لمشاكل التسجيل ودخول المنتدى يرجى مراسلتنا على الايميل liilasvb3@gmail.com






العودة   منتديات ليلاس > القصص والروايات > قصص من وحي قلم الاعضاء > القصص المكتملة (بدون ردود)
التسجيل مشاركات اليوم اجعل كافة الأقسام مقروءة

بحث بشبكة ليلاس الثقافية


موضوع مغلق
نسخ الرابط
نسخ للمنتديات
 
LinkBack (12) أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
قديم 02-11-10, 07:20 AM   1 links from elsewhere to this Post. Click to view. المشاركة رقم: 56
المعلومات
الكاتب:
اللقب:
VIP




البيانات
التسجيل: Jan 2009
العضوية: 117447
المشاركات: 738
الجنس أنثى
معدل التقييم: #أنفاس_قطر# عضو جوهرة التقييم#أنفاس_قطر# عضو جوهرة التقييم#أنفاس_قطر# عضو جوهرة التقييم#أنفاس_قطر# عضو جوهرة التقييم#أنفاس_قطر# عضو جوهرة التقييم#أنفاس_قطر# عضو جوهرة التقييم#أنفاس_قطر# عضو جوهرة التقييم#أنفاس_قطر# عضو جوهرة التقييم#أنفاس_قطر# عضو جوهرة التقييم
نقاط التقييم: 1255

االدولة
البلدQatar
 
مدونتي

 

الإتصالات
الحالة:
#أنفاس_قطر# غير متواجد حالياً
وسائل الإتصال:

كاتب الموضوع : #أنفاس_قطر# المنتدى : القصص المكتملة (بدون ردود)
افتراضي

 

بسم الله الرحمن الرحيم
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
ياصباحكم ورد ومسرات عقب الأحزان
والله لا يحرمني منكم.. الراضين علي والزعلانين مني :)
.
.


الله يشفي أختنا كلي تواضع ويديم عليها رضا الرحمن
.
فيه بعض بنات يحسب إن الرواية لأنها تحتوي على عامية وفصحى هذا أسلوب غلط..
يا نبضات قلبي هذا أسلوب كتابة معروف جدا ومهوب أنا اللي جايبته.. وكثير من كتاب العالم العربي المشهورين استخدموه..
السرد بالفصحى والحوار بالعامية.. لكي يخلق الكاتب أجواء أكثر ثراء من ناحية وأكثر مصداقية من ناحية أخرى..
.
.
فيه وحدة من نبضات القلب تسأل عن الطلاق البائن بينونة صغرى وكبرى
ناقشنا هالموضوع كثير في بداية الأجزاء يالغالية
والطلاق في كل حالات أبطالي الذين عائدوا لبعضهم هو بائن بينونة صغرى
تفصيلات كثيرة أنا متاكدة منها مليون في المية وسألت عنها أكثر من شيخ
.
.
نرجع للبارت الماضي
أدري كثير زعلوا مني على وفاة امهاب لدرجة إن بعضهم قال كلام جارح شوي
وأنا ما ألومهم والله العظيم.. أدري من حزنهم..
وأنا مقدرة لأني حزني كان أكبر.. بس فعلا وفاته كان مخطط لها من البداية
كان تعلقي به كشخصية كان يحاول الانتصار على الكاتبة لإبقاءه
ولكن ما الذي كان سيحدث؟؟
ستنحدر القصة... لأن الأحداث بنيتها على هذا الأساس..
لن يكون عسيرا علي أن أبقيه وأغير في الأحداث
لكنها كانت ستفقد جزءا كبيرا من روعتها التي قررتها منذ زمن..
أردت أن أتحدى نفسي بمشاعر الحزن والفقد لأني كنت أتحاشى دائما فقدان أحد الأبطال
.
.
أدري البعض كان متحمس لامهاب لسبب وحيد عشان يتزوج مزون وتنتقم منه على سواته فيها أيام الكلية
هذا ممكن يكون خط.. بس أنا محتاجة خطوط أكثر واعمق طريقها هو اختفاء امهاب
وبعدين هل تظنون إن زايد اللي تحدى العالم وعياله واخوه عشان مزون تدرس تخصص ممنوع في العرف والتقاليد
ظنكم بيغصبها تتزوج واحد ماتبيه وماعرفت منه إلا الإهانة..؟؟
.
زين مهوب صعب نلاقي سبب ونزوجهم لو بغيت..
ظنكم امهاب –الله يرحمه- اللي كان مايقصر فيها بالإهانة وهي بنت غريبة عنه ويعرف زين من هي وبنت من
وش ظنكم لا صارت مرته وفي بيته؟؟
مزون جاها ماكفاها.. والضرب في الميت حرام!!
قصة امهاب ومزون لو اكتملت بالطريقة اللي تبونها ماراح تضيف للقصة نفس الثراء اللي بيصير بعد وفاته الله يرحم جميع شباب المسلمين
.
وفاة امهاب كانت مقررة من أول مشهد طلع فيه هو ومزون في الجزء الأول من الرواية..
ويمكن لاحظتوا إنه في الفترة الأخيرة ظهوره قل جدا لأني كنت أهيئكم لفكرة اختفائه...
وما أقول غير الله يصبر قلب كل أم فعلية في الحياة فقدت ضناها
.
.


في البارت الماضي سمعتوا كل شخصية تتكلم عن نفسها ومن وجهة نظرها
لكن شوفوهم على حقيقتهم في الأحداث..
شوفوا كساب وتغييراته الواضحة التي كان في جزء كبير منها يعود لشخصيته القديمة
ولكن تبقى أمور حدثت غير قابلة للإصلاح!!
.
شوفو جوزا الجديدة والرقيقة عقب ما كانت أم لسانين
.
شوفوا العريسين الجديدين تميم وسميرة أشلون صاروا في حياتهم اليومية
.
ثم احبسوا انفاسكم شوي مع القفلة!!
.
وبخصوص المطالبات المبكرة ببارت.. هالمرة باتعذر بعذر ثاني.. :) مافيه حد أشطر من حد :)
البارت اللي بعده بعدني أكتب فيه.. وما أعتقد إني بأقدر أخلصه
والله االعظيم لو خلصته بشكل يرضيني نزلته..
بس هو جزء بيكون صعب شوي لعدة أسباب.. وأحب أعطيه وقته من الكتابة
.
.
يالله مع البارت 56 وهو أساسا جزء طويل نوعا ما :) نوعا ما عشان ماحد يعصب علي :)
.
قراءة ممتعة مقدما
.
.
لا حول ولا قوة إلا بالله.
.
.




بين الأمس واليوم/ الجزء السادس والخمسون




" خالتي تعالي معي..
عمي يبيش تحت في مجلس النسوان"

عفراء وقتها كانت تعتدل بإرهاق من تمددها على سريرها لترد على سلام كسّاب الذي دخل للتو..
لتصعق بما قاله وكلماتها تتناثر بصدمة: نعم وش تقول؟؟

كساب ابتسم: خالتي سمعتيني عدل..

عفراء مازالت كلماتها تتبعثر: وعمك وش يبي فيني؟؟

كساب مازال يبتسم: وش يبي فيش؟؟
هو يبيش كلش..
العم العزيز معصب وطالعة شياطينه.. يقول إنه ماكان يدري إنه أنش كنتي تعبانة ذا الشهور اللي فاتت كلها..

عفراء بارتباك ووجل وحلقها يتشقق جفافا: وحدة حامل.. أكيد بأكون تعبانة.. أشلون مايدري..

كساب بذات الابتسامة: حضرة العقيد ماباقي حد ماكان يسأله عنش..
بس تعرفين الذوق.. لازم يقولون طيبة وبخير..
بس عاد أنا بطيتها عنده.. قلت له إنش ممنوعة من الحركة.. وإن الحمل ماكان مستقر..
خليته شوي ويبكي..
يا الله خالتي تلقينه حرق مجلسنا الحين.. خلينا نلحق على الباقي من الكراسي!!

حينها همست عفراء بارتباك: زين وين زايد؟؟

حينها تغيرت معالم كساب من المرح للجدية: ليه خالتي أنا ما أكفي؟!!
كل السالفة يبي يكلمش بس..

عفراء يتزايد ارتباكها.. لم تتخيل مطلقا أنها ستراه: لا بس أخاف زايد يزعل.. وأنا الحين في بيته!!

كساب هتف بغضب حقيقي هذه المرة: وبيتي يا خالتي..
خالتي لا تكونين خايفة من عمي وأنتي معي.. وخايفة أني ما أقدر أرد عنش عشانه عمي.. عشان كذا تبين إبي..

حينها كانت عفراء من هتفت بغضب: عاد في هذي تخسي.. منصور عمره مامد يده علي ولا بأي طريقة..

حينها عاد كسب للابتسام وبخبث أكبر:
دام أنا ولد أختش حبيبش ينقال لي تخسى عشانه وأنتي تدافعين عنه دفاع المستميت... ترانا وصلنا خير..
خلينا ننزل... ولو بغيتيني أطير وما أصير عزول عطيني نظرة.. وأنا بألقطها وأطلع!!


.
.
.


يجلس في الأسفل..
غاضب أو يدعي الغضب !! لا يعلم هو أيهما!!
فهو منذ علم أنها دخلت شهرها التاسع وهو مصاب بحالة جنون..
اسمها "لابد أن تعود لي قبل ولادتها!!"

فربما ما لا تعلمه هي.. أنه كان يحسب شهور حملها بدقة..
وكان كل يوم تدخل فيه شهر جديد.. هو بمثابة فتح لجروحه التي لا تغلق أصلاً..
مطلقا لم يعد لفتح باب عودتها إليه.. كان يقول "سأنتظر حتى تلد كما تريد!! وبعدها نتفاهم!!"
فهو كان مجروح منها لأبعد حد..
مجروح لأنها كانت تعلم اهتمامه البالغ فيها.. اهتمامه بكل موعد لها..
اهتمامه بصحتها.. ولعه بهذا الطفل وهو مازال عمره أسابيع فقط في بطن أمه!!
فكيف هان عليها كل هذا؟؟ وهان هو عليها قبل كل ذلك؟؟

كان يعلم أنها للتو دخلت شهرها التاسع ..
ماعاد حتى يستطيع النوم.. وهو يخشى أن يأتيها الطلق وهو نائم..
ورغم أنه أمنَّ عليا أن يخبره إن حدث ذلك..
ولكن الأمر مختلف لو كانت تنام إلى جواره هو..
ألا يكفي أن أشهر الحمل كلها مرت.. وهو لم يرها حتى..
لم ير حتى شكلها ببطنها المتضخم...
أ يراها بعد ذلك وابنها جوارها؟!!
يستحيل.. يستحيل..

حينها بدأ عقله يعمل.. كيف يعيدها..
والليلة جاءه السبب على طبق من ذهب!!
ولو لم يجد سببا لاخترع..

وربما من أجل ذلك سأل كساب مع أنه تحاشى سؤاله طوال الأشهر الماضية!!
ثم فــجــأة يجد له حجة ليسأله الليلة.. وهو أنه لم يجد سواه..
يعلم أن الحوار سيكون غير تقليدي مع كساب.. أما أن يحتد.. أو يتخابث..
وحينها ربما يكون هذا سببا لتحريك الركود!!
يكره هذا الأسلوب الملتوي الذي لا يشبهه.. ولكنه مضطر له..
تعب من الطرق المستقيمة التي جعلته يبعثر كرامته من أجلها ودون فائدة أيضا..
وهاهو ينتظر قدومها..

يا الله ما أقساها.. !! ستة أشهر لم يرها حتى..
مازال لا يعلم حتى كيف استطاع الصبر!!
شهران فقط هي الأيام التي عاشتها معه..
ويبدو كما أنه لم يعش في حياته كلها سوى هذين الشهرين..!!
لا يعلم كيف مضت الأشهر الماضية من دونها.. وهو يتجلد على بعدها!!
بدا له احتمال كل قسوة العسكرية وتمريناتها القاسية والمستحيلة أحيانا.. بدا أهون بكثير من عذاب فراقها!!

فتح كساب الباب أولا.. وشرعه لخالته.. وهو يسندها..
وقف منصور وهو يفتح عينيه على اتساعهما وكأنه يريد أن يلتقط المشهد بحذافيره.. لا يريد أن يفوت على نفسه لمحة واحدة من لمحاتها..

وهي دخلت بخطوات مترددة وهي تضع جلالها على رأسها وتسدله على وجهها..
وحين دخلت أزالته لتضعه على كتفيها..
وهي عاجزة عن توجيه نظرها إليه لشدة خجلها..

يا الله كم اشتاق لها..
كم اشتاق لكل تفاصيل وجهها العذب!! شعرها المرفوع بفوضوية وخصلاته تتناثر على صفحة وجهها المرهق..

وكم آلمه قلبه وهو يرى كيف تضخمت بطنها بعيدا عنه.. وكيف فاته مراقبة ابنه وهو يكبر في أحشائها الغالية!!

وكم آلمه قلبه لرؤيتها بهذا الإرهاق والهالات السوداء تحيط بعينيها وهي تستند بكل ثقلها على كساب..
تقريبا كان كساب هو من يحملها حتى أجلسها..
كان بود منصور منذ رآه يسندها أن يدفعه بعيد عنها.. فمن المفترض أن تكون هذه مهمته هو!!

كساب هتف بنبرة مقصودة: عشان تدري أنك غالي ياعمي... خالتي ماتنزل كلش من فوق إلا لو كان عندها موعد..
وأنا اللي أنزلها.. لأن البنات مافيهم حيل لها.. وهي مافيها حيل كلش ولا حتى مع المساعدة..

منصور يهتف في داخله " آلمني أكثر أيها الخبيث..
فيبدو أن كل ما أشعر به من ألم مازال لا يكفيك !!"

ولكن منصور هتف بأمر حازم: كساب اطلع برا..

عفراء شدت على يد كساب بعفوية.. وكساب شد على كفها بحنو وهو يجلس جوارها ويهتف بذات نبرته المقصودة:
اعتبرني غير موجود.. ولو تبيني أسكر عيوني سكرتها..

منصور بنبرة أمر أشد حزما: أقول لك كساب اطلع برا عاد النفس عليك طيبة..
رجّال ومرته وبينهم حوار خاص.. وش دخلك أنت؟؟

كساب نظر لخالته متسائلا.. عفراء هزت رأسها بقلق.. وهمست بخفوت: خلاص روح..

تعرف أن منصورا عنيد.. وكساب أكثر عندا.. لم ترد إحداث معركة قبل أن تعرف ماذا يريد..

كساب مال على أذنها وهمس بخبث ظريف: أنا طالع لغرفتي.. إن بغيتيني أرجعش فوق.. اتصلي علي..
أما لو طرا عليش مشوار ثاني.. اتصلي في مزون تجيب عباتش !!


كساب خرج..
ومنصور مازال واقفا.. الصمت لف المكان لدقيقة.. وهي صامتة تدعك كفيها..
بينما كان هو يملأ عينيها من رؤيتها..
التغييرات التي أصابتها بعده.. ابنه الذي كبر كثيرا في بطنها.. الحزن والإرهاق المتبدي في كل تفاصيلها

استمر الصمت لدقيقة أخرى حتى هتف منصور بسكون غريب كما لو أنه مقطوع الأنفاس ويحاول إخفاء ذلك:
مساش الله بالخير يأم زايد..

لم تستطع الرد.. فريقها جاف.. جاف جدا..
أما حين تقدم وجلس جوارها.. شعرت أن حلقها تشقق من الجفاف.. لدرجة أنه كحت كحة جافة..
هتف بعمق دافئ: سلامات..

لم ترد أيضا.. حينها هتف بعمق أكبر: تروحين معي لبيتش؟؟ البيت وراعيه فاقدينش..
وماقصرتي في الغيبة..

لم تستطع الرد أيضا.. حينها هتف بنبرة مقصودة: يقولون السكوت دليل الرضا.. ترا بأشيلش الحين معي للسيارة..

حينها همست بيأس موجوع ودون أن ترفع عينيها: والسبب اللي عشانه صار ذا كله..

هتف منصور بعمق: زمان قالوا " يغلبن الكريم.. ويغلبهن اللئيم"
وأنا ماني بلئيم.. اللي تبينه يصير.. ماراح نختلف..
وماتدرين يمكن أنتي لا ولدتي تقولين ما أبي شغل خلاص..

عفرء حينها أجابت بحزم رقيق وهي تدعك كفيها الساكنتين في حضنها ونظرها مثبت عليها:
ماعليه.. أنا اللي أقرر ذا الشيء باقتناعي..

حينها مد يده لذقنه ليرفعه بخفة وهو يهتف بنبرته الثقيلة الدافئة:
زين كلميني وعينش في عيني.. تدرين أني ما أحب تلدين بعيونش عني!!
يا الله وش تقولين؟؟
أنا مستحيل أطلع من ذا البيت الليلة من غيرش.. ولو عييتي فرشت لي فراش هنا ونمت..
لأني مستحيل أسمح لحد غيري يوديش لا جاش الطلق..

عفراء همست بخجل عميق: كلم أبو كساب وقل له أني بأروح معك!!
ما أقدر أطلع من بيته وهو ما درا ورخص لي بعد..


لم تتوقع مطلقا أنه بعد كل هذا الغياب.. ستُحل القضية بهذه البساطة والسلاسة..
ولكن كلاهما ماعاد به احتمال لفراق الآخر.. كلاهما كان يحتاج لمجرد نقرة بسيطة ليهوي من عناده..
إن كان لايريد أن يكون غيره من يذهب بها للمستشفى..
فهي كانت تعيش في رعب أنها قد تلد وهو ليس جوارها..
أنها لن تشعر ولو لمرة بكفه القوية الحانية تشد على كفها وتؤازرها حين تهاجمها آلام الطلق..
وفي داخلها تمنت أن أن يكون جوارها حين تصل جميلة..
فكل هذا الانفعال هي غير قادرة على مواجهته وحيدة!!
تريده إلى جوارها.. وكم افتقدت قوة مساندته!!




*************************




" عبدالله لو سمحت.. جوالك شوي.. أبي أكلم أم خالد
جوالي فضا شحنه"

عبدالله يمد صالحا بهاتفه وهو يهتف بمرح: وأم خالد لو اتصلت ولقت جوالك مسكر بتسود عيشتك..

صالح تناول الهاتف من عبدالله وهو يشعر بضيق عميق أن حالته وهو نجلاء باتت ملاحظة لهذه الدرجة..
رغم أنه كان يحاول جاهدا ألا يبدو ذلك واضحا للعيان حتى لا يحرج نفسه ويحرج أم أولاده..

ولكن عبدالله لم يرحمه وهو يردف بمرح: أبي أعرف على ويش تغار.. من زين فرة صويلح تغار عليه..
غبّرت وأنت عندها..كن حد بيتفكر وجهك يعني.. شكلها تبي ترفع معنوياتك بس..

حينها هتف صالح بحزم: عبدالله سكر الموضوع خلاص.. وهاك تلفونك ما أبي أكلم.. الله الغني من منتك..

عبدالله تغير وجهه وصوته للجدية: عيب عليك ياصالح.. خذ كلم أم عيالك..
ومن متى وأنا وأنت بيننا حساسيات كذا..
لا تكون صدق متضايق من ذا الموضوع..

حينها انفجر صالح بخفوت مقهور: إيه متضايق.. وليش ما أتضايق.. أم خالد عمرها ماكانت كذا..
طول عمرها رايقة وعاقلة.. وش للي غيرها عليّ ما أدري؟؟

حينها أجابه عبدالله بنبرة مقصودة: المرة ماتتغير إلا لو كان رجالها تغيّر عليها..
شوف أنت وش أنت مغير في معاملتك مع بنت عمك وتعرف..

صالح صمت وهو يشد الهاتف ويتصل بها.. ليجدها بالفعل غاضبة لأنها تتصل وهاتفه مغلق..

حينها هتف صالح بغضب مكتوم: دامش منتي بمصدقة أني في مجلس هلي..
هاش عبدالله كلميه.. دام أبو عيالش ما لكلامه كرت عندش..

نجلاء هتفت بجزع: لا خلاص خلاص مصدقتك..

لكن صالح أعطى الهاتف لعبدالله وهو يُسمع نجلا مايقوله بنبرة مملوءة بالغيظ والقهر:
هاك كلّم بنت عمك اللي ما أدري وين ودتها ظنونها برجالها عقب عشرت عشر سنين..
قل لها أنا وين..

عبدالله شعر بالحرج وهو يتناول الهاتف رغم أنه كان يشير بيديه لا.. حتى لا يحرج نجلاء...
ولكنه ختاما وجد الهاتف في يده فهتف باحترام: مساش الله بالخير يأم خالد..

نجلاء ردت عليه باختناق: مع السلامة يأبو حسن..
ثم أنهت الاتصال..

عبدالله بغضب: ليش تحرجني كذا.. المسكينة شكلها كانت تبكي من الفشيلة..

لا ينكر صالح تضايقه الشديد حين علم أنه أحرجها لدرجة البكاء ومع ذلك هتف لعبدالله بضيق:
دامك لاحظت.. أكيد أبيك وأخوانك لاحظوا بعد.. انتظر كم يوم ويهزئني ابي كني بزر لاني ماني بقادر أسنع مرتي..

عبدالله بغضب: لا مالاحظو.. ولا حد لاحظ.. بس أنت عارف زين إن علاقتي أنا وإياك غير..
يا أخي بينك وبين مرتك مشكلة لا تدخلني بينكم..
أسوأ شيء ممكن يسويه الرجّال إنه يكشف عيوب مرته قدام طرف ثالث وهي تسمع أو تشوف..
جرحتها واجد يا صالح.. هذي بنت عمنا قبل ما تكون مرتك وأنا ما أرضى عليها لو أنت رضيت!!

صالح هتف بضيق عميق وهو يعبث بهاتف عبدالله بين يديه ليفرغ فيه بعض طاقة ضيقه:
عبدالله قل لي وش كنت تبيني أسوي..كلمتها من تلفونك.. وهي تعرف رقمك زين..
ومع كذا مهيب مصدقتني أنا وين؟؟
تخيل !!
حرقت أعصابي على شيء ما يستاهل.. عمري أصلا ماكنت موقع شبهة ولا سويت شيء يخليني كذا..

عبدالله هتف بنبرة جدية: صالح أنا ما أدري أنت وش مسوي بأم عيالك
بس ما أعتقد إنها تتغير كذا بدون سبب..
يمكن صالح لأنكم صرتو في بيت بروحكم هي محتاجة اهتمامك زيادة..
يا أخي اهتم فيها.. تستاهل أم خالد..

كان صالح على وشك الرد لولا أنه وقع في هاتف عبدالله على شيء جعل عيناه تتسعان ذهولا.. هتف بصدمة:
عبدالله من وين جبت ذا الصورة؟؟

عبدالله نظر للصورة المقصودة ثم هتف ببرود موجوع:
يعني ظنك يوم تمسح صور خالد الله يرحمه من تلفوني وكمبيوتري
وتطلب من فيصل يتخلص من كل صوره اللي في البيت..
إني ما راح أقدر أجيب له صورة أحتفظ فيها..أصلا صوره كلها مخزنة على إيميلي..
يعني مستكثرين علي صورة مافيها روح عقب ماراح هو كله!!

صالح حينها همس بحزن: لا عبدالله مهوب القصد وأنت عارف.. بس أنا ماكنت أبي شيء يفتح مواجعك..

عبدالله بحزن عميق: مواجعي أصلا مفتوحة.. ما أحتاج شيء يفتحها..




*******************************




" كاسرة.. كاسرة!! "

كاسرة تجيبه من داخل مكتبه : تعال أنا هنا..

أطل عليها بشبح ابتسامة: غريبة ماتوقعتش هنا..

أجابت بابتسامة عذبة: وأنا ما توقعت أنك بترجع بدري كذا.. قلت بأدور لي كتاب أقراه..

أجابها بثقة: إذا حضر الماء بطل التيمم.. أنا بكبري هنا.. تعالي سولفي معي وبلاها القراية..

حينها أجابته بنبرة مقصودة: زين أنك جيت بدري ونفسك مفتوحة للسوالف..
لأنه فيه سالفة مهمة أبي أقول لك عنها..

كساب جلس على الأريكة في زواية المكتب وهتف بحزم: تعالي جنبي.. وقولي لي.. وش عندش..؟؟

كاسرة تقدمت بثقة وجلست جواره.. ليمد كفيه ويحتضن بها كفها وكأنه يحثها على الكلام..
كاسرة هتفت بثقة هادئة: كساب حن صار لنا سبع شهور متزوجين.........

حينها قاطعها بابتسامة غامضة: تدرين المقدمة هذي تأخرت شوي.. كنت متوقعها قبل فترة...

كاسرة لم تهتم لمقاطعته وهي تكمل بذات ثقتها الهادئة: ولحد الحين الله مارزقني بالحمل..
عشان كذا أنا قررت أسوي فحوص..

قاطعها للمرة الثانية بذات الابتسامة الغامضة: اللي أنتي رحتي تسوينها مع فاطمة
وقلتي لها إن فاطمة اللي بتسويها..
وكنت عارف من أول ماقلتي لي إنه أنتي اللي تبين تسوينها..
ليش ماقلتي لي أنا.. وأنا اللي بأروح معش!!

أجابته كاسرة بثقة: يمكن حسيت إنه وجودك أو حتى معرفتك بيكون فيها ضغط نفسي علي..
حبيت أسويها بدون ماحد يعرف..

حينها أجابها باهتمام غامض : والنتيجة؟؟

كاسرة بثقة: مافيني شيء نهائي..

حينها ابتسم كساب: وأكيد الحين الخطوة الثانية إنش تبيني أسوي أنا الفحوص..

كاسرة بثقة حازمة: حقي أطلب منك ذا الشيء..

كساب بابتسامة واثقة: حقش ليش لا..

أنهى عبارته ووقف ليتجه لمكتبه ويفتح أحد أدراجه.. ويستخرج منه ملفا..
ثم يعود ليجلس جوارها.. ويضع الملف فوق فخذيها.. ويهتف بثقة:
هذا الملف فيه.. أكثر من سبع فحوص شاملة مسويها خلال الثلاث السنين الأخيرة.. وأخرها من أسبوعين..
بتلاقين من ضمنها فحص للخصوبة وللجهاز التناسلي..
أنا بعد مافيني شيء.. ولو تحبين أسوي فحص عشانش سويت.. عشان ماتقولين أني متحجر ولا متزمت..

حينها لا تعلم لِـم شعرت ببرودة لاسعة وفتور في عظامها.. شبكت كفيها فوق الملف وهتفت بسكون:
يعني أنت عارف من قبل ما تتزوجني حتى أنك مافيك شيء.. ومع كذا ماطلبت مني أني أسوي الفحص..

كساب وقف وهو يهتف ببساطة: تو الناس .. ليش العجلة؟؟

ثم أردف بنبرة مقصودة وهو يستند على المكتب:
وما تدرين يمكن هذي رغبة رب العالمين لأنه شايفنا ما نصلح إنه نكون أباء..
ماحد يعترض على المكتوب!!

حينها قفزت كاسرة لتهتف بغضب: تكلم عن نفسك لو أنت شايف أنك ما تصلح أب..
لكن أنا عارفة أني بأكون أم فعلا وبكل معنى الكلمة..

كساب بحزم: هذي وجهة نظرش أنتي.. لكن أنا أشوف شيء ثاني..
كل واحد منا أعند من الثاني.. وما أعتقد إنه هذي صفات أباء لازم يقدمون تنازلات عشان عيالهم..

كاسرة لا تريد أن تتكلم معه.. تشعر بحزن غريب وألم أغرب..
ربما لو علمت أن في أحدهما مشكلة ما.. كانت ستقول إن شاء الله تنحل مع العلاج..
ولكن الآن تشعر بحزن عميق أن الله عز وجل قد يكون غير راضيا عليها لذا لم يستجب لدعواتها أن يرزقها بطفل..

وتشعر بحزن أعمق وأعمق مغمور بالألم أن كسابا يراها لا تصلح أما..
فكيف تستمر الحياة بينهما إن كان لا يرى هذه الحياة مكتملة.. مكللة بوجود الأطفال؟!!
تشعر أن إحساسها الدائم أن الحياة ستنتهي بينها وبين كساب.. يتحول لإحساس بالغ القوة..
هذا الإحساس الذي يعذبها.. بينما هو لا يهتم !!

كاسرة لم تقل شيئا.. وهي تضع الملف على المكتب قريبا منه حيث يستند..
وتستعد للمغادرة.. ليوقفها وهو يشدها.. ويجلسها معه على الأريكة..
هتف بحنو دائما تستغرب نبرته المغمورة فيه حتى الثمالة.. لشدة مايليق به وفي ذات الوقت تذيب قلبها لا تعلم كيف:
لا تروحين وأنتي زعلانة!!

همست بألم تخفيه خلف حزم صوتها: لا تقول إنك مهتم.. لأنه آخر شيء يهمك.. زعلي أو رضاي!!

أجابها بذات النبرة الحانية وهو يسند رأسها لصدره ويشد عليها ليحتضنها بيد واحدة:
تدرين زين إن ذا الكلام مهوب صحيح.. وإني ما أحب أزعلش..
شا اللي يرضيش؟؟ تبين أسوي فحص ثاني.. سويت..

كاسرة بسكون حازم: وليش تسوي.. وعنك ملف مليان فحوص..

حينها ابتسم: أجل زعلانة عشان أنا قلت إنه مانصلح نكون أباء..
خلاص أنا اللي ما أصلح.. وأنتي بتكونين أحلى ماما..

حينها ابتعدت كاسرة عنه وهي تهمس بغضب رقيق: كساب أنا ما ببزر..
ويوم تقول لي كلام يوجع مثل هذا..لا تخلي السالفة كنها مسخرة!!

كساب باستغراب مقصود: يوجع؟؟ ومتى كانت الحقيقة توجع؟؟..

كاسرة وقفت وهي تهمس بغضب حقيقي مكتوم: دام شايفها حقيقة..
وش يلزمنا في ذا الحياة؟؟
دامك تشوف إنه مانصلح نكون أباء على قولتك.. ليش عايشين مع بعض..؟؟

حينها وقف وهو يهتف بغضب: أظني إني ألف مرة قايل لش إذا اختلفنا في النقاش.. لا تجيبين طاري الانفصال..
ومع كذا لازم كل مرة تطربيني فيه!!

كاسرة بذات الغضب: لأنه هذا مهوب اختلاف في النقاش.. هذا اختلاف في الحياة كلها.. أنا يمين وأنت يسار..

كساب شد له نفس عميق وهتف بحزم: تدرين بأروح أشوف خالتي وش سوت أخير لي..
لأنه أنتي أحيانا تستخفين والواحد مايقدر يتفاهم معش..

كساب غادر بينما كاسرة عادت لتجلس على الأريكة وهي تشعر بإرهاق في كل جسدها..
موجوعة تماما.. تماما..
لماذا يُكتب عليها كل هذا الألم..؟؟
ولماذا تحبه كل هذا الحب بينما هو عاجز عن مبادلتها إياه؟؟
ولماذا تكون هي من ستموت رغبة في طفل منه بينما هو يرى أنهما لا يصلحان ليكونا أبوين حتى؟؟
ولماذا؟؟ ولماذا؟؟ ولماذا؟؟
عشرات الأسئلة الموجعة التي تمزق روحها ولا تجد لها جوابا يريحها!!




*************************************





" أنتي مارحتي لعبدالرحمن اليوم؟؟"

جوزاء تلتفت لعبدالله وهي تشير له بعلامة السكوت حتى لا يوقظ حسن الذي نام للتو..
وتشير له أن يذهب لغرفتهما وهي ستحضر له..

عبدالله عاد لغرفته وكان يخلع ثوبه حين دخلت قادمة من غرفة حسن المفتوحة بباب على جناحهما..
همست بإرهاق: تبي شيء عبدالله؟؟

هتف لها بحنو: لا حبيبتي.. بس كنت أسأل أنتي مارحتي لعبدالرحمن اليوم؟؟

جوزاء بذات النبرة المرهقة: اليوم ماقدرت.. كنت تعبانة شوي..

اليوم كانت متعبة حقا.. ولم يتبق أي شيء في معدتها منذ الصباح!!

اقترب منها وهو يضع يده على جبينها ويهتف بقلق: ليه وش فيش ياقلبي؟؟

صمتت لثانية (أتخبره أو لا تخبره؟؟) ثم همست بتعب: شوي إرهاق بس..

هتف بحنان وهو يتجه للحمام: لو قعدتي تعبانة لبكرة بأوديش للمستشفى بدون نقاش..
أنتي واجد ترهقين نفسش.. في البيت ومع حسن وعند عبدالرحمن.. وفي بيت هلش..

صمتت لم تستطع الرد وهي تراقبه بوجع حتى أغلق على نفسه باب الحمام
وهي تشعر بعبرة ضخمة تقف في منتصف حنجرتها وهي تشعر بها تتضخم وتتضخم حتى كادت تمزق أوتار حنجرتها!!

" لماذا أنت شديد العذوبة هكذا؟؟
لماذا تكون طيبا ورقيقا هكذا كنسمة؟؟
بينما أنا لا أستحق.. لا أستحق!!"




*****************************************





" سميرة.. لو سمحتي.. جهزي لي الملفات اللي كنت عطيتش قبل يومين..
اللي فيهم مواصفات الكمبيوترات الجديدة!!
أدري بكرة سبت ماعندش دوام.. فجهزيهم لي قبل تنامين.. "

سميرة أزاحت أوراق العمل التي كانت تصححها جانبا.. وطبعت على الحاسوب المقابل لها..
والذي لا يفارق الطاولة الصغيرة في الجلسة..
أدراته ناحيته : " اطبع لي وش تبي؟؟"

حينها قفز بغضب وهو يشير بذات الغضب: أنا ماطلبت منش تأشرين لي.. بس أنتي عارفة وش أبي..
ماتبين تطيعيني.. مهوب مشكلة!!

سميرة عادت وشدت الحاسوب ناحيتها وطبعت: حاضر أجهزهم لك بكرة..
وحتى لو ماعندي دوام.. أنا متى رقدت وأنت رايح الدوام؟؟
شيء ثاني بعد؟؟

أشار لها بنفاذ صبر: لا..

وعاد للجلوس حيث كان يجلس منذ أكثر من ساعة. وهو يراقبها حينا ويتشاغل بأوراق بين يديه حينا..
وبينهما جهاز الحاسوب المحمول الصغير المفتوح على برنامج الطباعة..
الجهاز الذي يتمنى لو يحمله ليلقيه مع النافذة..
يراقب بدقة ونهم وألم حتى أناملها التي تصحح.. انحناءات بيجامتها المشبعة بألوان زاهية..
نحرها وزنديها اللذين يكادان يضياءان لشدة تألق بشرتها وصفائها..

حتى تعب وأرهق من المراقبة.. وإن كان لم يمل من مراقبتها.. فهو مستعد لمراقبتها عمره كله دون أن يمل..
لكن مراقبتها متعبة له.. متعبة لأبعد حد.. وكأنها تختبر صبره وتضغط على رجولته لأقصى الحدود..

حين شعر أنه لن يحتمل هذه المراقبة أكثر.. طرق لها بخفة على الطاولة..
حين رفعت رأسها أشار لها بأول شيء خطر بباله وهو سؤاله عن الملفات..
حينها قفزت بباله هذه الفكرة.. لن يعاود هو الطباعة لها..
سيشير لها.. لن يجبرها أن تشير له.. ولكنها تفهم إشاراته..
حاول إرضاءها طوال الأشهر الماضية بهذه الطباعة الرتيبة الممللة التي تقف حاجزا بغيظا بينهما..
في البداية كان لا بأس بذلك.. فهي مازالت لا تعرف لغة الإشارة.. ولكنها الآن تعرف..
على الأقل يريد أن يشعر أنه على سجيته معها..

هي على الطرف الآخر..
مستغربة منه.. لأول مرة يصر هكذا على أن يشير لها..
ما الذي يهدف له من هذا؟؟

وهي غارقة في أفكارها بين تصحيح أوراقها بعد أن أجابته.. سمعت طرقته الثانية على الطاولة..
رفعت رأسها مستفهمة..
أشار لها بهدوء: طيب أنا أبي أنام ممكن تقومين عن سريري..

حينها قفزت سميرة بخجل.. ودون أن تقول له اطبع لي ماتريد.. فهي كانت تجلس على الأريكة التي تنفتح لتتحول لسرير..
والتي كانت سريره الذي اختاره بنفسه منذ انتقالهما لبيتهما الجديد..وقبلها كان ينام على أريكة أيضا..

فتحت الأريكة بنفسها.. وهي تحضر له مخدته وغطاءه وترتبهما على السرير..
تجاوزها ليجلس على طرف سريره.. وكانت هي ستغادر.. لولا أنه شدها ليمسك بكفها بطريقة تملكية مقصودة..
حينها التفتت بحدة له ولا تنكر أن رعشة حادة اجتاحت جسدها.. فهذه هي المرة الأولى التي يفعلها..

طبعت له وهي مازالت تقف وتنحني على الحاسوب بشكل جانبي بيدها الحرة:
تميم تبي شيء؟؟

حينها طبع لها بيده الحرة لأنه لم يكن يريد افلاتها وهو يذوب من مجرد إحساسه بنعومة يدها المرتعشة في كفه:
تروحين بدون ماتقولين لي تصبح على خير..

طبعت له وتوترها يتزايد: تصبح على خير..

حينها أفلت كفها وهو يشير بتقصد: لا قولي لي تصبح على خير كذا..

لم ترد عليه وهي تتجاوزه وتغادر المكان متجهة لسريرها.. كأنها تريد أن تهرب من الإشارة ومن مرارة ذكراها!!





*************************************




" ياحيا الله أم زايد.. نورتي بيتش"

خطت عفرا للداخل بخطوات مترددة.. وهي تنظر للمكان حولها.. مازال كما هو لم يتغير به شيء.. عدا لمساتها..
بشكل عفوي لمست طاولة الزينة الضخمة بقرب باب المدخل.. كان مغبرا قليلا..

ابتسم منصور ابتسامته الفخمة المعتادة التي طال افتقادها لها:
أدري البيت حالته حالة.. بس عشان تدرين إنه مايهون علي حتى في غيابش أسوي شيء يضايقش..
كنت ما أخلي الصبيان يدخلون البيت إلا مرة في الأسبوع إذا كنت أنا موجود عندهم عشان ينظفون تنظيفهم اللي كنه وجيههم..

