لمشاكل التسجيل ودخول المنتدى يرجى مراسلتنا على الايميل liilasvb3@gmail.com






العودة   منتديات ليلاس > القصص والروايات > قصص من وحي قلم الاعضاء > القصص المكتملة (بدون ردود)
التسجيل

بحث بشبكة ليلاس الثقافية


موضوع مغلق
نسخ الرابط
نسخ للمنتديات
 
LinkBack أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
قديم 13-03-16, 06:27 PM   المشاركة رقم: 46
المعلومات
الكاتب:
اللقب:
متدفقة العطاء


البيانات
التسجيل: Jun 2008
العضوية: 80576
المشاركات: 3,164
الجنس أنثى
معدل التقييم: فيتامين سي عضو ماسيفيتامين سي عضو ماسيفيتامين سي عضو ماسيفيتامين سي عضو ماسيفيتامين سي عضو ماسيفيتامين سي عضو ماسيفيتامين سي عضو ماسيفيتامين سي عضو ماسيفيتامين سي عضو ماسيفيتامين سي عضو ماسيفيتامين سي عضو ماسي
نقاط التقييم: 7195

االدولة
البلدSaudiArabia
 
مدونتي

 

الإتصالات
الحالة:
فيتامين سي غير متواجد حالياً
وسائل الإتصال:

كاتب الموضوع : برد المشاعر المنتدى : القصص المكتملة (بدون ردود)
افتراضي رد: حصون من جليد / بقلمي برد المشاعر (الفصل الرابع واﻷربعون)

 



الفصل السادس والأربعون


النص بالمرفقات


نهاية الفصل .... موعدنا القادم مساء الأربعاء إن شاء الله

 
 

 

الملفات المرفقة
نوع الملف: zip 12.txt.zip‏ (21.1 كيلوبايت, المشاهدات 54)
عرض البوم صور فيتامين سي  
قديم 16-03-16, 09:01 PM   المشاركة رقم: 47
المعلومات
الكاتب:
اللقب:
متدفقة العطاء


البيانات
التسجيل: Jun 2008
العضوية: 80576
المشاركات: 3,164
الجنس أنثى
معدل التقييم: فيتامين سي عضو ماسيفيتامين سي عضو ماسيفيتامين سي عضو ماسيفيتامين سي عضو ماسيفيتامين سي عضو ماسيفيتامين سي عضو ماسيفيتامين سي عضو ماسيفيتامين سي عضو ماسيفيتامين سي عضو ماسيفيتامين سي عضو ماسيفيتامين سي عضو ماسي
نقاط التقييم: 7195

االدولة
البلدSaudiArabia
 
مدونتي

 

الإتصالات
الحالة:
فيتامين سي غير متواجد حالياً
وسائل الإتصال:

كاتب الموضوع : برد المشاعر المنتدى : القصص المكتملة (بدون ردود)
افتراضي رد: حصون من جليد / بقلمي برد المشاعر (الفصل الخامس واﻷربعون والسادس واﻷربعون)

 





النص بالمرفقات


سلمت يداك


نهاية الفصل .... موعدنا القادم مساء السبت إن شاء الله

 
 

 

الملفات المرفقة
نوع الملف: zip 13.txt.zip‏ (19.7 كيلوبايت, المشاهدات 22)
عرض البوم صور فيتامين سي  
قديم 19-03-16, 09:07 PM   المشاركة رقم: 48
المعلومات
الكاتب:
اللقب:
متدفقة العطاء


البيانات
التسجيل: Jun 2008
العضوية: 80576
المشاركات: 3,164
الجنس أنثى
معدل التقييم: فيتامين سي عضو ماسيفيتامين سي عضو ماسيفيتامين سي عضو ماسيفيتامين سي عضو ماسيفيتامين سي عضو ماسيفيتامين سي عضو ماسيفيتامين سي عضو ماسيفيتامين سي عضو ماسيفيتامين سي عضو ماسيفيتامين سي عضو ماسيفيتامين سي عضو ماسي
نقاط التقييم: 7195

االدولة
البلدSaudiArabia
 
مدونتي

 

الإتصالات
الحالة:
فيتامين سي غير متواجد حالياً
وسائل الإتصال:

كاتب الموضوع : برد المشاعر المنتدى : القصص المكتملة (بدون ردود)
افتراضي رد: حصون من جليد / بقلمي برد المشاعر (الفصل السابع واﻷربعون)

 



الفصل الثامن والأربعون


المدخل : بقلم الغالية alilox

سلكت دروب الضياع بل صرت احترف الضياع صرت أخاف يقين قربك حتى لاأصدم بالمزيد من الاوجاع دعني للضياع أتخبط ببحوره فقد جهزت قاربي والشراع كبلتني بذكريات تعيسة وتطلب مني إليك الإسراع دموعي وروحي فضحوني حتى ذاع صيتي وشاع أأكذب على نفسي بهذا الهراء وأنا للحب والهوى من الجياع لا تلمني بجهاي فليس لي
في العشق باع الى آسر روح وعقل وايام سراب

سلمت يداك


شد على كتفاي وقال بجدية " دُرر للمرة الألف أقول اعتني بنفسك جيدا

يا شقيقتي فسأذهب وحدي نزولا عند رغبتك فقط لكن إن علمت أنك

تعبتِ فسأتركهم وأرجع لك , كلها مدة بسيطة وسنأتي جميعنا هنا "

هززت رأسي وقلت " لا تقلق يا قصي سأكون بخير وهن هناك

يحتجنك أكثر مني وطالما أنا مع شقيقتاي فسأكون بخير اطمئن "

أبعد يديه وقال " هناك من سيساعدني وسنعلم إن خرج من البلاد أم لا

ومن أي منفذ من منافذها البحرية أو الجوية أو حتى البرية وأين ذهب

وسنعلم على الأقل إن كان هنا أم لا "

هززت رأسي بحسنا وقلت ببحة بسب كتم عبرتي " وأنا سأبحث هنا

عند كل من كانوا يعرفونه حتى العمّال الذين عملوا لديه "

تنهد وقال " ألن تنتظري حتى آتي وأقوم أنا بكل ذلك عنك "

هززت رأسي بلا ونظرت للأرض فأمسكه ورفعه له وقبل جبيني

وقال " إذا أراك على خير يا شقيقتي واهتمي بطعامك جيدا "

أمسكت يده وقبلتها وضممتها لصدري وقلت بدمعة وحزن " اعتني

بنفسك قصي وبهم وسلم لي على والدتي وأخبرهم أني أنتظرهم

هنا بفارغ الصبر "

هز رأسه مبتسما ثم ركب سيارته وغادر وعيناي تراقبنه حتى

ابتعد وشعرت حينها بيد على ظهري وصوت سراب قائلة

" محضوضة به أنتي يا دُرر "

هززت رأسي بنعم وقلت بابتسامة حزينة ونظري على البوابة

التي خرجت سيارته منها " كم جاد عليا الله بنعم يا سراب

يصعب عليا شرحها لك "

اتكأت بذقنها على كتفي وضمتني بذراعيها وقالت " الله لا يغلق

جميع الأبواب يا دُرر وعوضك بمن سيكونون مكان زوجك "

أمسكت ساعدها بقوة وقلت ودمعتي تدحرجت على خدي

" لا يا سراب لكل شخص مكانته التي لا يأخذها أحد "

ضمتني بقوة أكبر وقالت بصوت مبتسم " ونحن ؟؟ "

أبعدت يديها عني والتفت لها وحضنتها وقلت " أنتما شقيقتاي اللتان عشت

معهما مالم أعشه مع عائلتي ولم أشعر بالراحة حتى رأيتكما مجددا "

سمعنا حينها صرخة من الأعلى فابتعدت عني ونظرنا فوقنا حيث الشرفة

التي تقف فيها ترجمان منحنية تنظر لنا وقالت صارخة " وقحتان كم

مرة قلت لا تنسيا أني شريكة لكما في الأحضان "

ضمتني حينها سراب مجددا ضاحكة فقلت مبتسمة " ألا يشتكي

الجيران منها ؟ جيد أنه لم يطردوكم حتى الآن "

شعرت بشيء سقط علينا وصوت ترجمان قائلة " مغفلتان لم

أهتم بحضنكما يوما حتى فقدتكما لأشهر "

قالت سراب وهي تبتعد عني وتبعدها " جيد إذا فثمة أمل

لدى زوجك أن تشتاقي لحضنه "

نظرت لها بحقد ثم لي وقالت " زوجها أولا أليس كذلك ؟ "

نظرت لسراب المصدومة وقلت مبتسمة " نعم "

وضعت يداها وسط جسدها وكانت ستعترض فقلت

" ألن تساعداني ؟ "

تنهدت باستسلام وقالت " بلى ولأجلك فقط لما كنت

وافقت أن نذهب له "

ثم رفعت إصبعها أمام وجهها وقالت بتحذير " ولن أنطق بحرف طبعا

ولن أتكلم , مجرد محرم له كما طلبتِ كي لا تكونين معه وحدكما "

وقفتْ حينها عند الباب ابنة العائلة الصغرى فيهن وشهقت بقوة

وقالت " أين هوا الوسيم ؟ ألم يقولوا أنه جاء "

ضحكت ترجمان وقالت " أنقذه الله منك هذه المرة وغادر "

أشارت بإصبعها الصغير لترجمان وقالت بضيق

" وأنتي متى ستغادرين "

فانطلقت ترجمان نحوها قائلة " تعالي فلم أرى خديك اليوم "

وصرخت تلك الطفلة هاربة على صوت ضحك سراب فابتسمت

وقلت " لا أعلم من منهما أعان الله الأخرى عليها "

قالت ضاحكة " إسراء طبعا , وعلينا انتظار تلك الترجمان حتى

تأتي لأنها من سيقود السيارة "

هززت رأسي بحيرة وقلت " لا أعلم كيف لا تخاف أن تمسكها الشرطة

وهي بلا رخصة قيادة ! وما الذي أغفلهم عنها حتى الآن "

ضحكت وقالت " تعرفيها لا يخيفها شيء وقد أمسك بنا شرطيان من

يومين وطلب أحدهما بطاقتها وما أن رآها تركنا نغادر "

قلت باستغراب " ولما ؟؟ "

رفعت كتفيها وقالت بلامبالاة " هي قالت بسبب لقب عمها لكني

أضن زوجها وراء ذلك وهي لا تريد أن تعترف "





*~~***~~*





نزلت السلالم ركضا حتى وصلت الباب وفتحته فدخلت واستقبلتها حاضنة

لها وقلت مبتسمة " لقد سرقك السيد بسام منا , يومين كاملين لتزورينا ؟ "

ابتعدت عني وقالت ضاحكة " من يسمعك يضنهما أسبوعان "

ثم نظرت خلفها حيث التي تقفز صارخة " ديموو أندري "

مددت لها يداي وقفزت في حضني قائلة " أحذرهم لي بابا "

قبلت خدها بقوة وقلت ضاحكة " جيد ظهر والدك الحقيقي أخيرا "

وكزتني رغد قائلة بهمس " هوا يحسن لها صورته طوال الوقت

فلا تفسدي مجهوده "

ضحكت وغمزت لها قائلة " أرى رأينا به تغير "

أمسكت يدي وسحبتني معها للداخل قائلة " أين والدتي وسلسبيل

قالت لي ستكون هنا اليوم "

قلت مبتسمة " وأرى مزاجك أيضا تحسن , حتى وجهك

ازداد إشراقا "

نظرت لي بتهديد فضحكت وقلت " أمي ها هي قادمة وسلسبيل تعبت

اليوم ولم تستطع المجيء فيبدوا أنها ستبقى في وحمها أربعة أشهر "

اقتربت والدتي وسلمتْ عليها بقلب وحنان الأم الذي لا يتوقف عن الأسئلة

" كيف حالك يا رغد وما أمورك وكيف بسام معك "

فقالت رغد مبتسمة " بخير يا أمي وبسام لم يقصر معي أبدا وها هوا

دخل المجلس يريد أن يسلم عليك "

توجهت حينها لباب المجلس ولحقت بها ندى فأمسكت يد رغد وأجلستها

بجانبي وقلت " طمئنيني عنك , هل ظهرت كل أفكارك تلك تخيلات فقط ؟ "

قالت مبتسمة " بل وأوهام لا صحة لها "

ضممت يداي لبعضهما وقلت بحماس " إذا نقول مبروك هذه المرة

وأنك تزوجتِ برجل حقا "

هزت رأسها بنعم وقالت بابتسامة واسعة " ولا يوجد رجل

على وجه الأرض مثله "

حضنتها وقلت " مبارك لك يا رغد أنتي تستحقين ذلك وأكثر "

ضمتني بقوة قائلة " أسأل الله أن يرزقك أفضل منه يا سدين "

ابتعدت عنها وقلت ببرود " نعم علقيني بلا زواج طوال حياتي "

نظرت لي بصدمة فضربت كتفها وقلت بضيق " كيف تقولين لا

رجل مثله على وجه الأرض وتطلبي لي من الله أفضل منه "

ضحكت حينها وقالت تمسك فمها " لم أكن أقصد "

نظرتُ للباب ثم لها وقلت " لنغير الموضوع قبل أن تسمعنا أمي فلن

ترحمني أبدا وأنا ما صدقت أن تحدثت معي فمنذ ليلة زواجك

وهي غاضبة مني "

قالت باستغراب " ولما ؟؟ "

تنهدت وقلت " لقد وصلت ورقة طلاقي "

شهقت بقوة ثم قالت بحزن " لم تغيري رأيك إذا حتى فعلها "

قلت بجدية " هذا قراري ولن ينفع أو يضر غيري وأنا مقتنعة به "

ثم قلت مغيرة مجرى الحديث " لم أخبرك أني حصلت على

وضيفة بشهادتي "

قالت بصدمة " حقا بهذه السرعة !! "

قلت بثقة رافعة رأسي " لا تنسي أني أخذت الشهادة بامتياز "

قالت بنصف عين " لو قلتِ سلسبيل لصدقنا , وأقطع ذراعي إن لم

يكن إياس أو خالي رِفعت وراء ذلك "

قلت ببرود " ما هذه العائلة التي لا ترفع المعنويات أبدا "

ضحكت وقالت " المهم أنك ستجدي ما سيسليك , أخبريني أين ستعملين "

قلت من فوري " مركز مكافحة الإيدز "

شهقت بقوة فقلت ضاحكة " لا تخافي عملي سيكون في المختبرات

حسب شهادتي "

قالت بذات صدمتها " وعلمت والدتي ؟ "

تنهدت بأسى وقلت " جن جنونها وقالت ماذا إن أصابك المرض بالخطأ "

ثم ضحكت وقلت " تضنها لعبة وليست أجهزة حديثة لا نلمس فيها

العينات أبدا "

تنهدت وقالت " المهم أن تكوني مرتاحة ومقتنعة يا سدين "

هززت رأسي بنعم وقلت بحماس " المركز كبير ومشهور وتتعامل

معه الشرطة في كل البلاد "

ضحكت وقالت " ألم أقل لك أن خالي وراء ذلك "

كشرت وقلت " نعم لكن درجاتي أيضا السبب في موافقتهم "






*~~***~~*







وصلنا الساحة التي يوقفون فيها السيارات وكانت سيارة آسر هناك

أي أنه سيكون في المنزل الآن , نظرت لترجمان بصدمة وقلت

" أنتي كيف عرفتِ العنوان من مرة واحدة فقط ! "

فتحت دُرر بابها ونزلت وقالت ترجمان ببرود " دقة ملاحظة "

نظرت لها مضيقة عيناي وقلت " اعترفي "

ضحكت وقالت " كنت آتيه هنا ليلا هل تصدقي "

شهقت بصدمة فضربت كتفي وقالت " انزلي بلا كثرة ثرثرة

هل كنتِ تريدي أن لا أحفظ عنوانه للضرورة "

فتحت الباب وقلت وأنا أنزل " أنتي لما لم تُشغلي عقلك

هذا في الدراسة "

ثم ضربت الباب ولففت حول السيارة حيث دُرر تنتظرني ففتحت

ترجمان نافذتها وقالت " هيييه دُرر لا تنسي التفاصيل لتحكيها لي "

وأغلقت النافذة ضاحكة فنظرت لها بضيق وقلت " كان علينا المجيء

في سيارة أجرى وتركها هناك "

سحبتني من يدي قائلة " تعالي ولا تكترثي لها فدورها بعدك ولعلي

أكسب فيكما أجرا وترجعا لزوجيكما وتتركا هذا العناد "

تنهدت وسرت معها قائلة " لو جميع البشر يفكرون مثلك يا دُرر

ما تشاجرت امرأة مع زوجها "

قالت ونحن ندخل الأحياء " هل أصبحتُ أنا المخطئة الآن ؟ "

قلت ببرود " بل زوجك يستحق فهوا لم يفعل ما فعلاه الأحمقان

الآخران , على الأقل حملتِ ذكريات جميلة منه أما نحن الاثنتين

منذ تزوجناهما ونحن من رديء لأردئ منه "

قالت بحزن " على الأقل موجودان , تخيلي أن يختفي كما حدث

مع أواس ؟ ماذا ستشعرين حينها ؟ "

شعرت بقلبي علت نبضاته بجنون وقلت هامسة " لم أفكر بذلك "

نظرت حولها وقالت بهدوء " كم المنازل هنا حالتها مزرية , لابد

وأنك ندمتِ على تذمرك الدائم من حياتنا السابقة "

تمتمت ببرود " بل تذمرت أكثر "

ووصلنا حينها لباب المنزل فقلت بضيق " هل كان علينا المجيء

هنا ؟ لو تركتنا أخبرنا العم صابر يتصل به ليأتي هناك "

نظرت لي وقالت " سراب قولي أنك لا تريدين هذا ونعود

الآن للمنزل وننسى الأمر برمته "

أمسكت يدها وقلت " لا دُرر لم أعني ذلك "

ثم تركتها واتكأت بجبيني على باب المنزل وقلت بحزن

" لكنه صعب عليا يا دُرر , أشعر بقلبي سيخرج من مكانه "

أمسكت يدي وقالت " إذا لنرجع "

أبعدت رأسي وهززته بلا ثم طرقت على الباب وما هي إلا لحظات

وسمعنا صوته صارخا من الداخل " نعم قادم قادم "

فوضعت يدي على قلبي وعضضت شفتي بقوة , كم أنتي حمقاء يا سراب لو

تطيعين قلبك ما تركته للحظة ... غبية طوال حياتك , ابتعدت عن الباب حين

فتحه وخرج ببذلة الشرطة وفي يده سندوتشا لازال يمضغ ما أكله منه فيبدوا جاء

ليتناول الغداء ويغادر , وأي غذاء هذا الذي لا يتماشى مع عمله ولا ما بقي مما

كسبه من مال عمي ولا وضعه كرجل متزوج , نظر لي باستغراب فشعرت

بجنون قلبي ازداد أضعافا فكم يشتاق له هذا الغبي لكن علاجه عندي , أبعدت

نظري عنه وقلت بجمود " نريدك في أمر هلا أدخلتنا للداخل قليلا "

قالت حينها دُرر " يبدوا أنك مشغول سنأتي في وقت آخر "

قال وهوا يدخل " لا .. تفضلا "

تنفست حينها بقوة ونظرت لها فقالت بابتسامة حزينة " يحبك يا غبية

وعيناه كانتا ستلتهمانك وأقسم أنه أكثر من يقرأك وأنتي تدّعين الصدود "

أمسكت يدها وشددتها منها داخلتان وقلت " لن تفهميني مهما شرحت "

ووقفت مكاني أنظر للسقف الذي أصبح مغطيا للمنزل ليعزله عن السماء

التي ترسل له شمسها الحارقة صيفا والبرد القارص شتاءا , نظرت لكل

شيء حولنا , حتى الطاولة غيّرها وأبواب الغرف أيضا وهناك جهاز تكييف

في غرفته فيبدوا أنه كما قال لن يخرج من هنا , ارتجف جسدي بقوة حين

خرج صوته من الطبخ قائلا " سراب أدخلي صديقتك لغرفة الضيوف "

أمسكت يدها وسحبتها منها في صمت وفتحت باب الغرفة ودخلت لها لأشهق

بصدمة وأنا أرى الصالون الجديد فيها بل حتى الجدران طلاها من جديد وأول

ما جال في ذهني ( لما يفعل كل هذا ! هل يفكر في الزواج ؟ ) ازداد اضطراب

نبضات قلبي وكادت دموعي أن تنزل بل أن أبكي وأصرخ وأدمر كل شيء

فليس من حقه أن يحرق قلبي وثروتي ويتزوج بأخرى لينهيني تماما

أمسكتُ يد دُرر وقبضت عليها بقوة فقالت باستغراب

" سراب ما بك ؟ "

قلت بعبرة " سيتزوج يا دُرر سيقتلني نهائيا "

شدت على يدي بكلى يديها وقالت " عودي له إذا وتصافيا "

هززت رأسي بلا وقلت بقهر " لن يحدث ذلك أبدا ففوق كل ما فعل

فصل ثروته عني لينميها وحده وأبقى أنا أبكي أطلال ما كان "

تأففت وقالت " وما ستجنيه إن فعلها فعلا وتزوج "

قلت من فوري " أحرقه وهي معه "

مر حينها من جواري وجلس وقال " اجلسا لما واقفتان حتى الآن ؟ "

سحبتني دُرر معها جهة الأريكة المقابلة له وجلسنا أنظر للأرض وأفرك يداي

بقوة تكاد تمزقهما لا أعلم من الغيظ أم من الغيرة لمجرد فكرة أن تقترب منه

امرأة أخرى , قالت دُرر بصوتها المنخفض الهادئ " آسفة على قدومي

بدون موعد لكني أحتاج رؤيتك لأمر ضروري "

قال من فوره " لا بأس مرحبا بكما في أي وقت "

