لمشاكل التسجيل ودخول المنتدى يرجى مراسلتنا على الايميل liilasvb3@gmail.com






العودة   منتديات ليلاس > القصص والروايات > قصص من وحي قلم الاعضاء > القصص المكتملة (بدون ردود)
التسجيل

بحث بشبكة ليلاس الثقافية


موضوع مغلق
نسخ الرابط
نسخ للمنتديات
 
LinkBack (3) أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
قديم 13-02-13, 11:44 PM   المشاركة رقم: 56
المعلومات
الكاتب:
اللقب:
عضو مبدع
كونتيسة الأدب النتي


البيانات
التسجيل: Mar 2012
العضوية: 240233
المشاركات: 841
الجنس أنثى
معدل التقييم: حلمْ يُعآنقْ السمَآء عضو متالقحلمْ يُعآنقْ السمَآء عضو متالقحلمْ يُعآنقْ السمَآء عضو متالقحلمْ يُعآنقْ السمَآء عضو متالقحلمْ يُعآنقْ السمَآء عضو متالقحلمْ يُعآنقْ السمَآء عضو متالقحلمْ يُعآنقْ السمَآء عضو متالقحلمْ يُعآنقْ السمَآء عضو متالقحلمْ يُعآنقْ السمَآء عضو متالقحلمْ يُعآنقْ السمَآء عضو متالقحلمْ يُعآنقْ السمَآء عضو متالق
نقاط التقييم: 3128

االدولة
البلدIraq
 
مدونتي

 

الإتصالات
الحالة:
حلمْ يُعآنقْ السمَآء غير متواجد حالياً
وسائل الإتصال:

كاتب الموضوع : حلمْ يُعآنقْ السمَآء المنتدى : القصص المكتملة (بدون ردود)
افتراضي رد: أبرياء حتى تثبت إدانتهم

 



بسمْ الله الرحمنْ الرحيمْ ،

حبآيبْ الحُلمْ .. دُمتُمْ بـِ صحة و سلآمةْ و رخاءْ
لآ تأخروآ صلآتكمْ أحبتي لأي سببْ .. رجاءا



الإدانة السَـآدِسَةْ عَشرْ




يا آدم لا تسأل .. حوّاؤك مطويّه

في زاويةِ من قلبكَ حيرى مَنسّيه

ذلك ما شاءتهُ أقدارٌ مقضيّه

آدم مثل الثلج ، وحوّاء ناريّه !

- نازك الملائكة -




*




من أنت كيف طلعت في دنـياي ما أبصرت فيا
فـي مقلتيك أرى الحياة تـفيض يـنبوعا سخيا
وأرى الـوجـود تـلفتا سـمحا وإيـماء شـهيا
ألـممت أحـلام الصبا وخـلعت أكـرمها عليا
مـهلا فـداك الـوهم لا تـرمي بـمئزرك الثريّا
أنا في جديب العمر أنثر مـا تـبقى فـي يـديّا
عودي إلى دنياك واجني زهـرها غـضا زكـيا
يـكفيك مني أن تكوني فـي فـمي لـحنا شجيّا

عمر أبو ريشة





يتصلب الجسد بأكمله و كإن به قد أصيب بـ تيار كهربائي يسري بموصل قطره يفوق قطر الارض ، لأول مرة منذ الأزل يشعر تجاه من يحفر صدره ظهرها بعمق هذا الشعور بالإنتماء ، و الله اضحى يحس بها و كإن منها بضعة من جسده تاهت دهرا لتعود للإمتزاج بـ بقية اجزاءه الآن ! مالذي يحدث معه ؟ يتمنى لو بإمكانه عصرها حتى تذوب و تختفي ، به ! لا يدرك حقيقة رعبها مم ؟ أ يعقل انها عانت من العنف الجسدي بسببه ؟ هل يتجرأ قاسم و يمد يده ليؤذي غاليته بـ صفعات ؟ قطيرات من عرق برزت بـ استهتار على الجبين المثلج ، ليميل برأسه قرب اذنها فـ يهمس مجددا حالما شعر بها تكاد تذوي ارضا من بين يديه لتحيل صلابتها لـ ' سائل ' : قتلج لـ تخافين

ألصقها به اكثر عله يطمئن بها الفزع و يكف عن قلبها هذا الارتياع الذي هز له قلبا بين جوانح الصدر المنتفخ .. ليضيق الباب من المتسع الذي يخبئهما بعد فتحه كاملا فيلامس جسدها الممتلئ و ذراعه الملتفة حول عنقها بـ نية سكنته لـ تبرئتها من تهمة ارتضاء البقاء معه فيما لو كان القادم هو عدوه ، زفر بـ نفس كثيف حالما تبين له الشخص الذي كاد أن يأتي بمصرع عقلها ! ابعد ذراعه ليؤشر بـ سبابته طالبا الصمت ممن اقتحمت عليهم جنون خلوتهم و سرقت منه لقمة الاعتراف الشهية : خاالة إصص بس صوتج ، هاية مرتي ، لتخافين و لتصيحين ' تصرخين '

كانت على ما يبدو إحدى عاملات التنظيف هنا ، مسنة بـدينة ملامحها تبث في النفس راحة غريبة ، اولئك الذين يقال لهم خير سمات تلون اوجههم ، كانت منهم ! رفعت حاجباها بـ شك لتتحدث بنبرة مرتفعة نوعا ما : شتسوون هنا ؟ اذا مرتـ ـ

بترحديثها بـ جملة هامسة : صوووتج خالة صووتج هسة افهمج

نقلت انظارا متفحصة نحو الفتاة المستندة بجسدها كاملا على الجدار البشري الناطق ! لتهمس متهمة : اكو واحد يقعد وية مرته هنااا ؟ بسرررعة احجي لا هسة اعيط ' أصرخ ' و الم الناس عليك واسويك فررجة لأمة محمد

هذه المرة التفت ذراعه حول المنتصف الـ ' متورم ' للكتلة الهلامية التي توشك على الانسكاب ، ليشعر بلزوجة قلبه الـ ' متورم ' بدماه ، تحدث ببطئ وهو يحاول عبثا ان يرد لـ زهرة الرمان ' اليانعة ' قليلا من ادراكها الغائب بتحريك جسدها بذراعيه : صدقيني مرتي ، بس عاقدين يم الشيخ و هسة جايين دنثبت بالمحكمة

لم يتزلزل ثباتها المتفحص ، لتستجوبه بنبرة هادئة كادت تقرص شياطين الغضب به : و شعدكم هنااا ؟ بحمااام النسوان ؟ خلصت الامااكن جايين هناا ؟ مااعدكم بيت تقعدوون بيـ ـ ـ

شعر بغصن ساق الورد يلامس كفيه بمحاولة لفك قيد الريحان ، فطرقت اسماعه حروفها المتعبة : خالة دخيلج ستري علينا ، صدقيني احنا متزوجين ، بس ابوية يريد يطلقنا و اذا عرف هسة بينا هنا رح ....

و كإن بشئ من التصديق قد تسلل خلسة لـ يسيطر على مشاعر العجوز بالاخص بعد ان قطعت الصبية جملتها بـ شهقة تنفث رائحة مرة ، مثيرة لحليمات الوجع ! لتبتعد عن ذلك الجدار خطوة ، ثم تستطرق همسا موليته ظهرها و مقابلة الإمرأة بنظراتها الجامدة : حطلع ، لأن تأخرت

خطوة فقط بينها و الباب ، و اقل منها بينها و بينه ، فإستطاع منعها بقبضة لفها حول زندها محدثا إياها بـ صرامة غير آبه بوجود الغريبة : ورة العقد اخذج وياية .. قولي لابوج لهالحجي .. أو خلي عبد الله يقله مـ يهمني ، تجيـ ـ

أوجعت قلب المسنة و هي تحاول الخلاص منه و بكاءها يعلو متوسلته دون الالتفات : علي عووفني ، قتلك تأخررت ، خللص انسـى ، خلينا نخلص من هالمصيبة الي حطيتنا بيها ، أني هالحاال حيموووتني بعد مابيية اتحممل

لم يحررها ، بل تقدم تلك الـ ' نصف خطوة ' ليلامس ظهرها مجددا و يضرم شعلة من نار فيدخلها بدلا من الحبل الشوكي بين ثقوب الفقرات .. و يهدي جسدها انتفاصة دائمة ، بفحيح افتقدته هو الاخر هدد : ترجعين غصبا ما عليج و على ابوج ، مرتي و محد يقلي لأ ، لتخليني اطلبج لبيت الطاعة !

ببؤس ضحكت ساخرة ، ليحررها بهدوء فتعود و تخفي رجفة جسدها و ' مصيبة يفزعها افتضاح امرها ' بـ تكبيل قدها بالمعطف الكئيب مرة اخرى ، تغاضت عن كذبة كانت قد حضرتها لوالدها بـ أن تأخرها كان بسبب تقيؤها على معطفها ، ستجد سببا أخر ، عليها ان تتناسى هذه الحكاية الملفقة قبل ان يكشفها ذاك الذي يعاني من افاقة ضمير و قلب ، ما يهم الآن هو الهروب قبيل ان تخبو قوتها و تعترف .. يدها التي تحكم اغلاق الازرار ارتعشت بوضوح عندما تحدثت العجوز بـ صوت متزن : عدكم جهال ؟

رفعت رأسها كمن لدغت ، لتحاكيها الاخرى بنظرات مصوبة نحو صدرها تارة و عينيها اختها ، رغم إنها قد اخفت فضيحة ادرارها للحليب إلا إنه من الواضح سرعتها لم تسعفها بالامر ! تقوست شفتاها اسفلا و الرعب بات يستفحل على مشاعرها الانثوية الرقيقة ! فقط لو يفتضح الامر لـ تصير هنا مصيبة جديدة ، كتلك التي لم يمض عليها الا نصف عام ، يا إلهي ، لا .. لن تحتمل إستنشاق دماءا اخرى ، و هذه المرة لن تكون سوى دمى الأحبة ، أحدهما سينتهي إن علم زوجها بـ جريمة والدها ، اما هو ، او ابيها !
بدماء حارة سيغرقهم سيلا من غضب يغلي رأسه إن علم بأن إبنته سميت بـ كنية ابيها ، يا الله ، مالذي سيحدث إن كشف الستار ، سيقتلها ! دمها هي من سيراق حلالا طيبا ، و لن يلام حينئذ وربه ، لقد أوجعته بقدر ما أوجعها ، بمناصفة عادلة كانا يتبادلان الطعنات العمياء ، لتذبح بهما القلوب من كل زواياها ! موتا سيهديها إياه حتى و إن إعترف بـ شوق يعتريه نحوها ، و آه لـ ذاك خوف من القادم حرم عليها التمتع بـ تلكما الاحاسيس الفريدة منه ، سينقلب شوقه لـ شوكة في القلب ، كـ عينيه ! تلك التي تحسها تخترق كـ أشعة ممزقة لطبقات الاوزون ، فـ كيف بظهرها الرفيع !
إنتابتها رعشة غبن و هي ترى بـ مقلتي العجوز نظرة تأمل ، و كأن بها لمحت صغيرتها و حبيبها و هي ! ماذا سيحدث لو كانت عائلتها الصغيرة لها ، لا تخشى بها ظالما ، و لا تخاف قاذفا ! ماذا لو ذيل الجود بالعلي الصفائي ؟ لم ' قسمت ' حياتها لـ نصفين متدحرجين من قمة جبل ، فـ نصفها يمينا و الاخر شمالا ، لتفقد حتما منها المنتصف !! هذا المنتصف الذي إعترف توا بـ أن له رغبة بها في حياته ، و لو غلف رغبته بـ عبوس شرقي ، إنها تظلمه ، أهداها طمأنينة و وشاح من امان يدفي بها رجفة العظام ، لتهديه سما في كأسه الأحمر ، لكنها و الله إرتشفت منه قبلا ، قبلا يا علي !
إن كنت في هذه الجريمة مجني عليك ، فإنني الشيطان الاخرس ، إني أخفي عليك بضعتك ، و ستذبحني يوم تعلم ! و لكن كلي املا مشنوقا بأن تنصفني حينها ، حين تدرك بأن الاعتراف يعني فقدانها و فقدانك ، حين ترى بأن الشهادة بالحق تتركني ' أرملة ثكلى ' على سفح الجبل ! و أنا لا أقدر ، لا أقدر أن أموت بكما فقدا ، سأبقى أنتظر منك العقاب بـ قلب منفطر ، و بضمير يتقلب على جمر من برك جحيمية ، ستظل انت مخدوعا ، و سأظل أنا موجوعة ، سـ أحتضن قطعتك لأخبرها بأنني شقيقتها ، شقيقتها يا علي ، أ لسعك وجعي ؟ أم إنك كما دوما لا تحس إلا بك !
أي جرم إقترفته يداك يا قاسم ، أي ظلم جديد و وحل من قذارة اخرى بت تدوسه بـ قدميك بعد وضوءك ، أين توبتك و أنت تتلاعب بالانساب كمن يتلاعب بـ قطع شطرنج !

ازدردت ريقا جافا شق حنجرتها عندما اعادت المسنة سؤالها بـ جزم واضح ، و لكن اعمي عنه أسدها لحسن حظهما : إنتو عدكم جهاال و يريد يطلقكم ؟ زيين لييش ؟ و شلون عدكم جاهل و انتو لحد هسة ممثبتين زواجكم وين جنتوا لعـ ـ

و كإن بـ خمارها قد تحرك إثر زفرة حارة صفعت بها من الخلف ، ليأتيها صوته متنهدا : ما عدنا جهال
ثم إستطرد قاصدا الـ جلنار : و هسة ؟

بحركة بطيئة إستدارت نحوه ، لترفع بصرها صوب عينيه ، ثم تزيغ بنظراتها ضعفا ، بظهر ابهام اليمين مسحت عددا من الدمعات ، لتهمس بحشرجة مؤلمة : لازم اطلع ، تأخـ ـرت

حبست نفسا كادت تتقيئه عندما خرق بحدة صوته الخافت جدار المكان : مـ رح اطلــق

كـ طفلة مطيعة هزت برأسها مرتين ، و بالاهتزاز تم انهمار بضع من قطرات .. لتكفكفهم قبل أن تخطو خطوتها نحوه لـ ترى بـ مقلتيه صدمة منها ، ما إن وقفت قبالته ، وضعت يسارها فوق يمينه المستندة على العكاز ، لتشدها بخفة ، ثم رفعت برأسها حتى وصلت ذقنه ، لتتجرأ بـ ترك توقيعها على ورقته البيضاء المطوية بعناية ، شعرت بتصلب فكه و تنافر شعيرات ذقنه لتـنغز بها حويصلات الآه المالئة لـ قرمزية الشفتين ، فتتأوه فراقا أضحى يلوح أمامها مستنكرا وقح فعلتها ! جفلت لـ صوت الباب الذي طرق بـ حدة أكبر باترا عليها حق التأمل في من لن تراه دهرا لا يعلمه إلا الله تعالى ، بأنفاس اصبحت على شفير الإنقطاع همست يمين ثغره المزموم بـ غيظ عار : ديـ ـر بالك على نفسـ ـك ، و سامحني

أكدت شامخة برأسها نحوه لتتلاقى نظراتهما صمتا ، و لكل من العينين حكاية بوح تأبى أن تبتدأ فصولها ، : أي شي سويته مو بيدي ، فـ سامحني

و قبل أن يعترض ، أو حتى يتفقه بـ طلاسم نطقتها كانت قد إختفت كما السراب في أرض قاحلة ! أيعقل إن جريه السابق حتى لهثت انفاسه كان يطارد به سرابا ؟ أ لم تكن هي ؟ أ هو نوع من هذيان بات يرافقه ليجعل منه مثالا للضعف المقيت ، ليس ضعفا ، بل كان عطشا ، و الله عطش ! و تهئ له بأنه و بعد إحتراق الجلد بـ شمس الصحاري قد وجد ظالته بـ واحة كمن خليج من مرمر لبريق يتناثر حوله ، فيفقده صوابه ، أو المتبقي منه ! و تلك النخلة المثمرة بـ قدها المائل ، تذوق تمراتها هو جل ما تحتاجه معدته لأسكات عصافير الجوع بها .. و لكن ما حدث سرابا ، كان سرابا يا أنت !
و لكن لطفا ، أسألك إن كنت تسمح ، هل للسراب ان يترك أثرا ناعما في اراضيه الجافة ؟ لم إذن يشعر بـ قرصات متتالية في خده ؟ يا إلهي ، إنه يفقد ذاته ، صارت تلك هاجسه المجنون ، فقط لو يفهم سببا عقلانيا منها يدعوها لرفض مرافقته ، فقـط لو تخبره منطقا قد يرضيه و يصمت به الحاجة ، و لكنها تأبى إلا أن تتركه يصارع التخبط في الأسئلة ، وكإن بها تنتقم لـ نفسها منه حين كان هو الرائد في مركبتهما ، هناك .. حيث ارضا شهدت لهما قصـة مثيرة ، قصة اسفر عنها موتا جنونيا و عرضا مستباحا ، قصة أبت إلا و أن تترك خلفها عميقا من الأثر !

: يمة شبيك ؟ رووح الحقهااا ، روح وراها و انعل ابوها اذا قلك لأ ، الدنيا مووو فوضى ، إذا تريد مرتك اخذهااا ، إنتة بمحكمة ، محد منهم يقدر يعلي حكمه على القاضي

رفع حاجبيه كمن عاد توا لأرض الواقع بعد رحلة دامت ساعات طوال في الأجواء ، ليهز برأسه خفيفا ثم يهمس بحشرجة فلتت منه بلا ادراك : إي يوم طالع ، بس شوفيلي الطريق إذا متصير عليج زحمة

لانت ملامح المسنة لـ تكرر فوق اسماعه اصرار الأقدمين بالتملك الطاهر : إسمك علي مو يوم ؟ ' و بعد أن رمش لها موافقا اردفت بـ شبه إبتسامة ' : إبني همين علي .. بس ولده بطوله فدوة لعينه ، همين اهل مرته مية مشكلة سوولهم بس هوة اصر ياخذها و معليه بأحد ، و هسة عنده تلث جهال
ثم استطرقت مجددا بحيرة : إنتو شقد عدكم جهال يخليهم اللـ ـ

لم تكمل لإدراكها المكان الذي يقفان به ، ليجيب متمللا و يساره تفرك وجهه ببعثرة : ما عدنة
يعلم جيدا حكايات المسنات الخيالية ، تلك اللاتي يختلقنها عند وجود الحاجة لإيصال رسالة ما ! ، فهو خبير بـ إحداهن ، يا ليتها كانت معه الآن ، يا ليت !

ضيقت نظراتها .. و قبل أن تضغط على اطراف اعصابه بـ وزنها الثقيل همس بـ غيظ مكتوم قهرا : يوم فدووة لعينج شوفيلي الطريق دا اطلـ ـ

ليرن هاتفه بجيب سترته الـ رمادية الرسمية ، و لم يكن سوى عبد الله يطلبه الإسراع ، فـ ما كان من المسنة سوى أن تساعده بالخروج الناجح ، و قبل أن يبتعد وقف امامها بتوازي لجانبي الاجساد ، ثم طلبها بـ غرابة : إدعيلي يوم ، إدعيلي ربج يفرجها

لـ تضع الأخرى يدها على صدرها من تحت العباءة الواسعة ، ثم تتحدث صادقة : يا بعد ابوية و امي ، إن شاء الله يفرجها عليك ربك و يرجعلك مرتك بحظنك و تشوف كل الخير يا ادمي ، لـ تخاف يمة ما راح انساك من دعائي ، بس إنتة لـ تخلي البنية ، البنية ضعيفة و مضيوومة و مكسورة و محتاجة وقفتك وياهة يوم ، لـ تطلقها

رده اقتصر على نصف هزة رأس ، ليكون على وشك المغادرة إلا إن شئ ما قد دفعه للتقدم نحوها ، فـ مال على رأسها احتراما ليودعها بـ قبلة صادقة همس بعدها : ياللا فيمان الله

وصلته من الخلف نبرة تهدج صوتها بضعف : الله وياك يممة ، الله يفتحها بووجهك يا يمة ، و يرزقك كل خير دنيا و اخرة !

دلفت لـ دورة المياه بعد اختفاءه من مدى نظرها الضعيف ، لـ تنتزع جسدها من العباءة ، فتلفها واضعة إياها في كيس محلي اكل عليه الزمان و شرب ، و تبتدأ عملها بـ ثوب عريض و محتشم ، توسعت عيناها فجأة لما لمحت الأربع اوراق من فئة الـ خمسة و عشرين الف دينار ، على طرف المغلسة موضوعة بعناية !
لقد أكرمها الشاب بـ نصف راتبها الشهري ، شعرت بفتيل الراحة يشتعل بها وهي تدعو صادقة لأن يجزاه الله خيرا و يسدد خطاه ، و يبارك له و زوجته في حياتهما ، و أطفالهما اللذين ينكرانهم !





؛




لنفترق الآن ما دام في مقلتينا بريق

وما دام في قعر كأسي وكأسك بعض الرحيق

فعمّا قليل يطلّ الصباح ويخبو القمر

ونلمح في الضوء ما رسمته أكفّ الضجر

على جبهتينا

وفي شفتينا

وندرك أن الشعور الرقيق

مضى ساخرا وطواه القدر

***

لنفترق الآن , ما زال في شفتينا نغم

تكّبر أن يكشف السر فاختار صمت العدم

وما زال في قطرات الندى شفة تتغنّى

وما زال وجهك مثل الظلام له ألف معنى

***

لنفترق الآن , أسمع صوتا وراء النخيل

رهيبا أجشّ الرنين يذكّرني بالرحيل

وأشعر كفّيك ترتعشان كأنّك تخفي

شعورك مثلي وتحبس صرخة حزن وخوف .

لم الإرتجاف ؟

وفيم نخاف ؟

ألسنا سندرك عمّا قليل

بأن الغرام غمامة صيف

***

لنفترق الآن , كالغرباء , وننسى الشّعور

وفي الغد يشرق دهر جديد وتمضي عصور

وفيم التذكّر ؟ هل كان غير رؤى عابره

أطافت هنا برفيقين في ساعة غابره ؟

وغير مساء

طواه الفناء

وأبقى صداه وبعض سطور

من الشعر في شفتي شاعره ؟

***

لنفترق الآن , أشعر بالبرد والخوف , دعنا

نغادر هذا المكان ونرجع من حيث جئنا

غريبين نسحب عبء ادّكاراتنا الباهته

وحيدين نحمل أصداء قصتنا المائته

لبعض القبور

وراء العصور

هنالك لا يعرف الدهر عنّا

سوى لون أعيننا الصامته


نازك الملائكة




ما إن وصلهم ، صار يدنو بـ خطى بطيئة متعمدة ، و ضغط قبضة يمينه على العكاز يزداد ، كان يشعر بـ خمسة أزواج من الاعين تراقب خطاه ، ليتضائلوا الى الاربع ، و علم بدواخل نفسه من ذو جبن ليهرب منه ، و من غيرها هي الارنبة المرتعدة الفرائص !
على بعد متر و نصفه توقف ، ليميل رأسا محيي عديله الـ ' وفي ' و الخارج عن القواعد النارية المسنة من قبل حماهما .. ليفاجئه الاخر بتقدم يخطوه نحوه ، تبادلا التحايا بالاكفف ، و من ثم إبتعد الاخر ليترك له مجال البدء بالمبارزة !
يشعر بنظرات شرسة ، حاقدة تأتيه من قاسم ، الكلب ! سحب لصدره نفسا طويلا و من ثم قابل عيناه بـ صرامة ، و فجأة خلا الكون إلا منهما ، و مناطحة ثوران في حلبة الاقتتال الاسباني حدثت صمتا و بسكون ، و كإن عراكا ادى لتفتق لباسهما لشدته ، يلهثان تعبا ، ليتطايرا اخيرا من مضمار المعركة ، كلاهما خاسرا ! حربهما كانت مزحة ساخرة ، و صراع النسور قد شهدته الانثى الوحيدة بين الحضور ، لم ينبس احدهما بحرف ، و كل عين تود اثبات قوتها و وقاحة اصرارها ، لا يعلم احد كم من الدقائق مرت بإنتظار اعتلاء الراية البيضاء ؛ حتى قرر النسر الشاب زحزحة انظاره بخيلاء ، ليس احتراما ، فـ جل ما يشعره نحو قاسم هو الإشمئزاز و القرف من رجولته الكاذبة ، و لكن ترآى له شخصا قد افتقد وجوده منذ اعوام ، يخبره بهمس إن لـ قاسم جانبا من حق قد هضم ، فهو قد سرق منه فتاته ، و للحقير شيئا من رد الدين قد احاق به

رفع حاجبه عندما اعاد سير نظره نحو الحقير ، ليجد نظرة ساخرة تغشي مقلتيه ، حاول الحفاظ على غرور حضوره ، و إلتفت نحو الـ زهرة المستنفرة بـ تخشب لمحه بإحساس فقط ، ليبتسم لها بحاجب مرتفع ، ثم يحييها بـ رقة بها ينوي دهس الخرقة البشرية المسماة بـ والدها ، و فعل : شلونها مرتي ؟

و لعجبه ، لم يتدخل قاسم سوى بـ ضحكة هازئة ، لم يعطيه بالا ؛ و ظل منتظرا منها جوابا ، لتهز برأسها متوسلته الرأفة ، و الإبتعاد عن حقل الغامها الخطر ، تخاف عليه حتى الخنق ، لم لا يكف عن التلاعب بالألسنة المتطايرة ؟ ويح له من رجل عجن الإباء بـه كما الماء و الطين ، يود المحاربة حتى الرمق الاخير و عث الدمار في جسده لا يهمه بقدر حصوله شرف المقاومة !
هذه المرة نقل نظراته نحو عديله الذي تحدث قاطعا حربا قد تندلع نيرانها بولاعته المستفزة لفتيل قاسم الكلب : دياللا خلي نفوت نعقد ، صار هواية ينتظـرون

كل شئ حدث بـ روية ، و حسب تعاليم القانون ، و ود حينها قاسم لو قدم بلاغا رسميا لدق عنق هذا الجرذ لئلا يتجرأ و يقضم جبنة نظيفة صالحة للتناول البشري فقط ، و لكنه تحامل على غيظه ، و تماسك فقط من أجل خنق عنق الفضيحة التي ظلت تؤرق مضجعه شهورا ، و أي فضيحة تلك التي جاءته بها إبنته ، أتراها شعرت بـ كفها التي غرست بصدره و إجتثت منه القلب و الرئتين ، ؟ هل التصقت اناملها بلزوجة دمه الأسود بعد إحتراقه منها ؟ أ تساءلت ما سبب ريحة العفن من رئتيه و تفحم قلبه ؟ أم تراها لا تهتم سوى لـ هذا الاخرق ، الجرذ الحيوان ؟! كور قبضته بـ رغبة جامحة تسكنه لـ إسكات ثرثرة الحقير ، ذاك الذي استسهل وجوده ، و نسي ماقدمت يداه بطشا بحق الفتاة ، ليطالب بها الآن بكل وقاحة العالمين !

