لمشاكل التسجيل ودخول المنتدى يرجى مراسلتنا على الايميل liilasvb3@gmail.com






العودة   منتديات ليلاس > القصص والروايات > قصص من وحي قلم الاعضاء > القصص المكتملة (بدون ردود)
التسجيل مشاركات اليوم اجعل كافة الأقسام مقروءة

بحث بشبكة ليلاس الثقافية


موضوع مغلق
نسخ الرابط
نسخ للمنتديات
 
LinkBack (12) أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
قديم 12-10-10, 08:41 AM   1 links from elsewhere to this Post. Click to view. المشاركة رقم: 51
المعلومات
الكاتب:
اللقب:
VIP




البيانات
التسجيل: Jan 2009
العضوية: 117447
المشاركات: 738
الجنس أنثى
معدل التقييم: #أنفاس_قطر# عضو جوهرة التقييم#أنفاس_قطر# عضو جوهرة التقييم#أنفاس_قطر# عضو جوهرة التقييم#أنفاس_قطر# عضو جوهرة التقييم#أنفاس_قطر# عضو جوهرة التقييم#أنفاس_قطر# عضو جوهرة التقييم#أنفاس_قطر# عضو جوهرة التقييم#أنفاس_قطر# عضو جوهرة التقييم#أنفاس_قطر# عضو جوهرة التقييم
نقاط التقييم: 1255

االدولة
البلدQatar
 
مدونتي

 

الإتصالات
الحالة:
#أنفاس_قطر# غير متواجد حالياً
وسائل الإتصال:

كاتب الموضوع : #أنفاس_قطر# المنتدى : القصص المكتملة (بدون ردود)
افتراضي بين الأمس واليوم/ الجزء الحادي والخمسون

 

بسم الله الرحمن الرحيم


السلام عليكم ورحمة الله وبركاته


اليوم اسمحو لي أقول ياصباح الحزن


.


البارتات اللي فاتت اذبحتني واستنزفتني


وكملها البارت هذا علي


تعبت وأنا أكتبه بشكل مرعب


لحد ماوقفت عند نقطة وماقدرت أكتب خلاص


.


البارت الحادي والخمسون


.


أخشى ألا تكون القراءة ممتعة ولكن مؤلمة


احتملوني فنحن نعبر عنق الزجاجة


وبعض الجروح لا بعد أن تُفتح لتتطهر


.


لا حول ولا قوة إلا بالله


.


.


.



بين الأمس واليوم/ الجزء الحادي والخمسون







" آمرني جعلني فداك!!"



أبو صالح نظر إلى عبدالله نظرة غامضة خليط من غضب عارم وعتب عميق ومرارة قاسية وهو يهتف له بنبرة مقصودة:


بأقول لك سالفة.. اسمعها لين آخرها وعقبه نتفاهم!!


اليوم اللي قبل سفرك بيوم.. كنت بأدخل البيت.. فشفت السواق يعطي خدامة أم حسن كيس ملفوف..


أنا نغزني قلبي منهم.. دعيت السوق ولاغيته.. قلت له وش ذا اللي أنت معطيه الخدامة؟؟


فهو قال لي ( إن ام حسن موصيته يجيب له موس حلاقة حاد مثل اللي يستخدمونه الحلاقين.. وماتبي حد يدري)


أولها قلت وش هي تبي بموس الحلاقة.. وعقبه نقدت على روحي.. قلت بصرها..


تبي به اللي هي تبي به ودامها ماتبي حد يدري.. فأكيد إنها تبيه في شي يخصها بروحها!!


عقبه يوم شفتك ثاني يوم نازل متلطم.. ماطرا علي شيء.. ولا كذبتك.. مادريت إنك قدك متعود على الكذب على أبيك..


لكن يوم شفتك ذا الحين.. بذا الحلاقة اللي حتى ماسويتها وأنت صغير.. فهمت السالفة كلها..



أبو صالح صمت وعبدالله صمت كذلك.. وهو يتمنى أن تنشق الأرض وتبتلعه حرجا من والده..


لم يتخيل أنه قد يقف يوما هذا الموقف المخزي أمام والده!!



أبو صالح هتف بغضب مكتوم: ها.. وش فيك متلايط؟؟ ليش ما تحكي؟!!



عبدالله بنبرة حزن عميقة: وش كنت تبيني أقول لك يبه.. أقول لك إن مرتي حلقت شنبي ولحيتي..


جوزا مقهورة واللي أنا سويته فيها واجد..


كنت تبيني أضربها.. وإلا أسحبها من شعرها ؟؟..



أبو صالح تفجر غضبه وهو مازال يكتم صوته والغضب يبدو واضحا في ارتعاش يديه:


وتدور لها عذر يا المرة!!


والله ثم والله لو عالية اللي أغلى علي من نسمتي.. سوت كذا في رجّالها..


إن كان أقول له اجلدها قدامي.. وإن عيا.. جلدتها بروحي لين يتمخلس جلدها..


أنت كنك منت برجال وبتسنع مرتك ولا أنت بكفو.. رديناها على أهلها يسنعونها..


طاق من ديرتك.. تتنى لحيتك تنبت بدل ما توريها السنع!!


نعنبو دارك.. هو قد حد سوى سواتها.. المرة إذا زعلت من رجالها..


زعلت بحشمتها وطلبت رضاها يجيها..


مهيب تمد يدها على لحى الرياجيل يا المرة!!



عبدالله شد له نفسا عميقا ثم هتف بحزم: ما يصير إلا اللي يرضيك يبه!!


بس تكفى ما تدخل حد بيني وبين مرتي!!



أبو صالح بحزم بالغ: ماني بمدخل حد بينكم..


بس عقب مابردت خاطري فيك.. بأقول لها الكلام اللي كان قلته لبنتي لو أنها سوت سواتها..






************************************







زايد يتحاور مع علي.. بينهما شيء غير مفهوم..


عفوي أو متقصد؟؟!!



كساب يسألهما بحزم: وش فيكم تساسرون؟؟ بينكم شيء ما تبون أعرفه قمت من المجلس..



زايد هتف بنبرة مقصودة بها رائحة خبث شاسع: وش اللي ممكن نتكلم فيه وما نبيك تعرفه؟؟


كل شيء يخصنا.. يخصك..


كنت أقول لعلي عن أن رئيس كلية الطيران طالب مزون تلقي كلمة في حفل للطلبة الجدد..


وأسأله إذا يقدر يروح معها..


إلا لو أنت تقدر تروح؟؟.. جزاك الله خير!!



ثم أردف بخبث أشد: تدري يأبيك حفل كبير بيكون في الشيراتون.. وفيه ناس واجد.. وأبي واحد منكم يروح مع أختكم..



لم يفت زايد ارتعاش الفنجان في يد كساب وهو ينزله أرضا ويهتف بحزم بالغ وحاجباه ينعقدان بغضب :


أنا من زمان شايل يدي من ذا الموضوع..


وأنت بروحك قايل لي.. مالحد عليها كلمة غيرك..


كيفك في بنتك.. توديها.. تخليها..تحرقها.. أنا مالي شغل...



أنهى عبارته ليخرج كالملسوع.. بينما علي وزايد يتبادلان بينهما نظرات انتصار!!



بينما هو توجه لسيارته..وهو مازال يرتعش من الغضب!!


بحث في أدراجها عن شيء لم يره منذ أكثر من شهرين..


وجد العلبة الموبؤة.. شد له منها سيجارة..


حينما يقفز إلى ذاكرته موضوع مزون يجد أنه يريد أن يعاقب نفسه مادام عاجزا عن معاقبتها كما يريد!!


أو ربما يعاقب نفسه لأنه يعلم أنه عاقبها أكثر مما يجب..



" تستاهل.. تستاهل!!


هذي هي ما تبي تتوب!!


يعني يأما أموت بالسكتة من سبتها وإلا ما ترتاح..


ماكفاها إنها موتتني وأنا حي!!"




شد له نفسين.. ليشرق ويكح وويطلق التأففات اللاهبة وهو يلقيها خارجا بعد النفس الثاني فقط..


يكره نفسه وهو يطفيء النار بالنار هكذا!!


يكره نفسه حين يشعر بنفسه ضعيفا هكذا!!



تناول العلبة كاملة وألقاها خارجا بامتداد يده وكل قوته!!


ثم عاد ليلكم المقود بقبضتيه كلاهما حتى تصاعد الألم في مفاصله!!


مرارة جارحة تتصاعد في روحه..


يستطيع أن يقول لوالده أنها لا تهمه.. فلتفعل ما تريد..


لكنه لا يستطيع أن ينكر على نفسه كم تهمه!!


وكم كانت سعادته المخفية حين تركت الطيران!!


وهي ترسل له رسالة مع عمها.. أنها تركتها من أجله وأنها تريد رضاه!!



" كذابة.. كذابة.. عمرها ماهمها إلا نفسها!!


ماصبرت حتى شهرين من يوم خلت الطيران..


وهذي هي ناطة تبي ترجعنا للفضايح


تقول تبي رضاي؟!!


داستني أول وتالي.. وتقول تبي رضاي!!"



كلما استغرق في أفكاره .. كلما زادت لكماته للمقود وبيديه الإثنتين..


حتى انحرفت يده اليسار من قوة لكماته لتضرب حامل جهازه المحمول الذي كان له طرف حاد..


ربما لو كانت اللكمة غير لكمة كساب لم يكن ليحدث سوى كدمة بسيطة..


ولكن لأن لكمته كانت مفرطة القوة..


جرح نفسه جرحا غائرا نوعا ما بين مفاصل كفه!!



انتزع غترته وهو يتأفف غضبا وقرفا لا ألما.. ولفها حول قبضته.. وهو ينزل للبيت..



دخل كالإعصار وهو يتجه لغرفته.. كانت كاسرة تجلس مع مزون وعفراء في الصالة العلوية..


مر بهن كالسهم ودون أن يسلم حتى..


وغترته في يده وليست على رأسه!!



كاسرة وقفت وهي تهمس لهما بذوق: بأروح أشوف كساب وش فيه؟؟



همست لها عفراء بأمومة: الله يعينش.. شكلها قلبة من قلبات مزاجه!!



كاسرة دخلت خلفه وهي تناديه.. دون أن يجيبها..


بحثت عنه حتى وجدته في حمام غرفة النوم


يغسل يده وحوض المغسلة ممتلئ بالدم..


والغترة الغارقة بالدم ملقاة في القمامة...



مدت يديها مع يديه تغسلهما وهي تهتف بجزع: كساب من ويش ذا؟؟



هتف لها بنبرة نفاذ صبر غاضبة: مافيني شيء.. جرح بسيط.. وخري خلني أضمده!!



هتفت بحزم وهي تتناول الضمادات من صيدلية الحمام: أنا بأضمده لك..



شدته خارج الحمام وهي تجفف يده بفوطة نظيفة وبيدها أدوات الضماد..


لم يناقشها لأنه يشعر أنه سينفجر من الغيظ.. مع أول عبارة قد يقولها..



جلست على السرير وجلس جوارها.. حين كشفت الفوطة.. كان الدم مازال يتدفق..


هتفت له بحزم حان قلق وهي تشعر أن قلبها يؤلمها من عمق الجرح:


كساب يدك تبي خياطة.. لازم تروح للمستشفى..



رد عليها بغضب: زين خلاص عطيني إبرة فيها خيط.. وأنا بأخيطه.. مايحتاج مستشفى.. كل السالفة رتبتين..



كاسرة بصدمة: أنت صاحي !!.. في أي قرن عايش؟!! تبي تخيط الجرح بروحك..



أجابها بذات النبرة الغاضبة: وتبيني أروح المستشفى عشان جرح سخيف مثل ذا؟!!



كاسرة حينها انفجرت بغضب: أنت وش ذا العقل اللي عندك؟!!


يدك تنزف وتقول جرح سخيف وبتخيطه بروحك!!



كساب بغضب مرعب: قصري حسش لأنها مهيب ناقصتش!!..



وقف وهو يشد له من إحدى الأدراج علبة بها إبر وخيوط من تلك التي توزع في هدايا الطائرات..


والأبرة تكون أساسا فيها خيط.. تناول الكحول المعقم من أدوات الصيدلية التي أحضرتها كاسرة..


سكبه على الخيط والأبرة.. ثم عقّم الجرح..


كاسرة كانت تنظر مذهولة له.. لا تصدق ماتراه.. وغضبها يتزايد عليها..


ثم لم تستطع أن تنظر وهي تراه يغرز الإبرة في جلد يده..أشاحت بنظرها وبمرارة..


لم يستغرق دقيقة حتى انتهى.. بخياطتين صغيرتين دقيقتين.. كما حدد!!


ثم وضع عليه لاصق طبي.. وانتهى!!



كل هذا وكاسرة مازالت تجلس جواره..


حينها هتفت بنبرة عاتبة: ترا الطريق للمستشفى ما يأخذ ربع ساعة حتى..


بدل الطريقة الهمجية المتوحشة اللي سويتها في روحك..


لكن أنت إذا ما وجعت قلبي ما ترتاح!!



حينها هتف لها بمرارة متأصلة: والله ماحد قلبه موجوع غيري..


إذا هي وأبيها ماذبحوني ماهم بمرتاحين!!



كاسرة هتفت بغضب: من هي ذي اللي بتذبحك؟؟..



أجابها بغضب مشابه: مهوب شغلش!!



كاسرة انفجرت: إلا شغلي ونص.. من هذي اللي تأثيرها عليك يوصل إنها تذبحك!!..



حينها أجابها ببرود كان يحترق تحته: اعتبريها زلة لسان غير مقصودة!!



كاسرة صمتت وهي تحترق.. لن تسأله أكثر حتى لا يشتم رائحة احتراقها تتصاعد مع احتراق جوفها من الغيرة..


فهي باتت تشك أنه اخترع هذه العبارة لمجرد إغاضتها!!



همست بحزم وهي تسأله لتغير الموضوع: أنت قاعد مع حد يدخن يوم جرحت يدك؟؟.. فيك ريحة زقاير..


وأشلون جرحت يدك أساسا..؟؟



حينها أجابها ببساطة حازمة كأنه يريد أن يجرحها: أنا اللي جرحت نفسي بنفسي!!


وأنا اللي كنت أدخن!!



كاسرة قفزت كالمدلوغة: نعم؟؟ أنت اللي ويش؟؟


ومن متى وأنت تدخن.. وأنا معك قربنا نخلص 3 أسابيع عمري ماشمتيها فيك ولا شفتها معك!!



أجابها وكأنه يريد أن يجرحها أكثر لشدة جروحه التي تغلغت في روحه:


أدخن حسب المزاج.. متى ماطرا علي!!


عندش مانع؟!!







******************************************






مازالت عاجزة على السيطرة على دموعها وارتعاشها..


وجهها تورم لكثرة البكاء.. ولا يهمها أن يدخل عبدالله الآن ويراها


حتى وإن كانت وعدت نفسها الآف المرات أنه لن يرى دموعها!!



كلما تذكرت ماحدث لها الليلة.. تزايدت دموعها انسكابا.. وأناتها ارتفاعا..


تشعر بالحرقة والمهانة والعار والخجل وانعدام الأمن..


كل هذه المشاعر القاسية القارصة تجمعت الليلة عليها.. ليتزايد بكاءها مرارة وحرقة!!



كانت تجلس مع أم صالح ونجلا حين ناداها عمها أبو صالح لتلحق به إلى غرفته..


وقفت بجزع لتتبعه.. وتوجس مرعب يتصاعد في روحها


لطالما كانت تخاف أبا صالح وتهابه.. أكثر حتى من والدها..



تقدمت بخجل وهي تدخل غرفته بخطوات متيبسة.. هتف لها بحزم: تعالي وسكري الباب




تقدمت وهي تغلق الباب... ليحكى لها الحكاية التي حكاها لعبدالله..والا ستنتاج الذي استنتجه!!



شعرت أنها تتمنى لو أنها تذوب في تلك اللحظة.. تختفي!!.. تتبخر!!..


لم تستطع حتى رفع عينيها إليه..



وليته اكتفى باحراجها بالحكاية التي كانت لوحدها كافية لتشعر بكل عار العالم..


ولكنه انفجر فيها بحزم غاضب:


هذي فعايل بنت الأصل يا بنت الأصل.. والله ثم والله لو عالية مسوية كذا في أخيش إن دمها حلال عليه


وش ظنش أبيش يقول لو درى بسواتش..؟؟


زين رجالش غلط عليش.. وماراضاش.. كان جيتيني.. والله ثم والله لأعلقه من أرجيله عشانش..


لكن ذا الحين مالش وجه عندي.. وعذرش انقطع.. لأن سواتش ماتسويها حتى مضيعة المذهب..


ورجالش كنه إياش اللي ماعرف يسنعش!!



قال لها كلاما كثيرا مؤلما جارحا.. تحاول أن تتناساه فلا تستطيع!!


وأكثر ما يؤلم أنها لم تستطع أن تدافع عن نفسها حتى بكلمة..


لأن ما سيرونه جميعهم أنه مهما اخطأ عبدالله في حقها لا يمكن أن تعاقبه بهذه الطريقة..


حق له أن يمزق روحها وحياتها ويضيع مستقبلها.. ثم تكون بضع شعرات في وجهه أثمن من كل ذلك!!



نادمة بشدة على تصرفها.. وليس من أجل عبدالله.. ولكن لأنها بهذا التصرف جعلت نفسها في موقع المخطئة الخطأ الذي لا يغتفر..



تتخيل لو علم والدها الذي هدد بقتل عبدالله لو ضايقها.. لو علم بما فعلته.. لربما قتلها هي!!



لا يوجد حتى من تلجأ إليه!! لأن الكل سيرفع حاجبيه استنكارا من فعل هذه المجنونة..


شعور بعدم الأمان وأنها لن تجد ظهرا يسندها بات يخنقها... فهي بفعلتها هذه أعطت لعبدالله سلاحا مسلطا دائما على رقبتها..


ومع وجود أبي صالح كشاهد.. ضاقت عليها الدائرة حتى اختنقت!!



تتخيل مظهرها أمام الناس لو انتشر الخبر..


"جوزا الخبلة حلقت شنب رجالها ولحيته"



يزداد بكاءها عنفا.. لا تريد أن تكون منبوذة أكثر من ذلك!!


لا تريد أن تكون منبوذة!!



تتخيل ما الذي قد يفعله عبدالله في ظل معرفته أنها لا تستطيع العودة لأهلها خوفا من معرفة والدها لما فعلته!!


تعلم أن والده أعطاه نصيبه من الكلام الجارح.. وأنه الآن معبأ تماما عليها!!


رغم كراهيتها له ولكنها تعلم تماما أي موقف محرج مذل وضعته فيه أمام والده!!


ولأنه لا يستطيع تفريغ غضبه في والده.. فبالتأكيد سيبحث عمن يفرغ غضبه فيه!!


ومن أنسب ممن كان سببا لإحراجه وذله؟!!



تبكي أكثر واكثر.. وهي تكتم شهقاتها حتى لا تزعج ابنها النائم..


تشعر كما لو أن شهقاتها مناجل مزقت روحها دون أن تجد طريقا للخروج..


لذا مازالت تعيث خرابا وتمزيقا كخبط عشواء بحثا عن الطريق!!



ألا يكفي ماحدث لها طيلة السنوات الماضية؟!


ألا يكفي!!



" والله العظيم تعبت.. تعبت!!


ماعاد فيني استحمل!!


أنا ما أنا بطوفة الكل يضرب فيها ويبونها ما تنهد!!


تعبت ياربي... تعبت!!


يا الله فرجها من عندك.. وإلا خذ أمانتك عندك!!"



كان بكائها يزداد عنفا مكتوما..وأفكارها تزداد قتامة ومرارة... وجسدها يزداد ارتعاشا كمصابة بالحمى..


حين سمعت صوت الباب يُفتح..!!






*********************************







يقف أمام باب غرفتها وهو يشد له نفسا عميقا


هل يفعلها ؟؟


أربع سنوات مرت لم يدخل غرفتها مطلقا!!


ولكنه سيموت من القهر أن فعلتها وذهبت!!


سيموت فعلا!!


فهو كان قد بدأ يبني له أملا أنها ستعود يوما إلى حضنه..


ولكن إن ذهبت.. فإن كل هذه الآمال ستنهار لا محالة..


ألا تعلم مكانتها عنده!!


لماذا تريد المتاجرة بهذه المكانة؟!


ولماذا تريد الاستمرار في إشعاره برخص مكانته عندها؟؟


كم هو مؤلم إحساسه أن الإنسان الأثمن لديك في كل العالم.. يُشعرك أنك الإنسان الأرخص لديه!!



قضى الساعات الماضية يركض على الكورنيش..


ثم مر بمسجد وصلى قيامه..


هدأت سورة الغضب.. ولكن القهر والمرارة تعمقا حتى أقصى خلية من خلاياه


تشبعت خلاياه بهما حتى تفجرت بقيحهما!!



شد له نفسا عميقا آخر.. ثم طرق الباب..



همست برقة: ادخلي خالتي.. مابعد تمنت..



دخــــــل..


كم اختلفت الغرفة من بعده!!


في المرة الأخيرة التي دخلها ليرجوها للمرة الأخيرة بكل حرارة أن تتراجع عن قراراها لدراسة الطيران.. وصفعته برفضها القاطع


كانت الغرفة أشبه بغرفة طفلة.. ألوان الزهر والبنفسج تغمر المكان..



ولكنها الآن غرفة تنضح بمرارة النضج وألوان المارون والذهب وستائرها الكلاسيكية القاتمة..



مزون حين رأته قفزت حتى كادت تتعثر..


لم يخطر لها مطلقا ولا حتى في أعذب احلامها أنه قد يزورها يوما!!


توجس قاتل اخترم روحها.. وسعادة محلقة شعرت بها ترفرف في جوانحها..


لا يهمها إن كان جاء ليسمعها بعضا من قسوته!!


يكفيها أنه هنا..


لم تتخيل أنها قد تراه في غرفتها مرة أخرى.. قريب هكذا!!


وكم حلمت بهذا القرب!!



تذكرت أنها ترتدي بيجامتها.. قد يكون سابقا اعتاد رؤيتها بالبيجامة وهما يسهران كل ليلة سويا..


ولكنها الآن تشعر بخجل عميق.. وتود أن تتناول روبها المعلق لتلبسه..


ولكن قدميها المتيبستين لم تتحركا من مكانهما..


همست باختناق: هلا كساب.. هلا والله..


تفضل حياك..


تعال نقعد في الجلسة!!



أجابها بقسوة: ما أنا بجاي أقعد.. كلمة ورد غطاها..



أجابته بذات الصوت المختنق: آمرني فديتك..



حينها انفجر فيها بغضب عارم: الحين تقولين آمرني فديتك.. وأنتي مايهمش إلا روحش ولا عليش من حد..


سويتي اللي في رأسش ودخلتي طيران.. ويوم طاب خاطرش منها خليتيها بكيفش..


الحين أبي أدري يا اللي ما تستحين.. تروحين تلقين خطاب عندهم ليه؟؟


وفي حفل مفتوح بعد.. أنتي وش وجهش؟؟ مغسول بمرق؟؟ مافيه حيا؟؟


أنتي وش جنسش؟؟ وش مخلوقة منه؟؟


خافي ربش فيني؟؟ وحتى في أبيش وأخيش وعمش؟؟



ماعاد يستطيع الاحتمال ومرارة الأربع سنوات تتفجر حممها لاهبة متدفقة:


أنتي ماكفاش اللي سويتيه فيني السنين اللي فاتت..


خليتني أوطي رأسي بين العرب.. وأنا اللي كنت رافعه فيش..


بسبتش عشت قهر ماظنتي شافه بشر في ذا العالم كله!!


أدري إنه خلاص قد ذا موضوع تافه عندش


وش قيمة كلمة تلقينها في حفل مختلط.. عقب مادرستي أنتي أربع سنين اختلاط؟؟


موضوع عادي بالنسبة لش!!


لكن أنا كنت رجيت فيش خير.. قلت حست خلاص.. يمكنها عقلت!!


كان ودي أني أصدق إنه ذا الكابوس خلص.. وأختي وبنتي بترجع لي!!


لكن مادريت إن باع أول.. بيبيع على كل حزة!!


وأني أنا كنت رخيص أول وتالي!!



حينها انفجرت باكية وهي ترتعش بعنف: والله العظيم... ماوافقت..


والله العظيم... ما وافقت..



كانت تنتحب وتشهق بعنف وكلماتها تتقطع كأنها تشرق بالكلمات وتكاد تغص بها:


الرئيس.. كلمني.. وقال لي.. حفل مفتوح.. قلت له.. ما أقدر.. ما أقدر.. ما أقدر


ورجع ..وكلم .. ابي.. وابي.. قال له.. نفس.. الكلام.. وقال له..هذا.. موضوع.. انتهى..


والله العظيم ما وافقت.. ماوافقت..


والله العظيم.. ماوافقت..



لا يعلم لـمَ شعر لحظتها.. أن الدنيا غامت في عينيه..وأنه لا يبصر شيئا!!


كانت ترتعش بعنف أمامه.. ووجهها محتقن.. دموعها تسيل بغزارة..


وهي تشهق بشكل متقطع وتكرر بلا انقطاع: والله العظيم.. ماوافقت..


والله العظيم .. ماوافقت..



فهي أيضا تعبت من كل هذا وحان لحظة انفجار كبت كل هذه السنوات وقهرها ومراراتها..


فهو لأول مرة يواجهها بهذه الحدة بعد صمت السنوات الأربع الأشبه بالموت!!


لأول مرة يمزق الحواجز الهشة/المتينة التي فصلت بينهما!!




تمنى كساب لحظتها لو يستطيع التوجه للصراخ في أبيه وفي علي..


كيف يتخذان من مشاعره لهوا.. يعلمان كلاهما كم هذا الموضوع حساس بالنسبة له..


لا يجد لهما عذرا!! لا يجد لهما عذرا!!



شعر أن قلبه يتمزق بمعاول مسنونة وهو يرى حالتها الهستيرية..


لأول مرة يشعر برغبة بالبكاء بعد وفاة والدته!!


كما لو كان فقدها للمرة الثانية!!



حاول الاقتراب لاحتضانها.. وتمنى أن يحتضنها..


ربما حتى لو عاندت وقالت له أنه ستذهب.. فهو كان سيتحضنها على كل حال..


ليسكن هذا اليأس والذعر الذي شعر بهما يتفجران في جوانحها..


وليسكن القلق الأشد الذي تفجر في جوانحه هو!!


لم يسبق مطلقا أن رآها هكذا.. لا في أقصى حالات الحزن.. ولا في أقصى حالات الغضب..!!


طوال الوقت متزنة.. هادئة.. حتى عندما تبكي.. تبكي بصمت!!


فما الذي حدث لها الآن!!



اقترب وهو يمد يديه لها ويهتف لها بحزن جازع: هدي.. هدي..



ولكنها دفعته وهي تصرخ بهستيرية: ما أبيك.. ما أبيك.. خلني.. خلني..



مد يديه أمامه وهو يشير لها أن تهدأ: خلاص بأروح الحين.. وأرجع بعد شوي..



خرج رغما عنه.. وهو لا يريد الخروج..


ماعاد حتى يريد الصراخ بعلي أو والده..


الحزن غلب الغضب.. يشعر كما لو كان جسده تفتت من الألم!!


يريد أن يجد له حضنا يرتمي فيه.. يسكب بعض مرارته فيه.. مادامت رفضت حضنه..!!



يريد أن يسكن قليلا.. ويدعها تسكن قبل أن يعود لها.. فهناك حديث طويل.. طويل بينهما


حديث بطول ومرارة قرون!!



توجه لغرفته..


نادى بإرهاق: كاسرة!!



لم تجبه.. توجه لسريره ليتمدد عليه.. وهو يشعر أن جسده كله يتمزق كما لو كان ينام على فراش من مسامير مسنونة..



نادى للمرة الثانية بإرهاق أعمق: كاسرة وينش؟؟



جاءها صوتها حازما محملا بحزن غريب عميق: نعم..



هتف بعينين مغلقتين ونبرة ذابلة: تعالي جنبي.. تعبان حدي.. حاس أني بأموت..



أجابته بنفس النبرة الحازمة الحزينة: آسفة.. روح أخذ لك شفطتين تريح أعصابك.. مالك عازة فيني!!



فتح عينيه وهتف بنبرة ذابلة تماما: والله العظيم مهيب ناقصتش..



أجابته بألم: دام مهيب ناقصتي.. مهوب أنا اللي أنقصها ولا أزيدها.


خيرك فيك..



أجابها حينها بحزم وهو يعتدل جالسا: تدرين كاسرة يمكن حياتي كلها ما أحتاج لش كثر الليلة..


وأنتي شاحة علي أنش تقعدين جنبي!!



رغما عنها آلمها قلبها.. أن يعبر بهذه الصراحة عن حاجته لها.. لم تتوقع أنه قد يفعلها يوما ...فكيف وهو يفعلها بهذه السرعة؟!!



ولكنها لا تريد الاستسلام والتراجع.. عن موضوع خطير مثل هذا!!


حينها سيعتاد أن يمرر كل شيء عليها..


كسّاب يحتاج لوقفة حازمة إن كانت تريد الحياة أن تستمر بينهما..



ولكن هل كساب في هذا الوقت.. سيحتمل أو يتقبل الوقفات الحازمة وهي تهتف له؟؟:


اسمعني عدل يا كساب..


لا راح أجي جنبك.. ولا تجي جنبي.. لين تحلف لي إنك ماترجع تدخن..


ولا تقول تعصيني.. لأنك أنت عصيت ربك.. وماظني إنه يجهلك إن التدخين حرام!!



حينها وقف كسّاب وهو ينتزع غترته من جواره ليحملها معه ويهتف بغضب مثقل بالمرارة:


الشرهة علي اللي جيت أبي حنان وحدة ما تشوف أبعد من خشمها المرفوع!!


السموحة يا بنت ناصر.. ضيعت الدرب!! غلطت!!


وأوعدش الغلطة هذي ماتكرر مرة ثانية!!




.


.




دار في البيت قليلا.. وهو يشعر أن جدران البيت الواسع تتقارب لتطبق عليه


لدرجة أنه عجز عن التنفس..


ماعاد يحتمل ألا يراها.. يكاد يجن كلما تذكر كيف حالتها.. ودموعها وارتعاشها!!



قد يكونان خلال السنوات الماضية تبادلا الجرح حتى غاصت جراح كل منهما في روح وجسد الآخر..


ولكن هذه المرة لا ذنب لها.. لا ذنب لها..


اختار الوقت غير المناسب ليفجر فيها كل غضب السنوات الماضية ومراراتها!!



كل يوم خرجا فيه صباحا وكل منهما يتجه لسيارة..


وهو يتجاهلها كأنه لا يراها.. بينما كان في أكثر الأيام يتبعها..


لم تكتشفه أبدا.. بسبب مهارته في السواقة والاختباء خلف السيارت وهو يجعل فاصلا بينهما..


لا يعلم ماذا كان يريد من اللحاق بها!!


تعذيب نفسه أكثر.. إحراق نفسه أكثر.. وهو يتمنى كل يوم لو دخل إلى الداخل وأخرجها عنوة!!


أو ربما كان كل ما أراده مجرد الاطمئنان لوصولها وهي تذهب إلى مكان بعيد مع الخادمة والسائق..


كثيرا ماشعر بالحنق على والده.. إذا كان قد وافق على دراستها هناك.. فلماذا لا يوصلها بنفسه!!




يتذكر كل يوم جلسا فيها على مائدة الأفطار وحيدين


في ظل غياب علي وسفر زايد في بعض الأحيان..


يتجاهلها ويرفض حتى تناول فنجان القهوة من يدها لتعود مدحورة إلى مقعدها..


لا ينظر حتى ناحيتها..


وهي لا تعلم أنه يبقى جالسا حتى يراها تناولت شيئا.. لأنها منذ صغرها حين يتغيب والدها عن البيت.. تقل شهيتها للطعام لأقل حد..


ولا تأكل إلا بالمحايلة!!


ومادام لا يستطيع محايلتها.. فليبقَ جالسا حتى تأكل..


لأنه يعلم أنها لن تقوم عن المائدة مادام جالسا..


وحتى لا يبدو مظهرها سخيفا وهي جالسة هكذا.. فهي كانت تضطر لتناول شيء أمامه!!


ولا يعلم هو أيضا مدى صعوبة ابتلاعها للطعام مع ضخامة العبرات التي تسد حلقها كلما رآته يتجاهلها هكذا كأنها غير موجودة!!


وهي تتخذ الطعام ستارا حتى تبقى معه في مكان واحد لأطول مدة ممكنة!!


وهي تشعر بالألم أنها مهما بقيت جالسة.. فهو لن يكلمها..


ومع ذلك رغما عنها تشعر بالأمل أنه قد يكلمها اليوم !!



"ربما اليوم يحدثني..


يسألني محض سؤال سخيف..


اسألني كساب كما كنت تسألني وأنا صغيرة


هل فرشتي أسنانك اليوم؟؟


وحين أجيب بلا!!


تشد أذني رغم أنك بالكاد تلمسها.. وتعيدني للحمام


لتفرش أنت أسناني بنفسك!!


.


اسألني هل أشرقت الشمس اليوم؟؟


لأخبرك أن الأيام بعدك باتت متشابهة!!


.


اسألني كيف هو يومك الدراسي؟؟


لأخبرك أنني أكره الكلية والكتب والتدريبات وكل شيء أغضبك مني!!


.


اسألني كساب.. اسألني عن أي شي!!


أما تعبت من هذا الجمود والصمت والغضب!!"



لتنتهي جلستهما معها دون أن يسألها عن شيء... ودون أن تخبره عن شيء!!


مرارة جارحة وألم متبادل تشاركاه طيلة السنوات الماضية


هو بتجاهله لها.. وهي باحتمال هذا التجاهل!!


هو بغضبه الأسود رغم أنه تمنى كل يوم أن يسامحها.. ودعا ربه كل يوم أن يقويه ليسامحها!!


وهي بحزنها المتزايد وهي تذبل كل يوم أكثر في انتظار هطول أمطار رضاه التي شح بها عليها حتى أجدبت روحها!!




ماعاد قادرا على احتمال وطأة القلق والأفكار ونهشهما لروحه..


صعد لغرفتها ولم يجدها..


بحث عنها كالمسعور وهو يتخبط في أنحاء الغرفة..


توجه ركضا لغرفة خالته.. فلم يجدها أيضا!!



تفجر قلقه ورعبه وهو ينزل ركضا لغرفة علي.. فلا يجده أيضا..



حينها انهار جالسا على سرير علي وهو يتصل به ويسأله بقلق ورعب:


علي وينكم كلكم؟؟



أجابه علي بصوت ممزق ارهاقا وقلقا:


مزون تعبانة شوي.. جبتها أنا وخالتي المستشفى..







#أنفاس_قطر#


.


.


.

 
 

 

عرض البوم صور #أنفاس_قطر#  
قديم 14-10-10, 07:18 AM   المشاركة رقم: 52
المعلومات
الكاتب:
اللقب:
VIP




البيانات
التسجيل: Jan 2009
العضوية: 117447
المشاركات: 738
الجنس أنثى
معدل التقييم: #أنفاس_قطر# عضو جوهرة التقييم#أنفاس_قطر# عضو جوهرة التقييم#أنفاس_قطر# عضو جوهرة التقييم#أنفاس_قطر# عضو جوهرة التقييم#أنفاس_قطر# عضو جوهرة التقييم#أنفاس_قطر# عضو جوهرة التقييم#أنفاس_قطر# عضو جوهرة التقييم#أنفاس_قطر# عضو جوهرة التقييم#أنفاس_قطر# عضو جوهرة التقييم
نقاط التقييم: 1255

االدولة
البلدQatar
 
مدونتي

 

الإتصالات
الحالة:
#أنفاس_قطر# غير متواجد حالياً
وسائل الإتصال:

كاتب الموضوع : #أنفاس_قطر# المنتدى : القصص المكتملة (بدون ردود)
افتراضي بين الأمس واليوم/ الجزء الثاني و الخمسون

 

بسم الله الرحمن الرحيم


السلام عليكم ورحمة الله وبركاته


ياهلا والله فيكم عقب بارتات الحزن


جعل الحزن مايزوركم ولا يخليني ربي من طهر قلوبكم


.


