لمشاكل التسجيل ودخول المنتدى يرجى مراسلتنا على الايميل liilasvb3@gmail.com






العودة   منتديات ليلاس > القصص والروايات > قصص من وحي قلم الاعضاء > القصص المكتمله من وحي قلم الاعضاء
التسجيل

بحث بشبكة ليلاس الثقافية

القصص المكتمله من وحي قلم الاعضاء القصص المكتمله من وحي قلم الاعضاء


إضافة رد
نسخ الرابط
نسخ للمنتديات
 
LinkBack أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
قديم 29-05-18, 11:30 PM   المشاركة رقم: 46
المعلومات
الكاتب:
اللقب:

البيانات
التسجيل: Jul 2017
العضوية: 326474
المشاركات: 120
الجنس أنثى
معدل التقييم: Enas Abdrabelnaby عضو له عدد لاباس به من النقاطEnas Abdrabelnaby عضو له عدد لاباس به من النقاط
نقاط التقييم: 124

االدولة
البلدEgypt
 
مدونتي

 

الإتصالات
الحالة:
Enas Abdrabelnaby غير متواجد حالياً
وسائل الإتصال:

كاتب الموضوع : Enas Abdrabelnaby المنتدى : القصص المكتمله من وحي قلم الاعضاء
افتراضي رد: أسيرٌ من الماضى (2) سلسلة جروح العشق الدامية

 


سمح لها الطبيب أخيرا بالدخول لرؤيته ، دلفت إلى غرفته بهدوء .. لتتوجه إلى السرير الذى يتوسط الغرفة .. بينما يرقد أدهم فوقه .
إقتربت لتجلس على كرسى بجوار سريره ، لم تكن ضربته عميقة .. لم تكن قاضية .. لكنها كانت للإفاقة .. كانت بمثابة قلم قوى على الوجنة لتفيق مما هى فيه .
نفس الطعنة المؤلمة نالتها .. ولكن بصورة أكثر قسوة .
نظرت بحزن إلى وجهه الشاحب .. كم قاسى أدهم فى حياته ولا يزال ؟
كم كلفه فقد والده الكثير .. كم كلفه أن يصبح إنسانا بلا مشاعر ...
القسوة والبرود الذى يعانى منهما .. هما حصيلة سنوات من التعب والإرهاق .. حصيلة سنوات من تلقى الكره والحقد ممن حوله .. حصيلة سنوات من تعلم كلمة "لازم تاخد حقك"
الثأر كلمة موحشة .. سوداء قاتمة ، تربى أدهم على معانيا بكل قسوة .. فأصبح لعقله الخيار ولقلبه توخى الحذر .
إلتقطت يداها يده المستقرة على الفراش لتقربها من شفتيها .. طابعة قبلة رقيقة على باطنها ..
ظلت على حالها جالسة بجواره تراقب ملامحه المرهقة حتى غطت فى نوم عميق .

إستيقظت باليوم التالى مبكرا ، لتشعر بأنامل تداعب باطن يدها برقة .
فتحت عيناها بسرعة محاولة طرد غشاوة النعاس ، لتنظر إلى وجه أدهم بأمل ..
إلا أنه كان مغمض العينين كما تركته مساءا ، إنتقلت نظراتها إلى يده .. فوجدها تتحرك .
عقد حاجبيها باستغراب لم يدم كثيرا ، فإلتفتت بسرعة حين سمعت صوته الهادئ يقول :
_ متخافيش .. أنا صحيت .
تطلعت إلى وجهه الذى لايزال يكسو الإرهاق ملامحه ، بينما ظلت عيناه مغلقة ، فسألته مستغربة :
_ صحيت أمتى ؟
_ من كام ساعة .
نهضت زهور بإرتباك لتفلت يده وتهتف :
_ طيب .. أنا هروح أشوف الدكتور .
*****
بعدما غادر الطبيب مطمئنا إياها ، عادت لتجلس جواره .. لكن دون أن تقترب منه .
همست بهدوء تحاول جذبه لحديث يخرجهما من حالة الصمت :
_ الشرطة هتاخد أقوالك علشان يعرفوا مين عمل كده .
_ عارف .
أزدرت زهور ريقها بتوتر .. لتسأله بخفوت :
_ أنتَ شوفت اللى عمل كده ؟
عم الصمت للحظات .. بدا فيها وكأنه لم يسمع ما قالت ، ليجيبها بنفس اللهجة الباردة :
_ آه .
_طب عارف هويته ؟
_ أيوه .
نظرت له بإضطراب ، لتهمس بالاخير متسفهمة :
_ هتبلغ الشرطة عنه ؟؟
حينها أغمض أدهم عيناه بقوة .. لتصلها الإجابة لكلا من اسئلتها ..
لقد فعلها هشام ... وكان هو ذات الرجل الذى كادت تصطدم به فى طريقها إلى الخارج حين ذاك .. وبالطبع أدهم لن يخبر الشرطة هن هوية من طعنه .
ألـ تلك الدرجة يحقد عليه ذلك الرجل ، حتى وصل به الحال أن يطعن ابن عمه بكل سهولة دون أدنى خوف ؟
يبدوا أن مشكلة أدهم مع عائلته أكبر من أحقاد دفينة .

أنتبهت لقول أدهم الذى أخرجها من شرودها :
_ في حد هيجى دلوقتى .. لازم نسمعله كويس علشان نوصل للحقيقة .
ابتلعت زهور غصة شائكة بحلقها ، لتقول بارتباك :
_ مش دلوقتى .. أنتَ لسه تعـ.....
قاطعها أدهم بسرعة قائلا :
_ لازم نعرف مين اللى قتل والدى .. لازم تظهر برائة والدك .. لازم نرجع ثقتنا فى بعض ، بعد ليلة امبارح بقيت متأكد أن الحقيقة لازم تظهر فى أقرب وقت .
وقفت زهور بمكانها تنظر لملامحه وجهه .. كم يؤلمها ألمه .. كم تعشق قربها بجواره .. كم تحب غبائه وثقته الامحدودان ..
تريد أن تبقى معه وبجواره ،فهل هناك مانع ؟
تريد أن يكون زوجها وحبيبها فهل تطلب الكثير ؟
تريد أن ينسى الماضى وتنسى ما فات .. وتترك للمستقبل العنان كى يملكهما .. فهل هى مخطئة ؟
ولكن كما قال هو .. لابد أن تحرره من قيد الماضى ، لينطلق بعزم فى طريقه إلى المستقبل دون شك او قلق .
طرقات قوية جعلتها تفيق ، لينفتح باب الغرفة ويدخل رجل تراه للمرة الاولى ...
دققت النظر به .. كان يرتدى ملابس عادية خالفت الجلبابات التى يرتديها أغلب سكان القرية ، بنطال من الجينز وقميص ازرق .. بينما حملت ملامح وجهه الشيب البسيط الذى استحكم شعر رأسه وذقنه ..
وقف الرجل قليلا مستندا على باب الغرفة التى أغلقه لتوه .. ليقترب يعدها من أدهم ملقيا كلمات عادية عن السؤال عن الحال وإذا ما كان على ما يرام .
أنتهت بأن طلب منه أدهم أن يعرف بنفسه لها ، فإتجه بالكلام ناحيتها ليقول :
_ د/عمرو العامرى .. ابن عم أبو أدهم .. خطيب عمتك السابق .

............................................................ ........................................................
يتبع

 
 

 

عرض البوم صور Enas Abdrabelnaby   رد مع اقتباس
قديم 29-05-18, 11:31 PM   المشاركة رقم: 47
المعلومات
الكاتب:
اللقب:

البيانات
التسجيل: Jul 2017
العضوية: 326474
المشاركات: 120
الجنس أنثى
معدل التقييم: Enas Abdrabelnaby عضو له عدد لاباس به من النقاطEnas Abdrabelnaby عضو له عدد لاباس به من النقاط
نقاط التقييم: 124

االدولة
البلدEgypt
 
مدونتي

 

الإتصالات
الحالة:
Enas Abdrabelnaby غير متواجد حالياً
وسائل الإتصال:

كاتب الموضوع : Enas Abdrabelnaby المنتدى : القصص المكتمله من وحي قلم الاعضاء
افتراضي رد: أسيرٌ من الماضى (2) سلسلة جروح العشق الدامية

 


نظرت بملل إلى ألبوم الصور الذى يحوى فساتين عدّة خاصة بالأفراح .
لقد بدأت الترتيبات لزفافهما منذ اليوم الذى عادت فيه بصحبته من زيارة عائلتها ...
ما جعلها تشعر بالاستغراب أن سيف بعد هذا اللقاء الغريبة زاد إهتمامه بها ، فأصبح أكثر قربا منها .. يحاول التواصل معها بكل طرقه المختلفة .. يأخذها لمتجال الأثاث والتسوق ويشعرها بأنها عروس مكتملة الاركان ..
كل ما يفعله معها يجلعها تشعر بالسعادة لكونها وجدت من يهتم بها بصدق .. بعدما اعتدات طيلة سنوات حياتها أن تكون شيئا مهملا لا قيمة له .
ألقت الألبوم من يدها ، لا تشعر بتاتا بالألفة لفكرة أن تكون عروس بفستان زفاف .. ترى الأمر صعبا بعدما تعود على فكرة كونى بألف رجل كى لا يقربكِ أحد .. والأن تجلس لإخيار فستان زفافها !
خرجت من غرفتها لتتوجه لغرفة حماتها .. فى هذا التوقيت من المساء يكون زوجها الحديث يلعب الكرة مع أصدقائه فى الفناء الخلفى لمنزلهم .. فلا تجد من يسليها سوى والدة زوجها .
دلفت إلى غرفتها بعدما طرقت باب الحجرة ، فوجدتها تجلس على سريرها تتلوى آيات القرآن فى صمت .
لم يكن من الغريب عليها فعل ذلك كل مساء ، لكن الغريب أنها كانت تبكى بحزن .
إقتربت منها لتجلس بجوارها ، تنظر إلى وجهها بتفحص .. إنتبهت لها سمية فصدقت وأغلقت القرآن لتنظر لها مبتسمة بحزن .
ابتسمت لها نهاد ، وهمست لها :
_ بتعيطى ليه ياسمسمة .
أخذت سمية نفسا عميقا لتقول بتعب :
_ أشتقتلهم .. أشتقت لجوزى .. وبنتى وابنى .
غامت عينا نهاد الخضراء بغشاوة دموع لامعة ، لتكمل سمية بألم :
_ مكنتش أتصور أنه هيجى اليوم اللى أكون فيه وحيدة فى البيت .. بعد ما كنت عايشة على حسهم ..
لما سيف سافر مرضيتش أمنعه وقولت خليه يبنى مستقبله فى مكان هيضمن فيه تحقيق حلمه .. لما زهور أتجوزت قولت مكانها فى بيت جوزها .. وهتكون سعيدة وده كل اللى اتمنيته ..
لكن فجأة أختفى أبوا سيف ... فجأة طلع قاتل ومقتول .. فجأة سيف أنقطعت أخباره .. فجأة أتجوز من غير ما يقولى .. فجأة زهور رجعت مطلقة وزوجها بيتهم أبوها بأنه قاتل ..
مرارت إنه تشوفى ولادك كل واحد متشتت فى حياته وأنتِ بقيتى عاجزة عن عطاء الأمل والتخفيف عنهم .. مش قادرة اوصفها .

