسرة بغضب: لا تقول جبانة.. أنا ماحبيت أسوي مشكلة وأنت موجود.. ونكبر السالفة..

كساب بذات غضبه المتزايد: وهي ذا الحين ماكبرت.. والناس كلهم عرفوا وأنا صاحب الشأن آخر من يعلم..
يعني هذا قدر رجالش عندش؟؟.. ما احترمتي عشرتنا حتى.. وأنتي تفضحينا وتطلعين من بيتش بدون سبب وأنا غايب..

كاسرة مصدومة من هجومه كما لو أنه هو المظلوم: طلعت بدون سبب؟؟
جد إنك غريب!!
كساب احنا كل ليلة نتخانق بسبب وبدون سبب.. وش ذا الحياة؟!!
خلاص كساب صدقني لو فيه مجال أني أقدر أكمل كان استحملت..
فلو سمحت.. طلقني ومثل ما اجتمعنا بالمعروف نتفرق بالمعروف..

رفع كساب حاجبا وأنزل الآخر: أطلقش؟؟ولو قلت لش مستحيل..
ثم أردف بحزم صارم: مهوب لو.. إلا مستحيل.. مستحيل أطلقش لو حتى ركعتي على أيديش.. وحبيتي أرجيلي..

كاسرة باستنكار: نعم؟؟ أحب أرجيلك؟؟
لا طال عمرك فيه طريقة إنسانية يستخدمونها الناس المتحضرين اللي أنت ما تنتمي لهم..
لو ما رضيت تطلقني بالحسنى.. بأرفع عليك قضية طلاق أو حتى خُلع..
ورجل أعمال معروف مثلك.. مايبي شوشرة على سمعته.. فخلنا نحل المسألة ودي..

كساب بسخرية: لا أنا أبي شوشرة.. ارفعي قضية.. شوفي القاضي البهيمة اللي بيحكم لش فيها..
أغباها قاضي واللي مايفهم شيء في الشرع والا القانون مستحيل يحكم لش..
أنتي ماتقدرين تعيبين علي لا دينيا ولا اجتماعيا ولا اخلاقيا ولا ماديا ولا صحيا
يعني ماراح تلاقين سبب تقولينه للقاضي..
حتى التدخين اللي كان ممكن يكون لش حجة أنا خليته من زمان...
وش بيكون مبرر طلب الطلاق أو الخلع خصوصا يوم يشوف القاضي أنا أشلون حريص عليش..

كاسرة صمتت.. هي ليست غبية وتعلم أنه ليس لديها سبب من الممكن أن يصنع قضية..
عدا أنها يستحيل أساسا أن تفعلها وتقف أمام كساب في المحاكم..
لكنها أرادت أن يظنها ستفعلها...

همست بثقة: كساب لا تطولها وهي قصيرة.. خلاص ماتبي تطلق.. لا تطلق..
مايهمني.. لكن أنا مستحيل أرجع لك.. انتهينا.. خلاص..
وأظني الزيارة هذي انتهت..

حينه قفز من مكانه وهو يهتف بحزم غاضب: والله ماحد طولها وهي قصيرة غيرش..
الليلة مالش ممسا إلا جنبي رضيتي وإلا انرضيتي.. ويا الله قومي خلصيني..

كساب أنهى عبارته ليشدها وهو يوقفها ويمسك بمعصمها وهو يسحبها ويهتف بذات الحزم الغضب:
تحدين الواحد يتصرف معش تصرف ما يبغيه..
نشف ريقي وأنتي رافعة ذا الخشم اللي يبي له كسر.. يالله امشى قدامي..

كاسرة حاولت أن تخلص معصمها منه بفشل.. حينها تناولت هاتفها وهي تتصل وتهتف فيه باستنجاد حازم:
عمي زايد الحقني.. كساب يبي يسحبني معه بالغصب..

جاءها صوت زايد متفجرا بغضب حقيقي مرعب: الكلب.. الخسيس دواه عندي...

كساب منذ سمعها تتصل بوالده وهو يعلم بالذي سيحدث.. كان سيسارع لإغلاق هاتفه.. لولا إن اتصال والده سبقه..

كساب شد له نفسا عميقا ليرد بحزم بيد وهو مازال ممسكا بمعصمها بيده الأخرى: نعم يبه؟؟

جاءه نفس الصوت المتفجر بالغضب: والله ثم والله لا تغصب كاسرة على شيء
إن قد أحلف عليك ذا الساعة إن قد تطلقها بالثلاث الحارمة.. ولا عاد تعرفها حياتك كلها..

كساب أفلت معصمها وهو يبتعد بهاتفه ويهتف بجزع حقيقي أخفاه خلف حزم صوته المتحكم: لا يبه لا.. طالبك.. تكفى لا تسويها..

أجابه زايد بذات الغضب المتفجر: زين دامك رجّال حريص على مرتك
اعرف السنع.. واحشم مرتك واحشمني..
أنا راجع للبيت وفي الطريق.. خمس دقايق وألاقيك قدامي..

كساب يكاد ينفجر من الغيظ.. لم يكن يريد أن يتدخل أحد بينهما..
فهو يستطيع حل مشاكله بطريقته.. ويعرف جيدا كيف يتعامل مع كاسرة كما يظن!!
هتف باحترام ملغوم: حاضر يبه.. تامر.. طالع الحين وجايك!!
بس يبه والله ما تطوف ذا الحركة..

زايد بغضب مرعب: تهددني ياولد..

كساب بجزع حقيقي: محشوم يبه.. مايهدد أبيه إلا ردي الدين والأصل.. وأنا ماني بشيء منها..
بس أنت خليتها تمشي شورها علي.. في موقف حساس واجد.. وذا الشيء مستحيل أعديه.. عليها قبل عليك..

زايد بذات النبرة الغاضبة: أنا صرت قريب البيت.. خلص هذرة وتعال...
وأعلى مافي خيلك اركبه.. لكن بنت ناصر منت بعارفها إلا برضاها..

كساب أنهى اتصاله وعاد لكاسرة التي كانت تنظر له وعلى شفتيها ابتسامة انتصار ود تمزيقها..

هتف بنبرة ملغومة لأقصى حد: زين يا كاسرة.. والله ياذا الحركة ماتطوف..
أنا تلوين ذراعي بأبي؟؟ زين!! زين!!
شوفي هو بينفعش وإلا لا؟؟


كساب خرج وهو يصفق الباب الضخم خلفه بصوت مسموع..
حينها جلست كاسرة منهارة تماما... وابتسامتها المصطنعة تنهار..

ربما لو كانت تشعر قبل هذه اللحظة بندم ما على أنها تركت كساب... فهذا الندم لم يعد له مكان الآن..
وهي تؤمن أن قرارها كان صائبا منذ البداية..
هاهو أتى وافتعل كل هذه القضية دون أن يحاول حتى الاقتراب من حل المشكلة..
كل مايهمه هو كسر شخصيتها وترويضها وفقا لرغباته دون أدنى اهتمام بما تريده هي.. المهم هو منظره هو!!
هو فقط!!





**************************************





" جوجو أنتي وش تستعملين من وراي؟؟"

جوزاء تلتفت لشعاع باستغراب: أستعمل؟؟

شعاع بعذوبة: إيه يا النصابة وش تستعملين من وراي.. توش مالش إلا يمكن أسبوع من طلعتي من المستشفى
ووجهش منور.. ومحلوة بزيادة.. وصايرة تجننين..
علميني وش تستخدمين..
حب لأختك وماتحب لنفسك..

جوزا ابتسمت بشفافية: صدق عبيطة.. وش باستخدم من وراش.. أنتي شكلش نظرش ضعف..

شعاع بابتسامة عذبة: إيه أكليني الأونطة على قولت هريدي خال سميرة

ثم نهضت شعاع -المشغول بالها أساسا بشيء آخر- من مكانها
لتجلس جوار جوزا وهي تلتصق بها وتتمسح بها كقطة وهي تشبك ذراعها بذراعها وتهمس برجاء طفولي عذب:
جوزا تكفين أبي خدمة منش.. طالبتش.. تكفين عشان خاطري أنا أختش حبيبتش
وإلا تدرين عشان خاطر حسون وأبو حسون لأنه خاطري يمكن ما يكون غالي..
تكفين تكفين يارب يهون عليش حملش.. وعيون عبدالله ماتشوف غيرش..

كانت شعاع منهمرة في سيل رجاءاتها الطفولية الرقيقة وهي حينا تقبل رأس جوزا وحينا كتفها بطريقة مرحة..
جوزا تضحك وهي تبعدها عنها وهي تشدها لتجلسها.. لتعود شعاع لتقفز وهي تقبلها..
جوزاء بين ضحكاتها: بس يالخبلة بس.. وش تبين

حينها جلست شعاع وحالتها تتغير للجدية وهي تهمس بخجل غريب:
بس احلفي تساعديني..

جوزا بابتسامة: لا تكونين عشانش بتأخذين ولد آل كساب تبين تستخفين
وتقولين تبين تجهزين من باريس وميلانو وتبيني أنا وعبدالله نروح معش..

شعاع ابتسمت: والله فكرة باريس وميلانو مهيب شينة.. بس لا..
اللي أبيه والله العظيم لو خيرتيني بينه وبين سفرة باريس وميلانو باختاره مع أنه أسهل بواجد بواجد
شفتي أشلون أنا قنوعة..

جوزا تبتسم: زين يا القنوعة خلصيني وش تبين؟؟

حينها صمتت شعاع وهي تشعر بخجل حقيقي أن تطلب ماتريده حين رأت أنها أصبحت قريبة..
جوزا أصرت عليها قبل أن تتشجع وهي تهمس باختناق وهي تدعك أناملها:
أبي صورة لعلي!!

جوزاء لم تستوعب.. همست باستغراب: من علي؟؟

شعاع باختناق أشد: علي بن زايد..

حينها همست جوزاء بتلاعب باسم وهي تنطق السؤال كلمة كلمة:
من علي بن زايد ؟؟

شعاع بغيظ خجول: علي بن زايد بن علي آل كساب اللي ينقال له رجّالي..
ثم أردفت برجاء حقيقي: تكفين جوزا.. يعني هو في شرع ربي أني أدخل على الرجّال حتى شكله ما أعرفه..
بروحي أستحي.. خليني على الأقل أعرف شكله..
يعني الحين حددوا موعد الزواج بعد تخرجي بحوالي شهر.. يعني بعد أقل من 3 شهور من الحين..
أبي أعرف شكله.. أتاقلم معه..

يعني أنتي أول مرة خذتي عبدالله.. نجلا جابت لش صورة له قبل عرسكم..
الحين دبريني.. اطلبي من أخته.. أو من عبدالله أو هزاع.. أعرف هزاع يقدرش واجد ويحترمش...
يعني دبريني.. مالي شغل.. أبي صورة له.. بأموت أعرف شكله..
تدرين أني حست أدور له صورة في الجرايد على النت.. لقيت صور وش كثر لأبيه قلت يا خوفي يكون يشبهه.. بيكون قصير وشين..
بس عقب لقيت له صور في موقع وزارتهم بس مع ناس كثير.. ووفود في مناسبات رسمية..
يعني ملامحه موب باينة كلش بس عرفت إنه طويل وضعيف..

جوزا انفجرت في الضحك: وأنا أقول البنت وش عندها معسكرة على النت 24 ساعة وأخرتها ماطلعتي إلا بطويل وضعيف..

ابتسمت شعاع بمرح رقيق: تدرين طوله وضعفه ذكروني باللي ماينذكر قليل الأدب
اللي تسكر عليّ معه في الاصنصير وعقبه لاحقني.. بلفيت غرضه شريفه وإنه عمره ماسواها وأنا أول وحدة
ما أدري من جدهم ذا الشباب يحسبون البنات غبيات ولعبة عندهم..؟؟

جوزا باستنكار فعلي: محشوم أبو زايد يكون مثل ذا..
ثم أردفت بخبث لطيف: إلا أنتي ماقلتي راعي الأصنصير على قوات وجهه وثقته بنفسه.. كان حلو وإلا قرد؟؟

شعاع ضحكت: من حيث حلو.. حلو.. سبحان الله يوم تشوفينه تقولين هذا ملاك.. ما تطلع منه ذا البلاوي..
بيبي فيس بشكل ماتتخيلينه.. وعليه جوز عيون صدق تقولين عيون بيبي..
وش وسعهم وورموشهم وش طولها.. بس صدق تحت السواهي دواهي..

ضحكت جوزا: لا والله.. الأخت كانت خايفة وهي تتمقل كذا!!

مازالت شعاع تضحك: والله ماتمقلت ولا حتى انتبهت له وقتها والله العظيم..
بس يوم سألتيني الحين جاوبتش..

ثم أردفت برجاء عميق: الحين خلينا من قليل الحيا هذا الله لا يرده.. وش خصني فيه حلو وإلا قرد..؟؟
خلينا في علي.. تكفين.. تكفين دبري لي صورته يأم حسون..
أنتي اللي تشيلين الحمول الثقيلة ماتقدرين على شيء صغير مثل ذا..

مازالت الابتسامة الشاسعة ترتسم على وجه جوزا:
أما على الحمول الثقيلة شكلش بتدخلينا الحرب..
حاضر ياقلبي.. بسيطة.. أجيب لش الصورة لا تموتين علينا من سبة ولد آل كساب...





*********************************






" خليفة يا أخوك لمتى وأنت على هالحال؟؟"

خليفة ينتبه من من شروده وهو يلتفت لجاسم ويهتف بسكون:
أي حال يا بو أحمد؟؟

جاسم بقلق: شارد على طول ومهموم.. أي حال بعد؟؟

خليفة يبتسم: ماعليه يا أخوك عطني شوي وقت..
توني رجعت لشغلي.. وشوي وألهى وأنسى..

حينها ابتسم جاسم: اشرايك في رأي.. خوش رأي؟؟

خليفة نظر له باستفهام.. فأجابه جاسم بحماسة: تتزوج.. مايفل الحديد إلا الحديد.. تزوج ووسع خاطرك..
وانسى كل شيء..

ضحك خليفة: هذي يسمونها خوش نكتة.. موب خوش رأي!!

جاسم بجدية: والله اتكلم من صجي.. ظروفك لما تزوجت جميلة ماكانت ظروف طبيعية..
أنا ما أعيب عليها بس البنت صغيرة وكانت مريضة..
تزوج الحين وحدة مقتنعة فيك من أولها.. وحدة راكزة وعندها استعداد للحياة الزوجية..
أم أحمد أختها اللي أصغر منها تخرجت الفصل اللي فات..
بنت ثقيلة ورزينة وحتى الجمال جميلة ماشاء الله.. ليش ماتتوكل على الله...

خليفة برفض: لا جاسم لا.. أنا تسرعت في زواجي من جميلة.. ما أبي أتسرع مرة ثانية!!

جاسم بإصرار: هذا موب اسمه تسرع هذا اسمه تصحيح وضع..
وأنت ماعدت صغير.. وصدقني كل ماطولت شفت الموضوع صعب..

خليفة يقف لينهي الحوار: تكفى جاسم لا تحن.. أعرفك لا حطيت شيء براسك الله يعين عليك..





***************************************








" أبي أعرف وش تبين بالبروفين؟؟
أنتي عارفة إن أمي مانعة دخوله للبيت
حسيت كني أهرب مخدرات عبر الحدود.. وخايف حد يصيدني"

عالية تتناول علبة الأقراص من هزاع وهي تفتحها بسرعة وتتناول منها حبة وتهمس له بإرهاق باسم:
هذي اسمها مرحلة انتقالية.. بس أبي استخدمه يومين وعقب أكثف الكوفي والشاهي لين اخلص من وجع راسي..

هزاع حينها هتف بابتسامة: يا الخبلة ترا فيه اختراع اسمه دكاترة يروحون لهم الناس..

عالية بابتسامة: أنا باعالج روحي بروحي.. كل السالفة صداع..

هتفت في نفسها.... خلني أعالج وجع رأسي.. كفاية وجع قلبي اللي ماله علاج إلا قومة الدب بالسلامة..

هزاع يبتسم: نحن هنا عالية هانم..اسمعيني.. ياويلش تدري امي إني هربت بروفين لداخل البيت..
تبين شيء ثاني؟؟

عالية بمودة: لا فديتك مشكور... ولا تخاف.. أمك ماتشيلها عظامها عليك.. عندك يوقف الحكي..

هزاع يغادر وهو يضحك: ومن شر حاسد إذا حسد.. حتى حب أمي بيناشبوني فيه!!






***********************************






مرهقة تماما هذا المساء..
الليلة هي مستنزفة لأبعد حد..
منذ مغادرة كساب.. وهي تتمنى لو اختلت بنفسها قليلا..
رووحها مثقلة بكثير من الوجع الذي احتاجت لسكبه بين جنبات غرفة مغلقة..
لكنها بقيت معهم في الأسفل حتى لا يلاحظ أحد تأثرها من زيارة كساب التي قلبت كيانها وأثارت أقسى مواجعها..

وهاهي أخيرا تختلي بنفسها.. صلت وقرأت وردها.. ومازالت عاجزة عن النوم..
قررت أن تستحم للمرة الثانية.. عل أعصابها تسترخي قليلا..
أطالت في الحمام وهي تشعر كما لو أن قطرات الماء تحفر إلى عمق عظامها المسكونة بالألم..
كيف تحمل روحها كل هذا التضاد..؟؟؟
تتمنى لو استطاعت التخلي عن كل شيء حتى تبقى قريبة منه.. فاشتياقها له نخر عظامها نخرا..

ولكنها على الجهة الأخرى يستحيل أن تفعل ذلك..
لأنها تعلم أنها ما أن تفعل ذلك.. حتى تذهب كاسرة كليا ولا يبقى منها شيء
سوى شبح لإنسانة باهتة لا حياة فيها.. تقتات على ماسيتفضل به كساب عليها من مشاعر..
وهي يستحيل أن تفعل بنفسها ذلك يستحيل.. تفضل أن تموت على ذلك..

أما أن يكون كله لها.. أو لا تريد جزءا منه..!!

حين خرجت.. كانت عيناها قد احمرت لطول ما استحمت..
كانت خالية البال تماما وهي تستدير لتخلع روبها..
حينها سمعت همسه الساخر الواثق: حد يتسبح ذا الحزة!!

شهقت وهي تستدير.. لتراه يمدد ساقيه على سريرها وبحذائه الرياضي الخفيف
وهو يرتدي لباسا رياضيا خفيفا أيضا وكلاهما باللون الأسود
ويسند ظهره لظهر سرير.. وبيده كتاب كانت هي تقرأ فيه..

لم تستطع أن ترد عليه حتى... من شدة صدمتها وهي تنظر حولها للنوافذ المغلقة خلف الستائر الثقيلة والباب الذي أغلقته بنفسها..
من أين دخل؟؟

أكمل سخريته وهو يرفع الكتاب بيده: (الرجال من المريخ والنساء من الزهرة)
ماتخيلت إنش تقرأين ذا السخافات!!

حينها استعادت سيطرتها على نفسها لن تشعره بالانتصار أو تسأله كيف دخل
فهي أصبحت تعرف أن هذا الأمر ليس بالعسير عليه أبدا..

أجابته بنرة واثقة ساخرة: والله في حالتي أنا وإياك.. الرجال من مجرة والنساء من مجرة ثانية..

ثم أردفت بنبرة حازمة: بس ممكن أعرف أنت أشلون سمحت لنفسك تعدى على حرمة البيت..
وإلا عشان البيت أساسا بيتك.. شايف حقك تدخله بدون احترام لأهله...

كساب هز كتفيه وهو مازال على ذات جلسته ويهتف بثقة بالغة :
أولا البيت هذا مهوب بيتي.. بيت تميم .. وأنا يوصلني أجاره كامل..
أما أني تعديت على حرمته؟؟ ماصدقتي..
أنا جاي لمرتي وهذا حقي..
وأنا قلت لش الليلة ممساش جنبي.. وأنا لا قلت ما أخلفت..

أجابته بثقة وهي مازالت معتصمة بمكانها البعيد عنه : أما مرتك وحقتك.. فهذا كلام فيه أخذ وعطا..
خلنا في موضوع أجار البيت دامك فتحته..
رجاء إنه أجار البيت ماعاد يتحول لحسابي لا هو ولا المبالغ الثانية للي كنت تحولها..

أجابها بنبرة قاطعة: اسمحي لي مهوب بكيفش.. أنتي مرتي ومسئولة مني..
واللي كان يتحول لش كل شهر بيتحول من غير تغيير..

أجابته بصرامة: بس انا ما أبي منك شيء.. ومادمت ماني في بيتك أنت منت بملزوم فيني..

حينها وقف وتوجه ناحيتها
لا تنكر أنها انتفضت بجزع لم يظهر في تحكمها في نفسها وهي تنظر ناحية الباب لتتفاجأ أن مفتاحه ليس فيه..

أجابها بسخرية: ماني بغبي.. أول شيء سويته أني خذت المفتاح يوم دخلت.. عشان ماتطقين..

حينها أجابته بثقة: ومن قال لك أني ممكن أطق.. ليه أنا خايفة منك عشان أطق..؟؟

أجابها بذات السخرية وهو مازال يتقدم ناحيتها: أبد عندش ذا اللسان اللي وش طوله..إيه بتطقين..
طقيتي من بيت كامل منتي بطاقة من غرفة؟؟!

لم تستطع أن ترد بكلمة.. فكلماتها جفت على شفتيها..
لأنه كان قد وصلها وهو يشد المنشفة عن شعرها ثم يلصق خده بنعومة خدها وهو يهمس في أذنها بدفء عميق:
تدرين أنش قلتي لي اليوم الحمدلله على السلامة حاف.. ماتعودت منش على كذا..

تصلبت كل أطرافها تماما ودقات قلبها تتصاعد للذورة ومع ذلك همست بحزم بالغ خرج بكامل صرامته رغم اختناقها:
كساب لا تحدني أصيح وأفضح روحي وأفضحك..
عيب عليك اللي تسويه..

أجابها بذات الدفء وهو مازال على ذات وضعيته: أولا ماراح تصيحين.. واثق منذا الشيء..
ثانيا أنتي ليش خايفة كذا.. أنا عمري غصبتش على شيء ماتبينه..
ومهوب رجّال اللي يغصب مرته..
وإلا يمكن أنتي خايفة مشاعرش تخونش..

أنهى عبارته ثم ابتعد عنها لتشعر أنها تكاد تنهار لفرط انفعالها وتوترها.. همست باختناق حينها.. فصوتها بح تماما:
كساب أنت بتروح وإلا دعيت أمي تشوف لك حل..؟؟

أجابها حينها بتلاعب: تكفين.. ادعيها.. خليها تشوف قوات عين بنتها..
وإلا تدرين اتصلي في إبي أحسن.. خليه يدري إني هنا ويكلمني تكفين!!

يعني مسوية روحش زعلانة علي وأنتي اللي فاتحة لي الباب ومدخلتني لين غرفتش
وش ذا الوقاحة اللي عندش؟؟ مافي وجهش حيا أنتي؟؟
دامش ماتقدرين تصبرين عنه.. قومي اذلفي لبيته...

كاسرة صمتت وهي تشعر بقهر عظيم يتزايد في روحها.. تعلم أن هذا ماسيقولونه
لن يصدقها أحد لو قالت أنه دخل مع نافذة في الطابق الثاني لا حواجز تحتها أبدا..

الكل سيتهمها أنها من فعلتها... حينها ستضطر فعلا أن تعود له لأنها لا تستطيع مواجهتهم بعد ذلك..
حينها سيكون هو من يحقق هدفه..

استمرت في صمتها..ليهتف هو بكل ببرود وكأنه يدور في غرفته الخاصة: أنا تعبان وأبي أنام شوي قبل الفجر..
ماتبين أنام معش على السرير نمت على الكنبة؟؟

كاسرة حينها بغضبها وقهرها: كساب بلاسخافة.. من جدك ذا الخبال اللي تسويه...

كساب هز كتفيه وهو يتجه للأريكة ويتمدد عليها ويهتف ببرود قارص:
الخبال أنتي اللي بديتيه مهوب أنا..
خبالي رد على خبالش..

كاسرة لم تعرف ماذا يمكن أن تقول أكثر لهذا البارد الوقح الخالي من أي إحساس وهي تراه يتمدد فعلا ويغلق عينيه..
تتخيل سخافة منظرها لو خطر ببال والدتها أن تطرق عليها الباب وهي ترفض أن تفتح الباب لأنها لا تريد أن يرى أحد هذا الوقح نائما عندها..

تعلم أنه يريد فقط أن يجعل رأيه نافذا.. وأن ينتقم منها على مافعلته به اليوم وهي تتصل بوالده..
لا بأس (لينخمد) الليلة.. ستعرف كيف ترد عليه لاحقا..

ارتدت بيجامتها وهي تقرر أنها لن تنام حتى يغادر فهي لا تعلم ما الذي قد يفعله..
لذا جلست على أحد المقاعد المنفردة وهي تراقبه..
أو لتعترف أن هذا ماتريده..!!!
أن تراقبه وهو نائم باسترخاء.. أن تعوض بعض وجع اشتياقها له..
وكم اشتاقت لهذا اللئيم الذي لا يستحق ما تحمله في قلبها له..!!

لم تعرف كم مضى من الوقت وهي تراقبه قبل أن تغفو عينيها على محياه.. لتنهض بجزع..
وتجد الأريكة خالية ممن كان نائما عليها..