: جايبة هواية ملابس وياج ؟ ترة اربيل باردة !

كان تعليقه المتحدي اول ما نطقه بعد خروجهم من نطاق دار القضاء ، لـ يتبع حديثه صوتا عنيفا ارتعش له جسدها ، رعد فـ برق و من ثم فجأة هطلت الامطار بـ كثافة ، ليعيد الجميع خطواته .. حيث سقفا من البنيان حماهم من ضربات تسددها السماء لهم بـ شفرات مطرية ! كان يقف على جهة ، و هي و والدها و عبد الله على جهة اخرى ، يترأسهم الكلب ، المقابل بجسده الشارع يتابع رجليه و هما يركضان نحو مركبة يقودانها ، ليأتي احدهما لهم بـ ثلاث مظلات سـوداء ، و قبل الحراك عاد هو ليتحدى بهم الاعتراض ، مادا بذراعه و العكاز امام الكلب مانعا اياه من مواصلة الطريق ، ليلتفت نحوه الاخير بذات النظرة الساخرة ، غير آبه بـ بالبرق الصادر من نظراته و لا رعده المكبوت بفخامة رغم ميلانه في وقفته الغير معتدلة : مرتي ، تجي .... وياية !

صر على أسنانه لـ يكرر بحدة لما صفعه قاسم ببرودة النظرة الهازئة ، و كإن به يتلذذ بذلك الرقص على الاوتار العصبية : ما رح تاخذها وياك ، بتتتك هيـة مرررتي ، و ماخذها اني ماخذها

بسمة ملتوية داعبت فمه القذر ، ليهمس ضاحكا فخرجت حروفه كمن يتحدث و فمه مملوء بالطعام ، و لم يدرك حينها هو مالذي كان ينفخ خديه بهذا الشكل المستفز : أخذها

تباعد حاجباه صدمة و تراخت ذراعه ، ليعود فينزلها سريعا و يستند على عكازه بصمت ، لم يشأ أن يبدو بتلك الدرجة من الإستغراب ، و لكنه بدا ، ليتحرك قاسم بعد أن نطق جملته بجدية صارمة : إسألها .. و إذا تريد تجي وياك أخذها ، واذا قلتلك لأ ، فـ عندك شهر و تدز ورقتها لعمان ، أتوقع مو صعب تعرف عنواننا

اضاف تعليقه الاخير ساخرا و نظراته تنسحب نحو عبد الله ، ليشيح الاخير نظره حرجا ، و من ثم اختفى قاسم بـ حركات ثقيلة الخطى ، متبوعا بـ احد كلابه المطيعة ذاك الذي يحمل له مظلته و كإن به سلطان عصره !
لم يتبق سواهما و عبد الله ، لينسحب الاخير بـعد قوله : علي اعذرنا ، و الله العظيم مـ جنا نريد نأذيك ، اعذرناااا

مالهم يطلبون منه سماحا و عذرا ، أ فعلوا به جرما بالخفاء ؟ أوصلت اياديهم لـ بقعة في الجسد لم يطأها الوجع حتى الآن و جاؤا بـ معولهم لحرثها ؟ أصابه القليل من الشك مما قد يكون ينتظره منهم ، فـ قرر بلا شعور أن يتصل فورا بـ أخته و جدته ، لن يفعلها قاسم و يعيد تشغيل لعبة الانتقامات المتتالية ، لن يفعلها !

و لكن قبلها عليه أن ينهي هذه المسرحية المعلنة امام الجميع ، فـ هو على يقين بأن قاسم يراقبهما و جنديه المتطفلين ايضا ، بالإضافة لـ عبد الله ، و قد يكون الاخير هو المشجع الوحيد للنهاية السعيدة ' السخيفة ' ، سبقته بالحديث و هي تتحرك خطوة واحدة للامام ، فجعلت منها كـ حمامة بيضاء مبللة الريش بالمطر : أحب المطر

حذرها من المضي قدما في اللا اهتمام وهو يتابع إلتفاتها نحـوه و تلألئ الدمعات في مقلتيها : فتحي الشمسية ' المظلة ' ، رح تتمرضين هيج ، و يللا امشي نروح

بـ بسمة ميتة قابلت به اصراره متحركة خطوة خلفية ثانية : وين نروح ؟ أني راجعة وية ابوية ، ما ارجعـ ـ

صدر منه صوتا خشنا مهددا ، و نظراته مصوبة نحو وجهها البدري بـ ملامحه المتوردة بردا ، و قطرات من ندى الامطار تتكاثف فوق ارنبة الانف و الشفتين : لـ تعااااندين ، ابووج و قلج رووحي ، فهميني شنوو قصتج انتي تخبلتتتي ؟

إزدردت ريقها و ارتعشت شفتها السفلى ، فـ عضت طرفها لتتذوق طعم الغيث ، شعرت بـ عيناه تراقبها بـ شئ من شغف لامس بها خلايا الخجل ، بغير ميعاد فـ تحدثت بـ جدية لـ تبتعد عن هذا الخطر : ما عندي قصة ، غير انو لاااازم ارجع لاهلي

بتحفز للقتال نطق و نظراته مصوبة نحو عينيها تارة ، و الثغر المنتفخ دما اخرى : هوة مهددج بشي ؟ مهددج بية ؟ لتخافين ميقدر يسويلي شي ، إحجي بشنوو هددج

بـ تماسك على وشك الانصهار اجابته مشتتة بنظراتها رعبا من خجلها و وقاحته : مهددني

توجس شرا و هو يستفسر بـ حدة و ما زال يراقب مواضع البقع المحمرة بها إثر البرد و البكاء ، و لـ ربما الخجل ! : لعد ليش تريدين ترجعين للجيفة مالته

صرخت بغير ذي وعي و انفاسها تعلو غيظا منه : هذولااا اهلي ، اهلـــي

فاجأها بـ استقامة جسده ، و همسه المترقب : زين منو الشخص الاهم ؟

صدمت بسؤاله ، ليجف حلقها رعبا ، شتت نظراتها عبثا ، لتعقد جبينها اللجين أخيرا ، و من ثم تردف بـ خفوت : أمي مريضة حيل ، قلبها مو زين ، مـ تتحمل مني ضربة لخ ' أخرى ' ، الطبيب موصينا منعرضها لأي صدمة ، و اني ممستعدة أخسرها ، هية أهم شي عندي ، أهم شي

زفر بـ هم ، ثم مد يساره أمامه مشيرا لها بالـ ذهاب : يللا لعد ، روحي لأهلج ، بس قولي لابوج الكلب مـ رح اطلق لو يموت
: فتحيي الشمسية قلت

إستطرق امرا حالما خطت خطوة اخرى في العراء لتضرب بها الامطار الشديدة ، بحدة مخيفة فيلتصق حجابها بوجهها و تفلت من جانبيه خصلا رفيعة ، إمتدت إحداها بوقاحة حتى استلقت على مخدع الشفتين المبللتين ، فـ نبض قلبه إثر إغراء وجهها الحسن ، لم تنفذ طلبه ، بل مالت نحوه قليلا ، لتترك له المظلة ارضا ثم توليه ظهرها متحركة بـ خطى راكضة نحو السيارة ، ليتلقاها احد الرجلين بـ مظلة تحمي جسدها من الاغتسال بماء الطهر اكثر ، وقفت قبل ان تركب في المركبة خلف والدها ، لـ تستدير نحوه و تبتسم له بضعف يلوك ملامحها المتوجعة !
لتغيب !
فقط هكذا ، إرتقت في قطار الفراق و غادرت ، مرارا تنازل و طالبها بالمجئ ، لـ تكرر حديثا ملته اسماعه ، رحلت و ظل هو على استقامته يتابع طيفي السيارتين يبتعدان عن مدى نظره ، انفاسه اضحت خجلى منه و من ضعفا سكن به نحوها ، أدرك توا إنه يريدها ، يريد الاحتفاظ بها كما لم يرغب بشئ قبلها و لا يظن بأنه سيود بعدها أحدا بهذه الرغبة المجنونة !

و كإن بـ نبضه عاد ليثور و هو يراها امامه مجددا ، بـ ندى يقبل شفتيها بـ لذة ، فيشتهيها هو غيرة ! مالذي فعلته تلك الأدمية ؟ أو لنقل الـ ' حوائية ' ، فـ هي أنثى متكاملة حد الوجع ، لم يظن يوما بأنه سيراها بعين الرجل المستذئبة ، يا رباه ! يكاد يهبط حتى حضيض قاسم لينتشلها منه مجددا و ليسخر الاخير كيفما يشاء ، فـ هي حمامته ، لطالما كانت كذلك .. فـ لتحتمي بهم دهرا ، سيأتيها اليوم الذي تطالب به ان تعود عشها ، و يأمل أن لا تكون مكسورة الجناحين ، يأمل أن تقبل عليه فرحة و مرفرفة سعادة لـ يحتضنها عشه بـ إزدواجية مشاعر تكاد تفتت عقله ، إنه يتصرف بـ جنون ؛ بل يحس الجنون يأكل معه بذات الملعقة و يشرب بكأسه ، إنها إبنة قاسم يا بشر ، إبنة عم الـ **** عديم الشرف و الدين ، هم من شقوا ثوب اهله الطاهر بعد تلطيخه بدم طفلتين ، هي إبنة الأعداء ، أليس كذلك ؟ لم إذن لا يشعر بها سوى إمرأته ، و كإنه بتلك الليلة قـد سلخها من قبيلة إنتمائها لـ ينسبها لنفسه ، لـ علوه و شمخه ، لـ آل صفاء ليتها إنتمت منذ الأزل ، ليتها كانت إبنة لـ عمه ، ليتها كانت انثاه منذ أن خط شاربه الأول ! أ وتراها ادركت عظيم فعلتها به ؟ لا يظن ، فهي ليست من فصيلة المغترات بـ ذيول طاووسية ، هي تتلصص و تسرق بـ نية حسنة ، تسرق لتقتات لنفسها حياة ، لا لـ تترفها ظلما بـ قلوب الرجال !
هي بريئة من تهمة إختطافه من عقله ، هنا ، يتنازل عن حقه في جريمتها ، لأنه أكثر من يدرك بأن بيضاء اليدين لا تمد اناملها لتتلوث جورا ، غجرية الشعر ، و ريانة العود انقى من ان تكون مدانة بالسرقة ، لكنها قد تدان بالحيلة البريئة ، بالعشق الجنوني ، بالتكتم الذي يكاد يؤتي بعقله !
لا تريد أن يطلقها ، و لا توافقه العودة ، ترتحل و تترك له بصمة في القلب ، و عطرا يشق الصدر ، تذهب ، و تبقى لتسكن به ! تناقض يسكن افعالها و الاقوال سيصرعه ، و لكنه سـ يكون لها شبيها ، لن يطلق و لن يعود ليسأل ، سيحررها ، و لكن يحتفظ بقيد واحد حول جيدها يشده اليه عند رغبته ، يرتضي البعد ، و يطارد خيالاتها عنوة !

عقد حاجبيه عندما شعر بـ أن دهرا مر به وهو واقف هنا كـ شجرة عريت من وريقاتها ، لتغادر طيورها الأعشاش ، كئيبة خاوية من معاني الحياة ، جاء بغداد و بـ رأسه بصيص من شعاع بأن يغادرها ممتلئ الحضن بـ إمرأته ، و لكنه هزم بـ رفضها ، و كإنها من دون ان تقصد او تنوي تقتات لنفسها ثأرا ، ثأر أشهر مضت حيث أوهمها بـ زواج أخر ، و حواء أخرى تتقلب بين ذراعيه ، ظن بأنه سيستدرج عقله بتلك الكذبة حتى تغادره منكسة قلبها وجعا ، و لكنها ظلت متمسكة بـ لعبتها المتلصصة تلك ، بين دهاليز المخ المشقى ، و الآن فقط إنتقمت ، كسـرت زجاجات عطورها الفخمة ، و حطمت كؤوسهما الفارغة في انحاءه حتى خدشت به الجدران و هشمت المرايا ، قلبت طاولات و مقاعد كانت تحتضن جسدها الندي عند إجتماعات تعقدها مع اعضاءه المطيعة ، فتحت مضخات الدماء و اغرقته .. ثم ببساطة ، إنسحبت رافعة بـ كعبها العالي بيمينها و متمايلة بمشية متغنجة بـ إغراء غير متعمد !

إبتسم على حين غرة من سرحانه الهاذي ، ليميل قليلا و بصعوبة حتى رفع المظلة المبللة برذاذ بارد ، و تحـرك بها ' من دون إستخدامها ' نحو سيارته ، حركة نزول الغيث العجلة اجبرته على جر خطاه بإسراع .. حتى ركب مكانه ، و من ثم نفض من على شعره القصير ما تجمع من برك مائية ، و شغل المدفأة بـ حركة تلقائية ، فـ سكن لفترة ، حتى تذكر شكه بـ ضربة اخرى في الظهر قد تفقده بقيته ، ليخرج هاتفه من جيب بنطاله عجلا ، لـ يهاتف اخته بـ أعصاب مستنفرة ، نصف رنة فقط و جاءه ردها ، حتى شعر بـ خوف يغزوه ، فتكلم مترقبا و متأهبا لـ مصاب : ها لينا شلونج ؟

بـ توتر وصله تحدثت : الحمد لله حبيبي زينة ، و إنتة شلونك ؟

تنهد لترتسم شبه بسمة هازئة على ثغره ، و شئ من راحة سكنته بعد الـ ' زينة الحمد لله ' التي نطقتها : الحمد لله
بيج شي ؟ شبيه صوتج ؟

ظهر القلق واضحا له لـ تجيبه بحيرة : ما اعرف والله علي ، عمر تأخر علية ، المفروض قبل ساعة يجي و لهسة ماكو ، و موبايله مديرد عليه خبلني

إعتدل بجلسته لـ يستفسر مسرعا : إنتي بالمستشفى ؟

: إي

: ديللا هسة جاييج ، من اوصل ادقلج و طلعي

: ماشي إن شاء الله أنتظرك

إبتسم صدقا ، فـ الـ ' ماشي ' هذه من حكاوي عمر ، و يبدو إنها انتقلت بعدوى جميلة للسان اخته !
شغل المحرك ثم وجه سير عجلاته نحو طريق المشفى ، و بـ أحدى إشارات المرور لمح منظرا هزه حتى بويصلات الشعر لـ طفل لا يتجاوز الستة أعوام يجلس على احد الارصفة ، يغتسل مطرا و يرتجف بردا ، يده تحمل أحد الصفائح الحديدية يغطي بها بضاعته الصغيرة المكونة من علب مناديل ورقية يبيعها لأصحاب المركبات المارة !
شد بخده احد العروق ، و تمتم حمدا للرحمن ، فـ أدار المقود حيث هو ، انزل زجاج النافذة ليطلب من الصبي علبتين ، و بإهتمام بالغ اعطاه الاخير ، فـ قدم له نقدا اعلى مما يستحق ليرفضها الصغير بـ كرامة من ذهب ، أغمض عينيه لوهلة ، ثم نطق بـ لمحة لطف لا يمتاز بها : إعتبرني اخوك الجبير ، أخذها و اسكت ، أصلا اني بعمرك جنت مثلك و شوفني وين وصلت ، ياللا سبع اخذها

قبلها الطفل بخجل و أمل بمستقبل قد يسمح له بقيادة مركبة كهذه ، و التأنق كـ صاحبها ! ، فـ انتشل ' الأنيق ' المظلة من على المقعد المجاور له ، و مدها له مضيفا بجدية : أخذها ، و لـ تبقى هنا ، روح بمكان بعيد عالمطر لا تمرض ، يللا بسرعة






.
.
.



لـ يُتبَعْ !

 
 

 

عرض البوم صور حلمْ يُعآنقْ السمَآء  
قديم 14-02-13, 12:17 PM   المشاركة رقم: 57
المعلومات
الكاتب:
اللقب:
عضو مبدع
كونتيسة الأدب النتي


البيانات
التسجيل: Mar 2012
العضوية: 240233
المشاركات: 841
الجنس أنثى
معدل التقييم: حلمْ يُعآنقْ السمَآء عضو متالقحلمْ يُعآنقْ السمَآء عضو متالقحلمْ يُعآنقْ السمَآء عضو متالقحلمْ يُعآنقْ السمَآء عضو متالقحلمْ يُعآنقْ السمَآء عضو متالقحلمْ يُعآنقْ السمَآء عضو متالقحلمْ يُعآنقْ السمَآء عضو متالقحلمْ يُعآنقْ السمَآء عضو متالقحلمْ يُعآنقْ السمَآء عضو متالقحلمْ يُعآنقْ السمَآء عضو متالقحلمْ يُعآنقْ السمَآء عضو متالق
نقاط التقييم: 3128

االدولة
البلدIraq
 
مدونتي

 

الإتصالات
الحالة:
حلمْ يُعآنقْ السمَآء غير متواجد حالياً
وسائل الإتصال:

كاتب الموضوع : حلمْ يُعآنقْ السمَآء المنتدى : القصص المكتملة (بدون ردود)
افتراضي رد: أبرياء حتى تثبت إدانتهم

 





تآبعْ




لآ يزآل " إسمكَ "

الإسمُ الوحيد الممنوع من الصرف في حيآتيِ


غادة السمّان







أغلب المنتسبين قد غادروا ، و لم يتبق سوى اصحاب الدوام الليلي ، و ما زالت المشفى تعج بالمراجعين ، كعادتها !
من الجيد أن جدول زميلتها يحتم عليها البقاء من اجل مواصلة العمل ، فـ بقيت معها في طابقها و كرة القلق الثلجية امست تتوسع ، لا تدري سبب تأخره و الأدهى و الأمر لم لا يرد على مكالماتها ؟ هو ليس بـ مهمل ! لم يكن كذلك يوما ، مالذي حل به ؟

اعتدنا و منذ عشرة أعوام أن نتراقص رعبا على من يتأخر عن موعده من الدقائق خمسا ، فإن تناسينا خطورة الحوادث المرورية ، تجدنا نرتعد من الإنفجارات ، أو الإختطافات !
أو حتى القتل المتعمد و غيره عن طريق الخطأ بسبب اللا إنضباط في العاصمة ، ينتشرون بأسلحتهم ، و صار الأمر طبيعيا ، و الخوف هو ما يتعدى حدود الطبيعة ، من الجدير بالذكر إن الحال قد تحسن في السنين الأخيرة ، و لكن رهابا عشنا به لن يتركنا و شأننا يوما ، فوبيا الخوف من الاقدار أصبحت ملازمة لكل قلب و فكر عراقي ! و الكم الهائل من الفقد سيبقى دوما وشما على جلود الذاكرة ، وشما لن يبرأ حتى يحين موعد الأجل ليقدم لنا من الاسباب افخمها فنكون على اهبة الاستعداد للمصائب الدنيوية !

الف سيناريو قد شغل في ذهنها طيلة الدقائق المنصرمة ، إتصلت والدته تطمئن عليهما فـ أوهمتها بأنها اتصلت به و اخبرها بـ أنه عالق بـ إزدحام ما ، يكفيها قلقها و لا تود لـ حماتها ان تذوب خوفا على وحيدها ! مضى الآن بعد الساعة نصف اخر و ما زالت على قيد الإنتظار ، تشوى على جمرات متقدة .. صداع هاجمها منذ مدة قد تفاقم ، فـ أعزت سببه لإرتفاع ضغطها خوفا على ذلك الغائب ، جرت من مجرة التوتر تلبية لـ صوت رفيقتها الحاد : لينااا يمعودة كافي تهزين رجلج ، وترتيييني ، قولي يا الله صدقيني ماكو شي

بـ عبوس اجابتها و ما زال فخذها الايسر يهتز كـ إن سلكا يصل به لـمصدر طاقة كهربائية بتيار مستمر : رنا دخيل الله سكتي ، هوة مو لا ابالي ، يعني اكييد صاير وياه شي خلاه يتأخر و ميجاااوب على موبايله ، الله يستر

حاولت الاخرى ان تقلل من حدة توترها بـ شقاوة خفيفة : لج اخاف تزوج عليج وهسة هوة ببيت الثانية و مغلس ' مطنش ' على مخابراتج

لم تجبها بل اكتفت بإطراق رأسها و العبث بالهاتف مجددا بمحاولة جديدة للاتصال به ، فـ ادركت رنا حينها بأن رفيقتها على شفير الإنهيار ، يبدو ذلك جليا بملامحها الصفراء المتعبة و شحوبها المريع .. حاكتها بإهتمام بالغ : زين يا قلبي شربي هذا العصير ، ترة والله العظيم مو زين عليج ، بس شووفي وجهج شلون اصفر كركم ، لـ تروحين تتخربطين ' تفقدين الوعي ' يمعودة
كركم ' نوع من البهارات اصفر اللون '

حولت قوتها لهز رجلها الى المنتصف الايمن ، و مدت بيسارها نحو علبة العصير لتنصت لتعاليم رنا بـ عقلانية ، إن كانت تود البقاء بـ وعيها لابد من أن تزود جسمها بقليل من الطاقة ! تركت العلبة بعد ارتشافها حتى المنتصف ، لتهمس بلا وعي : ياااارب دخيييلك تحفظه الهي ، الهي احفظه يا حبيبي يا رب ليصير له شي والله اتخبل !

: لينااا !!!!

رفعت برأسها نحو رنا لتستطرق الاخيرة متعجبة : لج والله مدا اعرفج .. مستحييل انتي لينا القديمة ، شسوى بيج عمر !
لتستطرد لما تبين لها امتعاض ملامح اللين : لا جديات حبي والله ان شاء الله خير لتخافييين و تأذين نفسج

زفرت بضيق لتستقيم واقفة بمنتصف الصيدلية ، ثم نطقت بإستسلام : الله كريم ، إن شاء الله هاي بس وسوسة

جفل جسدها بإنتفاضة مرعبة عندما رن الهاتف بيدها ، رفعته بـ امل يرتعش ، ليذوب فجأة حينما تبين لها اسم اخيها ، اجابته ليخبرها بأن تخرج له بعد ان سألها إن كانت قد تواصلت مع عمر ولو بـ رسالة !

غادرت المشفى بعد ان طلبت منها رنا أن تطمئنها خيرا حالما تراه ، إحساس مخيف يراودها ، لا تستطيع التنبؤ فعليا بما سيحدث لها لو أن مكروها ما اصابه ، عمر إعتلى منابر المعابد بداخلها ، عمر صار بها كـ عضو متجدد يسكن صدرها ، هو المنبه للخير ، هو الصواب ، هو كل شئ ، لن تستطيع المواصلة من دونه .. إلهي اتوسلك أن لا تذيقني من كأس الفقد مجددا ، لقد إمتلئت يا رب ، أعرف يا رب بـ أنك تعلم ما لا نعلمه ، اتيقن بأنك تضمر لنا خيرا من عندك ، شيئا تخبئه لترزقنا اياه في جنتك إن شاء الله ، و لكنني من البشر يا حبيبي يا الله ، أحد عبادك الضعفاء انا ، تيتمت مرتين فـ إحفظني من الثالثة التي ستحيل قلبي رفاتا ، يا رب .. إحفظه لي و لـ والدته ، فـ كلانا لا نطيق به وجعا !

في الشارع تقف باحثة عن سيارة اخيها ، و في الواقع إن عينيها كانتا تجولان بحثا عن مركبة واحدة لا غير تنتظرها هنا دوما ، و لكن لا جدوى ، قرر ان يكرمها بالقلق هذا النهار ، و كأنه يود الكشف عما تخفيه ملاءتها البيضاء التي تحتضن بها القلب بخجل !
وجدت سيارة علي ، و فوجئت بأنها كانت قريبة و لم تنتبه لها قبلا ، فـ توجعت بحق ، لا يحق له أن يسرقها من وعيها هكذا ، لا يحق له أن يسلبها التوازن فتصير متدلية على جرف بحر من يحموم نهايته إنحدار نحو هاوية القاع !

ما ان استوت جالسة قرب اخيها إلتفتت نحوه بتحية هامسة اعقبته بـ قلق : مـ رد عليك مو ؟

بذات القلق اجابها و عيناه تنتقل بين ملامحها الغائرة بالمرض : لا والله
ثم استطرد : شبيه وجهج ؟ ليش هيج اصفر ؟

بتنهيدة ردت و نظراتها تهرب لمسح الشارع امامهما علها تجد ظالتها الغالية ! : والله شمدريني ، ما اعرف شبية هالايام

: أخاف حامل ؟

إلتفتت نحوه لتبتسم بـ رقة خجولة ، ثم تجيب : لأ ، بس ابد مالي خلق

أكد وبخبرة اعوام مسك ذقنها بيده ليدقق بـ امارات التعب : متأكدة ؟

حرجت لتبعد نفسها عنه و تردف : إي
ثم اكملت بـ رتابة : هسسسة شوف عمر وين ، علي والله ممسويها قبل ، هوة اذا يروح يجيب صمون ياخذ موبايله و يهتم انو بيه شحن ، شلون عاد طالع و مندري وينه
صمون ' معجنات شبيهه بالخبز '

اعتدل بمقعده و حرك سيارته مجيبا : لتخافين ماكو شي ان شاء الله
ثم اردف بجدية لا تقبل النقاش : واليووم تروحين تسويين تحاليل ، دنشوف شنو قصة هالصفار هذا
أكملا طريقهما صمتا ، لا يتخلله سوى حركاتها المتوترة و هي تكرر إتصالاتها بذلك الغائب ، كانت كمن تتقلب على جمرات إلتصقت بجلدها ، يا الله ، إنها خائفة .. والله خائفة ! وصلا المنزل وعيناها ما زالت تبحث عن مركبته ، و لا نتيجة ترجى حصلت عليها .. ترجلت لتلتفت نحوه بإستفهام : مـ تنزل ؟

إستنكر بهدوء : لا طبعا ، و لتخافين قتلج هسة اروح اشوفه وين بس العصر ترووحين تسويين تحاليل لينا

جملته الامرة كانت صارمة ، فـ خبت لها قابليتها على الاعتراض ، فقط هزت برأسها بإستسلام ، لتدلف المنزل بمراقبته ، ما إن ولجت الحديقة إستقبلتها حبيبتها الـ ' شابة ' ، متغنجة بذيلها الطويل الأشقر ، لتلتصق بـ قدميها مرحبة ، بشرود مالت نحوها تلامس شعرها الناعم و نبرتها خرجت يتخللها القلق : سووكي حبيبي ادعي لعمر يرجع ، أني خااايفة عليه ، سووكي بااعيني شوو ' بسبابتها داعبت جبين القطة لترفع الصغيرة رأسها بـ إنزعاج ، و أكملت هي ' قولي يااارب يرجع عمر الخبييث

أرسلت لها قبلة هوائية رقيقة ، ثم إبتعـدت عنها و المزعجة ترافق خطواتها بدلال ، أوجعها قلبها أن تظل هنا في هذا الجو الماطر ، هدأ نزول الغيث و لكن الغيوم ما زالت مليئة بماء ينتظر الفرج ، لو كان الامر يعود لها لأدخلتها المنزل ، و لكن ميس تعاني من حساسية مرضية نحوها .. كان عمر قد رتب احدى الزوايا للصغيرة تقيها الامطار ، و المدللة تفقهت الامر و صارت تأمن به ، دلفت المطبخ بهدوء بعكس ما يضطرم بها من اعاصير مرهبة ، قوبلت بـ حماتها مرحبة بها بحنية : هلاو امي ها وصلتوا .. لعد عموري فدوة تروحله امه وينه ؟

تنحنحت بـ خفة واضعة بحقيبتها على احد مقاعد الطاولة : هلاو خالة عيوني
انتزعت وشاحها ببطئ ، لتجيب سؤال والدة عن شبلها : علي وصلني خالة ، عمر ما اعرف وييينه

تلك كانت تقلب الرز بـ وعاءه لتثبت يدها عن الحركة ملتفتة نحو كنتها بـ إستفسار : متعرفين وينه ؟ ليش امي مخابرتيه ؟

هزت برأسها رفضا و اتخذت احد المقاعد لها ملاذا من السقوط بعد ان شعرت بـ دمها يهبط قاع القدمين فيخلو الرأس من وقود تشغيله للمراكز الادراكية و الحسية ، همست بارهاق مميلة برأسها نحو زجاج الطاولة : خالة مدا احصله

لتقترب تلك منها متوجسة رعبا : يوم شبيج ؟ متعاركين ؟ زين انتي مو قلتيلي خابرتيه

بلا قدرة على الغوص في بحر الرعب منفردة اجابت مغمضة العينين : لا خالة ممتعاركين ، بس مااااا اعرف ويييينه ، و خابرته خمسين مرة مديجاوب والله ما اعرف وينه حتخبل

فوجئت بأن حماتها صارت تتصرف و كإنما هي الاهم ، حيث مسحت الحنون على شعرها المرفوع بـ كعكة مرتخية ، لتتحدث مهتمة : امي شبييج ؟ ليش وجهج اصفر ؟ شدتحسيين ؟

كم من مرة سمعت هذا السؤال اليوم ، و بالفعل صار الامر يؤرقها ، لن تتجنب الاطباء اكثر ، ستذهب عصرا كما امرها علي إن شاء الرحمن ، فقط حينما يطمئن قلبها على العمر !
إتكئ رأسها هذه المرة على كفها المستندة بالمرفق على الطاولة ، و عنقها يميل تعبا ، أجابت بهمهمة خافتة : ما ادري خالة حيل دايخـ ـة ، مدا اركـ ـز بشي

ابتعدت الحنون خطوتين لتأتيها بـ كوب من الماء ، فتتحدث قلقة : يوم إنتي جتج مو ؟ يعني مو حامل !