أنهت كلماتها بشهقت بكاء خفيضة ، لتقترب منها نهاد محتضنة إياها .. لتهمس بحنان :
_ أنا متأكدة أن عمو مقتلش حد .. وإن الحقيقة هتظهر .. وزهور بتحب زوجها رغم كل حاجة .. ومتأكدة برضوا أنها هتقدر تخليه يتغير ، أما عن سيف .. فأنا متأكدة أنه متغيرش ... لسه جواه طيب وحنان ، لسه بيخاف على اخته .. وهيفضل أكيد سندك فى الحياة .
أومأت سمية رأسها فى إستسلام .. فظلت نهاد بجوارها تحكى لها عن قصص مرحة عاشتها مسبقا .. ليقطع إنسجامهما صوت جرس الباب .
قالت نهاد وهى تنهض بسرعة :
_ هروح افتح .. شكله سيف جاى بدرى .

فتحت باب الشقة بعجلة بعدما لفت حجاب خفيف فوق رأسها ، ليظهر لها رجلا غريب .
سألت بخشونة :
_ مين حضرتك ؟
لم يجيبها .. بل ظل محدقا بها وكأنه يتأكد من هويتها .. فعاودت سؤالها ليجيبها بسؤال :
_ نهاد الشافعى ؟
نظرت له حينها باستغراب ، فرسم ابتسامة ثقيلة على وجهه ومد يده لها ليقول :
_ راشد السنهاوى .
نظرت نهاد إلى يده الممدوة بإستغراب ، لتتراجع قليلا صائحة :
_ مش بسلم على حد غريب .
أعاد يده ليكز على أسنانه قائلا بنفاذ صبر :
_ أنا اللى جبته لنفسى من البداية ..
_ حضرتك عاوز إيه ؟
صاحت به نهاد بحدة .. فقال ببساطة ساخرا :
_ عاوز أكلمك .. ينفع ؟
نظرت له نهاد بعدم تصديق لتقول :
_ لوسمحت يا أستاذ تمشى .
أخذ راشد نفسا عميقا ليقول بهدوء :
_ هى غلطتى من الأول انى عندى ضمير وبدور عليكى ..
بصى أنا راشد .. ابن مجد السنهادى .. زوج والدتك الاول ، يعنى أنا أخوكى .
فغرت نهاد شفتيها بذهول، فهز راشد رأسه بتفهم ليضع يده فى جيبه ويخرج حافظته ومنها أخرج هويته .. ليمدها لها قائلا :
_ أتفضلى علشان تتأكدى .
نظرت إلى الهوية التى أعطاها لها .. لقد كانا يحملان نفس اسم الام !
إذن فهذا حقا أخاها ؟!!!!!
قبل أن تقول او تفعل أى شيئ .. كان راشد يندفع لها محتضنا إياها .. قائلا بمرح :
_ جننتينى يااااه .. مشيان أوصلك يا بنت .
أخذتها الصدمة فلم تملك سوى شهقة حين أرتفع صوت سيف من خلف راشد .
_ أنتَ بتعمل إيه .
وفجأة تشوش كل شيئ أمامها .

............................................................ ........................................................

انتهى الفصل

 
 

 

عرض البوم صور Enas Abdrabelnaby   رد مع اقتباس
قديم 29-05-18, 11:33 PM   المشاركة رقم: 48
المعلومات
الكاتب:
اللقب:

البيانات
التسجيل: Jul 2017
العضوية: 326474
المشاركات: 120
الجنس أنثى
معدل التقييم: Enas Abdrabelnaby عضو له عدد لاباس به من النقاطEnas Abdrabelnaby عضو له عدد لاباس به من النقاط
نقاط التقييم: 124

االدولة
البلدEgypt
 
مدونتي

 

الإتصالات
الحالة:
Enas Abdrabelnaby غير متواجد حالياً
وسائل الإتصال:

كاتب الموضوع : Enas Abdrabelnaby المنتدى : القصص المكتمله من وحي قلم الاعضاء
افتراضي رد: أسيرٌ من الماضى (2) سلسلة جروح العشق الدامية

 

تم تنزيل الفصلين ال14و15
قراءة ممتعة
ولا تنسوا أن للكاتب حقه بكلمة شكر ❤🌹

 
 

 

عرض البوم صور Enas Abdrabelnaby   رد مع اقتباس
قديم 05-06-18, 12:52 AM   المشاركة رقم: 49
المعلومات
الكاتب:
اللقب:

البيانات
التسجيل: Jul 2017
العضوية: 326474
المشاركات: 120
الجنس أنثى
معدل التقييم: Enas Abdrabelnaby عضو له عدد لاباس به من النقاطEnas Abdrabelnaby عضو له عدد لاباس به من النقاط
نقاط التقييم: 124

االدولة
البلدEgypt
 
مدونتي

 

الإتصالات
الحالة:
Enas Abdrabelnaby غير متواجد حالياً
وسائل الإتصال:

كاتب الموضوع : Enas Abdrabelnaby المنتدى : القصص المكتمله من وحي قلم الاعضاء
افتراضي رد: أسيرٌ من الماضى (2) سلسلة جروح العشق الدامية

 


الفصل السادس عشر

حقائق هى أم أكاذيب ..
واقع هذا أم خداع ..
لم أعد أفهم .. لم أعد أعلم ..
ما هذا الذى أعيشه ..
حقيقة .. أم سراب ؟؟
******
_ د/عمرو العامرى .. ابن عم أبو أدهم .. خطيب عمتك السابق .
تلقت الصدمة دفعة واحدة .. كلمة تبعتها آخرى ، ذلك الرجل كان خطيب عمتها السابق .. ذلك من هربت معه خارج بلدها .. ذلك ابن عم والد أدهم !
صمتت فى ترقب تطالعه بنظرات واجمة ، لم تحاول الحديث او سؤاله .. فقط تركت لهذا الرجل المجال كى يخبرها بكل ما لديه ..
فإبتلع ريقه ليكمل بهدوء متماسك :
_ أتعرفت على عمتك قبل موضوع القتل بحوالى شهرين .. كانت فى الأرض بتاعتهم بتشوفها وكنت ماشى بالمصدافة جنبها ..
ممكن تقولى أنى أنجذب ليها ، وطلبت منها أتقدم لوالدها .. وهى وافقت ، لكن والدى رفض وقالى مش هتسافر القاهرة علشان تتعلم غير لما تتجوز بنت خالك ..
كنت رافض فكرة جواز القرايب من الاصل ، ولما قال كده عندت معاه وقلت مش هتجوز غير البنت دى .. وطبعا والدى زاد عناد ..
سبب رفض والدى لعمتك أن عيلتها فقيرة .. ومش من أصل البلد .. محدش يعرفلهم قرايب او عيلة ..
المهم بعدها بفترة قليلة أنا سافرت علشان دراستى الجامعية .. و وقتها سمعت عن حادثة القتل ..
يقال أن اللى قتل والد أدهم هو حسن "والدها" وفيه شهود ، وكان السبب أن حسن أتقدم لبنت عم عاصم "والد أدهم" وجد أدهم رفضه .. وكمان اهانه بشدة قدام كل الناس .. و عاصم ابوه أجبره يتجوز البنت دى ، ولما حسن عرف رجع علشان ينتقم .
أنا رجعت بسرعة البلد .. كنت عاوز أطمن على زهيرة عمتك .. وفعلا روحت قابلتها فى الأرض بليل ، لكن للاسف واحد من عيلتى شافنا سوا وقال لوالدى ، والموضوع كبر أكتر .. وجد أدهم أصر أنه يشترى بيتهم وفعلا اشتراه وطرد جدك وعمتك ..
فى الوقت ده جدك مقدرش يستحمل كل الصدمات دى ومات ، وسافرت زهيرة وسابت البلد وأختفت .
أنهى عمرو سرد حكايته بتنهيدة طويلة ، ليصمت مخفضا وجهه بأسف ..
بينما كانت زهور لاتزال واقفة مكانها بصدمة .. لا تكاد تفهم كل ما قيل ، تنظر إليه قليلا .. علّه يكمل بأى إفادة ، ولكنه لم يفصح عن شيئا آخر .. فإنتقلت بناظريها إلى أدهم الذى كان لدهشتها ينظر إليها بحنان شهدته فى فى لحظات قليلة .. بل نادرة !
عادت إلى الاسئلة التى بدت كإعصار ناشب بداخل عقلها ، أكان حقا صادقا !!
ولكن من القاتل الأن ؟ ... من على حق ؟؟ ... مع من هى الأن ؟!!!!
أين عمتها ؟؟
حين دارت بها الغرفة لم تجد منفذا من التهاوى على الكرسى من خلفها ... تشعر بأن ثقلا جسيما ألقى على ظهرها ..
لقد أجهدها الأمر أكثر ، ظنت بأن البحث عن حقيقة القاتل أمر سهل .. ظنت بأن دليل برائة والدها ستظهر بسرعة وعلانية لتنفى عنه كل التهم التى تلبسها يوما .. ولكنها كانت غبية وساذجة .
رفعت رأسها ببطئ لتنظر إلى عمرو الذى ما زال يقف بركن الغرفة صامتا، فهمس بإرتجاف تسأله :
_ عمتى .. لسه عايشة ؟
عبث الإرتباك بملامح وجهه الشائبة ، ليقول بعد لحظات بتوتر :
_ معـ .. معرفش .
أنهى كلمته الوحيدة لينقل ناظريه بينها وبين أدهم ، ليلقى تحية خافتة ويسألهم إن كانوا بحاجة إلى أى شيئ ، ثم استأذن ليغادر مودعا أدهم بتحية سريعة .

نظر أدهم إلى وجهها المخفض بتخاذل ، ليقول بهدوء :
_ أرفعى راسك يا زهور .
ظلت على حالها مخفضة وجهها إلى أن شعرت بأنامله تلامس ذقنها لترفعه برفق ليواجه وجهه .. فأكمل مبتسما برقة :
_ صدقتيه ؟
لعبت الدهشة بملامحها للحظات ، قبل أن تعقد حاجبيها بتفكير ، لتنتبه إلى أنامله التى اقتربت من وجنتها لتمسح الدموع التى إنفلت من مخبأها ..
فقال بهدوء ناظرا إلى عيناها بقوة :
_ بيكدب .. ممكن يكون أغلب كلامه صح ، لكن السؤال الآخير اللى جاوب عليه .. كان بيكدب .. هو عارف مكان عمتك،بس مش عاوزنا نعرف .
اتسعت عيناها بدهشة مستنكرة .. لتسارع بسؤاله مستفهمة ؟
_ ليه ؟
فابتسم مجيبا بهزة من كتفه تعنى أنه لا يعلم .. ولكنه اتبعها بقوله الحازم :
_ بس هعرف .

............................................................ ........................................................

يبدو انكِ لصة ساذجة ..
لقد خبأتِ قطع الشوكولا الخاصة بى فى عينيكِ ....

أغلقت الرسالة المعتادة .. من نفس ذات الشخص الممل .. إنه لا يترك لها المجال كى تلتف يمينا او يسارا، أصبح كالعلقة التى لا تنفك .
اصبح لا يحرمها من الكلمات اللطيفة .. فكان يعتمد على وتيرة الرسائل فى الصباح والمساء، إلا أنها إختلفت فى النوعية .. ففى الصباح كان يبعث لها برسائل حب وغزل .. وفى المساء كانت الرسائل المفعمة بالأمل والمستشرقة تعطيها دفعة سعادة خفية .
ياله من وغد خبيث .. عليها أن تعترف أنه كالفهد الخفيف فى حركته .. ينساب بسرعة إلى خفاياها .. لينتشل الخوف من قلبها ويبدده بالامل ..
أمل فى مستقبل أفضل .. لها ولطفلتها التى لا يزال يا يعلم عنها شيئا .. أمل فى نسيان الماضى .