تهضت بجزع أشد وهي تدور حولها.. لتجد المفتاح في الباب المغلق أساسا..
والنوافذ مغلقة كذلك..
والغرفة خالية تماما من وجوده..

حينها سمحت لدموعها وقهرها بالإنسكاب.. وهي تنهار على الأريكة حيث كان نائما..
مازال عطره يعبق في المكان.. عطره الذي يحمل بعضا من شخصيته..
فاتن.. قاس.. فخم.. غامض..

لا تعلم لماذا كانت تبكي؟؟
هل من إحساسها المتزايد بالقهر؟؟ أم لأنها تمنت أن تفتح عينيها على وجهه كما أحتضنته أجفانها وهي تغفو؟؟


" ماذا تفعل بي؟؟
ماذا تفعل بي؟؟
أي فوضى عاصفة تثيرها في كل كياني؟؟
تعبت ياربي.. تعبت!!"





***********************************







" كساب وينك؟؟
قبل الفجر جيت لغرفتك مالقيتك..
وعقبه في المسجد تفاجأت إنك كنت في الصف الأول
وين كنت؟؟"

كساب يدور حول السؤال وهو يجيب علي بسؤال آخر: ليه كنت تبي شي؟؟ لا تكون تعبان.. وجهك مهوب زين!!

علي بسكون مرهق شديد الإرهاق: إيه والله تعبان شوي
وأبيك توديني عيادة الدوحة والا الأهلى أركب مغذي أتنشط شوي قبل الدوام..

أجابه كساب بابتسامة قلقة: ليه كوية أبيك مافادت؟؟.. توه البارحة يقول لي إنه وداك لرجال يكويك..

علي بابتسامة مرهقة: وأنت صدقت يعني إني مقروف.. أبيك بيقعد وراي دامه يشوفني ما أكل لين يكويني في كل مكان...


(انعدام الشهية) مرض يؤمن كثير من الناس –خصوصا البدو- أنه لا علاج له إلا الكي...
ويسمونه (القَرفة).. وهو حالات قد تكون بسيطة أو تشتدد.. وهو غالبا انعدام شهية مصاحب بالترجيع الدائم..
وقد ينتج أن أحدهم أكل طعاما لا يستسيغه أو بدون ملح.. أو شعر بقرف من طعمه أو رائحته..

والكي على انعدام الشهية أشهره أن يكون في منتصف الرأس..
والبعض يقول في المعصم.. والبعض يقول في خلف القدم أسفل الساق..
وفعلا بعد الكي تتوقف هذه الحالة التي لا يعرفها الأطباء.. لأنها لا يمكن أن تظهر في التحاليل!!
وهو مختلف عن مرض جميلة الذي كان فقدان الشهية المرضي..
لأن فقدان الشهية مرض نفسي في المقام الأول..ويتسبب به صاحبه لنفسه!!
لكن انعدام الشهية مرض جسدي يحدث بسبب جسدي..


كساب هتف بقلق أعمق: وحركة المغذي ذي كم مرة سويتها..؟؟

علي بذات السكون: مرة وحدة قبل أمس... بس اليوم مافيني حيل أسوق السيارة..

كساب يشده للسيارة وهو يهتف بقلق: دامك ما تأكل أبد بذا الطريقة.. صدقني إنك مقروف..
والكوي علاج قال عنه الرسول صلى الله عليه وسلم إنه آخر العلاج..

علي بشجن: قل لهم يكوون قلبي يمكن يفيد..

كساب بغضب: إلا بنكوي مخك يمكن يعتدل...

تجاهل علي تعريض كساب به حتى ركبا السيارة حينها هتف بعمق:
سمعت ياكساب المثل اللي يقول: (كلن بعقله راضي أما برزقه لا)
يعني أنا وأنت كل واحد منا أكيد راضي بعقله وعنده إنه مافيه مثل تفكيره
لكن الرزق.. سبحان الله.. الله رزقني برزق ماقدرت أتقبله ومع كذا مجبور أتقبله
وأنت ربي رزقك برزق ماقدرت تحافظ عليه..

كساب حرك سيارته وهتف بتأفف: يا شين فلسفتك الفاضية !!

حينها ابتسم علي بإرهاق: زين خلك من فلسفتي اللي ماتدخل مزاجك
تكفى كساب ما أبي ابي يدري بشيء ولا أنه احنا رحنا للمستشفى..
بروحه صاير متوتر عشاني..

حينها هتف كساب باستغراب: أنا بصراحة مستغرب إنك قلت لأبي على خبالك..
هذي سالفة تقولها له؟؟!!
ويوم علمتني البارحة عقب العشا إنه يدري بالسالفة كلها.. ومع كذا يحسبك مقروف وكواك.. استغربت صراحة..

علي كتف يديه أمام صدره وهو ينظر أمامه ويهتف بعمق:
تدري لولا إنك أنت كنت معي عقب السالفة على طول أو يمكن ماكنت قلت لك أبد..
لكن ابي مستحيل أدس عليه شيء...

ابتسم كساب: يا سلام على البابا وحبيب البابا... وحن لنا الله!!
يا الله خلنا نروح المستشفى!!







**********************************






" حبيبي قوم
وش ذا الكسل فديت روحك..؟؟"

فتح عينيه بتكاسل وهو يهمس بعبارته الأثيرة ويبتسم: أحلى صباح هو شوفة عيونش!!

همست بابتسامة حانية وهي تمسح خده: إلا أحلى صباح هو شوفة ابتسامتك..
تدري عبدالله على كثر ماكرهتك قبل إلا إن ابتسامتك ماقدرت أكرهها..
كل ماشفتها في صورك أحس قلبي غصبا عني يذوب..
فيها سحر ماقدرت أقاومه أبد..

اعتدل جالسا وهو يشدها ليحتضنها من ظهرها وهو يمسح على بطنها بحنان حيث ابنه الذي مازال في علم الغيب وهو يهتف بابتسامة دافئة:
وأنتي صدق كرهتيني حبيبتي؟؟

جوزا بشجن وهي تمسح بحنو على أنامله الساكنة على بطنها:
ما أدري ياقلبي.. أو يمكن ما أذكر أو ما أبي أذكر..
من كثر ما أحبك.. أظني إنه مستحيل إني قدرت أكرهك في يوم..

ابتسم بشفافية.. وهو يشدد احتضانه لها كأنه يريد إخفائها بين ضلوعه:
أشوف ناس متعملين النصب على مستوى..

أجابته بابتسامة وهي تشد احتضانها لذراعيه التي تحيط بخصرها:
والله عندي مدرس خصوصي أكبر نصاب ومنه نستفيد..

أفلتها بخفة وهو يهمس بمودة: زين حبيبتي أنا بأمر عبدالرحمن قبل أروح الدوام.. تروحين معي؟؟ نوصل حسون للروضة أول ثم نروح..
وعقب ارجعي مع أمش..

أجابته وهي تقف بمودة شفافة: ليش لا.. مانعيف شوفة أبو فاضل اللي يقومه لنا بالسلامة..

زفر عبدالله حينها بضيق وهو يتذكر أن الطبيب قال له بالأمس أن مؤشرات عبدالرحمن عادت للسكون تماما.. كما كان سابقا..
لا يعلم هذه إشارة لماذا؟؟
ولكنه في داخله غير مطمئن أبدا لهذا؟؟
وفي داخله وساوس كثيرة يحاول طردها دون فائدة!!






***********************************





" هـــيــه أم خويلد.. أم عزوز..
وينش؟؟"

أقبلت قادمة من ناحية المطبخ الخارجي وهي تربط شعرها بإيشارب وتهتف بصوت عالي:
هلا حبيبي وش فيك تصيح صوتك وصلني لين برا..

صالح بتأفف باسم: أخييه.. يعني عقب ماكنتي تستقبليني على سنجة عشرة على قولت خوالش..
وكابة على نفسش كيلوين عطر..
تقابليني الحين كنش جدتي وبريحة البصل!!


ربما لو قال لها هذه العبارة قبل شهر واحد فقط لربما كانت افتعلت مشكلة كبيرة
وانتهت بموجة عاصفة من الصراخ والبكاء ولكنها الآن ابتسمت بشفافية:
الشرهة علي اللي اشتهيت أسوي لك غدا سبيشل..
ويا الله تعال حب رأسي الحين وإلا زعلت...

صالح سد أنفه بطريقة تمثيلية وهو يقبل رأسها ويهتف بمرح:
أعصر على روحي ليمون..وأحب رأسش ليش الخساير؟؟

نجلا تضحك برقة: كذا..؟؟
خلاص عطني عشر دقايق أتسبح.. وأشوف عيالي وأنزل أنا وإياهم نتغدى..

نجلاء غادرت بينما صالح جلس وبيده جريدة فتحها وهو يهتف بمودة باسمة:
زين نجلا ياقلبي.. بلاها دخلة المطبخ ذي.. تكفين!!







***************************************







" هيه ياهل البيت!!"

جميلة التي كانت تبدل ملابس زايد وتجلس على السرير همست بمودة: تعال عمي حياك.. ماعندنا حد..


منصور دخل ليبتسم وهو يرى ابنته وابنه.. لا يبالغ مطلقا حين يقول ابنته.. إحساسه بها عميق ودافي وأبوي لأبعد حد..
يعلم أنه في بداية زواجه اتهم عفراء أنها افسدتها بالتدليل..
ولكنه الآن يرى كم كان جائرا في حكمه.. أو ربما لأنه أصبح ينظر لدلالها كما ينظر الأب تماما..
يرى دلالها يليق بها وبعذوبتها تماما.. فهي لا تتكلف أبدا هذا الدلال بل ينبع من شخصيتها ليمنحها كاريزما خاصة ما..
تشعر كما لو أنك تريد أن تدللها أكثر لأنها تستحق أن تكون مدللة والدلال لم يُخلق إلا لها..

بل أصبح الآن يعاملها كما يعامل طفلة مدللة تماما.. ولكن مع التطور المناسب لسنها..
رغم أنه بالكاد لم يمض عشرة أيام على عودتها.. إلا أنه في الأيام الأخيرة نادرا مايعود ويده خالية من شيء لها..
شكولاته فاخرة.. دب وردي.. زجاجة عطر..
لتتلقاه بفرحة طفولية تدفع سعادة حانية في قلبه..

لم يعلم أنه كان يمنحها حلما أثمن بكثير من محض حلوى أو دمية..
يمنحها أبا طال تمنيها له وتحسرها عليه..
حلم بعمق سنوات ربيع عمرها التي قضت أكثرها تتحسر على حرمانها من أب كانت تتمناه بكل يأس.. وزاد من يأسها معرفتها إنها لن تحصل عليه يوما..
فهل يعود الميت للحياة؟؟

ولكنها لم تكن تعلم أن الإحساس الميت يستطيع العودة للحياة.. كما تشعر به مع منصور!!
وليس فقط في هذه الأيام الأخيرة.. بل قبل شهور وهي تتلهف لمكالماته اليومية
وتتلهف أكثر لزيارته الشهرية ووللشعور المختلف الدافئ العميق الحاني الذي منحه لها..


منصور هتف مع ابتسامته الفاخرة: وين أم زايد؟؟

ابتسمت جميلة بمرح: ياسلام على اللي مافيه صبر عشان يشوف مدامته..
أم زايد تاخذ شاور يأبو زايد..

منصور بأريحية: زين انا عازمش على العشا.. قومي البسي..

جميلة بحرج: لا عمي فديتك ما أقدر أخلي أمي..

قاطعهما خروج عفراء من الحمام وهي تهمس بحنان: وامش تقول روحي..
أنا أصلا أبي الفكة من إزعاجش أنتي ومنصور..

جميلة بذات الحرج الرقيق: لا يمه.. ما أبي أخليش يمكن يجيش أحد مايلاقون حد عندش..

عفراء بإصرار: من اللي بيجيني الساعة 9 الليل!!

ابتسم منصور: خليها يمكن ماتبي خوتي..

جميلة بجزع: لا والله ........
ثم أردفت بارتباك: خلاص خمس دقايق ونازلة..

جميلة غادرت بينما عفراء مازالت تقف وهي تهمس لمنصور بابتسامة:
اعمل حسابك إن الخمس دقايق يمكن يوصلون ساعة..
وبنتي وأعرفها.. تبي تتجهز لطلعة!! الله يعين..
أنا كنت أقول لها قبل المشوار بساعتين!!

شدها منصور من خصرها وهو يهتف بفخامة: أبركها من ساعة خلها تأخذ ساعتين ثلاث وش وراي..

عفراء أزالت كفيه بحرج عن خصرها: عيب منصور..

منصور شدها ليجلسها على الأريكة ويجلس جوارها وهو يحتضن كتفيها ويتنفس عبير شعرها المبلول ويهتف بخفوت دافئ:
نشف قلبي من كثر ماتقولين عيب.. والمشكلة ما أدري وين العيب ذا..

عفراء أسندت رأسها لكتفه وهي تمسح أنامله بحنو وتهتف بشجن:
والله منصور ما أدري أشلون أشكرك على تعاملك مع جميلة
هي مستانسة بشكل ماتتخيله بك وهي تلاقي فيك الأب اللي أدري إنها متشفقة عليه..

أجابها منصور بشجن أعمق وهو يشدد احتضانه لكتفيها:
أنا اللي والله ماتتخيلين كثر سعادتي وأنا أحس بجو الأسرة اللي ظنيت إني عمري ماراح أحس فيه إلا متطفل على زايد وعياله..

رفعت رأسها قليلا لتقبل كتفه وهي تهمس بتأثر : الله لا يحرمنا منك..

ابتسم منصور وهو يقبل شعرها: شكلي الحين أنا اللي بأقول لش عيب..
وخري عني أحسن.. لأني يا الله ماسك روحي!!






************************************





" مزون.. مزون!!"


مزون بمودة: تعال فديتك.. أنا أرتب شوي داخل..

كساب أطل برأسه عبر غرفة التبديل حيث ترتب مزون ملابسها داخل الخزائن
وهتف بابتسامة: مساء الخير... عوافي.. الله يقويش..

مزون بمودة رقيقة: الله يعافيك.. مافيه شيء بس أرتب شوية..

كساب حينها هتف بحزم: زين خلي الترتيب أبي أسولف معش شوي..

مزون وضعت قطعة الملابس التي كانت في يدها وخرجت معه ليجلسا كلاهما
حينها هتف كساب بثقة: أمس قلت لش أبيش في سالفة..
بس سالفتي أنا أشغلتني شوي..

حينها هتفت مزون بحزن: وسالفتك وش صار فيها؟؟

كساب بثقته الطاغية المعتادة: بتنحل إن شاء الله.. كم يوم بس وترجع كاسرة..

مزون بدفء: إن شاء الله.. والله فاقدتها في البيت..

حينها ابتسم كساب بدفء مشابه: ماتدرين يمكن حن اللي نفقدش!!

مزون باستغراب استنكاري: تفقدوني؟؟

كساب ضحك: وش فيش ارتعتي؟؟ عادي..
نفقدش مثل ماكل البنات يفقدون أهلهم وجودهم في البيت..


حينها صمتت مزون بخجل طبيعي وهي تعلم ما الذي خلف هذه المقدمة
ليتناول كساب زمام الأمور وهو يهف بمودة حازمة:
المرة اللي فاتت يوم عرضت عليش ولد آل ليث ورفضتيه.. ما أدري بالضبط وش أسبابش؟؟
هل فعلا لأنش تبين تدرسين.. أو عشان الخلاف اللي كان بيننا..
الحين كلها صارت محلولة.. الدراسة باقي فصل واحد غير ذا الفصل اللي قرب يخلص أساسا..
وأنا وأنتي ولله الحمد سمن على عسل...
وأنا والله أبي لش الزين.. غانم لمح لي مرة ثانية.. والرجّال شاريش..
السالفة مافيها ضغط عليش.. هذي مهيب خطبة رسمية.. مجرد أخذ رأي..
فكري براحتش.. أسبوع أسبوعين.. وصلي استخارة..
وغانم أنا أعرفه زين.. رجّال والنعم!!

مزون صمتت قليلا ثم همست باختناق خجول: تدري كساب حتى لو فكرت واقتنعت..
فيه حاجز بيني وبين غانم ما أدري.. ما أدري وش أقول لك .. أخاف يكون صعب علي أتجاوزه مهما حاولت...





***************************************





" سميرة يامش وش فيش؟؟"

سميرة بمودة: مافيني شيء يمه.. أنتظر بس البنات ينزلون عشان نتعشى..

مزنة بتقصد وهي تنظر لسميرة بشكل مباشر: يأمش أنتي فاهمة قصدي..
ثم تنهدت بعمق وأردفت: يأمش أنا ملاحظة التوتر اللي بينش وبين تميم..
أو بمعنى أصح توترش أنتي من تميم..

تدرين أنا كنت واعدة نفسي إني ما أتدخل بينكم مع إني ملاحظة إن علاقتكم مهيب طبيعية..
بس ذا الأيام صارت مهيب طبيعية لأخر حد.. وما اقدر أسكت أكثر من كذا..
ذا الأيام إذا صار وقت رجعته حسيت عرق التوتر ضرب في راسش..
وأنتو قاعدين معنا.. هو يرسل مسجات وأنتي تنتفضين مثل مسخنة..
لو شفت ردة فعلش عادية.. بالعكس كان انبسطت كل الشباب المتزوجين يسوون كذا..
وأنتو بعد عادكم صغار في السن وهذا وقتكم..

حينها قاطعتها سميرة بانهيار.. فمزنة قريبة جدا من روحها: يمه جنني من كثر مايلاعبني..
كني كورة بين أيديه.. طريقته غريبة وغامضة..

حينها ابتسمت مزنة: صدق إنش بريئة اللي تميم قادر يلاعبش كذا..
يعني يغلط عليش وعقبه هو اللي يلاعبش..

حينها همست سميرة بحرج كبير: يغلط علي؟؟ أنتي تدرين يمه..؟؟

مزنة بثقة: أكيد أدري.. يعني أنا بأشوفكم كذا وبأسكت إلا لأني عرفت إنه غلطان وقلت خله يستاهل.. خلها تادبه..

أنا أدري يأمش من يوم شفت الضربة اللي في وجهش اللي كنتي تحاولين تدسينها..
بس موت امهاب الله يرحمه أشغلني من كل شيء.. ويوم قدرت أفكر عقبها سألت تميم وهو قال لي كل شيء..
وقتها قررت أني ما أتدخل.. وقلت له وقتها ترا سميرة لو بغت تخليك أنا بأوقف في صفها مهوب في صفك..

حينها همست سميرة بشفافية: صدقيني يمه هذا كله خلاص أنا نسيته..
بس اللي مجنني لعبه فيني.. لا هو باللي يصرح باللي يبيه ولا هو اللي يخليني في حالي..

حينها ابتسمت مزنة بخث لطيف: يأمش اللعب هذا لعبتنا حن يا الحريم... وش عرف الرياجيل فيه ؟؟..
يلاعبش لعب الهواة؟؟
وريه لعب المحترفين!!!




#أنفاس _قطر#
.
.
.

 
 

 

عرض البوم صور #أنفاس_قطر#  
قديم 28-11-10, 06:30 AM   المشاركة رقم: 63
المعلومات
الكاتب:
اللقب:
VIP




البيانات
التسجيل: Jan 2009
العضوية: 117447
المشاركات: 738
الجنس أنثى
معدل التقييم: #أنفاس_قطر# عضو جوهرة التقييم#أنفاس_قطر# عضو جوهرة التقييم#أنفاس_قطر# عضو جوهرة التقييم#أنفاس_قطر# عضو جوهرة التقييم#أنفاس_قطر# عضو جوهرة التقييم#أنفاس_قطر# عضو جوهرة التقييم#أنفاس_قطر# عضو جوهرة التقييم#أنفاس_قطر# عضو جوهرة التقييم#أنفاس_قطر# عضو جوهرة التقييم
نقاط التقييم: 1255

االدولة
البلدQatar
 
مدونتي

 

الإتصالات
الحالة:
#أنفاس_قطر# غير متواجد حالياً
وسائل الإتصال:

كاتب الموضوع : #أنفاس_قطر# المنتدى : القصص المكتملة (بدون ردود)
افتراضي بين الأمس واليوم/ الجزء الثالث و الستون

 




بسم الله الرحمن الرحيم

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

ياصباحكم خير ورحمة
.
هذرت هذرة كثييييييييييير بس كلها طارت قبل أحفظها
اليوم ربي رحمكم
مع أني كنت أبي أجاوب على استفسارات البنات وجاوبت عنها
بس اسمحوا لي كلها طارت إن شاء الله المرة الجاية أقدر أرجع أجمع الكلام
.
.
أهم شيء أبي أقوله يا بنات
مجاهدة النفس شيء صعب لان النفس تتبع هواها
والقابض على دينه كالقابض على الجمر في هذا الزمن
مجاهدة النفس أول خطوة لها هو التقرب من الله عز وجل بكثرة الصلاة وقراءة القرآن والدعاء الصادق
وسبحان الله للقرب منه حلاوة مابعدها حلاوة تشعرين بها تحيط بروحك بسكينة غامرة

أدعو لكل أخواتي وأخواني بالستر والهداية وتقوية العزم
فادعو لهم أرجوكم
.
.
إليكم الجزء63
.
قراءة ممتعة مقدما
.
.
لا حول ولا قوة إلا بالله
.
.


بين الأمس واليوم/ الجزء الثالث والستون





" مزون.. مزون!!"


مزون بمودة: تعال فديتك.. أنا أرتب شوي داخل..

كساب أطل برأسه عبر غرفة التبديل حيث ترتب مزون ملابسها داخل الخزائن
وهتف بابتسامة: مساء الخير... عوافي.. الله يقويش..

مزون بمودة رقيقة: الله يعافيك.. مافيه شيء بس أرتب شوية..

كساب حينها هتف بحزم: زين خلي الترتيب أبي أسولف معش شوي..

مزون وضعت قطعة الملابس التي كانت في يدها وخرجت معه ليجلسا كلاهما
حينها هتف كساب بثقة: أمس قلت لش أبيش في سالفة..
بس سالفتي أنا أشغلتني شوي..

حينها هتفت مزون بحزن: وسالفتك وش صار فيها؟؟

كساب بثقته الطاغية المعتادة: بتنحل إن شاء الله.. كم يوم بس وترجع كاسرة..

مزون بدفء: إن شاء الله.. والله فاقدتها في البيت..

حينها ابتسم كساب بدفء مشابه: ماتدرين يمكن حن اللي نفقدش!!

مزون باستغراب استنكاري: تفقدوني؟؟

كساب ضحك: وش فيش ارتعتي؟؟ عادي.. نفقدش مثل ماكل البنات يفقدون أهلهم وجودهم في البيت..

حينها صمتت مزون بخجل طبيعي وهي تعلم ما الذي خلف هذه المقدمة
ليتناول كساب زمام الأمور وهو يهف بمودة حازمة:
المرة اللي فاتت يوم عرضت عليش ولد آل ليث ورفضتيه.. ما أدري بالضبط وش أسبابش؟؟
هل فعلا لأنش تبين تدرسين.. أو عشان الخلاف اللي كان بيننا..
الحين كلها صارت محلولة.. الدراسة باقي فصل واحد غير ذا الفصل اللي قرب يخلص أساسا..
وأنا وأنتي ولله الحمد سمن على عسل...
وأنا والله أبي لش الزين.. غانم لمح لي مرة ثانية.. والرجّال شاريش..
السالفة مافيها ضغط عليش.. هذي مهيب خطبة رسمية.. مجرد أخذ رأي..
فكري براحتش.. أسبوع أسبوعين.. وصلي استخارة..
وغانم أنا أعرفه زين.. رجّال والنعم!!

مزون صمتت قليلا ثم همست باختناق خجول: تدري كساب حتى لو فكرت واقتنعت..
فيه حاجز بيني وبين غانم ما أدري.. ما أدري وش أقول لك .. أخاف يكون صعب علي أتجاوزه مهما حاولت...

صمتت لثوان ثم أكملت باختناق أشد:
كساب أنا أحاول ما أقلل من قدر نفسي.. بس رحم الله امرئ عرف قدر نفسه..
وأنا الحمدلله ذا الأيام مسترجعة ثقتي بنفسي.. وأخاف زواجي من غانم يرجع يفقدني إياها..

كساب باستغراب لهذا الحديث غير المفهوم: الحين هذا كله ليش!!

مزون بخجل عميق: كساب لا تزعل مني لو تجرأت شوي.. بس أظني مابيني وبينك حواجز في الكلام..
كساب.. غانم أنا شفته على الطبيعة.. أحلى مني بواجد.. إلا مافيه مجال للمقارنة بيننا حتى..

كساب حينها هتف بغضب: بصراحة كلام ماسمعت أسخف منه..
مع إنه أنتي مافيش قصور.. بس خلينا نجاريش في خبالش..
أنا شخصيا ماكان عندي مانع أتزوج وحدة شينة حتى ..
ليه هو الجمال كل شيء في الدنيا.. والرجّال الصدق مايهتم بذا السوالف..

ابتسمت مزون بشفافية مرحة: هذا كلام نظري لأنك يوم تزوجت.. تزوجت أحلى وحدة..
وبعدين تعال أنت عادي لو تزوجت وحدة شينة.. لأنك شين ..
لكن غانم أزين منك بواجد ولازم يتزوج وحدة حلوة..

حينها انفجر كساب ضاحكا: كذا يامزون.. من الحين شايفته أزين..