فيه أسئلة كثيرة معلقة تنتظر إجابة.. فأنا بأجاوب بسرعة


.


معنى الفوالة؟؟.. الضيافة اللي تنحط مع القهوة والشاي.. حلويات فطاير كذا يعني


.


هل التوقعات تؤثر بي؟؟


بصراحة لا.. يعني أنا ماراح أغير حدث قررته عشان أرضي التوقعات


لسبب بسيط أنه القصة بيصير فيها تعارض وتضعف لأنه مسارها مقرر من البداية


لكن أنا أستفيد جدا جدا جدا من التعليقات في عدة أمور لما أشعر إنه فيه قضية غير واضحة


مشاعر تحتاج تفسير.. أعترف أني أحيانا أصيغ موقف عشان أبين هالشعور أو سبب الحكاية


.


كساب أكبر من كاسرة بثلاث سنين


.


عمري أنا .. قلته قبل.. بس مايضر نقوله.. أنا في نص العشرينات الحين *ــ^


.


استغراب رجاء كاسرة الشديد لأمها عشان تطلع معها لزايد


يعني يمكن أمها تعودت عليها تطلب.. بس ما تطلب لدرجة إنها ظلت تعيد تكفين كم مرة :)


.


استغراب حب زايد الزايد لمزنة؟؟


أقول كلمة وحدة: الشيء إذا ماحصلنا عليه يقعد حسرة في قلوبنا!!


.


لهجة خليفة من لهجات هل قطر..


.


سلامات لأم حمودي الله يشفيها


.


الله يسهل ولادة كويتية26


.


عدد البارتات الباقية والله العظيم ما أدري


.


.


حامل هاتف كساب الجوال هو اللي كان له طرف حاد وليس الهاتف نفسه..


.


خياطة كساب ليده.. ترا ماتحتاج السالفة هذاك المعرفة.. بس تحتاج قوة قلب..


كان لي زميلة في الجامعة..


أمها كانت تشتغل في المستشفى هنا في قطر أيام السبعينات..


تقول أمها ما تقرأ ولا تكتب.. بس لأنهم محتاجين تمرجية..


فهم دربوا اللي عنده استعداد.. يطهر ينظف ويخيط حتى..


وتقول إن أمها مع أنها كبرت بس لحد الحين يدها خفيفة بشكل في خياطة الجروح :)


وعلى فكرة ترا الخياطة أول بخيط وإبرة عاديين..


.


اللي استغربوا ردة فعل مزون.. بما أنها كانت متوقعة أنه أساسا جاي يسمعها كلام قاسي


ومادامت طول عمرها مشتاقة لحضنه ليش صدته!!


.


خلوني أقول لكم شيء


أتذكر مرة خذت مادة علم نفس كمادة اختيارية وأنا في الجامعة


قال لنا الدكتور.. إنه كل مايزيد الضغط على الإنسان تصير ردات فعله قوية معاكسة وغير متوقعة


.


والحين خلونا في مزون


هي توقعت منه كلام قاسي مثل التنغيزات اللي كان يقطها عليها قبل


لكن هو ما أكتفى بكلام قاسي لكن فتح كل الجروح واتهمها بشيء هي ماسوته


وعقبه يجي يبي يحضنها..


أنا شخصيا كان سويت مثلها.. لأسباب أنا أشوفها جوهرية


أنا ما أبي أفسر أكثر عشان ما أخرب متعة القراءة عليكم


لكن خلوني أضرب لكم مثل أقرب


أنتي مثلا عندك بنت عم أو خالة متربين سوا وهي أعز صديقاتك وتغلينها مثل ماتغلين نفسك ويمكن أكثر


صار بينك وبينها خلاف.. استمر كم شهر وهي تتجاهلك وأنتي ميتة تبين تصالحينها لأن الذنب كان ذنبك


في يوم جاتك.. انبسطتي يوم شفتيها.. قلتي حتى لو تجاهلتني أو نغزتني بالكلام.. ماعليه.. أنا مشتاقة لشوفتها..


لكنها بدت تهاجمك وتتهمك بشيء ما سويتيه..


وعقبه جات على طول في نفس اللحظة تبي تحضنك..


شنو بتكون ردة فعلك؟؟


وكيف لما يكون القرب أكبر ومدة الزعل أطول؟!!


الجواب لكم.. والمغزى مفهوم!!


.


.


ويالله


البارت 52


.


قراءة ممتعة مقدما


.


.


لا حول ولا قوة إلا بالله


.


.


بين الأمس واليوم/ الجزء الثاني والخمسون







" أنت يا الخبل كم كانت سرعتك


مالك حتى عشر دقايق من يوم سكرت مني"



وجهه مسود تماما ..أنفاسه تعلو وتهبط.. غترته ملقاة فوق رأسه كيفما اتفق.. أزراره العلوية مفتوحة..


والكتفان العاليان الشامخان كانا متهدلين.. منظر لم يُرَ فيه أبدا كساب المتفاخر.. الأنيق.. المعتد.. المتكبر!!


ولم يتوقع أنه قد يراه هكذا يوما..!!



أجابه بجزع كالموت: وش فيها؟؟ وش فيها؟؟



رغم استغراب علي من حالته ولكنه أجابه بتأثر عميق: خالتي ماجاها نوم


وراحت لها تبي تسهر معها.. لقتها تبكي ومنهارة وهي تصيح بكلمة وحدة (ما أبيك)..


نادتني وجبناها هنا... وخالتي معها داخل.. وأنا طلعوني



كساب تجاوز علي ليدخل.. علي هتف بحزم: انتظر شوي..القسم قسم حريم..



لكن كساب أزاحه جانبا وهو يدخل دون تفكير.. ويصيح بألم: خالتي وينكم؟؟


وهو يتخبط بين الستائر ولا يريد فتحها حتى لا يكشف ستر من يختفين خلفها!!



خالته أطلت من خلف أحد الستائر وهي تشير له بيدها تعال..



حين دخل كانت مزون تكاد تسبل عينيها.. والطبيب يمسك بمعصمها ليقيس الضغط مع بدء مفعول المهدىء


انتزع يدها من يد الطبيب وهو ينحني ليضم كفها لصدره!!


ويرى دمعة تخر من عينها قبل أن تغلقها.. دمعة نحرت روحه التي لم يبقَ فيها شيء لم ينحر مئات المرات!!



التفت للطبيب وهو يهمس بغضب مكتوم بصوته الممزق ألما وإرهاقا: مافيه دكتورات هنا؟؟!!



ابتسم الطبيب وهو يربت على كتف كساب: يا ابني دي زي بنتي.. ودلوئتي أنا المناوب هنا..



حينها سأله كساب باهتمام موجوع: وش فيها؟؟



الطبيب بنبرة مهنية: انهيار عصبي.. أنا دلوئتي اديتها مهدئ وهنطلعها لاوضة فوء



لينهار كساب جالسا على المقعد المجاور لسريرها وهو يدفن وجهه بين كفيه..


لو استطاع أن يبكي لبكى.. ولكن إن كانت عيناه شحت بدموع لم تعتد ذرفها


فإن روحه كانت تنزف كل دموع الأرض التي اعتاد نزفها حتى أغرق جوانحه بها!!



كانت خالته تنظر له باستغراب.. لم تتوقع أبدا ردة الفعل هذه من كساب


لذا سألته بحذر: كساب أنت صاير شيء بينك وبين مزون؟؟



كساب حكى لها كل ماحدث دون زيادة أو نقصان وختمها بقوله بكل ألم:


ما أدري ألوم ابي وعلي وإلا ألوم روحي..!!



أجابته خالته بألم مشابه: يأمك ماتدري وين الخيرة.. يمكن الله يبي الخير لكم من ورا اللي صار..



كساب يصرخ بألم شاسع موجوع وهو يقفز ليشير لمزون: أي خير وهي حالتها كذا..؟؟


أي خير وأنا سبة اللي صار لها..؟؟



حينها أجابته خالته بحزن: يعني مهتم الحين يأمك إنها انهارت.. وما اهتميت من وجيعتها ذا السنين اللي فاتت كلها!!


كان لازم تدري إنه بيجيها يوم وتنهد!!







**************************************






حين سمعت صوت الباب يفتح.. رفعت قدميها عن الأرض وضمت ركبتيها لصدرها في حركة دفاعية عفوية..


أكثر ما تخشاه أن يضربها ويصحو حسن على هذا المنظر!!



" لا .. لا ماراح يضربني..


ماسواها وهو محتر يسويها الحين..


بس هو الحين محتر أكثر من يوم راح


إذا أنا الحين عقب كلام أبو صالح متحسفة أكثر وخايفة أكثر!!


فهو أكيد محتر أكثر عقب مادرا أبيه باللي صار!!


يارب مايضربني قدام حسن..


يارب مايضربني قدام حسن!!"



دخل عبدالله بهدوء وعلى وجهه ترتسم علائم غموض..


حين رأته رغما عنها بدأت دموعها تنهمر بغزارة أكبر وشهقاتها المكتومة تتعالى


حينها اتجه ناحيتها.. حين رأته اقترب همست بين شهقاتها:


تكفى لا تضربني هنا عند حسن


خلنا نروح للجلسة..



جلس جوارها وهو يمد يده ناحيتها.. انكمشت بعنف.. ولكنه مسح على شعرها وهو يهتف بحنان عميق مغلف بحزن أعمق:


أنا آسف إذا كان كلام ابي جرحش.. امسحيها في وجهي!!




حين دخل.. كان قراره أنه سيتجاهلها فقط.. لن يكلمها.. حتى لا ينفجر فيها..


فهو يشعر بمرارة الحرج من والده تحرق روحه حتى أقصاها..



ولكن حين دخل ورأى حالتها.. عينيها الزائغتين.. وجهها المحمر الغارق بالدموع..


شعر أن قلبه يذوب.. يذوب بكل معنى الكلمة.. لا يستطيع احتمال ألمها أو دموعها..


هو يحتمل الألم عنها.. لكن هي لا لا..


يستطيع أن يتحمل عنها كل ألم العالم.. ويدفنه بين أضلاعه ليبعده عنها.. حتى لا يقترب من ملامسة حدودها حتى!!




وهي حين مد يده ناحيتها كانت تظن أنه يريد أن يشدها من شعرها للجلسة.. انكمشت بعنف..ثم صعقت بتصرفه الحاني..


شعرت أن مشاعرها المرهفة المرهقة انهارت..


بدون تفكير ألقت بنفسها على صدره..


عبدلله تيبس لثوان وهو يراها في عرض صدره.. ليشدها بحنو.. وهو يضمها لصدره.. ويطبع قبلاته على شعرها..


بينما كانت هي تشهق بعنف وصدره يغرق من غزارة دموعها..


لم يتخيل عبدالله أنها قد تفعلها بنفسها.. كانت سعادة شفافة تتسرب إلى روحه وهو يهمس لها بولع وحنان:


بس حبيبتي خلاص.. خلاص..



كان يشعر كما لو أن صدره يُشق وهو يسمع أنينها الموجوع..


اختلطت مشاعره بعنف.. بين فرحة بوجودها بين أحضانه..


وبين حزن مزق روحه لدموعها الغالية!!


ليتفاجأ أكثر بها تخلص نفسها بحدة من حضنه وتصرخ فيه بكراهية عميقة:


لا تقول حبيبتي.. لا تقول حبيبتي..



علم حينها أن هذه لم تكن سوى لحظة مسروقة من زمن كراهيتها المر.. احتاجت حضنا.. فوجدته.. وحين علمت أنه حضنه هو.. ابتعدت عنه!!



عبدالله ابتعد عنها.. ووقف دون يكلمها..


"يا الله أي قسوة وكراهية في قلب هذه المخلوقة!!


ألا تلين؟!!


ربما لو شعر الحجر بمشاعري تجاهها لذاب تماما..


وهي لا تريد أن تلين حتى!!


كم أنا متعب منها.. ومن هذه الحياة!!


أ يحكم علي أن أحبها كل هذا الحب.. وتكرهني هي كل هذه الكراهية؟؟


حتى متى؟!!


حتى متى؟!!"







*****************************************







" أختكم وش اللي صار فيها؟؟


وأشلون ماقلتوا لي ؟؟ تخلوني لين فقدتكم بروحي وأنا أدور في البيت كني خبل"



علي بنبرة تهدئة: يبه فديتك مافيها إلا العافية.. تبي ترتاح بس يوم وإلا يومين !!



كساب بغضب مكتوم متحسر: إلا فيها وفيها.. وكله منك أنت وولدك!!


خليتوني أهب فيها.. وأنتو عارفين زين إنها عيت تروح للحفل!!


البنية ارتاعت مني.. حرام عليكم اللي سويتوه فيها وفيني!!


لو صار فيها شيء ماراح أسامح نفسي ولا أسامحكم!!



حينها التفت له زايد وهو يهتف بحزم غاضب مثقل بالوجع:


لا تحملنا أغلاطك وأنك ماتعرف تتصرف لا أول ولا تالي..


زين وقلت لك إنها عيت تروح الحفل.. وش الفايدة؟؟


بتقول عيت منه مثل ماخلت الطيران.. عشانها تبي كذا !!


حرقتوا قلبي أنت وإياها على ذا الحال والجفا!!


تعبت منكم وعشانكم... بغيتك تروح تكلمها.. تستفسر منها.. تفتح باب حوار..


مهوب تهب فيها لين صارت كذا!!


لولا إنك ولدي.. وإلا كان قلت حسبي الله ونعم الوكيل فيك!!


ذبحتها أول وتالي!!



زايد أنهى عبارته الموجوعة الغاضبة ثم عاد إلى مقعده بجوار مزون الذي له يجلس فيه أكثر من ساعة وهو يلتزم الصمت ويحتضن كفها بين كفيه..


قبل أن ينفجر بالسؤال في ابنيه!!



كان ينظر بحزنه العميق إلى ذبولها الظاهر.. الهالات تحت عينيها.. مظاهر لم تتكون من يوم أو يومين..


بل كانت تذوي أمامه منذ سنوات.. ويشعر أن روحه تذوي معها وهو عاجز عن رد روحها إليها..


كان يعلم أنها تحب كساب أكثر منه.. من صغرها وهي تحبه أكثر منه!!


لم يعتب عليها.. بل كان سعيدا بهما وعلاقتهما..


وما المشكلة أن يكون لديها أبوان لا اب واحد..؟؟


ولكن هذا الأب الثاني كان قاسيا فعلا!!


ولو كان فعلا أبا ماكان ليقسو كل هذا !!


ولكنه لا يستطيع أن يحاسبه على هذه القسوة..


فمهما كان روح الشباب جرفته بعيدا.. ولا يستطيع أن يمنحه تجربة وثقل مشاعر سنوات مازال لم يمر بها..


حاول طوال هذه السنوات الإصلاح بينهما ولكن مع عناد كساب بدا الإصلاح متعذرا..


ولم يتخيل أنه حتى يحدث الصلح هذا ما سيحدث لصغيرته..


يمد يده ليمسح على شعرها.. وروحه تنزف وجعا مصفى:



"سامحيني يا أبيش..


سامحيني.. ماهقيت إن ذا كله بيصير


ليته فيني ولا فيش يا الغالية!!


ليته فيني ولا فيش!!


يا أبيش لا تخليني!!


الحياة كلها متعلقة بأنفاسش فيها!!


وش حياة مافيها ضحكتش وصوتش؟؟


القبر أحسن منها!!"






**********************************







ثلاثة أيام مرت..


وحالها لا تحسن فيها!!


نائمة طوال الوقت.. كما لو كانت تهرب بالنوم!!


مع إن الطبيب توقف عن إعطائها المهدئات منذ اليوم الأول لأنها لم تعد للثورة ولا للصراخ..


وبدأ بإعطائها مضادات الاكتئاب.. لأنه يتبع الإنهيار غالبا إكتئاب حاد..



ومع ذلك طوال الوقت نائمة..


وأنا أبقى فقط أراقب ملامحها.. أنتظر أي ملامح لاستيقاظها..


وحين يحدث.. وتفتح عينيها..وتراني.. تفر من عينيها دمعة واحدة..


دمعة أشعر بها كمشرط مسموم يمزق مابقي فيني..


وكأنه بقي فيني شيء لم يتمزق من أجلها!!


ثم تعود لإغلاق عينيها والغرق في النوم..


وأنا أعود لمحاولات المراقبة!!



ألازمها طوال الوقت.. لا أغادر المكان إلا حينما يأتيها زوار نساء..



حينها أغادر مضطرا ولكني لا أبتعد حتى.. أبقى في الاستراحة وأطلب من خالتي أن تتصل بي فور مغادرتهن..


وإن أطلن البقاء أحرق خالتي بكثرة اتصالاتي!!


أخشى أن تفتح عينيها أو تصحو أو تتكلم وأنا غير موجود..


أريد أن أكون أول من يسمعها حين تتكلم!!



يا الله هل كان يجب أن يحدث كل هذا حتى أعلم أنني لا أستطيع أن أحيا في العالم بدون وجودها..


ما الجديد كنت أعلم ذلك حتى وأنا غاضب منها!!


ولكن هل كان يجب أن أشعر أن هذا الوجود مهدد حتى أصحو من غيبوبة الغضب ؟؟





*********************************







أربعة أيام مرت..


في الليلة الأولى حين خرج من عندي


لم أستطع النوم مطلقا.. ومازلت في نوم متقطع مليء بالكوابيس والقلق..


حين خرج.. أعترف أنني تمنيت في داخلي..


لو ركضت خلفه وأعدته..


شعرت أن مرارته كانت تخنق روحي..


ولكني منعت نفسي.. قلت لنفسي لابد أن أصلح مابيننا .. وأصلحه هو!!



لم أعلم أنه غير قابل للاصلاح وأنه مملوء بالأعطاب..


ماكان يدريني بما حدث بينه وبين شقيقته.. كيف أعلم أنه كان بحاجتي فعلا؟!!


كيف أعلم بشيء وهو من كان يتباعد ويقسو ويجرح!!



أربعة أيام مرت


لا أراه فيها إلا عند شقيقته حين أذهب لزيارتها.. أو حينما يأتي لللاستحمام وتبديل ملابسه فقط!!


وفي كلا الحالتين يتجاهلني وكأنني غير موجودة!!


ويبدو أنه اعتاد لعبة التجاهل حتى اتقنها!!


أولا مع أخته.. ثم معي!!



عمي زايد أخبرني بكل شيء!!


كان الوحيد الذي شعر بي وأنا أدور في المنزل وحيدة.. ولا أعلم شيئا مما يدور حولي وكأنني لا أسكن معهم في نفس المنزل..


شاركني همه المتجذر الذي عاناه حتى غاص في أقصى روحه..


وشاركته همي الجديد الذي بدأ يغوص في روحي..


وكأنني أعرف هذا الرجل طوال عمري.. وكأن بيننا خيط مخفي من تفاهم يتجاوز حدود الكلام!!


ولكن كل منا كان يشبه الآخر أن هناك أشياء يخفيها لأنه يريد الحفاظ على خصوصية حياته التي يجب ألا تمس!!


فلا يمكن مثلا أن أعري زوجي وسلبياته ولا حتى أمام والده!!



وهأنا أطرق باب مكتبه حين علمت أنه عاد أخيرا..


هتف لي (تعالي يأبيش) يعلم أنه ليس هناك سواي في صقيع هذا البيت..!!



دخلت وأنا أحاول أن أرسم ابتسامة فاشلة لا حاجة لأحد منا فيها:


أشلونها مزون الليلة.. أنا جيت منها عقب المغرب.. كانت على حالها..



هتف بحزن عميق: وأنا توني جيت منها.. وعادها على حالها..


حاولت في كساب يروح معي بس مارضى!!



فهتفت له بسكون: جاء عقب العشاء بدل ملابسه ورجع المستشفى..




لأعود وأتذكر عودته الليلة..


كان يبدو مرهقا تماما..ذابلا.. عارضاه يحتاجان الترتيب..على غير أناقته البالغة أقصاها دائما!!


تمنيت حينها لو أستطعت أن أضمه لصدري..


لم أتخيل أنني قد أراه يوما هكذا.. قد تكون ثلاثة أسابيع مدة قصيرة جدا لتكوين فكرة عن أحدهم..


ولكن اعتداده بنفسه فكرة تكونت منذ اليوم الاول!!



لا أستطيع مطالبته بقرب أذوي إليه من أجله هو.. مادمت قد رفضت أن اكون جواره حين احتاجني..


مادامت الظروف عاكست وكل التوقيتات كانت خاطئة فهل أستطيع إصلاح ما أراد الله عز وجل أن يحدث؟؟



الليلة نهضت لأحضر له غياراته.. ولكنه نهرني بقسوة: أعرف أخذ ملابسي بروحي..



عدت وجلست مكاني.. لا أنكر هذا الألم العميق المتسلط على روحي ومع ذلك هتفت له بحزم:


تراني ما أعرف الغيب.. ودامك تعاملني بذا الغموض وانعدام الشفافية بيننا..


فاشلون تبيني أعرف خفاياك..


تصرخ علي وتجيني وأنت مدخن.. وعقبه تقول تعالي جنبي..



فرد علي بحزم مرعب وهو يرتدي ملابسه: مافيه داعي نحكي في موضوع تافه ماله قيمة..


أما التدخين فنذر لله علي ماعاد يطب حلقي لين أموت إذا ربي شافى مزون..


عشانها هي بس.. مهوب عشانش !!



كم صفعة وجهها لي خلال عبارته القصيرة هذه؟؟


تحقير.. ومهانة.. وقسوة.. وإذلال..



في أحيان كثيرة أجدني أفكر بالهروب من كساب وبيته قبل أن يصل امتهانه لعمق روحي التي ماعتادت أبدا قبول مثل هذا التعامل..


ولكن أجدني أعود لأقول إن هذا تصرف لا يليق لا بتربيتي ولا بشخصيتي ولا بكوني ابنة أصول..


فبنت الأصل لا تتخلى عن زوجها في ظرف مثل هذا..!!


أنا حتى أهلي حين سألوني عن مرض مزون قلت لهم مجرد حمى.. فلست من تخرج أسرار بيتها..



وهأنا الآن أتلهى بالإعداد لزواج تميم الذي لم يبق عليه سوى يومين وأنشغل فيه حتى أقصى طاقتي!!



أخرجني من أفكاري صوت عمي زايد العميق: الله ماخذ عقلش يأبيش..يتهنى به


هاش اخذي!!



انتفضت بخفة وأنا أراه يمدني بورقة مطوية: وش ذا يبه؟؟



أجبني بمودة: هدية صغيرة عشان عرس تميم.. أكيد أنش تبين تجيبين هدية لمرت أخيش.. وعندش مصاريف


أنا داري إن كساب ماكان نسى مثل ذا الشيء.. بس دام موضوع مزون شاغله ماظنتني إنه تذكر..



قفزت وأنا أهتف باستنكار: والله العظيم ما أخذ منك شيء.. كساب مايخلي علي قاصر.. وأنا أساسا عندي فلوس.. جعل خيرك واجد!!



لا أعلم لماذا ابتسم حينها بحزن وهو يقول: جعل كساب يعرف قيمتش قبل يفوت الوقت..


مشكلة كساب مايعرف غلاة الشيء لين يفقده!!







******************************






" حبيبي تكفى ترخص لي!!


سميرة تعبانة وتعبت أمي "



صالح برفض: أمسي عندها الليلة اللي قبل العرس.. بس من الحين لا..


مهوب كافي إني أني رخصت لش تنامين عندهم ليلة العرس بعد


عشان ما تخلين أمش


بس من الحين معناها أربع ليالي وأنا بروحي ..



نجلاء برجاء: وأنت بتحسب الليلة بعد.. خلاص الحين صرنا الساعة وحدة في الليل.. ماعاد تنحسب..



صالح بحزم: دامها ما تنحسب ليش تبين تروحين ذا الحزة.. روحي لهم بكرة.. واقعدي عندهم طول اليوم..



نجلاء برجاء أشد بدأت تستخدم فيه سلاح غرغرة الصوت بالدموع:


تكفى حبيبي أمي اتصلت لي تقول تعالي.. وغانم هو اللي بيجيني!!



صالح هز رأسه بتأفف: صدق دموع تماسيح.. بس تعرفيني على طريف وما استحمل دموعش..


شِين المرة لا عرفت غلاها..


يا الله قدامي أنا اللي بأوديش.. جعل يسقى إذا خلصنا من موال سميرة وعرسها


وفضيتي لي بروحي!!




.


.


.




" يالله قولي لي وش آخر خبالش


خليتي منظري سخيف قدام صالح وأنا هالة الدموع عنده مثل البزران عشان يخليني أجي"



حينها رفعت سميرة وجهها المحمر الغارق في دموعها عن المخدة لتدفنه في حضن نجلاء الجالسة جوارها..


لتشعر نجلاء أن حرارة دموعها اخترقت ملابسها وأغرقت فخذيها.. حينها همست لها بحزن فعلي:


ياقلبي لا تقطعين قلبي.. قومي كلميني..


أدري كل البنات يبكون قبل عرسهم.. بس أنتي حالتش بزيادة..


قولي لي وش اللي مضايقش؟؟



همست سميرة بصوت متقطع مختنق ووجهها مختبيء في حضن نجلاء وكأنها تحادث نفسها:


أقول لنفسي هو حلو وعيونه حلوة وابتسامته تذبح..وأحلى مني..


لكن غير عن المظاهر اللي ماتهم.. فيه شيء في روحه كان يشدني..


شيء كان ودي أوصل له وأسكنه..


لكن الحين أحسه بيسكر كل شيء في وجهي..وماراح يتقبلني!!



نجلاء تربت على ظهرها بحنان: سمور ياقلبي.. ما ظنتي تميم عقله صغير وزعلان من سبت الحادث هذا قضاء وقدر..



سميرة بحزن: وأنا وش يدريني إنه مهوب زعلان.. أشلون أعرف.. أشلون بنتفاهم.. حتى الكتابة يمكن مايقدر يكتب لي!!



حينها همست لها نجلاء بحزن أعمق: المفروض هذا أول شيء فكرتي فيه قبل توافقين عليه.


مهوب تفكرين فيه قبل عرسش بيومين!!







**************************************







" العريس وش يفكر فيه؟؟"



تميم يشير لوضحى بسكون : ولا شيء!!



حينها أشارت وضحى بابتسامة: زين إن هم خففوا جبس يدك اليمين قبل عرسك..


الجبيرة هذي خفيفة واجد.. ماراح تبين حتى من تحت الثوب..


وصرت حتى تقدر تحرك يدك وأصابعك مع الجبيرة.. يعني هانت..



لم يجبها بشيء وهو يتشاغل بأوراق على مكتبه..


حينها أشارت له وضحى بحنان: أنت وش شاغل نفسك فيه.. خلاص نام..



أشار لها بهدوء: شوي.. عندي كم شغلة أبي أسويها عشان الشغل بكرة..



وضحى أشارت بذات الحنان: خلاص ياقلبي بسك شغل.. صار لك أسبوع هالك نفسك شغل..



تميم أشار بحزم: ووش اللي تبني أسويه.. أخلي شغلي عشان عرسي قرب..



وضحى بابتسامة: أبيك ترتاح شوي بس!!


ثم أردفت بخبث لطيف: تدري تميم أنا مستغربة أنك ما سألتني عن شكل سميرة أشلون صارت عقب ماكبرت..


ماعندك فضول!!



حينها أشار وعلى وجهه ترتسم ملامح مرارة غريبة: وليش أسال وأنا شفت بعيني!!



وضحى عقدت حاجبيها: متى شفتها؟؟ وأشلون؟؟



تميم بذات المرارة: حرمنا المصون ماكانت حاطة صورها على اللاب لما جبتيه لي أصلحه؟؟؟



حينها انعقد حاجبي وضحى أكثر: بس أنت قلت لي أنك ماقلبت في الصور!!



أجابها بغضب: وأنا ما أكذب.. وفعلا ماقلبت فيها.. بس الشيخة سميرة كانت مخلية خاصية الصور بحجم كبير..


أول مافتحت نطت لي الصور وبحجم واضح.. سكرتها على طول..


ثم أردف بمرارة شديدة العمق أشبه بالغصة: مادققت أبدا في الملامح..


بس طبعا سكرت عقب ماصقعني بياضها غير الطبيعي ونحرها كله مكشوف..



حينها شعرت وضحى بشيء غير طبيعي في مرارة إشاراته.. لذا أشارت بدفاع مستميت:


هذي كانت صورها في عرس.. وسميرة من كثر ماهي حريصة ماتخلي المصورات يصورنها.. أنا اللي كنت مصورتها..


وكان مفروض إنها بس بتنزل الصور على الجهاز عشان تطبعها.. مهوب ذنبها إنها نستها..



أشار لها حينها بعدم اهتمام يخفي خلفه وجعا شاسعا: إيه صح.. كلامش كله صح!!







****************************************






أربعة أيام مرت


وهو يتجاهلني تماما.. يبدو أنه تعب من تمثيل دور العاشق الكاذب..


وكم بات يريحيني هذا التجاهل..!!


مادام يتجاهلني فأنا لا أوذيه وهو لا يؤذيني.. ونحن نعيش فترة من السلم..


كلا منا لاه في حياته وكأننا محض زميلي سكن..


هو في عمله ومع أهله وابنه.. وانا أيضا مع أهله وأهلي وابني



يأتي لغرفتنا ليرتاح.. يستحم.. يستبدل ملابسه وينام في الليل..دون أن نتبادل أي حديث إلا في أضيق الحدود ومن أجل حسن فقط!!



حتى أني هذه الأيام لا مانع لدي من الاهتمام بملابسه وأغراضه مادام يريحني من كلامه ومن فرض نفسه علي جسديا وروحيا..


وكأنني بهذه الطريقة أوجه له شكري على تجاهله لي..


بقدر ماكرهت تجاهله لي في زواجنا الأول... بقدر ماأحببته في زواجنا الثاني!!


.


.


.




تعبت من تمثيل دور التجاهل بينما أنا أحترق


ما أشبه اليوم بالبارحة!!


هأنا أعود لتمثيل التجاهل كما كنت أفعل في زواجنا الأول..


ولكن الفرق أنني هناك كنت أتجاهلها لأمنع نفسي من الاقتراب منها..


ولكن الآن كيف أتجاهلها وأنا أريد أن أكون أقرب لها من أنفاسها..



مرهق ومتعب لأبعد حد..


ماعدت حتى قادرا على النوم..


وأنا أتقلب على أريكتي وأحترق شوقا لضمها لصدري!!


في الوقت الذي تبدو هي مرتاحة لهذا التجاهل.. لدرجة أنها ماعادت تصفعني بكراهيتها..


بل وترتب كل مايخصني بدقة..


وكأنها تقول لي.. مادامت بعيدا عني فأنا بخير!!



ولكن أنا لست بخير.. لست بخير!!


لا أعلم كيف استعبدني حبها بهذه الطريقة..!!


أعترف أني أشعر بالضعف أمامها..


كان لدي آمال شاسعة أن وهج حبي سيطفئ نار كراهيتها..


ولكن لم أعلم أن الكراهية تعمقت في روحها حتى طبعتها بطابعها..



مازلت حتى الآن آمل في ذلك.. فحبي لها أكبر من كل شيء


ولكن كيف أحقق ذلك إن كان التواصل مفقود بيننا


أكره أن أفرض نفسي عليها..


ولكني ماعاد بي صبرا ولا طاقة لاحتمال بعدها عني!!





.


.


.



ربما أن فترة التجاهل هذه جعلتني أصفي الذهن حينما أرى عبدالله وتصرفاته


سابقا بسبب اندفاعه نحوي في تعبيره عن مشاعره المزيفة


كنت في موقع دفاع دائم..


لكن أجدني الآن أراقب تصرفاته باستغراب..


وأكثر ما بات يثير استغرابي هو تعامله مع حسن!!


يعامله بخبرة واحتواء حتى أكثر مني!!


وبقدر مابات الأمر يؤلمني لأني لأ أريد أن يتولى مسؤوليات ابني أحد غيري


بقدر ما يثير استغرابي لأبعد حد..



قد اتجاوز صبره على مرافقته الطويلة.. وحتى اطعامه له دون يوسخ ملابسه


رغم أن كلا التصرفين ليست من ملامح صبر الرجال هنا ولا تعاملهم


ولكن ما استغربت له بالفعل..


أنه قبل عدة أيام حين ذهبت للسلام على كاسرة..


رفض أن أخذ حسن معي وقال أنه لا يحب أن أخذه لزيارات نساء فقط مادام لايوجد عندهم أطفال من سنه ليلعب معهم..


لأنه معنى ذلك أنه سيبقى طوال الوقت يستمع لأحاديث النساء..


اهتمامه بهذه التفاصيل غريب..


ولكن الأغرب ماحدث تاليا..


كاسرة أصرت أن أبقى للعشاء رغم محاولاتي للتفلت من أجل موعد نوم حسن..


ولكني لم أستطع التفلت منها.. شعرت بالحرج فجلست


كنت قلقة أنني سأعود وأجد حسن قد التهم الكثير من الحلويات..


والطاقة وصلت حدها الأقصى عنده.. وسأعاني حتى أجعله ينام لأنه تأخر عن وقت نومه!!


وحتى إن نام فهو سينام بملابسه ودون أن يستحم أو يغسل أسنانه..



ولكن الغريب أنني حين عدت..


وجدته نائما.. وبجواره عبدالله يعمل على جهازه المحمول وبعض الأوراق!!


حين انحنيت لأقبله كان شعره تفوح منه رائحة الشامبو.. مسرح.. وهو يرتدي بيجامته..


لم أسأل عبدالله عن شيء.. ولكني بداخلي تصاعد الضيق لأنه كان كل ظني أن الخادمة هي من حممت ابني.. وأنا لم أكن أرضى بذلك..


عدا إن ادخال عبدالله للخادمة غرفتي وفي غيابي.. بدا لي قلة تهذيب منه وتقليل مقصود لاحترامي..


ولكن حين دخلت الحمام.. كان الحمام غير نظيف.. والملابس مازالت في السلة..


استغربت كيف تحممه.. ثم لا تأخذ الملابس للغسيل وتنظف الحمام..


وحينها لم أستطع الصبر للصباح توجهت لها وسألتها..


قالت لي أنها لم تدخل غرفتي مطلقا ولا تعلم من حمم ابني..


حينها سألت عالية بشكل غير مباشر.. قالت أنها وصلت للتو فهي كانت تتعشى مع نايف..



حينها سألت عبدالله وانا أحاول أن أتشاغل بترتيب بعض الأشياء وبنبرة عدم اهتمام..



قهرني حين أجابني ببرود: بدل اللفة الطويلة اللي سويتيها وأنتي ماخليتي حد في البيت ماسألتيه.. كان سألتيني على طول!!


أنا اللي سبحته .. وإلا عندش مانع بعد؟؟!!



وتكرر الأمر مرة ثانية حين ذهبت أنا وعالية قبل يومين لسميرة للسلام عليها وإعطائها هديتها!!



من أين أتي بخبرة هكذا؟؟ صالح الذي هو أب من قبله وابنائه بين يديه منذ ولادتهم.. لا يتصرف هكذا!!



أصبح شاغلي هذه الأيام مراقبة تصرفاته مع حسن.. أكاد أجزم أن خبرته أحسن مني حتى..


في ملابسه وأنواعها.. في أعراض الأمراض والأدوية.. في طرق التعامل والتربية!!


بل أنه البارحة كان يهتف بعفوية وهو يلمس بيجامة حسن:


بيجامات البرزان هنا خايسة.. صديقي فيصل جاي قريب..


بأوصيه يجيب لحسن بيجامات من ماركة ممتازة.. ناعمة ومهما انغسلت ماتخرب..


ويجيب له بعد أدوية حرارة.. وخليها في الثلاجة..


أدوية الحرارة حقت البزران هناك ممتازة..




ألا يصيب هذا بالجنون؟!!


يحممه.. يطعمه.. لا بأس..


ولكن من أين يعرف لأنواع البيجامات.. بل ولتحولاتها بعد الغسيل!!


أفكار عديدة بدأت تغزو رأسي..


ولكني أحاول إبعادها..


أ .. أ... أيعقل أن ....؟؟؟


هو لا يهمني.. ولكني لن أسامحه.. أن ترك حسن بعد تعلق فيه هكذا!!








