هتف ستيف بقلق عنيف " روث ؟"
استعادت روث بعضاً من قواها المرهقة. وفتحت عينيها لتحدق به غير مصدقة قالت بصوت حاد قصير " هل أصابك مس ام ماذا ؟"منتديات ليلاس
ضحك ستيف بهدوء " اعرف انك انزعجت بمفردك . وانا اصبحت بديناً نوعاما " نهض , وتوجه نحو المطبخ وامسكت روث رأسها بين يديها وخيبة امل راودتها وتمنت لو لم تكن هنا!
عاد ومعه زجاجة شراب وكأسين ليصب فيهما الشراب للاحتفال بهذه المناسبة. وتمنت روث ان يتحول هذا الشراب الى علقم . فالقصة المتشابكة في علاقة كل منهما قد وصلت الى نقطة النهاية. يريد ستيف الآن الزواج من ماريا لويزا ومن المحتمل ان تهب رياح فرناندو عندما يكتشف ذلك!
سألت روث " اين ماريا لويزا الآن ؟"
رمى ستيف بنفسه على الأريكة مرة ثانية , رافعاً ساقيه عالياً, وهو يحضن كأس الشراب بيديه الاثنتين " لقد استقلت سيارة اجرة صعوداً الى بولنسا كازا بينار , أليس هذا اسمها ؟ اردت الذهاب معها لكنها اعتذرت بقولها ان هناك الكثير لتقوله لفرناندو وتفضل ان تكون وحدها"
" نعم, اراهن على ذلك" تمتمت روث من بين شفتيها , ثم توجهت الى ستيف " لكن ألا تمانع من تواجدهما معاً؟"
" ماريا لويزا و فرناندو ؟ بالطبع لا , إنهما مثلنا تماماً صديقان رائعان"
" جرع كأسه بحماس كبير كما صدق بسذاجة تفسير ماريا لويزا عن علاقتهما بنفس السهولة التي صدقتها اولاً . تساءلت روث كيف فسرت ماريا لويزا امر الطفلة بمعنى " صديقان رائعان "
قالت بشجاعة " اسمع يا ستيف, هل انت متأكد من عملك هذا؟ اقصد إنها مسؤولية كبيرة "
" ماذا, الزواج؟" وضحك عالياً " نعم , اعتقد انها خطوة مهمة بالنسبة الى رجل مثلي , لكن هذا ماكنا نريده معا"
وعلت الجدية ملامحه" إننا متيمان ببعضنا وماكان علينا ان نفترق تلك السنة الفائتة , لكنه القدر , الا ترين القدر , الا ترين , القدر الذي جمعنا صدفة في ذلك المطعم " ونظر فجأة نحوها" وكيف كان الأمر معك؟"
كان ذلك بمثابة سؤال استطرادي فقط ونظرت روث إليه نظرة ازدراء تفي غرضها " مانوع سؤالك هذا ؟ تنطلق من هنا وتنجرف وراء عواطفك الزائفة التي تحكمت بعقلك , من دون ان تمنحني فكرة او نصيحة وكيف سأتصرف من دونك "
" لكنك كنت مع فرناندو"
اندفعت روث بغضب " لم تكن على علم بذلك عندما انطلقت هائماً!"
استوى ستيف في مقعده وتفحص وجهها ملياً" لا, لم اكن على علم , لكننا ..." تردد في متابعة كلامه وهو يلاحظ فجأة الشحوب فوق تقاطيع وجه روث والطريقة العصبية التي تحرك بها كأسها . وانخفض صوته قليلاً" لقد فكرت ماريا لويزا وأنا بأنها فكرة لا بأس بها في اجتماعكما مع بعضكما مجدداً, انبأتها بمكان وجودك وهي انبأت فرناندو "

اخفت روث نشيجاً قصيراً من خيبة املها قبل ان تنطلق منها. عضت شفتها السفلى بكآبة . إذاً, فرناندو هو الذي خطط لها ودبر الامر كله وهي التي ظنت انه .. لقد كان كذلك نوعاً ما , لكن على الأكثر لتحقير ماريا لويزا كلياً والتآمر على ستيف.
" لم تجر الأمور على مايرام معك, أليس كذلك ؟" سألها ستيف بنبرة تنم عن الاعتذار وكأنه لا يريد ان تقع عليه الملامة ان لم تجر الأمور على مايرام معها , فهز رأسه .
"ظننت .." ثم تنهد " ظننت ان ماريا لويزا تكلمت مع فرناندو وانكما كنتما معاً في كازابينار , ظننت ان كل شيء يسير بطريقة حسنة و رائعة "
انفجرت روث " حسنة ورائعة ؟"
نظر ستيف ببلاهة " واضح انه لم ... ظننت بعد الذي كان في سفيل..."