حينها تراجعت مزون بخجل وهي ترى نفسها تجاوزت الحد: مهوب أنا اللي شايفته.. أنا أتكلم بصراحة..

كساب وقف وهو يهتف بمودة: فكري يأخيش زين.. وأعرف عقلش كبير
لا تفكرين تفكير المراهقات هذا..

مزون وقفت معه وهمست بشجن: تدري كساب مع شغلة غانم صدقني بتصير هذي مشكلة بيننا..
كل يوم بيكون في بلد.. والمضيفات أنت عارف زين هم وش يسوون وأشلون أشكالهم!!
وأنا هنا الهواجس تاكلني..

كساب ربت على خدها بحنان: لا تصيرين سخيفة..فكري زين يأخيش!!


صمتت مزون.. وهي تفكر فعلا..
قد يكون فعلا ماقالته هو مبدئيا السبب الرئيسي..
لكنها في داخلها وبعد تصالحها مع كساب باتت ذكريات الطيران تثير شجنا عميقا ووجعا تسببه ذكريات مرارة تلك الأيام!!
وخصوصا أن لغانم ذاته ذكرى خاصة لرحلتها الأولى.. ذكرى تحاول تناسيها لشدة حرقتها التي تغلغت فيها..

وإحساس آخر غريب.. اسمه لو كان غانم هذا يريدني فعلا كما يقول لكساب...
لماذا لم يتقدم لي إلا بعد أن تركت الطيران؟؟
لو وجدت لابن عمه العذر فلا أجده له !!
فهل غانم أيضا كان ينظر لي وأنا معه في الكلية بنظرة الاحتقار والامتهان التي كان ينظرها لي مهاب رحمة الله عليه؟؟






************************************





" يبه تبي تنام أروح؟؟"

الجد يشير بيده اليسار لا.. وهو يتمدد على جنبه اليمين على سريره.. وكاسرة تجلس جواره على الأرض..
رغم أنها تستطيع جذب المقعد والجلوس عليه..
ولكنها تحب أن تجلس هكذا حتى تكون قريبة منه تماما..

هتفت كاسرة حينها بابتسامة: زين تسولف علي وإلا أسولف عليك؟؟

أجابها الجد بنبرة مقصودة: كاسرة كم صار لش عندنا من يوم طلعتي من بيتش؟؟

كاسرة تنهدت لأنها اشتمت رائحة العتب القادم رغم أنها رجته ألا يفعلها..
ومع ذلك استغربت أنه تركها كل هذا!!

هتفت بمودة باسمة.. فله يحق كل شيء.. لكن رجاءها ألا يضغط عليها فقط فقلبها يؤلمها حين تضطره للإلحاح:
يبه صار لي حوالي 8 أيام..

الجد أكمل بنبرة مقصودة: ورجالش رجع البارحة صح؟؟

تنهدت: رجع يبه.. وطالبتك بس.. أنا دارية أنت وش أنت تدرج له!!
فديتك أنا يوم جيت هنا قلت لك إني خلاص طلعت وما أبي أرجع..

الجد حينها هتف بنبرة حازمة: بس أنا ماقلت لش إهِدّى!! (إهِدّى= موافق أو راضي)

كاسرة وقفت على ركبتيها لتقبل جبينه وهي تهمس بشجن: طالبتك ماتقول شيء..
يعني حتى لو أنت منت براضي.. ماتقدر تخليني براحتي؟؟
يبه واللي خلاك أغلى خلقه.. لو أنه عاد وراي شيء من الصبر ماذخرته..

تنهد الجد فهو لا يستطيع سماعها تترجى هكذا: تلعبين علي يأبيش بحبة الرأس وتسكتيني كني بزر.. مالي حق أقول شوري حتى..

كاسرة بجزع انحنت على كفه تقبلها: أفا عليك يبه.. شورك على رقبتي..
ثم صمتت لثانية وهمست بعمق: بس يبه أنا مستوجعة واجد.. تكفى ماتوجعني أكثر.. أقواها من خلق الله بس منك ما أقدر أقواها..

الجد صمت وهو يربت على رأسها بحنو الذي أرخته على طرف سريره..
يبدو أن كساب سيبقى يلاحقها في كل دقيقة من اليوم دون أن تستطيع حتى أن ترتاح من مجرد ذكراه..
ألا يكفي أنها كل ماتذكرت اقتحامه لغرفتها البارحة تشعر بقشعريرة باردة تهز كل جسدها...؟!
كلما تذكرت أنفاسه التي صافحت وجهها من قرب.. ازدادت قشعريرها..
وكلما تذكرت حدة كلماته وبعده عن محاولة إرضاءها تشعر أن غصة ضخمة تتجمع وتتجمع حتى تتخم روحها!!






***********************************





" يأبيش ماكلتي شيء!!"

جميلة بابتسامة شفافة: والله أني كلت لين شبعت..

ابتسم منصور: أكل عصافير ذا؟؟

جميلة بذات الابتسامة: والله في حالتي أكل البطات مهوب العصافير..

منصور بمودة: نروح نمشي شوي على الكورنيش..؟؟

جميلة برفض رقيق: لا عمي فديتك.. أبي أرجع أسبح زيودي.. خليت أمي واجد..

منصور بحنان: براحتش.. على العموم أنا لازم أمشي شوي.. بأمشي حوالين البيت..
لأني ما أقدر أقعد عقب عشاء ثقيل مثل ذا.. شوفتش عاد فتحت نفسي.. وخبصت واجد في الأكل

ضحكت جميلة بعذوبة: يعني شوفتي تنفع فاتح شهية..؟؟

منصور بذات النبرة الحانية: أحسن فاتح شهية..
ثم صمت لثانية وأكمل بحزم واثق: جميلة يا أبيش ترا مهوب خافيني حالتش..

جميلة بارتباك: أي حالة عمي؟؟

منصور بحنو باسم: الحال اللي أنتي عارفته وأنا عارفة..
يعني مهوب أنا اللي بنتي تكون متضايقة وأنا ما أحس فيها..

جميلة صمتت بحزن شفاف لتذكرها حاله ولسعادة شفافة لقربها هكذا من منصور بينما منصور أكمل بحزم:
أنا وعمش زايد بنتدخل .. بس نبي ننتظر شوي لين يطيب خاطر خليفة..

جميلة بحزن: يعني تبي ترخصني له.. وهو ماحتى فكر فيني؟!

منصور بفخامة: أفا عليش.. الغالي مايرخص..
ولا تحاتين.. خليفة اللي بيجيش لين عندش.. بس أنتي وقتها عاد لا تعاندين..
أنا وزايد بنتصل له وبنخليه يأتي عندنا ونتفاهم معه..
وتاكدي إنه مهوب صاير إلا اللي يرضيش..
بس خليفة رجّال حرام تضيعينه من يدش!!

جميلة صمتت وأمل شفاف بدأ يستوطن روحها المرهقة من التفكير...
أحقا ستعود لخليفة؟ حقا؟؟






*********************************





الليلة قررت أن تتبع نصيحة مزنة..
كما يلاعبها ستلاعبه.. ستذيقه بعضا مما يذيقها حتى ترى ما الذي يهدف إليه..
رغم أنها تخوفت قليلا من التنفيذ..

فكما قالت لها مزنة تماما..
كانت هذه لعبة محترفين لا يهابون دك الحواجز لإسقاط الخصم في الفخ..
كانت تعلم أنها مازالت أبعد ماتكون عن الاحتراف.. بل ربما مجرد هاوية للتو تعلمت اللعبة ومازالت على أول سلم الهواة..
ومع ذلك تهورت.. و استعدت تماما..
وجلست في الانتظار!!


تميم حين فتح الباب.. ودخل بعفوية..
كانت المفاجأة التي تنتظره.. هـــي تتمدد نصف تمدد على سريرها تصحح أوراقا في يدها..
وترتدي قميص نوم أسود غاية في الفخامة والرقي والإثارة..
بدا كحكاية سحر خيالية في بياضها المشع.. وهو يزيدها فتنة على فتنتها..
وشعرها الأشقر يتناثر بأناقة مدروسة على الضدين السواد والبياض..

تراجع خطوة للخلف.. فهو بالكاد يحتمل وجودها جواره في محض بيجامات..
فكيف الآن؟؟
وهي تبدو كقنبلة يخشى من تفجرها في حناياه..
أغلق عينيه لبرهة عاجزا عن استيعاب حكاية الحسن الموجعة الماثلة أمامه..

لم يسارع للقفز للاستنتاجات.. فهو لا يريد إفساد مخطط طويل تعب فيه في لحظة واحدة..
سيرى خطوتها التالية أولا.. فهو يعلم يقينا أنها مازالت لا تجرؤ على مضمون الرسالة الواضح من شكلها...


هي لم ترفع نظرها مطلقا منذ فُتح الباب والقلم في يدها يرتعش..
وهي تسب نفسها مرارا وتكرارا على هذا التصرف الذي هي غير أهل له..

أشار بالسلام.. ولكنها لم تراه.. حينها علم أنها تعاني الخجل والتوتر.. وربما الندم على تصرفها الأهوج!!

تجاوزها.. رغم صعوبة التجاوز وقسوته!!

دخل للحمام ليستحم..
مرهق أساسا من هذا الشد..
يريد أن يحيا حياة طبيعية.. لكنه مازال يخشى عدم تقبلها لها..
فهو مازال يشعر بتوترها وخجلها وتباعدها.. وهو لا يريد محض جسد..
يريد الروح قبل الجسد..
فروحه المنهكة تتوق للامتزاج الروحي بروحها.. فهو مسافر في عوالم صامتة أنهكته فيها الوحدة والغربة الروحية..
روحه القلقة تتوق للسكنى إلى روحها العذبة!!

حين خرج مازالت على نفس الوضعية تدعي التصحيح.. وجسدها كله يرتعش..
وتتمنى لو قامت لترتدي لها روبا فوق قميصها.. ووجهها يشتعل احمرارا من الخجل..
ولكنها تعلم أن مظهرها سيبدو سخيفا لو فعلت هذا..
مادامت فعلت هذا فلتحتمل نتائجه.. وهي تفهم جيدا أي رسالة أرسلتها له..
رغم أنها أرسلتها لمجرد التلاعب به..


تميم صلى.. وقرأ ورده..
ثم تمدد على أريكته لينام.. دون أن يوجه لها إشارة واحدة..!!

حينها سميرة شعرت فعلا بالصدمة.. ربما في داخلها تمنت أن يتجاهلها.. لكن التجاهل جرحها لأبعد حد..

أ تبالغ في التزين له.. ويكون رده عليها بهذا البرود..؟؟
إذن لماذا كان يلاعبها طيلة الأيام الماضية؟؟
أم أن التلاعب هو حق له وحده ولا يحق لها بذلك؟؟


حينها قررت أن تنتقل للعبة أخرى.. تناولت هاتفها وأرسلت له:

" خالد الفيصل يقول:
يامدور الهين ترا الكايد أغلى....اسأل مغني كايدات الطروقي

هذي رسالتك لي؟؟"

أرسلتها وجلست تنتظر بتوتر بالغ ليصلها رده خلال ثوان:

" وخالد الفيصل يقول بعد:
من خصايص عنود الصيد كثر الطواري.... عادة الظبي يجفل لي تحرك ظلاله

وصلتش ذا الرسالة؟؟ "

سميرة لم تفهم فعلا ماذا يقصد.. لذا أرسلت له ببراءة:

" مافهمت.. وش تقصد؟؟"

ثم جلست تنتظر الرد.. ليكون الرد الصادم لها انتزاع تميم لها من سريرها وهو يشدها من عضدها العاري ليوقفها..

حينها انتفضت برعب..
وهي تهرب لتستدير خلف السرير وتجعله حاجزا بينهما
وعيناها تفيضان بالدمع وهي ترتعش..

حينها أشار لها بوجهه المحمر وأنفاسه المتصاعدة زفيرا وشهيقا:
فهمتي الحين..؟!!
أنتي الحين جفلتي من ظلالش بس.. وأنا ماقربت منش حتى..
يعني لا تسوين شيء منتي بقده..
لو لاعبتش.. مايضر.. ليش أنش مابعد استويتي..
لكن أنا لا تلعبين معي.. لأني واحد مستوي خالص.. واللعب معي خطير..

تميم أنهى إشارته ثم خرج من الغرفة كاملة..
بينما سميرة انكبت على سريرها وهي ترتعش وتبكي بحرقة...
وتتمنى لو أنها لم تتصرف فعلا كما قال.. تصرف هي غير أهل له..
تصرف لم تنل منه سوي جرح مشاعره ومشاعرها..!!
فنصيحة مزنة لم يكن فيها عيب سوى أنها كانت فعلا لعبة محترفين يعلمون تماما على ماذا هم مقدمون..
بينما هي غير مستعدة أبدا في هذه المرحلة!!
ولا تعلم حتى على ماذا هي مقدمة!!






************************************






كانت مستغرقة في النوم حين رن المنبه لصلاة الفجر..
مدت يدها في الظلام الخافت لتطفئ المنبه..لتصطدم يدها بجسد شديد الصلابة بدا ملمسه مألوفا لها..
قفزت بجزع مرتعب وهي تجلس لتتحسس ماجوارها..
ليمد هو يده ويطفئ المنبه ويشعل الضوء المجاور له ويهمس بصوته المثقل بالرجولة والنعاس:
صباح الخير..

كاسرة كانت تريد أن تقفز من السرير كاملا لولا أنه منعها وهو يشدها من يدها
ثم يضع رأسه في حضنها بكل تملك وهو مازال يتمدد بينما هي جالسة متصلبة..

كاسرة همست بغضب متفجر وهي تحاول إبعاد جسدها عنه:
والله العظيم أنت مجنون وخبل ومافي رأسك ذرة عقل..
حد يسوي سواتك.. يا أخي أنت ماتفهم.. ما أبي أعيش معك..
وما أبي أنام جنبك.. وما أبيك بكبرك..

أجابها بتحكم وهو يطوق خصرها بذراعيه ومازال يضع رأسه في حضنها:
والله كلامش غير تصرفاتش..
أشلون ماتبيني.. وماتبين تنامين جنبي.. وأنتي طول الليل نايمة على صدري..
لا وشادة علي بعد.. كنش خايفة أخليش!!

أجابته كاسرة باستنكار شديد ملتهب بالغضب: كذاب وكذاب وكذاب..

حينها أفلتها واعتدل جالسا وهتف ببرود: خلاص بكرة أصورش عشان تدرين أني ماني بكذاب..

كاسرة قفزت من السرير كاملا وهي ترتعش.. وتكاد تبكي لشدة قهرها
همست بكل قهرها المخلوط بحزمها وغضبها ويأسها:
أنا أبي أدري بس وش هدفك من ذا الحركة البايخة..؟؟
يعني حتى في غرفتي في بيت هلي حرام أحس بالأمان بعيد عنك؟؟
البارحة تأكدت أني قفلت كل شيء قبل أنام.. أصحى ألقاك جنبي.. حرام عليك يأخي..

أجابها بذات البرود وهو يستعد للذهاب للحمام ليتوضأ:
قبل كنتي تقولين ماتحسين بالأمان إلا في حضني..
وعلى العموم.. خلصينا من خبالش وارجعي لبيتش..

كاسرة بغضب هادر: مستحيل.. لو كان فيه قبل أمل لو واحد فيه المية أني أرجع لك
الحين أقول لك مستحيل..
وش ذا الأسلوب الهمجي في التعامل؟؟
تبي تقنعني إنه مافيه شيء يستعصي عليك..
وأنه حتى البيان المسكرة ماتردك من اللي تبيه مثل ماقلت لي يوم عرسنا..
أدري والله العظيم أدري..ياجيمس بوند..
بس حتى لو نطيت عندي كل ليلة مستحيل أرجع لك... مستحيــــــل...!!

حينها اقترب منها ليشدها وهو يضع كفه اليمين على منتصف ظهرها ويقربها منه
بينما هي تبعد جزءها العلوي عنه وتهمس بغضب:
كساب هدني أنا تعبت منك ومن حركاتك البايخة..
أنا وحدة أبي أتطلق بأي حق تلمسني..!!

أجابها حينها وهو يحتضنها بذراعيه الاثنتين بكل تملك ويهمس قريبا من أذنها:
لين تطلقين أنتي مرتي وحقي وحلالي..
وعلى العموم الطلاق هذا حلم احلمي فيه!!

حاولت التفلت منه دون جدوى..
قهرها يتزايد في روحها..
لم تستفد شيئا من خروجها من بيته..فماتعانيه في بيته هاهي تعانيه الآن..
و مازال هو كما هو متعجرف متسلط ولا يهمه إلا تنفيذ ما برأسه..
لم يحاول مطلقا حتى أن يعدها بإصلاح حاله.. رغم أنها لم تنتظر مثل هذا الوعد منه.. فهي تعلم أنه غير قابل للإصلاح..

همست باختناق قهرها وهو مازال يحتضنها:
كساب هدني خنقتني.. والله العظيم خنقتني!!
أنا أبي أدري بس وش بتستفيد من ذا كله..؟؟

حينها أفلتها ببساطة وهو يهمس ببساطة أشد: تعودت أنام على أنفاسش قريب مني..

أجابته بقهر: زين والأسبوع اللي فات كله أشلون كنت تنام؟؟..

حينها أجبها ببساطة مغلفة بالغموض وهو يغادر للحمام: ومن قال لش أني قدرت أنام!!

حين خرج من الحمام
دخلت هي.. لتخرج كما تتوقع وتجد الغرفة خالية من وجوده كما لو كان تبخر!!
ولتنهار هي جالسة وهي تمنع نفسها أن تبكي لشدة إحساسها بالقهر وتسلطه على روحها!!

" يا الله وش ذا الإنسان؟؟
مجنون.. والله العظيم مجنون!!"





*********************************





بعد عشرة أيام
.
.
.




" ها يامش.. أشوفش صار لش كم يوم زينة ووجع الرأس خلاش!!"

أجابت عالية بسكون: الحمدلله يمه.. رجعنا لحالة البلادة..

ام صالح باستفسار: وش بلادته يأمش؟؟

عالية بذات السكون الذابل: لا تهتمين يمه.. حكي راديو مايرجع..

بالفعل توقف معها الصداع منذ أيام مع تصميمها على علاجه..
فالقضية بمجملها نفسية..

ولكن هناك وجع شفاف استوطن روحها وغاص فيها حتى آخر الجذور..
تشعر بوحشة غريبة.. ضياع مؤلم..

لم تتخيل أن توقفها عن رؤيته سيكون له هذا التأثير النفسي العاصف عليها..
قلقة.. خائفة.. مرتاعة..
ولا تستطيع أن تشكي لأحد أوجاعها.. حتى نايف توأم روحها لم تستطع أن تخبره بشيء.. رغم أنه اشتم رائحة شيء غير طبيعي في صوتها..
وهاهو يتصل بها كل يوم ويلح عليها أن تخبره دون فائدة!!

المشكلة أنه أخبرها أنها عائد بعد ثلاثة أسابيع..
حينها كيف ستخفي على روحه التي تخاطب روحها كل هذا الوجع الذي تكاد تنفجر به ؟؟
واشتياقها لهذا النائم بات ينغرز في خلاياها إلى أقصاها ودون رحمة؟؟!!






**************************************






" ها يادكتور بشرني!!"

الطبيب يلتفت لعبدالله ويهمس بسكون قلق تخلى فيه عن مهنيته:
بصراحة ياعبدالله أنا قلق جدا على عبدالرحمن..
بعد ماسكنت مؤشراته طول الأسبوعين الماضيين صار له يومين مؤشراته غير طبيعية أبد..
تقول كأنه يصارع له شيء أو يتألم.. والمشكلة إن الألم بدأ يبين على ملامح وجهه..
وأبوه انتبه.. و صارت حالته غير طبيعية وهو تقريبا واقف جنب السرير طول الـ24 ساعة..

عبدالله تنهد بقلق فهو يعلم ذلك منذ البارحة حين اتصل به عمه أبو عبدالرحمن وطلب منه لأول مرة أن يبيت في مجلسه لأنه لا يستطيع مفارقة عبدالرحمن لفرحته العارمة بظهور معالم إحساس في تقطيب عبدالرحمن لوجهه..
وهو يحلم أن لحظة صحوه اقتربت..

عبدالله زفر: طيب دكتور ليش أنت قلق كذا؟؟

الطبيب بذات النبرة القلقة: لأني خايف إنه ماتكون هذي علامات صحوة.. لكن علامات النزع الأخير!!





***********************************





" يبه فديتك..
جعلني فدا أرجيلك صار لي ثلاث ساعات هنا وأنت واقف على أرجيلك
ارحم روحك شوي.. حط الكرسي جنبه واقعد"

فاضل المشتت المدهوش الضائع المتوتر المثقل بالألم واليأس هتف بكل فيض هذه الأحاسيس:
والله إنه البارحة واليوم حرك وجهه.. والله العظيم يأبيش.. أنا شفته بعيني..
أنا شفته بعيني!!

شعاع تبكي وهي تحاول أن تشده لتجلسه: وأنا والله العظيم أدري أنك صادق
الله يقوم لنا عبدالرحمن بالسلامة.. بس أنت تبيه لا قام يشوفك قوي مهوب مافيك حيل..

مازال يهتف بتناثر: تحرك يأبيش.. والله العظيم إنه تحرك.. أنا شفته بعيني..
بيقوم.. أدري إنه بيقوم.. خلاص عبدالرحمن بيقوم...

شعاع يأست وعادت مدحورة باكية..
فهي مضى لها أكثر من ساعة تحايله وهو لايرد عليها بغير هذه العبارات المبعثرة المبتورة..التي تشعر بها كساكين في عمق قلبها
عادت لتجلس جوار والدتها التي كانت تبكي بصمت وحرقة في زاوية الغرفة..
فكل هذا الأمل كثير على قلبها المجهد.. كثير!!






*********************************






" هاسميرة وش أخبارش ؟؟"

سميرة تبتسم ابتسامتها العذبة المعتادة مهما كانت تعاني: أنا أخباري تمام..
أخبار كرشة هانم..

نجلاء بابتسامة شاسعة: أنا تمام.. أبي أسوي تلفزيون متى مابين جنس المولود بإذن ربي.. عشان أبدأ أتسوق له..

ابتسمت سميرة: لو بنت أو وولد أشلون بتشترين؟؟

نجلاء بذات الابتسامة الدافئة: اللي يجي من الله حياه الله..
بس لو بنت الله يستر لا استخف وأشتري لها أنا وصالح كل سوق الدوحة
بس لو ولد.. كفاية عليه ملابس أخوانه قبله..

سميرة تقلب وجهها بمرح: أخيه منش يا الزطية.. خلاص خالته بتشتري له كل شيء جديد
مايبي منش أنتي ورجالش شيء..
ولو ماتبونه عطوني إياه!!

نجلاء تضحك: لي هو جاي ببلاش أعطيش إياه.. الولد ذا لو ماجاء الله يستر ما أدري أشلون كانت بتكون حياتي..
إلا أنتي خلاص عقب كم يوم بتكملين سبع شهور.. لمتى ماحملتي؟؟
مافكرتي تروحين دكتورة أنتي وتميم.. ترا مافيها شيء!!

سميرة كحت بحرج: نجول يالدبة مالش دعوة فيني أنا ورجّالي.. بكيفنا تو الناس..

نجلا فتحت عينيها بعتب رقيق: سمور.. لا تكونين تأكلين مانع يا الخبلة؟؟

سميرة وقفت وهي تهمس بتهرب: بأروح أشوف أمي وش تسوي بدل سوالفش البايخة..


سميرة هربت بالفعل من جراحها ومشاعرها التي باتت تشعر بها هشة جدا وتوشك على الانهيار..
فتميم بعد الايام التي قضاها في التلاعب بها.. بدأ في تجاهلها بطريقة موجعة منذ الليلة المشؤومة التي قررت هي فيها أن تتلاعب به..
لدرجة أنه الأيام الأربعة الاخيرة كان يبات في المجلس..

بالطبع مازال أهل البيت لم يلاحظوا.. لأنه ينزل بعد أن يصبحوا في غرفهم.. ويعود بعد صلاة الفجر..
ولو لاحظه أحد وسأله أين كنت؟؟ أسهل شيء أن يقول كنت أريد أن أتأكد من شيء أو ذهبت لأمشي..
يعني.. لن يعجزه العذر الذي مازال لم يحتاجه!!

ولا تعلم حتى متى سيستمران على هذا الحال؟؟
تشعر بألم امتهان عميق وجرح أعمق لأنثوتها.. هل هناك رجل طبيعي يتجاهل زوجته كل هذا؟؟
أم أن العيب فيها؟؟
ربما لا تعجبه.. لا تحرك مشاعره؟؟!!

أو ربما كان الذنب كله ذنبها.. وهي تصد تلميحاته تلميحا وراء تلميح..
فكيف يتشجع وهي تشعره بخوفها وتوترها وجزعها منه؟؟
لا تلومه إن تعب منها!!

فهي لا تعلم لماذا مازالت عاجزة عن احتوائه رغم أنها تدعي إنها نست أو تناست جرحه العميق لها؟؟
أو ربما كانت كل المشكلة إنها تدعي ذلك.. وجرحه مازال غائرا في روحها الشفافة؟؟!!

لا تعلم لِـمَ هذا الحاجز الممتد بينها وبين تميم لا يريد الإنهيار!!
كانت تقول سابقا أنه لا مانع لديها من إنشاء حياة كاملة مع تميم..
فلماذا يبدو لها هذا الأمر صعبا هكذا حين أصبح الأمر قريبا؟؟
لماذا تراه عسيرا عليها أن تهبه روحها وجسدها؟؟
وربما كان كل هذا.. لأنها تدعي نسيان إهانة لم تنسها!!

