لمشاكل التسجيل ودخول المنتدى يرجى مراسلتنا على الايميل liilasvb3@gmail.com






العودة   منتديات ليلاس > القصص والروايات > روايات احلام > روايات احلام > روايات احلام المكتوبة
التسجيل

بحث بشبكة ليلاس الثقافية

روايات احلام المكتوبة روايات احلام المكتوبة


إضافة رد
نسخ الرابط
نسخ للمنتديات
 
LinkBack أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
قديم 20-11-16, 07:31 PM   المشاركة رقم: 21
المعلومات
الكاتب:
اللقب:

البيانات
التسجيل: Nov 2016
العضوية: 321995
المشاركات: 51
الجنس أنثى
معدل التقييم: mymemory عضو على طريق التحسين
نقاط التقييم: 93

االدولة
البلدEgypt
 
مدونتي

 

الإتصالات
الحالة:
mymemory غير متواجد حالياً
وسائل الإتصال:

كاتب الموضوع : wintersaonata المنتدى : روايات احلام المكتوبة
افتراضي رد: لن ترحل الشمس (ساره كريفن)

 

الفصل التاسع
ظلال الماضي تعود

يا لهذا الجو الرائع بالنور والصفاء أنة جو لم يسبق لهارييت اختباره. ذكرت نفسها بسخرية إن السبب هو أنها تزور اليونان للمرة الأولى فهي لم تفكر في قضاء أجازتها بعيدا عن غريس ميد.
بالطبع لم تتخيل أيضاً أنها ستأتي إلى هنا بطوافة خاصة غادرا المطار في سيارة يقودها سائق خاص توجها إلى ميليتوس و هي شبة جزيرة شعرت هارييت كأنها تصطدم بجدار من الحرارة و سرها أن السيارة مكيفة.
يفضل روان التنقل بواسطة الطوافة لكنة قرر هذه المرة أن يجعل هارييت تستمع بطريقها إلى منزلها الجديد. اخبرها أن هناك رأسين من اليابسة متداخلين في بحر ايجة أشبه بذراعين تحتضنان خليجا صغيرا و أن منزلها مبني فوق احدهما و منزل والدة فوق الاخر ما يجعلها متقابلين لكن مفترقين. أضاف روان بنبرة تحمل شيئا من سخرية
"مثلنا تماما حبيبتي"
فكرت هارييت بصمت لا بد أنك تملك الكثير من الذكريات السعيدة هنا. شعرت بالارتياح لأنها لن تقيم في منزل نفسه مع كونستانتين زاندروس. مع أن هذا الأخير لم يطل اقامتة في لندن لكنها تتوتر بشدة من أمعانة النظر بها و طرحة الكثير من الاسئلة عليها.
خلال الايام الاخيرة في انكلترا شعرت هارييت كأنها تخزض سباقا. أخذت الأمواج تتقاذفها بلا رحمة بينما نفككت حياتها.
لم تعد أبداً إلى شركة فلينت - أودلاي . عوضا عن ذلك أرسلت الاغراض من مكتبها إلى الفندق فيما اهتمت احدى الشركات بأيجاد متأجر لشقتها,مع ذلك اصرت على شراء ملابسها من المتاجر العادية لا من محلات المصممين المشهورين. اختارت ثيابا ذات الوان هادئة زاهية و تتميز كي تسىتطيع ارتداءها بعد انتهاء هذا الزواج.
ذهبت بمردها إلى المنزل لتودع جدها. توقعت لقاء عاطفيا لكنها وجدته معكر و جاهز للتكلم عن الحديقة أكثر من رحيلها الشيك . سألته اخيرا:ألن تفتقدني و لو قليلا؟"
ربت على كتفها و قال اتخيل يا عزيزتي أننا سنفتقد بعضنا لكن مكانك الان مع رجل الذي اخترته. لن اتصرف بأنانية كما أنك لم إلى الجهة الاخرى من العالم تلطف حماك و دعاني للإقامة معه في اليونان متى شئت"
ثم ضحك و أضاف "كما ذكرني زوجك بوجوب أنهاء مسألة الشطرنج".
"لكنني سأعود إلى هنا أيضاً.....للزيارة أليس كذلك؟"
تكملت في سرها ".....لأطالب بإرثي"
"بالطبع سوف تأتين لكن عليك منح نفسك بعض الوقت لتتأقلمي مع حياتك الجديدة. أتعلمين هارييت؟ الورد يعاني من مشكلة الصدأ هذه السنة و هذه الأدوية ليست فعالة كالأدوية القديمة".
هكذا انتهى النقاش دون أي ضمانات لهارييت أو حتى دليل عن نوايا جدها. نظم روان عشاء و داعيا لتيسا وبيل. و هدأ بمهارة مشاعرهما المجروحة بسبب زواجهما السري عازيا السبب إلى قضايا عائلية غامضة ثم استمالت تماما عبر دعوتها لزيارة ميليتوس قبل نها فصل الصيف.
في طريق عودتها إلى الفندق سألته هارييت : "هل قدوم الزوار فكرة جيدة؟ ألن يبدو الأمر.....مربكا؟"
"لماذا حبيبتي ؟ أتفضلين البقاء مي وحدك؟ "
جعلها السؤال تتوقف عن الكلام. اللقاء مع جاك و لوسي بدا أكثر صعوبة. تعاملت معها الفتاة بلطف لكن ببرود كبير. عندما انفردتا قليلا حاولت هارييت الاعتذار فقاطعتها لوسي بفظاظة "أتعتقدين أنني اهتم بهذا الهراء؟ في الواقع لا يمكنني أن أتحمل رؤية روان يرمي نفسه على شخص لا يكترث لامرة"
أرادت أن تصرخ قائلة ظننتك لا تعرفين شيئا رايتك ذلك النهار لأنني كنت أتوق لرؤيته. لم أتحمل بعدي عنه . اجتاحتني موجة من الأحلام السخيفة و غير الواقعية.....هي ليست جزءا من خطتي و لن تصبح يوما كذلك.....أنها قالت بهدوء قبل أن تمشي مبتعدة " لن يطول الأمر حتى يستعيد حياته. كلانا سنفعل"
كتمت هارييت تنهيدة و هي تتذكر تلك الإحداث . أخذت تحدق عبر النافذة إلى الألوان الغنية لهذه الأرض العطشى بسبب الصيف و آلة بساتين الزيتون على طول الطريق. التفتت نحو روان لتلقي تعليقا مشرقا عن الطبيعة فوجدت انتباهه مركزا على التنورة القصيرة لفستانها الأصفر الزاهي . عدلت تنورتها بتسرع و شدتها نحو ركبتيها.
رأته يلوي فمه بسخرية ثم قال بتأكيد هادئ "هارييت نحن أقمنا علاقة حميمة معا و سبق لي أن رأيت جسدك فلا داعي للتصرفات التافهة"
اشتعل وجهها خجلا و توسلت إليه قائلة "روان من فضلك قد يسمعك السائق....."
" ياني لا يتكلم الأنكيزية ".
رفع تنورتها إلى وضعها السابق و ترك يده تستريح برفق فوق ركبتها قال باستهزاء
" لا تجفلي يا حبيبتي بصفتك زوجتي عليك التعود على لمستي و الترحيب بها أيضاً ".
تصلبت هارييت في مكانها و أخذت تحدق عبر النافذة إلى المناظر الطبيعية دون أن ترى شيئا.
" سنصل إلى القرية قريبا و هناك من ينتظرنا لذا حاولي الابتسام حبيبتي "
" في هذه الحالة أبعد يدك عني ".
زم روان فمه بعصبية لكنة أطاعها.