**********************************






رأيته عدة مرات الأيام الماضية..


وهو يزور ابنة شقيقه..



يلقي تحيته الجافة التي بات يعتز بها كثيرا في الفترة الأخيرة..


وأتسائل أين هي نبرته الدافئة التي كانت تذيبني!!



كم يجمع هذا الرجل من المتناقضات!!


وكم هو متعب حتى استنزاف الروح..!!



قد يكون كلا منا الآن مشغول بوضع مزون أكثر من اهتمامنا بأنفسنا!!


ولكن ما الذي يمنعه أن يتعامل معي بصورة طبيعية؟!!


لا أعلم لِـمَ هذا التجاهل وهو بالكاد يلقي التحية ثم يسألني كأنه يتكرم علي:


كيف حالك؟؟ .... وفقط



وإن كان بيننا خلاف.. فنحن زوجان.. وناضجان.. ونمر بظرف أسري طارئ!!


ما الذي يمنع أن يحادثتني كما يحادث أي أحد.. وليس بكوني زوجته!!



حين يجلس بجوار مزون.. وأنا أعلم انه اختار المكان الأبعد عني..


أحاول أن أتشاغل بأي شيء عن النظر له..


ولكني لا أستطيع.. كما لو كان هو بؤرة الضوء في المكان..


لم يغلق زراره العلوي.. يعلم أنني أكره ذلك لأن عضلات أسفل رقبته تبدو واضحة..


ومع ذلك يتعمده.. ربما نسي!! بل تعمد إغاظتي!!



أنظر لساعته.. لقلمه البارز من جيب صدره..


قلت له مرارا.. أن هذا القلم لا يتناسب مع هذه الساعة..


وفي كل مرة كنت أعيده وأحضر له قلما آخر.. وهاهو يحضرهما معا!!



قد يبدو كل ذلك سخيفا.. ولكن لمن هي مثلي!!.. كل إشارة سخيفة ستزدحم بالتأويلات حتى تتفجر!!


كما لو أنه يرسل لي رسالة.. أنه مستغن عن وجودي في حياته..


كما استغنى عن كل ماكنت أحرص عليه في مظهره!!



.


.


.



أسأل نفسي: هل أبدو كشاب مراهق غبي!!


وهل من حولي يلاحظون؟!!



قد أكون مشغولا تماما ومهموما بموضوع مزون..


ولكن لا أستطيع أن أخدع نفسي وأنكر أن جزءا من أسباب زياراتي الكثيرة لمزون.. حتى أراها هي!!



أراها ذابلة مرهقة.. يبدو أننا كلنا نضغط عليها.. الكل يريد حقه منها..


سواءا أنا أو ابناء أخي..


تبدو مثقلة بالهموم بنظرات عينيها الشاردتين!!



أسألها بجمودي الكريه: كيف حالكِ؟؟ ثم أصمت..


بينما أنا أحترق رغبة أن أسألها بالتفصيل عن كل شيء!!


عن كل مافعلته وتفعله في غيابي!!



أدعي أنني لا أنظر لها.. بينما أنا أتصيد النظر لها..


وأكثر ما أنظر له بطنها.. حين أراها وقفت.. هل كبر؟؟ هل مازال زايد الصغير متعبا؟؟



لأشعر حينها أن يدي ترتجف رغما عني.. فقد اعتدت دائما أن أتحسس بطنها وأنا أعقد حوارا طويلا مع ابني أخبره فيه بعشرات الحكايات..وأنا أستمتع برنين ضحكاتها العذبة!!



كم حلمت أن أكون معها حين يتحرك للمرة الأولى!!


ولكن يبدو أن حتى حق الحلم سُلب مني!!






#أنفاس_قطر#


.


.


.



وهذا أنا قررت اليوم أعفيكم من القفلات..


والبارت الجاي خلاص عرس تميم وسميرة


ونشوف تطور حالة مزون


.


.

 
 

 

عرض البوم صور #أنفاس_قطر#  
قديم 17-10-10, 07:37 AM   المشاركة رقم: 53
المعلومات
الكاتب:
اللقب:
VIP




البيانات
التسجيل: Jan 2009
العضوية: 117447
المشاركات: 738
الجنس أنثى
معدل التقييم: #أنفاس_قطر# عضو جوهرة التقييم#أنفاس_قطر# عضو جوهرة التقييم#أنفاس_قطر# عضو جوهرة التقييم#أنفاس_قطر# عضو جوهرة التقييم#أنفاس_قطر# عضو جوهرة التقييم#أنفاس_قطر# عضو جوهرة التقييم#أنفاس_قطر# عضو جوهرة التقييم#أنفاس_قطر# عضو جوهرة التقييم#أنفاس_قطر# عضو جوهرة التقييم
نقاط التقييم: 1255

االدولة
البلدQatar
 
مدونتي

 

الإتصالات
الحالة:
#أنفاس_قطر# غير متواجد حالياً
وسائل الإتصال:

كاتب الموضوع : #أنفاس_قطر# المنتدى : القصص المكتملة (بدون ردود)
افتراضي بين الأمس واليوم/ الجزء الثالث و الخمسون

 

(على ماينزل البارت تراني صار لي أحاول من شوي ينزل سامحوني لو تاخرت شوي)




بسم الله الرحمن الرحيم



السلام عليكم ورحمة الله وبركاته


ياهلا والله بالكل وحياكم الله والله لا يخليني من إطلالتكم وعطر خطواتكم جميع


.


.



الغوالي اللي قالوا أنني أحدثت تغيير مفاجئ في أسلوبي حين جعلت الشخصيات تتحدث عن مشاعرها بلسانها


لا أعلم من أين أتت كلمة مفاجئ هذه؟؟


رغم أن هذا هو الأسلوب اتبعته في الجزء الثلاثين مع جوزاء مرة ومع عبدالله عدة مرات..


وفي أجزاء قبلها وبعدها كنت أستخدمه حين تدعو الحاجة


مثل صالح لما كان يتكلم عن فترة عودة نجلا له


يعني لما تدعو الحاجة أستخدمه .. فليش استغربتوه هالجزء يا نبضات قلبي؟؟ :)


يعني في هذا الجزء.. حسيت إنه لو كل شخصية تكلمت عن نفسها


المشاعر بتوصل لكم بدقة أكبر..عشان تعرفون وش كثر أفكارهم متعاكسة!!


ولما أحس إنه بيفيدني في توصيل الفكرة باستخدمه.. مثل ما بتشوفونه في أحد مواقف بارت اليوم إن شاء الله


.


.


تفسير ثورة مزون ونومها


يمكن كنت طرحت تلميح لتفسير


لكن لنقل إن التفسير شيء آخر أردتكم أن تتفاجأوا به


شيء يشبه شخصية مزون لا شخصيتي ولا شخصياتكم


أتمني يعجبكم


.


اللي استغربوا إنه كاسرة تتعود على زايد..


يمكن ماجبت مشاهد بينهم


بس هي الحين صار لها أسبوعين في بيتهم أسبوع قبل حالة مزون وأسبوع بعدها


والأسبوع الثاني كانت بس هي وهو


فأكيد لازم يتوالمون.. وخصوصا إنها بررت إنها كأنها تعرفه طوال عمره


وأنا قصدت كذا بالفعل


.


أما عن قسوة الرجل العسكري


فأنا من قرايبي القراب واجد من السلك العسكري ومافيه أحن من قلوبهم في العالم كله


ومنهم اللي مافيه أخف من دمه ولا أطيب من قلبه


لكن خل حدة الشخصية ضرورة قصصية وليس القسوة لأني ماجبتهم متحجرين قلوب ولا متوحشين..


.


.


غــســق


عظم الله أجرك في جدتك.. ويجعلها آخر الأحزان يارب


.


يا بنات ادعوا لولد أم عزوز بالشفاء


الله يشفيه ويمن عليه بالعافية ويفرح قلب أمه بسلامته قادر كريم


.


يالله الجزء 53


.


قراءة ممتعة مقدما


.


لا حول ولا قوة إلا بالله


.


.




بين الأمس واليوم/ الجزء الثالث والخمسون







" كساب الله يهداك.. روح لشغلك.. أنا بقعد عندها..


ولا صار أي تطور في حالتها.. أو عدك أتصل فيك فورا"



كساب ينظر لعلي ويهتف برفض قاطع: لا.. ماني برايح مكان..


وشغلي ماعليه شر.. هذا الشباب يكلموني إذا احتاجو شيء..



حينها همست عفراء بنبرة مثقلة بالتعب: زين منت برايح لعرس نسبيك الليلة..


مايصير ما تروح يأمك..



أجابها كساب بحزم: إلا بأروح.. بأبارك له وأرجع..


ثم أردف بحنان: أنتي اللي روحي للبيت.. مايصير تصلبين نفسش كذا خالتي..



عفراء برفض مغمور بالحزن: لا فديتك.. دخلت هنا أنا ومزون سوا.. وبنطلع سوا..


كاسرة أصلا عجزت ترجاني أروح وهي بنقعد مارضيت..


ثم أردفت عفراء بابتسامة مرهقة: وإلا لا يكون هذا قصدك.. تبيني أروح عشان المدام تجي تقعد عندك وأنت لك أسبوع مخليها..



كساب لم يرد عليها حتى..


بينما كان علي من علق وهو يهتف بتلقائية:


تدرون أني استغربت إنه مرت كساب في البيت.. حسبتها في بيت أهلها..


توني دريت إنها موجودة اليوم رحت أبي الخدامة تعطيني الريوق أجيبه لكم..


لقيتها في المطبخ تشوف ترتيبهم للريوق..



حينها هتف كساب بغضب مفاجئ: وأنت دخلت عليها المطبخ؟؟



ابتسم علي: عدال لا ينقطع لك عرق.. مادخلت عليها سمعت صوتها ورجعت.. وناديت الخدامة


ثم أردف بنبرة خبث لطيفة: ودامك رجال تغار..وماتبي حد يشوفها..


ماخفت على مرتك وهي بنية في بيت كبير بروحها.. وأنت حتى ما تنام عندها..


مافيها شيء لو أنت قلت لها نامي في بيت هلش دامك لاهي عنها.. وكل اللي في البيت لاهين..



كساب بغضب: قلتها قبل وأعيدها.. مالحد دخل في تصرفاتي مع مرتي..



علي بذات الابتسامة التي تحولت للجدية: والله كلمة الحق بأقولها.. لو مرتي مكانها مستحيل أخليها بروحها والبيت فاضي عليها..


خاف ربك في مرتك ياكساب.. ترا حتى اللي مايشوف.. بيشوف أنك ماتعاملها بما يرضي الله..



حينها هتف كساب بحزم مرعب: علي اقصر السالفة.. ومرتي مالك شغل فيها..



عفراء تهمس بنبرة تهدئة لكساب: يأمك وش فيك شبيت.. أخيك ترا ماقال إلا الصدق.. ويبي لك الخير..



كان كساب على وشك الرد.. حين اقتحم أجواءهم الصوت الضعيف:


يبه.. يبه..




كساب انتفض بعنف وهو يلتفت بحدة لمصدر الصوت.. كانت مازالت مسبلة العينين وعلى ذات وضعيتها النائمة..


كساب هتف بخفوت مبحوح وكأن صوته كله ذهب من شدة الترقب واللهفة:


علي اتصل في ابي خله يجي الحين.. أساسا هو تو رايح.. مابعد بعّد!!



اقترب بخفة وهو يجلس جوارها ويهمس لها بكل حنان العالم ولهفته المجروحة


ترقب أيام وليال متطاولة امتدت لقرون:


مزون ياقلبي.. أنتي صحيتي؟!!



حينها شعر بهمساتها كما لو كانت سهاما من سعادة اخترقت روحه المثقلة باليأس: يبه.. يبه!!



كانت تنادي بضعف ودون أن تفتح عينيها كساب التفت لعلي وهو يكاد يجن من سعادته: علي تكفى خل ابي يأتي بسرعة



يد علي ترتعش على الهاتف وهو يضيع مكان الأزرار ويهتف بتأثر: هذا أنا اتصل لا تربشني..



بينما عفراء جلست وهي تضع يدها على بطنها لأنها شعرت بثقل كبير في جسدها كله..


كانت الايام الماضية مرهقة تماما لها جسديا وروحيا!!



مزون لم تعد مطلقا للنداء أو الهمس.. بينما الجميع يشعرون أن الدقائق تمر متثاقلة بطيئة.. وهم في انتظار زايد..


كساب مازال يجلس جوارها وهو يكتف نفسه وكل مايخشاه أن تكون هذه الهمسات همسات عابرة وتعود لحالتها التي أضنت روحه..



" يالله يا كريم أنك تمن عليها بالعافية من عندك..


لو قعدت على ذا الحال..


ما أعرف أنا أشلون بأعيش وأتعايش مع الوضع!!"




زايد دخل وأنفاسه تعلو وتهبط وهو يهتف برعب جازع: وش فيها مزون؟؟ وش فيها؟؟



علي بقلق: كانت تدعيك يبه!!



كساب وقف ليجلس والده مكانه ودون أن يتكلم.. يشعر أنه لا طاقة فيه للكلام والترقب يستنفذ كل طاقته..



زايد جلس جوارها وهو يمسك بيدها ويهمس لها بحنان متألم وهو يشعر بقلق عميق ألا ترد عليه.. لأنه اُستنزف وهو يناديها الأيام التي مضت دون مجيب:


مزون يأبيش.. أنا هنا..



حينها فقط فتحت عينيها.. وكأنها كانت تنتظر وصوله.. ولا تريد أن تفتح عينيها إلا على وجهه.. همست بضعف:


هلا فديتك.. كنت أتناك من زمان.. ليه ماجيت؟؟..



قبل جبينها وهو يشعر برغبة عميقة للبكاء لفرط سعادته: وهذا أنا جيت يأبيش..



همست بتثاقل: رأسي يوجعني.. كم صار لي راقدة؟؟



هتف بكل حنان العالم: رقدتي واجد.. واجد يابيش..



همست بذات التثاقل ولكن بنبرة مغرقة في الوجع: تدري يبه كني سمعت كساب وشفته هنا..


بس عقب قلت أكيد أتحلم.. كساب وش بيجيبه عندي!!



حينها تقدم من كان يقف خلف والده وقلبه يكاد يتوقف من شدة سعادته التي غمرت كل جوانحه حتى أقصاها..


ليهمس بحنان عميق: وكساب صدق هنا!!



حينها ارتعشت بعنف وهي تغلق عينيها بقوة.. حينها اقترب كساب حتى وقف جوارها مباشرة..


شد على يدها بقوة حانية وهتف بحنان تغلفه نبرة الحزم:


زعلانة علي.. افتحي عينش وحطيها في عيني.. وقولي إنش زعلانة وخلينا نتكلم.. لا تهربين..



همست بصوت مختنق وهي مازالت تغلق عينيها: تبي تعاتبني أني أهرب..


واحنا اصلا عايلة هذا أول شيء تسويه.. أنت هربت وعلي هرب.. كلكم كنتم متفشلين مني وهربتوا مني..


ابي هو الوحيد اللي ماخلاني ولا هرب مني.. ما أبي أشوف حد غيره..



هتف كساب بذات النبرة الحازمة الحانية: حن يوم قررنا نهرب على قولتش


كان قرار والتزمنا فيه.. وماغمضنا عيوننا وحن نسويه..


افتحي عيونش وقولي إنش ماتبين تشوفيني!!



حينها فتحت عينيها بتردد.. وعادت لإغلاقها بسرعة وهي تراه يقف أمامها بإرهاقه المتبدي في كل تفاصيله.. نظرة العينين الحانيتين اللتين افتقدهما حد الوجع


جبينه المعقود بحزم كالعادة..


هتف لها بأمر مباشر: مزون افتحي عيونش..



لتفتح عينيها دون تردد.. ويصبح الاثنان هما بؤرة المشهد والبقية يراقبون بأنفاس محبوسة..


فهم كانوا يشاهدون مجبرين طيلة السنوات الماضية هذا الفيلم المؤلم الذي لايريد الانتهاء..


وهاهي النهاية توشك على طرق الأبواب مع كل توجس العالم كيف ستكون هذه النهاية؟؟



فتحت عينيها بينما اقترب منها لينحني عليها ويدخل ذراعه تحت كتفيها ليجلسها


ويجلس جوارها على طرف السرير وهو يسندها


لأنه يعلم أنه إن أجلسها وتركها فقد تهوي لطيلة فترة نومها الماضية وتخدر جسدها..


والسبب الأهم أنه لا يريد أن يتركها بل يريد أن يحتضنها قريبا من قلبه..


وكم اشتاق لاحتضانها!!



وهي حين شعرت بدفء ذراعه التي أسندتها.. وهي كانت تظن نفسها تحلم.. حلم خشيت أن تفتح عينيها وتجده تبخر.. دفنت وجهها بين كفيها وبكت


كانت تتمنى لو دفنت راسها في كتفه.. ولكنها خشيت ألا يستقبلها حضنه..



"فقد تعبتُ من آمال لا تحقق!!


تعبت من أيام وليال تطاولت وأنا أرهف السمع كل ليلة في انتظاره عله الليلة يطل علي!!


لتنتهي الليلة دون أن يتحقق حلمي سوي من دموع أذرفها على مخدتي.. التي اعتدت أن أبدلها كل أسبوعين..


لأنني أوقن أنها ما عادت تحتمل المزيد من الدموع.. وأنها ستنفجر تحت راسي لو حملتها أكثر... بينما أنا أحتمل!!


ومع ذلك بقيت أحلم.. ولم أتوقف عن الحلم!!


.


لكن حين انفجر بي.. شعرت أنه مهما انتظرت بعد ذلك فلن يتحقق حلمي


رفضت أن يقترب مني.. لأني لا أريد حضنا سأفقده للابد..


لن أحتمل أن أتذوق حضنه وأنا أعلم أنها المرة الأخيرة..


كانت كلمة المرة الأخيرة هي ماتطرق رأسي.. لا أريده.. إن كان سيحضنني لمرة وسيرحل..


كنت أشعر أن هذه اللحظة قادمة لا محالة..


كنت أشعر أنه ينتظر الفرصة ليترك البيت وينخرط في حياة مستقلة بعيدا عنا.. ويتناسانا..


وأحاول أن أنكر هذا الشعور وأبعده عن قلبي لشدة ماكان يرعبني..


أحتمل حتى بعده وتجافيه ولكن وهو معي في ذات البيت..


حتى لو سافر ..رائحته هنا.. ملابسه.. كتبه.. أشياء أتصبر بها على بعده..


ولكني من ناحية أخرى كنت أقول لو أراد أن يفعلها لفعلها من منذ زمن.. ودون اهتمام..


ولكن كنت أصبر قلبي وأقول أن كساب يهتم كثيرا لمظهره أمام الناس..


وخروجه ليسكن وحده سيثير الكثير من الأقاويل


ولكنه الآن وجد الغطاء المناسب


هاهو تزوج.. ثم اتخذ حفلا رفضت حضوره ذريعة ليهرب مني نهائيا..


وحتى يجد المبرر كله.. أعاد كل الذكريات المرة وفتح كل الجروح بيننا


ثم أتى يريد احتضاني لمرة.. لا أريد هذا الحضن الأخير إن كنت حُرمت حضنه للأبد..


لا أعلم ما الذي حدث بعدها.. نمت ربما.. ونمت طويلا...


لم أكن أريد أن أصحو من النوم.. لأني كنت متيقنة أنني حين أصحو سأجده رحل للأبد..


والغريب أنني كلما فتحت عيني.. رأيته هو.. لتفر دموعي رغما عني.. يبدو أنه لا يريد مغادرة أحلامي..


ما أجمل الأحلام إن كان هو فيها.. لأبقى إذن نائمة مع ذكراه..


.


ولكن رغما عني.. وجدتني أصحو لأنه مازال في الحياة من يستحق أن أقاتل من أجله..


من أجل زايد.. من أجله فقط استفقت..


زايد الذي لم ينبذني ولم يقسُ علي..


زايد الذي مهما ارتحل الجميع وتركوني فهو سيبقى معي


زايد الذي أعلم أنه من أجلي احتمل المرارة وقسوة الحرج وكل من حوله يعاتبونه..


زايد أبي وأمي وشقيقي..


ليرحلو كلهم.. فأنا وهو باقيان !!"



كساب شد كفيها ليبعدها عن وجهها وهو يهمس قريبا من أذنها بعمق أزلي:


إذا قلت سامحيني .. بتسامحيني؟؟..



ارتعشت بعنف وهي تشهق وتهمس باختناق: وش قلت؟؟



هتف بصوت أعلى قليلا: أقول أنا آسف.. تسامحيني؟؟


وإلا قلبش صار قاسي مثل قلب أخيش؟؟



عفراء رغما عنها بدأت دموعها تنهمر.. فالموقف كان أكبر من احتمالها..


بينما زايد وعلي وقفا في موقف المراقبة وتأثر عميق يهزهما هزا



حينها.. حينها..


حـــيــــــنـــــها..


أدرات مزون وجهها لتدفنه في كتف كساب.. وهي تنفجر في بكاء جنائزي..


الغريب عاد لوطنه..


والعصفور عاد لعشه..


والطفل عاد لأحضان أمه!!


يا الله كم هذا الشعور جميل ومؤلم وسامٍ!!



كساب احتضنها بقوة كما لو أنه يريد أن يعوض عما مضت من أيام باردة قاسية.. تحجرت مشاعره فيه لدرجة اليأس..


وهو يهتف لها بحنان موجوع: بس.. بس.. طالبش ماتبكين..



علي هتف بتأثر: والمسكين هنا أنا.. طلعت هربان.. ولا حد عبرني ولا حد حضني!!



مزون أفلتت كساب بخفة وهي تمد يديها لعلي.. علي اقترب ليحتضنها بحنو وهو يقبل راسها ويهتف بحنان شاسع:


الحمدلله على سلامتش يالغالية..


والله العظيم الدنيا من غيرش ما تسوى






**************************************







مضى لها حوالي أسبوع وهي تتهرب مني


وقبل هذا الأسبوع كانت تتشاغل عني..


تتشاغل بعشرات الأشياء..


حينا ترتب مع الممرضات الملفات


أو يعلمنها الفرنسية.. أو يعلمنها التطريز أو التريكو أو تنسيق الازهار..


وتقضي ماتبقى من الأوقات بين هذا كله..إن كان تبقى وقت.. في قسم الأطفال الذين يعانون ذات مرضها..


وخصوصا مع وجود طفلين عربيين في القسم كانت تقضي كثير من الوقت مع والدتيهما..



أنا سعيد جدا أنها خرجت من قوقعتها وتتفاعل مع من حولها.. وتبدو هي سعيدة بذلك إلى درجة الإشراق..


ولكن أنا أشعر بالوحدة فعلا.. فأنا حياتي الفترة الماضية تمحورت حولها.. وكنت مشغولا بها تماما..


أشعر كما لو كانت تستغني عني.. وهذا الإحساس يؤلمني لأبعد حد!!




ليتحول بعد ذلك كله تشاغلها الذي كان عفويا إلى هروب متقصد..


قد يكون الذنب ذنبي.. وإن كنت أرى نفسي غير مذنبا..



قبل أسبوع وجدتها تصنع لها شيئا بالتريكو.. سألتها ماهذا؟؟


فقالت أنها ستجرب فيني مواهبها الجديدة.. وتصنع لي شالا سيكون جاهزا مع اقتراب الشتاء..



حينها تناولت كفها بعفوية وقبلتها.. أو لأعترف وأقول أني لم أكن عفويا..ربما أطلت أو تعمقت..


ولكن ما السوء الذي فعلته؟؟ هذه زوجتي..


وتقبيلي كفها تعبير عن امتناني لما ستصنعه من أجلي.. شعرت أن في هذا نوع من التقدير لها..


والقبلة كانت لمجرد كفها لم أقبل خدها ولا شفتيها..


لذا صدمتني ردة فعلها الحادة.. وهي تبكي وترتعش وتطلب مني الخروج من المكان!!



ومن بعد ذلك لم نعد مطلقا للتناقش في الموضوع.. لا هي عاتبت.. ولا أنا اعتذرت.. لأني لم أرد فتح الموضوع مرة أخرى..



ولكنها من يومها بدأت تتهرب مني.. أو ربما هذا إحساسي.. لأن ماكانت تتشاغل به قبلا هو مايشغلها الآن..


كل شيء له من وقتها نصيب إلا أنا !!!





.


.


.




أريد أن أفرج عنه وأمنحه حريته..


فهو شاب يريد أن يكون مع شباب من سنه.. يلعب كرة القدم التي أعلم أنه مفتون بها..


يذهب للفرجة أو التسوق..


وبما أني أصبحت أحسن.. فلماذا لا أطلق سراحه؟؟


أعلم أنه تعرف على مجموعة من الشباب في جنيف.. يستطيع الذهاب وقضاء اليوم هناك..


لا أريده أن يشعر أنه مقيد بي وكأنه سجين عندي.. وخصوصا أنني وجدت عشرات الأمور التي تسليني وتشغلني..



مادمت سعيدة وأتسلى فلماذا لايكون مثلي!!


ولأعترف أنني بعد تحسني.. بدأت نظراته لي تقلقني!!


لم تعد نظرات خليفة المشفقة الحانية التي أدمنتها


ولكنها تتحول لشيء أعمق واخطر.. شيء يقلقني كثيرا..


وما أكد لي ذلك هو قبلته غير البريئة إطلاقا لكفي قبل حوالي أسبوع..


أعترف أني أصبت بحالة بكاء غير طبيعية.. وكأن خليفة الذي أعرفه غادر وتركني مع خليفة آخر لا أعرفه..


فخليفة الذي أعرفه واعتدت عليه لم يكن مطلقا ليتصرف هذا التصرف..


بدا قلق ما يتسرب لروحي.. قلق أقرب للخوف!!



وأعترف أني بدأت أشغل نفسي أكثر وأكثر.. والغريب والمضحك أن شهيتي مع العمل انفتحت أكثر وأكثر..


هذا الأسبوع ازددت كيلوين دفعة واحدة..


الاطباء استغربوا وبدأو يعيدون جدولة برنامج طعامي.. فهم لا يريدون أن تتحول حالة فقدان الشهية لفرط شهية..


وإنما يريدون إعادة التوازن لحياتي بشكل نهائي وطبيعي!!


لا أعلم كيف وأنا أشعر أن حياتي غير متوازنة!!






**************************************







"سميرة قومي يا بنت وش ذا النوم كله؟!!


لش أسبوع كنش قردة ماترقدين..


واليوم ما تبين تقومين"



سميرة تفتح عين وتغلق الأخرى وهي تهتف بنبرة ثقيلة غارقة في النوم:


نجلا تكفين بأنام ساعة وحدة بس


أنا أصلا كلت حبتين منوم.. لو سحبتيني بأنام عليش في الطريق..



نجلاء بغضب: لا بارك الله فيش من بنت..


وأنتي أشلون تأكلين منوم بدون ماتقولين لي..



سميرة لم ترد عليها لأنها عادت لتغرق في النوم.. نجلا كانت تدور في الغرفة بغضب وهي تكمل تجهيز بقية أغراض سميرة


وتهتف بغيظ: زين يا الخبلة.. زين.. اخمدي شوي لين أخلص باقي شغلي..


عقبه بأسحبش من شعرش للحمام.. وأفك الماي عليش..



ولكنها توقفت عن حركتها السريعة وعادت لتقف جوار سميرة النائمة وتنتحني لتمسح على شعرها بحنان وتهمس بشجن عميق موجوع:


ياقلبي ياسميرة.. ميتة من التعب وماعادت تعرف أشلون تريح جمسمها دام عقلها تعبان مايرتاح..


نامي ياقلبي.. نامي.. ريحي شوي..


الله يكتب لش الراحة والسعادة وين مالقيتي وجهش!!







**********************************






" كساب قوم روح لشغلك..


هذا أنا زينة.. وسمعت الدكتور بنفسك.. يقول اليوم بيسون لي فحوص شاملة


وبكرة بيطلعوني إن شاء الله


وابي وعلي راحو وأنت عادك قاعد"



حينها علقت عفراء بابتسامة أمومية دافئة: أصلا صار له على ذا القعدة أسبوع


لا راح للشغل ولا حتى للبيت..



حينها همست مزون بجزع: وكاسرة وينها؟؟



رد عليها كساب بحزم: كاسرة ماعليها شر.. في بيتها ولا عليها خلاف..



همست مزون بحرج: البنية عروس ما كملت شهر.. وأنت تخليها وتقعد عندي!!



أجابها كساب بحنو عميق وهو يميل ليقبل جبينها: الحمدلله اللي رجعش لي بالسلامة..


وأصلا لو قعدت عندش عمري كله ماكفرت عن اللي سويته!!



حينها همست مزون بحزن: لا تحمل نفسك ذنب.. هو ذنبي أنا..



كساب قاطعها بحزم: خلاص مانبي كلام في ذا الموضوع..



أجابته مزون برجاء شديد: زين إذا لي خاطر عندك.. طالبتك..


قوم روح لشغلك.. وعقبه لمرتك.. لا عاد ترجع هنا الليلة..



كساب باعتراض: بس..



مزون برجاء أشد: قلت طالبتك.. تعال بكرة الصبح عشان ترجعني البيت..







************************************







" من اللي بتروح معي الحين؟؟


أنتي وإلا وضحى؟؟"



كاسرة مشغولة بالتأكد من الأغراض الموجودة في الأكياس وتهتف بثقة:


الحين وضحى بتروح معش.. لأنها تبي ترجع تتسبح عشان ترجع تتزين مع سميرة في القاعة..


وهي بتشرف على الترتيبات الأخيرة..


وأنا اللي بأروح معش المرة الثانية عشان أشوف ترتيبات القاعة قبل تكمل


ثم بأرجع و بتجيني اللي بتزيني هنا.. وبأخلص قبل المغرب وأجي لش القاعة



مزنة بحزم: زين بتقعدين لين تلمين معنا أغراضنا آخر الليل؟؟ وإلا بتروحين لبيتش؟؟



كاسرة بثقة: لا بأقعد وبأرجع معكم هنا.. وبأمسي هنا الليلة..



حينها صرت مزنة عينيها بحزم: استأذنتي كساب زين؟؟



" حتى لو لم أستأذن..


لن يعلم أنني لم أنم في البيت حتى!!"


ولكنها هتفت بحزم: أكيد بأستأذنه وماظنتني إنه بيعيي..



كاسرة بالفعل شدت هاتفها لتتصل به.. رغم أنها كرهت أن تتصل به..


فالحوار بينهما الأيام الأخيرة كان شبه مقطوع..


تعلم تماما ماذا سيقول (سوي اللي تبينه!!) المهم ألا تزعجه!!


لذ تفاجأت برفضه القاطع: لا.. ترجعين وتنامين في بيتش..



كاسرة تشعر بغيظ لم يظهر في صوتها الواثق: أنت صار لك أسبوع ماتدري عني شيء..


يعني لو نمت عند هلي يمكن ماتدري.. فليش تبي ترفض بدون سبب!!



كساب بحزم بالغ: وأنتي لازم تنشفين الريق وتطولين السالفة وهي قصيرة..


قلت لش ترجعين بيتش ترجعين بدون نقاش..


أيش الشيء اللي مافهمتيه في كلامي؟؟..



كاسرة شدت لها نفسا عميقا حتى لا تنفجر وهي ترص على الأحرف والكلمات:


إذا على الكلام مفهوم.. ومهوب أنا اللي يجهلني الحكي.. لكن صاحب الحكي هو اللي ماينفهم..


كساب أنا لازم أقعد مع أمي نلم باقي أغراضنا عقب مايروحون المعازيم.. عشان كذا بأرجع معها..



أجابها بحزم أكبر: اقعدي براحتش.. وساعدي أمش مثل ماتبين.. وإذا خلصتي أنا اللي بأجيبش!!







***********************************






" الحين أنتي ليش ترجفين كذا؟؟


ترا أخي مايعض والله العظيم"



حينها أجابت سميرة (بعيارة) باكية وهي تمنع دموعها من الانهمار:


زين يمكن إنه يشخر أو يرفس وهو نايم..



وضحى أيضا تحاول منع دموعها من الانحدار تأثرا مع حال سميرة وهي تهمس باختناق:


لا مافيه أهدأ منه وهو نايم كنه بيبي متكتف..



سميرة شدت يد وضحى وهي تهمس باختناق: وضحى تكفين لا تخليني!!



وضحى ترسم ابتسامة فاشلة: تكونين رايحة تحاربين وتبين مساندة عسكرية..


أصلا أنتي يا الغبية حتى الاوتيل مارضيتي تروحين..


خلاص هذا أنتي الليلة في بيتنا ووطوفتي وطوفتش وحدة.. دقي الطوفة وأنط لش بالمساندة..


والحين افرديها.. المرة عصبت.. تبي تخلص شعرش تحط الطرحة..



حينها قفزت لهم نجلاء التي انتهى شعرها والتي كانت تراقب من بعد اختناق سميرة بالدموع..


وتوقف خبيرة الشعر لأن سميرة شدت وضحى لتقف جوارها!!



نجلاء تحاول أن تهمس بمرح تخفي خلفه اختناقها الحقيقي الذي بدأ بالتزايد منذ بدأت سميرة في التزين واقتراب موعد الختام:


اسمعيني سمور.. ياويلش تخليني أبكي وتخربين مكياجي.. تراني أبي أرجع لصالح يشوفه.. مهوب يشوف خريطة ألوان..


وأكيد بعد تميم مايبي يشوف خريطة ألوان!!



سميرة حينها بدأت تشهق حين تذكرت أن تميما سيراها رغم أنها لا تنسى..


وانحنت وهي تدفن وجهها بين كفيها..


خبيرة الشعر هتفت بتأفف: هيك ماراح نخلص ولا الصبح!!



نجلاء أزالت يديها عن وجهها وهي تهتف لها بحزم: اصطلبي يا بنت.. اللي سوت لش المكياج راحت.. من بيعدله لش لو خربتيه..


وإلا تبين تضحكين الناس اللي بيدخلون يسلمون عليش..


أنتي بتعقلين وإلا أدعي أمي تشوف لش صرفة؟؟



حينها همست سميرة وهي تهتف كطفلة تجبر نفسها على الصمت:


أمي لا.. لا.. أمي بروحها متضايقة..وجننتها الأيام اللي طافت.. لا تضايقينها أكثر.. تكفين نجلا.. خلاص بأسكت!!



نجلاء تأخرت للزواية وهي تتظاهر بالانشغال في ترتيب أغراض سميرة المتناثرة وجمعها..


بينما كانت أنفاسها تعلو وتهبط.. وتقهر نفسها بشدة حتى لا تنفجر بالبكاء..








***************************************







كانت تتأكد من شكلها في المرأة ومن ثبات اكسسوار الشعر قبل أن تتناول عباءتها المفرودة على السرير لتلبسها..



حينها دخل..


لم تهتم لدخوله.. فهما الأيام الماضية اعتاد كل منهما تجاهل الآخر..


وهي أدت ماعليها واستأذنته للذهاب لحفل زفاف ابن خالها وأذن لها..


لذا لم تهتم وهي تتناول العباءة.. ثم تتذكر شيئا فتنزلها... لتتاول حقيبتها.. وتضع فيها البودرة والعطر وأحمر الشفاه..



ولكنها لا تعلم أن هذا الآخر الذي كان يراقبها بدقة.. قد نضج تماما.. ويشتعل شوقا لها!!


يريد أن يعاقبها فإذا به يعاقب نفسه..


فبعدها عنه يسعدها ولكنه يتعسه.. وماعاد به أي طاقة للاحتمال!!


هي على كل حال تفتنه.. فكيف وهي بفتنتها التي بلغت أقصاها الليلة في فستان حرير سماوي؟!!



كانت على وشك ارتداء عباءتها حين فوجئت به يشد عباءتها من يدها..


ويمسك بها من خصرها.. انتفضت بعنف وهي تبعد كفيه عنها..


وتهمس بقرف: عبدالله لو سمحت أنا بأروح العرس.. أمي صافية وعالية ينتظروني تحت..



أجابها ببرود مدروس: اتصلي فيهم وقولي عبدالله بيوديني.. خلهم يروحون..



أجابته بعصبية: الظاهر أنك استخفيت..



