لمشاكل التسجيل ودخول المنتدى يرجى مراسلتنا على الايميل liilasvb3@gmail.com






العودة   منتديات ليلاس > القصص والروايات > قصص من وحي قلم الاعضاء > الروايات المغلقة
التسجيل

بحث بشبكة ليلاس الثقافية

الروايات المغلقة الروايات المغلقة


 
نسخ الرابط
نسخ للمنتديات
 
LinkBack (1) أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
قديم 20-09-15, 05:52 PM   المشاركة رقم: 476
المعلومات
الكاتب:
اللقب:
قارئة مميزة


البيانات
التسجيل: Sep 2010
العضوية: 190192
المشاركات: 574
الجنس أنثى
معدل التقييم: أبها عضو ذو تقييم عاليأبها عضو ذو تقييم عاليأبها عضو ذو تقييم عاليأبها عضو ذو تقييم عاليأبها عضو ذو تقييم عاليأبها عضو ذو تقييم عاليأبها عضو ذو تقييم عالي
نقاط التقييم: 748

االدولة
البلدKuwait
 
مدونتي

 

الإتصالات
الحالة:
أبها غير متواجد حالياً
وسائل الإتصال:

كاتب الموضوع : كَيــدْ المنتدى : الروايات المغلقة
افتراضي

 

بحفظ الله ورعايته ...

بانتظارك ..

 
 

 

عرض البوم صور أبها  
قديم 20-09-15, 10:41 PM   المشاركة رقم: 477
المعلومات
الكاتب:
اللقب:
ليلاس متالق


البيانات
التسجيل: Jun 2014
العضوية: 267722
المشاركات: 575
الجنس أنثى
معدل التقييم: كَيــدْ عضو ذو تقييم عاليكَيــدْ عضو ذو تقييم عاليكَيــدْ عضو ذو تقييم عاليكَيــدْ عضو ذو تقييم عاليكَيــدْ عضو ذو تقييم عاليكَيــدْ عضو ذو تقييم عاليكَيــدْ عضو ذو تقييم عاليكَيــدْ عضو ذو تقييم عالي
نقاط التقييم: 947

االدولة
البلدSaudiArabia
 
مدونتي

 

الإتصالات
الحالة:
كَيــدْ غير متواجد حالياً
وسائل الإتصال:

كاتب الموضوع : كَيــدْ المنتدى : الروايات المغلقة
افتراضي رد: قيودٌ بلا أغلال عانقت القدر

 




سلامٌ ورحمةٌ من الله عليكم
صباحكم / مساؤكم طاعة ورضا من الرحمن
إن شاء الله تكونون بألف صحة وعافيـة



بسم الله نبدأ ،
قيودٌ بلا أغلال عانقت القدر، بقلم : كَيــدْ !


لا تلهيكم عن العبادات في هذهِ الأيام العشر


(53)