هزت برأسها موافقة لترفض الماء برفعة حاجبيها لتستطرد حماتها : لعد شبيج امي ؟ ترة مو زين ساكتة ، صارلها شقد هالدوخة وياج ؟

لم تستطع الحديث ، فقط أغمضت عينيها ، و فجأة فلت رأسها المتكئ على الذراع بعد ان ازيحت الاخيرة بـ إرهاق ، ليرتطم في زجاج الطاولة و تتأوه وجعا برد فعل تلقائي ، بينما ام عمر فإرتعبت صارخة : يمممة اسم الله الرحمن عليج ، يوووم شبييج ؟

رفعت رأسها لتتأكد من سلامته ، و اللين بـ إنهاك مالت بعنقها نحو الحنون ، لتحتضن الاخيرة رأس كنتها متمتمة بـ ' بردا و سلااما يووم ، إسم الله عليج حبيبتي ، شجاج امي ' ما بك ' ، شصايرلج ؟ بس لو اعرف شبيج '

ثم علا صوتها منادية لـ إبنتها الواصلة سلفا و لكن تأخر عمر و لينه دعاها لأخذ قيلولتها قبل الغداء : ميييييس ، مييييس مااماا وييينج شوو تعااالي

لم تتعب كثيرا ، حتى سمعت صوت ميس يأتيها ملولا متكاسلا من الطابق العلوي : هاا ماما ؟

: شوو تعالي هاي مرة اخوج سودة علية تعبانة و اخوج ماكوو ، تعااالي نززلي شوو

لم يطل انتظارها حتى دلفت ميس المطبخ لتتفاجأ من منظر والدتها تستقيم قرب لينا و تحتضن رأسها و ملامح الفزع مرتسمة بدقة على وجهها ، تحدثت بـ حاجبين متقاربين : هاي شنو ماما ؟ شبيها لينا ؟

: ما ادري و الله يا امي هالبنية هاملة نفسها كوولش ، صارلي شقد اقلها روحي للطبيب دوختج مو طبيعية و تعاند هية ، بس مو صوجها صوجي اني ساكتتلها جان المفروض اقول لعمر و ناخذها غصبا ما عليها

بـ إستنتاج باسم نطقت ميس : مااام لتخافين مبروووك رح تصيرين بيبي من جديد ، و هالمـ ـ

: لا ماما مو حمل ، جتها .. بس هسة اني حايرة شسوي اريد اخذها للطبيب و اخوج ماكو ، ندق عليه من الصبح ماكو

بـ قلق شحب لونها لتهمس متوجسة : ماكو ؟ ليش وينه ؟ و لعد منو جاب لينا من الدوام ؟

: علي بعده ببغداد فـ هوة راح عليها ، هسة تعالي ساعديني نوديها لغرفتي خلي تنام ، و دقيلي على علي خلي يجي ناخذها للطبيب

تقدمت منها ميس و حاولتا تحريك لينا ، و لكن يبدو إن الاخيرة لا تساعدهما البتة ، فـ انسحبت ميس متحدثة بـ قلق : ماما عوفيها منقدر نحركها شوفيها فد مرة مدتقدر تشيل نفسها ، خلي اخابر علي

لتظل الحنون بحالها ذاته ، تقف محتضنة رأس اليتيمة ، متمتمة بأذنها ما يحضرها من الأيات القصيرة و الادعية ، و يدها تمسح على شعرها لتحادث ابنتها وهي ترى انشغالها بالاتصال بـ شقيق هذه الغائبة بوعيها : ميس ماما جيبي الصوبة هنا يم رجلها ، الدنيا باردة ، و هية العنودية ' العنيدة ' مـ لابسة شي

تحركت الاخرى بعد ان وضعت الهاتف على الطاولة ، لترفع المدفأة النفطية ثم تضعها قرب اللين فتقول بتفكير : يمكن مستبردة ماما ؟ الجو بارد و يمرض

: لا لا صارلها هواية على هالحالة وهية هاملة نفسها

: خرببليسك عمر ويينك ، والله لو يشوفها هيجي يتخبل

اضافت امتعاضها وهي تتصل بـ علي ، و ما إن وصلها الرنين مدت بالهاتف نحو والدتها لتستلمه الاخيرة و ما زالت يمينها تحتضن اللين بحذر ، قليلا و وصلها هدوء علي قائلا ' ها لينا ؟ '

فـ بادرت هي بالتحية : هلاو علي امي اني ام عمر

: ها هلاو خالة شلونج ؟

: بخير حبيبي الله يخليك ، علاوي امي وينك إنتة ؟

: و الله خالة رحت دا اشوف عمر وين ، الصبح تخابرنا و قلي رايح لـ ألن و هسة مدا احصله لاهوة و لا ألن

قلقت ، ثم تحدثت متوجسة : وين صار ! زين امي تقدر تجي لبيتنا ؟ هاي لينا كولش مالها خلق

التمست اهتمامه بحروفه الجدية : طبعا جان مبين عليها رح تتخربط ، قلتلها تروح للطبيب اليوم

: دياللا امي تعال خل ناخذها اخاف عمر يطول ، بس ناخذها للمستشفى خلي يشدولها مغذي لإن ماكو رايحة فد مرة

: زين زين ربع ساعة واني يمكم

: إن شاء الله امي محرووس

تناهى لها صمته و زفرة غريبة هربت من بين سلسلة الانفاس المنتظمة ثم نطق بـ ' مع السلامة ' و أغلق الخط من دون ان ينتظر لـ تجيبه .. مدت الهاتف لإبنتها المتابعة للمكالمة لتستفسر تلك سريعا : مـ يعرف وينه عمر ؟

تنهدت بحيرة : لا والله ، يقول هوة الصبح جان ناوي يروح لـ ألن
لتستطرق مستفسرة : ألن اليوم مداوم ؟ شفتيه ؟

: إي شفته الصبح ، بس مـ شفت عمر ، اصلا عمر شعنده بشركتنا ؟

هزت برأسها بـ شرود ثم قالت : د خابري الن ، دنشوف بلكت تحصليه لإن علي يقول هوة هم مديشيله

تحلطمت ميس بقهر و اناملها تضغط على شاشة هاتفها بوحشية : يا الله شقد مبهذلين ، يعني ميعرفووون انو اكو ناس تتراجف عليهم شنو هالوضع ، عمر من شوكت هيجي مهمل !

عند انتهاء جملتها كان قد وصلها صوت الرنين المتواصل ، مدت الهاتف مرة اخرى نحو امها لـ تقول الاخرى بـ هدوء مغيرة من وضعية وقوفها فـ ظهرها صار يؤلمها : إحجي وياه انتي ماما و قوليله وين عمر اذا يعرف عنه شي

اعادت الهاتف لإذنها لتعلق : هاي اذا شاله مو علي يقـ ـ

: نعــم

رفعت حاجبيها متفاجأة لتتلعثم احرفها بلا وعي : أ أ ألن ؟؟

صمت طال ثم تنهد بصوت مسموع و كسول ليجيب : ها ميس خير ؟

اغتاظت و جدا ، و عاد غضبها نحوه يزداد ، فمنذ ايام و هذا الرجل إنقلب اسفله اعلاه ، فـ صار بمزاج اسود ، منذ ذلك اليوم الذي منعها من الخروج رغم إنها هي من يتوجب عليها ان تنفر من تواجده و حديثه ، نطقت بـ صوت منزعج مستنده على باب الثلاجة بكفها : هلو الن ، أقلك متعرف وين عمر ؟

خفت صوته بملل : هياتة يمي ' هذا هو '

ليعلو صوتها متفاجئة : يمممك ؟

رد بـ ذات الكسل : إي

ودت لو تصرخ به ، مالها تجر من فمه الكلام جرا ؟! و كإنه ينطق دررا ثمينة ! تبا له ، اعتدلت بقدها لتتكلم عجلة : زين انطينياه ، إذا متصير زحمة

بـ سخرية وصلتها علق : لا عيني رحمة !

رفعت حاجبيها صدمة من اسلوبه الوقح ، ليعقب بلا اهتمام : بس مو هسة فد دقيقتين و اخليه يخابركم

فقط ، قال جملته و اغلق الخط ، وسعت مقلتاها غير مستوعبة ، ليصلها تساؤل والدتها بجزم مرتاح : ها ماما عمر يمه ؟

هزت برأسها موافقة لـ تغص بـ سباب كادت تنطقه بحق ذلك المسيحي غريب الاطوار ، تعسا له قد ازعج مزاجها ، عقدت حاجبيها لتتكلم مقتربة من والدتها بعد ان وضعت الهاتف على الطاولة : يقول شوية و هوة يخابرنا
ماما تكسر ظهرج ، خلي نحط راسها على الميز ' الطاولة '
بس اريد افتهم هية ليش هيج متقدر تتحرك !

همهمت اللين بـ هذيان مشتت ، لتبتعد قليلا عن بطن حماتها ، و فجأة و كأنما عاد لها وعيها فـ شهقـت هواءا لداخل صدرها ثم سعلت بـ تكرار ، لما لاحظت الحنون بأنها استيقظت و امسى جسدها متماسكا حررتها لتحادثها مهتمة : ماما قومي غسلي وجهج و اكليلج لقمة رح يجي علي ياخذنا للطبيب

لم تتحدث ، بل شردت نظراتها في الفراغ و بدون سابق انذار هطلت من مقلتيها الادمع ، فـ هبط قلب حماتها قاع الارض ، حاولت الاستفهام عن سبب هذا البكاء المرهب بحنيتها المعهودة : إسم الله الرحمن عليج امي شبيج انتي اليووم ؟ فهميني شبيج

جرت نظراتها عنوة لتهمس بـ حلق متوجع : عمـ ـ ـر

جلست ام عمر بـ احد المقاعد قبالتها ، و أتتها ميس بعلبة المناديل متحدثة بـ توتر : لينا شبيج يمعوودة عمرر مابيه شي هسة خابرت الن و طلع يمه والله لتخافين

تغاضت عن المناديل و استخدمت اناملها لتكف دموعها متمتمة بـ رجفة : كذاب ، ألن كذاب ، عمر موو زين اني شفته !

لتمد ام عمر يدها نحو العلبة و تسحب ورقتين من المحارم و تقوم هي بمهمة دفع البلل من على الوجنتين ، لتصر بصوتها قلقة : لينا يوووم لتسوين هيجي بنفسج و تخرعين امج ، امي ما اتحمل هالبجي منج فهميني شنو قصتج ؟

ظلت تنهمر دموعها لتهمس : خالة هسة حلمـ ـت حلـ ـم مو زيـ ـن ، عمـ ـ ـر مو زيـ ـ ـن ، شفتـ ـه يكسر بييض و يبجييي دم ، و اني لابسـ ـة اصفـ ـر و اضحـ ـك ، خالـ ـة اخاف يصيـ ـ ـر بيه شـ ـ ـي
والله ما اتحمـ ـ ـل بعد ، اخااااااف عليييه ، ما اقـ ـدر اعيـ ـش اذا صـ ـارله شي واللـ ـه

وجدت ميس دموعها تنساب بـ غزارة اثر كلام لينا ، و قلبها ينقبض لا اراديا ، لا يعقل أن يكون الن كاذبا ! يستحيل ذلك ، يا إلهي !
بلا شعور رفعت الهاتف مجددا لتأخذه بسرعة مغادرة المطبخ لتتوجه نحو الرواق بخطى متعثرة ،
ما إن عاودت الاتصال بذلك المزعج ، حتى جاءها الرفض بـ إسلوب وقح ! ودت لو كان امامها لتقتلع عينيه غضبا ، إنهم يشتعلون قلقا و هو يتكرم عليها بـ سخافة افعاله ، كررت المكالمة ليرد هذه المرة ، و لم ينتظر منها حديثا بل بادر هو بقول مكلل بالضيق : قتلج شوية و يخابركم هوة ، الاثوول نازل من السيارة و ناسي السويج ' المفتاح ' والتليفون بيها و هسة هوة يم الرجال ديشوفلهياه و تأخروا لأن شكلت ' علقت ' مدتنفتح

لم تحتمل ان تكتم ما بها من رعب ، فـ تحدثت باكية : الله عليييك قول الصدق ألن .. عممر شبيه ؟

شعرت بـ أن الصدمة الجمته ، فلم يتوقع ان تبكي اخيها قلقا ، و تغير إسلوبه البارد ليحاكيها بـ روية وهدوء و لكن ليس كما السابق : و الله مابيه شي ، ميس شبيج ؟ مو دزيت رسالة للينا و قلتلها ترجع لإن عمر ميروحلها مقلتلكم ؟

همهمت بذات النبرة : لأ .. مـ وصللها شي

صمت قليلا ثم همس بـ نبرة غريبة دغدغت شيئا ما بها : زين لـ تبجين

لم تستطع النطق بشئ ، و هو ايضا ، إحتاج دهرا على ما يبدو حتى اردف : اذا ممصدقتني هسة اصيحه ' أناديه ' ، انتظري !


؛

اما في المطبخ فحالهما ما زال متأرجحا ، تنهدت الحنون بـ تفكير قلق ، هذا الحلم يحمل تبعات مخيفة ! يبدو والله اعلم ان اللين تعاني من مرض ما ، و عساه ان يكون شيئا بسيطا يا رب ، لن يحتمل ولدها أن تصاب حبيبة عمره بـ وخزة إبرة ، لن يبكيك دما يا صغيرة بل سيبكيك عينيه فـ قلبه و ربك الاعظم ، سيفقد نظره لو أصابك مكروه !
كان واضحا لها رهاب الفقد الذي تعانيه كنتها ، فمن مثلها قد اعتادت على الاوجاع الغائرة بـ قلبها بسبب غياب الرجال ، فـ والدها و شقيقها ومن ثم علي و الآن صارت اعصابها على شفا الانهيار عند ابسط موقف ، لذا كانت هي الاكثر توترا و رعبا منها و ميس ، لأن ما بها من خوف قد عجن مع خلطة الاحاسيس !

حاولت التخفيف عنها بجمل رتيبة مجهدة : ماما كافي بجي والله مابيه شي ، هسة الن خابر

لتفاجئ ام عمر بإستقامة الشابة بعجل : ألللن كذااا .. آآآآه

فقدت توازنها لتخر ارضا على ركبتيها و لم تستطع حماتها اللحاق بها ، مالت نحوها بسرعة لتحتضنها كي لا تميل يمينا حيث المدفئة و صارت تنادي ابنتها بفجيعة و هول الموقف يبس الدماء برأسها : مييييس ، وج ميييس تعااالي لحقييني بسرررعة ، ميييس

حضرت الاخيرة راكضة و الهاتف يتوسد أذنها لتصرخ مرتعبة من الحال : هاااي شنوو ، عزززة ماما شبيهاا لينا

ليصلها زئير حاد من عمر عبر الهاتف : لينااا ؟ مييييس شبيهاا لينااا فهميني ؟

بتوتر نطقت سريعا : ما اعرف عمر ما اعرف ، تخربطت مية مرة تعال بسرعة عوف السيارة طبهااا مرض

رمت بالهاتف بلا ادراك على الطاولة لتأتي فترفع بالمدفئة ثم تبعدها عن الانحاء ، فـ تأتي والدتها لتتعاونا على جسد لينا الهزيل ، مددتاها ارضا على السجادة العريضة ، ثم اتبعت تعليمات أمها بإحضار كأس الماء لـ رش وجه هذه الشبه ميتة ! إنتفضت لـ شعورها ببرودة السائل و عاد لها القليل من وعيها الغائب ، فـ صدمتهم بـ شهقة عالية اعقبتها بـ صرخة مرعوبة : عمممممر ، عمممممماااررر

تلقتها والدته بسرعة في احضانها لتصرخ هي الاخرى بميس : خابررري اخووج خلي يجي بسرررعة البنييية رح تتخبببل اذا متشووفه هسة ، بسرررعة خلييي يجي دقييقة ليتأخر

نفذت ميس امر والدتها ، ليخبرها شقيقها بأنه آت ، ثم يستفسر عن تفاصيل حال حبيبته وهو يكاد يفقد صوابه لشدة توتره !






؛





لا يعلم ما سر هذا النهار ، حدث به كل اللا متوقع ،
يخاف جدا أن يكون قلقه على صحة أخته بمحله ، برغم إن والدة عمر كانت هادئة بمكالمتها إلا إنه لا يشعر بالإطمئنان حتى الآن ، هنالك غرابة ما ! فكيف بالاحمق عمر ألا ينتبه لتردي حال زوجته ؟ كيف لم يهتم بـ تقلباتها التي ادركها هو حالما رآها ؟! تبا له الغبي ،

كان الطريق عسرا قليلا حتى عاد لمنزل صديقه ، فإتصل على هاتف اخته لتجيبه ميس ، فـ أخبرها ان تخرج والدتها و اخته و لكنها طلبت منه الولوج فـ لينا فاقدة لوعيها تماما ! إرتعب ، ليترجل من سيارته مسرعا و يكاد قلبه يهوي قبل قدميه ارضا ، يا الهي ، إنهم ينهارون ! شجرة عائلته تساقطت بأوراقها ، لا يحتمل فقدان أخر ، اخذ عكازه و كانت حركته بطيئة بسبب الارضية المليئة بالمياه ، فـ كان من الصعب عليه الإسراع لئلا ينزلق بعكازه ، فتح الباب الخارجي بنفسه ليدلف متوترا ، و ازداد توتره بعد أن فوجئ بوجود قطة مزعجة تقترب منه لتلتف حول قدميه ، و كادت ان تسقطه حينما دفعت بجسدها العكاز ، شتمها بغيظ ، ليستغفر ربه جهرا و يحاول ان يتلافى دهسها بطريقه ، قبل أن يصل باب المطبخ رفع صوته معلنا وجوده : عممممر .. عممممممممر

فتح الباب لتظهر من خلفه ميس بحجابها فتشير له ليلج قائلة برعشة صوت : تفضل علي تفضل ، هياتهة بالمطبخ

تمتم بـ غيظ و حركته مازالت مقيدة بسبب القطة : شنو هااي البزوونة منيلكم ' من اين لكم ' ؟ تعاالي وخريها رح اجعصها ' أدهسها '

لـ ترتعب تلك بعفوية فتصرخ عائدة الى المطبخ : ماا معلييية عندي حساسية منها والله

شتم مجددا ، ليعود فيستغفر ، و هي طريقة جديدة يحاول بها السيطرة على ' وقاحة لسانه ' ، دلف المطبخ بعد عناء ، لتحرره المزعجة ، و بدلا منه تتوجه راكضة نحو الجسد المستلقي ارضا فترتمي على بطن اخته و تلاصق وجهها بمحاولة لـ إيقاضها ، جمد الدم بـ عينيه ، لم يعد يرى ، ما بها احيلت لجثة هامدة ؟ أتود أن تفقده عقله ؟ أ تظن بإهماله لها أنها لم تعد من اهم اولوياته ؟ غبية ، هذه الفتاة غبية ، لم اوصلت نفسها لهذا الحال ؟ لم لا يهمها امرها ؟ إلهي ، لا تفجع قلوبنا ، أتوسلك !

استوعب حاله الابله بمناداة والدة رفيقه له : علي يووم تعااال ساعدني خلي نشيلها
و مييس جيبي ربطتها ' خمارها ' عالميز يمج ، و تعاالي وخري البزوونة .. هاي وكتهاا

: ماا اقدر ماما انتي وخريها اخاف والله

تدخل هو بعد ان وصلهم و ركن عكازه جانبا : خالة وخريها إنتي .. بس خلي اشوف شبيها اول شي ، بس فهميني شصارلها فجأة وقعت ؟ شنوو مماكلة صار جم يوم لو شنوو ؟

بـ صعوبة ابعدت القطة عن لينا و ظلت تحملها رغم إنها لا تطيق هذا و لكن إن افلتتها ستعود لأحضان النائمة بهدوء الأموات ! : لا والله امي تاكل ، صدق قليل بس تاكل .. بس هية صارلها فترة تدوخ و راسها يأذيها و مرات تستفرغ ! حتى عبالنا حامل بس طلع لأ

همهم بـ شئ من قلق : زين ليش مـ راحت طبيب من وكت ؟ زماالة هية

: أمي اختك عنودية .. متعرفها قابل إنتة ، والله صارلي كوومة اقوللها روحي و تقول ما بيها شي

جلس على ركبتيه عند اخته و صار يتفحص مقلتيها و حركة بؤبؤيها ليتأكد بعدها من مواضع النبض بها ، لتجذبه رجفة يدها من المعصم ، فتحدث مقهورا منها و عليها ! : هااي الكالسيوم هابط لازم مغذي سرييع

بصعوبة فائقة إستطاع حملها ، ذراع تحت ظهرها و أخرى اسفل ركبتيها ، ليحادث ميس بشفتين مزمومتين : ميس تعالي لبسيها الربطة و روحي فتحيلي البيباان بسرعة

و إثر صوت عطاس ميس المستمر قرب اذنيها إنتفض جسدها بين ذراعي اخيها ، لتتمتم بـ هذيان : عممـ ـممـ ـر !











.
.
.







نامت على أجفاني الغافيه

تذيع بين الصمت أحزانيه
ذوبتها

من مهجة ذوبت في لجة من نار آلاميه

عصرتها من أمل خائب

كزهرة ديست بأقداميه

…… حتى التي سقيتها

مهجتي

غمامة

باحت بأسراريه

*

يا دمعتي الليل قد خيمت أشباحه

في غرفتي الباليه

لله

خليني إلى وحدتي

أبث للشمعة أشجانيه

فشمعتي شاعرة طالما

غنت لي النور بأجوائيه

تشكو لي النار

وأشكو لها

نارا

من الحب بخفاقيه

تصارع الليل فما ينتهي

كأنما الظلام

أيامه

صفراء في اللون كطيف التي

وهبتها العمر

وأحلاميه

يا شمعتي …

أمسّك الضر .. أم ..