نظرت حينها جانبا أتجنب النظر له لتنفتح عيناي على اتساعهما وأنا أرى

صندوق هدية دُرر خلف الباب لازال يحتفظ به هنا !! وحتى الفراش الذي

كنت أنام عليه أيضا فما معنى هذا ؟ أصبحت أعجز عن تفسير هذا الرجل

وعن فهم أفكاره وردود أفعاله , عدت بنظري للأرض تحتي على صوت

دُرر قائلة " أريد سؤالك عن أواس , أنت وزوج ترجمان صديقاه المقربان

وقد يكون أخبركما بشيء فهوا اختفى بعد سفرنا ولم نجده في أي

مكان ولا أحد يعلم السبب "

قال بهدوء " ونحن لاحظنا ذلك ولا نعلم أيضا فقد سألنا عنه كثيرا

وجميع من نعرفهم يعرفونه سألناهم ولم نتوصل لشيء "

قالت بنبرة تشوبها عبرة بكاء " وما معنى هذا ؟ "

رفعت رأسي حينها فنظر لي سريعا فعضضت شفتي محذرة له فقال

ولازال ينظر لي " سنسأل أكثر ونتقصى فقد يكون في مهمة سرية "

قالت حينها بشيء من الأمل " هل تتوقع ذلك ؟ "

أبعدتُ نظري عنه مجددا وقال هوا " هذا جائز فمثل هذه الأمور لا

يخبرون عنها أحدا , فهل أخبرك أنه مسافر وسيعود أو شيء

من هذا القبيل "

قالت بحزن " لا ... كنت متعبة ولا أعي شيئا حولي وحين استيقظت

أخبروني أنه كان معي وغادر "

قال بهدوء " تحدثت وإياس في الأمر كثيرا وسنسعى جهدنا

لنعلم عنه شيئا , والعقيد رِفعت سيخبرنا إن كان في مهمة "

وقفت حينها وقالت " أنا سأزوره بنفسي وأعلم منه "

وقفتُ أيضا فوقف هوا لوقوفنا وقال " المهام لا يخبرون عنها

أي أحد لكن قد تنجحي في التقصي منه "

شغلت نفسي بهاتفي أتجنب النظر له والسماح لعيناي الغبية المشتاقة

بالنظر له وقالت دُرر بشبه همس " شكر لك وآسفة حقا على إزعاجك "

قال من فوره " أنا في الخدمة وأنتي من يلزم أن يشكرك الجميع

على اهتمامك بأمر زوجك "

رفعت نظري له بسرعة فكان ينظر لي وقال بابتسامة جانبية

" يبدوا علينا جميعنا أن نختفي لفترة ليشعروا بنا "

نظرت له بضيق ثم أمسكت يدها وسحبتها معي جهة الباب قائلة

" هي تشعر به من قبل أن يختفي وهوا يستحق "

وما أن خرجنا من الغرفة حتى شعرت بيده أمسكت يدي الأخرى موقفاً لي

فوقفتْ دُرر والتفتت لنا ورفض هوا ترك يدي رغم كل محاولاتي لشدها

منه فقالت دُرر مغادرة جهة باب المنزل " لن ننتظرك إذا وأتمنى أن لا

نجدك هناك ما أن نرجع للمنزل "

حاولت سحب يدي منه مجدد وقلت منادية لها " تعالي يا غبية

سأذهب معكما لا تتركاني هنا "

ولم تكترث بي طبعا وخرجت وأغلقت الباب خلفها فنظرت له وقلت

بضيق " لو لم أكن أعرف دُرر جيدا وأنها لا تتحدث مع رجل

غريب عنها لقلت أنكما متفقان "

ترك يدي حينها وقال مشيرا للطاولة " اجلسي لدي ما سنتحدث عنه "
قلت بسخرية " إن كنت فكرت أخيرا في أن تعتذر عن أفعالك

جميعها فلا تتعب نفسك فقد تأخرت كثيرا "

قال ببرود " أنا لم أخطأ لأعتذر "

صررت على أسناني من الغيظ وقلت " كل هذا ولم تخطئ "

قال بهدوء " اجلسي يا سراب ولنتحدث في المفيد "

جلست متأففة وقلت " أراك غيرت كل شيء هنا هل تزوجت "

جلس مقابلا لي وقال مبتسما " لا "

قلت ببرود " كاذب "

قال بضحكة " أقسم أني صادق "

قلت و أشعر بالنار تشتعل في قلبي " إذا تفكر في ذلك "

هز رأسه بلا مبتسما فقلت مجددا " كاذب "

ضحك وقال " أقسم أني لم ولن أتزوج أبدا "

نظرت جانبا وقلت ببرود " لا يهم عندي افعل ما يحلو لك "

ضحك ولم يعلق فقلت بضيق " قل ما لديك وتوقف عن السخرية مني "

كتف يديه لصدره وقال بهدوء " اشتري مني نصف المنزل "

نظرت له بصدمة وقلت " أشتري منك ماذا !! "

قال بذات هدوئه " الطابق السفلي من منزلنا ذاك والمقابل

المعمل والمزرعة اللذان أصبحا ملكا لك "

وقفت وقلت " هل جننت أنت ؟ أين ستذهب عائلة العم صابر "

أشار لي لأجلس فقلت " وما تفعل بكل هذا وكأنك تسلبه مني

لتأخذه أنت "

قال ببعض الضيق " اجلسي لنتفاهم يا سراب "

جلست مجددا متأففة بحنق فقال " المزرعة ثمنها أقل من المنزل بكثير

والمعمل في منطقة خارج العاصمة بينما المنزل في قلبها وفي الأحياء الراقية

منها وحجمه بأربع منازل كالتي هناك وقد قيّمت ثمن نصفه وكان سيساوي

المعمل والمزرعة , أما عائلة عمي صابر فسأشتري لهم منزلا متواضعا

بقرب مدارس الفتيات "

قلت من فوري " ولما ؟؟ "

قال بجمود " أنتي من طلب يوما أن نفصل عن بعضنا فما تغير الآن "

نظرت لعينيه أتنقل بينهما بصمت ثم قلت " هل هذا هوا غرضك ؟ "

نظر للطاولة تحته وقال " شيء من هذا القبيل "

قلت ناظرة له بحيرة " وماذا عن أحلامهم بذاك المنزل ؟ عن الغرفة

لكل واحدة منهن ؟ عن الحديقة والألعاب "

قال بدون أن يرفع رأسه " الضرورة حكمت "

علقت نظري بملامحه أنظر له بضياع مجاهدة دموعي , كم وددت لو قلت له

( الضرورة حكمت أم طمعك في نهب كل شيء ليكبر سريعا ويكون ملكك

لوحدك فها قد علمت لما دمرته بدون سبب ) لكن لساني خانني ورفض قول

أي حرف منها وكل ما جال في ذهني وقتها أيام كنت أرميه بالباطل وأتهمه

وندمت فيما بعد وهذا سبب انعقاد لساني على ما يبدوا ؟ فهل أكون ظلمته

مجددا ؟ لكن لما فعل ذلك ما غرضه من كل ما فعل ؟؟ رفع رأسه ونظر

لي وقال بجدية " أعتقد أنك تريدين المنزل تحديدا أن يكون لك وهوا

طموحك من البداية "

صحيح أني أريده ولا أريد أكثر من منزل يخصني ويجمعني وشقيقاتي

لكن نصفه كان يكفيني ويحيرني حقا تفكيره وكل ما أخشاه أن يبدأ بسلبي

كل شيء حتى أكون في الشارع وألجأ له , قال عندما طال صمتي " أو بيعي

لي طابقك بالحقل والمطحن , ولك أن تختاري وأنا موافق على ما ستقررين "

قلت بضيق " هراء كيف أبيعك المنزل وأنت قلتها بنفسك تعلم أنه كل ما أريد "

لم يعلق فنظرت جانبا لوقت أحاول جمع أفكاري وإيجاد تفسير واحد لكل

هذا ثم نظرت ليداي على الطاولة وقلت " بشرط "

قال من فوره " موافق "

نظرت له سريعا وقلت " من دون أن تعلم ما هوا !! "

قال ونظره على عيناي " لا يهم المهم يحدث ذلك "

لو أفهم فيما يفكر وما يريد فعله ؟ هل سيبيعهم جميعهم ويدخل مشروعا آخر

أم سيبيع واحدا منهم ويعوض به ما أفسده بيديه ويشغل المصنع المتبقي عنده ؟

يبدوا يفكر جديا في تحريك ما خرج به من بقايا ثروة العجوز ولا يهتم لما

سيحدث معي لكنك لم تعرفني بعد يا آسر , نظرت لعينيه وقلت " سأشتريه

منك بشرط تبقى عائلة العم صابر فيه "

نظر لي بصدمة وهذا ما توقعته منه فهوا لن يرضى أن يبقوا في مكان ليس هوا

من يملكه أو يتكفل به وحتى إن فرضنا ووافق فذلك لن يزعجني لأني حقا لا أريد

لتلك العائلة أن تعود للعيش في منزل ضيق بلا حديقة ولا ألعاب للصغيرات , أن

يرجعوا كما كانوا وتنهار جميع أحلامهم , هوا الآن أمام حلين فقط إما أن يعذل

عن فكرة بيعه لي وهذا المرجح أو أن يوافق على شرطي وهذا مستحيل إن كان

آسر الذي أعرفه , نظر جانبا ومرر أصابعه في شعره ثم نظر للطاولة تحته

وقال بشبه همس " موافق "

نظرت له بصدمة عجزت معها حتى عن الكلام فما هوا هذا الشيء الذي

يجعله يضحي هكذا !! قلت " سيُكتب الشرط في العقد "

نظر لي وقال بضيق " سراب لا تضيقيها علي , سيعيشون هناك مبدئيا

حتى أتمكن من توفير منزل مناسب لهم وفيه كل ما يملكون هناك "

قلت بحزم " وقبلها لن تخرجهم ؟ "

هز رأسه بلا فقلت " ولما ؟ ما السبب ؟؟ "

قال بجمود " سأبيع كل ما أملكه "

نظرت له مطولا باستغراب فقال " وأعتقد من حقي وهذا بند في حكم

المحكمة أنه ما أن يشتري أحدنا شيئا من الآخر له الحق في بيعه ولا

أعتقد أنك ستهتمين للسبب "

قلت بسخرية " لأني أعرفه , ولهذا أنت واثق من أنك ستنقلهم من

هناك لأنك ستستثمر كل ذلك وتجني منه الربح سريعا "

وقفت بعدها وقلت متوجهة لباب المنزل " أرسل لي الأوراق لأوقعها "

ثم تابعت وأنا أفتح الباب " كل يوم تخذلني فيك أكثر يا آسر "

ثم خرجت وضربت الباب خلفي وغادرت في كل خطوة أمسح دمعة

قبل أن تخرج من محجرها , لما وافقتِ وأنتي تعلمين أنك بهذا ستصبحين

لا تملكي إلا ذاك المنزل الذي لا يمكنك بيعه وأخذ واحد أصغر منه مادامت

تلك العائلة معك فيه ؟ كان يمكنك الرفض يا سراب فلما وافقتِ لماذا ؟

تراجعي أو توقفي عن البكاء عليه فهوا لا يستحق


*~~***~~*









استند بيديه على الطاولة حيث نجلس نتناول غدائنا ببذلة عمله وشاراتها

ونظره كان موجها لغدير ويحدثها قائلا " لا عذر لك بعد الآن "

كانت ستتحدث فسبقها قائلا بحزم " قلتِ لا تريدين لاختلاط ولن تدرسي

وقلت ستذهبين لتمتحني فقط وستكونين في حجرة لوحدك والمراقبين نساء

وسأجلب لك هنا من يدرسك فلا تتخلي عن دراستك يا غدير وأنا معك

وسأساندك ولن تري أي رجل اتفقنا "

نظرت لي من فورها فابتسمت وهززت رأسي مشجعة لكلامه فنظر لي

من فوره فماتت ابتسامتي وعضضت شفتي من الداخل وقال هوا

" ماذا تقولين لها من خلفي ؟ قفي معي في إقناعها "

قلت بإحراج " وهذا ما كنت أفعله للتو "

لف بجسده نحوي وقال " أرني كيف كنتِ تقنعينها ؟ "

لم أستطع إمساك ضحكتي وقالت غدير " حسنا موافقة من أجلك فقط "

نظر لها وقال وهوا يلبس قبعته " بل من أجل نفسك ومستقبلك يا

غدير فالقادم لا يعلمه إلا الله "

ثم قال مغادرا " سنتحدث فيما بعد في كل التفاصيل "

فوقفت ولحقت به مع وقوف غدير التي توجهت لجناحها فأدركتُ

خطواته السريعة الواسعة عند الباب منادية له " رِفعت "

فوقف والتفت لي فقلت ما أن وصلت عنده " لا تنسى ما وعدتني به "

خيم الحزن على ملامحه ولا أفهم لما أرى ذلك فيه كلما ذكرت أواس

وهذا ما يخيفني أكثر !! قال بنبرته الهادئة " سأعمل جهدي "

أمسكت يده وقلت برجاء ودمعة محبوسة " على الأقل أَطمئن عليه وأنه بخير "

أمسك وجهي بيديه وقبّل جبيني وقال " حاضر يا خديجة فقط لا تريني

دموعك التي سكبتها البارحة "

مسحت عيناي بقوة وابتسمت بحزن فقد بكيت ليلة البارحة في حضنه حتى

تعبت ونمت من بكائي وهوا يضن أن سببه أواس فقط وليس نصف السبب

فرحتي بأن وجدت الحضن الذي حلمت به كل حياتي والرجل الذي كنت أعتقد

أنه لا وجود له إلا في الخيال , وضع يده في جيبه وأخرج مفاتيحه قائلا

" أنا آسف يا خديجة لن أكون هنا قبل منتصف الليل فهذه ظروف

عملي وأعلم أني سأكون مقصرا معك دائما فتحمليني "

هززت رأسي بلا وقلت ونظري معلق بعينيه الرمادية الواسعة " أتفهّم وضعك

وأعذرك , أنا لست ابنة العشرين عاما يا رِفعت لتتذمر وتتشكى وتتدلل "

قال ضاحكا " وأنا كنت أضن أنك لستِ كذلك لكن الحقيقة المفجعة

كانت أنك ابنة العشرين فعلا "

نظرت للأسف وقلت بحياء " كن بخير هذا ما نريده فلا سند لي

ولابنتي بعدك إلا الله "

شعرت بيده على كتفي وبشفتيه قبلت خدي برقة فأغمضت عيناي بقوة

أحاول تنظيم تنفسي وضربات قلبي وصوته همس في أذني

" أين كان يخفيك ابن شقيقك عني "

فشعرت أني تحولت لكتلة من الإحراج والخجل فوجود رجل في حياتي أمر

نسيته من أعوام طويلة وأستغرب حقا سبب طلاقه لزوجته السابقة وهوا بهذه

الأخلاق والحنان والعقل الراجح ! ولما لم يتزوج بعدها وبلسانه قال لي

( لم أتخيل أن تشاركني هذا السرير امرأة أخرى )

فتحت عيناي ورفعت رأسي أراقب ظهره ومنكبيه العريضان وهوا يفتح الباب

ليخرج لتفاجئه وتفاجئني التي وجدها أمام الباب وقالت مبتسمة " لم أتصور أنني

مسحت على المصباح السحري , خرجتَ من دون حتى أن أطرق "

ضحك حينها وقال " ادخلي هيا يا مشاغبة وزارتنا البركة "

دخلت لتظهر التي كانت خلفها فنظرتُ لها بصدمة ووقع نظرها عليا وعيناها

امتلأت بالدموع فانطلقت نحوها من فوري ناسية حتى أن اسلم على ابنة

شقيقه وركضت هي جهتي وارتمت في حضني باكية وقالت بعبرة

" تركني ورحل عمتي لما فعل هذا بي ؟ "

مسحت على رأسها وقلت ببكاء " ليثني أملك الجواب يا دُرر فآخر ما

كنت أتخيله أن يتركك أنتي تحديدا "

قال حينها رِفعت بضيق " لا حول ولا قوة إلا بالله توقفا عن البكاء

أو سجنتكما "

قالت ترجمان ضاحكة " عمي لما لا تعترف أنك ضعيف أمام دموع

المرأة أو سأخبر زوجتك بكلامك معي في ذاك المنتجع "

قال بجدية " أجل لا أحب رؤية الدموع فيكفيكما "

أبعدتها عني وقلت ماسحة لدموعها " سيرجع يا دُرر إن كان حيا تأكدي

من ذلك فأواس يحبك ولن يتخلى عنك ورِفعت وعدني أن يبحث عنه "

التفتت له حينها وقالت برجاء باكي " قل أنه في مهمة , قل أنك أرسلته

لمكان ما وبسرية , قلها وإن كذبا سيدي أرجوك "

عبست ملامحه بحزن كبير ووضع يده على رأسها قائلا

" دُرر يا ابنتي وحّدي الله "

قالت بهمس " لا إله إلا الله "

أبعد يده وقال بهدوء حزين " ألا تثقين في زوجك ؟ "

قالت بعبرة " كل الثقة "

قال من فوره " توجهي بالدعاء له إذا أن يريحه الله بما

يحب ويرضى "

نظرتُ له بحيرة من كلماته والتفتت هي لي وقالت " ماذا قال لك

عمتي ؟ هل رأيته بعد عودته "

نظرت لها بحزن من حالها وملامحها وشحوب وجهها , كنت أريد أن أكذب

عليها أن أطمئنها لكن ذلك لن يجدي وعليها أن تدرك النصف الموجع من

الحقيقة قبل أن تنتهي تماما , أمسكت يدها وقلت ودمعتي عادت للسقوط

" قال انسي أنني موجود وأعدّيني مت وأنه سيكون بخير ولم أفهم شيئا "

قالت بصراخ باكي " كيف ننسى أنه موجود عمتي ؟؟ واثقة من أن جدي

وراء كل هذا لكن كيف أبعده عني كيف "

ضممتها لحظني وقلت ببكاء " ارحمي نفسك يا دُرر , لم أرد أن أكذب عليك

فكوني قوية من أجل نفسك ومن أجله مادمتِ واثقة منه ومن أن جدك السبب "

قالت بنحيب يقطع القلب " كيف أرحم نفسي عمتي أخبريني بالله عليك "

ضممتها لحظني أكثر أمسح دموعي وأتنقل بنظري بين رِفعت المطأطئ

برأسه للأسفل وترجمان التي تمسح دموعها وقلت بحزن " والده بحث

عنه كثيرا ولازال يبحث وعمك رِفعت وعد بذلك فتفاءلي يا دُرر "

سحبتها حينها ترجمان من حضني قائلة " علينا أن نرجع للمنزل ونرى

ما سنفعل ويكفيك بكاء فستمرضين وتشغلي شقيقك ووالدتك عليك "

ثم أخذتها معها وخرجت وصوت شهقاتها وعبراتها لازال يصلني والتفتَ

رِفعت ليغادر فأمسكت بذراعه وقلت " ما الذي تعرفه ونجهله يا رِفعت

تحدث حلفتك بالله "

قال مشيحا وجهه عني " لا شيء "

تمسكت به أكثر وقلت بإصرار " لماذا إذا لم تخبرها ولو كاذبا أنه في

مهمة , لما كل هذا الحزن في ملامحك "

نظر لي وقال بحزم " ولما أكذب عليها وأنتي لم تفعليها ؟ "

قلت ببكاء " قل لها شيئا تقطع به أملها إذا وارحمني وارحمها "

قال بضيق أقرب للغضب " بما سأخبرها ؟ بأنه أرسل ورقة طلاقها وهي

لا تعلم , أم بأنه أرسل طلب استقالته من الشرطة في اليوم الذي وصلت

فيه ورقة ترقيته من الوزارة "

وضعت يدي على فمي أنظر له بصدمة فتابع بذات ضيقه " أخبريها أنتي

إن طاوعك قلبك لتقتليها قبل أن تقتلي الأمل بداخلها "

ضربت رأسي بكفاي بقوة من صدمتي وقلت صارخة بعبرة

" ما معنى هذا !! ماذا ؟ يا ويل قلبي عليك يا أواس "

فشدني حينها لحضنه بقوة وقال " توقفي عن اللطم وادعي له

فلن يفيد هذا في شيء "

سمعت حينها ركضا من خلفي وصوت غدير قائلة

" ماذا بكم ؟ ما كل هذا الصراخ ؟ من مات "

ابتعدت عنه حينها وقال هوا مغادرا " لم يمت أحد خذي

والدتك للداخل لترتاح "

وخرج وأغلق الباب خلفه فحضنتني غدير قائلة " ما بك يا أمي ؟ ما

أن خرجت من الحمام سمعت أصوات البكاء وضننت أن أحدهم مات "

قلت بنحيب " مات يا غدير , لن يكون إلا ميتا فليثه يرحمني ويقولها لي "





*~~***~~*








وضعتني على السرير نتبادل الأنفاس المتلاحقة وقالت

" ألحظ آلامك ازدادت منها هذه المدة "

ثم عدّلت ساقاي وغطتهم لي فقلت " ليثها تموت كشقيقتها وترحمني "

قالت بحزن " وما ستستفيد "

قلت ناظرا لهاتفي الذي أضاءت شاشته بسم آسر " أنا خاسر في كلا

الحالتين فعلى الأقل أرتاح من آلامها "

رفعت هاتفي وأجبت عليه وقال من فوره " سيصل المحامي بعد

ساعتين فكن مع سراب لتوقع له بعض الأوراق "

قلت بهدوء " هل توصلتما لاتفاق "

قال بجدية " سأبيع لها حصتي من المنزل "

تنهدت وقلت " إذا تقابلتما أنت وهي ؟ فما قلت لها أبكاها هكذا

فقد دخلت علينا وصعدت للأعلى بعبراتها "

قال بشيء من الحزن " ليس وقته يا عمي , مشاكلي لها حل فيما بعد "

قلت ببعض الضيق " الفتاة تحبك يا آسر , كم مرة سنقول ونعيد

هذا فارحمها "

قال من فوره " وأنا أحبها ولا يمكنني العيش بدونها لكن لكل

شيء أوانه يا عمي "