إلتقطت هاتفها من جوارها حين شعرت بهزاته الصامته، لتجيب بهدوء :
_ السلام عليكم .. كويسة .. أنتَ ايه اخبارك ..
_ ماما عوزاكى تيجى تقعدى معاها .. أنتِ عارفة أنها لوحدها الفترة دى .
ابتسم برقة، لتهمس بإرهاق مغمضة عينيها :
_ أنتَ عارف اللى فيها يا شهاب .. لو خالتوا عرفت مش هتسكت خالص .. وهتصر أنها تكلم مؤيد وتقولوا .
صمت شهاب قليلا، ليأخذ نفسا عميقا .. بينما أخفضت ميساء وجهها لتعمض عينيها منتظرة الكلمات المتوقعة .. لتأتيها على عجل كما توقعت :
_ ميساء .. أنتِ عارفة أكتر منى أن الهروب مش هيجيب فايدة .. وإنك هتقوليله فى كل الاحوال، فبلاش تأجلى المواجهة او تفكرى إنك مش هتقولى .. دى مش حياتك علشان تاخدى قرارها لواحدك .. دى حياة طفلة للأسف إرتبطت بعيلة مدمرة .
إلتمعت عينا ميساء بالدموع .. لتغمضها بأسى شاعرة بأن الكلمات تمزق نياط قلبها ...
لم يأتى على بالها يوما أنها ستحضر طفلا إلى عائلة مدمرة .. بل كانت دائما ما تنصح صديقاتها المقبلات على الزواج بتوخى الحذر فى الفترة الاولى ..
ولكنها بغبائها اللامتناهى سقطت فى تلك الكارثة ..
أن يكون لابنتها ابا مثل مؤيد .. هذا كان أبعد تخيلاتها .. فماذا بها إن لاقت كل تلك الصدمات بآن واحد ؟!!

_ ميساااء ؟؟
أنتبهت لصوت شهاب .. فأجابته بسرعة :
_ طب أنا هقفل دلوقتى وأكلمك بعدين علشان عندى مشوار ضرورى .
أغلقت الهاتف معه .. لتزفر بقوة مغمضة عينيها بألم .
لم تمض سوى لحظات على جلستها البائسة ، حتى فتحت عيناها بعزيمة لتنهض ملتقطة حقيبتها وتسرع بمغادرة المنزل .

............................................................ ........................................................

وتجبرنا الحياة على التمسك ببقايا قوة ضائعة، لتتحملى نتيجة ظلم الناس لكِ .
أغلقت الأوراق أمامها بضجر ، لتمسد رأسها بإرهاق ..
منذ تحدث مع ذلك الرجل إياس وهى لا تستطيع النوم، تؤرقها تلك الأوراق التى يستحوذها ضد والدها وللعجب ضدها ..
فكان الحل الأمثل هو محاولة البحث عن ثغرة تخرجها من تلك القضايا المريعة، لذا إستعانت بفريق كامل من المحامين المختصين .. ولكن أحدا منهم لم يجد مخرجا، لقد حاوطها ذلك الخبيث إياس بمهارة تامة .. وفى زمن لا يذكر !!
عليها أن تعترف بأنها تلعب من رجل أكثر منها خبرة، وأكثر مكرا ..
رفعت سماعة الهاتف الداخلى لتطلب من سكرتيرتها كوبا من القهوة، ليأتها قول السكرتيرة المتوتر :
_ أستاذ إياس عاوز يدخل لحضرتك يا بشمهندسة .
زفرت رغد بقوة حانقة من الطرف الثانى، محاولة أن توصل ضيقها إلى إياس منعدم المشاعر .. وقبل أن تسمح له بالدخول، تفاجأت بباب غرفتها يفتح بقوة ليدخل مغلقا إياه خلفه .
نظرت رغد نحوه بحقد لم تحاول كبحه، لترى ابتسامته البغيضة ترسم مجراها على شفتيه .. بينما يتقدم نحوها ببطئ دارسا خطواته بحذر أعطاه هيبه وتسلط .
ليقف بالأخير أمام مكتبها، معاودا حركته التى بدأت تعتادها .. يده تستند على سطح المكتب ، رأسه يميل ليقترب من وجهها .. عيناه تحمل مجموعة مشاعر مختلطة .. إلا أن النظرة الطاغية عليهم كانت تلك التى تستشف أفكارها ومشاعرها بوضوح .
همس بقوة ناظرا إلى عينيها :
_ لقيتى اللى كنتى بتدورى عليه ؟
كان سؤال ساخرا .. متشفيا .. فأجابته بنفس السخرية :
_ أكيد لأ .. مفيش ولا ثغرة فى الورق ، وكأنى فعلا مشتركة معاهم فى الصفقات .. بحييك على ذكائك ..
لعجبها ضحك .. ولكن لما تعجب وهذه طبيعته منذ عهدته ؟؟
أجابها بتشفى غرقت به كلماته :
_ للاسف مش أنا اللى دبرت الورق ده .. والدك هو اللى قام بالمهمة .. وأنا كملت .

ألا تكفى كل تلك الصدمات من والدها ؟؟ .. ألا يكفيها ؟؟
لما .. لما يفعل بها هذا ؟ .. ماذا فعلت ليكون هذا جزائها ؟؟
هل تبكى وتصرخ بأنها تكره ذلك الرجل ؟؟ .. هل تبكى وتعاود إذلال نفسها أمامه ثانية ؟
بالتأكيد لن تفعل .. ستعلم ماذا يريد .. ستواجهه بضبط النفس .. كى تفوز فى تلك الحرب المستترة .

رفعت رأسها بحزم ، لتسأله بثبات :
_ أتفضل استاذ إياس أقعد .
أشارت بيدها تجاه الكرسى المقابل، فطالعها بنظرة متسلية .. وكأنه يخبرها بصراحة أنه لا يريد فتاة ضعيفة .. بل يريد خصما قوى ..
لم تعر نظراته المتفحصة أى إهتمام .. بل تابعت الاوراق أمامها ، لتسأله دون أن تنظر إليه :
_ بما إنك رفضتى تمضى على تنازل بملكية الشركة .. فأنا هطالبك بتنازل عن نص الشركة ، وأهى هتبقى شراكة مزدوجة بين أسم شركاتى واسم شركتكم .
إعتدلت رغد فى جلستها .. لتضع قدما فوق الآخرى ناظرة إليه بتعالى ، لتسأله ببرود :
_ أنتَ ليه عاوز تدخل أسم شركاتك .. فى اسم الشركة اللى أنتَ عارف كويس أن أمورها كلها ماشية غلط .. أظن أن ده هيرجع عليك بالخسارة ؟
أخرج إياس من جيب بنطاله علاقة مفاتيحة .. تدلت منها حجرا بيضاوى الشكل .. لونه أخضر ، يشبه الكريستال فى لمعانه ..
أخذ إياس يتلاعب بذلك الحجر بين إصبعيه بعدما أخرجه من علاقة مفاتيحه، ليقول بشرود بينما لازال اصبعه يقلب الحجر :
_ مش مشكلتك يا رغد إنك تفهمى دماغى .. مشكلتك إنك تنفذى اللى بطلبه بدون نقاش، لإنك لو فهمتى دماغى هتعرفى أن لا الشركة ولا أسم عيلة مختار .. ولا أنتِ فارقين معايا .
طرقت رغد بأصابعها على سطح المكتب ، لتسأله بهدوء :
_ طب ليه دخلت فى لعبتك الغربية ؟
قبض فجأة إياس على الحجر بعنف ، ليلتفت بنظراته لها بسرعة ، هامسا :
_ أظنك سألتى السؤال ده المرة اللى فاتت وجاوبتك .. خلينا فى الأهم .. هتستلم أمتى نصيبى فى الشركة ؟
عقدت رغد حاجبيها بإستغراب، لهجته ليست لهجة طلب .. بل هى أقرب لأمر نافذ ، "نصيبى" وحدها الكلمة تدل على ملكيته الساحقة لجزء من الشركة .. فهل حقا سيصدق إستنتاجها ؟؟ .. أم أن الأمر غير ذلك ؟
أجابته بثبات وقوة حاكتها أمامه ببراعة :
_ تقدر تجيب محاميك بكره ..
اومأ برأسه لينهض بخفة قائلا بابتسامة خبيثة :
_ إلى اللقاء .

غموض يغلف غموض ... حكايا وقصص تزج بها أسمائنا دون ذنب حقيقى .. ماضى يتستر خلف الحاضر .. متاهة بلا نهاية ..

............................................................ ........................................................

خرجت ميساء من المشفى عصرا .. لتسير بلا هدى .. ناظرة أمامها بشرود .
لقد دفعتها الحماسة بعد شهرين من الشعور بالتبلد تجاه الكائن المستتر داخلها، لتذهب لطبيبة مختصة .. صديقتها بالعمل وتطلب منها اجراء كشف طبى لترى جنينها ..
تقبل صديقتها صدمها .. وفعلت ما طلبت، لترى صورة طفلتها فى جهاز السونار ..
لم تكد تصدق عينيها وهى ترها، كم بدا صغيرة .. منطويا على نفسه كما تفعل هى وقتما تكون حزينة، يتحرك بشيئ غير ملحوظ ..
لقد كانت صورته كالبلسم الناعم لجروح قلبها ، بدت كبسمة أمل جديدة فى وجه عاصفة ..
حقا الشعور بذلك الجزء الصغير ينمو بداخل جسدك شعورا لطيف .
لن تنكر أن غضبها وكرهها بل وإشمزازها ايضا من مؤيد تبخر حين سقطت دموعها وهى تشاهد صور ابنتها ..
تشعر بأن بداخلها طاقة إيجابيه تدفعها فى تلك اللحظة .. للإتصال بمؤيد وإخباره بأنها تحمل طفلته بين أحشائها ..

لم تشعر بتلك الابتسامة التى بدأت تشق وجهها لتنير وجهها بعد إنقطاع دام طويلا عن عادتها ..
إنتبهت فجأة لتوقف سيارة رياضية حمراء بجوارها، لتخرج منها بخفة فتاة أنيقة .. ترتدى نظرات تحجب عنها نصف ملامح وجهها ، بينما كانت تجمع شعرها المتموج الكثيف إلى الأعلى فى هيئة كعكة مرتبة .
إقتربت منها الفتاة لتقف أمامهت مبتسمة بثقة، وتسألها :
_ أنتِ مرات مؤيد الراجحى ؟
إبتلعت ميساء خصة مدببة فى حلقها ، لتومأ برأسها ببطئ .. لتتسع ابتسامة الفتاة الآخرى وتقول بأناقة :
_ ينفع آخد من وقت شوية .
_ ليه ؟
لم تملك سوى ذلك السؤال المقتضب .. لتضحك الآخرى برقة .. وتجيبها هامسة :
_ متخافيش أنا صاحبة مؤيد ..
عقدت ميساء حاجبيها بعدم راحة .. لتعاود سؤالها مستفسرة :
_ بردوا لازم أفهم أنتِ عاوزة منى إيه ؟
ظهر التفكير على ملامح تلك الفتاة، لتقول بالأخير متنهدة :
_ أنا شذى .. صاحبة مؤيد ومرام .. حابة أكلمك عن حاجة مهمة لازم تعرفيها عن مؤيد علشان تقدروا تكملوا سوا .
ظهر الضيق على ملامح ميساء .. ليس الأن ، حقا لا تستطيع تحمل المزيد ؟؟!!! ..
أخذت نفسا عميقا قبل أن تجيبها بأنها ستقابلها فى احد الكافيهات القريبة .

لاشىء يستحق أن تنثر غبار ايامك تحت اقدام التنبؤ
لا شىء يستحق ان تمنى النفس
وهم هناك يسرقهم النسيان عنك
يادربنا الخالى لعلك تتذكرنا عندما تلتقى خطانا
كلنا أنصاف ........نكمل أجزائنا معأ
أن تغيب وأن تحضر ...
مجهول أنت أم غريب أم قريب .........أنت عندما لا تكون أنت
لآنك لم تتسنى لك ان تعرف حقآ من أنت
المجهول ........حقيقة الانسان بما لايستطيع ان يظهره لك
فاذا أردت أن تصل اليه .........عليك أن تصغى الى مالا يقوله

............................................................ ........................................................