قدماها العاريتان تلامسان أرضيَة المطبخ الباردة، تتسلل برودتها إلى أن تصِل دماغها ويتجمّد التفكير في عقلها، ... تجمّد دمها وكل السوائلِ في جسدها، تضاعفَ الضغطُ داخلها ولم تشعر بنفسها وهي تمارسُ هذا الضغط على الطاولةِ ذاتَ اللونِ الخشبي، تُحاولُ إذابةَ روحها التي تتحجّرُ بأفكارٍ قارسةٍ ترميها ذاتَ اليمين وذات الشمال، تحاولُ لملمةَ هذا الضياعِ وصوتُها في حنجرتها الصقيعية، كم من الحواجزِ حولها والاختلافاتِ المُناخية حتى يعيش جسدها في تناقضٍ مع الطقسِ من حولها؟ حتى تتساقطَ الثلوجُ في صدرها والطقسُ في أساسهِ حار! لم تستطع الشمس أن تتسللَ بخيوطها إليها، لم تستطع تدفئةَ هذا الوجعِ الذي تكثّف في صورةِ غيمٍ لم يتساقطْ كمطرٍ ليجفَّ بعد ذلك وتتماثل مع أجواءِ الرياض . . الغيومُ لازالت تتكثّف في صدرها، لازالت الرياح تهبُّ بين أعضائها وتُصدر صريرًا يدلُّ على عمق الوحدةِ التي تقتلعها.
زفَرت بقوةٍ والزفيرُ لا يفيد لإخراجِ ذرّات الضيق الذي يخنقها، تحرّكت كفّها قليلًا بعد أن رسمَت الخطَّ الثاني والذي كان أثخَن من سابِقه، ثبّتت السكين وهي تنوي رسمَ الوشم الثالث بقوّةٍ أشد، حينها شعرت بيدهِ التي أمسكَت يدها ورفعتها لينتشلَ السكين منها، ومن ثمّ اجتذب كفّها إليهِ قليلًا لتُدير رأسها نحوه رغمًا عنها وعيناها تبهتانِ أمام شفتيه اللتين انفرجتا بهدوءٍ أبعد ما يكُون عن هذا اللفظ : بس! .. ترى الطاولة ماهي ملك لنا في النهاية
فغَرت شفتيها ونظراتها الفاترة ترتفعُ عن فمهِ إلى عينيه اللتين تُنفرانها من التحديقِ به، وكأنّهما قطبان مختلفان لا ينجذبان، عيناه تدفعها لتشتيت حدقتيها عنه، الضعفُ الذي يقتلعها من جذورِ الهدوء يجيئها بشكلٍ مكثّفٍ حين تحلّق أحداقها نحو عينيْه.
حاولت جذب يدها من بين كفيه لتسترخي يدهُ بملء إرادته ويترك لها ما تريد، سحبت يدها المرتعشة بسرعةٍ لتفركها بالآخرى وكأن تياراتٍ مـا تُصيبها، وبصوتٍ بحَّ بتوترها : م ما حسيت بعمري
سلطان بنبرةٍ هادئةٍ دافئة وعيناه تمعنان النظر في ملامحها المُضطربة : وش اللي كنتِ تفكرين فيه؟
أخفضت رأسها للأسفلِ وشفتيها ترتعشان بوهن، جسدها يُصيبه الفتور وملامحها تتشنّجُ بمدى الضياعِ الذي يُصيبها ، بنبرةٍ يسكنها التيهُ أجابت : كالعادة ، مافيه شيء محدد .. حتى أفكاري ضايعة
تقطّبَ جبينه وارتسمت بين حاجبيه تجعيدةٌ تثبت تأثّره بها، شدّ على قبضتيه يمنع يداه من رفعِ رأسها إليه قسرًا لتنظر له، وبصوتٍ آمرٍ بلطفٍ لفظ : طيب ارفعي راسك وناظريني
شدّت يدها على قماشِ بنطالها البُنيِّ ولم تمتلك الجرأة لرفعِ رأسها والنظر إليه، أعاد أمرهُ ذاك بنبرةٍ أشدَّ حزمًا وهو يدقق النظر في وجهها المُنحني : غزل ارفعي راسك وناظريني ، ماراح آكلك
غزل تعضُّ باطنَ خدّها وحدقتيها تهزان، رفعَت رأسها أخيرًا ببطءٍ وهي تشتت حدقتيها لا تريد النظر إليه، هي مع كلِّ الضعفِ فيها تضعف أكثر بمرآه، لذا لن تنظر إليه، لن تنظر إليه!! . . زفَر بهدوءٍ وهو يترك لها ما تُريد في النهاية، بإمكانه جعلها تنظر إليه بالقوة لكنّه ابتلع قدرته وهو يهتف بهدوء : متضايقة؟
هزّت رأسها بالنفيِ كذبًا وهي التي لا تُريد إظهار المزيد من الضعف أمامه، جعّد ملامحه وضوّق عيناهُ وهو يرى مقدار التواري عن الحقيقةِ في انحناءِ رأسها الذي يجيب دونًا عن هزّها لهُ بـ " نعم " ... هتف بصوتٍ حازم مُكررًا : متضايقة؟
غزل تزدردُ ريقها وهي تْهز رأسها مرةً أخرى وتلفظ بصوتٍ خافتٍ واهن : لا
سلطان بحدة : خّلي عنك الكذب، قولي متضايقة وريحي عمرك!
غزل وعيناها تنظران إلى فخذيهِ دونَ أن تنظر لملامحه، بللت شفتيها وهي تدفعُ صوتها النائم في حنجرتها للنهوضِ بقوّة، هتفت بنبرةٍ وهِنَ فيهَا الضعف وخرجت محملةً ببعضِ القوة : ماني متضايقة
مدَّ يدهُ هذه المرة ليُمسك بذقنها ويرفعَ وجهها الذي اندفعَ إليهِ البهوت بصورةٍ أشد وهي توسّع عيناها بذهولٍ من حركته الفجائية، التقت عيناها بعينيه الحادتين أخيرًا لتندفعَ من بين شفتيها شهقةٌ خافتةٌ وصلت إلى أذنيهِ متحشرجةً بعذابٍ لتسقط من بعدِ تلك الشقةِ دمعتانِ شاردتانِ من عينيها، تبعتها دموعٌ أخرى ينتثرُ معها مرارةٌ في صدرها، في نظراتها الوحيدةِ في زاويةٍ معزولةٍ عن العالـمِ أجمع، وصوتها المنحورُ بحدِّ الضيـاعِ لفظَ باستسلامٍ إليه : أيـه ، متضايقة، متضايقة كثييييير وهالضيقة تقتلني
ارتخَت قبضته قليلًا على ذقنها بعد إجابتها تلك حتى قبل أن يُكرر سؤاله، عقَد حاجبيه وهو يميل برأسه جانبًا ويزفر، يقتنصُ من صوتها ودموعها وهنًا وضعفًا لا يحمِل مثقال ذرةٍ من قوّة، لا يستطيعُ صبرًا على كل لكمةٍ تأتيها من الحيـاة . . زمّ شفتيه قليلًا ليهمسَ بلطفٍ وصوتهُ احتوى جزءً من ترددها : من أيش؟
غزل بضيق : كالعادة ، من كل شيء حولي!
سلطان برقة : حتى أنا؟
غزل بصدق : أنت أكثر شيء مسبب لي ضيقة من كل الأشياء اللي تضايقني
تأكّد الآن من ظنونه، سبب ضيقتها منهُ هو ذاته سبب ارتعاشِ يدها حين يمسك بها، سبب انتفاضِ جسدها حين أمسك كتفيها، سبب توترها حين يقترب منها! هل قربه باتَ خطيرًا منها بهذا الشكل؟ هل هذهِ أول بوادرِ تعلقها به؟ يا الله ما الذي يفعله؟ هي لا تحبه! يُدرك ذلك وهو كأي رجلٍ سيستطيعُ قراءة الحُب في عيني أي أنثى، هي لم تحبه بعد، لكنّ كل شيءٍ بات يثبت إنّها تتأثر باقترابهِ منها وهذا يعني أن الأسوأ سيجيء . . أغمضَ عينيه بقوةٍ وهو يلملم البعثرةَ التي أصابَت روحه، رغمًا عنهُ شعر بالذنب، شعر بالكرهِ لذاته، هل سيطولها أذيته؟ هل سيؤذيها كما آذى غيرها؟ .. عادَت إليه تلكَ الأفكار، عاد إليه شعورهُ بالحزن المُطلق لكونه السبب الأول لحزن من حوله ولكونِه يؤذيهم، عادَ إليه شعوره العميقُ للكرهِ نحو نفسهِ وكلُّ المنى أن يُصبح في هذه اللحظةِ معزولًا عن العالـمِ بأسرِه، هو لا يتعمّد أذيّة أحد، لا يتعمّد جرحَ أحد، لم يحمل يومًا هذا الشرَّ في صدره فلمَ يؤذيهم؟ لمَ يؤذي من يُحب ومن هم حوله؟ . . فتَح عينيه الغائمتين بالضيـاع وهو يُنزل يدهُ التي تُمسك بذقنها، بلل شفاههُ الجافة والجفافُ يطول حنجرته التي تتبعثر فيها الأحرفُ وتلتهب، تخرجُ تائهةً كما خرجَت الآن في نبرةٍ خافتة : في وش ضايقتك؟