تأففت وقلت " لو أفهم كيف تفكر يا آسر وأنا أراك تضيعها من يدك

كل يوم وليثك تحاول فقط فهمها "

قال بهدوء " فهمتها يا عمي أقسم أني بث أفهمها وما أريده أن تفهمني هي "

تنهدت باستسلام وقلت " حياتك ولك فيها الحرية , أنا فقط لا

أريدك أن تخسرها "

قال بصوت مبتسم " لن أخسرها ولن أتركها لغيري ولا أريد

غيرها فكن مطمئنا "

أشرت لسعاد لتخرج وقلت ونظري يتبعها مغادرة

" وماذا بشأن المنزل الجديد لنا "






*~~***~~*







أركبتها في الخلف وركبت بجانبه وانطلقنا مغادرين منزل عائلتي

فوقفت بين كرسيينا وقالت بصوتها الطفولي " سنشثري الشكلاتة

البيضة أليث كذلك "

ضحك بسام وقال " حالا ... وكم ندى عندي "

نظرت له وقلت " بسام هذا ليس وقته توقف عن تلبية كل طلباتها "

قالت حينها ندى بحزن " حثنا بيضة واحدة فقط "

ضحك بسام وقلت أنا بضيق " وأنتي توقفي عن الطلبات التي لا

تنتهي أو عدنا لمنزل جدتك ولن نرى بسام أبدا "

قالت من فورها صارخة " لاآآآآ "

قال بسام بضحكة " أجل هذه هي ابنتي التي لا تريد تركي "

قالت حينها من فورها " أنت اذهب لتيه ونحن نبقى في غرفثي الحلوة "

ضحكت أنا حينها وقال هوا ببرود " باعتني سريعا "

ثم أمسك يدي وقبلها وقال ناظرا للطريق " عشائنا الليلة في منزل عائلتي

كما اتفقنا وإن بذر من أحدهم شيء فتحمليه من أجلي يا رغد "

شددت على يده بقوة وقلت ناظرة لملامحه " لا تقلق يا بسام

فليس من أجلك فقط سأتحمل بل ومن أجل عمي "

خطف نظرة لي وقال بصوت مبتسم " من أجله فقط "

أبعدت نظري عنه وقلت بحياء " قلت من أجلك وأجله "

صرخت حينها ندى قائلة " هذا هوا هناث "

فقال بسام " والدتك غير موافقة إذا سننسى الفكرة "

قالت حينها برجاء " مامااااا "

قلت بحزم " قلت لا يعني لا ولا أريد أن أسمعك تطلبين

شيئا لم يحضره بنفسه "

قال حينها ضاحكا وقد عاد لإمساك يدي " كي لا نصير في

مشكلة حين يأتوا أخوتك ويكثروا "

سحبت يدي منه وقلت مبتسمة " بحالك هذا لن ننجب أبدا

لأنك ستفسد أطباعهم "







*~~***~~*








دخلت الغرفة مسندة دُرر لأفاجئ بسراب منكمشة عند الزاوية حاضنة

نفسها وتبكي فأوصلت دُرر لسريرها فدخلته وغطت نفسها باللحاف

تبكي تحته فوضعت يداي وسط جسدي وقلت بضيق ناظرة لسراب

" وما يبكيك أنتي أيضا ؟؟ "

ولا جواب طبعا فنظرت لكل واحدة منهما وصوت نشيجهما الباكي الذي

يحاولان إخفائه يصلني بوضوح ليزيدا من شعوري بالعجز عن رده عنهما

فقلت بحرقة " سحقا للرجل ولليوم الذي عرفنا فيه أولئك الحمقى "

ثم ضربتُ الأرض بقدمي وقلت بضيق " ولكما أنتما الاثنتين أيضا

فيكفي بكاءً عليهما , أقسم أنهما لا يستحقان "

كنت أعلم أن ما أقوله لن يجدي ولن يسكتهما لكنه التعبير الوحيد الذي

استطعت به إخراج حرقتي عليهما فليثهم ينظرون لما أوصلونا , لما لا

قلوب ولا رحمة لديهم ؟ عشنا البؤس طوال حياتنا من طفولتنا وبكل أشكاله

لكني لم أراهما منهارتان وضعيفتان هكذا , لا سراب أم عشر ألسن ولا دُرر

المؤمنة القوية المحتسبة الصبورة , فلم نعرف القهر والدموع إلا بعدما

عرفناهم فقد أبدعوا في هذا , قلت بقهر " توقفا عن البكاء , هذا

لا يجدي في شيء توقفا الآن "

ثم توجهت لسرير دُرر وجلست على طرفه وقلت محاولة سحب

اللحاف منها " دُرر يكفي أرجوك فلن تجني من هذا شيئا سوا المرض "

ولا فائدة طبعا فحملت هاتفي بغيظ وخرجت من عندهما بخطوات غاضبة ولو

الأمر بيدي لأحرقت كل شيء , دخلت أقرب غرفة أمامي وضربت بابها خلفي

ووقفت مستندة عليه وبدون أدنى تراجع ولا تفكير اتصلت بصديقهم الثالث

فأجاب سريعا فقلت بغضب من قبل أن يتحدث " أنت أخبرني صديقاك

الأحمقان أولئك مما مخلوقان ؟ ألا رحمة لديكم ألا شفقة "

قال مستغربا " وما علاقتي أنا بهما ؟ "

قلت بحدة " لا تختلف عنهما ومؤكد متآمرون علينا , سحقا

لكم من رجال سحقا "

ثم تابعت بقهر وحرقة " هل هذا ما تريدونه ؟ تدميرنا ورؤيتنا ننهار

إذاً هنيئا لكم يا رجال الشرطة "

قال بهدوء " ترجمان لا تلقي باللوم علي , ما ذنبي أنا ؟ "

قلت بضيق " وتسأل ما ذنبك ؟ أنت لا تقل عنهما في شيء

حمقى ومجرمين وبلا قلوب "

تنهد وقال " حسنا وما بيدي الآن ؟ "

قلت بقهر " تجلب ذاك المختفي حالا وتذهب للآخر وتسأله ما الذي قاله

لسراب أبكاها هكذا وأن يصلح أخطائه , لن أحتمل رؤية شقتاي تبكيان

أكثر من هذا أو لا يلمني أحد على ما قد أفعل لاحقا "

قال بضيق " ترجمان بالله عليك من أين أجلبه وما ذنبي في اختفائه

وآسر لم يسألني عما يفعل ولا يأخذ رأيي "

قلت بحرقة " كاذب , أنتم أصدقاء ومتفقون "

قال بصوت هادئ " لا علم لي بشيء من ذلك أقسم لك حبيبتي

ولا ذنب لي "

قلت بحدة " لست حبيبتك "

تنهد وقال " حاضر لست حبيبتي وأخبريني ما في يدي أفعله "

قلت من فوري " اجلب زوج دُرر من تحت الأرض وتفاهم مع الآخر "

قال بقلة حيلة " آسر وممكنة وأحاول جهدي , أواس من أين سأجلبه "

قلت أكتم عبرتي " تصرف لا دخل لي , أعده وسأذهب معك لمنزلك

وسأحاول حتى مسامحتك شرط أن تجده "

قال من فوره وبصدمة " ترجمان لا تربطي أمورنا بالغير ولا

تعقديها فوق ما هي معقدة "

قلت وقد خرجت عبرتي رغما عني ولحقتها دمعتي " لا قلب

لك مثلهما تماما , وأنا الحمقاء التي فكرت أنك ستساعدهما "

ثم أغلقت الخط في وجهه قبل أن يتحدث ولا أن يبرر لنفسه أكثر ولست

أعلم أي غباء جعلني أتصل به وأتأمل فيه ؟ لكني مقهورة أقسم أني

أموت قهرا عليهما ولا شيء بيدي ولا حيلة لدي







*~~***~~*







بما أني كنت في سيارتي وقريبا من المنطقة التي فيها المنزل توجهت هناك

من فوري فأنا أعرف ترجمان جيدا لو كانت أي امرأة أخرى لقلت أنها تهول

الأمور وتبكي بلا أسباب منطقية لكن أن أسمع صوت عبرتها فهذا يعني أن أمورا

كثيرة حدثت خاصة أني علمت من آسر قبل قليل في المركز أن زوجته وزوجة

أواس زارتاه , سبق وقررت أن لا أزورها هنا الآن لكن ما كان قلبي ليطاوعني أن

لا آتي بعدما سمعت بكائها , وصلت المنزل الذي كانت بوابته الخارجية مفتوحة

ودخلت بسيارة الشرطة التي كنت أقودها فيبدوا أنهن وصلن للتو ولم يغلقوها , أوقفت

السيارة بالمقربة من باب المنزل لكن ليس أمامه ونزلت منها ولم أعرف كيف سأصل

لها خاصة أن باب المنزل مفتوح , اقتربت من الباب وفي نيتي أن أنادي ليخرج لي

أحدهم ففوجئت بطفلة صغيرة راكضة تضحك ووقفت ما أن رأتني , كانت بفستان

طويل وخدان ممتلئان متوردان وشعر بني قصير , نظرت لي بصدمة ثم شهقت

بقوة وقفزت في مكانها وقالت صارخة " وسييييم "

نظرت لها باستغراب فهل أشبه شخصا تعرفه أسمه وسيم ! اقتربت

مني وقفزت قائلة " رائع ما أجمله "

نظرت لها بصدمة ثم انفجرت ضاحكا وعندما توقفت عن الضحك كانت

تنظر لي مبتسمة دون أن ترمش وقالت " أنا اسمي إسراء , ما أسمك أنت ؟ "

قلت مبتسما " كيف حالك يا إسراء "

قفزت مكانها ثم قالت بسعادة " بخير , أنت أجمل من ذاك الذي جاء

هنا , أنت لا أحد أجمل منك "

ضحكت هازا رأسي وقلت " نادي لي ترجمان يا جميلة بسرعة "

مدت شفتيها بعبوس فقلت ضاحكا " يبدوا تكرهين صعود السلالم "

قالت بذات عبوسها " هل أنت شقيقها ؟ "

قلت مبتسما " لا أنا زوجها "

قالت باستغراب " ما يعني زوجها ؟ هل مثل أبي وأمي "

هززت رأسي بنعم فشهقت بقوة وقالت " وتعيشان معا وتنام معها

في ذات الغرفة مثلهما ؟ "

قلت بضحكة " أجل "

قالت من فورها " تلك شريرة أتركها وتزوجني أنا "

لم أسطع إمساك ضحكتي لحظة خروج ترجمان ووقفت مكانها ونظرت

لي باستغراب ثم للطفلة أمامها حيث لم تكن منتبهة لها وتابعت تحرك

يديها كمخالب " شريرة هكذا لا تليق بك "

فوضعت ترجمان يداها وسط جسدها تنظر لها بضيق فقلت ونظري

لم يفارقها " أحبها ما أفعل مع قلبي "

رفعت حينها نظرها بي مصدومة ثم عضت شفتها بتهديد فقلت ضاحكا

" وقلبي ضعيف مع هذه الحركات فرفقا بي "

فنظرت الصغيرة للخلف من فورها ثم صرخت بذعر وفرت مبتعدة ناحية

الأشجار وقالت صارخة من هناك " هيا اسجنها وتزوجني أنا "

ضحكتُ من فوري ونظرتْ هي لها بضيق وكانت ستقول شيئا لولا خرجت

زوجة آسر وقالت باكية " ترجمان تعالي بسرعة دُرر متعبة وتنزف "

استدارت من فورها فتوجهت نحوها سريعا وأمسكت يدها وقلت

" اتركوا لي طريقا لأنزلها ونأخذها للمستشفى "

سحبت يدها مني وقالت بضيق " في منامك يا وقح "

ثم دخلت راكضة وعيناي تراقبانها مبتسما فيبدوا أنها لم تفكر في

معنى رفضها هذا ! تلك الغيورة التي لا تريد أن تعترف بذلك





نهاية الفصل .... موعدنا مساء الثلاثاء إن شاء الله

 
 

 

عرض البوم صور فيتامين سي  
قديم 22-03-16, 09:00 PM   المشاركة رقم: 49
المعلومات
الكاتب:
اللقب:
متدفقة العطاء


البيانات
التسجيل: Jun 2008
العضوية: 80576
المشاركات: 3,164
الجنس أنثى
معدل التقييم: فيتامين سي عضو ماسيفيتامين سي عضو ماسيفيتامين سي عضو ماسيفيتامين سي عضو ماسيفيتامين سي عضو ماسيفيتامين سي عضو ماسيفيتامين سي عضو ماسيفيتامين سي عضو ماسيفيتامين سي عضو ماسيفيتامين سي عضو ماسيفيتامين سي عضو ماسي
نقاط التقييم: 7195

االدولة
البلدSaudiArabia
 
مدونتي

 

الإتصالات
الحالة:
فيتامين سي غير متواجد حالياً
وسائل الإتصال:

كاتب الموضوع : برد المشاعر المنتدى : القصص المكتملة (بدون ردود)
افتراضي رد: حصون من جليد / بقلمي برد المشاعر (الفصل الثامن واﻷربعون)

 



الفصل التاسع والأربعون


المدخل : بقلم آيفا رمضان

ﻻ تترجمي الحب لي يا ترجمان فأن كنتي أنسة في مدرسة الحب فدعيني أن اقول لكي أنني مدرسة كلها
ﻻ للحب مدرسة وأعذروني وخذ منهاج الحب مني فسرب الحب ﻻ تخطئ في أسره و دعوني أنا أن اعلمكم
ماهو الحب فلحب حرفان ح "حيرة عند لقاء "وب "بكاء عند الفراق" ولكن لي أوس الحب مدرسة درة
والحب حرفان ح "حياة عند لقائي "وب"بكاء عند موتي "

سلمت يداك


دخلت خلفها راكضة وصعدنا للأعلى ودخلنا الغرفة فتوجهتْ سراب من

فورها للحمام فلحقت بها فكانت دُرر تجلس على طرف الحوض ممسكة

معدتها بقوة وتتألم فتوجهت نحوها وقلت " ساعديني يا سراب لننزلها وإن

عجزنا ننادي ذاك الأحمق ليحملها "

أمسكت دُرر بيدي وقالت من فورها " لا .. أنزلاني أنتما لا أريد أحدا يحملني "

قلت ونحن نوقفها برفق " يا غبية أنتي متعبة حتى الله يتجاوز عن هذا "

أخرجناها ونزلنا بها السلالم كل عتبة تئن فيها بوجع وتصر أكثر أن لا يأتي

ليحملها , ليت شقيقها كان هنا لخلصنا من هذه المشكلة , نزلنا ووجدنا

محامي سراب واقفا بحقيبته وقال ما أن رآها " سيدتي جئت من أجل الـ ... "

قاطعته قائلة ونحن ننزل آخر عتبة " ليس وقته عد في وقت

لاحق أو سأتصل بك "

قال من فوره " لكن الـ.... "

قاطعته مجددا بضيق " ألا تراها أمامك ؟ لا يمكنني توقيع شيء

الآن ويمكن تأجيل كل ذلك "

أبعدتُ يدها عنها وقلت " ها قد وصلنا اذهبي له ونحن سنأخذها للمستشفى "

كانت ستقول شيئا فسبقتها دُرر قائلة بصوت ضعيف وهي تسند يدها الأخرى

بباب المنزل " لا تتركيه ينتظر يا سراب ولا تقلقي سأكون بخير "

خرجنا حينها وكانت سيارة إياس أمام الباب وفتح لنا بابها الخلفي وكانت تلك

الطفلة واقفة معه وما أن رأتني حتى فرت هاربة تلك المنحرفة الصغيرة , وهذا

الأحمق سيأخذنا بسيارة الشرطة هل ينقصنا فضائح , رميت له حقيبتي فأمسكها

من فوره مستغربا فقلت وأنا أنزل بها عتبات الباب " أخرج مفتاح سيارة

سراب منها , هل تريد أخذنا بسيارة الشرطة "

قال من فوره " وها أنا بزي الشرطة "


قلت بضيق " تحرك يا إياس فأن تكون بزيك وفي سيارة

عادية أهون ألف مرة "

فتح الحقيبة متوجها لها وتبعته أسندها وهي تحاول كتم أنينها بكل جهدها كي

لا يخرج أمامه , فتح لنا الباب فأركبتها وركبت بجانبها وركب هوا في الأمام

ورمى حقيبتي في المقعد بجانبه وقال ونحن نخرج من هناك " لأول مرة

أرى حقيبة امرأة لا تعج بأدوات الزينة "

قلت ببرود ماسحة على رأس دُرر " لأني لا أحتاجها , وقد بسرعة

لا وقت للحديث عن حقيبتي "

قال ناظرا لي في المرآة ومبتسما " أريد أن أعرف ماذا يفعل مشرط

العمليات في حقيبتك "

تأففت ولم أتحدث فقالت دُرر هامسة بتألم " سأموت يا ترجمان لم يعد

بإمكاني التحمل والنزيف عاد مجددا "

ضممتها بقوة وقلت بعبرة مكتومة " ستكونين بخير توقفي عن

قول هذا يا شقيقتي "

صرخت بعدها فيه " أسرع يا إياس إن حدث لها شيء أقسم أن

أشرّحك بذاك المشرط "

قال بضيق " أنا أسير بأسرع ما لدي فتوقفي عن توتيري أكثر يا ترجمان "

ارتخت حينها يد دُرر المتشبثة بي حتى سقطت في حجرها فضممتها

بقوة وقلت ببكاء " دُرر لا تموتي شقيقتي أرجوك "

ثم صرخت فيه مجددا باكية " لقد أغمي عليها قد تكون ماتت أسرع

يا إياس حلفتك بأغلى ما لديك "

قال من فوره " لو تركتنا جئنا بسيارة الشرطة لاجتزنا الازدحام

بسهولة فجربي نتائج أفكارك "

وصلنا بعدها للمستشفى وأخيرا ونزل إياس راكضا وأحضر ممرضتان

وسريرا يجرانه معهما ووضعوها عليه وأدخلوها نتبعهم حتى دخلوا بها

إحدى الغرف فشددت كم سترته وقلت " أخبرهم يحضروا طبيبة أقسم

إن استفاقت ووجدت طبيبا معها أن تجن "

قال بضيق " ليس الوقت مناسبا لنتشرط عليهم يا ترجمان

وتري حالتها بنفسك "

تأففت وقلت " لأني أعرف دُرر جيدا فأخبرهم يستدعوا ذاك الطبيب

الذي اسمه خالد عمران هوا يعرف زوجها ويجلب لها طبيبة جيدة دائما "

تحرك حينها مغادرا وما هي إلا لحظات وتوجهت نحو الغرفة طبيبة

راكضة يتبعانها ممرضتان ودخلوا لها وما أن وصل إياس عندي حتى

خرجت إحداهن قائلة " نريد دما وزمرتها نادرة يجب أن تحظروا

بديلا للتي سنعطيها لها حالا "

قلت من فوري " أعطوها وسنحضره أعدك "

هزت رأسها برفض وقالت " القوانين لا تسمح لي "

قال إياس حينها " هل تقصدين زمرة الدم بي سالبة "

هزت رأسها بنعم فقال " هي ذات زمرة دمي "

قال متحركة جانبا " ألحق بي إذا "

فتبعها من فوره وبقيت واقفة هناك وحدي , لم أتخيل أن تكون نزفت هكذا

حتى تحتاج للدم !! أو أنه دمها أساسا قليل من شحوبها وقلة أكلها وبكائها

المستمر , لا سامح الله ذاك المغفل الذي تركها وذهب , كان على الأقل

فعل شيئا جعلها تكرهه به ولا تفكر فيه بدلا من أن ترك لها تلك الرسالة

الموجعة ومحلات ومال ليؤكد لها أكثر أنه تركها رغما عنه , مر الوقت

لا شيء سوا خروج ودخول الممرضات لغرفتها وإياس لم يرجع منذ

ذهب ويبدوا غادر المستشفى لعمله وتركني هنا وحدي ذاك الأحمق ولم

يكلف نفسه ولا عناء إخباري أنه سيذهب وأن أتصل به إن احتجنا شيئا

غادرت الممر بحثا عن مكان آخذ منه ماء , أشعر بحلقي سيتكسر من

العطش , ما أن وصلت جهة قسم الاستقبال حتى فوجئت بإياس يقف هناك

عند النافذة الزجاجية في الزاوية حيث تُسلم نتائج التحاليل ولا أتبين من في

الداخل سوا اليدين المستندتان على الطاولة وكانتا لامرأة بأصابع بيضاء رقيقة

وهوا واقف مسندا جبينه بذراعه ووجهه في الفتحة تماما ويضحك , صررت

على أسناني بقوة من الغيظ فهذه صفة جديدة فيه أصبح زير نساء !! ومؤكد

قضى كل ذلك الوقت هنا يتحدث ويضحك مع الممرضات , تحركت بخطوات

غاضبة حتى اقتربت منه وسمعته يقول لها " توقفي عن المزاح الثقيل

ولا تجعليني أندم أني ساعدتك "

قالت شيئا لم أسمعه لانخفاض صوتها ورقته ولم أركز فيه أساسا

وقال هوا ضاحكا " يكفي الوقت الذي ضيعتيه عليا من أجلك "

شعرت بالأبخرة تخرج من رأسي فوكزته بأصابعي على كتفه

فنظر لي فورا وقال " ماذا حدث معها ؟ هل خرجت الطبيبة ؟ "

قلت ببرود " ومهتم كثيرا لأمرها ؟ "

ابتعد حينها عن النافذة وقال محدثا التي في الداخل

" سأكون هنا فإن احتجتِ شيئا أخبريني "

ثم تحرك وبقيت أنا واقفة مكاني فوقف والتفت لي وقال

" هيا ما بك واقفة ؟ "

أشرت بإصبعي للنافذة وقلت " من تلك ؟؟ "

ابتسم وقال من فوره " فتاة طبعا "