سرت بأحشائك أدوائيه .. ؟

أم هذه الصفرة

من وجهها تذكرة

تلهب أشواقيه … ؟

يا شمعتي …

ماتت عهود الهوى

دفنتها في ليل اوهاميه

لم يبقى من حبّي

إلا الصدق

مشوش

يرثي

لآماليه


بُلند الحيدري












عداد القلب إقترب من الإنفجار ، يتحرك راكضا بين اروقة المشفى ، يكاد عقله يزيغ لما وصله ، ما بها تلك الحبيبة ؟ بئسا لتلك السيارة التي سببت بتأخره و وجعها بعيدا عنه ، يا رب ما بالها ! لا يحتمل بها فجيع قلب ، لن يحتمل .. يعلم هو بأنه أخطأ بـ إهماله لها ، و لكن ما يفعل لو كانت هي ممن يكابرون بألمهم ؟ تبا ، لعنة الله على الشيطان ، ما حدث قدر قد كتب على جبينهما ، و لكن عسى أن يتوقف الامر ها هنا ، بلا مضاعفات ممزقة للروح

لمح من بعيد علي واقفا يحادث أحد الاطباء ، فـ حث خطاه نحوهما و قلبه يقطن بـ وسط الحنجرة ، حالما وصلهما تبين ملامح رفيقه الصلبة تعبس بـ غيظ ، قطع حديثهما بتحية سريعة ، ليسأل علي عجلا : ويين لينا ؟

فـ رفع علي حاجبه كمن يلمه صامتا ، و ادار وجهه بعيدا ، ليسأله الطبيب بـ إستغراب : انتة زوجها ؟

ابتلع ريقه بـ جفاف و بهزة رأس خفيفة اجابه ، ومن ثم تحدث هامسا و نظراته مصوبة نحو علي بجدية : عليييي وييين مرتي ؟

عقد الاخر حاجبيه ثم اشار بذقنه نحو احد الغرف ، ليتحرك عمر بـ خطى متزنة ، غير موزونة نحو ما أشار ، ليرى بأن الغرفة تحوي أكثر من سرير ، و بها مريضتين ، و لا أثر لمحبوبته ! إلتفت نحو الصوت المنادي له ليجدها ميس ، و تفاجئ من عمل عينيه المتدهور ، كيف لم يراهم ؟!
حث خطاه حيث هم ، لتفسح له والدته و ميس المكان فيجلس على طرف السرير محدثا والدته بـ قلب ملتوي وجعا : شصار يوم ؟

إصفرار وجهه دعى الحنون لتشد على كتفه و نظراتها مصوبة على كنتها الغافية : وقعت علينا لاحس ولا نفس ، يوم انتة شلون متنطينا خبر رادت تتخبل من تأخرت ، حلمانة بيك حلم مو زين و قلبت الدنيا بجي و خوف عليك ، إنتة مو تعرف بالبنية تخاف شلووون متطمنها ؟

نعم أعلم ، و الله اعلم بأنها تتمزق رهبة من الفقد ، و لم اتوقع أن افتق جراحاتها بنفسي ، تبا .. و لكن يا اماه ، أنصفي تأنيب قلبي لي بربك ، هل جنت بغيابي لـ كابوسا رأته ؟ أ كرر على حبيبتي الخوف كما حدث عند غياب اخيها و رعبها من حلم إحتراقه ! تلك الليلة ، آه عليها ، كم تدللت و تملكت و تجبرت ! محبوبة فؤاده تعتاد الكتمان و تهواه ، و إنفجاراتها العاطفية لا تأتي سـوى عند ارتفاع صافرات الانذار بقلبها الحبيب متوجسة حرب ضد النفس ، و كإنما هي تقتات على الصبار لتتشبه بالجمل ! فيقال بأنه بـ فقدانه المرارة يزداد صبره .. و لكن لينه لها مرارة تؤلمها إن طال الكبت ، تؤلمها حد البكاء ، ليتها تفصح قبل أن يفوت الاوان على قلبها الرقيق ، ليتها تتنازل درجة واحدة عن صبرها

زفر بـ تعب ثم أمال برأسه قليلا نحو والدته ليجيب هادئا : قلت لـ ألن يخابركم بس هوة اثول
شقال الطبيب ؟

هذه المرة تحدثت ميس الواقفة على الجانب الاخر من السرير : إاسأل علي ، همة بس حطولها مغذي و هسة راحوا برة ، مندري شكوو

هز رأسه بتفهم ، ثم لامس كف الحبيبة ، ليميل نحو أذنها فيهمس بخفوت و قلبها يتهادى بين الانين و الوجع : حبيبي ؟ لين .. حبيب عمر اقعد

شعر بأنفاسها المنتظمة تتعالى بتبعثر ، طبع بسمة خفيفة على ثغره ليقبل جانب خدها برقة ، فوصله صوت ميس بمناكشة لطيفة : عمرر عييب الناس دتباوع علينا

إعتدل جالسا ليعلق بذات البسمة : مرتي و حبيبتي شعلية بالعالم ؟
ليعيد تركيزه نحو الجميلة فيحدثها بهمس خافت و انامله تداعب اناملها الرقيقة : ي حلووو أقعد ، لين قوومي هيااته عمر يمج

همهمت بحاجبين مرتعشين و مقلتاها تنكشفان من تحت الجفون : عمـ ـر ؟

حبست انفاسه بتلقائية ، لينطق بعد تنهيدة : عيون عمر الإثنين

مال نحوها مجددا ليقبل جبينها بقبلة طويلة ، و يده تضغط لا شعوريا على كفها و كأن به يعاقبها على خوف كاد يفتت به الاضلع ، ود لو يختفيان ليعصرها به ، و الله شعر بقلبه يختفي من الصدر كما طائرة تمر فوق مثلث برمودا ، يختفي من دون اثر و لا منطقية ، فتلك ظاهرة طبيعية إحتار العلماء في الكشف عن مسبباتها و عن تفسير منطقيتها اللا منطقية ! و هو ايضا لا يزال حائرا بوصف جنونه الازلي بهذه السلطانة ، و يا لـ وجع قلبه في ألمها ، يالـ جحود اعضاءه ، و يالـ سقم اعتراضاته عن ذاته
هكذا هو حال فؤاده الملكوم في الهوى بدونها ، لـ كم اشقته هذه الشقية ظلما و طغيانا ، لم يرتح حتى الآن و لن يهدأ بال قلبه حتى تعود لتتوسد مخدع قلبه بـ صحة و عافية ، ما زال الخطر يفوح برائحة نتنة فيزعج حاسته الشمية ليستنفر قهرا ، يا رب إلاها ، يارب لا ترد وجع من ظلمتها بـ هذه الحبيبة ، يا إله السماوات خذ مني عمري و لا تمس اميرتي بسوء ، إقتص من عمري سنوات و لا تغيبها عني للحظات ، أعلم بأن هنالك من ادين له بـ ثقب في القلب ، ثقب لابد أن احصل عليه عاجلا ام اجلا ، و لكن مساس اللين بـ مكروه لن يبقي من القلب شيئا ، سينهيه محله ، ليأكل نفسه حسرات و يضرب اضلعه بـ أعمدة ضخمة حتى يفتتها و يدهس ماخلفها من سجناء طلقاء !

علقت ميس ضاحكة لـ تبتر الاجواء الرومانسية بغير ذي وقتها : عممممر لوو تشووف شصاار بيهاا من ورااك والله تتخبل ، مية مرة تخربطت و كلما تقعد تبجي وتصييح عمممر

اعقبت جملتها بضحكة قصيرة ، و والدته ابتسمت بحنية ، لتميل هي الأخرى نحو كنتها فتهمس قاصدة ولدها : والله ميس اول مرة تسوي شي صح ، قلتلك شصار بهالمسكينة من ورة اهمالك

غص بقلبه في الحنجرة مرة اخرى ، جاهد ليحافظ على إبتسامته و ما زال القلق يداهمه بجيوشه المستعمرة ، يغتصب اراضيه و يعتدي على حرمات قلبه المتعب ، زفر هما ليعلق بـ ضيق استفحل على بقية المشاعر ، ما عدا القلق ! : يوم والله مو مال لوم هسة ، بس أريد أفتهم شصار بالضبط ؟

تكلمت ميس بحماس صبياني مستكينة على الجانب الاخر من السرير : أني اني اني احجيييلك بالتفصيييل

زجرتها والدتها بهدوء : مييس مو هنا يووم انتظري نرجع للبيت و اخذي راحتج احجي مثل مـ تريدين

انزعجت لـ تردف مستميلة قلب شقيقها : عمممر شووف ماما ، ترزلني لإن افرح قلبك بـ أخبااار خرااافية

بضحكة باردة اجابها ، ليقرص أناملها الحبيبة بـ خفة ، ثم حدث ميس بـ شقاوة خفيفة : احجيلي بللا ،

لتتحدث الشقية بـ فرح باسم : شوووف عيني ، أوول مجتي من الدوام اني جنت نايمة فووق ما اعرف ، بس نزلت من ماما صاحتني و جااان اشووفلكياهة قاعدة عالكرسي بس متخربطة وماما حاضنتها حتى لتووقع ' تسقط ' !

هرب النبض منه ، ليدير رأسه حيث والدته تقف يمينه ، لتبتسم الحنون معلقة : أمي صارت زينة هسة الف الحمد لله و الشكر ، شوفها

بصمت اعاد نظره لـ شقيقته حينما إسترسلت : و بعديين فجأة قعدت ، تبجي و تقوول عمر ويينه .. نقوللها والله يم الن تقول الن كذااب مو يمه ، وهوة مو زين اني حلمت بيه ، و عمررر لو ساامع الحجي الي قالته ، كللله اني ما اقدر اعيش بدوونه و اموت اذا صاارله شي و بجـــي !! يعني والله مـ تصدق هاي لينا

بل يصدق فـ إنهيار سابق لـ حصون التماسك قد حدث مسبقا بسبب كابوس أخر يخص اخيها ، و لكن يومها كان معها ، إحتضنها و امتص منها بوادر الرعب ، اما الآن فـ رعبها تكتل به ؛ و تكاثف فوق سقف غيابه ، ليمطر على قلبها الحبيب بـ شراسته ، فيفيض بها الوجع .. و هو غائب !

إستقام من مكانه ، ليقول مقاطعا ما تنويه شقيقته من بتر نياط القلب بغير نية : ارووح أشوف شقال الدكتـور

و قبيل أن يحرر أناملها نطقت هي بـ إرتجاف ، و هدبيها ينفرجان ببرك دمعية : لأ ، لـ تروح

شد على يدها ليميل فيلثم جبينها مجددا و فؤاده يقرع بـ طبال كليلة عرس شرقي ، و لكن عرس الافئدة بائس و متزلزل القوى ، همس قرب أذنها و أنفاسه تضطرب بلهاث و كإن بـ أحد مجرمي المافيا يلاحقه : حبيبي هسة راجع ، بس اشوف الطبيب ، و نطلع لبيتنا .. مـ رح اتأخر والله ، ماشي ؟

: لأ ، لأ

اغمض عينيه غاضا ببصره بـ صبر تجاوز الصبر بعد أن لمح إرتجافة ثغرها الباهت ، يود الإختلاء بها بشدة ، يعلم بأنها تحتاج أن تجاور الاضلع به ، و لكن لا حيلة له و هم يضعونها في سرير بـ ردهة مشتركة ، آه و ويل و الف ويل لـ فؤاد يتلكأ بهواه و صدمته ، ليتني لم أبصر فيك هذا الضعف يا أميرتي ، ليتني لم أتغلغل بك و أنفذ الى أبهرك فالقلب بخط سير يعاكس الدماء فـ أسقطك عند أول رحلة من القلب بعيدا ، يتآكلني المرض بك و أنا آرى جسدك هنا ، اللين ، لن أحتمل بك ضعفا و لا ألما ، لن أحتمل بك هذا الشحوب فـ تماسكي بحق ربنا العظيم ، تماسكي من أجل حياة يطمح لها قلبينا ، يحلمانها ليلة ، أنا بائس ، آراك و أشعر بدبيب ارجل غزاة القلق فـ أبتئس ! أدرك بـ أن هنالك شئ يتجاوز على صحة جسدك الحبيب ، أدرك بأنني أحمق لإهمالي إياك ، و الإنصات لـ نفيك المستمر أن تكوني تعاني من شئ ما ! محبوبتي ، ثمرة سنين الحرمان و الفقر ، فلاح الصبر ، و غنيمة الحروب ، سألتك بالله لا تذبحيني بك ، فـ مالذي سيحدث لـ عمر إن أصابك مكروه لا سامح الله !
لست اتشاءم الآن ، و لكني أخاف عليك بقدر خوفي عليك ! أتفقهين قولي ؟ أتدركين ان لا مهم يعتلي عليك ، أتعلمين بـ أنك قاربتي من مساس عشقي لسلسلة الكفاح ، قرة عيني حنان الكون و جنة الله بأرضه ، بعد أن إخترقتني كمن سائل له قدرة على النفاذ بمسامات الجلد و الوصول عجلا للدورة الدموية و منها الى الدم تودين تعذيبي ، ظلي بي و سـ أشتري صحتك بـ نظري ، فقط تماسكي يا سلطانة الدهر ؛ أرجوك !

إبتعد عنها بـ حشرجة انفاس ، و بـ عينين متلهفتين صار يراقبها و كفه تجر بالستارة المثبتة حول السرير الكريه ، ليخلق له و عائلته وضعا خصوصيا ، و حالما انهى عمله ، مال عليها مجددا ليقترب من جانب عينيها هذه المرة فيقبلها برقة و حنان ، و اعقب حركته بـ همس متوجع : ياريتني بمكانج ، لج قومي ترة ما اتحمل

لم تجبه ، فيبدو إنها عادت لتغرق بـ سلطان اخر ، إبتعد ليفرك جبينه بغضب ذاتي ، و يكاد يصلب جلده عقابا ، شعر بـ يد والدته تتوسد ظهره ليلتفت نحوها بـ نظرات غائمة بالهم ، ظلا يتحادثان صمتا و كلاهما يدرك بأن الـ نار إقتربت ، و صار قوتها اجسادهم ، لتقاطع حوارهم البائس ميس متعجبة : إنتوو شبيكم ؟ عمرر ترة ما بيها شي والله ، هواية ناس يتخربطون من ورة السكر لو الضغط لو اي شي و عادي يقوموون ، إنتو ليش مكبرين الموضوع عبالك البنية مدري شبيها !

كان قد ادار رأسه مع والدته ينصتان لها ، و ما إن اكملت موشحها هذه المرة تحدثت الحنون و هي تضغط على كتفه : إن شاااء الله يوووم إن شااء الله ماكو شي و حجي اختتك صدق
عمر ، امي و ابوية انتة لتخااف ، أبقى إدعيلها و ان شاء الله الله يقوملكياهه بالسلاامة

عادت الصغيرة لتتدخل وهذه المرة بـ صدمة : يمعودييين صدق كذب ؟ قولوا يا الله ، شبييكم و الله خوفتووني حسستوني اكو شي تعرفوه !

لم يجيبها احدهما ، و تحرك هو مغادرا تلك الخلوة المؤقتة ، ليترك الردهة و بداخله يشعر بأنظار النسوة تراقب ' زوجا يعشق زوجته !!!! إذن لابد إنها سحرته بشئ ما ! ' فهذا منطق الحب في شرقيتنا ، هم يرونه ضعفا رغم إن أطهر الخلق و أكرمهم عليه الصلاة و السلام كان من أكثر الرجال رفقا بـ نساءه و حبا ، !

قابل علي في الرواق ، يقف من دون عكازه ، و رأسه مطرق يتابع شاشة هاتفه و الغضب ينفخ رأسه و ينتشر حوله كـ هالة من نار ، إقترب منه بـ فتور اعصاب ، و رفع الاخر رأسه حالما شعر به ، و إزداد تجهمه عندما رآه ، فـ بادر هو بالحديث : شقال الدكتور ؟

عاد ليعبث بهاتفه مجيبا بـ شرود : بعد مـ يدري ، لازم تحاليل و اني اريدها تسوي ..... مفراس !

أغمض عينيه مستقبلا لكمة على خد قلبه ، لكمة عصرته و اسالت به الدما ، لكمة أوجعته حد الصراخ صمتا ، هذا ما كان يخشاه و ترتعد له فرائصه ، أن يكون لأعراضها مسبب خبيث ! لا سامح الله ، تبا لم لا ينفك ان يفكر بهذه السوداوية ، عليه التفاءل بالخير لعله يجده بإذن الرحمن ، يكفيه غرسا لـ بذور اليأس و الإبتئاس به ، يكفيك يا عمر !
إستطرد علي بـ زفرة غيظ تخفي خلف جمودها كتلة من قلق محترق : هية مـ قعدت ؟

بـ حلق جاف اجابه و عيناه شاردة و ذهنه مرتحل حيث كوكب البؤس مجددا : بس رجعت نامت

و كإن بالاخر قد شعر بـ رحيله ذاك و مغادرته لعالمهم الواقعي ، فـ وجه اهتمامه له ، ليكمل : مـ خلص المغذي ؟

: بعد

: زين خلي ناخذها لـ .... أكو طبيب كولش زين اعرفه هناكة ، حتى رأسا يكتبلها تحاليل و مفراس ، لازم نفتهم القصة بسرررعة ، هنا الشغلة تطوول

هز رأسه بضياع و بـ قلبه نبضات تضيع و تفتقد بين اكوام مهولة من الفزع اللا ارادي ، إن كان ما يخافانه هو و اخوها صحيحا ، ستصير حياته جحيما دنيوي ! سيصير قلبه موقد ملئ بالحطب المظلع ، سيصير جسده خواء ، سيموت حيا ، سيموت حيا يا لينه !


ما حيلة القلب ان كان حزنه قدرا
ما زاره الفرح يومين الا غادرا




؛



لم يُنْجِ مِن قََدَرِ الهوَى

إلا الذي قد أرسَلَهْ

يا مَعشرَ العُشَّاقِ

أفتوني بهِ

نُعطي القتيلَ ملامَةً

أم قاتلَهْ ؟

قالوا : بَحثْنا المسألَةْ

يَبقَى على الاثنينِ حُكمٌ واحدٌ

فكلاهُما قد كانَ يَحرصُ

أنْ يُعانِقَ قاتِلَهْ




عبد العزيز جُويدة





غادر اخوها موصلا معه والدة رفيقه و شقيقته ، و تاركا العروسين بمفردهما ، عروسين !
نعم ما زالا عروسان ، و جاءهما عقاب لفعلة فعلاها بحق أنثى غبنت ، يبدو إنها أحتسبت لـ وجعها كثيرا عند ربهم العادل ، أوجعه قلبه لذكرى تلك المنكوبة ، و مزقه لـ رؤية هذه الحبيبة تستكين فوق الأبيض بـ سكون المرضى ! جلس على طرف السرير مداعبا لـ أناملها بشرود ، و كل ذي لحظة يسرق منها قبلات متفاوتة المواقع ، يناكشها علها تستيقظ و توقض به القلب المتردي حاله ، و لما فرغ دورق الصبر لديه مال عليها بنية رؤية عينيها ، قرص خدها بخفة متمتما : لينااا ، حبيبي قعدي كاافي نوم .. تنبل ' تقال لمن ينام كثيرا ' ، دقعدي عاد رح ابسطج ' أضربج '

تمللت و بسمة صغيرة رسمت على ثغرها المتيبس ، فـ بادرها بـ تبليله حتى شعر بـ نبض فؤادها ينتقل له عبر أوردة الثغر فيبتلعه ، لتباعد بين جفنيها بإبتسامة حلوة و حاجباها يتعشقان حرجا : عمـ ـر وخـ ـر

إبتعد لإنشات فقط ، و ظل يحاورها بأنفاس لاهثة ، ليقبل اسفل خدها ثم يهمس فيدغدغ بشرتها الباهتة : عمري شسويتي بية ؟ هسة تقدرين تقومين نروح للطبيب ؟

: هممم ؟

داعب خدها ثم ادخل خصلة شعرها المتمردة من تحت الخمار ، ليهمس : تدرين إنتي رح تخبليني ؟

غصت بخجلها لتحاول إسكاته خوفا من ان يفتضحا بين الملأ : عمـ ـر كافـ ـي هسة يفوت علينا احـد

قبل ارنبة الأنف الشامخ بعزة و إباء ، ثم عضه بخفة ليردف : ليش انتي بقيتيلي عقل ، لينا لخاطر الله ديري بالج على نفسج

بغنج رمشت فـ ناكشته مجددا : إنتة دير بالك علية و بعد لتخوفني هيجي

ابتلع لعابه ليبتعد عنها قليلا ، هذه القطة المدللة تقدم له نفسها على طبق في نهار صيامه و تتحداه ان يتذوقها ليفطر !
زفرت فإستنشق بـ هيام ، لتبتسم بخجل من حالهما المجنون ، ثم تستعيد ذاكرتها كاملة ، ليتغضن جبينها و تنوي العراك وهي تدفع صدره بأطراف اناملها : إنتة عوود لييش تأخرت ؟ لييش مـ خابرتني ؟ وقفت قلببي

لثم فيها مجددا بغير ذي صبر ، ليهمس هادئا مثبتا يدها على موضع قلبه و تكاد اناملها تحيل لسائل لزج : قتله لألن الاثول ينطيج خبر ،
أردف مقبلا باطن الاصابع ليعيد كفها حيث مركز النبض فيه : سلامة قلبج الي وقعته يا روح عمر ، بس ترة اني من عرفت بوقعتج قلبي ضيعته ما ادري وين ، تدرين إنتي ؟

رمشت بإرهاق و ابتسامة رقيقة تلوك بفمها : إي ادري ، هياتة ' هذا هو ' ، بس ما انطيكيااه ، صاار مالتي خلص

و بنظراتها اشارت لـ صدرها حيث القلب ، فإزدرد ريقه خوفا من ان يفقد قلبيهما معا ، ليتحدث همسا جديا وهو يعتدل جالسا : لينا ، قومي كافي خلي نروح للطبيب بعد ما اتحمل

بـ شقاوة و دلال معشوقة نطقت لـ تمسح من على وجهه تلك الجدية المزعجة : ما اقــدر ، ساعدني

علم ما بها ، و لكن مجرد التفكير بفقدها يصيبه بالفزع ، فينسى نفسه ، استقام واقفا و بحركة سريعة حملها ليضع اقدامها الحافية ارضا ، و هي متمسكة بـ عنقه و ملاصقة له ، ودت لو يغرسها به كما العادة و لكنه فاجئها بـ أن تركها ليقول صارما : عدلي ربطتج ياللا خلي نروح

: عمر شبيـ ـ ـ

فرك رأسه بكلتا يديه ليعلو صوته بلا شعور : بعد ما اصبر ، إمشي خلي نشوف شبيج حجي المستشفيااات مـ يوكل خبز





.
.
.



نهاية الإدانة الـ سآدِسةْ عَشرْ

حُلمْ









 
 

 

عرض البوم صور حلمْ يُعآنقْ السمَآء  
قديم 01-03-13, 10:28 AM   المشاركة رقم: 58
المعلومات
الكاتب:
اللقب:
عضو مبدع
كونتيسة الأدب النتي


البيانات
التسجيل: Mar 2012
العضوية: 240233
المشاركات: 841
الجنس أنثى
معدل التقييم: حلمْ يُعآنقْ السمَآء عضو متالقحلمْ يُعآنقْ السمَآء عضو متالقحلمْ يُعآنقْ السمَآء عضو متالقحلمْ يُعآنقْ السمَآء عضو متالقحلمْ يُعآنقْ السمَآء عضو متالقحلمْ يُعآنقْ السمَآء عضو متالقحلمْ يُعآنقْ السمَآء عضو متالقحلمْ يُعآنقْ السمَآء عضو متالقحلمْ يُعآنقْ السمَآء عضو متالقحلمْ يُعآنقْ السمَآء عضو متالقحلمْ يُعآنقْ السمَآء عضو متالق
نقاط التقييم: 3128

االدولة
البلدIraq
 
مدونتي

 

الإتصالات
الحالة:
حلمْ يُعآنقْ السمَآء غير متواجد حالياً
وسائل الإتصال:

كاتب الموضوع : حلمْ يُعآنقْ السمَآء المنتدى : القصص المكتملة (بدون ردود)
افتراضي رد: أبرياء حتى تثبت إدانتهم

 



بِسمْ الله الرحمنْ المنآنْ ،
وآسعَ العَفُو و الغُفرآن


×ِ

اللهُمَ صَلِ و سَلمْ و بآرك على حبيبكِ سيدنآ مُحمَدْ و علَى آلهِ و صَحبهِ و سَلمْ

/

صبآحْ الإقحُوآن بهذا اليُومْ المُبآرك
أحبتي ،
طآل إنتظاركمْ .. لآتييكمْ بـ إدانة طويلة جدا .. و مشبعةْ
أتمنى أن تستمتعوا بـ معايشتهم رغم لفحات الحُزنْ

لا تأخروآ صلآتكمْ يَ قطع السُكر ولآ تنسُوا تلآوة سُورة الكهف
×




الإدانة السآبِعة عَشرْ






لا يغني حذر من قدر ، مقولة إعتدنا ترديدها ، فـ صار سيان توخينا للحذر او عدمه ، إذ إن قدرنا موشم على الجبين منذ الصرخة الأولى تلك التي تبسمت لها الاوجه ، و نبضت لها القلوب متراقصة فرحا ، ! تعثرت اقدارهم ، لتذيقهم من المرارة ملاعقا ، تغلى السوائل بكثافتها فوق مواقد الوجع ، ليرتشفوا من الدلاء بـ علقمة ، وأد الفرح قبيل موعده ، أجهضت أجنة السعادة و مازال نموها غير مكتملا ، جنين يتلوه اخيه ، ليبقى رحم الحياة موحشا فارغا ، ينزف حاجة لمن كان يملأه و رحل ، هي أقدار ، نتجرعها ولو كانت سما ، و نحمد الله على إبتلاءه ولو كان للقلب ممزقا و لنياطه ذابحا ، فـ ربنا العظيم هو الاخبر بنا منا ، وهو الالطف علينا ممن حملننا في الارحم تسعا من الاشهر ،!
فـ ' قل لن يصيبنا الا ما كتب الله لنا '
' وعسى أن تكرهوا شيئا و هو خير لكم '

؛



-1-
أجل! أهواكِ أنتِ مُنى حياتي
وأنت أحب من بصري وسمعي
وهل أنساكِ كلا لست أنسى
هوى قد كان إلهامي ونبعى
لبست من التصبرِ عنكِ درعا
فها أنا تنزعُ الأيامُ درعى
وها أنا لست أدري عنك سرا
عرفتِ محبتي ورأيتِ دمعي
تلاشت قوتي وغدا قؤادي
كأن خفوقَه خلجاتُ نزعِ
ابشره فيرقص في ضلوعي
وأنظرُ سودَ أيامي فأنعي
وقد نضبَ الخيالُ وغاض طبعي
ومات على حياض اليأسِ زرعي
أجرجرُ وحدتي في كل حشدٍ
وأحمل غربتي في كل جمع
-2-
مزَّقَته فصار والله لا يقدر
حتى أن يسأل اللهَ رفقا
لجةٌ بعد لجةٍ كلما صارع
ردت له أمانيهِ غرقى
فيلقٌ بعد فيلقٍ حجب الشمس
ولم يبقِ للنواظر أفقَا
وسنانُ الغروب تغزوه حمرا
وسنانُ العذاب تطعن زرقا
وجيوشُ الظلامِ تزحفُ زحفاَ
وثقالُ الأقدامِ تسحقُ سحقا...

إبراهيم ناجي



يجلس مقابلة الطبيب ، بقلب متقلص حد التيبس ، و كإنه صار قطعة من حجر مشحذة الأسطح ، لا عمل له سوى تمزيق ما يجاوره من المعالم الشبه ميتة ! فيغرق بدماها المثخنة بـ بقايا كتل ممزقة ، يشعر بـ هالة من جمود تتكتل حول جسده ، يضج الحديث مسامعه ، و تتهافت الاصوات من حوله و كإنها صرخات لعفاريت و أشباح ! و رغم هذا و ذاك ، و رغم فوضى ادرك بأنها صارت تحوم في الانحاء ظل واجما صامتا و كأنه لا يفقه ما يقال ، بل أسوأ ، فصار و كإن به أعمى ، أصم ، و أبكم ! فـ لم تسعفه عيناه في فك الغاز الصورة الإشعاعية لـ رأس حبيبته ، تلك التي إستلقت على الاسرة لتتفحصها الأجهزة المختلفة بـ إستسلام و كإنها تنصت لـ صوت قدرها و تهتم بـ إتباع أوامره ، مرة أشعة رنين مغناطيسية MRI ، و أخرى مقاطع اشعاعية للرأس CT scan ، و فوقهم تحاليل متكررة لـ دمها الأثمن عليه من نبضه ، كم من مرة سحبوا منها الدمى و كادت أن تغشى بين يديه ، و هو .. يرى ، فقط كان يرى ، فكيف يلام على فقدانه البصيرة بعدها ؟
أما الحديث فـ لا زال عازفا عن سماعه ، فـ بعد إسبوع كامل من أنين و آهات فرزتها حنجرة المحبوبة كيف لـ أجهزته السمعية أن تستمر بعملها الواعي ؟ و حتى اللسان ، أيلام إن ثقل أو حتى اصابه الشلل ؟ ، نعم شلل ، فـ هو أضحى بـ لا قدرة على المواساة ، أي مواساة تلك التي قد ترضي به الروح ؟ ، أ يواسيها لوجع بدأ يستفحل و أمامها منه مشوارا قد يكون طويلا ؟ أم يواسي رفيق دربه الواجم بصمت الموتى ؟ ، أم يواسي قلبه و يرثيه بـ معلقات طوال ، يرثيه بـ مدامع تهل من الاعين الذابلة ، الأعين التي لم تشبع بعـد من إلتهام حلو الحياة ، لم يسعفها الوقت في إبصار الفرح ! حواسه شلت ، لا بد أن تشل وهو يغرف من آبار القلق و الرعب فالـ حيلة الميتة قواريرا ، يخلط كافة الاصناف ليشعل فتيل العمر و يغليها ، حتى تستعر فـ يكتفي ، و من ثم يصهر الاضلع بـ ارتشاف خليطه السمي بـ جرع مستمرة حتى تفيض اذناه !
و ها هو يتابع شاردا ما يدور حوله ، و كأن به محتجز بكوكب عازل ، أو صار شفافا لهم ؟ أ يدركون وجوده ام هو فقط من لا يدرك احدا بعد ما لاقى ما يخشاه ! ليت القلب من يمتلأ عقدا و اوراما يا عالمين ، ليت المرض يتغذى على جسده هو ، ليته هو من يستلقي محلها و يتجرع بدلا منها ذلك الوجع الصامت !
يارب ، رحماك ، كل ما يحدث لك به إرادة و حكمة ، نسألك الصبر يا رب ، الصبر لـ روحي ، و تهدئة أوجاع حبيبتي ، إلهي ، إلطف بها و بي ، يا رب !