_ أنتَ بتعمل إيه .
صاح بها سيف بإنفعال، فانتفض راشد مبتعدا عن نهاد .. ليلتفت ناظرا لسيف بغرابة .
كانت نهاد أول من فاقت من صدمتها ، فقالت بسرعة متداركة سوء الفهم :
_ سيف .. ده راشد أخويا .
للحظات عم خلالها صمت مشحون .. بينما تعلقت النظرات فى الفراغ بلا هدى ..
منها المذهول .. والآخر متوتر .. والأخير مستفهم ..
ليقط سيف الصمت قائلا بهدوء محاولا تمالك أعصابه :
_ تعالوا ندخل جوه ونتكلم بهدوء علشان أفهم مين الشخص ده .. وإزاى اخوكى وجه منين .
ظهر التذمر على ملامح راشد .. إلا أنه اخفاها بسرعة ليومأ برأسه ..
****
بعد دقائق طويلة قضاها راشد فى شرح قرابته لنهاد .. قال بمرح محدثا سيف الذى لم يبدر منه أى رد فعل :
_ ها أختى ولا مش أختى ؟
رفع سيف ناظريه لـ راشد بإستخفاف .. بينما زم الآخر شفتيه بإستياء، لتنهض نهاد بتوتر وتقول مخاطبة سيف :
_ سيف ينفع ثوانى .
نهض معها سيف ليدخلا غرفتهما .. فوقفت أمامه بحزم عاقدة حاجبيها ، لتسأله مستفسرة :
_ إيه رأيك فى اللى سمعته ؟
ظهرت الحيرة على ملامح سيف، ليجيبها بهزة مستنكرة من كتفه قوله :
_ بصراحة مستغرب ونفس الوقت فرحان علشان .
إقتربت نهاد منه ببطئ لتقف أمامه، وتقترب برأسها من صدره لتستند عليه .. وتقول برقة :
_ طب أنا أعمل إيه .. فجأة لقيت ظهرلى أخ من العدم ، معرفش هو ظهر فجأة ليه ولا أزاى، بس حاسة أنه كويس .. رغم أنه غريب شوية .
أخذ سيف نفسا عميقا ليحيطها بذراعيه ويجذبها إلى أحضانه هامسا بجوار أذنها :
_ أخرجى وأتعرفى عليه .. ده حقك اللى ضاع لسنين، اسأليه كان فين طول السنين دى .. اسأليه عن والدتك .. خرجى كل اللى جواكى من استفسارات .. لأن ده حقك .
دفنت نهاد وجهها أكثر بصدره، لتخفى ابتسامتها الواثقة .. يبدوا أن الدفع المشجع يمنح المرأ الثقة !
ابتعدت عنه قليلا، لتقول بخجل :
_ يلا هطلعله .. زمانه قاعد لوحده برا .
إلتفتت لتفتح باب الغرفة، إلا أنها توقفت بسبب ذراعه التى أدارتها له مجددا بهدوء .. لتجد يده تتشبث بيديها بقوة .. ليميل قليلا برأسه تجاهها ويهمس أمام وجهها بثقة مبتسما :
_ مع بعض .
إنتقلت ابتسامته الواثقة لوجهها لتتورد وجنتاها قليلا ، وتتنحنح بإحراج .. ليفت الباب ويخرج جاذبا إياها برفق .
****
طرق شاشة هاتفه بغيظ .. تلك الفتاة هى عمله الأسود فى الحياة .. بلى إنها تماثل ذلك اليوم الذى إلتقاها به .. إنها الشبح الأسود .. براء .
زفر بحنق بعدما لم تصله رسالة من الطرف الآخر، بل لم ترى آخر رسالة بعثها لها .
نظر إلى باب الغرفة المغلق الذى إختفت خلفه شقيقته وزوجها ..
لم يكن ينقصه سوى تلك الفتاة وزوجها .. هل استفاق ضميره فجأة من سباته ليبحث عن شقيقته ...
زفر بحنق للمرة التى يجهل عددها، لينتبه فجأة لصوت انفتاح باب الغرفة .. التى خرجت منها شقيقته ممسكة بيد زوجها .
جلسا أمامه متجاران، ليبدأ بتعريف نفسه لهما ، إتبعه سيف بأن عرف عن نفسه كذلك .. معتذرا عن سوء إستقباله .

فركت نهاد يدها بتوتر .. السؤال يؤرق حنجرتها .. لا تستطيع ألا تفعل وتسأله !
فقالت بسرعة مندفعة :
_ هى .. هى كويسة ؟
كان سؤال بغير سؤال .. إلا أنه أجاد ترجمته، فهز رأسه بأسف ليقول بحزن :
_ ماتت من سنة تقريبا .
أخفضت نهاد وجهها بألم .. كم حلمت بأن ترى والدتها .. أن تحتضنها وتنسيها بعدها عنها لسنوات .. كم تمنت أن تعاتبها وتصرخ عليها لأنها تركتها وحيدة طيلة تلك السنوات .. كم تمنت وكم حلمت .. وكم رسمت لخيالاتها دروبا بما ستفعله حين تلاقى والدتها .. ولكنه لم يحدث ولن يحدث !!
أعادت سؤال بحزن غلف كلماتها :
_ معاك صورة ليها ؟
_ أنتِ صورة منها .
رفعت وجهها ببطئ إلى أن لاقته بعيناها الدامعة، فابتسم لها قائلا :
_ أول ما شوفتك أفتكرتها علطول .. رغم أنها مش مفارقة خيالى .. تقريبا أنتِ الصورة الشابة ليها .
ابتسمت نهاد قليلا ... لتعاود سؤاله :
_ ليه مشافتنيش طول السنين دى ؟
أخذ راشد نفسها عميقا، ليجيبها بهدوء :
_ اللى أعرفه .. والدتى أتجوزت والدى وجابونى بعد فترة قصيرة من الجواز .. حصلت بينهم مشاكل وأنفصوا .. صحيح أنا والدى لبنانى ،وهو ربانى وأخدنى لبنان أعيش معاه ، والدتك بعدها بفترة أتجوزت من مصرى وسافرت معاه ...
صمت راشد مخفضا وجهه بحزن .. ليكمل بعدما أخذ نفسا آخر بعمق أكثر :
_ العذاب اللى شوفته و والدى بيتعذب بحبه لوالدتى .. نفس عذاب أمى فى حبها لوالدك .
أستمر زواج والدك من والدتك خمس سنين، أتحملت فيهم بيئة غير البيئة .. ناس غير الناس .. معاملة غير المعاملة ...
و والدك فجأة تبخر الحب والاهتمام .. وبعد ما كان بيساعدها علشان تتأقل على بيئة الزراعة والمكان المختلف بعد ما رفض أنها تعيش حتى فى المحافظة .. فهددته مرة بالاطلاق ..
هى نفسها أتصدمت فى الوقت ده من ردت فعل والدك ... لأنه ضربها وأهانها وإتهامها ظلم .. لا وكمان حبسها ومنعها منك ..
لما حست أن حبها لوالدك مش فارق معاه ، ولأنها تعبت من معاملته وقسوته ، قررت تمشى وتاخدك معاها ..
لكن اللى حصل ان والدك طلقها .. وأخدك منها وقالها تسافر لوحدها ..
هى فعلا رجعت تركيا .. وحاولت هى وجدك أنهم يتواصلوا مع والدك تانى علشان حتى تشوفك .. بس هو رفض .
بعد طلاق والدتك بأربع سنين .. والدى أتقدملها وطلب منها ترجعله ...
وتخيلى أنها كانت طول الاربع سنين فاكره أن والدك هيرجعلها .. وده اللى محصلش وخلاها مقهوة أكتر على نفسها .
لما لقيت مفيش أمل انها ترجع للراجل اللى حبيته ... قررت ترجع لوالدى علشان تكون أمى ليا ومتضيعش طفليها .. اهو تبقى أدت دور الأم مع واحد ..
وكانت ملهاش قصة غيرك ... ضحكة نهاد .. عياط نهاد .. خوف نهاد من كذه .. نهاد بتحب تلعب بالبازيل .. نهاد زكية .. نهاد ونهاااااد كتير .
كانت بتحبك أوى .
دمعت عينا نهاد بتأثر، لتبتسم من بين دموعها بحزن .. لقد ظلمتها .. وقد فعلت من مجرد أساطير تداولتها الاسماع بين الاقارب .. لن يسعها الأن سوى الدعاء لها بالرحمة وكذلك لوالدها ..

شعرت بذراع سيف يحاوطها من كتفها بحنان مقربا إياها منه .. فإغتنمت الفرصة لتضع رأسها على كتفه وتخفف الحمل قليلا على عقلها الذى أجهده التفكير خلال لحظات .

............................................................ ........................................................

ظلت تراقب النيل من الزجاج المجاور لمجلسها ، والشك يتلاعب بعقلها منذ رأت تلك الفتاة .
لقد تذكرت لتوها أنها تلك التى جلبها لها مؤيد منذ فترة فيلته .. لا تعلم كيف نستها .. بل إنها لا تعلم لماذا جاءت لتقابلها .
رغما عنها الفضول سيقتلها ... ماضى مؤيد يتجسد فى تلك الفتاة المجهولة لها مرام .. وتلك الآخرى شذى تملك قصة مرام ..
قد تسمع ما لن يعجبها عن مؤيد .. بل هى واثقة من ذلك .. ولكن ماذا عساها تفعل .. لن تقدر على التغاضى عن الأمر وتوهم نفسها بأنها غير مهتمة .
أنتفضت من شرودها حين شعرت بالكرسى المقابل ينزاح لتجلس عليه شذى ..
جلست قبالتها لتحييها بابتسامة باردة .. وتقول بهدوء :
_ شيفاكى لسه مطلبتيش .. أتنين قهوة كويس ؟
هزت ميساء رأسها بإستسلام .. لتجلس شذى بإعتدال فى كرسيها .. لتبدأ الحديث بعدما حضرت القهوة :
_ مرام كانت حب مؤيد الأول والأخير على حد علمى بشخصيته .
ها هى تتلقى أولى الصفعات ... يارب امنحها الصبر لتستطيع أن تكمل سماع هذا الكلام .
_ أتعرفوا على بعض فى الجامعة .. حبوا بعض عادى زى أى أتنين .. وصحيح أنا كنت صاحبة مرام الأنتيم علشان كده عارفة القصة كلها ..
مؤيد وعد مرام بالجواز العلنى .. بس طلب منها يتجوزوا سر .. حتى من غير ورقة .. وكانت للاسف موافقة ..
علاقتهم أستمرت سنتين، وكل يوم مؤيد بيكدب عليها بشكل جديد ... لحد ما حملت، ووقتها عمل زى أى راجل شهم وأنكر أن اللى فى بطنها أبنه .. وطلب منها تنزله لو عاوزة تكمل حياتها معاه بنفس الشكل ده من غير تغيير ..
مرام نفسيتها تعبت جدا .. وفى يوم عرضت على صاحبه المشكلة بتاعتها مع مؤيد ... لكن صاحبه طلع أفظع منه وحاطلها حاجة فى العصير وصورها وبعت الصور لمؤيد ..
طبعا مؤيد ثار لكرامته جدا، وقالها اللى زيك مينفعش يعيش ... كمان طلب منها أنها تموت علشان ينساها تماما او أنها تختفى من حياته ، وهى كانت حالتها النفسية فى النازل .. وللاسف أنتحرت بطريقة بشعة .