كتفت يداي لصدري وقلت " غادر حالا .. أنا من سيهتم بكل

شيء وحدي "

قال بابتسامة ماكرة " لن أغادر ولن أعتبرها غيرة "

تركته وتوجهت للنافذة ووقفت أمامها ونظرت للجالسة خلفها

بصدمة وقلت " سدين !! "

رفعت رأسها لي وقالت مبتسمة " مرحبا ترجمان , كنت سأنهي

عملي هنا وأمر بكم لأرى صديقتك وأطمئن عليها "

تركتها حينها وغادرت عائدة من حيث أتيت مجتازة لإياس دون حتى

أن أنظر له فلحق بي حتى وصلنا ممر الغرفة وجلست على الكرسي

المجاور لها فجلس بجانبي وقال " لن أقول لك فلنتحدث عنا لأنك بالتأكيد

سترفضين فلنتحدث عن سدين وغضبك ألا مبرر منها ووالدتي أيضا "

قلت بسخرية " ولن أرضى عنهم أبدا ومعي حق "

قال بهدوء " لا دخل لأحد بذلك يا ترجمان فأنا من فرضته على الجميع "

نظرت جانبا وقلت ساخرة " نعم وزد من سلبياتك عندي "

تنهد وقال " سدين أكثر من كانت معترضة وما لا تعلميه أنها صرخت

بي وعنفتني أكثر من مرة من أجلك ولأول مرة تفعلها في حياتها

وبكت من أجلك كثيرا "

كتفت يداي لصدري وبقيت على نظري لجانب الممر ولم أتحدث

فتابع قائلا " سدين تمر بظروف تحتاجك بجانبها فهل ستتخلي عنها "

نظرت له وقلت بهمس " ماذا حدث ؟ "

نظر لمفتاح السيارة في يده وقال " وصلت ورقة طلاقها يوم

زفاف رغد "

نظرت له بصدمة وقلت " طلقها !! كنت أعلم أنه أحمق ومغفل

ما بكم رجال الشرطة جميعكم بلا قلوب "

قبض على المفتاح بقوة ونظر لي وقال بضيق " لما يجب

أن تشمليني في جميع المصائب "

قلت بحنق " لأنكم كذلك وما رأيت منكم العكس "

قال بحنق " هي من طلبت الطلاق وهوا لم يكن راضيا "

قلت من فوري " والسبب ؟ "

نظر لي بصمت فقلت بجدية " سدين لن تطلب الطلاق دون

سبب منطقي أليس كذلك "

عاد بنظره ليده وقال " لقد تحصلتْ على فرصة عمل في مركز مشهور

وطلبوا شهادة كفاءة من مستشفى وهي تعمل هنا من يومين "

بقيت أنظر له بصمت وتابع هوا بهدوء حزين ويده لازالت تقبض على

المفتاح بقوة " عجزت مجددا عن إنقاذ زواج إحدى شقيقاتي , وقررت

مجددا قرارا فاشلا عاد على إحداهن بالضرر "

نظرت له باستغراب فهذه أول مرة يفكر فيها إياس في إقحامي في شيء يخص

حياته وشقيقاته ! لأول مرة يشتكي لي عن شيء يؤرقه ! بل لأول مرة يعترف

بعجزه أمامي ! قال بهدوء عندما طال صمتي " حين توفي والدي كنت في السابعة

عشرة ورغد عمرها عشر سنين فقط , سدين وسلسبيل كانتا في الخامسة ... ثلاث

أرواح صغيرة تحتاج من يرعاها معنويا قبل الرعاية المادية , وأُم مكسورة فقدت

زوجها في ريعان شبابها , ومنذ ذاك الحين وأنا أحاول سد مكانه بكل ما كان لي

من جهد وطاقة ولم أتخيل يوما أن يكون نتيجة كل تلك السنوات فشل دريع كهذا "

نظرت له بضياع يشبه ضياع كلماته وقلت بهمس " ولما تعده فشلا ؟ "

نظر لي وقال " ألستِ تريني أنتي فاشلا أحمقا وبلا قلب "

أبعدت نظري عن عينيه وقلت ببرود " ما بيني وبينك شيء وما

بينك وبين شقيقاتك شيء آخر "

وقف حينها وقال " عليا الذهاب لأخذ استئذان وأغير بذلة

الشرطة التي أصبحنا فرجة بسببها وسأعود "

ثم غادر ونظري يتبعه وتمتمت بحنق " وسنبقى فرجة طبعا فضع بودرة

تسمر وجهك واحلق هذه اللحية البنية أيضا كي تبعد الأنظار عنا "

انفتح الباب في الجانب الآخر لي فوقفت من فوري والتفت للخارجة منه

وقلت " كيف أصبحت الآن ؟ "

قالت مبتسمة " حمدا لله لم تفقد الجنين وتمكنا من إيقاف النزيف "

نظرت لها بصدمة وقلت " حامل !! "

هزت رأسها بنعم وقال مستغربة " في شهرها الثالث كيف لا علم لكم ؟ "

هززت رأسي بحيرة مما سمعت وقالت هي " سأكتب لها علاجا وعليكم

الحرص على طعامها وصحتها ونفسيتها أيضا فتبدوا محطمة من جميع

النواحي ولا تراعي وضعها وصحتها , أبقوها هنا يومين تكون تحت

الملاحظة ... وحمدا لله على سلامتها "

ثم غادرت ونظري يتبعها ولازلت لم أستوعب بعد ما قالته فهل كانت دُرر

تعلم ولم تخبر أحدا !! لكن لما ؟ خرجتْ الممرضتان من عندها فدخلت لها

فكانت تنظر للسقف بحزن وشرود وتنفسها يخرج متعبا وقد ازدادت شحوبا

على شحوبها فاقتربت منها وجلست على الكرسي بجانب سريرها وأمسكت

يدها وقلت " أفزعتنا عليك يا حمقاء وكله من دلال حبيب خالته "

نظرت لي وقالت بعبرة ودمعتها ملئت عينيها " تركه لي يا ترجمان , كم

طلبت منه ابنا وإن كان سيموت ورفض وها قد تركه بعده "

شددت على يدها بقوة وقلت " تلك مشيئة الله لا أحد يفرض رأيه فوقها

وسيرجع ونجده وتربيانه معا فتفاءلي "

هزت رأسها بلا ودموعها تنزل من جانبي عينيها وقالت بعبرة

" بث أفقد الأمل يا ترجمان وليتني اقتنع فقط أني لن أراه مجددا "

وقفت وجلست بجوارها على طرف السرير ومسحت دموعها قائلة

" توقفي عن إجهاد نفسك يا دُرر , الطبيبة قالت أن هذا يؤثر على

الجنين ووضعه غير مستقر ففكري فيه على الأقل "

رفعت يدها تمسح دمعتها بطرف أصابعها المرتجفة فقلت بابتسامة حزينة


" كيف تخفيه عنا هكذا يا أنانية ؟ ولا تقولي أنك لم تكوني تعلمين

فهذه ثلاث شهور ليست أسبوعين "

قالت ببحة وصوت ضعيف " لم أكن أعلم أقسم لك فدورتي لازالت

منتظمة , أيامها فقط قلت كثيرا "

ضممت جسدها برفق وقلت بسعادة " سيصبح لدينا طفلا صغيرا

يبكي طوال الوقت أليس هذا جميلا "

قالت بحزن " وأتمنى أن لا تكون فتاة جديدة في حياة قصي

فلا ينقصه مسئوليات "

ابتعدت عنها ومسحت على شعرها أراقب ملامحها المتعبة الحزينة

التي لا تظهر عليها أبدا فرحتها بحملها الأول , مسكينة يا دُرر يبدوا

أن اليأس من زوجك بدأ يتسلل لك شيئا فشيئا ومقتنعة بأنه لن يعود








*~~***~~*







مر الوقت وأنا جالسة مكاني أنظر للورقة في يدي , ورقة ملكيتي للمنزل

بعدما خرج المحامي ووثقها سريعا وعاد , هل فعلا أصبحتُ لا أملك شيء

إلا هذا المنزل ؟؟ كل شيء ضاع وطار في وقت قياسي ! لماذا لم يبع ما لديه

بدلا من أن يأخذ ما لدي أنا أو يعطيني ما عنده مقابلا للمنزل ؟ هل خدعني هل

ضحك علي ؟ لا مستحيل ذاك ليس طبعه , لكنه فعلها وأحرق كل شيء وقتل

الأبقار والمواشي ومؤكد هذا كان مخططه ولا أستبعد أن يسلب مني المنزل

أيضا في غمضة عين , رفعت نظري للخيال الذي وقف أمامي وكانت داليا

وقالت مبتسمة " والدي يريدك في غرفته "

نظرت لها باستغراب فهذه أول مرة يطلبني فيها هناك فما السر يا ترى ؟؟

أمسكتْ بعدها بيدي ووضعت فيها شيئا وقالت " لا يمكنني ارتدائه فلديك

سيكون أفضل , لا أستطيع إغضاب أخي آسر وهوا من منع عنا

ارتداء الذهب والخروج به "

نظرتُ للسوار الذهبي في يدي على صوتها قائلة " هل أنتي غاضبة مني ؟ "

رفعت نظري لها وهززت رأسي بلا بابتسامة حزينة فقالت بذات ابتسامتها

البريئة الجميلة " إنه جميل , ولو أنه لم يمنعنا لما كنت أعدته لك

لكن ظلم أن أحتفظ به ولا ألبسه "

ثم وضعت في يدي خاتم الزواج أيضا وقالت " صفاء مثلي كانت

خجلة من رده لك لكنك بمعزة أخي آسر لدينا ومؤكد لن تغضبي منا "

قلت بابتسامة " ومن يستطيع أن يغضب منكم "

قبّلت حينها خدي سريعا وقالت مغادرة " شكرا لك يا سراب "

عدت بنظري لكفي والسوار والخاتم فيه ثم وقفت قابضة عليهما فيبدوا أنه

عليهما أن يرجعا لصاحبهما الأساسي , توجهت جهة غرفة العم صابر وأشعر

بقلبي يتمزق من فكرة أن أرجعهما له وتلبسهما واحدة غيري يتزوجها , قد أنكر

أي شيء لكن إن تزوج أقسم أن أفقد عقلي حينها وهذا ما على قلبي الغبي هذا

الاقتناع به وأن ييأس من ذاك عديم المشاعر , تنفست بقوة ومددت يدي للباب

الشبه مفتوح وطرقت عليه ودفعته فقابلني جالسا على السرير وكان وحده في

الغرفة فنظرتُ للأرض وقلت بحياء " سأذهب لأنادي عمتي سعاد , آسفة

لم أكن أعـ.... "

قاطعني قائلا " ادخلي واتركي الباب مفتوحا يا سراب فأنتي في حسبة ابنتي "

دخلت حينها بخطوات بطيئة مترددة , فكبيرة في حق نفسي أن أدخل غرفته وإن

كان في عمر والدي وأحسبه والدي بالفعل مما رأيت منه , جلست على الكرسي

الذي أشار لي لأجلس عليه وقال ما أن جلست " أخبرني آسر عن

طلبك ببقائنا في المنزل وعن بيعه حصتك له "

رفعت رأسي له سريعا وقلت " حلفتك بالله عمـ... "

فقال من فوره " لا تقسمي يا سراب "

فبلعت الحروف وملأت دموعي عيناي قائلة بعبرة مكتومة

" هذا منزلكم مثلي وأكثر فلا تقل أنك رفضت "

هز رأسه بنعم فقلت بضيق ماسحة الدمعة التي نزلت على خدي

" هوا من أخبرك لترفض أليس كذلك "

هز رأسه بلا وقال " بل أنا من لم أرضاها "

كنت سأتحدث وأعترض فسبقني قائلا " أنتي في حسبة ابنتي يا سراب

ومنزلك أعده منزلي لكني لا أرضاها له وهوا ابني وفعل من أجلنا

مالا يفعله ولا حتى الابن "

قلت من فوري " لكنه من أراد هذا ووافق عليه "

قال بهدوء " وأنا لا أرضاها لنفسي وأعتقد أنك لن ترضيها

لي ولن تشعريني بعجزي يا سراب "

قلت نافية " أبدا لم يكن هذا ما أعني مما فعلت واشترطت عليه , أنا

لا أريد أن تخرج الطفلات من هذا المنزل , لا أريد لأحلامهن

أن تنهار , وأنا لست بحاجته كله "

قال بذات هدوئه " عليهن أن يقتنعن بواقعهن فلا يوجد حال يدوم كما عليه

فمثلما تغير حالهم من أشهر وخرجوا من ذاك الفقر عليهم أن يقتنعوا

بذهاب هذا أيضا , ثم المنزل الذي سيشتريه سيكون أفضل من ذاك

بكثير وأكبر وشبه جديد "

فتحت فمي لأتحدث ثم سرعان ما أغلقته حين عجز لساني عن قول

أي شيء وقال هوا " أفهم موقفك يا ابنتي فافهمي موقفي أيضا فحتى

إن رجعتِ لآسر وعاش معك هنا فلا مكان لنا فيه وهوا ملك لك "

قلت من فوري " لكنك تقبله منه فلما أنا لا ؟ "

قال بابتسامة صغيرة " هوا رجل يا سراب وهذه كبيرة في

حقه , أقسم أني لن أرضاها له يا ابنتي "

قلت باستنكار " لكنه رضيــ... "

قاطعني قائلا " آسر ابني وأنا معه فيما يقرر ويقول ولازلت حتى الآن لا

أتدخل في شيء بينكما ولم أفتح معك موضوعه أبدا لأني أحترم رجولته
وأريد أن يفعل هوا ذلك وأن تفهميه أنتي بنفسك فأنا أكثر من يعلم

كيف يفكر آسر "

وقفت حينها وخرجت من الغرفة راكضة ولم أفكر في آخر كلامه ولم أحاول

تفسيره فقد كنت مصدومة ... مصدومة من كل هذا , لما أخسر حتى هذه العائلة

الطيبة التي أصبح وجودها في يومي شيء لا غنى لي عنه ؟ وصوت ضحكات

طفلاتهم في الحديقة وحده ما يحسن مزاج يومي , ماذا إن عادت ترجمان لزوجها

أو ذهبت لعمها ؟ وماذا إن ذهبت دُرر لأهلها أو عاد زوجها ؟ كيف يريدون مني

العيش في هذا المنزل الضخم الواسع وحدي ؟ لا أحد يتحدث معي ولا أحد يرد

كلماتي إلا صدى جدرانه الخالية الباردة , هل هذا ما تريده يا آسر ؟ هل هذا ما

تخطط له ؟ أن تنفيني في هذا المنزل وحيدة ومعدومة وكارهة لكل شيء

حولي حتى هذه الفخامة التي حلمت بها كل حياتي







*~~***~~*








نظرت له بترقب وقلت " ماذا أخبرك السيد شاكر "

قال من فوره " كل شيء يسير كما طلبت سيدي وسيخبرونه بما أمرت

به , هوا مسافر حاليا ويحتاج لأسبوع أو أكثر ليأتي بوالدته وجدته وخالته

ومؤكد سيوقف البحث عنه ما أن تصله المعلومات التي طلبت إيصالها له "

تنهدت وقلت بحزن " هذا جيد ولا أريد أن يشك بشيء مفهوم "

ضرب التحية قائلا " مفهوم سيدي "

ثم توجه للباب خارجا منه وأغلقه خلفه فأخرجت هاتفي واتصلت

بغدير فأجابت من فورها قائلة " مرحبا عمي "

قلت بهدوء " كيف هي والدتك الآن "

قالت بحزن " صعدت لجناحكما ومنعتني من اللحاق بها "

تنهدت بضيق وقلت " اصعدي لها ولا تأبهي لطردها لك

واتصلي بي لاحقا حسنا "

قالت من فورها " حسنا "

ثم أنهيت الاتصال معها لحظة دخول آسر ببذلة عمله وضرب التحية

فأشرت له بيدي للكرسي أمامي وقلت " زميلك أوقف عمله اليوم

وأنت تارك مكتبك ما تريد ؟ "

جلس أمامي وقال " سفري سيكون نهاية الأسبوع "

هززت رأسي بحسنا وقلت " سأعطيك شهرين كاملين متى عدت

فيهما تباشر عملك فورا "

هز رأسه بحسنا مبتسما ثم قال " وأمر آخر "

أشرت له ليكمل فقال " أواس سيدي "

نظرت له باستغراب وكنت سأتحدث فسبقني قائلا " مختفي منذ

عودته من سفره ومؤكد لديك علم , ولقد بحثنا كثيرا ولم نجده "

تنفست بقوة وقلت " أعلم وأوقفوا البحث عنه فورا "

نظر لي بصدمة فقلت قبل أن يتحدث " هذا أمر يا آسر وليس طلبا "

قال من فوره " ولما ؟ "

وقفت وقلت " أخرجوه من رؤوسكم وانتبهوا لأعمالكم وحياتكم "

وقف على طوله وقال بصدمة " مات !! "








*~~***~~*









نظرت بشرود لوالدتي وخالتي الجالستان أمامي وشبه نصف مُركز مع حديثهما

عمّا سنفعل قبل سفرنا وانتقالنا وما بقي من تجهيزات فتفكيري كان مع دُرر

ولست أعلم كيف أطعتها وتركتها هناك بعيدة عني وأنا أعلم بحالتها والله وحده

يعلم ما قد ينجلي لها من حقائق عن زوجها المختفي وهي بهذا الضعف والوهن

فقد تفقد حتى حياتها وسأعيش ألوم نفسي لباقي عمري , فبوجودي بجانبها على

الأقل أستطيع أن أمهد لها أي أمر وأخفي عنها بعضه حتى تتخطى صدمتها

وما تمر به حاليا , نظرت للأرض ومررت أصابعي في شعري مغمضا

عيناي بقوة , لو أجدك يا أواس لا أعلم ما سأفعله بك قبل أن أسلمها

لك , ولولا حالتها هذه ما تركتك ترى ظفرها ما حييت

" قصي يبدوا أنك لست معنا أبدا "

رفعت رأسي ونظرت لهما وقلت " أكذب لو قلت أني مركز معكما

فذهني مع دُرر وإن كان جسدي هنا "

قالت جدتي من بعيد حيث تجلس تتفقد أشيائها التي جمعاها لها في حقيبتها

" أخبرتكما من البداية أن لا تكثرا الثرثرة على رأس حفيدي , خمس

وعشرون عاما وهوا يستمع لكلامكما الذي لا يتوقف ولا لأخذ النفس "

ابتسمت لها بحنان وهي ترمي أحد الفساتين من حقيبتها جاهلة أو متجاهلة

نظرات الضيق التي يرسلانها لها وتابعت قائلة " رحمك الله يا حفيدي

بشقيقة قليلة كلام وأنصحك أن تتزوج من خرساء "

ضحكتُ حينها وقالت خالتي راحيل بضيق " وأنتي يا أمي لا أراك

صامتة طوال الوقت , يكفي حكاياتك المتكررة التي تحكيها له دائما "

أخرجت هاتفي على حديثهن أو تجادلهن المعتاد واتصلت بدُرر فأنا لم أسمع

صوتها اليوم ويبدوا هذا سبب انشغال بالي عليها , رن الهاتف مطولا حتى

انقطع الخط ولم تجب فكررت الاتصال مجددا وأجابت أخيرا فقلت

باستغراب ما أن سمعت صوتها " دُرر ما به صوتك ؟ "

قالت بصوت ضعيف " لا شيء قصي أنا بخير "

قلت بحزم جعل حديثهن حولي يتوقف تماما " لا لستِ بخير فما بك ؟ "

قالت بنبرة يشوبها بكاء " أعطني أمي يا قصي "

قلت بجدية " لن أعطيك أحدا , قولي لي فأنا وأمي واحد "

قالت برجاء ضعيف " أعطها لي يا قصي أرجوك "

استلت والدتي الهاتف مني فتأففت وقلت من بين أسناني

" ما كان عليا تركها والمجيء "

وقالت أمي ما أن وضعت الهاتف على أذنها " دُرر بنيتي ما بك ؟ "

ثم شردت بنظرها تستمع لها وكأنها تنوي قتلي بكل هذا الصمت ثم

نزلت دمعتها مبتسمة بحزن ومسحتها قائلة بذات ابتسامتها الحزينة

" مبارك لك يا ابنتي هذا أجمل خبر سمعته "

نظرت لها باستغراب ولم أفهم شيئا فقالت بحزن " توقفي عن البكاء

يا دُرر سنجده وسيعود وتربيانه معا ففكري في صحتك

الآن فلم تعد ملكك وحدك "

وقفت حينها لحظة ما أنهت مكالمتها معها وقلت بضيق " وكأنه ينقصها

أشياء تربطها بذاك الذي تركها ورحل "

قالت أمي تمسح دموعها " لعله رحمة لها وينسيها ويسليها يا قصي "

هززت رأسي بقوة وتأففت وقلت " سأحجز لنا على أقرب رحلة

وسألغي حجزنا السابق , لن أكون مطمئنا وهي ليست أمام عيني "

قالت والدتي من فورها " لكن ابن خالتك طائرته ستنزل بعد

يومين , كيف نذهب قبل قدومه ؟ "

قلت بضيق ملوحا بيدي " ما كان عليا تركها هناك بعيدا عنا

يا أمي , وغياث سيُقدر ظروفنا "

وقفتْ جدتي تستند بعكازها قائلة " تحركا واجمعا باقي أغراضي

بسرعة , قلت من البداية لا تتركوا أغراضي للأخيرة "

وتحركت أنا حينها جهة باب الشقة قائلا " خذوا الضروري فقط

والباقي لسنا بحاجة له وسنشتريه من هناك "