ظنت هارييت أنه يبالغ لكن يبدو أن القرية بأكملها خرجت لتشاهد هما يتقدمان عبر الطرقات الضيقة؟ راح الناس يلوحون لهما بفرح فاستجابت هارييت بخجل انعطفت السيارة و أصبحا فجأة أمام البحر الذي بدا مثل صفحة خلابة . غاب عن فكرها للحظة كل الاعتبارات الأخرى فقالت " آه يا الهي..... هذا جميل لدرجة لا تصدق"
" نعم كلما أراه أشعر كأنها المرة الأولى ".
" لكنك حتما تعودت علية ".
"سبق و أخبرتك أنني قضيت معظم أيام طفولتي في انكلترا مع والدتي حتى كدت أنسى ما يعنيه لي.....لكنة دائما يجري في دمي ".
" أنا.....أنا أعرف هذا الشعور ".
اجتاز الميناء الصغير الذي يعج بالقوارب الصغيرة و انعطفا مجددا
نحو اليابسة. بدأ الطريق يتجه صعودا و أصبح بإمكان هارييت الآن رؤية جدران التراكواز البيضاء. قال روان: "هذه فيلا ديناسوس حيث يقيم والدي. ستجدين أنني بنيت منزلا اصغر لكن مع أمكانية التوسع".
حاولت هارييت أن تتجاهل الألم الذي اجتاحها عندما تخيلت روان و هو يحمل مولودة الأول الطفل الذي لن تمنحه إياه.....قالا بصوت هادئ
" أتعني عندما تستقر و تصبح رب أسرة؟ يصعب علي تخيل الأمر ".
قال بهدوء قبل أن يبعد نظرة عنها " قد لا يشاطرك أصدقائي الرأي عزيزتي هارييت".
ها هي ترى الرأس الأخر و هو تماما كما وصفة روان.
لاحظت أن المنزل يتألف من طبقة واحدة و سقفه مطليا باللون الأخضر الغامق.
"أهلا بك في منزلك عزيزتي هارييت تحضري للكثير من الحب.
أدهشتها كلماته للحظة لكنها أدركت معناها مشاهدة مجموعة الأشخاص الذين ينتظرون بحماس كبير عند المدخل للترحيب بهما.
قالت كأنها تكلم نفسها "أشعر كأنني محتالة. لا أظنني أستطيع القيام بهذا".
"أتودين العودة إلى انكلترا و إخبار جدك الحقيقة؟
"لا.....سيخيب ظنه بي. لا يمكنني فعل هذا به.
"أذا من فضلك لا تدعي نزاهتك تسبب الحزن لقومي.
عندما توقفت السيارة انحنى إلى روان و قال "الرجل الذي يرتدي سترة يدعى بانيوتس هو يدير منزلي. أنة يتكلم الانكليزية بشكل جيد لذا يمكنك الاعتماد علي كليا. المرأة الواقفة إلى جانبه هي تولا مدبرة المنزل
توقف قليلا ثم أضاف "أنها القابلة التي ولدت علي يديها لذلك هي مثل وسكان القرية تعقد أمالا على هذا الزواج. حاولي التعامل معها بصبر".
شعرت هارييت بالانزعاج عندما تم تعريفها على الأشخاص الموجودين. عرفت أنها ليست العروس الجميلة المتألقة التي توقعوا مجيئها. أخذ تاكيس الطباخ البدين يعاين جسدها النحيل كأنة على وشك أن يشن حربا عليها. سمعت روان يكلم بانيوتس قائلا "أنجز العمل الذي طلبته. أليس كذلك؟"
أومأ بانيوتس رأسه بتأكيد "نعم سيدي. وصل الأثاث الجديد البارحة. كل شيء جاهز من أجل عروسك
وضع روان يده على خصرها ليحثها على الدخول و قال " أتلقين نظرة على المكان حبيبتي؟"
بدا الجو أكثر برودة داخل الفيلا بسبب المراوح الكثيرة المتدلية من السقف. تأملت هارييت المكان فأعجبت بالألوان الزيتية الفاتحة و الأرضية الرخامية التي تؤكد الإحساس بالاتساع و السلام. قالت بارتباك "لكن المكان يبدو جديدا".
ابتسم لها روان قائلا "قررت تجديد غرفة النوم الرئيسية كوني لم اعد أعزب. أنلقي نظرة عليها؟"
قالت هارييت بصوت فارغ يناسب الذعر الذي يجتاحها :"إن.....إن أردت ذلك".
تقدمهم بانيوس إلى ممر عريض يضفي إلى الباب بمصراعين.
فتحهما و قال بفخر "انظر سيدي "
ترددت هارييت عند الباب و شعرت بالدوار لم تفهم الانطباع الذي تركته لديها الجدران الشاحبة التي أضاف إليها اللون الدراقي بعض الدفء. تحيط ستائر شفافة بالنافذة الضخمة ذات الإطلالة المذهلة على البحر و يستلقي عند قدم السرير الكبير الذي يواجه الباب قماش حريري من اللون الأزرق المفعم بالحياة. مع ذلك أكثر ما جذب اهتمامها ذلك العطر الكثيف الذي يسيطر على المكان و الذي جعلها تواجه صعوبة في التنفس. سمعت احدهم يشهق على مقربة منها و عندما خطت خطوة أضافية إلى داخل الغرفة رأت الأولى ما يوجد على السرير فتوقفت عن التنفس كليا.
انه رسم بدون إطار لامرأة عارية مستلقية على جنبها تلقي رأسها باسترخاء على يديها المطويتين. هي المرأة فائقة الجمال ذات شعر يكاد يبدو فضي اللون قصته قصيرا لتظهر جمال وجهها و ذات عينين سوداوين مائلتين في وجه أسمر بارز كوجه قطة. ترسم المرأة على فمها القرمزي الملتوي ابتسامة تبدو ملتهبة و صريحة جدت بحيث أنها لا تحتاج إلى خلع ملابسها.
بالطبع لا حاجة للسؤال عن هوية الرسام الذي بعث فيها الحياة.
عرفت هارييت بمجرد نظرة واحدة فقد أصبحت الآن تميز أسلوبه على الفور كما تعرف الوجه الذي تراه في المرأة كل صباح. انتبهت إلى الهمسات الخافتة المصدومة للخدم الذين تجمعوا عند الباب خلفها.....إلى بانيوتس الذي تقدم و راح ينظر إلى اللوحة بعدم تصديق.....إلى تولا التي أصدرت شهقة و غطت رأسها بتنورة مئزرها الأبيض.
استدارت هارييت ببطء و نظرت إلى روان. وجدته يبتسم و يداه على خصره و قد أمال رأسه و هو يعاين اللوحة كأنة يفكر ببعض التحسينات. تذكرت فجأة كيف رسمها : بمزيج من ساحرة شريرة و خفاش. شعرت بالغثيان عندما وصلتها موجة جديدة من العطر الطاغي. قالت لنفسها أرادني ليلة واحد لأنني عذراء لكن كم مرة أقام علاقة مع تلك الجميلة في هذه الغرفة حيث يجب أن أنام وحيدة
انجرفت في موجة عاتية من التعاسة و الغضب و الإذلال و هي تفكر في ابتسامته. أدركت عدم قدرتها على التنافس مع هذا النوع من الذكريات. تقدمت خطوة إلى الأمام و قالت بصوت مرتجف "أنت تجد الأمر ممتعا. حسنا أنا لا أشاطرك الرأي".
رفعت يدها و صفعته بقوة على وجهة ثم استدارت و ركضت بينما أخذ بحر الوجوه المصدومة يتفرق لتمر.
انتهى الفصل التاسع