جلست بإرهاق على أقرب مقعد وهي تهمس بتأثر:
ما أدري تقدر تسامحني على تقصيري في حقك وإلا لا..؟؟
بس تدري.. كله منك!!

ابتسم منصور: مني انا؟؟

عفراء بذات التأثر: إيه منك.. مر شهر وشهرين وثلاثة يعني ماكنت تقدر تسوي نفس اللي سويته الليلة..
منصور أنا وش أبي منك إلا أنك تحسسني أني شريكة حياتك صدق..
رأيي محترم ومقدر عندك .. بكرة بيننا عيال ولازم تحترمني قدامهم..

شدها منصور ليحتضنها بخفة لأنها يخشى أن يؤلمها وهو يهتف بشجن عميق:
وأنتي شريكة حياتي وحبيبتي وأم عيالي..
ثم ضحك ضحكة قصيرة: وكرشتش مسوية زحمة.. إحساس غريب وأنا حاضنش بروحش وكرشتش بروحها..

دفعته بخفة في صدره وهي تمسح دمعة فرت من عينها وتبتسم:
وتعلق على كرشتي بعد.. هذا ولدك مهوب كرشتي!!

مد يده ليمسح وجهها وهو يهتف بحنان عميق: تكفين لا تبكين.. أجليها لبكرة..

عفراء باستغراب: وش معنى بكرة؟؟

منصور بفخامة حميمة: فيه ناس غالين واصلين من السفر بكرة..

عفراء شعرت أنها ستفقد توازنها وهي تعود للجلوس وتهتف بذهول: جميلة!!
هي قالت لي بعد يومين..

منصور بابتسامة: تبي تسوي لش مفاجأة بس أنا خفت عليش من الصدمة..
قلت أقول لش قبل..

شدت على كف منصور وهي تضع يدها الأخرى على بطنها حيث شعرت بثقل مفاجئ وهتفت بلهفة موجوعة:
صدق يامنصور؟؟ صدق؟؟ بكرة بكرة؟؟

أجابها وهو يشد على يدها بقوة حانية: صدق بكرة بكرة ياقلب منصور...





************************************





" جميلة الله يهداج
ليش تبكين جذيه؟؟
حد راد ديرته وهله ويبكي!! "

جميلة تمسح دموعها وتهتف بتأثر: كان ودي إنه فواز وسوسن خلصوا علاجهم ورجعوا قبل ما أرجع..
حرام ماشفت أشلون أمهاتهم كانوا يبكون يوم قلت لهم إن سفرنا صار بكرة..
حتى الممرضات تعودت عليهم.. وش كثر علموني أشياء.. صار بيننا عشرة..
وماينكر العشرة إلا قليل الأصل !!

خليفة مد يده ليمسح خدها .. انتفضت بخجل وهي تبتعد بعفوية..
بينما هو ابتسم رغم أنه كان يزفر في داخله ضيقا من هروبها الدائم حتى من لمساته العفوية
هتف لها بحنان: ادري أنج منتي بجليلة أصل وتكرمين.. بس أخاف الدموع عاللي عندج تخلص..
كفاية بكرة لاشفتي خالتي عفرا..

حينها ابتسمت ابتسامة مبللة بالدموع: ياقلبي يمه.. وش كثر اشتقت لها!!
حاسة من كثر شوقي لها بيغمى علي لا شفتها!!





*************************************





" كاسرة قومي كلميني.. أدري أنش مابعد نمتي"

كاسرة نهضت واعتدلت جالسة.. وهي تسند ظهرها لظهر السرير..وتهمس بسكون: نعم كساب؟؟

كساب كان يجلس على طرف السرير بقربها وهتف بحزم: ما أدري ليه تسوين كذا؟؟
تدرين ماعادنا عشرت كم يوم..
صار لنا عشرت أسابيع وشهور.. وتدرين زين أنه مهما اختلفنا ما أحبش تنامين على زعل..
يعني مفروض تنتظريني لين أجي ونتفاهم..

كاسرة بذات السكون: وش فرقت يعني؟؟

كساب بذات الحزم: فرقت أني حسيتش تضايقتي واجد ذا المرة!!

كاسرة حينها هتفت بحزم: زين فرضا أني تضايقت.. هل بيغير من الكلام اللي قلته شيء؟؟

كساب هز كتفيه: صراحة أول ماقلته.. ماظنيتش بتزعلين.. لأني كنت أظنها وجهة نظرش بعد..

حينها كتفت كاسرة ذراعيها أمامها وهمست بحزم رقيق:
كساب الناس ليش يتزوجون.. يبون سكن الروح وينشئون أسرة..
إذا كنت تشوف إنه حن مانصلح نشكل أسرة.. كأنه تقول إنه زواجنا ماله داعي يستمر!!

حينها استغربت كاسرة أنه صمت وهو يزيل غترته عن رأسه ثم يميل ليضع رأسه في حضنها..
حيمها لا تعلم لِـمَ آلمها قلبها بشدة " أ مرهق هو؟؟"

همست باهتمام عذب وهي تمد أناملها لتعبث بخصلات شعره: تعبان كساب؟؟

هتف بسكون: لا..

مالت لتقبل صدغه ثم همست قريبا من أذنه: زين هذا هروب من الحوار؟؟

أجابها بسكون أكثر: تدرين أني آخر واحد يهرب من حوار!!
قالها ثم اعتدل جالسا وهو يتناول كفها التي كانت فوق رأسه ويقبلها بتروي
ثم وقف وهو يهتف لها بتلقائية: بأروح أطل على مزون شوي وبأرجع لش!!

همست حينها بسكون غريب: على راحتك.. بس لو طولت علي بأنام..

هز رأسه وهو يغادر.. ويهتف لها بذات التلقائية: نوم العافية..

تعلم أنه قال (شوي) لكنها تعلم أن هذه (الشوي) لن تقل عن ساعة..
مطلقا لا تتضايق من علاقته بأخته.. بالتأكيد تتمنى لو كان بعضا من هذا الوقت لها..
لكن مايحزنها فعلا.. أنها تمنت لو كانت هي ومهاب هكذا..
كم هو مؤلم ومحزن أننا لا نعلم كم هو ثمين ونادر مابين أيدينا حتى نفقده!!
حينها لا يبقى لنا سوى عض أصابع الندم حتى تدمي!!
ربما لو لم تجرب حرقة فراق شقيقها.. كانت ستغار وبشدة مزون..
فهي غيورة على كساب لأبعد حد.. ولكنها لا تغار عليه من مزون..
لأنها تمنت من قلبها أن تكون مثلها الآن..
وتعلم كم عانت مزون من مرارة جفاء كساب..!!

ومايهمها فعلا أن كساب يغادرها.. ويترك حوارا آخر معلقا كعادته الغريبة مؤخرا..

وعلى العموم هي لن تهتم له.. ستسأل الدكتورة إن كان هناك شيئا قد يساعدها على الحمل..
إن كان لايريد هذا الطفل.. هي تريده !!




******************************************





" هلا.. وش اجتماع القمة المغلق اللي مابغيتوني فيه!!"

علي ومزون الجالسان في الصالة السفلية ينظران لكساب الذي نزل عليهما للتو بعد أن بحث عن مزون ولم يجدها في غرفته..

ابتسم علي: لا اجتماع قمة ولا شيء.. بس فاقدين خالتي.. مع أني ماكنت أشوفها إلا لين أتاكد إن مرتك مهيب فوق..
بس البيت فاقد حلاه الليلة.. حاس كني بزر وأمي خلتني..

ابتسم كساب: ماصدقت أصلا حضرت العقيد يأشر لها إلا هي ناطة لبيتها.. صدق نسوان!!

مزون تضحك: يوم قالت لي جيبي عباتي بأروح لبيتي.. حسبتها تمزح...
نزلت بالعباية لقيت عمي منصور واقف فيها عند الباب..
ماعنده صبر وإلا خايف إنها تغير رأيها..

كساب بحنان: الله لا يحرمنا منها.. ويهون عليها.. والله لولا أني خفت على عمكم ينجلط.. وإلا كان قلت خلها عندنا لين تولد..

علي بمودة جزيلة: أنا والله كنت حاس فيه.. لأنه ماكان يتردد يقول لي وش اللي في خاطره..
واجد واجد كان مهتم فيها..

مزون بنبرة مقصودة: وعقبال ماتلاقي اللي تهتم فيها!!

ضحك علي: ليه عندش حد معين؟؟

مزون بحماس: أنت بس قول مجهزة لك لستة وش طولها..

كساب يضحك: وأنا يعني ليش ماجهزتي لي لستة.. وإلا أنا المحروم..؟؟

مزون تبتسم برقة: عندك اللي تكفيك عن اللستة كلها.. خلنا في علي!!

علي يضحك: خلوكم مني الحين.. لا قررت قلت لش نقي لي!!






**************************************




صحت قبله..
لم ترد إزعاجه.. وهي تُلبس حسن وتنزله لجدته في الأسفل ثم تعود لعبدالله
اليوم سبت.. لذا ستتركه ينام حتى يصحو وحده..
يؤلمها قلبها كثيرا من أجله ... فهو يرهق نفسه كثيرا في العمل.. مهموم بمشاكل أخوته..

وهــي... لا تخفف عنه مطلقا.. تشعر بالألم أنها تزيدها عليه بدلا من ان تكون بلسما لتخفيف جروحه..

ورغم هذا وذاك اعتادت ثم حرصت خلال الأشهر الأخيرة أن تكون هي أول ما يفتح عينيه على رؤيته..
لكي تنعم في بداية الصباح بابتسامته الآسرة التي كان يمنحها له حالما يفتح عينيه
ويقول لها ذات العبارة ( رؤية عينيك حالما أفتح عيني تنبئني أن هذا العالم بخير!!)

وما يؤلمها أكثر أنها لن ترد عليه الابتسامة مثلها.. ولن ترد على عبارته التي تذيب قلبها.. برد يوازي تأثيرها فيها..
فهي أما تقفز لتتشاغل بترتيب ملابسه.. أو تقول له سأنزل لاعد فطورك.. أو سألبس حسن للروضة..
أي شيء حتى لا يلمح الدموع التي تتقافز إلى عينيها رغما عنها..
ودون أن تنتبه كيف انطفأت ابتسامته وهو يزفر (يوم جديد مازالت عاجزة عن مسامحتي فيه!!)

اليوم هي متعبة بالفعل.. جسديا ونفسيا.. تريد إخباره بحملها.. لتسعده إن كان هذا الخير سيسعده..
أو لتحضى بمؤازرته التي تحتاجها فعلا على الأقل!!

حين اقتربت الساعة من العاشرة وهو لم يصحُ بعد.. اقتربت لتجلس جواره..
لا تعلم كيف بادرت بنفسها وهي تميل لتقبل جبينه ثم تهمس من قرب:
عبدالله قوم.. طولت وأنت نايم..

فتح عينيه باستغراب: حد حب رأسي وإلا أنا أتخيل؟؟..

حينها مالت لتقبل جبينه مرة أخرى وهي تهمس بعذوبة قريبا من أذنه: لا شكلك تتخيل..

اعتدل جالسا وابتسامة سعادة حقيقية تضيء عينيه قبل شفتيه:
زين دامش كريمة اليوم.. عطينا بوسة من الخاطر بدل حبة الرأس ذي!!

حينها اقتربت أكثر لتقبل عينيه كل واحدة على حدة وهي تهمس بشجن موجوع:
الله لا يحرمني من عيونك..

حينها لا يعلم لِـم شعر بألم قارص يعتصر قلبه..لكثرة ما اعتاد جفاها.. أقلقه هذا اللطف المتدفق.. شد كفها وهتف بقلق:
جوزا فيش شيء؟؟

همست بذات الشجن الموجوع: مافيني شيء..

لكن الغريب أنها اقتربت لتدفن وجهها في صدره وهي تبكي بصوت خافت..
عبدالله شدها لصدره بقوة وهو يهتف بقلق أشد:
جوزا منتي بطبيعية.. والله العظيم أن قد تقولين لي وش فيش؟؟

حينها ابتعدت عنه قليلا وهي تمسح وجهها وتهمس باختناق:
يعني إذا ماكنت شريرة وقاسية أكون ماني بطبيعية..

ابتسم وهو يعاود شدها ليحتضنها بقوة أكبر ويهمس في أذنها برجولة حانية:
ماقصدت ياقلبي.. تدرين أنا وش كثر متشفق أنش تسامحيني..
لأنه عقبها بيننا كلام طويل.. كلام محتاج أقوله لش فوق ماتتخيلين.. عشان فعلا أحس إنه خلاص مافيه حواجز بيننا..

همست ووجهها مختبئ في صدره: زين قل لي..

زفر بألم: ما أدري لو الوقت صار مناسب أو بعد.. أنتي لحد الحين ماطمنتيني على مكانتي في قلبش عشان أنا أجمد قلبي..

كانت تريد أن تقول شيئا ولكن لسانها ارتبط.. استحثها على الكلام: ها جوزا؟؟

همست باختناق وهي تبتعد عنه قليلا: الحين أبيك توديني للدكتورة أنا تعبانة شوي.. ولا رجعنا تكلمنا..

حينها همس بقلق: يعني عادش تعبانة.. أنا قلبي كان حاسس أنش فيش شيء مهوب طبيعي اليوم..
دقيقة ألبس وأوديش..

همست بابتسامة مرهقة: عبدالله مافيني شيء هو شوية ارهاق..
أنا بأخذ عباتي وأنزل تحت.. وأنت أسبح.. وخذ راحتك..

أجابها باستعجال: هي خمس دقايق.. شاور سريع ونازل..

جوزاء تناولت عباءتها وحقيبتها ونزلت للأسفل..
حين نزلت كانت أم صالح هي من تجلس مقابلا لها..
وهناك شخص آخر يجلس مقابلا لأم صالح ولكنه غير واضح لارتفاع ظهر الكرسي..

كانت جوزا ستتراجع خوفا أن يكون فهد أو هزاع..
لولا أن أم صالح هتفت بصوت عال متضايق:
تعالي ياجوزا يأمش.. شوفي ذا الشهباء اللي ترطن علي..
أرسلت على عالية تجي تشوفها.. ومابعد جات..
الصبيان جابوها من المجلس يقولون إنها تسأل عن عبدالله..
يا الله جرنا من كشف الستر!!

جوزاء حين سمعت اسم عبدالله تكهربت.. وهي تستدير لترى المقصودة بالكلام
كانت..
كانت..
كانت.. قنبلة شقراء فاتنة.. تبدو غير صغيرة في السن.. لأن حسنها بلغ تمام النضوج..
متأنقة في طقم رسمي ثمين من شانيل بتنورة قصيرة تصل أسفل ركبتها بقليل..
وعيناها بلون أزرق مشع لم يسبق أن رأته على الطبيعة..
امرأة تشعر بالخطر أن تمر بجوار أحدهم في الطريق.. وخصوصا لمن لم يعتادوا هذا اللون من الجمال المختلف..
فكيف وهي في بيتها وتسأل عن زوجها؟؟

جوزاء سألتها بعصبية باللغة الانجليزية التي لا تتقنها تمام الاتقان ولكنها تستطيع التفاهم بها:
ماذا تريدين بعبدالله؟؟

همست الشقراء بثقة بالغة متحكمة وهي تلوي شفتيها
وتضع قدما على الأخرى لينكشف جزءا كبيرا من فخذها حين ارتفعت تنورتها قليلا:
أنا راشيل زوجة عبدالله.. وأريد أن أراه حالا..



#أنفاس_قطر#
.
.
.

 
 

 

عرض البوم صور #أنفاس_قطر#  
قديم 04-11-10, 06:46 AM   المشاركة رقم: 57
المعلومات
الكاتب:
اللقب:
VIP




البيانات
التسجيل: Jan 2009
العضوية: 117447
المشاركات: 738
الجنس أنثى
معدل التقييم: #أنفاس_قطر# عضو جوهرة التقييم#أنفاس_قطر# عضو جوهرة التقييم#أنفاس_قطر# عضو جوهرة التقييم#أنفاس_قطر# عضو جوهرة التقييم#أنفاس_قطر# عضو جوهرة التقييم#أنفاس_قطر# عضو جوهرة التقييم#أنفاس_قطر# عضو جوهرة التقييم#أنفاس_قطر# عضو جوهرة التقييم#أنفاس_قطر# عضو جوهرة التقييم
نقاط التقييم: 1255

االدولة
البلدQatar
 
مدونتي

 

الإتصالات
الحالة:
#أنفاس_قطر# غير متواجد حالياً
وسائل الإتصال:

كاتب الموضوع : #أنفاس_قطر# المنتدى : القصص المكتملة (بدون ردود)
افتراضي بين الأمس واليوم/ الجزء السابع و الخمسون

 



بسم الله الرحمن الرحيم
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
ياهلا والله بكل الوجيه الجديدة اللي شرفت مكانها
وياهلا والله بكل الوجيه الدايمة معنا بكل وفاء الله لا يخلي مكانهم منهم
.
بنات سامحوني لو يكون فيه استفسارات ماقدرت أرد عليها
مع اني أقرأ كل حرف والله العظيم
بس يابنات فيه استفسارات وتعليقات مرت أكثر من مرة
وجاوبتها أكثر من مرة.. ولو ظليت أعيد وأجاوب
بتصير المقدمة معلقة مو مقدمة..
عشان كذا لا حد يظن إني أقصد أهمل سؤاله.. وياليت تتكرمون علي وتقرون المقدمات السابقة بس..
كفاية معلقة اليوم الطويلة أنا وهذرتي اللي ماتخلص..
.
.
فيه بنات بعد عندهم أمل إنه امهاب ممكن يرجع بما أني ماجبت تفاصيل دفنه..
يا بنات الله يرحم كل أبناء المسلمين وامهاب معهم
أنا بنفسي من كثر ماني مجروحة ما حبيت أجيب على تفاصيل موته في وقتها
بس مات أكيد مات.. حبيت أجيبها بعد ست شهور عشان أخليها على أخف وطأة..
أما ليش جبت طاري حادثه قبل 7 سنين ومو أربع..
السبب عشان عبدالرحمن اللي ترك دراسته في بريطانيا وعسكر عنده..
عمق العلاقة بين امهاب وعبدالرحمن هو المقصود!!
.
.
تدرون بنات ذكرني سؤال البنات هل من الممكن إن امهاب يرجع بسالفة مسلية قديمة شوي
خلوني أصدع رأسكم بالثرثرة شوي.. زمان لما كنت في أمريكا وأنا صغيرة..
كنت أتابع مسلسل أميركي هو أساسا قديم.. الحمدلله الحين ربي تاب علي.. بس خلوني أقول لكم السالفة..
المسلسل هذا كان فيه أشهر ممثلي أمريكا
بس واحد منهم كان بالفعل أكثر شخصية جذابة في المسلسل..
وقتها يعني وقت ماكان المسلسل يصور.. كان المسلسل ناجح جدا وله جمهور..
واللي حكت لي قصته جارتنا .. وبعدها قريت عنه عالنت..
المهم هذا الممثل طالب بزيادة أجره كممثل بما أنه محبوب من الجمهور..
الانتاج مارضى فطلبوا من كاتب المسلسل يلغي دوره..
يعني ماكان الاختفاء مقرر من البداية لكن حصل فجأة لأنهم مايبون يلبون مطالبه..
المهم قالوا إنه مات بدون حتى مايجيبونه.. لكن جابوا دوبلير يقوم بدوره من بعيد..
طبعا الجمهور ثار وزعلوا.. وهددوا يقاطعون المسلسل لو مارجع..
فرجعوه الانتاج تحت ضغط الجمهور... وعطوه الأجر اللي يبي..
شا اللي صار؟؟؟ صار المسلسل بايخ وفشل فشلا ذريعا لأنه الأحداث كانت بدت تمشي وتحلو من دونه..
والجمهور مافادوهم وهم أول من تخلى عن نجمهم المحبوب بعد رجوعه..
لذلك صدقوني إن أهل مكة أدرى بشعابها.. وشخصية مهاب لو استمرت بعد مابنيت الأحداث على اختفائها
ستصبح شخصيته عبء على الأحداث..
.
.

كما أثرثر كثيرا أنا أؤمن أن الجرح لا يمكن أن يلتئم دون تطهير
وراشيل لو لم تظهر لكي يتجاوز عبدالله قضيته معها ستبقى دائما قهرا في قلبه
ونقطة سوداء يخشى من معرفة أهله لها.. وهي ليست قضية بسيطة
بل نُشرت في الصحف وعرف عنها موظفي السفارة والخارجية
فربما يصل خبرها لأهله.. لذا كان من غير المنطقي أن أبقيها سرا
أما دخوها قطر طبيعي.. جوازها أمريكي وجنسيتها تدخلها أي مكان في العالم..
.
الأمر الآخر الذي أغضب بعض القارئات أنني جعلت جوزا تخرج فور مصافاتها لعبدالله
يقولون هذا ليس أسلوبي.. بل هذا أسلوبي.. (الوقوف أمام القرارات الحاسمة)
أنا أرى الرواية حياة فعلية وفيها فعلا من الحياة.. في الحياة يموتون وتظهر المشاكل الكبيرة والمصائب غير المتوقعة!!
لماذا عبدالله هو من يكون دائما مستعد للمؤازرة وتقديم كل شيء حتى آخر قطرة في دمه؟؟
ألا يستحق الآن أن ترد له جوزا شيئا بالمقابل؟؟
هل جوزا تحبه أم لا؟؟ أ لم يكفها وقوفه جوارها وجوار أهلها طوال الشهور الماضية؟؟
إذن لتثبت له ذلك.. أو لتبتعد عنه.. بدلا من استنزافها مشاعرها دون مقابل!!
.
مطلقا لم أرده أن يعترف لها قبلا.. لأن معنى ذلك أنه ليس أمامها إلا مسامحته..
لكن هو يحتاج لاثبات منها.. إثبات هو يستحقه تحت ظرف صعب كهذا...
وليس مجرد مسامحة هي تحصيل حاصل..
هي بنفسها تقول أنها لا تستحق مايقدمه لها..
فكيف سيكون ردها حين تنصدم بوجود راشيل
يعني هو تقبلها على كل عيوبها.. وهي لن تقبله إلا بعد أن يكون خاليا من العيوب
إن كانت تستحقه فهي يجب أن تدافع عنه بكل عيوبه وأخطاءه <== على فكرة هذي وجهة نظري أنا لماذا قررت هذا الحدث في هذا الوقت
ولكن ليس معنى هذا أن هذه قد تكون وجهة نظر الأبطال
.
للعلم: راشيل وراكيل وراحيل هم ذات الاسم.. لكن بتلوينات ثقافية ولغوية مختلفة لها شرح طريف ولكن يطول..
وباختصار..أنا قصدت أنها تقول أنا راشيل.. هكذا اسمها العبري.. وحين تقول راحيل تكون تنطقه بالعبرية القديمة..
أما راكيل فهو ذات الاسم ولكن جاء من أسبانيا والبرتغال..
.
مشاكل أزواج الرواية
نجلا وصالح.. أنا أحب بالفعل أن أطرح نماذج مختلفة لمشاكل تحدث في الحياة
المرأة أحيانا هي من تفتح عيني زوجها على شيء لم يكن يخطر بباله
وهي من تجلب لنفسها مشاكل هي في غنى عنها
.
أما عفرا ومنصور.. البعض يقول يتصرفان كمراهقين
وأنا أتوقع أن من تقول ذلك مازالت أميرة صغيرة لم تتزوج..
المشاكل بين الزوجين هي ذات المشاكل في أي عمر في ضوء عدم الاحتواء والتفهم!!
.
.
يا الله اليوم مع مزيد من فتح الأبواب
بتعرفون ليش كساب يطلع مع مزون ومو مع كاسرة
بتفهمون السالفة من وجهة نظرها الحقيقية بعد ماظلمتم كساب إنه مهما كاسرة :)
.
بتشوفون فهم جوزا للسالفة
بنات ليش ماحد توقع أقرب توقع.. اللي هو؟؟
بتقرونه في البارت!!
.
.
يالله الجزء 57
.
قراءة ممتعة مقدما
.
لا حول ولا قوة إلا بالله
.
.




بين الأمس واليوم/ الجزء السابع والخمسون





عبدالله كان ينزل الدرج باستعجال وغترته مازالت في يده..
سلم وهو يرى والدته تجلس أمامه لم ينتبه كيف كانت ترتعش من الغضب وهو يتلفت حوله ويسأل باستغراب:
يمه وين جوزا؟؟

حينها انفجرت والدته بغضب: جوزا طاحت مغوم عليها وشلتها عالية والخدامات للمستشفى الحين..

عبدالله لشدة جزعه وهو يركض ناحية الباب لم ينتبه لمن وقفت حين سمعت صوته.. ولم يوقفه سوى أمر والدته الغاضب:
عبدالله..

استدار عائدا وهو ينتفض بحمية الطاعة "لـبـيـه"
بينما أمه تكمل بذات الغضب: تعال شل بلوتك معك..
ولا أشوف وجهك أنت وياها..

حينها رأى من تقصد بـ (بلوته)!!
كانت تقف بكامل ثقتها وأناقتها المقيتة وكأنها ذاهبة للترافع في أحد جلساتها أو لإلقاء أحد ندواتها
شعر بسعير من نار يعبر أطرافه ليشعل كل خلية في جسده..
شعر أنه يشتم رائحة احتراق خلاياه تتصاعد في الجو..

هاهي أمامه وفي بيته.. لم يسأل حتى كيف هي هنا..
كان كل مايراه أمامه دم ابنه يسيل على يديها ومن بين أنيابها فعلا..
وجهها وكفيها غارقين في دمه البريء...
كل ما أراده أن يطبق في عنقها ويزهق روحها.. وذكرى انتفاض جسد خالد الصغير بين يديها تعطل كل تفكير لديه..
وكان على وشك فعلها.. لولا أن وجه صغير آخر أطل عليه.. وجه حسن
ليقف بينه وبين مايريد أن يفعله..

حينها هتف بكراهية محرقة وهو يكاد يبكي قهرا لشدة ماقهر نفسه:
أمامي..

لم يقترب منها حتى.. لم يرد أن ينجس يديه بها.. أو يتهور فيجد يديه أطبقتا في عنقها فعلا ليقتلها كما قتلت ولده!!
ولم يرد أن يتحاور معها أمام والدته التي يعلم أن حالتها الصحية لا تحتمل..

خرجت معه بكل ثقة وهو يقودها للمجلس.. ويسألها بكراهية:
كيف استطعتِ الوصول لهنا.. وكيف خرجتي من أمريكا اساسا مع الحكم عليكِ؟؟

أجابته بثقة: ألم تكن تتابع القضية وتعلم بالحكم؟؟

أجابها بمرارة: أعلم أنكِ أجدتِ التمثيل ببراعة وأن المحامين أثبتوا أنك تعانين من اضطراب نفسي..
وحكموا عليك بإعادة التأهيل في مصح فدرالي!!
وأعلم أن إعادة التاهيل تستغرق سنوات.. فكيف خرجتِ أنت؟؟
وحتى لو خرجتِ من المفترض أن تبقي تحت المراقبة وتمنعي من السفر!!

أجابته بذات الثقة وهي تدخل المجلس: هؤلاء هم محدودو التفكير من يحتاجون لسنوات..
لكن من هي مثلي تشفى في غضون أشهر.. وليس عسيرا علي إسقاط قرار منع السفر..
واللحاق بك لهنا.. وأعلم أن عنوانك موجود لدى السفارة الأمريكية..
لذا كان الوصول لك من أسهل ما يكون!!
وهذا هو المفترض أن تكون المرأة مع زوجها.. وأنت تعلم كم أنا أحبك.. ومستعدة للعيش معك في أي مكان..

أجابها باحتقار ممزوج بأقصى درجات البغض والكراهية:
أي زوجة وأنا طلقتكِ منذ سنوات قبل حتى عودتي الدوحة المرة الأولى..

أجابته بذات الثقة المقيتة وهي تجلس: وأنت تعلم أيضا أنني رفضت توقيع أوراق الطلاق..
ثم حين صنعت أنت حيلة وفاتك وأصبحت أنا أرملة.. كان لدي قناعة أنك لم تمت
لذا أعدت توثيق الزواج بعد اكتشافي أنك على قيد الحياة..
لذا من الأفضل أن نتفاهم.. لأنني أستطيع الآن أن أعود هناك وأنجب أطفالا أنسبهم إليك..

أجابها بذات نبرة الاحتقار: أنا طلقتك كما يطلق أي مسلم زوجته وماعادت تربطني بكِ علاقة..
أعلم أنكِ مازلتي زوجتي هناك في الأوراق لرسمية..
لكن مالا تعلمينه أن محاميّ هناك على وشك استصدار قرار بإبطال الزواج بناءً على قتلكِ لابني ودخولك للمصحة..
وبينما أنتي هنا تطاردينني قد يصدر الحكم بين لحظة أخرى..
أنا أيضا تعلمت الدرس.. ومدى أهمية المحامي الذكي!!
المحامي أخذ مني مبلغا مهولا.. لكنه يستحق!!

أجابته وهي تهز كتفيها بثقة وتنظر لأناملها: لنرى من ينتصر.. محاميك أو محاميّ؟؟

عبدالله ابتعد عنها وكل مايريده لو استطاع تفجير دماغها بأي شيء يجده أمامه
كانت يديه ترتعش بشدة وهو يشعر أنه يكاد يموت من القهر
وهو يرى قاتلة ابنه هنا في وسط مجلسه وبين أهله بكل وقاحة ولا يستطيع أن يذيقها بعضا مما أذاقته..

قهر نفسه أكثر وأكثر وهو يتصل بوالده وصالح وفهد..
ويتصل كذلك بالشرطة وبالسفارة الأمريكية ويطلب منها إرسال ممثل عنها..

هذه المرة لن يرتكب خطأ.. ولن يسمح لها أن تغضبه فيرتكب الأخطاء..
سيتصرف وفقا للقانون وبدقة.. حتى يتخلص منها وللأبد..

لأنه الآن مايشغل باله شيء واحد..
يريد أن يتخلص منها ليطير إلى من لازال لا يعلم ما حل بها.. وقلبه يغلي قلقا عليها..

لا ينكر صدمته البالغة من رؤيتها هنا حين استعاد رباطة جأشه..
لم يتوقع رؤيتها ولا في أشد كوابيسه سوداوية!!
ولكن ربما كان هذا ماكتبه الله له.. لكي يغلق هذا الباب بشكل نهائي..
ودون أن يخشى أن يبقى كشبح يهدد بإفساد حياته..





***************************************




قبل ذلك بقليل..


"صالح أنت الحين مسوي روحك زعلان من البارحة
مع أنه المفروض أنا اللي أزعل عقب مافشلتني في أبو حسن؟؟"

صالح باستغراب: مسوي روحي زعلان !!
ثم أردف بجدية: إلا زعلان يامدام..
أنا سكتت واجد على خبالك.. والظاهر أنش غرش الغلا..

نجلا باستنكار: أنا؟؟

صالح بغضب: نجلا أنا تراني طفشت وطلعت روحي منش..
أنتي بتسنعين وإلا سنعتش.. ملاحقني بالتلفونات من مكان لمكان كني راعي خمل..
ولا رجعت البيت طفشتيني بكثر الأسئلة..
صرت لا شفت اسمش في التلفون وإلا رجعت البيت أحس هم طابق على نفسي..

نجلاء اتسعت عيناها ذهولا وهما تترقرقان بالدموع.. يستحيل أن يكون هذا صالح الذي لم تعتد منه إلا على كلمات الغزل..
أ يعقل أن صالح الذي يذوب في الأرض التي تمشي عليها يقول لها هذا الكلام..
كانت تريد أن تتكلم ولكن الكلمات وقفت في حنجرتها كأشواك حادة..
عدا أن صالحا لم يترك لها الخيار أصلا وهو يرد على اتصال وصله ويهتف في الهاتف بصدمة كاسحة:
لا تسوي أي شيء.. ولا تتحرك من مكانك لين أجيك..
خمس دقايق بس وأنا عندك..





****************************************




" كساب يدري إنش رايحة معي للدكتورة؟!!"

كاسرة تنظر لفاطمة التي تجلس جوارها في المقعد الخلفي من سيارة كاسرة
وفي الأمام الخادمة والسائق وتهتف بهدوء:
أكيد يعرف.. يعني بأروح من وراه...

فاطمة بتساؤل حذر: ماقال إنه هو بيوديش؟؟

كاسرة بتلقائية حازمة: إلا قال.. وكان مصمم هو اللي يوديني..
بس عقب الكلام السخيف اللي قاله البارحة.. قلت له ما أبيك توديني
وتلاغينا قبل أجي.. وقال لي روحي مع اللي تبين..

فاطمة تبتسم: يأختي صحيح رجالس يهوس.. بس عقله متركب شمال..

كاسرة بضيق: والله ماحد مخه متركب شمال غيري اللي صابرة عليه..
والله العظيم لا هذي أنا ولا طبايعي..
بس الله يأخذ غلاه اللي صبرني عليه.. ويريحيني..

فاطمة تتسع ابتسامتها: لا تصيرين عاد من مكفرات العشير..
كساب يحبش ومدلعش وحاشمش وحاشم هلش عشانش..

كاسرة بضيق أعمق: أما عاد يحبني كثري منها!!

فاطمة بابتسامة: والله هذا اللي أنا شايفته.. والحب له ترا أشكال كثيرة تظهر في غير الكلام..

كاسرة بحزم : سكري ذا الموضوع المالغ.. وصلنا للدكتورة..

نزلت الاثنتان.. بقيتا لأكثر من أربعين دقيقة قبل أن تنادي الممرضة باسم كاسرة..
نهضت الاثنتان لتصدمان بوجود كساب يقف أمام باب الدكتورة قادما من غرفة انتظار الرجال..

فاطمة تراجعت بوجل لغرفة انتظار النساء بينما همست كاسرة باستغراب:
كساب وش اللي جابك هنا؟؟

كساب بثقة: قلتي لي ماتبيني أوديش.. بس ماقلتي أنش ماتبيني معش..
كاسرة كون إنه اختلفنا في رأي مهوب معناته إني أبي أحرمش من شيء حقش..
وانا متأكد إن الدكتورة بتقول لش كلام لازم توصلينه لي.. وأنتي بتستحين وماراح توصلينه..
فحقش أني أكون معش وأسمع بنفسي.. ترا في النهاية الطفل هذا ماراح تجيبينه بروحش..

كاسرة لم تعرف هل تتأثر لوجوده وحرصه أن يكون معها؟؟.. أم تصفعه لوقاحته؟؟
لم ترد والممرضة تفتح الباب وتهمس بمهنية: تفضلوا لو سمحتوا..


.
.


يجلسان في السيارة بعد أن عادت كاسرة معه..
وكساب يبتسم ويهمس بفخامة مرحة: زين إن فاطمة كانت ذوق ورجعت قبلنا على السيارة وإلا يمكن كان رجعتي معها وخليتيني

صمتت كاسرة ولم ترد عليه وهي تشعر بصداع حقيقي ناتج عن إرهاقها فهي بالكاد نامت البارحة لكثرة التفكير..
ثم ازداد صداعها وحرجها مع توصيات الدكتورة السخيفة وجدولها الأسخف..
وتمنت لو أنها لم تدخل نفسها في كل هذا وكساب يسمع..

كساب مد كفه ليحتضن كفها القريبة منه وهو يهتف بتساؤل فخم:
كاسرة وش فيش؟؟ ليش زعلانة؟؟
هذا أنا سويت كل اللي في خاطرش وأنا ماني بمقتنع..
مع أني مستحيل أسوي شيء ماني بمقتنع فيه..

حينها شدت يدها بعيدا عنه وهي تهتف بعمق: تدري كساب أنت مثل اللي يبي يكحلها عماها..
ثم أردفت بحزم موجوع: يعني تتمنن إنك رحت معي وأنت منت بمقتنع.. مشكور طال عمرك..
فيه شيء ثاني عندك تبي تجرحني فيه؟؟

حينها كان هو من صمت وهو يعيد تثبيت كفيه على المقود ونظره على الطريق..
حينها ورغما عنها هي من شعرت بالألم..
لا تعلم كيف يستطيع قلب مشاعرها بهذه الطريقة!!
اعتادت عليه حادا دائما في حواراته.. في الفترة الأخيرة حين بات يصمت وهما في خضم حوار حاد.. تشعر بألم عميق..
تشعر كما لو أنه مرهق.. لذا يفضل الصمت..
تتمنى لو استطاعت أن تحمل عنه بعضا من هذا الإرهاق..
ولكن كيف وهو لا يخبرها ماسبب إرهاقه حتى!!

تمنت حينها لو مدت يدها لتمسح على عروق كفه البارزة بقوة يديه وهي تحيط بمقود السيارة..
ولكنها لم تفعل.. فهي مجروحة منه لأبعد حد.. مجروحة حد السماء..

قطع الصمت بينهما وهو يهتف بسكون كأنه يحادث نفسه:
أشرايش نروح المزرعة الحين..

همست باستغراب: الحين الحين!!

أجابها بجدية واثقة: إيه الحين..
بأتصل في الصبيان هناك يرتبون المكان ويقولون للطباخ يسوي لنا غدا..
بنروح نتغدى هناك ونتعشى ونرجع في الليل بعد العشاء..
زمان مارحنا هناك.. والجو أساسا حلو..
وإلا عندش مانع؟؟

هزت كاسرة كتفيها: لا مانع ولا شيء.. نروح..




*******************************************






"جوزا بسش بكا.. حرام عليش اللي في بطنش!!"

شعاع تهمس لها بذلك ولكنها..مازالت عاجزة عن التوقف عن البكاء
رغم أن وجهها تورم لكثرة مابكت.. ورغم محاولات شعاع وعالية لتهدئتها!!
كانت تشعر أن هناك مصيبة قادمة.. لكن أن يكون عبدالله متزوجا عليها..
لم تخطر لها هذه المصيبة على بال؟؟
متى تزوجها؟؟
طبعا قبل فترة قصيرة.. مع شعورها أن عبدالله قد مل منها!!
"طبعا ولماذا لا يمل مني إن كان قد تزوج هذه؟!!"

