كاتب الموضوع :
Rehana
المنتدى :
روايات عبير المكتوبة
رد: 478 - مقهى الفردوس - دار ميوزيك
" إنها ساق خشبية! ليس هناك ما يدعو إلى الإحساس بالحزن يا صغيرتي. عشت حياتي بالأسلوب الذي أعجبني وعندما بدأت أطعن في السن التقيت بـ جاك في ويومينج .كان حديث التخرج في الجامعة وكان في ذلك الوقت يقوم بأبحاث غريبة في مجال الجيولوجيا . علمت على الفور أننا متشابهان في الكثير. كان مصاباً بكسر في عظمة
الترقوة في أثناء نزوله أحد الأنهار في قارب فقلت له: إنه لو أراد أن يرى أنهاراً بمعنى الكلمة فعليه أن يأتي إلى كولورادو قبل أن يعرض نفسه لحادثة تنهي حياته, فهم جاك أنني بحاجة إلى مساعدته لكنني لم أجرؤ على أن أطلب منه ذلك صراحة بسبب كبريائي. هو الذي حول كوخي العتيق إلى هذا الفندق وبيديه هو حتى أعيش أخيراً في مكان مناسب يعتني بي. وهذا المكان بالنسبة لي افضل من أي ابن لو كنت قد أنجبت أبناء ". خفض جاك رأسه تواضعاً.
" ما أريد أن أقوله هو أن جاك يهوى الأنهار قدر ما أحببت أنا الطائرات. اطلبي منه أن يطلعك على خرائطه المبينة لها ".
تغلب جاك على الشجون التي أثارها حديث بابي فيه وانحنى نحو الأمام مؤكداً:
" لا رغبة لـ آبي في أن تطلع على تلك الخرائط. بل إنها تكره الأنهار أيضاً ".
فاعترضت الفتاة قائلة:
" أنهار كولورادو مليئة بالدوامات والتيارات النهرية والحمقى وحدهم الذين ينزلون إليها فوق عوامات مطاطية صغيرة أو في قوارب لا يزيد حجمها على حجم علبة ثقاب ".
" تعرفين أنهارا أخرى؟ ".
" نعم. بعض الأنهار الخاملة مثل السواني أو الوكيو فهما يخترقان المستنقعات التي تنمو فيها أشجار أم الشعور ثم تتعرج وسط شعب الطحالب الإسبانية التي تتدلى من أشجار الفرو ألا تريان أن اسميهما جميلان على الرغم من التماسيح التي ترتاد شاطئيهما طلباً للدفء تحت أشعة الشمس؟ ".
غمزت لهما بعينها فانفجرا ضاحكين أمام فتنتها.
أصر بابي على رفع الأدوات من فوق المائدة بعد أن انتهوا من تناول الوجبة فما كان من آبي إلا أن تبعت جاك إلى الخارج.
جلست فوق درج الشرفة وهب ريح خفيف داعب خصلات شعرها المتموج دافعاً بها إلى وجهها, قالت راجية وقد توردت وجنتاها خجلاً:
" لا ترمقني بهذه النظرات ".
" ماذا تعنين؟ ".
" تعرف جيداً ماذا أعني. كف عن ذلك ".
" وكيف لي أن أتذكر وجهك يا آبي؟ ".حول جاك بصره إلى الجبال" انظري إلى هذه القمم وإلى تلك الكيلو مترات من المياه المتدفقة بذات الاسلوب. شيء ما فيها يتجاوب معي وكأنه يحدث قلبي ".
" أرجوك يا جاك كف عن هذا الحديث. كلمني عن شيء آخر عن هذا المنزل عن القوارب والعوامات. عن قصة لقائك بـ بيردمبسي عن عدد السائحين الذي يسقطون في الماء...حدثني عن الجبال التي هناك والتي أشعر بأنك تنتمي إليها وتعتز بها...".
" لست رجل الثلوج بل شاب متحضر ".
" نعم. لكنك تخوض المخاطر وقد تلقى حتفك في سبيل ذلك. لا أرى أنك تعيش خارج هذا الإطار ".
" أمر غريب. كنت افكر بالفعل في القيام برحلة إلى فلوريدا ".
ابتسمت آبي على نحو أضاف عذوبة إلى شفتيها:
" إنك كبير جداً على ارتياد الجنوب. فأنت بحاجة إلى جبال تناطح النجوم وسوف تهجر طيور البشروش الوردية الولاية إذا وقع بصرها عليك ".
|