 
 

 

عرض البوم صور mymemory   رد مع اقتباس
قديم 21-11-16, 07:17 PM   المشاركة رقم: 22
المعلومات
الكاتب:
اللقب:
الادارة العامة
فريق كتابة الروايات الرومانسية
عضو في فريق الترجمة
ملكة عالم الطفل


البيانات
التسجيل: May 2008
العضوية: 77546
المشاركات: 68,199
الجنس أنثى
معدل التقييم: Rehana عضو ليلاسي اصيل مبدعRehana عضو ليلاسي اصيل مبدعRehana عضو ليلاسي اصيل مبدعRehana عضو ليلاسي اصيل مبدعRehana عضو ليلاسي اصيل مبدعRehana عضو ليلاسي اصيل مبدعRehana عضو ليلاسي اصيل مبدعRehana عضو ليلاسي اصيل مبدعRehana عضو ليلاسي اصيل مبدعRehana عضو ليلاسي اصيل مبدعRehana عضو ليلاسي اصيل مبدع
نقاط التقييم: 101135

االدولة
البلدSaudiArabia
 
مدونتي

 

الإتصالات
الحالة:
Rehana غير متواجد حالياً
وسائل الإتصال:

كاتب الموضوع : wintersaonata المنتدى : روايات احلام المكتوبة
افتراضي رد: لن ترحل الشمس (ساره كريفن)

 
دعوه لزيارة موضوعي

مساء الخير

يعطيك العافية على النقل بس حبذا في المرات القادمة ان تلتزمي بالقوانين وتعلني
عن رواية مسبقا على هذا الرابط

إلاعلان عن رواية قبل تنزيلها

حتى نتأكد من عدم تواجدها في القسم

ننتظر منك بقية الرواية وشكرا

 
 

 

عرض البوم صور Rehana   رد مع اقتباس
قديم 22-11-16, 03:14 PM   المشاركة رقم: 23
المعلومات
الكاتب:
اللقب:

البيانات
التسجيل: Nov 2016
العضوية: 321995
المشاركات: 51
الجنس أنثى
معدل التقييم: mymemory عضو على طريق التحسين
نقاط التقييم: 93

االدولة
البلدEgypt
 
مدونتي

 

الإتصالات
الحالة:
mymemory غير متواجد حالياً
وسائل الإتصال:

كاتب الموضوع : wintersaonata المنتدى : روايات احلام المكتوبة
افتراضي رد: لن ترحل الشمس (ساره كريفن)

 

اقتباس :-   المشاركة الأصلية كتبت بواسطة Rehana مشاهدة المشاركة
   مساء الخير

يعطيك العافية على النقل بس حبذا في المرات القادمة ان تلتزمي بالقوانين وتعلني
عن رواية مسبقا على هذا الرابط



حتى نتأكد من عدم تواجدها في القسم

ننتظر منك بقية الرواية وشكرا


سورى حبيبتى معرفش موضوع الاعلان دا
ان شاء الله المره الجايه اعمله

وشكرا على مرورك

 
 

 

عرض البوم صور mymemory   رد مع اقتباس
قديم 22-11-16, 03:15 PM   المشاركة رقم: 24
المعلومات
الكاتب:
اللقب:

البيانات
التسجيل: Nov 2016
العضوية: 321995
المشاركات: 51
الجنس أنثى
معدل التقييم: mymemory عضو على طريق التحسين
نقاط التقييم: 93

االدولة
البلدEgypt
 
مدونتي

 

الإتصالات
الحالة:
mymemory غير متواجد حالياً
وسائل الإتصال:

كاتب الموضوع : wintersaonata المنتدى : روايات احلام المكتوبة
افتراضي رد: 488 - لن ترحل الشمس - سارة كريفن

 