: دكتور عمر ؟

و كأن بـ غيمة الهذيان الصامت قد فقعت بـ إصبع أحدهم ، ليتقلب جسده في الفضاء مئة إنقلاب في الدقيقة ، حتى يقع أرضا و يرتطم رأسه بـ حجر صوان ضخم يفتك بشروده الموجع ، جارا به حيث واقعه الكريم بالالم ، بـ نظرة باهتة و لون منخطف تكلم ، و حشرجة صوته بدت واضحة جدا للـ طبيب الستيني الأنيق ، و هو يستل من بين شفتيه كلمة تائهة ' وياك '
جل ما إستطاع البوح به ، ليتفهم وجعه الأخر فيعيد حديثه بـ إسلوب متعاطف ينافي الرسمية التي إعتادها معه : عمر ، قول يا الله ، الورم حميد ، يعني رحمة من ربك ، عملية بسيطة و ينشال ' ينرفع ' ، و شوية ادوية وبإذن الله تتشافى ، إبني إنتة رجال مؤمن و ...

بذات الصوت الشريد تحدث مقاطعا بعد أن جلى حنجرته ، و شئ من الإدراك راح يغزو فكره التائه : ونعم بالله ، بس دكتور ، حجمه محتاج عملية ؟ و اذا على كلامك يعني اكو اعراض ثانية هية مـ دتعاني منها ، وهية عمرها مـ شكت من وجع رقبتها او مفاصلها

بعملية بحتة و دقة في الكلام نطق الطبيب المباشر لحالتها منذ إسبوع فقط ! : إنتة سألتها ؟ الي فهمته منك انو هية إنسانة كتومة ، و هاية مصيبة اغلب المرضى عدنا ، يبقون ساكتين لحدما تتأزم الحالة و توصل لدرجة التعقيد ، المهم ، معلينة من هالحجي هسة ، أريدك تجيبها و يفضل هسة ، ورة نتائج الرنين و المفراس احنة تأكدنا من وجوده و نوعه ، بس بقى الشي الاهم ، اعراض المريضة نفسها ، لازم بالضبط نعرف التفاصيل منها هية ، وجع الراس و التقيؤ شي روتيني و ممكن يدل على اكثر من حالة ، و حسب مـ إفتهمت منها انو هية توقعته بالبداية فقر دم ! لحدما صارتلها حالات الاغماء ، لهذا وجودها ضروري حتى نشتغل صح

لم يعر لـ صمت الشاب اهتماما ، بل أكمل شرحه العلمي مدركا بأن كل ما قد درسه هذا الـ ' المبتدئ ' يوما قد مسح بممحاة الخبر الصاعق من اروقة دماغه ، و لا يلمه في ذلك : و اذا فرضنا كلامك اكيد و البنية ابد مـ شكت من مفاصلها او رقبتها او حتى ضعف بأحد حواسها فهالشي خييير إن شاء الله لأنه الاعصاب ممسوسة بالكتلة الحميدة ، و ممكن العلاج يقتصر على الادوية بس لإنو حجم الورم مو بذاك الكبر المقلق .. طبعا هذا الحجي كله افتراضات ، أهم شي نسألها هية عن الاعراض الي ممكن صايرة بغفلة منها

هز برأسه موافقا بصمت ، ليثبت كلا مرفقيه على ركبتيه ، و كفاه تفركان الملامح المرهقة ؛ زفر هما جثم فوق صدره ، لينطق و رأسه مطرق لـ حضنه و يده راحت تتغلغل بين شعيراته القصيرة : هسة اخوها جايبها بالطريق

: دكتور عمر اعرفك اقوى من هالوضع ، خلي إيمانك بـ الله قوي ، إنتة إنسان متعلم و واعي و تعرف إنو هالمرض مو بالخطورة السابقة و الاعمار بيد الله بس نسبة الشفاء عالية جدا و خصوصا هوة حميد ، اصلا إحتمال جبير حتى العملية مـ نحتاجها ، المهم تحط املك بالله و تستعجلون شوية

كان لا يزال مطرق الرأس ينصت بـ ضياع لكلام يقال و لا يحس ، بالتأكيد أن إيمانه برب الكون هو ما يصبره حتى الآن ، و لو لم يكن صابرا لـ شق جيب صدره و إستل قلبه ليبيعه مجانا فقط لتشفى ، بلا ألم ، بلا وجع او أنين ! و الله لا يقدر أن يسمع تلك الآهات و يصطبر ، إنها تمزق به الفؤاد بأوردته و الشرايين ، يا اله السماوات .. سيجن بلا شك قبل أن يكملوا المشوار ، لولا الله و من ثم علي لـ مات بهمه ، فـ الأخير كان اكثر صمودا ، و بأسا ، يحسده هو و جدا ، لـ علي قدرة على الصمود رافقته منذ الصغر ، ربوه كـ جلمود ، فصار واحدا ، يال حظا يمتلكه ليصطبر بـ رؤية ما تبقى له يذوي بين الموت و اللا موت !

: عمر ؟

ما إن وصله الصوت المهتم مجددا ، إستقبله بإيماءة صغيرة ، ليقف و نظراته هائمة بالـ لا شئ ، أو ربما الشئ الكثير ، فرك بالإبهام و الوسطى صدغه لعله يخفف من وطإة الأفكار الشرسة ، و كإن لا هدف لها سوى خلاياه الدماغية لـ تشويها قلقا فـ تناولها بشراهة جشعة ، جلى حنجرته لـ يتحكم بـ ضياعه لـ برهة : دكتور سعد ، اذا تشوف الوضع محتاج سفر فـ بلغنا رأسا

هز الطبيب رأسه متفهما و من عينيه ينطلق شعاعان مواسيان ، يحاولان صمتا أن يربتا على كتف التوتر الذي يعتري هذا الشاب المندفع ، زميل إبنته الوحيدة !




؛





تربض بجانبه على المقعد المائل قليلا بإستلقاء ، بـ بلوزة صوفية ثقيلة بلون بني داكن ، و حجاب صحراوي مع بنطال من تدرجاته اللونية ، يداها مدسوستان في جيبي البلوزة و رأسها يميل الى النافذة مراقبة الشوارع بـ مراكبها المتفاوتة الالوان و الاحجام ، نظراته تتناوب بين الطريق و بينها ، و كأنه يخاف أن يتوقف صدرها عن العلو و الهبوط فتفارقه ، تتركه كما فعلوا من قبلها ، لم يتوقع أن يسكنه الـ هول من فقدان سليطة اللسان ، أدرك متأخرا بـ أن لها في القلب حجرة رئاسية لا ينافسها على تأجيرها إنس ، يحرك المقود بـ يساره ، بينما اليمين مرتخية على الفخذ الـ معطوب ! يسكنه ألف دعاء صامت أن يكون ما بها هينا فتتشافى جسدا لـ يتشافى مع رفيقه روحا و قلبا ! ، إلا خبث الاورام ، لم يخطئوا حينما اطلقوا عليه هذا الإسم المسموم ، فـ هو مهيب متسلط ، لا يكتفي بـ قضمة واحدة من الاجساد ، بل يبتلع ما امامه كاملا جملة واحدة ، تاركا خلفه بقايا فتات ، أو مجرد رفاة !
يارب ، يكفيني ما فقدت ، فـ إحفظ لي هذه البقية الباقية ، أتوسلك يارب ، فـ ليكن اي مرض ، إي واحد إلا خبيث الخبائث ، فـ هو يزلزل العظام و يرممها ، كـ بقية حطام !

أدار عنقه قليلا نحوها ، عندما صدرت تنهيدة طويلة من ثغرها المائل للإبيضاض ، فـ نظف حنجرته بسعال أدمعت له عيناه ! تغضن جبينه و راحت الافكار تصول و تجول في عقر عقله ، ما الذي ينتظرهم ؟ من اين اتتهم هذه المصيبة ؟ يا رب رحمتك ، أعوذ بك من العجز و الجزع ، فقط امددنا بأكوام مكومة من الصبر ، يا رب
زحام الطرقات صار امرا روتينيا ، فـ كالنا دروسا في الإنتظار !!! صار يدق بـ أصابع يمينه حيث الشرخ القديم ، متمللا و حانقا ، لو كان الامر تحت تصرفه لنزل و اكمل الدرب سيرا حاملا اخته فوق كتفه ، و لكن لا حيلة لهما سوى التحلي بالـ هدوء ، تطاولت يده على المنطق لتمتد حيث علبة السجائر الموضوعة جنبا لجنب مع المحمول ، ليستفيق العقل فجأة فيغير مسارها حيث الهاتف ، رفعه بـ ضوضاء يقصد منها دب الحياة في هذه المركبة البائسة و كإن بها عجوز يحتضر ! و يبدو أنه نجح في لفت إنتباه الشاردة حيث إلتفتت نحوه بـ كسل ، و رأسها ينام على المركى بـ منظر مريض ثقب قلبه ! إغتصب بسمة خفيفة لـ ترتسم بـ بؤس على الملامح الصارمة ، و كان ردها همسا ضعيفا لا يكاد يسمع : شنو هالإزدحام يا الله !

نقل نظره للطريق امامه ، ليثير غثيانه العدد المهول للسيارات التي تسبقه ، دوما هكذا ما تزدحم الشوارع بسبب الإنتشار الهائل لـ نقاط التفتيش الأمنية ، تلك التي لا عمل لها سوى البحلقة في الوجوه ! و كأن من يحمل الأسلحة له وشم على الجبين بـ مسمى إرهابي ! ما يحدثونه هو زحمة سير لا غير ، خلا النادرة من النقاط السليمة العمل ، و التي تتقن البحث و الكشف عن من لا ضمير له و لا دين ، أولئك العملاء ذوي الجشع من الناس ، و كأن الوطن لا يعود لهم ، فيعثون به الفساد و الدمار ، مرتضين بـ اكوام من اموال مستعرة تأكل أحشاءهم ، أو من أولئك اصحاب البشاعة المتخفية خلف عباءات الدين ، و كأن رب العزة قد اباح لهم قتل الابرياء ليرتقوا سلم الحطام ، ينسون أن استباحة دم مسلم بغير حق تساوي عند العظيم دماء العالمين ، فـ مكائدهم و عزتهم التي اخذتهم بإثمهم الجبار تغشي ابصارهم عما يحيق بأبناء دمهم في دنيا الفناء ، و بهم عند البقاء !
من تحت كومة الافكار المتكدسة قد جر ، فـ رنين الهاتف بيده جعله يفيق لوهلة ، ثم ينطفئ شعوره بالكون عندما لمح المتصل ! شئ بصدره صار ينبض سريعا ، شئ كـ مضخة ضخمة تزود مدينة كاملة بماها ! جلى حنجرته بـ هدوء و احس بالجفاف المغطي لبطانتها قد احرقه ، رفع الهاتف فثبته فوق الصيوان بعد ان فتح الخط ، ينتظر من المتصل حديثا ، فهو خائف !
نعم خائف ، يقولها بـ إختصار لكل حروف الابجدية المعبرة عن كل ما لا يعبر عنه ، لا يدري إن كان سيسمع شيئا قد يقسم ظهره و القلب ، و لكن ما يدريه بأن السكون الواصل بينه و بين المتصل لا ينذر بـ خير ، فإن تماسك هو و حمل الهم على كتفيه بلا تذمر ، يعلم بأن رفيقه سيصرخ ! يتوجع ، عمر يتوجع و لا يحاول أن يبدي غير ما يحسه ، لم يخبئ قلقه المجنون ، و لم يحاول هدهدة الألم أو التظاهر بالتحلي بالقوة ، ينهار و لا يأبه ، و دليل إنهياره وجده مرميا قرب الجثة الهامدة للتماسك ، ليرفعه هو بأطراف أصابعه يحاول إخفاءه في جيبه فـ لا يود أن ترى هي ما يدين رعب ذاك الرجل أكثر ، يكفيها ما بها الآن !

همهمت بـ ' عمر ' ؟! ، فإلتفت حدوها ليهز رأسه موافقا من دون أن يعقب حرفا ، ظل صامتا ينتظر ان يتحدث ذلك العمر ، فهو اعلم منهما الآن عن الحالة ، لا يعلم اطال الانتظار دهرا أم إنه التوتر فقط ما يمد اجزاء الثواني لتبدو و كإنها ساعات ! أخيرا وصل له الحديث المغلف برتابة تامة من قبل عمر : طلع ورم

أطبق أجفانه و جر حسرته بـ ' لـ تقولها ' ، إعتصار قبضة يمينه و تشنج ملامحه دعاها للإعتدال بجلستها لتتساءل و نبرتها مشوبة بالرعب : علي شبييك ؟ شطللع ؟؟

و من على البعد ذاك ، أضاف رفيقه مواسيا نفسه قبل اخاها : الطبيب يقول حميد !! و هسة من اعراضها رح يتأكد اذا ضاغط على الاعصاب لو لأ

الآن بات متأكد بأن دهرا قد مر و هو على حاله ، صامتا و تائه النظرات ، يرى من حوله حركة السير قد إستأنفت ، و الشارع امست تـدب به الحركة المزدحمة ، إلاه ، فلا عصب لديه قام بعمله و ارسل ايعازا و لو واحدا لدماغ منتفخ من هول ما طرق خلاياه السمعية ! ، ظل هكذا حتى شعر بيدها الصغيرة تحط فوق كفه المنقبض ، تحاول تهدأته رغم علمها بأن مصابها هو ما قلص به العضلات وحبس الانفس ! ، لم يجود بـ نظرة نحوها ، إكتفى بـ النطق و صوته يتحشرج كمن ابتلع لتوه علبة مليئة بالأمواس ، فـ تمزقت حنجرته و لم يتبق منها سوى خرقة بالية ، لا تنفع حتى في مسح الارضية ! : متأكد حميد ؟

ما إن سمعت قوله حتى شهقت بـ حدة و جسدها يرتد ليرتطم بـ ظهر المقعد مرتعبة !
ورم ، ورم ، ورم !!!
رأسها يحوي على ورم بإمكانه فتك خلاياها و تناول بقية عمرها ، يارب ، يـارب !
إستدار علي نحوها بسرعة و توه يدرك عظيم خطأه ، ليغلق الخط مكتفيا بهذا القدر المظلم من الاوجاع ، رمى الهاتف محله ، و مد كلتا يديه نحوها جارا بكفيها ليحتضنهما ، مسد كلاهما سويا و قلبه يتفطر الما لشحوب وجهها و شدة بلاءها ، إلهي رحمتك ، لم يستطع النطق بـ كلمة ، تركها تذرف الادمع بـ جسد انتفاضته تكاد تفتت به العظام ، صم أذنيه عن سماع ابواق السيارات المنادية من خلفه لـ ' غباء السائق و شرود عقله مع إمرأة ' ، اخيرا تمتم بـ هدوء محاولا أن يذيب كما من الهم الجاثم فوق صدره ، عل البوح يهدهد الوجع و يسكنه ولو لبرهة : إشششش ، قولي يا الله ، لين اهدي مو صعب ، صدقيني مـ يخوف حبيبتي ، كافي بجي

: مـ ـ ـ ، مـ ـا أريـ ـ ـد أمـ ـ ـوت ، أخـ ـ ـاف !

ليسمـع تحطم اضلعه على حين غرة و كأن بـ مطرق فتاك ذي رأس فولاذي قد اقسم على ان يقدم رفات الاضلع قربانا لـ دمعاتها ، أهمل ذلك الالم القاتل ليرفع يمينه فيستل من علبة المناديل انصافا من المحارم ، و بها يكفكف ادمعها مرددا بـ ثبات منكسر بالخفاء : بابا على كيفج ، ليين حبيبتي العلم تطوور ، يعني قابل متعرفين انتي ، والله ان شاء الله سهلة ، يومين و تصيرين مثل الحصـ ـ

لتجر بكفيها من حضن يساره و تغطي ملامحها البائسة و تكتفي بالنشيج المهتز ، رددت بـ ' يارب لا ' مرارا حتى شعر بوخزات متكررة مكان اصابته ، و الله بات يشعر بـ ألم استلال القطعة الخشبية بها ، اعاد جسده مرغما بإعتدال على المقعد ، ليكمل طريقه بعد أن فتح نافذته ليزأر هادرا بأحد السائقين الذين يتلون سيارته ، لم يستطع كظم غيظه و فجره بهم ، و هي تفعل المثل بالانتحاب ، ياليتها تعمل ماهي فاعلة بـ روحه الممزقة إربا لـ قلة حيلته و ضعفه !

لا حول و لا قوة إلا بك يا رحمن ، لا حول و لا قوة إلا بك ، ربي إرحمها و أجرها من جحر المرض يا إلهي ، يارب !



؛




قالت:أحبك و الهوى أشقاني وعلى طريق شائك ألقاني
قلت:المحبة هكذا لم يختلف في شرح خافي أمرها اثنان
قالت:فهل أشقاك حبي قلت:لا قالت:إذن هل نحن مختلفان
قلت:اسمعي يا بسمتي و شقاوتي إنا بأحضان الهوى طفلان
نبكي و نضحك في زمان واحد شاء الهوى فتجمع الضدان
فإذا بكينا قال دمع عيوننا سأظل منسكبا مدى الأزمان
لكن قلب الطفل بين ضلوعنا لا يستطيع تحمل الأحزان
يرتد عن أشجانه في لحظة و الدمع لا ينسب غير ثواني
ينسى و ما من نعمة لقلوبنا لو تعلمين كنعمة النسيان
لي في الحنايا شابَ طفلٌ خافقٌ من هول ما لاقى من الطغيان
علمته ألا يبوح بسره لكنه لما رآك عصاني
أعطاك تاريخي بكل فصوله فعرفت قدري في الغرام و شاني
أغراك ثلجي فاحترقت بناره و لمست برد الثلج في نيراني
أحرقت بين يديك لهو طفولتي بإرادتي و كبرت قبل أواني
و اخترت سجن الانتظار لأنه ما كان قهر الحب في إمكاني
أهواك يا قدري الجميل و ليس لي إلا الرضى حتى بمر هواني
إني أحبك دائما سأقولها بلسان قلبي لا بلفظ لساني



مانع سعيد العتيبة


تكاد تتقيأ وجعا ،
ستموت !
لن تصطبر على المرض ، لا تستطيع ، إنها أضعف من أن تقاوم ، جبال التبلد تنهار و تتصدع عند إعتراض مراكب قطاع الطرق من الحزن لقوافلها ، و الآن ليس الحزن وحده ، إنه مرض و ليس أي مرض !
لم تكد تهنئ بـ عمر ، لم تشبع به و تدليله حتى الآن ، أوكانت ستشبع يوما ؟! ، هل يا ترى ما بها ردا لدين يقيد عنقها تدينه لـ طليقته ؟ تلك التي اوهمتها هي بـ ورقية علاقتها مع زوجها لتخلي بالوعد بعدها بدم بارد و نظرات ساخرة ؟ أم إن عزوفها السابق عن عمر و محاولاتها الحقيرة في تشتيت حياته رغم رفضها الولوج بها هي السبب ؟ أم ضرغام و ترفعها عنه ؟ أم جلنار ؟ تلك التي اكتفت من تجرع الصبار بأشواكه من دون آهة تذمر بسبب اخيها ، و هي كانت متابعة صامتة و احيان ناقمة ! أم ماذا يا الهي ؟ عقاب هذا ام إبتلاء ؟ يا رب ، لا أريد الموت ، إني اخاف الموت ، و الله اخافه !
صار التماسك بها كـ حزم من قش التقفتها النار و صارت تأكلها بنهم جشع ، لتنهار و تنهار و تنهار ، لم تستطع ان تكف عويلها ، و لا أن تخفف من وطإة الرعب ، ترتعد فرائصها فتصير كـ قطة مبلولة تحت المطر ، بل تحت نزيف الاعين ، مذعورة تثير الشفقة ، لم تظن يوما ان تترك قناعها الصفائي ينحدر فيجاور القدمين و تدقه بكعبهما ، لينكسر ، أوتنجح ؟ أم ستعود يوما لرفعه و التنكر بـ زهوه الخداع ؟
شعرت بـ كف اخيها تحط فوق كتفها ليضغط مواسيا بصمت ، و تجهش هي بردة فعل محتاجة ، تريد أن يحتضنها ولو لبرهة ، تود أن تندس بين كتفيه و تشعر بذراعيه يحوطانها و صوته يهدئ من روعها ، تعسا لهذه المركبة ، و تعسا لزحام سيخنق أنفاسها ، تريد العودة للمنزل و الإكتفاء بـ أمان تجده بين المنكبين !
و لم قد تحتاج لمنكبين و باب الرحمة الإلهية موجود ليطرق ؟ سجدة طويلة هي ما تودها ، بالطبع ، سجدة و عويل ! علها تخفف من حدة الخبر على روحها ، لتضيف له نكهة من ايمان بـ قدر ، و حينها فقط يصير ارتشافه أرحم !

مفترق الطرق قد وصلته ، لتعرف أنها إما أن تختار الرضا بالقدر ولو كان موتا محتوما ، أو العبوس بوجهه ، و حينها لن تجني سوى ذنوب فوق ذنوبها ، فـ كفكفت الدموع من على الخدين الملتهبين بإحمرار قان و تمتمات حمد تنبعث من بين الشفتين المتورمتين إثر البكاء !
نطقت بـ ' إنا لله و إنا إليه راجعون ' مرارا ، و بتكرار باكي ، لتهدأ فجأة كما إبتدت نوبة بكاها ، استلقت على المقعد مجددا و رأسها يستقيم مع الجسد لتتابع سقف السيارة و كل ما فلتت منها دمعة كفتها سريعا لئلا تجتذب قريناتها و تعود لنقطة البداية ، اطبقت جفنيها بقية الدرب مكتفية بـ شهقات جافة تفلت منها كل حين ، ليهتز كتفاها على اثرها ، مر وقت طويل كادت به أن تغفو بغيمات اللا إستيعاب ، لترسو على حين غفلة من ذاك التوهان على شاطئ الواقع ، بعد أن توقفت السيارة و أطفئ المحرك !
إعتدلت جالسة و جبينها يتجعد بـ صداع داهمها لكثرة البكاء و شدته ، نعم هذا السبب ، البكاء ليس إلا !
إلتفتت نحو اخيها لـ تقابل بنظرة ساهمة الألم من عينيه ، فـ تردها بـ شبه بسمة طفيفة تكاد تسخر بها من ذاتها ، علي يتألم لأجلها ، ألم يدرك أهميتها قبلا ؟ كم هو كريه هذا الاخ ، و لكنها تهوى وجوده .. و كيف لا تفعل وهو لها الأب و الأم و حتى الشقيق !

لمحت جهاده لـ ذاته حتى نطق بـ هدوء : لينا حبيبتي ، هسة نصعد للطبيب ، أريدج تقوليله كلشــي تحسين بيه بالضبط و من جديد ، ركزي وياه لإن ممكن اشياء صايرتلج وانتي محاسة بيها وهية مهمة و تفيدنا بسرعة العلاج ، و لتخافين بابا ، أني و عمر وياج ، و قبلنا الله موجود فماكو داعي تخافين مو بللا ؟

هزت برأسها موافقة بإستماتة ، لترفع يديها فتعيد تشكيل حجابها بإهتمام ، حتى وصلها صوته بنبرة مطالبة : و لتبجين بعد ، عيوونج انفخن صارت كل وحدة فنجااان

إبتسمت بشرود ، لتواجهه فجأة و إنجلى الخوف ليحل محله التوتر : صدق مبين علييية باجية ؟

تعاقد حاجبيه على العجب ، لـ يتساءل من دون تقديم اجابة : شبيج فزيتي ؟

ارتعش فمها فـ لاحظ قضمها المستمر لشفتها السفلى ، ليكرر متساءلا : لينا ؟

اعادت بصرها نحوه اخيرا لتعلق بـ قلق : ما اريد يبين باجية ، عمـ ـ ـر يتخبل ، علي خلي بس وجهي يرجع طبيعي و ننزل عفية

و كإنها صفعته بصفعتين !!
لم يحلم أبدا أن تصير أخته بهذه الشخصية المهذبة المتفهمة لمشاعر الاخرين ، و ايهم ؟ عمر !!
وجد نفسه يبتسم بـ خفة ليعلق و ما زالت اجراس القلب تنذر بالخطر الهاوي نحوهم من منحدر عال : دا اتشاقة ، هسة وجهج أحسن

بعد تردد لمسه عاودت الكرة في القلق : زين إنتة لـ تقله اني بجيت ، قله عادي مـ خافت ، حباب علي ، والله هسـ ـة الي بيـ ـه كافيـ ـ ـه

إبتسامته الغير مصدقة صيرت لأخرى ناقمة ، لينطق بـ مشاكسة ميتة : يعني هوة الي بيه كافيه وتخافين عليه و أني لأ ؟

بـ شئ من خجل متناسية هول الموقف تحدثت : لا حبيبي والله مو قصدي بس لإن إنتة أقوى منه ، عمر يتأذى بسرعـ ـة

أفعلا ترينني قوي بما يكفي لأستقبل مصيبة مرضك و التأرجح على حبل يعلو بحرا من يحموم ؟ أ أقوى فقدانك أنتي الأخرى لـ أظل خالي الوفاض منكم جميعا بعد أن خسرتكم على دفع متفاوتة ؟
ترددت كفه كثيرا ، حتى إنشد احد اعصاب ذراعه ليصعق اصابعه بـ حركة مفاجئة ، رفع معها كفه حتى وجه اخته ليقرص أرنبة أنفها المحمر مداعبا بـ عجز : إن شاء الله محد يتأذى ، و إنتي تقوميلنا بالسلامة

بـ حمرة خدين خفيفة إبتعدت نحو الخلف هاربة منه ، لتعود فتحاكيه و نبرتها ترتجف كـ هدير حمامة جريحة : مـ قتلي ، هسة مبين علية باجية ؟


إزدرد ريقه و أعاد كفه لـ جحره و صدره يتشنج الما ، مد يساره لـ يفتح الباب بجانبه ناطقا و كل ما به يـ شويه : لأ ممبين ، يللا تأخرنا عالطبيب

تبعت خطاه لتترجل بهدوء متماسك ، شعرت فجأة بـ وخز خفيف خلف عنقها ، و منه الى اعلى الظهر ، عسر عليها سحب الانفاس ، فـ شهقت بحاجة غريزية للهواء ، تمسكت بـ قوة في الباب الجانبي ضاغطة عليه بقوة تتناسب طرديا مع حاجتها للـ أوكسجين ، ثوان هي و إستطاعت بشق الأنفس أن تجر هواءا محملا بملوثات الجو لـ رئتيها و إرتخى جسدها من تشنج شعرت بأنه سيقضي على حياتها لا محالة !
لم تشأ أن يدرك اخوها حالها ، و حمدت الله إن ما به من عسر في الحركة أخر قدومه لـ جهتها ، لحظة هي و إعوج قلبها بعبوس لـ حركته العرجاء ، علي ذلك الجبل الشاهق بـ عملقة ، يعرج بـ وضوح عار ، صار صدرها يؤلمها لتهمس بـ خفوت ' الحمد لله على كل حال '
ثم أشاحت ببصرها لئلا يقرأ شفقتها و رثائها حاله و رغم أنفه سيضيق حينها حتى لو تظاهر بالعكس كعادته !
ما إن امسى قربها هز رأسه بخفوت دعوة لها للتحرك ، لتنطق هي بـ شئ من ضيق : مـ لقيتوا غير دكتور !!!

