ارتفاع اسعار الاذهب بعد موجه هبوط الاسبوع الماضي

ارتفعت أسعار الذهب في ختام تعاملات، اليوم ، بعد انسحاب ترامب من الاتفاق النووي مع ايران.

وأكد إيهاب واصف، رئيس شعبة الذهب بالغرفة التجارية بالقاهرة، ارتفاع أسعار الذهب في السوق متأثرة بما صرح به الرئيس الأمريكي “ترامب”، بشأن فرض عقوبات علي ايران، مشيرًا إلي أن أسعار الذهب في اتجاهها إلي الارتفاع بعد موجة الهبوط التي تعرضت لها خلال الأسبوع الماضي.بعد أسابيع من معاناة أسعار الذهب، استرد المعدن النفيس بعض عافيته المفقودة؛ إذ أفلح في الخروج من عنق الزجاجة، وتجاوز أدنى مستوى بلغه هذا العام، مدعوما في ذلك بالمخاوف المرتبطة بأوضاع التجارة الدولية، والتطورات الجيوستراتيجية التي تشهدها بعض المناطق في العالم.


فحالة المد والجزر التي تشهدها القمة المرتقبة بين الرئيس الأمريكي دونالد ترمب والزعيم الكوري الشمالي كيم جونج أون، دفعت أسعار الذهب للارتفاع، وتجاوز سعر الأونصة 1300 دولار، وعلى الرغم من أن المعدن النفيس تراجع منذ بداية العام حتى الآن بنحو 0.3 في المائة، إلا أن الأسبوع الماضي شهد مسارا إيجابيا وارتفعت الأسعار بنحو 0.7 في المائة.
وشجع التحسن الذي طرأ أخيرا على أسعار الذهب، بعض كبار المحللين الماليين على التأكيد بأن الأسعار ستحقق مزيدا من الارتفاع خلال النصف الثاني من العام الجاري.
ويرجح هاري هاري كينت المحلل المالي في بورصة لندن، ارتفاع أسعار الذهب خلال الأشهر المقبلة، متوقعا وصول الأسعار إلى 1450 دولارا للأونصة قبل نهاية العام.
وحول أسس تلك التوقعات، يشير لـ “الاقتصادية”، إلى مجموعة من العوامل “أولا أن الاستراتيجية الرسمية للإدارة الأمريكية، تقوم على أساس تبني الدولار الضعيف لضمان إنعاش الاقتصاد الأمريكي، وهذا سيعزز من الإقبال على شراء الذهب، وحتى في حال رفع الفيدرالي الأمريكي أسعار الفائدة، فإن انخفاض قيمة الدولار سيضعف بشكل أو آخر من تحول المستهلكين خاصة صناديق التحوط من الاستثمار في الدولار، وسيواصلون إقبالهم على الذهب”.
ويضيف كينت أن “ملامح العلاقات التجارية بين واشنطن وبكين لم تتبلور بعد، وهذا يوفر حالة من القلق وعدم اليقين في الأسواق، وسيدفع بعديد من المراكز الاستثمارية الدولية وحتى البنوك المركزية للاستثمار في السلع المضمونة وفي مقدمتها الذهب”.
وتبدو تقديرات كينت متفائلة بالنسبة لمارتن جيمس نائب المدير التنفيذي في اتحاد السبائك البريطانية، فعلى الرغم من قناعته بأن الذهب سيشهد تحسنا في النصف الثاني من العام، إلا أنه يتوقع تراوح الأسعار في المتوسط بين 1290 و1360 دولارا للأونصة.
ويضيف لـ “الاقتصادية”، أن هناك عاملين أساسيين يحدان من قدرة الذهب على التحليق عاليا في النصف الثاني من هذا العام، أولها أن سوق الأسهم العالمية وعلى الرغم مما ينتابها حاليا من تقلبات، لا تزال يحمل كثيرا من الجاذبية لعديد من المستثمرين في الصين والهند والولايات المتحدة، إلا أن بعض المستثمرين سيتحولون من الأسهم للذهب، وبناء على تلك النسبة ستتحدد قيمة الزيادة التي ستشهدها أسواق الذهب مستقبلا، وبالطبع إذا حدثت هزات عنيفة في أسواق الأسهم الرئيسة، فإن ذلك سيعني ارتفاعا كبيرا في أسعار المعدن النفيس، أما العامل الثاني فيتعلق بالعملات الافتراضية، وعلى الرغم من حالة الرفض التي تواجهها من قبل كثير من الحكومات والبنوك المركزية في العالم، فإن تلك العملات تشهد نموا متزايدا في عمليات التداول، خاصة من قبل القطاع الخاص والمواقع الإلكترونية، وهذا يدفع كثيرا من صغار المستثمرين للاستثمار في العملات الافتراضية باعتبارها ملاذا للقيمة مثل الذهب، ومن ثم يزداد الطلب عليها أيضا”.
إلا أن عددا من المتعاملين في سوق الذهب العالمية، يعتقدون أن الوضع السلبي للمعدن الأصفر منذ بداية العام حتى الآن، يعود في الأساس إلى الخلل الراهن بين العرض والطلب.