غزل وعيناها تقرآنِ في ملامحه تغيرًا ما، ارتعشَت رغمًا عنها وهي تهمس بخشيَةٍ وبعض الندم أصابها لصراحتها المُفرطةِ معه : ما أدري
سلطان : طيب بأي لحظات بالضبط تحسين إنك متضايقة مني؟
غزل بتوتر : ما أدري .. * أردفت باندفاعٍ خائف * أنت معصب؟
ابتسمَ رغمًا عنهُ لنبرتها الخائفةِ والطفولية، مسكينةٌ يا غزل! تلاقى قدركِ مع قدرِ الشخص السلبيِّ في حياة كلِّ من عرِف، مع الشخص الذي يؤذي من حولهِ دونَ قصد، ولا عُذرَ يكفي ليُلقيه لهم. هتف بابتسامةٍ باهتة : لا ماني معصب ، السؤال لك، أنتِ معصبة لأني مضايقك؟
عقَدت حاجبيها قليلًا بحيرة، تبحث عن جوابٍ يتوافقُ مع إقرارها لهُ بضيقها منه، لكنَّ كل شيءٍ يتناقض! كل مافي صدرها يتصادمُ بتناقضٍ لا تفهمه، لذا خرجَ جوابها بشكلٍ لم تستطع الكذب فيه : صراحة ماني معصبة
سلطان : طيب تبيني أبعِد عنك عشان ما عاد أضايقك؟
غزل بحاجبين معقودينِ التهبت في صدرها المشاعر، وتشتت في عقلها الأفكار وتصادمت الكلماتُ في فمِها، تناقضٌ آخرُ زارها، لا تعرف ما الإجاباتُ المقنعة! لا تعرف شيئًا يُنصف ردّها الأول، سؤالٌ ثالثٌ بعد ثانٍ ناقضَ في إجابته كل شيء، سؤالٌ ثالثٌ جاء جوابه متناقضٌ كما قبله، وصوتُها الفاترُ يجيء في هذهِ اللحظةِ محملًا بصدقٍ ومشاعرَ متضاربة : بالعكس، ما ينفع تبعد عني
سلطان وقلبهُ ينقبضُ بشدة، لقد وقعَ في المحضور، بدأت أذيّتهُ تُلامسها، كانت ظنونه بعكس ما تمنّى، أفرجَ عن شفتيه ليلفظَ بصوتٍ يعزفُ بحزنٍ وألمٍ على نايٍ مُحطّم : ليه ما تبيني أبعد؟
غزل بحيرة : قلت بتعلمني أصلي وبتساعدني عشان أحب الصلاة، وقلت كمان إنّي لو سويت اللي أنت تبيه بتسعدني ولو ليوم واحد ... وللحين ما سويت كل هالشيء فشلون تبي تسويه وأنت بعيد؟
ارتفعَ حاجباه بصدمةٍ من تفكيرها وفغر فمه، لكنه لم يلبث أن ابتسمَ وهو يخفضُ رأسهُ قليلًا يُخفي الحُزن في ابتسامته، أينَ هيَ عن قلقه؟ عن أفكارهِ التي تقتله؟ أين هي عن كل موجةٍ تهزُّ قاربهُ فوقَ بحرِ الثبات وتلفظهُ على شاطئٍ أسودَ من الأفكـار، يخافُ عليها منه! من بؤسه الذي قد يصيبها، متى ستمرُّ بقيّةُ هذه السنة يا الله؟ بل كيفَ ستمرْ؟ . . رفعَ رأسه وابتسامته تتلاشى خلفَ جمودِ ملامحه ظاهريًا، ارتفعَت كفه ليحكَّ عنقهُ أسفل أذنهِ اليُمنى وهو يتنهد بضيق، وبنبرةٍ جامدة : غزل ، عمرك راح تفكيرين إن هالزواج ممكن يتغير ويصير طول العُمر؟
عقدَت حاجبيها دون استيعابٍ في بادئ الأمـر، لكنّها سرعان ما انتشرَ في جسدها سائلٌ باردٌ لتنتفضَ وعيناها تتسعان بذعرٍ طالَ صوتها : مستحييييل
سلطان بهدوءٍ وهو ينظر لتقاسيم ملامحها بعد تلك الإجابـة التي بالرغم من كونهِ أرآدها إلا أن الذعر فيها جعله يستنكر : متأكدة؟
غزل بتوترٍ وارتعاشٍ وأنفاسها تضطرب من تلك الفكرة، هل يُفكّر بجعل زواجهما دائمًا؟ هل يفكر بتلك الفكرة المجنونة؟ محـال، محــالٌ أن يحدث ذلك . . لم تعلم أنّها شحُبت فجأةً دون سابقِ إنذارٍ والرعبُ شلَّ أوصالها، كلماتها انطلقت من بين شفتيها مرتعشةً بشكلٍ كبير : أنت ، أنت وعدت .. وعدت إن زواجنـا يكون ...
قاطعها سلطان باستنكارٍ وهو يعقد حاجبيه : غزل شفيك؟ ليه خفتِ كذا بسبب سؤالي؟ لا تحاتين أنا عند كلمتي بس الخوف منك!
عضّت شفتها السُفلى باضطرابٍ وهي ترفعُ يدها المرتعشة وتمسحُ جبينها : كيف مني؟
سلطان ينظر لعينيها باستغرابٍ لكل ذلك الإنفعال، ألهذهِ الدرجة تنفر من هذه العلاقة؟ هل يرتاح الآن؟ لكن لمَ يشعر أن هناك أمرًا آخر لهذا الإنفعال؟ . . نفضَ تلك الأفكار وهو يتقدّم بجسدهِ للأمامِ قليلًا بعد أن أدارَ رأسهُ عنها وأسند مرفقيهِ على الطاولة : ما أبي عقلك يفكر بطريقة ثانية عن طبيعة حياتنا، أنا وأنتِ محنا لبعض! * أدار رأسهُ إليها ليُردف بهدوء * أنتِ مؤمنة بهالشيء؟
غزل بتوترٍ من حديثه : أيه ، أنا أصلًا منتظرة متى ينتهي هالزواج
زفَر براحةٍ وهو يمسحُ على ملامحه، شعر بالثقلِ الذي في صدرهِ ينزاحُ عنه قليلًا، لكن لازال يجبُ عليه أن يبتعد قليلًا، يبتعد بدرجةٍ تسمحُ لهُ بالتواصلِ معها دون أن يؤثر بها في شيء، فهو كما كان خطيرًا على غيرها سيكون خطيرًا عليها.
ابتسمَ قليلًا وهو يُعيد أنظارهُ إليها، مدَّ يده نحو الطاولةِ ليُمسك بسكينها ويُزيحها بعيدًا وهو يلفظ بهدوءٍ كي يُبعدها عنه : للحين متضايقة؟
غزل صمتت قليلًا، لا تملك إجابةً واضحة لسؤاله في هذه اللحظة، عقدَت حاجبيها قليلًا وهي تُشتت حدقتيها، لكنّها أعادت عينيها إليه لتلفظ بتوتر : مو كثير
سلطان : طيب اطلعي واجلسي بروحك لين ما أكمل بروحي
غزل بابتسامةٍ واهنة : مو قلت بتعلمني؟
سلطان : بوقت ثاني ، روحي
غزل : بس أنا أبي اليوم ، ودي أغيّر جو مليت من الجلسة قدام التلفزيون
سلطان بإصرار : أنا قلت بيوم ثاني ، اطلعي
عقدت حاجبيها باستغرابٍ لصوتهِ الذي احتدَّ فجأة، ارتبكَت وهي تنهضُ باضطرابٍ وتهزُّ رأسها بالقليلِ من الخوف، تحرّكت دونَ صوتٍ وهي تقبضُ على كفّها لتُسكن رعشتها، بينما زفَر هو بعمقٍ وهو يضعُ رأسه على الطاولة ، ما الطريقة المناسبة للتعامل معها؟ ما الطريقة المناسبة؟