فكيف تهبه الروح التي شك ولو للحظة في نقائها؟؟
وكيف تهبه الجسد الذي شك ولو للحظة في طهارته؟؟






**************************************






" كاسرة لا تكونين ناوية تسهرين عندي الليلة بعد؟؟
خلاص بكرة دوام!!"

كاسرة ابتسمت بتحكم بالغ وهي تجيب وضحى:
لا طبعا ليش أسهر عندش..
أمس وقبل أمس سهرت عشان ويك إند.. بس بكرة على قولتش دوام..

وضحى تبتسم بمرح: الظاهر العرس خربش.. قبل كان مستحيل تسهرين للفجر إلا في الأعياد..


كاسرة تنهدت في داخلها.. يبدو أنها الليلة لا مهرب لها من مقابلته..
بعد أن تهربت اليومين الماضيين بحجة إنهم في إجازة نهاية الأسبوع..
ولكن قبل ذلك كانت تتفاجأ به كل ليلة كالشبح في غرفتها..

لم ترد أن تهرب من غرفتها حتى لا يلاحظ أحد شيئا غير طبيعي فهم لم يعهدوها تخاف من شيء..
كما أنها لم ترد أن يظنها كساب خائفة منه هو شخصيا وهي تظن إنه سيمل وسيتوقف..
ولكنه مازال لم يمل.. وهي لابد أن تفكر بحل جذري لهذه المشكلة..
فهي لا يمكن أن تسمح له بفرض نفسه عليها أكثر..

الأمر بات ضاغطا وجارحا لأبعد.. تظن حين تنام أنها ستصحو هذه المرة ولن تجده ..
لتتفاجأ انها أحيانا تصحو وهي نائمة على صدره!!
تكاد حينها ان تصفعه حتى تتعب .. ثم تشد شعرها حتى يتمزق!!

وأحيانا أخرى تقرر أن تنتظره جالسة لتعرف من أين تدخل.. فتراه يدخل بكل بساطة عبر نافذة تأكدت من إغلاقها..

هل هذه حياة طبيعية؟؟ زوج يدخل لزوجته عبر النوافذ المغلقة؟؟
كما لو أنها تعيش حياتها في فيلم أكشن سخيف لا تستطيع ترقب مشهده التالي!!

والأغرب والأكثر إيلاما معرفتها اليقينية أنها تتلهف لرؤيته حتى نخاع النخاع..
فهي لا تنكر أبدا على نفسها ولعها به.. فهي تعلم تماما كم هي مغرمة به..
ولكنها لا بد ان تنقطع عن رؤيته حتى تستطيع إغلاق جروح قلبها وروحها التي لن تغلق مادامت رؤيته زادا لهذه الجراح...


اليومان الماضيان لم تعد لغرفتها حتى صلت الفجر.. ومع ذلك وجدت آثاره في الغرفة
الليلة الأولى أثار عاصفة من الفوضى في الغرفة رغم أنها تعلم أنه مرتب ومنظم كالمسطرة..
والبارحة بكل وقاحة ترك ملابسه في الحمام بعد أن استحم واستخدم مناشفها..
تتخيل منظرها لو أن الخادمة أو والدتها دخلت الحمام قبلها..ووجدت ملابس رجل فيها..
كيف سيكون موقفها؟؟..

ويبدو أنه الليلة لا مفر من مقابلته وهي تعود لغرفتها في وقت مبكر.. فهي تريد أن تشبع نوما قبل أن يعكر صفوها بوجوده الثقيل..
فهو رغم لمساته التي تتجاوز الحد أحيانا.. إلا أنها تعترف أنه لم يحاول مطلقا إجبارها على شيء.. وهو يلتزم الحدود القاطعة معها..
رغم أنها تعلم صعوبة التزامه الحدود حتى لو أظهر تحكمه البالغ بنفسه..

ولكن حتى لو حاول.. فهو لن ينجح..
لأن مابينهما انتهى.. انتهى إلى غير رجعة!!!





*********************************






" علي هذي والله العظيم مهيب حالة..
شوف نفسك قربت تنهار..
وأنا وأنت كل يومين رايحين كن حن حرامية عشان ماحد يدري من أهلنا
نركب عليك مغذي ونضرب أبر فيتامينات"

كان كساب ينظر لعلي المنهار بإرهاق في مقعد السيارة المجاور له وهو يقود السيارة
عائدين من المستشفى كعادتهم كل يومين أو ثلاث ليركب الجلوكوز على علي
بعد أن باتت شهيته مسدودة عن الطعام لأبعد حد..
عدا عن إرهاقه النفسي!!
علي هتف بإرهاق: زين وش تبيني أسوي؟؟

هتف كساب بغضب: اصطلب يا رجّال.. حالتك مهيب حالة رياجيل..
إذا قلبك بيسوي فيك كذا اشلعه من مكانه أحسن وأبرك..

علي نظر لكساب من تحت أهدابه ويهتف بنبرة مقصودة:
لا.. حالة الرياجيل إني ما اقدر أمسي الليل وأنا اطوف حول بيت هل مرتي لين صلاة الفجر....

كساب نظر بصدمة لعلي لم يتوقع أن أحدا قد يكتشفه..
رغم أن علي الهادئ الساكن والعميق كان دائما دقيق الملاحظة وهو يراقب بصمته وعمقه..

كساب صمت وهو يشد على المقود ويعتصره بين كفيه بغضب وعلي يكمل بذات النبرة المقصودة:
أنت ياكساب آخر حد ممكن يعطي نصايح..
يا أخي يومك رايح في خرايطها ومالك صبر عن مرتك..
وش فيك مسوي روحك اللي مايهمه حد وأنت قلبك ذايب..؟؟
اشلع أنت قلبك من مكانه يا رجّال واصطلب...

كساب بغضب متفجر: لا.. إلا أنا اللي باخذ نصايح من واحد ماصدق يشوف له زول مره
ويتسكر عليهم في مكان إلا هو اللي رايح في خرايط خرايطها..

علي هز كتفيه ببساطة: على الأقل ماكابرت في مشاعري.. ولا كذبت ولا ادعيت..

كساب يحاول أن يكتم غضبه: وأنا ما أكذب ولا أدعي..

حينها حاول علي أن يعتدل جالسا وهو ينظر لكساب بشكل مباشر ويهتف بنبرة حازمة مباشرة:
زين يا اللي ماتكذب ولا تدعي.. أنت وش تسوي في بيت أهل مرتك..
مزون كانت اللي لاحظت إنك ترجع وقت الآذان بلبس رياضة وتبدل وتروح للصلاة على طول..
وطلبت مني أشوف وش فيك.. كانت تظنك تركض لين صلاة الفجر وأنك متضايق من غيبة مرتك..
مادرت إنك منت بمتضايق بس.. لكن ميت من الشوق لدرجة إنك قاعد تراقب البيت لين يأذن الفجر..
أو قل لي.. فيه شيء غير المراقبة؟؟ معقولة ذا الساعات كلها قاعد تراقب بس؟؟

كساب بين صرير أسنانه: مهوب شغلك.. وياويلك حد يدري..
مشاكلي بأحلها بروحي..

علي عاد ليسترخي وهو يهتف بثقة: لو أني بأعلم كنت علمت مزون اللي بالها مشغول عليها..
لا تخاف... متى كنت ما أكتم سر ؟؟ ..
بس لا تعاتبني وحالك مثل حالك..

كساب زفر بحرارة وهو يشعر بضيق متعاظم..
يكره أن يبدو في مظهر ضعف أو أن يمسك عليه أحدهم ممسك..
ويكره أكثر عدم توصله لهدفه مع كاسرة وكسر مقاومتها رغم مرور كل هذه الأيام..
فهو كان ينتظر أن تمل من ضغط زياراته وتقرر أن تعود!!
يريدها أن تعود بأي طريقة.. بــــأي طـــريـــقــة!!
لأنها ما أن تعود لبيته لن يسمح لها أن تفكر حتى بتركه مرة أخرى!!





**********************************





" شوشو عندي لش مفاجأة تطلعش من المود المتوتر شوي!!"

شعاع تلتفت لجوزا وتنتبه من شرودها الناتج عن قلقها وترقبها لتطورات حالة عبدالرحمن: ها نعم؟؟

جوزا بحماس رقيق: عندي لش مفاجأة!!

شعاع بترقب: ويش؟؟

جوزاء ترقص حاجبيها: صورة المسيو علي.. أخيرا جبتها لش!!

شعاع قفزت بجوارها وهي تهمس بحماس طفولي: أخيرا مابغيتي.. صار لي أكثر من عشرة أيام وريقي نشف معش
والله لو أني طالبة مخططات مبنى البنتاغون كان قد جبتيها..

جوزا تضحك فهي سعيدة جدا بتطورات حالة عبدالرحمن وكوالدها وأمها وشعاع تظنها علائم الصحوة القريبة:
يمه البنت مافي وجهها سحا.. بغت تأكلني..
يا أختي أنا طلبتها من أخته دايركت لأنها كانت قد لمحت لي إنه لو أنتي تبين صورة بتجيبها..
بس أنا استحيت وقلت مافيه داعي..
وعقبه تشجعت وطلبتها منه.. واتفقنا لا رحت أزور خالتها نتقابل هناك وتعطيني إياها..
وتوني زرتها البارحة..

شعاع بلهفة: زين وينها؟؟ وينها؟؟

جوزاء تبتسم: في شنطتي..

شعاع قفزت لتأخذ الحقيبة بلهفة وبعثرت محتوياتها بذات اللهفة.. ولكنها لم تجد شيئا همست بخيبة أمل عميقة:
جوزا مافيها شيء!!

حينها ضربت جوزا رأسها: يووووه البارحة كان معي شنطة غير هذي!!
خلاص بتكون في بيتي..

شعاع تكاد تبكي: زين أنا وش استفدت الحين كون إنش شفقتيني على الفاضي..
يا الله روحي لبيتش جيبيها..

جوزاء تضحك: آسفة يا الشيخة.. الساعة الحين عشر ونص وحسون راقد.. ومستحيل أطلب من عبدالله يوديني ذا الحزة..
بكرة بأجيبها لش...
وبعدين تطمني أنا شفته..صحيح ضعيفون شوي.. بس مزيون وماعليه باس.. أبصم لش بالعشرة والعشرين بيعجبش..

شعاع تكتف ذراعيها بغضب: ياسلام... وأنا وش علي من رأيش.. أنتي اللي بتاخذينه..؟؟


أم عبدالرحمن قاطعت جدلهم خارجة من غرفتها وهي تهمس لجوزا بإرهاق:
جوزا ادعي أبو حسن ينام عندش هنا.. واختاروا أي غرفة تبونها...كفاية البارحة أمسى في المجلس..

جوزاء بخجل: لا يمه فديتش.. عبدالله ملزم يمسي في المجلس..
ومستحيل يدخل داخل البيت..







***********************************





هذه الليلة نامت فعلا مبكرا... قررت أن تريح بالها منه ومن التفكير فيه..
لتصحو بعد منتصف الليل على أنفاسه حارة ملتهبة تلفح كتفها وهو يحتضنها من ظهرها وذراعيه تحيطان خصرها بقوة..

همست بسكون وهي تريد أن تبكي من هذا الحصار:
كساب أنت مسخن؟؟ نفسك حار بزيادة...

قبل كتفها حيث تتساقط أنفاسه وأجاب بسكون كسكونها: مهتمة يعني؟؟
كاسرة أنتي ماتعبتي من العناد؟؟

أجابت بخفوت وهي تتحسس أنامله الساكنة على خصرها بحنان دون أن تشعر:
وأنت ماتعبت من طريقتك في فرض رأيك بدون ماتقدم تنازلات..؟؟

أفلتها ليديرها ناحيته.. أنامله تتبع تفاصيل وجهها بدفء وشجن واشتياق
هتف بشجن: كاسرة أنتي لحد الحين ماقلتي لي وش اللي مزعلش مني بالضبط
صارحيني بالتفصيل.. خلينا نخلص من ذا السالفة..

كاسرة أمسكت كفه التي تعبر وجهها واحتضنتها بين رقة أناملها.. وهمست بألم:
كساب أنت تحبني وإلا لا؟؟

شعر بالصدمة من سؤالها.. لم يتخيل أنها قد تسأل بهذه المباشرة والشفافية والوجع.. همس بسكون:
ومافيه حياة زوجية تستمر بدون حب يعني؟؟

أجابته بألم أعمق لأنه تجاهل الإجابة عن سؤالها المصيري:
فـيـه... تستمر بالاحترام والمصارحة بين الزوجين..
وكلها مفقودة عندك.. أنت ماتحترمني.. وفي حياتك أسرار واجدة واقفة بيننا..

حينها همس بألم لأول مرة تسمعه بنبرة صوته مخلوط بنبرة استنكار موجوعة:
كاسرة أنا ما أحترمش..؟؟
ضربتش مرة؟؟ هنتش؟؟ سبيتش؟؟ جرحت في حد من هلش؟؟

أجابته بوجع: لا.. محشوم
بس وين الاحترام وأنت عمرك ماحسستني إني شيء مهم في حياتك..؟؟
تطلع وتدخل على كيفك.. كنك عزابي.. وبدون حتى ما تأخذ بخاطري!!
كلمة حلوة عمري ماسمعت منك..
حياتك مليانة غموض مستحيل تشاركني بشيء فيها!!

أنا يا كساب عداني العيب خلاص..
قمت بواجبك على أكمل وجه..
مستحيل إنك كنت ترجع البيت ماتلاقيني قدامك قاعدة ومتعدلة وأنتظرك..
احترمت غيبتك وحضورك.. واحترمت هلك وكل من يهمك..
وقمت بواجب بيتك وعزايمك ومقابلة حريم الناس اللي لك شغل معهم وحريم ضيوفك الأجانب..بدون ما أشتكي..
عمري ماطلعت مكان حتى لو أنت مسافر إلا لما أخذ أذنك..
كل هذا سويته عشانك.. وأنا ما أتمنن.. لأن هذا واجبي ومهوب طيب مني..
لكن أنت وش قدمت لي في المقابل..؟؟ سويت على الأقل واجبك..؟؟

كساب أنا ما ابي زوج بنص دوام.. ونص مشاعر..
أنا أستحق منك أحسن وأكثر من كذا..
مايكون قدري عندك هو فتات وقتك ومشاعرك اللي فاض عن هلك وشغلك ومشاريعك وغموضك..
وكل شي هو أهم عندك مني.. وأنا في ذيل القائمة..


لم يجبها بشيء ولكنه شدها ليدفن وجهها في صدره..
تمنت حينها أن تبكي..أن تحرق صدره بدموعها.. أن تخترق ضلوعه بأنينها..
ولكنها يستحيل أن تفعلها.. فهي ستبدو كمن تستجدي مشاعره حتى يشفق عليها..

همس في عمق أذنها بخفوت ثقيل: ارجعي معي وإن شاء الله يصير اللي يرضيش..

همست بألم وجهها مختبئ في صدره: اللي يرضيني وأنت حتى حبك مستكثره علي؟؟

حينها سألها وهو مازال يهمس في أذنها: أنتي الحين تطلبين مني حب أنتي ماعمرش عبرتي لي عنه..

همست بشجن مثقل بأمل ما: المفروض المبادرة تكون منك..

صـــــمــــت..
صمته ذبحها من من الوريد للوريد..
مضى وقت ما.. وهما على ذات الوضع
أنفاسه تسكن أذنها.. وأنفاسها تسكن صدره..
حينها همست باختناق أخفته خلف سكون صوتها:
كساب هدني أبي أقوم الحمام..

ماعادت تحتمل.. تريد أن تنتحب كما لم تفعل من قبل.. تريد أن تبتعد عنه لتترك لدموعها المجال..
ولكنه لم يفلتها وهو يغمر حرير وجهها بقبلاته الناعمة اللاهبة.. حينها هتفت بغضب مقهور مكتوم:
كساب هدني.. اللي تبيه مستحيل يصير..

أجابها ببساطة موجوعة حازمة: وأنا ما أبي شيء..
أما اللي في بالش.. بأخذه..بس لا جيتيني أنتي في بيتي..
في غرفتنا ومكاننا... إذا رجعتي الرجعة اللي مستحيل تطلعين عقبها..

زفرت بغضب مثقل بالحزن وهي تسند كفيها بكل قوتها في صدره لتبتعد عن مداه: هدني.. هدني..

أفلتها حينها.. ونهضت لتهمس له بخفوت وأنفاسها تتقطع:
أرجوك كساب على الأقل احترم العشرة اللي بيننا..
أرجوك لا تجي غرفتي مرة ثانية..
لو سويتها وجيت.. اعذرني.. باحط كاميرات على الدرايش
وتخيل منظرك لو هلي وهلك شافو التسجيل بس..

همس بثقل: مايهمني.. أنا أبيش ترجعين لبيتش وبس..

همست بحزم موجوع وهي توليه ظهرها متجهة للحمام: وأنا ماراح أرجع..
واللي بيننا انتهى خلاص..
فخل عندك شوي كرامة واحترم نفسك ومافيه داعي تفرض نفسك علي بذا الطريقة!!!






*************************************





كان عبدالله يغفو للتو بعد صلاة الفجر..
حين تعالى رنين هاتفه.. قفز جزعا وهو ينظر للهاتف بارتياع كما لو كان سيحمل له خبرا مرعبا..
وحين رأى رقم هاتف الخادم الذي يلازم عبدالرحمن ووالده شعر بريقه يجف وحلقه يتشقق جفافا وهو يرد عليه باختناق: نعم أمجد!! فيه شيء؟؟

ليقفز عبدالله بصدمة وهو يرتدي ملابسه دون تفكير
بعد أن أخبره أمجد أن أبا عبدالرحمن سقط مغشيا عليه وتم نقله للإنعاش..




#أنفاس_قطر#
.
.
.
.

 
 

 

عرض البوم صور #أنفاس_قطر#  
قديم 30-11-10, 06:42 AM   المشاركة رقم: 64
المعلومات
الكاتب:
اللقب:
VIP




البيانات
التسجيل: Jan 2009
العضوية: 117447
المشاركات: 738
الجنس أنثى
معدل التقييم: #أنفاس_قطر# عضو جوهرة التقييم#أنفاس_قطر# عضو جوهرة التقييم#أنفاس_قطر# عضو جوهرة التقييم#أنفاس_قطر# عضو جوهرة التقييم#أنفاس_قطر# عضو جوهرة التقييم#أنفاس_قطر# عضو جوهرة التقييم#أنفاس_قطر# عضو جوهرة التقييم#أنفاس_قطر# عضو جوهرة التقييم#أنفاس_قطر# عضو جوهرة التقييم
نقاط التقييم: 1255

االدولة
البلدQatar
 
مدونتي

 

الإتصالات
الحالة:
#أنفاس_قطر# غير متواجد حالياً
وسائل الإتصال:

كاتب الموضوع : #أنفاس_قطر# المنتدى : القصص المكتملة (بدون ردود)
افتراضي بين الأمس واليوم/ الجزء الرابع الستون

 


بسم الله الرحمن الرحيم
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
ياهلا والله بالكل وياجعل نهاركم نهار البركة اللي تحاوطكم بخيرها وسكينتها
.
.
اليوم عندي شوي هذرة <== الله يعينكم.. بس هي فعلا هذرة في الصميم!!
لما انتهيت من أسى الهجران
وبدأت أخط الخطوط العريضة لبين الأمس واليوم
كانت ببالي خمس أفكار قررت أن أتناولها وبما أنه مثل ماقلت لكم سابقا هذي آخر رواية لي..
قررت إني أتناول الأفكار كلها..
لا أقول أنها هي أهم أفكار الرواية أو الأساسية لكنها هي اللي خطرت ببالي أول
ثم بدأت الأفكار الباقية بالظهور والتساند كل فكرة تدعم الثانية وتقويها
.
.
الفكرة الأولى: حب يصمد رغم مرور عشرات السنوات.. مثّله زايد لمزنة
وهنا يمكن فيه تساؤل خلني أجاوب عليه
الحين يا بنات كم وحدة فيكم أبوها أو عمها أو خالها في حدود الخمسين
هل تشوفينه شيبة؟؟
أو كم وحدة أمها أو خالتها أو عمتها في أواسط الأربعين.. هل هي عجوز؟؟
بصراحة أغلبية اللي أعرفهم من قرايبي في هالسن الرجّال جناتل فعلا.. رجولة ناضجة..
والحريم والله العظيم يغطون علينا يا البنات :)

يا بنات الزمن تغير.. وماعاد فيها شقاء أول وسوء أحوالها
وهالشيء انعكس على أشكال الناس وانشداد عودهم..
.
.
الفكرة الثانية اللي أغرتني فعلا ومن زمان نفسي أكتب عنها
شخصية مثل جيمس بوند :)
أدري شيء غريب.. لكن هذي قصة.. وأنا حسيت فيها تحدي لي..
وصياغتها كشخصية معقدة ليس فقط في الغموض ولكن حتى في الشخصية ككساب..
الحين هل فيه حد يقدر يقول إنه جيمس بوند فيلم غير ممتع؟؟
أو رجل المستحيل كتاب غير ممتع؟؟
كنا نستمتع فيهم كلهم لأبعد حد :) ....
وهنا قررت إدخال هالشخصية بطريقة تخدم الأحداث الأخرى فعلا بغرابتها وتفردها..


هنا خلوني أجاوب على تساؤل ذكي توقعته.. كساب جاب معه ملابس لما استحم؟؟ :)
تدرون بنات توقعت بالضبط إنه ممكن ينسأل هالسؤال..
فأنا خليته في الليلة الأولى اللي مالقاها فيها يسوي فوضى مع إنه مرتب.. لكن ماعنده شيء ثاني يسويه لأنه ماتوقع إنه ماراح يلاقيها
لكن الليلة الثانية خلاص استعد لأنه عرف إنها ممكن تسويها بما إنها في إجازة
فجاب غيار معه... بسيطة يعني :)

.
.
الفكرة الثالثة عمل البنت في عمل تتحدى فيه المجتمع والعادات والتقاليد
غالبا يجيبون البنت اللي تسوي كذا أساسا مايهمها حد ولا تهتم برأي الناس
فكيف لما تكون بنت تستحي وعندها اهتمام كبير براي الناس؟؟
مثل مزون!!
.
.
الفكرة الرابعة وحدة قوية ومغرورة وواثقة
لأني ماسبق جبت هالشخصية في رواياتي اللي سبقت
وطبعا الناس دائما تتوقع إن هالشخصية سيئة.. فكان التحدي إني أبين إنه لازم ما نأخذ من الناس ردات فعل مسبقة..
فكانت كاسرة.. وتعقيد شخصيتها المركبة أيضا!!
.
.
الفكرة الخامسة: إهداء لروح محمد الفيحاني الله يرحمه.. واحد من أشهر شعراء قطر..
من لما عرفت قصته وأنا بنت صغيرة.. رجّال متدين ومتعلم وله مكانة وعشق لدرجة إنه مرض ثم مات من العشق..
وأنا متأثرة جدا بها.. وحابة لو أقدر أذكر الناس فيه مع إنه مايحتاج.. أشهر من نار على علم..
يعني اللي يقولون عن علي بن زايد خيالي أو غير منطقي أو مراهق..
أقول مهوب صحيح ولا تلومونه.. لأنه شيء أقوى منه ومهوب يده
وجزء اليوم بالذات إهداء لروح الفيحاني رحمه الله رحمة واسعة
وبتدرون ليه من الأحداث..
.
.
جزء اليوم جزء قريب جدا جدا جدا من قلبي
أتمنى يعجبكم!!

.
.
الجزء 64
.
قراءة ممتعة مقدما
.
لا حول ولا قوة إلا بالله
.
.


بين الأمس واليوم/ الجزء الرابع والستون







عبدالله وصل إلى المستشفى مع خيوط الشمس الأولى..
كان يركض في الممرات بدون تفكير حتى وصل إلى غرفة الإنعاش كما أخبره الخادم..
يحاول إبعاد كل الافكار المؤذية وتجميد حتى محاولات التفكير..
مابين زوجته وأخته وعمه وأهل عمه.. كيف سيحتمل وجيعة كل هؤلاء؟؟
أ لم يأن له أن يرتح من الهموم التي كسرت ظهره؟!!

حين وصل بأنفاسه المقطوعة.. أخبروه أنه تم نقل إبي عبدالرحمن للعناية المركزة بعد أن تم إنعاشه..
ليعاود الركض للطابق السادس حيث العناية المركزة..

حين وصل كان أبو عبدالرحمن غائبا عن الوعي محاطا بأجهزة التنفس والتغذية..
جلس منهارا على مقعد قريب منه..

"يا الله ماذا حدث لك؟؟ "

لا يريد أن يُفكر حتى.. ليجد عشرات الصور المفزعة تقفز أمامه رغما عنه!!
يحتلها وجهان أثيران غاليان قريبان جدا من قلبه..
وجها جوزاء وعالية !!

حاول أن يقف.. ليجد قدميه متخاذلتين..
سأل الممرضة التي دخلت للتو لتتأكد من سير الاجهزة بصوت مبحوح تماما:
كيف حاله؟؟

أجابت بمهنية وهي مشغولة بأجهزتها: لا بأس.. تجاوز مرحلة الخطر أساسا..