عالية تهمس بابتسامة فاشلة: حشا الجويزي فاتحة حنفية.. بسش..
سمعتي الدكتورة بنفسش تقول مهوب زين تبكين كذا
والبيبي توه صغير كذا!!

لم ترد.. لا تريد أن تتكلم حتى!!
تشعر أن ما بداخلها من ألم لن تعبر عنه كل الكلمات!!
ويبدو أن عبدالله سيبقى دائما مصدرا لكل آلام حياتها وأبشعها!!
لماذا يفعل بها هكذا وفي هذا الوقت بالذات؟؟
كانت على استعداد أن تتنازل عن كل شيء من أجله..
فلماذا يخذلها ويجرحها بهذه الطريقة؟!!
لماذا يشعرها بالضآلة والامتهان وزوجته تأتي هكذا بكل وقاحة لوسط بيتها؟؟
كلما حاولت السكوت خوفا على جنينها..
عاد لها تفكير بشع مؤلم جارح.. كيف كانت تنام في حضن عبدالله كل ليلة وجسده مطلخ ببقايا زوجته الأخرى؟؟
كيف؟؟ كيف؟؟
"المجرم !! الحقير !!"
لتزداد دموعها انهمارا وشهقاتها ارتفاعا ووجعا!!





*******************************************






ينظر لها كيف تشبك يديها بقلق وتزفر بتوتر منذ ركبا الطائرة..
تبدو كطفلة قلقة في يومها الدراسي الأول..

هتف لها بحنان: جميلة اش فيج متوترة جذيه؟؟

همست باختناق: ما أدري خليفة.. مرعوبة.. ومتوترة.. ومشتاقة لأمي.. ما أدري .. ما أدري!!

ثم صمتت وهي تخشى ان تقول (ومرعوبة من إحساسي إنك بتخليني!!)
منذ ركبت الطائرة وهي تتحاشى أن تنظر له لأنها تخشى أن تنفجر في البكاء..
أحاسيسها مشوشة وتفكيرها مرتبك وتشعر بخوف عميق يبتلع روحها في سودوايته..
وهو لا يطمئن قلبها على مكانتها عنده..
أ حقا كل مايريده هو التخلص منها؟؟

وليتها تعلم أن كل مايريده الآن أن يضم كفيها الصغيرين المرتعشين بين كفيه وقريبا من صدره..
لكنه يقهر نفسه وهو يقول (هانت كلها ساعات ونصير في الدوحة
يمكن الغشاوة اللي على بصرها تروح)





**************************************





" يا حبيبتي ريحي أعصابش شوي..
يعني لو حرقتي نفسش بتوصل أسرع..
خلاص لا تحاتين الليلة ممساها في حضنش!! "

عفراء تشد كف منصور التي تحتضن كفها وتهمس بإرهاق مختلط بالتوتر والشوق:
يا الله يامنصور ماعاد فيني صبر خلاص.. بأموت أبي أشوفها..

منصور يخلص كفه من كفها بخفة ليمد ذراعه ويحتضن كتفيها ويهتف بتقصد:
ماكان فيه حد بيموت غير منصور ولا حد درا عن هوا داره..
لو متت هنا في حجرتي.. ماكان حد درا عني..

عفراء بجزع: بسم الله عليك.. ولا تفاول على نفسك..

ابتسم بفخامة وهو يشدد احتضانه لكتفيها: زين عادش مصممة تروحين معي المطار..؟؟
والله العظيم تعب عليش ياقلبي.. أنا بأروح بروحي وبأجيبها لش..

عفراء بإصرار عذب: تكفى يامنصور.. مايصير توصل وماتلاقيني في وجهها..
وبعدين أنا لو قعدت انتظرك لين تجيبها الله أعلم وش ممكن يجيني!!






*********************************






" يمه أشرايش أنا وأنتي نروح الصالون؟؟"

مزنة تلتفت لسميرة وتبتسم لها بأمومة: تبين أروح معش رحت؟؟

سميرة بمرح: لا يمه ما أبي بودي جارد.. أبي أروح أنا وأنتي نسوي بديكير ومنيكير..

مزنة بعفوية: مافيه مناسبة.. وأنا ماأسوي إلا لو فيه مناسبة..
آخر مرة سويت قبل عرسش..
قبل.. قبل...
ثم بترت عبارتها حتى لا تكملها..

لتقفز سميرة وتتناول كف مزنة لتقبله وهي تهمس بمرح عذب:
طالبتش بلاها قلبة المود ذي.. تدرين قلبي الرهيف مايستحمل..
وإلا تبيني على قولت خالي هريدي.. جات الحزينة تفرح مالئتش ليها مترح..

مزنة ربتت على رأس سميرة وهي تبتسم بحزن: بسم الله عليش من الحزن..
ذا الوجه الحلو ما انخلق إلا يبتسم..

سميرة برجاء: زين خلاص امشي معي نسوي بديكير ومنيكير.. مع أنش منتي بمحتاجة
بس عاوزة أشوف رجليكي الحلوة لما تبئى بمبي بعد البديكير

حينها غمزت لها مزنة بخبث لطيف: إذا البديكير والمنيكير حق وليدي ماعليه نروح..

سميرة تضحك: لا لا.. أنتي ماتعلمتني في قانون المصارعة إن الضرب تحت الحزام ممنوع..
وبعدين أنتي بنية عزابية وش تبين بسوالف المتزوجات..

كانتا في حوارهما حين دخل تميم.. وكالعادة انطفئت ابتسامة سميرة بشكل عفوي..
ولكنه لم ينتبه.. لأنه بالكاد لوح بيده مسلما وهو صاعد للأعلى بسرعة..

مزنة ربتت على فخذ سميرة وهمست بحزم أمومي: قومي يأمش شوفي رجالش وش فيه؟؟

سميرة هزت رأسها وصعدت خلفه.. أ ليست هذه مهمتها كزوجة؟؟

حين دخلت كان يبحث بين أوراقه بعصبية.. طبعت له على الحاسوب:
تميم تدور شيء؟؟ قل لي وأنا بأعطيك إياه؟؟

وحملت الحاسوب ووضعته أمامه..
لكنه لم ينظر له حتى وهو يزيحه جانبا ويستمر بالبحث..
أعادت وضع الجهاز أمامه.. وأعاد إزاحته دون النظر له..
حينها حملت الجهاز وأعادته مكانه.. وجلست وهي تنظر له..

لأول مرة بعد ليلة زواجهما تراه ثائرا هكذا..
رأته حزينا متضايقا.. لكن ثائرا لا..

يقتلها فضولها الطبيعي أن تعرف عن ماذا يبحث وهو بهذه العصبية
ولكنها يستحيل أن تشير له لذا بقيت صامتة..
وهو يبعثر كل الأوراق ويظهر على وجهه علائم التأفف والضيق..
ثم يغادر وهي مازالت لا تعلم لماذا حضر؟؟ ولماذا غادر؟؟
وفضولها يزداد حول ماكان يبحث عنه.. لأنها تعرف تماما مكان كل شيء!!
ولا تنكر أنها تعبث في أوراقه في غيابه.. لذا هي تعلم كل تفاصيل عمله أيضا..
فعن ماذا كان يبحث؟؟ عن ماذا؟؟





**********************************





" عبدالله وش فيك تأخرت كذا؟؟
المسكينة من صبح ماسكتت والحين صرنا عقب العصر
والبكا خطر عليها..
الدكتورة عطتها مهدئ وعطتها إبرة مثبتة.. بس تقول لازم تهدونها"

همس بضيق موجوع وهو يقف مع عالية في الخارج: صدق هي حامل؟؟

عالية بجدية: ليه هذي مواضيع فيها مزح؟؟

عبدالله بضيق أشد: وذا الكلبة يعني مالقت تنط لي إلا اليوم؟؟

عالية بتساؤل: صحيح عبدالله إنك متزوجها من أيام سفرتك الأولى لأمريكا..
اتصلت أسأل صالح بس ماعطاني تفاصيل..

عبدالله بذات الضيق:صحيح وطلقتها قبل ما أتزوج جوزا المرة الأولى حتى
بس ذا المصيبة بتقعد نقطة سوداء ي حياتي ماني بمتخلص منها..

عايو بتساؤل: وش سويت الحين معها؟؟

عبدالله بإرهاق: قدمت ضدها بلاغ في الشرطة.. واضطرت توقع تعهد بعدم الاقتراب مني بعد ماضغطوا عليها في السفارة..
بس السالفة عادها تبي لها شوي لين أخلص منها مرة وحدة...

عالية بهمس تحذيري: ترا اللي ذابح جوزا إنها تحسبك توك متزوجها عليها..

عبدالله باستغراب مصدوم: من جدش؟؟ وأنتي قلتي لها شيء؟؟

عالية هزت كتفيها: لا طبعا.. موضوع مثل هذا بينك وبينها بس..
أنا بأدخل أخذ شعاع وبنروح مصلى الحريم لين تخلصون كلام
لأنه شكلكم بينكم كلام واجد..
وعقب أنا بأرجع معك البيت.. بأروح أشوف ولدك ..أكيد جنن أمي الحين!!


عالية خرجت مع شعاع وعبدالله دخل..
حين دخل توقع أنها ستصرخ به.. ستطرده..
ولكنها لم تتحرك من مكانها حتى وهي تتمدد بشكل جانبي.. ودموعها تسيل بغزارة..

شعر أن قلبه يتمزق وهو يرى انهيارها الواضح..
شد له مقعدا وجلس جوارها
مد يده ليزيل خصل شعرها التي التصقت بوجهها المبلل

ولكنها أبعدت وجهها عن مدى يده.. همس لها بخفوت بنبرة تذوب حنانا:
جوزا ياقلببي مافيه حد خالي من العيوب..
وذا المره اللي شفتيها اليوم يمكن تكون ذنبي الوحيد في الدنيا
اللي لين اليوم وربي يعذبني به..
بس صدقيني ياقلبي إن أي علاقة تربطني بها انتهت من قبل ما أعرفش حتى..
من قبل مانتزوج زواجنا الأول حتى..

قاطعته بنبرة ميتة : عبدالله اطلع برا.. ما أبي أشوفك.. طلقني!!

عبدالله بصدمة: أطلقش؟؟.. كذا؟؟.. واحنا بيننا طفل.. والثاني جاي في الطريق..؟؟
وحتى من غير أطفال.. جوزا أنا أحبش ومستحيل أبعد عنش..
أنا مهوب بس أحبش.. أنا أذوب حتى في النفس اللي تنفسينه..
والله العظيم ماعاد يربطني فيها شيء.. طلقتها من خمس سنين..

لم تكن حتى تسمع.. موجوعة حتى أقصى روحها.. مشتتة.. ومضطربة..
ازداد انهمار دموعها وهي تهمس بذات النبرة الميتة: ما أبي أسمع شيء.. أبيك تطلقني وبس..

حينها ابتعد عبدالله بكرسيه قليلا وهو يكتف ذراعيه أمامه ويهتف بحزم:
جاتش من الله.. أول يوم عقب زواجنا ذا المرة.. قلتي لي ماينجبر قلب على قلب..
وهذا الظاهر اللي صار.. أنتي أساسا منتي بمتقبلتني.. وظهور راشيل في الصورة ماكان راح يغير شيء..
بالعكس المرة الحريصة على رجالها بتلقى هذا سبب تتمسك فيه.. المرة اللي تبي رجالها مستحيل تخليه لوحدة ثانية..
وخصوصا لو كانت عارفة وش كثر يحبها مثل مانتي عارفة أنا وش كثر أحبش
لكن أنتي ماصدقتي.. خليتيني الجاني وأنا الضحية..
راشيل هذي ذبحت ولدي قدام عيني.. خالد الله يرحمه كان أكبر من حسن..
عشان ماتقولين بعد أني كذبت عليش يوم قلت أني ماعرفت مره عقبش..

وقف وهو يهتف بحزم أشد: تبين الطلاق حاضر..
بس انتظري شوي.. ليش تبين تطولين عدتش.. لا صرتي في شهورش الأخيرة طلقتش..
وعلى فكرة أنا ماني بخايف من تهديد أبيش.. بس حرام تحرقين قلبه أكثر ماهو محروق
إذا رحتي لبيت هلش قولي أنش توحمين ومقروفة مني..
وعلى العموم ماكذبتي.. أنتي من أول يوم لين اليوم وأنتي مقروفة مني!!

أنهى عبارته وخرج.. وهو يشعر كما لو كان نحر روحه قبل أن يخرج..
كما لو كان طعن قلبه ألف طعنة وتركه ممزقا أشلاء خلفه..
تعب.. تعب.. تعب من احتقارها لمشاعره..
تعب من سكب مشاعره هدرا..
سيبقى يحبها لاشك في هذا.. ولكن قد يكون من الأفضل أن ينجو بنفسه التي باتت تذوي من أجلها وهي لا تهتم..
حتى بعد أن علمت بكل شيء لا تريد مسامحته.. لم يبق شيء يستحق التأسي عليه..
حتى متى سيبقى راضيا بالفتات منها..؟؟
حتى متى سيبقى راضيا بما تتصدق به عليه من قربها..؟؟
يشعر أنها امتهنت روحه حتى أقصى درجات الامتهان..
وحتى حينما احتاجها في أسوأ ظروفه.. شحت عليه بأدنى مساندة وهي تقرر الهرب منه كأنه وباء معدٍ..
تعب.. تعب بالفعل.. وماعاد يحتمل المزيد..
تعب من كل شيء... وهـــي قبل أي شيء..

خـــرج
لتنهار هي خلفه في حالة هستيرية أخرى من البكاء.. لتجدها شعاع أغمي عليها مرة أخرى حين عادت لها..






*****************************************






" مع إنه احنا صرنا شهر 3 بس والله الجو هنا بارد
زين أني خليت لي هنا شوية شالات وملابس"

كانت كاسرة تهمس بذلك وهي تشد الشال على كتفيها
بعد أن وضعت صينية الشاي جانبا على الطاولة في الشرفة الأرضية المفتوحة على المزرعة من الخلف
وهي تنظر لكساب الذي يقوم بتمرينات الضغط المعتادة..

ابتسمت وهي تردف: احنا التمارين ورانا ورانا في كل مكان..

هتف لها وهو منهمك في التمارين: نص دقيقة وخلص..

جلست وهي تراقبه كعادتها كلما رأته يتمرن..
لا تستطيع أن تنكر أبدا أن هذا التكوين الجسدي الاستثنائي وهذه القوة المفرطة المتبدية تستجلب الإعجاب الطبيعي رغما عنها..

ولكن غرورها الطبيعي بنفسها أيضا حاضر دائما : إن كان لديه ما يأسر الإعجاب فانا لدي ماهو يأسر أكثر من الإعجاب من بكثير..

ولكنها تعود لتزفر بشيء أعمق من الحزن.. فهي لا تريد إعجابه.. فهي تعبت من نظرات الإعجاب..
تريد منه شيئا أعمق وأثمن..

فأجأها بوقوفه أمامه وهو يهتف بشبح ابتسامة وهو يلمس طرف خدها:
أنتي ماتملين من كثر ماتبحلقين فيني!!

أجابته باستنكار باسم: وليش أبلحق؟؟ من حلاتك يعني؟؟

ابتسم بخبث وهو يجلس ويجفف وجهه بالمنشفة:
ما أدري اسألي روحش وخصوصا لا ولعتي واحنا في مكان عام..
وعشان كذا صرتي كل ماقلت لش خلينا نطلع مكان.. تتهربين..

" الخبيث.. كنت أظنه لا يلاحظ..
كنت أكره أن ابدو بمظهر الغيورة أمامه
لذا أصبحت أتحاشى الخروج معه
حتى لا أضطر لتمثيل البرود وأنا أحترق..
فعلى مثل جداتنا (عين ماتشوف ماتحزن)
فقلت مادمت لن أرى عيون النساء تطارده.. فعلى الأقل لن تحترق أعصابي علانية"

أجابته كاسرة بثقة غامرة: مشكلتك واثق بنفسك على غير سنع..
وقلتها لك قبل إذا أنت تستانس لا حسستني بالغيرة عليك..
أنا بعد بأستانس لا خليتك تحس بنفس الشيء..

حينها فوجئت به يمد يده عبر الطاولة وهو يشد معصمها بقوة ويهتف بقسوة:
وأنا بعد قلتها لش قبل.. لو سويتيها ذبحتش..
حتى لو كنت عارف إنش سويتي ذا الشيء لمجرد أنش تغيظيني..
إذا أنتي غرورش وكبريائش مايسمح لش تعترفين أنش تغارين علي..
فانا اعترف أني واحد غيور لأبعد حد..
لو حد بس شاف طرف شعرش ذبحتش وذبحته..

كاسرة كانت في البداية مذهولة من هجومه غير المتوقع.. ولكن ذهولها تبدد لجزع
وهي ترى ذراعه العارية ملتصقة بالأبريق الساخن الذي أنزلته عن الغاز للتو
و الذي يقبع على الطاولة الصغيرة بينهما..
حينها انتفضت وهي تسحب الأبريق بيدها الأخرى ودون أن تتناول القماش الحامي.. لتلسع هي أناملها..

انتفض هو أيضا واقفا بجزع.. وهو يشد اناملها وينفخ عليها..
بينما كانت هي تمسك بذراعه وتنظر لاحمرارها وهي تهمس بغيظ:
خلني أروح أجيب لك كريم حروق من الصيدلية..
أنت أعمى ماتشوف الأبريق لصقت يدك فيه..

أجابها بغضب: والله مافيه حد أعمى وغبي غيرش..
عني احترقت بالطقاق.. تحرقين يدش..؟؟

كاسرة بغضب: وأنت مالك شغل في يدي .. فكني.. خلني أروح أجيب لك مرهم الحرايق..

كساب شدها للداخل وهو يهتف بحزم غاضب: إلا أنتي إلا تعالي أحط لش المرهم..

كساب شدها خلفه حتى وصلا الصيدلية الموضوعة في المطبخ الداخلي..
همست كاسرة بحزم: حط لنفسك أول.. أنا لسعة بسيطة..
بس أنت لصقت يدك في الأبريق..

كساب لم يرد عليها وهو يمد الكريم على أناملها المحمرة أولا..
ثم يناولها الكريم وهو يهتف بحزم: يالله حطي لي أنتي.. عشانش وإلا ترا حرقي مايستاهل..

كساب أخذت الكريم منه وهي تمد بعضا منه على ذراعه وتهتف بغيظ فعلي:
يعني حرقك اللي مايستاهل.. وحرقي يستاهل؟؟
تدري أنك أحيانا تخلي الواحد يكرهك من من قلب!!

حينها أمسك بمعصمها وهو يمنعها من اتمام مهمتها ويهتف بعمق وهو ينظر لعينيها:
وأنتي صدق تكرهينني الحين من قلب؟!!

لم تجبه وهي تضع الكريم على الرف القريب منها..
وتستعد للمغادرة ولكنها تقف عند باب المطبخ وتهتف بشجن:
يمكن القلب فيه أشياء واجد.. بس أكيد الكراهية مهيب من ضمنها!!





*********************************





" سميرة أصب لش شاهي بعد؟؟
وإلا تدرين عندي فطاير مجهزتها لو جاني حد.. بأروح أحطها في الفرن"

سميرة تشد نجلا وتجلسها وتهمس بنبرة مقصودة: اقعدي ماني بجاية أتقهوى
وأعرف أنش مرة سنعة وضيفش مهوب في الخلا..
بس يوم كلمتش ماعجبني صوتش عشان كذا نطيت عندش..
وش السالفة يأم خويلد؟؟

نجلاء بضيق: مافيه شيء!!

سميرة بمودة وهي تستحثتها: نجول ..علي أنا؟؟

نجلاء باستسلام موجوع : شوي مشاكل بيني وبين صالح..

حينها هتفت سميرة بغضب: رجعنا على طير ياللي.. لا يكون صالح رجع لطولة لسانه اللي قبل..

نجلاء باستنكار حزين: لا والله.. حاشاه.. بس.. بس..

سميرة بقلق: نجلا وش فيش؟؟

نجلاء بذات الضيق المتزايد: صالح ماعاد مثل أول.. أحس فيه شيء مغيره علي..
خايفة يكون في باله موال..
وأعترف أني صرت أضيق عليه بغيرتي.. بس والله العظيم حاسته هو متغير..

سميرة بجدية: نجلا.. لا تبهتين الرجال وأنتي كل كلامش حاسة وحاسة..
ألف مرة قلت لش.. عمري ماشفت رجال يحب مرته مثل ماصالح يحبش..
حرام عليش تضايقينه..

نجلاء بحزن: غصبا عني سميرة.. من غلاه والله العظيم..
وأنا ماتعودت منه إلا على الحنية والكلام الحلو.. عشان كذا قسوته غريبة علي..

سميرة هزت كتفيها وهي تنظر لنجلا بشكل مباشر:
تدرين نجلا وش مشكلتش أنتي وصالح؟؟
إنه صالح طول ذا السنين كان يحبش أكثر مما تحبينه..
وأنتي تعودتي تاخذين أكثر ماتعطين...

نجلاء قاطعتها باستنكار: حرام عليش سمور وهذا اللي طلع معش!!

سميرة نهرتها بابتسامة: يمة منش خلني أكمل كلامي..
الحين بعد ما استقر فيكم الحال.. وصالح ماعاد ضايقش بشيء..
صار دورش تعبرين لصالح عن غلاه اللي أنتي تقولين إنه حدش تسوين ذا كله!!
المشكلة شكلش ماتعرفين تعبرين إلا بالنكد..
كل مرة تحب رجالها أكيد تغار عليه.. هذا تحصيل حاصل.. بس طبعا ما تخنقه بغيرتها..
لكن تعبر عن حبها بطرق كثيرة.. ومشكلتش مالقيتي إلا أسوأ طريقة
وعشان تبررين لنفسش تصرفاتش الخايبة.. اقنعتي نفسش إن صالح متغير معش..

نجلاء بضيق: أنتي أصلا مخش مفوت.. ومافيه حد يقول ذا الفلسفة إلا وحدة خبلة مثلش..

سميرة تضحك: والله مافيه حد خبل غير وحدة لها عشر سنين متزوجة واللي تعطيها النصايح مالها نص سنة..

حينها قرصتها نجلاء وهي تحاول أن تجاريها في المرح:
روحي بس لمحل تميم..
وشوفي الغزلان اللي جايين للمحل أفواج وأفواج..
ولا رجع أخر الليل ماشاف إلا وجهش المغبر اللي من بياضش كنه وجه مومياء طالعة من قبرها..

سميرة تبتسم بمرح: يا أختي أنا وحدة أؤمن بأحقية الناس في شوفة الجمال..
يا أختي رجّالي حلو.. خل البنات يمتعون عيونهم.. قالوا لش خبلة مثلهم..
لهم شوف وحر جوف.. وهو آخرته لي.. وأنا عاجبته وتارسة عينه مغبرة وإلا مومياء!!

سميرة رغم علاقتها المتينة بنجلاء.. إلا أن نجلاء لا تعرف أبدا حقيقة علاقتها بتميم..
بل هي أقنعت الجميع أنها تعيش معه حياة سعيدة وخصوصا بعد تعلمها لغة الإشارة..
كرهت أن تترك لأي حد المجال أن يقول لها العبارة المقيتة (قلنا لش!! حذرناش!! بس أنتي ماطعتي!!)

وهي في حوارها مع نجلاء وصلها رسالة من تميم.. بالعادة الرسائل بينهما في غاية الرسمية..
توقعت أنه يقول أنه سيتأخر أو ماشابه..لذا تفاجأت بالرسالة:
" بعد ساعة بأجي لش في بيت أختش..
عازمش على العشا"

توترت نوعا ما.. فهي نادرا ماتخرج معه لمكان عام..
عدا مشوار المدرسة ووضحى معهما..
لم تعلم كيف ستتفاهم معه... بورقة وقلم؟؟
وكيف سيطلب هو العشاء في المطعم؟؟ أم ستضطر هي أن تطلب؟؟
بدا الأمر لها محرجا وغير مريحا.. وقررت أنه حين يحضر لأخذها سترفض الذهاب معه..
لا تعلم مابه اليوم.. أولا أثار فضولها ببحثه عن شيء مازالت لا تعلم ماهو..
ثم هذه الدعوة غير المتوقعة!!





*************************************




" يا الله يمه.. وأخيرا ماني بمصدقة"

عفراء تحتضن جميلة ودموع الاثنتين تنهمر بغزارة والاثنتان تجلسان في المقعد الخلفي لسيارة منصور المتوقفة في مواقف المطار..
لأن عفراء لم تستطع النزول أساسا..

عفرا تهمس باختناق عميق: شيلي نقابش شوي.. خلني أشوف وجهش ياقلبي..
السيارة مغيمة.. وانا مافيني صبر لين البيت..

جميلة رفعت نقابها بخفة.. لتنفجر عفرا في البكاء بتأثر عميق وهي ترى كيف استعادت جميلة كامل عافيتها..
وهي تمتع نظرها المشتاق لكل تفاصيل صغيرتها التي استعادت كل رونقها وحياتها الطبيعية معها..

عاودت احتضانها بقوة بشكل جانبي وجميلة تهمس باختناق باسم:
أخينا العزيز خذ المكان كله ماخلا لي من حضنش شيء..

عفراء بحنان عميق: وش أسوي ماجيتي إلا كرشتي على أخرها..
بروحي ماعاد أقدر أتنفس من الثقل..

جميلة تتناول كفي والدتها وتقبلهما وهي تغرقها بدموعها:
المهم أني جيت قبل تولدين شان أكون معش.

وهما غارقتان في طوفان مشاعرهما وتأثرهما
أطل عليهما منصور الذي كان قد توجه مع خليفة ليسلم على والده وشقيقيه الذين حضروا لاستقباله..

هتف بابتسامة حانية: ها يا جميلة يا أبيش..
خليفة يقول ماخلصتي سلامات على أمش..

حينها رفعت جميلة رأسها من حضن أمها وهي تهمس باختناق موجوع: وينه خليفة؟؟

منصور بنبرة أبوية باتت تليق به تماما: جاي وراي..

أنهى عبارته وتوجه لمكان السائق ليركب....
حينها أطل عليهم خليفة بالفعل ليفتح الباب من ناحية عفراء ليقبل رأسها وهو يهتف بابتسامة ودودة:
قرت عينج بشوفت جميلة.. وقرت عينها بشوفتج.. كانت بتموت وتشوفج بس..

لم يكن يعلم بالشهقات المكتومة غير الطبيعية التي بدأت تصدر ممن تجلس جوار عفراء..
وهي تشد الشيلة لتضعها على فتحات عينيها منذ سمعت صوته وكأنها المرة الأخيرة التي ستسمعه فيها..

حين انتهى خليفة من السلامات المعتادة مع عفراء هتف بنبرة حانية:
يا الله جميلة.. هذا أنتي سلمتي على أمج..
امشي معاي.. خالاتي ومرت جاسم ناطرينج في البيت..
تعشي عندهم بس.. وعقب بأردج لأمج تنامين عندها..

صُعق بل تمزق بل تناثر أشلاء بالرد المختنق: لا..

سأل بذات احساسه بالصدمة المريعة: أشلون لا؟؟
ماتبين تروحين معاي الحين..؟؟
خلاص روحي مع أمج وبيي عقب ساعة وأخذج..

ذات الصوت الذي يتزايد اختناقا: لا..

بدأ صوته برتجف بغضب وبكثير من الخوف..
أحقا هذه الجريمة التي سترتكبها في حقه؟؟.. أستتركه؟؟ أم هذه محض هواجس؟؟ :
جميلة أشلون لا..
انزلي قدامي.. لا تصرفين مثل اليهال.. كلها ساعة زمن وأردج لأمج..

عفراء شدت على يد جميلة بتحذير غاضب وهي تهتف بحزم:
خليفة يأمك.. أنا بعد بأروح معك الحين..
نسلم على خالاتك ومرت أخيك ونتعشى عندهم بعد....

جميلة قاطعتها بصوتها المرتعش اختناقا: لا يمه لا..

لم يعلم خليفة أي جنون يخطر ببال هذه الصغيرة..
وهي تظن أنها برفضها.. تترك له مجال الاختيار دون ضغط..
ستذهب مع أمها وهي تحله من أي مسؤولية تجاهها..
وإن كان يريدها بعد ذلك سيكون قد اختارها باختياره هو ودون أي ضغط..

همست بصوت ماعاد ظاهرا لشدة اختناقها بالعبرات:
لا خليفة ما أبي أروح معك.. أبي أقعد عند أمي..

حينها شعر أنه عاجز عن التنفس فعلا..
أ يعقل كل هذه القسوة والجحود والنكران والوحشية؟؟ هتف بغضب موجوع:
تقعدين عند أمج كم يوم يعني؟؟

جميلة عجزت عن أن تقول ماخططت لقوله..
ولكنها ختاما قالته وهي تشعر كما لو أن الأحرف تمزق لسانها:
أبي أقعد عندها على طول..

تظن أنه يجاملها وهو يطلب منها الذهاب معه..
و لكن لو علم أنها لن تعود له مطلقا...
سيصفو تفكيره بعيدا عن علاقتهما كمريضة ومرافقها.. حينها سيعود لها بشكل جديد كما تتمنى..

منصور هتف بحزم بالغ: جميلة عيب عليش.. روحي مع رجالش.. أو أنا بروحي بأوديش..

همست بألم روحها الممزقة: تكفى عمي لا.. لا ..

عفراء بغضب حقيقي: روحي يا بنت مع رجالش وإلا والله لأزعل عليش.. وتشوفين مني شيء عمرش ماشفتيه..

قاطع خليفة محاولات عفرء ومنصور لاقناعها وهو يشعر كما لو أن روحه تنزف بكل غزارة..
مهما كان توقعه لجحودها لم يتخيل أنه سيصل لهذه المرحلة!!
وهي تبعثر كرامته أمام أهلها.. وحتى أمام أهله الذين ينتظرون غير بعيدين
وهم يحضرون على سيارتين حتى يعود هو بزوجته على إحداها..
لن يسمح لمشاعره أن تمتهن كرامته.. لن يسمح لحبها أن يذله ويحتقره هكذا!!
بأي صورة يعود لوالده وهو يخبره أن زوجته لن تعود معه..

قاطعهم بحزم أخفى خلفه ألم روحه الذي لا حدود له:
بس لا تحايلونها على واحد ماتبيه.. خلاص مهمته انتهت في نظرها.. ولازم ترميه مثل الزبالة..
كاهي بنتكم رجعت لكم.. وسلمتها لكم بكل صحتها..
ومهمتي انتهت خلاص.. واحتسبت أجري عند رب العالمين..
وبنتكم ورقتها بتوصلها باجر..

ثم أردف وهو يبصق روحه:
جميلة أنتي طالق..






****************************************





" غريبة أنش قاعدة هنا..
منتي برايحة لخالتي وبنتها!!"

مزون تنظر لعلي العائد من صلاة المغرب وهي تمسح تأثرها وتحاول ألا تبكي
لأنها تعلم أنها ستبكي كثيرا حين تذهب لجميلة
التي أخبرتها خالتها للتو حين اتصلت مزون بها أن جميلة منهارة تماما
وفي حالة بكاء هستيرية بعد تطليق خليفة لها وأنهم في طريق العودة للبيت..

هتفت مزون بتأثر: بأروح.. بس بعد شوي.. عادهم في الطريق..

علي بابتسامة وهو يجلس جوارها: زين ليش محزنة كذا؟؟ المفروض أنش مبسوطة..

مزون بشكل مباشر لشدة إحساسها بالألم: رجّال جميلة طلقها وهم عادهم في المطار... تخيل.. تخيل..
وخالتي زعلانة منها وتقول إنها اللي حدته يسوي كذا..

علي بصدمة: من جدش؟!!

مزون بألم: يعني بافاول على بنت خالتي بالطلاق!!

حينها صمت علي لثوان ثم أردف بحزم القرارات الحازمة: أبي درا وإلا عاده..

مزون هزت كتفيها: أكيد مابعد درا.. السالفة توها صارت وأبي مابعد رجع من المسجد..

حينها أردف علي بحزم شديد: اسمعيني عدل..
الحين الحين رشحي لي وحدة أقول لأبي يخطبها لي أول مايرجع من المسجد..

مزون بصدمة: من جدك..بذا السرعة ؟؟

علي بذات النبرة الحازمة: إيه من جدي.... أنتي ألف مرة قايلة لي عندي لك عروس.. يعني أكيد فكرتي بحد معين
وماراح أكذب عليش يامزون.. وطبعا سر بيني وبينش..
أنا خايف من شيئين..
إنه لو أنا خطبت بعد مايشيع خبر طلاق جميلة يقولون إني خطبت عشانها تطلقت..
الشيء الثاني واللي أنا خايف منه أكثر إنه لو ماخطبت ورجّالها مارجعها.. يحنون علي أبي وعمي أني أتزوجها...
وأنا أساسا كنت خلاص بأقول لأبي يخطب لي.. فخليني أخلص السالفة مبدئيا وأنا مابعد عرفت بطلاقها..

مزون حينها ابتسمت: بس أنت عرفت!!

ضرب خدها بخفة حانية وهو يبتسم: لا ماعرفت.. وخلصيني عطيني اسم زوجتي المستقبلية؟؟

مزون حينها أصيبت بحالة من الحماس العفوي:
في بالي أكثر من وحدة ومن زمان.. بس أنت عطني المواصفات اللي تبيها..

علي بجدية: أهم شيء تكون وحدة رايقة وهاديه مالي خلق على وحدة قوية ولا لسانها طويل..
الجمال مايهمني بس في نفس الوقت أبيها تكون ستايل وذربة
لأنه لازم إنها بتنعزم مع زوجات دبلوماسيين فلازم إنها تشرفني..
والشيء الثالث والمهم بعد تكون بنت ناس فيهم خير.. يعني نسب يشرف!!
تعرفين إن منصبي حساس وكل شيء يؤثر علي !!

مزون حينها اتسعت ابتسامتها وهي تهتف بنبرة مقصودة:
خلاص... لــقـيـتـهـا لك !!




#أنفاس_قطر#
.
.
.
.

 
 

 

عرض البوم صور #أنفاس_قطر#  
قديم 07-11-10, 07:07 AM   المشاركة رقم: 58
المعلومات
الكاتب:
اللقب:
VIP




البيانات
التسجيل: Jan 2009
العضوية: 117447
المشاركات: 738
الجنس أنثى
معدل التقييم: #أنفاس_قطر# عضو جوهرة التقييم#أنفاس_قطر# عضو جوهرة التقييم#أنفاس_قطر# عضو جوهرة التقييم#أنفاس_قطر# عضو جوهرة التقييم#أنفاس_قطر# عضو جوهرة التقييم#أنفاس_قطر# عضو جوهرة التقييم#أنفاس_قطر# عضو جوهرة التقييم#أنفاس_قطر# عضو جوهرة التقييم#أنفاس_قطر# عضو جوهرة التقييم
نقاط التقييم: 1255

االدولة
البلدQatar
 
مدونتي

 

الإتصالات
الحالة:
#أنفاس_قطر# غير متواجد حالياً
وسائل الإتصال:

كاتب الموضوع : #أنفاس_قطر# المنتدى : القصص المكتملة (بدون ردود)
افتراضي بين الأمس واليوم/ الجزء الثامن والخمسون

 



بسم الله الرحمن الرحيم
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
ياصباح المودة ياقلوب الخير والمودة
اليوم أول أيام العشر من ذي الحجة .. أيام مباركة فيها خير عميم
ففى البخاري وغيره أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قال: "ما من أيام العمل الصالح فيها أحب إلى الله من هذه الأيام (يعني العشر)
قالوا: "يا رسول الله، ولا الجهاد في سبيل الله؟"
قال -صلى الله عليه وسلم-: "ولا الجهاد في سبيل الله، إلا رجل خرج بنفسه وماله فلم يرجع من ذلك بشيء".
وقد دل الحديث على أن العمل في هذه الأيام العشر أحب إلى الله من العمل في أيام الدنيا كلها من غير استثناء شيء منها، وإذا كان أحب إلى الله فهو أفضل عنده.
وروى قدر المضاعفة في روايات مختلفة منها أنه يضاعف إلى سبعمائة؛ قال أنس بن مالك : "كان يُقال في أيام العشر بكل يوم ألف يوم، ويوم عرفة عشرة آلاف"
قال الحافظ بن حجر في الفتح: "والذي يظهر أن السبب في امتياز العشر من ذي الحجة لمكان اجتماع أمهات العبادة فيه وهى الصلاة والصيام والصدقة والحج، ولا يتأتى ذلك في غيره".
.
فاغتنموا هذا الخير العميم الذي لا يضيعه إلا خاسر
.
.
يا الله تعليقات على السريع
ليش يتكلم تميم بالشين؟؟ يعني ليش يتكلم كلام هله مع أنه ماسمعه
لسبب بسيط إنه لغة الإشارة لغة عالمية ولكل لغة بعد ذلك تفصيلاتها
يعني لو انا كتبت حوار الإشارة بالفصحى بيصير ثقل في الحوار
يعني أنا لي حرية أترجم لغة الإشارة بالطريقة اللي أشوفها تخدم قصتي
وهي هنا نفس اللهجة المستخدمة :)
.
.
عروس علي بين شعاع ووضحى.. والمواصفات تنطيق فعلا على الثنتين
بس اللي استغربته إنه فيه وحدة تقول شعاع رجة وراعية مقالب
شلكش ياحلوة لخطبتي بين شعاع وعالية
بالعكس شعاع أكثر وحدة هادية ورقيقة في القصة
والبنات يعلقون عليها إنها دمعيتين..
وحتى العقل عاقلة وراكزة.. تذكروا نصايحها لجوزا اللي أكبر من سنها..
إلا أنا ليش أمدحها كذا كني خطابة!! :)
المهم شعاع وإلا وضحى.. وإلا وحدة ثانية طلع اسمها بس هي ماطلعت
على العموم كل شيء محسوب حسابه وبدقة :)
.
.
يالله البارت 58 بارت طويل جدا جدا جدا أطول من بارتين سوا ومليان أحداث
عشان كذا أبي استاذنكم إن البارت اللي بعده يكون الاربعاء وليس الثلاثاء
لاني مابعد كتبت فيه شيء مناسب..
وعلى العموم ماراح اختصر عليكم بارت.. لأنه بارت الخميس بيكون الجمعة بعد صلاة الجمعة إن شاء الله
مجرد تغيير طارئ نسوي فيه تغيير حيوي
.
.
قراءة ممتعة مقدما
.
لا حول ولا قوة إلا بالله
.
.