ثم فتحته وخرجت ضاربا له خلفي وغادرت





*~~***~~*






أنهينا عشائنا وجلسنا في المجلس العائلي وجلست حلا بقربي نتبادل الأحاديث

ووحدها كانت المتقبلة لي على ما يبدوا وريحان التي تلعب مع ندى وتلاعبها

طوال الوقت أما زوجة عمي ونورس التي وجدتها معهم فتعاملهما كان متحفظا

جدا , لم تقولا لي كلمة جارحة ولا بالتلميح لكنهما لم تتصرفا معي كما كانتا في

الماضي , وكانت حلا من روّح عني وخفف كل ذلك لأن بسام جاءه اتصال

من أحدهم وخرج من قبل العشاء بوقت , قالت حلا بحزن

" كم حزنت على طلاق سدين "

نظرت للأرض وقلت " لم يكتب لهما الله أن يتما معا وسيرزقها

بأفضل منه "

ولطف الله بي أن أي من زوجة عمي وابنتها لم يعلقا على هذا خاصة أن

سدين سبق ورفضت ابنهم فؤاد , أما حلا فأتوقع هذا منها فهي صديقة

مقربة من سدين وتحبها كثيرا , دخل حينها بسام ونظر لي من فوره مبتسما

فنظرت للأسفل وابتسمت بحياء فألقى التحية وتوجه نحوي من فوره وجلس

بجانبي وأمسك يدي وقبّلها أمامهم وقال " آسف تأخرت عن العشاء

معكم وسنعوضها في القادم "

قالت والدته من فورها " هل أصاب أحدهم مكروها ؟ "

قال مستقبلا ندى التي ركضت نحوه " نعم "

ثم تابع وهوا يجلسها على فخذه " صديق لي تعرض لحادث

سيارة لكنه بخير مجرد كسور بسيطة فقط "

ثم وضع يده في جيبه وأخرج منه شيئا وأعطاه لندى ثم نظر لي

بنصف عين فتنهدت بضيق وقلت هامسة " حسابك معي فيما بعد "

ضحك وقبل خد ندى التي انشغلت في بيضة الشكلاتة وقال هوا

" في المرة القادمة سنطبق الأوامر أما هذه المرة فلم أستطع "

نظرتُ له بشك ثم قلت " مؤكد لم تأكل ؟ هل أضع لك العشاء "

هز رأسه بنعم دون كلام منشغلا مع ندى في فتح اللعبة التي فيها فوقفت

وغادرت من هناك وتوجهت للمطبخ لأسخن له ما بقي من العشاء , وقفت

عند الطاولة أنتظر ما في الفرن بذهن شارد ثم قفزت مفزوعة للشيء الذي

لامس خصري فكان بسام وضحك قائلا " في ماذا شاردة كل هذا الوقت "

دفعته من كتفه وقلت " أفزعتني , ثم منذ متى وأنت هنا ؟ "

قال وهوا يأخذ حبة زيتون ويأكلها " منذ قليل "

مرّت حينها عمتي من باب المطبخ لكنها لم تنظر ناحيتنا فوكزته وقلت

هامسة " عد لهم هناك , قد تفهم والدتك حركتك هذه بشكل سيء "

أخذ حبة زيتون أخرى وقال وهوا ينظر لها " رغد لا تقيدي

نفسك بأفكارهم وما يعتقدون "

ثم رماها في فمه وقال " نحن زوجان ولنا حياتنا التي لا يتدخل فيها أحد "

تنهدت باستسلام ويأس منه فوضع يده في جيبه ونظر لي وقال مبتسما وحبة

الزيتون لازالت في فمه " أحضرت لك شيئا ولأنه لا صبر عندي

حتى نرجع للمنزل جئتك هنا لأعطيه لك "

قلت بنصف عين " شيء وأنت كنت في المستشفى ! لا

يكون حقنة أو معقم جروح "

ضحك فجأة ثم أمسك فمه بيده ونظر لي بصدمة فقلت بخوف

" بسام ما بك ؟؟ "

أبعد يده وحرك لسانه في فمه وقال " بلعت حبة الزيتون "

فلم أستطع إمساك ضحكتي فقال مبتسما وهوا يخرج ذاك الشيء من

جيبه " وقد تكون بيضة كابنتك "

نظرت له بصدمة وهوا يرفعها أمام وجهي وليتها كانت بيضة شكلاتة

بل العلبة التي توجد بداخلها يضعون فيها اللعبة فنظرت له وقلت ببرود

" وأين الشكلاتة ؟ هل أكلتها "

ضحك وقال " بل ندى من أكلتها , لا أعلم أين تذهب بكل تلك

الشكلاتة التي تأكلها "

قلت مبتسمة أنظر له بفضول وهوا يفتحها " لم ترى الشِجارات الطاحنة

بينها وبين سلسبيل كلما جلب إياس الشكلاتة سابقا "

ثم شهقت بصدمة وأنا أرى السلسال الذي أخرجه منها وللقطعة المعلقة به

ونظرت له وقلت بصدمة " ماس يا بسام !! "

قبّل خدي ونزع حجابي وقال وهوا يلفه حول عنقي " قطعة صغيرة بالكاد

تُرى لكن هذا ما قدرت عليه ولا تقلقي فالسداد فيها بالدفعات "

تنهدت بضيق قائلة " هذا مكلّف كثيرا يا بسام وراتبك لن يتحمله "

أعاد شعري للخلف وضمني من ظهري لصدره قائلا

" لا شيء أغلى منك يا ألماستي فاشكريني على الأقل بدلا من

أن تصدميني باعتراضك "

أبعدت يديه وابتعدت عنه قائلة وأنا أعيد حجابي " ألا تخاف أن

يدخل علينا أحد أخوتك أو عمي ؟ "

ثم فتحت الفرن وقلت وأنا أخرج الصينية منه " اذهب للطاولة لأحضر

لك عشائك والشكر اتركه في منزلنا "

ضحك وقال مغادرا " إذا أنتظر ولا تنسي فيما بعد "

راقبته حتى خرج وهززت رأسي مبتسمة ثم ضممت السلسال لصدري

من فوق الحجاب وهمست بسعادة " ليحفظك الله لي يا بسام يا أروع

هدية تلقيتها في حياتي "







*~~***~~*








أبعدتْ يدي وقالت " يكفي يا ترجمان لا أستطيع أكل أكثر من هذا "

قلت بإصرار " بل ستأكلين أو استدعيت لك الممرضة لتحقنك

بالحقنة الضخمة المليئة بالفلفل "

ضحكت بتعب فقلت ضاحكة " تذكرين هذه الحقنة إذا ؟ "

قالت بابتسامة حزينة " ما كنتما سترضيان لو لم أكن أخيفكما بها "

قربتُ قطعة التفاح لفمها أكثر فأخذتها مني ووضعت يدها في حجرها

قائلة بحزن " قصي قال أنهم قادمون غدا "

قلت مبتسمة " هذا خبر رائع وسنتعرف عائلتك أخيرا "

نظرتْ ليدها وقالت بذات حزنها " لكن خالتي كانت تنتظر ابنها

المسافر ليروه فسيمر بهم قبل أن يكمل رحلته وبهذا لن تراه أبدا "

تنهدت وقلت " لكنك أنتي تحتاجينهم أكثر من احتياجها هي لرؤيته "

مسحت دمعة تسللت من عينها وقالت " أكره أن أكون أنانية , أكره أن

يضحي الغير من أجل راحتي فقط , وأشعر بالذنب حقا فهي لا

تراه إلا نادرا "

تأففت وقلت بضيق " وكوني الآن غير أنانية وفكري في ابنك

الذي سيؤثر فيه كل هذا يا دُرر "

وضعت يدها على بطنها ونظرت لها وقالت بابتسامة صغيرة حزينة تعيسة

" لا أصدق حتى الآن أنه موجود هنا بداخلي يا ترجمان "

مسحت عيناي بقوة قبل أن أبكي وقلت بحماس " ولا أنا أصدق هذا

وكل ما أريده أن أضع أذني عليها وأعلم ماذا يفعل الآن "

خرجت منها ضحكة صغيرة غلبتها وقالت ولازالت تتحسس بطنها بيدها

" ماذا سيفعل برأيك ؟ نائم ويحلم طبعا "

ثم نظرت لي وقالت بحزن " ولا يعلم أنه سيخرج ولن يجد والده "

تنهدت بضيق وكنت سأتحدث لولا أوقفني الصوت الذي نادى من

الخارج قائلا " ترجمان "

فنظرت للأعلى ولويت شفتاي بضيق فقالت دُرر بعتب " ترجمان

اذهبي له فورا , يكفي تعبه معنا اليوم "

وقفت وقلت " أخبرته أن لا يتعب نفسه وأني سأتكفل بكل شيء

لكنه يريد التعب لنفسه "

قالت بهدوء " من أجلك يفعل كل هذا فقدّري هذا له على الأقل "

قلت ببرود " إن قدّرته له سيرمني بأقوى ما في قدمه من قوة , هكذا

هم الرجال دائما يا دُرر "

قالت من فورها " خطأ وأنتي تعلمين ذلك جيدا وهذا الكلام ليس من قلبك

فقد أحببتُ زوجي وجربت معنى كل ما تشعر به المرأة حيال الرجل "

أشرت بسبابتاي أمام وجهي بعلامة أكس وقلت " وإن يكن , فعليه أن

لا يلاحظ ذلك وعليك أن تكوني في غنى عنه دائما "

هزت رأسها بيأس على صوته مناد باسمي مجددا فتوجهت للباب

وخرجت وأغلقته خلفي فقال بابتسامة جانبية " لا تخافي لن أسرق

نظري لها في الداخل "

قلت ببرود " بل لا أريد أن يسمع ابنها صوتك ويموت من الخوف "

ضحك وغمز بعينه وقال " ومتى دورنا نحن "

نظرت له بصدمة فحرك كفه أمام وجهي مفرود الأصابع وقال " لا لا لا

اقطعي هذا المشهد من الفيلم لقد دخل عليه بالخطأ "

قلت ببرود " لا بأس سنقطعه هذه المرة "

كتف يديه لصدره واتكأ بكتفه على الجدار وقال ناظرا لعيناي

" كنت أريد أن أسأل إن كنتما تحتاجان شيئا "

هززت رأسي بلا دون كلام ثم قلت " ولا تنظر لي هذه النظرة مجددا "

أغمض عينيه وقال " حسنا لن أنظر لك أبدا "

قلت ببرود " يكون أفضل "

فتح عينيه حينها وأمسك يدي وسحبني منها للغرفة المجاورة وفتح بابها

ودخل بي وأغلقه فكانت بسريرين وخزانة واحد وحقيبة ملابس يدوية وطاولة

عليها كيس طعام وتبدوا غرفة الممرضات التي سينامون فيها فقلت محاولة

شد يدي منه " إياس ماذا تريد بي ؟ قلت لك لا نحتاج شيئا وشكرا لك "

وضع يديه وسط جسده وقال " جيد تذكرتِ شكري أخيرا "

قلت ببرود " لأن دُرر طلبت مني شكرك نيابة عنها ونسيت "

أمسك ذراعاي وقال ناظرا لعيناي " علينا أن نتحدث عنا الآن "

هززت رأسي بلا فقال " بلى فاستمعي لي على الأقل "

رفعت يداي وأغلقت بهما أذناي ورغم ذلك تحدث قائلا

" أعلم أنك تسمعينني "

هززت رأسي بلا فقال مبتسما " وجوابك هذا هوا الدليل "

ثم قال بجدية " أنا أحبك يا ترجمان ومن قبل أن أتزوجك , بل من اللحظة التي

وقعتِ فيها على صدري في ذاك المجمع فحين نظرتُ لعينيك شعرت بشيء

لم أشعر به اتجاه أي فتاة قابلتها سابقا , ولست أعلم لما شعرت حينها بالغضب

من ذاك الذي أسمه فراس وكنت أضن أنك صادقة وتضنين أني هوا وكل ما

كنت أخشاه أن يكون زوجك أو حبيبك "

أبعدت يداه عني وتراجعت خطوات للوراء قائلة " كاذب "

قال بهدوء " أقسم لك أن ذاك ما حدث "

قلت بجمود " وماذا عما قلته في أول ليلة لنا معا "

تنهد بقوة وقال بهدوء " لم يكن كلاما من قلبي , كنت أكاد أجن وأنتي معي

تنامين بقربي ولا أستطيع ولا لمسك بطرف أصبعي , كل ما أردته وقتها أن

نتوصل لاتفاق قبل أن نبني حياة لنا معا قد يكون نتيجتها طلاق محتم بعدما

نرتبط بابن أو أثنين ويعانيان بسببنا "

كنت سأتحدث فأشار لي بيده وتابع قائلا " بعدما علمت بكذبتك وسرقتك

لمحفظتي وتوالت لقاءاتي بك كنت أصارع مشاعر متضاربة ومتناقضة في

داخلي بين إعجابي بك من نظرتي الأولى لك وشخصيتك التي تناقض ما أريده

في المرأة التي سأرتبط بها , وحين حدث ما حدث وطلب مني خالي رِفعت أن

أتزوجك كان اعتراضي ليس عليك في ذاتك بل على تناقض شخصياتنا وأفكارنا

وكنت أعلم أن ذلك سيجلب لنا الكثير من المشاكل , والأقسى على قلبي أني كنت

موقنا من أنك لا تحملين لي ولا ذرة مشاعر , أما أن تكوني لغيري بعدما

علمنا أنك ابنة خالي المفقودة فتلك فكرة ما كان سيتقبلها عقلي أبدا "

هززت رأسي بلا بقوة قائلة " لن تقنعني مهما حاولت "

ثم ركزت نظري على عينيه وقلت بأسى " أنت جرحتني مرارا يا إياس

أهنتني وقسوت عليا بكلماتك ولم تقدر مشاعري كإنسانة تشعر بالإهانة

كغيرها من البشر "

اقترب مني حتى أصبح واقفا أمامي وأمسك وجهي بيديه وقال مركزا نظره

في عيناي " كنت أتعذب أكثر منك , حتى في الليالي التي كنتِ تضنين فيها أني

نائم في حضن امرأة غيرك كنت مسهدا وفي أرق كبير من مجرد نومي بعيدا

عن سماع أنفاسك وأنتي تضنين أني لا أفكر بك قط , كانت تلك الفكرة

تقتلني وتؤرق نومي "

قلت بجمود ونظري ثابت على عينيه " لكنك كنت تقسوا عليا صباحا

وتعاملني ببرود وجفاف , كيف أُصدّق أن ذاك ما كان يحدث معك ليلا "

وضع أنفه على أنفي وقال هامسا " آسف يا ترجمان ذنبي كان أني

لم أفهم طبيعة حياتك وأني فكرت في نفسي فقط "

بقيت أنظر له بصمت وجمود وإن كنت في موج عاصف من المشاعر

وقال هوا بذات همسه ولازال أنفه ملتصقا بأنفي " كان عليا أن أقسوا

عليك من أجل قلبي الذي يحبك ولا يجد منك أي مشاعر "

أغمضت عيناي برفق وكأني أريد الهرب من عينيه ولو كان بيدي لقتلت

الإحساس عندي كي لا أشعر بأنفاسه على وجهي ثم قلت هامسة مثله

" أعمى وغبي "

وما كنت أخذت نفسي من قوة ما قلت على قلبي حتى وجدت شفتاي

في حصار شفتيه وخلّصت نفسي منه بصعوبة وابتعدت عنه لترتطم ساقاي

بالسرير خلفي ووقعت عليه جالسة وقلت بضيق " أحمق , ماذا تفعل ؟ "

قال مبتسما ومحركا سبابته على شفته السفلى برفق " من فرحتي

فلم أصدق أنك كنتِ تحبينني "

مسحت شفتاي بظهر كفي وقلت بضيق " هذا لن يشفع لك , ولا ألف

كلمة ولا اعتذار يا إياس تفهم "

هز رأسه بلا وقال " لا يهم "

وقفت حينها وقلت مغادرة جهة الباب " لا تفرح بكلمة مما سمعت

فأنت خسرتني تفهم , خسرتني للأبد "

وخرجت من هناك وعدت لغرفة دُرر التي قالت ما أن دخلت

" لما لا ترجعي للمنزل وترتاحي ؟ لا أرى فكرة بقائك معي

هنا صائبة "

جلست على الكرسي وقلت بإصرار " لن أذهب ولو طردتني بحدائك

ولا خلاص لك مني وسنخرج من هنا معا ولن أتركك وحدك "

اتكأت للخلف ونظرت لي وقالت بابتسامة حزينة " ما بك ؟

ما الذي تحدثتما عنه عكر مزاجك هكذا "

قلت باستياء " لا تتحدثي عنه رجاءا يا دُرر , لا ينقصني تعكير

مزاج بسببه "

قالت بحزن ودموعها تملأ عينيها " أتمنى أن لا تجربي فقدانه يا

ترجمان فهوا أقسى من الموت , فلا تضيّعي أي يوم بعيدا عنه "

قلت ببرود " عليك أن تفهمي يا دُرر أنه ثمة فرق كبير بين زوجك

وبين الأحمقين الآخران "

مسحت عيناها وقالت ببحة " بل الفرق بيني وبينك فقط "

رن حينها هاتفي وكانت المتصلة سدين فقد تهربت منها حين أتت هنا

نهارا , أجبت عليها فقالت من فورها " مرحبا ترجمان , كيف

أصبحت دُرر الآن "

قلت بهدوء " أفضل بكثير "

قالت من فورها " ترجمان سامحيني أرجوك , أقسم ما كان الأمر

بيدي وما كنت موافقة عليه طوال الوقت "

تنهدت باستسلام وقلت " سأجرب أن أسامحك وتعرفينني جيدا أصعب

شيء قد أقوم به هوا أن أغفر لمن أخطأ في حقي "

قالت بصوت مبتسم " بل لا تغفرين أبدا والمسامحة بند لا وجود له

في قاموسك وأعان الله أخي على مصابه "

قلت ببرود " قد أسامح الجميع حتى تلك الشاحبة أما هوا فلا "

تنهدت وقالت بهدوء " لكنه يحبك حقــ... "

قلت مقاطعة لها " سدين لا تجعليني أغضب منك مجددا "

قالت من فورها " لا لا كله إلا غضبك , وداعا الآن وسلمي

لي على دُرر وسأزوركما غدا ما أن أصل للمستشفى "

أنهيت الاتصال معها وقلت " ترى ما حدث مع تلك المغفلة

سراب لم تأتي لرؤيتك ؟ "

" لا مغفلة إلا أنتي "

نظرت للخلف حيث الواقفة عند الباب يداها وسط جسدها تنظر لي بضيق

فركزت نظري على عينيها المحاطتان بهالة من الاحمرار ثم عدت بنظري

أماما وقلت محدثة دُرر " كم تتوقعي ساعة بكت ؟ أنا أتوقع خمس

ساعات , قولي أنتي كم والفائزة لها جائزة "

أمسكت دُرر ضحكتها ولم أشعر إلا بالحقيبة التي ضربت رأسي فوقفت

من فوري صارخة فيها على صوت دُرر المتعب قائلة " لا تتشاجرا

في المستشفى ويطردونا ثلاثتنا "

تحركتْ حينها سراب من أمامي قائلة " من أجل دُرر فقط لكنت

عرفت كيف آخذ بحقي منك "

ثم توجهت لدُرر وحضنتها بقوة قائلة " مبارك لك يا شقيقتي

هذا أجمل خبر سمعته في حياتي "

قالت دُرر بابتسامة متعبة " شكرا لك يا سراب "

ثم ابتعدت عنها ونظرت لي بنصف عين وقالت " خرجتِ بنتيجة ليس

كالفاشلة التي كانت تنام معه في سرير واحد ولم تحمل ولا بنملة "

ضحكت وقلت " نعم رأينا الفيل الذي أنجبته أنتي "

تجاهلتني وجلست على طرف السرير تمسك يد دُرر التي

قالت " ما بك يا سراب ؟ ماذا حدث "

تنهدت ونظرت ليديهما وقالت بحزن " لم أعد أملك إلا المنزل بطابقيه

وأخذ كل شيء حتى عائلة العم صابر وبقيت وحدي في ذاك المنزل

المخيف الموحش فحتى أنتما لابد وأن تعودا لعائلاتكما "

قلت بضيق من خلفها " غبية !! كيف تركته يضحك عليك هكذا "

قالت بألم وحسرة " وما كنت سأفعل بمزرعة ومعمل خاليان لن أنتفع

بهما ؟ فأن تكون لي ملكية المنزل لوحدي بلا شراكته أفضل "

قلت بحنق " مغفلة .. كنتِ بعتهما واستفدتِ بثمنها لكن

عقلك متوقف عن العمل دائما "

كنت أتصور أن تهاجمني بلسانها لكنها فاجأتني بأن اتكأت على يدها

وانخرطت في بكاء مرير فتقدمت دُرر في جلستها وضمتها برفق قائلة

" توقفي عن البكاء يا سراب أرجوك "

ولم تزدد سوا بكاء على بكائها ودُرر تمسح على ظهرها ونظرت

لي بعتب فقلت " آسفة يا سراب لم يكن هذا ما أقصده لكني أكره

استبداده لك وتسلطه عليك "

ابتعدت عن حضن دُرر وقالت ببحة ماسحة خديها " انتهى كل شيء

وعليه أن يطلقني , لو فقط ترك تلك العائلة في المنزل الذي طالما

حلموا به وانتظروه بدلا من أخذهم لمنزل ضيق عادي "

قلت بضيق " لو أفهم فقط ما يفكر في فعله ذاك اللص "

قالت بحزن " لا يمكنكما تخيل ما يعنيه ذاك المنزل للطفلات فلطالما

كان حلما لهن , فأن تحلم بشيء طوال حياتك ولا تراه أهون مئة

مرة من أن تمسكه بيدك ثم يضيع منك "

قالت دُرر بشبه همس " سيكون أمرا قاسيا عليهن "

قلت بأسى " أجل فنحن أكثر من يفهم معنى أحلام الأطفال "

مسحت سراب خديها وعينيها وأنفها ثم قالت بصوت مبتسم


" لا أصدق أنه سيكون بعد أشهر قليلة لديك طفل أو طفلة جميلة "

قفزتُ على السرير جهة ساقي دُرر وقلت مبتسمة " بل قولي لدينا

فبالنسبة لي سأرابط لديهم ما أن تنجبه "