سألها عبدالله بذات الصوت المبحوح: وما الذي حدث له؟؟

أجابته بذات المهنية: أزمة قلبية خفيفة.. وتجاوزها..

سألها بصوت مبحوح أكثر وأكثر: وما سبب الازمة؟؟

هزت كتفيها دلالة الجهل.. ليتلفت حوله باحثا عن أمجد ولم يجده..
حينها سحب قدميه برعب متجذر.. متجها لغرفة عبدالرحمن..
وهو شبه متأكد أنه لن يجده فيها..

كان يتقدم خطوة ويتأخر خطوتين..
قضى وقتا طويلا قبل أن يصل للغرفة حتى..
ووقف على بابها لوقت أطول وهو عاجز عن سحب أنفاسه الذاهبة..
ليس عاجزا مطلقا عن مواجهة الموقف كموقف.. لكنه عاجز عن مواجهة أحبائه بعده!!
كان مازال يقف أمام باب الغرفة وأفكاره تأخذه وتأتي به..
لينتبه بعد ذلك لحركة غير طبيعية داخل الغرفة..

زاد رعبه.. أما زال في الداخل.. وما زالوا لم يخرجوه..؟؟
لا يعلم لماذا كانت أفكاره كله موجعة!!
ربما لأنه ظن أنه لن يفعل بأبي عبدالرحمن ذلك سوى خبر فاجع لم يحتمله!!

حينها خرج أمجد لأنه يريد الذهاب للاطمئنان على أبي عبدالرحمن..
حين رأى عبدالله ..تفاجأ عبدالله حينها به يحتضنه وهو يبكي..

عبدالله فُجع وهو يرى أمجد يبكي على صدره.. أيقن أن كل مخاوفه التي ترعبه هي حقيقة..

ولكنه استغرب أن أمجد كان يبكي ويبتسم ويهذي بسعادة..
حينها أمسك عبدالله بكتفيه وهو يهتف بحزم: بس أمجد.. بس.. شنو صار؟؟

حينها تماسك أمجد قليلا ليخبره بما حدث..

قال أنهما عادا من صلاة الفجر.. وأنه كان يريد النوم.. بينما أبو عبدالرحمن كان يقرأ في المصحف قريبا من من عبدالرحمن..
حينها سمعا همسا ضعيفا متقطعا مبحوحا تماما: يـ ـبـ ـه.. يـ ـبه..


.
.
.




أبو عبدالرحمن وقف بجزع وهو يرتعش بصدمة.. ليتأكد من مصدر الصوت وهل هو يحلم..؟؟
مؤكد يحلم.. يحلم..يــــحـــــلـــــم!!
يــــــــــحـــــلـــــــــم!!
شعر بألم حقيقي في عضلات قلبه؟؟
كما لو أن عضلات قلبه تتمزق بحد مسنون يحفر شغاف قلبه وشرايينه بوحشية...

اقترب أكثر من عبدالرحمن .. اقترب وهو يشعر أن قدميه لا تحملانه.. لا يعلم حتى كيف استطاع الوصول للسرير..
كما لو أن شيئا أقوى منه حمله.. لأن قدميه كانتا كصخرتين لا يستطيع تحريكها..

حينهارآه على حاله.. ساكن مغمض العينين.. ف
زفر بألم عميق مثقل بالوجع والخيبة واليأس لأبعد حد (كنت أدري أني أتحلم)!!

لكن أمجد اقترب معه وهو يؤكد له أنه سمع الصوت أيضا..
حينها شعر فعلا أنه قلبه يؤلمه وأنفاسه تضيق وقدميه لن تحملاه أبدا.. وكأنها تشدانه للأرض بثقلهما..

استند على حاجز السرير بثقل ليمنع نفسه من السقوط... وهمس بكل حنان العالم وأمله ويأسه ووجعه..
همس بكل مابقي في روحه من أمل.. همس بكل ماتجمع في كيانه من اليأس
همس بوجع أيامله الذابلة وشيخوخته التي كسرت ظهره من بعده..:
عبدالرحمن.. عبدالرحمن ..دعيتني يأبيك.. تكفى يأبيك ماعاد فيني حيل..
تكفى يأبيك.. عبدالرحمن.. عبدالرحمن... رد علي يأبيك..


كان ينادي بكل مافي روحه من الأمل وهو يخشى أن يتحطم حين لا يسمع ردا..
وفي ذات الوقت كان ينادي وبداخله إحساس أنه لن يجيبه أحد..لصعوبة كل هذا الأمل عليه..!!

لذا كانت صدمته البالغة أنه سمع ذات الهمس المتقطع المبحوح ولكن هذه المرة من بين شفتي عبدالرحمن الجافة وهو يراها أخيرا تتحرك أمامه:
يـ ـبـ ـه.. يـ ـبـ ـه..

أبو عبدالرحمن شهق شهقة حادة.. لم يستطع أن يحتمل أبدا.. سقط مغشيا عليه من فوره..
ليرتاع أمجد وهو ينادي الممرضين ليحملوه لغرفة الإسعاف فورا..


.
.


ثم أخبر أمجد عبدالله أنه عاد بعد ذلك لغرفة عبدالرحمن..
وأن عبدالرحمن فتح عينيه بصعوبة وأنه عرفه وناداه باسمه.. ثم عاد للنوم..
وطلب أمجد حينها من الممرضات أن يتصلن بالأطباء
وأنهم كلهم في الداخل الآن مع عبدالرحمن...

ثم هتف أمجد بين ابتساماته ودموعه وهو يختم حكايته: أنا بيروح بابا كبير
أنتي خلي مع عبدالرحمن..
حمدلله ربي.. حمدلله ربي!!


عبدالله دخل بخطوات مترددة... وجلة.. مثقلة بتضاد اليأس والامل.. لا يعلم لماذا مازال قلقا حتى مع بشارة أمجد!!

دخل ليجد الاطباء يحيطون بسريره..
يحاولون إفاقته وهم يراجعون كل المؤشرات..

الطبيب المسئول حين رأى عبدالله هتف بحزم: زين إنك هنا..
تعال قرب.. نبي نفوقه الحين.. ونبي نشوف لو هو بيعرفك..
لأن البوي اللي عنده يقول إنه عرفه وناداه باسمه.. بس أنا أقول يمكن إنه يتهيأ له..
ونبي نتاكد بنفسنا..

الطبيب أعطاه إبرة ثم بعد دقيقة هزه برفق..
حـــيــنــهـــا... فتح عبدالرحمن عينيه بصعوبة وعاود إغلاقها ثم فتحها بشكل جزئي..
عبدالله كاد قلبه يتوقف من الترقب فعلا.. لم يتوقع أنه سيرى عبدالرحمن يفتح عينيه مرة ثانية..رغم أمله الشاسع في ذلك..
ولكن الأمل شيء مختلف عما كان يشعر به وهو يرى الشهور المتطاولة التي غرق عبدالرحمن فيها في غيبوبة عميقة..

عبدالله اقترب من عبدالرحمن وهو يربت على كتفه بحنان ويهتف بصوت هادئ عميق رغم اشتعاله بالترقب:
عبدالرحمن عارف أنا من؟؟

عبدالرحمن عاود إغلاق عينيه وفتحها ثم هتف بصوت مبحوح تماما ومقطع:
عـ ـبد الـ ـله .. ويــ ـن راح ابــ ــي؟؟

عبدالله حينها كاد يجن من السعادة وهو يقبل جبين عبدالرحمن ويرتعش:
الله أكبر.. الله أكبر..
ابيك قريب.. قريب.. راح قريب وبياتي الحين..

حينها هتف عبدالرحمن بذات الصوت المبحوح المتقطع:
ريــ ــقــ ـي نـ ــا شـ ــف..
عـ طنـ ـي مــ ـاي..

كان عبدالله سيتناول القنينة ليبلل شفتيه فقط لأنه يعلم خطر أن يسقيه بعد كل هذه الأشهر التي لم يستخدم فيها فمه لتناول شيء..
بعد أن كان يسكب الطعام السائل بأنبوب داخل حلقه مباشرة..

لكن الطبيب منعه وهو يهتف بحزم: خله حن بنعطيه.. انتظر شوي..

عبدالله حينها هتف للطبيب بحزم: أنا بأروح شوي وبأرجع..

كان يريد أن يكون من يبلغ جوزا ووالدتها بنفسه.. لم يردهم أن يسمعوا الخبر من سواه فيفجعوا به
أراد أن يكون من يهيئهم له..

واتصل وهو خارج بصالح وفهد ليكون أحدهما مع عبدالرحمن والآخر مع أبي عبدالرحمن حتى يعود..
خرج وهو يشعر كما لو أنه يحلم..
أ يعقل عبدالرحمن يصحو بعد كل هذا!!
أ يعقل؟؟
يا سبحان الله ما أكبر رحمته!!
الله أكبر.. الله أكبر.. الله أكبر...





***********************************






كانت منهارة تماما وهي تسند رأسها لطرف كتف عبدالله وتنتحب بخفوت
بينما عبدالله يكتف يديه في حضنه.. رغم أنه يتمزق.. وكل رغبته أن ياخذها في حضنه ليهدئ بكاءها العميق منذ علمت بصحوة عبدالرحمن..

ولكنه بالطبع لا يستطيع فعلها في وجود أم عبدالرحمن وشعاع اللتين تحيطان بسرير عبدالرحمن..
بعد أن عادتا من غرفة أبي عبدالرحمن الذي نُقل لغرفة عادية قريبة من غرفة عبدالرحمن بعد أن فاق من أثر الأزمة الخفيفة..


أم عبدالرحمن التفتت بيأس لعبدالله وهي تهمس بنزف روحها الثكلى:
عبدالله يأمك أنت متأكد إنه قام..؟؟

عبدالله بابتسامة حانية مثقلة بالشجن: والله يمه إنه قام وعرفني.. انتظري عليه شوي
يعني صبرتي يمه ذا الشهور كلها.. اصبري شوي بعد..

أم عبدالرحمن همست بأنين وجعها العميق: مل الصبر مني ومليته يأمك..

لم تمضِ دقائق حتى فوجئ الجميع بدخول أبو عبدالرحمن على كرسي مدولب تتبعه ممرضة بالمحلول المعلق في يده ويدفعه أمجد..

شعاع كانت أول من بادرت وهي تنكب على قدمي أبي عبدالرحمن وتدفن وجهها في حضنه وتنتحب نحيبا مكتوما..
أبو عبدالرحمن هتف بتثاقل مرهق وهو يربت على رأسها:
أخيش قام يا شعيع.. قام..
دعاني اليوم.. قام..

جوزاء نهضت لتقبل رأس والدها وهي تهمس بين شهقاتها:
سلامات يبه.. خطاك الشر فديتك...والحمدلله على سلامة عبدالرحمن..

الممرضة بقلق همست: أديك شفتهم ياعمنا الحج..
خليني أرجعك..

همس أبو عبدالرحمن بذات تثاقله الحازم: والله ماعاد أروح مكان..
تبوني.. هذا أنا هنا..

الممرضة بجزع: ماينفعش ياعم الحج..

عبدالله أشار لها بثقة: خلاص روحي أنا بأكلم الدكتور بنفسي..

الممرضة خرجت حينها.. وأمجد يتبعها..

حينها أبو عبدالرحمن هتف بلهفة: حكاكم؟؟

همست أم عبدالرحمن بألم عميق ممزق: لا.. صار لنا عنده ساعتين وهو ماحتى بطل عينه..

عبدالله هتف بمودة: يمه كلميه.. ادعيه..
من يوم جيتي وأنتي واقفة فوق رأسه وساكتة..

أم عبدالرحمن تشعر أن ريقها جاف تماما.. لم تجرؤ حتى تناديه.. فروحها تحلق في سعادة مبتورة منذ علمت أنه فتح عينيه..
تخشى أن تناديه.. فلا يرد عليها.. حينها لن تحتمل.. لن تحتمل أبدا..
تخشى ألا يكون هذا سوى حلم عذب وآن لها أن تصحو منه حتى تعود لأيام حرقتها الطويلة التي لا تنتهي..

شعاع ربتت على كتف إمها وهمست بصوت خافت مبحوح من البكاء:
يمه تكفين كلميه.. ادعيه..

أم عبدالرحمن اقتربت وهي تشعر أن كل مافيها يذوي.. صوتها.. جسدها.. أعصابها..
رفعت طرف برقعها من الأسفل بشكل جانبي.. لتقبل جبينه بشفتيها المرتعشتين وتطيل في معانقة جبينه وهي تتنفس عبق رائحته من قرب..
رغم أنها تقبله كل يوم ولكن اليوم مختلف.. مختلف.. ثم اقتربت من أذنه وهي تهمس بخفوت مرتعش متألم..
تناديه كما لو كانت تناديه من أقصى مكان في روحها المثقلة:
عبدالرحمن يأمك.. طالبتك ترد علي..
يأمك نشفت عروق قلبي وأنا أتنى كلمة يمه منك..
يأمك قوم.. وقل لي يمه.. عبدالرحمن.. عبدالرحمن..

حينها ارتعشت أجفانه.. شعاع هزت أمها وهي تعتصر عضدها وتهمس بصوت مبحوح تماما: يمه بيفتح عيونه.. بيفتح عيونه..

الجميع أحاطوا بسريره.. وأم عبدالرحمن بالكاد تصلب جسدها وتبدو ستتهاوى...
ابنتاها لاحظتا ذلك.. فاحاطتا بها من الناحيتين وهما تمسكان بها.. والجميع يشتركون في لحظات الترقب القاتلة..

عبدالله حينها خرج.. ليشد الستارة عليهم ويغلق الباب..
فهذه لحظة خاصة بهم يجب ألا يكدر صفوهم فيها أحد...

حينها شعاع وجوزاء كل واحدة منهما شدت نقابها عن وجهها وكأنها تريد أن يفتح عبدالرحمن عينيه على وجوهم كلهم..

بينما أبو عبدالرحمن يجلس على مقعده من الناحية الأخرى من السرير.. وقلبه يكاد يتوقف من الترقب بتزايد دقاته التي أرهقت قلبه الضعيف..
مع أنه هذه المرة استعد لصحوته..
استعد تماما...

ولم يخيب أمل عبدالرحمن أملهم جميعا وهو يفتح عينيه بصعوبة..
وعيناه تبحثان بوجع عن وجهها الحاني بعد أن سمع صوتها تناديه..

تلفت حتى رأى عينيها مغرقتين بسيل الدموع تطلان عبر فتحتي برقعها..
همس بصوته المبحوح المتقطع وهو يقطب جبينه بألم:
يـ ـمه.. أبـ ـي أشـ ـوف وجـ ـهـ ـش تـ ـكـ ـفـ ـين!!

حينها انفجرت كل من شعاع وجوزاء في البكاء بصوت مسموع مثقل بالشهقات السعيدة الشفافة..

بينما أبو عبدالرحمن سالت دموعه بصمت وهو ينظر للمنظر أمامه عاجز عن التدخل فيه حتى..

أم عبدالرحمن رفعت برقعها فوق رأسها وهي تنكب عليه تقبل كل ماتقع عليه شفتيها دون تمييز وهي تشهق..وتشهق..
شهيقها مثقل بالأنين والوجع والسعادة وهي تهذي بكلمات غير معروفة..

عبدالرحمن حاول مد يده الحرة ليحتضن رأسها..
لكنه شعر بخدر في يده عدا أن جوزاء وشعاع كل واحدة انكبت تقبل ناحية من يده..
إحداهما عضده والأخرى كفه..


هتف بثقل متقطع وحزن عميق يرتسم على ملامحه: بـ ـس تـكـ ـفون.. أنـ ـا طيـ ـب..

ثم أردف بثقل أشد وهو يحاول بلع ريقه دون فائدة لشدة جفاف حنجرته:
إبـ ـي ويـ نـه؟؟

حينها هتف والده بصوت مختنق تماما: هنا يأبيك..هنا جعلني فداك!!

عبدالرحمن صوته بالكاد يظهر بعد أن استنفذ قدرته: وينـ ـك ما أشـ ـوفك؟؟

فاضل حاول أن يقف ولكنه لم يستطع.. فشد كف عبدالرحمن وقبلها وهو يغرقها بدموعه المنهمرة..
عبدالرحمن شدها بجزع رغم خدر أطرافه وهو يهتف بجزع بصوته الذاهب:
لا يبـ ـه طت ـالبك تـ ـكفى مـ ـاتحب يـ ـدي
أنا اللي أبـ ـي أحـ ـب رأسـ ـك ويـ ـدك..

أم عبدالرحمن انهارت تماما على مقعدها جواره..
بينما جوزا وشعاع كلتاهما انزوتا في الزاوية وكل منهما تحتضن الأخرى وتنتحب..!!
كل هذا كثير.. كثير..
ما أكبر نعمتك يارب العالمين..
وهم يشعرون بالفعل بهذه النعمة تحيط بهم في هذه اللحظات..
وتحلق بهم في سماوات يستحيل أن تكون تنتمي للأرض لشدة ماعمرت قلوبهم السعادة المضنية التي كادت تمزق شراييتهم بتدفقها!!
سعادة كأنها لم تخلق على الأرض قبل ذلك..
ولم تعرفها قلوب البشر من قبل!!







******************************************






" فهيدان.. أنت ماعندك اليوم أوف؟؟
وش مقحصك من صباح الله خير؟؟"

فهد ينظر لعالية التي كانت وقفت حين رأته دخل.. لأنه كان يريد الصعود لينام من شدة إرهاقه.. ولم ينتبه لها..

فهد يتوقف عند أول الدرج ويهمس بإرهاق: تعبان حدي علوي!!
مارقدت حتى ساعة.. مهوب رجالش أول.. وعقبه أنتي تكملين علي...

حينها همست عالية باختناق حقيقي وجزع تخلل روحها حتى أقصاها:
رجّالي.. وش فيه عبدالرحمن؟؟ وش فيه؟؟

أجابها فهد ببساطة باسمة وهو يصعد: ليه أنتي مادريتي إنه قرر يرجع لعالم الأحياء..
أنا منه وأنا داري إني بأرجع لش.. كان قلت الغيبوبة أحسن!!


عالية انهارت جالسة.. بل وصف الانهيار لا يتناسب مطلقا مع حالة الانهدام الكلي الذي شعرت به...

أ هكذا يصحو عبدالرحمن من الغيبوبة دون أن يكلف أحدا نفسه بإخبارها وكأنها مخلوق لا أهمية له في حياته؟؟
أ هكذا يعود للحياة وتعلم هي بالصدفة؟؟
أ تكون تعاني في كل دقيقة من غيابه ولا تكون أول من يعلم بعودته من الغياب؟؟
أي جريمة هذه التي ارتكبوها بحقها؟؟
أي قلوب هذه التي لم تحس بها وبلهفتها عليه وبوجيعتها في كل لحظة من أجله؟؟
كانت اليوم معه في نفس المكان.. فكيف لم تشعر أن الأرض أزهرت..والسماء أشرقت.. والعصافير حلقت بعد الغياب...

دون أن تشعر التقطت هاتفها وهي تتصل بالسائق أن يحضر.. وصرخت بالخادمة أن تحضر عباءتها من غرفة الكوي وتستعد لمرافقتها..
ولكنها بعد ثوان انهارت جالسة وهي تعاود الاتصال بالسائق وتطلب منه إعادة السيارة لمكانها..
وتطلب من الخادمة أن تعود بالعباءة والشيلة والنقاب لمكانها..

ثم صعدت لغرفتها.. وأغلقت بابها..
وانخرطت في بكاء حاد... منذ زمن طويل لم تبكِ هكذا..
بكت من أعمق أعمق أعمق نقطة في روحها..

تكاد تموت لتراه.. لا تتخيل أن ستراه أخيرا بعيون مفتوحة وستسمع صوته..
ولكنها أيضا تعلم أن هذا يستحيل أن يحدث..
الظروف والعادات والتقاليد والخجل كلها تقف حواجز في طريق رؤيتها له..


أما الغريب أنها غرقت حتى مافوق أذنيها في غرامه وهو نائم..مغلق العينين.. تشعر بالحرية وهي تثرثر فوق رأسه..
لا تستطيع أن تتخيل كيف ستنظر لعينيه وهما تنظران لها بشكل مباشر..
كيف ستحادثه وهي تعلم أنه قد يرد عليها..
كيف ستعود لتشعر معه بذات الحرية والإنطلاق..
أي غرابة تعيشها؟؟ وأي غرابة هذه اللي تسيطر على أفكارها؟؟

" أنتي الحين يا الخبلة لش أمل تشوفينه مبطل عيونه وإلا مسكرها؟؟
ابكي على الأطلال بس!!"








*************************************






" كلمت عمك تهنيه سلامة عبدالرحمن؟؟"

علي يضع كتاب كان في يده ويعتدل جالسا وهو يهمس بإرهاق:
كلمته.. وكان ودي أجيهم بنفسي.. بس اليوم تعبان حتى الدوام ماقدرت أروح..

زايد بقلق: مهوب عوايدك يأبيك تقعد من دوامك.. وش أنت حاس فيه!!

علي بمودته الصافية: شوي إرهاق بس جعلني فداك..

علي لا يريد اخبار والده أنه بالأمس سقط مغشيا عليه في استقبال رسمي لوفد أجنبي..
ولكن لحسن حظه أنه كان يقف في زاوية.. وزميله رآه وهو يترنح فسحبه للداخل قبل أن يسقط.. وقبل أن ينتبه له أحد..
يتخيل منظره لو أنه سقط وهو يصافح الوفد...

رغم حبه الشديد عمله في المقام الاول.. ومن ثم رغبته في عدم أخذ إجازة حتى يجد شيء يشغله..
لكنه قرر ختاما أن يأخذ إجازة طويلة حتى يرى على ماذا سيستقر حاله..
فهو لا يستطيع أن يكون في هذا المنظر غير اللائق بوظيفته ولا مهنيته..
وخصوصا أن إجهاده بدأ يؤثر على عمله!!

زايد يجلس بجوار علي السرير وهو يهتف بقلق: اشرايك يا أبيك نسافر مكان يسوون لك فحوصات؟؟
وإلا خلنا مبدئيا ندخلك المستشفى هنا..

علي بمودة مخلوطة بالاحترام: مافيني شيء جعلني فداك يستلزم فحوصات..
بأريح كم يوم وأصير زين إن شاء الله..

زايد يرفع الكتاب الذي كان يقرأ فيه علي ويهتف بشجن موجوع:
وش تبي بذا الكتاب اللي منه فايدة تقراه..؟؟

علي ابتسم: يبه قد شفتني أقراه قبل أكثر من مرة.. وعمرك ماقلت مامنه فايدة..
وإلا عشانك خايف إنه يذكرني بحالي...؟؟

هتف زايد بشجن عميق: الله يرحمه كان رجّال(ن) نادر.. بس ذاك زمن وذا زمن.. يأبيك..

احتضن علي ديوان "محمد الفيحاني" بين يديه وهتف بعمق: يبه مهوب من بعد وقته من وقتنا..
من قبل.. على كثر ما أنا تأثرت من قصته.. بس ماحسيت فيه إلا الحين..
تدري يبه يقولون إن الفيحاني يوم مات يمكن عمره قريب من عمري.. ما بيننا إلا سنة..

زايد بجزع مغلف بحزمه: أمحق طاري.. أنت رجال متعلم وراعي دين وش ذا الخرابيط..

ابتسم علي بشجن: يبه الله يهداك؟؟ هذي سالفة والكلام أخذ وعطا..
ثم أردف بشجن عميق مثقل بالتأثر: وإذا على التعليم والدين وحتى الفلوس والمكانة.. ربي عطا الفيحاني منها كلها من أوسع باب..
تعلم خير تعليم ..
والفلوس كان ربي منعم على هله بخير واجد..
والدين كان متدين لدرجة إنه كان إمام مسجد لفترة.. وهو توه في أول العشرين..
ويقولون بعض الناس إنه حصل منصب قائم مقام من الدولة العثمانية وشارك في الحرب ضد الاستعمار الانجليزي..
وفي الأخير وش اللي قلب حياته وذبحه...؟؟
حبها يبه.. حبها !!

ورغم أن علي لم يكن يريد إثارة شجن والده أو مواجعه أو وخوفه.. ولكنه كان محتاج للبوح والانثيال:
تدري يبه من كثر ماصرت حاس بوجيعته.. رحت لـ(فويرط) الأيام اللي فاتت كم مرة..
أدور هناك كني خبل.. ما أدري وش أدور؟؟ ريحته.. باقي ذكرياته... خطواته على الأرض؟؟

وأقول على الأقل الفيحاني مات وهو يدعي (مي) عارفها.. وعارف مكانها..
لكن أنا بأموت والله العظيم حاس أني بأموت.. وحتى اسم أبل فيه ريقي ماعرفته!!

زايد لشدة وجعه ماعاد حتى قادرا على الاعتراض..
يعلم أن صغيره موجوع.. فهل يمنعه من البوح ببعض كلمات يفرج فيها عن همه؟!!
حتى لو كانت كلمات ابنه أشبه برماح مسنونة تنغرز في روحه التي أثقلتها وجيعة هذا الشاب..