بين الأمس واليوم/ الجزء الثامن والخمسون





" مساكم الله بالخير!!"

علي ومزون ينظران لوالدهما الذي دخل للتو وبينهما نظرات غريبة وهما يردان: هلا يبه..

زايد جلس وهو يهتف بنبرة مقصودة: وش فيكم سكتوا يوم شفتوني؟؟ بينكم سر ماتبوني أعرفه..؟؟

مزون صمتت.. بينما علي هتف بحزم وهو ينظر لوالده بشكل مباشر:
أنا كنت قايل لمزون تدور لي عروس عشان أريحك.. وكنا ننتناقش في ذا الموضوع..

حينها اعتدل زايد في جلسته وهو يخفي لهفته خلف حزم صوته المدروس:
ها وش استقرت مداولاتكم عليه؟؟

علي بنبرة مقصودة: مزون رشحت بنت فاضل بن عبدالرحمن بس أنا كنت أقول...

قاطعه زايد بحزم: وش كنت تقول.. فاضل رجّال ونعم النسب..

علي بحزم: ما اعترضت.. بس قلت عشان حالة عبدالرحمن ولدهم الله يفك عوقه..ما أعتقد أنهم يمكن يوافقون..
ولو وافقوا أكيد ماراح يوافقون على إنه نسوي العرس لين يتشافى ولدهم..

زايد بذات النبرة الحازمة: عبدالرحمن حالته مستقرة صار لها شهور..
وأنا أصلا كنت توني زرته الأسبوع اللي فات..
وفاضل بنفسه كان يقول لي وش كثر يحاتي بنيته اللي عنده في البيت..
وأنا كنت ناوي أزوره ذا الأيام.. قم نروح له ذا الحين!!

علي شعر بانتصار داخلي (لِـمَ لا؟؟) وهو يهتف بحزم مدروس: الحين الحين؟؟

زايد يقف وهو يهتف بطريقته القاطعة: الليلة ماعندي ارتباطات.. دقيقتين بأبدل وأجيك
ونروح له.. مجرد جس نبض..
وكانه وافق رحنا له عقب في مجلسه مع عمك وأخيك...


حين غادر زايد.. ابتسمت مزون وهي تسأل علي:
وش معنى اخترت بنت فاضل.. مع اني قلت لك عنها وعن وبنت ناصر آل سيف..؟؟

علي ببساطة باسمة: لسببين.. الأول ما ابي أخيش كساب يصير عديلي..
يعني خلصوا البنات عشان أروح أخذ أخت مرته.. كن السالفة حلاوة..
ماصدقنا نبي ناخذ بنات البيت كلهم..
وبعدين يا أختي أخيش هذا حار.. لو صار مشكلة بينه وبين مرته..
ما أبيها تأثر علي أنا ومرتي.. ولو كانت أختها أكيد بتأثر..

والسبب الثاني والأهم.. بنت ناصر عندها أخيها تميم الله يخليه لهم..
أول كان يكسر خاطري لأني ماكنت أعرفه..
بس عقب ماصار قصيرنا وعرفته أنا أشهد إنه رجّال ماينضام اللي في ضوه..
بس بنت فاضل الله يعينهم.. ابيها شيبة صاير تعبان مع تعب عبدالرحمن
وعبدالرحمن مايندرى وش يكتب له ربي..
قلت يمكن الله رايد أني اخذها واريح بال ابيها من صوبها..






***************************************






" خليفة يأخوي هونها وتهون يأخوك"

خليفة بألم عميق: ذبحتني ياجاسم ذبحتني.. ماهقيت ولا حتى واحد في المية إنها بتسوي فيني جذيه..
توقعت تتدلع شوي.. تتغلى..
قلت حقها.. خلها تتدلع.. الدلع كله لها..
بس هي طلعت بايعة يأخوي بايعة..
ثمان شهور ياجاسم .. ثمان شهور.. مالي شغلة غيرها..
كانت فيها هي كل شيء في حياتي.. أفرح لا فرحت.. وأحزن لا حزنت..
اليوم اللي هي ماتبتسم فيه أحس فيه بارد ماله طعم..
ولا شفت دمعة بعينها ودي أقص شريان من قلبي أهون علي!!
ثمان شهور تارك هلي وديرتي.. حاول فيني منصور وزايد إني أرجع لو شهر للدوحة..
قلت لا.. ما أخليها دقيقة.. مثل ما طلعنا من الدوحة سوا نرد سوا
مادريت إنها تنطر نرد عشان تذبحني..
وإلا لو أني قايم في جلب (كلب) ذا الشهور كلها مايعضني جذيه..


جاسم يركن سيارته جانبا بعد أن أصر على أخذ خليفة من المطار والذهاب لوحدهما على أن يعود والده وشقيقه الصغير معا..
ويهتف بتأثر: زين دامك تحبها هالكثر ليش طلقتها.. جان نطرت عليها شوي..

خليفة بحزم موجوع: لا ياجاسم لا.. الله يلعن حبها جانه بيذلني..
يعني تسوي فيني اللي هي سوته واحنا بعدنا في المطار
وعقب أقول لها خلاص روحي على كيفج وأنا ناطرتج..
هذي باعتني وبرخيص بعد!!

جاسم بذات التأثر: خلاص يأخوي من باعك بيعه.. هذي ماعليها حسوفة..
ليش حارق نفسج جذيه؟؟

خليفة باختناق روحه الممزقة: الحجي هين يأبو أحمد.. مجروح يأخوي.. حاس كني بأموت..
تدري وش حاسس فيه..
جن بنتي أنا خانت فيني..
جن روحي تمردت علي..
جن يدي أنا قطعت شراييني..
تتخيل هالاحساس أشلون.. جميلة كانت بنتي وكانت روحي وكانت يدي!!

جاسم بتأثر أعظم: كل شيء يبدأ صغير ويكبر إلا الحزن.. يبدأ كبير ويصغر..
أنت الحين توك متأثر.. بس صدقني كلها كم يوم وتهون..

خليفة بألم عميق: على قولتك كلها كم يوم..
واللي حط حبها بوسط حشاي قادر يشيله..
يا الله يأبو أحمد أنا متشفق وايد لشوفت أحمدوه الصغير..
وخالاتي أكيد بعدهم ناطرين في البيت.. خلني أروح لهم بفشيلتي..وألقط ويهي!!






******************************************






" بس ما أبي أسمع صوتش.. بس"

عفراء تقف وتنتفض غضبا وهي تنهر جميلة التي مازالت ملتفة بعباءتها وتدفن وجهها في المخدة وتنتحب بصوت عالٍ

عفراء تنهرها بقسوة أشد: اقول لش بس.. ما أبي أسمع صوت بكاش..
ليش تبكين الحين؟؟ مهوب هذا اللي تبينه؟؟
والله ياسواتش ماتسويها حتى مضيعة المذهب!!
الرجّال اللي له ثمان شهور عازش وحاشمش ومخلي كل شيء عشانش
هذي تكون جزاته..؟؟
حتى لو ما تبينه.. مهوب كذا السنع.. هذا راعي جميل عليش..
احشميه قدام هله.. كبري قدره مثل ماكبر قدرش..
وش أقول؟؟ وش أقول؟؟
الظاهر أنهم صادقين وأني ماعرفت أربيش..
خليتي للناس لسان عليش وعلي..

جميلة ترفع رأسها وتعتدل جالسة وهي تمسك بكف والدتها القريبة منها وتقبلها قبلة مبللة بدموعها وهي تشهق:
محشومة يمه...
والله العظيم يمه أني أبيه.. ماهقيت إنه بيرخصني كذا..
هو أصلا ماصدق يتخلص مني..
كان ينتظر نرجع الدوحة عشان يتخلص مني..

عفراء تنتزع يدها بقسوة وهي تصرخ بها: بس ما أبي أسمع كلمة.. سودتي وجهي..
هذا حكي وحدة عاقلة..

منصور يدخل عليهما وهو يهتف بحزم:
عفرا بس ذا الانفعال مهوب زين لش..
والبنية ميتة من البكا وأنتي تزيدينها عليها..

عفراء بذات الانفعال: والله لو قلبي يقواني.. كان ضربتها بعد..

جميلة دفنت وجهها بين ركبتيها.. وعفراء مازالت منهمرة بغضب وبكاء جميلة يتزايد
منصور جلس بجوار جميلة وهو يربت على رأسها
حينها تكورت في حضنه قطة باكية وهي تنتحب بعنف..

تشعر بالضياع منذ طلقها خليفة وكأنها لا تقف على سطح الأرض حتى
وأن أي أقل حركة ستدفع بها إلى الهاوية أو توقعها لينكسر عنقها..

شدها منصور بقوة حانية: بس يأبيش خلاص.. صحيح أنتي غلطانة
بس لا تحاتين.. السالفة بينش وبين خليفة بتنحل.. وقريب!!

همست ووجهها مختبئ في كتفه: لا عمي تكفى.. تكفى لا ترخصني..
خليفة لو يبيني.. ماباعني عند أول موقف..

عفراء تنتفض بغضب: ولها لسان بعد تحكي.. ولها لسان..

منصور حينها وقف ليشد على كف عفراء ويهتف بحزم حان:
عفرا بس عمري ماشفتش معصبة كذا.. مهوب زين عليش..

عفراء لشدة غضبها وانفعالها من تصرف ابنتها لم تشعر بتزايد الآلام معها..
فهي كانت تحمل في داخلها امتنانا عميقا لهذا الشاب الذي ربطتها به علاقة قوية قد يكون أغلبها على الهاتف..
كانت تعلم أن خليفة قدّم لابنتها مالم يقدمه أحد آخر سواه..
احتمل دلالها وتقلب مزاجها وسار معها حتى الخطوة الأخيرة..

ثم يكون ردها عليه بهذه الطريقة غير الأخلاقية..
لم تستطع تقبل تبرير جميلة الذي بدا لها مثاليا إلى درجة الخيالية الكاذبة..
لم تر أي منطق إنساني أو أخلاقي يبيح لها أن تتصرف بهذه الطريقة الجاحدة..
لم تعلم كم كان ألم هذه الصغيرة جارحا!!
وكم كانت أوجاعها تنزف بغزارة وهي تشعر بالخوف والهلع والضياع!!

عفرء انحنت قليلا وهي تمسك بأسفل بطنها وتشعر بإحساس بلل مرعب مفاجئ..
شد منصور على يدها أكثر وهو يهتف بقلق: عفرا اشفيش؟؟

عفراء انحنت أكثر وهي تعتصر ثم تهمس من بين أسنانها:
منصور تكفى اطلع شوي.. وإلا تدري روح شغل السيارة..
جميلة قومي جيبي لي ملابس أغير ملابسي.. الماي نزل علي خلاص..

جميلة قفزت وهي تصرخ بجزع: يمه أشلون الماي نزل فجأة كذا؟؟

عفراء بألم وهي تجلس بشكل جانبي على الأرض:
ما أدري.. ما أدري.. بسرعة جميلة.. لا يختنق البزر..

منصور وقف كالصنم.. يبدو تائها مازال غير مستوعبا للموقف لدقيقة واحدة ربما
ثم يصرخ بجميلة بطريقته الحازمة النافذة: لا تجيبين لها ملابس ولا شيء..
أنا بألفها في بطانية وأنزل فيها..
واتصلي في مزون عقب تجهز أغراض أمش
لأنها هي اللي عارفة كل شيء.. عفرا قالت لي كذا..

وبالفعل لم يتردد منصور وهو يلفها ببطانية وينزل بها ركضا
وجميلة تنزل ركضا خلفه وهي تنسى كل شيء وفي بالها خاطر واحد مجنون..

" لو صار لأمي أو أخي شيء من سبتي والله العظيم ما أسامح نفسي طول عمري"




**************************************





" موافق يأبو كساب.. مثلك ومثل ولدك مايردون"

زايد بحزم: ماعليه يأبو عبدالرحمن خذوا وقتكم وخذ شور البنية وأمها..

فاضل بحزم مشابه: البنت شورها عندي.. وأنا أقول موافق..
ثم أردف بنبرة ألم وهو ينظر لناحية عبدالرحمن:
يازايد يأخي.. أنا أحاتيها واجد..
والله ياهمها هي وعبدالرحمن مايخليني أمسي الليل.. وأنا شوفت عينك مهمل بيتي وقاعد هنا..
البنت خطاطبيها واجد.. وانا كنت أحاتي أني أوافق على حد مهوب كفو لها عشان أريح بالي من صوبها..
خايف يصير لي وإلا يصير لعبدالرحمن شيء وأنا مابعد تطمنت عليها..
ويوم الله جاب لنا علي.. ماني بردي عقل عشان أعطلكم.. أنا أشتري رجّال..
ولا تظني أرخصها ..والله يابنيتي ذي إنها اغلى من عيوني.. بس الله يزينها من صوبه..

زايد بإصرار: ماعليه يافاضل أمنتك الله تنشدها وتاخذ شورها..

فاضل بإصرار مشابه: بأروح أنشدها الحين.. وبكرة الصبح تراني بأوديها تسوي الفحص الطبي..
وخل علي يسويه بكرة.. وأنا معتمد عليك تكلم لنا حد يعجلون النتيجة..
أبي أملككم بعد بكرة..

علي ينظر للمشهد أمامه وكأنه أمر لا يخصه..
جزء من مشهد تمثيلي قد يبعث على الضحك..
هاهما يقرران كل شيء ودون أن يسأله أحد عن رأيه في أي شيء..

ضحك في داخله " وش فرقت؟؟ عرس والسلام وأريح رأسي
وش فرقي عن ذا العالم اللي يعرسون كذا!!"





************************************






" عالية أمي وش أخبارها؟؟"

عالية بحذر: أنا قلت لها السالفة مثل ماطلبت مني.. وطبعا بهرتها بشوي مشاعر وأنا أطلعك مسكين..ومقهور ومظلوم..

عبدالله بذات الحذر: وهي وينها الحين..؟؟

عالية بحذر أشد: مسكرة على روحها في غرفتها من بعد ماقلت لها السالفة..

حينها سألها بنبرة أقرب للحزن: أنا بأروح لها.. وأنتي الله يخليش سبحي حسون واقعدي عنده لين أجيش..

حينها سألته عالية بذات الحذر: وأم حسون وش أخبارها؟؟

أجابها عبدالله باصطناع بارع: جوزا تعبانة شوي.. واتفقنا تقعد عند أمها ترتاح شوي..
ثم أردف باهتمام: لكن أنتي اللي وجهش مهوب عاجبني..

حينها كانت عالية من أجابته باصطناع بارع: مصدعة شوي.. وباروح أكل بنادول..

عبدالله بقلق: ياكثر ماتأكلين ذا البنادول..
ثم أردف باستغراب: إلا وشمعنى رأسش مايوجعش كذا إلا في الويكند؟؟

عالية كمن اُمسكت بالجرم المشهود: وش علاقة الويكند بوجع رأسي.. رأسي يوجعني طول الأسبوع...

عالية فرت للاعلى.. ودقات قلبها تتصاعد هلعا..
دائما تخيفها دقة ملاحظة عبدالله.. كيف ربط بين صداع رأسها وإجازة نهاية الأسبوع؟؟..وهي تهمس لنفسها:

" أنتي بعد ياعلوي بقرة...
حد رأسه يوجعه لأنه ماشاف حد..
وإلا ماسمعنا عن ذا الإدمان إلا عند وحدة بقرة مثلش
يا الله خلاص بكرة الأحد وبأشوفه..
الله يلعن شيطانك ياعبدالرحمن على كثر ماأنت حايسني..
أخرتي بأطيح في مصيبة من سبتك"


بينما عبدالله غادر متجها لغرفة والدته.. الهم يملأ جوانحه لاقصى حد.. يعلم أن والدته ستسامحه.. فقلبها الطاهر قلب أم..
ولكن جوزاء ماعاد يطمع بمسامحتها..
ولكن كيف يستطيع احتمال الحياة بعيدا عنها وعن حسن..؟؟

ستبقى في المستشفى ليومين أو ثلاثة لكن بعدها ستخرج.. وبالتأكيد ستأخذ حسن..
فكيف سيحتمل الحياة الخاوية بدون وجودهما؟؟
ولكن هل باليد حيلة؟؟
يجب أن يعتاد على هذه الفكرة..
فيبدو أن الحرمان سيبقى هو مصيره الذي يتجرعه طوال حياته!!
ويبدو أنه بالغ في التفاؤل حين ظن ولو لحظات أن الحال سيستقر به إلى السكينة والاستقرار والاحتواء..






********************************






ركبت إلى جواره بصمت..
وهل هناك شيء غير الصمت بينهما..
تريد إخباره أنها لا تريد الذهاب معه
ولكنه لم يشر لها بشيء إطلاقا وهو يحرك سيارته ويمضي وتراه يخرج من المناطق السكنية للشارع العام..
تبحث في حقيبتها عن ورقة وقلم.. ولكنها لا تجد.. فهذه الحقيبة خالية تماما
أخذتها لزيارة نجلاء ولا يوجد بها سوى هاتفها وعطرها ومحفظة زينتها ومفاتيحها
الأشياء التي وضعتها على عجالة قبل أن يوصلها السائق والخادمة لبيت نجلا..

توترت أكثر ولا تعلم السبب..
وهو لم يلتفت لها حتى.. وهو يكمل طريقه..
رأت أنه ماعادت حتى تستطيع الاعتراض وهما يعلقان في ازدحام الشارع متجهان لداخل الدوحة..
حين وقفا في الإشارة خطرت لها فكرة..
تناولت ورقة من أوراق الفواتير الموضوعة بينهما وكتبت عليها بمحدد الشفاه..

"وين بنروح؟؟"

أشار لها بحزم: قلت لش عازمش على العشا..
والطاولة انحجزت لنا خلاص.. قبل ماتقولين شيء ثاني..

تحركت السيارة ولم يترك الخيار لها لأي اعتراض..
حتى وصلا للمطعم..

مطعم هندي سبق أن أحضرها له غانم عدة مرات..
وميزته بالإضافة إلى طعامه اللذيذ أن طاولات العائلات يُغلق عليها بستارة..

حين دخلا أعطى للموظفة عند الباب بطاقة عليها اسمه..
فقادته للطاولة المحجوزة باسمه.. والتي حجزها له بالهاتف أحد موظفيه..

توترت أكثر وهي تجلس.. وهي تشعر بالحرج..
لم ترَ سابقا كيف يتصرف في الأماكن العامة.. عدا في مدرستها وكلهم هناك يتحدثون لغته..
حين وصلت قائمة الطعام.. وضعت القائمة جانبا.. لم ترده أن يفرض عليها أن تطلب هي..
أشار لها متسائلا: ماتبين تطلبين شيء؟؟

هزت رأسها رفضا.. إشارة توجه لمن يتكلم ومن لا يتكلم..
هز كتفيه وهو يشير: خلاص بأطلب لش على ذوقي..

حين جاءت النادلة.. فتح القائمة وأشار لها على صفحات القائمة بما يريد..
وأحيانا كان يشير على الشيء ثم يشير بيده (اثنين)
سجلت النادلة وأخذت القوائم.. ومضت..

بدا الأمر لسميرة أبسط بكثير مما ظنت وأكثر سلاسة..
توقعت أن لن يعرف أن يتفاهم.. وانهم قد يضطرون أن يحضروا أحدا للتفاهم معه.. وأنها حينها ستضطر للتدخل..

" صدق أني غبية.. رجّال صار له سنين في السوق
مهوب عارف يطلب أكل في مطعم يعني!!
لكن العزومة هذي بكبرها وش داعيها؟؟"

حينها أشار لها تميم بتقصد: حطي نقابش.. ترا مافيه حد معنا..

لم ترد أن تستجب ولكنها لم ترد أن تبدو بمظهر الغبية أو من تريد افتعال مشاكل..

خلعت نقابها وهي تضعه مفرودا جانبا حتى لا يتجعد..
بينما كانت تريد إعادة لف الشيلة حول وجهها فوجئت به يمد يده ويعيد خصلة من شعرها خلف أذنها..
انتفضت بخفة وهي تعود للخلف (هذا أش فيه مهوب صاحي اليوم؟؟)

بينما أشار لها ببساطة: أنتي شعرش لونه أشقر طبيعي وإلا مصبوغ؟؟

لم تجب على إشارته وإحساس خجل غير طبيعي يقتحمها بعنف..
قد يكون سؤال طبيعي ولكنها لم تتوقعه مطلقا منه.. كما أنها لا تريد أن تشير له..

أشار لها حينها بذات التقصد: لذا الدرجة سؤالي صعب؟؟ أو ماتبين تجاوبين؟؟

حينها رغما عنها أشارت له باقتضاب: مصبوغ..
أشارت كأنها تريد أن تتخلص من الإشارة..ومن ثقلها على روحها..
لكن الغريب أنها لم تشعر بتلك المرارة التي كانت تتخيل أنها ستشعر بها حين تشير له..
ظنت أنها لو حدث وأشارت له ستكون الإشارة كسكين يمزق روحها..
ولكن الإشارة عبرت بسلاسة دون تعقيد.. دون أن تثير في نفسها التعقيد الذي ظنته !!


ولكنه لم يتركها تنعم بهدوئها وهو يشير لها مرة أخرى: زين وش لون شعرش الطبيعي؟؟

أشارت بذات الاقتضاب: بني..

حينها أشار لها بذات البساطة كما لو كانا فعلا زوجين في جلسة حوار عفوية:
طيب ليش تصبغينه..؟؟ الطبيعي دايما أحلى!!

حينها أشارت بتوتر: عشان بشرتي فاتحة واجد.. الغامق علي مهوب حلو..

حينها أشار بذات البساطة: ما أتوقع إنه فيه شيء ممكن يكون مهوب حلو عليش..

حينها أخفضت رأسها بخجل.. لن تنظر لإشاراته بعد.. يكفيه ما أشارت به رغما عنها..

لم تعلم أنه أيضا اكتفى من الإشارات.. وهو ينظر لها كيف أنزلت رأسها وتدعك يديها... ويبتسم بانتصار..
فهو تجاوز النجاح المطلوب لمخططه الليلة.. ولن يثقل عليها أكثر..
وليستمتعا بالطعام الذي حضر..

تميم بدأ ذهنه يعمل في اتجاه مغاير..
ستة أشهر مضت منذ زواجه.. لو أنها كانت تريد الطلاق.. كانت طلبته منذ زمن..
إذن هي تنتظر تحركا ما منه.. ولكنه يجب أن يتحرك بحذر وبخطوات مدروسة ليبدأ بتفكيك التعقيدات المتراكمة بينهما..
فهو لا يستطيع أن يحضر لها بشكل مباشر ويقول لها سامحيني.. حينها لابد أنها ستنفجر به..
لابد أن يهيئها بالفعل لهذا الصلح..
رغم أن الصبر أصبح في أدنى مستوياته عنده..
ويخشى أن تفسد لهفته مخططاته المدروسة بدقة!!
لذا كانت خطوته الأولى بهذه الإشارات العفوية حول أشياء عفوية لن تثير ريبتها بشيء وستضطر للإجابة عنها..
وقبلها كانت ببحثه عن اوراق له لم يجب عن تساؤلها حولها لأنها كتبت له ولم تشر..
هاهو يتحرك ببطء مدروس ويدعو الله أن يلهمه الصبر والحكمة!!





*************************************






" يا بنات ابيكم بيأتي الحين.."

شعاع باستغراب: غريبة يمه.. بيخلي عبدالرحمن مرتين..
توه كان عندنا عقب صلاة المغرب.. ليش يرجع بعد عقب صلاة العشاء..
ثم أردفت بابتسامة وهي تنظر لجوزاء: والله الظاهر أنش غالية واجد يا الجويزي..
مادرا أنش تعبانة إلا المغرب وجالش على على طول والحين جاي بعد مرة ثانية..

جوزاء أخذها تفكيرها لاتجاه مرعب.. هل يعقل أن والدها علم بما فعله عبدالله..
لذلك عاد مرة أخرى..
فهو حينما زارها المرة الأولى.. بدا لها طبيعيا جدا..
علم أنها مرهقة من الحمل.. وجاء للسلام والإطمئنان عليها.. ثم غادر..
ولم يبدُ عليه أنه علم بشيء..

تتذكر جيدا تغليظه بالحلف أن يؤذي عبدالله لو ضايقها بأدنى شيء..
يزداد رعبها.. لا تريده أن يؤذي عبدالله بأي طريقة..
فهي أدت الواجب بإيذائه وزيادة..
بدأت أناملها وشفتاها ترتعشان بشكل ملحوظ..

أمها وقفت وهي تضع يدها رأسها وتهمس بقلق: جوزا وش فيش يأمش؟؟

أجابت بارتعاش: بردانة يمه.. بردانة..

أم عبدالرحمن همست بحنان: انسدحي يامش.. انسدحي.. خلني أسنحش..

جوزاء تمددت وهي مازالت ترتعش.. ووالدتها غطتها جيدا..
حينها كانت تسمع نحنحة والدها عند الباب.. ازداد ارتعاشها.. وبدأت عيناها تسيل بغزارة..
وبالكاد وجهها يظهر وهي تخفي جسدها المرتعش تحت الغطاء
وتدعو الله أن تمضي زيارة والدها على خير..
رغم أنها تعلم أن زيارته ليست طبيعية أبدا..

حين دخل كادت تنفجر فعلا في البكاء
لولا أنها رأت أن وجه والدها كان هادئا تماما وهو يجلس ويدعو شعاع أن تجلس جواره..

حينها انتقل احساس التوجس لشعاع.. ومشاعر الوجل اللذيذة التي اشتاقت لها تعاودها..
مشاعر الوجل التي كانت تشعر بها كلما سمعت والدها يناديها..
أرادت أن تبكي.. لا تعلم خوفا أم سعادة!!
أ حقا عاد والدها لها؟؟
همست باختناق: والله العظيم يبه ماسويت شيء..

حينها ابتسم: لذا الدرجة أنا شراني في عينش.. ؟؟
يعني ما أدعيش كون كني بأعصب عليش..

حينها أجابت شعاع بخجل عميق: محشوم فديتك..
بس جيتك كذا خوفتني..

أجابها حينها ببساطة حازمة مباشرة: جايش خطاطيب..

حينها كانت أم عبدالرحمن هي من قاطعت الحوار بتردد:
فاضل الله يهداك.. وش خطاطيبه وعبدالرحمن كذا!!

حينها قاطعها بصرامة: وعبدالرحمن وش فيه؟؟ هذا هو حالته مستقرة
يعني بنوقف نصيب البنية عشان عبدالرحمن في غيبوبة..
زين لو طوّل وهو كذا.. نقطع نصيب البنية؟؟
خلاص ماعاد باقي عليها شيء وتتخرج.. عقب تخرجها خلها تعرس وتوفق..

شعاع بدأ جسدها يرتعش فعلا من شدة الحرج.. دقات قلبها تتزايد ودموعها تبدأ بالتقافز..
تعلم أنه جاءه خطاب من قبل.. أحيانا والدها من يرفض..
وفي بعض أحيان والدتها تخبرها.. لكنها لا تشجعها على الموافقة لأنها ترى الشخص غير مناسب..
فما الذي تغير هذه المرة ليضعها والدها في هذا الموقف؟؟

همست أم عبدالرحمن بذات التردد: بس أنت كنت دايم تعيي..
وش معنى ذا المرة جاي لنا وكل واحد من عيالنا في مستشفى؟؟

أجابها فاضل بنبرة صارمة: لأنه رجّال مايعيي منه إلا خبل.. وأنا ماني بخبل..
وأبي مصلحة بنتي..
ثم أردف وهو يوجه خطابه لشعاع بحزم مرهق: ها يأبيش.. وش رايش..
اللي جايش علي ولد زايد آل كساب..
الصبي أنا أعرفه زين.. مصلي ومنصبه زين..
ومايجهلش ولد زايد آل كساب..ناس فيهم خير وخيرهم واجد..
وأنا يا أبيش وافقت عليهم.. وأبي أملكش في أسرع وقت..
ما ظنتي إنش بتفشليني في الرياجيل..

حينها انفجرت شعاع في بكاء خافت وهي تخفي وجهها في كتف والدتها التي تجلس جوارها من الناحية الأخرى..

والدتها ربتت على رأسها وهي تهمس لفاضل بحزم رقيق:
تم يا أبو عبدالرحمن.. قل لهم البنت موافقة..

فاضل وقف وهو يقول بحزم: خلاص بكرة الساعة سبع ونص خلها تجهز أوراقها أوديها تسوي الفحص الطبي..

ازدادت شهقات شعاع ارتفاعا وهي تخفي وجهها أكثر في كتف والدتها..
ليقف والدها قريبا منها وهو يربت على كتفها ويهتف بحنان عميق:
لا تظنين أبيش بيوافق على حد مايستاهلش.. تراش غالية..غالية!!
ولو أني داري أنش ماشفتي مني كلمة طيبة..بس الله وحده أعلم بغلاش اللي خالط النسم..

حينها أفلتت والدتها لتحتضن خصر والدها وهي تدفن وجهها أسفل صدره وتزداد شهقاتها تتابعا..
بينما احتضنها هو بحنان وهو يربت على رأسها
يا الله كم تمنت أن تفعلها يوما وهي تظنه حلما بعيدا المنال!!
كم تمنت أن تدفن وجهها في صدره وهي تشعر بقربه من روحها كما هو الآن!!
لو أرادها حتى أن تتزوج أسوأ رجل في العالم.. ستكون راضية إن كان هو راضيا!!

جوزاء كانت تنظر بتأثر وسعادة للمشهد أمامها وهي تعتدل جالسة..
سعيدة جدا من أجل شعاع..
ولكنها في داخلها تعلم أنها أكثر سعادة أن عبدالله بعيد عن غضب والدها
الذي تعلم كم يصبح مرعبا حين يغضب!!





***********************************





" متى تبينا نمشي؟؟"

كانت كاسرة توجه الخطاب لكساب الذي يضع رأسه في حضنها وهما يجلسان على الأرجوحة الخشبية الضخمة..
أو بمعنى أصح هي من كانت تجلس على الطرف تماما بينما هو يتمدد على طول الأرجوحة..

هتف لها بهدوء: بنتعشى أول وعقب بنمشي..
ثم أردف بخبث باسم: لا تخافين ياحضرة المديرة.. بتروحين بكرة الشغل وتنكدين على الموظفين..وتنبسطين..

شدت شعره بخفة حانية وهمست بابتسام: دامني مانكدت عليك ماني بمستانسة..

شد أناملها من فوق رأسها وهو يتحسسها بحنو :
تدرين أصابعش على رقتها لو أعصرها شوية.. شوية بس.. بتنكسر..

أجابته بذات الابتسام: حشا مهوب أصابع لا تكون بسكوت..

قبّل جانب سبابتها وهو يهتف بابتسامة: بسكوت وأحلى من البسكوت..

صمتت وهي تشد أناملها برقة لتعبث في شعره بذات الرقة.. تنهدت..
كيف يكون تأثيره عليها بهذا الحجم والضخامة بينما هو لا يشعر بها؟؟..
همست كأنها تريد إبعاد ذهنها عن التفكير: كسّاب عمرك انضربت..

كساب اعتدل جالسا وهو يهتف باستنكار باسم: نعم؟؟

ابتسمت: سمعتني عدل.. عمرك تهاديت مع حد وانضربت؟؟..

ابتسم: أنتي شايفتني جيمس بوند وطايح في خلق الله؟؟ وإلا تبين تشمتين فيني؟؟

أجابته بذات الابتسامة الرقيقة: جاوب بدون ماتتهرب..

أجابها بعفوية: ترا أنا لين قبل كم سنة.. يمكن جسمي يقرب من جسم تميم..
ويمكن تميم أعرض مني بعد..
بس أعترف أني من صغري فتّون..
ما أعيل على حد.. بس لا هديت.. ما أنمسك..( الفتّون=الذي يتحمس في العراك بجدية)
بس من حيث أني قد انضربت في هدة.. إيه انضربت ضرب الكلاب.. رفسوني لين قلت بس..
حينها ضحك: ولو تعرفين عشان من؟؟
يا عشانش.. ياعشان أمش.. يا عشان خدامتكم..يا عشان حد جاي يزوركم..

همست كاسرة باستغراب باسم: من جدك؟؟

هتف بذات الابتسامة: كنت يا أولى ياثانية جامعة..
وإبي طلب أوصله بيتكم يبي يزور جدش..
سيارته في التشييك.. وسيارته الثانية كان رايح عليها علي..

المهم نزلته.. وهو دخل وأنا بأمشي.. إلا أشوف سيارة داخلة في حوشكم وتتبعها سيارة ثانية..
لا ويقط الرقم عند الباب وهو يشوفني واقف..
أنا عاد ولعت.. ورحت أتبعه.. لين وصل بيتهم..
يوم نزل.. نزلت وراه وهديت عليه.. ووين يوجعك..
بس عقبها طلعوا علي اللي كانوا في مجلسهم كلهم.. ورقوني لين حبيت القاع..
بس كان عادي عندي لأني أصلا بردت خاطري فيه قبل يطلعون علي..

ابتسمت كاسرة: كذاب.. تراني ماصدقت ولا كلمة ياجيمس بوند على قولتك..

هز كتفيه باسما: لا تصدقين.. المهم تعجبش السالفة!!

ابتسمت كاسرة: كسالفة عجبتني..
ثم أردفت بنبرة مقصودة: وخاطري نتكلم في سالفة ثانية..

اجابها بجدية: قولي..

همست بذات جديته: سالفة أنك ماتشوفنا نصلح أباء..

حينها هتف بغضب: أنتي صدق غاوية نكد.. شايفتنا رايقين إلا لازم تجيبين طاري ينكد علينا..

أجابته ببرود متحكم: ينكد عليك بروحك..
أنا شفتك رايق.. قلت وقت مناسب نتفاهم فيه.. مادريت أنك بتشب كذا..

كساب يتنهد وهو يهتف بحزم: وأنا ما اعترضت على أنش تصيرين أم لو الله بغى لنا..
بس أنتي لازم تنتزعين مني اعتراف غصبا عني إنه حن أباء مافيه مثلنا..
خلاص لا تزعلين ماراح أدخلش معي..
أنا واحد بأكون أفشل أب في العالم..
وأنتي مالش شغل في رأيي..
ويا الله امشي.. خلينا نرجع الدوحة!!





***************************************





" خالتي وش اللي صار لها؟؟ "

جميلة ارتمت في حضن مزون وهي تنتحب: كله مني.. كله مني..

منصور بحزم رغم القلق المتصاعد في روحه: بس يا جميلة.. أمش دخلت شهرها.. وكان متوقع تولد في أي وقت..

مزون التي وصلت للتو وهي تركض وأنفاسها مقطوعة همست لعمها وهي تحتضن جميلة:
خالتي طيب وش أخبارها الحين؟؟

منصور بإرهاق متوتر: يأبيش كلام أنا ما أفهم له.. بس الولادة متعسرة شوي..

مزون بمودة: خلاص عمي أنت روح البيت.. أنا وجميلة موجودين.. روح للبيت أول ماتولد بنتصل لك..

منصور بحزم: مستحيل.. أنا قاعد في استراحة الرجال أي شيء تبونه دقوا علي..

منصور غادر لاستراحة الرجال.. وهو يحاول إخفاء عظم توتره وقلقه..
يقتله القلق على عفرا أكثر من الجنين بكثير بكثير..
فهذا الجنين يمكن تعويضه لو أراد الله.. ولكن عفراء لا تعويض عنها..
لم يستطع حتى الجلوس وهو يظل واقفا..


بينما مزون جلست مع جميلة وهي تحتضن كتفيها
وجميلة تخفي وجهها في كتف مزون وتنتحب
ومزون تهمس لها بحنان: جميلة شا اللي صار؟؟

جميلة بين شهقاتها: زعلت مني واجد عشان خليفة طلقني..
وتقول أنا السبب.. وظلت تصارخ وتصارخ وعقبه نزل معها الماي..
جبناها هنا وقبل شوي طلعت علينا الدكتورة..
تقول توها ما انفتح إلا ثلاثة ونص سانتي.. والطلق ضعيف.. والجنين أصلا مابعد نزل في الحوض..
قالت بيعطونها طلق صناعي.. ولا ماتيسرت بيسون لها عملية..

حينها انفجرت جميلة في بكاء هستيري: والله العظيم لو صار لأمي أو جنينها شيء.. أشلون بأقدر أعيش؟؟..

مزون تهدئها وهي تربت على ظهرها: بس حبيبتي.. ادعي لها..
ولا تحملين نفسش شيء مهوب ذنبش!!




**************************************





"شعاع ليش مارحتي مع أمي.. الخدامة كان نامت عندي
أنتي وراش بكرة مشوار وعقبه الجامعة"

شعاع بتوتر: أصلا لو رحت البيت كان استخفيت من التفكير..
متوترة وخايفة.. بأموت من الخوف..

جوزاء بمودة باسمة: ترا الفحص مايحتاج ذا التوتر.. إلا لو أنتي متوترة من اللي ورا الفحص..
وإلا قولي من كثر منتي شفقانة على بكرة تبين تكونين قريب من ابي..
هذا هو حذفة عصا في المستشفى اللي جنبنا.. يعني ماراح يطول لين يجيش بكرة..

شعاع تكاد تبكي: تدرين أنش سخيفة..
ثم حاولت أن تردف بتماسك: تكفين جوزا لا تكلميني عن بكرة..
قولي لي وش صار بينش وبين عبدالله يوم جا.. ماعلمتيني..

جوزاء بتوتر أخفته خلف ثقة مصطنعة:
ماصار شيء.. شرح لي السالفة كلها..
واتفقنا أقعد عندكم في البيت شوي لين ارتاح من الوحم..

شعاع بتساؤل: أي سالفة؟؟

جوزاء ابتسمت: سالفة خاصة بيني وبين رجّالي.. وش عليش أنتي يا الملقوفة؟؟
خلينا نتكلم عن مسيو علي أحسن؟؟

شعاع تفتح الكرسي الذي يتحول لسرير وتتمدد عليه وهي تهتف بغيظ:
قلت لش أنش سخيفة.. ولا عليش مردود!!