شاركها المسير بـ هدوء و قد تخلى اخيرا عن عكازته ، فـ صارت خطواته تتسم بالبطئ أكثر ، امال رأسه نحوها ليتساءل بتعجب و حاجبه يعلو عن ارتفاعه الطبيعي : ليش شبيه ؟ ترة هذا احسن جراح مخ و اعصاب و بعدين مو هوة مدير مستشفتكم ؟!

لم تجيبه و أنفها علا قليلا بـ إنزعاج تبدد بلمح البصر حالما خطت عتبة البناية الحاوية على عشرات العيادات ، في أحد أهم شوارع منطقة الحارثية ، شارع الكندي المشهور بزحام عيادات اطباءه و يتوافد له المرضى من أكثر من مكان من كرخ العاصمة و حتى رصافتها ! إرتعش بدنها بعد إستنشاقها لرائحة المنظفات الطبية و رغم أن خلاياها الشمية قد اعتادت منذ سنين هذا العبير المزعج إلا إنها الآن شعرت بالجزع و الاختناق !! و كإنها تساق لمجزرة يسلخ فيها جلد عمرها ، فتموت !
و يبدو أن إنكماش جسدها قد بدى واضحا لـ أخيها الذي سرعان ما غطى كتفها بذراعه الضخمة دافعا بها بخفة لتكمل المسير نحو الجزار ! ، هتفت صامتة بـ ' ربي اني مسني الضر وانت ارحم الراحمين ' ، و خطواتها تتعثر على درجات السلم كل حين و لولا وجود علي لكانت قد إنصهرت و كونت لهذا الـ درج الطويل سجادة بشرية نادرة الصنع !

أ عانيا منذ قليل من زحام المركبات ؟ الآن جاء دور زحام البشر ، جبينها متغضن بمزيج من ضجر و توتر مترقب ، نظراتها منصبة على الارضية و شفتيها لم تنفك أن تقضم بـ أسنان تصطك خوفا ، و اخيرا صارا في الممر الطويل الحاوي على أكثر من عيادة ، و يمتلئ بالـ مراجعين بكافة الاعمار ، فهذا طفل تحمله والدته ، و تلك عجوز يدفع كرسيها المتحرك ولدها ، و هذه تساعد حركة والدها الضرير ، و كثيرون غيرهم !
أغمضت عينيها بـ بؤس حالما لاح لها الحذاء الأسود و نهاية البنطال الـ ' جينز ' الذي يرتديهما من يعاني شرخا في القلب منذ إسبوع مضى !
يا إله السماوات ، مدنا بالصبر ، الكثير منه يارب ، لم تتمكن من نصب عنقها لـ ترفع الرأس الكروي و ترى حاله ، فـ يكفيها أن إحساسها قد ابصر ما به من حطام ، و تهشم قلقا عليه ، هي المريضة هنا ، لم إذن كل ما يهمها أن يخف وقع المصاب على زوجها ؟
ألم تقل بأنها لا تود أن يراها باكية ؟ لكن تبا لـ مقلتين ابتا إلا أن تطفر منهما الأدمع فقط عندما أحست بـ نبرته المرهقة تنطق بشرود واضح : تأخرتوا

ذراع اخيها حررتها ، لترفع هي كفها فـ تمسح أثر الدمعة و رأسها يميل بعيدا عن الرجلين بمحاولة بائسة لـ إخفاء سربلة الخوف الفطري ، ليصدر من اخيها سؤالا مكرها و يبدو أن الضيق قد سيطر عليه : الشوارع كتل ، و شنووو هالازدحام هذا هالمرة ؟ شوكت سرانا ؟ ' دورنا '

لتنصعق بتيار كهربائي أخرس بها اللسان و أوقف نبض القلب وهي تشعر بـ ذراع حنونة غير تلك الخشنة تحيط كتفها لـ تدس بـ جانب وجهها في القماش الصوفي للبلوزة السوداء ، لم تشك لحظة من أن يحس بـ حاجتها لكنفه إلا إنها لم تتوقع منه مسايرة تلك الحاجة بإحتضان امام الملأ ، بالرغم من أن اخاها قد كان شبه محتو لها إلا إن حضن الزوج هو ما يشعر حواء بالخجل الفطري رغم أحلك الظروف !
لم تبتعد عنه ، بل رفعت يسارها لـ تتمسك بـ البلوزة دافنة ملامحها به أكثر ، ليتذبذب نبض القلب بـ شتات صوت يخترق روحها قبل أذنيها و هو يرد على اخيها بـ قوله : إحنا حاجزين ، هسة بس يطلع المريض الـ جوة نفوت

شعرت بـ ثقل رأسه يقبع فوق رأسها ، و من ثم قبلة طويلة تطبع على الخمار الناعم ، ليسند ذقنه مجددا على جمجمتها الحبيبة ، و المريضة ! بقيا على هذا الحال لـ لحظات ، ليحررها بعد ذاك بهدوء و رأسه يميل نحوها فيهمس بـ تفاؤل ميت ، و حرقة القلب باتت مفضوحة برائحة الإشتعال الخانقة : شلونج هسة ؟ خوما متأذية ؟

زمت شفتيها لداخل فمها لتمنع الشهقات الباكية من الإنفلات ، فهي لا تود له القلق ، ألم تكرر ذلك كثيرا ، لتهز برأسها نافية ، ظل هو على حاله ليتحدث مجددا وهذه المرة صـوته أدركه فقدان الثبات : حبيبي ترة ما بيج شي ، لـ تخافين ، بس كل شي تتذكريه عن الحالة قوليه للطبيب ، هوة احسن مني و من علي ، و ... !

بتر جملته عائدا خطوة الى الوراء ، ليـرفع يمينه حيث صدغه و يفرك شعره ببعثرة و كأن به يحارب الصمت المنكسر ، فيغلبه الاخير ، و يكسره ! طقطقة تهشم الفؤاد كانت عالية ، و أثارت روحها الشفافة ، لتحاول بجهدها ان ترسم شبه بسمة و لو سخفت على الثغر المنتفخ بالاحاديث المنتحبة ، علمت بأنه يكابد لوعة راحت تغلي في دمه ، و تعلم أيضا بأنها ستتوج ملكة للأنانية إن تجاهلت وجعه و طالبته بـ إحتواء أخر ، و لكنها فعلت ، فتقدمت تلك الخطوة التي ابتعدها سلفا ، و ما كان منه إلا أن يستجيب لـ نداءها الصامت !
خبئت ملامحها بـ صدره و غاصت للحظات في عمره ، لا تعلم كم مر و هما يقفان في أحد زوايا الرواق ، بـ منظر يوحي بالأسى ، و لربما الحرج ، و لكنه لم يهتم سوى بأن تسكنها الراحة ، و لو قليلا فقط !
بينما ثالثهما فـ إتخذ له مقعدا شاغرا ليربض فوقه ، فـ طول الوقوف ليس من هوايات ساقه ، يراقب بصمت ما يفعله عمر ، ليتسلل شعور بالغبطة الى دواخل نفسه ، يكاد يحسد رفيقه على ذلك الصبر و اللطف في معاملة اللين ، و الله هو من يمتلك قلبا لينا أكثر من إسمها و شخصها بأشواط .. أما هو ، فمنذ دقائق فقط قد تلقى منها جملة تثبت له مريخيته عند البشر ! تقول بأنه أقوى من عمر ، و ما دمت أقوى يا علي إذن تستحق أن ترمي قلبك فوق حطب الموقد ، و تراقبه ببرود يشتعل ، فهذا حال الإنسان القوي ، أليس كذلك ؟!

دقائق مرت ، لينتهي بهم الإنتظار في الولوج الى عيادة الطبيب ، ذاك الذي رحب بهم بـ حفاوة لم تستلطفها هي بالتأكيد ، لتجلس على احد المقاعد المجاورة لـ مكتبه ، و من امامها اخوها ، ليقف على مقربة زوجها ! إستفسر الطبيب مطولا عن شدة الأعراض التي تعانيها ، و دقة أنواعها ، و اوقات حدوثها ! بما إنهم يتراقصون على ارض مزروعة بالالغام فكان الحذر واجب على الجميع و هي اولهم ، اردف بـ صوته العملي ليسألها : يعني اببد مـ صايرة عندج حالات تشنجات ؟ او وجع مفاصل ، رقبة ؟ بنتي لازم تتذكرين زين ، لإن دنشوف احتمال جبير الورم مـ واصل للعصب الحسي و بهيجي الوضع تمام

هزت رأسها نافية ، ثم تغضن جبينها بخفة لتدير رأسها نحو الامام و كإنها محدثة اخيها عما عانته منذ دقائق في الاسفل : آآ بس هسـ ـة
عادت لتلتفت نحو الطبيب لتكمل : يعني قصدي قبل شوية رقبتي تشنجت ، و حتى عضلات ظهري ، ما اعرف اول مرة تصيرلي !

هز برأسه متفهما ، ليثبت القلم بيمينه بعد أن كان مستلقيا على سطح المكتب : زين ، تأذيتي هواية ؟

بـ رعشة خوف من ردة فعل رجلاها نطقت : يعني

اصر عليها رغبة بالحصول على اجابة قاطعة : مو يعني لينا ، لو اي لو لأ ، و معليج باخوج و عمر ، قوليلي بالضبط شتحسين حتى نقدر نكمل شغلنا عدل يا بنتي
لـ يستطرد مبتسما بسماحة و مزاج مشاغب : اذا تريديني اطردهم و تبقين تقولين الي بقلبج ، هم تتدللين

إبتسمت بـ لطف خجل ، لتهز رأسها رافضة ، أ وتستطيع المقاومة دونهما ؟

تفهم قلقها ، ليعيد اطار نظارته الطبية لـ أعلى الانف مضيفا : لعد قوليلي تفصيل حالتج ، انتي قلتيلي ذيج المرة انو إنتي صيدلانية و بمستشفتنا صح ؟

: صح

: زين لعد ليش مشايفج !

إبتسمت دون أن تعقب ، ليكمل هو تحقيقه الطبي : زين عموو شغلج بالصيدلية يخليج تشيلين كراتين الادوية ؟ هالشي ميسببلج اي وجع بظهرج او رقبتج ؟ أو مثلا تعانين من ضيق نفس و تحسين بألم بعضلات صدرج او اضلاعج ؟

كان ليتدخل ، لولا اشارة والد زميلته بالرفض ليكتفي بـ تقلص فكيه و رفيف قلبه لـ كلامها المتلكئ بـ تشتت : أممم لأ ، أني اصلا ما اشيل شي ، يعني اكو عمال يشيلون ، و اصلا دكتور صادق و دكتور رضا بكل الحالات ميخلوني اشيل شي ، بس مرات يعني تصير عندي تشنجات عادية برقبتي يعني اتوقع من ورة المخدة ' بسبب ' !!

هز رأسه نفيا ليعلق بلمحة إهتمام صادقة : لا مو من المخدة ، قلتيلي هالتشنجات صارلها شقد ؟

: مو هواية ، إسبوعين يمكن

: و وجع راسج و التقيؤ ؟

: هـ ـوايـ ـة ، يعني فـ ـد سبعة اشهر ، و وياهم دوخة هم !

تخشب جسد الماثل امامها ، ليراقبها بدقة و جبينه يتعروج بخطوط غاضبة من ذاته !! ما تقوله يقارب فترة غيابه ، أيعقل ؟!
نعم يعقل ، و نظرتها المتوترة التي حطت لـ ثواني على عينيه اثبتت منطقية تفكيره ، يال طيشا اعمى قلبه عن ذكرها و حاجة تسكنها له ، إن كان يراها بقية صفاء ، فهي تراه صفاء بنفسه ! كيف تغاظى عن هذا الامر ؟ كيف يا علي ؟
نسيها ليجري بعمى خلف ثأرا لم يعود عليه سوى بـ شرخ في العرض ، و أخر في الجسد ، و الآن يكاد يسمع أزيز الروح الملتاعة بشرخ جديد !!


إنتبه لـ سؤال أخر غفل عنه مع عمر ، لكن لم يفعلها هذا الخبير ويغفل : زين نظرج شلونه ؟ مـ تأثر ؟ سمعج إحساسج بالحرارة و البرودة ؟

لـ تعقد حاجبيها و الأهداب صارت تتراجف كـ حشائش غابة تميل في مهب عاصفة هوجاء ، بلت ريقها و الخوف صار يـحتل كيانها بصورة جدية ، همست مجيبة و صوتها مزموم بحشرجة واضحة : شوية عيوني اي ، يعنـ ـي من أدوخ بس !

ثخنت نبرة الطبيب ، ليعطي نتاج ما توصل إليه بشئ من حذر و أبصار الثلاثة تتعلق به : إحتمال جبير يكون الورم ديكبر ، و هالشي الي خلاه يضغط على الاعصاب الحسية ، و احتمال تعانين من اشياء ثانية خلال فترة العلاج ، لإن لحد هسة اشوف العملية مو الخط الاول ، خلينا على الادوية ، لحدما نشوف درجة التحسن ، و اهم شي تتبعين تعليماتنا
لـ يرفع بصره حيث ذاك المتكئ بـ ظهره على الجدار عاقدا حاجبيه و الذراعان ، حاكاه بـ لطف غير رسمي : عمر ، إنتة مهمتك راحتها ، خليها تنام هواية و مـ تتعب عيونها و لا تتحرك هواية الا للضرورة

ليـكمل و هذه المرة موجها حديثه نحوها : وطبعا دوام ماكوو ، و لتخافين عالاجازة ، أني أخلي ياسمين بنتي تسويلجياها ، فـ لـ تشيلين همها ، صدق تعرفين ياسمين ؟ زميلة عمر !

إنكمش جسدها على المقعد ، لتصير نسخة مؤنثة من القائم خلفها ، فـ حاجباها اقتربا بود كريه ، و ذراعاها احاطتا صدرها ، لـ تعلق بشئ شبيه بـ اللؤم : لا ما اعرفها ، و شكرا دكتور ميحتاج ، صديقتي تسويها إن شاء الله

أحست بـ حركة عمر من خلفها ، و وصلها حديثه الهادئ : دكتور هسة شلون نبدي بالعلاج ؟

لـ يتدخل هذه المرة من كان صامتا لـ دهر : دكتور لا صغرا بيك ، خلينا ناخذها للأردن ، هناكة اعرف دكاترة المانيين جايين لـ فترة ، و أكيد تطورهم أحسن من الي هنا !

لم يخفى عليهما النفور الذي ابداه والد تلك المغرورة وهو يعود بجسده ليرتطم بـ ظهر المقعد الجلدي فـ يجيب اخاها بـ أنفة طفيفة : هذا شي راجع الكم ، بس كل شي ممكن تحتاجه حالة لينا موجود هنا ، و بعدين دكتور لـ تتوقع لو اشوف السفر احسن مـ جان نصحتكم بيه ، و هم بكيفكم



.
.
.

 
 

 

عرض البوم صور حلمْ يُعآنقْ السمَآء  
قديم 01-03-13, 10:32 AM   المشاركة رقم: 59
المعلومات
الكاتب:
اللقب:
عضو مبدع
كونتيسة الأدب النتي


البيانات
التسجيل: Mar 2012
العضوية: 240233
المشاركات: 841
الجنس أنثى
معدل التقييم: حلمْ يُعآنقْ السمَآء عضو متالقحلمْ يُعآنقْ السمَآء عضو متالقحلمْ يُعآنقْ السمَآء عضو متالقحلمْ يُعآنقْ السمَآء عضو متالقحلمْ يُعآنقْ السمَآء عضو متالقحلمْ يُعآنقْ السمَآء عضو متالقحلمْ يُعآنقْ السمَآء عضو متالقحلمْ يُعآنقْ السمَآء عضو متالقحلمْ يُعآنقْ السمَآء عضو متالقحلمْ يُعآنقْ السمَآء عضو متالقحلمْ يُعآنقْ السمَآء عضو متالق
نقاط التقييم: 3128

االدولة
البلدIraq
 
مدونتي

 

الإتصالات
الحالة:
حلمْ يُعآنقْ السمَآء غير متواجد حالياً
وسائل الإتصال:

كاتب الموضوع : حلمْ يُعآنقْ السمَآء المنتدى : القصص المكتملة (بدون ردود)
افتراضي رد: أبرياء حتى تثبت إدانتهم

 




أريد فراقه لكن قلبي
عنيد لا يطيع ولا يلبي
وكيف يطيعني قلب تربى
على الإخلاص في هجر المربي
ودون الحب كيف يظل حيا
وهل تحيا القلوب بغير حب
ولكني شقي مع حبيب
يسر إذا رأى دمع المحب
ودمعي جف من زمن بعيد
وما عاد البكاء رفيق دربي
عدو للبكاء أنا وحسبي
دموع الأمس قبل هواه حسبي
أريد فراقه وأحس أني
أعيش لديه مثل أسير حرب
تكبلني قيود من وفاء
لحب ضاع في شكي وريبي
فلا أنا بانسجام مع حبيبي
ولا هو راحم لفؤاد صب
ولست أرى ببعدي عنه سلوى
وليس هو المسلي لي بقرب
وقلبي لا يجيب نداء يأسي
ولا أمل يلوح أمام ركبي
وما بين الحقائق والأماني
دخان باختراق العمر ينبي
كفى يا قلب ولنرحل بعيدا
وإلا فاض بي وقضيت نحبي
أريد فراقه يا قلب فارحم
وساعدني على تفريج كربي
فإنك شاهد أني بريء
ومالي في عذابك أي ذنب
أطعني مرة لتعيش حرا
وتنعم بالأمان المستتب
والاستقرار أجدى من رحيل
وراء الوهم من شرق لغرب
لماذا لا تسلم يا فؤادي
وتقبل راضيا بقضاء ربي
وكيف ترى السنين تضيع منا
وتزعم أن هذا العيب عيبي
أنا يا قلب ما فصلت ثوبا
لغير الحب أو بدلت ثوبي
ولكن لا تكن حملاً ضعيفا
ينادي بالسلام أمام ذئب
ولا تعط الوفاء لغير وافٍ
فما هدر الوفاء بمستحب




مانعْ العتيبةْ



أ سيبلغ السيل الزبى يوما و تنقشع غمامة الدخان من على عينيه ليبصر السبيل النير ؟ أم إنه سيظل دهرا لـ يشيب في لجج الظلام من دون خطوة تقدمه للأمام ، يعتكف في الانفاق المهدومة ، و يفتقد لمعاني الحياة ! يظلم نفسه بـ قلبه لا بيده ، يرتضي أن يصوم مناظرة الشفق كـ خفاش يكتفي بـ الحلكة بدل نور الدجى الساهم الى الأفئدة ، أ تعلمون شيئا عن أنانية قول ' مصائب قوم عند قوم فوائد ؟ ' ، لـ ربما صادفكم مثالا له ، و ها أنا أقدم لكم الأخر ، مثال وضيع حقير ، أعلم بـ مصاب رفيقي و أرتضي أن انتفع به بـ شغف فاقدي النهى !
أولو العقول لـ يتدبروا فيما يواجههم بـ رجاحة رجولية ، لا أن تنصهر مقاومتهم إزاء نظرة من صغيرة ! صغيرة لا تفقه شيئا عن عالمه ، عن جنونه و بعثرة كيانه ، عن تشتت وجيب القلب ما بين نبض و أخر ، صغيرة تتمايل بـ غصن كذلك الذي للغاردينيا ، و لكن بـ سمار الشوكلاه ! سمراء من قوم محمد هي من شقـت بـ مطوتها جلد صدره لتثقب مخروطية القلب بـ أظافر مطلية بالأحمر الدموي ، أم تراه دمه هو من سفك وهو يكتفي بالوقوف الابله المنتشي لملامسته من قبل طفلة ؟!
ما حدث لـ زوجة رفيقه و أخت الأخر قد أرعبهم جميعا ، و كما هو دوما يتناول معهم بذات المائدة ، فيتشاطر أحزانهم و المصائب ، هذا فيما مضى و ولى ، أما الآن و بهذا الحال يجد نفسه يتنحى جانبا و رغم عبوس ملامحه قهرا يجد متعة شغوفة في بقاء الصغيرة تحت جناحيه حتى و إن كان بقاء مؤقت !، فـ شقيقها قد ترك مهمة حمايتها له حتى يجد لها عملا في مكان أكثر أمانا ، أويمزح ذلك الموجوع ؟ أ سيكون هنالك بقعة في الكون كله أكثر أمانا من مكان يجند فيه نفسه عسكريا مواضبا على حماية أمن وطنه ؟ فهي الوطن ! و لكن قد يكون الوطن أحيانا لا يعرف هوية ساكنيه ، فـ يطردهم ما إن تبزغ شمسه المتخفية بخجل خلف سحاب كثيف ، شمس تلوح في الأفق القريب ، فتهدد أمن هذا اللاجئ المتشرد ، تحذره من النوم هانئا على فراش الشهريار ، فـ وطنه ليس بشهرزاده ، ليس بشهرزاده البته !
عليه أن يضب حقائبه ، و يحملها فـوق سجادة علاء الدين لتطير به لأخر حدود الفضاء ، أليس رواد الفضاء يفقدون إجتذابهم لـ أرض جذبت تفاحة نيوتن لتسن قانونا سارت على خطاه الاجيال ؟ أ سيكون محظوظا حينها و يفقد هو الاخر قوة جذبه من قبل مجال مغناطيسي يدور حول أحدى ساكنات تلك الأرض ؟ إحدى حسناواتها السمراوات ؟
ليته ، فقط ليته !
حاله يتدهور ساعة بعد أخرى ، بل دقيقة بعد سابقتها ، ينأى عقله عن الرجحان ، ليظل مستمتعا بالجنون ، يراقبها بعشق مشعوذ و هي تتحرك في ذات الطابق الذي يقطن به مكتبه بعد أن طلب المدير لنقلها قربه ، كـ مساعدة !
أراد علي بكذبته الحقيرة تلك أن يبعدها عنه ، ليجد هو لنفسه مفرا من ذلك الفراق المحتم ، و يقترح على شقيقها أن تعمل بنفس بقعته ليطمأن عليها ، لم يعلم ذلك المتعالي بأنه قدم لـ رفيقه المسيحي حقيبة مملوءة بالمخدر مذهب العقل و الحس ، من دون علم او دراية ، ليثنيه هو الآن ، فـ يكرهه لاحقا ، حينما يحين موعد الإشراق ، و معه التشرد بإنتهاء أخر حبات ذاك المسكر !