علي أكمل وصوته بدأ بالارتعاش والشديد وهو ينظر لشيء غير مرئي وكأنه يحادث روحه
وحالة (الفيحاني) تتلبس روحه بوجعها.. وكأنه بالحديث عن وجع غيره قد تخف عليه وجيعته:
تقول لي يبه روح المستشفى.. والمستشفى وش سوى بالفيحاني؟؟
مات على سرير المستشفى عمره 28 سنة أو في أول الثلاثين ومن غير مرض..
ماحد درى وش علته؟؟ والدكتور نفسه قال لأخيه: أخيك مابقى شيء في جسمه سليم.. وهو مافيه مرض معروف..
ما كان فيه غير العشق..
يا الله يبه...مابرى حاله غير (مي) اللي كوت جوفه يوم صارت لغيره..

ثم زاد ارتعاش صوته ليختلط بالقهر وأبشع اهتزازات الألم والفجيعة:
تدري يبه.. لا تخيلت إنه فيه رجّال غيري.. بيمد يده ويلمس طرف شعرها..
أحس أني أحترق أحترق لدرجة أني أشم ريحة كبدي تحترق صدق..
فاشلون وأنا عارف إنه لمس أكثر من شعرها.. أشلون؟؟
أشلون؟؟ الحقير لمس أكثر من شعرها.. وهي لي أنا.. لي أنا.. الحقير..
الـــحـــقــــير.. الخــــسيــس... الـــنــذل!!

علي تزايد ارتعاشه بشكل هستيري... وهذيانه.. وهو يصرخ بغضب ويسب هذا الحقير الذي تجرأ على لمسها..
كتم في روحه طويلا.. وماعاد قادرا على الكتمان...
ماعاد قادرا على الكتمان وهو يحترق من كل شيء.. يحترق بمعنى الكلمة.. من العشق واللوعة والغيرة..

زايد ارتاع وهو يقفز ويكتف علي ويشده على السرير.. لأنه أطول منه ولن يصل إلى كتفيه إلا بهذه الطريقة..
ضمه لصدره بقوة وهو يسمي عليه.. وعلي يحاول التفلت وهو يصرخ بقهر وغضب غامرين..

ولكن زايد بنيته كانت أقوى بكثير .. عدا أن عليا كان منهارا من الإرهاق..
لذا انهار فعلا على صدر والده وهو يرتعش بعنف حاد كالمحموم..

زايد هتف بحنان مخلوط بالأسى والحزن والقهر : أفا عليك يأبيك..
عمري ماشفتك كذا.. تسوي في روحك كذ عشان وحدة يمكنها ماتسوى مواطي أرجيلك في التراب..

علي تتناثر كلماته بين ارتعاشات صوته وجسده وكلاهما بلغ مداه في الارتعاش:
يبه مـقـهـور.. مـقـهـور.. وقهر الرياجيل شين..
مقهور ويدي مربوطة...
يبه ما أتخيلها لغيري.. بس هي اللي لغيري.. لغيري..
كل ماتخيلت بس وش اللي ممكن يصير بينها وبينه.. يصير ودي أموت.. أموت..
والله العظيم الموت أحسن من حياة الابتلاء اللي أنا عايشها..

تدري يبه يمكن لو ماعاد شفتها ولا دريت إنها متزوجة كان أهون علي..
يمكن كان قعد في قلبي أمل أني بأشوفها.. أو إنها بتكون لي حتى لو كان هذا كذب على روحي..
لكن الحين حتى الأمل حرام علي.. ومالي إلا حرقة جوفي..
اللهم أني استغفرك وأتوب إليك..
يا الله هونها من عندك.. ماعاد فيني صبر ولا حيل ولا روح..


زايد ماعاد حتى يستطيع أن يتكلم..
فهو مــخـتـنــق من حالة هذا الفتى.. مـــخــتــنـــق..

حينما رأى تدهور حالة علي كان مصرا أن يعرف أي شيء عمن يحبها ابنه..
فهو لن يترك الولد يضيع من بين يديه...
ولكن علي صدمه أنها سيدة متزوجة.. شعر بالصدمة والقهر والحزن؟؟
ألم يكفي أنه هو عانى هذه المعاناة ومزنة تصبح أمامه لرجلين ليس لواحد فقط؟؟
يعلم تماما كم أن هذا الألم جارح ومؤذي وينحر الروح!!
فلماذا يُكتب على ابنه هذا المصير؟؟ لماذا؟؟


"اللهم لا اعتراض على حكمك
أنا تحملت كل ذلك كما تحملت سواه..
ولكن هو لا.. لا..
اللهم ارفع هذا البلاء عنه..
اللهم ارفع هذا البلاء عنه..
اللهم ارفع هذا البلاء عنه..
الولد يذوي أمامي وليس بيدي شيء..
سأفقده يارب.. سأفقده..
لو حدث لعلي شيء فلن أستطيع أن أحيا بعده..
رحماك يا ربي.. رحماك !!"






****************************************





" يـ ـبه.. جـ ـدي جـ ـابر أشـ ـلونه؟؟"

كانت هذه أول جملة نطقها بعد صحوه من نومة طويلة..

أبو عبدالرحمن تلجلج في الرد.. وهو يتعكز على عصاه ويحاول الوقوف حتى يرى وجه عبدالرحمن..
كان يخشى أن يجر سؤاله عن الجد جابر.. سؤال آخر يخشاه كالموت..
الجميع يتشاركون رعبا قاتلا حين يعلم عبدالرحمن بوفاة مهاب..

عبدالرحمن أعاد السؤال بصعوبة.. أبو عبدالرحمن أجاب بصوت مبحوح:
زين يا أبيك وطيب ومافيه إلا العافية..

عبدالرحمن أسبل عينيه وهو يهمس باختناق صوته الذابل:
الحمدلله.. كفـ ـاية وجـ ـيعة عـ ـمود البـ ـيت اللـ ـي راح على بيت خـ ـالي.. ولو أن فجـ ـيعته ماتنـ ـسيها الأيام..

أبو عبدالرحمن بهت تماما.. كيف علم؟؟ من أخبره؟؟

عبدالرحمن أكمل بصوت أكثر ذبولا: يبه طالـ ـبك..
أول مكـ ـان أبـ ـي أروح له لا طلـ ـعت من هنا.. قبـ ـر الغـ ـالي...
أسلـ ـم عليه وأصـ ـب علـ ـيه ماء..
جعل قـ ـبره برايـ ـد عليـ ـه أبو فيـ ـصل..
ما أشين حـ ـرة فـ ـرقاه...






*******************************************




هذه الليلة استغربت أنه لم يمر بها..
ليست عادته.. ربما لم يعد بعد !!

توجهت لغرفته.. ولم تجده..
حينها اتصلت به.. رن طويلا قبل أن يرد.. أخبرها أنه يستحم في بركة السباحة..
مزون نظرت باستغراب للساعة.. كانت الساعة الواحدة والنصف بعد منتصف الليل..

توجهت لبركة السباحة المغلقة.. المتصلة بالصالة السفلية بممر طويل يربطها بها وفي ذات الوقت يفصلها عن باقي البيت..

كان يستحم فعلا.. وهو يعبر الحوض الطويل عودة وذهابا في لباس السباحة الكامل..

مزون جلست على طرف البركة ليتوقف عندها بينما همست هي بابتسامة:
حد يتسبح ذا الحزة..؟!

لا يعلم لماذا ابتسم ..وفي ذات الوقت شعر بشجن عميق.. ذات العبارة قالها لها قبل أيام..
وهو يراها كحورية خرجت لتوها من البحر بقطرات الماء التي كانت تترتاح على صفحة وجهها الشفاف وتأبى الإنزياح...

ابتسم: عادي.. اشتهيت اسبح.. وماكان عندي وقت إلا الحين.. اليوم كان عندي ضغط شغل..

مزون همست بحنان: زين تعشيت؟؟

أجابها بمودة: تعشيت جعلني ما أبكيش..
ثم أردف باهتمام: علي تعشى؟؟

حينها همست مزون بحزن: بالزور كل له لقمتين وشرب شوي عصير عقب محايل.. بس ماعليه المهم إنه اكل شيء..
ثم أردفت برجاء: تكفى كساب خله يوافق يسافر يسوي فحوص..؟؟

كساب تنهد: والله العظيم حاولت فيه بس مارضى.. يقول مافيني شي..
لا تحاتين يا بنت الحلال.. شوي ويتعدل وضعه..

مزون صمتت بينما كساب هتف حينها بتقصد: ووضعش وش صار عليه؟؟
عشر أيام ماكفتش تفكرين..

مزون همست بحزن: سامحيني كساب.. والله مع حالة علي ماني بقادرة أفكر بشيء..
كساب تظنها عين اللي في علي؟؟ أخاف إنها عين.. والعين حق..

هتف كساب بحنان وهو يستند بذراعيه على طرف الحوض:
ياقلبي يامزون علي طيب.. فكري بنفسش.. مايصير مالقيتي وقت للتفكير..

مزون بشفافية: والله العظيم حاولت أفكر.. ألاقي بالي يأخذني لعلي..
أحسها أنانية مني.. أفكر في نفسي وفي مستقبلي..وعلي كل يوم حالته في النازل..

كساب شد على كفها وهتف بحزم: يا بنت الحلال علي مافيه إلا العافية
لو درا أصلا بأفكارش صدقيني بيزعل..

كساب أنهى عبارته ثم اندفع عبر الحوض ليكمل قطعه..
مضى له أكثر من ساعة وهو يعبر هذا الحوض ذهابا وعودة..
وبقدر ما السباحة مُنهكة وتستنزف طاقة الجسد إلا أنه يشعر أن طاقات كثيرة في داخله عاجز عن تبديدها حتى يرتاح..
الغضب.. القهر.. والاشتياق.. والغضب حتى من هذا الاشتياق!!






***************************************






بعد أسبوع...
.
.
.
.

" يقولون أنه قد يخرج من المستشفى قريبا..
كيف يخرج وأنا مازلت لم أراه؟؟ كيف؟؟ "


كانت عالية تروح وتجيء في غرفتها بعصبية..
منذ علمت بإفاقته من الغيبوبة وهي تشعر أن حياتها انقلبت رأسا على عقب!!
تكاد لا تنام.. وعقلها مشتت من كثرة التفكير!!

تعرف أخباره بالتفصيل الممل من جوزاء..
تعرف أنه يتحسن بشكل كبير.. بعد أن قضى معظم اليومين الأولين نائما..
بدأ يصحو أكثر ويستعيد قدرته على الكلام أكثر وأكثر..حتى أنه خلال اليومين الأخيرين كان قد استعاد القدرة على الكلام كاملة تقريبا..
ويحرك أطرافه حتى لو كانت حركتها ثقيلة.. ولكن حركة يديه أصبحت أفضل بكثير.. فقط حركة قدميه مازالت تحتاج لمزيد من الوقت..
ووالده بدأ يصر على أخذه للبيت.. على أن يكثف له جلسات العلاج الطبيعي...

يفكرون في كل شيء عداها.. وهي أين هي من كل هذا؟؟
تعيش متقوقعة في عالم صقيعها البارد بعيدا عنه وهو لا يخطر بباله حتى أن يسأل عنها؟؟


" وهو وش عرفه عنش وعن خبالش يا البقرة؟؟
الرجال ماحتى يعرفش..!!
ما درا أنش خبلة طايحة غراميات مع واحد راقد مادرا عن هوى دارش!!
زين أدري.. أنا خبلة وستين خبلة..
بس بأموت أبي أشوفه الدب.. الزفت !!
بأموت ياربي..
خلاص مافيني صبر..
.
.
بأسويها!!
والله لا أسويها..
بكرة بأروح أشوفه.. وعليّ وعلى أعدائي!! "







************************************






كانت تجلس في الصالة العلوية..
أفكارها تذهب بها وتعود..
أسبوع كامل مر.. لم يزرها.. لم تراه.. لم تتنتفس عطر أنفاسه أو تشعر بدفء بيديه...
أ حقا تملل منها..؟؟ أم مست كلماتها الجارحة كرامته الغالية؟؟


التناقضات تأخذها للبعيد.. مشتاقة له حد السماء..حد الوجع.. حد الاستنزاف بلا قياس..
ولكنها لا تريد أن تراه.. فعلا لا تريد أن تراه!!
تشعر بضغط نفسي هائل لا تعلم حتى متى تستطيع احتماله..

ووالدتها لا ترحمها وهي تلح عليها بشكل دائم أن تفكر في العودة له..
تقول أي سحر مارسه كساب على والدتها حتى يجعلها في صفه هكذا!!
كأنها أمه لا أمها..!!
إذا كان يستطيع أن يكون لطيفا هكذا مع والدتها.. ألم يستطع أن يكون لطيفا معها أيضا..؟؟
لا تتخيل رؤية كساب وهو لطيف أو دمث الأخلاق معها!!


كانت هذه أفكارها حين دخلت عليها والدتها كأعصار وهي تلقي على المقعد حقيبة ظهر جيشية اللون يبدو ظاهرا من طرفها بعض الحبال..
ومعلق في جيوبها الكثيرة أشكال مختلفة من قطع حديد وأجهزة صغيرة جدا لم يسبق أن رأتها مطلقا في حياتها كلها..

مزنة صرخت فيها بحزم وبوادر الانفعال على وجهها:
اتصلي الحين في الشرطة.. وأنا بأتصل في تميم بسرعة..
تخيلي.. لقيت الشنطة هذي فوق السطح.. شكله حد ناوي يسرقنا..

كاسرة قفزت وهي تتناول هاتف والدتها من يدها وتمنعها من إرسال الرسالة التي كانت تطبعها.. وتهتف بنبرة تهدئة:
يمه اشرحي لي وش السالفة..

مزنة بغضب: طلعت أنا والخدامات أبي أنظف السطح..
شفت لي فأر يركض ودخل في زاوية مستحيل يخطر حتى في بال الجن إنه فيه شيء مدسوس فيها..
رحت أبي أشوف المكان يكفي أحط له سم..لقيت الشنطة هذي مدسوسة هناك..

كاسرة أرادت تحسس الحقيبة وهي تشعر بتوتر متزايد لأنها علمت لمن هذه الحقيبة..

لكن والدتها شدتها منها وهي تهتف بحزم: لا تلمسين شيء منها.. أنا شلتها من طرف العلاقة بس ..
عشان ما أخرب البصمات.. وعشان الشرطة يشيلون البصمات اللي عليها..

كاسرة حينها شدت نفسا عميقا وهتفت بحزم: يمه مافيه داعي للشرطة
الشنطة هذي لي...

مزنة نظرت لها بصدمة وهي مازالت غير مستوعبة: نعم؟؟

كاسرة بذات الحزم الواثق رغم أنها تعلم أن كذبتها الحمقاء الغبية لن تمر على والدتها..
ولكنها تمنت أن تسمح لها والدتها ان تمر بمزاجها: إيه حقتي!!
مرة تهورت وشريت ذا العدة.. وقلت بأجربها على السطح.. بس ماقدرت وخليتها هناك..

مزنة نظرت لها حينها نظرة مقصودة وكأنها ستحرقها بنظراتها..
بينما كاسرة أخفضت نظرها وهي تسب كساب في داخلها لأنه وضعها في هذا الموقف السخيف أمام والدتها..

والدتها ظلت تنظر لها ذات النظرات لدرجة أن كاسرة شعرت أن ريقها جاف..
شعرت كما لو كانت طفلة صغيرة أمسكتها والدتها بذنب عظيم..

مزنة تناولت هاتفها واتصلت برقم معين ثم هتفت بحزم بالغ صادر بنبرتها المقصودة تماما:
كساب لو سمحت أبيك تجيني الحين بدون تاخير...
......................................
هتفت بذات النبرة: أممممم ماتقدر الليلة...!!
زين بكرة أول ماتقدر لازم تجيني ضروري..ضروري!!

أنهت الاتصال الذي رفع ضغط كاسرة وتوترها للقمة.. لأنها علمت أن والدتها علمت لمن الحقيبة.. ويبدو أنها لن تترك الموضوع يمضي!!

ثم عاودت مزنة النظر لكاسرة بذات الطريقة الكاشفة اللاهبة المحرقة لأبعد حد.. وكأن نظراتها تخترق عمق روح كاسرة وتعريها...

وزادتها عليها أن همست بنبرتها المقصودة تماما وهي ترص على الأحرف رصا:
زين قومي شيلي شنطتش دسيها.. لا حد يشوفها..
ويمكن تجي فرصة أنا وإياش نجربها..
أنا باتمان وأنتي سوبرمان!!






*************************************





رغم أنها قررت الليلة أن تنام مبكرا إلا أنها لم تستطع.. وتفكيرها يأخذها إليه..

الليلة لم تره حتى..
يبدو أنه قرر أن ينام دون أن يعود لغرفته حتى!!

ماهذه الحياة الغريبة التي يعيشونها؟؟ تعلم أن احدهما لابد لن يحتمل وسيحدث الانفجار.. وهذا ما لا تريده..
فهي تريد أن تستمر حياتها مع تميم فعلا..
لكن إن كان مازال بأعماقها شيء من حزن شفاف لم تستطع تجاوزه.. فكيف الحل؟؟
تشعر أن هناك حلا مازالت لم تتوصل له..
ماهو؟؟ ماهو؟؟ ماهو؟؟

لتقفز الفكرة إلى بالها ببساطة...
تميم قام بما عليه.. خطا خطوة كبيرة من ناحيته لكسر حاجز الجمود بينهما..
ونجح في جعلها تتجاوب معه بلغة الإشارة رغم أنها قضت ستة أشهر رافضة لهذا الأمر..
إذن الخطوة القادمة لابد أن تكون منها..
لعبة هواة لطيفة.. تماما كما هي.. فهي لن تلبس ثوبا ليس ثوبها..

فربما كانت مشكلتها مع تميم أنهما أرادا حل المشكلة من قمتها.. وهذا لن ينجح أبدا.. فلابد من تفكيك تعقيدات السفح قبل الوصول للقمة..

فكيف يتواصلان على هذا النحو الخاص والحميم قبل أن يبدأ في التواصل الإنساني البسيط؟؟

سميرة شعرت بحزن أكثر شفافية أنها وتميم نادرا ما تبادلا حوارا خاصا.. لا تعرف شيئا من طفولته على لسانه.. وهو كذلك..
لا تعلم همومه أو ما يؤرقه.. فتواصلها معه كان دائما في القشور ولم يصل للب..

وهذه هي مهمتها هي...
إن كان هو نجح في جعلها تحاوره بالإشارة فهي يجب أن تستخدم هذه اللغة لتتحاور مع روحه.. لتتقرب من خفاياه..
وهو كذلك.. فهي لا مانع لديها من الثرثرة حتى لو بغير لسانها..

ولكن كيف تقوم بذلك وهو يتجاهلها هكذا؟؟
إذن الخطوة الأولى يجب أن تكون إحضاره إلى هنا... فورا.. وبدون تأخير..
ولكن على طريقتها...

سميرة قفزت.. خلعت بيجامتها القطنية ... وارتدت بيجامة حريرية لم ترتدها أبدا من قبل..
بيجامة أنثوية فعلا برقيها الفخم ولونها الذهبي الراقي وقصتها الانيقة..
ثم أطلقت شعرها الذهبي من إساره ونثرته على كتفيها..
وضعت زينة خفيفة غير لافتة أبدا.. قليلا من الماسكرا.. وأحمر شفاه مطفي بلون خفيف..
نظرت لنفسها في المرآة وابتسمت: كذا شكل الهواة الحلوين..
خل لعب المحترفين لأمي مزنة.. من يقدر عليه منها؟؟.. على زينها وتلعب باحتراف زيدان..!!
ما ألومهم رياجيلها الأثنين انجلطوا.. ودّعوا ما أستحملوا..!!
خلني أنا في دوري الأشبال..


ثم جلست على منتصف سريرها وهي تضم ركبتيها لصدرها وتمسك بهاتفها
وتطبع رسالة لتميم وهي تستعد لرسم علائم الخوف على وجهها :


" تميم الحقني..
أنا سامعة صوت يخوف في الغرفة
والبنات وأمي مزنة ناموا "




#أنفاس_قطر#
.
.
.
.

 
 

 

عرض البوم صور #أنفاس_قطر#  
قديم 02-12-10, 06:59 AM   المشاركة رقم: 65
المعلومات
الكاتب:
اللقب:
VIP




البيانات
التسجيل: Jan 2009
العضوية: 117447
المشاركات: 738
الجنس أنثى
معدل التقييم: #أنفاس_قطر# عضو جوهرة التقييم#أنفاس_قطر# عضو جوهرة التقييم#أنفاس_قطر# عضو جوهرة التقييم#أنفاس_قطر# عضو جوهرة التقييم#أنفاس_قطر# عضو جوهرة التقييم#أنفاس_قطر# عضو جوهرة التقييم#أنفاس_قطر# عضو جوهرة التقييم#أنفاس_قطر# عضو جوهرة التقييم#أنفاس_قطر# عضو جوهرة التقييم
نقاط التقييم: 1255

االدولة
البلدQatar
 
مدونتي

 

الإتصالات
الحالة:
#أنفاس_قطر# غير متواجد حالياً
وسائل الإتصال:

كاتب الموضوع : #أنفاس_قطر# المنتدى : القصص المكتملة (بدون ردود)
افتراضي بين الأمس واليوم/ الجزء الخامس و الستون

 






بسم الله الرحمن الرحيم
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
يا صباح الورد وريحته وملمسه ولونه وكل شيء حلو فيه
.
.

الظاهر قولتي المرة اللي فاتت إنه هذي آخر رواية لي
زعل بعض البنات.. وزعلكم أغلى من عيوني
وأنا والله ماقصدت ولا حتى دريت إنه بيضايقكم لأني سبق وقلته
وحبيت أعطيكم سبب ليه دخلت ذا الأفكار كلها في الرواية
.
أما ليش راح أوقف.. أبد موب لأني شفت نفسي نضجت على الكتابة
بالعكس الكتابة أنضج وأعذب من أي شيء..
والإنسان بحسب نضجه يمنحها..
يعني فيه كتّاب في السبعين ويكتبون أحلى قصص مليانة مشاعر وحب وأحداث
لأنه لديهم تجربة ممتدة في الحياة والثقافة والقراءة..
بس أنا حاسة إنه كل اللي عندي من الأفكار جبته.. وراح أجيبه فيما تبقى من أحداث هذه الرواية..
يعني خلاص فعلا أكتبها بروح الرواية الأخيرة..

يعني لما كنت أكتب بعد الغياب.. كانت أفكار أسى الهجران في رأسي..
وبعد لما كنت أكتب أسى الهجران.. كانت أفكار بين الأمس واليوم في رأسي
بس الحين رأسي مافيه إلا بين الأمس واليوم وبس..

وبعدين حسيت أن خلاصي أديت هدف كبير من كتابتي..
الكتابة بإلتزام فكري وأخلاقي وديني ومنطقي مع احترام القراء والالتزام بالمواعيد ووجود المتعة والأكشن في ذات الوقت..

وأنا أحب أني أحتفظ بذا الصورة الحلوة عني في قلوبكم وعقولكم..
ما أبي أكتب لمجرد أني أكتب وأحشي صفحات بدون أفكار جديدة..

خلاص اكتفيتوا مني :) ما تمللتوا مني وأنا الحين بالضبط أكمل معكم سنتين وأنا مصدعتكم؟؟ :) ....

يا بنات العلاقة بين قلوبنا محبة في الله ما تنتهي على حدود قصة وحتى لو ماقدرت اتواصل معكم.. انا معكم وانتو معي

وخلاص لا تزعلون ياقلبي أنتم.. اعتبروني ما قلت شيء لا اعتزال ولا شيء المهم ماتزعلون.. :)

.
.
محمد الفيحاني عمل ضجة الجزء اللي فات.. يابنات ترا قصته وقصايده مالية النت بشكل.. للي تبي تقرأ عنه زيادة
أما عن ديوانه اللي قريته أنا.. للبنات اللي سألوا من أي نسخة قريت
فهي نسخة الوالد الله يحفظه.. عمرها تقريبا 35 سنة وصادرة عن دار الكتب القطرية
وهي عنده من أيام ماكان شاب صغير ويعتز فيها جدا.. :)
أما (فويرط) في منطقة شمال قطر على البحر على طول منطقة فيها بيوت قديمة جدا وتجنن.. وبحرها روعة <== أنفع مرشدة سياحية..
المهم هي منطقة الشاعر اللي عاش فيها...


وخلوني أشرككم في سالفة حلوة وهي ليش سميت فويرط فويرط؟؟

يقولون والقول على الرواي إن الفارس المشهور فارس بن شهوان الضيغمي زعل على أبيه وقيل إنه كان مطارد
فارتحل من فويرط وركب البحر متجها لفارس فقيل إنه فرط...

ويقال إنه حمل الإبل معه على ظهور السفن مع إن ربعه استصعبوا ذا السالفة
فقال البيت المشهور "غصبن على البل تركب جاريات السفن"
وللعلم هذا البيت أصبح مثل شهير يضرب حين يضطر الإنسان لفعل شيء غصبا عنه....وناس كثير مايعرفون سبب المثل.. هذا سببه :)...

.
.
يا الغوالي أنا أقرأ الردود كلها كلها كلها حرف حرف
سواء كان سطر وإلا مية سطر أقراه بنفس الاهتمام
.
وحدة من الغوالي الله يسعد قلبها ضحكت من قلب وأنا اقرأ ردها
لما حكت إن واحد من قرايبها سوى مثل كساب بالضبط
وكان ينط لمرته كل ليلة من البلكونة وهي زعلانة في بيت أهلها
أتخيل منظره وأنا عارفة إنها صارت صحيح
بصراحة قولي له أنت رهيب.. الله يخلي لهم عيالهم ويصلحهم ولا يصير بينهم زعل أبد..
وأنتي رهيبة أكثر اللي أشركتينا في هالقصة الحلوة...شكرا ياقلبي..