وضعت روث كأسها بعنف فوق الطاولة , وبيأس شديد غطت وجهها براحتي يديها.
جمعت شتات نفسها بسرعة وازاحت شعرها الطويل من فوق وجهها بيديها. لم تكن تريد ان يعرف ستيف تلك الحقيقة المرعبة , وكم كانت غبية حمقاء مرة اخرى " انت ظننت ! ماريا لويزا ظنت كلاكما ظننتما بخطأ فادح ! لا لم يجر الأمر كما تشتهيه السفن " تابعت بعزم " إنها فقط لم تتفق مع ماكان لكما من سعادة وانشراح!"
خيم صمت طويل حيث كان ستيف يحلل معنى كلامها قبل ان يعود الى الكلام " آسف يا روث, إنني فعلاً آسف بشأن ذلك, إنك مازلت تهتمين به , أليس كذلك؟"
أشارت روث وكأنها تصرفه عن التطرق في هذا الموضوع , لم تكن تريد الكلام فيه , وعادت لتتناول كأسها .ريحانة
" سوف تخيب آمال ماريا لويزا " تابع ستيف مضطرباً . غير مدرك الألم الذي يحركه اكثر" قالت انه كان اشبه بحطام انسان عندما هجرته عائدة الى بريطانيا بعد سفيل"
قالت بحدة " محطم لدرجة انه تحول الى ماريا لويزا ليستيعد عافيته ؟"
قال ستيف " كانا في حاجة لبعضهما , لقد اطلعتني ماريا لويزا على كل ما كان , وكيف كانا يشجعان بعضهما على تجاوز محنتهما بعد قطع علاقتنا بهما"
حدقت روث به بنظرة مشككة , كيف يأخذ الأمر بهذه البساطة ؟وحاولت تهدئة نفسها , لقد اخذ الأمر ببساطة في بادئ الأمر , وبطريقة ماتفهمت وضع فرناندو وماريا لويزا ومواساة بعضهما . وبعد ذلك اكتشفت امر الطفلة واستدركت الحقيقة , لقد قاما بأكثر من مواساة بعضهما بالنسبة الى صديقين مجردين . لقد احبا بعضهما , تقاسما الحياة معاً , ورزقا بطفلة جميلة .
كانت روث تقبض على عمق الكأس بتوتر وهي تجرع المزيد من الشراب . وكانت ردة فعل ستيف جيدة يرغب بالزواج من ماريا لويزا على الرغم من وجود الطفلة .. تقبلت روث الأمر بصعوبة وشعرت فجأة بالغثيان و بمرارة تسحق كيانها من دون رحمة. كان ستيف يقوم بالعمل الصحيح , بزواجه من المرأة التي احبها بالرغم من ان لديها طفلة من رجل آخر , وكان هذا مقياساً حقيقياً للاهتمام البالغ بها .ولكن ماذا سيكون تعليق فرناندو على هذا الأمر ؟

استوت روث في مقعدها متأملة. كل هذا لا يعنيها على اية حال. لا شيء , حتى لو كان هذا الشيء صغير فانه حتماً لا يعنيها . إنها وحيدة الآن , وليست متورطة لا من قريب ولا من بعيد بمشاكلهم.منتديات ليلاسمنتديات ليلاس
اخيراً تكلمت " إنني سعيدة لأجلك يا ستيف . سعيدة بصدق من اجلك" وحاولت الابتسام " إذاً ماهي مشاريعك المقبلة؟ اظن انك متحمس لرؤية ماريا لويزا الصغيرة "
شعر ستيف بنوع من الارتياح عندما رأى ابتسامتها الطيبة لسعادته وهو يضحك ضحكة خافتة.
" الصغيرة ؟ اعتقد ان هامتها النحيفة تعطي انطباعاً بأنها صغيره .. سأقود السيارة غداً صعوداً إلى بولنسيا وامر عليها ثم سنطير الى مدريد لمقابلة عائلتها.. والدها ذو شأن في الحكومة " نظر ستيف نحو روث التي شحبت كشحوب الميت وهي تراقبه بفم منفرج" لا تقلقي على العمل يا عزيزتي, لقد انجزت كل شيء , سنتوسع به في انحاء اوروبا . انت تديرين الاعمال في بريطانيا . اما بالنسبة إلي فسأنشئ فرعاً هنا في ماجوركا , هذا في حال ارادت ماريا لويزا ان تستمر في العيش في هذه الجزيرة . ما رأيك يا روث؟"
سارت روث في طريقها نحو الشرفة من اجل الهواء انقى. كانت ترتجف من رأسها حتى اخمص قدميها, وقلبها ينبض بشدة . كانت تتساءل بينها وبين نفسها. ان كان الذي تراه وتسمعه حلماً ام لا. وقريباً سوف تصحو منه لترى نفسها لا زالت في مطار غاتويك تنتظر الاقلاع الى بالما .منتديات ليلاس
وجلست فوق كرسي على الشرفة وتأكدت من انها تمر في كابوس رهيب.