نظرت لي بنصف عين وقالت " أنتي أخبريني كيف سمحوا لك

بالبقاء معها هنا وأنا أدخلوني لزيارتها بصعوبة "

قلت بابتسامة جانبية " النصف ضابط ظهرت له منفعة صغيرة "

نظرت لدُرر وقالت " أرأيتها ؟ لازالت حتى الآن تتبطر على ما لديها "

قالت دُرر بابتسامتها الحزينة المتعبة " ستعرف قيمته يوما عندما تحتاجه

ولا تجده أمامها "

رفعت شعري وأمسكته وقلت ببرود " لن أحتاجه , أنا قادرة على فعل

كل شيء لنفسي بنفسي ولم أحتج لرجل طوال حياتي "

قالت سراب بحماس " إن كانت فتاة فسميها سراب "

شهقت بقوة وقلت " وهل ينقصنا غبيات طويلات لسان "

نظرت لي بضيق وقالت " بل ينقصنا لصات متسلقات جدران لذلك

سنسميها ترجمان أفضل "

وعلى شجارنا على الاسم دخلت إحدى الممرضات قائلة

" المريضة تحتاج للهدوء أو أخرجناكما كليكما "

وقفت سراب وقالت " لا داعي لذلك سأغادر وحدي "

ثم خرجت قائلة " سآتي لزيارتك غدا يا دُرر "





*~~***~~*







طرق أحدهم الباب ودخل فقلت بدون أن أرفع رأسي " اتصَل بي

إياس وقال أنه قادم فغادر يا محمود دورك انتهى "

ثم رفعت رأسي سريعا للذي ضرب التحية وقال " سيدي ثمة امرأة

تريد مقابلتك "

نظرت له باستغراب وقلت " امرأة في هذا الوقت ؟؟ من تكون ؟ "

قال من فوره " رفضت قول اسمها "

أغلقت الدفتر أمامي وقلت " أدخلها بسرعة "

ضرب التحية مجددا وخرج وتركني أنتظر بترقب صاحبة كعب الحداء

الذي بدأ صوته يقترب حتى وقفت أمام الباب فوقفت على طولي

وقلت بصدمة " سراب !! "

بقيت على صمتها فقلت " ما جاء بك هنا والآن ؟ "

قالت ناظرة لعيناي " أريد أن أقدم شكوى في أحدهم ومؤكد هذا

غير ممنوع عني كمواطنة "


نهاية الفصل .... موعدنا القادم مساء الجمعة إن شاء الله

 
 

 

عرض البوم صور فيتامين سي  
قديم 25-03-16, 09:01 PM   المشاركة رقم: 50
المعلومات
الكاتب:
اللقب:
متدفقة العطاء


البيانات
التسجيل: Jun 2008
العضوية: 80576
المشاركات: 3,164
الجنس أنثى
معدل التقييم: فيتامين سي عضو ماسيفيتامين سي عضو ماسيفيتامين سي عضو ماسيفيتامين سي عضو ماسيفيتامين سي عضو ماسيفيتامين سي عضو ماسيفيتامين سي عضو ماسيفيتامين سي عضو ماسيفيتامين سي عضو ماسيفيتامين سي عضو ماسيفيتامين سي عضو ماسي
نقاط التقييم: 7195

االدولة
البلدSaudiArabia
 
مدونتي

 

الإتصالات
الحالة:
فيتامين سي غير متواجد حالياً
وسائل الإتصال:

كاتب الموضوع : برد المشاعر المنتدى : القصص المكتملة (بدون ردود)
افتراضي رد: حصون من جليد / بقلمي برد المشاعر (الفصل التاسع واﻷربعون)

 






الفصل الخمسون


خرجتُ من خلف طاولتي وتوجهت نحوها وأمسكت يدها وسحبتها منها

وخرجت بها من المركز حتى وصلنا سيارتي وأوقفتها عليها وقلت

" وهل هذا وقت تدخلين فيه قسم شرطة ؟ "

أشاحت بوجهها عني وقالت ببرود " أعتقد أنه لا يوجد أوقات

محددة لدخول النساء ولم أجد ورقة مواعيد على باب المركز "

قلت ببعض الضيق " لديك محامي كما أعلم وهناك غيره ملايين

في البلاد تلجأ لهم النساء في هذه الأمور "

نظرت لي وقالت من فورها " أنا قلت أريد أن أشتكي وليس

أرفع قضية "

تنفست بقوة ونظرت للأرض تحتي ثم نظرت لها وقلت

" ومن هذا المجرم الذي جعلك تدخلين المركز ليلا لتشتكي فيه "

قالت بهدوء " بل أردت رؤيتك والتحدث معك في أمر مهم "

قلت بسخرية " هنا والآن ؟ "

قالت بجمود " نعم ولن أبرح هذا المكان حتى تعدني أنك ستفعل ما

سأطلبه ولن أطلب منك غيره في أي يوم "

مررت أصابعي في شعري أنظر لحركة السيارات في الشارع أمامي

فقالت " اعتبره طلبا أخيرا مني "

ركزت نظري على عينيها وقلت " طلاق لن أطلقك "

نظرت جانبا وابتسمت بألم قائلة " أخبرتك أنك ستفعلها , ثم ليس

هذا ما جئت من أجله "

بقيت أنظر لها بصمت فنظرت للأسفل حيث أقدامنا وقالت بهدوء

" المنزل الجديد سجَلته بسمك أم بسم العم صابر ؟ "

بقيت أنظر لها مستغربا فرفعت رأسها ونظرت لي وقالت

" بسمه مؤكد أليس كذلك ؟ "

قلت بجدية " تعلمين طريقة تفكيري فلما تسألين ؟ "

قالت من فورها " أَقسم لي يا آسر "

نظرت لها باستغراب فقالت ودمعة ملئت عينيها تتلألأ تحت ضوء

مصابيح الشارع " قل قسما لم أفعل كل ما فعلت لأقهرك وأكسرك "

تنقلت بنظري بين عينيها المحدقة بي تترقب جوابي ثم مددت أصابعي

لعينيها ومسحتها بأطرافها وقلت " كما أخبرتك أنتي تستطيعين قراءة

أفكاري ولا أريد الجواب مني أنا "

ثم أنزلت يدي ودسستها في جيبي مرغَما ومبعدا لها عن وجهها ونظري

لازال يبحث في عينيها مخافة من جوابها , لا تقوليها يا سراب لا تضني

بي السوء مجددا وترميني به بلسان حاد وقاسي , خوني توقعاتي أرجوك

نظرت للأسفل مبعدة نظرها عن عيناي وقالت ببحة " هل ستفعلها من

أجلي أم ستتركني واقفة في الشارع هنا حتى الصباح لأني لن أغادر "

نظرت للسماء وتنفست الصعداء من جوابها وإن كان الصمت فعلى

الأقل أعطت نفسها فرصة لتكتشف ولم تستعجل الحكم كعادتها

نظرت لها وقلت بهدوء " سأفعل ما في وسعي , إلا الطلاق طبعا "

رفعت نظرها بي مجددا وقالت " ولما تتمسك بي وأنت لا تريدني ؟ "

نظرت بعيدا عنها ولم أجب وساد صمت مبهم تخلله أصوات السيارات

المسرعة على الطريق جعل لصمتنا معنا واحد فقط ( الجميع يسير

إلا نحن , كل شيء يتحرك من مكانه ونحن جامدان )

أعادني من كل ذاك صوتها الهامس " آسر "

نظرت لعينيها التي عادت لتمتلئ بالدموع مجددا وقالت ببحة

" لا تخذلني فيك أكثر , أقسم أني اكتفيت "

وضعت أصابعي على شفتيها مسكتا لها وقلت " لم تخبريني ما جاء

بك تصرين عليه هكذا "

فأنزلت رأسها مبعدة له عن أصابعي وقالت " أريد أن نستبدل

المنازل وبلا دفع الفارق "

فتحت باب السيارة وقلت " اركبي "

نظرت لي باستغراب فقلت " شرطك للمغادرة كان أن أوافق وأنا

سأعرض الأمر على عمي صابر فكلا المنزلين لم يعودا ملكا لي "

قالت من فورها " لا أريد أن تعرضه عليه بل أن تقنعه وسيصبح

المنزل بِسمه ولا حجة له ليرفض البقاء فيه "

قلت " بشرط "

نظرت لي بصمت وترقب فقلت " أنا من سيتكفل بكلى المنزلين "

هزت رأسها بلا وقالت " بل أنا من سأعمل "

كنت سأتحدث فقاطعتني قائلة " أعتقد أنه من حقي يا آسر "

قلت بضيق " وأي عمل هذا بشهادتك تلك ؟ "

قالت بضيق مماثل " لا تستنقص من شهادتي , وسأعمل بائعة في

مشتل وأعتقد أنه عمل تلزمه شهادة كالتي لدي "

نظرت للسيارة وقلت " اركبي لأوصلك وسنرى في ذلك الأمر "

قالت ولم تتحرك من مكانها " أمر عملي يخصني يا آسر فلا تعارضني فيه "

نظرت لها وقلت بضيق " سراب عليك أن تعلمي أمرا واحدا عني كنت

أضن أنك تعرفيه جيدا وهوا أني لا أكون إلا مسئولا عمن هم تحت

رعايتي .. الله خلقني هكذا "

قالت من فورها " قلت لك أن تـ... "

أشرت لها على شفتاي بسبابتي وقلت " أصمتي قلت طلاق لن أطلقك "

تحركتْ حينها وتوجهت للطريق وأوقفت سيارة أجرى وركبتها وغادرت

تاركة إياي واقفا مكاني وباب سيارتي مفتوح فضربته بقوة ووقفت مكاني

أراقب سيارتها حتى اختفت , عودي يا سراب فلازلت أنتظرك مثلما لازلتِ

تحتفظين بصمتك ولم ترميني بتهمك وظنونك واستنقاصك لي كما كان في

السابق , لازال ثمة أمل إذاً فعودي لأني تعبت من بعدك عني .. تعبت حقا

تركت كل تلك الأفكار والأميات خلفي مثلها وعدت للمركز ودخلت على

أصوات ممازحات من مررت بهم فنظرت جهتهم وقلت

" كلمة أخرى وسأسجنكم جميعا "

قال محمود الواقف معهم مستندا بالجدار " يحسدونك ليس إلا فمن

هذا الذي تشتاق له امرأة وتزوره في المركز "

وانطلقت ضحكاتهم العالية فتجاهلتهم وعدت لمكتبي







*~~***~~*








رفع يدي من على صدره وقبلها وقال " شكرا يا رغد "

نظرت لوجهه وقلت مبتسمة " ومن عليه شكر الآخر أنا أم أنت "

ضحك وأمسك أنفي وقال " أنا طبعا "

قلت مبتسمة " لا داعي للشكر كلها ألماسة صغيرة لم تكلفني شيئا "

ضحك وضمني له أكثر وقال " شكرا لتحملك لعائلتي فقد خشيت بعد

عودتنا للمنزل أن أرى دموعك الغالية من تجريحهم لك "

أحطت خصره بذراعي متكئة على صدره وقلت " لا تقلق من هذه

الناحية , ثم هم لم يخطئوا في حقي أبدا "

ثم تنهدت وقلت بحزن " أنا لا أخشى على نفسي منهم يا

بسام بل على ندى "

قال باستغراب " هل قال لها أحدهم شيئا ؟ "

جلست مبتعدة عنه وقلت من فوري " أبدا لم يحدث شيء

من ذلك "

ثم نظرت ليداي في حجري وقلت " أخشى حين نرزق بأبناء أن

يعاملوهم بتفرقة وأنت تعلم كم سيؤثر ذلك بها "

قال بهدوء " أعلم فيما تفكرين وأقدّر خوفك يا رغد خاصة أني

أول من تزوج من أخوتي وابني سيكون الحفيد الأول للعائلة

لذلك الحل لدي أنا "

نظرت له باستغراب فأمسك يدي وقبل باطن كفها وقال " عزّام

سيخطب هاذين اليومين لذلك سنؤجل فكرة الإنجاب حتى ينجب

هوا الحفيد الأول للعائلة "

فتحت فمي لأعترض فأسكتني قائلا " لا نقاش في قراري يا رغد

لأني فكرت في الأمر من قبل أن تتحدثي عنه ولا تخافي على ابنتك

فهي تفرض نفسها على القلوب , هم فقط يحتاجون لفترة وستري

بعينك كيف سيحبونها , لذلك من واجبنا أن نعطيها نحن

هذه الفترة يا رغد "

قلت بحزن " وتؤجل أنت رؤية أبنائك من أجلها ؟ "

قال مبتسما " وأرمي نفسي في النار ولا أرى نظرة

الحزن في عينيك "

ارتميت على صدره وحضنته بقوة وقلت باكية " شكرا يا بسام أنت

أجمل شيء حدث لي في حياتي كلها "

مسح على شعري قائلا بحنان " كل ما أريده وأفكر فيه سعادتنا

يا رغد وأن لا يعكر صفوها شيء "

ثم قال مبتسما " أخبريني الآن ما سر كرهك لي في طفولتك لأني لم

أجد جوابا لهذا السؤال طيلة هذه الأعوام "

ابتعدت عنه ومسحت دموعي وقلت مبتسمة " ولا أنا أعرف السبب

ولا تستغرب ذلك فحتى ندى تكره أحد أعمامها بدون سبب بل وتبكي

بهستيرية إن وجدت نفسها معه في مكان لوحدهما "

شدني له وضحك وقال " لا أنا يبدوا أني كنت أوفر حضا منه "

ثم ابتعد عني بسرعة حين أضاء نور غرفة ندى وما هي إلا لحظات

ووقفت أمامه تفرك عينها بأحد يديها وبالأخرى تمسك دبها وقالت بنبرة

توشك على البكاء " ماما أين ذهبتِ ؟ "

عضضت شفتي محرجة من الموقف الذي يتكرر معنا أكثر من مرة

في الليلة وغادرت السرير وتوجهت نحوها وأدخلتها قائلة

" أنا هنا حبيبتي لم أبتعد , هيا عودي للنوم "

ثم رفعتها ووضعتها على السرير ونمت بجانبها فضمتني بقوة ودسست

وجهها في قميص بيجامتي الحريرية فمسحت على شعرها قائلة " ها أنا

بقربك حبيبتي لا تخافي , اللوم عليا أنا عوّدتك على النوم في حضني "

ثم التفتُّ للخطوات خلفي وكان بسام داخلا الغرفة يغلق أزرار قميصه

الذي لبسه ووصل عندنا قائلا " هل نامت ؟ "

هززت رأسي بلا فدار حول السرير وجلس في الجانب الآخر وفي صمت

يراقبنا وهي متشبثة بي وأنا أمسح على شعرها وأقبّل رأسها كل حين حتى

استسلمت للنوم فأبعدتها عني وغطيتها جيدا فقال هامسا " نامي معها "

هززت رأسي بلا وقلت بذات الهمس " عليها أن تعتاد يا بسام

فلن أظلمك معي أكثر من هذا "

كان سيتحدث فهززت رأسي بلا وبإصرار ثم غادرت السرير وتوجهت

نحوه وشددته من يده وخرجت به من الغرفة ثم حوطت عنقه بذراعاي

وقبلت شفتيه قبلة صغيرة وقلت " وعدتك بأن أشكرك أليس كذلك ؟ "

طوق خصري بذراعيه ورفعني وتوجه بي للسرير قائلا

" نعم والوعد دين "








*~~***~~*








أبعدت الصينية من حجري وقلت " ترجمان من كل عقلك تريدين

أن آكل كل ما يحضروه في كل وجبة "

أعادتها لحجري وقالت " نعم ونفذي الأوامر بدون تذمر أو

جعلتك تأكلين الطبق أيضا "

طرق أحدهم باب الغرفة حينها ودخل فكانت الفتاة الجميلة المدعوة

سدين بمعطفها الطبي الأبيض وبنطلون من الجينز وحجاب زهري

اللون , قالت مبتسمة " صباح الخير على الجميلتين "

ابتسمت لها وقالت ترجمان ببرود " ها قد جاءت المنافقة سدين "

وصلت عندنا وحضنت ترجمان من الخلف قائلة بضحكة

" كم اشتقت لك وللسانك الطويل والمنزل بعدك أصبح لا يطاق "

قالت ترجمان بذات برودها " يبدوا أن لقب منافقة لا يوفيك حقك "

ابتعدت عنها وقالت بضيق " لو أفهم فقط كيف سامحتِ خالي

رِفعت وأنا لا ؟ "

نظرت لها خلفها وقالت " ومن قال أني سامحته ؟ "

كتفت سدين يديها لصدرها وقالت " تعاملك معه قال ذلك "

عادت للأمام وقالت " ذلك لا يعني أني سامحته ؟ وعدم ذهابي

للعيش معه أكبر دليل "

تركتها مستسلمة وتوجهت نحوي وقبلت خدي قائلة " كيف حال

الجميلة اليوم , ولا تقولي أني منافقة "

قلت بابتسامة صغيرة " بخير والحمد لله , ولستِ منافقة وتعرفين

ترجمان جيدا لا تضايق إلا من تحبهم "

ضحكت ونظرت لترجمان بنصف عين وقالت " هل هذا صحيح ؟ "

نظرت لي وقالت " لو لم تكوني حامل لعرفت كيف أقتص منك "

جلست سدين بجوارها وقالت " متى قالت الطبيبة ستغادرين "

قلت من فوري " غدا "

رفعت ترجمان صينية الطعام ووضعتها على الطاولة قائلة

" وما سر عملك هنا قبل المركز ؟ "

قالت حينها سدين بابتسامة ماكرة " أرى أنه لديك جميع

المعلومات عني فمن أخبرك ؟ "

نظرت لها وقلت " شقيقك طبعا "

نظرت لي سدين وقالت " هل رأيتِ حياتك واحدة مثلها لا يؤثر

فيها الكلام مهما قلتِ "

ابتسمت وهززت رأسي بلا فجلست ترجمان على الكرسي وقالت

" صراحة أترحم على من ستحللين لهم لأن مصيرهم الضياع "

ثم نظرت لي وقالت " إن كانت هي من حلل دمك وقالت

أنك حامل فأعيدي الاختبار "

قالت سدين متجاهلة كل ما قالت " لقد تحصل لي خالي رِفعت على

وضيفة في مركز مشهور وطلبوا شهادة كفاءة لذلك أعمل ساعتين

لثلاثة هنا وساعتين هناك كمتدربة "

قلت متسائلة " وفيما متخصص هذا المركز ؟ "

قالت من فورها " علاج ومكافحة الإيدز "

شعرت بجسدي ارتجف وقلت بهمس " عافانا الله "

قالت ترجمان " وكيف سمحتْ لك عمتي "

ثم أشارت لها بيدها وقالت " ابتعدي عن شيقتي وابنها لابد وأنك

أصبتِ بعدوى "

قلت بضحكة متعبة " لو الجميع فكر مثلك فلن يعالجهم أحد "

قالت سدين " أنا لن أراهم تخصصي في قسم المختبرات فقط "

قالت ترجمان " وهنا الكارثة , أي أنك ستلمسن دماء المصابين "

ضحكت وقالت " الأمر ليس كما تتخيلي فكل شيء هناك محاط بعناية وحذر "

نظرت لها ترجمان وقالت " وكيف حدث وطلقك ذاك المغفل شبيه زملائه "

قالت بابتسامة جانبية " يبدوا أنكما تحدثتما معا حتى لم تجدا ما

تقولان سوا تناقل أخباري "

قالت ترجمان ببرود " لا تتهربي من الموضوع "

قالت سدين مبتسمة " لم أتهرب ولا نصيب بيننا وكلٌ ذهب في

حال سبيله "

قالت ترجمان من فورها " ذلك أفضل فأنا لم أحبه من البداية

وسيأتيك أفضل منه بالتأكيد "

لوت شفتيها وقالت باستياء " لا يبدوا ذلك , فجميع من يفكر في

الاقتراب مني يكون من ذاك النوع المقزز من الشباب الذين

يوقفون شعرهم كالقنافذ ويلبسون السلاسل "

ثم تابعت بإحباط " لا أعلم لما يحكم عليا الجميع بمظهري "

قالت ترجمان " لو لم تكن دُرر متعبة لما سلمتِ من نصائحها ومن

أنه من تشبه بقوم فهوا منهم حتى تخرجي من هنا تبكي "

ضحكت وقالت " والنتيجة لن أغير رأيي في نفسي , ولا أحتاج

لرجل لا يحكم عليا إلا بظاهري "

ثم وقفت بعدها وقالت " عليا المغادرة الآن وسأراكما وقت مغادرتي "

ثم خرجت من عندنا فنظرت لترجمان وقلت " ما سر طلاقها ؟ "

قالت بلامبالاة " كانت متزوجة من صديق شقيقها تاجر ويعمل معه في

الشرطة بارد وجاف ومتعجرف , وزواجهما كان بعقد فقط وبعد

تركي لمنزلهم تطلقا وهذه هي الحكاية "

اتكأت للخلف وقلت بهدوء " فتاة غريبة حقا ومظهرها لا يوحي

بروحها الطيبة وقلبها الكبير "

قالت من فرها " وهي تكره أن يحكم عليها الناس بمظهرها ولا أراها

تختلف عن الكثيرات , فكلها فصوص في وجهها وخواتم في أصابعها

وصوت رقيق وغنج وبعض الكلمات الغير عربية "

هززت رأسي بنعم وقلت " معك حق لكن البعض شوه صورة كل من

يحب هذه الأشياء فحتى الفتيات الشاذات لهن مظهر مشابه وإن كان

بمبالغة أكثر "

وقفت وقالت " سأغادر للمنزل لأستحم وأحضر لك ثيابا , هل تريدي

شيئا آخر أجلبه معي "

هززت رأسي بلا فغادرت جهة الباب قائلة " سأحاول أن لا أتأخر

ساعتين فقط أو ثلاثة "