حول نظراته الساهمة من النافذة المطلة على الرواق ومنه الى الجسد الممشوق و المستتر بـ معطف بلون الكستناء ، الى هاتفه الموضوع على احد فخذيه بـ وضع الإنتظار ، رفعه بعد رنين قصير ، ليأتيه الصوت الخشن يحيي بـ هدوء : السلام عليكم

بإستماتة حافظ على نشر اشعته البصرية في حدود الحجرة الصغيرة ، لئلا تنحرف فـ تخترق الحاجز الزجاجي و منه للـ جسد الفتي لتلك الصغيرة ! ، ليجيب المتصل بـ هدوء : وعليكم السلام ، ها علي شلونها لينا هسة ؟

أتاه صوت علي حانقا من دون أن يعقب على سؤاله : ميس بعدها دتداوم ؟

حاول قدر الامكان التحلي بالبلاهة ، ليعلق بضجر متساءل : لعد وين تروح قابل ؟ و بعدين سألتك على اختك مـ قتلي شلونها ؟

زفرة وصلته ، تبعها بـ : ألن ، باوع هسة حالتنا مو مال نقاش وياك ، شاايف الضيم الي اني بيه ؟ دخيل الله عوف البنية بحااالها ، اقنعها تبطل لا والله العظيم اقول لـ عمر و طبك مرض إنتة وياه هوة يتصرف وياك

أدار الكرسي المتحرك الى الجانب المعاكس للنوافذ ، و كله يتقلص لما يسمعه ، أدركه الهم الجاثم على نفس الرفيق ، و لم يهتم فعلا بما قاله ، إكتفى بالتعقيب على حاله المشوش : علاوي ، قول يا الله ، إنتة طبيب و تدري مرحلة العلاج صعبة ، و الاهم تدري انو هالمرض هسة صاير سهل الخلاص منه ، و طبعا العلاج رح يأثر عليها و تبقى متأذية لعد شتريد انتة ، بس إنتة شوية اصبر و قول يا الله

حالما انهى جملته سكنه قليلا من العجب لعدم بتر حديثه من قبل المتعجرف ، فـ ظن بـ أن الخط قد إنقطع أو صمما اصاب صاحبه : أبو حسين وياية ؟

: وياك

كلمة واحدة ، ثم تنهيدة أكدت له بأن علي يقاوم اظهار اشمئزازه من زمهرير الاوجاع بعد ارتشاف اكوابها
بـ بؤس ملامح اعاد تشغيل إسطوانة المواساة ذاتها : والله ان شاء الله تقوم بالسلامة و تريحكم ، لتبقى خايف هيج ، و بعدين علي تدري عمر معتمد عليك ورة الله ، و حتى اختك ، فـ إنتة هونها عليهم وتهون يمعود

قوبل بـ نفس الصمت ، تبتره زفرة طويلة ، ليعود هو فيستفسر : إنتة هسة بأربيل ؟

: إي

أحس ، بحق الرب أحس بـ قربها قبل أن يصل أذنه صوت خطوات كعبها ، ليزدرد ريقا يحتاج أن يبل بإبتلاع كأس من المحرمات ، تصلب جسده حالما تهادى له صوت أخر ، ضخم و مهيب يأمره بالإمتناع عن إرتشاف الممنوع مجددا : ألن ، ترة خابرتك اريد افهمك المصيبة الي دتسويهااا ، مو عبالك صارت شغلة لينا رح انسى ميس ! البنية صغيرة و فقيرة ، لـ تخليها تحس بيك ، عوفها بحالها و فهمها إنو لااازم تعوف الشغل
ألن .. تسمعني ؟

بـ شرود غير آبه نطق : مـ رح يصير شي

ليصر الاخر بـ غيظ لم يكبته : أكل *** و لتحجي ببرود ، خبالااتك خليها لنفسك و روح لبيتك و اتزقنب سمك مثل مـ تريد ، بس البنية لتخليهااا تحس بشي ، عوف بت العالم ، لتنسى هاي اخت صاااحبك

تنهـد بطولة بال ، ليعلق و ما زال جسده متيقظ شوقا لـ هدهدات صوتها الآخاذ ، فـ لتأتيه بطلب أو بأمر ، فـ لتأتيه غاضبة أو ناقمة ، أو حتى باردة كما إعتادت أن تقابله منذ مدة ، لا يهم ، كل ما يهم أن تتعانق احرفها مع أسماعه المتشدقة ، بـ عناق لا يجرؤ عن فكه إعصار ،!
عاد الصوت المزعج الرجولي يقطع عليه هذيانه المحرم ، فيصير أسوأ من إعصار لا يهاب هبوبه : *** .. موو دا احجي وياااك ، ألن تررة مناااقص وجع رااس لتخليني اخااف على البنية ، و الله اذا مـ حليت هالطيحان الحظ مناا لشهر اني اتصرف ، و صدقني تصرفي هالمرة مـ رح يعجبك ، يعني بين قوسين اطلع قهررري كله بييك

ها هو الدق الرنان بإنوثة بريئة يقترب ليطيح بـ صبر قلبه في الهاوية ، ترنيمة لذيذة للأذن صارت تعزف على اوتار الفؤاد بروية ، و خدر .. تنحنح بـ تشتت ، ليرفع يمينه فيدفنها في شعره الأشقر ، و يعود لإجتثاثها منه بـ قسوة على جذور الشعيرات المظلومة ، إنها تقترب ، و صدره يكاد يتثقب بـ كعبها ، سعل بـ لا إدراك و بمحاولة عقيم للبوح عن شئ سيؤول لإنفجاره حتما ، و من ثم نطق قاصدا رفيقه : قتلك مـ رح يصير شي لتخااف ، و اني مو جاااهل دتهددني .. أعرف حدودي زين و اعرف اخووتي افتهمت !

حاول أن يكون صارما بعض الشئ ليقنع من يسمعه عبر الأثير الجوي ، و من تقبع خلفه بأنه متماسك ، ثابت ، لا يدحرجه صوت كعبين إلى أسفل السافلين ، لـ تأتيه الصفعة المهددة تلك مرة أخرى ، و توقظ به الحذر دون علمه : شهر بس ، لـ تنسى

ما دام إرتدى دور الواثق ، فلن ينزعه عنه إلا بعد إنتهاء المشهد الهزلي ، فـ خرج صوته لا مباليا : زين ، يللا سلملي على الحجية

: الله ياخذك

إبتسم زافرا كما من الهواء من فتحتي أنفه ، يا علي ، لن تكون يوما بـ لسان حسن كـ حسن ملامحك ! ودع رفيقه بـ بساطة و كأن لا حاجزا بينهما راح يتضخم يوما تلو الأخر ، شعر بـ ضمور عضلي مفاجئ و كإنما كان بـ فقاعة شفافة تضمن له أمان وهمي ، و هاهو يهوي صاغرا نحو الجحيم ، الجحيم بعينه هو ما يستعر به ، إنها المستحيل ، إختار المستحيل و الجحيم كـ مكونات اساسية لـ خلطة مميتة لجدران الفؤاد تمتصها لـ تقتله ببطئ مسموم !
إنجلى المنطق ، و ختم على القلب ختم المحتضرين ما إن تدرحجت كلماتها الرقيقة من خلفه ، لتنقر على كتفيه بـ رتابة ، ثم تتزحلق على طول العمود الفقري فـ تسبب إنتصابه المتشنج ! : ألن ...... مشغـ ـ ـول ؟

و لو إنشغلت بـ موتي ، سـ أسرق لك من العمر لويحظات بقدر نبضي المتخلخل عندك ! ما لـ صوتك يتراجف يا حبيبة ؟ إستدار بحركة سريعة مناسبة لـ سرعة هروب الاكاسيد الضارة من جسد أنهكه الحب المحرم ، لـ ينقبض قلبه بـ مفاجأة من هول حالها ، إستقام بلا شعور راميا بالهاتف على سطح مكتبه عند إدراكه بأن لا قدرة له على حمل ما يثقل ظهر فؤاده ! نطق بـ حدة صوت و نظراته ترتكز على الخدين المتوهجين بإحمرار قاتم تغطيهما قطرات من ماء حار يشعر به يلسع أنامل روحه الملتاعة : شبييييييج ؟؟؟

و كإنما كانت تنتظر هذا السؤال لـ تنهار اضلعها ، و تتفتت بحاجة للنحيب ، فـ إنتحبت بنشيج صامت ، لتهلك به الروح أكثر ، دار حول مكتبه حتى وصلها ، ليقف على متر يبعدها ، فتنوء روحه عن التراخي ، هتف بها بـ قهر : ميييس ليش هالبجيي ؟ شـ صاااير ؟؟

كلمات متقاطعة تقاذفت من ثغرها الراجف ، ليستلم صدره وابلا من صخور متطايرة ، : أريـ ـ ـد إجـ ـازة .. لـ ـينا ، ما اقـ ـ ـدر ، قـ ـول للمديـ ـر ، عمـ ـر متأذي حييييل ، لازم نبقـ ـى يمهـ ـم ، محتاجنـ ـا ، مـ ـا أقـ ـدر أداااوم

فلتت منه تنهيدة سريعة أتبعها بـ : يمعودة وقعتي قلبي عليـ ـج !

ليعض طرف لسانه كـ عقاب شرعي لـ مصيبة إقترفها ! ويل له مالذي هذى به ؟ يبدو أن تخوفات علي قد أصابت ، و بات لا يكتفي بالموت المكتوم ، و هذه أولى علامات المصائب !
ألم يخبركم بأنه سيعطيكم اليوم من الامثلة اشنعها ؟ كان من الأنانية أن يشعر بالراحة الجزئية لكون ما يبكيها هو ذات الموضوع ، لا تدرك هذه الصغيرة بأنها تواصل نحر أبهره بلا إدراك ! نعم بلا إدراك ، فـ برغم ما زله اللسان تراها عاكفة على البكاء صمتا من دون أن يلامس نبضه نسيج قلبها الأصم ! هز برأسـه قليلا ، لـ يمد يده مشيرا نحو المقعد الجانبي و من ثم علق بعد زفرة ' موت ' : تعالي قعدي ، البنية مابيها شي ، قولوا يا الله يمعودة إذا هذا حالكم شلون نفسيتها رح تتحسن و تستفاد من العلاج !

همهات ضعيفة كانت اجابتها ، لـ تنصت لـ أمره و ترمي بجسدها على المقعد فـ توليه ظهرها وتعود لتنشج خوفها و والدتها من مصير مجهول تؤول له حياة ليثهم و لبوته ، هي تعرف ما تعنيه اللين لـ عمر ، لطالما راقبت بروز خضر العروق بوجودها ، و كم من مرة لمحت تشنج العنق و الظهر عند حديثها ، و كم من هيام تعرفت على اساليبه بـ نظرات شقيقها ! لو حدث سوء لـ زوجته سيخسرونه ، حتما سيفعلون ، عمر أحبها بغيظة كريهة ، و عشقها عنيدة متعجرفة ، ليهيم بها زوجة مدللة له و منه !
يارب ، فقط أفرج كربهما ، يارب

كفت من على ملامحها المبتئسة دمعاتها المتناثرة ، لتجد يده امامها تقرب منها علبة المحارم ، فينساب صوته برزانة رخيمة أوجعتها أكثر : هسة أروح اخذلج اجازة ، بـ ـس

ظنت بأنه غير رأيه و لن يكمل ما يود قوله ، ليسدد لكمة لـ عقلها الواعي فتفغر فاه العجب ، لتتوسع نظرات القلب ، و القلب فقط ، بعد أن لمحت ارتعاشة يده قبيل أن يخفيها بـ جيب بنطاله ، و طرقت رأسها نبرته الراجية بـ تمتمة فزت لها كـ حمامة تحط على عشب ، فـ تسارع بالهروب لسماع خطوات القطة المتحفزة !
' لتبجين ' !

للمرة الثانية يـسألها عدم البكاء بهذه الطريقة ، فـ فتح بوعي لا واعي أبوابا بوجه شياطين مترقبة للعبث بـ طهر الأفئدة ، شعرت بتقلص آلمها في ضلوع قفصها المتراخي ، لينتصب جسدها بـ استقامة ، و تتردد فوق أسماعها هدهدات شيطانية أرعبتها ، مابه هذا الـ ألن ؟! لم يحادثها و كـ أن به يتحدث إلى
إلى !!
يا إلهي ، أعوذ بك من همزات الشياطين ، لا يعقل ما يصوره عقلها التائه ، كله من تأثير البكاء و الإنتحاب ، نعم تعلم هذا جيدا ، و ما تريد أن يقول و هو يرى إنهيارها ، بالتأكيد سيطالبها بالتوقف ! هذا هو المنطق
توتر فمها و ألهت أناملها في القبض على المحارم بقوة و كف ما ذرفته من الادمع ، هازة بـ رأسها ضعفا ، و شئ من راحة تسلل إليها بعد تلك القناعة الواهية التي قررت التمسك بها ، لتصفع هذه المرة حينما إتخذ المقعد المقابل لها محتضنا لجسده الرياضي الضخم ، لتشعر و كأن شئ حط على انفاسها فـ خنق بها القدرة على جر المزيد .. و كأنه داس بكفه الكبير فوق صدرها و أفزع رئتيها ! همهمت بـ بكاء تحاول به أن تسلى عن هذا الغريب ، لينتفض هو مجددا و يرشقها بـ كلمات ليست كالكلمات ، بل نظرات أعين تقسم إلا أن تكون حقيقية ، أعقبها بـ تنهيدة أشعرتها بأنه سيموت بلوعة لامست بها تخلجات الروح و من ثم : ميس عيني كافي بجي ، لج والله ما بيها شي ان شاء الله
ميس .. ؟
باوعيني شوو

كانت قد أطرقت رأسها تواري رجفة الانفاس ، و ارتعاش الاهداب ، لتغص بـ أوكسجينها بعد طلبه ، لقد جن هذا الـ ألن لا محالة ، أو هي من جنت و صارت تعاني من أوهام لا تمت للواقع بصلة ، بل تسافر بها حيث كوكب ملئ سلفا بأمثالها ، مرة أخرى قرر السؤال بـ ذات الإسلوب الراجي : باوعيني

لم تستطع أن تفعلها ، دب الإرتياع بـ شرايينها بعد رحلة اطلقها القلب المتضخم بهلعه ، لتستنفر كافة أجزاءها الحية و تستقيم بنية المغادرة ، لمحت إرتفاع عنقه حيث هي ، و لكن ملامحه لم تتبين لها وهي توشح بنظراتها بعيدا ، لتوليه ظهرها مدبرة و صوت بكاءها الـ ' خائف ' بات يعلو ، ليستبق خروجها وقوفه أمامها و كأن به طار و حط !! أرجفها وجوده المفاجئ ، فتوسع محجريها ببلاهة ، و خطت خلفا بـ خطوتين ، ليسألها هو بـ صوت ' ألن السابق ' : وين رايحة ؟
ميس ؟
حتبقين تبجين ؟

لـ تهرب من رعب حضوره و تشتت شكوكها هزت برأسها رافضة ، و يمينها ما زالت تكف من على الخدين بللهما ! ، نطق بـ تنهيدة اجفلت بها عصافيرا صغيرة تحط فوق كتفيها ، لتنتصب بجمود : زين ، دأبقي هنا ، أني رايح أسويلج إجازتج

و لـ ذات الهدف عادت لتكرر هز رأسها و هذه المرة بموافقة ، ليرمقها بـ نظرة أخيرة دغدغت كتفيها ، لتوجعهما ! فـ غادر
تنفست الصعداء و هدأت من روع نبضها بـ دفع قلبها بـ قبضتها الصغيرة ، لـ تتحرك بسرعة قاصدة الهرب من هذا الضياع الذي انساها الكثير من قلقها حول لينا ، لـ تفاجئ عند عتبة الباب بـ وجود ذاك الشاب المندفع ، الذي علق على حاله بعد ما حدث لـ كنتهم ، إبتسم لها بمحبة إستشعرت بها فـ قرصت خد قلبها لتمتلئ الوجنتين بـ دماء مخلوطة بماء الخجل ، سعلت بـ رقة و أطرقت رأسها أسفلا ، لتستقبل أذنيها صوته اللطيف بنبرة يحفها الإهتمام المرتبك : أأ ، خير ميس ؟ جنتي تبجين ؟ ..... خوما الاهل بيهم شي لا سامح الله ؟

اكتفت بـ ' لأ ، ماكو شي ، عن اذنك ' و قصدت التحرك ، إلا أنه إستوقفها مطالبا : زين بس لحظة ، إممم ممكن ننزل للكافتريا نشرب اي شي ؟


رفعت رأسها نحوه بسرعة ، لتخرسها نظراته الهائمة بها حبا ، و كأن بها صعقت بتيار برق جرفها نحو منحدر الهاوية ، يا الله ، ما تراه مشابها لما ادركته بنظرات ذلك المسيحي ، بل تلك كانت أعمق ، و أفظع تأثيرا بالنفس ، يا الله .. يستحيل ما تفكر به ، يستحيل أن تكون هواجسها المجنونة طبيعية ، تبا لها ، ليتها لم تأت هذا المكتب و لم تريه ادمعها ، بل ليتها لم تعتب هذه الشركة قبلا ، فكرت لوهلة ، عليها أن تتغاضى بسرعة عن تأثير سكرة عقلها الباطن ، فـ لتقبل بعرض هذا المسمى بـ ' شبه خطيبها ' حتى تتخلص من هذا الخدر المريع ، وافقت بـ إيماءة صغيرة ، لتتحرك بخطى موازية له تنصت بـ شرود لـ ثرثرته الناعمة ، كانت تشعر بإنقباضات عدة في عضلات ظهرها و كأنما مركبة حربية تجر خطاها على قامتها المشدودة ، فجأة نبض بـ عنقها احد العروق لـ تبتلع الهلع كجمر متقد ، و بشكل تلقائي أدارت رأسها بـ خفة متسللة و' لصدمتها لم تصدم ' لـ رؤية تلك القامة الضخمة تملأ الرواق لـ تتابعها مع مرافقها !! نظراتها هبطت لـ كفه الحاوية على ورقة جعدت بين الأصابع المحمرة الغاضبة ، يا الله يا الله يا الله
إستدارت بسرعة و قلبها ينبض بفجيعة ، هي ليست بغبية ، ليست بغبية البتة ، و ألن صار مرتكز الشكوك عندها ، و هو لم يحاول حتى أن ينفي التهم عنه بحركاته تلك ، فجأة و بـ ثوان صارت تستذكر الكثير من المواقف بينهما ، لطالما كان التجهم يسكنه لـ رؤيتها مع أحدهم ، لطالما عاملها بتملك لم تعطيه بالا لـ يقينها بأنه يخاف عليها كـ أخته ليس إلا ، و لكن لحظة أيغير أخ ممن يود الارتباط بأخته ؟ يا إلهي ، لو كان ما تزينه الشياطين برأسها من أفكار حقيقة فـ إن وجودها في هذا المكان مصيبة عظمى عليها أن تنتهي قبل أن تفوح رائحتها ! كبحت خطواتها لـ تتحدث بذات الشرود الذهني الذي غطى على فصوص المخ بلا إستثناء : أأأ ،، حسـ ـن اعذرني ، بـ ـس راسي ديأذيني ، فـ حرجع للمكتب ارتاح ، وو

لـ يبتر الاخر حديثها بـ اهتمام بالغ : زين تعالي وياية ، شربي جاي ' شاي ' أو قهوة و هسة نشوفلج براسيتول حتى تتحسنين ، وضعج مخربط و الدوام هسة بدى يعني رح تبقين طول اليوم هيجي !!

قبل أن تجيبه ، مر قربهما اثنان من موظفي الشركة ، ليتبادلا التحية السريعة ، فـ تستغل هي إنشغاله المتشتت معهما لتعتذر بلباقة و تغادرهم بيقين من إن ذلك الخطيب قد إنزعج من حركتها ، و لكنها صدقا لم تكن بحال يسمح لها بمساس البشر ، و هو بالذات ، تود تفكيك طلاسم كل ما حدث يوما بهذه البناية ، علها تصل لـ نقطة تنهيها عن المواصلة ، فـ تطأطئ رأسها لتتسربل تلك اللامنطقية بعيدا ، !
و ما إن عادت ادراجها حيث هو ، تشنج صدرها ينئاها عن استقبال اي كما من الهواء ، إبتلعت هلعها بـ صمت متحشرج ، لتحاول أن تبدو طبيعية أمامه ، خمس دقائق قد مرت ، مالذي يفعله حتى الآن واقفا بحق الله ؟ أيود أن يفقدها صوابها ؟ نظراته الشرسة أخافتها بحق ، فـ تمتمت بـ ' أستغفر الله ' تلقائيا ، و قدماها تسوقانها حيث مكتب يضمها و إثنتين ، يقبع على الجانب الاخر من الرواق الحاوي على مكتبه ، لتتصنم مكانها عند سماعها دقات قلبها تتعالى خوفا بإستجابة لا ارادية لـ صوت حذائه يدنو من خلفها .. كان عليها ان تبدو طبيعية ، لذا تسلحت بـ براءة ملامحها لتستدير فتتحدث بسرعة قصوى هدفها ان تعلو نبرات لسانها عن تلك التي للقلب : آآ ،، ها ألن عفية شقال المدير ؟ قبل ؟ إذا قبل حتى هسة ارجع للبيت ، ما اقدر ابقى و اليوم عمر ماخذ لينـ ـ

قاطعها بـ شرود هادئ ، لتقرع برأسها طبولا عدة : منو يرجعج ؟

بذات الاسلوب العجل المستفز نطقت : يعني قبل ؟ زين كم يووم ؟ أريد شهر !

لم يجبها ، و نظراته تشيح عنها بـ لا صبر لامس احساسها المفجوع بكل ما يستجد ، توتر فمها ممتلئا بالاحاديث السباقة ، و لكنها اعتكفت الصمت منتظرة منه المبادرة ، لـ يزفر متحركا خطوة نحو الخلف ، و من ثم يردف : اسبوعين بس ، و اليوم كمليه حتى ترجعين وية الخط ' سيارة التوصيل الجماعية الخاصة بموظفي الشركة '

تمتمت بموافقتها ، لتهمس : شكرا ألن تعبتك

و لـ يعاظم شكوكها إكتفى بـ الاستدارة ليوليها ظهره مدبرا نحو مكتبه ، فـ يدلفه و بـ حركة ارعبتها كان قد صفق الباب بوجهها بـ عنف إهتزت له اوصالها ، ها قد عاد لـ سابق عهده من الوجوم ، منذ ان خطبها حسن و هذا حاله !! مالذي يفسر بعد هذا ؟
قبل قليل قد لمست منه حنانا سابقا فقط لرؤيته دموعها ، و الآن قد عاد لقوقعته المرهبة ، ألن ، أين تمضي يا رفيق أخي ، أيعقل بـ أنك قررت إنهاك نفسك بالموت المحتوم ؟ يا الهي ، تكاد تشعر بوخز متكرر في جنبات صدرها لـ رؤيته هكذا ، أجزمت بـ غير شك بـ أن ألن يحمل لها شيئا ما ، لا تسألوها كيف اليقين فهي لا تعلم ، لا تدري شيئا سوى بـ أن نابضها الثائر هو من فك شفرات هذا المسيحي ، و ليته يكون مخطئا ، ليت !







؛






وجلست كالطفل اليتيم وفي فمي
وضعت بعض اناملي
العدل يا حبيبتي ان تعدلي
أو أن تخرجي من داخلي
فـ الى متى أبقى قتيلا هكذا
واظل اعشق قاتلي
والى متى أبقى اجامل في دمي
وبعض ما عاد لي
ان كنت بين لغتي وبين دفاتري
في حروف رسائلي
ان كنت في صحف الصباح جميعها
وفي ثنايا منزلي
فكيف أهرب منك كيف وها أنا
ما عدت أملك أرجلي
سرقت في وضح النهار سكينتي
وتوازني وتأملي
حريتي صادرتها ولم أعد
حراَ أنا فتخيلي
إن كان في قتلي براءة ذمتي
مما فعلت فعجلي
سفني أضلت في المحيط طريقها
واليأس أغرق ساحلي
أنا ميت في الحالتين كما أرى
فقامري في آجلي
أنا امرؤ القيس الذي لم يتق
شر بنات الحومل
وأنا الذي دفعت عمري فدية
حتى أبرء قاتلي



سعد الغريري





كـ ثور هائج في حلبة مصطبغة بالأحمر ، مقيد العنق العريض بـ سلسال ناري ، يشعر بفؤاده يهيج بين الاضلع فيهبط ليرتفع ، يركض يمينا فالشمال بلا هوادة ، أحس بأنه سيقذفه بـ قئ مدمى بعد قليل ، يتوجع ، و رب الكون إنه يتوجع ، ماله صار هشا كـ نسيج إسفنجي يعتصر بين أنامل محبوبة الفؤاد ، يعتصر حتى يتفتت بـ لا رحمة منها و لا شعور ، يكاد يصفعها لتحس ، و بعدها !!! لا يهم ، فـ ليمت ، أو لـ ترتحل بعيدا ، هذا الافضل ، بقاءها بالقرب كارثة ، لن يبزغ فجره يوما وهو باق بتشبثه في زوايا الستارة المنسدلة ، تلك التي تخفيه عن انبلاج الظلام لـ نور يستأنف به الحياة ، متوقف هو في المنتصف ، نصف ميت و نصف حي ، يود الإنسحاب و الله ، يفكر جديا أن يستل نفسه من براثن هذا العشق الملطخ بالخطيئة ، و لكنه يفشل ، لطالما فشل في الإبتعاد ، إن بقيت هنا سـ تعلم ، ستكشف سر قلبه و تسخر منه أو تشفق عليه ، و كلا الشعورين يغرسان بخاصرته رمحا مغموسا بالسم البطئ بمفعوله ، قد كان علي محقا ، إنه يهوي بين شقي الأرض المتزلزلة من تحته ، و عليه أن يهوي وحيدا ، عليه أن يحرر يدها ، فـ لا يود لها أن تدفن تحت انقاض الموت كـ هو ، يكفيه ما به ، لن يسمح لـ نفسه بأذيتها ، هي صغيرة ، صغيرة جدا على أن تتحمل ضخامة مشاعره ، لن تتفقه يوما ما ينفخ صدره نحوها ، سمراءه المدللة لن تتمتع يوما بـ العبث على اوتار قلبه بكلمات الغزل الشغوف ، و لن تذوب ' ولو مات ' بين أحضان حبه المتقد ، ما يسير به محتوم النهاية ، فـ لم يطيل الأمر أكثر ؟ لن يجني شيئا سوى تشوهات أخرى على جدران الفؤاد الملكوم بـ مائة خرش ! سيطيل الـ إسبوعين لـ اربعة ، و منها إلى دهرا ، سينصت لـ علي و لـ يبق هو وحيدا بين سمومه و ذكرياتها ، لن تغادره للحظة أكيد هو من ذلك ، فـ هي سكنته بـ سرمدية الأزل ، إمتلكت مشاعره بـ أنانية إناث العصور الوسطى ، و لكن ببراءة محتمة ، و بـ لا دراية منها فلم تغويه يوما ، و لم تسبل بهدبيها له ، حتى نبرة صوتها لم تتجرأ و تخلخلها قربه !
تكفيه ذكرياته الكئيبة ليعيش عمرا يداوي جراحاته ، ما زال بمقتبل العمر ، و جرب الحب مرتين ، يقال أن الحب الأول له لسعة خاصة ، لن تختفي و لو اتبع بـ عشرات اللسعات النارية ، لكنه أيقن بـ أن الحب الأول ليس بالضرورة أن يكون تعبيرا رقميا ، بل مجازيا فـ هو من يخلخل ضغط العقل ولو جاء بعد ألف عام ، ليمحو ما قبله من لطخات متناثرة ؛ و يصب بـ سيوله الجارفة فيغطي جدران المشاعر كـ صبغة من نوع استثنائي ، صبغة لا سبيل لـ محوها و لا حتى تغييرها .. كانت الأولى ، و ستظل .. سيموت بها حيا ، و لن يكتف و لو شاب رأسه ، سيقصي نفسه عنها بـ إرادته ، إلا إنه لن يقصيها منه أبدا ، ستظل عالقة في ذهن روحه ، حتى يأتيه الموت الجسماني الحتمي ، و من الآن حتى ذلك الحين ، ليكن الرب بعونه !





.
.
.



