كاتب الموضوع :
Rehana
المنتدى :
روايات عبير المكتوبة
رد: 58 - طائر بلا جناح - مارجري هيلتون - عبير القديمة
وتوقفت قليلاً لتلقط انفاسها وتستعيد المزيد من الذكريات , ثم تابعت حديثها عن كفين وانتاجه الموسيقى , وفجأة توقفت وقالت بابتسامة حزينة "حديث مزعج وموضوع سخيف بالنسبة اليك , أليس كذلك ؟ " .
"لا ابداً , فكثير من الأشخاص لهم مشاعر رقيقة كهذه , الا ان القليل منهم حظى بنعمة ترجمتها الى كلمات رقيقة ومعبرة ومؤثرة " .
واخبرته هيلين المزيد عن كفين ومسرحيته التي تعرض في لندن . ثم اخرجت رسالة صديقتها ليزا واعطته اياها ليقرأها قائلة "انه سينجح وسيكون له مستقبل باهر " .
قرأ جستن الرسالة بتمهل وامعان , ثم طواها كما كانت , وأعادها الى هيلين وهو يسألها "هل كنت تحبينه ؟ " .
" نعم " .
"وهل ستقعين مرة اخرى في الحب ؟ " .
" لا . لن احب مرة اخرى ابداً كما احببت كفين " .
ابتسم جستن وقال لها رداً على تلك الجملة التي قالتها بلهجة باردة وغير معبرة على الاطلاق "ابداً ؟ هل قلت ابداً يا ابنة التاسعة عشرة ؟ مؤكد يا عزيزتى انك تدركين صعوبة قبولك آنذاك بالزواج من ذلك الشاب مهما بلغت درجة محبتك له . لقد اشكل عليك الفارق الكبير بين مشاطرة الرغبة في تحقيق نجاح فني وبين المشاركة التامة في حياة مختلفة كلياً . وبالمناسبة , ألم تزعجك التساؤلات المتكررة عما اذا كان بامكانك فعلا الاختيار بين الزواج ومزوالة الرقص ؟" .
" نعم , فطالما سألت نفسي هل سيأتي ذلك اليوم الذي سيبادلني فيه الحب وماذا سأختار اذا طلبني للزواج ولكن ذلك اليوم لم يأت ... " .
"سيأتي يوم تعرفين فيه الجواب الذى كان عليك اختياره لو طلبك كفين للزواج . صدقيني يا هيلين , لو كان شعورك حباً وبادلك كفين ذلك الحب , فأنا أشك في أنك كنت ستبكين هنا الليلة , ضاعت مهنتك أم لم تضع"
اتسعت عيناها وظلت صامتة . هل أحبها كفين فعلا ولكن بطريقته الخاصة ؟ وللمرة الاولى بدأت هيلين تتفحص بروية علاقة كانت تتخيل آنذاك انها لن تنتهي . لقد بدت هي وكفين قريبين الى بعضهما لدرجة ان أيا منهما كان يقرأ افكار الآخر . ولكن , ألا يعقل ان يكون ذلك القرب لا بل الالتصاق الفكري صداقة روحية وفنية وليس حباً كما تصورته ؟ هل جستن على حق ؟ هل كانت القضية مجرد اهتمامات متشابهة وتعاطف وتفهم ؟ وبأسى , لاحظت الحقيقة المرة في الملاحظات الحكيمة التى أبداها الرجل الموجودة قربها . الحب ! ما هو الحب ؟ وهل بامكانها بعد الآن ان تقارن بين تلك العلاقة الغريبة البريئة مع كفين وبين ذلك النوع من الحب الذى ذكره جستن ؟ ام يا ترى كانت نورين على حق عندما قالت ان الحب هو مزيج من الخيال والعاطفة والاندفاع والأنانية , او انه مجرد رغبة جامحة ؟
وقفزت هيلين من مكانها متطلعة بهلع الى ساعة يدها وقالت " انها الثالثة فجراً . يجب أن اعود فوراً "
" سأسير معك حتى المنزل . ولكن , ولكنك ستشعرين بالبرد . ضعي سترتي عليك حتى وصولنا فلن يراك احد في مثل هذه الساعة . سأحضر سترة اخرى " .
سار جستن وهيلين بصمت وبدون ان يلتفت اي منهما للآخر . وبدا أن كلاً منهما سابح فى افكاره وكأنه في عالم آخر . ونسيت هيلين انزعاجها الذي شعرت به بادىء الأمر عندما شاهدها جستن تبكي قرب تلك الشجرة . وهي الآن ممتنة له وتريد ابلاغه ذلك . ولما اصبحا بمحاذاة الشجرة بعد بضع دقائق من السير العادي , تساءلت بدهشة صامتة عما اذا كان حقاً قد حملها هذه المسافة الطويلة . وماذا كان يهدف حقيقة عندما عالجها بذلك الاسلوب المميز الشبيه بالصدمة الكهربائية ! ولماذا اهتم بها ؟ ولماذا ...
قطع عليها جستن استرسالها في التفكير عندما قال لها بصورة مفاجئة "هل ما زلت راغبة في ان اجد لك وظيفة في سلمندر ؟ " .
" طبعاً , طبعاً . وخاصة بعد الذي حدث لي هذه الليلة ".
"لم اقصد ذلك . هل انت مصممة تصميماً قاطعاً على البقاء هنا ؟ " .
"نعم , وأظن انني أوضحت هذه المسألة " .
|