حينها هتف بحزم بالغ: والله ماحد مستخف غيرش.. أنتي بتعرفين أشلون تكلمين معي.. وإلا حلفت ما تحضرين العرس الليلة..



حينها أجابت بجزع: لا عبدالله تكفى.. هذا عرس ولد خالي.. وعرس بنت عمك..



حينها أجابها بحزم أكبر: زين دامش ميته تبين تروحين.. تسنعي..


الحين تقعدين عندي وعقب أنا بأوديش.. وأنا رايح العرس..



أجابته بتأفف: أنت وش طرى عليك.. صار لك أسبوع راحمني من ثقل طينتك


وإلا مايهون عليك تشوفني مستانسة تبي تنكد علي..



أجابها بتقصد وهو يتناول كفها ويفتح باطنها ناثرا قبلاته فيها: نكد متبادل ياقلبي


ميت من شوقي. وأنتي لو أموت صدق ماحسيتي فيني!!



حينها شدت يدها بعنف: عبدالله خلني أروح..



أجابها بحزم بالغ: قلت لا..



حينها علمت أنه جاد فيما يقول ( وش ذا الشوق اللي طلع عنده فجأة


وهو أسبوع كامل كني والطوفة واحد


حتى المطالع مايطالعني!!)


حينها قررت اللجوء للخبث النسائي المعهود.. لأنه علمت يقينا أنها أن عاندت فهو سيعاند..


لذا همست بمداهنة مدروسة كاذبة: زين عبدالله خلني أروح الحين..عيب أتأخر.. ووعد علي أني لا رجعت أرضيك وأسمح خاطرك..



حينها ضحك عبدالله: تدرين أنش ماتعرفين تكذبين..


ولا كذبتي قعدتي تشبكين إيديش لأنش مرتبكة..



جوزاء التفتت ليديها لتجد أنها بالفعل كانت تشبك أناملها وهي تفركها بشكل دائري..


جوزاء شعرت بالغيظ الممزوج بالحرج.. قد تكون بالفعل لا تكذب عادة وتكره الكذب..


ولكنها لا تنكر أنها هذه الأيام تكذب على أهلها وأهل عبدالله في شأن علاقتها بعبدالله وأنهما مرتاحان..


ولا يبدو أن هناك من اكتشف كذبها.. فكيف اكتشف هو أنها تكذب؟؟



أجابته بغيظ: خلاص ماراح أكذب عليك.. بأقول لك لا رجعت تفاهمنا.. وما أعتقد أني أقدر أمنعك من حقك إذا بغيته!!



حينها أشار لها عبدالله بيده أن تغادر وهو يفتح دولابه ليتناول له ثوبا


ويهتف بنبرة عميقة بها رنة حزن واضحة بينما كانت هي ترتدي عباءتها:


تدرين جوزا.. يمكن أكون محتاج لش جنبي مثل ما أي رجال محتاج مرته..


لكن عمر ماحاجتي لش كانت مجرد حاجة جسدية رخيصة..


أنا قعدت الاربع سنين اللي فاتت بدون مرة.. وكنت مقرر أني بأقعد عمري كله كذا..


لأنه كان مستحيل أضم مرة لصدري عقبش..


جوزا لازم تشوفين لش حل في طريقة تعاملش معي.. لأنه الصبر له حدود..


وأنا أبي منش الاحترام قبل أي شيء..


لا تحبيني.. بس احترميني..



جوزاء غادرت وكل ماقاله له يتقزم ويتراجع أمام عبارة واحدة


(أنه بقيت السنوات الأربع الماضية بدون امراة)



"إن كان كذلك..


فمن أين أتت معرفته بالأطفال؟؟


يا الله رأسي سينفجر من كثرة التفكير!!"






******************************************






نجلاء مازالت تحاول منع دموعها التي تريد الانهمار منذ بداية هذا اليوم


وهي تنظر لشقيقتها التي كانت تجلس بين صديقاتها الكثيرات اللاتي حضرن كلهن اليوم..


كانت غاية في البهاء والبراءة والحسن.. تبدو كما لو كانت إحدى شخصيات القصص الكرتونية لشدة رقة ملامحها وصفائها غير المعقول..


تبتسم نجلاء بشجن وهي تنظر لفستان سميرة الشديد الرقي بأكمام الدانتيل الطويلة حتى منتصف كفها.. وتذكر خلافهما حوله..


كانت نجلاء تريده بدون أكمام حتى يظهر لون الحناء ونقوشه الغامقة في شدة بياض بشرة سميرة المصقولة!!


ولكن سميرة رفضت وبشدة كانت تقول ببراءتها العذبة: "تبين تميم لاشافني يقول هذي مافي وجهها حيا..


استحي أول مرة يشوفني.. يشوفني متفسخة كذا!!"



نجلاء لم تقترب منها منذ صعدت لتجلس على مقعدها.. تركت المهمة لوضحى..


لأنها تشعر أنها لو اقتربت فأنها ستثير فضيحة بمناحة تشعر بها باتت قريبة..



كانت شعاع تهمس لسميرة بخفوت: أنتي وين ركبتش داستها.. خلني أقرصها..



فتهمس وضحى بابتسامة مرحة: وخري يالبزر.. وصفي في الدور.. أنا أول.. أنا أكبر وتخرجت وأشتغل..


وأنتي أصغر وعاد باقي عليش سنة..



حينها ابتسمت شعاع وهمست (بعيارة) وهي تنظر لسميرة وبجوارها عالية:


إذا هذي وبنت عمها اللي عقولهم لش عليها تحفظ.. اعرسوا..


يعني حن اللي ركادة وثقل مانعرس..



عالية (بعيارة) أشد: لا حد يحارشني.. أنتو قلتوها عقلي عليه تحفظ..


لا ينوبكم من التحفظ شوي..


تعرفوني خبلة وماينداس لي على طرف!!



شعاع تضحك: احترميني تراني حماتش.. واللي خليت أخي يتورط ويستخف ويأخذش.. بركاتي يعني


وإلا كان الحين الحال من بعضه وأنتي عانس حالش حالنا!!



عالية تضحك: يبقى ذنبش على جنبش في اللي بأسويه فيش وفي أخيش..


مافيه حد صاحي يحط الحية في خُرجه.. (الخرج= كيس منسوج يستخدم لحفظ الأغراض قديما)



وضحى بابتسامة : المثل ذا ماله شبيه عند خالش هريدي ياسميرة "اللي يحط الحية في خُرجه"..؟؟



سميرة لم تكن تستمع حتى .. عيناها زائغتان وذقنها كان يرتعش بشدة دلالة على شدة ارتعاشها!!..



عالية همست بخفوت وهي تشد على كف سميرة: سميرة الناس شوي وينتبهون لش..



شعاع وقفت فورا في وجه سميرة حتى لا يراها أحد.. بينما وضحى جلست من الناحية الأخرى.. وهي تقرأ آيات من القرآن الكريم عليها..


ولكن الارتعاش لم يتوقف.. شعاع همست بقلق: أقول لنجلا تجي؟؟



عالية برفض قاطع: لا تنادون لا نجلا ولا خالتي أم غانم.. الثنتين أصلا على طريف.. وماسكين نفسهم بالغصب!!



عالية شدت ذراع سميرة بقوة وهي تهمس في أذنها بحزم: سميرة ركزي معي..


لا تفضحين نفسش وتفضحينا.. أدري أنش مستحية يالخبلة..


بس الناس اللي بيدخلون هنا يسلمون.. لا شافوش كذا ماقالوا مستحية.. قالوا مغصوبة..


امسكي اعصابش لين تروحين.. عقبها فكي دموعش كلها تميم.. وسودي عيشته



وضحى تحاول أن تبتسم بفشل لتأثرها من حال سميرة: خوش نصيحة لبنت عمش.. واللي بيروح فيها أخي المسيكين..



حينها حاولت سميرة أن تبتسم..


صفقت شعاع بخفة وهمست بخفوت: جدعة يا بنت أخت هريدي.. امسكي الابتسامة ذي لين آخر العرس طالبتش!!







***************************************







" يمه ترا تميم يقول مهوب داخل!!


غانم بيدخل يجيب أخته.. وأنا بأروح لأن غانم هو اللي بيوصلهم البيت"



مزنة حينها هتفت بغضب: أشلون مايبي يدخل.. حن ما اتفقنا على كذا


قل له مافيه حد غيري أنا واخواته وعمته.. وبيدخل مع باب خاص وبيطلع معه


خله يدخل يصور مع مرته يشوفها.. المسكينة وش له متعدلة ومرتزة؟؟



مهاب بحرج: يمه لا تفشليني أكثر ماني متفشل.. توني تلاغيت أنا وإياه..


وغانم واقف وسطنا مهوب داري وش السالفة!!


وأنا ذا الحين في نص هدومي من غانم عقب ماقلت له ادخل جيب أختك لأن تميم مستحي..


والله يمه ماعاد باقي إلا أضرب ولدش وإلا اسحبه عندكم..


معند ورأسه ألف سيف مايدخل..



مزنة بغضب: زين ياتميم.. دواك عندي..


خل غانم يدخل .. لا بارك الله في عدوين ذا الولد قهرني وبيقهر البنية!!



مزنة أشارت لبناتها أن يخرجن معها.. وهتفت بحرج بالغ لأم غانم ونجلا اللتين كانت تقفان في الزواية ملتفتان بعبايتيهما:


أم غانم.. تميم حياوي بزيادة واستحى يدخل.. ولدش غانم هو اللي بياتي يأخذ أخته..



لا تنكر كل من نجلا ووالدتها تصاعد الضيق العميق في نفسيهما.. فحتى هما تمنيتا أن تريا سميرة حين يدخل عليها زوجها


يلمحان الفرحة التي تمنيا رؤيتها.. مادامت قد أصرت على هذا الرجل بالذات


أرادا أن يطمئنا عليها..



سميرة لشدة خجلها وارتباكها لم تلحظ شيئا مما يدور حولها..


فسميرة رغم مرحها الدائم وتعلقاتها الدائمة إلا أنها حينما تعاني من الخجل


الذي يتحول أحيانا لخجل غير طبيعي يجعلها تتوتر وعقلها يتوقف عن التفكير..



لذا لم تنتبه لأي شيء حتى رأت طرف الثوب الأبيض جوارها..


حينها كادت تتقيأ جزعا لولا أنها سمعت الصوت الدافئ الحاني الذي تعرفه جيدا:


إذا بتلاقون لي عروس حلوة كذا.. زوجوني من الليلة..



حينها انفجرت في البكاء وهي تحتضن خصر غانم الواقف.. ليتلطخ ثوب غانم من زينة وجهها المختلطة بدموعها المتفجرة..


ولينفجر معها الاثنتان اللتان كانتا تنتظران مجرد شكة دبوس لينهمرا..


غانم شعر باختناق حقيقي وهو يرى نساء حياته الثلاث كلهن في حالة بكاء هستيري..


سبق له أن مر ببكاء والدته في زواج نجلاء وهو ابن السابعة عشرة وسميرة تنتحب معها وهي تتعلق بثوب أمها..


ولكن لا شيء يشبه مرارة هذا البكاء!!



هتف بهذا الاختناق المر: أنتو متأكدين إن حالتكم هذي حالة بشرية طبيعية؟!!



أمه هزت رأسها وهي تهتف بأنين: مش هاين عليا البيت من بعد سميرة.. حاسة بيه هيبئ زي الئبر..



هتف غانم بابتسامة موجوعة: الظاهر يمه وقت التراجيديا تقلبين على الموجة على المصري الخالص..



همست أم غانم باختناق وهي تربت على كتفه: خذ أختك لجوزها.. وأنتي يا نجلا امسحى وش سميرة..


ولو أني حاسة أنه مكياجها ماعادش نافع!!



.


.



في الخارج يجلس في سيارة غانم..


أنفاسه تعلو وتهبط.. واختناقه يتزايد.. يشعر أن البشت يخنقه.. وأزرار ثوبه تخنقه.. وسيارة غانم تخنقه!!


بل وجسده يخنقه..!!


يتمنى لو أنه هرب من كل هذا..


لماذا يتزوج ليرضي الجميع بينما هو أبعد الناس عن الرضا بهذا الزواج؟؟


لماذا وافق على إدخال نفسه في هذه المهزلة؟؟


لماذا لم ينهِ هذا الزواج قبل أن يكتمل بعد أن بات يشعر بشكوكه تخنقه بعد حادثة تكّسر يديه؟؟



كان غارقا في أفكاره السوداوية.. ولأنه لا يسمع فهو لم يسمع صوت فتح الباب..


ولكنه شعر باهتزاز السيارة الطفيف والباب الخلفي يفتح.. حينها شعر أنه عاجز عن التنفس.. لم ينظر مطلقا للخلف..


بقي متيبسا في مكانه.. يتمنى لو أنهم لم يحضروا.. وجيد أنه لا يسمع حتى لا يسمع نحيب من ركبت السيارة وهي مازالت تنتحب..



غانم كان يُركبها في الخلف.. وقف لجوارها لحظات ثم شد على كفها..


وهتف لها بخفوت حازم: اسمعيني عدل..


أكيد أنا أتمنى لش التوفيق في حياتش..


لكن لو هذا التوفيق ماصار لأي سبب.. لا ترددين ولا لحظة وحدة أنش ترجعين لنا..


أدري عيب أقول ذا الكلام وكأني أعصيش على رجّالش..


لكن اللي أنا خايف منه.. لأنه أنتي اللي أصريتي عليه.. إنه لو ماكنتي سعيدة أو ما ارتحتي


تصبرين على الوجع لأنش خايفة حد يقول أن هذا اللي سويتيه في روحش.. وهذا كان اختيارش..


لا تخافين من شيء.. بيت أبيش وبيتي مفتوحين لش.. وعمر الحياة ماتستمر على اختيار غلط عشان حن خايفين من شماتة الناس..


أهم شيء تكونين أنتي مبسوطة وسعيدة..



سميرة شدت على كف غانم دون أن تتكلم..


غانم التف ليركب سيارته.. وحسرة عميقة تتصاعد في روحه.. لا يستطيع حتى أن يوصي الجالس الصامت جواره بشقيقته..


والمشكلة أنه لا يبدو راضيا.. لا يعلم هل هو خجل كما يقول مهاب.. أم أن هذه شخصيته؟!!



تميم غارق في أفكاره بينما الجالسة غارقة في دموعها وخجلها يخنقها لأبعد حد..


حين وصلا للبيت..


ونزلا الراكبان الأماميان.. غانم يشير لتميم أن يمسك بيد سميرة حتى يدخلها لأنها لا ترى من خلف العباءة الموضوعة فوق رأسها..


ولكن تميم ادعى عدم الانتباه... وهل على الاصم حرج؟؟


حينها أنزلها غانم وهو يقربها حتى أوصلها قرب الباب..


قبل جبينها وهتف لها بحنان: لو بغيتي أي شيء ترا ما بيننا إلا دقة تلفون!!



حين غادر غانم والاثنان واقفان عند الباب.. انفتح الباب لتظهر وضحى خلفه


التي سبقتهما للبيت


لتتأكد من ترتيب العشاء الخاص بالعريسين.. وتخرج المباخر من غرفتهما..



ابتسمت بشفافية : سربرايز أنا هنا عشان أنكد عليكم..


هلا والله بالعرسان..


كانت وضحى تهتف بالعبارة وهي تشير بها في نفس الوقت..



وضحى همست لسميرة : عطيني عباتش مافيه حد في البيت..



سميرة باختناق همست لوضحى: أنا بكيت واجد.. أكيد شكلي الحين يروع..



وضحى أشارت لتميم: تميم فديتك ممكن تطلع فوق.. خمس دقايق بس وأجيب لك العروس..



تميم لم يشر بشيء وهو يصعد بينما كان في داخله يهتف بإرهاق نفسي عميق (خليها عندش أحسن وأنسوني)..



وضحى شدت سميرة بسرعة لغرفتها.. حين خلعت عباءتها عن وجهها هتفت وضحى بصدمة بالغة: ياخسارة المكياج اللي بفلوس واجد على الفاضي


لا وهذا وهو ضد الماي.. شكلش كبيتي على وجهش سطل ماي يالخبل..



سميرة عادت لتنتحب: أنا متفشلة منه بدون شيء.. الحين يشوفني كذا بعد..



وضحى بعزم: ومن قال بيشوفش كذا.. يالله بسرعة خلنا نمسح المكياج كله بسرعة..


أصلا أنتي وحدة ببشرتش ما تحتاجين مكياج..


بنمسحه كله وبنحط لش ماسكرا وغلوس بس..



سميرة بألم: يعني أول مرة يشوفني يشوفني بماسكرا وغلوس.. أشلون عقب؟؟



وضحى تدعك وجه سميرة بمزيل ماكياج قوي..بعد أن ضعت فوطة صغيرة حول جيب الفستان حتى لا يتطلخ.. وتهتف بمودة:


العمر كله قدامكم بيشوفش لين يعجز.. الحين أنتي مستحية وهو مستحي وش بيشوف يعني..؟؟


وبعدين أخي يحب يده مقلوبة اللي الله أرسل له وحدة مثلش.. بيتبطر على النعمة يعني!!



وضحى أنهت مهمتها في أقل من خمس دقايق وأنهتها برشات عطر أحاطت بها سميرة من كل ناحية..


وضحى ابتسمت: يالله قومي هذا أنتي تهبلين وتجننين..


لو أقول لأحد أني مسحت مكياج عروس قبل يشوفه رجالها بيقولون لي استخفيتي


بس والله أنش أحلى كذا.. أصلا أنا دايم أقول لش المكياج مايلبق لش!!



سميرة بدأت ترتعش بعنف ووضحى تقودها لغرفتها الجديدة وتهمس باختناق: وضوّح باقعد عندش شوي.. تكفين



وضحى تضحك: الحين تميم أكيد يدعي علي أني خذتش منه..


يالله بلا بياخة روحوا تعشوا.. أنتي وإياه صار لكم يومين ماكلتوا شيء..



وضحى دفعتها للداخل وأغلقت الباب.. كانت ترتعش كمصابة ببرد شديد وهي تقف عند الباب دون أن تتقدم..


لم ترفع رأسها حتى وقدماها مغروستان في الأرض..


هو كان خلع غترته وبشته وألقاهما بقرف على السرير ويجلس على مقعد مستغرقا في أفكاره التي كلما غرق فيها كلما ازداد ضيقا ووجعا..


لم ينتبه مطلقا لمن دخلت..


وهي بقيت على وقفتها ربما لربع ساعة دون أن يتقدم منها أحد كما توقعت..


حينها رفعت رأسها بخفة لتراه جالسا شاردا.. فشعرت أن قلبها يكاد يتوقف


وعادت لتنكيس رأسها وارتعاشها يتزايد كما لو أنه مازال هناك للتزايد..


وهي ترتجف كريشة جافة معلقة في مهب ريح عاصفة..



بعد فترة من الزمن.. قرر أن يقف ليتوجه للحمام حتى يتوضأ ليصلي قيامه.. فتفاجأ بالمخلوقة الواقفة عند الباب..


رغما عنه صد بقرف.. لم يكن يريد النظر حتى ناحيتها..


ليس لديه اتهام محدد ضدها.. وفي ذات الوقت لديه قائمة ضخمة من الاتهامات!!



ولكنه شعر أنه قليل التهذيب والفتاة تقف لا يعلم منذ متى.. رغم أنه تمنى أن يجعلها تقف حتى تمل.. ربما تقرر أن ترحل حينها..



اقترب منها بهدوء.. وهي حين سمعت صوت الخطوات تقترب..


شعرت أنه يكاد يغمى عليها من الجزع والخجل..


نكست رأسها أكثر وارتعاش جسدها بدا واضحا جدا..



تميم حين اقترب لاحظ ارتعاشها غير الطبيعي (وش فيها ذي؟؟ تمثل وإلا مريضة؟؟)



لمس حينها طرف كمها وهو لايريد أن يلمسها حتى.. ليشير لها أن تجلس..


حينها انفجرت مرة أخرى في البكاء..


نظر لها باستغراب أقرب للغضب..


(وش فيها ذي تبكي؟؟


هذا وأنا ماقربت جنبها


وإلا يكون هذا هو اللي هي خايفة منه أني أقرب جنبها


أكتشف شيء ماتبيني أكتشفه؟!!)



حينها شدها بحدة وأجلسها على المقعد بقوة.. ثم تركها متجها للحمام


وهو يشعر بالقرف من كل شيء..



بينما سميرة حين رأت قوته في شدها كادت تصرخ طالبة النجدة.. لولا أنه أجلسها وتركها..


حينها بدأت تكثر من قراءة آيات القراءن الكريم وهي تحتضن نفسها وتحاول تهدئة روعها...







*******************************************






" يمه كساب ينتظرني برا


تبين شيء بعد؟؟"



مزنة وهي ترتدي عباءتها أيضا: لا يأمش خلاص.. هذا احنا خلصنا وامهاب ينتظرني برا بعد..



خرجت كاسرة لم يكن في الخارج سوى سيارة كساب ومهاب والمكان خال تماما..


كاسرة توجهت لسيارة كساب و..........







************************************







قضت ساعتين ربما وهي جالسة في مكانها حتى استطاعت أن تهدأ وتجعل أعصابها تتمالك..


بينما هو أيضا جالس في مكانه بعد أن أنهى صلاته..



ظنت سميرة أنه اعتصم بمكانه ليترك لها المجال لتهدأ بدون ضغوط منه وفعلا هدأت قليلا وبدأت حالتها تستقر..



ورغم شعورها بخجل عميق منه ولكنها قررت أن تنهض لتستحم وتصلي.. حتى يصليا بعد ذلك معا..


وقفت وغادرت وهي تخشى أن تتعثر في خطواتها لشدة ارتباكها..


بينما هو كان ينظر لها وهي تغادر


(الظاهر تعبت من تمثيل السحا الساعتين اللي فاتت


ماقصرت ساعتين كاملة وهي مستحية يعتبر انجاز)



حين انتهت من الاستحمام..


وجدت أن وضحى قد أعدت لها كل شيء في غرفة التبديل..


ارتدت قميص نومها ولكنها لم ترتدِ روبه لأنها شعرت أنه خفيف.. وارتدت روبا آخر لونه أبيض من حرير ثقيل..


وخرجت وهي تحمل سجادة الصلاة التي أخبرتها وضحى بمكانها..


صلت قيامها بعيدا عنه.. ودعت الله مطولا أن يلهمها السكينة ويكتب لها التوفيق



وكانت تشعر بذه السكينة تحيط بها وتقويها حين اقتربت حتى وقفت أمامه.. وأشارت له بخجل بإشارة التكبير..


لم يكن يريد حتى أن ينظر ناحيتها.. بل هو مازال لم ينظر ولا يعرف حتى تفاصيل ملامحها..


ولكنه وقف وهو يشير لها أن تقف خلفه..


سيصليان.. ولكن هل الصلاة ستصلح أخطائها التي بات يشعر بها حاجز يحول دون رؤيته لها..



فور انتهائهما..


عاد للجلوس وهي جلست والصمت محتكم بينهما..


كيف سيتحاوران وبأي طريقة؟؟


كل منهما يدعك كفيه وهو غارق في أفكاره الخاصة!!


وشتان بين أفكارهما..


بين أفكار سوداء في حياة يبدو لا أمل فيها!!


وأفكار بريئة بحياة وردية يتحديان فيها كل الصعاب!!



طال الصمت واحتكم حتى أغرق المكان..



ليقف تميم فجأة ويغادر لأنه شعر أنه ماعاد يحتمل وجودها قريبا منه هكذا..


توجه للحمام ليستحم..


بعد دقائق.. بحثت سميرة عن هاتفها الذي أخبرتها وضحى أنها وضعته لها على التسريحة..


تناولت الهاتف وأرسلت لوضحى:


" تكفين وضوح تعالي دقيقة عند باب الغرفة"



وضحى وقفت عند الباب لتخرج لها سميرة..


وضحى بحرج: وش تبين يالخبلة؟؟



سميرة بخجل: يا أختي باختنق وأنا قاعدة معه بروحنا... مستحية..


هو ساكت وأنا ساكتة.. والحين دخل يتسبح.. مايصير أجي عندش شوي.. حاسة أني بأموت من السحا ..


باقعد عندش لين يجون هلش بس.. عشان ماحد يدري..



وضحى تنظر للباس سميرة وتضحك: أما على السحا... وش ذا اللي أنتي لابسته..


حطي ذا الروب يالخبلة!!



سميرة باستنكار: لا والله.. من جدش..



وضحى بخفوت: تدرين ألبسي جلابية وجلال يالعجوز أحسن!!


ثم أردفت بخبث: تعالي تبين تجين عندي استأذني تميم أول..



سميرة بيأس: أشلون أستأذنه.. أكتب له؟؟



وضحى بذات الخبث: لا ليش الكتابة المفروض تبدين تعلمين إشارة..


هذي الإشارة.. سويها..



وضحى اعادت الإشارة عدة مرات لسميرة.. سميرة باستغراب:


والاستئذان وش دخله في الشفايف؟؟



وضحى تكاد تنفجر ضحكا: يأختي أنا اللي أعرف وإلا أنتي..


نفذي وأنتي ساكتة.. وأشوف أنتي بتجيني عقبها أو لا..



سميرة هزت كتفيها: زين.. بس ظنش تميم مهوب زعلان لا قلت له بأجي عند وضحى شوي..



وضحى ترقص حاجبيها: لا مهوب زعلان!! اخلصي بس..



سميرة عادت للداخل.. حين عادت كان قد خرج من الحمام.. كان ينظر لها باستغراب غاضب.. أين كانت ولماذا الهاتف في يدها؟؟



سميرة وضعت الهاتف جانبا الذي نسته في يدها حين خرجت لمكالمة وضحى..


تقدمت منه بخجل وهي تشير له بالإشارة التي علمتها وضحى..


حينها اتسعت عينا تميم..


وتوقعت منه سميرة أي ردة فعل إلا هذا الفعل..


إلا هذا الفعل !!






#أنفاس_قطر#


.


.


.

 
 

 

عرض البوم صور #أنفاس_قطر#  
قديم 19-10-10, 07:50 AM   المشاركة رقم: 54
المعلومات
الكاتب:
اللقب:
VIP




البيانات
التسجيل: Jan 2009
العضوية: 117447
المشاركات: 738
الجنس أنثى
معدل التقييم: #أنفاس_قطر# عضو جوهرة التقييم#أنفاس_قطر# عضو جوهرة التقييم#أنفاس_قطر# عضو جوهرة التقييم#أنفاس_قطر# عضو جوهرة التقييم#أنفاس_قطر# عضو جوهرة التقييم#أنفاس_قطر# عضو جوهرة التقييم#أنفاس_قطر# عضو جوهرة التقييم#أنفاس_قطر# عضو جوهرة التقييم#أنفاس_قطر# عضو جوهرة التقييم
نقاط التقييم: 1255

االدولة
البلدQatar
 
مدونتي

 

الإتصالات
الحالة:
#أنفاس_قطر# غير متواجد حالياً
وسائل الإتصال:

كاتب الموضوع : #أنفاس_قطر# المنتدى : القصص المكتملة (بدون ردود)
افتراضي بين الأمس واليوم/ الجزء الرابع والخمسون

 

بسم الله الرحمن الرحيم


السلام عليكم ورحمة الله وبركاته


ياهلا والله بكل العابرات هنا وفي شغاف القلب


.


البارت اللي فات


قفلتين وخلنا نقول خدعتين صغنونة


قفلة كاسرة بتكون أبسط مما توقعتم وليس فيها شيء من الجرائم التي توقعتموها :)


بس لأني عارفة أنكم ناطرين لقاءكم قفلت عليهم لأنه بيكون بينهم شوي كلام..


.


قفلة تميم وسميرة


استمتعت فيها بقدر ما آلمتني..


المتعة أني علمت أن البعض سيذهب للبحث عن معنى الإشارات


وهل هي مثلا قالت (قبلني) لكن إشارة القبلة بشبك مقدمات الأنامل وليست بالشفاه..


حينها سيحتارون.. ماذا قالت إذن؟؟ لماذا غضب لو كان غضب؟؟


لكن ما أخبركم به أن ما رأيتموه كان جزء مقطوع من المشهد


والمشهد كاملا سيكون في بارت اليوم


.


بارت اليوم طويل طويل قد بارتين


وفيه سبب خاص لذا الشيء بتعرفونه لما تخلصون..


.


.


رجاء خاص اقرأوا بمتعة ولا تفسدوا متعتكم بالبحث عن شيء قد لا يكون ذو فائدة


لأنه شدة التدقيق أحيانا تجعلنا أحيانا ننسى المتعة


.


.


الله يشفي أم مزنة ويوفقها


.


يالله الجزء 54


.


قراءة ممتعة مقدما


.


لا حول ولا قوة إلا بالله..


.


.




بين الأمس واليوم/ الجزء الرابع والخمسون







كانت تقترب منه بخجل..


بينما كان ينظر لها باستغراب وغضب وهو يراها تدخل من الخارج وهاتفها بيدها!!


ولكن مع اقترابها وتركيز النظر إليها..


هاهو يتمعن في تفاصيلها بتركيز..



"بها شيء ليس هو الجمال بمعناه المعروف..


شيء مختلف.. أعمق وأخطر


فاتنة !!


مثيرة!!


فماذا فعلت بهذه الفتنة والإثارة؟؟


ومن لها هذه الفتنة لِـمَ توافق على أصم أبكم مثلي؟؟


إلا إن كانت أساءت استخدام النعمة التي منحها الله عز وجل؟؟


.


يا الله لماذا هذه الأفكار المرة؟؟


لماذا؟؟


انظر لها تميم.. انظر!!


كم تبدو مرتبكة وخائفة!!


تبدو كطفلة مذعورة مجنحة بأجنحة البراءة!!


لا أعتقد أن تبدو بهذا الوجل والطهر قد لوثتها الذنوب!!"




سميرة اقتربت بخجل أكبر وهي تشير له بالإشارة التي علمتها وضحى!!


بداية كاد يضحك رغما عنه وهي تشير لشفتيها..


ولكن عيناه اتسعت ذهولا..مع الإشارة الثانية التي تبعت مع الأولى


لم يصدق ما رآه.. أ حقا ما أشارت به؟؟ ربما كانت مخطئة!!



لكنها أعادت الإشارتين اللتين كانت تظنهما إشارة واحدة بتصميم مغلف بخجلها..


حينها لم يحتمل.. لم يحتمل.. والذهول يتحول لغضب عارم متفجر مدمر..



كان يصرخ في داخله:


" قذرة ومنحلة..


لم تستطع الصبر لليلة وحدة وهي تمثل البراءة والحياء


ولكن ماذا أقول.. سوى منحلة.. منحلة!!"



تميم ترجم قرفه وجزعه وغضبه وصدمته فيها أسوأ تعبير وأقساه


وهو يصفعها بكل قوته بيده اليسار.. بما أن يده اليمين مازالت في الجبس..


ومع أنه ليس بأيسر بل أيمن.. ويده اليسار مازالت غير قوية بل وتؤلمه أحيانا من أثر الشعر السابق..


إلا أن حدة الغضب والقهر جعلتا صفعته غاية في القوة لتلقيها بكل قوة بقرب قدمي السرير..



تميم وقف ينظر لها بذهول.. ولشدة ذهوله لم يشعر بالألم المنتشر على طول يده اليسرى!!


وهي كانت ملقاة على الأرض.. وتنظر له بجزع مرتعب.. وعيناها متسعتان من الصدمة وممتلئتان بالدمع لأقصى حد..


كما لو أنهما توشكان على التفجر بفيض دموع لا حد له..



هو لم يتخيل أنه قد يفعلها يوما..


أنه قد يضرب امرأة..


" إلى أي مخلوق بشع تحولت؟؟


ماذا فعلت؟؟ ماذا فعلت؟؟


.


يا الله ماكل هذا القهر والألم والوجع"



تميم لم يعد يستطيع النظر إليها حتى..


يشعر بالذنب والقهر والخديعة.. يشعر أن كل المشاعر المتضادة اخترقت روحه كمدافع مزقته بقوتها..



ارتدى ملابسه ونزل ركضا..


حينها كانت وضحى تجلس في الصالة العلوية قريبا من الدرج.. تنتظر عودة والدتها..



حين رأت تميم ينزل ركضا.. فُجعت وهي تحاول اللحاق به دون أن تفلح..


حينها عادت لغرفته وهي تفتح الباب بحرج مختلط بالجزع..


لتشعر بالفجيعة وهي ترى سميرة تسند رأسها بين ركبتيها ووهي تجلس على الأرض وظهرها ملتصق بقدمي السرير


وصوت نحيبها يتعالى بوضوح مكسور..


حينها قفزت برعب وهي تجلس جوارها وترفع وجهها.. لتشعر وضحى أن كل غصات العالم اخترقت حنجرتها


وهي ترى أثر كف تميم الواضح على خد سميرة الثلجي!!



ولتبدأ سميرة بالصراخ الهستيري كطفلة مرعوبة: تكفين وضحى أبي أروح لبيتنا.. تكفين..


خلاص ما أبيه ما أبيه.. بأروح لبيتنا تكفين..



وضحى تقفز لتغلق الباب قبل وصول والدتها.. وتعود لسميرة... وهي تهمس بحزم ممزوج باختناقها: وش اللي صار؟؟



سميرة بين شهقاتها: والله ماسويت شوي.. ماسويت شيء..


استاذنته مثل ماعلمتيني.. ضربني.. ضربني..



حينها هتفت وضحى بصدمة كاسحة: حسبي الله ونعم الوكيل.. كله مني.. كله مني..


والله العظيم ماقصدت إلا خير..


كنت متأكدة إنه بيعرف إني اللي علمتش الإشارة وانش ماتعرفين معناها..


لأني سمعته يفتح الدولايب وأنا واقفة برا فعرفت إنه طلع من الحمام.. قلت إنه بيشوفش جايه من عندي..


و بيلقى له شيء خليه يفك من جموده شوي..


ولأني أعرفه ذكي فهو أكيد بيستغل الفرصة اللي هو عارف إن أخته أرسلتها له..


والله العظيم ماقصدت شيء شين..


بغيتكم تفكون شوي وتتعشون وتنبسطون.. والله العظيم ماقصدت شيء شين!!



حينها رفعت سميرة وجهها المحمر وهي تهمس بصدمة بين شهقاتها المتقطعة: ليه الحركة وش معناها؟؟



وضحى تضع يديها فوق رأسها وهي تهمس بضيق: خلنا نأكل وعقب عطني بوسة!!


ثم أردفت بانهيال موجوع حرج: سامحيني سميرة.. والحين أنا باصلح غلطتي.. الحين


والله العظيم ماهقيت تميم ممكن يمد يده عليش حتى لو زعل..



حينها هتفت سميرة بوجع منثال: صحيح أنا ماهقيت منش تسوين فيني ذا المقلب


بس هذا أنتي قلتيها.. يعني حتى لو أنا أشرت له بذا الإشارة وهو زعل منها..


كان ممكن يتصرف معي أي تصرف إلا ذا التصرف..


أنا عمري في حياتي ماحد مد يده علي..


عشان انضرب ليلة عرسي..


أنا مستحيل أقعد عند أخيش دقيقة.. هذا مهوب صاحي.. والله العظيم مريض..


وين تلفوني؟؟ باتصل في غانم يجيني..


ثم بدأت تصرخ بكل الوجع والحسرة: أخيش مفكرني بهيمة.. وإلا ماوراي حد يرد الضيم عني؟؟



وضحى قفزت قبل سميرة لتأخذ هاتف سميرة وتخبئه في جيب بيجامتها.. وهي تهتف بحزم:


بس يا الخبلة.. افضحي روحش الفضيحة اللي مالها دوا


عروس تروح لبيت أهلها ليلة عرسها مضروبة!!


تخيلي بشاعة الكلام اللي بيطلع عليش..


الحين أخي الغلطان.. لكن أنتي اللي بتصيرين الغلطانة والمجرمة..


قلت لش هذي غلطتي وغلطة أخي وأنا بأحل السالفة بدون ماحد يدري..



سميرة انهارت تبكي مرة ثانية بأنين مثقل بالحسرات: مستحيل قلبي يصفا له..


وضحى هذا ضربني وليلة عرسي... أنتي حاسة فيني..