أما عن كساب وش يسوي بالشنطة.. هذي عدة التسلق كاملة يعني مايحتاجها كلها عشان كذا يخليها على السطح..

الفكرة بسيطة جدا وحسبتها وصلت لكم.. يثبت طرف الحبل في السطح وينزل به
وهو موب محتاج الشنطة كلها.. محتاج بس للأداة اللي بيفتح بها الدريشة.. :)
عشان كذا ماكان ينزل بها..
.
.
أحداث جزء اليوم أحداث في 24 ساعة فعلا تبدأ من الليل مع سميرة وتميم
وتنتهي ثاني ليلة..
لكنه يوم عن سنة من كثرة الأحداث اللي بتشوفونها
جزء أظن إنه بيكون ممتع لكم
.
الجزء 65
.
قراءة ممتعة مقدما
.
لا حول ولا قوة إلا بالله
.
.


بين الأمس واليوم/ الجزء الخامس والستون..





كما توقعت تماما..
وصلها خلال دقائق..
حتى لو كان نائما فهي تعلم أنه سيقوم من نومه..
لأنها تعلم أنه حين ينام يرتدي خاتما لا سلكيا يرتبط بهاتفه الخاص بأهله.. حين يرن الهاتف أو تصله رسالة يهتز في يده..

فتح الباب باستعجال..
وهو (بفنيلته وسرواله) دون أن يلبس ثوبه حتى.. من شدة استعجاله..
وهو ينظر حوله باحثا عنها.. ليراها تقبع على منتصف السرير وعلى وجهها علائم الخوف المتقن..

أما هي حين رأته قفزت من السرير لتقف جواره..
أشار لها بأنفاس مقطوعة: وش فيش؟؟

أشارت له بخوف وهي ترسم ملامح التأثر على وجهها وتمنت لو تستطيع نثر دمعتين أيضا..
ولكنها ليست من النوع الذي يستطيع جلب دموعه كيف يشاء ..لذا اكتفت بالإشارة: يمه تميم.. فيه صوت يخوف؟؟

أشار لها بحزم: زين أنتي اقعدي هنا.. بأطلع أشوف برا فيه شيء...

سميرة شدته من ذراعه لتمنعه ثم أفلتته لتشير بذات الخوف: أقول لك الصوت هنا في الغرفة.. مهوب برا..
ثم اردفت بإشارة جزعة: يمه يمه.. الحين أسمعه.. اسمعه.. لا تخليني تكفى..

ثم التصقت به وهي تحتضن ذراعه وتخفي وجهها في عضده
وهي معتمدة تماما أنه لن يستطيع تكذيبها مادام لا يستطيع أن يسمع الصوت الذي سمعته..

تميم شعر أن جسده كله تكهرب حين التصقت به هكذا.. لأول مرة تكون قريبة هكذا...
" يا الله الصبر من عندك!!"


بينما هي شعرت أنها ستنهار وهي لأول مرة تشم عطره من هذا القرب الحميم.. تمنت أن تتراجع.. لكن آوان التراجع فات..
ولا بد أن تكمل مخططها للنهاية..

تميم خلصها منه برقة حتى يشير لها بثقة رغم أنه تمنى لو تبقى هكذا حتى آخر يوم في عمره:
زين هديني خليني أدور.. يمكن فار؟؟

سميرة أفلتته وهي تعود لمكانها وتجلس على طرف السرير... تميم بحث في أطراف الغرفة ولم يجد شيئا..

أشار لها بهدوء: مافيه شيء.. بكرة حطي سم فيران وصمغ.. لو فيه شيء بيطيح فيه.. والفار ماظنتي يخوف..

أكمل إشارته وهو ينظر لها بعد أن فتح الباب ليخرج..

سميرة قفزت بجزع:
بتروح وتخليني؟!! تكفى نام عندي.. أنا خايفة !!

تميم تنهد بعمق " يا الله صبرني ألف مرة!!"
وهو يغلق الباب ثم يستدير عائدا.. حتى منى هو أيضا سيبقى ينام في مكان غير غرفته..
حتى متى هذا الهرب؟؟؟ لابد أن يتوقف في يوم !!

توجه لأريكته وهو يشير لها بسكون: خلاص بأنام هنا.. تصبحين على خير..

أشارت له بجزع مدروس: لا تعال نام جنبي.. أو أنا بقعد على الكرسي جنبك..

تميم نظر لها بصدمة حقيقية.. بينما سميرة كانت تخشى أن تبدأ أسنانها بالاصطكاك لشدة توترها مما تفعله..

وقف تميم لثوان حائرا..
لا يليق أن يتركها جالسة على مقعد جواره.. بينما هو نائم على الأريكة..
ونومه معها في مكان واحد لا يستطيع احتماله... فماذا يفعل؟؟
لم يرد أن يبدو بمظهر الجبان الذي يخشى قربها.. أو ربما يخشى عليها هي من نفسه..
ولكن لا مفر من نومه معها..
ولكن هل يعقل أنها خائفة لهذه الدرجة التي توافق أن ينام جوارها وهي من كانت ترتعش من مجرد اقترابه منها..؟؟


حين رأته اقترب فعلا.. أشارت له بجزع حقيقي هذه المرة:
تنام على الطرف..وماتقرب مني..

حينها أشار لها بغضب عاتب: دام بتتشرطين من أولها.. كل واحد ينام في مكانه أحسن..

عادت للتراجع بخجل وهي تستخدم سلاح الرقة هذه المرة: تكفى تميم لا تخليني أترجاك..
أقول لك خايفة.. تبي تخليني؟؟

تميم اندس في الفراش على الطرف تماما وهو يتنهد تنهيدة بحجم الكون " يا الله صبرني للمرة المليون!!" ..
لا يعرف حتى ملمس هذا الفراش أساسا...ولا رائحته.. التي بدت عطرة جدا وناعمة كنعومة صاحبته تماما..

" إيه الأخت بروحها تنام مرتاحة هنا
وأنا تكسرت جنوبي من الكنبة!!"

تميم أولاها ظهره لم يكن يريد أن ينظر ناحيتها فالضغط النفسي الذي يشعر به كبير جدا..

ولكنه فوجيء بطرف أنامله ينقر كتفه..
استدار لها مستفهما.. بينما عادت هي إلى أقصى الطرف الآخر..
ثم أشارت له برجاء عذب: تميم تكفى مافيني نوم.. سولف معي شوي!!

اعتدل جالسا وهو يشير باستغراب: وش أسولف لش يعني؟؟

حينها تربعت جالسة ولكنها تذكرت أنها لابد أن تكون رقيقة وأنثوية لأقصى حد.. والتربع لا يتناسب مع هذه الصورة!!
لذا ضمت ساقيها لتجلس بشكل جانبي وهي تشير بحماس رقيق:
أي شيء تبيه.. قل يوم دخلت صف أول وش سويت..
أو أنا بأقول لك.. وأنت قول لي عقب..





***************************************






" ماقلت لي عمتك يوم اتصلت فيك قبل المغرب وش كانت تبي؟؟"

كساب يعدل المخدة وراء ظهره وهو يجلس على المقعد الطويل الخاص بالمرافق..
ويجيب علي بهدوء: ما أدري تقول تبيني ضروري..

علي بمودة باسمة: كان رحت لها.. يمكن كانت تبي تعطيك مرتك في يدك..

ضحك كساب: لا ماظنتي.. عمتي ماتسويها.. ومرتي مستحيل تنجر
ولو حتى جروها بدبابة تي-ناينتي الروسية ، و دبابة أبرامز- إم- ون الأمريكية.. الثنتين سوا..

حينها هتف علي بجدية: لا صدق كان رحت.. أكيد عمتك ماراح تقول تبيك ضروري إلا لو فيه شيء ضروري..

كساب يهتف بحزم وود غريبين: أنت أبدى من خلق الله..
ما أقدر أخليك وحن تونا داخلين المستشفى.. بكرة لا جاء إبي.. رحت لها..
الدنيا مهيب طايرة..

علي بشجن وحزن عميقين: ماكنت أبي أدخل المستشفى..
بس عاد طيحة في المسجد وأنا في الصلاة قدام خلق الله.. هذي اللي مالها دوا والله...
يا فشلتي وقصارانا كلهم متشاقليني للمستشفى.. (قصارانا=جيراننا.. متشاقليني=شايليني)
وعشر سيارات تتبعنا...

كساب ابتسم: أنت عاد مالقيت تطيح إلا في صلاة الظهر وأنا وإبي كل واحد منا في شغله...

علي أسند رأسه للخلف وهو يغلق عينيه ويهتف بعمق:
تعبت يا كسّاب تعبت.. الحين ذا العذاب بيظل مكتوب علي لين آخر يوم في عمري..

كساب أجابه ببساطة: مشكلتك علي ماخذ الموضوع بجدية..
يعني لا أنت أول ولا آخر واحد يحب له وحدة.. ويتزوج وحدة ثانية...
صدقني إذا تزوجت.. ولهيت في بيتك وعيالك ما أقول لك إنك بتنسى لكن بتنشغل..

علي تنهد بذات العمق: ماظنتي.. وما أقول إلا الله يعين بنت فاضل على مابلاها!!





*************************************






هزت طرف كتفه برفق..
حينما فتح عينيه بإرهاق.. كانت تقف فوق رأسه..
أشارت له بإرهاق شديد: تميم قوم الشغل..

أشار لها وهو يغلق عينيه: ماني برايح الحين.. ما ني بقادر أقوم.. مانمت حتى ساعة.. بأروح الساعة 10..
أنتي الحين سهرتيني بهذرتش لين صلينا الفجر.. وعقبه تقوميني الساعة 6..
مافيني حيل حتى أسوق..
ماعليه خلي أمي والسواق يودونش أنتي ووضحى..

سميرة حينها عادت وهي لا تكاد ترى من النعاس لتندس بجواره.. وهي ترسل لوضحى رسالة أنها هي وتميم لن يذهبا اليوم..





******************************





" حبيبتي عفرا أنتي الحين ليه زعلانة؟؟"

عفراء بغضب فعلي مغلف بطريقتها المهذبة الراقية في الحديث ومثقل بكثير من الحزن والعتب:
يعني ولدي من أمس الظهر وهو في المستشفى وتوك تقول لي الحين..
أنا قلبي ناغزني عليه من يوم شفته قلت جياته عندي الأيام الأخيرة..
وكل ماكلمته يلعب علي ويقول أنا طيب..
وأنت بعد تلعب علي إذا سألتك وتقول طيب..
والولد تعبان.. تعبان.. وأنا ماعندي خبر
مالي شغل أبي أروح له الحين.. الحين... مافيني صبر..

منصور بنبرة تهدئة: والله العظيم بأرجع وأوديش له الظهر.. لكن الحين مكلميني مجموعة من ربعي الضباط يبون يزورونه...
بأروح معهم الحين.. ووعد علي أرجع وأوديش.. هدي حبيتي..


عفراء زفرت بغضب وحزن وهي تجلس وتأثرها العميق باد في وجهها...
بينما منصور خرج.. لتجلس جميلة بجوارها وهي تربت على فخذها وتهمس بحنان:
يمه ياقلبي هدي جعلني فداش..مهوب زين تعصبين كذا..

عفرا تهمس بغضب: وليه مهوب زين.. كملت شهر وزيادة من يوم ولدت..
يعني طيبة ومافيني شيء..
وحضرة العقيد مبلغ ربعه الضباط من أمس وقدهم متفقين اليوم يزورونه وأنا ماعندي حتى خبر...

جميلة برقة: وعلي طيب وأنتي توش كلمتيه من دقايق بنفسش..

عفراء حينها انحدر صوتها لألم وحنان عميقين: ياقلب أمه وش اللي جاه...
قلبي مهوب مرتاح لين أشوف ولدي بعيني...






****************************************






" جوزا أبي وينه؟؟"

كانت شعاع التي دخلت للتو عائدة من محاضرة وحيدة مبكرة تهمس بذلك لجوزاء بعد أن قبلت جبين عبدالرحمن وأعطته الجريدة التي وصاها عليه..
ثم قبلت جبين والدتها التي تجلس بقرب عبدالرحمن وتتبادل الحديث معه...


جوزاء بهمس محايد في أذن شعاع: راح يزور رجالش هنا في نفس الطابق..

شعاع بصدمة رقيقة كرقتها: رجّالي؟؟ ليه وش فيه؟؟

جوزاء تبتسم: يقولون تعبان شوي.. الظاهر متخرع من العرس ومنش..

شعاع بقلق عفوي: لا جد جوزا.. فيه شيء كايد؟؟

جوزاء برقة باسمة مرحة: ياقلبي على اللي يحاتون... لا لا تخافين على المسيو علي..
إبي يقول تعبان شوي ومقروف من الأكل بس..
بس خبرش ولد نعمة ما يستحمل...

شعاع حينها ابتسمت وهي تغمز جبنب جوزاء: إيه طسي رجّالي عين بعد يا المشفوحة..
إلا الجويزي مالت على عدوش..الحوسة اللي كنا فيها نستني.. لين جبتي الطاري..
صورتي وينها؟؟

جوزاء بعدم فهم: أي صورتش؟؟

شعاع بنبرة مقصودة: صورتي يأم حسن.. صورتي..

جوزاء تضحك بخفوت: يأختي نسيت والله العظيم.. بأدورها والله ما أدري وين قلعتها...






************************************





" هلا زايد وش فيك تاخرت؟؟
كان فيه رياجيل جايين معي ويبون يواجهونك وتوهم راحوا الحين يوم عجزوا وهم يتنونك""

زايد يجلس بعد أن نظر إلى وجه علي النائم بتمعن
ثم يهتف بحزم وهو ينظر لمنصور وكساب الجالسين ويرد على منصور:
رحت أشهد على ملكة رجّال وتوني مخلص الحين..

حينها كساب كان من تسائل باستغراب: غريبة يبه.. يعني ماقلت لي أمس إنك بتروح تشهد على ملكة حد؟؟

زايد بحزم غريب: توهم كلموني الصبح فرحت لهم..

حينها سأل منصور: ومن ذا اللي متملك من صباح الله خير؟؟ مافيه صبر لعقب صلاة العصر؟؟

أجابه زايد بذات الحزم الغريب: خليفة ابن احمد..

منصور بصدمة كاسحة: أي خليفة بن أحمد.. رجّال جميلة؟؟

زايد بذات حزمه الذي لا يتذبذب: تقصد طليقها.. إيه.. هو إياه!!

منصور يمنع نفسه من الانفجار فلا الوقت وقته ولا المكان مكانه..
هتف بصرير حاد من بين أسنانه بينما كساب قرر أن يقف موقف المتفرج فليس له مزاج للدخول بين هذين الجبلين حين يتناطحان:
بصراحة ماقصر.. زين إنه صبر لين كمل شهر من عقب ماطلق بنتك وأنت رايح تشهد على عرسه!!
يعني الدوحة مافيها حد يشهد غيرك.. وإلا مافهمت مقصدهم من إنهم يطلبونك أنت بالذات..
وانت بعد رايح ما حتى تعذرت بولدك المريض..

زايد بثقة: عارف مقصدهم زين... ومهوب أنا اللي أطق وألا اتعذر عشاني عاجز أواجه..
داري إنهم يبوننا أول حد يوصله خبر الملكة..

منصور حينها انفجر بغضب مكتوم: وأنا اللي كنت أبيه يرد بنتي وأسعى في ذا..
والله إنه مهوب كفو.. و والله إنه مهوب كفو.. وو الله إنه مهوب كفو..

رد عليه زايد بثقة غامرة: إلا كفو وكفو وكفو.. وبنتك لو بغى يردها ردها من ورا خشمك ولا لك لسان.. لأنها عادها في العدة..
لو بغى ردها بدون رضاها ورضاك...

منصور بذات الغضب المكتوم الذي بدأ في التزايد: يخسى ويهبى يعرفها مرة ثانية...
والله ولو تذابحنا إنه ماعاد يعرفها لأنه مهوب كفو لها ولا مايستاهلها....

حينها هتف زايد بغضب: أنتو على ويش شايفين حالكم على الناس...
جميلة على غلاها اللي أنت عارفه زين...لكنها سوت فيه سوات ماتسويها حتى مضيعة المذهب..
والحين مستكثر عليه حقه في رد شوي من كرامته..

منصور قفز وهو ينتفض من الغضب: ما أسمح لك تقول عليها كذا...
ووالله لولا إنك أخي الكبير وإلا كان علوم..
يعني عشانه من ريح خليفة كل شيء عليه حلال.. دستنا كلنا عشان خليفة..
أولهم أنا ثم علي ثم جميلة...

زايد بحزم بالغ: منصور اقصر الحكي اللي ماله سنع..
إذا خليفة ولد ولد أخ خليفة.. فجميلة بنته...
قل لي وش تبيني أسوي يوم كلموني والشهود واهل البنت عندهم ويبوني أشهد..
أقول لا والله ردو بنتنا..
مهوب أنا اللي أحط نفسي في موقف سخيف مثل ذا ولا أرخص جميلة مع زعلي منها....
بغيت أبين لهم إنه لو أنتو بعتوا شوي.. حن خلاص بايعين واجد...





**************************************






كان هو من نهض أخيرا قبل أذان الظهر بقليل..
نظر للساعة وهو مازال مستلقيا.. لا وقت حتى ليذهب لمحله..
سيذهب العصر..
ولكنه سينهض ليستحم ويذهب للمسجد للصلاة ثم يذهب لاحضار سميرة ووضحى من المدرسة...
قطب جبينه قليلا (أوف نمت نوم مانمته من قبل..
نعنبو هذي وش ذا الهذرة اللي عندها..؟؟
تعبت إيدي من كثر ما أشرت )

ثم رقت ملامحه بحنان..( يا الله قلت لها أشياء ومن أول مرة
ماعمري هقيت إني بأقولها لأحد حتى وضحى مع قربها مني..
ما أدري وأشلون قدرت تسحب الكلام مني..
لها قدرة عجيبة تدخل بين الواحد ونفسه)


اتسعت ابتسامته أكثر وهو يعتدل جالسا لينهض.. حينها فوجئ بمن مازالت تنام جواره ولم تذهب لعملها..
كانت تنام بشكل أقرب للشكل العرضي.. رأسها ناحيته.. وقدماها تكادان تخرجان عن طرف السرير..

اتسعت ابتسامته أكثر بحنان أكبر.. وهو يميل دون أن يشعر ليقبل جبينها!!..
أرادها أن تكون خاطفة وسريعة..
ولكنه حالما قبل جبينها.. لا يعلم أي غيبوبة لذيذة شعر بها.. وجد نفسه ينزلق ليقبل صدغها..
كان يشعر أن شفتيه ترتعش وهي تلامس بشرتها الناعمة لأول مرة..

وربما كان تهور واتجه لاتجاه آخر.. لولا أنها قفزت بجزع.. وهي تبتعد عنه..
وتنظر له بجزع بعينيها المنتفختان من النوم وشعرها المنكوش لكثرة تقلبها..
رغم أن أكثر ما تحرص عليه أول ماتنهض من النوم أن تمسح على شعرها لتتأكد من هبوط خصلاته الطائرة قبل أن تقوم فعلا..
ولكن صحوها على شفتيه على صدغها جعلها تقفز دون تفكير وتشير بهذا الجزع الذي انتشر في روحها:
شتسوي؟؟

ابتسم وهو يشير بشفافية: شفت رأسش عندي ماقاومت أني على الأقل أحبه..

شعرت بخجل عميق يتفجر في روحها ولم تستطع أن تشير بشيء وهي تقفز للحمام لتهدئ دقات قلبها المتسارعة..

حينها رأت شكلها في المرآة لتقفز الدموع إلى عينيها: وانا أقول وش فيه كان يتبسم.. أحسبه يبتسم لي..
أثره يضحك على شكلي.. وانا كني خبلة بكشتي الطايرة...

لتنهمر دموعها بغزارة وشهقاتها المكتومة تتعالى.. ولم يكن السبب أن شكلها كان مضحكا..
لأن السبب كان أعمق من ذلك بكثير..
ولكنها قررت أن يكون هذا هو السبب.. وهي تشد المشط وتمشط شعرها بقسوة تفرغ فيها توترها..

حين خرجت بذات توترها وهي تلتف بروبها بعد أن استحمت.. وجدته يقف قريبا من الباب..
يستند على دواليب غرفة التبديل.. حينها تراجعت بوجل.. ولكنها عادت لتخرج بخطوات مترددة..

حينها أشار لها بشجن: آسف سميرة لو كنت ضايقتش.. ماقصدت والله..

آلمها ملامح الضيق على وجهه.. أ يأخذ حقا من أبسط حقوقه ثم يعتذر لها عنه؟؟

"أي مخلوقة معدومة المشاعر أنا؟!"

حينها قررت أن تتهور وهي تقترب منه وتتطاول على قدميها لتقبل جبينه..
ولكن لطوله الذي يتجاوزها بكثير لم تستطع الوصول إلا لطرف خده..

تميم منذ رآها تقترب وهو يشعر أن قلبه سيتوقف... ماذا تريد منه؟؟
ليصدم بقبلتها الرقيقة والشفافة الصادمة فعلا..
ثم لتكون صدمته الأشد أنها دفعته داخل الحمام وأغلقت الباب عليه..
لأن وجهها تفجر احمرارا وماعادت قادرة على مواجهته.. وتريده هو أن يستحم أو يفعل مايريده..
حتى تلبس ملابسها وتهرب للأسفل.. قبل أن تواجهه مرة أخرى!!






*******************************







هاهي تقف قريبا من غرفته قبل صلاة الظهر بقليل.. وهي تشعر كما لو كانت مجرم يعد لعملية سرقة..
بل إحساسها كمن يرتكب جريمة فعلا.. ويخشى من اكتشافهم له..

هذه المرة تهورت أكثر وهي تشرك معها أحد عاملات النظافة وتعطيها نقودا حتى تخبرها من في داخل غرفة عبدالرحمن..

انتظرت حتى أخبرتها أنه كان هناك ثلاث سيدات وخرجن قبل قليل..
وتبقى الشيخ والخادم ويبدو أنهما سيخرجان..
وبالفعل بقيت حتى رأت من بعيد أبا عبدالرحمن يخرج متوجها للمسجد وهو يتسند على خادمه...

حينها قررت أن تدخل.. ولكنها شعرت للحظات بالجبن.. وهي تشعر أنه قد يغمى عليها من الرعب والخجل..
فقط ستنظر له دون أن تكلمه.. فهو لم يسبق له مطلقا أن رآها بالبالطو الأبيض سيحسبها أحد أفراد الطاقم الطبي..

حاولت أن تتراجع.. ولكنها تعلم أنها حلفت بالله أن تفعلها.. عدا أنها ستموت إن لم تراه بعد أن أصبحت قريبة هكذا..

سمت بسم الله وهي تحاول دفع أكبر قدر من الشجاعة في روحها المتخاذلة..
تنهدت بعمق وهي تشد لها نفسا عميقا.. وتدفع الباب.. وتدخل


كانت تحمل ملفا في يدها وضعته على الطاولة أمامه دون أن ترفع عينيها ناحيته لشدة توترها..

هو حين رأى الطبيبة التي دخلت أنزل الجريدة التي كان يقرأ فيها.. مع استغرابه لدخولها الصامت دون تحية حتى.

في ذات اللحظة التي أنزل فيها الجريدة.. تجرأت ورفعت عينيها..
لتتكهرب وهي تنزل نظرها وتفتح الملف وتدعي إنشغالها فيه.. رغم ارتعاشها..

" يمه.. يمه.. هو حلاه كذا طبيعي؟؟
وإلا أنا اللي من كثر ما أنا مشتاقة له...شايفته أحلى واحد في العالم..
الدب والله إنه وهو مبطل عيونه أحلى بواجد..
وبعدين وين النظارة اللي شفته فيها يوم جا يزور أمي؟؟
شكلي بأخليه يلبسها أحسن .. ما أقدر أشوف عيونه كذا بدون حاجز.."


عادت لترفع عينيها لتجده ينظر لها باستغراب..
عاودت اخفاض بصرها والقلم الذي تسجل به ملاحظاتها الكاذبة يرتعش في يدها..
الارتعاش الذي لاحظه هو تماما !!!


" فيه حد توه صاحي من غيبوبة ماله أسبوع والدم ينط من وجهه كذا!!
نعنبو وش ذا البياض بحمار اللي عنده؟؟
شكلي بأبطح الرجّال بعيني وأرجعه الغيبوبة مرة ثانية..
خلني أطلع بدون خساير أحسن
هذا أنا شفته وكحلت عيوني بشوفته الدب.."

كانت على وشك فعلها والخروج لولا أنه صدمه الصوت الذي سمعته: دكتورة!!

" يا الله ماتخيلت إني ممكن أسمع صوته بعد
يا الله بأموت.. بأموت!!"

كان يهتف ببنبرة مقصودة تماما وباللغة الإنجليزية وهو يردف بعد أن استوقفها:
دكتورة.. هل من الممكن أن تشدي سلك الجلوكوز لأنه التف خلف حامل الجلوكوز وألمني في يدي...لو سمحتي..

عالية كانت تريد أن تهرب.. لكنها علمت أنها حينها ستفضح روحها..
لم تكن تريد مطلقا الاقتراب منه.. لكنها كانت مجبرة..