،


وضعَت صحن الشوربَة جانبًا على الكومدينة وكفّها تستقرُّ على بطنها للغثيانِ الذي أصابها، تمالكت نفسها لدقائق حتى غادرها الغثيانُ رويدًا رويدًا، ومن ثمّ زفرَت وهي تتقوّس على نفسها وتتنفّس بعمقٍ وإرهاق، تشعر ببرودةٍ في كامل جسدها بالرغم من كونها قد أغلقت التكييف، اللحافُ يغطي ساقيها لكنّ قدميها ترتعشان ببرودةٍ داخليـة تشعر أنها صقيعية.
رفعَت اللحاف تنوي التمدد وتغطيةَ جسدها بالكامل، لكنّ دخول سيف في تلك اللحظةِ جعلها تُديرُ رأسها تلقائيًا إليه بعد صوتِ فتحِ الباب، قطّبت جبينها بانزعاجٍ وهي تصدُّ عنه وتتمدد، واجهتهُ بظهرها ورفعَت اللحافَ إلى كتفيها وهي تغمض عينيها بنفورٍ تلقائيٍ تجاه النظرِ إليه، وكأنها ترى أمامها شيطانًا امتلأ بالعيوب لكنَّ حبها الأعمى لم يجعلها ترى تلك العيوب ووقعت مقيّدةً بِه، أولَيس الحُب أعمى؟ وهذا العمى أصابها في مقتل، أحلَّ دماءها في سبيلِ عينيه . . فعلتها بي؟ ارتحت؟ ارتحت يا - حُبًا - يقتل الإنسان حيًا ويتركهُ يعبر حياته دونَ روح/قلب/أعيُنًا يُبصر بها، سامحكَ الله وسامحَ تخاذلك، سامحك الله على رفضِ كل علاجٍ للعمى الذي يسكنك، كل العمَى يُتجاوَز، كل العمَى يستطيعُ الإنسان أن يعيشَ متأقلمًا معه، عدا عمى الحُب الذي يهبطُ بنا في كل مرةٍ لمنحدرٍ أشد انحدارًا، في حفرةٍ تُعانقها النيرانُ من كل جهةٍ وزاويـة، أهلكتنِي! أهلكتني يا - حُبُّه -.
أغمضَت عينيها الجامدتين رغم رخويتهما، رغم التكوين الهلامي الذي يُكوّنها، انسلخَتُ من كل تكويناتي التي ناقضَت أصلِي، خلقنا اللهُ بشر، أجسادنا مُتماسكة، لكنّك جعلت مني مخلوقًا هلاميًا على مرِّ ثلاثِ سنين، والآن بالرغم من هلاميتي لم أهتزْ.
وقفَ أمامَ المرآةِ ليسندَ كفيه على سطحِ التسريحة، قلبهُ ينحصرُ بين قبضةِ تجاهلها له، خلفَ نظراتها التي يكره، الأمرُ لا يسيرُ وفقَ ما تريد، يكره هذا التّجاهل وهذا الصمت والبرودَ في عينيها، يكره هذا التقوقعَ الذي يُصيبها عنه ولا ينفكُّ إلا حين حاجتها إليه والمتعلقة بجنينها. شدَّ على قبضتيه وهو يوجّه نظراته إليها عبر المرآة، فتحَ فمه بنبرةٍ باردةٍ يُريد بها استفزازها وإشعال النيرانِ في صدرها حتى يذوب هذا الجليد حولها : اليوم كلمت أبو بثينة في الموضوع
فتحت عينيها بصدمةٍ واتّسع بؤبؤيها دونَ استيعاب، شعرت بصدرها يؤلمها وشفاهها تهتزْ، قلبها نزَف، جسدها اقشعرَّ وأنفاسها انحصرت في الغرفةِ فقط لتتحجّر أخيرًا أمام أنفها وفمها دون أن تستطيع جذبها إلى رئتيها، يقولها؟ بكل بساطةٍ وبكل برودةٍ يُخبرني بهذا؟ بهذهِ الخيبةِ التي ستزرعُ نفسها في صدري كل ساعةٍ وليلةٍ لأبكي داخليًا تحت وطأتها . . يا قسوتك! ماهذا القلب الذي تمتلكه؟ ماهذهِ الروحِ التي كُوِّنَت بك؟ لستَ بشرًا، لست بشرًا فالبشرُ وإن ملأت قسوتهم عنَان السماء كانوا ليسمعوا أنيني كالحيتانِ في بطنِ البحر، ما أنتَ يا سيف؟ حرامٌ واللهِ عليكَ هذا الحُزن الذي تخلفهُ في حنجرتي، تساقطَت أناملي فوقَ وجنتاي، كم مرةً مسحتُ دمعةً تجاوزَت أجفاني؟ كم مرةً مسحتُ حرارةَ هذا الوجعِ دون أن يُغادرني، استقرّ فيَّ! استقر فيَّ واقتلعَ أناملي أنملةً أنملة.
رفعَت كفّها اليُسرى لتضعها على قلبها الذي يُعصر بها، ستأخذهُ مني، ستأخذهُ مني يا الله وأنا التي أجزمت بأنني سأتجاهل، سأعيش دون أن أبالي لكنَّ حبي لهُ أكبر وفوقَ احتمالي، لا امرأةَ ترضى أن تشاركها امرأةٌ أخرى زوجها وإن كرهتْه، فكيف بي وأنا التي تعشقك؟ واللهِ تعشقك.
زمّت شفتيها وهي تقاومُ دموعها التي تحاربُ لتُشرق في هذهِ الليلةِ البكَّاءة، القمرُ والنجومُ يشهدون على حزني، شكرًا لك على شماتتهم بي، شكرًا لك.
بقيَت نظراته معلقةً بصورتها في المرآة، لمَ لا تصرخ في وجهه؟ لمَ لا تجلسُ وتلقى كلماتِ الرفضِ والقهر، لم لا تقول أنها " ما تهتم " ليقرأ الكذب في عينيها بسهولة، ليستنبطَ أحكـامَ الحُب والغيرةِ في صوتها المقهور والمجروح منه، اصرخي، لا تبقي صامتة، لا تسكنِي، أريد قراءة حبّك لي، أريد قراءة تملكك، صمتك يهزمني، يشرحُ لي كم أنني لم أعد في قلبكِ كما أنا، هل بُترَ جُزءٌ مني فيكِ؟ لا تصمتِ ويقول صمتك : نعم، هذا الصمت يسحقني، فاصرخي.
حكَ شفتهُ السُفلى بأسنانه العلوية، تنفّس بقهرٍ لصمتها الذي سكنها بينما كانت تصرخ داخليًا دون أن يسمعها، استدارَ بقوةٍ وحدةٍ وهو يصرخُ بقهرٍ من صمتها : ما تسمعيييين؟ برجعها، تفهمين وش يعني برجّعها؟
أفهم، واللهِ أفهم، أفهم كل خيبةٍ وخذلانٍ تُلقيهِ على ملامحي، أنتَ الوحيد الذي لا يفهم شيئًا مما أُكنّهُ لك، أنت الوحيد الخاسر للفهمِ هُنا.
استغرقَ صمتها، واستحلَّ كل سكونٍ قد يلتهمه، جنّ جنونه لعدمِ ردها بحدةٍ تُقرئه اهتمامها، هذا الصمت يقتل! إن كان حتى الآن لم يقتله ما فعلت فأن تصمت هذا هو ما سيكون سهمًا قاتلًا له . . تحرّك بغضبٍ إليها واتّجه للجزءِ الأيسر من السرير الذي كانت تحشرُ نفسها في طرفه، لم تستوعب شيئًا حين وجدته واقفًا أمام عينيها المفتوحتان على اتّساعها، ولم تشعر إلا وهو يُمسك عضدها ويرفعها لتجلس رغمًا عنها، نظرَ لوجهها بحدةٍ ليهتف من بين أسنانهِ بقهر : عادي عندك اللي بيصير؟
قاومَت دمعها وارتعاشَ شفاهها وهي تتحلى أمامه بقوةٍ كاذبَة، نظرَت إلى عينيه ببرودٍ لتلوي فمها بحقدٍ وتلفظ : أيه عادي ، ما عاد تهمني
سيف بقهر : كذّابة
ديما تسحب عضدها منهُ وتهزُّ أكتافها دونَ مبالاة : كيفك لا تصدِّق
تنفّس بانفعالٍ وهو يفركُ ذراعهُ اليُمنى بكفه اليُسرى. بلل شفتيهِ بلسانهِ وهو يتراجعُ للخلفِ ويبتلع رغبته في خنقها، من المُحال أن تكون مشاعرها تبدّلت في ليلةٍ وضحاها وأصبحَ لا يعنيها في شيء، من المُحال أن تكرهه في لحظة، الكُره يجيء رويدًا رويدًا، لا يجيء دفعةً واحدةً ويفرضَ نفسه، إلا إن كان كرهها لهُ بدأ بالتدافعِ إليها منذ زمَن! . . شعرَ بالصداعِ يداهمه لتلك الأفكـار التي ستقتله لا محالة، تراجعَ للخلفِ أكثرَ وهو يستدير عنها ويمسح على ملامحهِ بقهر، عضَّ طرف شفته ووضعَ كفيه على خصره ليكوّن أنفاسه باعتدال ... استندَت على ذراعها وهي تُعيد شعرها لخلفِ ظهرها ناظرةً لجسدهِ المُدارِ عنه، تركَت لعينيها الالتماعَ بحزنٍ وهي تتأمّل شعره، كتفيه العريضين، جسدهُ الطويل وغصّةٌ توخزُ حنجرتها، تُمزِّغ حبالها الصوتية وتسدُّ مخارج أحرفها. أغمضَت عينيها بقوةٍ وحرارةُ صدرها تُبخِّر دموعها، لن تبكي أمامه، أخذته امرأةٌ غيرها، لم يعد لها، وكبريائها المجروح لن يسمح لهُ بجرحها أكثر .. ليذهب هو وهي إلى الجحيم ، ليذهبا إلى الجحيم.
فتحَت عينيها وهي تزدردُ غصّتها، جلسَت وهي تمسحُ على أنفها، لتهتف بصوتٍ حاقد لتلك المرأةِ قبل أن يكون لزوجها الخائـِن : تتهنى فيها بجهنم إن شاء الله
استدارَ إليها وملامحهُ محتدةٌ بقهره، رفعَ إحدى حاجبيه وهو يخفض كفيه عن خصره، وبحدة : دام الموضوع ما يهمك ليه حاقدة علي وما تبيني أنبسط؟ إذا كنتْ ما عاد أعني لك شيء فالطبيعي ما تتدخلين فيني وتتركيني بحالي بدون دعاوي .. إلا إذا كنتِ تكذبين طبعًا
كشّرت بحقدٍ وهي تُحرّك كفها عشوائيًا في الهواء : لا تحاتي ما عاد تهمني بس جهنم تناسبكم
سيف يبتسم بغضب، والغضبُ جعل ابتسامته خافتةً تكادُ لا تُلحظ : أجل أنتِ اللي تناسبك الجنة؟ أعوذ بالله من غضب الله بس
ابتسمَت باستفزازٍ وهي تُميل برأسها : الملائكة أمثالي تترفع عن شياطين مثلك ومثل الزفتة
سيف بحدة : استغفري ربك
ديما بابتسامةٍ لم تختفي : استغفر الله منك، أنت أكبر ذنب اقترفته بحياتي
سيف : واستغفري بعد على كذبك
ديما : لا هذا ماهو ذنب، هذا حقّي فاستغفر أنت على حرمانك لي
سيف يرفعُ إحدى حاجبيه، اقتربَ منها ليُمسك بكتفيها ويثبّت جسدها وهو يمعن النظر بعينيها ويلفظ بحدة : ما أقصد كذبة حملك ، أقصد كذبة * نظر إليها من أعلاها لأسفلها ليُردف * ما عليْ صلاة
صدّت عنه بغرورٍ وهي تلفظ باعتلاء : كذبة بيضاء ولله الحمد
سيف بحدة : ولله الحمد؟! لعلمك كنت أدري
عقَدت حاجبيها دون فهم : تدري؟
سيف بقهر : أيه ، دخلت عليك وأنتِ تصلين ظهر، آخر ظُهر قبل لا أدري بحملك
لم تستطِع أن تُخفي الصدمةَ التي اعتلَت ملامحها، بينما ابتسمَ بسخريةٍ وهو يتركُ كتفيها، جلست باعتدالٍ وهي تبتلعُ ريقها دونَ فهمٍ له، هل هذا ما كان سبب غضبهِ يومذاك؟ لكن لمَ لم يوضح ذلك؟ لمَ لم يصرخ في وجهها و " يوريها النجوم في عز الظهر "؟!! . . نظَرت لملامحهِ بحيرةٍ لتتثبّت نظراتها على ابتسامتهِ الساخرة، ضوّقت عيناها أخيرًا وهي تترك لذاك السؤال الذي ماجَ في صدرها الإعتلاء على شفتيها في صورةٍ مستنكرة : كنت تدري؟ بس ، بس ليه سكت؟
سيف بسخريةٍ مريرةٍ أدارَ رأسهُ جانبًا قبل أن يُعيد النظر إليها، لفظَ بحدةٍ وغضب : كنت ساكت ، بس بقرارة نفسي مقرر أعاقبك بقسوة
شعرت بالاستفزازِ من إجابته، ما الذي كانت تنتظرهُ منه، أن يقولُ " جُرحَ قلبي وكان جرحي منكِ السبب في صمتي؟ " ... ابتسمت بسخريةٍ لاذعةٍ من أفكارها تلك، واعتلت السخريةُ عينيها وصوتها الذي هتفَ باستفزاز : وانجرحت رجولتَك؟
سيف بقهرٍ يُعيد ترميم أنفاسه في صدره وهو يسترجع شعوره يومذاك : كنت بخليك تندمين مليون مرة عشان كذبك
ضحكَت بسخرية : يا حبيبي أنت ، واضح جرحتك بقوّة وأنت المغرور اللي تظنني ميتة على قربك
سيف بقسوة : صدّقيني ميتة، بس كنتِ مضطرة تكذبين
انتفضَت بحنقٍ وهي تلفظ : تخسي والله
سيف بصرخة : ديما امسكي لسانك معاي لا أقطعه لك وأقطّه للكلاب
ازدردَت ريقها بخوفٍ لم يظهر على ملامحها وهي تصدُّ بوجهها عنه، زفَر بحرارةٍ وهو يتحرّك ناويًا الخروج من الغرفـة التي أصبَحت كساحةِ معركةٍ بينهما، يبدو أنه لن ينعم بيومٍ هادئٍ هذهِ الفترة، فتحَ الباب ليُلقي نظرةً غاضبةً أخيرة عليها ومن ثمّ خرج وأطبقهُ من خلفهِ تاركًا لصوتهِ حقَّ الإعتلاء والإصتدامِ بجدران الغرفة ليرتد أخيرًا إلى صدرها، تأفأفت بقهرٍ وهي ترتمي بجسدها على السرير منبطحةً تُغمض عينيها بقهر : الله ياخذك ، الله ياخذك . . * عضّت شفتيها قبل أن تردفَ بإجهادٍ وحزن * استغفر الله ، الله ياخذها هي قبل لا تآخذك مني