لم يكن ستيف على معرفة ! لم يكن على بينة من طفلة ماريا لويزا و فرناندو لكن من الضروري ان يعرف , ومن الضروري ان تناقش الأمر معه . وستيف كما هو دائماً يستلقي هانئاً غير مدرك بالذي يحصل" ستيف" نادته عالياً.
" أتريدين المزيد من الشراب ؟" خرج الى الشرفة وبيده الزجاجة ثم جلس قريباً منها.
" لا!" قالت وهي تحرك كأسها بعيداً " اردت .. اردت فقط التحدث .. من الضروري ان نتكلم يا ستيف " لم يعد القرار في متناول يدها . يجب ان يصدر القرار عنه.
ملأ كأسه الفارغ في صمت مطبق , وقال بكآبة " آسف يا روث , لقد كنت غير منصف . ألهو مع ماريا لويزا بينما الأمور لم تكن على مايرام بينك وبين فرناندو , هيا, قولي مايخطر في بالك , فهذا من شأنه ان يخفف عنك"
حولت روث رأسها ببطء , نحوه , انه شريكها , وشعرت بالصداقة المتينة التي تربطهما, وتأملته بشعره الملوح بلون ذهبي من تعرضه لأشعة الشمس وبوجهه الذي يوحي بالثقة المطلقة . لم يكن على علم, , فعلاً لم يكن. فلو انه فقط يعلم لقال , لم تجر الأمور بينك وبين فرناندو بسبب الطفلة ؟ او لكان ذكر شيئاً بشأن الطفلة في هذا الوقت. او أي شيء من هذا القبيل . لا, لا تستطيع ان تقول له شيئاً , لا , فهي لا تملك هذا الحق ابداً.

"لقد كان حلماً رائعاً بالنسبة لكلينا " قالت له ذلك, وهي تحاول ان تبتسم له ابتسامة مشجعة " كان لطفاً منه ان يعتني بي بعد ان اطلقت وماريا لويز كطيرين مع شروق الشمس لكن.. لكن العصا السحرية لم تكن هناك" وجرعت بعض الشراب وهي تشعر بالسعادة لحلول الظلام الآن. تمنت في قرارة نفسها ان لا يرى ستيف الحقيقة العارية على محياها وهي انها مازالت تحب ذلك الرجل, وان قلبها يتكسر بحسرة ولوعة.ريحانة
" على اية حال, لنكتفي من هذا الآن " قالت وكأنها تصرف نظره عن هذا الموضوع " سأخبرك الآن ما الأعمال التي انجزتها في غيابك"
دخلت لتحضر حقيبة عملها بينما ظل ستيف ينظر إليها نظرة تأمل وهي تمر من جانبه.
استفاقت روث صباح اليوم التالي على رنين الهاتف المتواصل. استوت في سريرها بارتباك, وهي ترفع شعرة عن جبينها . كانت لا تزال تشعر بارهاق شديد على اثر السابقة , مكسورة الجناح من محاولاتها العديدة هي الحفاظ على رباطة جأشها مع ستيف, وفي عدم التفوه بكلمة من الذي يجهله ستيف. كما حاولت ان تتظاهر بالحماس والاندفاع لمخططات ومشاريع ستيف المستقبلية والتي كانت متأكدة منها بأنها لا تريد ان تكون شريكة فيها, فهي لا تريد لنفسها التورط مرة اخرى وستبقى بعيداً عن جزيرة ماجوركا.
" حسناً, حسناً! " قالتها روث وهي تتمايل في خطواتها خارج الغرفة لترفع سماعة الهاتف, فمن الواضح ان ستيف لا يمكن الركون إليه ابداً.
ترددت للحظة قبل ان ترفع السماعة, قد تكون ماريا لويزا تسأل عن موعد عودة ستيف إليها. لم تكن لديها رغبة في التكلم معها. قد لا تستطيع تمالك اعصابها وثورتها إزاء خديعتها الكبرى لستيف, لكن لابد لها من ان تحاول . وتملكتها نوبة من التوتر الشديد لتعرفها على صوت فرناندو.
"هل ستيف هنا يا روث؟"
طلبه البارد عذبها حتى روحها, وكأن ما من شيء حدث بينهما. لكن لم تكن هذه المكالمة لها شخصياً بالطلع , بل لها علاقة بماريا لويزا , وبطفلتهما , وطبعا بشريكها ستيف.