" الله يأخذ عدوك يا الدب..
أنت الحين تتلزق في كل دكتورة تجيك..؟؟
خلني أحرك له الواير وأخلص"


عالية اقتربت وهي تحاول أن تكون حركتها عفوية وواثقة..
بالفعل كان هناك حامل للجلوكوز.. لكن لم يكن هناك أي شيء معلق بيده..

وقبل أن يبدر منها أي تصرف.. شعرت أن هناك قنبلة تفجرت بين أناملها وهي تتفاجأ بيده تشد على يدها بقوة..

حاولت شد يدها بكل قوتها ولكنه لم يفلتها وهو يهمس لها بعمق دافئ:
يا الظالمة ثلاث أسابيع ماسمعت صوتش.. هنت عليش كذا؟؟

عالية تفجرت صدمة أشد في داخلها وشعرت أنه سيغمى عليها فعلا (أيعرفني؟؟)
همست باختناق: فكني.. فكني.. لا تفضحني..

أجابها بثقة: وين الفضيحة؟؟ رجّال ماسك يد مرته.. اللي عنده ريال خله يقطعه..

عالية حاولت شد يدها دون فائدة هتفت من بين أسنانها بغيظ:
نعنبو دارك هذي يد وإلا كلبشات... يقولون توك قايم من غيبوبة من وين لك كل ذا الحيل يا الدب..

حينها انفجر ضاحكا بعفوية..
يا الله لم يتخيل أنه قد يضحك مرة أخرى
وهو من كان غارقا في كآبة شفافة منذ نهض من غيبوته وهو يتخيل هذه الحياة قد أصبحت خالية من توأم روحه
هتف وهو يضحك: دب في عينش يا قليلة الحيا.. فيه وحدة تقول لرجّالها كذا..

عالية ماعادت كيف تشعر.. الغيظ أو الخجل؟؟... هتفت برجاء عميق:
عبدالرحمن تكفى .. هدني.. تكفى..

هتف لها بعمق شفاف: ياحلوه اسمي من بين شفايفش..
إذا فيه واحد بيموت من العطش وعطوه كأس ماي..
ظنش حتى لو مافيه حيل.. حد يقدر يأخذ الكأس منه؟؟
هذا الحين حالي وحالش.. يدش الحين كأس الماي للعطشان اللي هو أنا..

عالية تنظر للباب وتهمس بتوتر مرتعب: ولك بال تغزل بعد أنت ووجهك..؟؟
هدني لا يجي أبيك لا تفضحني..

عبدالرحمن انفجر ضاحكا مرة: احترميني لا أقوم أوريش الشغل.. حتى لو ما أقدر أقوم..
أما على إبي.. توه رايح.. يبي له على الأقل ربع ساعة...
وش صار؟؟ قبل كنتي تحسبين لطلعته ورجعته بالثانية... خربت ساعتش يعني؟؟

عالية مصدومة فعلا.. مصـــــــــدومة!!
أ كان يشعر بها فعلا؟؟... ثم تحولت الصدمة لتفجر صداع وخجل لا حدود لهما..
"يعني الدب يتذكر كل شيء كنت أهذر فيه؟؟"


كانت مشغولة بالصدمة والتفكير وهي تنسى يدها التي بين يديه..
لتعلم أنه كان يتذكر جيدا وهي تشعر بأنفاس دافئة على يدها تبعها قبلات أكثر دفئا..

حينها صرخت بصوت مكتوم والعبرات تنط في حلقها:
والله العظيم إنك استخفيت.. فكني.. فكني..

لم يرد عليها وهو يغمر أناملها المرتعشة بقبلاته بينما هي تحاول شدها بعنف.. وقلبها يكاد يتوقف من الرعب..

أفلتها بمزاجه لأنه لم يرد أن يثقلها عليها أكثر من ذلك..ثم أجابها بابتسامة مغلفة بخبث رقيق: أنا نفذت طلبتش بس..
وسامحيني كان ودي إن البوسة في مكان ثاني...على طلبش بعد..
بس ماعليه ملحوقة.. مهما كان المستشفى مكان مايليق..

أجابته باختناق عبراتها التي تحاول منعها من الانسكاب: والله العظيم إنك خبل
هدني يا الله..

أجابها حينها بحزم باسم: أنتي بتعرفين تقصرين لسانش وإلا قصيته لش..

أجابته برجاء طفولي: بأقصه والله العظيم بأقصه.. بس هدني..
أنا أساسا الخبلة اللي جيت عند واحد خبل مثلك..

حينها عاود رفع يدها إلى شفتيه وهو يهتف بابتسامة: لا شكلش مافهمتي اللسان أشلون يتقصر...
وبعدين يا البخيلة جاية لين عندي.. على الأقل بردي قلبي وخلني أشوف وجهش..
ارفعي نقابش...

حينها انفجرت في البكاء: بس خلاص تكفى.. حرام عليك.. هدني..

عبدالرحمن شعر بالجزع من بكاءها.. لم يتخيل أنها قد تفعلها وتبكي وهو من يعلم جرأتها..

ولكنه يخشى حتى الموت أن يفلتها دون أن يأخذ منها وعدا أنه سيسمع صوتها على الأقل..
فهو منذ صحى من الغيبوبة وهو يكاد يُجن ليسمع صوتها فقط.. توقع أن من لها جرأتها لابد ستحاول الاتصال به ولو على سبيل تهنئته بالسلامة..

وحين رأى الأيام تمر وهي لم تحضر.. كان يريد أن يأخذ هاتف جوزا ليأخذ رقمها.. ولكنه لم تتهيأ له الفرصة بعد...

ولم يتخيل أنها كانت تخفي له مفاجأة رائعة.. وهي أن يراها هي شخصيا..
لذا لم يتوقع أن من لها هذه الجرأة جبانة أيضا إلى هذا الحد..

أجابها بتهدئة حنونة: زين اسكتي يا البزر وأهدش.. اسكتي..

عالية حاولت أن تتماسك: زين هذا أنا سكتت.. فكني..
وترا والله ما أنسى لك إنك بكيتيني.. لأني نادرا ما أبكي..

ابتسم حينها وهو يشد على يدها أكثر: وتهددين بعد أنتي ووجهش؟؟

عالية بتراجع جزع: لا ماني بكفو أهدد... تكفى هدني..

عبدالرحمن حينها هتف بحزم باسم: زين اسمعيني عدل.. بأهدش..
بس توعديني تكلميني على الأقل.. ما أعتقد إنه صعب عليش تجيبين رقمي...

عالية بغيظ: لا تشرّط علي.. ما أبي أكلمك..

عبدالرحمن حينها هز كتفيه ببساطة: خلاص خلش عندي لين يجي إبي.. ويعرف من اللي كانت تنط عندي كل يوم وأنا في الغيبوبة...

عالية عاودها الاختناق بالعبرات: أنا أبي أدري أنت كنت منخمد في غيبوبة وإلا كنت تمثل علينا؟؟

عبدالرحمن ضحك: مالش شغل أنتي.. اوعديني تكلميني بأفكش.. وترا إبي صار على وصول..

عالية بجزع وهي تنظر للباب: بأكلمك.. بأكلمك لا بارك الله في عدوينك..
ماشفت واحد أذوة مثلك.. الله يعين الطلاب اللي كنت تدرسهم على غثاك..

شد كفها بقوة وهتف بابتسامة: وطولة اللسان؟؟

عالية عادت للبكاء: لا حول ولا قوة إلا بالله.. يامن شرا له من حلاله علة..
لا تحدني أطلب الطلاق.. عشان أخلص منك

حينها أفلتها وهو يضحك: لا ليش الخساير..
أموت ولا أطلق.. روحي.. بس يا ويلش ماتكمليني..

لم ترد عليه حتى وهي تهرب وتنسى الملف الذي كان معها على طاولته..
وتنجح في الهروب قبل دخول أبي عبدالرحمن بدقيقتين فقط!!

لتبحث عن أقرب حمام وتغلق على نفسها فيه وتنفجر في بكاء مسموع:
يمه.. يمه.. والله مهوب هين ذا الدب...
يا ويلي.. يا ويلي.. يعني أشلون؟؟ أشلون؟
كان سامع كل هذرتي؟؟
يا فضيحتي.. يافضيحتي..







****************************************






هاهو جالس في انتظار مزنة..
ينظر حوله.. بعد عدة أيام ستكمل شهر منذ خرجت كاسرة من بيته..
ويبدو أن هذا الشهر لم يكفيها لتفكر..
يتساءل ماذا تريد عمته منه؟؟

ليتفاجأ بدخولها عليه وهي تحمل في يدها حقيبة يعرفها جيدا..
ألقت الحقيبة على المقعد المجاور لكساب بينما كساب كان يقف ليقبل رأسها ثم يعود لمقعدها..
بعد السلامات الملغومة من الطرفين هتفت مزنة بنبرة مقصودة:
تعرف الشنطة هذي لمن يا كساب..؟؟

أجابها كساب ببساطة حازمة.. بساطة من لا يهمه أحد وفي ذات الوقت مغلفة باحترام مدروس:
أكيد أعرف.. مثل منتي تسالين وأنتي عارفة...
هذي شنطتي..

مزنة بذات النبرة المقصودة: وشنطتك وش جابها فوق سطح بيتنا..؟؟

كساب اقترب قليلا للأمام وهو يركز نظره عليها ويهتف بثقة: يمه .. أنتي ذكية
وأنا ذكي بعد.. جيبي الكلام من آخره..

حينها هتفت مزنة بغضب حازم: ماهقيتها منك يا كساب.. إنك تعدى على حرمة البيت.. أفا عليك..

كساب أجابها بذات البساطة الحازمة: البيت وحرمته على رأسي..
وأنا ماجيت إلا لمرتي..

مزنة بغضب متزايد مغلف بحزمها : زين ولو أنك دخلت على بنتي وإلا مرت ولدي بتقول بعد إنك ماتعديت على حرمة البيت..

كساب بذات النبرة الحازمة ودون أن يهتز: يمه أنتي دارية زين إني ماني بداخل إلا على مرتي..
لأنش بروحش اللي علمتيني وين مكان غرفتها..

مزنة تقطب جبينها وهي تتذكر أنه سألها بطريقة عفوية يوم وصوله من السفر عن مكان نوم كاسرة وأي غرفة من غرف البيت اختارتها..
من باب اهتمامه براحتها فأجابته مزنة بذات العفوية..
لم تعلم أن سؤاله كان أبعد مايكون عن العفوية..

ولكن مزنة أجابته بغضب متحكم بالغ الحزم.. فما فعله يبقى بعيدا عن كل العادات المقبولة:
اسمعني زين.. ذا الخرابيط كلها ماتدخل رأسي..
اللي سويته يأمك مهيب سوات رياجيل..
تعدى على حرمة بيت جيرانك وتعلبش على درايشهم..
عشان تدخل على بنتهم.. حتى لو كانت مرتك.. لكنها الحين بنتي وفي بيتي..

ودامك تعديت على حرمة البيت وهي غطت عليك وسمحت لك بكذا..ودست سواتك..
فالحين أنا ماعاد عندي إلا كلمة وحدة.. شل مرتك ولا توريني وجهك أنت وإياها..


قاطع كلام مزنة دخول كاسرة كإعصار غاضب..فهي منذ علمت بوجوده وهي تقف قريبا من الباب تحسبا لتصرف والدتها الذي تعلم أنه سيكون هكذا..
حين دخلت سكن الجو في المكان..
وهي وكساب يتبادلان نظرات غريبة حادة مثقلة بألوان متفجرة من التحدي والبرود والشوق...


كانت كاسرة أول من تكلم وهي تقول بثقة غامرة:
يمه آسفة.. والله لو انطبقت السماء على الأرض إني ما أروح معه كني نعجة..
يعني مهوب هو يغلط وأنا أتحمل نتيجة غلطاته..

حينها أجاب كساب بتلاعب واثق وهي يجلس جلسته الواثقة كأنه ملك في أملاكه الخاصة:
غلطتي بروحي؟؟
يعني يمه يدخل في بالش إني بأتعربش على الدرايش على قولتش
إلا لو هي فتحت لي الدريشة عشان أدخل..

مزنة بدأت تشعر بالصداع من تزايد غضبها من وقاحة الاثنين:
يوم كل واحد منكم ماله صبر ثاني.. ليه مسوين لنا فيلم..
انلموا في بيتكم من غير فضايح..
وش كنتو تنتظرون لين تحمل وهي في بيتي...؟؟

كاسرة رغما عنها تفجر وجهها احمرارا دمويا لأبعد حد
و رغم حرج الموقف ولكن كساب شعر بالانتصار وبكثير من البهجة وهو يراها هكذا كعصفور مبلل بالحرج..
وفي داخله ويا لا غرابة الإحساس.. كانت أجمل من كل شيء رآه في العالم بهذا الإحمرار الذي أشعل مشاعره!!

بينما هي تهتف بغضب استنكاري: والله العظيم يمه ماصار بيني وبينه شيء..

كساب قاطعها ببرود متلاعب: وتصدقين ذا الخرابيط يمه..
حدث العاقل بما يعقل...
صار لي أكثر من أسبوعين.. وانا عندها من عقب نص الليل لآذان الفجر..
وش نسوي يعني؟؟ نلعب غميضة؟؟

مزنة بغضب عارم: بس.. بس أنت وإياها..
أنتو مافي وجيكم سحا اثنينكم.. ماحتى حشمتوا إني واقفة بينكم يا اللي ماتستحون..
هذا أنا أقولها ولا عادني بعايدتها... قم شل مرتك الحين
وإلا والله ماعاد أضرب دونكم ولا وراكم.. جعلكم تطلقون والله ماعاد أتدخل..
فعايلكم مهيب فعايل عيال أجواد..

كساب هتف ببرود مدروس وهو ينظر لوجه كاسرة الذي يشتعل:
أبركها من ساعة.. أشلها ذا الحين ومن جدي وبمعنى الكلمة..
بس بنتش اللي ماتبي..
ثم أردف بخبث شاسع: عاجبتها علبشتي على الدرايش.. تبي تلعب لعب مراهقين..

كاسرة انفجرت تماما بغضب عارم: والله لو أهج من الدوحة بكبرها إني ما أرجع له..
أنا تسوي فيني كذا يا كساب.. ؟؟ أنا؟؟
طلقني كساب.. طلقني.. النفس طابت منك.. ما أبيك ما أبيك ما أبيك...

كاسرة أنهت عبارتها الغاضبة وخرجت من فورها لتخلي الساحة لكساب ومزنة..
كساب كان مازال يتمترس خلف بروده الواثق.. رغم أن بداخله شيء يذوي وهو يرى أنه يفقد أسلحته لاستعادته واحدا تلو الآخر..
لتكملها عليه تماما مزنة وتسلب كل أسلحته وهي تهتف بحزم بالغ حزم لم يخلق إلا لها:
شوف يا كساب.. والله اللي خلق سبع سماوات إن غلاك مثل غلا ولدي.. والله اللي عطاك الغلا من عنده..
بس ولد بطني لو هو سوا الغلط والله ما أسكت عليه..
اسمح لي يأمك.. بس بيتي يتعذرك.. أنت منت بأمين على البيت ولا احترمت حرمته...
وأنا وحدة عندي بنات.. وسمعة بناتي فوق كل شيء...

اصبر علينا شهر شهرين لين يخلص بيت تميم.. واحترم جيرتنا لين نشد لبيتنا والوجه من الوجه أبيض..
أما أنت ومرتك بصرك أنت وإياها.. ترجع ماترجع مالي شغل..

لو أنك صبرت شوي ودخلت البيت من بيبانه أنا بنفسي كان كلت كبدها بالحنة لين ترجع لك..
بس أنت دخلت البيوت من درايشها.. ولا عاد لك وجه عندي..






***********************************






" أبو زايد وش فيك جعلني فداك؟؟
من يوم جيت تاخذني عند علي ورجعنا.. وعقبه رحت لشغلك ورجعت
وأنت مكتم ومتضايق..
فيه شيء مضايقك ياقلبي؟؟"

كانت عفراء تهمس بهذه العبارة بخفوت رقيق لمنصور وهما يجلسان على الجلسة في زاوية الغرفة الشاسعة..
بينما جميلة على السرير تلاعب زايد الصغير وهي تقبل يديه وقدميه.. ومشغولة ومأخوذة تماما به...
منصور نظر لجميلة بشجن عميق ثم هتف لعفراء بمودة حازمة: بعدين حبيبتي بعدين..

جميلة شعرت أن هناك شيء غير طبيعي فهتفت بابتسامة عذبة وهي ترفع صوتها ليسمعوها:
حاسة شكلي غلط.. أطلع تأخذون راحتكم؟؟

منصور هتف بحنان وهو يتمزق بين رغبته في إخبارها وبين رغبته في عدم جرح مشاعرها:
لا غير أبيش تجين تقعدين جنبي..

جميلة لفت زايد جيدا ثم حملته ووضعته بين ذراعي والدته.. ثم جلست بجوار منصور الذي احتضن كتفيها بحنان شديد وقبل رأسها وهتف بحنان:
تدرين ترا بيتنا من غيرش ماله حلا..

ابتسمت جميلة: ليه أنا وين بأروح.. هذا أنا قاعدة على قلوبكم..

منصور حينها أجاب بفخامة حميمية: قصدي إنه مانبيش تروحين..

عفراء شعرت بقلق عظيم تصاعد في روحها.. ما الذي حدث؟؟ هل أعاد خليفة جميلة لذمته وهذه مقدمات من منصور؟؟

عفراء حينها كانت من هتفت بحزم قلق: منصور أنت من يوم جيت وأنت منت بخالي..
طالبتك صار شيء.. تكفى ماتدس علينا..

حينها وجد منصور نفسه مضطرا لإخبارهما.. أن يسمعا الخبر منه أفضل من أن يسمعاه من سواه..
عدا أنه لا يريد أن يبقى في قلب جميلة أمل مع أنه من أعطاها هذا الأمل..
هتف حينها بنبرة قاطعة:

خليفة تزوج اليوم !!






*********************************





" وين كساب يومك قاعد بروحك؟؟"

زايد يبتسم بمودة وهو يجيب فاضل: كساب راح قريب عنده مشوار وبيأتي ذا الحين...
إلا أنت قل لي متى بتطلعون من المستشفى؟؟

فاضل بذات المودة التي ارتسمت مع ابتسامة غاية في الشفافية:
ذا اليومين إن شاء الله بنطلع للبيت..
ماهقيت يا أبو كساب إن عادني بأطلع أنا وإياه من المستشفى إلا للمقبرة..
الحمدلله ما أكبر نعمته !!
ثم أردف باهتمام وهو ينظر لعلي النائم: إلا علي أكثر الأوقات اللي أجيكم ألقاه نايم.. وش أخباره؟؟

تنهد زايد تنهيدة ملتهبة احرقت جوفه وهو يهتف في داخله ( لا كثرت همومك يا عبدي فانسدح.. خله يرقد ويريح نفسه)
وأجاب على فاضل باهتمام مشابه: تعبان شوي يأبو عبدالرحمن وماعاد فيه حيل..
حينها صمت زايد قليلا ثم أردف بحزم: دامك تكلمت عن تعب علي..
وهذا أنا وإياك بروحنا..
فأنا أبيك في سالفة مهمة..






**********************************





" سمور يا الدعلة قومي فارقيني أبي أنام..
بكرة عندي دوام..
إذا أنتي ورجالش تبون تسحبون على الدوام بكيفكم
بس أنا بأروح لدوامي"


سميرة بمرح مصطنع: أخيه من النفس الخايسة..
كذا تطردين ضيفانش..

وضحى تضحك: طال عمرش هذي مهيب اسمها ضيفة... هذي اسمها لزقة..
اليوم ناشبة في حلقي حتى النزلة تحت ماخليتيني أنزل
مع إنه رجّال كاسرة سمعت إنه جاء الليلة وماخليتيني أعرف وش صار..

سميرة تبتسم: وش صار يعني؟؟
هذي كاسرة توها طالة علينا... يعني لو صار شيء ماكان شفتي وجهها..

وضحى حينها أجابت بعمق: عشانش ماتعرفينها..
لو هي بتموت ما اندست ولا دست وجهها... عشان كذا توقعي إنه ممكن يكون صار أي شيء..
وهي لو هي تحترق ماقالت الحقوني تراني احترق..


تنهدت سميرة في داخلها "ليتني مثلها بس!!
من الظهر لين الحين وأنا طاقة لا أشوف تميم
وقال الخبلة تبي تلعب...؟؟
ابلعي العافية بس!!

بس والله إني قطعت شوط كبير..
حرام أخرب على نفسي كل شيء..
السالفة وش تبي.. شوي جرأة وأمشي على نفس المخطط لين أحس إنه خلاص مافيه بيني وبينه حواجز..
يا الله سمورة خالش هريدي يقول " لا تحسب المجد تمرا أنت آكله..لن تدرك المجد حتى تلعق الصبرا"
.
والله العظيم خالي هريدي ماقال كذا.. ولا درا عن هوى داره
.
إلا قاله.. وقاله قومي فزي لغرفتش قبل يجي رجّالش..
والله لا يجي وما يلاقيش لا تكون الفلعة اللي مالها دوا "






****************************************





منذ أن عاد كساب وناظره معقود ويبدو كما لو كان يفكر بعمق..
بينما زايد كان يريد أن يخبره بما حدث بينه وبين فاضل..

هتف زايد بحزم: كساب!!

كساب التفت وهو يهتف بحزم مشابه: لبيه يبه!!

زايد بذات الحزم: أبيك في سالفة مهمة..

فالتفت له كساب بجسده كاملا وهو يهتف بحزم بالغ:
إلا أنا اللي أبيك في سالفة مهمة أكثر..

زايد عقد ناظريه متسائلا بثقة: خير إن شاء الله؟؟

كساب شد له نفسا عميقا جدا ثم هتف بنبرة قاطعة صارمة:
اسمعني يبه زين.. أبيك تجاوبني على سؤال بكل صراحة وطالبك ما تدس علي شيء..
لأنه على جوابك يعتمد أشياء كثيرة..
صمت كساب لثانية واحدة ثم أكمل بذات النبرة الصارمة القاطعة:

أمي الله يرحمها.. على حياتها.. درت إنه في قلبك شيء لمرة غيرها؟؟




#أنفاس_قطر#
.
.
.
.

 
 

 

عرض البوم صور #أنفاس_قطر#  
موضوع مغلق

مواقع النشر (المفضلة)

الكلمات الدلالية (Tags)
من وحي قلم الأعضاء, أنفاس قطر, بين الأمس و اليوم, دون ردود, كاملة
facebook




جديد مواضيع قسم القصص المكتملة (بدون ردود)
أدوات الموضوع
مشاهدة صفحة طباعة الموضوع مشاهدة صفحة طباعة الموضوع
تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة
Trackbacks are متاحة
Pingbacks are متاحة
Refbacks are متاحة


LinkBacks (?)
LinkBack to this Thread: https://www.liilas.com/vb3/t158045.html
أرسلت بواسطة For Type التاريخ
ط¨ط¹ط¯ظٹ ظ…طھط°ظƒط± ظ‡ظ…ط³ط§طھظƒ ظ…ظ† ط§ظٹط§ظ… ط§ظ„ط·ظپظˆظ„ط© This thread Refback 21-08-14 12:03 AM
Untitled document This thread Refback 19-08-14 02:15 AM
ظˆط§ظ…ط§ظ… ط§ظ„ظ‚ط±ط§ط± ط§ظ„ظƒط¨ظٹط± ط¬ط¨ظ†طھ This thread Refback 17-08-14 07:47 PM
Untitled document This thread Refback 15-08-14 06:46 AM
ط´ط§ط¹ط± ظپط±ط§ط´ ط§ظ„ظ‚ط§ط´ This thread Refback 14-08-14 05:23 PM
ط§ط®ظ„ط§ ط·ط±ظپ ط¨ط§ظ„ط§ظ†ط¬ظ„ظٹط²ظٹط© This thread Refback 12-08-14 05:05 PM
ظˆط§ظ…ط§ظ… ط§ظ„ظ‚ط±ط§ط± ط§ظ„ظƒط¨ظٹط± ط¬ط¨ظ†طھ This thread Refback 10-08-14 03:02 PM
ط§ظ†ظ‡ط§ ط­ظ…ط²ظ‡ ظˆط³ظ…ط§ط­ This thread Refback 10-08-14 04:33 AM
ظ…ظ†طھط¯ظ‰ ط±ظˆط§ظٹط§طھ ظ…ط§ ظˆط±ط§ ط§ظ„ط·ط¨ظٹط¹ط© liilas This thread Refback 09-08-14 01:48 AM
Twitter meznah ظ…طµط± ظ…ط²ظ†ط© ط§ظ„ط¨ط­ط±ظٹظ† This thread Refback 03-08-14 12:01 PM
ط­ظٹظ† ط§ظ…ظˆطھ ط§ظ†ط§ ط³ظٹظ…ظˆطھ ظ…ط¹ظٹ ط­ظ„ظ…ظٹ This thread Refback 03-08-14 09:06 AM
ظˆط§ظ…ط§ظ… ط§ظ„ظ‚ط±ط§ط± ط§ظ„ظƒط¨ظٹط± ط¬ط¨ظ†طھ This thread Refback 01-08-14 02:11 PM


الساعة الآن 09:01 PM.


 



Powered by vBulletin® Version 3.8.11
Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd.
SEO by vBSEO 3.3.0 ©2009, Crawlability, Inc.
شبكة ليلاس الثقافية