الفصل العاشر
وهربت الأحلام



أمسكها روان بسرعة فهي لا تعرف إلى أين تذهب. وضع يدا كالملزمة على كتفها وجذبها إلى أقرب غرفة. أدارها بشدة لتصبح في مواجهته في الغرفة المظلمة.
" كيف تجرأتِ..؟ كيف تجرأتِ على صفعي أمام طاقم عملي ".
قالت هارييت وهي تحاول تحرير نفسها من قبضته " ما كان ذلك روان؟ أهي هدية زفاف متأخرة؟ وجب عليك تحذيري مما سأراه ".
أكملت " هذا رائع عزيزي أهي امرأة أخرى تسنى لك دراسة كل جزء من جسدها؟ هل كانت أفضل مني؟ اعذرني إن وجدت الأمر مبالغ فيه.. تماما مثل عطرها ".
" احذري عزيزتي هارييت تبدين مثل امرأة غيورة ".
" أوضحتُ منذ البداية أنني لن أتدخل في حياتك الخاصة لكنني لن أقبل بأن أراها أمامي. توقعتك أن تكون أكثر حذرا ".
أشاحت بنظرها عنه وأكملت " ربما يجب أن تطلعني على اسمها فقد أود إلقاء تحية الصباح عليها إذا ما التقيت بها في صباح أحد الأيام تغادر غرفة نومك ".
" تدعى إبنيتا ديمترو ولن تلتقي بها في هذا المنزل أو في أي مكان آخر كما آمل. هي تنتمي إلى الماضي وما حدث اليوم لا يغير شيئا ".
" لكنها كانت... عشيقتك ".
" بالطبع هارييت علمت عندما تقابلنا بوجود نساء أخريات في حياتي فكفي عن التظاهر ".
" أصبح التظاهر طبيعتي الثانية ".
نظرت هارييت حولها فرأت سريرا مرتبا عليه غطاء كبير وخزانة مؤلفة من عدة أدراج وخزانة كبيرة تغطي حائطا بأكلمه وباب مفتوح جزئيا من الواضح أنه يؤدي إلى الحمام.
" سأنام هنا الليلة وكل الليالي التي سوف أقضيها هنا. حبيبتك إبنيتا أدت لي خدمة كبيرة بعد تدخلها. لن يتساءل أحد عن سبب النفور بيننا. حلت المشكلة الآن ".
" أنتِ مخطئة. في هذه اللحظة يظن كل من في المنزل أننا معا في السرير نستمتع بمصالحة حميمة بعد أن كفرتُ عن أخطائي السابقة بهدية ثمينة لائقة وأننا سننسى المشكلة وستأخذين أنتِ مكانك كزوجة محبة مطيعة ".
أضاف بلطف " وهذا يا حبيبتي ما سيحصل بالضبط. أمام أنظار عالمنا الصغير على الأقل ".
" أتظنني سأعود إلى تلك الغرفة تحت أي ظرف؟ لا لن أفعل ".
" أظنك ستفعلين إلا إن كنتِ ترغبين بأن اقنعك بوسائلي الخاصة التي بدت فعالة جدا ليلة زفافنا. عندها سنحل الكثير من المشاكل ".
توقف قليلا، ثم قا ل " ماذا قلت؟ ".
" سأنام في تلك.. الغرفة ".
" لقد خاب ظني ".
ابتعد روان عنها وما لبثت أن سمعت حفيفا على الفراش. نظرت نحوه بدهشة فرأته ممدا على السرير بعد أن خلع حذاءه وجوربيه.
" ما الذي تفعله؟ "
" من المفترض أننا نقيم الآن علاقة حميمة ونحمل بعضنا إلى الجنة. بالطبع لا يمكن تحقيق ذلك في لحظات قليلة ".
وضع يديه تحت رأسه وأكمل " بالتأكيد ستجعلينني أتوسل في البداية لكن اتمنى ألا يطول الأمر ".
ثم نظر نحوها وقال " هناك كرسي إن أردت الجلوس أو يمكنك الإنضمام إليّ في السرير ".
" لا بأس بالكرسي ".
جلست هارييت على الكرسي مثل تلميذة مدرسة. بدأت الدقائق تمر ببطء. بدا روان مسترخيا كأنه على وشك الاستسلام للنوم.
" أيمكنني أن أطرح عليك سؤالا؟ "
" بالطبع ".
" إينيتا.. كيف تعرفت عليها؟ "
" كانت تقيم عند الشاطئ في فيلا استأجرتها صديقتها خلال فصل الصيف.إنها امراة تدعى ماريا كوسيداس. أقيم حفل هناك وتمت دعوتي. علمت إينيتا بطريقة ما أنني أطمح لأصبح رساما فحدثتني عن الفن وسألتني إن كان يمكنها رؤية أعمالي. أتت إلى المحترف في القرية في اليوم التالي فأبدت إعجابها بلوحاتي واقترحت أن أقوم برسمها. شرحت لها أنني لست خبيرا في تجسيد الشخصيات ".
توقف قليلا ثم أردف " وبينما كنت أشرح لها خلعت ملابسها لذا أصبح الجدال دون جدوى ".
" هل أغرمت بها؟ "
" عزيزتي هارييت دعينا نقول إنها في ذلك الوقت كانت تناسب حاجاتي ".
" هي.. رائعة الجمال. هل عملت في مجال عرض الأزياء؟ "
" ربما لكن طموحها الحقيقي ـ كما أخبرتني ـ هو التمثيل. على الرغم من عدم اعترافها بالامر في البداية لكنها حاولت إقناعي بتمويل مهنتها ".
" وهل فعلت؟ "
" رأيتها تمثل دورا صغيرا في إنتاج خاص. بدا تمثيلها مريعا ".
صرّ على أسنانه فجأة وقال " عندما رأيت غرفة النوم اليوم خطر لي أنها قد تنجح أكثر في العمل كمصممة ديكور.. أتساءل عن هوية الخادم الذي ساعدها ".
" بدوا جميعا تفاجئين. لعلها دخلت خلسة إلى هنا
" لا أظن ذلك. هي حاقدة لكنها ليست ساذجة. أظنها وضعت الخطة وجعلت أحدهم يضع اللوحة بهذه الطريقة ويسكب زجاجة من عطرها المفضل على السرير... سريرنا ".
توقف قليلا ثم أكمل " سأطلب من بانيتوس حرق كل الأغطية وكذلك اللوحة ".
" ألم تجلبها إلى هنا يوما؟ "
" لا التقينا في أماكن أخرى في الاستديو.. بيت ماريا.. شقتي في أثينا. كنت كثير الأسفار حينها وهي سافرت معي. لكن ليس إلى هنا. قررت منذ مدة طويلة أنني لن أحضر إلى منزلي سوى زوجتي.. حبيبتي ".
" لكنكما التقيتما عند الخليج وذلك كان حذاءها ".
" نعم. فقدته وهي في حالة من الغضب الشديد ".
" ولماذا.. افترقتما؟ "
" أخبرتها عن قراري بالسفر إلى لندن. ظننتها تريد المجيء معي لكن عندما أدركت أن الأمر لا يتضمن السفر على الدرجة الأولى والإقامة في فنادق الخمسة نجوم وأنني سأعيش من عملي الخاص انتهى حبها لي بسرعة قياسية. يبدو أنها أحبت أسلوب حياتي ولم تحبني أنا. شعرت بالغضب الشديد لأنني أفسدت خططها ثم انتابني الغضب أيضا لكوني فكرت للحظة واحدة أنها تريدني أنا لا حسابي المصرفي. عندما افترقنا أخذت تصيح وتقول إنني شخص حقير وإنها سوف تجعلني أندم يوما ما وأفترض أن اختيارها وقع على هذا اليوم ".