يتبــع ..

 
 

 

عرض البوم صور كَيــدْ  
قديم 20-09-15, 11:08 PM   المشاركة رقم: 478
المعلومات
الكاتب:
اللقب:
ليلاس متالق


البيانات
التسجيل: Jun 2014
العضوية: 267722
المشاركات: 575
الجنس أنثى
معدل التقييم: كَيــدْ عضو ذو تقييم عاليكَيــدْ عضو ذو تقييم عاليكَيــدْ عضو ذو تقييم عاليكَيــدْ عضو ذو تقييم عاليكَيــدْ عضو ذو تقييم عاليكَيــدْ عضو ذو تقييم عاليكَيــدْ عضو ذو تقييم عاليكَيــدْ عضو ذو تقييم عالي
نقاط التقييم: 947

االدولة
البلدSaudiArabia
 
مدونتي

 

الإتصالات
الحالة:
كَيــدْ غير متواجد حالياً
وسائل الإتصال:

كاتب الموضوع : كَيــدْ المنتدى : الروايات المغلقة
افتراضي رد: قيودٌ بلا أغلال عانقت القدر

 




جلَست عُلا على الأريكةِ ودموعها تسقطُ منذ كانت تودِّع سوزان التي خرجَت قبل دقائق مع السائق، كانت تحلف لها بأغلظ الأيمان أنها ستتواصل معها وستزورها مراتٍ لكن لتكفكف دموعها فقط، والآن هاهي دموعها تسقطُ بكرمٍ حاتميٍ ليرتفعَ بكاؤها دون أن تستطيعَ نزعْ هذه الصفةَ الطفولية التي كثيرًا ما كانت تُصيب شاهين بالذعر كهذهِ اللحظة، انتفضَ بقوّةٍ حينما دخَل ورآها تبكي بذاك الشكل الذي يعصرُ قلبه، اقتربَ منها بخطواتٍ واسعةٍ ليجلس بجانبها وهو يهتف بنبرةٍ مرتعشة : يا ام متعب ليه البكاء؟ أرجعها؟ قسم بالله لأرجعها من شعرها لو تبين
تصاعَد بكاءها تلقائيًا وهي تسمعُ " ام متعب " من شفتيه، لطالما كان يقول لها " ام شاهين "، لكنّه بعفويةٍ تامةٍ يلفظ " ام متعب " حين يكون جادًا، هو يعترف بهذا الاسم أكثر، لكنّه درءً لحزنها يلحق " ام " باسمه هو.
زمّ شاهين شفتيه وهو يُحيط كتفيها النحيلتين بذراعيهِ ليضمّها إلى صدره، وبأنفاسٍ عنيفةٍ تصعَد بصدرهِ وتهبطُ بهِ بعنفٍ مدوى : الله يسقي هالعيون بالراحة ، شجعلني ما أبكيك . . . تبكين هاه؟ يعني الحين هالبقرة سوزان تخليك تبكين وما بكيتي علي لأني توني طايح من الدرج؟
شهقَت بقوةٍ وهي تبتعدُ عنه وتنظر لوجهه، وبذعرٍ وصوتٍ باكٍ وهي ترفعُ كفيها لتتلمس ملامحه : طايح؟ شلون ومتى طحت؟ بسم الله عليك بسم الله عليك
ضحكَ بخفوتٍ وهو يمسك كفيها ويقبلهما، وبحب : أكذب عليك أسيل اللي طاحت
شهقَت مرةً أخرى : أسيل طاحت؟
عضَّ طرفَ شفته وهو يكتم ضحكته، لكنّه في ذاتِ اللحظةِ شتم نفسه للشهقتين اللتين اندفعتا من بين شفتيها، وبصدق : الله ياخذني ، أمزح معك محد طاح
تأوّه فجأةً ما إن شعر بكفها التي ضربت كتفهُ وبالرغم من نحالتها إلا أنها آلمته، كانت أسيل قد دخَلت خلف شاهين مباشرةً لكنّها سكنت مكانها تاركةً لهُ تهدئتها ولا يخفى ذهولها من الكذبتين التي ألقاها عليها وقبلًا لفظُ " بقرة "، وَأدَتْ ضحكتها وهي تتابعُ ما يفعل حتى انتهى الأمرُ بضربةِ علا له، حينها لم تتمالك نفسها وضحكَت بقوةٍ جعلت شاهين وعُلا ينظرآن إليها.
شاهين بعبوسٍ وهو يحك كتفهُ التي ضربتها : الله يسامحك شمتي فيني العذال
علا بحدة وهي تمسحُ دموعها : تستاهل ، ولو مرة ثانية كذبت عليْ أو قلت عن سوزان بقرة أو دعيت على نفسك بتحصّل وحدة ثانية على وجهك
ضحكَ شاهين : أجل الموضوع فيه سوزان مو بس عشاني
علا بعبوس : أيه اغتبتها، الحين لازم اتصل عليها عشان أعلمها وتسامحك مثل كل مرة تغتابها، أخاف لسانك يفرق بيننا في الجنة
عقدَ حاجبيه وهو يبتسم بحبٍ لعاطفتها وتفكيرها الأمومي، احتضنها بين ذراعيه وهو يميل بها ويهتف بنبرةٍ سمِجة : آه يا ريحة الحُضن الحلو ، اليوم قررت أنام معاك وأسحب على مرتي الخايسة
علا بضيق : أولًا لا تقول عنها خايسة تسواك وتسوى طوايفك يا البزر، ثانيًا ماراح تتركها ، حضنها يكفي وزيادة
احمرّ وجهُ أسيل وانسحبَ الأكسجين عنها بينما ضحكَ شاهين بتسليةٍ وهو ينظر إلى الحُمرة التي اعتلت ملامحها : بعد تسواني وتسوى طوايفي؟ زين زين بنتغاضى عن ذا بس سالفة حضنها يكفي وزيـادة خليني أقــ ....
قاطعته أسيل بصرخةٍ مختنقةٍ بخجلها وهي تُدرك أين سينحدر هذا الحوار : شاهييييييييين
شاهين ينظر إليها ببراءةٍ وصوتُ ضحكة أمه الخافتة تصل إليه : هاه وش قلت؟ كنت بس بقول حضنها نايم لا يودي ولا يجيب ، خجولة بزيااااااادة
غطّت وجهها بإحراجٍ وهي تلفظ شتيمةً خافتةً من بين شفتيها وصلت إليه ليجفل في بادئ الأمـر لكنّه سرعان ما غرقَ في ضحكاته وهو يلفظ من بينها : ههههههههههههههههههه وقليلة أدب بعد
عضّت شفتها بندمٍ وإحراجٍ من لفظِ " حيوان " الذي قالته دونَ شعورٍ منها، أغمَضت عينيها بقوةٍ قبل أن تبتعدَ راكضةً باتّجاه الأعلى لا تستطيع مواجهتهما بعد الإحراجِ الذي انصبَّ عليها دفعةً واحدة، وبعد اختفائها من ناظريهما ضربَت عُلا شاهين الذي كان يضحك ضربةً أخرى على رأسهِ ليتأوهَ ويصمت وهو يفركُ رأسه، وبامتعاض : يمه شفيك علي صاير ضربك يعور
عُلا بحدة : أحرجت البنت
شاهين بضحكة : ما عليك أنا أعرف أتصرف معاها
علا : أجل انقلع لها الحين مسكينة شوي وتبكي من إحراجك لها
حكَّ رأسه ببراءةٍ وهو يبتسم : والله مو قصدي
علا : طيب روح لها
وقفَ وهو يبسم ويقبّل رأسها بحب : من عيوني كم عندي عُلا وكم عندي أسيل؟
علا بدلال : ما بقى غير آخر قطعة من الثنتين وبيتهاوشون على أحلى بزر في الدنيا
شاهين بامتعاض : كم سنة وأطق الأربعين وتقولين بزر؟
علا : 35 سنة مو كثير
شاهين بضحكة : أحس أسيل بنتي عند عُمري
علا : وتقول منت بزر؟ والله إن اللي يشوف تصرفاتك يقول عمرك 25 ، يصغرك عشر سنين لتحت
شاهين يلوي فمه : ما عليه هذا جزاة اللي يدلع الحريم والا أنتو ما تستاهلون .. صدق ابن آدم ما يملي عينه الا التراب
علا تمط شفتيها بامتعاض : انقلع لمرتك بس
ضحكَ وهو يلوّح بكفيه ويغادر، صعِد عتبات الدرجِ وهو يتخيلها في هذه اللحظةِ تدفن وجهها في الوسادةِ وربما تبكي من الإحراج، ضحكَ بخفوتٍ وهو يفتحُ بابَ جناحهما ويتّجهَ لغرفتهما، وكما توقّع وجدها تدفنُ وجهها في الوسادة وتشتم نفسها بنبرةٍ مُحرجة : غبية غبية غبية ، وهو الثاني بعد غبي ما قصّر
عضَّ شفتهُ السفلى يَقتل ضحكته، اقتربَ منها ببطءٍ دونَ أن تشعرَ بهِ وهو يبتسم لهيئتها النحيلةِ أمام عينيها، لشعرها الذي يتناثر على الوسادةِ من حولها، لأناملها التي كانت تشدُّ على المفرشِ خلالَ انبعاثِ صوتها من عتمةِ الإحراج، لجسدها المُغطى ببلوزة " كت " سوداء وتنورةٍ تحمل نفس اللونِ ذاتَ ورودٍ حمراء وأوراقِ خضراء، كانت جميلة! جميلةً حدَّ الوجع . . عضَّ شفتهُ بافتتانٍ وهو يَكسر الخطواتِ الفاصلةِ بينهما، جلسَ بجانبها على السرير لتنتفضَ وترفعَ وجهها المذهول ناظرةً إليه ببهوت، حينها ابتسمَ وهو يمسحُ على شعرها ويهتف بنبرةٍ لطيفة : حيوان وغبي ، وش بقى بعد؟
فغَرت فمها بشدةٍ والحُمرةُ تعودُ لاحتلالِ ملامحها، أين تُغادر عنه؟ أين تُخفي ملامحها عنهُ بعد هذا الإحراج الذي يقتُلها؟ ازدردَت ريقها وهي تهتف بتلعثمٍ وبعثرة : أنا ، أنا ... والله مو قصدي
ضحكَ رغمًا عنه قبل أن يتمدد بجانبها ويزرعَ جسدها في صدرهِ وهو يلفظ بتسليةٍ وسبابته تلفُّ خصلةً من شعرها حولها : ما تترقع ، وصلت شتائمك
عضّت شفتيها بإحراجٍ منه وهي تُغطي وجهها في كتفهِ عن مرآه بعد الذي قالته من حماقَة، ابتسمَ وهو يرفعُ كفّه قليلًا ليُبعد رأسها من عمقِ كتفهِ ويخفضَ رأسهُ هو مُقبلًا مُقدِّمة شعرها، ثم جبينها، ثم أنفها، ثمّ وجنتها وتجرأت قبلاته أكثر لتُغمض عينيها وصورةٌ محرمةٌ تجيئها ككل مرة، انتفضَ جسدها وهي تتنفّس أنفاسهُ وتقرِئُ نفسها بالمعوّذات، هاهو الشيطانُ مرةً أخرى يقتحمُ اقترابهما، يُشعرها بالحقارةِ والهوان، يُطيح بها في هاويةٍ مُظلمةٍ تسَلل عنها الأكسجين لتختنق بأفكارها المُحرّمة، شدّت على أجفانها بقوةٍ لتستشعر دفء شفاههِ فوقَ جفنها الأيمن، شهقَ صدرها دونَ صوتٍ مسموعٍ لهُ وصرخَ بعذابه، لم تتخيّل أبدًا أن تصل لمرحلةٍ كهذه، لم تتخيّل أن يصبح زواجها بهِ عذابًا نفسيًا بهذا الشكل، ارتعشَت شفاهها لتشدّهما أخيرًا وهي تُحيطُ عنقهُ بذراعيها وتدفنُ وجهها في صدره، لم أتخيّل يومًا أن أؤذيك بكل تلك الشدّة، اغفر لي، أرجوك اغفر لي.