عروس تنضرب ليلة عرسها.. أنتي شايفة وجهي أشلون.. ضربني ضرب واحد مليان غل..


هذا أكيد مريض نفسي..


أنا مستحيل أعيش معه خلاص..


هذا ممكن كل شوي يضربني وبدون سبب..



وضحى بألم: والله أني حاسة فيش.. زين اصبري عليه شوي.. عشان نفسش مهوب عشانه..


خلاص هو مايستاهل عقب اللي سواه..


والله العظيم عشانش..




وضحى شدت سميرة وأجلستها على الأريكة.. واحضرت ثلجا من ثلاجة جناحهما ووضعته على وجه سميرة وهي تهتف بألم:


حتى لو حطيت عليه ثلج هذا بكرة احتمال يصير بنفسجي.. أشلون الناس يشوفونش كذا..


تدرين.. بأقول لتميم أنكم تروحون لشاليه لين تخف اللي وجهش!!



سميرة بجزع كأنها طفلة خائفة وهي تشد كف وضحى: لا وضحى تكفين.. مستحيل أروح معه مكان بروحنا..



وضحى بذات الألم الذي اتسع في روحها: والله العظيم ماعاد يسوي شيء..


ولو سوا.. اتصلي في أخيش وخليه يجيش..



سميرة برعب حقيقي: لا لا.. شيدريني يمكن يذبحني.. مستحيل أروح معه..


أخيش مهوب صاحي وما ينتأمن..



وضحى تشعر أنها تريد تبكي لمافعلته.. أرادت خيرا فإذا به يتحول لكل الشر:


خلاص سميرة أنا بأروح معش..







*********************************







" يمه كساب ينتظرني برا


تبين شيء بعد؟؟"



مزنة وهي ترتدي عباءتها أيضا: لا يأمش خلاص.. هذا احنا خلصنا وامهاب ينتظرني برا بعد..



خرجت كاسرة لم يكن في الخارج سوى سيارة كساب ومهاب والمكان خال تماما..


كاسرة توجهت لسيارة كساب وفتحت الباب الخلفي وركبت.. وهي تلقي السلام.



هتف كساب بغضب: تعالي قدام يامدام.. أكون سواقش وأنا مادريت..



أجابته كاسرة بهدوء مقصود: وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته


محشوم يا أبو زايد.. بس أنا ماعلي نقاب.. مغطية وجهي بشيلتي عشان كذا ما أبي أرتز قدام..



حينها التفت كساب للخلف بحدة ليهتف بغضب أشد: والعباية مفتوحة بعد!!!



أجابته حينها كاسرة ببرود: أنا جيت هنا مع سواقة خالتك.. وكنت راكبة ورا والسيارة مظللة ..


وما أقدر ألبس نقاب ولا عباية مسكرة عشان مايخرب مكياجي وشعري..



حينها حرك كساب سيارته وهو يهتف بحزم غاضب فعلا:


كنت أسمع بالعذر اللي أقبح من ذنب والحين شفته وسمعته..


يعني ماكنتي تقدرين تأخذين معش عباية ثانية ونقاب!!


بس لا صارت الوحدة مافي وجهها حيا من وين تجيبه؟؟



أجابته كاسرة بغضب: الحيا أعرفه من قبلك.. ومهوب أنت اللي تعلمني إياه..


ثم أردفت بنبرة مقصودة: وكنت مثلك أسمع باللي يهاد ذبان وجهه وماشفته لين عرفتك..


أنت أصلا لو مالقيت شيء تعصب عليه بتخترع لك..



هتف ببرود: ماعليش مردود..



أجابته ببرود: أكيد ماعلي مردود دامني عندك أنا والكرسي واحد..


حد يرد على الكرسي.. يعني حتى سلامة مزون مابشرتني فيها..


تخيل إن عمي زايد هو اللي بشرني..



أجابها ببرود: المهم الخبر وصلش.. لا ومهوب من أي حد.. من الرأس الكبيرة مباشرة!!



أجابته بنبرة مقصودة: كان فيه واحد يتفلسف علي قبل حوالي شهر..


وقال لي طريقة وصول الرد أهم من الرد نفسه..


وأنا أقول لذا الواحد.. فرحتي بالخبر وحدة.. سواء عرفته منك أو من عمي زايد..


لأني فعلا مبسوطة بسلامة مزون..


لكن الاختلاف كان في احساسي فيك.. لو أنك أنت اللي بلغتني..


ليش تبي تحسسني دايم أني شيء غير مهم في حياتك!!



هتف لها ببرود أشد: أنتي ما تتعبين من كثر ما تتفلسفين؟!!


ثم أردف بنبرة مقصودة: وإذا على تحسيس الثاني بعدم أهميته..


فأنتي راعية الأولة.. وراعي الأولة ماينلحق..



أجابته كاسرة بذات نبرته المقصودة ولكن غزاها شيء من حزن شفاف:


أنت تبي تحاسبني على شيء ماقصدته..


أو يمكن تبي لك حاجز جديد بيننا لأنك شايف أن الحواجز هذي كلها ماتكفيك..



أجابها ببرود: والله الحاجز هذا ببركاتش ياهانم..



كاسرة صمتت.. أرهقها هذا الحوار العقيم وهي مرهقة أساسا..


لماذا تتجادل معه وهي تعلم أنها ستعود دائما لنقطة الصفر ودون أي فائدة!!



حين وصلا للبيت.. صعدت فورا لغرفتها..


كانت تخلع عباءتها حين دخل هو..


لم تتوقع مطلقا أنه سيأتي توقعت أنه سيوصلها ويعود للمستشفى..


توقعت بعدها أنه ربما سيدخل الحمام.. يستحم.. يستبدل ملابسه.. شيء من هذا القبيل..


ولكنه جلس على السرير يراقبها بصمت..


لا تنكر أنها ارتبكت من مراقبته.. بل خجلت وهي تجلس جواره


ولكنها تصنع مساحة بينهما لتخلع كعبها العالي.. ثم تنحني قليلا لتضعه تحت السرير


لأنها خجلت أن تحمله أمامه لخزانة الأحذية..



كانت قد وقفت واتجهت للتسريحة حين سمعت صوته يقول بهدوء غريب:


استغرب وحدة بطولش وتلبس ذا الكعب كله..



ظنت أنه يخاطب أحد غيرها.. لو كان هناك معهما أحد ثالث!!


للتو كان بينهما زوبعة.. وهاهو يوجه لها الحوار العفوي وكأنه لم يحدث شيء


(أنا من زمان أقول عنده انفصام في الشخصية!!)


لم ترد عليه وهي تتجه للتسريحة وتجلس على مقعدها وتبدأ بتفكيك تسريحتها


حينها صدمت أنه يقف ويتجه ناحيتها


ثم يمد يده إلى طيات شعرها وينزع معها مشابك الشعر..



ارتعشت بعنف وهي تمسك بكفه وتجذبها ناحيتها وتحتضنها بكلتا كفيها وتهمس بحزن عميق:


تكفى كساب بس.. خلني..


يعني مابين وجودنا في السيارة لين وجودنا في غرفتنا.. انقلبت 180 درجة!!


تدري وش أحس فيه الحين؟؟


أنك شايفني مجرد جسد رخيص..


تكفى كله إلا ذا الإحساس!!


كله إلا ذا الإحساس!!



حينها جذب كفه من بين كفيها وهتف بعمق وهو يبتعد عنها:


الظاهر إن كل واحد منا يتكلم بلغة مختلفة.. عشان كذا ماحد منا فاهم الثاني.. ولا فاهم وش هو يبي!!






***********************************






عاد بعد صلاة الفجر


وهو يتسلل حتى لا يراه أحد بناء على رسالة وضحى الغاضبة ..


وهي تطلب منه الحضور فورا لغرفتها..


كان مثقلا بالوجع إلى الحد الذي لا حد له.. ماعاد لوجعه حدود..


مثقل بالألم والقهر واليأس..


أي حياة هذه الذي تبدأ بكل هذه الشكوك ثم بصفع العروس..؟!



فتح باب وضحى بخفة.. ليجدها تجلس على سريرها ووجهها متورم لكثرة مابكت..


حينها أشار بجزع: وضحى أشفيش؟؟ حد فيه شيء؟؟



وضحى أشارت بغضب ودموعها تنهمر: ولك وجه تسأل بعد سواد وجهك؟؟



حينها أشار لها تميم بألم غاضب: إلا سواد وجه صديقتش مهوب سواد وجهي..



وضحى بغضب أشد: صديقتي وجهها أبيض وطول عمره أبيض..


البلا من اللي مخه ما أدري أشلون يفكر..



تميم بوجع: يعني أمانة عليش حركتها حركة عروس المفروض إنها مستحية وتنتظر إنه عريسها هو اللي يبادر..


هذي وجهها مافيه حيا..



وضحى بوجع أشد: سميرة ماتعرف وش معنى الحركة.. والله العظيم ماتعرف.... كلمتني يوم أنت دخلت الحمام تتسبح..


تقول إنها خايفة ومستحية وتبي تجي عندي..


قلت لها استاذني تميم بذا الحركة... حسبتك بتدري إنها جاية من عندي


و بتفهم إن الحركة هذي مني.. وأني أبيك تتلحلح.. مهوب أنت مستحي والبنت مستحية..



لا ينكر تميم صدمته البالغة وشعوره بألم عميق ممزوج بندم شفاف


ومع ذلك أجاب وضحى بألم مثال وهو يفجر كل غضبه وشكوكه:


أنا ماني بمستحي..وليش أستحي.. شايفتني ماني برجال..


الحيا للنسوان.. اللي رفيقتش ماتعرفه..


أنا قرفان منها.. فاهمة أشمعنى قرفان..


من يوم شفت صورها في اللاب.. وعقبه تجي لبيتي وحن متملكين بدون حيا


وتحاول توقفني بدون خجل من مسكها لرجال..


وعقبه ترسل لي ورد بدون حيا.. أمانة عليش قولي لي أي تصرف من هذولا تصرف وحدة تستحي..


وأصلا وحدة مثلها.. شابة صغيرة وفي جمالها.. ليش توافق على واحد مثلي


إلا لو كان عندها شيء ماتبي حد يعرفه!!



انقلب وجه وضحى بقرف: أخييييييه منك ومن أفكارك.. ماهقيت أنك ممكن تفكر كذا..


صدق أنك مريض!!


الحين لو سألتك.. تشك فيني أنني ممكن أروح في طريق خَمَل.. (خمل=شبهة)



نميم باستنكار حاد: لا طبعا..



وضحى بغضب: خلاص باقول لك أنك تقدر تشك فيني مليون مرة.. وسميرة ماحتى تشك فيها واحد من ذا المليون..



تميم عقد حاجبيه بحزم: أنا مايهمني دفاعش عن صديقتش.. كم ناس نظن فيهم خير


وهم يخفون البلاوي..


أنا علي من اللي حسيته وشفته بعيني.. رفيقتش ذي ماتستحي وفيها شيء غير مريح..



وضحى يزداد غضبها: أنا أبي أدري وش عندك ضدها؟؟؟


مجرد أفكار مريضة في رأسك..


أنا ماني بمتخيلة وين راح مخك وش سوت..


تشك مثلا إنها تكلم.. تسوي شاتنغ.. خلت شباب يشوفون صورها.. أو...



تميم بإشارة غاضبة: بس.. بس.. لا تكملين..



لا يريدها أن تفتح جروحه التي تنزف بغزارة.. لا يريدها أن تمنحه صور لشيء يؤلمه ولا يعلم ماهو ؟!!



وضحى بذات الغضب المتزايد: لا فسر لي.. وإلا ليش تفسر؟؟


دامك ماتبي بنت الناس وشاك فيها ومافي أذنك ماي.. ليش أساسا تتزوجها..


فيه ناس يتطلقون وهم في الملكة.. لا أنتو أول حد ولا آخر حد..



تميم بغضب: خذتها عشانكم.. وأنتي أكثر وحدة عارفة أني كنت أبي أتزوج وحدة بحالتي..



وضحى بدأت تنتفض من الغضب: واللي مثل حالتك.. بتكون ملاك نازل من السما.. منزهة من العيوب لأنها ما تتكلم ولا تسمع..


سميرة أطهر من الطهر.. ومهوب أنت اللي تعرفها.. أنا اللي أعرفها وأحلف على ذا الشيء وأنذر بعد


تدري تميم ماهقيت أني بأقول كذا.. بس والله أن سميرة خسارة فيك.. وأنت منت بكفو تأخذ مثلها....



حينها قاطعها بغضب موجوع: عشاني واحد أصم أبكم رفيقتش أحسن مني.. وخسارة فيني.. هذي آخرتها ياوضحى!!



وضحى بدأت تبكي لشدة الانفعال: والله العظيم أنت استخفيت.. مستحيل تكون تميم..


وين راحت أفكارك.. طهارة سميرة هي اللي خسارة في وسخ أفكارك..


وأنك تتكلم أو تسمع مالها علاقة!!


لا حول ولا قوة إلا بالله وش ذا المصيبة؟؟







***************************************






قبل ذلك





حين عدت من حفل الزفاف وجدته نائما..


ليس سوى كاذب كبير كالعادة


لا أنكر أنني سعدت أنه نام وتركني أنعم بالسلام بعيدا عنه!!


ولكن لِـمَ يكذب علي بقصة الشوق المزعومة؟؟


لماذا يستمر في لعبة السخرية مني؟؟


أكرهك عبدالله.. وحتى أخر نفس سبقى يتردد في صدري سأبقى أكرهك


أيها الحقير!!!




.


.




تمثيلية النوم قد أخذ عليها جائزة الأوسكار يوما!!


هربت من مجابتها..


تعبت من تمثيل التجاهل وأنا أحترق!!


وتعبت أكثر وأنا أنظر لها بكل اللهفة وتنظر هي لي بكل الكراهية والإزدراء!!



ولكن لا أنكر أنني شعرت بالتسلية وأنها أسمع صوت فتحها للخزائن.. لأنها تريد ازعاجي!!


ثم صوتها العالي وهي تحكي لحسن حكاية حتى ينام


غريبة هي هذه المرأة!!


كيف تريدني أن أتركها وأتناساها.. وحين تجدني نفذت ماتريده.. ونمت


تريد إزعاجي لأقوم من النوم..



.


.



" هذا أنا قمت وش تبين؟؟"



جوزاء كانت تغلق أزرار بيجامتها لتلفت له بجزع: خوفتني!!



أجابها بابتسامة: تخوفين بلد.. وتصحين جيش من النايمين عقب..


يالله هذا أنا قمت وش تبين؟؟



جوزاء تتشاغل بإعادة بيجامة تحركت من مكانها قليلا لتعيدها للصف الشديد الانضباط


وتهتف بعدم اهتمام: بصراحة ما أدري وش تقصد من كلامك السخيف؟؟


لا قومتك ولا شيء.. بالعكس تمنيتك تقعد نايم وتريحني!!



حينها ضحك عبدالله: قلت لش أنش ماتعرفين تكذبين.. أو إن كذبش مكشوف عندي..


تعالي قولي لي وش اللي في مخ الحلو مشغله وخلاه يصحيني من النوم؟؟



لا تعلم جوزاء ماذا كانت تريد بالتحديد عشرات الأفكار تزدحم في مخيلتها


ولكنها هتفت بدون تردد: عبدالله أنت عيال غير حسن؟!



لا ينكر عبدالله أنه شعر بالارتباك.. لا يعلم كيف خطر هذا السؤال ببالها


لكنه أجابها بتحكم واثق: لا ماعندي عيال غير حسن



ففي النهاية هذه هي الحقيقة.. فلم يعد له ابن غير حسن..


لكنها عاودت الإصرار: احلف زين!!



أجابها حينها بخبث: زين انتي وحدة تقولين ما تبيني.. وماتبيني حتى أتدخل في حسن..


وش عليش لو طلع علي عيال أو حتى عندي مرة!!


أظني المفروض تنبسطين.. وتقولين فكة مني!!



حينها انقلب وجهها بغضب: يعني تكذب علي عبدالله... تكذب علي!!



لم يستطع إلا أن يضحك وهو يقول: يا بنت الحلال ماعندي مرة غيرش ولا ولد غير حسن..



رغما عنها تنفست الصعداء وهي تصر للمرة الثانية: زين احلف دامك صادق!!



حينها أجابها بحزم: مع أني أكره أسلوب إن حد يكذبني.. لكن دام ذا الشيء بيريحش


والله العظيم ثم والله العظيم ثم والله العظيم أني الحين ماعندي ولد غير حسن..



ربما أن تشديده في الحلف وتثليثه جعلها لا تنتبه للكلمة الملبسة (الحين)..


ومع ذلك عاودت السؤال: زين من وين جاتك معرفتك للبزارين وطول بالك عليهم؟؟



حينها أجابها ببرود: تقدرين تقولين هذي موهبة من الله عز وجل.. وإلا تبين تعترضين على عطا رب العالمين..


احمدي ربش على زوج متعاون مثلي.. غيري قاط عياله على أمهم ومايدري شيء عنهم..



أجابته بسخرية: عياله.. كلهم ولد واحد الله يحفظه..



حينها أجابها بنبرة تلاعب مقصودة: والله بيننا موعد لين خمس شهور قدام ويشرفون الباقيين إن شاء الله..



أجابته بغضب: تدري أنك واحد وقح!!



أجابها ببرود: وأنتي وحدة جعجاعة وماعندش غير الحكي..


ثم أردف بتقصد وهو يقف ليتجه ناحيتها: من هذرتش الواجدة أنش وعدتيني بشيء إذا رجعتي..


وبما أنش صحيتيني من النوم.. فأنتي أكيد مانسيتي الوعد!!







************************************







" لا أعلم أي ذنب أذنبته..


هل هذا عقاب لي لأني خالفت رغبة أهلي وأصررت عليه وأنا أعلم أنهم رافضون!!


أ هكذا يعاقبني أنني فضلته على الجميع؟!


أعلم أنني بالغت في أفكاري المثالية..


ولكن ماهو سوء المثالية؟؟


شعرت بالفعل أن تميم هو من سيحتويني.. سيحتوي جنوني وصراخي..


كنت أشعر أن عمقه الذي كالبحر هو ماسيحتويني


ويبدو أن هذه الأفكار ليست سوى محض جنون.. لأن تميم لم يكن بحرا بل كان وحشا..


يا الله كلما استعدت بشاعة مظهره كيف انقلبت عيناه لينقض علي ويضربني


أشعر أنني لا أريد التوقف عن البكاء


أ يحكم علي أن يكون هذا زوجي؟!


لا لا يستحيل..


لا يمكن .. لا يمكن "



وهي غارقة في أفكارها ودموعها.. دخل عليها تميم..


حينها انكمشت بعنف والدموع تزداد انهمارا..


ألمه منظرها حتى عمق الروح.. مرهق هو من كل هذا..


مرهق.. مرهق !!



أشار لها أنهم سيغادرون الآن..


ولكن يبدو أنها لم تفهم.. وكيف تفهم وهي تبدو مرعوبة وجزعة هكذا!!



فتح جهاز حاسوبه.. وطبع لها بسرعة..



" قومي البسي عشان نطلع الشاليهات


ووضحى بتروح معنا!!"



وضع الجهاز أمامها على الطاولة.. ثم غادرها ليضع له غيارات في حقيبته...


لم تكن تريد الذهاب معه لأي مكان..


تشعر كما لو كانت تُقاد لقبرها..


ولكنها وجدت نفسها مجبرة.. فهي لا تريد أن تجلب لنفسها الكلام..


وقبل الكلام.. يكفي كل ماتشعر به من ألم..


لن تحتمل مزيدا من الألم حين يعلم الجميع بما حدث لها!!







*************************************







كاسرة صحت من نومها وهي تشعر بألم خفيف في حنجرتها وخياشيمها ناتج عن تنشقها لعطره الثقيل الفخم من قرب..


" الحين وين جاني عطره


وحن من عقب ماصلينا الفجر..


كل واحد نايم في ناحيته وبيننا مساحة مثل مساحة المحيط الأطلسي


وبيننا زعل مثل مساحة المحيط الهادي!!"



( لا أنكر أني البارحة تضايقت كثيرا من تفكيره.. أو ماظننت أنه يفكر به!!


ولكني تضايقت أكثر من أجله..


لا أعلم أي فوضى للمشاعر بات يخضعني لها!


ولكن كان من الأمور التي فتتنتي في كساب وفي ذات الوقت أغضبتني منه


إحساسي أنه غير خاضع لجمالي


وأنه يتجاهل فتنتي حين يريد!!


.


ولكن في ذات الوقت أكره أن يهمش عقلي لينظر لجسدي


فأنا عقل قبل أن أكون جسد..


وهذا الأمر لابد أن يكون واضحا تماما بيننا)



كانت هذه أفكارها المموهة قبل أن تصحو بالفعل!!


حين صحت فعلا.. علمت أنه كان أقرب لها من عطره بكثير.. فهي كانت تنام في حضنه.. وذراعاه تحيطان بها..


لم تتحرك من مكانها.. فهي لا تستطيع أن تنكر كم اشتاقت للنوم في حضنه..


رغم قصر المدة التي عرفت فيها هذا الحضن..



وهو حين أحس بدفء أنفاسها على صدره التي أنبئته أنها صحت من نومها..


شدها أكثر لصدره وهو يقبل أذنها و يهتف فيها بنعاس:


فيه وحدة هربت من حضني البارحة.. أشلون أصحى وألقاها في حضني الحين..


ممكن تفسرين لي؟؟



همست له بعذوبة ناعسة: اسأل روحك.. لأني البارحة نمت وأنا في مكاني..



أجابها بتلاعب: أسألش أنتي.. لأنه أحيانا في أحلامنا نسوي اللي نبيه..



أجابته بتلاعب شبيه: ونفس الكلام ينطبق عليك..



أنهت عباراتها وهي تبتعد عنه وتعتدل جالسة.. ليعاود شدها قريبا منه وهو يحتضن ظهرها ويهمس بذات النعاس: وين بتروحين؟؟..



أجابته برقة وهي تحتضن بكفيها ذراعه التي تحيط بخصرها: بأقوم أكلم أمي أشوف أخبار المعاريس..



هتف بسكون: وأنا بعد بأقوم الحين عشان أجيب مزون للبيت.. اقعدي معي شوي..



حينها شددت احتضانها لذراعيه وهي تهمس بحزم يخفي خلفه ألما عميقا:


صحيح كساب لو صار يوم وتضايقت واحتجت حد يخفف عنك.. ماراح تجيني..؟؟



أجابها ببساطة حازمة: أكيد.. باب تسكر في وجهي مرة مستحيل أطقه مرة ثانية..



سألته بذات الألم الشفاف المغلف بالحزم: ليه أنت ماتعذر أبد؟؟



أجابها بذات البساطة الحازمة: مشكلتي قلبي أسود.. وإذا شلت على أحد.. أبطي وأنا شايل عليه..



حينها سألته بعمق: طيب ولو أنا جيت مرة متضايقة ومحتاجتك.. وش ردة فعلك علي!!



أجابها بأريحية وهو يشدها ليحتضنها أكثر: بأقول العين أوسع لش من الخاطر!!


أبركها ن ساعة..


بس لا تهقين أني ممكن أنا أسويها يوم!!



" لا بأس كساب


لتلعب لعبة التباعد التي لا أعرف كيف قواعدك فيها..


كيف برجل يتباعد ثم أجده بيني وبين عظامي.. يتنفس أنفاسي؟؟


كيف هو تفسيرك للتباعد؟؟


وحتى متى سنبقى نلعب بين حواجزك المتكاثرة؟؟"







******************************************






" مزون.. مزون!!"



أجابت مزون بابتسامة مشرقة: هلا عمي تعال فديتك..



دخل منصور بخطواته الثقيلة الصارمة وهو يرتدي لباسه العسكري..


حين رأى مزون تجلس على المقاعد وليس على سريرها اتسعت ابتسامته..


فهو زارها بالأمس فور معرفته بسلامتها.. ولكنها كانت مازالت مرهقة وتجلس على سريرها..



وقفت لتسلم عليه بينما كان يهتف لها بمودة: أشلونش اليوم يأبيش؟؟



ابتسمت بشفافية: مابعد صرت طيبة مثل اليوم.. اقعد خلني أقهويك.. شكلك مابعد تقهويت..


ماشاء الله أنت أول واحد جيتني اليوم..



ابتسم وهو يجلس: أنا أساسا رايح الدوام.. بس قلت أمرش قبل تطلعين!!



مزون كانت تسكب له القهوة بينما هو كان شاردا نوعا ما وهو يتلفت حوله..


حاولت مزون كتم ابتسامتها وهي تهتف بخبث لطيف: عمي تدور حد؟؟



رد عليها بحزم: لا.. ليش تسألين؟؟



مزون بذات الخبث اللطيف: لأنه الفنجال برد في يدي وأنا مادته.. ولا حد صوبي!!



حينها سألها بمباشرة: وينها؟؟



أجابته بابتسامتها المتسعة وهي تشير للحمام بخفوت: تتسبح داخل!!


ثم أردفت بشجن: عمي حالكم مهوب عاجبني.. لا حالك ولا حالها..



أجابها بحزم: هي اللي طلعت من بيتها وكبرت السالفة..



أجابته مزون بحزن: زين خالتي حامل وتعبانة.. ونفسيتها تعبانة..


ما تستاهل شوي تنازلات منك..



شد منصور له نفسا عميقا: أنتي بنفسش شايفة أشلون هي تتهرب مني


أشلون نتفاهم زين؟؟



ابتسمت مزون: وهي تقول أنك أنت اللي تصد عنها وماتبي تكلمها..



منصور باستنكار: أنا ؟!!



وقبل أن تجيبه مزون سمعا صوت باب الحمام يُفتح.. وصوت عفراء من الباب الموارب: مزون عندش حد؟؟ كني سمعت صوت!!



مزون بخبث رقيق: لا ماعندي حد تعالي!!



عفراء خرجت وهي تجفف أطراف شعرها بالمنشفة التي تمسكها بين يديها ولأن وجهها كان مائلا للجانب وهي كانت خالية الذهن تماما


لوم تنتبه لمن لم يستطع حتى البقاء جالسا حين خرجت.. بل وقف.. لا يعلم لماذا؟؟



كانت عفراء تهمس بعفوية: الله يجيرنا من نار جهنم.. الساعة 7 الصبح والماي حار مولع.. حسيت جلدي بينسلخ..



أنهت عبارتها لتنتبه حينها للواقف أمامها.. سقطت المنشفة من يدها..


وهي تشعر بفتور في عظامها.. تمنت أن تعود للحمام حرجا من شكلها..


ولكنها رأت أن هذا الموقف سيبدو سخيفا.. فهذا زوجها وليست المرة الأولى التي رآها هكذا..



مزون استغلت حالة الذهول اللذيذ الذي غرق فيه الاثنان وهما يتادلان النظرات..


لتتجه للحمام وهي تهمس بثقة: أنا باتسبح.. خذو راحتكم..



عفراء حين سمعت صوت باب الحمام أغلق.. ارتبكت وهي تطرق الباب بخفة.. وتقول بصوت تنخفض: مزون يالخبلة تعالي!!



حينها تقدم منها منصور.. أمسك بكفها وهو يشدها بعيدا عن باب الحمام..


شعرت حينها كما لو أن الهواء سكن حولها.. ووجهها الذي كان محمرا من حرارة الماء تفجر احمرارا لعشرات الأسباب..



مد ظهر أنامله ليمسح على خدها الدافئ وهتف بنبرة ثقيلة خادرة:


يوم أنتي قلتي له مرة بعد زواجنا بفترة بسيطة إن الماي ينزل من الحنفيات حار..


أنا وش سويت.. وفي نفس اليوم؟؟



ارتعشت بيأس وهي تجيب بخفوت ودون أن ترفع نظرها إليه:


ركبت تبريد مركزي على خزان البيت الرئيسي..



حينها هتف بنبرة عميقة فيها رنة حزن.. رجولة.. شيء عميق خاص به:


ولو تبين ركبت لخزانات مستشفى حمد تبريد مركزي!!



أجابته حينها بحزن شفاف موغل في الشفافية: مابغيتك تركب برادات ولا خزانات..


بغيتك تحس فيني..!!



حينها أمسك بوجهها بين كفيه ورفعه بخفة لينظر إلى عينيها ويهتف بتأثر:


إذا أنا ماحسيت فيش.. من اللي في العالم يستحق أحس فيه..



أجابته بذات النبرة الحزينة الشفافة: اسأل نفسك..


أنا بغيتك تحسسني إني شريكة حياتك صدق.. رأيي مهم عندك.. واستقلال شخصيتي مهم عندك..



أجابها حينها بصدق نادر موجع: عفرا أنا ماعاد فيني صبر على بعدش.. الليل ما أرقده..


أدور في البيت كني خبل.. باقي أضرب رأسي في الطوف من القهر..



هتفت بجزع شفاف حقيقي: سلامتك من القهر يأبو زايد..


صمتت لثانية ثم أردفت بحزن: وأنت ظنك إن حالك أحسن من حالي..


طول اليوم وأنا بالي مشغول عليك.. وش سويت؟؟ وش كلت؟؟ جيت وإلا مابعد جيت؟؟


بس يا منصور أنا طلعت من البيت لأنه فيه وضع أنا ماقدرت استحمله..



حينها هتف منصور بحزم يخفي خلفه أمله الشاسع: خلاص أنا مستعد أجي وأراضيش قدام زايد وعياله..


مع أنه الموت أهون علي أني أصغر نفسي قدام أحد.. بس مستعد أسويها بدون تردد.. المهم ترجعين لي!!



أجابته عفراء بلهفة: طيب وشغلي؟؟



ليصدمها بقسوة وهو يقول بحزم: لا الشغل لا.. أنا قبل حملش يمكن ماكان عندي مانع في الشغل..


بس أنش تخلين ولدش عشان تروحين للشغل مرفوض..


لازم عفراء تقدمين تنازل شيء مقابل شيء.. هذا أنا قلت بأراضيش.. راضيني أنتي بذا الموضوع..



حينها شدت عفراء لها نفسا عميقا وهمست بحزم: وأنا ما أبيك تراضيني قدام حد..ولا تصغر نفسك قدام حد..


أنا مستعدة الحين الحين.. إذا جاء كساب وخذ مزون.. أني أرجع معك للبيت الحين.. وبدون تدخل أي حد بيننا..


بس شغلي ما أخليه.. لأني ماني بمقتنعة بأسبابك.. وأنت ماقدمت لي شيء يقنعني..


وإذا على ولدنا ..مزون دراستها العصر..بأخليه عندها الصبح..



حينها غزت الخيالات الحالمة أفكاره..


أ حقا ستكون في حضنه الليلة؟؟


بعد أن اُنهك من بُعدها وصقيع البيت بَعدها!!


ولكنه على الجانب الآخر.. رافض تماما لعملها.. لا يمكن أن يخدعها ويقول أنه موافق..


لذا هتف بحزم: سامحيني عفرا.. قلت لش الشغل مرفوض!!



حينها ابتعدت عنه وهي تدير له ظهرها وتتشاغل بوضع أشياء مزون وأشياءها في الحقيبة ..


حتى لا يرى لمعة الدموع في عينيها وهي تهتف بحزن عميق:


خلاص يأبو زايد.. أنت اللي أنهيت الحوار مهوب أنا..


توكل على الله.. الله يحفظك.. روح لشغلك..









*****************************************







" يمه من جدش؟؟ وأشلون وضحى تروح معهم؟؟


هذي أكيد استخفت!!"



مزنة بغضب: يأمش مادريت حتى أنهم راحوا.. تخيلي أنا أساسا مانمت.. وعقب ماصليت الفجر.. رحت للمطبخ اللي برا


أجهز ريوقهم.. خلصت على الساعة 7.. وطلعته أنا والخدامات.. لقينا باب الغرفة مفتوح.. وماحد فيها..


والسرير ماحد نام عليه...عاد الورد اللي نثرناه فوقه.. فوقه ماتحرك من مكانه..


أدور وضحى مالقيتها.. بغيت استخف.. رحت أدور تلفوني باتصل..


لقيتها مرسلة لي مسج أنها راحت معهم الشاليهات لأن سميرة مستحية وأحرجتها بتمسكها فيها..


أتصل فيهم تلفوناتهم مسكرة!!



كاسرة شدت نفسا عميقا وهي تثبت هاتفها على أذنها: يمه السالفة كلها مهيب طبيعية..


انتظري لين أتصل في وضحى وأشوف السالفة وأخلي امهاب يروح يجيبها


ولين ذاك الوقت خلي السالفة عادي.. أي حد يسألش عنهم.. المعاريس رايحين الشاليهات..


ووضحى في غرفتها.. لا حد يدري إنها معهم حتى صديقاتها..


وأنا الحين بأرسل مسج لها أقول لها كذا.. وأطلب منها تكلمني على طول..






************************************







" يا الله ياقلبي الليلة بنمسي في بيتنا إن شاء الله


كنا نتنى عرس سميرة.. وهذا احنا خلصنا الحمدلله.."



نجلا بتأثر: زين خل أمي صافية تروح معنا الليلة تمسي عندنا..


واجد متاثرة من روحتنا..



صالح بألم: يا بنت الحلال تبي لها يومين وتتعود..


هذي عالية عندها.. وعبدالله ومرته..


يعني وجودهم بيخفف عنها..


أنا أصلا عرضت عليها تروح معنا.. بس هي مارضت..



نجلاء وقفت وهي تهمس بهدوء: الله يجعل دخلتنا للبيت دخلة خير


ويعطينا من خير ذا البيت ويكفينا شره..







****************************************







" هزاع تبي فلوس؟؟"



هزاع يلتفت لوالده مبتسما: غريبة تعرض علي من نفسك.. بالعادة لازم أذل نفسي شوي وأنا أطلب..



أبو صالح يبتسم: يا الكذوب.. وأنا متى حديتك تذل نفسك والفلوس تجيك بدون ماتطلب..



هزاع يبتسم: جعلني ما أخلا منك.. بس الشباب ماقصروا.. كل واحد من أخواني عطاني.. فرحانين أني خلاص بأدخل الكلية


وبيصير عندي راتب وماعادني بغاثهم بالطلبات..



أبو صالح بأريحية: ادري أن الكلية أول ماتدخلون فيه أشياء واجد يطلبونها


خافك محتاج فلوس..



هزاع يقف ليقبل رأس والده: الله لا يخليني منك.. لو احتجت لا تظن أني أصلا باستحي.. السحا ممسوح من قاموسي









************************************







" سميرة ياقلبي ماكلتي شيء!!"



سميرة تلمس خدها المزرق وتهمس بسكون كسكون الموت:


والله العظيم ماني بمشتهية شيء.. أنا لو أقدر أزوع كبدي.. زعتها.. وأنتي تبيني أأكل..



وضحى بحزن عميق: لو أقدر أرجع الزمن ورا.. رجعته.. احساسي بالذنب يخنقني..



سميرة تهمس بذات النبرة الساكنة الميتة: الذنب ذنب أخيش بروحه.. صحيح أنتي غلطتي..


بس ردة فعله كانت جريمة في حقي..


مافيه حد يرد على غلطة تافهة بجريمة..


فرضا استخفيت وعقلي ناقص وقلت له عطني بوسة.. يعطيني كف؟؟



والغريب أنها ضحكت ضحة مرة قصيرة أشبه بالبكاء:


تدرين وضحى أيام الملكة تعرفين الأفكار الغبية اللي تدور في رأس الغبيات مثلي..


كنت أسأل نفسي ببراءة قصدي بغباء.. أشلون أول مرة بيوبسني أبو ضحكة حلوة..


الحين يوم أتخيل مجرد تخيل إنه ممكن يسويها أحس أني بأرجع كل اللي في بطني..


وصدقيني لو كان في بطني شيء الحين كان رجعته قدامش..



وضحى تستمتع بألم وهي تشعر كما لو كانت أمعائها تتمزق..


فمن تتكلم عنه سميرة هو شقيقها الأغلى من عينيها ومع ذلك تجد نفسها مضطرة لبلع حسرتها والسكوت..


لأن حسرة من تشاركها هذه الطويلة الصغيرة هي حسرة تجاوزت كل مدى..


تجلسان منذ ساعات على هذه الطاولة لم تتحركا.. بينهما نزيف مر من الكلمات والوجع..