تحسس خده حيث صفعته هارييت وقال: " لا بد أنها ستشعر بالرضى عندما تعرف رد فعلك ".
" أنا.. أنا أعتذر.. لم أكن أعرف ".
ساد صمت وجيز ثم قال روان " والآن أتخبرينني شيئا.؟ "
" حسنا! هذا يعتمد على الموضوع ".
" لماذا لا تتكلمين أبدا عن والدتك؟ "
عضت هارييت على شفتها وقالت: " أفترض أن جدي ذكرها أمامك.. أخبرك بما حدث ".
" أخبرني أنها تركتك في رعايته عندما كنت طفلة صغيرة وأنك فقدت كل اتصال معها مؤخرا ".
أومأت هارييت إيجابا ونظرت نحوه قائلة " آخر عنوان وصلني كان من الأرجنتين. لكنها لم تجب عن أي من رسائلي.. رسائلنا. لا بد أنها تعرفت على شخص آخر.. رجل آخر.. وتابعت حياتها. هذا ما تقوم به عادة.. هناك دائما رجال آخرون ".
" ألهذا السبب.. لا وجود للرجال أبدا في حياتك؟ "
فكرت بألم أنه شديد الملاحظة. رفعت ذقنها وقالت " لو كان ذلك صحيحا لما وجدتني هنا "
قال روان بلطف " آه لكنك لست حقا هنا.. حتى الآن. أتعلمين؟ من الممكن اقتفاء أثرها ".
" كالبحث عن إبرة في كومة قش. إضافة إلى ذلك إن أرادت يوما التواصل معي فهي تعرف أين تجدني ".
" ألهذا السبب غريس ميد مهم جدا بالنسبة لك؟ هو المكان الذي تركتك فيه والذي ستجدك فيه مجددا.. إن عادت ".
" لا هو منزلي تماما كما أن هذا المكان هو منزلك. كفّ عن هذه التحليلات النفسية العميقة ".
" كما تشائين ".
جلس روان ونظر إلى ساعة يده ثم قال " حسنا أظن الوقت أصبح كافيا.. سأخبر تولا أنك نائمة وأطلب منها أن تجلب لك بعض القهوة وتوقظك بعد ساعة. عندما أذهب اخلعي ملابسك ونامي في السرير ".
" لماذا؟ "
تنهد بنفاد صبر ثم قال:
" ليقتنع الجميع أننا أقمنا علاقة حميمة ".
" آه، فهمت هكذا تقنع الجميع أنك عاشق رائع. حسنا لماذا عساي أفعل ذلك؟ "
" لأنني أطلب منك ذلك ".
ترك روان السرير بسرعة وتوجه نحوها. توقف قليلا وأخذت عيناه السوداوان تحدقان بوجهها ثم انتقلتا إلى أنحاء جسدها.جذبها فجأة نحوه وأخذت يداه تبحثان عن سحاب فستانها.
" ربما عليّ قمع ترددك حبيبتي عبر تذكيرك كيف يمكنني جعلك تشعرين إن أردت ذلك ". التقطت هارييت فستانها الذي كاد يسقط برعب وقالت " لا .. من فضلك سأفعل ما تطلبه عندما تغادر ".
وضع روان يده على عنقها وراح يمرر إصبعه ببطء متعمد على حافة حنجرتها ثم قال بلطف " الم تفكري يوما عزيزتي هارييت أننا يجب أن نكرر ما تشاركناه في تلك الليلة السحرية في لندن؟ ".
أحست بألم في قلبها لكنها قالت بسخرية " سحرية هو وصفك.. وليس وصفي ". أكملت في سرها يومها.. تركتني ورحت.
" هذا ما أحسست به. سمحت لنفسي بأن أحلم.. أملت أن تغير تلك الليلة الأمور بيننا. ظننت أنني.. إن تحليت بالقليل من الصبر فسوف تأتين معي ".
أكمل روان بصوت عميق:
" أتدرين كم يوم وليلة انتظرت حبيبتي قبل أن افقد الأمل؟ "
قالت في سرها وأنا لم أنتظر سوى ثمان وأربعين ساعة لأجدك مع لوسي وهكذا تخلصت من ضعفي. وقالت بصوت مرتفع " كان زواجنا صفقة تجارية ولم يتغير الأمر بالنسبة لي ". تركها روان بقسوة وقال " إذا دعينا نناقش بطريقة تجارية التعويضات التي يجب أن أقدمها بعد ما حصل. أنت ترفضين الياقوت والزمرد هل تقترحين شيئا آخر؟".
قالت هارييت ببرودة " ما أريده.. لا يمكنك تقديمه لي. إنه عودتي إلى منزلي.. غريس ميد ".
" إذا لا يسعني قول المزيد ".
تركها روان وخرج وبقيت هارييت وحدها في الغرفة وهي على وشك البكاء. همست قائلة " إنها مسألة بقاء. علي اجتياز هذا الوضع.. بطريقة ما ومهما كان الثمن ".