،


جلَس بجانبها لا يفصل بينهما سوى القليل، نظرَ إليها بهدوءٍ وعيناها معلقتانِ بالتلفازِ في تجاهلٍ صامتٍ له، زفَر بضيق، واستدارَ بأكملهِ إليها ينوي قطْعَ الجزء الفاصلِ بينهما إلا أنّها بإدراكٍ سريعٍ رفعَت الوسادة ووضعتها بينهما، رفعَ حاجبيه وهو يفغر فمه باستنكار، وبإجهاد : واللي يعافيك سُهى وش ذا بعد؟
سهى بحدةٍ دون أن تنظر إليه : قول عمتي سهى لو سمحت
أدهم يزفرُ بإرهاقٍ من محاولاته اليائسةِ لنيلِ رضائها، لفظَ بهدوء : سهى ...
قاطعته بحدةٍ أكبر وهي توجّه نظراتها التي تُشارك صوتها في الحدّة : قلت لا تناديني بهالشكل
أدهم بقهر : مو كنتِ إذا ناديتك عمتي قلتِ ما أبي عمتي ذي؟!!
سهى بعناد : والحين أبيها عندك شيء؟
أدهم باستسلامٍ وهو يزفر : طيب عمتي سهى
أدارت وجهها عنهُ وهي تلوِي فمها بحنق، بينما امتدّت يدهُ لينتشلَ الوسادة الكامنة بينهما ويرميها خلفه، ليتجاوز الجُزء الفاصل بينهما ويجلس ملاصقًا لها تمامًا بينما كفه تستقر على كتفها لافظًا بصوتٍ ثابت : بما أنِّك سافهتني فبدخل بالموضوع مباشرة ... قررت أكشف الحقيقة
اتّسعت عيناها لوهلةٍ وهي تُدير رأسها إليه وتُذيب الجليد حولها بذعرها، عن أي حقيقةٍ يقصد؟ حقيقة الماضي؟ نجلاء!!
سهى بتوترٍ وخشية : أي حقيقة
أدهم ونظراته الثابتةِ لا تُغطّى عن سهى مدى كذبها، ترى الإهتزازَ في حدقتيه مهما تصنّع الثقةَ والقوة : نجلاء وأنـا
وضعَت كفها على فمها وهي تشهق .. لا تمانع، بالتأكيد هي لا تُمانع، طوالَ عمرها كانت تتمنى لو أنّ من تعلّق بالأمـرِ رحم جهلَ تلك المخلوقةِ وأفصحَ عن الماضي، حرامٌ واللهِ ما فعلوا بِها، لكنّها أيضًا لا تريد لأدهم أن يفعل ذلك! أدهم ضعيف! ضعيفٌ أمـام هذا الأمـرِ وتُدرك جيدًا ضعفه.
مدّت يدها دونَ شعورٍ لتُمسك كفّه التي على كتفها وتضمّها لصدره، وبرفضٍ لتلك الفكرة : لا يا أدهم ، إذا ودّك ترحم هالبنت فخلّها علي، أنا اللي بحاكيها وبعلمها بكل شيء بس أنت لا
أدهم يبتسم وهو يعقد حاجبيه للقلقِ الذي اعتلا صوتها : لا تحاتين أنا قدّها ، وبعدين ترى ماراح أكلمها هي بعلّم كفيلها
سهى برفض : كفيلها!!
أدهم : أيه وأبوها بالرضاع بعد ويكرهني وما يطيق وجهي
سهى بجبينٍ مُقطّب : ويكرهك وما يطيق وجهك! أدهم أنت عارف وش قاعد تقول؟ ودك تقول له هو؟
أدهم : مافيه إمكانية أقول لها هي، وبيني وبيك ما أقوى
أدارت وجهها عنه لتنظر للأسفل بشرودٍ وصمت، تشدُّ على ركبتيها قليلًا، في النهايـةِ يجبُ أن تُدرَك الحقائق، يجب أن يُرفَعَ ستارُ الماضي وترى تلكَ الفتـاةُ الحقيقة، آذوها كثيرًا، آذوها وإن لم تكُن معهم إلا أنها تعتبر نفسها طرفًا في تلك المأسآة لأنها صمتت، ولأن طفلها أدهم كان له الجز الأكبر في أذيّتها.
بلل أدهم شفتيه وهو ينظر للأمـام باتّجاه التلفاز، لا يستطيعُ إنكار تلك الرعشة التي تقتلع أنامـله، لا يستطيع التغاضي عن قلبه الذي يضربُ بعنف خلفَ قفصهِ الصدري، لم يكُن ليقوم بتلك الخطوةِ لولا تلكَ الجلسةِ مع الإمـامِ يومذاك، كلماتهُ أشعرته بالذنب في الكثير، كانت كالدواءِ الذي أيقظهُ من سباتِ مَرض.
لازال يذكُر كيف أنّه ابتدأ تلك الجلسةِ بذاك السؤال الذي ألقاهُ عليه قبل أسبوعٍ أو أكثر " وش تحس فيه وأنت ساجد؟ " وحين طال صمتهُ الذي أطبقَ على المكان ما عدا من أصواتِ الرجالِ القلائلِ من حولهما بدأ يُغرقه بالكثير من النصائح، بالكثير من التوجيهات التي لطالما كان يكرهُ سماعها من أحد، لكنّها في تلك اللحظة كانت كالماء البارد الذي سقطَ على رأسهِ المُلتهب، ربما لأنه كان يعيشُ روحانيةً مُختلفةً يومذاك، لأنه اعتكفَ في المسجد وتواصلَ مع بارئه كما لم يقُم من قبل، لذا كان كُلَّ ما قِيلَ لهُ كالدواء.