فخلال الربع الأول من العام الحالي بلغ الطلب أدنى مستوى له منذ عام 2008، ولم يتجاوز إجمالي الطلب العالمي على المعدن الأصفر 973.5 طن، ويعود ذلك بالأساس إلى تراجع الطلب الاستثماري على سبائك الذهب، وكذلك طلب صناديق التحوط على المعدن النفيس نظرا للتحسن في عائد سندات الخزانة في عديد من دول العالم.
ويشير تقرير مجلس الذهب العالمي بشأن الربع الأول من عام 2018، إلى مسؤولية الصين وألمانيا والولايات المتحدة عن ضعف الاستثمار الدولي في كل من السبائك والعملات الذهبية، حيث أدى ذلك إلى انخفاض الطلب بنحو 15 في المائة، ليصل إلى 245.9 طن، ما أدى إلى انخفاض الأسعار.
في الوقت ذاته، جاء الطلب العالمي على المجوهرات ثابتا تقريبا عند حدود 487.7 طنا، ويعتقد مجلس الذهب العالمي أنه تم تثبيط المستهلكين الهنود في زيادة طلبهم على المجوهرات نتيجة ارتفاع الأسعار محليا.
في المقابل، نجحت البنوك المركزية في استغلال التراجع النسبي في الأسعار وزادت من طلبها على الذهب، حيث أضافت البنوك المركزية نحو 116.5 طن إلى الاحتياطات الرسمية في الربع الأول، وهذا أعلى معدل على الإطلاق خلال السنوات الأربع الماضية، كما تحسن الطلب على الذهب في الصناعات التكنولوجية خاصة في قطاع الاتصالات اللاسلكية.
ومقابل تلك الصورة المتراجعة نسبيا في جانب الطلب، نجد زيادة وإن كانت طفيفة في جانب العرض، إلا أن تفاصيل تلك الزيادة تبدو مشوشة في بعض الأحيان، فإنتاج مناجم الذهب وعلى الرغم من تراجعه في الربع الأول من هذا العام مقارنة بالربع الأخير من العام الماضي، حيث انخفض من 877.9 طن إلى 770 طنا، إلا أنه مثل زيادة عن المتوسط العام لسنة 2017 بنحو 1.4 في المائة، كما أن القيود الصارمة التي أدخلتها الصين على عمليات التعدين على الذهب العام الماضي، انعكست في انخفاض الإنتاج بنحو 8 في المائة، وسط مزيد من التوقعات في تراجع الإنتاج في الأشهر المتبقية من العام، كما انخفض إنتاج جنوب إفريقيا وبيرو بنحو 4 في المائة، كما تقلص الإنتاج في الولايات المتحدة والأرجنتين.
ويقول لـ “الاقتصادية”، المهندس وليام فوكس من شركة “إل. دي” للمعادن، إنه “على الرغم من الانخفاض في إنتاج الذهب في عدد من المناطق الرئيسة في العالم، فإن الزيادة التي تحققت في إندونيسيا وكندا بلغت 12 في المائة، وارتفاع الإنتاج الروسي من 3 إلى 4 في المائة في الربع الأول، عوضت النقص الحادث في مناطق إنتاج أخرى، والنتيجة أن نموا متواضعا في الإنتاج تحقق منذ بداية العام، ومع انخفاض الطلب تراجعت الأسعار في الأشهر الأربعة الأولى من العام الجاري”.
إلا أن الدكتور دانيل هويت أستاذ التجارة الدولية، يدعو ألا تنسينا التقلبات السعرية في الأجل القصير، أن المستقبل مليء بالنتائج الإيجابية للاستثمار في الذهب.
ويضيف لـ “الاقتصادية”، أن أسعار الذهب ستشهد خلال العقود الثلاثة المقبلة ارتفاعا ملحوظا نتيجة عدد من العوامل، معتبرا أن النمو السريع والثابت للطبقة المتوسطة في كل من الصين والهند، والمترافق مع معدلات نمو اقتصادي مرتفعة، سيكون له تأثير قوي للغاية في الطلب على الذهب وعلى ارتفاع الأسعار، كما أن هناك طلبا متناميا على الذهب في عديد من القطاعات الصناعية الحديثة، مثل الأدوات الطبية والطاقة والتكنولوجيا، وتلك القطاعات آخذة في التوسع بشكل ملحوظ.
وفي هذا السياق، يرى هويت أن الاستخدام المتزايد للهواتف الذكية وفر سهولة ملحوظة للوصول إلى المواقع التي تضارب على الذهب، وهو ما أدى إلى دخول أعداد أكبر من المستهلكين إلى سوق الذهب بهدف المضاربة، وهذا حتما سيؤدي إلى إنعاش الأسواق على الأمد الطويل، أضف إلى ذلك أن قضايا البيئة والنزاعات الاجتماعية تؤدي إلى إعادة تشكيل قوانين التعدين في العالم، وهذا سيترك بصمة على صناعة التعدين، وقدرتها على إنتاج الكميات المعتادة من الذهب الخام”.
ويستدرك هويت قائلا: “سيظل الذهب استثمارا سليما ومضمونا بالنسبة لجميع الطبقات والفئات، والتغيرات السلبية التي انتابت الأسواق خلال الأشهر الأولى من العام، ستكون حالة استثنائية أمام المسيرة التصاعدية للذهب”.