" ما زال مستغرقاً في النوم , أهناك ضرورة ما لإيقاظه من النوم؟ " سألت بسخرية , وهي تعجب من القوة التي بعثت في داخلها.
" نعم, هناك ضرورة , لكن لا توقظيه , لعلك قادرة كفاية على ان تنقلي إليه رسالة بسيطة . اتركي رسالة إلى جانب سريره, فأنت ما لاشك منه بارعة في ذلك"
" إنها الطريقة الوحيدة في بعض الاحيان " قالت ذلك ببرودة اعصاب وهي تدرك تلميحه.
" الطريقة الوحيدة للجبان روث , لقد توقعت منك أكثر من ذلك لكن ربما تستحقين فرصة اخرى"
كان في صوته نبرة سخرية وتساءلت روث ماكان قصده. فقطبت جبينها بقلق كئيب, فهي لم تعد تحتمل المزيد, وكانت على وشك الانهيار التام.ريحانة
همست مرددة " فرصة .. فرصة اخرى ؟"

" نعم , بينما انت تساعدين شريكك هنا, صارحيني بقول الحقيقة , لماذا عزمت على الخروج من حياتي مرة ثانية ؟"منتديات ليلاس
احتارت روث أي سؤال ينبغي التطرق إليه اولاً" ماذا تقصد, في مساعدة شريكي؟"
"اعتقد انه سيكون في حاجة لمساعدتك عندما يصل إلى هنا, إنه حتماً في حاجة إلى من يعينه"
تسارعت نبضات قلب روث بقلق " يبدو هذا وكأنه تهديد . إنني لا افهم"
" ستفهمين عندما تصلين إلى هنا "
قالت روث بعزم " لست ذاهبة , فلا علاقة لي بهذا.."
قاطعها لاذعاً" انت تشغلين حيزاً في حياته. شئت أم ابيت. وفي هذه الاثناء إنك الصديقة الوحيدة لستيف كانوك وما زلت تحملين له بعض المشاعر كما كنت تصرحين سابقاً, من الواجب عليك ان تكوني إلى جانبه عندما يحتاجك"
" لِمَ سيكون في حاجة إلي؟ يستطيع ان يخوض معاركه!"
شعرت فجأة بثورة جامحة على الجميع وعلى توريطها في امور لا تعنيها. إنها ترفض كل ذلك, كما انها بغنى عنها, فمن سيكون إلى جانبها عندما تحتاج الى كتف امين تنفجر باكية فوقه؟
" هذه ليست بمعركة يا روث"
" ليست؟" انفجرت روث وهي تحاول حبس دموعها " لكني أراها كذلك , فأنت لا تستطيع احتمال خسارة ماريا لويزا. إذاً ماذا ستفعل تجاه ستيف؟ هناك مبرر لأكون إلى جانبه في الوقت الذي يحتاج فيه إلى احد, سأحضر معي صندوق الاسعافات الأولية , أأحضرها؟"
صدر من فرناندو تنهيدة عميقة بعدما خيم صمت طويل وعندما تكلم مرة اخرى جاء صوته ملطفاً لكنه مرهق" لا شيء من ناحيتي ضده "
" إنك ضده في كل شيء !" صرخت روث, وكانت دموعها تتساقط بغزارة فوق وجهها " و..." اضطراب وصوتها وغاب عن ذهنها ما ارادت قوله " ..وإنني افهم ماتعنيه " تابعت بضعف شديد , وشعرت معه فجأة بعمق, لعله تلقى صدمة شديدة , عندما انباته ماريا لويزا عن عزمها على الزواج من ستيف. لكن الطفلة , سوف يتلقى ستيف صدمة عنيفة هو الآخر عندما يكتشف ذلك وربما فرناندو على حق, وستيف فعلاً في حاجة الى مساعدتها .ريحانة
قاطعها فرناندو وبنفاذ صبر قبل ان تتفوه بالمزيد " إن كنت تفهمين فعلاً فلا ينبغي ان تكون هناك أية مشكلة . عليكما ان تكونا هنا في اسرع وقت ممكن " اقفل الخط. ليمنع روث من اية فرصة اخرى في الاحتجاج.
ظهر ستيف خارجاً من غرفة نومه, مشعث الشعر زائغ العينين نتيجة افراطه في السهر ليلة البارحة.
" ما الذي يجري؟" سأل وهو يتثاءب" هل هناك ثمة مخابرة هاتفية ؟"
" تريد ماريا لويزا ان تراك الآن " كانت العبارة السخيفة الأولى التي خرجت من فم روث وهي تعيد سماعة الهاتف إلى مكانها بيد مرتجفة.
قال لها " كانت تراني كل يوم في الاسبوع الماضي"وابتسم لها ابتسامة واسعة " وبقيت على حالها في حبها لي"