أعادت هارييت الغطاء إلى المستحضر الواقي من أشعة الشمس ثم استلقت على الأريكة وتنهدت. أخذت تستمع إلى همسات البحر الذي لا يبعد سوى مسافة قصيرة عنها. تجاوز الوقت الآن فترة الظهر بحوالي النصف ساعة وأخذت حدة الحرارة بالتزايد. بدأت هارييت تحب هذا الشاطئ الصغير وتفضله على الجو الحار الذي غالبا ما يسيطر على الفيلا.
في ذلك اليوم عادت إلى غرفة النوم الرئيسية. وجدت أن التعديلات التي طلبها روان قد أنجزت. تمّ تنظيف المكان بالكامل وفتحت الأبواب الزجاجية التي تؤدي إلى الحديقة على مصراعيها للسماح بدخول الهواء وأشعة الشمس كما أعيد ترتيب قطع الأثاث بطريقة جديدة فلم يعد السرير بأغطيته الجديدة مواجها للباب. زال ذلك المشهد وتلك الرائحة اللذان استقبلاها عند وصولها تماما. اكتشفت أيضا أنه تم فصل الخادمة المذنبة من العمل بسرعة بعد أن اعترفت لبانيوتس وهي تذرف الدموع أنها هربت اللوحة إلى المنزل وأفرغت زجاجة العطر على سرير السيد ذلك لأن السيدة ديمتروا وعدتها بمساعدتها لدخول عالم عرض الأزياء. فكرت هارييت متنهدة فتاة مسكينة فعلت ذلك كله لتحطم زواجا غير قائم في الأصل. عملت جاهدة لتهدئ روع بانيوتس الذي قال " ما كنت أبدا.. أبدا لأحلم بحصول أمر كهذا في غرفتك الخاصة سيدتي بعد أن قام السيد روان بمجهود كبير ليجعلها جميلة من أجلك.. القماش مذهل.. والأغطية الرائعة المصنوعة يدويا والمطرزة بالذهب...".
رفع يديه نحو السماء وأكمل قائلا " تلك المخلوقة.. يجب جلبها إلى الخارج وجلدها بالسوط ".
اعترضت هارييت بإجفال " هذا قاس جدا وهي مجرد فتاة صغيرة ساذجة ".
" لا يا سيدتي لا أقصد ميتسا فهي بالفعل ساذجة بل اقصد المرأة الأخرى. لن تتقبل أبدا أن تلك العلاقة انتهت وولت أيامها. كل تلك الرسائل والمكالمات الهاتفية.. حتى بعد مغادرة السيد روان. وعندما شاع خبر عودته تجرأت على المجئ إلى هنا و..."
أدرك فجأة أن زوجة السيد قد لا ترحب بهذه المعلومات فتوقف عن الكلام بسرعة. قالت هارييت بخفة مجبرة نفسها على الابتسام " في النهاية نجحت. لكن الأمر لم يعد هاما الآن ". عندما التقت روان على العشاء ذلك المساء وجدت أنه انسحب إلى خلف جدار مخفي من اللباقة الباردة وحلّ مكانه شخص غريب مهذب عليها تعلم العيش معه شخص يقضي أقل وقت ممكن معها ويتجنب أي اتصال جسدي غير ضروري ويتفادى بانتباه المواضيع الشخصية عندما يكونان مجبران على الكلام.. أي أثناء تناولهما الطعام.
انتاب هارييت شعور بالاطمئنان لأنه توقف عن محاولة إقناعها بأن تكون زوجته بالمعنى الحقيقي. مع ذلك شعرت بصراع داخلي كاد يمزقها كما شعرت بالارتباك والخوف من السعادة غير المنطقية التي تعتريها عندما تراه. أدركت أن الخوف من الرفض هو ما يمنعها من الركض نحوه والارتماء بين ذراعيه في كل مرة يعود فيها إلى المنزل.
من جهة أخرى افتقدت بشدة للابتسامة في عينيه ودفء يديه وكلماته المحببة اللطيفة التي ظنت أنها لا تعني شيئا لكنها أصبحت تعني لها الكثير الآن بعدما توقفت عن سماعها. ذلك لا يعني أن روان يقضي الكثير من الوقت في المنزل. سرعان ما علمت هارييت أن شركة زاندروس تتعدى كونها سلسلة فنادق هي تعني بأمور الشحن والصناعة والزراعة لذا ومنذ عودته اتخذ روان برنامج عمله المكتظ حجة للتواجد في مكان آخر.
فكرت هارييت بتنهيدة أخرى صغيرة إنها لا تلومه. لو كانت مكانه لاختارت جناحا في أي فندق بدلا من السرير الفردي الضيق الموجود في غرفة الملابس المجاورة حيث يقضي لياليه عندما يتواجد في الفيلا. عندما اقترحت متلعثمة أن المكان غير مريح وراح قلبها يخفق بقوة بانتظار جوابه بالكاد رفع روان حاجبه بسخرية، وقال " إنها تضحية بسيطة لأجل هذا الزواج الافتراضي. لن يدوم الأمر إلى الأبد " فكرت وهي تغادر لا شيء يدوم إلى الأبد. ثم جمعت أغراضها ووضعتها في حقيبة كتفها الأنيقة. عليها العودة إلى المنزل وتجهيز نفسها من أجل الغداء الأسبوعي مع حماها. أخذت هارييت تفكر بقلق بما حضره لها اليوم وهي تجتاز الدرجات القليلة المؤدية إلى الحديقة. هي من اختارت ألا تتعلم سوى القليل من الكلمات اليونانية فتجنبت الاختلاط مع زوجات الأثريات اللواتي يعشن حول شبه الجزيرة وترددت في قبول دعواتهن لها لتناول الغداء أو القهوة أو الحلويات.
أصرت هارييت على رفض فكرة إقامة حفلة راقصة بعد أيام قليلة لمناسبة عيد مولدها الخامس والعشرين. أبدى حماها استياءه من ذلك لكن روان أصر ببرود وحزم على وجوب احترام خيارات زوجته فأقفل الموضوع. لكن كونستانتين زاندروس ليس من الرجال الذي يتقبلون الهزيمة بسهولة وروان ليس هنا اليوم للدفاع عنها. لقد قضى الثمانية والأربعين ساعة الأخيرة في العاصمة. استحمت هارييت وبدلت ملابسها. أخذت تنظر إلى انعكاس صورتها في المرآة. يتميز فستانها ذو اللون الأخضر الغامق بالأناقة والتواضع ويتناسب مع الصندل ذي الكعب العالي الذي تنتعله. وضعت الكحل على رموشها وأحمر شفاه ذا لون قرنفلي فاتح وطلت أظافرها باللون ذاته. فكرت بسخرية أنها تمثل صورة الزوجة الناجحة. نظرت نحو الباب المؤدي إلى غرفة الملابس وتذكرت أنها خلال الأسبوع الأول لم تغف أبدا.. ظلت تأمل ان يفتح الباب في النهاية ويأتي روان إليها.
" أتدرين كم ليلة وكم نهارا انتظرت يا حبيبتي؟
