الفصل التاسع

حاولت ناتاشا طول اليوم ان تبتعد عن طريق لوك , لقد كانت غاضبة منه ومن نفسها ايضا.. ويجري تحت هذا الغضب مسحة من الاشفاق عليه والذي تعرف جيدا بأنه لا يريده.
اكتشفت انه رغم عذابها وألمها , فإنها تحب هذا الرجل ..
ودفعها شيء ما للتفكير في جمع حاجياتها ومغادرة المكان قبل اي مواجهة بينهما , لكنها تراجعت فأمامها عمل يجب ان تقوم به , إضافة الى تصرفها سيؤكد للوك قوله عندما سخر منها بأنها ينقصها الاحتراف .. ولذلك بقيت تعمل ببطء منهك محاولة إبعاد تفكيرها بأن لوك معها في المنزل.
إنها تحبه , لقد عرفت ذلك بشكل نهائي في اللحظة التي وجهت اليه اتهاماتها ثم نظرت الى عينيه ورأت الصدمة تزيد من قتامتهما كطفل تأذى بخشونة ووحشية بسبب إهمال الكبار .. لقد ارادت في تلك اللحظة ان تذهب اليه وتمسكه كي تحمي وتدلل ليس الرجل فقط , بل الطفل الذي بداخله ايضا.منتديات ليلاس

شعرت بعمودها الفقري يتجمد .. هناك طريقة واحدة للتعامل مع غباء مطلق هكذا.. وهو ان نبعد لوك عن افكارها واهتمامها, وتصمم على ان ماتشعر به سيموت ببطء.. ارتعدت مرة ثانية.. هل لديها القوة على تحمل هذا الألم ؟ وهناك بديل غير ذلك ..؟ ليس صحيحا.
عند الساعة السادسة توقفت عن العمل , وقررت بأنها اذا لم تأكل الآن فإنها لن تأكل ابدا .
فتحت باب المطبخ بحذر , وشعرت بالارتياح لأنه كان خاليا , وتركت الباب مفتوحا كي يذهب لوك بعيدا عندما يراها اذا ماقرر القدوم..
حاولت ان تتناسى دعوته لها الى العشاء .. الى ماذا ستعود هذه الدعوة؟ من المحتمل ان يطالبها بشيء ما, ودون اي حماس جهزت لنفسها بعض السلطة وقطعة من اللحم وجلست تأكل في المطبخ.منتديات ليلاس
وفي منتصف طعامها دخل لوك .. تصلبت وشعرت بحنجرتها تنغلق من موجة العاطفة التي اجتاحتها.
راقبت قوة وجهه وهو يقترب منها وشمت رائحة غبار .. لقد كان بنطاله الجينز مغطى بطبقة من الغبار .. ورأته يشد فمه عندما نظر الى الى صحنها , وتغيرت تعابير وجهه , وركزت ناتاشا نظرها على شفته السفلية المقوسة لعدة ثوان وشعرت بالدوار فجأة .ريحانة
" سأقبل ذلك.. إن لا تريدين تناول العشاء معي هذه الليلة رغم كل شيء "
اعادتها السخرية في صوته الى الواقع , وابعدت نظرها عن فمه واجابت بسخرية كي تثأر لنفسها " شيء مايقول لي , بأن ماتفعله او تقوله له ثمن , لوك لن اتعشى معك مهما كان الثمن الذي ستطلبه مني ممتازا"
اختفت السخرية في وجهه وحل محلها عدم التصديق ثم الغضب .
" اذا كنت جادة في تفكيرك انني اتوقع منك الذهاب للفراش معي لأنني دفعت ثمن وجبة .."
لاحظت شدة غضبه منها , لكنها لم تبال بذلك , وليعرف كيف يحس الانسان عندما يشعر بإهانة ويعامل بإزدراء .