الله يحسُّ فيك، يقرأك، يرى كلَّ أحزانك، لا تتّصل بهِ سوى في عبادته، فإن كانت عبادتكَ له يتيمةً فأنتَ وحيد! نحنُ كبشرٍ نحتاجُ لجعل كل حياتِنا عبادة، لنخطُو كل خطوةٍ ونحن نثقُ بأن الله معنا، الله لا يخذل أحدًا، نحنُ من نجلب الحزن لأنفسنا حين ننساه.
" إذا بغيت تكون ساجد وما قدرت تحسَّ بهالشعور، تخيّل نفسك عند عرش الرحمن، وإذا ما نفع معك هالشيء، تخيّل نفسك فوق الصراط "

أعـاد رأسهُ للخلفِ وهو يستذكرُ كلماته تلك، نصائحه الرقيقة، وكأنّه كان يقرأ ضياعهُ في ظلماتٍ لا يفقهُ منها خروجًا، وأراد أن يكُون النورَ الذي يُحرره من هذا الضياع.

" لا تهرب من أي شيء، لا ماضيك ولا حاضرك ولا مستقبلك! إذا غلطت صحح غلطك، إذا سوّيت شيء صح ارفع راسك
واحمد ربّك وافتخر ، لا تؤذي غيرك "


،


الساعـة الواحدةُ مساءً من اليومِ التالي
جلسَ بعد أن ألقى السلامَ على سلطان الذي كان يحتسي فنجانًا من الشاي، وضعَ الشاي على الطاولـةِ وهو يبتسم : وعليكم السلام والرحمة ، بدري عليك!
فواز يضحك وهو يجلس : معليش تأخرت شوي من زحمة الطريق
سلطان : العذر المُعتاد ، الحين تلاقي عناد شايل نفس عذرك
فواز بابتسامـة : الدكتور بعد ما وصل؟! معليش أجل أنا معذور إذا هو ما يدقق بالمواعيد وش تتوقع مني؟
سلطان يرفعُ حاجبيه : بالله هذا عذر الحين؟ شوف صار الفنجان الثالث اللي أشربه
فواز يهزُّ كتفيه : مو شغلي
استدعى سلطان النادلَ ومن ثمّ سأل فواز عما يُريد شُربه إلى أن يجيء عناد، طلبَ لهُ كوبًا من القهوةِ ومن ثمّ نظر إليه مبتسمًا : ماراح يجي إلا وكروشنا مليانة من الشُرب ، شكله مافيه غداء
فواز يضحك : على قولتك
سلطان بابتسامةٍ بشوشة : وش علوم زواجك؟
عقدَ فواز حاجبيه بحالميةٍ دونَ أن يفقد ابتسامته، لم يتبقّى الكثيرَ وستُصبح جميلتهُ رهنَ عينيه وقصيدته الأزلية التي مهما كررَ إلقاءها لن تفقدَ رونقها، لن يخشى من بعدِ هذا الأسبوع هجرانها له، حتى وإن علِمت عن شيءٍ من زواجهِ الثاني لن تتركهُ مهما تفاقمَت بينهما الإختلافات.
اتّسعت ابتسامةُ سلطان للنظرةِ التي طرأت على عينيه، غمز لهُ وهو يلفظُ بنبرةِ مَكرْ : الرجّال رايح فيها هااه
فواز بابتسامة : رايح فيها وبس!
سلطان ينظر إليها بمحبةٍ أخوية : الله يسعدك ويهنيك
فواز : آمين يارب ويسعدك
صمتَ سلطان وابتسامةٌ مُجاملـة تُزيّن شفتيه، السعادة بعيدةٌ عنه، مُتباعدةٌ كالمشرقِ والمغرب، يستحيل عليه أن يعيش حيـاة زوجيةً طبيعية، كُتب عليْه العيشُ وحيدًا، ومن المُحال أن يُقحم أحدًا في حياته ليُشاركه العنـاء.
بلل شفتيه وهو يُحافظ على تلكَ البسمةِ الزائفة، وبهدوء : عاد كأنّك كنت قاري أفكاري وقلّدتني
فواز يعقد حاجبيه : قلدتك؟
سلطان يضعُ مرفقيهِ على الطاولةِ ساندًا نفسهُ عليها : كنت ناوي أفاجئ زوجتي بحفلة أعلن فيها زواجنا ، طبعًا على خبرك صارت لنا ظروف قلبت خُطط الزواج فوق تحت
فواز يبتسم بخبثٍ رافعًا إحدى حاجبيه : تفاجئ؟! اووه حركات وصرنا رومانسيين
زمَّ شفتيهِ يخنقُ ابتسامتهُ وهو يرفعُ حاجبيه بتهديد : بلغي طلبية القهوة وبحتسب عناد في الغداء بس
فواز يمثل الذعر : لا لا واللي يعافيك الا الغداء ، حرمتني من غداء البيت وتقول ما تحتسبني!
سلطان بلؤم : أسويها وأنا خوك
وصل في تلك اللحظةِ النادل حاملًا معهُ قهوةَ فواز ليضعها على الطاولة، وما إن ابتعد حتى ضحكَ فواز وهو يلفظ : وصلت القهوة وعناد ما وصل
سلطان بامتعاض : شكلي أشطبه من الغداء ، قليل ذوق والله
: مين اللي قليل ذوق؟
ارتفعَت نظراتهما لعناد الذي وضعَ كفيه على الطاولـةِ وهو يرفعُ إحدى حاجبيه، سحبَ الكرسي ليجلس بهدوءٍ بينما نظراتُ الاثنين تتابعهُ بشر، حينها ابتسم ببراءةٍ ليُبرر تأخيره : الطريق كان زحمة
سلطان برفعةِ حاجب : احلف! متناوبين على الكذب أنتو؟
عناد : هههههههههههههه الكذبة مُستهلكة أجل؟
فواز بدفاع : يا سلام إذا أنت تكذب أنا أكذب؟
عناد بلؤمٍ وهو يحرّك حاجبيه لفواز : الطريق ما كان زحمة للأمـانة ، بس تأخّرت لظروف قاهرة
سلطان : ظروف قاهرة أجل؟ أول مرة وآخر مرة أعزم ناس قليلة ذوق مثلكم .. مت جوع
فواز يضحك : هذا وأنت شارب ثلاث فناجين شاي؟