ها هي كلماته تطاردها بعدما اختبرت نفسها إذا الانتظار والشعور بتلاشي الأمل. مع ذلك فإن الليالي التي يقضيها روان خارج المنزل تشكل عذابا أكبر. أنها تحدق في الظلام طوال الليل وتنتحب بصمت متسائلة إن كان وحيدا. تمنت لو أنها امتلكت الجرأة عندما كانا في لندن لتخبره أنها تحتاج إليه مثلما تحتاج إلى الشمس التي تعطيها الدفء والهواء الذي يملأ رئتيها... لكنها لم تفعل.. ولن تفعل أبدا.. حياتهما تسيران في طريقين مختلفين وهذا الأمر لن يتغير بسبب شيء سريع الزوال مثل الرغبة الجسدية. ها هي سيارتها تنتظر في الخارج. إنها جميلة جدا بلونها الأحمر الغامق وسقفها المفتوح. هذه السيارة ظهرت فجاة بعد يومين من وصولها. قال روان بابتسامة باردة
" هذه وسيلتي للتكفير عن ذنبي وسبيلك إلى الاستقلالية. أظن أنها شيء لن ترفضيه ". ورحل قبل أن تعبر له عن امتنانها. جعلتها السيارة تشعر بالفرح اذ سمحت لها بمغادرة الفيلا واكتشاف شبه الجزيرة، وزيارة الكنائس والتجول في الأسواق التجارية والجلوس لاحتساء القهوة تحت مظلات أحد المحلات في ساحة القرية. من الناحية العملية وفرت عليها السيارة المشي إلى فيلا ديوناسيس.
ها هو كونستانتين زاندروس ينتظر عند حافة الشرفة الكبيرة التي تطل على البحر. رحب بها بتهذيب لكن تحديقه بها وهو يناولها كوب الشراب تميز بالانتقاد.
" لقد خسرت بعض الوزن. ألا تحبين الطعام الذي يقدمه مطبخك أم أن السبب هو غياب ولدي الدائم؟ "
لم تتوقع هارييت هذا السؤال لكنها جلست باسترخاء في كرسيها وأخذت تمرر إصبعها على حافة الكوب.
" تاكيس طباخ رائع. حضر مساء أمس أفضل طبق دجاجي بالكاري سبق وتذوقته ".
" يجب عليه أن يطهو لك الأكل اليوناني ليزداد وزنك قليلا ".
انتظر ريثما وضعت الخادمتان اللتان تلبسان زيا رسميا الخبز وقدمتا الطبق الأول المؤلف من مزيج اللحم المفروم والأرز. عندما أصبحا وحيدين تابع قائلا " بعد ذلك الوقت الذي قضاه في إنكلترا أملت أن أرى ولدي أكثر لا سيما بوجود زوجة تبقيه في المنزل لكن أملي قد خاب. وأظنه خائب الأمل أيضا ".
توقف قليلا ثم أضاف " لو كان سريره أكثر دفئا لما غاب لفترات طويلة ".
أوقعت هارييت الشوكة في الصحن ولاقت تحديقه بوجه يحترق خجلا
" ما الذي تتكلم عنه؟ أنت لا تعرف شيئا ".
" لكن الخادمات يعرفن كل شيء. هناك من يقول إنكِ تنامين وحيدة. أهذا صحيح؟ "
" لا يحق لك التحدث في هذا الموضوع ".
" ألا يحق لي مناقشة سعادة أبني الوحيد؟ ربما لا يتكلمون عن هذه المواضيع في إنكلترا لكنك في بلادي الآن وحان الوقت لتعرفي واجباتكِ الزوجية وتحملي بطفل لولدي. هذا ما ينتظره الرجل من الزواج. ها أنا أخبرك الآن يا فتاة إن استمريتِ في رفضك له سيجد العزاء في مكان آخر ".
تمهل قليلا ثم أضاف " ما المشكلة؟ أما زلت غاضبة من الخدعة الغبية التي قامت بها تلك الفاسقة أم أنك لا تجدينه جذابا؟ "
ليس من السهل الدفاع عن النفس في حالة الغضب الشديد والخجل العارم لكن هارييت نجحت في الأمر. قالت بجفاء " لعل العكس هو الصحيح سيد زاندروس. ربما روان لم يعد يريدني ".
" إذا افعلي شيئا. أنت امرأة وللرجل رغبات لا تتطلب الحب والرومانسية على الدوام ". دفعت هارييت كرسيها إلى الخلف وقالت بتوتر " لن أستمع إلى هذا الكلام بعد الآن ".
" لا تبارحي مكانك. أعرف أنني لا أتكلم بطريقة لطيفة. أنا أيضا تزوجت من فتاة إنكليزية لم تكن تريدني وقد حطمت فؤادي. أتظنين أنني أود رؤية ولدي يعاني بالطريقة نفسها؟ "
ضرب قبضته بعنف على الطاولة وقال " لا.. وألف لا ".
أخذ نفسا عميقا وأضاف " تناولي طعامك الآن وسوف نتكلم عن مواضيع أخرى. جدك قادم من أجل الاحتفال بعيد ميلادك ".
أجبرت هارييت نفسها على تناول شوكتها وقالت بصوت متكسر
" هذا خبر.. رائع كيف أقنعته بترك حديقته المحبوبة؟ ".
رفع حماها حاجبيه الكثيفين بتعجب وقال " دعوته للإقامة معي وفي المساء سنقيم حفل عشاء.. حيث أدعو بعض الأصدقاء للتعرف عليه ".
توقف قليلا ثم أضاف " لن تعترضي على هذا كما آمل ".
قالت بصوت عال: " سيكون ذلك سارا جدا. شكرا لك ".
" إن أردت التعبير لي عن امتنانك صغيرتي أنجبي لي أحفادا ".
فكرت هارييت بانزعاج أنه يصر دائما على قول الكلمة الأخيرة بينما أجبرت نفسها على الاستمرار بتناول الطعام. بينما هما يتناولان القهوة اليونانية الحلوة في نهاية الوجبة سمعا صوت طوافة تقترب ورأياها تحوم فوق الرأس الآخر قبل أن تهبط. قال كونستانتين زاندروس بشيء من الرضى " آه ها قد عاد زوجك. أنا واثق أنك تتوقين للترحيب بعودته مثلما تفعل الزوجات عادة لذا لا تدعيني أؤخرك بنيتي ".
أسكتها الغضب الشديد. غادرت منطلقة بتهور عبر البوابة. توقفت على بعد خمسين مترا عند حافة الطريق وأخذت تحارب لاستعادة توازنها. صممت أن تكون هذه المرة الأخيرة التي ستدعه يكلمها فيها بهذه الطريقة. أكملت طريقها وهي تقود السيارة باهتمام مبالغ فيه فهي لا تريد وقوع أي حادث قبل أن تبلغ روان عن تصرفات والده. تركت سيارتها عند الباب ومشت إلى الداخل. توجهت نحو الجناح الرئيسي حيث وجدت تولا هناك تفرغ حقيبة في غرفة الملابس.
" آه أنا.. أنا أبحث عن السيد روان
" كان هنا سيدتي لكنه خرج مجددا. أظن أنه ذهب إلى ذلك المكان.. حيث يرسم ".