أنهت شذى حكايتها بأن مسحت دموعها المتعمدة .. رغم كل تلك الحقائق الكاذبة التى قالتها .. هى لا تعرف حقيقة الأمر .. حتى حسام الذى حاك لها تلك القصة يبدوا انه يجهل جزءا ليس بهين ..
ولكن ماذا بيدها أن تفعل ..وحسام يراقبها هناك بإنتباه تام ... بينما حملت حقيبتها جهاز صغير لكى يسمع ما تقول ..
عادت الإلتفات إلى ميساء .. فوجدتها مخفضة وجهها دون أى إشارات حسية ..
أكملت مدعية الأسف :
_ مكنتش حابة أقولك حاجة زى كده عن زوجك .. مكنتش حابة أقولك أنه كان سبب فى قتل روحين .. بس أنا خايفة يجي يوم ويترد لكِ او لطفلتكم فى المستقبل ..
ها قد فعلت ما عليها .. واشعلت نيران الحقد والكره بعينا تلك الفتاة .. الأن عليها أن تنسحب وتترك الباقى لحسام .

............................................................ ........................................................

نظر إلى ساعة معصمه بضجر .. كم يكره تأخير الفتيات ذلك .. لقد أتفقت معه تلك الميس أن تقابله منذ نصف ساعة .. وها هى حتى الأن لم تحضر ..
تنتابه أفكار شيطانيه فى ترك المكان ، لتشعر بالسوء حين تأتى ولا تجده ..
بعد خمس دقائق آخرى .. وجدها أخيرا تسحب الكرسى المقابل له .. لتجلس عليه بأناقة واضعة حقيبة ذراعيها على جانب الكرسى .
ابتسمت له بأناقة وهى تنزع النظارة عن عينيها .. لتقول برقة :
_ ميس صلاح .. مديرة أعمال .. شريكة شركتكم *** قريبا .
_ شريكة ؟!!
قالها قصى بصدمة .. فظهرت الدهشة على وجهها ، لتكمل قائلة بإستغراب :
_ واضح إنك متعرفش أى حاجة عن عقد الشراكة اللى بين شركتى وشركتك .
أغمض قصى عيناه بقوة .. شاعرا بألما يغزوا رأسه .. كيف لم يفكر طيلة تلك المدة فى شركته التى تركها بدون قائد للعمل ... بل أنه حتى لم يسأل عن سير الأحداث ..
بالطبع مختار باشا تدخل ولعب بالكثير من الاشياء فى غيابه .. وها هى أول كوارثه تحل عليه فى صورة تلك الفتاة .
فتح عيناه بسرعة ، ليسألها بتعجب :
_ شروط العقد ؟؟
ظهر الضيق على ملامح ميس ، ولكنها اجابته بهدوء :
_ أكيد كلها فى مصلحة الشركتين .
قبض قصى على كفه بقوة ... لا يصدق .. حقا لا يصدق ، هناك شيئا غريب ..
أنتبه لكلام ميس الحانق :
_ مكنتش أعرف إنك مش المسئول عن الشركة من فترة .. كده مش هقدر أتكلم فى أمور الشراكة غير لما تطلع على مستجدات شركتك، بعدها أقدر اتكلم معاك افضل .
إتبعت كلامها بالفعل .. لتنهض مغادرة بأناقة مثلما دخلت .
بينما كان قصى يجلس مكانه شاعرا بأنه قد يقتل أحدهم من شدة غضبه ..
والده .. ذلك الرجل الذى لا يستحق تلك الكلمة .. لا يزال يتربص لحياته ويتلاعب بها بتلك الفظاعة .. ماذا إذا يفعل مع رغد ؟؟
وعاد الحنين والألم يمزق قلبه لهجر شقيقته فى هذا الوقت .. ولكنه دائما ما يجيب نفسه بأنه تعب ..

............................................................ ........................................................

قد تجد راحتك مع أكثر من تمقتهم .. وللعجب هى اصبحت كذلك !!
أوس .. سلسلة من الحقائق الغامضة .. تراه ذئبا .. ويكون هرة !!
ليس له الأمان .. فقد فعل اسوء ما لم تتوقع .. لقد خطف قلبها !!
أحبته بحماقة دون حساب ... رغم كل ما كانت تفكر به وكل ما كانت ستفعله لتعذبه بسبب ما فعل .. الان تقف فى موضعها تبكى بضعف .
يا لها من غبية ، لا يليق بها دور الانتقام ..
نظرت بعيدا .. حيث بدت الشمس كقرص كبير برتقالى فى طريقه إلى الاختفاء خلف امواج البحر ..
شعرت فجأة بأحدهم يجلس بجوارها .. فلم تحتاج إلى الكثير من التفكير لتعمل بأنه أوس ، محور أفكارها .
سألها أوس باستغراب :
_ ليه قاعدة لوحدك ؟
لم تجييه وتلتفت إليه ، وظلت على جلستها .. تنظر أمامها بصمت ..
راقب أوس جانب وجهها المجاور له .. فاصابته دهشة حين رآى عينيا تنزلق منها الدموع ببطئ .
عاود سؤالها ولكن بخوف هذه المرة :
_ أهلّة مالك ؟ ... فيه حاجة ؟؟
إلا أنه كذلك لم تجيبه .. فابتلع ريقه بتوتر قائلا :
_ بصى عندك حل من أتنين .. يا تمسحى دموعك وتقوليلى مالك .. يا هحضنك ومش هسيبك لحد ما تقولى بردوا .
إلتفتت حينها أهلّة بعيون تقدح شررا .. فضحك بخفة مكملا بعبث :
_ منا عارف أن دى الطريقة الوحيدة علشان تفوقى وتقوليلى مالك .
زفرت بحنق مشيحة عنه .. فلم يحملها أكثر بسؤالها ثانية .. بل ترك لها المجال كى تفكر وحدها قليلا ..
وساد صمت طويل .. حتى سقط قرص الشمس خلف البحر .. وعم الظلام رويدا المكان .
_ تعالى نتمشى شوية .
لم تجبه فنهض أوس حينها .. ليمد يده لها طالبا يدها كى يساعدها فى النهوض .. إلا أنها ولعجبه منحته يدها باستسلام .. لتنهض معه وتسير بجواره .
خلال سيرهما البطيئ .. كان أوس يختطف النظرات إلى وجهها الشاحب دون أى تعبير .. يشعر بأنه بحاجة لقول ما بداخله .. وبالوقت ذاته يخشى رد فعلها ..
إلا أنها اليوم غريبة .. غريبة بطريقة جعلته يشعر بأنها ليست نفس ذاتها أهلّة ..
أيقول ما بجعبته وينهى الأمر .. أم ينتظر ؟

............................................................ ........................................................



 
 

 

عرض البوم صور Enas Abdrabelnaby   رد مع اقتباس
قديم 05-06-18, 12:54 AM   المشاركة رقم: 50
المعلومات
الكاتب:
اللقب:

البيانات
التسجيل: Jul 2017
العضوية: 326474
المشاركات: 120
الجنس أنثى
معدل التقييم: Enas Abdrabelnaby عضو له عدد لاباس به من النقاطEnas Abdrabelnaby عضو له عدد لاباس به من النقاط
نقاط التقييم: 124

االدولة
البلدEgypt
 
مدونتي

 

الإتصالات
الحالة:
Enas Abdrabelnaby غير متواجد حالياً
وسائل الإتصال:

كاتب الموضوع : Enas Abdrabelnaby المنتدى : القصص المكتمله من وحي قلم الاعضاء
افتراضي رد: أسيرٌ من الماضى (2) سلسلة جروح العشق الدامية

 



الفصل السابع عشر

وتمر الأيام مرور الكرام ..
تسابق الريح فى جريانها ..
تتساقط كأوراق الشجر الخريفية ..

مر اسبوعان على حادثة أدهم !
لم يحاول خلالهما معرفة الفاعل .. بل الأدق أنه يعرف ولا يريد البوح بذلك للشرطى .
لا تعلم أتلومه لما يفعل .. ام تدعمه بصمت لحسن اخلاقه .. لاتعرف .. ولكن الاختيار خرج من طور يديها .
اما موضوع عمتها فلازال شائكا يحيطه الغموض من بعد زيادرة د/عمرو الذى لم يمنحها اى جديد فى المعلومات .. بل زاد من شعورها بالتخاذل ..
أما أدهم فلم يقدم أى جديد .. بعدما تعافى وخرج من المشفى ، أخذها من ذلك المنزل وذهبا إلى المحافظة حيث وجدت شقة خاصة مجهزة لهما ... لم تجادله حينها وتسأله لما لم يحضرها هنا منذ البداية .. بل آثرت الصمت والاكتفاء بنظرته الغامضة .

وضعت قدح الشاى على الطاولة أمامها .. بينما عيناها كانت تطوفان على صفحة النيل المقابلة لشقتها ..
من مميزات هذه الشقة أنها واقعة على النيل ، فتبدوا اشراقة اليوم من شرفة الشقة مختلفة تماما عن تلك التى كانت تقابلها فى منزلهم .
مدت يدها بشرود إلى قدحها .. ولكن حين لمسته شعرت بيدا تجذبه من تحتها لترفعه إلى أعلى .
إلتفتت ببطئ إلى أدهم الواقف خلفها مستندا بذراعه على مقعدها الخشبى .. بينما يمسك قدحها الخاص ويحتسى منه بأريحية .. ناظرا أمامه باعتدال دون حيادة .
ألتفتت تنظر أمامها إلى ذلك السطح الهادئ حيث تجرى المياه ببطئ دون ضجة مريحة للعين ..
إنتبهت فجأة لصوته الهادئ الذى قطع صمتهما :
_ لقيتها .
إلتفتت له حينها زهور تنظر إليه بعينان إتسعت بدهشة، لتسأله بسرعة مستفسرة:
_ فين ؟؟
تغضن بسيط كان بين حاجبيه .. تشعث غاضب سكن فكه، ليجيبها بهدوء حمل عاصفة خامدة :
_ فى مصحة .
إن كانت الدهشة هى ما لاقتها فى البداية فـ بالتاكيد لن تكون كـتلك التى تلاقيه بها الأن .
ماذا !! ... مصحة نفسية !!
عمتها هى فى مصحة نفسية !!
إلى تلك الدرجة تدهور حالها !!
ولكن كيف .. ولماذا طيلة تلك السنوات !!
عاودت النظر لأدهم مستفسرة، ليجيبها بنفسا عميق محتوى قدرا واسعا من الاكسجين .. ليقول بهدوءا شابه العاصفة الصامتة :
_ كنت بتتبع د/عمرو خلال الفترة اللى فاتت، واكتشفت أنه فعلا كان عارف كل حاجة عن عمتك بعد ما خرجت من البلد .
مكنتش متصور أنى هلاقي زهيرة عمتك فى مكان شغله .. ده كان ابعد تصوراتى، لكنه حصل .
زهيرة مريضة نفسية، ليها سجل فى المستشفى اللى بيشتغل فيها الدكتور .. والسجل بدايته من بعد خروجها من البلد بخمس شهور .. ومستمر ليومنا ده .

لحظة .. أمهلوها لحظة كى تعى كل ما يقال .
عمتها مريضة نفسية !! .. تجلس بالمصحة !!
بل ولديها سجل مرضى هناك !!
يا إلاهى ؟!!!!!!
دمعت عينا زهور بقهر .. إلا أنها أبت أن تنحنى بعجز او تحتاج لمن يواسيها .. فأشاح أدهم عنها بعدما كاد يقترب ليحتضنها ، ليقول بغلظة مكملا حكاية عمتها :
_ لما اتأكدت أنها عمتك واجهت عمرو وهو قدام الحقيقة الواضحة اعترف انه اخفاها عنا ... وقالى اللى حصل معاها فى الماضى .