وهو يجلس في الخارج..


الجو حار جدا.. ومع ذلك مازال يجلس تحت المظلة رغم تصبب عرقه الغزير..



وسميرة تكمل نزفها المر: تدرين وضحى لولا خاطرش.. وإلا كان دعيت في قلبي


إن أخيش مايقوم من قعدته هذي..



حينها قفزت وضحى وهي تصرخ بألم: بس سميرة.. بس.. من الصبح لين الحين وأنتي تذبحيني بس حرام عليش..وأخرتها تبين تدعين عليه!!


تميم هذا اللي من الصبح تقطعين فيه.. أغلى علي من أنفاسي اللي أتنفسها..


تميم هذا مافيه أطيب من قلبه ولا أحن..أنتي ماتعرفينه.. بس هو موجوع موجوع..


رجّال رأسه مليان شكوك.. والشك يذبح الرجّال.. لا تلومينه على شكوك أنتي زرعتيها في رأسه!!



سميرة قفزت هي أيضا لتصرخ باستنكار: أنا؟؟



وضحى بدأت تبكي: إيه أنتي.. هو غلطان والغلط راكبه من رأسه لساسه.. بس أنتي كان لش من الغلط نصيب..


وأنا اللي طحت في النار بينكم..



حينها بدأت سميرة تصرخ بجزع موجوع متحسر: ليه وأخيش وش عنده ضدي..؟؟


أنا اللي يصلون على طرف ثوبي.. يأتي أخيش يشك فيني!!



وسرعان ماانهارت كل الحقائق.. ووضحى تنثال بكل شكوك تميم..


وليتها لم تفعل.. ليتها لم تفعل وهي تكمل على خطئها السابق خطأ أشد فداحة!! وكلاهما كان بحسن نية!!





.


.


.




مازال على مقعده..


غارقا في أفكاره وآلمه الذي يغوص في روحه إلى نخاع النخاع..


ربما لو بصق الآن لبصق دما من روحه المدمرة!!



" لماذا يحدث كل هذا؟؟


لماذا؟؟


لماذا لم أنهِ الموضوع بأكمله قبل أن نصل إلى هذه المرحلة؟؟


قبل أن أنحرها وأنحر روحي قبلها!!"



يتذكر وصولهم هنا.. كان يريد أن يهرب قبل أن يراها..


لكن كأنها تريد عقابه.. خلعت نقابها قبل أن يهرب..


تحول اللون الأحمر الداكن في خدها إلى لون مزرق..


كلما تذكر ترتعش يده التي صفعتها..



" أ حقا أنا فعلت ذلك؟؟


أ حقا امتدت يدي لها؟؟


(امساك بمعروف أو تسريح بإحسان)


لم أستطع أن أفعل أي شيء منها!!


ولكني مثقل بالوجع والألم والخديعة..


عشرات الخيالات المؤذية تغزو خيالي وتجرح كل مافيني


رجولتي وحميتي وإنسانيتي!!"



وهو غارق في أفكاره.. شعر بمن يلكزه في كتفه بعنف..


كانت هي.. وجهها محمر وعيناها متفجرتان بالدموع.. واللون الأزرق في خدها ازداد لونه ازرقاقا وفي قلبه ألما..



كانت تصرخ تصرخ وتصرخ.. قالت كلاما كثيرا.. لم يفهم منه شيئا..


يستطيع أن يقرا حركة الشفاة بصورة جيدة..


ولكن شفتيها كانتا تتحركان بسرعة هائلة عدا أنه لم يستطع التركيز


وهو يرى حالتها الهستيرية


وهي تمسح سيول أنفها وعينيها بذراعها في حركة يائسة مرارا وتكرارا



وضحى وصلت فورا خلفها وهي مقطوعة الانفاس ووجهها محمر كذلك ودموعها تنهمر بغزارة.. سألها تميم بإرهاق موجوع:


هذي وش فيها؟؟



وضحى أشارت له بخجل: أنا قلت لها عن شكوكك فيها..



حينها تفجر غضب تميم: أأتمنش على سر وتروحين تقولينه لها..


أنتي ماكفاش اللي سويته فيها البارحة؟؟



وضحى تبكي: بغيتها تعرف السبب اللي خلاك تسوي كذا!!



تميم يشير بغضب أشد: وانتي وش دخلش؟؟ وش دخلش؟؟



كانا يتبادلان الإشارات بينهما وسميرة خارج المشهد تصرخ وتصرخ وتصرخ..



التفت تميم لها وهو يشير لوضحى بعصبية: زين هي الحين وش تقول ولا تدسين علي شيء..


أساسا أنتي خلاص ماعاد تعرفين تدسين شيء؟؟



وضحى بألم شاسع: كلام واجد.. مقهورة ومضيومة.. تسبك شوي.. وتتحسر شوي!!



تميم بغضب: ترجمي لي وبسرعة..



حينها كانت سميرة تشهق وهي تنهمر بكل ألمها:


أنا وش ذنبي اللي سويته؟؟


عشان أنا سليمة ووافقت عليك تشوف هذا مبرر أنك تشك فيني!!


أو حتى لأني نسيت صوري على جهازي..


أو تهورت وحاولت أقومك ثم استخفيت وأرسلت لك ورد..


أنا أساسا غبية.. غبية.. اللي حسبتك ممكن تكون لي القلب الكبير..


أنا مابغيت صوتك ولا كلامك.. بغيت قلبك بس..


مادريت أنك أساسا ماعندك قلب.. وأنك واحد مريض..


طلقني الحين.. طلقني.. أنا مستحيل أعيش معك دقيقة..


أنا سميرة بنت راشد تشك فيني وفي أخلاقي..


تخسى أنت ووجهك.. كفو لك وحدة تناسب أفكارك الوسخة مهوب أنا..



وضحى كانت تترجم بالحرف وبذات سرعة انثيال سميرة التي كانت شهقاتها تتزايد وارتعاشها تتزايد؟؟


بينما غضب تميم يتزايد ويتزايد.. ولكن قبل أن يبدر من أي منهم تصرف ما..


سميرة انهارت على الأرض وجسدها كله يرتعش بعنف كأنها حالة صرع..



وضحى وتميم جثيا كلاهما جوارها.. كانت وضحى تريد أن ترفعها عن الارض


ولكن تميم أشار لها أن تسرع وتحضر ماء


وهو يشد سميرة ناحيته ويضع رأسها في حضنه..


وضحى دخلت ركضا..



بينما تميم أسند رأسها بخفة لحضنه وهو ينظر لحالتها غير الطبيعية من الارتعاش كما لو كانت لسعها تيار كهربائي..


عيناها تتقلبان.. والزبد يخرج من بين شفتيها..


شعر أن هذا الألم الذي مزق روحه لايريد التوقف عن تمزيق روحه..


ما ذنب هذه الصبية فيما فعله فيها؟؟


حتى لو كان يشك فيها أو مازال؟؟


كان يجب أن يطلق سراحها قبل أن يحدث كل هذا!!


لماذا يعاقبها على شكوك لا اثبات لها.. لماذا؟؟


كان يجب أن يكتفي بعيش ألمه هو لوحده..



" يا الله خلاص مافيني.. مافيني!!


حاس أني باموت..


ماعادني بمستحمل أكثر من كذا!!


خلاص"







*****************************************







" هلا كاسرة.. أنتي وين؟؟


فيه ناس بيجون يهنوني السلامة..


تنزلين لنا في مجلس الحريم العود تتقهوين معنا؟؟"



كاسرة تجيب بمودة: ماعلية بأجي بس بعد شوي.. لأني في بيت هلي..


خليت كساب يوديني وهو رايح صلاة العصر


لأنه جدي فديته عنده موعد اليوم.. وأنا تعودت إذا كان عنده مشوار برا البيت


إني أنا اللي ألبسه.. وما أقدر أغير عليه ولا على نفسي عادتنا..


أول مايروح موعده بأجيكم أنا وامي.. لأنها هي يعد تبي تهنيش السلامة..



مزون بمودة رقيقة: حياكم الله!!



حين أنهت كاسرة الاتصال هتفت مزنة باهتمام: ها كلمتي وضحى.. تعبت أتصل والتلفون مسكر..



كاسرة تزفر: لا يمه.. بس هي أرسلت لي مسج.. تقول مافيه شيء.. وكل شيء زين..


وإنه مافيه داعي نحرجها.. لأنها بروحها منحرجة من روحتها معهم..


بس سميرة مستحية واجد..وأصرت علي وعقبه تميم أصر عشانها..



مزنة تتنهد: خير خير إن شاء الله.. يا الله قومي لبسي جدش..


امهاب جاي الحين يأخذه..








****************************************






" ترا بنسافر قريب؟؟"



جوزاء تلتفت لعبدالله بحدة: حن؟؟ وين؟؟



عبدالله بحزم: مصر!!



جوزاء بعصبية: ما أبي أسافر معك..



عبدالله بذات الحزم: بتسافرين غصبا عنش.. لأنه حن ماحنا برايحين نتفرج


بنروح عشان تدرسين..



جوزاء بصدمة: أنا وش أدرس؟؟



عبدالله بحزم أكبر: تكملين دراستش.. أنا راسلتهم خلاص وعبدالرحمن عطاني أوراقش.. احتسبوا أكثر ساعاتش..


يعني فصل واحد وتتخرجين..



جوزاء بعصبية: ما أبي أروح.. عبدالرحمن قد عرض علي..


عقب ماحاول في الجامعة هنا يرجعوني ومارضوا لأني تجاوزت الحد المسموح للاعتذار..


قلت له برا ما أبي أروح!!



عبدالله بحزم بالغ: والله هذاك أخيش وكيفش تعين..


بس أنا أقول لش إنش بتروحين رضيتي وإلا مارضيتي..






***************************************







" يمكن قريب أسافر وأودي مزون


أبيها تغير جو شوي


تسافر معنا؟؟ "



علي يلتفت لوالده ويهتف بمودة: لو ماعندي شغل ضروري سافرت معكم..



زايد بحزم: على ذا الشغل.. لا مرة ترادك الصوت ولا حد يدري عنك لا رحنا أنا وأختك..



علي يبتسم: ياشينك يأبو كساب لا حطيت شيء في راسك..


سنين وانت تحن على كساب لين طاعك..


بس أنا عاد باسي مهوب قوي مثل كساب...


يعني كساب خذ منك سنين.. بس أنا عاد ماخذ في يدك كم شهر


ارحمني يبه طال عمرك..



زايد بمباشرة صريحة: أبي أدري وش فيك نقص ماتعرس.. ناقصك يد ولا رجل؟؟



علي يضحك: ناقصني أني أكون أنا أبي أعرس.. مالي مزاج يا أبو كساب..


لا اشتهيت العرس.. جيتك بروحي وقلت زوجني.. وعد علي


وأنت ريح بالك مني.. أنا مرتاح كذا..







************************************







" هاجهزتي لنا القهوة والقناد والبزار اللي بنروح به معنا!!" (بزار=بهار مشكل)



عالية بتأفف: يعني إلا تذكرني بالمغثة.. تو الناس باقي 3 أسابيع على روحتنا..



نايف يبتسم: يا بنت أختي العزيزة.. خلني أنبهش من بدري.. لا تورطينا مثل السنة اللي فاتت..


جبتي لنا بزار اللي يعز النعمة.. سويت ريجيم بسبته..



عالية تضحك: وش أسوي.. كل سنة كانت نجلا هي اللي تولى المسئولية


والسنة اللي فاتت يوم رحنا.. كانت توها زعلانة من صالح وطافشة بيت أهلها


استحيت أقول لها.. تخيل أنا استحيت!!


إلا المسكينة طلعت مجهزة كل شيء مثل عادتها.. ويوم سافرت اتصلت فيني في زعلانة..


قالت لي يعني عشاني زعلانة مع صالح بأغير عادتي معش كل سنة..



نايف بابتسامة: واللي طاح فيها أنا المسكين..



عالية تبتسم: لا تسوي فيها شهيد بزاري.. لأنك كان باقي تلحس الصحون


ثم أردفت بتحذير وهي تتذكر شيئا: شوف قبل ما تحجز.. تأكد إن فهد بيكون رجع من دورته..


لأني مستحيل أروح ماشفته.. حتى لو أجلنا السفر شوي!!



نايف بمودة: فهد راجع بعد أسبوعين وسفرنا بعد ثلاث أسابيع..



عالية تسأله: زين بتكون خلصت موضوع البيت..؟؟



حينها هتف نايف بضيق: الموضوع تقريبا خلص.. باقي بس استلم الفلوس وأسلمها للمحكمة تقسمها..


يا الله عالية ما تخيلت أني باتضايق كذا لا بعت البيت عشان خواتي زعلانين..



عالية ترفع يديها للسماء: يارب يقعدون زعلانين ويفكونك من شرهم!!



نايف ينهرها: عيب عليش.. خالاتش ذولا.. وخواتي.. وما أحب حد يقول عليهم شر.. يعني عشان يحبوني..



عالية تهز كتفيها: هذي مهيب محبة طال عمرك.. هذا تملك..


يا أخي هم مهوب قادرين علي عيالهم ورياجيلهم..


متشطرين عليك.. عشانهم يشوفونك طيب وما تحب تحزنهم..


ثم أردفت بحماسة: خلاص لما ترجع المرة الجاية.. بتدور بيت!!



ابتسم نايف: لا من الحين بأعطي أبو صالح وكالة.. وطلبت من صالح يدور لي بيت زين على راحته..


ما أبي أشغل نفسي بذا السالفة..



عالية تبتسم: الله يانايف ماني بمصدقة إنه ماعاد باقي علي إلا فصل واحد وأخلص.. حاسة أني أدرس عمري كله..



نايف (بعيارة): هذا كله استعجال على الدكتور عبدالرحمن؟؟



نظرت له عالية بنصف عين: عندك مانع يا أفندي؟!



نايف يقف وهو يبتسم: لا ماعندي مانع.. ولو عندي مانع بتأكليني بقشوري أصلا...



عالية تقف معه وهي تهتف بابتسامة: وأنت فصل عقبي وتعرس بعد..


لا تبكي لا تبكي من الحرة...



نايف يهز رأسه رفضا: لا طال عمرش.. أنا توني.. وعاد وراي دكتوارة..


تبين يعني بعلش أحسن مني؟!!







*****************************************







" شوفي يام عبدالرحمن.. ترا من بكرة بأجيب المهندس


عشان يشيك على المكان


أبي أسوي الطابق اللي فوق كله لعبدالرحمن


وغرف البنات انقليها تحت"



أم عبدالرحمن تبتسم: تو الناس يا ابن الحلال..



أبو عبدالرحمن بحزم: لا تو الناس ولا شيء.. أول ما ترجع مرته من السفر بنحدد موعد العرس..



حينها همست أم عبدالرحمن بخجل: زين دامك تبي ننقل غرف البنات تحت..


شعاع من زمان وهي تقول إنها تبي تغير غرفتها..



أم عبدالرحمن انكمشت قليلا حين رأت انعقاد حاجبيه.. وظنت أنه سينفجر فيها


ولكن الغريب أنه أجابها بذات الحزم وبقوله: خليها تغيرها على كيفها..


بس أنا اللي بأوديها تتنقى.. ولو تبي تغير الديكور والحمام بعد ماعندي مانع..


وحتى جوزا لو بغت تسوي شوي في غرفتها مايهمها من المصاريف..


عشان لاجات عندنا أو تنفست عندنا عقب الولادة إن شاء الله.. تعين المكان اللي يريحها..






****************************************








" الحين يا اللزقة.. أقول لك بانزلك بيتك.. تقول لا..


ما يكفيك أنك رحت معي لموعد جدي.. وصدعت رأسي بهذرتك وجدي يسوي العلاج الطبيعي..


وهذا احنا راجعين.. وعادك ماتبي تتخلص..


تراني مافيني ريحة آل ليث عشان تلزق كذا؟؟"



عبدالرحمن بمرح: ياحي الطاري بس.. وش أسوي ماعندي غيرك أتسلى به..


خل بنت آل ليث لين تخلص دراستها وربي يفرج علي وأعرس


وعقبه بأتفل في وجهك!!



مهاب يبتسم: خوش دكتور.. مايعرف من الثقل إلا اسمه..



عبدالرحمن بابتسامة: أنا ما أدري وش تفسيركم للدكتور... نظارة وتكشيرة..


ماعليه النظارة ومشينا الحال.. بس عاد التكشيرة وثقل الطينة خليتهم لك..



مهاب بذات الابتسامة التي تكون حاضرة دائما مادام يتحاور مع عبدالرحمن:


تدري يا الدب.. لو خالد آل ليث عنده بنت ثانية.. كان نشبت في حلقهم يزوجوني عشان أصير عديلك وأغثك..



عبدالرحمن يضحك: غاثني بدون شيء.. ومصنع مرتي سكر عقبها لأنها نادرة..


وإلا وش رأيك يبه؟؟



قالها وهو يتقدم قليلا ليستند على مقعد الراكب الأمامي حيث يجلس الجد جابر


الذي أجابه بتأفف: رأيي.. إنه رأسي آجعني من هذرتكم.. عاد حن مبطين؟؟..


أبي الحق على صلاة المغرب في المسجد..



مهاب بمودة واحترام: خلاص يبه عشر دقايق وحن في البيت طال عمرك.. وقبل المغرب إن شاء الله..



لم يكد مهاب ينتهي من عبارته.. حتى تعالى صراخ عبدالرحمن بالتحذير الجزع:


امــــهــاب..


انـــتـــــــبــــه !!


انـــــــتــــــــبـــــــه!!!






#أنفاس_قطر#


.


.


.


.


أدري ودكم تذبحوني


وأدري عشرات التوقعات بتدور


بتعرفون اللي صار وبيصير قريب


اليوم حطيت لكم بارت اليوم وبارت الخميس


وبأخذ فترة استراحة قصيرة أسبوع


وارجع لكم يوم الاحد الجاي.. يعني اللي بعد أسبوع ونص


.


ولا رجعت وقريتوا البارت الجديد عرفتوا ليش خذت استراحة..


أدري إنه البعض كان متضايق ويقول فيه بطء فيه الأحداث


بس أنا كنت قاصدة لين أوصل تميم وسميرة لحزب المتزوجين


عشان نبدأ معهم المرحلة الجديدة والأخطر من بين الأمس واليوم


واللي بتبدأ من البارت 55


.


.


.

 
 

 

عرض البوم صور #أنفاس_قطر#  
قديم 31-10-10, 06:07 AM   المشاركة رقم: 55
المعلومات
الكاتب:
اللقب:
VIP




البيانات
التسجيل: Jan 2009
العضوية: 117447
المشاركات: 738
الجنس أنثى
معدل التقييم: #أنفاس_قطر# عضو جوهرة التقييم#أنفاس_قطر# عضو جوهرة التقييم#أنفاس_قطر# عضو جوهرة التقييم#أنفاس_قطر# عضو جوهرة التقييم#أنفاس_قطر# عضو جوهرة التقييم#أنفاس_قطر# عضو جوهرة التقييم#أنفاس_قطر# عضو جوهرة التقييم#أنفاس_قطر# عضو جوهرة التقييم#أنفاس_قطر# عضو جوهرة التقييم
نقاط التقييم: 1255

االدولة
البلدQatar
 
مدونتي

 

الإتصالات
الحالة:
#أنفاس_قطر# غير متواجد حالياً
وسائل الإتصال:

كاتب الموضوع : #أنفاس_قطر# المنتدى : القصص المكتملة (بدون ردود)
افتراضي بين الأمس واليوم/ الجزء الخامس و الخمسون

 



بسم الله الرحمن الرحيم
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
ياهلا والله بكم ياكل الغلا.. لو فقدتوني شوي أنا فقدتكم واجد
الله لا يخليني منكم
ما تتخيلون أشلون أثرت فيني ردودوكم ومشاعركم لو مهما وصفت ما أوفي
لأني عارفة أنكم متشوقين للبارت نزلته بدري.. ولو كنت دخلت قبل كذا كنت نزلته أبكر
.
.
الحين شوية استفسارات ونجاوب على السريع
.
.
ليش ماتعلمت سميرة الإشارة؟؟ استفسار تكرر..

والإجابة إني قصدت هالشيء وتبريره بتعرفونه على لسان سميرة نفسها في جزء اليوم
.
هل نزلت كتاباتي في كتاب؟؟
لا.. يكفيني إنها نزلت في قلوبكم.. تكفيني عن مليون كتاب!!
.
موب لازم لأن سميرة أغمي عليها كذا تكون مريضة بس القهر شين جعلكم ماتشوفونه..
.
من طلب رأيي في التوقيعات الخاصة بالرواية اللي يتكرمون نبضات قلبي يوم يشرفوني ويحطونها في توقيعاتهم الخاصة؟؟
أقول كلها تبهرني بإبداع أصحابها.. وكلها تزرع في روحي امتنان ما تتخيلون أشلون يؤثر فيني!!
لكن لو أنا قلت إنه فعلا اللي في التوقيع يشبه تصوري عن شخصية معينة
معناته أني أذبح باقي التخيلات والتصورات
أنا عندي تصور معين عن الشخصية وأحب يكون لكل المتابعين كل واحد بروحه تخيله الخاص
اللي يعطيه من أفكاره وروحه وخياله.. أحب يكون في بالكم تصوركم الخاص فيكم اللي أنتو تزرعونه وتبتكرونه!!
.
ومن هنا يمكن نطلع لقضية كانت أثارت جدل بما إنه تكلمنا عن تصور البعض للشخصيات..
جمال كاسرة كشخصية.. أو حتى جمال المرأة المبهر بشكل عام..
أقول لكم.. أنا وحدة سافرت كثير.. ونسمع أشلون جمال البرزايليات مثير..
وأشلون بشرة الفلبينات مذهلة..
وأشلون طول الألمانيات ورزتهم لافتة..
بس شوف العين شيء ثاني غير السماع..مبهر أكثر :)
شفت في حياتي آلاف الأشكال.. شفت اللي قالوا عنها جمالها يزوجها حاكم أو أمير..
وشفت اللي قالوا جمالها يخلي الناس تقوم وماتقعد..
بس سبحان الله الجمال اللي مثل جمال كاسرة شفته في بنات مستورات مثلكم وشرواكم..
ومايعني أنه البعض يمكن ماصدف هالجمال في حياته إنه غير موجود..
وفعلا يوم يقولون الأذواق تختلف... بس سبحان الله شفت في حياتي جمال مستحيل حد يختلف عليه..
تلاقين العين ماتقدر تصد عنها... صحيح البرستيج يفرض عليك ما تبحلقين..
وتحاولين ما تبحلقين بس غصبا عنك البحلقة حاصلة حاصلة :)
.
.
.
عودة لجزء اليوم... وأخيرا.....
أعلم أنكم تتوقعون حزن ما في هذا الجزء
ولكن اختلفت توقعاتكم عنه.. ولنقل أمنياتكم
لأني أكتب هذه المقدمة بعد أكثر من أسبوع لكتابتي للجزء.. استطعت كتابتها
ولو كنت نزلت الجزء فور كتابته لم أكن لأستطيع كتابة شيء
فالحزن كان يملأني لدرجة الاختناق.. وكنت أكتب قليلا وأتوقف قليلا لأني لا أرى الشاشة..
ليس المقصد مطلقا أنني أريد جلب الكآبة والحزن والمآسي
فكما في الحياة كثير من الحزن.. فيها كثير من السعادة.. وكلاهما قادم في الرواية
كنت قلت لكم قبل فترة أننا نعبر عنق الزجاجة. ولم نقل أننا تجاوزنا العنق بعد
فنحن نمر الآن عبر اختناق العنق تماما..
تعلمون نبضات القلب أنا أقرر مسار الرواية بالكامل منذ البداية وأبني الأحداث على هذا الأساس..
وإذا كنتم ستحزنون لفراق إحدى الشخصيات.. فكيف بي وأنا أشعر كما لو كنت أبتر جزءا من روحي!!
بل كأني أبتر جزءا من جسدي وألقيه!!
ولكن لو سمحت لمشاعري ولتوقعاتكم أن تغلبني ستسقط الرواية وتتضارب الأحداث..
.
أعلم أن الأغلب توقع وفاة الجد.. أو لنقل تمناه..
فهو شيخ في التسعين والموت متوقع له..
ولكن على من سيأثر موت الجد؟؟ كاسرة.. مزنة!! وفقط.. وماذا إذن؟!

لكن أنا في هذه المرحلة كنت قد قررت من البداية حدوث زلزال ما..
سيقلب أحداث الرواية ويؤثر في أغلب الشخصيات لتبدأ الأحداث في التصاعد
وشخصيات كانت متوارية ستقفز لبؤرة الأحداث..
فالرواية لا ترتبط بشخص واحد.. بل هناك العديد من الشخصيات التي تنتظر دورها للظهور!!
وقوة دور هذه الشخصية هو في تأثيرها بعد اختفاءها عن الساحة!!
.
سترون كيف ستنقلب الأدوار؟؟
سترون كيف ستبرز علاقات جديدة ومختلفة؟؟
سترون كيف ستتغير الأحداث؟؟
.
ولكن كل ذلك كان الطريق له حزن عميق هو عنوان هذا الجزء..
الحزن يطهر الروح تماما.. ويظهر أفضل مافي البشر وأسوأ مافيهم أيضا!!
وتذكري وأنتي تقرأين أنكِ مهما شعرتي بحزن لن يكون حتى واحد من الالف من الحزن الذي شعرت به أنا..
لذا فلا تجرحوا قلبي المجروح أساسا..
.
هذا الجزء كان متعب جدا جدا جدا لي
تقمصت فيه شخصيات الرواية.. حزنها.. ألمها.. انفعالاتها.. مشاعرها..
وكنت مع كل شخصية من شخصيات بداية الجزء.. أغرق الكيبورد بدموعي..
لكن مع مرور شخصيات الجزء تبدأ الشخصيات بالانفراج
وبقدر ما سيبدأ الجزء خانقا محزنا.. سينتهي بسلاسة وبهدوء..
.
الجزء 55 جزء طويل جدا استعدوا
.
لن أقول قراءة ممتعة.. بل قراءة مطهرة للروح
جزء اليوم لا يقرأ مرة واحدة..
بل أريد أن اسمع أرائكم بعد القراءة الثانية
.
.
لا حول ولا قوة إلا بالله
.
.



بين الأمس واليوم/ الجزء الخامس والخمسون



ست أشهر مضت.. منذ ارتحل..
تمر الأيام علي بطيئة متثاقلة..غاية في الثقل!!
هي كانت من قبله تمر بطيئة!!
وأنا أدعو الله أن يأخذ أمانته بعد وصلت أرذل العمر.. واشتقت إلى لقاء ربي!!
فكيف من بعده؟!! كيف من بعدك يا بني؟؟
أصبحت أشعر بشروق الشمس وغيابها سكاكين تنغرز في روحي..
لأني أعلم أن هذا يوم جديد يمر علي من بعده!!


عمري ضعف عمره مرتين..
والحياة كلها كانت أمامه.. بينما أنا حياتي أصبحت خلفي!!
ومع أن ذاكرتي كانت بدأت تضعف ومنذ سنين.. لكن منذ غادرني..
وذكرياتي معه.. حتى تلك التي كنت نسيتها.. تمزقني وأنا أستعيدها مرارا وتكرارا..

حفيدي الأول.. وفرحتي الأولى.. الولد الذي لم يرزقني الله به
أذكر أول مرة حملته وأنا أكبر في أذنه وادعو له بالصلاح..
وكم كان صالحا وبارا..!!

كلماته الأولى ومناغاته ترن في أذني ولا تفارقني..
حين قال (أبي) قالها لي... فلم يكن له أب غيري.. فقد وُلد يتيما..
وحتى بعدها كنت أنا فقط والده!!

حين خطا خطوته الأولى كان متجها لي..
ومنذ ضعفت وضعف بصري وهو من يقودني دون يتذمر أو يشكو.. مجرد طفل صغير حينها!!
لم يقل لي يوما أريد أن أذهب لألعب.. لم يتركني وهو جواري ملتصق بي.. فخذه الصغيرة ملتصقة بجنبي..

يا الله ماكل هذا الوجع!!
ارحم شيبي وضعفي.. ماعاد القلب يحتمل المزيد..ارحمني برحمتك..
وإن كان مازال في العمر بقية.. فمنَّ علي بنعمة النسيان التي باتت حلما بعيدا المنال..

يا الله ياكريم
إذا كنت قد أذقتني حسرة فقد ولدي..
فلا تذق أبا عبدالرحمن مثلها!!

يكفيه رؤية عبدالرحمن حي ميت طوال الأشهر الماضية..
يا الله لا تذقه الحسرة التي ذقتها!!
فإن كنت أنا أستطعت الاحتمال.. فهو لن يحتمل فراقه.. لن يحتمل!!





************************************





ست أشهر مضت منذ تركني..
حاولت الاعتصام والصبر والتجلد وأنا أقول هذا قدر الله وحكمته
وإن كان قد أخذ ابني.. فلحكمة منه سبحانه!!
وأنا مؤمنة ومصلية..
وأعلم أنه إن شاء الله في خير حال في عالم خير من عالمنا..

هكذا كنت أصبر نفسي..
ولكن كيف للقلب المكلوم أن يستوعب كل هذا الوجع؟؟
كيف له أن يستوعب خلاء المكان بعده؟؟
أيام العزاء كدت أموت لشدة ماتجلدت..
وخصوصا وأنا أرى انهيار وضحى وعيناها تتبعاني أينما ذهبت..
وكأنني مصدر القوة لها.. تنتظر انهياري لتنفجر تماما..
تجلدت وتجلدت وتجلدت.. حتى ماعاد جلدي يحتمل التجلد.. وشعرت به يتفطر كما انفطر قلبي..

أصبحت هاربة على الدوام من البيت..
غالب وقتي أقضيه في بيت أم عبدالرحمن..
نتشاطر وجع ماعاد في الاحتمال.. في خفية عن الأعين التي تراقبنا..
كلانا نبكي ابننا الذي رحل.. ونبكي جزعا أن يرحل الآخر!!

كنت أكره أن أعود للبيت...
وكيف أعود وكل شيء هناك يذكرني به..
هذه الستائر هو اختار لونها.. وهذه الأرائك هو اشتراها..
بل حتى أواني المنزل كان معي عندما اشتريتها..
هنا جلست وهو يمر علي في الصباح.. مقبلا رأسي وأنا أدعو له بالتوفيق وبحفظ رب العالمين!!
وهنا جلست أنتظره عائدا من رحلته والقلق يعتصرني إن تأخر ساعة واحدة..
وهاهو الآن لن يعود مهما انتظرته..
بدأت الحسرة تأكل روحي شيئا فشيئا..
كرهت حالة القلق الذي أثرتها في أبنائي وأنا أظنهم لا يلاحظون..

لأتفاجأ يوما بهم ثلاثتهم.. بل أربعتهم وسميرة معهم.. يأتون لأخذي من بيت عمتهم بعد رحيل مهاب بثلاث أسابيع..
ويذهبون بي إلى بيت آخر..
إنه بيت كساب الذي عرضه على تميم حين علم أنه يبحث عن بيت ليأجره..
لم يسمحوا لي أن أعود للبيت حتى.. ولم يحضروا حتى قشة واحدة من بيتنا القديم..
حتى ملابسي لم يحضروها.. وكأننا نبدأ كلنا حياة جديدة..
خيرا فعلوا.. حتى وإن كانت ذكراه أبدا ثابتة كالوسم في الروح ولا أحتاج شيئا يذكرني..
ولكني كنت فعلا على وشك الإصابة بالجنون والذكريات تخنقني من كل ناحية في ذلك البيت..
هأنا أشغل نفسي بالكثير.. ختمت حفظ القرآن الكريم..
وهأنا أقرأ كل ليلة آيات كثيرة أدعو أن يكون أجرها لمهاب..
صبرني يا الله بعده.. وأدخله فسيح جناتك..
واللهم أرضه.. كما أرضاني..
اللهم أرضه.. كما أرضاني..
اللهم أرضه.. كما أرضاني..






************************************




يا الله يا امهاب ما أقساك!!
أ لم تقل لي دوما وأنا صغيرة.. إذا ضربكِ أحد ما.. فاخبريني حتى أضربه!!
وعدتني أنك ستدافع عني دوما..
فأين أنت الآن؟؟
هاهي الحياة تضربني وتصفعني وتركلني وجعا من بعدك..
وأنت لست هنا لتدافع عني!!

ما أشد مرارة الأيام بعدك.. مرارتها كمرارة العلقم الذي سكن روحي ورفض أن يغادر..

ظننت أني في لحظة من اللحظات سأموت لا محالة..
فما كنت أشعر به وجع ظننت أنه لن يسكنه إلا الموت..
ولكن سبحان الله!!
الحياة تستمر.. والمؤمن مبتلى!!
ومهما بدت الحياة صعبة بعد أحبابنا فهي تستمر!!

هانا أعمل.. وأدفن نفسي في العمل!!
أصبحت أشعر أن حياتي تتمحور حول هؤلاء الأطفال الصم..
سعادتي رهن بابتسامتهم..
وحزني الحاضر دائما رهن بدموعهم..
أقنعت سميرة أن تعمل معي..
وهاهو وجودها معي يخفف علي كثيرا من وجع الحياة!!





***************************************
***************************************




ست أشهر مضت وهو ذات الحال.. غيبوبة أشبه بالموت..
وإن كان هناك من يموت فهو أنا..والده..
أشعر أن أجزاء روحي تتساقط شيئا فشيئا مع كل يوم جديد يمر علي وهو لا تحسن في حاله..
بل أشعر أن مابات يحول بيني وبين لفظ أنفاسي الأخيرة.. وهو وجود أنفاسه في الحياة..
حالما تختفي هذه الأنفاس سأختفي معها..

لا أفارقه أبدا.... عدا ثلاث ساعات فقط بين منتصف الليل وقبل آذان الفجر..
أترك عنده أحد الصبيان وأطلب منه أن يتصل بي فورا لو حدث أقل شيء..
أعود لأبيت في مجلسي.. حتى يرى الجميع سيارتي أمام البيت..
خوفا على أهل بيتي... ولكني لا أستطيع حتى دخول البيت من بعده!!
الكل يحاولون في أن أغادر قليلا على أن يتنابوا معي..
ولكن لا أستطيع.. لا أستطيع مفارقته..
أعلم أني أهملت بيتي وبناتي.. ولكن أوصي تميما وعبدالله دائما في أهل بيتي..
والاثنان لا يقصران..
وخصوصا عبدالله الذي أعلم أنه من يتولى مسئولية البيت التي تركتها له..


لا أفارق عبدالرحمن لأني أخشى أن أتركه فيحدث أحد أمرين..
أما أن يتحرك أو حتى ترمش عيناه وأنا غير موجود..
أما ما أخشاه أكثر.. أن تحين ساعته وأنا لست موجودا حتى أوجهه للقبلة وأتشهد على رأسه مادام لا يستطيع التشهد..

كنت أحلم بأولاده.. فإذا الحلم يتحول فقط أنني أريده جواري على أي حال كان!!
حتى وإن لم يصح من غيبوبته.. ليبق جواري..
فأي حياة لا يكون هو فيها؟!!





************************************




ست أشهر مضت وابني في غيبوبته..
والغريب أنه خال تماما من أي كسور أو أي إصابات..
كان مصابا برضوض شديدة.. ولكنها كلها تعافت..
ومع ذلك مازال لم يصحُ..

وأنا لا أمل الانتظار.. ولن أمله!!
مادامت أنفاسه وأنفاسي في الحياة.. سأبقى أنتظر!!

عبدالرحمن يا بني.. أمك تحتاجك.. حتى متى كل هذا النوم؟؟
كل يوم تشرق شمسه.. أركض للمستشفى.. أقول اليوم لعل وعسى..
أبقى أرأقبه حينا.. أتحسس جسده حينا.. وادعو له في كل الأحيان
حتى يقترب آذان الظهر ويجبرني فاضل على المغادرة..
وأنا أشعر أن روحي تركتها خلفي..
حتى تفكيري طوال اليوم شارد.. ليس معي.. حتى أعود إليه!!