 
 

 

عرض البوم صور mymemory   رد مع اقتباس
قديم 22-11-16, 03:16 PM   المشاركة رقم: 25
المعلومات
الكاتب:
اللقب:

البيانات
التسجيل: Nov 2016
العضوية: 321995
المشاركات: 51
الجنس أنثى
معدل التقييم: mymemory عضو على طريق التحسين
نقاط التقييم: 93

االدولة
البلدEgypt
 
مدونتي

 

الإتصالات
الحالة:
mymemory غير متواجد حالياً
وسائل الإتصال:

كاتب الموضوع : wintersaonata المنتدى : روايات احلام المكتوبة
افتراضي رد: 488 - لن ترحل الشمس - سارة كريفن

 

المحترف في القرية . ترددت هارييت قليلا ثم قالت " أيمكنك إرشادي إلى ذلك المكان؟". ظهر التعجب على وجه تولا وكأنها تتوقع من سيدتها معرفة المكان مسبقا " بالطبع سيدتي إنه قرب الميناء في الطابق العلوي للمنزل الذي يجاور حانة أريدان. لكن... لكنه لا يحب أن يزعجه أحد هناك ".
اجتاحت مخيلة هارييت بشكل لا إرادي صورة إبنيتا ديمترو. قالت باختصار قبل أن تعود إلى سيارتها " لا تخافي فهو لن يعترض ".
وجدت المكان دون أي صعوبة. الطابق السفلي للمنزل كان يستعمل مصنعا للفخار لكنه خال من العمال في الوقت الحالي. خارج المبنى هناك درج حجري أبيض يوصل إلى باب ازرق قديم. جلست هارييت في الخارج لبضع لحظات وهي تحدق إلى الأعلى وتستجمع أفكارها قررت أن الإندفاع بغضب وعنف ليس مجيدا التعقل قد يخدمها بصورة أفل. بدأت تصعد السلم بتمهل ثم طرقت الباب طرقا خفيفا. فتح الباب على الفور ووجدت روان أمامها.
قطب حاجبيه وسأل " هارييت ما الذي تفعلينه هنا؟ كيف وجدتني؟ ".
" تولا أخبرتني عن مكانك ".
أضافت بعد تردد " إن كان ذلك يعني أنك ستعاود الرسم فأنا مسرورة من أجلك ".
قال روان بسخرية " هل قدت السيارة هذه المسافة الطويلة لتشجعي محاولتي أن هناك سببا آخر؟"
" أحتاج..إلى التكلم معك.. بعيدا عن المنزل لكن إن كنت أقاطع شيئا هاما.."
" لا ادخلي أنا ببساطة ارتب المكان قليلا بعد غيابي الطويل ".
تنحى روان جانبا ودخلت هارييت. أخذت تتنشق الرائحة المألوفة للخشب والقماش والألوان الزيتية. لم يكن في المكان سوى القليل من الأثاث طاولة في إحدى الزوايا عليها حاملة الألوان والفراشي وكرسيان خشبيان وأريكة ممزقة تبدو مثل كرسي طويل تم دفعها نحو الحائط الآخر وهي منجدة بجلد من اللون الأخضر. تذكرت هارييت إن تلك الأريكة في لوحة إبنيتا كانت ذات غطاء مخملي قرمزي اللون فحاولت ألا تنظر إليها.
" إذا ما الذي أستطيع فعله من أجلك؟ "
" تناولتُ الغداء مع والدك اليوم ".
" آه أخبرك أن جدك سوف يأتي إلى هنا. لا تخافي عزيزتي هارييت عندما يأتي السيد فلينت سأستعيد قدرتي على التمثيل ".
نظرت هارييت إلى الأرضية التي يكسوها الغبار وقالت " لا ليس.. ليس هذا ما قصدته. أصر والدك على التكلم عنا.. عن زواجنا. يبدو أنه سمع عن... ترتيبات نومنا ".
" وماذا توقعت؟ هل ظننت أن ما تفعلينه كل صباح بالوسادة ينطلي على ذبابة؟ والدي يؤمن بالصراحة ".
احمرت وجنتاها وقالت " هذا واضح لكنه تجاوز حدوده. يا إلهي لقد طلب مني الذهاب إلى البيت.. والاستلقاء على ظهري.."
لم يحاول روان إخفاء استمتاعه وهو يقول " أيتها المسكينة هارييت لا بد أنه أثار غضبك. يا له من شخص قديم الطراز. وجب عليكِ إخباره أنك تفضلين وضعيات أخرى ".
للحظة رأت هارييت في عينيه ذلك البريق الرائع ولم تستطيع إبعاد نظرها عنه. قالت لاهثة:
" حسنا أفضل تجنب المزيد من هذه المحادثات البغيضة. ليتك تفسر له ذلك ".
" وماذا سأقول؟ أخبره أن زواجنا هو مجرد إدعاء أم اعترف أنني السبب في النفور الناشئ بيننا لأنني أعشق فتاة أخرى في أثينا؟ "
لم تستطع هارييت ردع نفسها فسألته
" وهل هذا صحيح؟ "
" أيهمك الأمر؟ أنت محقة. لا يجدر به مكالمتك بهذا الأسلوب. سأوضح له الأمر. لكن قبل أن تحكمي عليه من فضلك افهمي أنه تكلم بسبب خوفه علي وبسبب الآلام التي سببتها له أمي طوال تلك السنوات. حتى الآن هو لم يتخط الأمر ".
" نعم لقد ذكر الأمر. قال إنها كسرت فؤاده ".
" وهو فعل بالمثل. أحبا بعضهما من النظرة الأولى وتوقع منها أن تشعر بالسعادة فقط لكونها زوجته وأم أولاده لكنها كانت في بداية مسيرتها المهنية عندما التقيا. كانت بحجة إلى الرسم كما هي بحاجة إلى التنفس. بدأت تشعر باليأس والاختناق لأنها عجزت عن إفهامه أنها تريد أشياء أخرى غير الاستقرار المنزلي والمال. أما هو فجرحت مشاعره وانتابه الغضب. ألقى اللوم على رسوماتها وطالبها بالكف عن الرسم. رفض تقديم أي تنازلات وفي النهاية سيطرت عليها المرارة والشجارات فرحلت وأخذتني معها إلى إنكلترا وأنا ابن ثلاث سنوات "
بدا روان كأنه في عالم آخر. أكمل قائلا " ظنّ أنها سرعان ما ستعود بعد أن تدرك عدم قدرتها على العيش من دونه. في النهاية نفذ صبره وحاول استخدامي ليجبرها على العودة.. شن حربا قانونية من أجل الحضانة معتقدا أن ذلك سيعيدها إليه ".
تنهد متابعا " عندما تبخر أي أمل بالمصالحة تحولا إلى شخصين مستعدين لتمزيق بعضهما عبر المحاكم. نتيجة لذلك بالكاد أصبحت أرى والدي.. فجن جنونه وهدد باختطافي.. المرات القليلة التي تمكنت فيها من رؤيته تمت في إنكلترا تحت المراقبة. لكن سمح لي بالكتابة له وهكذا تعرفنا على بعضنا. بعد عدة سنوات سمح لي بالمجيء إلى اليونان وقضاء بعض الوقت معه "
تردد قليلا ثم أردف " لكنه كان دائما.. دائما يسأل عنها. أهي بصحة جيدة؟ أتشعر بالسعادة؟ هل أملك أي رسم فوتوغرافي لها؟ وعندما توفيت فجع لموتها وكأنهما لم يفترقا يوما. أرادها أن تعيش حلمه عوضا عن ملاحقة حلمها الخاص. لم يدرك يوما أن الحب الحقيقي أحيانا يترجم عبر ترك الحبيب يغادر ".
" هذا.. محزن جدا ".
" يبدو العالم أحيانا مكانا حزينا. والآن ألديك شيء آخر لنناقشه أم أكمل عملية التنظيف؟ " أيقنت هارييت أنه يطلب منها الانصراف لكنها تمهلت في الرحيل قائلة " يمكنني.. مساعدتك ".
قال بابتسامة ساخرة اقشعر لها جسدها " شكرا لكِ استطيع تدبر أموري بمفردي ".
" نعم كلانا نستطيع ذلك ".

خرجت إلى نور الشمس الساطع ثم بدأت فجأة بالارتعاش. أدركت أنها لن تشعر بالدفء بعد اليوم
انتهى الفصل العاشر

 
 

 

عرض البوم صور mymemory   رد مع اقتباس
إضافة رد

مواقع النشر (المفضلة)

الكلمات الدلالية (Tags)
لن ترحل الشمس, احلام, دار الفراشة, روايا رومانسية, روايات, روايات مكتوبة, روايات احلام, روايات احلام المكتوبة, سارة كريفن, sara craven, the virgin's wedding night
facebook




جديد مواضيع قسم روايات احلام المكتوبة
أدوات الموضوع
مشاهدة صفحة طباعة الموضوع مشاهدة صفحة طباعة الموضوع
تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة
Trackbacks are متاحة
Pingbacks are متاحة
Refbacks are متاحة



الساعة الآن 10:30 PM.


 



Powered by vBulletin® Version 3.8.11
Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd.
SEO by vBSEO 3.3.0 ©2009, Crawlability, Inc.
شبكة ليلاس الثقافية