،


نزلَ من سيارتِه بعد أن لمحَ ظلَّ ذاك الشاب الذي كان يلوِّح له، إن جئنا للحقيقةِ فهو يبغضُ رؤيته ومن الطبيعي أن يرفض دعوته التي جاءت مفاجئةً لهُ بعد اتّصالهِ الذي لم يتوقعه، لكنه حين أخبره بأنّ الموضوع متعلقٌ بإلين وأنّه لا يريد شرًا فقط رفْعَ الستارِ عن الحقيقة المخفية، حينها لم يكُن ليرفض، لـذا قَبل وجاء لهذهِ الحديقةِ العامـة.
أغلقَ باب سيارتِه بملامحَ جامدة، تحرّك مقتربًا منه وعينيه تنطقان الكره لهذا المخلوق، هل لهُ للحظةٍ أن يتخيل بأن تلك الفتاة أختٌ له؟ بينهما دمْ؟ كيف تجيء التناقضات بهذهِ الصورة؟ بهذا الشكل المقيتِ الذي يصوّر أدهم له كإنسانٍ طائشٍ لا مُبالي ممتلئٌ بالذنوب، وتلك مهما اقتلعتها الآثـام تبقى تحمل الجانبَ الجميل في روحها، تستغر الله ذنوبها. شتّان ما بينهما، هما التضادُ الذي لن يسمح بالتقائهما.
وقفَ أمـام أدهم مباشرة، أدهم الذي كان يحاول الإبتسام بقدر ما يستطيع لكنّه من الجهةِ الأخرى يحمل كرهًا لهذا الرجل، كرهًا وامتنانًا لا يُريد إظهاره! إلا أنه بالرغم من كرهه لهُ لا يستطيع شيئًا سوى التعامل معه باحترامٍ وسلاسةٍ غريبةٍ عليه . . مدَّ يدهُ ليصافحه، حينها رفعَ عبدالله حاجبهُ ومدَّ يده من الجهةِ الأخرى، وبنبرةٍ لا تحتمل النقاش : ممكن ندخل في الموضوع مباشرة؟
أدهم يجتذبُ يدهُ ويتراجع قليلًا مبتسمًا ابتسامةً مُجاملـة : طبعًا، بس نجلس أول شيء

.

.

.

انــتــهــى

وموعدنا القادم راح يكون ثالث أيام العيد مع جزء خاص بنكشف فيه جزء مخفي من الماضي :"" عيديتنا بتكون من نوع خاص وطويل، واحتمال أخليه ثاني أيام العيد إذا قدرت ()

دمتم بسعادة وكل عام وأنتم بألف خير

كَيــدْ ! **


 
 

 

عرض البوم صور كَيــدْ  
قديم 20-09-15, 11:24 PM   المشاركة رقم: 479
المعلومات
الكاتب:
اللقب:
ليلاس متالق


البيانات
التسجيل: Jun 2014
العضوية: 267722
المشاركات: 575
الجنس أنثى
معدل التقييم: كَيــدْ عضو ذو تقييم عاليكَيــدْ عضو ذو تقييم عاليكَيــدْ عضو ذو تقييم عاليكَيــدْ عضو ذو تقييم عاليكَيــدْ عضو ذو تقييم عاليكَيــدْ عضو ذو تقييم عاليكَيــدْ عضو ذو تقييم عاليكَيــدْ عضو ذو تقييم عالي
نقاط التقييم: 947

االدولة
البلدSaudiArabia
 
مدونتي

 

الإتصالات
الحالة:
كَيــدْ غير متواجد حالياً
وسائل الإتصال:

كاتب الموضوع : كَيــدْ المنتدى : الروايات المغلقة
افتراضي رد: قيودٌ بلا أغلال عانقت القدر

 




-
-
-

صباحكم خير بإذن الله ، الحمدلله قدرت أنزل ولو الجزء الأول من البارت قبل 12 * ترقص * :$$
كنت أراكض ركض عشان ألحق عالوقت لدرجة إني سحبت على آخر موقف ورجعت له بعد ما نزلت الرد الأول ..

عساكم تستمتعون بالبارت وقراءة ممتعة :"" + ساعة بالكثير وبمسك التعليقات ()

 
 

 

عرض البوم صور كَيــدْ  
قديم 21-09-15, 02:48 AM   المشاركة رقم: 480
المعلومات
الكاتب:
اللقب:
ليلاس متالق


البيانات
التسجيل: Jun 2014
العضوية: 267722
المشاركات: 575
الجنس أنثى
معدل التقييم: كَيــدْ عضو ذو تقييم عاليكَيــدْ عضو ذو تقييم عاليكَيــدْ عضو ذو تقييم عاليكَيــدْ عضو ذو تقييم عاليكَيــدْ عضو ذو تقييم عاليكَيــدْ عضو ذو تقييم عاليكَيــدْ عضو ذو تقييم عاليكَيــدْ عضو ذو تقييم عالي
نقاط التقييم: 947

االدولة
البلدSaudiArabia
 
مدونتي

 

الإتصالات
الحالة:
كَيــدْ غير متواجد حالياً
وسائل الإتصال:

كاتب الموضوع : كَيــدْ المنتدى : الروايات المغلقة
افتراضي رد: قيودٌ بلا أغلال عانقت القدر

 

اقتباس :-   المشاركة الأصلية كتبت بواسطة نَوح الهجير مشاهدة المشاركة
  
كـيد , صباح الخير , و تحية طيبة مفادها أرجو أن تكوني بخير .
بدأت في قراءة حروفك للمرة الاولى لأجدني أعتكف عليها , جزء فجزء الى أن وصلت القافلة و ركبت معها !
قله هي الرويات التي تلمس قلبي وتخالجه بمشاعر كثيرة في زمن كثر فيه سُخف الحديث , وبجدارة كانت روايتك تفوز بكونها تلامس أعماق اعماقي ولا تكفتي , تصفين الالم فأجدني اتألم , فرح فيرسم على وجهي أبتسامة تمتد حتى بعد ما أغلق المُتصفح نفسه , بعض الاحاديث التي تصفينها تجعلني أشهق بـ ياا الله تعبيراً عن عجزي عن وصفي لجمال ما تكتبيه , تبارك الله , لا تعليق على الأحداث و الشخصيات فأنا فقيرة توقعات ولا أجيد تركيبها ولستُ و الله شحيحة , و الصمت يا عزيزتي في حرم الجمال جمالُ .
أرجو بعمق الكلمات و التشبيهات التي تكتبينها و تأخذنا الى عالم أخر أن تكوني بخير و تكملي هذا الجمال مثل ما بدأتيه , ودعوتي بداية هذا الصباح أن يهبّ الله لقلبك السعادة مثل ما هي كلماتك تسعدنا .



صباح الخير والسعادة على روحك الجميلة يا باذخة :$$
الله عليك وعلى كلامك الطيّب! جدًا سعيدة بتواجد قارئة تملك كل هالجمال في التعبير ، ممتنة جدًا لتواجدك
كل الإطراء اللي أقراه عن روايتي ما عندي أي رد مناسب عليه، فشكرًا لقلبك اللطيف يا عسى الراحة والسكينة ما تفارقه ، شكرًا بحجم السماء .. ما أقدر أقول غير إني فخورة جدًا وكلامك وسم على جبيني
وإن شاء الله تكتمل روايتي على خير ؛

آمين يارب ويسعد قلبك الجميل (())

 
 

 

عرض البوم صور كَيــدْ  
 

مواقع النشر (المفضلة)

الكلمات الدلالية (Tags)
ليلاس, لغز, أكشن, القدر, الكاتبة كيد, انتقام, يوسف, رواية رومانسية, سلطان, غموض, عانقت, قيود, كيد
facebook




جديد مواضيع قسم الروايات المغلقة
أدوات الموضوع
مشاهدة صفحة طباعة الموضوع مشاهدة صفحة طباعة الموضوع
تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة
Trackbacks are متاحة
Pingbacks are متاحة
Refbacks are متاحة


LinkBacks (?)
LinkBack to this Thread: https://www.liilas.com/vb3/t195238.html
أرسلت بواسطة For Type التاريخ
Untitled document This thread Refback 02-10-16 06:32 AM


الساعة الآن 01:56 PM.


 



Powered by vBulletin® Version 3.8.11
Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd.
SEO by vBSEO 3.3.0 ©2009, Crawlability, Inc.
شبكة ليلاس الثقافية