ابتسمت بحزن أراقبها حتى اختفت , ثلاث ساعات وتقول لن تتأخر ؟

أجمل ما فيك يا ترجمان أنك لم تفقدي روحك الجميلة رغم كل ما مررتِ

به , فأنتي أيضا تحتاجين من يفهم دواخلك .. من يرى ترجمان التي في

الداخل ولا يحكم عليك من تصرفاتك الطائشة والمتهورة والمجنونة

استلقيت على السرير يدي على بطني وأغمضت عيناي برفق, أريد أن

أنام فقط , أنام دون أن أفكر في شيء ففي هذه الأوقات التي أكون فيها

وحدي لا مهرب لي من التفكير سوا بالنوم , نزلت دمعتي فورا من طرف

عيني وفكرة واحدة لاحت أمام عيناي ( هل سأنجب طفلي وهوا بعيد عنا

ألن يراه أبدا ؟؟ ) ورغما عني ذهب تفكيري لآخر ليلة نام فيها معي قبل

سفرنا حين همس في أذني قائلا ( لا أحد يوقف أقدار الله يا دُره فإن

حملتِ بابني فلا تتركيه للظلم حبيبتي أرجوك )

شددت الغطاء على وجهي وانسكبت الدموع الواحدة تتبعها الأخرى

وإن كان لساني لم يتوقف عن الاستغفار وذكر الله , فها قد

حدث ما توقعه يا أواس ولن أترك ما خشيه يحدث







*~~***~~*







دخلت المنزل وما أن وصلت عند الباب حتى لفت نظري حديث الطفلتين

الهامس جالستان عند العتبات ولم ينتبها لوجودي وريحانة تقول لعبير

الجالسة بجانبها وبكل أسى " لا أصدق أننا سنغادر من هنا ؟ "

حضنت عبير وجهها بيديها وقالت بحزن " لن يكون لدينا بعد اليوم

ألعابا ولا حديقة ولا غرف كثيرة ؟ كل هذا سيذهب كما جاء "

قالت ريحانة باستغراب " لكن لما نخرج ! أنا لا أفهم "

تنهدت عبير وقالت " قد تكون سراب طردتنا "

هززت رأسي بأسى من أفكار الأطفال ثم دخلت وصعدت للأعلى

ودخلت لغرفتي وسراب ووجدتها تخرج أوراقا من الخزانة وتجمعها

في صندوق فقلت " ماذا تفعلين ؟ "

نظرت لي ثم عادت لما تفعل وقالت " أجمع أغراضي "

نظرت لها بصدمة وقلت " ولما ؟؟ "

أغلقت باب الخزانة وقالت " حتى هذا المنزل لن يكون ملكا لي قريبا "

شهقت بصدمة وقلت " سلبه منك أيضا ذاك اللص ؟ "

ابتسمتْ بسخرية ولم تعلق فتوجهت نحوها وأمسكت يدها وسحبتها

منها جهة السرير وأجلستها وجلست بجانبها وقلت " تكلمي ماذا حدث ؟ "

نظرت ليديها في حجرها وقالت بحزن " طلبت منه أن أستبدل منزلي هذا

بالمنزل الذي اشتراه للعم صابر بيعا وشراء ليبقوا هنا فهم يرفضون

البقاء فيه وهوا ليس ملكا لآسر "

هززت رأسي بحيرة وقلت " تضحين من أجلهم بآخر ما لديك ؟ "

نظرت لي وقالت بحزن " هذا المنزل يعني لهن أكثر ما يعني لي يا

ترجمان فكيف أراهم أمام عيني يخرجون منه بأعين حزينة وأنا لا

أحتاج لكل هذا المكان الواسع "

شردت بنظري للأرض وتذكرت حديث الطفلات قبل قليل فقلت

" معك حق فأقل ما قد يفكرون فيه أنك من أخرجهم من هنا "

ثم نظرت لها وقلت " وما سيفعل بكل ما أخذه ؟ ما الذي يفكر

فيه ويريده بكل هذا ؟ "

أبعدت نظرها عني وقالت بشرود " قال أنه سيبيع كل شيء ولم

يقل لي ماذا سيفعل به ولا يحق لي سؤاله ولا يعنيني أيضا "

تنهدت بأسى وقلت " عدتِ كما كنتِ يا سراب صفر اليدين وهوا

السبب طبعا بينما أخذ هوا كل ما بقي أو ما أبقى ولم ينل حتى

عقابه على تدميره لثروتك "

لاذت بالصمت لوقت ثم نظرت لي وقالت بحزن " ذهبت له

البارحة لأخبره بشأن المنزل وسألته مجددا عن سبب ما فعل

ورفض الإجابة وكأنه يريد قهري أكثر "

ثم قالت تمسك عبرتها " ولم أبكي يا ترجمان ! منذ البارحة

لليوم ولم تنزل لي دمعة تصوري "

تنهدت بأسى وقلت " تطور جيد لكن هل سيستمر ؟ "

وما كنت أنهيت جملتي إلا وقد دفنت وجهها في كفيها وانفجرت باكية

فأمسكت رأسي بيأس منها ثم ضممتها لحضني وقلت ماسحة على

ظهرها " يكفي بكاء يا شقيقتي قسما أنه لا يستحق دمعة من

عينيك فانسيه وعيشي حياتك "

قالت بعبرة " قال لن يطلقني ورفض الأمر تماما , هل

رأيتِ ما يفعل بي "

قلت من بين أسناني " من يمسكه لي فقط "

ثم ضممتها أكثر وقلت " يكفي يا سراب فأنتي لست بحاجة لتلك

الأموال التي أتت عن طريقه "

قالت بذات نحيبها " لا تعنيني , أقسم أنها لم تعد تعنيني وكنت مستعدة

لفقدها في أي وقت , أنا مصدومة فيه هوا ولا يريد قلبي أن يقتنع ولم

أستطع ولا قولها له حين انتظر رأيي في كل ما فعل "

ربتت على ظهرها وقلت " لن يفيد قولك له يا لص في شيء , انتهى

كل ذلك وقد سرق وأحرق وقتل ولا مبرر له يا سراب "

أخرجت بعدها هاتفي واتصلت بمن عليه أن يجد حلا للحمقى

الذين ورطنا فيهم , رن الهاتف مرتين وأجاب بعدها قائلا

" مرحبا بابنة شقيقي "

قلت ببرود " لا مرحبا بك يا عمي الأناني "

ضحك وقال " مقبولة منك , وما بك ؟ ما هذا البكاء لديك ! "

قلت بضيق " جيد أنك سمعته بدون أن أشرح , وهناك أخرى تركتها

تبكي في المستشفى والسبب رجالك الأوفياء طبعا فمتى سيكون لك

موقف في كل ما يحدث لنا وما أدخلتنا فيه بنفسك "

قال من فوره وبجدية " ما بها سراب من أزعجها ؟ "

قلت بتذمر " وما الذي كنت أقوله منذ قليل "

قال بذات جديته " ثلاثتكن في حسبة بناتي ولن أقف أتفرج

أمهليني قليلا فقط وقادم لكم "

رميت بعدها الهاتف جانبا وقبلت رأسها وقلت " هذه المرة سيأخذ

بحقنا يا سراب وإن لم يفعلها أنا من أخذت لك حقك منه "






*~~***~~*





أخذته من يدها ووضعته جانبا وقلت بضيق " أمي أنا أوصيت صديقا

لي ليتكفل بكل شيء هنا كي لا تتعبوا أنفسكم في المنزل فيكفي تعبكما

هناك ونحن لم نصل إلا من ثلاث ساعات فاتركي عنك كل هذا "

تنهدت باستسلام وقالت " إذا خدني لابنتي لأراها "

قلت بضحكة صغيرة " تريدين تعجيزي ؟ لن تعملي في المنزل

ولن نذهب الآن فجدتي ستصر على الذهاب معنا وهي متعبة

من الرحلة وساقاها لن يرحمانها الليلة "

نظرت لي بنصف عين وقالت " وأنت لن تذهب لها ؟ "

هززت رأسي بلا مبتسما فقالت ببرود " أقطع ذراعي إن

كنت لن تكون خارجا الآن لتذهب لها "

ضحكت دون تعليق فقالت " سمعت مكالمات كثيرة أتتك هل

هي بخصوص عملك هنا أم بخصوص زوج دُرر ؟ "

تنهدت وقلت " بخصوصهما الاثنين "

شدتني من يدي وأجلستني قائلة " أخبرني ما الجديد في كليهما

لن أتركك تخرج حتى تقول كل شيء "

تنهدت باستسلام ولا مجال للهرب منها أعرفها جيدا , قلت بهدوء

" سأعمل في مبنى المخابرات هنا بالعاصمة , عملي سيكون مختلفا

عن السابق "

قالت من فورها " يعني لا أعمال سرية ورحلات مموهة ومبهمة

ولن نقلق ونخاف عليك مجددا ؟ "

أمسكت يدها وقبلتها وقلت مبتسما " اطمئني فلا شيء من كل ذلك

سأعمل بشهادة خبرتي على الأجهزة وتدريب بعض الجدد أي أن

عملي سيكون ضمن المكاتب ولساعات معينة نهارا فقط "

هزت رأسها بحسنا وقالت " وماذا عن زوج شقيقتك ؟ "

نظرت للأرض بشرود وقلت " هذا الأمر الذي لم أفلح فيه أبدا ومن

أوصيتهم ووعدوني بالتقصي وجلب ما يفيدنا بدأ بعضهم بالتهرب

والآخرون أقوالهم متناقضة ومتضاربة "

انضمت حينها خالتي راحيل لجلستنا وقالت والدتي بحيرة

" ولما ومن وراء ذلك !! "

قلت بذات شرودي " لا أعلم وكل ما وصلت له أنه لم يخرج

من البلاد بعد عودته لها وأن زوجته الأخرى مختفية أيضا "

قالت خالتي " هل تكون معه ؟ "

نظرت لهما وقلت " لا أعتقد ذلك فلا تنسيا أنها كانت متآمرة مع

رجال جدي فلن يأخذها معه أبدا "

قالت والدتي " هل يكونوا سجنوها أيضا ؟ "

هززت رأسي بلا وقلت " لا اسم لها في جميع السجون النسائية "

قالت خالتي باستياء " ما هذا اللغز المحير ! أين يختفون هؤلاء البشر ؟ "

تنهدت وقلت " والدتها ترفض قول مكانها لأحد والمقربون لها قالوا أنها

لا تتوقف عن البكاء عليها فقط ولا تقول شيئا والبعض يشيع أنها ماتت أما

عمها فمسجون في قضية علي رضوان ذاتها ولا معلومات أكثر عنها "

ضربت والدتي كفيها ببعضهما وقالت بأسى " ما هذه الألغاز المتوالية ؟

وشقيقتك لن ترتاح ويهنئ لها بال حتى تعرف أين هوا أو ستموت

من حسرتها عليه بالتأكيد "

وقفت وقلت " سأستبعد جميع رجال المخابرات والشرطة ولدي من

سيتحرى عن الأمر ويجلب لي ما يفيد فأولئك يبدوا ثمة من يقيدهم "

ثم قلت مغادرا جهة الباب " لا أرجع وأجدكما كالنحلتين كعادتكما

ارتاحا فقط واعتنيا بجدتي "

ثم خرجت مغلقا باب المنزل خلفي ووضعت النظارة على عيناي أنظر لجانبي

الشارع , لم ارتح لهذا الحي ويبدوا أني سأستأجر منزلا غيره في وقت قريب

خاصة وأن أغلب المحلات بعيدة عن هنا , كنت أود شراء منزل بما جمعت من

مال لكن المنازل في العاصمة مرتفعة الثمن ولأننا كنا نعيش هناك على الإيجار

وأنا من أتكفل بثلاثتهن لم أستطع جمع الكثير رغم أنه كان مبلغا لا بأس به لكن

العقارات فاجأتني هنا بارتفاعها الكبير وسيكون عليا جمع المزيد لنشتري منزلا

جيدا , فتحت باب السيارة وركبت وغادرت من هناك قاصدا المستشفى فعليا

رؤيتها قبل كل شيء , ضغطت على المقود بقبضتاي ونظري شارد في الطريق

وذهني مع من سأراها بعد قليل , كلما رأيت شحوبها وحزنها وتعبها تعبت مثلها

وأكثر , وجل ما يتعبني عجزي عن فعل شيء من أجلها ولا أستطيع حتى الآن

فتح موضوع أموالها التي تركها لها ولا المنزل فكيف سأخبرها بطلاقه الذي

أبطله حملها الآن وستكون في العدة حتى تنجب ولن نستطيع إخبارها حتى ذاك

الوقت خوفا على صحتها وصحة جنينها قبل كل شيء , لست تعلم يا أواس أي

مصائب خّلفتها بما فعلت بها وأي كوارث تركتها لي وهربت , وصلت المستشفى

ونزلت ودخلت من فوري وبعدما سألت عن غرفتها توجهت لها مباشرة , وصلت

عندها وطرقت الباب طرقات خفيفة ولم يجب أحد ففتحته ببطء ودخلت فكانت نائمة

على السرير مغمضة العينين تتنفس بشيء من الصعوبة وقد ازدادت شحوبا ووزنها

في تناقص مستمر , لو ترحم نفسها فقط , ولو أجد لك حلا يا شقيقتي أقسم أن أدفع

عمري ثمنا له , أغلقت الباب واقتربت منها حتى وصلت عندها ومسحت على

شعرها وقبّلت جبينها برفق ففتحت عينيها مباشرة وابتسمت بحزن ما أن رأتني

فقلت مبتسما ويدي لازالت تمسح على شعرها " كيف حالك يا دُرر ؟ "

قالت بذات ابتسامتها " جيدة , حمدا لله على سلامتكم كيف حال

جدتي ووالدتي وخالتي "

جلست على طرف السرير وأمسكت يدها وقبلتها وقلت " بخير جميعهن

كانت أمي مصرة على المجيء معي لكن جدتي متعبة من الرحلة ولن

ترضى أن لا تأتي معها فتركتهن جميعا "

مسحت طرف عينها حيث انسابت دمعة من رموشها وقالت بحنان

" كم اشتقت لها "

مسحت على شعرها بيدي الأخرى وقلت مبتسما " أخبروني أني

سأصبح خالا , ما هذه المفاجأة السّارة "

أبعدت نظرها عني وقالت بحياء " سنزيدك على ما بك وكأنه

ينقصك مسئوليات "

قلت بعتب " دُرر كيف تقولين هذا ؟ أقسم أني كنت أنتظر اليوم الذي

نجدك فيه بالساعة والدقيقة ولم أطمئن في نومي ويقظتي حتى

عدتِ لنا أمام ناظري وتحت رعايتي "

نظرت لي وشدت على يدي بقوة وقالت بدفء " أنتم من أجمل هدايا

الخالق لي يا قصي , حمدا لله الذي جمعني بكم "

قبّلت يدها مجددا وقلت " إذا اهتمي بصحتك لتخرجي من هذا

المستشفى وترجعي لنا "

قالت بتردد ظهر واضحا في صوتها وملامحها

" ماذا حدث بشأن أواس ؟ "

تنفست بقوة ونظرت لها بصمت وكما توقعت سيكون هوا أول ما

ستسألني عنه , قالت عندما طال صمتي " ماذا حدث يا قصي

هل علمت شيئا ؟؟ "

هززت رأسي بلا وقلت " لا شيء مهم , لم يغادر البلاد وزوجته

الأولى مختفية أيضا "

أمسكت قلبها بيدها وقالت بخوف " ما معنى هذا ؟ "

شددت على يدها التي في يدي أكثر وقلت بحزم " دُرر توقفي عن

تعذيب نفسك أو قسما لن أخبرك بشيء مجددا "

قالت ببحة بكاء " لن يكون ذهب معها أليس كذلك ؟ هل قتلها يا قصي "

قلت من فوري " لما أفكارك جميعها سوداوية هكذا يا دُرر ؟

قد يكون لا يعلم عنها شيئا "

أبعدت نظرها عني وشردت به في سقف الغرفة ولم تزدد ملامحها

سوا حزناً وإحباطا فوقفت وقلت " عليا المغادرة الآن لأنه لدي أعمال

كثيرة لم أقم بها وسأجلب والدتي أو خالتي لتبقى معك إن سمحوا بذلك "

نظرت لي وقالت " لا داعي لذلك يا قصي فإحدى شقيقتاي معي هنا

هي ذهبت فقط لتستحم وستعود ثم أنا سأخرج غدا من هنا فلا

تتعبهما بالمجيء إلي "

قبّلت جبينها وقلت " إذا أراك فيما بعد , هذا إن لم آتي بهن معي

لأن والدتك لن تتركني وشأني حتى تراك "

ثم غادرت من عندها على ابتسامتها الحزينة وهمسها الذي وصلني

بوضوح " ليحفظك الله يا شقيقي "

خرجت مجتازا الممر ونظري يبحث بين الأجساد المتحركة حولي بعشوائية

باحثا عن أشياء بيضاء تتحرك بينهم , عن أي جسد يحمل معطفا طبيا ليدلني

على وجهتي التي أريد , لمحت أخيرا ممرضة وقفت عند أحد الأبواب وأخرجت

مفتاحا من جيب معطفها الطبي لتفتحه به وفي اليد الأخرى تحمل صندوقا خشبيا

يُتخذ كحاملة مليء بأنابيب الاختبار فأسرعت بخطواتي لأدركها وما أن اقتربت

حتى قطع طريقي شابين اقتربا منها بشكل مريب فوقفت مكاني وقال أحدهما

بصوت منخفض " قطع الله رزقك ما أجملك "

وقال الآخر ناظرا لها وهما يجتازانها " لما لا تضعين قرضا في أنفك

وتغيرين اسمك لأنجيليكا "

وغادرا ضاحكين ولم تتحدث الفتاة المولية ظهرها ترفع المفتاح الذي وقع

منها قبل أن تفتحه به ولم يبدر منها أي رد فعل حيال ما قالاه , وبدون تفكير

في سبب كلامهما تحركت متابعا باقي الخطوات التي تفصلني عنها حتى

وصلت عندها وقلت بهدوء " عذرا يا آنسة "

التفتت لي حينها ويدها لازالت تمسك المفتاح الذي غرسته في فتحة الباب

كانت فتاة جميلة حقا كما وصفها ذاك وصفاء بشرتها البيضاء ملفت للنظر

بشكل غريب وعلِمت الآن لما قال الآخر ما قاله فقد كانت تزين وجهها بثلاث

فصوص تحت حاجبها فوق جفن عينها اليمنى بحجم ولون واضحين يحملن

ألوان لباسها البنطال الأزرق والحجاب الزهري وطرف كم قميصها النيلي الذي

يظهر من تحت كم المعطف ليتمثلوا في ثلاث فصوص زرقاء ونيلية وزهرية

وعند طرف العين الأخرى وشم لفراشة سوداء صغيرة امتد جناحها لطرف

خدها , قلت من فوري " أين أجد الطبيبة خالدة وهل هي مداومة اليوم "

ابتسمت ابتسامة صغيرة مجاملة وقالت بصوت أدهشني من رقته وانخفاضه

" إن كان يمكنك انتظاري قليلا حتى أضع ما في يدي أو تنزل

للاستعلامات في الأسفل وتسأل عنها "

رفعت طرف سترتي وقلت مدخلا يدي للجيب الخلفي لبنطالي أتفقد

محفظتي التي شككت للحظة أني نسيها في غرفتي " لا بأس سأنتظر

أيسر من النزول ثلاث طوابق "

ففتحت حينها الباب ودخلت وأستغرب أن كلام ذاك الشاب لم يؤثر بملامحها

أبدا وكأنها لم تسمع شيئا , قد تكون هذه النماذج من الفتات غريبة بعض الشيء

هنا لكن أن تُصر على ما تقتنع به أمر غريب عنهن بالتأكيد , خرجت بعد قليل

وأغلقت الباب كما فتحته وأخذت المفتاح معها وسارت أمامي وتبعتها بخطوات

أعدّها بطيئة بينما هي أمامي يبدوا لي وكأنها تركض , أخرجت هاتفا من جيبها

ثم وضعته على أذنها وقالت ونحن ندخل أحد الممرات وبصوت بالكاد يسمع

" بسمة هل الدكتورة خالدة مداومة الآن أم انتهت مناوبتها "

سكتت قليلا ثم قالت " أجل ... شكرا لك "

ثم دست هاتفها في جيبها ووقفت عند أحد الغرف والتفتت لي وأشارت

لبابها المغلق بإبهامها الذي احتضن وسطه خاتم بلون الفضة دائري لا

نقوش فيه ولا شيء ملحق به وقالت بذات النبرة الشبه هامسة من

رقتها " تجدها هنا "

ثم أضافت مبتسمة " ولا تطرق الباب وتدخل مباشرة قبل أن تأذن

لك فهي تبغض هذه الحركة "

ثم سارت عائدة من حيث أتينا ونظري يتبعها حيث قطعت طريقها

ممرضة راكضة قالت بصوت لاهث مرتفع " سدين أين نتائج العينات

الدكتور خيري يبحث عنك وتعلمي غضبه من ترك أي واحدة منا

لغرفة المختبر فارغة "

قالت شيئا لم أسمعه لانخفاض صوتها وهي تسرع أمام التي لحقتها قائلة

بذات نبرتها المرتفعة " لحق بك بعدما أخذتِ العينات , ما كان عليك

مغادرة الغرفة بعدها , تعلمين قوانينه الصارمة جيدا ويبدوا أنك تريدين

إثبات نظريته التي قالها عنك من أول ما رآك بأنك فتاة مستهترة "

بقي نظري معلق بهما حتى اختفتا عند نهاية الممر الطويل , إذا هي ليست

ممرضة كما توقعت بل تعمل في المختبر , لكن لما لم تخبرني بذلك وتصرفني

فورا !! ولما يحكم عليها ذاك الطبيب من مظهرها ؟ رميت كل تلك الأفكار من

رأسي وطرقت باب الغرفة مرتين حتى سمعت صوت المرأة التي قالت

من الداخل " لحظة حتى تخرج المريضة "