************************************





" خطبة ومن وراي..
ماكني بأخ هذا الكبير ولا ولدك الكبير"

زايد بحزم: مافيه داعي تسويها سالفة.. حن كنا رايحين نجس نبض الرجّال بس..
والرجّال الله يكبر قدره.. كبّر قدرنا ووافق على طول..

كسّاب بغضب: زين بلغوني.. عطوني خبر..

علي بتهدئة: كساب الله يهداك.. أنت كنت رايح المزرعة..
وأنا والله العظيم دقيت على جوالك ولقيته مسكر..
وشاهد العقد على خير أنت..

كساب تنهد: على العموم ألف مبروك مقدما.. أنا وش أبي إلا توفيقك..

ابتسم علي: زين وعشان ماتعصب بعد.. وتقول ماعلمتوني..
خالتي في الولادة.. ووديت مزون لهم قبل شوي..
يعني لا جات بشارة الولد لي نصها..

حينها ابتسم كسّاب: الله يقومها بالسلامة..
ولك بشارتين مهيب وحدة... بشارة دخولك السجن معي..
وبشارة ولد عمي إن شاء الله وإلا بنته..




**********************************






صعدت لغرفتها.. بينما بقي هو مع والدته في الأسفل..
لا تنكر أنها متوترة..
بما أنه بدا لطيفا وودودا هكذا.. فلابد أنه يريد ثمنا لهذا..
استحمت واستبدلت ملابسها والهواجس تأخذها للبعيد:


" زين سمور مهوب أنتي اللي تقولين لروحش
لو بغانا نكون أسرة طبيعية ماعندي مانع..
شكلش كنتي تقولين كلام في الهوا لأنش كنتي عارفة إنه عايفش
الحين شفتي الرجّال تلحلح.. جاتش حالة رعب!!
يا الله ياكريم تعدي ذا الليلة على خير
اليوم من أوله ما أدري أشلون جاي"

كانت تمشط شعرها أمام المرآة حين دخل..
توترت أكثر.. بينما سلم هو ثم توجه لمكتبه.. وجد أنها أعادت ترتيب كل شيء بتنظيم جديد..

أشار لها بتساؤل: أنتي رتبتي كل شيء من جديد.؟؟

وقفت لتتجه للحاسوب.. لكنه أوقفها وهو يشير بتقصد:
لا تصيرين سخيفة.. توش في المطعم أشرتي لي..
تبين ترجعين تطبيعين الحين؟!!

حينها وجدت بالفعل ان حركتها ستبدو سخيفة.. أشارت له بتوتر:
إيه رتبتهم من جديد..
عشان اليوم مادريت أنت وش تبي.. قلت يمكن ترتيبهم معفوس..

حينها أشار لها ببساطة : لو سألتيني بشكل مباشر كان جاوبتش..
لأني خلاص أي سؤال تطبعينه لي ماراح أرد عليه..
يعني دامش تعرفين الإشارة ليش تبين تعذبيني كذا؟؟

أجابت بتوتر: توني باقي إشارات كثيرة ما أعرفها..

أجابها بذات البساطة وهو يتوجه للحمام: اللي ماتعرفينه بنتعلمه سوا.. ونعلمه عقب لعيالنا..

حينها شعرت سميرة كما لو كانت ضُربت على رأسها بقوة ارتعشت بتوتر:
" والله أنك منت بخالي يا تميم!!
عيالنا مرة وحدة!! "

سميرة أنهت قيامها ووردها بسرعة وهي ترتعش.. واندست في داخل السرير وهي تغطي جسدها كاملا
كان حينها هو من يصلي قيامه..
كانت تحسب في ذهنها من معرفتها لوقت صلاته وورده.. أنه الآن انتهى..
بدأ جسدها يرتعش بعنف.. ماذا لو قرر أن ينام جوارها؟؟
لم تستطع أن تنام وتوجسها ورعبها يزددان.. وهو لم يحضر..
لم تستطع أن تبقى في هذا التوجس أكثر لابد أن تقطع الشك باليقين!!
حينها رفعت عينيها ولم تجده في غرفة النوم أساسا..
اعتدلت جالسة لتطل ببصرها على غرفة الجلوس المفتوحة على غرفتهما
لتجده قد نام فعلا على أريكته..

حينها لم تعلم أتشعر بالراحة أو الإهانة..
الراحة لأن هذا فعلا ماتمنته.. أن ينام لتمضي الليلة بسلام..
والإهانة لأنها شعرت أنه يستهين بها وبأنوثتها المفترضة..






***************************************






" تدري أني اشتقت لك يا الخايس!!
يومين ماشفتك.. كنهم سنتين..
شكله لا تزوجنا على خير بأخليك تقدم استقالتك من الجامعة
وأنا من المستشفى عشان أقعد مقابلتك بس"

كانت عالية تقف أمام سرير عبدالرحمن وهي مطمئنة تماما..
فهي مرت جوزا صباحا قبل دوامها لتحضر لها فطورا أصرت والدتها أن تذهب به معها..
حينها رأت شعاع تستعد للخروج وعلمت من جوزاء أن والدها سيأخذها للفحص..

أغرقت شعاع بالكثير من التعليقات التي جعلت شعاع تبكي..
ولكن سبب روح المرح المتدفقة أنها كانت سعيدة جدا لأنها ستذهب لرؤية عبدالرحمن فورا ولن تنتظر حتى صلاة الظهر..
بل وستراه مرتين أخريين اليوم..

لم تهتم أن الخادم كان موجودا... فهي لا صبر بها..
وعلى العموم هي كانت ترتدي البالطو الأبيض.. هل سيميز الخادم من تكون؟؟

لكنها لم تستطع أن تطيل لأن الخادم سألها بأنجليزية سليمة: من أنتِ؟؟
هل أنتِ من الطاقم الطبي المهتم بحالة عبدالرحمن؟؟

عالية في داخلها: " الدب مهوب هين.. طلع هندي مثقف!!"

أجابته بالإنجليزية: نعم.. وهي تسجل ملاحظات على ورقة كانت معها..
ثم تغادر وهي تدعو على الخادم الذي كدّر على زيارتها التي تمنت أن تكون طويلة قليلا..






***************************************






" يا الله يا مزون.. طولت واجد!!
من البارحة لين اليوم وهي تتعذب..
خلاص ليش ما يولدونها بعملية ويريحونها
من البارحة والماي نازل عليها.. خايفة البيبي يصير له شيء"

مزون تربت على كف جميلة وتهمس بإرهاق: خلاص الممرضة قالت لي إنه الجنين نزل طبيعي في الحوض وبتولد طبيعي..
والماي اللي نزل معها ترا مهوب كله.. نزل شوي بس..

جميلة بتأثر: ياربي يهونها عليها.. خلاص ماعاد فيني صبر..

بعد دقائق خرجت الممرضة وجهها يتهلل بشرا: ولد.. ولد.. بوي..
وماما زين..

مزون وجميلة كلتاهما قفزتا..
جميلة انخرطت في بكاء حاد بينما مزون فتحت حقيبتها وهي تمد الممرضة بما معها وتهمس بسعادة حقيقية:
الله يبشرش بالخير..

الممرضة بابتسامة: وين بابا؟؟

مزون تضحك بسعادة: لا بابا مالش شغل فيه.. جاش اللي يكفيش..
بابا خليه علينا..

جميلة لم تستطع الوقوف وهي تدفن وجهها بين كفيها وتستمر في البكاء..
بينما مزون تناولت هاتفها وهي تتصل بعمها وتحاول إخفاء فرحة صوتها:
عمي تعال برا أبيك شوي

منصور خرج لها كان وجهه مسودا من القلق الذي بدا يتحول لرعب مع طول الوقت الذي قضته عفراء في الولادة

لشدة ارهاقه لم ينتبه لألق الفرحة في عيني مزون بل كل ماخطر له مزيدا من الرعب. هتف بجزع: خالتش فيها شيء؟؟

ابتسمت مزون بسعادة حقيقية: فيها إنها صارت أم زايد رسميا..
ويدك على البشارة!!

لم يهتم أنه كان في الممر وهو يخنق مزون باحتضانها ويهتف بسعادة حقيقية مجنونة:
أبشري بالبشارة. أبشري بها..
أقدر أشوف عفرا الحين؟؟

مزون تخلصت من حضنه بحرج وهي تهمس بسعادة:
عمي اللي يهداك وش تشوفها.. ممنوع تدخل
أنا بأدخل الحين عندها وبأطمنك عليها






***************************************






" ها وش الأخبار البارحة عقب ماجا حبيب القلب عند الدكتورة؟؟
بصراحة حركته خــــــطـــــــيـــرة!!
وأتصل لش عقب جوالش مسكر.. وين رحتي؟؟"

كاسرة همست وهي تنظر للأوراق أمامها باهتمام: رحنا عقب للمزرعة!!

فاطمة تتناول الأوراق من كاسرة وتعطيها أوراق أخرى وتهمس بمرح:
يا أختي يأختي على الحركات الرومانسية!!

كاسر بحزم لم يتبدَ فيه ضيقها الواضح: أنا مثلش غبية حسبتها حركات رومانسية..
أثاري الأخ يبي يطق من الدوحة بكبرها عشان بنت خالته راجعة البارحة مع رجالها..
وأنا أقول غريبة وش طرا عليه ذا العزومة..؟؟

فاطمة باستنكار: عيب عليش كاسرة.. وش ذا الكلام؟؟ عمر عقلش ماكان صغير كذا؟؟

كاسرة تقف وهي تتناول ملف من الخزانة المجاورة وتعود لتفتحه
وتهمس حينها بضيق فعلي لا يعبر حتى عن مدى الضيق الذي تغلغل في روحها:
أحاول فاطمة مايكون عقلي صغير..
وأنتي عارفة إن ذا الكلام مستحيل أقوله عند حد غيرش..
بس صُغر العقل غصبا عني يحضر.. يعني مالقى يعزمني بروحنا إلا اليوم اللي هي جاية فيه..!!!
لا وأزيدش من الشعر بيت.. تطلقت وهي عادها في المطار..
يعني صارت حرة..
فاطمة لو شفتي بس الساعة اللي كان جايبها لها..
على كثر الهدايا اللي يبجيبها لي..مافيه هدية جات نص قيمتها..
أنا والله ثم والله مايهمني الشيء كشيء مادي..
لكن اللي موجعني إن غلا الهدية من غلا راعيها..






**********************************





" ها وش الأخبار ياعروستنا؟؟"

كانت جوزا تسأل شعاع التي دخلت للتو وأنفاسها مقطوعة..
شعاع تجلس وهي تزفر بصوت عال وكلماتها تتبعثر من الجهد المبذول:
يعني مالقوا يحطونش غير في آخر طابق.. ست طوابق على الدرج طالعة نازلة..
يا ربي بأموت.. وين الماي؟؟ زينب عطيني ماي..

جوزا تنهرها وهي تشير للخادمة ألا تحضر شيئا:
لا تشربين ماي وأنتي كذا.. خذي نفسش أول وارتاحي.. وعقب اشربي!!

شعاع تاخذ أنفاسها المتطايرة: ياربي يا جوزا.. إحراج إحراج..
لا وتخيلي كان معي في نفس المكان.. سمعت أبي يكلمه..
وهو الظاهر يقول لابي يروح.. وهو بيكمل كل الإجراءات بروحه..
حسيت وجهي ولع من معرفتي إنه قريب مع أني ما أدري وينه.. ولو حتى شفته ماعرفته!!
ثم أردفت وهي تنظر حولها: حسون ماجاء..؟؟

جوزا تنهدت: عالية عقب ماطلعتي كانت تقول لي إنه راح للروضة فديت قلبه
وعقب إبيه بيجيبه هنا..
ياربي بأموت اشتقت له فديت عويناته..






*********************************





" منصور بس الله يهداك..
من جدك تحبب فيه كذا!!
توه على ذا الحبب كلها.. والله العظيم جرثمته الحين"

كانت عفرا تهمس بإرهاق كبير لمنصور الذي كان يحمل ابنه بحذر ويقبل جبينه ويديه الصغيرتين..
وهو يهتف لها بابتسامة سعيدة عميقة: تراني ما أسمع وش تقولين!!
وإلا تدرين تراني أسمع ومطنش..

ابتسمت جميلة وهي تتناول الصغير من بين يدي منصور وتهمس بسعادة عميقة:
يمه خلي عمي منصور على راحته.. مسكين من البارحة لين اليوم وهو على قعدته.. خليه يحب ذا النملة على راحته!!

أنهت عبارتها وهي تضعه جانبا على الأريكة لتدخل يديه ثم تعدل لفته جيدا ثم ترفعه وهي تقبله أيضا بعمق..
عفراء بتذمر باسم: قولي أنش تدافعين عن عمش منصور عشان ما أقول لش شيء لا حبيته..
بس حرام عليكم توه ماله ساعات وتحبونه كذا..

جميلة تعاود تقبيله قبل أن تضعه في سريره وهي تقرص خده بلطف وتهتف بغنج طبيعي:
ترا كله إلا نملة مفعوصة.. احمدي ربش ماكلته في لقمة وحدة..

ربما كان قدوم هذا الصغير نعمة من رب العالمين..
بعد خليفة كانت تشعر أن حياتها أصبحت خاوية لدرجة الرعب..لم تستطع احتمال هذا الإحساس لدقائق
ولكن هاهي تشعر بها فجأة ممتلئة بهذا الصغير إلى حد التخمة..
لم تنكر خوفها الداخلي العميق الذي كانت تشعر به أن تشعر بالغيرة منه..
ألا تحبه كما تتمنى.. وكما تستحق أمها وعمها منصور..

ولكن حينما وقعت عيناها عليه للمرة الأولى حين دخلت على أمها في غرفة الولادة.. مخلوق مرزق متغضن..
عرفت أن قصة غرام طويلة ستربطها بهذا المخلوق الرائع..
من يستطيع أن يرى هاتين اليدين الصغيرتين والعينين المنتفختين المغلقتين ولا يقع في غرام صاحبها على الفور؟؟

عاوت تقبيله مرة أخرى وهي تهمس لوالدتها بشقاوة: خلاص أخر مرة يمه لين الساعة الجاية..
وعقبه حسبة جديدة...

حينها كان منصور ينهي اتصالا وهو يقف: كساب وهله طالعين من الدوام
وكساب يقول مافيه صبر لين العصر عشان يشوف زايد الصغير..
عشان كذا هم جايين الحين..
عفراء همست بذات ارهاقها العميق: حياهم الله..

جميلة أشارت للمضيفة التي كانت تقف في الزواية البعيدة أن تتقدم وهي تعطيها تعليماتها
ثم تهمس بعفوية: يمه أنا بأروح الحمام لين يروح كساب..
ثم غادرت للحمام فعلا..


وكان منصور على وشك الخروج أيضا حين طرق الباب عمال التسليم
الذين أحضروا سلتين ضخمتين من الورد والشكولاته.. وكانوا يدخلونها بينما عفراء شدت الغطاء على وجهها حتى غادروا

منصور قرأ البطاقة ثم ابتسم وهو يغادر.. ويهمس لعفراء بمودة: حبيبتي.. لا راحت مرت كساب دقي علي..
أدري أنش تعبانة وتبين تنامين.. بس بأشوفكم دقيقة أنتي وزايد الصغير وأمشي وأخليكم ترتاحون..


بعدها بدقائق..
طرقت كاسرة الباب ثم دخلت..
وهي تتقدم لتقبل رأس عفرا وتتحمد لها السلامة بكل مودة..
عفراء همست بابتسامة مرهقة: عقبالش يأمش عاجلا غير آجل..

ابتسمت كاسرة بمودة: إن شاء الله..
ثم همست وهي تتلفت حولها: ماعندش أحد..

عفراء بعفوية: جميلة في الحمام يوم درت ن كساب بيجي..
ومزون راحت البيت قبل شوي مع علي..

حينها توجهت كاسرة للباب وهي تفتحه وتشير لكساب أن يدخل..
كساب دخل ليتألق وجه عفرا بنور خاص.. تذكرت كيف كان هو أول طفل تضمه لصدرها..
فرحتها بطفلها لم تختلف عن فرحتها به.. ابتسمت بذات الإرهاق: هلا والله أني صادقة..

ابتسم وهو يميل ليقبل جبينها.. ثم يميل ليبحث عن كفها ليقبلها ولكنها شدتها قبل أن يفعل
هتف بكل المودة الخالصة: الحين ترحبين عشان تقنعيني إن كرتي ماطاح..
إلا طالح وطاح وطاح..

همست عفراء برقة: ماسمعت الشاعر يقول.. وما الحب إلا للحبيب الأولي..

ابتسم كساب وهو يشد مقعدا ليجلس بالقرب منها: كلام شعراء مايوكل عيش..

قبل كتفها بذات المودة الخاصة بها وهو يهمس بحنان قريبا من أذنها: الحمدلله على سلامتش يا الغالية.. ومبروك زايد..
ثم رفع صوته: وعقبالي أنا وكاسرة نجيب زايد بعد..

كاسرة شعرت بغيظ شديد منها.. ليس بسبب كلمته.. فهي ستؤخذ على نحو عفوي..
ولكن لأنها تعلم أنه ليس سوى كذاب كبير لا يريد زايدا أو سواه!!

همست حينها كاسرة بذوق: عسى ماتعبتي ياخالتي؟؟

ردت عفراء بإرهاق: شوي يأمش.. الحمدلله على كل حال.. أهم شيء إن البيبي طلع سليم..

كساب وقف وهو يهتف بمودة: خالتي أدري أنش تعبانة وبنخليش ترتاحين..
ثم أردف وهو يوجه الحوار لكاسرة: يا الله كاسرة.. نمشي؟؟..

عفراء بمودة: اقعدوا تقهوا..

كساب برفض: لا خالتي فديتش بنمشي..

همست كاسرة بذات ذوقها المدروس: دقيقة كساب بأسلم على جميلة وأجيك..

أجابها كساب بعفوية: خلاص بأروح أشوف عمي أدري إنه ينتظر برا..
ولا طلعتي دقي علي..

كاسرة لو كانت ستحكم عواطفها المقلقة لم تكن لتطلب السلام على جميلة..
ولكنها تعرف الأصول جيدا.. وتعلم أن من أقل مستلزمات الذوق أن تسلم على جميلة بعد هذه الغيبة الطويلة..
وليست هي من تقصر في واجب.. أو تسمح لمشاعر غبية أن تظهرها بمظهر غير لائق..

المضيفة طرقت الباب لتخرج جميلة.. كاسرة وقفت لتسلم وإحساس الخطر في داخلها يتعاظم بلا هوادة حين رأتها..
هي شعرت بالغيرة منها حينما رأتها المرة الماضية وهي محض فتاة مريضة وبرفقها زوجها..
فكيف وهي تراها بهذا الحسن مع اكتمال عافيتها ومن غير زوج!!
كان حسنها ظاهرا ومرتويا لأبعد حد.. رغم الإرهاق الواضح عليها وأثر البكاء على وجهها..

ولكن ليست كاسرة من تسمح حتى لنفسها أن تبدو في موقف ضعف..
رحبت بجميلة بذوق رفيع وحماسة مدروسة دون افراط أو تفريط.. وهي تهنئها بسلامة أمها وقدوم المولود..

همست جميلة بابتسامة صافية: الله يسلمش.. وباركي لي بولدي..
لأنه خلاص زيودي أصلا حقي بروحي..

ابتسمت كاسرة باحترافية: الله يطرح فيه البركة ويجعله عبد صالح..
الحين اسمحوا لي.. بأرجع لكم مرة ثانية الليلة إذا ارتاحت خالتي عفرا
باجي أنا وأمي وأختي ومرت تميم إن شاء الله..

وهي تغادر وقعت عيناها على البطاقة التي يتلوى عليها خط كساب الفخم الأنيق
ولم تهتم وهما في المحل أن تقرأ ماكتب لأنها ظنتها تهنئة تقليدية:

"الحمدلله يأم زايد على السلامة..
ومبروك قدوم زايد.. أخيرا بردتي قلب العقيد..

من أبو وأم زايد بن كساب قريبا إن شاء الله"


شعرت بكثير من الألم..
حتى متى وهو يستهين بمشاعرها لهذه الدرجة..؟؟
لماذا يريد أن يبدو أمام أهله كما كان ملهوفا على انجاب طفل..بينما يعرف هو وهي الحقيقة؟؟
تعبت من كل هذا.. تعبت فعلا!!






*************************************






" تعال حبيبي حسون
تعال أغديك!!"

هز رأسه رفضا بينما جوزا تهمس لوالدتها باحترام: خلاص يمه فديتش أنا بأغديه..
أنا مافيني شيء..

أم عبدالرحمن برفض: والله ماتنزلين من سريرش.. أنتي بروحش مافيش حيل من كثر ماتزوعين..
ثم أردفت لحسن: تعال يأمك غداك كذا بيبرد..

هز رأسه رفضا وهو يقفز للسرير مع أمه: أبي ماما.. وإلا بابا..

أم عبدالرحمن بمودة: ياقليل الخاتمة.. حتى جدتك اللي ربتك ماعاد لها كرت..
ثم أردفت بحزن: وإلا ليش أتشره عليه.. ماعاد شاف من جدته وجه راضي..
الله يزينها!!

جوزا تبتسم: يمه فديتش ماعليش من حسن.. أنا باغديه..
عدا إن عبدالله أرسل لي مسج إنه أكل في الطريق وهو جايبه كيك وعصير..

ذكرها اسم عبدالله بألمها المتزايد..
أخبرتها عالية اليوم إنه مشغول تماما في قضيته مع زوجته السابقة..
لا تنكر أنها شعرت بألم عميق.. وأنها كان يجب أن تكون جواره.. حتى لو لم يكن بحضورها يكون بمساندتها..
ولكنها حتى المساندة شحت بها عليه..
ماذا تفعل وهي عاجزة عن المسامحة.. كما لو أنها تُضرب على رأسها للمرة الثانية والضربة الأولى مازالت لم تشفى...

أخرجها من أفكارها سؤال والدتها: شعاع متى تخلص محاضرات اليوم؟؟

جوزاء تنظر لساعتها وتهمس بثقل: بعد شوي يمه!!

أردفت أم عبدالرحمن بتوتر لا تعلم له سببا: زين إنه بكرة ماعندها جامعة..
لأنه فاضل ملزم.. لو خلصت الفحوص اليوم.. يملكها بكرة!!






************************************






" راح عليش علي..
كنت أبي أصيده لش..
بس صارت السالفة كلها بسرعة..
سبحان الله نصيب شعاع!!"

ابتسمت وضحى وهي تعدل وضع نقابها وتنظر للمرأة
ثم تنظر لكاسرة المبتسمة التي كانت تجلس أيضا بعباءتها في انتظار نزول والدتها وسميرة ليذهبن جميعا لزيارة عفراء:
حلوة ذي تصيدينه.. يكون فار بتصيدينه للقطوة..
على قولتش هو نصيب شعاع..
وشعاع تستاهل كل خير..
والطيبون للطيبات..
سبحان الله لما كنتي توصفين لي طبايعه.. كنت كأني أشوف نص شعاع الثاني..
مافيه حد نقي وشفاف وطيب وحساس مثلها..

كاسرة بمودة: فعلا شعاع تستاهل كل خير.. بركات دعوات عمتي اللي جابت لها علي..
ثم وقفت وهي تهتف بتساؤل باسم: أبي أعرف أمي وسميرة وش أخرهم..؟؟
الثنتين صايرين صمغ وغطاه.. لازم مع بعض.. لا وحدة منهم تفقد الذاكرة..

سميرة تضحك وهي تنزل الدرج وخلفها مزنة: سامعتش ياسوسو.. وتراني ماني بايحة منش عشان تدخلين النار..

كاسرة تبتسم: لا تبحين مني سمورة هانم.. هذا أنتي سمعتي بأذنش..







**************************************






" وين كنت فهد؟؟ صار لي ساعة أنتظرك
ميت جوع أبي أتعشا
وكلهم مايبون عشا!!"

فهد ينظر لهزاع بابتسامة واسعة: كنت في الدوحة شريت شكولاته وورد عشان يوديها المحل لهل حضرة العقيد في المستشفى..
العقيد جاله ولد اليوم..

هزاع يضحك: اللي يشوف شدوقك يقول الولد جاي لك أنت..

فهد بذات الابتسامة: أكيد.. ليه أنت عندك شك..
زايد بن منصور أصلا ولد الكتيبة كلها..
ثم أردف بتساؤل وهو يضرب كتف هزاع بخفة:
إلا أنت وش أخبارك ويا التدريبات؟؟

هزاع يزيل غترته ليظهر رأسه الخالي من الشعر تماما وبه عدة إصابات وهو يضحك:
اليوم حك القائد شعري بنفسه.. يقول أني أبي تأديب.. عشان تقدمت في الصف كم سانتي..
المشكلة إنه شعري كان يا الله طالع.. وهو مصر إني مطول شعري..

فهد بجدية: تستاهل.. صار لك الحين خمس شهور من يوم دخلت الكلية
ما أنت بعارف توقف في الصف..

هزاع بابتسامة مرحة: جانا حضرة النقيب بفلسفته.. من بيفكنا منه..؟؟
حاضر سيدي أبشر.. عُلم..






***********************************






" كساب رجاء
لا تنام هنا.. روح نام في مكان ثاني!!"

كساب باستنكار: نعم.. ووين تبيني أنام يعني؟؟

كاسرة اعتدلت جالسة وهي تسند ظهرها لظهر السرير وتهتف بحزم:
والله احنا ساكنين في ملعب مهوب غرفة.. دور لك مكان ونام فيه غير جنبي..

حينها هتف كساب بغضب: وأنا متى فرضت نفسي عليش؟؟ أو جبرتش على شيء ماتبينه؟؟

كاسرة بذات الحزم المتمكن ولكن مغمور بنبرة وجع حقيقية:
كساب أنا الليلة ما أبي أشوفك جنبي حتى..
يا أخي حاسة أني مكتومة منك.. صار لك يومين ضاغط على نفسيتي وأعصابي
حاسة أني ابي تايم أوت منك لو سمحت..

حينها نهض كساب من جوارها وهو يهتف ببرود بالغ الحزم:
حاضر يا مدام.. بأريحش من شوفتي..
بأطلع من الغرفة كلها.. بأروح أنام عند علي..
خلني أشاركه الليلة الأخيرة من حريته.. قبل مايدخل خنقة السجن بكرة..






*************************************






" أنتي صاحية..
توش مالش ساعة من تملكتي.. وجاية ناطة عندي!!"

شعاع تبتسم بخجل ووجهها يحمر بتلقائية: تدرين كان ودي أتدلع وأسوي روحي مستحية..
بس شأسوي مع حالتش.. ماخلتيني أتدلع.. من اللي بيعابلش إذا استحيت..
أمي ذابحتها الشحنة لعبدالرحمن نزلتها عنده وجيت أنا والخدامة..

حينها تسائلت جوزاء: زين وينها الخدامة؟؟

شعاع تتلفت حولها: حسبتها جات قبلي.. لأني طلعت على الدرج وهي على الأصنصير لأن معها أغراض..
ثم ضربت رأسها وهي تتذكر: يوووه الغبية هذي أول مرة تجي معي.. وما تعرف حتى رقم الغرفة..
الحين وين ألقاها.. أنا بأنزل تحت.. لو هي تفتهم بتنتظر عند الباب اللي دخلنا معه..

جوزاء بحنان: شعاع ياقلبي مالحقتي ترتاحين توش طالعة ست طوابق بتنزلين بعد؟؟

شعاع وهي تعدل وضع نقابها على وجهها وتتناول حقيبتها وتهمس بتذمر:
وش أسوي زين.. المسكينة الحين حايسة مع أغراضها.. بأروح أدور لها..

شعاع نزلت الطوابق الستة بسرعة.. وهي تنزل الدرجة الأخيرة من الطابق الأرضي.. ألتوى كاحلها لشدة استعجالها..
جلست على الدرجة وهي تكاد تبكي من الألم.. ثم شعرت أن شكلها محرج
وهي تجلس هكذا..
قررت الوقوف وهي تتحامل على نفسها ولكنها كانت تتحرك بصعوبة.. يستحيل أن تصل للباب الخارجي.. ويستحيل أكثر أن تعاود صعود الدرج..
قررت حينه أنه لابد من ركوب المصعد.. مهما كان رعبها من المصاعد..
فلايوجد أمامها سواه..
قررت أن تتصل أولا بالسائق حتى يعود ويبحث هو عن الخادمة..

ثم توجهت لمنطقة المصاعد ووقفت بجوار سيدتين كانتا تنتظران ركوب المصعد..
وكان هناك شاب وحيد يقف في الزاوية ويكلم في هاتفه..

حين انفتح المصعد ركب هو أولا..
ثم ركبت السيدتين خلفه وشعاع تتبعهما وهي لا تشعر بشيء سوى ألم كاحلها..
وهي تنزوي إلى آخر المصعد.. وتضغط على زر الطابق السادس..


.
.
.
.



قبل ذلك بحوالي عشرين دقيقة


" اسمع ياعريسنا.. أنت الحين نزلني.. وعقب دور لك موقف..
مع إن خالتي ملزمة علي أجيبك في يدي
يعني إن شكلك بيتغير عقب ماصرت رجّال متزوج"

علي يوقف سيارته أمام الباب لينزل كساب .. ثم يذهب ليبحث عن موقف
أكثر من ربع ساعة مرت قبل أن يجد له موقف ثم ينزل..
ويتوجه لمنطقة المصاعد..
وهو هناك وصله اتصال من كساب: وينك يأخي.. خلاص أنا بأروح.. خلصني!!

علي باستعجال: هذا أنا جايك.. عند الاصنصيرات الحين..

حين انفتح المصعد القريب منه.. ركب.. لتركب خلفه ثلاث سيدات..
ضغط على زر الطابق الخامس وهو معتصم بمكانه قريبا من الباب..
ودون أن ينظر إلى ماضغطن السيدات..
ليتفاجأ هو والصبية في آخر المصعد أن السيدتين نزلن في الثالث ولم يتبق في المصعد سوى هما الاثنان..
انتظر أن تنزل الصبية الثالثة ولكنها لم تنزل.. وهي حين انتبهت أن المصعد عاود الإغلاق والشاب لم ينزل..
أخذت تضغط لوحة التحكم من عندها.. وهو يضغط لوحة التحكم من عنده..
وكلاهما يريد أن يفتح الباب..
فلا هي تريد البقاء مع الشاب وحيدة..
ولا هو يريد أن يبقى مع امرأة في مكان مغلق لوحدهما!!

وكما هو معلوم.. مصاعد مستشفى الولادة كما مصاعد مستشفى حمد.. مزودة بلوحتي تحكم للأزرار..
أحدهما في أول المصعد والثانية في آخره..
هو كان يضغط زر الفتح بقوة.. وهي لارتباكها تضغط زر الإغلاق بذات القوة..
وماحدث أن المصعد لم ينفتح ولم ينغلق..
بل أطلق أزيزا خافتا ثم انتفض قليلا ليعلق ويتوقف تماما بين الطابقين الثالث والرابع...




#أنفاس_ قطر#
.
.
.

عاد لا تقولون صدفة ماتصير !! :)
عندنا في الدوحة تصير وتصير.. لأنه احنا بلد صغيرة
وأنا شخصيا صارت معي.. بس كان معي أختي اللي ذبحتني من كثر ماقرصت جنبي
يعني ماكنا بروحنا ولا تعطل بنا الأصنصير.. :)
واحنا عرفناه وهو ماعرفنا طبعا :)
.
بارت مميز جدا قادم يوم الأربعاء.. على الأقل من وجهة نظري ينتظركم مع تبعات إغلاق الاصنصير على المسيو علي والأميرة شعاع..
تعبت كثير لين نسقت لهالموقف وفي هالوقت
وقصدت تمام إنه يمر بموقف يشبه اللي مر فيه أخوه كساب بعد ملكته..
مع اختلاف الظروف
عشان تشوفون اختلاف ردة الفعل..
.
.
.

 
 

 

عرض البوم صور #أنفاس_قطر#  
قديم 10-11-10, 07:04 AM   المشاركة رقم: 59
المعلومات
الكاتب:
اللقب:
VIP




البيانات
التسجيل: Jan 2009
العضوية: 117447
المشاركات: 738
الجنس أنثى
معدل التقييم: #أنفاس_قطر# عضو جوهرة التقييم#أنفاس_قطر# عضو جوهرة التقييم#أنفاس_قطر# عضو جوهرة التقييم#أنفاس_قطر# عضو جوهرة التقييم#أنفاس_قطر# عضو جوهرة التقييم#أنفاس_قطر# عضو جوهرة التقييم#أنفاس_قطر# عضو جوهرة التقييم#أنفاس_قطر# عضو جوهرة التقييم#أنفاس_قطر# عضو جوهرة التقييم
نقاط التقييم: 1255

االدولة
البلدQatar
 
مدونتي

 

الإتصالات
الحالة:
#أنفاس_قطر# غير متواجد حالياً
وسائل الإتصال:

كاتب الموضوع : #أنفاس_قطر# المنتدى : القصص المكتملة (بدون ردود)
افتراضي بين الأمس واليوم/ الجزء التاسع والخمسون

 



بسم الله الرحمن الرحيم
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
ياصباح الرحمات والتهليل والتكبير
أكثروا منها في هذه الأيام المباركة
وقد اختلف العلماء في صفته على أقوال :
الأول : الله أكبر.. الله أكبر .. لا إله إلاّ الله ، الله أكبر .. الله أكبر .. ولله الحمد .
الثاني : الله أكبر .. الله أكبر .. الله أكبر .. لا إله إلاّ الله، الله أكبر .. الله أكبر .. الله أكبر .. ولله الحمد .
الثالث: الله أكبر .. الله أكبر .. الله أكبر .. لا إله إلاّ الله ، الله أكبر .. الله أكبر .. ولله الحمد .

والأمر واسع في هذا لعدم وجود نص عن النبي صلى الله عليه وسلم يحدد صيغة مُعينة .
وكل هذه الصيغ تُقال في التكبير المُطلق أيام العشر والعيد ، والتكبير المُقيد بعقب الصلوات ..
.
.
يا هلا والله وألف مرحبا بكل الوجوه والجديدة
والله يسهل على الذاهبين للحج حجهم وأعادهم منه كيوم ولدتهم أمهاتهم
دعواتكم لنا أرجوكم
.
.
اليوم عندنا يوم توزيع النجمات
أول وحدة الغالية نوفي في تبريرها لسبب زواج علي من شعاع
كانت ماشاء الله تبارك الله الوحيدة اللي قالته
وقبل ماينزل الجزء اللي فات بس أنا ماقريته إلا قبل تنزيل الجزء على طول
.
وأتذكر أيضا أنثى أبكت القمر أنها كانت ذكرت في تعليق قديم جدا أن شعاع سيغلق عليها المصعد مع فهد
أو علي.. وإن كانت مع علي فهي ستكون حكايته المنتظرة.. توقع بارع جدا..
.
وبما أنني تذكرت التعليقات القديمة فجاكلين كذلك توقعت أن تظهر صورة لخالد الصغير مع والده..
.
أنا ما أتذكر حنين الذكرى قالت إن امهاب بيموت يمكن قلتيه في موقع الأحزاب
يا الله ياحلوة قربي نعلق النجوم..
بس تدرون بنات لو على توقع موت امهاب.. أتذكر إرادة بعد قالت يمكن يصير كذا ومن وقت طويل بعد..
.
.
يا الله..ماشاء الله.. اليوم نجمات بالهبل!!
.
فيه سؤال انسأل قبل وجاوبته قبل بس ماعليه أعيد
هل أنا أنفذ الطلبات اللي البنات يطلبونها في الرواية؟؟
يعني وحدة تبي مواقف زيادة للشخصية الفلانية لأنها تحبها وهي شخصيتها المفضلة..
الجواب بصراحة لا.. وقلتها قبل بكل صراحة لا
والسبب بسيط وصريح.. اللي يكتب واحد واللي يقرون الآف
لو أنا طاوعت كل وحدة تبي شيء في اللي هي تبيه
وش راح يبقى من روح الرواية اللي هي روحي؟؟
ولا شيء.. ولا شيء أبد..
والقصة اللي عجبتكم بتصير مجرد حكايات مفككة مجمعة لإرضائكم.. وبعدها أنتو لن ترضوا عنها حتى..
مثل سالفة الممثل اللي قلت لكم عنها المرة اللي فاتت :)
قلت لكم قبل إني أستمتع جدا جدا جدا في تعليقاتكم وهي تصنع للرواية ألف روح خارجية
ولكن روحها هي يجب أن تصدر عن كاتبها حتى لا يحدث التناقض والضعف
وحلاوة القصة بتعليقاتكم والاختلاف حولها دون أن تفسدها هذه التعليقات
أما متى أستفيد من التعليقات في صلب القصة ؟؟
حين أشعر أنه ربما هذه النقطة غير مفهومة وتحتاج إيضاح..
فأضع موقف لإيضاحها فقط..فقط.. فقط...
لأنه كل الأحداث والتفاصيل الرئيسية تم تقريرها منذ زمن..
فلا أغير الأحداث أو المسار الفكري أبدا لأي سبب..
.
.
الموقف المنتظر بين علي وشعاع..
واحد من أقرب المواقف لقلبي..

لأني حسيته بالفعل يكشف عن شخصية علي الحساسة والرومانسية يمكن بشكل ماعاد موجود في الواقع..
مع أني والله العظيم والله العظيم أعرف واحد شخصيته مثل علي الله يهني مرته فيه
مرته صار تخاف تقول عن مواقفه معها.. تخاف من العين.. ومعها حق:)
الله يحميهم من كل شر ولا حول ولا قوة إلا بالله
.
ماتتخيلون وش كثر تعبت في هذا الموقف
ارجو يعجبكم..
وعلى فكرة ترا حالة علي بيكون لها تفسير علمي بس خلوه بعدين
ما قلت لكم قبل إن علي بيكون له قصة خاصة جدا
استلموها
.
الجزء 59
.
موعدنا الجاي يوم الجمعة الساعة وحدة الظهر إن شاء الله
.
قراءة ممتعة مقدما
.
.
لا حول ولا قوة إلا بالله
.
.