" اود ان تعلمي بأنني لست من الرجال الذين يتوقعون من المرأة ان تدفع ثمن الوجبة , بواسطة قبلاتها"
" وانا لست من النساء اللواتي لا يكن على علاقة مع الرجل إلا لسبب شعورهن بالرغبة"
ثأتر ناتاشا لنفسها ودفعت صحنها الذي لم تأكل إلا نصفه بعيدا ووقفت قائلة " لقد كان يوما طويلا , إنني متعبة لوك"
وبعد ان مرت قال بشكل مقتضب " انتظري " فتوقفت لا إراديا وتابع " لقد تركت هذه في الصالة " وسلمها نماذج الأقمشة , اخذتهم منه آليا , اجفلت عندما لامست اصابعها بشرته وشعرت بالدوار , يصعب عليها ان تتخيل شعورها لو كان لديها الحرية في ملامسته بألفة أكثر.ريحانة
استدارت نحو الباب , وسمعته يقول بصوت أجش" بالمناسبة , إنني مدين لك باعتذار , لايستطيع أي شخص , دون ان يكون ذا معرفة ممتازة , اختيار الأقمشة الخاصة.. توجد قطعة قماش لها ظلال مشابهة لخشبية الصالة ."
وللحظة كانت ناتاشا مذهولة جدا فلم تستطع الكلام !.. إنه يعتذر .. يعتذر بالفعل ! والأكثر من ذلك, فهو يعترف بأنها تملك المعرفة والمهارة. لكن عليها ألا تدع كلماته تؤثر فيها , وعليها ان تكبت الشعور بالنشاط الذي يغلي بداخلها , فمن السخافة ان تشعر بالسعادة والعرفان بالجميل لكلمات الإطراء التي قالها , ولم تستطيع إلا ان تقول برصانة " نعم , اعرف قطعة القماش التي تقصدها , لكن الاختيار النهائي يعتمد بالطبع على آراء ليو.. وأود التأكيد على ثلاث او اربع قطع لكني احتاج اولا لرؤية اللوحات وإطاراتها"
" لقد اخرجت جميع اللوحات , ولدي مخطط في كيفية ومكان تعليقها , لكن كيف لن يكون بإمكانك اخذ اي قرار نهائي إلا ان يتم تعليق اللوحات , واحتاج ليومين على الأقل كي انجز هذه المرحلة "
" حسنا.. فعندي عمل كثير يجب إنجازه في نفس الفترة "

هل يلمح بأن عليها ان تغادر ؟ ام هي اصبحت مفرطة الحساسية ؟ لاشك بأنها كذلك , وعندما استدارت مبتعدة عنه قال بشكل مفاجئ " ناتاشا , إنني مدين لك باعتذار آخر , لم يكن من المفروض ان افهم بأنك حصلت على هذا العقد من ليو"
" لا, ليس من المفروض عليك .." وافقته مرتعشة .منتديات ليلاس
" ألست مستعدة لقبول اعتذراي " سأل وهو يراقبها " حسنا , لا استطيع ان ألومك لذلك, إن الرغبة تقود الرجل لكثير من الحماقات .. احب ان نقوم ببداية جديدة وننسى كل ما حدث .. هل ستقومين بذلك ناتاشا ؟ هل تتناولين العشاء معي الليلة , وكأننا شخصان التقيا للتو ويريد احدهما اكتشاف الآخر .؟ لن يكون هناك أي توتر .. واعدك بذلك , فلم اصل بعد لمرحلة القيام بحيلة كي تذهب المرأة معي الى الفراش "
إنها تصدقه تماما , لكن العقل والمنطق يحثانها على الرفض وعلى ان تتذكر انه رغم اعتذاره , لم يتغير شيء , فلايزال نفس الرجل الذي كان في الصباح .. نفس الرجل الذي سبب لها الألم بأرفكاره عنها وعن بقية ابناء جنسها ... ومع ذلك فقد سمعت نفسها تقول باضطراب " كما قلت لوك , سنكون كزميلين يتعيشيان معاً"
ما الذي فعلته ؟ سألت نفسها عندما دخلت غرفتها , ما الذي دعاها ان توافق وتعرض نفسها لألم إضافي , وخطر إضافي ؟ لا تملك اي اجوبة , بل تملك فقط الرغبة بأن تكون معه .. ان تشاركه شيء ما حتى ولو كان حماسها للعمل.منتديات ليلاس
وإذا لم يكن عند كلمتها , فإنها ستقول له الحقيقة بأنها ليست إمرأة ذا خبرة ومعرفة في العلاقة مع الجنس الآخر .. فعندما يعرف ذلك , سيتوقف عن ملاحقتها .. واعترفت بحزن ان هذه الحقيقة تزعجها.
***
لقد احضرت ناتاشا ملابسها كيفما اتفق , لكن لا حاجة ان ترتدي ملابس ذات تأثير ..
واختارت في النهاية بلوزة قطنية , وقميصا ضيقا دون اكمام .. بدا مظهرها عاديا .. وتغطي ثيابها الكثير من جسمها لكي توضح لوك بأنها لاتحاول ان تجذبه خفية ..