( _ أنا مكنتش عاوزكم تلاقوا زهيرة لأنى عارف أنها هشة جدا ومش هتقدر تستحمل رجعة تانى للماضى بقصة القتل دى .. شوف تقاريرها الطبية والنفسية وهتعرف أن حالتها متستحملش أى ضغوط تانية .
زهيرة بعد ما خرجت من البلد بفضيحة راحت بلد تانية مجاورة .. طبعا لما بنت تروح لوحدها بلد جديدة من غير أهل ولا ناس بيشتبهوا فيها .. بس لقيت بردوا اللى ساعدها، وكانت واحدة كبيرة فى السن ..
أخدتها بيتها وخلتها تشتغل معاها فى بيع الجبن والزبد والحجات دى ، كانت معاملتها بردوا مش ملوكى .. يوم تاكل وعشرة لأ ..
زهيرة أصيبت بمرض الحمى وأثر على سمعها وطبعا لقلة الفلوس والامكانيات الطبية مقدرش حد يعالجها .. ده غير ان الناس اصلا كانوا بيعاملوها معاملة وحش علشان غريبة .
وفى يوم ماتت الست اللى كانت عايشة معاها ، وجت الناس طردوها .. بس بطريقة اسوء من اللى قبلها ، يعنى فيه ناس تعدت عليها بالضرب .. ووقتها اصيبت بالمرض النفسى المتعارف عليه بالعامى .. جنون !
مش قادر اوصفلك حالتها بعد اللى حصلها .. ولما الناس تعبت من شكلها فى الشارع وهى بتخوف الاطفال بعتوها للمستشفى هنا .
مش هقولك أنى قابلتها فى المستشفى لأنى كنت شغال فيها .. لأ انا دور عليها وبالمصادفة عرفت كل قصتها .

لما روحتلها المستشفى فى زيارة عادية، اكتشفت انهم كانوا هيطردوها لأنها معهاش ملوس تكمل علاج والناس اللى كانت بتساعدها شفقة خلاص نسيوها .
انا وقتها تكفلت بمصاريف بقائها .. وبعد ما اتخرجت من الجامعة اتعينت فى المستشفى ده وبقيت براقب حالتها .
خلال الوقت ده كانت اتعالجت ورجعلها عقلها، لكن كانت رافضة الكلام غير أنها مش بتسمع .
خلال السنين دى كلها اخد ميت قرار أنى أتجوزها وبعدها اتراجع .. اخدت ميت قرار أنى أفرج عنها واسيبها تخرج من المستشفى واتراجع .
للاسف زهيرة مكنتش هتقدر تتأقلم مع وضع تكون زوجة .. لا أنا اللى مكنتش هقدر أخليها مراتى .. وللأسف مكنتش هقدر أسيبها تمشى وتكمل حياتها وتلاقى اللى تكمل حياتها معاه .
زهيرة بالنسبالى كانت حب حياتى .. وطفلتى اللى بخاف عليها من أى راجل ميستحقهاش .
هتقول عنى أنانى ومستغل .. هقول للأسف أيوه أنا كده لكن بردوا مقدرتش اتغير .
وآه علشان تكرهنى كمان .. أنا أتجوزت وكملت حياتى وجبت عيال ومكمل مع مراتى . )

أنهى أدهم كل ما قاله عمرو بالتفصيل ، لينظر إلى زهور من الأعلى بحزن .
لقد كانت منحنية الظهر بعدما تعاهدت بعينيها ألا تتخاذل أمامه .. لقد كانت تبكى بحرقة بعدما منعت هذا الحقل لنفسها أيضا أمامه .
لقد كانت تحتاج حصنه !! ... وسيفعل !
إقترب منها ببطئ من الخلف محيطا بذراعيه كتفيها ، جاذبا إياها من الخلف تجاهه .. لتسلقى رأسها فى تجويف عنقه بسلام .. تاركة لشهقاتها العنان ..

............................................................ ........................................................

رغم كون البحر الصافى من أجمل المشاهد .. إلا أنه حين يكون ثائرا غاضبا وهائجا بتلك الطريقة .. فيفضل الابتعاد عنه .
ولكن لم تقول !! .. لزوج من المجانين مثلهما ؟!!
إتبعا سيرهما ببطئ على الرمال، متجاوران فى السير متفرقان فى العقل .. كلا منهما يسرم طريقا لحياته يخالف الآخر .. رغم كونهما يفكران ببعضهما ..
كانت أفكارها تدفعها لتلقي مسبب إزعاجها الاول والوحيد فى ذلك البحر الهائجى .. عله يبتلعه ولا تراه ثانية ..
بينما كان يجاورها السير تدفعه افكاره ليفصى عما بداخله .. ويترجاها كى تخبره بما بداخلها .
قد يكون من الغريب لمن هم فى مثل سنة مقبلين على الاربعين من العمل .. لديه طفل يماثله عقلا ... أن يظل على طيش الشباب فى اختيار من تريح القلب لتكون زوجة .
ولكن بما أنها تريح ابنه كذلك فلما لا تكون ؟؟!
الاستقرار حلم بعيد ، كان دائم الركض خلفه كالعداء السريع .. إلا أنه لم يلحقه فأى جولة من جولات حياته ..
فشابت جوانب رأسه .. إلا أنه لم يتوان للحظة عن إعادة تبديل لونها للأسود ، كى يظهر للعالم أنه مازال شاب طائش، بينما بداخله رجل مرهق من كل تلك الأحمال الثقيلة التى توالت على ظهره خلال تلك السنوات .

ألقت نظرة خاطفة على وجهه .. لتجده شاردا يحمل تعابير غير مقروئة ..
كنت لكَ طريق غير ممهد ، كلفك الكثير من مواد البناء لتقوم أعوجاجه .. أما أنتَ فسطر مظلل فى نص طويل ..أتجاهلك وكل قلبى منتبه أليك .
أغمضت عيناها متنهدة بإرهاق ، الارهاق لم يكن جسديا .. بل عقليا ، لعقل عنيد أتعب نفسه بماضى هو الألم بعينه .
فتحت عيناها بإنتباه حين شعرت به يقف بجوارها ليمسك يدها مانعا إياها من مواصة السير .
إلتفتت إليه بنظرة إستنكار متعجبة، لترى الجدية مرتسمة على وجهه بصلابة .. إتبعها قوله الهادئ :
_ بحبك !
وحين تصل إلى مرادك .. تشعر بالخواء !!
هذا ابسط تعبير لتعاقيد مشاعرها بتلك اللحظة .. ما زاد عجبها أنها تشعر بالفرحة وكأنها وصلت إلى حلم ثمين .. وتشعر فى ذات الوقت بأنها ناقمة عليه .. حاقدة على تلك الكلمة التى تكررت على فمه بعدد فتياته .
خلف عاصفة التناقض إرتدت قناع الصلابة، لتقول بترفع :
_ للاسف كلمتك دى مش محتجاها فى حاجة، ده إذا كانت صادقة اصلا .. يلا نرجع الشاليه علشان اطمن على زياد .
إلتفتت مغادرة بسرعة دون أن تنتظر رده، إلأ أنه أوقفها ممسكا بذراعها بحزم .. ليجذبها برفق كى تقف أمامه .
ليقول بهدوء حذر :
_ ينفع أعرف مشاعرى مش مهمة بالنسبالك ليه ؟
ابتسمت أهلّة بإستخفاف، لتجيبه بسخرية :
_ قلت مش محتاجاها .. لكن مهمة مسألة تانية .. ومش هنكر أنى مهتمة .
عقد أوس حاجبيه بضيق، ليقول مستفهما :
_ تقصدى ايه ؟
تقلبت ملامحها من السخرية واللامبالاة للغضب الحاقد .. لتصيح بحدة :
_ مطلوب منى إيه لما تقولى إنكَ بتحبنى، أقولك أنا كمان بحبك وأنا مش بحبك .. أقولك صدمتنى بكلمة على لسانك سهلة جدا وبتتقال لكل البنات ..
لما قولت أنى مش محتجاها .. فـأنا بعنى كل كلمة بقولها، وياريت تنهى الجدال الفارغ ده .. فيه أهم منه .
غادرت أهلّة بسرعة هذه المرة، ليقف أوس مكانه عاقدا حاجبيه بضيق ... يحاول ترجمة ما قالت وما كان سيقول ..
ليجد نفسه دون مجال .. يلوم نفسه لغبائه وتسرعه .

............................................................ ........................................................

_ إزاى كل ده يحصل فى المدة دى بس ؟!!!
تسائلت رغد بصدمة .. تنظر إلى العامل الواقف أمامها متحرجا ..
ليجيب بضيق :
_ كلها قرارات إياس باشا .
إياس .. إيااااااااس رمز وجع الرأس الحالى فى حياتها .
ماذا .. حقا ماذا الأن ؟؟ ... ألم يكتف من تعذيبها ؟؟
الأن يخرجها بمظهر المديرة الحمقاء .. والتى ستذهب بشركتها إلى الضياع !!
حقا ما عادت حياتها تنقص سوى ذلك الإياس بعقده النفسية من عائلتها ..
لقد غابت اسبوع واحد بسبب المرض المفاجأ الذى تملكها .. لتعود وتجد كل تلك المصائب التى لا دراية لها ..
كونها جديدة فى مجال عمل رجال الأعمال جعل منها سازجة فى أول إجتماع ضمها وإياه على طاولة واحدة مع الموظفين ..
نهضت بعنف جاذبة الأوراق التى أعطاها إياها العامل بالمصنع منذ لحظات .. لتخرج من الغرفة مندفعة بتجاه الغرفة التى إتخذها مكتب له .
طرقت بابها بعنف تبعت بأن فتحت الباب بسرعة لتغلق خلفها بقوة جعلته يصدر صوتا عاليا .
بحثت بعينها عنه بأرجاء الغرفة فلم تجد أحدا .. أنتظرته لدقائق ظننا بأنه خارج الغرفة وسيعود ولكنها إكتشفت عكس ذلك .. إنه غير متواجد !
هزت رأسها بإرهاق واضعة يدها على جبينها، لقد تحاملت عليها المشكلات فجأة .. سقطت جميعها على رأسها بقوة وسرعة لم تحسب لهم حساب .. وأكبر عقبات حياتها تتمثل به .
من يعلم كل مداخلها ولا تعلم عنه شيئ .. من يعلمها وتجهله .. من يستنزفها ولا تستطيع ردعه .
إنه ذلك الرجل الغامض .. محتل حياته الأخير .. إياس الشريف .
رغم كل الأحقاد التى تسيطر على تفكيرها فى تلك اللحظة لوالدها الذى كان السبب الرئيسي فى كل ما يحدث لها الأن .. إلا أنها ترغب بمقابلته بشدة ..
ليس حبا به بالتأكيد .. ولا خوفا عليه اوقلق إن ظن ذلك، ولكن الأهم هو المطلوب .. والأهم هى علاقة إياس الشريف بوالدها .
ما فعله والدها فى الماضى لإياس هو المراد ..

