كاتب الموضوع :
Rehana
المنتدى :
روايات عبير المكتوبة
رد: 26 - المسافرة - راكيل ليندسي - روايات قلوب عبير القديمة
-ذهب زوجي بمفرده. ما أعجبتني فكرة الجلوس بصمت لمدة ساعات من أجل مراقبة ريش الطيور وأذنابها.
نظرت فيكي الى ساعة معصمها الماسية وكأنها توحي بموعد عاجل لديها، وأحنت العجوز رأسها
ومضت في سبيلها. لحقت بها أبيا، وقد انطبعت صورة فيكي في ذهنها. كانت فيكي رائعة الجمال في ذلك الفستان الزهري، مما أبرز بشرتها السمراء الداكنة. و خيل لها أنها مزرية الملابس مقارنة بها، وتمنت لو تستطيع هي الأخرى لفت الأنظار اليها. وخاصة أنظار جيلز !
هتفت العجوز:
-ها قد وصلنا.
وتوقفت أمام باب خشبي ضخم حفر عليه اسم: حجرة التنين.
كان المكان مطعماً صينياً، كما توقعت أبيا، ويغص بالناس الى درجة الازدحام. تعجبت من ذوق العجوز في تناولها الطعام الصيني في الهند. وسرعان ما غيرت رأيها عندما طلبت ربة عملها الخبيرة وجبة متنوعة شهية، لم تذق مثلها في أي مطعم صيني ارتادته في لندن.
كانت السيدة بيتمان تحتسي الشاي عندما أخذت تستفيض في الحديث عن ثروتها الطائلة، وآمالها في انفاقها على أولاد جيلز.
قالت:
-لكنه رجل عنيد. أنا أحب الأطفال كثيراً. وهو لا يزال غارقاً في آلام الماضي وتجربته المريرة مع فيكي. ليته يصغي الي ويتزوج ثانية.
قفزت الى مخيلة أبيا صورة أطفال صغار يشبهون والدهم جيلز تماماً، ويقفزون ويمرحون في غرفة الجلوس. كانت أبيا شاردة الذهن عندما أبدت العجوز رغبتها في صرف بعض الوقت وسط حديقة الرواق، وأشارت على أبيا بالتجول حول الفندق واكتشاف معالمه. بدا الفندق عالما ًقائماً بذاته يضم أكثر من ستة مطاعم، وتمتد تحت قناطره الحوانيت والأحواض الصغيرة التي تسبح فيها الأسماك.
ولفت انتباهها مقهى ذو طراز أمريكي يتنافر منظره مع بقية الهندسة المعمارية. فضلت مطعم التندوري حيث تضيئه أنوار خافتة. توقفت أمامه قليلاً، فأشار عليها أحد الموظفين بالدخول والتجول في المطعم. قال:
-نرحب بك لتناول الغذاء أو العشاء ذات يوم هنا. نقدم الى الزبائن طبقاً خاصاً من دجاج التندوري.
أجابت أبيا:
-تذوقته ذات مرة في لندن.
- ولكن لا يستطيع أحد طهيه بطريقتنا الخاصة حيث نضعه في فرن قرميدي . أرجوك أن تأتي معي لأريك ما أقصده.
مضى بها عبر المطعم، والمطبخ النظيف والحديث حيث أحست بحر شديد. كم تكون درجة الحرارة في الصيف هنا، فكرت أبيا وهي تتبعه. وفتح الموظف فرناً مبنياً من القرميد ففاحت رائحة الدجاج المحمر، ولسعت وجهها حرارة النار القوية. قالت أبيا وهي تتراجع للوراء:
-يا للرائحة الزكية. هذا ما سأطلبه عندما آتى الى هنا.
تهللت أسارير الموظف، وعاد بها الى المطعم. وكانت تهم بالخروج عندما رأت الرجل والمرأة يجلسان على بعد أمتار منها. كان غارقين في الحديث فلم يتنبها الى وجودها كما تصورت. بدا الفستان الزهري متألقاً بحريره الناعم، وفاتتها ملاحظة شعر جيلز ذا اللمعان الخاص. هذا هو اذن سبب بقاء فيكي في بومباي ! ضج صدرها بالغضب والقرف معاً. كيف يسمح جيلز لنفسه التصرف بهذه الحماقة فيجري وراء امرأة خذلته منذ عدة سنوات، وتخدع زوجها للالتقاء به؟
هبطت أبيا السلم مسرعة الخطى، وأقفلت عائدة الى مكان العجوز، التي هتفت عندما رأتها:
-ما توقعت عودتك بهذه السرعة. أرجو أن كل شيء على ما يرام.
|