فوقفت جانبا أنتظر وجيد أن تلك الفتاة نصحتني بذلك لكنت فتحت الباب بعد

طرقتي الأولى , عليا أن أعلم منها عن حالة دُرر وما قد تحتاجه الفترة

القادمة فهي لن تفكر في صحتها بالتأكيد







*~~***~~*








خرجتُ من الحمام أجفف شعري فكانت قد عادت لجمع أغراضها فجلست

وشغلت مجفف الشعر وجففته ثم أطفأته وقلت " وأنتي تجمعين

أغراضك الآن هل وافقوا على استبدال المنزل "

قالت منشغلة بما تفعل " أعرف كيف أجعله يوافق , سأخبره أني خارجة

في كل الحالات وسأكون في الشارع إن لم يوافق وأعرف عمي صابر

جيدا لن يطاوعه قلبه , ثم سبب رفضه كان أن المنزل ملكي

وها قد زال السبب "

انفتح الباب حينها بعد طرقات منخفضة وكانت الطفلة إسراء وقالت

من خلف الباب لا تظهر سوا عين واحدة منها ونصف وجهها

" سراب هناك شرطي يريدك في الأسفل "

فوقفت من فوري على خطواتها الهاربة وقلت متوجهة للباب

" هذا عمي رِفعت انزلي هيا "

ثم خرجت ونزلت السلالم فكان جالسا في الأسفل مع العجوز المقعد وكان

يتحدث معه بجدية وحين رآني نازلة سكت وهذا ما لم أكن أريده فمؤكد

وقف في صف ابنه الذي رباه وسيقنع عمي بسهولة كما فعل إياس سابقا

وصلت عندهم ووقفت دون أن أتحدث فوقف عمي وقال موجها كلامه له

" هذه المرة سأترك الأمر احتراما لك وتقديرا لسنك ولما فعلت من أجل

آسر وجعلت منه رجلا يفتخر به الجميع وعلى ما يبدوا نسي أن يطبق تلك

الشهامة والرجولة مع ابنة خالته اليتيمة , لكن إن اشتكى لي أحدهم مجددا أو

سمعت بكائها فقسما لن يرى ضفرها ولن أعجز عن رعايتها والحفاظ عليها

فهؤلاء الثلاث فتيات أعدهن أمانة في عنقي ولن أسكت مجددا على شيء

يخصهن كما حدث وغفلت عنهن الأشهر الماضية ضنا مني أني زوجتهم

لخيرة رجالي مطمئنا عليهن "

ثم نظر لي وقال ولازال عاقدا حاجبيه " وأنتي اجمعي أغراضك

وستذهبين معي الآن "

نظرت له بصدمة وكنت سأتحدث فقال من فوره وبحزم

" لا تناقشيني انتظرك في السيارة "

ثم غادر جهة الباب فلحقت به حينها للخارج وقلت موقفة له

" عمي انتظر "

وقف والتفت لي فقلت " لا يمكنني الذهاب معك "

كان سيتحدث فقلت " ليس الآن عمي فدُرر في المستشفى وسأكون

معها حتى تخرج ثم سراب ستعيش وحدها ولا أريد أن أتركها ولا

أنت تريد لها هذا بالتأكيد وهي لن ترضى بأن تعيش معك في منزلك "

قال وهوا يفتح باب سيارته " هذه الفترة فقط ثم أمامك أحد حلين "

ثم نظر لي وقال " منزل زوجك أو منزلي ولا خيار ثالث وسراب

منزل زوجها أو والدتها أو منزلي مفهوم "

ثم ركب وأغلق الباب وشغل سيارته وغادر من فوره فمددت شفتاي

مستاءة من الخيارين السيئين فهوا تزوج ما يفعل بي مزعجة معهم

وإياس لن أرجع له وإن مشى على أذنيه , هززت كتفي بلا مبالاة ثم

عدت للداخل فكانت سراب واقفة مع ذاك العجوز وقالت " إذا نتصل

بالمحامي الآن ونوقع الأوراق وهوا من سيتكفل بالعقود والملكية "

تنهد وقال " سراب لن نخبر آسر بقدوم عم شقيقتك وما قال فجربا

أن تتفاهما بعيدا عن البقية "

هززت رأسي بيأس من حال أصحاب هذا المنزل ثم صعدت

للأعلى لآخذ حقيبة يدي وملابس دُرر وأعود للمستشفى








*~~***~~*









دخلت سور المنزل وأوقفت سيارتي على صوت رنين هاتفي وكان المتصل

إياس فأجبت عليه وأنا أنزل منها وقال من فوره " هل صحيح ما سمعته ؟ "

قلت متوجها للمنزل " قله أولاً لأرى صحيحا أم لا , أنا لست كاهنا "

قال ببعض الضيق " ترجمان وصديقتها ستنتقلان لمنزل لوحدهما "

فتحت باب المنزل وقلت " صحيح "

كان سيتحدث فقلت من فوري مغلقا الباب خلفي " ولا كلمة , وكما سبق

وقلت لك ترجع لك برضاها هي وستفعل ما ستقرر مادمت أنا موافقا

عليه فقد انتهى دور تدليلي لك وجاء دورها "

قال بذات ضيقه " كيف تبقيان في منزل لوحدهما ؟ هذا خطأ لن أرضاه "

سندت يدي على الباب الذي أغلقته منذ قليل وقلت بحدة " نعم فأنا

لا أقرر إلا ما كان خاطئا "

قال بامتعاض " ليس ذلك أعني , لكنهما امرأتان وحتى الرجل الذي

ربى آسر وعائلته لن يكونوا معهم "

أبعدت يدي عن الباب وأمسكت عيناي بأصابعها وقلت " تحمل نتائج أفعالك

وجِد لك طريقة تأخذها بها لمنزلك , ولازلت أحذرك يا إياس من إرغامها "

قال بضيق " لا تلم أحدا غير نفسك إن أصابهما مكروه .. وداعا "

تأففت ووضعت الهاتف في جيبي ثم توجهت للسلالم وصعدت وتوجهت لجناحي

فورا ودخلت لتستقبلني رائحة العطر والعود , أمور نسيت وجودها في حياتي من

أعوام فلم يكن يقابلني هنا إلا البرد والظلام ورائحة المنظفات العطرية التي تستخدمها

الخادمة في تنظيف أرضية الجناح يوميا , نزعت قبعتي وتوجهت للغرفة ودفعت بابها

الشبه مفتوح ليقع نظري على المنحنية ترتب مفرش السرير ووقفت والتفتت لي من

فورها بفستان طويل مزركش يحتضن جسدها الممشوق وشعرها الحريري مفتوحا

يغطي نصف ظهرها وهذه المرة وضعت كحلا في عينيها زاد حجمهما ووضوحهما

تقدمت نحوي مبتسمة وأخذت القبعة من يدي قائلة " تأخرت الليلة وأقلقتنا

عليك ولم تتصل , فلا تفعلها مجددا "

غرست أصابعي في شعرها وأخرجتهم وخصلاته التفت حولهم وقرّبته حتى

أوصلتهم لوجهي وقلت مستنشقا لهم " ما هذا الذي تعطرين به

شعرك ؟ لم أشم رائحته في حياتي "

رفعتْ يدها واستلت شعرها من بين أصابعي وقالت بابتسامة خجولة

" أشياء تخص بالنساء ماذا تريد بها تسأل عنها ؟ "

ضحكت وتوجهت للداخل وقلت وأنا أفتح أزرا سترتي

" مجرد سؤال أو تساؤل "

اقتربت خطواتها مني وقالت وهي تنزع السترة منزلة لها من كتفاي

" اتصل بنا حين تعلم أنك ستتأخر يا رِفعت أرجوك "

جلست على طرف الأريكة وقلت وأنا منحني لحدائي لأنزعه

" آسف , أعلم أنه خطئي لكني نسيت حقا وانشغلت "

قالت متوجهة للخزانة " أكلت أم أضع لك العشاء ؟ "

وضعت حدائي جانبا وقلت وأنا أقف " لا تعشيت "

ثم قلت متوجها للحمام " سأحضر خادمة أخرى تساعد في

أعمال المنزل "

ثم وقفت عند الباب ونظرت لها وهي تغلق الخزانة ناظرة لي وقلت

" لن أخطئ رائحة عطرك التي أشمها في مجلسي وأعلم أنك تنظفيه

بنفسك أكثر من مرة في اليوم كلما جاءني أحد وغادر "

كانت ستتحدث فأشرت لها بسبابتي بلا وقلت " لا تناقشي لا أريدكما

أنتي وابنتك أن تفعلا شيئا , فلما أعمل أنا وأجني المال "

ثم دخلت الحمام وأخذت حماما منعشا أزال كل ذاك التعب ثم خرجت

للغرفة لافا المنشفة على خصري وكانت جالسة على الطرف الآخر

للسرير فجلست في جهتي وقلت منشغلا بهاتفي أضبط منبهه

" لدي سؤال هل أطرحه أم لا داعي له ؟ "

قالت بصوت مبتسم " وإن قلت لا داعي له لن تطرحه ؟ "

وضعت الهاتف على الطاولة بجانب السرير ونظرت لها وقلت

" بالتأكيد "

قالت مبتسمة " إذا اسأل كما تريد يا نصير حقوق المرأة والزوجة "

خرجت مني ضحكة صغيرة وقلت وأنا أتكئ على الوسادة بمرفقي ونظري

لازال على ملامحها " أنتي ألم تشتري قمصان نوم من مهرك ؟ "

نظرت لي بصدمة فضحكت وقلت " خيّرتك من البداية واخترتِ أن تجيبي "

نظرت ليديها في حجرها وقالت ووجهها بدأ يشع احمرارا من الخجل

" وهل لي أن أتراجع الآن ؟ "

قلت بضحكة " مستحيل "

غيرت من وضع جلوسها بحيث أعطتني جانب وجهها وقالت

ولازالت تنظر ليديها " لا "

تنهدت بيأس وتمتمت " والحل الآن "

نظرت لي بصدمة أشد من سابقتها فقلت بضحكة

" أقسمي أنك صادقة "

أبعدت نظرها عني مجددا وقالت " قسما لم اشتريهم "

قلت بمكر " وماذا عن الذي في أسفل الخزانة في الكيس

الزهري الصغير "

شهقت بقوة وقالت " كيف رأيته !! "

ضحكت وقلت " اعترفي لا مجال للهرب "

قالت وقد عاد الخجل يذيب ملامحها ويزيدها جمالا ورقة وهي تسدل رموشها

الطويلة للأسفل هربا من مواجهة عيناي " ذاك أهدته لي جارة شقيقي حين

علمت بخبر زواجي وجاءت لتودعني ولم أجرؤ ولا على تعليقه مع باقي

ملابسي في الخزانة , وإن كنتُ أعلم أنك تفتش من ورائي لكنت رميته "

قلت مبتسما " كنت أبحث عن غرض أضعته من مدة , ثم كيف

ترمي هدية صديقة لك يا ناكرة المعروف ؟ "

لم تجب ولازالت تتجنب النظر لي فقلت " هيا أريد رؤيته عليك "

نظرت لي بصدمة وكانت ستتحدث فاتكأت على السرير مسويا نومتِ

وقلت " بدون نقاش , وغدا تخرجي لتشتري ملابس تنفع لامرأة

وزوجها , هذه الفساتين تلبسيها أمام ابنتك وضيوفك "

وقفت كالملسوعة وأولتني ظهرها وقالت " رِفعت إن كنت ترى نفسك

لازلت صغيرا فأنا أرى نفسي لا أصلح لهذه الأمور التي لا تليق بسني "

ضحكت بصمت ثم قلت بلهجة حادة تمثيلية " خديجة يبدوا أنك

تسخرين من تساهلي معك "

التفتت لي ونظرة الصدمة والفزع جلية على وجهها فضحكت وقلت

" تحركي هيا "

نظرت لي بضيق فقلت بهدوء " أنتي لم تعرفي غضبي بعد فتجنبيه

يا امرأة "

تحركت حينها نحو الخزانة قائلة بحنق " مالي ومال الزواج من أساسه "

فراقبتها مبتسما وهي تخرجه وتتوجه به للحمام وقلت قبل أن تغلق الباب

" لا أسمعك مجددا تصرحين بندمك على زواجك مني مفهوم "







*~~***~~*








منذ أيام وفي صباح اليوم التالي لذاك اليوم الذي زارنا فيه عم ترجمان

وبعدما خرجت دُرر ورافقناها لمنزلها وتعرفنا بوالدتها وخالتها وجدّتها

انتقلنا هنا للمنزل الذي كان من المفترض أن يكون للعم صابر وعائلته

كان المنزل يعد كبير الحجم نسبيا وشبه جديد بخمس غرف واسعة جدا

وصالون ومجلس خارجي وفي حي يعج بالحركة أي آمن تماما فالناس

تتحرك فيه حتى وقت متأخر ليلا بسبب موقعه وسط العاصمة تماما

رفعتُ طرف شعري خلف أذني وعضضت شفتي بقوة أمنع دمعتي من

السقوط ونظرت مجددا للرسالة التي وصلتني اليوم وكانت من آسر وفيها

( أنا مسافر وحاذري يا سراب أرجع وأجدك تعملي , وضعت في حسابك

مالا يكفيك حتى عودتي ) ضغطت على الهاتف ومسحت عيناي بقوة قبل

أن تنزل دموعي منهما , لتستل يد ما الهاتف من يدي وصوت ترجمان

قائلة بصدمة " ما هذه ! متى أرسلها ؟ "

ضغطت قبضتاي بقوة حتى شعرت بأظافري انغرست في كفيهما

وقلت ونظري معلق بالفراغ " صباح اليوم "

وقفت أمامي وقالت واضعة يداها وسط جسدها " والمعنى منها ؟

أين ذهب وماذا فعل بكل ذاك المال ؟ "

مسحت دمعة جديدة نزلت من عيني وقلت ببحة " لا أعلم "

رمت عليا هاتفي وقالت " اتصلي به فورا ولا تسكتي له , أقسم أن يكون

تزوج وسافر بها وتركك هنا تبكينه وتبكي أطلال أملاكك التي نهبها "

ثم ضربت قدمها بالأرض وقالت " سحقا له , هذا كان مخططه من البداية

أن يسلبك حتى المنزل ويأخذوه هوا وعائلته تلك "

نظرت لها بصدمة ولم يلتقط دماغي من كلامها سوا عبارة واحدة

( تزوج وسافر بها .. تزوج وسافر بها )

وقفت كالملسوعة وأمسكت فمي وقلت بعبرة ودموعي تعبر خداي ناظرة

لها " لن يفعلها بي يا ترجمان لن يتزوج , لقد أقسم لي على ذلك "

قالت من فورها " كاذب , وتصدقين قسم لص مخادع مثله ؟ "

ثم أشارت بإصبعها لهاتفي الملقى على السرير وقالت بضيق

" اتصلي به الآن وأسمعيه ما يستحقه وما لم يسمعه منك حتى الآن "

نظرت للهاتف لوقت ثم أمسكته بيد مرتجفة من البكاء ولم أستطع ولا ضغط

أزراره وفشلت مجددا وحاصرتني صورته القديمة وكيف قسا عليا سابقا

بسبب ظنوني به وكم عانيت حتى غيرت فكرته عني , تأففت ترجمان

وقالت " أريد أن أفهم "

ثم تابعت وهي تعد على أصابعها " لا تريدين العودة له وتطلبين الطلاق

ولا تشتكي عليه بسبب أموالك التي أهدرها , وإن جلب أحدهم فقط سيرة

أن يتزوج من أخرى جن جنونك , فما الذي تريديه بالتحديد "

مسحت عيناي وأنفي وشهقت العبرة التي كنت أكتمها ثم فتحت قائمة الأسماء

بيد مرتجفة واتصلت برقم العم صابر فعليا أن أفهم منه هوا قبل أن أتسرع في

أي شيء , جربت ورقمه كان مقفلا فرميت الهاتف حيث كان وأخذت حجابي

ومعطفي وغادرت الغرفة وترجمان تتبعني قائلة " أين ستذهبين ؟ "

قلت وأنا أفتح باب المنزل وأخرج منه " خذيني لمنزل العم صابر "

ركبنا السيارة وغادرنا من فورنا لا شيء سوا كلمات ترجمان الغاضبة التي لم

تترك شتيمة لم ترميه بها وكالعادة شملت زوجها وزوج دُرر معه أما أنا فكنت

في صمت موحش أنظر للطريق أمامي بشرود أفكر لو أن كل ما ظننته به ولم

أقله له أن يكون صحيحا وقد فعل كل ما فعله ليسلبني كل شيء وأرجع كما كنت

وحيدة ومعدومة وتزوج هوا الآن مشهرا ورقته الأخيرة , وصلنا المنزل وأشعر

بقوى تحركني لا تمد للبشر بأي صلة وأقسم لو تحولت لنار لأحرقت كل شيء

نزلت ودخلت السور وتقدمت نحو المنزل وترجمان تتبعني حتى تقابلت قرب

الباب مع عبير وإسراء التي ركضت نحوي تحمل دمية يكاد طولها أن يكون

مثلها ولأن ترجمان خلفي طبعا فلم تقترب أكثر وقالت عن بعد خطوات

" أنظري سراب للدمية , أحضرتها لي المرأة التي جلبها أخي آسر "

وكانت تلك هي القذيفة التي كنت أخشى أن يوجهها لي يوما , اقتربت

منها بخطوات شعرت أني أمشيها على النار وقلت بكلمات خرجت لا

أثقل منها على لساني قائلة " مــــ ـن هي ؟ من تـــ كون ؟ "







*~~***~~*








وضعت الشال على كتفاي وضممته على جسدي وشددته من الأمام بدبوس

ومررت يدي على بطني من فوق صوفه مدرج الألوان , لم يبرز حجمه بعد

لكني بث أخجل من قصي وأشعر أنه بارز بشكل ملفت للنظر أو هكذا خُيّل لي

وسأحتاج لوقت لأعتاد الأمر فلن أستطيع إخفائه فيما بعد حين سيصبح حجمه

ظاهرا من تحت أي شيء سأخفيه به , نظرت للنافذة وللسحب الداكنة وتمتمت

ويدي لازالت على بطني " الطقس يبدوا سيئا اليوم بني ولن نستطيع الخروج

للبحث مجددا عن والدك "

تنهدت بحزن ونظرت للورقة في يدي لرفيقتي كل يوم وأنا أذهب بالخفية عنهم

وأبحث في أسماء وعناوين من عملوا لديه لعلي أجد ولو بصيص أمل أو خيط

رفيع يوصلني له , قبضت على الورقة بقوة وضممتها لحضني وقد عادت عيناي

لمعانقة السماء , أين ذهبت يا أواس ؟ كيف تتركني هكذا وما سر ورقة ملكية

المنزل التي وصلت لاحقا وليست مع الأوراق التي تركتها لي ؟ ترى أيخفون عني

غيرها ولم تكن الورقة الوحيدة ؟ دسست الورقة مكانها المعتاد حيث لا يعلم عنها

أحد وخرجت من الغرفة مغلقة بابها خلفي بهدوء ونزلت السلالم والصمت يعم جميع

أرجاء المنزل , غريب في العادة أصوات أحاديث جدتي مع أحد ابنتيها تُسمع في

المنزل طوال النهار !! توجهت لباب غرفة جدتي الشبه مفتوح سائرة جهته بخطوات

متوجسة وصوت الهمس المتداخل يتضح شيئا فشيئا خارجا من هناك , وصلت الباب

ونظرت من خلاله فكانوا يجلسون بالداخل جميعهم أعينهن معلقة بقصي الذي كان

مطأطأ رأسه للأسفل وقال بضع كلمات لم أفهمها جيدا في البداية جعلت خالتي

وجدتي تغلقان فمهما من الصدمة وضربت والدتي رأسها بكفيها فتمسكت بإطار

الباب وأمسكت معدتي التي شعرت فيها بوخزه قوية وكأن ثمة من ضربها

بسكين ونزلت للأسفل قائلة بألم وبكاء " مات وتركني "

على قفزتهم جميعهم واقفين وقد وصلت الأرض حينها متكئة على إطار

الباب وانسدلت عيناي ببطء ونظري عليهم وهم يركضون نحوي


المخرج : بقلم أغاني الوفاء

أحبيني ... وأوصدي الكف بالكف
فما سلكتُ إلا دروب المحبين ...
وماصغتُ إلا عبارات شاعر العاشقين..
تأملتُ منكِ الكثير...
تأملتُ لحبي التسليم ...
أوما آن يامُهرتي لترضخين...
وتستكينِ على صدري ولاتجمحين...
وتسقِ قلبي الضمأن وصلاً...
اسقيهِ فقد سُقِمَ من الحنين...

سلمت يداك


نهــايه الفصل

مفاجأة اليوم

*
*
*
*
*
*
*
*
*
*
*
*
*
الحلوين اللي طالبوا بفصل يوم الخميس قبل فصل اليوم
واللي طالبوا بفصل بعد فصل اليوم واللي طالبوا بفصلين اليوم ترضيه لهم


*

*

*

*

*

*

*

*
ي

و

م

*

*

*

ا

ل

س

ب

ت

*

*

*

*

*

*

غدا مساء الساعة العاشرة بنزل الفصل الواحد والخمسون

 
 

 

عرض البوم صور فيتامين سي  
موضوع مغلق

مواقع النشر (المفضلة)

الكلمات الدلالية (Tags)
جليد, حسون
facebook




جديد مواضيع قسم القصص المكتملة (بدون ردود)
أدوات الموضوع
مشاهدة صفحة طباعة الموضوع مشاهدة صفحة طباعة الموضوع
تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة
Trackbacks are متاحة
Pingbacks are متاحة
Refbacks are متاحة



الساعة الآن 11:21 PM.


 



Powered by vBulletin® Version 3.8.11
Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd.
SEO by vBSEO 3.3.0 ©2009, Crawlability, Inc.
شبكة ليلاس الثقافية