نهضت ببطئ لتقف أمام مكتبه بينما عيناها تدوران على سطحه بسرعة متفحصة ..
لم يكن هناك أى شئ غير عادى .. أوراق بلا قيمة .. وغيرها من الأشياء ، إلا من صورة كانت مدارة لها ..
فإلتقطتها بسرعة لتديرها وتجدها صورة قديمة لطفل مع سيدة ثلاثينية العمر .
دققت إلى ملامح الطفل الذى تجاوز السادسة من عمره .. لتجد إياس!!
فُتح باب الغرفة حينها ليدخل إياس بإندفاع .. إلا أنه توقف حين وقع بصره عليها واقف أمام مكتبه تمسك تلك الصورة .
ظل للحظات كل شيئ على موضعه .. هى لاتزال تمسك تلك الصورة وتقف مولية إياه ظهرها .. وهو لا يزال يقف مكانه ينظر إلى ظهرها بلا تعبير .
ليكون أول من خرج من حالة الجمود .. حين تحرك ببطئ ليقترب ويقف بجوارها ، ويقول بجدية :
_ نورتى مكتبى .
إلتفت لها ليختطف الصورة من يديها، مكملا بأناقة :
_ من الغلط اللعب فى حاجة الغير .
أعاد الصورة مكانها ليلتفت ويتجه إلى مكتبه مشيرا بيده أن تجلس .
زفرت رغد بحنق وهى تلعن غبائها .. لتجلس مكانها بقوة جعلته يرفع حاجبه فى إستهزاء صامت .. فقالت بسرعة مباغتة :
_ حضرتك إيه معنى الاوراق اللى وصلتلى دى .
ألقت بالأوراق أمامه بعنف .. فنظر إليها بسخرية قبل أن يلتقط الأوراق بصمت ويلقى نظرة سريعة على محتواها .
بينما تابعت بحنق :
_ ده ميدلش على أن حضرتك عندك خبرة واسعة فى السوق زى ما قولت .
إستند إياس بظهره إلى الكرسى ، ليجيبها بكسل :
_ سمعتى فى السوق مفيش عليها كلام وتقدرى تتأكدى بنفسك يا باشمهندسة ... لكن سمعة شركتكم فى السوق مممم أنتِ عارفة مش محتاج أقول .. وبالنسبة للورق ده، فأكيد المشكلات اللى والدك مسببها قبل كده هى السبب .. يعنى أنا مليش دخل ..
كظمت رغد غيظها بأعجوبة .. لتحاول رسم الهدوء على وجهها، فحربها مع ذلك الرجل لن تكون ابدا بالغضب .. فقالت بهدوء متماسك :
_ تقدر تسيب الشركة تقع لوحدها .. وأهو حضرتك المستفاد فى كل الحلول .
أخرج إياس من جيب بنطاله نفس الحجر المتدلى من علاقة مفاتيحه .. لينزعه من العلاقة ويتلاعب به بين إصبعيه كما فعل فى المرة السابقة .. بينما قال ببرود وهو يتابع تحرك الحجر بيده :
_ سبق وقلتلك أنى مش ناوى أسيب الشركة، وأنى راضى جدا بكل أوضاعها .
لقد أبتليت بكارثة بشرية .. رجل جاء ليكمل على البقية الباقية من روحها الضعيفة ..
ألا يكفيها إمتحاء كلمة رجولة من حياة كل الرجال الذين قابلتهم فى حياتها .. "بالطبع تخالف الأمر مع سيف الذى لم ينظر لها من الاساس .. بينما الآخرون إنطبق عليهم القول"
لتكتمل مصيبتها بذلك الرجل الصلب؟؟

أتستعين بقصى ليحميها ... ولكنها هى من جعلته يبتعد بتصرفها .. هى أبعدته لأنها تشبه ذلك الرجل .. ولأنها تشبهه ينتقم منها إياس ..
عليها أن تعترف ان مصيبتها الاولى فى الحياة كون مختار باشا والدها .
إنتبهت فجأة لإياس الذى قال بملل :
_ لو خلصتى تقدرى تشوفى شغلك .
الحقير يهينها فى شركتها !!
إلا أنها آثرت الصمت .. فمواجهتها التى لم تدم لدقائق لم تجلب لها سوى الألم .. بينما الألم الحقيقى يتمثل فى القادم ..
نهضت بإحباط مغادرة الغرفة .. إلا أنها وقفت بصدمة حين إندفع صوته كقذيفة :
_ رغد .. إنتقامى لسه هيبدأ، خليكى مستعدة .. عهد المغيرى غير .. وده وعد .
إلتفتت له بصدمة لتجده قد وقف بإعتدال مائلا قليلا إلى الأمام .. ينظر إليها بعينان ثابتتان .. وبهما سكنت نظرة إمتزج فيها الحقد بعضب أسود مندلع منذ سنوات فى ظلمة عينيه المخيفة .
لم تملك سوى الفرار فى تلك اللحظة .. فحقا هى خائفة من القادم، فما يبدوا أن ما فات لم يكن سوى مجرد لعب والأن يبدأ الإنتقام !!

وترسل لنا الحياة من يعاقبنا على ما لم نرتكبه
فنتسائل بذهول .. أهذا عدل ؟؟
وتأت الإجابة فى هيئة صفعة مؤلمة ..
وضحكة يتبعها .. إنه قمة العدل، لأنك ببساطة مشترك فى ما أرِتُكب .

............................................................ ........................................................

نظر بسأم إلى شقيقته التى تبكى وزوجها يحتضنها ليخفف عنها ..
لولا براء ما فعل ما فعله .. هو يبحث عن شقيقته التى لطالما مقت سيرتنا التى لم تنفك عن لسان والدته ؟!
براءه ... شبحه الذى خرج له من الظلمة فجأة، ليتجسد أمامها طالبا .. آمرا .. متسلطا، ولكن لا ينكر أنه مرتحا للفكر .
رغم أنه يبدوا طفولى فى تفكيره حين يغار من أخته التى أحبتها والدته طوال سنين حياتها وحتى فى لحظات موتها .. ولكنه راضى عن ما قاله لها ... و راضى عن أنه سيكون أخ .. يكمل كل حروف الكلمة .
أنتهز اللحظة التى بدأت فيها نهاد تهدأ ليسألهم باستفسار :
_ سمعت أنكم لسه مكتوب كتابكم .. ولسه الفرح .. فإيه الاخبار؟؟
نظرت نهاد لسيف بتوتر .. فأوما لها برأسه قبل أن يقول بهدوء :
_ أنا ونهاد كتبنا كتابنا فى ظروف مش مناسبة .. يعنى والدها قبل ما يموت أنا أتقدمتله وهو وافق .. بس حصلت ظروف وهو تعب وأجلنا الموضوع ..
لكن والدها أتوفى وهى كانت لوحدها فى ألمانيا وأنا مكنش المفروض أنزل مصر فى الفترة دى .. فقررنا نكتب الكتاب وتقعد معايا لحد ما ننزل فى الوقت المناسب ..
أهو نزلنا وبنجهز للفرح وإن شاء الله هيكون يوم الخميس الجاى .

ابتسمت نهاد بسعادة .. ليس لكل ما قال، ولكن لأنه أرادها مرفوعة الرأس أمام أخاها .. فغير الكثير من الحقائق وأولها بأنه تقدم لخطبتها وليس ما فعل والدها بأن طلب منه أن يتزوجها .
نظر راشد لوجه إخته فوجده متوردا سعيدا .. فابتسم لابتسامتها .. إلا أنه أنتبه فجأة لقول سيف المتأسف :
_ لكن للاسف أعمام نهاد مش مصدقين .. ورافضين لفكرة زواجنا وبيتهموا نهاد بحجات غير صحيحة .
إذا فهناك تعاقيد بالأمر .. فكر راشد قليلا قبل أن يقول بحسم :
_ عاوز تفاصيل .. يعنى عرفت نهاد أزاى فى ألمانيا .. إيه المشكلة اللى تخلى أهلها رافضين أرتباطكم ؟؟
نظر سيف إلى نهاد قليلا قبل أن يحسم أمره ويقول بهدوء :
_ أتعرفت على نهاد فى الشغل .. كانت بتشتغل معانا متدربة، وكنت المسئول عن تدريبها .. وحصل أنى أعجبتك بشخصيتها وطلبتها من مديرى .. وهو وافق وكان عاوز يكتب الكتاب بس ظروف مرضه منعته ..
مشكلة عيلة نهاد إنهم كانوا عاوزينها لابن عمها .. علشان الورث ميخرجش بره إطار العيلة .
صمت سيف منهيا ما لديه من حديث، لينظر راشد إليها قليلا بصمت .. بينما عقله يحلل القصة التى سمعها لتوه .. ليتخذ بالنهاية قراره ويقول مبتسما :
_ أنا هقف مع نهاد علشان ترجع ورثها .. أنا واثق أنها أختارت صح وإنك الشخص المناسب .

لم يكن قراره بناءا على كلامها .. بلى كان قليلا، ولكنه لديه خلفية عن حياة شقيقته .. فلم يكن من الجيد أن يخرج فجأة من الظلام ليتفاجأ بحياتها ... ومما عرف عن عائلة والدها ومما حكت له والدته عنه ... يستطيع القول بثبات أن أخته على حق وأنها بحاجة إلى مساعدته .
إتبع قوله بأن أكمل :
_ مش هقول أنهم أول ما يعرفوا حقيقتى هيوافقوا على زواجك او يدوكى حقك .. لكن أنا عامل قوى فى أنهم يرضوا ولو شكليا قدام الناس .
اومأت برأسها بثبات .. تعلم أنه على حق... ولكنها ستنتظر النتيجة، وعلها تكون مرضية .
أنتبهت فجأة حين نهضت ليقول معتذرا :
_ آسف أنى جيت فجأة من غير مواعيد .. بس عارف أن حاجة زى كده كان لازملها مقابلة ..
أنا عيشت فى مصر مدة طويلة ... وهفضل فيها الفترة دى معاكى .. وبعدها هسافر فرنسا .
وإن شاء الله المرة الجاية هعرفك على خطيبتى براء .. هى كمان مصرية، وبتمنى ليكم حياة هادية ..

ودع سيف ونهاد وغادر منزلهم .. ليتوجه إلى سيارته حيث إلتقط هاتفه ليحادثها قائلا بحب حين فُتح الخط :
_ شكرا .
قابله صمت كئيب من الطرف الآخر قبل أن يسمع صوتها :
_ العفو .
أغلق الهاتف متنهدا يشعر براحة غير معتادة .. يبدوا أن براء قد صدقت حين قالت بأنه سيتغير بعد لقائه بشقيقته .

............................................................ ........................................................

_ عاوزة أشوفها .
كانت تلك العبارة الوحيدة التى قالتها زهور حين بدأت تستعيد وعيها بعد بكائها الحزين لفترة .. فاومأ لها برأسه فى صمت ..
ليغيب بضع دقائق ويعود طالبا منها أن ترتدى ثيابها .. وقد فعلت على عجل .. شاعرة بأنها على موعد .
بلى إنها كذلك .. فهى على موعد مع الحقيقة، على موعد مع إنكشاف حقيقة القتل التى طال اختفائها .. على الموعد مع رؤية عمتها التى لم تكن تعلم بوجودها ..

بعد ساعة .. إنتقلت خلالها من قرية لآخرى، كانت تقف أمام ذلك المشفى الذى أخبرها عنه أدهم .
لم تشعر بقسوة كلمة "مصحة نفسية" إلا حين وقفت أمامها .. تنظر إلى سورها العالى كقلعة تخاف أن يهرب سجنائها .. بوابتها من الحديد الصلب .. وكأنهم مقدمون على دخول سجن عتيق .
كانت قديمة مهترئة، تجذم بأنها غير صالحة للإستخدام البشرى .. إلا أنها كانت تستعمل .
أخذت نفسا عميقا قلب أن تخطوا أول خطواتها خلف أدهم داخل ذلك المكان الغريب، لتتشبث به لا إراديا خوفا من القادم .. فقلبها المنقبض يدل على شدة إرتعابها .
وهو أبدا لم يقصر .. بل إحتضن يدها برفق، ابتسم لها مشجعا .. قال لها بأن حياتهم ستبدأ قريبا .. حين ينتهى الماضى .
وقد صدقت وحلمت بافتتان بأنه سيحدث !!

دخلا إلى مبنى المشفى بعد السير فى حديقتها، إلى أن وصلا لمكتب الاستقبال .. فواجهتم ممرضة واجمة الوجه سألها أدهم عن عمة زهور، فنظرت لهم مستغربة قائلة بتعجب :
_ طول السنين اللى إشتغلتها فى المستشفى دى مكنتش أسمع أن حد جه زار زهيرة .. ودلوقتى وفى الوقت ده جايين تزروها، ناس غريبة ؟!
نظرت زهور إلى أدهم بإستغراب .. ليلتفت إلى تلك المرأة ليسألها باستفسار :
_ يعنى إيه .. حضرتك تقصدى إيه ؟؟
نظرت الممرضة بين وجهيهما لتقول بسأم :
_ تقربولها إيه الأول ؟؟
تحدثت حينها زهور قائلة بإرتجاف :
_ بنت .. بنت أخوها .
شملتها الممرضة بنظراتها المتفحصة .. لتقول بخبث :
_ بس أنا معنديش دليل إنك تقربيلها ... ومينفعش أدى معلومات المرضى لحد غريب .