بين الأمس واليوم/ الجزء التاسع والخمسون





شعاع حين علمت أن المصعد تعطل..
شعرت أن أعصابها أُصيبت بالشلل..


" يعني طول عمري مرعوبة من المصاعد
ويوم قررت أركب يتعطل فيني
لا ومعي رجّال وبروحنا"


تناولت هاتفها وهي ترتعش برعب حقيقي.. حاولت الاتصال بجوزاء..
ولكن الإرسال عن مقطوعا في داخل المصاعد كالعادة..

ألقت حقيبتها أرضا لأنها كانت عاجزة حتى حمل نفسها
وهي تتسند بظهرها على آخر المصعد..
وتمنع نفسها من التفكير بشيء حتى ألم كاحلها الذي نسته في خضم رعبها..
وهي تشد له نفسا عميقا وتكثر من الدعاء..


علي حين توقف به المصعد.. كان خاليا إلا من شعور حرج أن المصعد أغلق عليه ومعه امرأة لوحدهما
تناول هو أيضا هاتفه بثقة ليتصل بكساب.. ليجد الإرسال متعذرا أيضا..
اتصل بطلب نجدة المصاعد المعلق في المصاعد.. ولكن لم يجبه أحد..

شعاع حينما رأت الرجل يتصل ولا أحد يجيبه..
بدا ارتعاشها يتزايد ومحاولاتها لعدم التفكير تتبخر
وبدأت تشعر أن جدران المصعد تتقارب لتطبق على أنفاسها..
ثم جلست على الأرض وهي تضم ركبتيها لصدرها وبدأت ترتعش بشكل فعلي واضح
وهي تحاول منع نفسها من البكاء أمامه..


علي صُدم من ردة فعلها المبالغ فيها.. هتف بنبرة تهدئة بصوته الهادئ العميق:
يا أختي اذكري الله.. أنا أتصل والحين بيردون علي..
لا تخافين من شيء.. هذا ظرف طارئ وأنا حسبة أخيش..

حاول الاتصال مرة أخرى أمامها علهم يجيبون فتهدأ.. ولكنهم لم يجيبوا..

حينها بدأت تصرخ.. وهي تصيح بنبرة مختنقة:
بأموت والله العظيم بأموت..
تكفى يأخي كلمهم.. واللي يرحم شيبانك كلمهم..

علي بدأ يتوتر من حالتها غير الطبيعية
" أكيد هذي خبلة!!
الله يستر لا يصير لها شيء ومامعها في الأصنصير إلا أنا"

شعاع بدأت تشعر بالاختناق الفعلي الناتج من رعبها الحقيقي من المصاعد..
وهي ترا علي يتصل مرة بعد مرة ولا أحد يجيبه..
والوقت يمر واختناقها يتزايد ويتزايد..

لم تشعر بنفسها إلا وهي تشد نقابها عن وجهها لأنها ماعادت قادرة على التنفس أبدا..

علي حين رأى المرأة أزالت نقابها عن وجهها
أشاح نظره عنها بشكل كامل وهو يوليها ظهره.. ويتصل مرة أخرى..
هذه المرة أجابوه.. هتف علي باستعجال: الأصنصير معطل.. ومعي وحدة تعبانة

أجابوه بقولهم:
شفنا العطل يأخوي.. استحملوا بس ربع أو نص ساعة بالكثير..
لأنه فيه واير محترق ولازم نغيره...
والأكسجين عندكم يكفي..وبيكون فيه طاقم إسعاف واقف عند الباب..

علي هتف لشعاع بنبرة تهدئة ودون أن ينظر ناحيتها: ربع ساعة ..نص ساعة بالكثير ويفتحون لنا..

حينها قفزت شعاع أمامه وكل تفكير لديها يتعطل وهي تصرخ بهستيرية:
وش نص ساعة والله العظيم بأموت..بأموت.. أنت ماتفهم.. بأموت..

ثم بدأت تبكي بهستيرية وكل محاولاتها لمنع نفسها من البكاء تنهار:
بأموت والله العظيم ماني بقادرة أتنفس.. بأموت..
بأمـــوت.. بــــأمـــوت...

علي لم يستطع أن يرد عليها بشيء ..
فالتفكير كله طار والكلمات كلها تبخرت..
منذ صافحت عيناه صفحة وجهها.. شعر كما لو أن ماسا كهربائيا كاسحا ضرب قلبه في منتصفه تماما..
لينثره أشلاء رآها تتطاير أمامه في فضاء المصعد !!


شعر أن هذا الوجه كان يرافق أحلامه منذ الأزل..وقلبه يذوي مع انفعالها..
أما حين بدأت بالبكاء.. فهذا القلب المجنون بدأ يتداعى بصورة مؤلمة غير طبيعية..

كان نظره كله مركز على وجهها.. يحاول أن يشيح بنظره فلا يستطيع..
يحاول أن يبعد نظره عنها.. فيجده يعود لها مرة أخرى..

ينظر لارتعاش شفتيها..
وكيف تخرج كلماتها من بينهما مبعثرة كتبعثر السكر..
ينظر لعينيها المغرقتين بالدموع..التي بدت له بحيرة تفيض بحبات الكريستال الصافي الذي تعلق بأطراف أهدابها..
ينظر لخديها المحمرين المبللين كخدي طفلة!!

"يا الله ..هل هناك هناك مخلوقة عذبة ورقيقة كهذا؟؟"

حاول أن يشيح وهو يقول لنفسه: النظرة الأولى لك والثانية عليك..
اللهم أني استغفرك وأتوب إليك..

ولكنه لم يستطع أن يشيح بنظره عنها ..
كما لو أن هناك شيء أقوى منه يجبره على ذلك..
ينظر لها وهي ترتعش وتبكي كطفلة خائفة.. وبباله خاطر واحد مجنون:
ماذا لو أخذها في حضنه ليسكن جزعها وارتعاشها الذي يشعر به يذيب كل خلية في جسده..؟؟

ليكتمل جنون هذا المشهد بشعاع تفقد وعيها..
وربما كان هذا رحمة بها لأنها لو بقيت بوعيها أكثر لفقدت عقلها..

علي حين رأها تميد وكأنها ستفقد الوعي.. أمسك بها..
لأنه كان يعلم أنها ولو وقعت دون إسناد على أي من زوايا المصعد الحديدية
فإن إصابتها ستكون جسيمة..

وكان من المفترض.. أنه حين أسندها.. أن تنتهي مهمته وأن يتركها ممدة على أرض المصعد..
ولكنه لم يستطع تركها للأرض وهو يسندها إلى حضنه هو:
" هذي حرام تلمس القاع القاسية جسمها.. يمكن تنخدش من رقتها.."

" تدري أنك استخفيت ياعلي..
استغفر ربك.. البنية حرام عليك.. ومسكتك لها حرام.."


رغم كل شعوره بالحرج مما يفعله والفتاة ممدة في حضنه..
ولكنه لم يشعر بالأثم وألم الذنب الذي يشعر به أصحاب القلوب الصحيحة حين يرتكبون أدنى ذنب..
كان يشعر أن مايفعله هو حق مكتسب وحقيقي وأصيل..

كانت ممدة في حضنه.. فاقدة للوعي..
وهي تتيح له بذلك فرصة مراقبتها بحرية..
لم يحاول حتى إيقاظها.. أراد فقط أن ينظر إليها بتمعن..
وكأن الله سبحانه يمنُّ عليه بذلك حين جعلها تفقد وعيها..

كل تفاصيل وجهها الطفولي العذب.. وانحناء ذقنها منحدرا لامتداد لعنقها..
بل حتى شعرها الحريري.. لأن شيلتها سقطت مع سقطتها..
كان وجهها خاليا تماما من أي زينة عدا مرطب شفاه ملمع بلون زهري خفيف..
ومع ذلك بدت له أجمل مخلوقة رآها في حياته..

رأى في حياته آلاف الأشكال اللاتي قد يكنَّ أجمل منها فعلا..
سافر لعشرات البلدان ورأى مختلف أشكال النساء..
لم تحرك واحدة فيه أدنى إحساس..
حتى إصراره على جميلة كان من محبته لخالته واعتزازه إنها تربت في بيتهم..

فما مصدر غرابة وقوة وعمق إحساسه بهذه المرأة المجهولة التي تتمدد في حضنه
في موقف لم يكن ليخطر له ببال أبدا؟؟

ماهو السر في هذه المخلوقة؟؟؟
شعر كما لو أنه في حياته كلها كان ينتظر شيئا مجهولا لا يعلم ماهيته وهاهو يجده الآن.. ولا يعرف كيف..
حاول جاهدا ولعدة مرات أن يبعدها عن حضنه ليمددها على الأرض.. ولكنه لم يستطع فعل ذلك..
كما لو أنه يخشى على رقتها أن تكسرها قسوة الأرض فعلا..

لم يستطع إبعادها عنه لأن عينيه كانتا عاجزين عن الابتعاد عن مدى وجهها
كما لو أنه مأسور بسحر أزلي استعصى على الفك..
لم يعلم كم مضى من الوقت وهو مفتون بمراقبتها فقط..


كان يريد إبعادها عنه فإذا به دون أن يشعر بنفسه يرفعها قليلا عنن حضنه ليضمها لصدره بخفة..
ولكنه انتفض بجزع حقيقي..
وهو يفلتها ويكثر من الاستغفار والدعاء لله أن يقويه على شيطانه..

ولكنه لم يستطع إلا أن يعيد الكرة مرة وهو يشعر أن رائحتها أسكرته تماما..وأوقفت كل تفكير عقلاني لديه..
هذه المرة احتضنها بقوة رغما عنه..
وهو يشعر أن قلبه يبكي..يبكي فعلا..
ينزف دموعا لا حدود لها.. ولا يعلم لماذا؟؟
أ خوفا من ذنب مافعله؟؟
أم رهبة قربها؟؟

أسند ذقنه لرأسها وهو يتنفس عطر شعرها بعمق..
يحاول جاهدا قهر نفسه ليفلتها..
ولكنه لم يستطع.. لم يستطع.. كما لو أن روحه ستغادره لو تركها..
أي جنون أصابك ياعلي وفي دقائق معدودة فقط؟!

ضمها أكثر وهو يشعر بليونة جسدها تذيب كل أعماقه..
كما لو أن تفاصيل عظامها الرقيقة تنطبع بعلامات من نار على كل نواحي جسده..
بدأ هو يرتعش بعنف كالمحموم تأثرا من قربها الذي قلب كل كيانه..
كإعصار هائل مر في لحظات ليقلب كل شيء!!

أفلتها قليلا وهو مازال يرتعش بذات العنف ليملأ نظره من وجهها..
يعلم أن المصعد سيفتح قريبا.. رغم أنه تمنى ألا ينفتح أبدا..
أراد أن يتزود من كل تفاصيلها..

كان وجهها قريبا جدا منه..
وشفتاها اللتان ماتزالان ترتعشان بخفة تبدوان غاية في العذوبة إلى درجة التعذيب..
أقترب منها أكثر.. وكان على وشك أن يفعلها..
لولا أنه انتفض بعنف.. وهو يهز رأسه بعنف رافض..

وينـزلها أخيرا على الأرض !!
ويقفز بحدة مبتعدا عنها وهو يلهث بذات الحدة:
استغفر الله العظيم من كل ذنب عظيم..
استغفر الله العظيم من كل ذنب عظيم..
وش كنت بأسوي الله يلعنك يأبليس؟؟؟


"والله العظيم ..إني عمري كله وأنا أدور لها
وعقبه ألقاها في نفس اليوم اللي أتزوج فيه!!"

كان علي على وشك أخذ حقيبتها..
كان يريد أن يبحث فيها عن أي اثبات لها حتى يأخذه ليعرف كيف يتوصل لها فيما بعد..
فهو يستحيل أن يتركها بعد أن وجدها..
ولكنه قبل أن يتناول الحقيبة.. تحرك المصعد بسرعة ثم انفتح ..

وقف علي جانبا.. بينما المرضات دخلن وهن يحاولن إفاقتها..
بينما علي يهتف برجاء عميق: تكفون غطوها..

كان يشعر بغيرة عميقة أن يرى رجل آخر مارآه هو..
بل مايعتبره بكل جنون حق له وحده!!

كان يريد أن يتبع الممرضات ليتعرف على اسمها..
ولكنها مع إيقاف الممرضات لها بعد أن جعلناها تشم شيئا في داخل الأكسجين..
نهضت من إغماءتها وهي تتناول حقيبتها وتغطي وجهها بطرف شيلتها و تهرب وهي تعرج..

الممرضات طلبن منها التوقف ولكنها كانت تشير بيدها: مافيني شيء.. مافيني شيء..


أراد علي أن يتبعها ولكن كان هناك العشرات متمجهرين حول المصعد
ينتظرون رؤية من اُغلق عليهم المصعد..فقدها بينهم..


ركض في أنحاء الطابق الرابع حيث انفتح المصعد..
لم يعلم أنها تركت الطابق كله وتوجهت للدرج..
بقي يدور كالمجنون في الطابق..
ثم استند إلى الحائط وهو يلكمه ويكاد يبكي قهرا..
كيف اختفت هكذا..؟؟


كما لو أنه وجد حلمه الذي كان يبحث عنه حياته كلها..
ثم سمح له أن يتبخر أمامه كسحابة صيف.. وَقَته هجير الشمس لثوان
ثم ارتحلت للأبد ليحترق من الشمس التي كان قد اعتاد عليها..
لأنه يستخدم واق منها هو قلبه الخالي..

ولكن قلبه الآن ماعاد بين يديه.. أخذته وفرت به..
فكيف سيحتمل؟؟
بدا له الأمر فوق احتماله.. لأنه ليس أمرا في استطاعة البشر..
بل هي قدرة رب العالمين الذي حكم عليه بهذا الامر المهول الذي يمزق روحه بطريقة غير إنسانية!!


وهو في وقفته.. رن هاتفه.. كان كساب هو المتصل..

هتف له علي بنفس مقطوع: كساب ما أقدر أجي لخالتي..
تعال لي أنت في الطابق الرابع..

لم يستغرق الأمر دقيقتين ليصله كساب وهو يهتف له بقلق: وش فيك؟؟

علي بإرهاق: تعبان شوي.. أبي أمشي للبيت.. وأبيك أنت تسوق..

وهما في السيارة.. كان كساب يسأله ولكن علي لم ينتبه مطلقا لما يقول..
فباله وتفكيره لم يكونا معه إطلاقا..

هتف كساب بنبرة مقصودة وهو يحاول كتمان غضبه وهو يهز كتف علي بعنف:
علي وش فيك منت بطبيعي!!

علي انتفض بخفة: مافيني شيء.. مرهق شوي قلت لك..

كساب بذات النبرة المقصودة التي أصبحت أقرب للغضب وهو يضرب جيب علي على صدره بقسوة:
والشيء ذا هو سبب إرهاقك؟؟

حينها التفت علي لما يشير له كساب كان لونا زهريا فاتحا يلوث جيبه تماما..
لم يربط علي وهو يجيب بعفوية: ما أدري من وين جا الوسخ ذا؟؟

حينها أوقف كساب السيارة وهو يلتفت بحدة لعلي وينفجر بغضب متفجر فعلا:
وسخ؟؟ أنت مفكرني بزر تلعب عليه..
أنت نزلتني في المستشفى ووين رحت ذا كله يا قليل الأصل..

علي بجزع غاضب: أنا قليل الأصل؟؟

كساب بذات غضبه المتفجر وهو يلكم عضد علي بقوة:
إيه قليل أصل وماتستحي.. ومافي وجهك ذرة حيا..
تقول لي وسخ ..وهي داعسه خشتها في صدرك..
لا وجاي بكل وقاحة لين المستشفى عقبها..

حينها انتبه علي أن مابصدره هو بقايا ملمع شفاهها..
حينها لمسه بكل خفة وهو يهمس بوجع كأنه يحادث نفسه: مكان شفايفها..!!

كساب كان يريد أن يشده خارج السيارة ليضربه..
ولكنه شد له نفسا عميقا وهو يمنع نفسه من التهور ويشغل السيارة ويهتف بحزم غاضب:
وتعترف بعد..زين ياعليان.. خلنا نرجع البيت..
إما ربيتك من جديد ما أكون كساب بن زايد..
أنت ما تستحي على وجهك.. توك متملك مالك ساعتين..
يومك دروبك دورب خمل كذا ماكان خذت بنات الناس..
أموت وأعرف أشلون كنت داس علينا كذا.. أشلون كنت مسوي روحك الملاك اللي مايغلط..

علي حينها هتف بألم: وين راح تفكيرك.. أنا الله العظيم ماطلعت من المستشفى مكان..

علي حكى لكساب كل شيء.. فهو لن يحتمل وزر هذا الألم لوحده..
حينما انتهى من حكايته.. انفجر كساب ضاحكا وهو يهتف:
تدري أني كنت أشك إنك خبل.. بس الحين تأكدت مافيه مجال للشك..

علي أجابه بألم حقيقي: داري أنك بتضحك علي.. واضحك مايهمني..
تدري ياكساب يوم شفتها تبكي هقيت إن الشاعر يوم قال:
(وماذرفت عيناكِ إلا لتضربي...بسهميكِ في أعشار قلب مقتّل)
إنه ما قالها إلا عشانها..
القلب من اللحظة اللي شفتها فيها صار قطع مكسرة..
وزادتها علي ألف مرة يوم شفتها تبكي..

كساب مازال يضحك: نعنبو دارك هذا كلام صاحين..
أنا أشهد أنك استخفيت.. أمحق دبلوماسي عقله أقل شيء يطيره..

علي بغضب: إيه كلام صاحين.. وبأدورها لين أعينها.. واتزوجها..

كساب يحاول أن يتماسك من الضحك: واشلون بتعينها..
المسكينة تلاقيها ارتاعت من المستشفى بكبره..
ثم أردف بتماسك جدي: وبعدين أنت واحد تزوجت خلاص..
عيب عليك ذا الكلام حتى لو كان نكتة..

علي بإصرار: أنا مستحيل أتزوج حد غيرها..
ثم أردف بألم: كساب حتى بعيد عن مشاعري اللي أدري أنها غبية وسخيفة وتضحكك..
البنت ضميتها لصدري.. وأعوذ بالله منك يا ابليس ماكان بين شفايفي وشفايفها إلا ستر ربي..
لين الحين أحس أنفاسها دخلت صدري ومارضت تطلع...وريحتها عبت رأسي..
وعقبه تقول اخليها!! في أي دين وشرع هذا؟؟

كساب حينها هتف بجدية صارمة مرعبة: عشانك بزر.. وقلبك معلق في مخباك..
اصطلب ياولد.. بنات الناس مهوب لعبة عندك..
شفت بنت بين إيديك في موقف ضعف.. وماقدرت تمسك نفسك منها..
سويت غلط كبير واجد.. لكن مهوب لدرجة أنك تحس أنك مسوي غلط تبي تصلحه..
البنت ماصار بينك وبينها شيء بالمعنى اللي لازم يتصلح..
إلا عاد لو أنت اللي تبي تحس إن غلطك لازم يتصلح..
خلك من خبال البزارين..
وإلا تدري روح افضح روحك أحسن.. وقول لأبيك أبي أطلق بنت فاضل
عشان وحدة ضميتها في الأصنصير..
افضح روحك وافضح بنت الناس اللي ماتدري من هي..

اسمعني ياعليان زين.. حكي ياصلك ويتعداك..
والله ثم والله لا تهين بنت فاضل بن عبدالرحمن بأدنى شيء وإلا تفكر تخليها
أن قد تشوف شيء عمرك ماشفته..






***************************************






" شعاع وش فيش.. نقزتي قلبي؟؟
اهدي وقولي لي"

كانت شعاع تنتحب وترتعش بقوة في حضن جوزاء:
يمه ياجوزا يمه..
تسكر علي الاصنصير مع رجّال بروحنا..
وكنت بأموت.. والله ما أدري وش هببت..
بس الأكيد إنه الرجّال شاف وجهي ويمكن شاف شعري بعد..
وعقبه أغمي علي..
ياويلي من ربي.. ياويلي من ربي..
الرجّال شاف مني اللي حتى رجّالي مابعد شافه مني!!

جوزا تهدئها: خلاص شعاع ياقلبي.. أنتي مالش ذنب..
خلاص والله ماعاد تقعدين عندي عقب اليوم..
أساسا أنا بأطلع يا الليلة يابكرة..
وخلاص أنتي مالش قعاد عندي..

شعاع مازالت تنتحب وهي تحاول تهدئة نفسها:
خلاص باقعد لين العصر..
بأخلي الممرضات يشوفون رجلي وبارتاح وعقب بأروح..





*****************************************






" الحمدلله على السلامة يأم زايد!!
أنا أمس ماجيت لأن مزون قالت لي أنش تعبانة"

عفراء تهمس باحترام جزيل: الله يسلمك.. وتلفونك يكفي..ماكان تعنيت..

زايد بفخامة : مايصير يأم زايد.. لو مهوب عشان زايد الصغير..
عشان بنتي جميلة..لازم أجي أتحمد لها السلامة

جميلة تبتسم بمودة مصفاة: وجعل جميلة ماتبكيك.. قول آمين..
ثم أردفت بمرح: إلا سماوة زايد وينها؟؟

عفراء نهرتها: عيب يا بنت..

زايد يبتسم: عفرا وش فيش على البنية.. إنها صادقة.. تبون تسمون عليّ ببلاش..

عفراء بذات الاحترام العميق: اسمك بروحه سماوة..

زايد بمودة: سماوة زايد بتجيكم في البيت لا طلعتوا.. وماتبونها.. تراها لجميلة..
ثم أردف بتقصد: ولو أني زعلان منها واجد..على سواتها في سمي الغالي..

حينها انطفئت ابتسامة جميلة وهي تنكمش قليلا في مقعدها..
مزون شدت ذراع والدها وهي تهمس في أذنه :يبه مهوب وقته..
ثم أردفت بصوت عال: يبه ماتبي تشوف سميك..

همس في أذنها: ترا موضوع خليفة والله ما أخليه يعدي بالساهل.. حطي عندها خبر بذا الشيء..
ثم أردف مثلها بصوت عال: جيبو سميي أشوفه..

مزون وقفت لتحضر زايد الصغير ثم وضعته بين يدي والدها الذي حمله بحرص ووجهه يشرق
قبل جبينه وهو يدعو له بالصلاح..

همست مزون بابتسامة: مهوب لو أنك تطيعني وتتزوج
كان الحين عندنا ولد حقنا بروحنا بدل ماجميلة تحرني كل ماجيت أحبه..

زايد أعاد الولد لها ثم قرص خدها بمودة: وأنتي من جدش تبين مرة تشاركش في أبيش..

ابتسمت مزون: يبه فيه فرق بين المحبة والإنانية.. أكيد أني ما أبي حد يشاركني فيك..
بس لو بغيت تتزوج أكيد حقك.. لأنه أنت توك.. والمفروض سويتها من زمان مهوب ذا الحين..
وتدري يبه الدبة جمول حرتني.. خاطري في أخ صغنون لي بروحي.. مالي شغل..

ابتسم زايد وهو يقف: وهذا زايد الصغير حقكم كلكم..
وانتظري شوي وينترس البيت من عيال كساب وعلي إن شاء الله






**********************************





منذ عاد من المستشفى وهو في حالة انعدام وزن تامة..
لم يستطع حتى الذهاب لعمله وباله مشتت هكذا..
لا يعلم أي عاصفة ضربت منتصف قلبه هكذا وهو يشعر به مفتت أشلاء..
خلع ثوبه.. وهاهو معلق أمامه.. وسيحتفظ به هكذا حتى آخر يوم في عمره..
عيناه لا تغادران مكان شفتيها التي لامست صدره...
كلما تذكر ذلك شعر بنغزة حادة حقيقية في قلبه..

والأمر المؤلم أكثر لمشاعره الرقيقة وضميره الحي أنه يشعر أنه يخون المرأة التي من المفترض أن تكون هذه المشاعر لها..
أنه يخون شعاع..!!

للتو صباحا كان يطبع توقيعه بجانب توقيعها
الذي بدا مرتبكا متعرجا كما لو أن أنامل من يوقع ترتعش..

لماذا يُحكم عليه أن يحب بهذه الطريقة المجنونة..
ذلك الحب المجنون الذي يقال عنه "حب من النظرة الأولى"؟؟
يحب امرأة لا يعرف عنها شيئا وفي نفس الوقت الذي أصبحت مشاعره مقيدة لامرأة أخرى رسميا..

حين يفكر في سخرية كساب منه.. يجد أن كساب كان محقا في كل ماقاله..
فهو ليس أكثر من غبي سخيف من يحب بهذه الطريقة الطفولية الغبية؟؟
ولكن ماذا يفعل.. يعلم أن قلبه اللين ليس كقلب كساب المتحجر..
هكذا خلقه الله.. فهل يعترض على ذلك؟؟

هاهو يصلي العصر.. وقضى الوقت بين الصلاتين في دعاء وحيد:
" يا الله ياكريم
إن كان لي في هذه البنت خير
فاجعلني ارآها..
إن كنت تعلم يا آلهي أن حياتي يجب أن تكون معها
لا تحطم قلبي هكذا واجعلني آراها مرة واحدة فقط
حتى أعرف من هي"


علي قرر أن يتوجه للمستشفى وفي باله خاطر واحد
إن كان الله راضيا عليه ويعلم أن في لقاءها مصلحته
فهو سيعثر عليها حالا..
فهو لا يستطيع إحراج نفسه بالسؤال ولا بالوقوف في الممرات..

أما إن كانت هذه الفتاة ليست سوى مجرد اختبار من رب العالمين ليعذبه في هذه الدنيا
فهو لن يعترض على ماكتبه الله له..
وسيبقى يتجرع ألم ولهه وعشقه غير المعقول..

ولكن زوجته ماذنبها؟؟ ماذنبها؟؟
فهو يعلم أن مايشعر به الآن يستحيل أن يكون شعورا وقتيا سيمضي مع الوقت
بل هذا الشعور اخترق قلبه وأستولى على روحه حتى آخر قطرة..
يشعر أنه لا يستطيع التفكير بشيء عدا تلك المجهولة..
وكلما فكر بها شعّر بدقات قلبه تتسارع إلى حد الإجهاد وهو يشعر كما لو أن قلبه سيقفز من بين جنبيه..






*************************************






" صالح طالع الحين؟؟"

صالح بتأفف: تكفين نجلا بدون تحقيقات.. طالبش..

نجلا بألم: يمه وش فيك شبيت فيني؟؟
كنت أبي أقول لك إني مجهزة فوالة العصر تحت..
ولو كنت بتتقهوى معي قبل تطلع..

صالح بنبرة تراجع نادمة: كله منش.. ماعاد خليتي فيني مخ يفكر..
على طول مخليتني متحفز كني في موقع اتهام..

همست نجلا بضيق وهي تنظر للأسفل: محشوم يأبو خالد..

حينها مد صالح يده وهو يرفع ذقنها ليقبل أرنبة أنفها ويهتف بابتسامة:
مشكلة الغالي لا درا أنه غالي.. تغلى بزيادة!!

حينها ابتسمت وهمست بمرح: يعني لو سألتك وين رايح منت معصب علي؟؟..

ابتسم وهو يربت على خدها: إلا بأزعل.. وأعصب بعد.. وين بأروح يعني؟؟


كانا ينزلان للأسفل حيث القهوة ونجلاء تهمس بنبرة مودة:
أبي أروح الصالون بأغير شوي في شعري.. عندك مانع..؟؟

صالح بعفوية: لا حبيبتي ماعندي مانع..






****************************






لا تنكر أن توترها يتزايد منه..والأكثر استغرابها..
منذ ذهابهما للمطعم قبل أمس.. وتوجس عميق أصبح في روحها من ناحيته..
أصبحت تجيب على إشاراته بإشارات مشابهة..
ولكنه يشير لها في الحدود الدنيا عن أمور عفوية يومية..

تشعر أن حاجزا كبيرا بينهما انهار.. وهذا الإنهيار لابد أن يحدث بعده تقارب!!
وهذا التقارب المفترض يقلقها ويوترها..
تجد نفسها غير مستعدة له إطلاقا..
لطول ما اعتادت على حياتها الساكنة معها.. حياة آمنة كانت تريحها..
لا تريد تغييرها..
فمع التقارب يحدث التعقيد البشري الناتج عن تعقيد المشاعر
أمور هي في غنى عنها..

لكنها في ذات الوقت لا تستطيع منع تميم من حقه الذي هو سنة الله في خلقه..
أفكارها مشوشة.. وتميم بغموضه يزيدها تشويشا..
فلا هو من يصرح بما يريد.. ولا هو يظهر نواياه..
أو ربما كان كل هذا محض هواجس في عقلها هي وحدها وهو يتصرف بعفوية..

منذ أن غادر لصلاة العصر لم يعد.. تعلم أنه سيذهب لعمله..
رغم أنه لم يعد منه إلا وقت الغداء.. بالكاد غفا له نصف ساعة..

رن هاتفها.. كانت نجلا التي همست لها باستعجال:
تروحين معي الصالون؟؟

سميرة بابتسامة: ماكنش يتعز على قولت خالي هريدي..
كان ودي بس عندي تصحيح..
إلا أنتي وش تبين بالصالون؟؟

نجلاء بعفوية: باروح أصبغ شعري...

سميرة بصدمة: نعم؟؟ صاحية أنتي؟؟ حد عنده لون شعرش ويفرط فيه
حرام تخربينه بالصبغات.. أنا أصلا أصبغ شعري عشان يكون نفس لون شعرش..

نجلاء بضيق: أقول ابي أسوي تغيير يمكن يعجب صالح!!

سميرة بتحذير: ياويلش يا الخبلة تسوينها... أنتي أساسا ألف مرة قايلة لي إن صالح يموت في لون شعرش..

نجلاء بيأس: يجاملني.. صالح ماعاد يشوف فيني شيء عاجبه.. مايشوف إلا عيوبي..
يعني الحين شايلته وشايلة بيته.. والله العظيم حتى فنايله وسراويله مايعرف مكانهم..
كل شيء أنا أسويه له.. وعقبه يحاسبني إني أغار عليه..
وكني أنا مصدر الضيق الوحيد في حياته..

سميرة بتهدئة: خلي خلافاتش أنتي وصالح بعيد عن شعرش.. لا تصيرين خبلة..
أنتي الحين شعرش حلو وناعم.. بس يوم يدل الصبغات والله العظيم لا ينقلب حاله..

نجلاء بتصميم: قلت لش أبي أسوي تغيير.. وأنا استاذنت صالح ورخص لي..
ماتبين تروحين معي خلاص.. بأروح بروحي!!


سميرة تنهدت بعمق..
يبدو أن لا أحد مرتاح في هذه الحياة..
فحتى أختها التي يبدو أنه لا مشاكل عندها.. تخترع لها مشاكل من تحت الأرض
أو ربما كان عندها مشاكل فعلا لا تشعر سميرة بها
"النار ماتحرق إلا قدم واطيها!!"
وانشغال سميرة بحياتها جعلها تغفل النظر عن الإحساس بمشاكل أختها كما تشعر هي بها..


كانت تريد أن تحمل أوراقها لتنزل في الأسفل لتصحح عند مزنة
حين وصل هاتفها رنة رسالة..
كانت من تميم..

توترت كما لو أنه سيقفز من الرسالة عفريت ما لو فتحتها..
سابقا لم تكن تهتم حين يصلها رسالة منه لأنها تعلم تماما ماهو المضمون..
" سأتأخر.. جهزي لي الأمر الفلاني" وفقط
لكن الآن لأنها تشعر كما لو كان يلاعبها على الحافة
فهي تخشى من كل خطوة..فتحت وأصابعها ترتعش:

" افتحي درج مكتبي الأول"


توجست.. وهي تتجه للدرج وتفتحه..
وجدت علبة مربعة مغلفة بتغليف راق جدا.. والشريطة عليها اسم محل مجوهرات شهير جدا..
وفوقها بطاقة.. فتحت البطاقة:

" أعلم أني لم أهديكِ شيء طيلة الأشهر الماضية
رغم أن كل شيء جميل أراه أتخيله ينير نحركِ أو معصميكِ أو أناملكِ
ولكن لم أستطع أن أفعل ذلك سابقا.. كما تشجعت وفعلتها اليوم
.
أتمنى أن يعجبك ذوقي..
وأتمنى أكثر ألا تتعبي رأسك الجميل في البحث عن مبررات
فالبحث عن المبررات يفسد دائما كل ماهو جميل!! "


سميرة وضعت العلبة فوق المكتب وهي تنظر لها بفضولها العفوي الطبيعي:
وش اللي تغير زين ياتميم؟؟
أول ماتقدر والحين تقدر!!
الرجّال ذا بيجنني..

لم تقاوم طبعا فضولها في فض الغلاف وفتح العلبة ثم الانبهار فعلا بما في داخلها
لا تعلم هل انبهرت لأنها لم تتوقع أن تكون الهدية بهذا الذوق والجمال..
أم لأنها لم تتوقع أن يكون عند تميم كل هذا الذوق الرفيع!!

كان عقدا ماسيا ناعما دائريا بإحجار ناعمة متناهية في الصغر..
ولم تقاوم طبعا رؤيته على نحرها..

ارتدته بالفعل وهي تشعر كما لو كان قد صُنع لها خصيصا وهو يبدو مبهرا على نحرها الناصع..
في لك الوقت تماما وصلها رسالته الثانية:

" أحلى من العقد لبّاسه
عارف إن العقد الحين يلمع أكثر من لمعته
لأنه كان له شرف ملامسة الطهر اللي مالمسناه"

سميرة أعادت العقد في علبته بسرعة وهي ترتعش:
يمه يمه سكني هذا.. وأشلون درا أني لبسته..
وش ذا الكلام اللي يروع اللي يقوله.. الرجّال شكله استخف رسمي..





************************************





" كساب وين بتروح؟؟"


لم يرد عليها وهو يضع أغراضه وملابسه في حقيبته والتي كانت في مجملها موضوعة في أكياس قماشية داكنة..
ويبدو واضحا أن بداخل كل كيس حذاء برقبة عالية.. وهو يصفها بعناية دقيقة داخل الحقيبة...

أعادت السؤال بحزم: كساب لو سمحت جاوبني.. وين بتروح..؟؟

أجابها حينها بحزم: شايفتني أحط ملابس داخل الشنطة.. وين بأروح يعني؟؟
بأسافر..

همست بغضب رقيق: وبدون ماتعطيني خبر حتى..؟!

حينها هتف بسخرية: تدرين كنت بأقول لش البارحة..
بس البارحة مرتي طردتني من غرفتي.... تخيلي!!

سألت بحزم وهي تنظر له وتكتف ذراعيها: بتطول..؟؟

رد عليها بغضب: مالش شغل..
يعني أنش مهتمة طولت وإلا قصرت..؟؟ وإلا رحت في داهية..؟؟

كاسرة شدت لها نفسا عميقا ثم همست بتحكم:
كساب هذا مهوب أسلوب تفاهم..

ضحك ضحكة تهكم: تدرين أول مرة أدري أنش تعرفين شيء اسمه تفاهم..
كنت أظن مافي قاموسش إلا شيء اسمه النكد..

حينها هزت كتفيها وهمست بثقة: أنت كساب تمام مثل اللي عيرني بعيارته وركبني حمارته..
تروح وترجع بالسلامة.. الله يحفظك من كل شر!!

أغلق حقيبته وهو يتمتم: مع السلامة.. إذا بغيتي شيء دقي لي على خطي الثريا..

كان قد وصل إلى الباب وهي مازالت واقفة متكتفة بذراعيها
وتمنع عبرة كبيرة تجمعت في حلقها من الظهور..

حينها أنزل حقيبته عند الباب.. وعاد ليشدها ويدفنها بكل قوته بين أضلاعه
وهو يهمس في أذنها بنبرة غريبة.. خليط من حنان وكبرياء وشجن:
والله العظيم واللي خلقني وخلقش أني ما أحب أزعلش..
بس ما أدري هل أنتي اللي تستفزيني.. أو أنا أساسا متحفز ما أحتاج استفزاز؟!!


لم ترد عليه.. لأنها تعلم أنها إن تكلمت فربما تنفجر باكية..
وهي تفضل أن تموت على أن يعلم أنها تبكي لأنه سيسافر..
بل ولا يسافر والوضع بينهما مستقر حتى... بل مثقل بتعقيدات لا معنى لها ومحملة في ذات الوقت بكل المعاني..

وحتى لو كان الوضع مستقر.. فهي لا تحتمل بعده.. لا تحتمل..
البارحة لم تستطع النوم حتى لأنه كان بعيدا عنها لا تنتفس عبق أنفاسه..
كل ما استطاعت فعله أنها قبلت كتفه حيث مكان شفتيها ودون أن تتكلم..

حينها رفع رأسها ليقبلها بتروي ثم همس بحنان متدفق:
زين على الأقل ابتسمي عشان أدري أنش منتي بزعلانة علي..

أجبرت نفسها على رسم ابتسامة متقنة ليبتسم هو أيضا بشكل عفوي..
ويقبل جبينها ثم يغادر..
توقف عند الباب ثم هتف بحزم: أربع أيام وراجع إن شاء الله..

ثم خرج وأغلق الباب خلفه..

حينها تأكدت من إغلاق الباب بالمفتاح.. وانفجرت في بكاء صامت مكتوم..
وهي تدفن وجهها في المخدة وكأنها تخشى أن تسمع هي نفسها صوت بكاءها!!
متعبة بالفعل من هذه الحياة..
أن تحبه بهذه الطريقة الجنونية الخالية من أي منطقية..
مع أن المنطق كان يقول أنها يجب أن تكره شخصية متسلطة ومستفزة كشخصيته..
وبعد كل ذلك كل ما يفعله.. أنه يتلاعب بها..
يقربها حين يريد.. ويبعدها حين يريد..
وهي ليس أمامها سوى أن تتلهف لقربه.. أو تتألم لبعده..

تعبت فعلا.. تعبت.. مرهقة تماما وماعاد بها قدرة للاحتمال أكثر..
ماعادت قادرة على الاحتمال فعلا..
لو كان هناك بادرة أمل أنه قابل للتغيير كانت ستصبر حتى آخر العمر..
ولكن يبدو أنه مخلوق مستعصي على التغيير.. والمبرر الوحيد لهذا هو أنه لا يحبها..