ماعدت أشعر بطعم أي شيء في الحياة..
فأي طعم للحياة هو لا يتذوقه..؟؟
حتى حسن الصغير الذي كنت أرى الحياة في ابتسامته..
يجلس في حضني.. يتمسح بي.. يشد برقعي.. يريدني أن ألتفت له..
سامحني ياصغيري.. ليس نقصا في غلاك.. والله يعلم..
ولكن ماعدت أشعر بشيء..
وكأن كل شيء رهن بعودة هذا النائم!!







************************************




ست أشهر مضت وعبدالرحمن على حاله..
لا أعلم هل هذه رحمة به حتى لا يعلم برحيل امهاب ..
فأنا مازلت لا أتخيل كيف ستكون ردة فعله حين يصحو ويعلم..

أصبحت الحياة باهتة باردة..
والغريب أنها ليست كذلك بسبب غياب عبدالرحمن فقط..
بل ربما كان السبب الأكبر هو غياب والدي..الذي حتى في تواجده تشعر أن روحه غائبة هذه الأيام!!

البيت ماعاد به حياة بعدك يافاضل!!
عبدالرحمن كان كالنسمة الهادئة.. في كثير من الأحيان لا أشعر حتى بوجوده في البيت..
ولكن والدي كان اعصارا يشعل البيت بالحياة..
أتخيل ارتعاشي حين أسمع صوته الغاضب أو حتى صوت صفق الأبواب تعبيرا عن غضبه..
يا الله كم اشتقت لتلك الأيام!!

ربما من الأشياء التي كنت أجهلها عن نفسي..
أنني لم أكن أنام حتى أسمع صوت خطواته يطل علي ليلا ويتأكد أنني نائمة قبل أن يغلق الباب..
رغم أني في تلك الأيام كنت أرتعب حين أشعر بدخوله.. وكأنه إعلان عن حضر تجول..
وكنت أجهل سبب الأرق الذي يصيبني حين يكون غائبا في رحلات القنص.. ولا أعرف لذلك سببا..
الآن أصبحت أعرف السبب!!


حين أزور عبدالرحمن لا تتوقف دموعي عن الانهمار..
بداية كان من أجل عبدالرحمن.. ولكن عبدالرحمن حالته استقرت تماما..
ودموعي الآن هي لحالة والدي..

لا يجلس حتى.. وعيناه تتبعان كل سنتيمتر مربع من جسد عبدالرحمن.. يبحث عن بادرة حياة..
أو يحرك أصابعه أو مفاصل قدميه ويديه.. لأنه يخشى حين يصحو أن يعاني من تصلبهما.. لذا يريد أن يحافظ على مرونتها..

بقدر مابكيت وارتعبت حين أصاب عبدالرحمن ما أصابه.. وأنا أخشى أن يتركنا وحيدين مع والدي..
بقدر ما أبكي الآن.. لأني أريده يصحو من أجل والدي..

تبقى شهرين على تخرجي..
لا أعلم حتى كيف استطعت الحضور والدراسة والنجاح.. ولكن لأقل أنني فعلتها من أجل والدي فقط.. حتى لا أخيب ظنه بي!!

فقد كنت أريد الاعتذار عن الفصل بعد حادث عبدالرحمن.. ولكن والدي كان من رفض وبشدة..
استغربت حتى اهتمامه بالموضوع في خضم انشغاله بعبدالرحمن..
ظننت أنه لن يهتم أبدا.. ولكني قلت لابد من إستئذانه..
لذا فوجئت برفضه وهو يبرره أنه من الأفضل أن تكون شهادتي بيدي لأني لا أعلم مايكتبه الله في الغيب!!





************************************




ست أشهر مضت..
أصبح عمر حسن الآن أربع سنوات.. وهو يمضي للخامسة..
يا الله ياعبدالرحمن أ لم تشبع من كل هذا النوم؟؟
حسن يسأل عنك دائما.. ويسأل متى ستصحو؟؟

موجوعة ياعبدالرحمن من بعدك.. وإحساس اليتم يخنقني..
لن تتخيل كم أثر فيني غيابك!!
ستكون سعيدا عندما تصحو و ترى كم أصبحت قذرة..
قذرة بمفهومي!! ومتوازنة بمفهومك!!
فلكثرة الساعات التي تمضي وأنا أرأقبك بسكون.. أنسى أن أغسل يدي كل ساعة..
ولا أستحم ولا أستبدل ملابسي سوى مرتين.. مرة حين أعود من عندك ظهرا والأخرى ليلا ..

وستكون أسعد حين تعلم أني قصصت كثيرا من طولة لساني من أجلك..
فلساني ماعاد فيه إلا الدعاء لك..
وأخشى أن أضايق به أحدا فيغضب مني الله ولا يستجيب دعائي..

أما التغيير الأكبر ياعبدالرحمن فهو تغيري من ناحية عبدالله..
التغير الذي أنا أشعر به.. ولكن لم أسمح لنفسي أن أشعره هو به..

أنا لست ناكرة جميل ياعبدالرحمن..
وأعترف أنه لولا وجود عبدالله ماذا كنت سأفعل أنا ووالدتي وشعاع من بعدك أنت وانشغال والدي معك..
أتخيل لو أن هذا الحادث حدث وعبدالله لم يظهر..
كنت سأترمل مرتين وأتيتم مرتين!!
كيف كان حالنا سيكون؟؟

عبدالله الآن من يتولى مسؤولية بيت والدي كاملة.. تميم أيضا لا يقصر أبدا..
ولكن تميم لديه من المشاغل والحزن مايكفيه...

الحياة بيني وبين عبدالله ساكنة تماما..
ماعدت أعارضه.. أو أضايقه.. أو اشتمه.. ولكني أيضا أعلم أني لا أريحه..
فبقدر ما يغمرني بعاطفته وحبه وحنانه بقدر ما أعاني من الجمود والتبلد..
لا أنكر أنني حاولت الخروج من شرنقة جمودي.. ولكن لم أستطع لم أستطع.. فهذا أرث ليال متطوالة من الألم..

أصبح أكثر ما أخشاه أنه سيأتي يوم ويمل مني.. أنا مللت من نفسي.. لا أعلم كيف مازال يحتملني..
وما أخشاه أكثر أن يكون قد ملَّ مني فعلا.. ولكنه صابر علي لإحساسه بالمسئولية تجاهي وتجاه أسرتي!!
فأنالم أعد أتخيل للحياة معنى ولا نكهة بدون عبدالله ووجوده..
ولو تركني.. لا أعلم ما الذي سيحدث لي.. قد أموت!!

وهذا القلق بدأ يتصاعد في روحي من عدة أشهر.. أخشى بالفعل أن يتركني..
أريده أن يبقى بجواري.. وأريد أطفالا آخرين منه..
يشبهونه كما يشبهه حسن.. لا أريدهم أن يشبهوني أنا..

ولكن الحمل تأخر.. والغريب أنني أساسا لم أتناول حبوب منع الحمل..
فقد كنت أنتظر دورتي الشهرية الأولى بعد زواجي والتي لم تأتِ إلا خلال أيام حادثة عبدالرحمن وعزاء مهاب..

نسيت الموضوع تماما في خضم انشغالي بك.. لأكتشف أنه ثلاثة أشهر مرت بعد حادثك وأنا لا أتناول مانعا ولم أحمل..
حينها أصبت بما يشبه الجنون.. أريد أن أحمل.. أريد طفلا آخر يربطه بي.. ويمنعه من تركي!!..

ولم يخيب الله رجائي ودعائي..
أنا حامل ياعبدالرحمن.. حامل.. أنا الآن في الشهر الثاني..
ومازلت لم أخبر أحدا.. بودي أن أخبر عبدالله..
ولكن لا أعلم هل الوقت مناسب أو لا؟؟
أو ربما كان الحاجز الذي بنيته حول نفسي هو مايمنعني!!





*****************************************





ست أشهر مضت على تحولها..
لا أعلم هل أحمد الله على الهدوء الذي نعيش فيه..
أم أشتاق لأيام جنونها وتناثر حممها!!
مطلقا لم تعد لصفعي بموال كراهيتها بعد ماحدث لشقيقها وانشغالها الدائم به!!

ويكون بودي أن أسألها كل يوم:
إن كنتِ لا تكرهينني فلماذا لا تقولين أنكِ تحبينني مادمت أصدح بمشاعري لكِ ليلا ونهارا؟؟..

وهاهي ساكنة.. رقيقة.. غاية في العذوبة.. وغاية في البرود والجمود!!
الغريب أنه كلما زدت أنا ولعا بها.. كلما شعرت أنها تزداد جمودا!!
ما أخشاه أن جمودها ماهو إلا كراهيتها بدأت تتحول لكراهية أعمق تكتمها في داخلها..

حبي لها يتزايد بصورة غريبة مضاعفة.. ماعدت أعترض.. فهذا ماكتبه لي رب العالمين!!
ولكن جمودها يقتلني!! شيء في روحي يذوي كلما رأيتها تصفع لهفتي بالجمود..

مشروع إكمالها لدراستها تأجل عن غير رغبتي!!
أتمنى أن تكمل دراستها لأني حينها سأشعر أنني أصلحت كل أخطائي..
وربما ينهار حينها كل مايبعدها عني!!
ومازلت مصرا أن تكمل.. ولكن مع حالة عبدالرحمن الفكرة بأكملها مؤجلة حتى يمن الله عليه بالشفاء..
حتى الحمل.. لم أطلب منها أن تترك المانع.. لأني لا أريد اجبارها على الحمل في ظروفها الحالية..
وبقدر ما أتمنى طفل آخر منها.. أكون معها في حمله يوم بيوم..
بقدر ما أنا قلق ألا نكون مع حالتنا غير الطبيعية أهل لهذا الأمر..!!






**********************************
**********************************





ستة أشهر مضت..
خلال هذه الأشهر الستة اختلطت السعادة بالحزن في أقصى معاني كل منهما..

سعيد أنا بل في غاية السعادة لانصلاح الوضع بيني مزون.. وعلاقتنا الفريدة تعود لسابق عهدها..
بل أقوى مما كانت..
لأن التجربة القاسية التي مررنا بها.. صقلت هذه العلاقة وعمقتها!!

أما أيام الحزن فهي ماكانت قبل ستة أشهر تماما وماتلتها من أيام..
كأن ماحدث حدث بالأمس فقط..

حين تلقيت اتصالا من ثرثار ما..
"سيارة نسيبك توها سوت حادث قدامي
الحق على الرجّال.. الحادث شين والدعمة من صوب بابه.. يمكن إنه يودع الحين"

ربما هو قدر الله عز وجل لي أن أكون من يواجه المصائب في لحظتها الأولى..
فقد كنت قريبا من موقع الحادث أعاين أحد مشروعاتي..
حين وصلت كانوا يخرجونهم من السيارة..
حين رأيت السيارة.. أصبت بما يشبه الجنون وأنا أحاول الوصول لامهاب..
علمت أن من كان يقود يستحيل أن يعيش.. فالاصطدام كان بالكامل من ناحيته..

أردت فقط أن ألقنه الشهادة.. ولكن المسعفين صدموني أن من كاد يقود كان أسلم روحه فور الاصطدام..

لأتفاجأ بالصوت الجزع الخائف المكسور الذي أعرفه جيدا يصرخ بجزع مؤلم:
العيال وينهم.. يا امهاب.. ياعبدالرحمن.. وينكم؟؟
امهاب طيب؟؟ يا امهاب؟؟ وينك يأبيك؟؟

كان يقف بين رجلي شرطة يريدون أن يقودوه لسيارة الأسعاف الثانية.. حتى يتأكدوا فقط من عدم وجود ارتجاج مخ فقط..
لأنه لم يصب حتى بخدش واحد..
اتصلت بعلي ليلحق بي.. وحتى يبق هناك حتى أوصّل الجد وأعود له..
وتبعتهم للمستشفى وبقيت معه حتى أعدته معي لبيتي.. ليس على لسانه سوى سؤال واحد..
"امهاب طيب؟؟ امهاب وينه؟؟"

لم أستطع أن أجيبه بشيء..وسؤاله يخنقني..أن ترى انكسار سنوات عمره الجليلة وهو يسأل كطفل مذعور!!
أحضرته لوالدي في المجلس.. ليتولى هو مسئوليته..

وتبقت أمامي المهمة الصعبة..
إبلاغ "كاسرة " ... لم أتخيل أن المهمة ستكون صعبة ومؤلمة حتى رأيتها تقف أمامي..!!
كانت تذهب وتعود وهاتفها بيدها.. تنتظر اتصالا من والدتها يبلغها عن سبب تأخر جدها وشقيقها..

حين رأتني وقفت وسكنت.. لدرجة أنني شككت أنها توقفت عن تنفس الهواء..
كنت أنظر لها وأهمس ماذا ستفعل هذه القوة في خضم الحزن؟؟
وكيف تعرف هاتان العينان الدموع؟؟

همست بصوت مبحوح وكأنها تسبر خفاياي: جدي لا.. جدي لا.. جدي لا..

همست لها بسكون: جدش طيب..

حينها جلست وهي تضع يدها على رأسها.. وتهمس وهي تتنتفس بعد الاختناق:
الحمدلله يارب..

ولكنها عادت لتقفز وتختنق من جديد: وجهك فيه حكي من يوم دخلت..
تميم فيه شيء؟؟

لا أعلم لِـمَ استبعدته هو بالذات؟؟ هل كانت تحميه حتى من مجرد الخيالات؟؟

لم أكن أريد إيذاءها ولكنها يجب تكون مع أسرتها الآن وهم يتلقون الخبر
همست بذات السكون: امهاب يطلبش البيحة..

لا أعلم ما الذي حدث لها.. كما لو أن أحدهم سحب لون وجهها وإشراقته فجأة..
و وجهها يتحول لشحوب أشبه بشحوب الموتى..
لم تبكِ.. لم تصرخ.. لم تندب..
كل ماقالته بنبرة ميتة: ودني لأمي الحين....

كانت مزون تخبرني حينها.. أنها تخشى على كاسرة.. لأنها لم تر دمعة واحدة لها طوال أيام العزاء..
بينما كانت شقيقتها تبكي بهستيرية.. وأمها تبكي بسكون..

ولكن مالا تعلمه مزون.. أن كاسرة بكت طويلا وكثيرا..
ليال كثيرة ماعدت أعرف عددها.. كانت تبكي على صدري حتى أشعر أن صدري غرق من غزارة دموعها..
وأنه احترق من لهيبها!!

في الليلة الأولى حاولت أن تهرب عني بدموعها.. كانت تبكي في خفية عني..
ولكني اقتحمت خلوتها..
بكاءها مؤلم خافت أشبه بالأنين.. بل كانت تئن فعلا.. كما لو أنها تنزف دمها مع دموعها..
لم أسمح لها بالهروب.. ربما أكون حاصرتها..
وأنا أشدها رغما عنها لاحتضنها وأسكن نشيجها...
كما فعلتُ في كل ليلة بعدها..




**************************************




ستة أشهر مضت..
وماعاد شيء كما كان..
حياتنا كلها تغيرت من بعدك..

يا الله ما أقسى مرارة بعدك.. والأقسى كان كتماني لمقدار وجعي..
طوال أيام العزاء كنت أتماسك..
أحاول أن أكون صمام الأمان..
كنت أعلم أن والدتي تنتظر انفجاري لتنفجر.. كما كانت وضحى تنتظر انفجار والدتي لتنفجر هي بدورها..
بينما أن كان صمام أماني هو جدي..
لو أني رأيت دمعة واحدة تخر من عينيه.. لا أعلم ما الذي كان من الممكن أن يحدث لي..
ورغم محاولات التماسك في العزاء وأمام والدتي..
إلا أنني بعيد عنها.. بكيت.. بكيت كثيرا.. بكيت كأن هذا الوجع مخزن في روحي منذ دهور!!

كساب رفض قطعيا أن أبات في الأيام التي تلت رحيل امهاب بعيد عنه..
لا أعلم هل كان يخشى من انهياري بعيدا عنه..
أم كان يريد أن يكون شاهدا على هذا الانهيار؟؟

حاولت كثيرا اقناعه أنني لابد أن أبات عند والدتي.. ولكنه رفض قائلا سأخذك الساعة الواحدة ليلا وأعيدك الساعة السادسة..
وفعلا كنت لا أغادر حتى أتأكد أن أمي ووضحى في فراشهما الذي بات فراش مشترك للألم...
وأعود لهم في وقت مبكر.. وأحيانا بعد صلاة الفجر مباشرة..

في أول ليلة حين تأكدت أنه كسابا نام.. اعتزلت في غرفة الجلوس..
كرهت أن يرى دموعي.. وربما خجلت أن أطلب مؤازرة لم أقدم له مثلها..
أطلقت العنان لدموعي التي كنت أشعر بها طوال اليوم كسكاكين على أعتاب عيني تمزقها لأنها تريد طريقا للنزول..

لأتفاجأ به يوقفني ويشدني إلى حضنه.. حينها انهرت.. تماما كما أراد أن يراني!!
بكيت وبكيت وبكيت وانتحبت وأفرغت كل طاقة الدموع عندي..
كما كنت أفعل كل ليلة وأنا أبكي على صدره حتى أنام وهو يهدهدني كطفلة!!
والغريب أنني كنت أصحو من النوم جزعة.. تخنقني الكوابيس..
لأجده مازال على نفس الوضعية الصعبة من الجلوس ومتيقظا.. كما لو كان يحرس حزني!!


يا الله يا مهاب.. أ كان يجب أن ترحل حتى تعلم مقدار غلاك!!
ليتك تعلم كم يأكلني الندم كل كل لحظة مرت عارضتك فيها..
على كل مرة وقفت في وجهك..!!
على كل مرة ضايقتك بعنادي..!!
لو كنت أعلم فقط أن بقائك معنا قصير هكذا..أقسم أنني لم أكن أضايقك بشيء..!

والإحساس الغريب الذي أشعر به.. أن مادام مهاب رحل دون أريحه بمهادتني!!
فليس هناك من يستحق بعده!!!
إن كان مهاب لم يحضَ بهذه المهادنة.. فلن يحضى بها غيره..
وخصوصا أن غيره لم يسع مطلقا لهذه المهادنة..
مازال غريبا غامضا كأول يوم عرفته فيه!!
مازالت العلاقة بيني وبين كساب كما هي.. مد وجزر!!
بينما كل شيء آخر في حياتي تغير..

أسرتي بكاملها انتقلت جواري.. وطلبت من كساب أن يفتح بابا بيني وبينهم يكون مفتاحه معي.. ففعل ذلك..
من الأمور التي أنا عاجزة عن شكر كساب عنها هو أنه حينما رأى ضيقي من حال أمي المتردي.. وعلم ببحث تميم عن بيت للايجار..
لأنه يريد بيع بيتنا.. وبناء بيت جديد على أرض اشتراها مؤخرا..
فعرض كساب على تميم بيته.. ولكن تميم رفض إلا أن يأخذ كساب الإيجار..
كساب وافق.. وقال له أعطني الإيجار الذي كنت ستعطيه لأي بيت آخر..
ولكن مالا يعلمه تميم.. أن المبلغ الذي يدخل لحساب كساب يتم تحويله لحسابي
لأن كسابا أساسا كان قد حلف ألا يأخذ شيئا..
وها أنا أعيد تحويل المبلغ ولكن بزيادة عليه إلى والدتي.. حتى لا تعلم أنه هو ذاته مبلغ الإيجار فيغضبون جميعا..
تسألني أمي دائما.. ماذا سأفعل بكل هذا المال؟؟..
فأقول لها أنا أعمل.. وكساب لا يقصر علي مطلقا..
وهذه حقيقة فعلا..
كساب من الناحية المادية لم أرَ أكرم منه!!
ولكن من الناحية العاطفية أعجز عن التحديد وتتساقط المسميات..
حينا غاية في الكرم..
وحينا آخر غاية في البخل!!

لا تمر ليلة واحدة لا نتعارك أو نختلف في الرأي أو نحتد..
ولكن يستحيل أن أنام أو يتركني هو أنام بعيدا عن حضنه..

من أطراف الحديث التي أسمعها من خالته عفراء.. شبه كبير بينه وبين عمه..
ولكن كما علمت من مزون وليس من عفرا فعمه.. كان عاشق متيم لا يتوانى عن التصريح بحبه لها..
لا أتخيل أن كساب قد يقول لي في يوم من الأيام أنه يحبني..
ربما أصاب بسكتة قلبية حينها من الصدمة!!

من أسوأ ماعانيته خلال الأشهر الماضية.. سفرات كساب المتعددة..
يسافر على الأقل مرة كل شهر.. وتمتد السفرة بين يومين لعشرة أيام..
حينها أشعر كما لو أنني مصابة بعدم التوازن.. الإحساس الذي لا يظهر لأحد ولا حتى له هو..

فربما نسيت.. أو تناسيت أني متيمة بهذا الكساب الغبي!!
لم أستغرق وقتا طويلا بعد زواجنا لأعرف كم أصبحت أحبه!!
يبدو كما لو كان طبخني على نار هادئة.. واستمتع هو كثيرا بهذا..
وفي الوقت الذي كان فيه هو طباخ ماهر.. وجعل مشاعري تنضج له كما أراد..
كنت أنا طباخة فاشلة.. لأني مازلت حتى الآن عاجزة عن مجرد إشعال النار تحت القدر.. فكيف بإنضاجها؟؟

مر على زواجي سبعة أشهر..
وأقصى ما أتمنى الآن هو طفل!!
لأني أعلم أن حياتي مع كساب سيأتي لها لحظة ما وتتوقف عند نقطة معينة..
لا أريد طفلا لأجبر كساب على يرتبط بي..
فأنا يستحيل أن أفكر هكذا..
وحتى لو فكرت فأنا أعلم أن كسابا لو أراد تركي.. فلن يربطه بي ولا حتى عشرة أطفال!!
أريد جزءا من روح كساب تبقى معي حين يتركني.. لذلك أريد طفلا منه..
كل شهر يمر تزداد لهفتي لهذا الطفل.. وكل شهر يمر يخيب ظني..

ومالم أخبر به أحد أني أجريت الفحوص لأتأكد من حالتي..
وقلت لكساب أني ذاهبة مع فاطمة لأنها هي من تريد إجراء فحوص..
وهأنا أنتظر النتائج بقلق !!




**********************************
**********************************





ستة أشهر مرت على ليلة زفافي..
ستة أشهر مرت على صفعته لي..
يا الله كم يبدو ذلك الزمن بعيدا..!!
وكأن تلك الليلة كانت بوابة ولوجي لحياة جديدة..

عدنا في الليلة التالية مباشرة حين علمنا بالخبر..
ويا الله ما كان أقسى تلك الأيام..!!
ومرارة الفقد تحول كل شيء عداها إلى شيء تافه حقير..
صفعة تميم لي وحتى شكوكه ماعاد لهم قيمة أمام كم الحزن الذي اخترقني وأنا أرى وضحى في انهيارها..
وأمي مزنة في تماسكها الهش.. وحتى كاسرة في صمودها الموجع..
والجد في حزنه الصامت العميق!!
وحتى تميم في انهياره الضائع..
حين أتذكر الحالة الهستيرية والقهر المرعب بل حالة الجنون التي أصابتني حين أخبرتني وضحى بشكوك تميم..
أجدها تبخرت أمام حزن تلك الأيام!!

ماعدت أستطيع أن أفكر دقيقة بنفسي وأنا أركض من مكان لآخر ونقابي على وجهي لأخفي آثار مابوجهي..
والجميع يظنه خجل عروس ماعاد يوجد مثله!!
كنت أقول سأبقى معهم حتى تمضي بهم سفينة الحياة قليلا..
فلا يمكن أن أكون قليلة الأصل وأتركهم وهم على هذه الحال..
ولكن الأشهر مرت ومازلت هنا.. وأنا أتولى مسئولية البيت كما هو مفترض من زوجة صاحب البيت..

والغريب أنني أبقى من أجل أمي مزنة فقط..
أصبحت أسعد لحظاتي حين أرسم ابتسامة على وجهها.. أو حين تنهرني بحنان "بس يا الخبلة!!"
من أجلها مستعدة أن أرتكب كل الحماقات.. وأروي كل النكت السخيفة حتى أرى واحدة من ابتساماتها المتباعدة!!
كنت أحبها منذ أيام صداقتي مع وضحى.. ولكن كانت محبتي لها كمحبة أم صديقتي اللطيفة بدون تمييز..
لكن حين سكنت معها وعرفتها... شيء عميق ربط بيننا..

باالتأكيد أحب أمي بجنون.. ولا أحد يشارك أمي مكانتها..
ولكن أمي هي الأم كما نعرفها جميعا.. حنونة.. متفانية.. بذلت كل جهدها لتربيتنا أفضل تربية !!

ولكن مزنة شيء مختلف.. مختلف.. شيء تريد التعلم منه والتماهي به
مزنة مقاتلة حقيقية..
واكتشفت أنها أورثت أبنائها كلهم ذات الروح المقاتلة..
حتى وضحى التي كنت أظنها لينة مهادنة.. هأنا أكتشفها من جديد في الحياة العملية..
لا يستطيع أحد أن يدوس لها على طرف.. أو أن يقلل من قدرها.. أو حتى يسيء إلى أحد من طلابها..
حينها من فعل ذلك سيندم على أنه تجرأ على مجرد التفكير بذلك..

العمل هناك متعة حقيقية.. وأنا أكتشف عالما جديدا كان مجهولا بالنسبة لي..
فرغم اهتمامي الغبي بتميم لكني لم أفكر مطلقا بتعلم إشارة واحدة..
لأني كان لدي حلم أكثر غباء أنه هو من سيعلمني لغته.. إشارة إشارة..
رسمت أحلاما ساذجة لليالي طويلة نقضيها سويا.. وهو يعلمني الإشارة ويكتب لي معناها..

ولكن الآن رغم أني أصبحت أعرف الكثير من لغة الإشارة وتعلمتها بصورة سريعة أثارت العجب..
إلا أنني يستحيل أن أشير بإشارة واحدة لتميم.. فذكرى إشارتي الاولى له لا أستطيع إزالتها من عقلي..
حتى وإن كنت ماعدت أحقد عليه بسببها.. ولكن ألم كهذا يصعب نسيانه!! يصعب نسيانه بالفعل!!

بيني وبين تميم لا يوجد شيء إطلاقا.. لا تواصل حميم بيننا كزوجين ولا بأي طريقة..
و الغضب... ماعدت غاضبة منه..
فمرارة الحزن طهرتني تماما.. فتميم كاد يموت من شدة الحزن لفراق أخيه..
وما رأيته فيه من الحزن والقهر جعلني أشفق عليه..
ولكن ليس إلى درجة إحياء مشاعري البريئة التي كانت له..
فهذه المشاعر ماتت واندثرت..

هانحن.. أنا وهو نتشاطر جناحا.. وأنا أهتم بكل مايخصه وترتيبه كزوج يفترض علي القيام بواجباته.. لكن عدا ذلك لا شيء بيننا..
أعلم أن أسرته تلاحظ ذلك.. فوضحى تعرف الحقيقة.. وأمي مزنة ليست غبية لتعلم أن هناك أمرا ليس طبيعيا..

والغريب أنه لا مانع لدي من المضي في هذه الحياة..
ماذا أفعل؟؟
أطلب الطلاق لأعود لأسرتي.. ثم ماذا؟؟
يجبر عمي خالد فهدا أو حتى هزاعا على الزواج بي ؟!!
أعلم تماما أن هذا ماسيحدث..

حالي هكذا أفضل بكثير... أعيش حياة استقلالية مع أسرة أحبها كثيرا.. أعني وضحى وأمي مزنة..
بل حتى تميم لو أراد أن نبني حياة زوجية كاملة معا فلن أمانع.. ولن أمنعه شيئا هو من حقه..
فلسنا أول زوجين ينشئان أسرة ولا وجود لأي حب بينهما..
وأنا أعلم أنه سيكون والدا جيدا.. فهو حنون ومتحمل للمسئولية من الطراز الأول..
وهذه صفات الوالد المفترض!!

ولكن تميما متنازل عن هذا الحق.. فربما يخشى أن يُصدم أنه ليس الرجل الأول كما يظن بي فتنهار مشاعره الهشة الرقيقة..
حتى أفكاره المريضة ماعادت تهمني..
ليفكر كيف مايشاء..
فأنا أصبحت أؤمن بالمقولة التي تقول "واثق الخطوة يمشي ملكا" مثل أمي مزنة تماما!!




*********************************




ستة أشهر مضت..
ستة أشهر مضت وأنا أشعر كما لو أن روحي شُطرت.. وجسدي شُطر
وكيف لا أكون من بعد "عضيدي" ؟!!

أصبحت أعرف الآن ألم من لا أخ له.. وإحساسه بالوحدة دون سند أو عضيد..
أصبحت أفهم جيدا المثل الموجع القائل : يد واحدة لا تصفق..

سابقا لأني أعلم أنه في البيت لم أكن أقلق على أمي وشقيقاتي إلا حين يسافر..
لكن أنا الآن في حالة قلق دائم..
رجل وحيد في بيت من النساء.. وأنا أوزع جهدي بين بيتي وبيت عمتي التي لها من قلقي نصيب وافر..
مرهق على الدوام.. ومشغول بعشرات الأشياء.. بين عملي وأسرتي وبناء بيتي!!

ولكن مايرهقني أكثر من كل الأشياء.... هــــي..
ســــمـــيــــرة..

حين أدخل للبيت أعلم اني سأجدها تضحك.. أو ربما تقفز على المقاعد..
أو تثرثر على أمي حتى تطردها أمي..
ولكني أعلم أيضا أنها فور رؤيتها لي ستنطفئ ابتسامتها المشرقة..
وتنزل عن المقاعد.. وتتوقف عن الثرثرة..
كما لو أنني جالب للكآبة من الطراز الأول!!

لا ألومها..فأنا حين أتذكر مافعلته بها.. أجدني عاجزا عن مسامحة نفسي..
فكيف تسامحني هي وأنا حتى لم أطلب السماح..
وكيف أجرؤ على طلب السماح؟؟
كما لو أنك تقتل إنسانا ثم تقول له أنا آسف.. سامحني..

كنت أتوقع أنها بعد مرور شهر أو شهرين على الأكثر ستطلب الطلاق
وكنت مستعدا لذلك..
ولكن الأشهر مرت.. وارتباطها بالبيت يتزايد.. وارتباط من في البيت بها..
وأنا على رأسهم..!!
لم أعد أستطيع تخيل بيتنا من غيرها..
فهي من تجعل أمي تبتسم..
وهي من تشعرني أن كل همومي تتضاءل حين أراها
وأنا أعلم عمق الجرح الذي تحمله في روحها ومع ذلك تبتسم!! وإن لم تكن الإبتسامة لي..
لو حدث وابتسمت لي يوما.. سأسجل ذلك التاريخ ضمن أهم التواريخ في حياتي..
مع تاريخ ميلادي ربما!!
فابتسامتها ستكون ميلادي الجديد الذي انتظره بشغف وقلق..
قلق لأني أعيش في رعب أنها سيأتي يوم تقرر فيه تركي.. وقبل أن تبتسم لي!!

أريدها أن تبقى في حياتي بأي صورة هي تريدها..
أنا حتى لم أجرؤ على تكدير طهرها بقبلة خوفا أن تتخذها عذرا لتهرب مني..
طهرها الذي ماعدت أشك فيه مطلقا.. بل أراهن عليه بحياتي!!
لو أن وضحى فقط لم تتدخل بيننا.. لا بإشارتها السخيفة.. ولا بإفشاء شكوكي بعد ذلك..
كنت لأعلم بعد العشرة أي مخلوقة طاهرة هي.. فمن يعرفها ويعيش معها يستحيل أن يتطرق إلى ظنه أي شك بها!!

ولكن مابت أشك فيه.. أنها أصبحت خبيثة بل مجرمة خبيثة!!
وإلا فما معنى تباسطها في اللباس أمامي في الأونة الأخيرة..؟؟
بعد أن كانت طول الأشهر الأولى بالكاد أرى اطراف أصابعها وهي في بيجامات طويلة واسعة..
لا أعلم هل تتصرف بعفوية لأنها اعتادت عليّ وعلى وجودي.. أم أنها تتصرف بخبث مقصود أو غير مقصود؟؟

الآن أصبحت العودة المسائية للبيت بمثابة الاستعداد لليلة جديدة من التعذيب
رغم أن كل ماترتديه هو محض بيجامات تشبهها فعلا بشقاوتها وحيوية ألوانها وقصاتها..
بعيدا عن تلك البيجامات الكئيبة التي انا أشتاق لأيامها الهادئة..
مع أنني حتى في كنت في تلك الأيام أحترق وأتصبر..
ولكني الآن أترمد... أترمد وأخشى أنه ماعاد للصبر عندي مدى طويل!!

أما أغرب مايحدث بيننا.. أنها ترفض أن تستجيب لإشاراتي مع أني أعلم أنها أصبحت تفهم لغة الإشارة بشكل ممتاز وتشير بشكل جيد..
بل تصر أن نتواصل عن طريق الكتابة !!
وهذا التواصل اساسا هو في حدوده الدنيا..
" أين ساعتي الفلانية؟؟
أين وضعتِ أوراق عملي التي أحضرتها بالأمس؟؟"
وهكذا...
لا أعلم ماذا تقصد من ذلك..
ربما هي رسالة أنها لن تتواصل معي بطريقتي.. لأنها لا تريد صاحب الطريقة بل تنتظر الفرصة للتخلص منه!!






*******************************
********************************





هأنا أكاد أدخل شهري التاسع..
وأخيرا.. يا الله هونها علي!!
مضت علي أشهر الحمل الماضية ثقيلة طويلة..
فحملي كان غير مستقر.. والأطباء منعوني من الحركة..
لذا حتى عملي الذي تخاصمت مع منصور من أجله لم أستطع أن أذهب إليه وأنا أقدم على إجازة طبية مشفوعة بالتقارير..

وكأن منصور يهتم؟!!..
أشك في أحيان كثيرة أن منصورا نَسيني!! رغم أنه عن بالي لا يغيب مطلقا!!
لم يحاول مطلقا مصالحتي حتى بعد انتهاء أيام وحمي المريعة.. وحاجتي له مع حالتي الصحية المتدهورة..

لم يكلمني ولو لمرة واحدة ليسأل عن حالي..
أعلم أنه يكلم الجميع حتى جميلة ولكن أنا لا..
بل أنه ذهب لزيارة جميلة ست مرات خلال الأشهر الماضية.. مرة كل شهر.. وكأنه يريد أن يغيظني لأني عاجزة عن السفر..
والغريب أن جميلة باتت مفتونة به تماما.. ولا يغيب عمها منصور عن لسانها لدقيقة واحدة طوال مكالمتي لها..
هذا ماكان ينقصني.. أن تقف ابنتي في صفه!!
بل هي الآن أصابتني بالجنون لكثرة ما تتهمني أنني من أخطأت في حق عمها العزيز منصور وأني من يجب أن أعود له..
لأنها تريد ان ترانا سوية حين تعود للدوحة...
ماذا أقول لها؟؟
أ أقول أنه لم يبذل أي محاولة لنكون سويا؟؟
رغم أني تعبت وأنا أنتظر تذكره لي!!
يبدو أنها حين تعود للدوحة ستضطر لرؤيتنا كلا على حدة..

يا الله لا أتخيل أنني سأراها أخيرا.. أكاد أموت شوقا لها..
مضت ثمانية أشهر منذ آخر مرة رأيتها..
أشعر أن الأيام القليلة المتبقية على عودتها لا تريد أن تمضي أبدا..
أريد أن أراها.. أخبرتني أنها استعادت وزنها بالكامل..
كنت أريد أن أراها عبر كاميرا الحاسوب ولكنها رفضت..
قالت أنها تريد مفاجئتنا...
وكم طال اشتياقي لهذه المفاجأة!!




*******************************





هذه الليلة أنا غاضب..
غاضب من الجميع.. من زايد ومن علي ومن مزون ومن جميلة..
كلهم كانوا يعلمون بحال عفرا الصحي السيء ومع ذلك لم يخبرني أحد..
كلما سألتهم عنها أجابوني باللباقة المقيتة "على خير حال!!"

وأما من كنت أتحاشى سؤاله.. فهو من أخبرني بالحقيقة..
طوال الأشهر الماضية لم أسأل كساب عن حال خالته.. كنت أسال الجميع إلا هو..
لأنني أعلم إن سألته.. سيجدها فرصة ليسمني بكلامه الملغوم وفي النهاية لن أخرج بفائدة.. فلماذا أسأله أساسا...