شعرت زهور حينها بقلبها سيتوقف من شدة إنفعاله .. لا ينقصها ابدا تلك المرأة المستغلة، إنها ستموت من الإنفعال لتقابل عمتها وتلك المرأة تتلاعب بها أكثر .
نظرت زهور حينها إلى أدهم .. الذى إقترب منها هامسا فى أذنها :
_ متخافيش .. ثوانى وهنعرف كل حاجة .
وبالفعل ثوانى وقد تم إرضاء الممرضة اللعوب ببضع وريقات مالية .. لبتسم برضى وتقول ببساطة غير مهتمة :
_ زهيرة بتحتضر زى ما بيقولوا .
شهقت زهور بصدمة .. لتشعر بأن قدماها لا تتحملانها من هول الصدمات المتدافعة فوق رأسها .. لتتهاوى على كرسى قديم ..
بينما وقف أدهم بمكانه جامدا .. يتذكر حين حادث عمرو وطلب منه مقابلة زهيرة فقال له بيأس :
_ فى الحالة بتاعتها بيقولوا .. "فات الآوان" .
لم يفهم كلمته حينها .. لم يفهم .. ولكنه الأن فهم ..

أخذ نفسا عميقا قبل أن يقول للممرضة بهدوء :
_ هى فين ؟
نظرت الممرضة لحالة زهور لتقول بسأم :
_ أتنقلت للمستشفى اللى فى آخر الشارع .. مستشفى عادية علشان حالتها الصحية .
اومأ أدهم برأسه .. ليقترب من زهور ويهبط أمامها على قدمه هامسا :
_ لسه فيه أمل .. إن شاء الله فيه أمل .. عمتك لسه عايشة، ممكن تكون تعبانة بس .. لسه عايشة وده أكبر أمل ؟؟!
لا يعلم اكان يسألها أم يستفسر منها .. لكنه كان يحاول دفعها وإياه ليصلا إليها .
فنهض بعزم ممسكا بيدها بقوة .. دافعا إياها لتنهض معه وترافقه .

وحين وصلا لتلك المشفى التى ترقد بها .. أخبروهم عن غرفتها .. وكانت العناية المركزة !!
سقطت زهور بتهاوى أمام باب الغرفة .. لتحملق به بألم، متذكر تلك اللحظة التى خرجت من حجرة والدها .. ليعلن الطبيب أنه فقد حياته ..
فهل يعاد الشريط معها عند تلك اللحظة ؟

............................................................ ........................................................

الحب ليس عيبا .. الحب أسمى المشاعر .. الحب الأنقى .. هو للشخص الأنقى !
الحب يغفر الخطايا .. الحب ينشأ دربا جديد ..
بالحب تستطيع أن تنير الحياة !!

قرأت الكلمات ببطئ .. مرة تلو الأخرى .. حتى إلتصقت بجدار عقلها ..
بالحب تستطيع أن تغير حياة ؟!!
كانت تلك العبارة هى الوحيدة العالقة بعقلها، وكأنها تنير لها ما لم تعرف بأن مظلم فى عقلها .
ولكن هل تستطيع ؟؟ ... ومع ذلك الشخص تماما تسطتيع فعلها ؟!
حسام ليس بالشخص العادى الذى يتقبل النصح .. بل إنه عنيد .. عتيد حين يتمسك بشيئا ما ..
شيئا هو مجرد سراب !!
بالفعل كل ما يحدث معهما مجرد سراب !! .. فأكثر ما هى متأكدة منه أن حسام ضائع فى قصة مرام .. إلا انه أبدا لا يتركها، وكأنها شيئا غالى وبالوقت ذاته زهيد !!

بعد مقابلتها مع ميساء لثانى مرة .. شعرت بنفسها سيئة للغاية .. شعرت بنفسها مأجورة !!
بلى كذلك الوصف بالضبط .. تأخذ النقود والمعلومات كى تذهب للطرف الآخر وتقولها .. رغم كونها لا تتلقى المال ومجبره على فعل ذلك .. إلا أنها تصدق ذلك الوصف السيئ لها .
بعدما عادت من المقابلة .. قابلت حسام الذى كان يراقبها منذ البداية .. لتعطيه التقارير كاملة عما فعلت وقالت ورد ميساء .. فقابلها بأمر جديد .. وفى نفسه تتشكل الكارثة التى سيصنعها لمؤيد .
ألقت الكتاب الذى تحمله بين يدها بعنف .. حب مع ذلك الحسام مرفوض منذ البداية .. كان يجب أن تعلم ذلك قبل أن تتورط مع فى كل تلك الكوارث ..
والأن تجلس لتقرأ كتاب يتحدث عن الحب وكيف يستطع الأنسان تغيير من يحب .. إنه هراء لا جدوى منه .

أرجعت ظهرها إلى الخلف .. لتنظر إلى السقف بشرود .. تتسائل بداخلها ككل ليلة .
هل هى سيئة لتصل إلى هذا الحد ؟؟
والجوب يتمثل بخواء داخلى إمتزج بخوف نفسى من أن تكون كذلك !!
أغمضت عينها بإستسلام حين سمعت صوت الباب الخلفى للحديقة يفتح .. تبعتها خطوات سريعة أدركت بأنها لها حين أنتهت بأن وقف أمام الأريكة التى تجلس عليها .
قالت بسأم وهى لا تزال على وضعها :
_ ينفع أعرف سر زيارتك اللطيفة فى الوقت ده وفى بيت والدى ؟
شعرت به يجلس قبالتها على أحد الكراسى، ويقول بهدوء :
_ أنا عارف إن والديكِ مسافرين ، وإنك لوحدك .
_ عارفة .
قالت بسأم لتكمل مستفسرة :
_ وها ؟؟ .. جاى ليه ؟؟ هو ده الأهم .
تجمدت ملامح حسام كقالب ثلج ، ليجيبها ببرود :
_ التنفيذ خلال اليومين الجايين .
إنتفضت فى مجلسها لتفتح عيناها على إتساعهما ،وتكمل بأن سألت بذهول :
_ تنفيذ إيه ؟؟ ..حسام أنتَ ناوى على إيه ؟؟
ابتسم حسام حينها ابتسامة لا تمت للمرح والسخرية .. بل كانت تبدوا كتكشيرة منتصرة لذئب أوقع الفريسة بين شباكه .. وها هو يتقدم لينالها .. وبالفعل كان حين قال :
_ ناوى آخذ من مؤيد كل حاجة حلوة فى حياته .. مش هخلى ليه حياة بعد اللى هعمله، زى ما كانت ملهاش حياة .
من حقها الأن أن تصرخ بإرتياع لما تسمع منه، أسيكون مجرم ؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟
هل سيقتل ميساء ؟؟
ياإلاهى إنها كارثة بحق السماء لا مجال لنكران ذلك !!!!

والأكثر صدمة أنها متورطة مع ذلك المجنون !!
عبث الهلع بملامحها .. فضحك حسام بإستمتاع .. ليقول ببطئ متلذذ :
_ تخيلى أنتِ مرعوبة وأنتِ فى صفى وتعرف حجات عن أنتقامى .. طب يا ترى مؤيد هيكون أزاى لما يعرف أن صديقه الأقرب ليه هو اللى هيدمر حياته ..
أنهى كلمته الأخيرة ليكمل ضحكه الذى إستشعرته دمويا !!
طافت عينها حولها بشرود .. عليها أن تجد حلا، إما ان تصمت وتشارك بصمتها فيما سيفعل حسام .. أو تتحرك وتخبر أحدهم .
وقد فهم !!
فلحظة واحدة وكانت أظافره تنشب فى رقبتها بضراوة .. وصوتٌ مزمجر بشراسة فى أذنها قائلا :
_ متفكريش حتى .. مجرد التفكير يا شذى فيه روحك، خليكى عاقلة وأقفى مع الكفة الرابحة .. لإنك للأسف مش هتقدرى تعملى غير كده او إنك تبقى معاهم وتكون نهايتك معاهم وعلى إيدى ..
الخيار خرج من بين إيدك من زمان يا شذى .

حاولت شذى التنفس تحت وقع يديه الضاغطة على عنقها وكأنها ستخنقها بالفعل، إلى أن سعلت بشدة فخفف من وقع أصابعها ببطئ إلى أن نزعها عنها ..
ليلتفت بهدوء عائدا إلى كرسيه ليضع قدما فوق الآخرى ويقول بتسلط :
_ تقدرى تقومى تجهزى حاجتك علشان هتنورينى شوية .
مسدت شذى عنقها بألم .. لتسأله بصوت متحشرج :
_ هنروح فين ؟
عاود حسام الضحك بطريقة جعلتها تجزم بأنه مريض نفسى وبحاجة ماسة للعلاج بأسر وقت ..
بينما إتبع قوله ببساطة مستنكرا :
_ من أمتى يا شذى أنتِ بتسألى الاسئلة دى .. حسام يأمر وأنتِ تطيعى .
شعرت شذى بإهانة فى كلماته .. فقالت بحقد :
_ زمن العبيد أنتهى يا حسام .. وأنا عمرى مكنت جارية تحت رجلك .. وإن كنت معاك كسبانة فأنا عاوزة أكون خسرانة مع غيرك ..
أنتَ إنسان مريض يا حسام ولازم تتعالج ... هوسك بالإنتقام من مؤيد بدأ بفكرة أفتكرت أنها أحسن عقاب ليه وصدقت أنه لازم يتعاقب علشان اللى عمله مع مرام ..
لكن لما أتعاملت مع مؤيد إكتشفت أنه ميستحقش يتعاقب على حاجة هو معملها .. وأن أكيد فيه حاجة ورا مرام مش عادية زى حياتها اللى كانت كلها مش عادية .
كلنا كنا عارفين ان مرام غير سوية وبتحب تأذى نفسها واللى حواليها .. ومع ذلك كنا جنبها علشان نساعدها .. لكن أحنا ظلما مؤيد .
فوق يا حسام .. مؤيد مش هو عدوك، عدوك ممكن يكون أقرب إليك من أى حد .. لأن عدوك جواك .
أنهت شذى كلماتها لاهثة .. وكأنها أخيرا أخرجت كل ما بداخلها تجاه حسام .. قالت كل ما كان يؤرقها .. قالت ما تظنه صحيحا، لتنتظر رده الذى طال بصمته ولا تعبير الذى حل وجهه .
لتنتهى حالت السكوت بقذيفة كلامية غير متوقعة تمثل فى كلمتين سوداوتين :
_ **** ****

............................................................ ........................................................





 
 

 

عرض البوم صور Enas Abdrabelnaby   رد مع اقتباس
إضافة رد

مواقع النشر (المفضلة)

الكلمات الدلالية (Tags)
أسيرٌ, الماضي, الدامية, العشق, يروح, سلسلة
facebook




جديد مواضيع قسم القصص المكتمله من وحي قلم الاعضاء
أدوات الموضوع
مشاهدة صفحة طباعة الموضوع مشاهدة صفحة طباعة الموضوع
تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة
Trackbacks are متاحة
Pingbacks are متاحة
Refbacks are متاحة



الساعة الآن 02:42 PM.


 



Powered by vBulletin® Version 3.8.11
Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd.
SEO by vBSEO 3.3.0 ©2009, Crawlability, Inc.
شبكة ليلاس الثقافية