تعلم أن بينهما المودة بل الكثير منها.. وإلا كيف تفسر اهتمامه بها..
ولكن هذه المودة لم تصل للحب ولن تصل..

هــي.. لأنها تحبه.. تغيرت كثيرا من أجله
رغم أنها كانت تظن أنها يستحيل أن تتغير من أجل أحد..
ولكنها لا تستطيع أن تحيا مع استنزاف المشاعر والكرامة هذا الذي يبدو بدون أمل..
لا تستطيع..
لا تستطيع..
يبدو أنها وصلت لختام المرحلة التي كانت تعرف إنها قادمة لا محالة..
نهضت لتضع ملابسها الضرورية في حقيبة وتستعد هي أيضا للمغادرة..

كانت تعلم أن هذا ما سيحدث..
وكانت تعلم يقينا أن حياتها مع كساب لن تستمر..
حلمت بطفل يحمل بعضا من روحه ويبقى بين ذراعيها..
ولكن هذا الحلم يبدو أنه لن يتحقق..
وكأن الله عز وجل يرسل لها رسالة إنها تدفن نفسها في حياة عبثية مع شخص لايقدرها..

قد يبدو غريبا أنها تقرر الرحيل أخيرا رغم أن كساب غادر وهما يبدوان متصافيان ظاهريا..
ولكن هذا بالفعل ماتريده..!!
لا تريد أن يكون آخر ما تتذكره من كساب.. قسوته أو حدته أو صراخه..
تريد أن يكون آخر ماتتذكره ملمس شفتيه وعبق أنفاسه ودفء أحضانه وحنان صوته..
وبما أنه متغيب على كل الأحوال..
فهي ستتجرع ألم غيابه حتى تعتاده!!





***********************************





" على البركة ملكة علي..
السموحة توني دريت من ابي قبل أجي المطار وإلا كان كلمته وكلمت الوالد
قلت لا رجعت كلمتكم"

كساب يبتسم وهو يجلس مع غانم حول طاولة للقهوة بعد أن قابله في المطار وهو ينهي اجراءات السفر..
يرد عليه كساب بمودة: الله يبارك فيك..
ولا تعّذر ترا الملكة توها اليوم الصبح..
وعقبالك إن شاء الله..

غانم بابتسامة: أنا لا.. تو الناس..

كساب بابتسامة مشابهة: لا تو الناس ولا شيء.. أنت أساسا أكبر من علي يا الشيبة..

حينها هتف غانم بتقصد وهو يطرق الحديد وهو ساخن:
السنة اللي فاتت خطبت عند ناس.. بس ردوني..
ومن كثر ماكنت متشفق على موافقتهم ماعاد لي خاطر في العرس كله..

حينها رد عليه كساب بنبرة مقصودة:
ترا الحال من سنة لين سنة يتغير..
ما تدري يمكن لا خطبت الحين يغيرون رأيهم...






*******************************






" يا الله يأمش..
الدكتورة كتبت لش خروج خلاص..
خلينا نرتب لش أغراضش"

جوزاء كانت تجلس على المقعد وليس على السرير وهي تبدل ملابس حسن..
همست بإرهاق: زين مابغت..

شعاع حينها هتفت برجاء: زين يمه بأروح أشوف عبدالرحمن بسرعة وأرجع.. صار لي يومين ماشفته
بأروح مع الممر الداخلي اللي بين المستشفيين وبأرجع بسرعة.. وانتو عادكم ترتبون الأغراض..

أم عبدالرحمن برفض: يمكن يكون عنده رياجيل الحين.. عدا إن رجلش توجعش
أشلون بتمشين ذا المسافة كلها..

شعاع برجاء أشد: بأتصل في أبي لو عنده حد أو لا.. الشيء الثاني رجلي ماعاد توجعني
ماشاء الله هنا ممرضة فلبينية فرتها لي رجعتها مكانها.. تقولين كن مافيني شيء..


.
.
.
.



كان يدخل مع الباب الرئيسي ويعبر الباحة
وهو يشعر بدقات قلبه تتصاعد وهو ينظر ناحية المصاعد..
يبدو أنه سيقع في غرام كل المصاعد بلا استثناء..

ليلفت انتباهه امرأة قادمة من ناحية الدرج.. وتتجه للباب الجانبي المؤدي لمستشفى حمد داخليا عن طريق قسم الدخول..

هــي.. هــي..
هــــــــــي..كاد يجن لفرط سعادته..
هي.. عرفها بالحقيبة.. وبالعرج الخفيف..
حتى لو كانت عرجاء لا يهمه.. حتى لو كانت ابنة عائلة لا تناسبه اجتماعيا لا يهمه..
فهو يعلم أنها نصيبه.. هكذا دعا ربه.. والله استجاب لدعوته..
المعجزة حصلت أمامه.. كطيف أرسله الله عز وجل له..

تبعها عبر ذات الطريق..
ولن يفلتها هذه المرة !!





*************************************





"يا الله يأمش..
خلينا ننزل لعفرا نسلم عليها قبل نطلع..
وباتصل في شعاع تنتظر عند ابيها لين نجيها..
عشان نقصر عليها المسافة"

جوزاء تتأكد من وضع نقابها وتتناول حقيبتها وهي تشد كف حسن وتهمس بمودة: يا الله فديتش..

أم عبدالرحمن بحنان: أنا قلت لهم يرتبون غرفتش خلاص..
مشتهية شيء أكلمهم في البيت يسوونه..؟؟

جوزاء بحزم: لا يمه جعلني فداش.. لأني بأروح لبيتي..

أم عبدالرحمن باستغراب: وش غير رأيش وأنتي البارحة قايلة لي إنش بترجعين معي للبيت..

جوزاء بذات الحزم: أمس كنت تعبانة شوي.. بس اليوم طيبة
وأبي أروح لبيتي..




# أنفاس_قطر#
.
.
.

 
 

 

عرض البوم صور #أنفاس_قطر#  
قديم 12-11-10, 12:16 PM   المشاركة رقم: 60
المعلومات
الكاتب:
اللقب:
VIP




البيانات
التسجيل: Jan 2009
العضوية: 117447
المشاركات: 738
الجنس أنثى
معدل التقييم: #أنفاس_قطر# عضو جوهرة التقييم#أنفاس_قطر# عضو جوهرة التقييم#أنفاس_قطر# عضو جوهرة التقييم#أنفاس_قطر# عضو جوهرة التقييم#أنفاس_قطر# عضو جوهرة التقييم#أنفاس_قطر# عضو جوهرة التقييم#أنفاس_قطر# عضو جوهرة التقييم#أنفاس_قطر# عضو جوهرة التقييم#أنفاس_قطر# عضو جوهرة التقييم
نقاط التقييم: 1255

االدولة
البلدQatar
 
مدونتي

 

الإتصالات
الحالة:
#أنفاس_قطر# غير متواجد حالياً
وسائل الإتصال:

كاتب الموضوع : #أنفاس_قطر# المنتدى : القصص المكتملة (بدون ردود)
افتراضي بين الأمس واليوم/ الجزء الستون

 





بسم الله الرحمن الرحيم
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
جعلكم الله من القريبين من الله في هذا النهار المبارك الذي يتوسط أيام مباركة
أحاطكم الله بمغفرته وجعل الملائكة تحفكم بالدعوات
.
.
.
هذه الأيام أيام مباركة فأكثروا من الدعاء والتهليل والتكبير والتحميد
ويوم عرفة يقترب لصيامه فضل عظيم والدعاء فيه مُستجاب ويكثر فيه العتق من النار
أرجوكم أن تدعوا لأخواتكم في الله جميعا
ادعوا لشقيق دانة ليبية بالشفاء
وكذلك لابن ابن عزوز
ولوالدة رفيقة السهد
ادعوا لهم جميعا بالشفاء ولجميع مرضى المسلمين..
فالمسلم مادعاء لأخيه بظهر الغيب.. إلا أمنت الملائكة وقالت له: ولك مثل ذلك
.
.
موعدنا القادم سيكون يوم الثلاثاء يوم العيد إن شاء الله.. موعد غريب ولكن لنقل أني أريد أن أحتفل بالعيد معكم..
ولأني مسافرة يوم العيد ولا أعلم متى موعد عودتي يقينا..
فكل عام وأنتم بألف خير..ومن الله أقرب وأقرب
.
.
الجزء 60 جزء طويل جدا أرجو أن تستمعوا بقراءته..
.
سبحانك اللهم وبحمدك.. أشهد أن لا إله إلا أنت.. أستغفرك وأتوب إليك..
سبحانك اللهم وبحمدك.. أشهد أن لا إله إلا أنت.. أستغفرك وأتوب إليك..
سبحانك اللهم وبحمدك.. أشهد أن لا إله إلا أنت.. أستغفرك وأتوب إليك..
.
لا حول ولاقوة إلا بالله
.
.





بين الأمس واليوم/ الجزء الستون




كانت تمشي بهدوئها المعتاد..
عدا أن كاحلها مازال يؤلمها قليلا وهي لا تريد أن تثقل خطواتها عليه..
كانت في البداية تمشي بعفوية وذهنها خال تماما..

ولكنها بدأت تشعر بالتوتر لأنها شعرت أن هناك من يتبعها..
أسرعت قدر ما استطاعت.. ولكنه أسرع كذلك..
والممر بين المستشفيين طويل جدا.. وشبه خال من المارة...


حينها سمعت ذات الهمس الرجولي العميق الهادئ الذي سمعته اليوم صباحا:
تكفين اسمعيني دقيقة..
أنا والله بأموت من الحرج.. ماسويتها وأنا مراهق أسويها الحين..

شعاع أسرعت في مشيتها أكثر وهي تشعر بالرعب والخجل وتكاد تنكفئ على وجهها.. دون أن تنظر ناحيته أبدا
بينما همس لها بضيق:
تكفين لا تحرجيني أكثر.. أبي أدري بس أنتي بنت من..
والله العظيم أن قصدي شريف..

شعاع حينها بدأت تشهق وهي تحاول الهرب..
وعلي كان على وشك التهور ليخبرها ما اسمه حتى تطمئن له..
لكنه رأى هذا التصرف خال من العقلانية تماما..
فهي قد تأخذ الاسم وتقدم شكوى معاكسة ضده.. حينها كيف سيكون موقفه أمام عمله وأسرته.. وحتى أهل زوجته المفترضة!!

علي أصر عليها برجاء أشد كما لو أن حياته كلها تتوقف على جوابها:
تكفين أنا حالتي حالة من صبح.. عقلي طار مني..
تكفين بس قولي لي أنت بنت من؟؟

شعاع بصوت مكتوم بين شهقاتها: تكفى ..أنا مرة متزوجة لا تفضحني.. لا تفضحني..

علي بصدمة كاسحة والكلمات تفر منه والدنيا تعتم أمامه وتتفجر بالسواد:
مستحيل تكونين متزوجة.. مستحيل.. ماني بغبي ونفسي دنية لذا الدرجة..
وأنا دعيت ربي.. دعيته.. مستحيل يخذلني..

شعاع تزداد شهقاتها الخافتة رعبا: والله العظيم إني متزوجة..والله العظيم
تكفى لا تمشي وراي..
تكفى لا تفضحني..


حينها توقف علي تماما.. بينما أكملت هي طريقها بذات السرعة..
كما لو أن كل عفاريت الأرض تطاردها..


وقف لأنه شعر كما لو أنه ذُبح في التو واللحظة..
ذبـحـتـه.. نحرته بدم بارد..!!

أ تكون هذه آخرته؟؟ أن يتعلق بامرأة متزوجة؟؟
هو علي النقي الطاهر.. لا يجد من بين نساء الأرض إلا امرأة متزوجة ليهبها قلبه..؟!
هو تجرأ على انتهاك حرمة ما ليس له ولن يكون حتى له.. وهو كان قد طمأن نفسه بأنه سيصلح ذنب ما ارتكبه!!
فإذا كل دروب الأمل تُغلق أمامه تماما.. تماما..


شعر أن قدميه لا تحملانه فعلا.. وهو يشعر بأنفاسه تضيق وتضيق
يتسند على أطراف الممر بثقل.. ليلاحظه شابان ماران فيهبان لمساعدته
ليسقط مغمى عليه بين أيديهما..





**********************************





" هلا والله بالغالية
أشلونش يأبيش؟؟"

كاسرة تنحني على كف جدها لتقبله وهي تهمس بحنان عميق:
لا قدك طيب أنا طيبة..

هتف بشجن: مافيه امهاب صغير جاي في الطريق يأبيش؟؟

ردت عليه بشجن مشابه: مافيه يبه.. ولا بيكون فيه..
أنا جيت وبأقعد عندكم خلاص على طول
وهذا أنت أول حد أقول له.. وطالبتك ماتحلف علي.. ولا تجرب غلاك مثل المرة الأولة..
كل الناس أقدر عليهم إلا أنت...

حينها هتف بضيق عميق: ليه يأبيش تسوين كذا.. كساب رجّال مافيه مثله!!

همست بألم: أنت قلتها يبه.. رجّال مافيه مثله..
بس أنا أبي زوج بعد وأب لعيالي..

هي هكذا كاسرة.. أرادت أن تضع النقاط على الحروف..
تعبت من اللعب بين الأسطر الذي لا يشبهها...
لم ترد أن تبدو قضيتها مموهة أو غير محددة الملامح..
بما أنها قررت الخروج من بيتها فهي لا تريد أن يصلح بينهما أحد ولا أن يتدخل أحد..
لأنها لم تقرر هذا القرار وهي تريد التراجع فيه.. أبدا..






*********************************






" يا الله شعاع وش فيش؟؟
طلعنا من المستشفى وأنتي حالتش حالة
مابغيت أسألش قدام أمي"

شعاع مازالت ترتعش من أثر مقابلتها مع (الرجل الغريب) الذي أوقفها في الممر:
تدرين جوزا.. ولد آل كساب شكل وجهه نحس علي
تونا ماكملنا 24 ساعة متزوجين والمصايب تحذف علي..
أولها ضاعت الخدامة.. ثم بغت تنكسر رجلي..
ثم تسكر علي الاصنصير مع رجّال..
وعقبه الرجّال ذا نفسه لاحقني قبل شوي وأنا رايحة لعبدالرحمن
يقول لي أنت بنت من.. وغرضي شريف.. تخيلي الوقح..

جوزا بغضب: وليش ما اتصلتي لأبي يجيش ويأدبه..

شعاع بتماسك: يا أختي أبي اللي فيه مكفيه..والرجّال أصلا يوم قلت له أني متزوجة وقف وخلاني
وأنا عقب اليوم حرمت أتحرك أي مكان بروحي..
أنتي قولي لي وش الأخبار عندش؟؟..

جوزاء تشعر بتوتر تحاول إخفاءه خلف هدوء صوتها: عادي
لقيت عمتي وعالية تحت سلمت عليهم وأنا الحين في غرفتي بأرتب شوي..
الغرفة حايسة شوي وتبي ترتيب..

شعاع بعتب رقيق: أنتي مسز كلينر ماتعرفين ترتاحين..
توش طالعة من المستشفى تعبانة..

جوزاء تبتسم: إذا شفت المكان مهوب مرتب تعبت أكثر!!





***********************************




" كاسرة أنتي أكيد استخفيتي..
يعني يوم ربي هداش ووافقتي على رجّال
وهو صدق نعم الرجّال
ما صدقتي يسافر عشان تطقين من بيته
وش ذا الخبال؟؟ "

كاسرة بحزم: يمه تكفين.. ما أبي حد يناقشني..
أنا ماخذت ذا القرار وطلعت من البيت وبلغتكم أني ماني براجعة
عشان تحاولون تقنعوني أغير رأيي..
كساب رجّال والنعم.. لا ضربني ولا هانني ولا قصّر علي بشيء
بس خلاص ماصار بيننا توافق والحياة وقفت بيننا..

مزنة بغضب: إلا بناقشش وأكسر رأسش بعد..
أنتي وش فيش متفرعنة ماكن وراش كبير..
الشيء طب برأسش سويتيه.. ما قلتي أشور أمي؟؟.. أخذ نصيحتها؟؟.
صار لش شهور عند الرجّال وعمرش ما اشتكيتي منه..
على أول موقف بتخلينه مرة وحدة..

ثم أردفت مزنة بنبرة مقصودة كما لو أنه خطر لها شيء فجأة:
أو يمكن إنش ساكتة على شيء صار لش شهور..؟؟
وكرامتش ماسمحت لش تشتكين وإلا تطلبين الشور..
وخلاص الحين ماعاد فيش صبر!!

حينها أجابت كاسرة بضيق: هذا أنتي قلتيها بروحش..
تكفين يمه لا تلحين علي..
صدقيني اللي صار بيني وبين كساب شيء خاص..
لا يروح بالش بعيد وتظنين فيه شيء شين..
بس يمه خلاص أنا ما أبي أرجع
مهوب لأن صبري خلص.. أنا كان ممكن أصبر على كساب عمري كله..
بس لأن وضعنا أنا وكساب وضع غير قابل للحل صدقيني..






******************************






" هلا والله بالخال العزيز؟؟"

نايف بمودة: هلا والله ببنت أختي العزيزة اللي باريس من عقبها ماكن فيها حد..

عالية بمرح: تدري إني اشتقت لك يا الدب!! ما أدري متى تخلص ذا الشهور الثلاثة عشان أشوف خشتش الشينة..

حينها هتف نايف بضيق: يمكن تكون أقل من 3 شهور..
برفيسوري عنده مشروع بحث كبير يبي يتفرغ له
ويقول يبي يخلص من كل طلابه قبل يبدأ فيه..
فالحين بادي يغير في مواعيد مناقشاتنا..

عالية بسعادة: زين ليش تقولها وأنت محزن كذا.. المفروض تنبسط!!

نايف بضيق: أنبسط على الخنقة والاكتئاب اللي ينتظرني في الدوحة..؟؟

حينها همست عالية بتهكم غاضب: وش رأيك زين تهاجر وتعيش في فرنسا حياتك كلها..
عشانك واحد ضعيف شخصية ما تقدر توقف خواتك عند حدودهم..

نايف بغضب: علوي تلايطي واعرفي أشلون تحشمين خالش..
يعني مادة اللسان عشانش مانتي بقدامي ألتش كف على وجهش يسنعش..

عالية بذات التهكم الغاضب: إيه وش عليه.. عليّ انفخ ريشك يا نويف..
أنت أصلا ماتقدر تنفخ ريشك إلا علي..
لكن خواتك تصير عندهم فار بين قطاوة..
يا رجّال اصطلب.. والله العظيم لا تصير حياتك كلها دمار دامك معطيهم وجه كذا..
ما أقول لك اقسى عليهم.. بس مافيه حد يسوي سواتك!!

نايف بغضب: الشرهة علي اللي كلمتش أساسا..

ثم أنهى الاتصال وهو يغلق الخط في وجهها و يشعر بضيق عميق لسبيين:
الأول أنه لا يحب أن يضايق عالية أو يحزنها.. كما لو أنه يضايق نفسه..
الأمر الآخر أنه غضب منها بينما هي محقة.. محقة تماما!!







************************************





" يمه أنا بأروح لغرفة استراحة المواليد
بأطل عليهم شوي!!"

عفراء باستغراب: تروحين ليه وأخيش هنا؟؟

جميلة بابتسامة: حاسة أني صايرة عزول 24 ساعة..
عمي منصور من كثر الزوار مايقدر يقعد عندش إلا ذا الساعة ويلاقيني صاكة عليه..

عفراء بابتسامة حانية: تعالي يا بنت بلا خبال..

جميلة رقّصت حاجبيها رفضا وهي تلبس نقابها وتغادر قبل وصول منصور..

حين وصلت لاستراحة المواليد..
انزوت وجلست في زواية الغرفة.. وانخرطت في بكاء حاد...!!!


حينها كان منصور يدخل على عفراء بعد أن تأكد من عدم وجود أحد..
تلفت حوله وهو يتساءل: وين جميلة؟؟

عفراء بمودة: راحت قريب..

حينها اقترب وهو ينحني على رأسها ويهتف بفخامة حميمية: يعني أخذ راحتي!!

ابتسمت عفراء: يعني المسكينة صادقة يوم تقول إنها صاكة عليك..

منصور توجه لسرير ابنه ليشرق وجهه وهو يقبله بحرص وحنان كبيرين
ثم يشد له مقعدا وهو يقربه لأقصى حد من عفراء وهو يشد على كفها ويهتف بمودة حقيقية:
جميلة مثل بنتي.. ولو أساسا بنتي في عمرها.. باستحي أحب أمها قدامها..
خوش دروس نوريها البنية..

ثم أردف بتساؤل: ماقالت لش شيء عن خليفة؟؟

عفراء بحزن: لا.. ذا الولد بيقعد حسرة في قلبي..
خلني لين أصح شوي وأكلمه بنفسي.. أصلا لو درا أني ولدت أنا متاكدة إنه كان كلمني بنفسه..

حينها اقترب منصور من عفرا وهو يهمس بخفوت خوفا أن تسمعه جميلة لو حضرت:
تدرين إن زايد كلّم أحمد الليلة..

حينها انتفضت عفراء وهي تسأل باهتمام:
وش قال أحمد؟؟

منصور بحزم خافت: بصراحة زعلان واجد هو وعياله..
زايد حاول فيه إنه خليفة يجي ويتفاهم معنا..
بس أبوه مارضى..
قال إنها صغرت قدر ولده اللي المفروض إنها احترمت إنه ولد عمها اللي خلى كل شيء عشانها..
وقال لو هي بغت تجي بنفسها وترجع لبيتها.. خليفة بيرجعها..
لأنه أصلا المطلقة عدتها في بيتها..

حينها انتفضت عفراء بغضب رقيق:
لا منصور اسمح لي.. صحيح بنتي الغلط راكبها من ساسها لراسها
لكن إني أخليها تروح هناك بنفسها.. لا وألف لا..
خليفة رجّال ماينقص من قدره ياتي لين مجلسك.. ثم يأخذ مرته..
حزتها بأخليها تروح معه غصبا من ورا خشمها..
لكن إني باكسر نفس بنيتي واذلها وأنا أوديها لبيتهم.. لا يا منصور لا

ما عليه هي غلطانة بس الغلط ما ينحل بغلط..
البنية عقبها مهي بقادرة ترفع عينها في حد..
آسفة منصور أنا ماعينت بنتي في الشارع..
يبيها يدل بيتنا.. وحن مانبي منه عذر.. العذر من صوبنا..
لكن إني بأجبر خليفة عليها.. وأكسر نفسها لا..

هتف منصور بحزم: أصلا أنا قلت كذا لزايد.. وزايد قبلي قاله لأحمد..
قال له الغلط من صوب بنتنا اللي هي بنتكم..
بس خليفة هو اللي لازم يجي يأخذها..
حن شيبانه وهي بنيتنا اليتيمة..
هو أدبها وزيادة يوم طلقها وهم عادهم في المطار..
والحين مهوب منقص من قدره ياتي بس للبيت ويأخذها وحن اللي بنتعذر له بعد..
أنا ما أدري عن رأي خليفة.. بس إبيه عيّا بدون نقاش..

عفراء حينها همست بضيق: منصور أنا تعبت من كل ذا..
البنية صغيرة.. وتوها طالعة من مرض..
دام هذا ردهم.. ماني بضاغطة عليها بشيء.. خل بنتي عندي..
وخلها ترجع لجامعتها وتكمل دراستها .. وخليفة يدل طريقها لا بغاها..






*********************************






" علي حبيبي وش فيك؟؟
وجهك ماصع مرة وحدة؟؟
أجيب لك عشا؟؟"

علي بإرهاق: ماني بمشتهي.. بس بأنام شوي وأقوم زين..

مزون تجلس جواره وهي تضع يدها على جبينه وتبتسم بشجن وقلق:
هذي من فرحتك بالعروس سخنت.. رأسك دافي ياقلبي..

ابتسم بألم: الظاهر كذا..

مزون تقف وهي تهمس بقلق حقيقي: بأروح أجيب لك كمادات..

شد كفها ليجلسها وهو يهتف بذات النبرة المرهقة:
مافيني شيء.. اقعدي بس.. كلت حبتين مسكن وبأقوم بكرة زين..

حينها همست بضيق: تدري إن مرت كساب خلت البيت..

علي بعفوية: عادي.. رايحة لهلها لين يرجع كساب من السفر..

مزون بذات نبرة الضيق: علي أنت تتذكر مرة وحدة راحت فيها لأهلها عشان كساب مسافر..؟؟

علي يعتصر ذهنه: ما أدري صراحة.. يعني أنا وش عرفني مرت كساب راحت وإلا قعدت!!

مزون بنبرة قاطعة: عمرها ماسوتها.. حتى لو طولت السهر عندهم..
ترجع وتنام في غرفتها.. عقب ماتمر علي مثل ماكساب يسوي..

حينها اعتدل علي جالسا وهو يشعر بدوار طفيف.. لأنه لم يتناول أي شيء منذ البارحة هتف باهتمام:
وش تقصدين يعني؟؟

مزون بألم حقيقي: أنا ما أقصد شيء.. أنا متأكدة..
لأني كلمتها أبي أشوف وينها..
ردت علي بكلام ماريحني..
إنه حن دوم خوات.. وإني أنا وابي وخالتي عفرا بنظل هلها لو مهما صار..
بعدها ماسألتها عن شيء.. لأني فهمت هي وش تقصد..

حينها هز عليّ كتفيه وهتف بثقة: ما ألومها!!

مزون باستنكار: ماتلومها.. تخلي كساب وماتلومها ؟؟!!

علي بثقة: يمكن من محبتش لكساب تشوفينه خالي من العيوب..
لكن مهما كان أخينا غالي.. خلينا نعترف إنه مليان عيوب..
يعني المرة وش تبي؟؟
تبي رجّالها يحسسها باهتمامه فيها.. إن هي الأولوية في حياته..
حتى لو ماكانت هي فعلا الأولوية وش بيضره لاحسسها بذا الشعور الحلو..
رسول الله صلى الله عليه وسلم وش وصلى في وصيته الأخيرة قبل موته.. قال:
رفقا بالقوارير..
يعني المرأة قارورة أقل شيء يمكن يكسرها..
لكن أخيش كان يتعامل مع مرته كإنها مدرعة.. يضربها بصواريخه ومايبيها تتأثر..
ثم أكمل وصوته يرتفع بغضب:
يتأخر معنا في السهر عمري ماشفته رفع التلفون وقال لها أنا بأتاخر..
عمري ماسمعته يقول لها حبيبتي في التلفون ولو حتى على سبيل الغلط..
لو صار وقلبت في تلفونه عمري مالقيت في صادر رسائله رسالة غزل وحدة لها
كلها رسايل رسمية كنها رسايل مدير لموظفة عنده..
يمكن تقولين وهي مثله.. بأقول بعد ما ألومها..
لأنه هو اللي لازم يبادر.. هو اللي لازم يحسسها بأهميتها في حياته
عشان هي تتصرف بالمثل..


حينها هتفت مزون بغضب: وانت اشفيك شايل على أخيك كذا..؟؟

علي بذات نبرة الغضب: ماني بشايل منه.. بس أقول لش لا تلومينها..
البنية عداها العيب.. وزين إنها صبرت على كساب ذا كله..
غيرها ماتسويها مع معاملته الزفت.. وخصوصا أني أسمع إن شخصيتها قوية واستقلالية..


كان يرتعش فعلا وهو يتكلم..
هاهو يكاد ينفجر حبا.. ومع ذلك يستحيل أن يعثر على من يتدفق حبه لها ليغرقها في هذا الفيض الذي أغرق روحه..
بينما شقيقه الغبي كانت أمامه على الدوام من تستحق مشاعر الوله والعشق والغرام ولكنه أضاعها من بين يديه..


قاطع حوارهما الحاد صوت زايد يدخل مع الباب المفتوح أساسا
وهو يهتف بحزم صارم: وش فيكم صوتكم طالع؟؟
مزون.. علي تعبان.. ليش ترفعين صوتش عنده؟؟

مزون تراجعت بخجل بينما علي كان من هتف بهدوء مغلف بإرهاقه بعد أن أفرغ طاقة الغضب لديه:
يبه.. مزون مالها ذنب أنا اللي احتديت في الحوار شوي..

زايد بذات الصرامة الحازمة: ووش سبب الحوار الحاد أساسا؟؟

الاثنان صمتا.. فهما لا يريدان الكلام عن مشاكل شقيقهما..
زايد أعاد السؤال بصرامة أشد..

حينها همست مزون باختناق لأنها كانت تخشى غضب والدها إذا علم بخروج كاسرة من البيت:
كنا نتكلم إن مرت كساب طلعت من البيت زعلانة من كساب..
ما أدري لو دريت أو بعد..؟؟

حينها اجابها زايد بسكون واثق: عندي خبر..
هي بنفسها بلغتني وخذت بخاطري.. عداها العيب بنت ناصر..
لكن العيب راكب أخيكم من ساسه لراسه..

حينها همست مزون بغضب: يوم أنت وعلي كلكم حاطين كساب الغلطان
هي اشتكت لك إنه سوى لها شيء..؟؟

زايد بثقة: أبد.. ما قالت عنه إلا كل كلمة طيبة..
وكذا المرة الأصيلة ..لا اختلفت مع رجالها ماتروح تفضحه وتفضح روحها..
بس أخيش أعرفه.. وكنت عارف إنه مهوب مرتاح لين تطفش منه..

مزون حينها همست بيأس: زين والحل؟؟ كساب راح وهي في البيت..
يرجع مايلقاها..؟؟

زايد بحزم: بكرة بأروح لها بنفسي.. وبأحاول أرضيها..
عشانها وإلا أخيش مايستاهل...





***************************






" يا الله حبيبتي أنا آسف على التأخير
توني نزلت عبدالله في بيتهم وجايش الحين
متشفق على شوفت قصة شعرش الجديدة"

نجلاء بخبث رقيق: من قال لك فيه قصة شعر جديدة؟؟

صالح باستغراب: أنتي اليوم قلتي لي بأروح أسوي تغيير في شعري؟؟

نجلاء بذات لخبث الرقيق: التغيير مهوب لازم يكون قصة أحيانا صبغة!!

صالح بصدمة: نعم؟؟ صبغة؟؟ أنتي أكيد استخفيتي!!

نجلاء بانكماش: ليش؟؟ أنا استاذنتك وأنت رخصت لي!!

صالح بغضب متفجر: لا لا تكذبين علي.. أنا رخصت لش تغيرين قصة شعرش لو بغيتي بس.. مهوب تصبغينه..

حينها همست نجلاء بحزم غاضب: زين وأنا صبغته .. وش صار؟؟ انتهى الكون؟؟ وش بتسوي يعني؟؟

صالح انفجر تماما بغضب: أنا بجيش الحين وأرويش نهاية الكون أشلون..
زين يا نجيل..زين
إذا مارويتش شغلش الحين ما أكون ولد خالد آل ليث!!
والله وطلع لش لسان بعد..




******************************************





كان يدخل إلى غرفته بخطوات ثقيلة مرهقة وفي وقت متأخر قليلا..
البارحة عاد مبكرا من أجل حسن..
لكن الليلة لمن يعود؟؟
فهي خرجت من المستشفى الليلة وأخذت حسن معها..
وهو ليس أمامه سوى تجرّع ليالي طويلة من الوحدة والمرارة..


في استغراقه في أفكاره المؤلمة لم ينتبه كيف الغرفة تلمع كما لو أن صاحبتها فيها..
مفرش السرير الذي تم تغييره.. والذي عودته جوزا أنها لابد تغيره في الأسبوع مرتين..
الرائحة العطرية الدافئة والناعمة والخفيفة التي تفوح من مبخر الزيت العطري
والتي تحرص جوزاء على استخدامها بدلا من البخور لأنها لا تضايق تنفس حسن كالبخور..
وفي كل الأحوال حتى لو استخدمتها لابد أن تغلق باب غرفة حسن حتى تطفئها
كما هو مغلق الآن..


ولكن إن كان لم يلاحظ كل هذا فهو بالتأكيد سيلاحظ المخلوقة التي تجلس أمامه تماما على الأريكة..
كانت ترتدي فستان صيفيا مشجرا بألوان ناعمة هادئة بأكمام قصيرة ويصل طوله لمنتصف ساقيها ..
كما لو أنها بهذا الفستان الناعم المحايد ترسل له رسالة مشابهة.. هادئة ومحايدة..


لم يعلم بماذا يشعر حين رآها.. الشعور بالصدمة حصل وانتهى..
ولكنه لم يعلم هل هو سعيد أو خال تماما من الإحساس؟؟
مجروح منها مجروح حتى النخاع.. ومرهق من كل شيء في الحياة حتى نخاع النخاع!!


لماذا عادت؟؟ لماذا؟؟
هل لأنها حامل؟؟ أم حتى لا تضايق والدها؟؟
لا يريد أن يكذب على نفسه بأي أمل.. ويقول إنها عادت من أجله..
فهي قبل يومين عرفته حجمه تماما.. وهي تصفعه بطلب الطلاق في أكثر وقت احتاجها فيه في حياته ..
وهي تثبت له بذلك ضآلة قيمته عندها!!


سلّم.. وردت عليه السلام بتوتر..
سألها بسكون: أشلونش الحين؟؟ إن شاء الله أحسن..؟؟

همست بذات التوتر وهي تشعر باختناق حقيقي.. فهي توقعت أن يكون عبدالله أكثر سعادة برؤيتها:
الحمدلله زينة..
ثم أردفت بتوتر متردد: وأنت وش صار على قضيتك؟؟

حينها أجابها بنبرة سخرية مبطنة: الحمدلله انتهى كل شيء وبأسرع مما توقعت..
اليوم صدر طلاق نهائي غير قابل للاستئناف هناك في أمريكا
وراشيل رجعت نيويورك الليلة.. خلصت انتهيت منها نهائيا..
شكرا على السؤال.. ماقصرتي..


فهمت جوزا تلميحاته المبطنة.. وآلمتها.. ألمتها كثيرا..
لو أنها لم تصده قبل يومين.. لم يكن أي شيء ليتغير عليها
فهي على كل الأحوال كانت في المستشفى.. وكل ما احتاجه هو إحساسه بمؤازرتها معنويا لا فعليا..

تناول غترته عن رأسه ليضعها في السلة.. لكنها تناولتها من يده وهي تهمس بنبرة مقصودة مثقلة بالشجن:
تراني جيت وأنا ما أدري إن قضيتك انتهت..
ولا إنها سافرت.. جيت من المستشفى هنا على طول..

أجابها بسكون وهو يستعد للمغادرة : مشكورة.. ماقصرتي بعد..

أمسكت بمعصمه وهي تتساءل بألم: ليش تكلمني كذا؟؟

حينها انفجر بغضب مكتوم وهدوءه الظاهري كله ينهار:
أشلون تبيني أتكلم.. تبيني أركع وأحب أرجيلش
عشانش تكرمتي ورجعتي لبيت رجالش وأنتي تمنّين عليه بالرجعة بعد.. كنش تفضلتي عليه يوم رجعتي..
أشلون تبيني أتكلم.. تبيني أقول أنا طاير من الوناسة لأنش عبرتيني عقب مامرمطتيني ذا الشهور كلها..
أقول أنا باستخف من الفرحة لأنش فكرتي مرة وحدة فيني..
أنا تعبت يا جوزا.. تعبت.. سبع شهور وأنا بأموت في انتظار ابتسامة رضى وحدة منش وانتي شاحة فيها..
وآخرتها وش احتجت منش.. بس توقفين معي لين تنتهي مشكلتي.. طردتيني من عندش مثل الكلب..
قولي لي يام حسن.. عقب ذا كله أشلون تبيني أتكلم..

حينها انفجرت هي أيضا.. فإذا كان هو محمل بمرارة سبعة أشهر ويراها طويلة!!
فهي محملة بمرارة عشرات وعشرات الأشهر:
حرام يا أبو حسن.. تصدق كسرت خاطري.. سبع شهور تعاني مني؟؟..
صدق إني مجرمة وماعندي إحساس..
ليه؟؟ لأني أنا ماعندي سالفة..
وش جاب سبع شهور لأربع سنين.. السبع شهور أكثر بواجد..
أربع سنين وأنا في اليوم أسأل نفسي ألف مرة.. أنا وش سويت عشان تسوي فيني كذا..
أربع سنين وأنا ماتمر ليلة أشم نفسي وأقول ريحتي خايسة..عبدالله قال لي كذا.. وعقبه هرب مني..
أربع سنين وأنا أموت بحسرتي كل ليلة.. بنت صغيرة عمري كله انخطف وتبخر عشان تمثيليتك..
ترملت وضاعت دراستي.. وشخصيتي انقلبت 180 درجة.. وبيدي طفل صغير مايمل كل ليلة يسأل عنك
وأنا أحكي له عشرات السوالف عن حبيب مالقيته وعن أبو مالقاه..

عبدالله بغضب مثقل بالشجن: والأربع سنين هذي أنا كنت قاعد ألعب ومستانس؟؟
لو أني سألتي نفسش في اليوم ألف مرة أنا متت في اليوم ألف مرة وأنا أحلم بس أني أشم ريحتش ولو مرة قبل أموت..
لا صورتش ولا خيالش فارقوني دقيقة كأن ربي يعذبني بش..
ولا تحورين الحقائق.. أنا كنت أقول لش طهري جسمش مني
لأني شايفش شيء طاهر وأنا عقب راشيل مخلوق نجس..

جوزا بذات الغضب المتفجر: وأنا كنت بأفهم ذا الشيء بنفسي.. وأنت هربت وخليتني بدون ماتشرح لي شيء..
زين أنت رحت ووراك زوجة.. ما سألت نفسك هي حملت.. وش صار لها؟؟
وإلا بس كنت أنا عندك وناسة ساعة ومافكرت في اللي بيصير فيني..
يعني بعت الدنيا عشان ولدك اللي هناك..
وأنا وولدك اللي هنا مافكرت فينا..
يوم أنت رحت هناك عشان ولدك.. وتقول خايف عليه من أمه مثل ماقالت لي عالية..
ليش ماجبته هنا.. والله العظيم كنت ربيته مع حسن ومثل حسن وبدون ما أفرق بينهم لأني باعتبره طفل يتيم..
لكن لا.. ولد الأمريكية الشقرا كان عندك غير.. وش جابه جنب ولد جوزا..
عشانه بعت الدنيا وبعتني أنا وولدك فوقهم..