لكن الليلة لم أجد سواه في المجلس..
ولم أطق صبرا ألا أسال..
لينظر لي بطريقته التي أكرهها لأنه تشبه طريقتي الباردة المتكبرة:
مهتم يعني ياعمي؟؟ بصراحة ماقصرت!!

أجبته بغضب: أنت بتحكي مثل الأوادم وإلا ليتتك كف على وجهك أعلمك السنع..

أجابني ببرود ساخر: لا كف ولا شيء.. وليش الخساير.. كلها كلمة ورد غطاها..
خالتي تعبانة واجد مثل ماكانت طول الشهور الماضية.. وأنت زايدها عليها باهتمامك الواضح فيها!!

حينها قفزت وأنا أصرخ بغضب أشد: أشلون تعبانة واجد على قولتك وأنا كل يوم مافيه حد ماسألته..
وكلهم يقولون إنها طيبة..

نظر لي بنصف عين : مافيه حد ماسألته عنها ؟!!
وأنا يا ترا كنت من ضمنهم؟؟ أو أنت سألتني أنا عنها؟؟
أنا ماني بمسؤول عن اللي هم قالوه لك..

حينها لكزته في كتفه بغضب: أنت أكيد تكذب علي.. مستحيل كلهم يكذبون وأنت الصادق..

حينها اعتدل وهو يهتف بغضب مشابه لغضبي:
أنا ماقلت إلا الصدق.. وأنت صدق اللي تبي..
خالتي حملها كان غير مستقر.. وممنوعة من الحركة بعد..
يعني لو خالتي طيبة على قولتك.. وش لدّها تروح لبنتها وهي كبدها تقطع عليها؟؟
وش لدّها ماتروح لشغلها؟؟

حينها صمتت.. كانت هذه الأسئلة تدور برأسي..
وجرحني لأبعد معرفتي أنها لم تذهب لمدرستها.. وأنا أقول:
كانت المدرسة مجرد عذر اخترعته للهرب مني!!
سعيدة بتركي بينما أنا أموت في اليوم ألف مرة بعيدا عنها..!!

أما عدم سفرها لجميلة.. فجميلة قالت لي أنها حلفت عليها ألا تحضر من أجل حملها..
ولم أتخيل أن هناك تفسيرا آخر..عدا مصاعب الحمل العادية!!

انتفضت بغضب عارم وانا أصرخ في كساب:
قوم ادع لي خالتك تجيني في مجلس الحريم الحين...





*********************************




مضت ثمانية أشهر بالتمام والكمال..
وسنعود للدوحة قريبا جدا..
يا الله اشتقت لكل شيء.. والدي.. أشقائي..مع أنهم زاروني قبل فترة.. ولكن لم تُشبع الزيارة القصيرة شوقي لهم..
مشتاق للتدريس.. وطلابي..
وابن شقيقي .. فقد أصبح عندي ابن شقيق مازلت لم أراه..
فزوجة جاسم أنجبت ولدا قبل عدة أشهر..
لا أتخيل أنني قد أصبحت عما.. تقتلني اللهفة لآراه..
سيكون مولودي الأول بنت إن شاء الله حتى أزوجها له..
فيبدو أنني تأثرت بطبائع البدو!!

ولكن ما أنا مشتاق له إلى درجة تتجاوز كل حدود الشوق ومسمياته..
المخلوقة التي كانت معي طوال الأشهر الثمانية..
جميلة ذاتها !!

فلأني خرجت معها مرافقا من الدوحة.. فيبدو أنها لم تستطع تجاوز هذه الفكرة..
وهأنا أحترق للعودة للدوحة حتى نبدأ بفكرة أخرى.. وتقتنع أني لست مرافق فقط ولكن زوج أيضا..
قررت أن أقيم لها حفل زفاف كبير.. فهي تستحق أن تشعر بإحساس العروس الذي سُلب منها..
ولكني أترك هذه الفكرة كمفاجأة لها حتى نعود الدوحة..

مع بدء تحسنها.. وتغير نظرتي لها.. وشعوري بقلقها من ذلك إلى درجة التهرب مني.. أقنعت نفسي كما لو أننا في فترة خطوبة..
أليس هذا ماكان سيحدث لو أني خطبت؟؟
كنت سأخرج مع خطيبتي وأراها وأجلس معها ونتكلم.. ودون أن يحدث شيئا بيننا حتى يحين موعد الزفاف..
أقنعت نفسي بذلك حتى أستطيع الصبر..
ولكن الصبر في حالة جميلة كان جارحا وقاسيا لأبعد حد..

علمت أنها جميلة كما هو اسمها منذ بدأت تتحسن وتبرز تفاصيل وجهها الجاف..
ولكن اكتمال الصورة كان شيئا يفوق الخيال..
لم أتخيلها مطلقا بكل هذا الجمال.. والأجمل هو روحها الشفافة كروح طفلة..
شيء عذب يأسرك دون أن تشعر..
أستغرب أن من كان لها كل هذا الجمال.. والعود الريان النابض بالحياة.. تضحي بهما لأنها تريد أن تكون رشيقة..

وأما ماعذبني أكثر وأكثر.. أن هذه الصورة الموجعة الموغلة في الحسن والبهاء
كانت تكتمل رويدا رويدا أمام ناظري.. وأنا أنضج كذلك رويدا رويدا..
كما لو أنك زرعت لك بذرة جافة لا معالم للحياة فيها..
ثم أخذت تراقب كيف بدأت الحياة تدب فيها شيئا فشيئا..
حتى أصبحت برعما صغيرا ينمو قليلا قليلا.. ثم أصبحت وردة بالغة الجمال والنضارة..
أو فاكهة شديدة الحلاوة ناضجة ممتلئة بالحياة..
وأنت محظور عليك حتى مجرد الاقتراب للمسها أو شمها أو حتى تذوق القليل منها..
مع أنك من قضيت الليالي الطويلة تعتني بها ولا شيء يشغلك سواها..
فكيف يكون حالك؟؟؟

لذلك أنا مستعجل بكل لهفة للعودة للدوحة..
وهذه الأيام نجهز للعودة.. ومازالت هي ترفض بإصرار أن تذهب معي لشقتي..
تقول أنها ستغادر من المصحة للمطار مباشرة..
وسنسافر هذه المرة من جنيف قريبا منا..

وربما خيرا فعلت حين رفضت الذهاب معي.. فأنا أعلم أنني مع حالتي المأساوية هذه لا يمكن أن أؤتمن..
وأنا أريد أن نعود للدوحة لأقيم لها حفل زفاف أولا...





*****************************************




مضت ثمانية أشهر منذ خرجت من الدوحة وأنا أظن أني أخرج منها ولن أعود لها إلا جثة ربما..
هأنا أعود ممتلئة بالحياة والحماس وبشيء من الضيق أيضا..لأني اعتذرت للفصل الثالث..
كنت أريد أن أعود لأدرس هذا الفصل وخصوصا أنني كنت تقريبا استعدت وزني كاملا..
ولكن الأطباء رفضوا وقالوا أنني لابد أن أخضع لما يشبه جلسات العلاج النفسي مع مراحل العلاج الأخيرة حتى لا تعود لي الحالة مرة أخرى
حاولت إقناعهم أنني شفيت من هذا الجنون.. ولكنهم رفضوا ومعهم خليفة وعمي زايد وعمي منصور..
طلبو أن أتمهل حتى أنهي علاجي بالكامل..
قلت المهم أن أعود قبل ولادة أمي..

يا الله كم أنا مشتاقة لهذا الصغير..!!
لم يبق شيء في أسواق جنيف لم أشتريه له.. رغم أني لا أعلم ما جنسه!!
كما اشتريت كذلك كثيرا لابن شقيق خليفة..
فهو متلهف جدا لرؤيته..

وحين أتذكر خليفة وحالته هذه الأيام.. أشعر بحزن شفاف ينغرز في روحي..
يبدو كما لو كان متلهفا للعودة والتخلص مني..
أشعر بقلق عميق.. لا أعلم كيف ستكون حياتنا معا حين نعود للدوحة..
فهو لم يقل لي شيئا أبدا..
لم أسمعه مثلا يقول أنه طلب إعداد غرفة لنا في بيت أهله.. أو سكن مستقل..
لم أسمعه مطلقا يتحدث عن أي مخططات مشتركة لنا حين نعود..
كل ما يتحدث عنه هو التجهيزات للعودة..
وكأن كل ما بيننا سينتهي على أعتاب الطائرة التي ستنزلنا في الدوحة..

لا أريد أن أجبر خليفة على الحياة معي إن كان لا يريد..
فجميله علي سيبقى في عنقي حتى أموت.. فما قام به من أجلي لم تقم به حتى أمي!!

تمنيت أن أستطيع رد بعض هذا الجميل.. ولكن يبدو أنه لايريد ذلك..
وربما كان الخطأ خطئي.. فأنا لا أشجعه مطلقا بخجلي وهروبي الدائم..
شيء مجهول في داخلي يمنعني من ذلك..
ولا أعلم سببا لذلك!!

هل أنا أنتظر عودتنا للدوحة وتحرر مشاعري بعيدا عن جو المصحة وذكرياتي كمريضة؟؟
ربما...





****************************************
****************************************





مر شهران على عودتي من باريس..
وخمسة أسابيع على استلامي لعملي في مختبرات مستشفى حمد كمهندسة جينية..
لأنني أساسا كنت وقعت عقدا معهم قبل تخرجي..
لذا استلمت عملي فورا..

بعد حادث عبدالرحمن رفض والدي أن أسافر..
وماهي فكرته القاسية المتوحشة؟؟
أنني قد أترمل وأنا في الغربة..لذا من الأفضل أن أبقى أنتظر الخبر هنا..

للمرة الثانية يقف معي عبدالله..
وهذه المرة قاتل بضراوة.. فأبي ماعاد يلين لكلامه كما كان سابقا..
أو ربما يدعي أنه ماعاد يلين..!!
مع أن الظاهر أنه لان.. لأن عبدالله انتصر!!
وهو يعد والدي إن حدث أي شيء أن يسافر بنفسه لإعادتي!!

وربما كنت كوالدي أعيش في رعب أنني سأصحو من النوم في يوم لأجد نفسي أرملة وأنا لم أصبح زوجة!!
قلقي هو لمجرد الفكرة وليس من أجل عبدالرحمن بذاته كشخص..
فأنا رغم مرحي بل جنوني أحيانا .. إنسانة حين أفكر.. أفكر بعقلانية!!
لذا لم أخدع نفسي بأفكار المراهقات وأقول أنني تحطمت لوضع عبدالرحمن..
فأنا كنت لا أعرف عبدالرحمن.. وكل ما بيننا هو حبر على الورق..وتعليقاتي المرحة على حالي قبل حادثه..

لا أنكر أنني تأثرت من منطلق كونه زوجي..
وتأثرت أكثر من حال جوزاء وشعاع ووالدتهما..
ولكن عدا ذلك كنت خالية من أي إحساس خاص تجاهه..
حتى قبل شهر.. قبل شهر واحد فقط!!..

هل من الممكن أن ترتبط بهذه القوة والسرعة والمتانة بشخص هو للموت أقرب منه للحياة؟؟
بشخص لا يشعر بك.. ويستحيل أن يشعر بك وهو على هذه الحال!!
هذا الجنون البعيد عن أي عقلانية مُدعاة هو ما يحدث معي منذ قرابة الشهر!!

بعد بدء عملي بأسبوع..
شعرت برغبة عارمة أن أرى عبدالرحمن.. لا أعلم هل هو من باب الفضول أو المؤازرة..
قلت لنفسي :أنا وهو في ذات المبنى.. لن يعلم أحد بزيارتي له..
وكان المانع أمامي هو والده.. فأنا أعلم أنه لا يفارقه أطلاقا..
ولكن لابد أنه يذهب للصلاة في المسجد في الطابق الأرضي..
لذا انتظرت قريبا من باب غرفته.. حتى رأيت والده يغادر بعد الأذان مباشرة..
أعطيت لنفسي وقتا يصل لربع ساعة لأغادر قبل عودته والده..
وكنت أظن أنني سأغادر بعد دقيقتين فقط.. أراه واغادر..
ولكني لم أعلم أن الوقت مضى مضى.. وأنا أقف متخشبة أنظر له وعيناي تفيض بالدمع الذي أغرق نقابي دون أن أشعر..
حتى فوجئت بوالده يفتح الباب ويسألني من أنا؟؟
كنت أرتدي البالطو الأبيض فوق عباءتي..
ولأني لغتي الانجليزية متوسطة.. انهمرت عليه بالفرنسية.. حتى شعرت أن العجوز شعر بالملل مني!!
حينها غادرت.. وأنا أشعر كما لو أنني نجوت من جريمة تلبست بها!!

ولكني لم أستطع إكمال المشوار للأسفل..
فقد وقفت في الرواق.. أسند ظهري للحائط.. وأنا أستعيد الحالة غير الطبيعية التي حدثت لي قبل دقائق..

" يا الله.. أكيد أني استخفيت!!"

بالفعل كان ما أصابني حالة غير طبيعية.. بقيت أتمعن فيه وكأنني أرى رجلا للمرة الأولى في حياتي..
مع أنني سبق أن رأيت عبدالرحمن شخصيا ومباشرة.. ولكن رؤيته تلك المرة السابقة أثارت فيّ مجرد مشاعر الخجل الطبيعية..
التي قد تحدث لأي فتاة ترى زوجها المستقبلي!!

لكن رؤيته هذه المرة أثارت فيني مشاعر سماوية سامية شعرت بها اخترقت شيئا مجهولا في روحي وانغرزت هناك حتى النصل!!
كنت أنظر لسكونه وملامحه المسترخية.. بدا نائما على وشك الاستيقاظ..
والغريب أن وجهه مملوء بالنضارة والحياة.. كيف؟؟.. لا أعلم !
عارضاه مرتبان بدقة.. كما لو أن الحلاق خرج من عنده للتو..
وهذا مايحدث.. فأنا علمت بعد ذلك أن والده يحضر له الحلاق مرتين في الأسبوع..
بل ويصر على أن تعقم أدوات حلاقته هنا في المستشفى..
والممرضات يعقمنها له عن طيب خاطر لشدة تأثرهن من حاله ولطفه.. وكرمه!!

ومنذ ذلك اليوم.. قبل شهر..
أدمنت زيارة هذا الأمير النائم..
بدأت أقنع نفسي أنني ربما لو قبلته كالقصة الأسطورية حين قبّل الأمير الأميرة وصحت من نومها الطويل... أنه قد يصحو من نومه..
وربما كانت هذه رغبتي أنا.. أتمنى بالفعل لو استنشق رائحته من قرب..
أريد أن أعرف كيف هو عبق رائحة من يبدو بهذه النظافة والبراءة..
ولولا بقية من حياء ليست بيدي ولكنها رادع من الله لي... لكنت فعلتها !!..

أزوره إن استطعت وسمحت لي الظروف مرتين في اليوم..
مرة حين يذهب والده لصلاة الظهر... والأخرى حين يذهب لصلاة العصر..
رغم أن دوامي ينتهي مع أذان صلاة العصر.. ولكني أبقى حتى أراه أولا ثم أخرج للسيارة..
مازلت حتى الآن لم اُكتشف.. صدفني والده مرتين.. وكل مرة أنجو بحيلة الفرنسية..
ولكن يجب أن أكون أكثر حذرا.. لأني أظن أن الثالثة لن تمر عليه..
وقابلت مرة الخادم الذي يعمل عندهم..
أما المصيبة أنني رأيت مرة جوزاء وشعاع.. لكن حينها أنقذني الله أنني رأيتهم قبل أن يروني..
كنت أعلم أنهن غالبا يزرنه في الفترة الصباحية فقط..
لأن والده يرفض أن يبقين أكثر من ذلك لأن بعد ذلك يزوره الرجال بعد خروجهم من دواماتهم..
وحتى تأخذ جوزا حسن من الروضة!!
فلماذا بقين حتى الظهر؟!!

أحيانا لا أراه إلا مرة في اليوم.. ومرات معدودة لم أستطع أن أراه لأني أعلم أن أهله عنده..
أقسم أنني حينها شعرت كمن هو مصاب بالصداع الشديد ولابد أن يأكل حبتين بنادول وإلا فأن ألم رأسه لن يتركه!!
ألم أقل أنني أدمنت رؤيته.. ولم أكن أبالغ!!





*****************************
******************************




مضت سبعة أشهر على زواج كساب..
ومازلت أنتظر حفيدي الذي لا يبدو حتى أنه يلوح في الأفق قريبا..
لا أريد أن أبدو بصورة العجوز الممل كثير الأسئلة..الذي يتدخل فيما لا يعنيه!!
فربما كانت رغبتهما هذه في التأجيل..

مع أنني أستطيع سؤال كاسرة وليس ابني!!
وأعلم أنها ستجيبني ودون مواربة..
فهذه الصبية أصبح يربطني بها علاقة فريدة خليط من الأبوة والصداقة المتينة..
ربما أني الآن أعرفها أكثر مما يعرفها كسّاب!!
فهذا الفتى الغبي مازال لا يعرف قيمة الجوهرة التي بين يديه..
كنت أظن أن الزواج سيعقله.. ولكنه مازال كما كان..
في حياته قلق لا تعلم ماهو..
أقول ربما لو أصبح أبا فأنه سيستقر ويرتاح..
وبقدر سعادتي بعودة المياه لمجاريها بين كساب ومزون..
بقدر رغبتي لو أنه يولي كاسرة بعضا من اهتمامه بمزون..
فمزون لديها أنا وهو وعلي.. بينما كاسرة ليس لها سواه!!

أما رغبتي أنا.. حــفــيــد..
هل أطلب الكثير.. أريد حفيدا.. ليس بالعسير على رب العالمين لو أن البشر يعلمون هذه النعمة..
ومنذ رأيت تأخر حمل كاسرة.. بدأت أشدد ضغطي على علي..
وبالفعل علي ليس ككساب.. فهو يكاد يرضخ تحت ضغطي
أعلم أني أستغل طيبته ..
ولكن ما السوء في استقراره ومن ثم حصولي على حفيد؟؟




***********************************




ست أشهر مضت منذ عادت المياه لمجاريها بيني وبين كساب..
يا الله كم كانت الأشهر الماضية سعادة بالغة لم أشعر بمثلها في حياتي كلها..
ولكن لأعترف أني مع سعادتي أشعر بالغيرة من كاسرة..
وفي ذات الوقت لا ألومها لو شعرت بالغيرة مني..

أغار منها لأنها باتت تجلس مع والدي وتتحدث معه أكثر مني بكثير..
تقريبا طوال بقائه داخل البيت.. بينهما حديث لا يتوقف حول كل شيء
الاقتصاد والسياسة والمجتمع وحتى الذكريات التي تجمعه بجدها..

بالطبع علاقتي بوالدي فريدة جدا..
ومع كثرة ما أتكلم معه لم يكن بيني وبينه هذا الحديث الذي يكاد لا ينقطع وهو ينثال بحماس.. كما يحدث بينه وبين كاسرة..

وفي ذات الوقت.. لا ألومها مطلقا لو شعرت بالغيرة مني..
فأنا أشعر كما لو كنت أستولي في كساب على اهتمام هو من حقها..
فكساب يوليني اهتمام مبالغ فيه.. كما لو أنه يريد تعويضي عن جفاء وجفاف كل السنوات الماضية..
في كثير من الأحيان.. هو من يأتي لأخذي من الجامعة..
ولأن موعد خروجي مسائي وأحيانا ليلي..
فهو كثيرا مايصر أن نتوجه للقهوة وأحيانا للعشاء في مكان ما!!

أعترف اني كنت أحيانا أرفض بإصرار.. وأقول الليلة ليكن الخروج معك لكاسرة..
فيرد علي: أنتي الآن معي وهي في البيت!!

في الليل لابد أن يمر بي قبل أن يتوجه لغرفته.. ويجلس لنتحدث قرابة الساعة..
الغريب أنه يحدثني عن كل شيء.. كل شيء..
إلا.. عــنــهــا.. كاسرة !!

بقدر ما أعرف كاسرة من نفسها مباشرة.. بقدر ما أجهلها بعينيه..
فكاسرة شخصية صريحة مستقيمة لا تعرف التلوي..
والإنسان الذي لا يعاني من عقدة نقص يسهل عليه جدا التعامل والتآلف معها..
ولكن من يعاني من إحساس النقص يستحيل أن يتقبلها..
لأن جمالها وذكائها يشعران من حولها بالخطر والضآلة..

وهنا أقول لو أن العلاقة لم تعد بيني وبين كساب بعد زواجه بفترة قصيرة..
لا أعلم كيف ستكون علاقتنا أنا وكاسرة...
لا أفترض سوءا بنفسي ولكني كنت أضع احتمالات فقط..
الآن علاقتي بها رائعة.. عدا ربما إحساس الغيرة غير المؤذي..
ولكن ما أتمناه بالفعل أن يمنحها كساب ماتستحقه من محبة..
وهي أيضا تمنحه ما يستحقه من المحبة.. وما يستحقه كساب كثير.. كثير جدا!!

وأتمنى أكثر من أي شيء أن أصبح عمة..
أحلم بذلك قبل خلافي مع كساب..
وحلمت به أكثر خلال فترة خلافنا..
وأحلم به الآن أكثر وأكثر...

دراستي رائعة جدا.. واستمتع بها جدا.. فيبدو أنني أتمتع بعقلية اقتصادية متميزة وابن الوز عوام !!
خُطبت خلال الفترة الماضية مرتين..
لم أصدق أن هذا سيحدث!!
شككت لفترات أن أبناء آل ليث هم أول وأخر من يخطبني..
وهذه المرة جاء ابن لتاجر كبير من أصدقاء والدي..
وبعده بفترة دبلوماسي من أصدقاء علي..
الخياران كل واحد على حدة كانا يبدوان مغريين..
صليت الاستخارة.. وصرفني الله عنهما..
مع أنني في تفكيري المبدئي لم أكن رافضة لأي واحد منهما..
ولكن كان للخطبتين تأثير رائع على نفسيتي..
فمهما كان إحساس الأنثى أنها مرغوبة يدفع بثقة جميلة في روحها..
رغم أنني وللحق لست بحاجة لهذه فأنا ولله الحمد متوزانة الآن نفسيا تماما بدراستي وعلاقتي مع أسرتي..
وقبل كل شيء إحساسي برضا الله عليّ...






************************************




الأشهر الماضية كانت فترة سعادة غامرة لي...
لم اشعر بهذه الراحة منذ سنوات.. والحال يستقر بين مزون وكساب لتستقر حال الأسرة كلها..

ترقيت قبل عدة أشهر لمرتبة أخرى في السلم الدبلوماسي..
وأصبح عملي أيضا أكثر استقرارا..
وربما كان هذا سلاح جديد يستخدمه والدي ضدي..
وكأنه كان يحتاج أصلا لسلاح !!

فهو يعلم كم أنا أحترمه وأحبه ويؤلمني قلبي حين أجعله يلح علي وأنا أشعر أني مصدر قلق له..
لا أريد الزواج الآن.. أين المشكلة؟؟
المشكلة هي أنني أكاد أوافق من أجله حتى أريحه..
فليس لي طاقة أكثر بالتهرب منه..!!




************************************




علقت نجمتي الثالثة منذ حوالي أربعة اشهر..
وأصبحت نقيبا..
ارتاح بالي من هذه الناحية..
والحال مستقر بأسرتي كلها والحمدلله..
والدتي تحسنت صحتها كثيرا..
والدي لم أراه بهذه السعادة منذ سنوات..
عالية أكملت دراستها واستقر بها المقام..
حتى هزاع الذي كان يشكل قلقا لنا.. هاهو يستقر في دراسته..
عبدالله وصالح كلاهما لاه وسعيد في حياته العملية والأسرية..

إذن ماذا تبقى بعد هذا السرد الإذاعي الأشبه برسالة تُرسل لمغترب؟؟
تبقى أنا؟؟ وكثير هو ما تبقى لـ "أنا"
في داخلي أشعر أن شيئا مهما ينقصني..
أقول ربما هي الحاجة لإنشاء الأسرة وأنا أدخل أعتاب التاسعة والعشرين..
ولكني أعود لأقول أنني لا أنفع لأكون رب أسرة..
ليس لأني كثير الخروج أو قليل الالتزام.. فأنا أبعد مايكون عن هاتين الصفتين..
ولكن لأني أعلم أنني جلف إلى حد كبير!!
أخشى ألا أكون قادرا على تقديم الحنان لزوجتي وأولادي..
لا أنكر أنني أشعر بحاجتي لشريكة الحياة كأي رجل طبيعي..
ولكني أحاول أن أؤجل هذا التفكير..
لا أعلم حتى متى..فهل ستصبح لي شخصية جديدة أكثر حنانا مثلا؟؟
لا أعلم ماذا أنتظر وخصوصا مع إلحاح والدي ووالدتي كما يفعل كل الاباء..
وكأن كل المواضيع في الحياة انتهت وماعاد يوجد إلا موضوع الزواج!!
وخصوصا مع اقترابي من الثلاثين..

وماذا إن أصبحت في الثلاثين أو تجاوزتها؟؟
هل أنا فتاة يُخشى عليها العنوسة؟؟!!






**********************************
**********************************





ستة أشهر مضت منذ سكنت بيتي..
الحياة مستقرة رائعة كما تبدو..
زوج محب.. وطفلان رائعان.. وبيت جميل أثتته كما أريد تماما..
ولكن أبدو كمن يبحث لنفسه عن الهموم والمشاكل... لذا يكبر صغائر الأمور..

غريبٌ أن أعترف بذلك!!
فمن لديه هذه المشكلة يكون غالبا لا يعرف ذلك.. بل يرى أن هذه المشاكل هي فعلا مشاكل..
لكن أنا أعترف أني افتعلها.. ولا أعلم لماذا؟

هل عدم حملي هو السبب؟؟
هل إحساسي هو بالفراغ؟؟
أم أن لشكوكي أساس فعلي؟؟
طفلاي ماعادا يأخذان من وقتي إلا القليل...
فالله رزقني طفلان ذكيان هادئان.. وولله الحمد على عكس ما أراه في كثير من أطفال معارفي!!
في الدراسة لا يتعبونني.. وبعد ذلك مع والدهما أو يلعبان بهدوء ودون شجار بينهما..
يأكلان لوحدهما.. ويلبسان لوحدهما!!
إذن ماذا أفعل أنا؟؟

أبدأ بالهواجس والتفكير..
أحاول إبعادها فأفشل.. فيكون النكد من نصيب صالح!!
أصبحت أصيبه بالجنون لكثرة ما أتصل فيه هاتفيا كلما خرج.. حتى لو كنت في بيت أهلي أو أهله !!
"مع من أنت؟؟
أين أنت؟؟
ماذا تفعل؟؟"

مؤخرا عرض علي أن يجد لي عملا بالشهادة الثانوية.. أمر أشغل نفسي فيه!!
ولكني رفضت..

"لماذا يريديني أعمل؟؟
لماذا يريديني أن أنشغل؟؟
وماهو الذي يخطط له؟؟"







**************************************





ست أشهر مضت منذ بدأت تظهر حالة جنون نجلاء الجديدة..
في البداية كنت سعيدا..
فمن لا يسعد بغيرة زوجته واهتمامها به.. وبنفسها من أجله!!

ولكن مازاد عن حده انقلب ضده..
فغيرتها بل شكوكها باتت غير طبيعية..
مطلقا لم أعد أذكر رغبتي بطفل جديد.. بل أغلق الموضوع لو فتحته هي..
لأني أخشى أن يكون هذا الأمر هو السبب..

أحيان كثيرة لم أعد أرد على اتصالاتها لأنها تحرجني وأنا في المجلس..
رغم أني سابقا كان يستحيل أن أتجاهل أي اتصال لها..
ولكن الآن ما أن أرى اسمها حتى أزفر بملل..
لأني أعلم أنها ذات الأسئلة التي لا تمل من تلقي ذات الاجابات عنها..

"أين أنت؟؟ وماذا تفعل؟؟"

نجلاء لم تكن هكذا مطلقا.. كنت أظن أن دخولنا لبيتنا.. سيكون هو نهاية لكل مشاكلنا..
لم أعلم أنه سيكون بداية لها..

حتى حينما عرضت عليها أن تعمل لأني قلت ربما إحساسها بالفراغ مايدفعها لذلك..
ثارت علي بشدة.. واتهمتني أنني أريد ألهيها لأغراض دنيئة..
أي أغراض هذه؟؟ لا أعلم !!





*********************************************
*********************************************





تمر الحياة وأنا من رحلة إلى رحلة..
يوما في أوسلو.. وآخر في بومباي!!
بقدر متعة هذا العمل.. بقدر ماهو منهك ويسرق الحياة..

أشتاق كثيرا لأخوتي الصغار مها وصالح حين أسافر..
ولكن من أنا مشتاق لها أكثر هي سميرة...
بيتنا فقد روحه من بعدها.. لتنتقل هذه الروح إلى بيت تميم..
وسبحان الله ربما كانوا في حاجة روحها الشفافة مع المصيبة التي ألمت بهم!!

ولكن ماذا أفعل أنا حين أعود للبيت..؟؟
أمي مشغولة على الدوام بالصغيرين..
ووالدي عنده اهتماماته ووارتباطاته..
وسبحان الله أيضا الذي رزقنا بهذين الصغيرين على كبر والدتي..
فلولا وجودهم الله أعلم كيف كان والداي ليحتملان غياب سميرة وسكون البيت!!

أفكر أن أعمل شيئا يغير من روتين حياتي..
أقول أدرس شيئا معينا.. أحضر دروسا في التفسير أو الحاسوب..
لأجد أن هذه فكرة فاشلة..
فجدول رحلاتي متغير وأحيانا تبرز رحلة فجائية من هنا أو هناك!!
وهذا لا ينفع لجدول دراسي..

أقابل كسابا من وقت آخر.. وخصوصا بعدما أصبح بيننا نسيب مشترك..
شقيق زوجته.. وزوج شقيقتي..
وكثيرا ما تعاودني الرغبة أن أعاود خطبة شقيقته..
وأقول أن سبب رفضهم لي كان دراستها.. والآن مرت أشهر طويلة..
كم تبقى لها؟؟
فصل ونصف؟؟

ولكني أعود لأقمع هذه الرغبة بقسوة..
فربما لم تكن هذه الدراسة سوى عذر لرفضي!!





********************************
*********************************




أنا في باريس الآن..
وتبقى على تخرجي وعودتي للدوحة حوالي 3 أشهر..
بقدر ما أشتاق للعودة بقدر ما باتت العودة تتحول لكابوس مرهق..
وصل إلى حده في المرة الأخيرة حين عدت في عطلة منتصف العام لأرجع عالية بعد تخرجها..

يا الله.. حالة هستيرية أصابت شقيقاتي.. كل واحدة منهم تريد أن تكون من تأثث البيت الذي اشتراه لي صالح..
وحين أخبرتهن أنني سأكلف مهندس ديكور بذلك.. حتى لا أغضب أي واحدة منهن..
كلهن غضبن!!
وقضيت طوال الإجازة أحاول إرضائهن..
لأعود إلى باريس محملا بدموعهن على شقيقهن الجائر..

لا أعلم لماذا لم يكنّ مثل صافية؟؟ هل أرضعتها أمي حليبا مختلفا؟؟
رغم أن صافية تخنقني أحيانا باهتمامها.. ولكنه اهتمام أمومي بقدر ما يضايقني في بعض الأحيان بقدر ما يسعدني!!

تعبت من الغربة.. ومع ذلك أريد أن أدرس الدكتوراة فورا..
والسبب.. هـــنَّ !!

ربما أن عالية تعبت لكثرة ماتقول لي لابد أن تلزمهن حدودهن حتى ترتاح..
وذلك الحين حتى هن سيرتحن.. لأنهن لن يشغلن بالهن بي!!
لكن أنا أعترف أنني ضعيف جدا امامهن..
ليس لضعف في شخصيتي.. ولكن لمحبتي لهن..
كل واحدة منهن لها في تربيتي نصيب..
كل إنسان له أم واحدة..
وأنا لي سبع أمهات لا أشك في محبة واحدة منهن لي..
يصعب علي أن أضايق واحدة منهن وأنا شقيقهن الوحيد الذي من المفترض أن يكون هو السند والعون لهن!!
و لا أعلم أي سند وعون أنا.. وأنا هارب على الدوام !!!




#أنفاس_قطر#
.
.
.
موعدنا يوم الثلاثاء إن شاء الله مع بارت جديد نتعرف فيه كيف أصبح أبطالنا بعد ستة أشهر
ولا تنسوا هذه مدة طويلة حدث فيها أشياء كثيرة.. وسيكون لها ردات فعل مختلفة!!
نتعرف على نتيجة طلب منصور للتحدث مع عفراء
ونتعرف على نتيجة فحوص كاسرة!!
ثم مع قفلة غير متوقعة أبد بما أنه هالجزء ريحناكم من القفلات
فإلى الملتقى بحفظ الرحمن ورعايته
..
.
.

 
 

 

عرض البوم صور #أنفاس_قطر#  
موضوع مغلق

مواقع النشر (المفضلة)

الكلمات الدلالية (Tags)
من وحي قلم الأعضاء, أنفاس قطر, بين الأمس و اليوم, دون ردود, كاملة
facebook



جديد مواضيع قسم القصص المكتملة (بدون ردود)
أدوات الموضوع
انواع عرض الموضوع

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة
Trackbacks are متاحة
Pingbacks are متاحة
Refbacks are متاحة


LinkBacks (?)
LinkBack to this Thread: https://www.liilas.com/vb3/t158045.html
أرسلت بواسطة For Type التاريخ
ط¨ط¹ط¯ظٹ ظ…طھط°ظƒط± ظ‡ظ…ط³ط§طھظƒ ظ…ظ† ط§ظٹط§ظ… ط§ظ„ط·ظپظˆظ„ط© This thread Refback 21-08-14 12:03 AM
Untitled document This thread Refback 19-08-14 02:15 AM
ظˆط§ظ…ط§ظ… ط§ظ„ظ‚ط±ط§ط± ط§ظ„ظƒط¨ظٹط± ط¬ط¨ظ†طھ This thread Refback 17-08-14 07:47 PM
Untitled document This thread Refback 15-08-14 06:46 AM
ط´ط§ط¹ط± ظپط±ط§ط´ ط§ظ„ظ‚ط§ط´ This thread Refback 14-08-14 05:23 PM
ط§ط®ظ„ط§ ط·ط±ظپ ط¨ط§ظ„ط§ظ†ط¬ظ„ظٹط²ظٹط© This thread Refback 12-08-14 05:05 PM
ظˆط§ظ…ط§ظ… ط§ظ„ظ‚ط±ط§ط± ط§ظ„ظƒط¨ظٹط± ط¬ط¨ظ†طھ This thread Refback 10-08-14 03:02 PM
ط§ظ†ظ‡ط§ ط­ظ…ط²ظ‡ ظˆط³ظ…ط§ط­ This thread Refback 10-08-14 04:33 AM
ظ…ظ†طھط¯ظ‰ ط±ظˆط§ظٹط§طھ ظ…ط§ ظˆط±ط§ ط§ظ„ط·ط¨ظٹط¹ط© liilas This thread Refback 09-08-14 01:48 AM
Twitter meznah ظ…طµط± ظ…ط²ظ†ط© ط§ظ„ط¨ط­ط±ظٹظ† This thread Refback 03-08-14 12:01 PM
ط­ظٹظ† ط§ظ…ظˆطھ ط§ظ†ط§ ط³ظٹظ…ظˆطھ ظ…ط¹ظٹ ط­ظ„ظ…ظٹ This thread Refback 03-08-14 09:06 AM
ظˆط§ظ…ط§ظ… ط§ظ„ظ‚ط±ط§ط± ط§ظ„ظƒط¨ظٹط± ط¬ط¨ظ†طھ This thread Refback 01-08-14 02:11 PM


الساعة الآن 11:49 AM.


 



Powered by vBulletin® Version 3.8.11
Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd.
SEO by vBSEO 3.3.0 ©2009, Crawlability, Inc.
شبكة ليلاس الثقافية