عبدالله بغضب: وأنا وش عرفني؟؟ وش عرفني أنش حملتي وجبتي ولد؟؟

جوزا بغضب متزايد: لا والله.. وأنا حملت من الشارع..!!
يعني ياحضرة المهندس المتعلم الفاهم.. صار بيننا اللي بيصير الأزواج..
يعني ماراح تحط في بالك لو احتمال واحد في المية عن نتيجة ذا الشيء..
لكن ليش تفكر في ذا الشيء أنت بايع بايع ومافكرت في النتايج..
زين خلك مني.. فرضا أنا ماحملت..
هلك أمك وابيك واخوانك اللي كانوا بيموتون عقبك مافكرت في حد منهم..

عبدالله بغضب مثقل بالقهر: جوزا لا تلوميني لأني لمت نفسي قبل ماحد يلومني..
ولمت نفسي ألف مرة أكثر من اي واحد فيكم..

حينها همست جوزا بمرارة: وأنت بعد لا تلومني.. لا تلومني..

عبدالله حينها انحدر صوته لهدوء عميق: زين أنتي وش تبين ذا الحين؟؟

همست بذات المرارة وهي تتجه لخزانتها وتنتزع منها بيجامة: ما أبي شيء
أنت بعد مشكور وماقصرت..
بأروح أرقد عند ولدي..





************************************************





كان ثائرا بالفعل وهو يصعد الدرج بقفزات سريعة.. ويحاول أن يتحكم بغضبه حتى لا يتهور أو يرتفع صوته فيسمعه ابنيه..
كان يحاول أن يتخيل كيف أصبح شعرها بلون مصبوغ.. بعد ان اعتاد على أمواج العسل التي يذوب فيها..
وفي ختام الأمر يعلم يقينا أن صبغها لشعرها لا يهمه لتلك الدرجة حتى ولو كان مغرما بلونه الأصلي..
فنجلا هي نجلا حبيبته وأم أولاده سواء بشعر أشقر أو أسود..
ولكن ما يغضبه هو تعمدها لإغضابه..


حين دخل كانت الصدمة الحقيقية تنتظره..
كانت أمواج العسل.. كما يسميها.. بانتظاره كما تركها اليوم عصرا..
كل ماهنالك أنها ازدادات فتنة وإغراء بلفات لولبية أنيقة تتناثر على قميص نوم جديد..
وصاحبتهما ثائرة تماما وهي تستخرج ملابس صالح وتضعها على السرير..
حين رأته صرخت بثورة:
الملابس هذي تكفيك الليلة وبكرة لين أرتب باقي ملابسك في غرفة الضيوف..

رد عليها صالح بغضب: نجلا وش ذا الخبال؟؟

نجلا بغضب مشابه: كيفي.. كيفي.. يأخي ماني بطايقة أشوفك قدامي..
وما أبيك تنام معي في غرفتي..
الحين فرضا أني استخفيت وصبغت شعري وش اللي صار..
ماعادني بنجلا.. صرت وحدة ثانية.. وإلا خلاص ماعاد فيني شيء تحبه إلا ذا الشعر..
بغيت تأكلني عشاني قلت أني صبغته..
أنا ماصبغته عشاني مهوب عشانك.. لأني استاذنتك وأنت قلت ماعليه..
مادريت أنك تدور علي سبب..

صالح بغضب أشد وهو يكتم صوته: نجلا بلا خبال صدق..
أنتي عارفة عدل إن غلاش واحد شعرش أصفر وإلا أحمر وإلا حتى قرعاء ماعندش شعر..
بس أنتي صايرة استفزازية بشكل.. ماترتاحين لين تطلعيني من طوري..

نجلاء وصل غضبها لأقصى حدوده: خلاص وش مصبرك علي..
طلقني دامني صايرة هم على قلبك كذا!!
طلقني دامني صايرة مغثة كذا وأنت منت بطايق تستحملني!!

صالح لم يرد عليها وهو يتجاوزها ويتناول ملابسه عن السرير
ويخرج وهو يغلق الباب خلفه بحزم غاضب..
لتفجر هي في بكاء هستيري غير معقول وهي تلكم كل شيء حولها..






****************************************





"أعلم أنه عاد قبل ساعة ولكنه لم يحضر إلى غرفتنا حتى الآن
هل علم بمشكلة كاسرة وهذا مايعطله في الأسفل؟؟"


سميرة منذ تلقيها لهدية تميم اليوم عصرا وهي متوترة تماما..
وتشعر أن الوقت يجري بسرعة وموعد عودته يقترب بسرعة خرافية..
فهي متوترة جدا من لقائه بعد تلقيها هديته التي تشعر أنها غير بريئة أبدا..
رغم أنها جميلة جدا ووقعت في غرامها فورا !!


تزفر بتوتر.. لا تعلم كيف ستقابله؟؟
أو ماذا ستكون ردة فعله؟؟
وحين رأته تأخر.. تمنت أن تشغله قضية كاسرة قليلا عنها..
وكان لها ما أرادت تماما.. حين دخل كان يرتسم على وجهه علائم الهم..
أشار لها بالسلام وهو شارد..
وردت عليه بإشارة متوترة..

لم يعاود الإشارة لها وهو يدخل للحمام ويستحم ثم يصلي قيامه ويقرأ ورده وهي تراقبه في كل هذا من تحت أهدابها وهي تتشاغل بتحضير بعض دروس الأسبوع القادم على الحاسوب
رغم أنها تشك أنها شرحت درس الصف الثالث للصف الثاني أو ربما خلطت الدرسين في درس جديد..
فهي لم تكن تعلم ما الذي كانت تخلطه..
حين انتهى توقعت أنه سيتمدد على أريكته بعد أن أعدتها له ورتبت فراشه..
بينما كانت هي تجلس على المقعد المنفرد..

جلس بالفعل على الأريكة ولكنه قبل ذلك انحنى عليها قليلا لترتعش سميرة بعنف
ثم ترتعش بشدة أكبر وهو يلمس نحرها بأطراف أصابعه بخفة
ثم يجلس مكانه ويشير وعلى وجهه علائم التلاعب اللطيف وهو يشعر تماما بارتعاشها: ليه ما لبستيه ؟؟ وإلا حرام علي أشوفه عليش؟؟

تجمدت تماما دون أن تشير له بشيء
وهي تشعر أنها قد تنفجر باكية في أي لحظة من شدة شعورها بالتوتر الذي خالطه الحرج..

حينها هز كتفيه وهو يشير ببساطة: مابه عجلة.. العمر قدامنا طويل إن شاء الله
أشوفه متى مابغيتي تلبسينه..

أنهى إشارته ثم تمدد رغم أنه لم يكن يريد مطلقا التمدد..
كان على الأقل يريد لو يتحاور معها قليلا..
فهو مهموم من كثير من الأشياء وآخرها مشكلة كاسرة.. ويشعر بحاجة ماسة لنفض بعض همومه
ولكنه لم يرد أن يثقلها عليها وهو يرى كيف احمرت عيناها فجأة وكأنها تريد منع نفسها من البكاء..

تنهد بألم في داخله..
"لماذا تبكي؟؟
كل ما أردته هو إسعادها.. أو ربما ماعاد شيء من ناحيتي يُشعرها بالسعادة..
بل كل ما يرتبط بي يشعرها بالألم والهم.."


سميرة نهضت بالفعل
لتندس في سريرها وتدفن وجهها في المخدة لتبكي فعلا
وهي لا تعلم فعلا لماذا تبكي..
ولكنها تشعر بالتوتر والكثير من الانفعال..
ولا تستطيع التعبير عما داخلها سوى بذرف بعض الدموع علها تريحها...





************************************






" علي يأبيك وش فيك؟؟
مهيب عوايدك ثقل النوم كذا
بالعادة ألقاك قبلي في الصالة تنتظرني عشان نروح لصلاة الفجر"

علي يفتح عينيه بتثاقل وهو يهمس بصوت مرهق تماما:
أعوذ بالله منك يا أبليس..ما أدري وش فيني.. مافيني حيل كلش..

زايد بحنان عميق بنبرته الفخمة الخاصة: زين قم.. قم يا أبيك..
قم توضأ وأنا بأنتظرك..

علي حاول الوقوف ليهوي من إحساسه بدوار حاد جعله يفقد توزانه..
زايد أسنده بقوة وهو يهتف بقلق حقيقي:
لا.. منت بطبيعي.. قوم نروح المسجد.. ومنه بنطلع للمستشفى..

علي بسكون مرهق: يبه مافيني شيء.. بس عشان آخر شيء كلته البارحة الأولة..
إذا رجعت من المسجد تريقت وبأكون زين..

زايد يتصل وهما خارجان بالخادمات ليجهزن الفطور حتى يكون جاهزا فور عودة علي..

وهما يجلسان على طاولة الفطور الذي بالكاد لمسه علي.. هتف زايد بنبرة مقصودة:
يعني أمس كله ماكلت شيء.. وهذا اللي كلته الحين..

علي بمودة: والله أني شبعت فديتك..

حينها هتف زايد بغضب: لا ما شبعت.. والله إن قد تكمل الصحن اللي قدامك..

علي ابتلع الطعام رغما عنه وهو يشعر به كما لو كان يبتلع حجارة.. براً بحلف والده..
ولكنه سرعان ماقفز ليتقيأه كله..

زايد قفز وراءه وهو يناوله كأسا من الماء ويهتف بقلق مرتعب:
أنت اشفيك.. مقروف من الأكل.. وديتك لرجّال يكويك..

علي يمسح وجهه وهو يرتشف جرعات من الماء ثم يهمس بسخرية موجوعة:
لو اللي فيني ينفع فيه الكوي.. كان قلت لك ودني.. وخلهم يكونني من رأسي لرجلي..

زايد يشد علي لغرفة الجلوس ليجلسا على الأريكة وهو يهتف بحزم أبوي بالغ:
علي قول لي الصدق.. أنت تاكل شيء يضرك؟؟

حينها ابتسم علي بإرهاق: أنت وولدك واشفيكم علي.. كنكم توكم تعرفوني
هو يقول لي أنت دروبك دروب خمل وتعرف نسوان؟؟..
وأنت تقول لي تاكل شيء يضرك... يعني ماتعرفني؟؟ أنا تربية من يازايد؟؟

زايد بألم أبوي: الدنيا مليانة بعيال وبنات الحرام.. خايف إن حد يكون جرك لشيء مهوب زين..
حالك مهوب عاجبني انقلب فجأة 180 درجة.. والدكتور أمس يقول مافيك شيء..

علي ابتسم وهو يقف ليقبل رأس والده ويهتف باحترام: تكرم لحيتك ولحيتي من الردا يأبو كساب..

حينها هتف زايد بنبرة مقصودة: أنت تملكت من هنا انقلب حالك من هنا..
يا أبيك أنا ماغصبتك على العرس.. والبنت أنت مختارها بكيفك..
وش اللي صار لك يأبيك في يوم واحد؟؟

حينها أجابه علي ببساطة موجوعة كما لو كان يقرر حقيقة أزلية لا نقاش فيها:
اللي صار أني عاشق وفي يوم واحد عن ألف سنة.. واليوم أدري إنه بيصير عن ألفين سنة..
وكل يوم بيمر أدري إن عشقها بيزيد في قلبي مقدار ألف سنة..

انتفض زايد بصدمة كاسحة كما لو كانت لسعته حية:
تحب وإلا عاشق؟؟ فيه فرق عود يا أبيك..

علي بذات البساطة الموجوعة: عاشق ومتيم ولو فيه وصف تعرفه أكثر منهم قوله لي..

حينها هتف زايد بحزم بالغ الصرامة: أنا عمري ماسمعت عن عشق يطلع في يوم واحد..
لكن دامك مقتنع فاسمع كلام يجمد على الشارب..
بنت فاضل بتأخذها بتأخذها.. وبتحشمها وتقدرها غصبا من ورا خشمك..
عقبها لو بغيت تعرس وتاخذ اللي تبي ماني برادك.. بس تكون وحدة من ثوبك وثوبنا..
ولين ذاك الوقت أنا داري أنك منت مسوي ينقص من دينك ولا أخلاقك..

علي وقف وهو يهتف بألم عميق: لا ثوبي ولا ثوبك.. أصلا البنت ذي مستحيل أخذها..
ولا تخاف بأخذ بنت فاضل الله يعينها على ما ابتلاها..
والله يغفر لي عظم خطيتي في حقها وحق ربي ونفسي قدامها..


مع وقوفه عاوده شعور الدوار ليجلس مرة أخرى بينما زايد يهتف بحزم وهو يوقفه:
قوم نروح المستشفى.. ماعلي منك.. مستحيل أخليك كذا..
خلهم يركبون عليك مغذي.. وعقب بأكويك على القرفة..



مابه علي؟؟ مابك ياعلي؟؟ ما بكِ أيها القلب الطاهر الشفاف؟؟
أ تكون قد أصبت بـ "مرض العشق" الذي تحدث عنه كثيرا أطباء العرب القدامى..؟؟

وكان أول من تحدث عنه وحدده "أبقراط" اليوناني الملقب بأبي الطب..
ثم بعد ذلك فصّل فيه أطباء العرب مثل:الرازي وابن سينا والبغدادي وغيرهم..

ويمكن تلخيص أعراض وعلامات مرض العشق كما ذكرها الأطباء المسلمون القدامى:
بالنحول وقلة الشهية وغؤور العين مع سماكة الجفن وحب العزلة وكثر التنهدات والشهقات
واضطراب النبض وتسارعه خاصة عند ذكر المعشوق أو أي شيء يتصل به...

ومشكلة علي التي لا حل لها ظاهريا أن الأطباء العرب المسلمين الذين تحدثوا عن مرض العشق

اتفقوا أن أفضل علاج لهذا المرض هو الجمع بين العاشق والمعشوق
وذلك على نحو تبيحه الشريعة حتى تسكن روح العاشق القلقة الملتاعة..
لأن كثرة تفكيره بمعشوقته وبعدها عنه يؤدي لانحدار مختلف أجهزته الجسدية والعصبية..

ولكن في حالة علي وهو يظن نفسه لن يجتمع بها أبدا..
بل يرى مشاعره ناحيتها محرمة عليه..
كيف سيكون حاله؟!!
كــيــف ســـيــــكـــون حـــالـــه؟؟








**********************************






" خوش صباح وأنتي معنا تريقين
بس كان ودنا أنش قاعدة عندنا شوي ومفارقتنا عقب..
يا العمياء وحدة عندها رجالش وتفرط فيه؟؟ "

كاسرة تحاول ارتشاف كأس الكرك وهي تشعر بجلاوته تتحول لمرارة وقفت في حلقها
وتجيب بابتسامة مصطنعة: أمي إذا هذرتي كذا الصبح.. ماتقول لش عبارتها الشهيرة (اصطبح يا صبح)؟؟

سميرة تضحك: يوووووووه كل يوم تقولها لي لين عجزت..
يا الله مافيه تهربين من الجواب.. علمينا وش سوى رجالش المزيون وزعلش عشان نقطّع أذانيه..؟؟

حينها تدخلت وضحى في الحوار وهي تجيب بثقة: سميرة شكلش مابعدتي عرفتي كاسرة
دامها ماتبي تقول وش سبب زعلها من رجّالها مستحيل تقول حتى لو قعدتي تلحين عليها مية سنة..

سميرة مازالت تضحك: إلا شكلش أنتي وأختش ماتعرفون حنة سميرة اللي على مستوى
أنا مهوب بس أحن.. أنا أدخل في المخ بحنتي لين أوصل للي أبيه..

كانت تضحك وهي ترى تميم ينزل الدرج وجبينه معقود لتشرق وتكح..
حينها ابتسمت كاسرة فعلا بشفافية: تعيشين وتأكلين غيرها
هذا كله ماتبين أخي يعرف شدوقش وش وسعها؟؟

سميرة تحاول أن تبتسم وهي تهمس باصطناع: أنتي الظاهر تبين الرجّال يطفش ويخليني لا شاف قاع بلاعة حلقي مع ضحكتي..

تميم سلم ثم جلس.. وهو يشير لكاسرة بحزم:
البارحة جيتش لقيتش تسبحين.. تحبين نقوم لمجلس النسوان نتناقش؟؟

كاسرة أشارت له بثقة: مافيه حد غريب عشان نقوم.. الثنتين خواتي..
هذا أولا..
ثانيا: مافيه شي نتناقش فيه أصلا.. أنا ما أبي أرجع لكساب وهذي حريتي الشخصية
ومع احترامي الشديد لك تميم لكن مافيه شيء بيغير رأيي..

حينها أشار تميم وهبى وجهه ترتسم علائم غضب:
يعني تبين أخليش تهدمين بيتش وماتبين حد يناقشش حتى..؟؟

كاسرة بذات الثقة الساكنة: أرجوك تميم لا تضغط علي وتحرق أعصابك
وأنت عارفني زين ما أغير قراري لا قررت شيء بعد تفكير..

حينها كانت مزنة تدخل من ناحية باب المطبخ وهي تحمل صحنا بيدها وترى إشارة كاسرة لتميم..
وضعت الصحن على الطاولة وهي تشير وتهتف بصوت مسموع ونبرة مقصودة:
إيه تميم لا تقول لها شيء ولا حتى تسألها عن شيء
لأنه حن الظاهر ساكنين في فندق ومالنا حق نسأل النزلاء عن خصوصياتهم..

سميرة شعرت بحرج ما وهي لأول مرة في هذا البيت تشهد هذا الحوار الحاد الناتج عن موقف مشكلة حقيقي..

وضحى وقفت على الحياد كعادتها احتراما لمن هم أكبر منها ويتناقشون في موضوع لا يخص أحدا سوى كاسرة..
وهي رغم إعجابها بشخصية كساب كوالدتها إلا أنها تعلم أن كاسرة لن تخرج من بيتها إلا لسبب كبير..

كاسرة أجابت بحزم: ليه يمه أنتي متضايقة مني ومن قعدتي عندكم.. رحت قعدت عند عمتي.. هذي هي في البيت بروحها مامعها إلا شعاع..

مزنة بغضب حقيقي: هذا اللي قاصر يا بنت بطني!!
اطلعي من بيتش وتعزبي العرب..!!

كاسرة بذات الحزم: وش أسوي دام أنتو ماتبون تحترمون قراري..
ثم أردفت وهي تنظر لتميم وتشير بحزم: تميم أنت متضايق من قعدتي في بيتك؟؟

تميم أشار باستنكار: أفا عليش.. أنتي الداخلة وحن الطالعين..
وإن ماشالتش الأرض أشيلش فوق رأسي..
بس أنا أبي مصلحتش!!

كاسرة بحزم: وأنا أعرف مصلحتي زين..
واسمحوا لي بأروح لدوامي..




***********************************




" يبه جعلني فدا خشمك
عطلتني عن الروحة للدوام بروحة المستشفى اللي مالها داعي
يا الله جعلني الأول نزلني في دوامي ماعندي وقت أرجع للبيت وأخذ سيارتي
وعقب بأخلي واحد من سواقين الوزارة يرجعني"

زايد يشعر بقلق عميق يخفيه خلف حزم صوته:
زين اليوم نروح نكويك على القرفة.. لأنك داري إن القرفة ماتبين في تحاليل المستشفى

علي ببساطة: إذا بيريحك ذا الشيء.. حاضر.. نروح اليوم وأكتوي..
مع أني قلت لك إن الكوي مهوب نافع..

حينها هتف زايد بشجن: اسمعني يابيك.. يمكن مافيه حد حب وعشق مثل أبيك..
أبيك عاشق قديم.. بس يأبيك أبي أدري وش علاقة الحب بالأكل..
ثم ابتسم: كنت أكل ومافيني إلا العافية وعمر الحب ماسد نفسي من الأكل..

علي ابتسم بمودة: شكلك يبه حبك في مخباك ماشاء الله..

كم هي شفافة العلاقة بين هذا الوالد وابنه!!
وهما يتحاوران كما لو كانا صديقان حميمان من عمر واحد..
وكل منهما يشعر بالآخر على ذات المستوى من القوة..

هتف زايد بحزم: دامك تقول إن ذا اللي أنت تحبها وما رضيت تعلمني من هي
منت بماخذها.. فأنت لازم تشوف حل لنفسك يأبيك
مايصير حالتك كذا!!

علي بشجن: ووش الحل عندك يبه؟؟

هتف زايد بشجن مشابه: ذكرتني ببيت الشعر القديم يم كان العاشق يسأل الأصمعي:
أيا معشر العشاق بالله خبروا.....إذا حل عشـق بالفتى ما يصنع؟
فرد عليه الأصمعي بالحل اللي لازم أي رجّال يسويه:
يداري هواه ثم يكتم سـره.....ويخشـع في كل الأمور ويخضع


ثم صمت زايد دون أن يكمل الحكاية وهو يشعر بحرقة غريبة أنه تذكر هذه الحكاية دون سواها..


حينها هتف علي بنبرة مقصودة: وش فيك يبه سكتت ماكملت السالفة..
تراني أنا بعد أعرفها.. وإلا عشان تاليها مايناسب الفكرة اللي كنت تبي توصلها لي..
الولد العاشق يبه رد على الأصمعي:
وكيف يداري والهوى قاتل الفتى ..... وفـي كل يـوم قلبـه يتقطع ؟

فالأصمعي رجع ورد على الولد:
فإن لم يجد صبرا لكتمان سره ...... فليس له سوى الموت ينفع

فلقوا الولد مات فعلا وجنبه مكتوب:
سـمعنا أطـعنا ثم متنا فبلغوا...... سـلامي لمن كان للوصل يمنع


زايد بغضب: أمحق سالفة.. وامحق رجّال يذبحه حب مرة..

علي ابتسم: يبه أنت جبت أول السالفة وأنا جبت تاليها..
ثم أردف برجاء: يبه أنا أبي أروح العمرة... ضايق خاطري وحاس الهم راكبني..
ويمكن الله يغسل نفسي من حبها لا جيته عاني لبيته..

زايد بمودة مصفاة: أبشر يأبيك.. الحين بأكلم مدير مكتبي يسوي لنا الحجز الليلة
بس خلني أول أروح لمرت كساب العصر ثم نودي أختك لبيت عمك..
وحجزنا إن شاء الله على الليل..
والحين انزل يأبيك وصلنا دوامك..







************************************




" غريبة الباشمهندس جاينا لمكتبنا..
بالعادة مكلبش في شغلك ماتطلع منه"

عبدالله يبتسم وهو يجلس على المقعد المقابل لمكتب صالح:
كان عندي شغل قريب منك قلت أمر وأسلم..

صالح يبتسم: زين شفناك تنشرح نفسي على الصبح
من يوم قمت اليوم وأنا أهاد ذبان وجهي..

عبدالله يضحك: الله يعين ذا الذبان علينا.. ومن سمعك
اليوم يمكن مابقت ذبانة في الدوحة ماتهاديت معها..

أجابه صالح بخبث: أم حسن.. صح؟؟

عبدالله بخبث مشابه: لا تذاكى علي.. لأني بأقول لك.. أم خالد.. صح؟؟

تنهد صالح: الله يعين.. نجلا صارت لا تطاق.. ما تنتحاكى..
أكيد حد طاسها عين على ثقلها وزانة عقلها..
عشر سنين من يوم خذتها.. عمري مانقدت عليها في شيء..
إلا المنقود كان من صوبي.. وهي اللي كانت صابرة علي..

عبدالله ابتسم: يمكن تكون حامل وتتوحم.. وعشان كذا شخصيتها متغيرة عليك..
تدري الهرمونات لا اختبصت خبصت المرة معها..

صالح يهز رأسه رفضا: يا ليت.. كان قلت اخبصيني على كيفش.. ولاني بمشتكي..
بس لا.. الله يرزقنا عاجلا غير آجل يمكن تقر وترتاح..
ثم أردف بتساؤل مهتم: إلا بما أن مرتك أنت اللي حامل..
الوحم هو اللي ممشكل بينكم..؟؟

جاء دور عبدالله ليتنهد: لا طال عمرك.. أنا وام حسن سالفة عويصة شويتين
الله يزينها من صوبه..

يتذكر عبدالله كيف كانا هو وهي اليوم صباحا..
وكل واحد منهما يتحاشى مجرد النظر للآخر..
مع أنه من المفروض ألا يكون بينهما كل هذا التعقيد مادام كل واحد منهما صرخ بالآخر وأخرج كل حرقته
ليصبح كل مابينهما واضحا تماما..

ولكن ماحدث أن مابينهما تحول لكتل من مشاعر متشابكة معقدة
لا يعلم كيف يستطيع تفكيكها وهو يشعر بكل هذا الإرهاق والاستنزاف الروحي..





*************************************




" الحين أبي أدري وش المصيبة اللي صارت
جايبتني من الدوام دايركت هنا"

نجلاء تنفذ عن ذراعيها وهي تهتف بهمة: مهوب عاجبني ترتيب غرفتي وغرف عيالي..
أبي أغير أماكن السراير والكباته بعد وعقب ارتب الملابس من جديد..
قلت تجين تساعديني والخدامات معنا..

سميرة تلقي حقيبتها على السرير وتتمدد وهي تهتف بتأفف مرهق باسم:
صدق إنش اسنخفيتي والفاضي يعمل قاضي..
أنا حسبت بجي بألاقي صويلح مسوي وجهش حلبة مصارعة على صبغة الشعر
لقيتش لا صبغتي ولا شيء..محزمة رأسش كنش في معركة
ولابسة لي بنطلون جينـز وكرشش ناطة قدمش شبرين..

نجلا بجزع وهي تنظر لبطنها: أنا كرشي شبرين ياقليلة الحيا..

سميرة انفجرت من الضحك: عاد لا تقولين ما لاحظتي الزرار اللي مارضى يتسكر من كبر كرشش..
وإلا السحاب اللي بينفجر ما أدري أشلون تسكر أصلا.. أكيد تسكر بعد تعذيب من الطرفين..
أنتي عذبيته وهو عذبش..

حينها همست نجلا بضيق: بس يا الخبلة.. أنا أصلا ملاحظة من فترة أني ماتنة مع أني ذبحت روحي ريجيم بس بدون فايدة..
ظنش إن صالح لاحظ أني ماتنة..؟؟ مع أني كلش ماعاد ألبس ضيق عنده..

سميرة تضحك: أكيد لاحظ.. ظني الجيران لاحظوا عن بعد كيلوين..
أنا بصراحة صار لي فترة ماسكة روحي لا أعلق.. لأني أدري تموتين لا حد طرا أنش لش كرش..
بس عاد مع بنطلون الجينـز هذا مالش حل صراحة.. ماقدرت أمسك روحي..

حينها انفجرت نجلا باكية وهي تجلس على السرير وتدفن وجهها بين كفيها..
سميرة اعتدلت بجزع وهي تقفز بجوار نجلا: أفا يأم خويلد.. هذا وأنتي أساسا دمعتش بعيدة.. وما يبكيش إلا الكايد
تضحكين من تعليقات وحدة خبلة مثلي.. خلاص سحبتها..

نجلاء بين دموعها وشهقاتها: يا الخبلة ما أبكي منش.. بس أنا متضايقة من روحي..
صايرة حساسة بشكل.. وأقل شيء يؤثر في أعصابي..
وخايفة يكون فيني مرض وإلا شيء.. لأنه وزني صاير يزيد بسرعة مع أني تقريبا ماعاد كلت..
الشهر هذا بس زايدة ثلاثة كيلو..

سميرة بمؤازرة: زين نجول يمكن تكونين حامل؟؟

نجلاء بضيق: وش حامل بعد... توني قبل أسبوع علي الدورة..
وحتى دورتي مروعتني.. ماعادت مضبوطة مثل أول.. والدم خفيف واجد..
خايفة أكون مريضة ياسميرة..
أحاول أبعد ذا الفكرة عن رأسي وأشغل نفسي عنها..
بس ترجع وتأكل تفكيري.. تعبانة سميرة تعبانة من التفكير..

حينها همست سميرة بألم وقلق: زين وليش ماقلتي لي من أول..

نجلاء عادت للبكاء: وش أقول؟؟ ما أبي أروع حد عشان شكوك في راسي
وما أبي اقول لاحد عشان ما أسوي فحوص والشكوك تتحول لحقيقة..

حينها همست سميرة بحزم: بس أنتي بتروحين معي الحين وتسوين فحوص غصبا عنش..
بأكلم سيارة بيت هلي.. وبنحط عيالش عند أمي.. وبنروح...





********************************





" زين إن الهندي المثقف ذالف لا رده ربي ذا الأذوة"


كانت عالية تهمس بذلك لعبدالرحمن وهي تشد لها مقعدا وتجلس..
وتهمس له بابتسامة صافية: اشتقت لك يالخايس من البارحة لين اليوم..
وش أخبارك اليوم؟؟
مثل البارحة.. خست من النوم.. وريحتك واصلة آخر الممر يا اللي ماتستحي...

يا أخي بسك نوم..
الناس عرسوا وجاوبو عيال.. وأنا قاعدة جنبك استاند باي..
لا تكون ناوي تطول بعد.. تراك مسختها... والصبر له حدود..
يا أخي خلصت السوالف اللي عندي وأنا كل يوم أهذر فوق رأسك
هذي تطلقت وهذي تزوجت والدكتور الفلاني سافر..
خلاص دورك تسولف علي..
ولو أني لو تبي الصدق حتى لو أنت صاحي ماراح أخلي لك مجال تفتح حلقك
لأني هذرتي أساسا ماتخلص... ويا الله الـ24 سويعة اللي في اليوم يكفوني..

حينها همست بحزن: تدري عبدالرحمن بأقول لك سالفة محزنتني واجد..
وزين أنك منت بواعي عشان ما أبي حد يعرفها.. بس جد أنا حزينة ومتضايقة
أدري بتقول أشلون حزينة وأنتي قبل دقيقة فاتحة شدوقش على أقصى اتساع بشري ممكن..
أنا كذا يا دحومي دقيقة بتلاقيني أضحك والدقيقة الي بعدها استخف وأبكي..

البارحة عبدالله وراني صور ولده اللي مات في أمريكا.. صور واجد للولد من وهو صغير لين كبّر..
قلبي قبضني يوم شفته.. لسببين.. الأول تخيلي أشلون مات.. روح طاهرة مالها ذنب..
الثاني.. الثاني هو.. إني أشك إنه يكون ولد أخي من أساسه...
لكن طبعا مستحيل أقول ذا الكلام لأحد.. الحقيقة ذي لو كانت حقيقة بتذبح عبدالله اللي ضاعت سنين عمره عشانه..
خلاص وش بيستفيد والولد مات.. حتى لو ماكان ولده هو رباه وحبه كنه ولده..

علم الجينات يقول ولد مثل هذا مستحيل يكون ولد عبدالله
لأن عيونه زرق.. والعيون الزرق أكثر صفة متنحية بين الجينات الوراثية
ومستحيل تطلع في الجيل الاول.. لكن ممكن تظهر في الجيل الثاني..

لكن أرجع وأقول لنفسي الله قادر على كل شيء.. وعبدالله يقول سوى له فحص دي إن أي في ثلاث مستشفيات
وش فايدة الحكي في شيء ماعاد له فايدة؟؟

تدري يا الدحمي خاطري أنا أجيب عيال عيونهم ملونة..
مهوب لو تزوجت ولد عمي غنوم أبو عيون عسلية كان أحسن لي بدل ما أنا قاعدة جنبك مثل الكرسي..
أقله كان جبت بزران شقران حمران وعيونهم عسلية مثل خالتي جيهان أم غنوم..
وحسنت نسلي المغبر....

عالية لشدة استغراقها في الثرثرة وهي تنظر لوجه عبدالرحمن فقط..
لم تنتبه لجهاز قياس ضربات القلب ولتغير الإشارات الحيوية وتسارعها بشكل طفيف..
منذ أن بدأت بحكايتها مع غانم..

لتعود مؤشراته للسكون والانضباط وهي تقول بابتسامة: بس وش أسوي بقلبي الخبل
اللي مالقى يتعلق إلا بواحد دب مايشبع رقاد مثلك..

ثم انتفضت وهي تنظر للساعة: ياويلي خلني أطق.. ابيك على وصول..
وهي تخرج فعلا ليدخل فاضل بعدها بثوان






*********************************






" الحمدلله على السلامة يام زايد
نورتي بيتش"

كان منصور يُدخل عفراء لبيتها وهو يسندها.. بعد أن رتبت لها مزون غرفة في الأسفل..

جميلة تدخل خلفهما وهي تحمل زايد الصغير بحرص وتهمس بمرح:
الحين أم زايد أم زايد..
وأنا الكبيرة ماعاد لي كرت.. وين أم جميلة؟؟

منصور بابتسامة أبوية: ماعليه خليها تجامل ذا الصغنون شوي..
وإلا الغلا كله لش..

جميلة تمشي خلفهم ومنصور مازال يسند عفراء باتجاه الغرفة وتهتف بذات المرح:
إيه إلعبوا علي... شايفيني مقصة..

عفراء بمودة حانية: خلاص ولا يهمش.. اللي بيقول لي أم زايد ماني برادة عليه لين يقول أم جميلة..

جميلة وضعت الصغير في سريره وهي تقبله وتهتف بذات الابتسامة الرقيقة:
لا أنا أصلا ما أرضى حد يتعدى على مكانة ولدي ورجّالنا الصغير
جعل ربي مايخلينا منه ومن زايد الكبير..

ثم قبلت أنف منصور الذي كان قد أجلس عفراء على السرير وجلس جوارها:
ولا من حضرة العقيد...

شدها منصور ليجلسها جواره من الناحية الأخرى وهو يحتضن كتفيها ويهتف بذات نبرته الابوية الجديدة الرائقة تماما:
ولا يحرم العقيد منش..
إلا قولي لي.. ماتبين تعلمين رماية؟؟

جميلة بصدمة: نعم؟؟

منصور يريد أن يشغلها بشيء عن التفكير.. فهو رآها بالامس وهي تبكي في غرفة المواليد ولكنها لم تراه..
والرماية هي مايعرفه..

ابتسم منصور: إيه الرماية..
بتستانسين.. أول نبدأ مسدسات ثم البنادق لين نوصل الرشاشات..

عفراء ضحكت وهي تتخيل ابنتها الرقيقة المدللة مع رشاش: منصور حرام عليك من جدك؟؟

منصور بجدية: والله من جدي..
تتسلى معي ونسولف أنا وإياها دامش لاهية في زايد الصغير.. لين ترجع جميلة لجامعتها

جميلة ضحكت برقة: لا عمي فديتك.. بلاها الرشاشات والمسدسات
لأنها في يد وحدة مدمغة مثلي خطر على المجتمع..
وأنا أصلا مشغولة مع أمي في زايد الصغير... وما ابي أبعد عنه أصلا..




**********************************




" وضحى.. وضحى"

وضحى تجيب كاسرة التي كانت تناديها من الاعلى وهي تطل عليها: نعم كاسرة..

كاسرة بحزم: قولي لأمي تفتح باب الحريم اللي يفتح على الحوش
عمي زايد جاي يبيني.. وصار برا
خلها تدخله..
بس أبدل ملابسي وألبس دراعة ضافية وأنزل الحين.




#أنفاس_قطر#
.
.
.

.

 
 

 

عرض البوم صور #أنفاس_قطر#  
موضوع مغلق

مواقع النشر (المفضلة)

الكلمات الدلالية (Tags)
من وحي قلم الأعضاء, أنفاس قطر, بين الأمس و اليوم, دون ردود, كاملة
facebook



جديد مواضيع قسم القصص المكتملة (بدون ردود)
أدوات الموضوع
انواع عرض الموضوع

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة
Trackbacks are متاحة
Pingbacks are متاحة
Refbacks are متاحة


LinkBacks (?)
LinkBack to this Thread: https://www.liilas.com/vb3/t158045.html
أرسلت بواسطة For Type التاريخ
ط¨ط¹ط¯ظٹ ظ…طھط°ظƒط± ظ‡ظ…ط³ط§طھظƒ ظ…ظ† ط§ظٹط§ظ… ط§ظ„ط·ظپظˆظ„ط© This thread Refback 21-08-14 12:03 AM
Untitled document This thread Refback 19-08-14 02:15 AM
ظˆط§ظ…ط§ظ… ط§ظ„ظ‚ط±ط§ط± ط§ظ„ظƒط¨ظٹط± ط¬ط¨ظ†طھ This thread Refback 17-08-14 07:47 PM
Untitled document This thread Refback 15-08-14 06:46 AM
ط´ط§ط¹ط± ظپط±ط§ط´ ط§ظ„ظ‚ط§ط´ This thread Refback 14-08-14 05:23 PM
ط§ط®ظ„ط§ ط·ط±ظپ ط¨ط§ظ„ط§ظ†ط¬ظ„ظٹط²ظٹط© This thread Refback 12-08-14 05:05 PM
ظˆط§ظ…ط§ظ… ط§ظ„ظ‚ط±ط§ط± ط§ظ„ظƒط¨ظٹط± ط¬ط¨ظ†طھ This thread Refback 10-08-14 03:02 PM
ط§ظ†ظ‡ط§ ط­ظ…ط²ظ‡ ظˆط³ظ…ط§ط­ This thread Refback 10-08-14 04:33 AM
ظ…ظ†طھط¯ظ‰ ط±ظˆط§ظٹط§طھ ظ…ط§ ظˆط±ط§ ط§ظ„ط·ط¨ظٹط¹ط© liilas This thread Refback 09-08-14 01:48 AM
Twitter meznah ظ…طµط± ظ…ط²ظ†ط© ط§ظ„ط¨ط­ط±ظٹظ† This thread Refback 03-08-14 12:01 PM
ط­ظٹظ† ط§ظ…ظˆطھ ط§ظ†ط§ ط³ظٹظ…ظˆطھ ظ…ط¹ظٹ ط­ظ„ظ…ظٹ This thread Refback 03-08-14 09:06 AM
ظˆط§ظ…ط§ظ… ط§ظ„ظ‚ط±ط§ط± ط§ظ„ظƒط¨ظٹط± ط¬ط¨ظ†طھ This thread Refback 01-08-14 02:11 PM


الساعة الآن 11:52 PM.


 



Powered by vBulletin® Version 3.8.11
Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd.
SEO by vBSEO 3.3.0 ©2009, Crawlability, Inc.
شبكة ليلاس الثقافية