 
 

 

عرض البوم صور حلمْ يُعآنقْ السمَآء  
قديم 01-03-13, 10:34 AM   المشاركة رقم: 60
المعلومات
الكاتب:
اللقب:
عضو مبدع
كونتيسة الأدب النتي


البيانات
التسجيل: Mar 2012
العضوية: 240233
المشاركات: 841
الجنس أنثى
معدل التقييم: حلمْ يُعآنقْ السمَآء عضو متالقحلمْ يُعآنقْ السمَآء عضو متالقحلمْ يُعآنقْ السمَآء عضو متالقحلمْ يُعآنقْ السمَآء عضو متالقحلمْ يُعآنقْ السمَآء عضو متالقحلمْ يُعآنقْ السمَآء عضو متالقحلمْ يُعآنقْ السمَآء عضو متالقحلمْ يُعآنقْ السمَآء عضو متالقحلمْ يُعآنقْ السمَآء عضو متالقحلمْ يُعآنقْ السمَآء عضو متالقحلمْ يُعآنقْ السمَآء عضو متالق
نقاط التقييم: 3128

االدولة
البلدIraq
 
مدونتي

 

الإتصالات
الحالة:
حلمْ يُعآنقْ السمَآء غير متواجد حالياً
وسائل الإتصال:

كاتب الموضوع : حلمْ يُعآنقْ السمَآء المنتدى : القصص المكتملة (بدون ردود)
افتراضي رد: أبرياء حتى تثبت إدانتهم

 





يا ساعة الحسرات والعبرات
أعصفت أم عصف الهوى بحياتي
ما مهربي ملأ الجحيم مسالكي
وطغى على سُبُلي وسد جهاتي
من أي حصن قد نزعت كوامنا
من أدمعي استعصمن خلف ثباتي
حطمت من جبروتهن فقلن لي
أزف الفراق فقلت ويحك هاتي
أأموت ظمآناًوثغرك جدولي
وأبيت أشرب لهفتي وولوعي
جفت على شفتي الحياة وحلمها
وخيالها من ذلك الينبوع
قد هدني جزعي عليك وادعي
أني غداة البين غير جزوع
وأريد أشبع ناظري فأنثني
كي أستبينك من خلال دموعي
هان الردى لو أن قلبك دار
أأموت مغترباً وصدرك داري
يامن رفعت بناء نفسي شاهقاً
متهلل الجنبات بالأنوار
اليوم لي روح كظل شاحب
في هيكل متخاذل الأسوار
لو في الضلوع أجلت عينك أبصرت
منهارة تبكي على منهار
لا تسألي عن ليل أمس وخطبه
وخذي جوابك من شقي واجم
طالت مسافته علي كأنها
أبد غليظ القلب ليس براحم
وكأنني طفل بها وخواطري
أرجوحة في لجها المتلاطم
عانيتها والليل لعنة كافر
وطويتها والصبح دمعة نادم



إبراهيم ناجي



يستلقي بـ تهكم ميت ، يستمع بـ تيه لـ أقاويل المسنة و بداخله فوضى متكاملة ، يحاول جاهدا أن يحفظ لسانه من ان يزل فـ يوجع قلب هذه الحبيبة ، التي حتى و إن كانت صلدة ، لابد أن يكسرها ما يخيفه و يقض مضجعه ليلا ، بل و نهارا حتى ، صار لا يحتمل البقاء وحيدا ، فـ الإنفراد يعني التعمق بالموت البطئ الملوح له بكلتا كفيه مبتسما ، يدرك جيدا تطور العلم و إنصياع الأجساد المريضة لـ تفاصيل العلاج ، و لكن ما هو متيقن منه بأن الأقدار هي ليست إلا إختبارات إلهية ، و لو حضر أعظم خبير حيوي لن يستطيع كف الأذى لو أراد الله بهم امتحانا ! لم يتوقع يوما أن يسكنه القلق لدرجة الرعب على عنيدة الصفات ، نسخته الأنثوية ، فقط الآن شعر بمدى حقارة موقفه لما تركها وحيدة هناك بين إناس ولو أحبوها لن يستطيعوا أن يحملوا جيناتها ولا دمها ، هرب من ذكريات عاره ، ليحتجز هنا بعيدا عن حالها و ما يؤول إليه ، عودته للثكلى بغداد تقتصر على يومي نهاية الإسبوع ، ليضطر بعدها أن يغادرها مـعزيا لها فقدانها المستمر ، و قلقا من أن ترد له عزاءه بـ أخته قريبا !
أصوات متفرقة تلك التي تضج بـ أسماعه ، من داخل الجسد و خارجه ، ولكنه إكتفى بفك طلاسم ما يسكنه ، ليعترف صمتا إنه يشعر بأن ما يحدث له رد دين لما يستمر على فعله بـ تلك المعلقة ، فـ قد أدانها كثيرا ، و حان وقت إدانته هو بـ عدل إلهي لا يخطئ ، و ليست هي الوحيدة المذبوحة بيديه ، فقد إعتاد أن يشهر سلاحه بوجه الإناث ، رافضا أن ينصهر بـ حنان معجون منذ اول الخليقة بطينة حواء ، شيد حوله جدرانا فولاذية كانت السبب في تحطيم عظام أي واحدة تأتيه هرعة بحاجة تسكنها لإحتضان منه ، و لن تجني لبؤس حظها سوى قذف بعيد بـ تفتت جسد و روح ، فـ توا قد شعر بـ أن بريئة أخرى قد لوثها بـ وحل الاوجاع بعد أن دفعها عنه بصلابة تمثال فرعوني ، سخر من ذاته المقرفة ، فـ لطالما شعر بالطمإنينة لما فعله لـ تلك المذبوحة ، لم يمن يوما عليها ، فواجبه يحتم عليه أن يستر عرضه و لو إضطر باغ أن يبيع اجزاءه واحدا تلو الاخر ، و لكن الحقيقة تكمن بأنه مزقها أكثر مما فعل الجميع ، لم يكن معها طبيعيا او شبه طبيعي طيلة أشهر إقترانهما ، لم يختلي بها ابدا ، فكيف له أن ينهي مهزلة العرض المستباح و حتى الآن هي بنظر والدته و جدته و العالمين ما زالت صبية عذراء تنتظر بشغف خجل أن تكتمل إنوثتها بـ رجولة زوجها حلالا طيبا !
غرق بـ بركة الخجل من الذات ، و لـ ربما الكثير من وحل تأنيب الضمير هو ما دخل جوفه لـ يرفض جسده قذفه بسعال ولو اشتد وقعه ، عليه أن ينهي مهزلة الستر العتيقة تلك ، عسى و لعل أن يكون عمله كـ صدقة جارية تداوي مرض أخته !

عاد من شروده المنتهية صلاحيته ، ليـفاجئ العجوز بـ سؤال رتيب و ما زال على حالته المستلقية و عيناه مصوبة نحو السقف الخالي من معاني الحياة ، تماما كـ هو : وين سارة ؟

فغرت جدته فاها متعجبة ، لتتمالك نفسها ثم تجيبه بـ خشونة لا تناسب احاديثها معه : شتريد من البنية ؟ شفت ما عندك امل ببت قاسم قلت ارجع للمسكينة الي صارلها شهور متحملتك و ساكتة ، مثل طير مذبوح لا هية بسما و لا بقاع ، شعجب حنيت عليها

تغضن جبينه منزعجا ، تتلاطم امواجه الفكرية مع بعضها بـ عنف أربك به العقل ، ذكرها لإبنة قاسم قد هيض به ما كان مستلقيا بحجره منذ الصباح ، و لا يزال الوقت مبكرا على صحوته ، فالليل لم يسدل ستارته بعد ، و ضيف جسده ' الشوق ' أتاه حالا و بلا موعد مسبق ، ليلج من دون طرقات على ابوابه المشرعة في كل وقت ، و يتربع فوق عرش سيادته بـ عنجهية عظمى ، يتحداه صمتا أن يعترض على تلك المداهمة البدائية ، و لشدة اسفه لا يجد بدا من الإستسلام .. بل و الهرع لتقديم السقيا المناسبة من نبضات تثور و انفاس تتقد بـ حنين يأكل بعضه بعضا !
إستأذن من ذلك الضيف مؤكدا له أن البيت كـ بيته بـ تخلق لا يمت له بصلة ، ليعود واقعه محاكيا تلك العجوز الشديدة : بيبي ، دخيل الله مالي خلق صياح وعياط ، سؤال و سألته البنية وين ؟

بـ حدة صوت و نظرات متهكمة أجابت : وين تروح ؟ بالشقة يم أمك
المسكينة تكسر الخاطر ، لا أب ولا اخ ' و بـ غيظ واضح اردفت ' و لا حتى رجال بيه خير ، صايرة جلد على عظم بس منو يحس بيها !

و لا إنوثة ، صدقا يا حبيبة ، و كأنك تعلمين بأنها مسكينة عظمى ، والله لو تعلمين ما خفي لـ مزقتني إربا ، لا علم لي لم تحبين الربت على اكتافهن المنحنية ، و التي ما إن تستقيم تكورين قبضتك لـ ضربها !!

انصت لـ قولها بـ حذر : علي يووم ، مو كافي ؟ صارلك شقد على هالحال ؟ و كلما نحجي وياك تقول معليكم ، فهمني يوم انتة شرايد ؟ اذا بعدك تريد بت قاسم روح جيبها ، روح و انعل امه و ابوه الي يقلك متاخذها ، هية مرتك على سنة الله و رسوله ، روح الحق عمرك خلي تجيبلك جاهل يكبر وياك و يسند كبرتك ' تقدم سنك '

إرتعش به الخافق ليشتعل جسده بـ طريقة ألية ، لم يسبق له أن أحس بهذه النار المتأججة بـ صدره لـ مجرد حديث عابث ، بـ ثوان فقط مرت بباله ذكرى تلك الليلة التي إعتاد أن تكون له حلم مساءاته الكئيبة حتى حفظ تفاصيلها صما ، أ يعقل بأنه سيكررها ؟ أيرتضي ان يكون له طفلا يحمل دماء آل صفاء الشريفة ، ملوثة بـ لطخات قذرة من قاسم !! هنا فقط ينطفئ ذلك الاشتعال و لا يتبق منه سوى رمادا يتناثر كـ ما لو إنه لم يكن ذا وجود يوما ، حبطت أماله و خبت الانفس المستثارة ، هو لن يخلط الخبيث بالطيب ، لن يزج بـ صغار له في وحل ذلك الحقير ، لن يكون له بضعة ملوثة بـ قاتل و متعدي !
أفكاره الصارمة ترجمت على نحو سريع بـ كلمات ثقيلة : قتلج بت قاسم مـ أرجعها ، وهية هم متريد ترجع ، يعني شنو هالحجي هسة ؟

ليغص بـ نفس مثار بعد أن صرحت بـ قوة بأس : لعد طلقها و اخلص من ضيمها ، مو يومية عديلك يخابرك و ابوها يدزلك خبر و انتة عايفها معلقة ، عوفها خلي هية هم تشوف حياتها ، انتة لا ترحم و لا تخلي احد يتهنى برحمة الله ؟

ازدرد ريقا ممتلئ بلعاب ضيفه المشتاق ، ليتعشق حاجباه بـ غيظ لم يعبر عنه سوى بـ : استغفر الله العظيم من كل ذنب عظيم ، يعني شلون ؟ مناوية تعوفيني بحاالي ؟

لتستنكر وقاحته : شووووف شوووف ، محد يقدر يحجي وياك و يقلك كافي يمة غلط ، عبالك اني اقلك هيجي اكرهك ، والله لو تريدني اروح لأبوها و اجيبها منه غصب هم اروح ، بس انتة حيرتني يا يمة ، لا تقول اي اريدها و لا تعوفها و تريح راسك منها ،
عبالك ابوها رح يسكتلك العمر كله ؟ يشوف بته تذبل و عمرها يمشي و يسكت ؟ لا والله ميسكت و هسة تشوف
و يمكن البنية هم تريد تشوف نفسها ، ليوين ' إلى متى ' تبقى دافنة نفسها بهالحال ؟ ماكو وحدة تقبلها ووو

إنتفضت اعضاءه بـ ثورة جديدة ضد نظامه التعسفي ، لتهدده بـ أنها ستطيح بـ ملكوته إن لم يعد لها ما خسرت بسببه ، بـ ضيق علق متحاشيا الغوص في وحل الحديث : بيبي قومي روحي ، قومي ياللا عوفيني

لتهيج بكبرياء تأبى أن تخدش حتى و إن كان الخادش هو مدلل الفؤاد : أياااا ادبسززز يا طايح الحظ ، تطردني !! من عمت عين تربييتك الزفرة

زفر بغضب مكبوت ليعتدل جالسا ثم يلتفت برأسه نحوها ، اذ انه طيلة الحديث السابق لم يقابلها بـ نظرة ! نطق بـ تمادي : شتريديني اسوي اذا انتي مسجل بس يشتغل بعد مـ يسكت

ثارت أكثر رغم علمها بأن وقاحته هدفها اغاظتها لـ تستسلم و تتركه مدفونا في اكوام بؤسه وتعاسته التي تشقق جدران صدرها و تعبث بـ شرايين القلب و اوردته : ولك وووجع بقلب العدوو ان شاء الله ، إنتة ليش متستحي على نفسك ؟ ليش مـ تحط قدر و حشمة لـ شيباتي ' شيبي ' ؟ أكو واحد يحجي وية بيبيته هيج ؟ بس الـ مـ متربي و الطااايح حظه مثلك

بـ ملل اجابها مرخيا جسده على الاريكة مجددا وهذه المرة بـ جلسة و نظراته الكسولة تراقب شدة إنفعالها : إي اني ممتربي و طايح حظي ، شعندج قاعدة يمي ، ديللا قومي روحي و دزيلي سارة

غضبت بحق ، لـ تصرخ به مرتعشة اليدين ، فـ تلامس اعصاب الحس ، ليقلق بلا ارادة منه : اي مو خداااديم ' خدم ' نشتغل يم الخلفووك انتي روحي و انتي تعالي ، ولك ليييش ما عندك اسلوب مثل الاوادم ؟ لا و يريد بت العالم ترجعله ، أقص ايدي اذا مـ خابرتك و قلتلك طلقني و خلصني من ضيمك ، انتة مـنو يتحملك حتى تتحملك مرة ، بس غير اني قلب ام ، من نعلعلاااا قلبي همين
زين تسوي بيك سعاد ، إنتة تستاهل ام مثلها ، عاشت ايدها والله اروحلها فدوة بس هية دوااك

ببرود اشاح بوجهه ليعلق فقط على الشق الاخير من خطابها الموبخ : هوة الي اني بركات سعاد خاتون

تبا لقلبها تبا له ، رغم سلاطة لسان حفيدها و جوده بالقذارة الحرفية تراه ينتفض لـ لمحة حزن تبرق لحظة في نظرات هذا الصبي الحبيب : علييييي

ليعلق بـ تعب زفره من بين الاحرف : بيبي ، مليووون الف شغلة براسي ، فـ لتجين و تدوخيني انتي هم

لطمت فخذها بفقدان حيلة لـ تجوب اروقة العقل بحثا عما يناسب الموقف ، فلم تجد سوى خواء ذهني ، لتستجير بالقلب ، ليكون الاخير ذا ايثار عظيم ، و يقدم كل نبضاته فداءا لهذا العنيد ، تحدثت بـ خفوت مرهق : هسة اقوم ، بس قبلها فهمني شتريد من البنية ؟

بسخرية ابعد نظره عنها لـ يعلق : رجال و مرته انتي شعليج

اغمضت عينيها لتهز رأسها بتعاسة ، هذا الـ ولد ينوي قتلها ! فجأة لاح لها خاطر ماكر ، لتكيد له بـ ثعلبة ، فـ تبعث له بحروفها المجهدة بـ تعاظم : يمة اني علمودك احجي ، ولك أمي اني شـ باقيلي بهالدنيا ؟ ترة رجلي و القبر بيبي ، يومية اقلك هالحجي ، أقلك اريد ارتااح و اذب حملك على مرة تتحملك مثلي و تريحك

بتملل تحرك في موضعه و اكيد هو بأن من تتحمله كـ هي تبعد عنه اميالا نحو الغرب ، حيث تحتجز بين قضبان والد متجبر ، ملوث الاكفف بدما الابرياء ، عبست ملامحه و بـ حشرجة صوت استطرق بمحاولة ميتة للـ سلوى ، ليته يسلى عن حميد يتناول بـ جسد أخته ، يتغاضى عنه ليعود فيتراقص أمامه كـ شرقية متمرسة الموهبة : بيبي تعبان

لتستقيم نبع حنانه ، فتسقيه كؤوسا يضمأ لها كل حين ، فتأتي نحو اريكته ، ليفهم ما تنويه و يزحف بجسده نحو الاسفل ، حتى جلست و حط بـ رأسه الكبير في جحرها ، و احدى قدماه استلقت فوق المسند الجلدي للأريكة و الاخرى تنثني بـ زاوية حادة كحدة حاجته للـ بوح ، أغمض جفنيه حالما شعر بيدها تتخلل شعره القصير ، و كـ عادتها أسمعته تراتيلا من أصدق الدعوات التي يود سماعها و ينأى الاعتراف بـ ذلك الود ، فجأة لطمت على صدرها بيمينها و افزعته ، بينما اليسار ظلت تعبث عجلة بـ شعره : يمممة سووودة علييية ، ولك هاي شنوو ؟ شعرررك كللله شييب صاير .. سوودة علية يووم ،
الله لينطييهم الي أذووك و وجعوا قلبك يا روح بيبيتك

إبتسامة طفيفة لاحت على جانبي الثغر المتزمت ، ليهمس بقهر : آمين

كم اوجعها من دون ان يعلم ، هبت بـ كلام متبعثر : حرااام عليك نفسك يمة ، ولك كاافي مشبعت من هالعذاب ؟ ادري بيك قلبك متعلق ببت قاسم ، وانكسر من اخذوها منك ، أدري و كاسر قلبي أني هم بس فهمني شبيدي اسوي و اسويه

جفت دماءا تملئ اخاديد المخ و المخيخ ، لتتوقف افعاله الحيوية لـ اجزاء من الثانية ، و كأنه مات ! ليستعيد جسده بأسه ، و ' قلبه ' المتهشم كما تقول عجوزته ينبض بـ شتات ، آه لو تعلمين يا سيدتي مال فتاك شائب الرأس والقلب ، آه لو تعرفين كم يعاني لفقد كرامته و شرفه و اهله و فوقهم ما تسمونه قلبا ! مالذي ستواسين به صغيرك لو اطلعت على حال اخته و ما تبقى له ؟ أخبريني بربك هل تملكين عقارا مخدرا لهدهدات الوجع ؟ أم ان ذلك التخدير اضغاث اماني فـ حسب ؟
لتكمل هي بعد أن لمحت اكفهرار ملامحه و تصلب عنقه في حجرها : تريدني اني وياك نروح لأبوها و نخطبها منه من جديد ، حتى مهر ناااخذله ، نبدي من جدة وجديد ، امي انتة تريدها لتنكر ؛ و لتعذبني وياك

لـ يرفع حاجبه الايسر و يهمس بفحيح ، و حتى الآن ما زال محتفظا بـ مقلتيه تحت الاجفان : و احط ايدي بأيد قاسم ؟ هه لو يصير اخر يوم بعمري ما اسويها

زفرت همه المتكتل في شرايينها ليزيد من خطر جلطتها القلبية و الدماغية : و بعدين ؟ تبقى معلقها و عبالك يسكتلك ؟

توتر فمه ليعلق : خليها على ربج

مسحت على رأسه مرارا ، و مرارة قلبها وصلت الحلق لتتناثر كحبات حرفية : و نعم بالله ، بس ربك هم يقول اسعى يا عبدي واني اعينك ، مو انتة قاعد بحظني و تريدها تنحل

ضحك بخفوت ، و فتح عينيه فجأة ليستطرق : دعوفيني شوية مرتاح ، حتى على هاي حاسدتني ؟

تنهيدة طويلة هربت منها ، أعقبتها بـ : وخر شو ، رح يأذن خل اقوم اصيحلك سارة ،
ثم استطردت بسرعة : صدق شترييد منها إنتة ؟ علي يمة لتظلمها ، ترة البنية من يوم راح ابوها و اخوها انكسرت ، لتكسرها زايد اذا متريدها عوفها ، ولاد الحلال هواية

وجمت ملامحه كافة ، ليرفع برأسه من فوق حجرها و تستقيم هي ، ليعود على حاله المستلقي السالف ، ثم يجيب بـ هدوء غامض : أريد اكمل زواجنا









؛




أأنكِرُ دمعَ عيني إن تداعا ؟ وأصطنِعُ ابتساماتي اصطناعا ؟
نَعَم إنّي حزينٌ يا حبيبي فأيامُ اللقاء مضت سراعا
وهاهي ساعةُ التوديع حلت ورُبّانُ النّوى نَشَرَ الشراعا
لجأتُ إلى التجلّدِ غير أنّي وجدتُ الصبرَ قد ولّى وضاعا
رَفَعتُ بيأسِ مهزوم ٍذراعي وأثقلَ حُزنُ أعماقي الذراعا
وتمتمتِ الشفاهُ ولستُ أدري أقلتُ إلى اللقاء ! أم ِ الوداعا؟
نَظَرتُ إليكَ نظرةَ مستجيرٍ ولم ألقَ الحمايةَ والدفاعا
ففي عينيكَ كان الحزنُ سيفا ً يُهَدِدُني ويملؤني ارتياعا
وكان الدمعُ يَصقُلهُ فألقى لهُ في بحرِ عينيكَ التماعا
ولم أنطق ففوقَ فمي جبالٌ من الآهاتِ تُسكتُهُ التياعا
أكُلُّ موَدّع ٍ خِلاً يعاني ؟ ويجترع الأسى مثلي اجتراعا ؟!
على جسرِ الفراقِ وَقَفتُ أرجو فؤادي أن يعودَ فما أطاعا
ولمّا غبت عنّي يا حبيبي وغادَرتَ المنازل والبقاعا
رأيتُ الليلَ يَملؤُني ظلاما ً فَلَم يَترُك لتعزيتي شُعاعا
وصبّت مقلتاي الدّمع حتّى غَدا كالسيلِ دَفقا ً واندفاعا
وقُلتُ بحُرقَةٍ لا جف دمعي ولا شَهِدَ انحباساً وانقطاعا
إلى أن يجمع الرحمنُ شملا ً لنا فنُعيدُ وصلا ً واجتماعا
ولستُ بمنكر ٍياخِلُّ دمعي وفوقَ الوجهِ لن أضعَ القناعا
ولستُ بأول العشاقِ حتى أحاوِلُ كتمَ آهاتي خِداعا
عرفتُ الحبَّ دربا ً للمعالي ولم أقبلهُ ذُلا ً واختضاعا
وما كنتُ الذي يخشى الليالي وما قَبِلَ الشجاعُ لها انصياعا
ولي قلبٌ بحتفي لا يبالي وما هَزَمَ الرَّدَى قَلباً شجاعا
ولم أقنع بغيرِ الحُبِّ تاجا ً فلمّا جاءَ زِدتُ بكَ اقتناعا
لأنّك يا حبيبي تاجُ حُبّي وتاجُ الحُبِّ فرضٌ أن يُراعى
وما عرف الهوى إلاّ كَريمٌ فَزَادَ بهِ عُلُواً وارتفاعا
ولم يَكُ مٌنذُ بدءِ الخَلقِ إلاّ كَزادٍ من تعالى عنه جاعا
فيا ربّاهُ هل ستطيلُ عمري لألقى الحُبَّ بين الناسِ شاعا
حبيبي أمسِ كانَ الوجدُ سِرّاً ويَومَ فِراقِنا دمعي أذاعا
رَحيلكَ أشعلَ النيرانَ فينا وإن أشعلتَ عُودَ الهندِ ضاعا
وأَرسلَ طيبَهُ في كلِّ قلبٍ لينتزعَ الأسى مِنهُ انتزاعا
عزائي أن صوتك سوف يأتي فأمنحُهُ من القلبِ استماعا
وأطربُ كلَّ يَومٍ لاتصال ٍ إذا لم يَكُ وَصلكَ مستطاعا



مانع العتيبة





عاد ليتلحف بـ كآبته ، و يلف وشاح الوحدة حول عنقه المعقود بـ تعويذة فرعونية منذ ارذل العصور ليمتنع عن الإفصاح و لو كان بالأمر إختناقه ! نعم إختناق هو ما يشعر بركبه يحط رحاله فوق الصدر العتيد ، بم يفكر ؟ بم يشغل باله و كل عوالمه تنهار واحدا تلو الاخر ، لا يدري كم من وقت مضى منذ أن غادرته لـ ترسل تلك الزوجة الواقفة بمنتصف الطرق على قيد إنتظاره .. تأخرت هي ، و تمنى صدقا أن تتأخر الدهر بأكمله ، فـ حتى لو كان اختلاءا بريئا بينهما ينويه و يعلم بأنه سيمزق قلبها ، فـ هو لعسير عليه ، لا يكلف الله نفسا الا وسعها ، وهو لا يسعه أن يتظاهر باللا ذاكرة ، لن ينجح بـ ثقب قلبه بـ مسمار الضرورة ليعلق على كاهله المصيبة التي شهدها بقهر رجل !
و ويل له من ذاك القهر الذي تناساه لكثرة الأوجاع ، ترنح بـ مسيره الأعرج بين المطبخ المرتب توه من قبل جدته ، و الصالة الصغيرة العاكسة لـ صوت المذيع الإخباري بإزعاج ، توجه بذات الخطى البطيئة نحو الاريكة الطويلة ليلقي بجسده فوقها شاعرا بخواء في منتصف الصدر ، و كأن ضيفه الثقيل قد ابتلع كل ما امامه من طيب الطعام ، لينتهي بالقلب المنتفخ بهمومه ، و ما دام شوقه متخم اليوم ، فالإصطبار صعب ، صعب جدا !
لم انصتت له تلك العجوز و رحلت ؟ ألم تتهجأ بقلبها كلماته المخفية بحبر الكتمان ؟ ألم تعلم بأنه يقبع في دواخله رغبة ملحة لكي تبقى حتى لا تدركه اشباح فقداءه على مر السنين ، صار معقدا من وحدته ، رفع الهاتف من على الاريكة المنفردة بعد أن اغلق التلفاز بـ جهاز التحكم ، ليرميه بـ لا إهتمام يذكر نحو الطاولة الصغيرة امامه ، فيعود مستلقيا على ظهره و انامله تتقافز فوق الشاشة ، منذ خمسة عشر دقيقة بالضبط انهى مكالمته مع تلك الصغيرة ، و لا يمكنه معاودة الاتصال ! يكفيه ألما لـ حالها ، و لكنه أوشك على الإحتراق ، تبا
ليته لم يبارح مكانه في ارضه الثكلى ، و لكن لا نفع لـلتمني الآن ، فهو محتجز بين انقاض مستقبل متفكك ، و روحه تكاد تطير فتتركه لتعاود المبيت هناك ، حيث للـ هواء عطر معتق لا يدركه إلا ذو وجع و فقد ! غير وجهة اتصاله هذه المرة نحو المسيحي الأخرق ، ذاك الذي ينوي تحضير نعش قلبه و دفن جثمانه مبكرا ، إلا إنه لم يجني ردا ، و شعور الإختناق يعلو بنفسه ، لـ تتسمر نظراته بشرود على السقف و يده التي كانت لا تزال محتضنة المحمول قد تراخت ليسقط الجهاز على صدره بعد أن ضرب بـ ذقنه المتشعث بـ لحية غير مشذبة ، لم لا يفعل ما يحتاجه بهذه اللحظة ؟ إلى متى سيظل مكانه عاكفا منتظرا أن يفهم احدهم ما يملأ صدره ؟ و فوقه يجيئه بـ ما يفتقده و بشدة !!
لن يحدث شيئا لو انصت لـ هذا الهمس الخافت ، و ما الأسوأ للوقوع على كل حال ! عند هذه النقطة عقد العزم ليرفع هاتفه مجددا ، و هذه المرة يعتدل جالسا فيتكئ بيمينه على المركأ و يساره تتحرك بـ إصرار حتى تصل لمبتغاها ، و بعد دقائق طوال ، كان قد وصل لنقطة اللا رجوع ، فـ هاهو الرقم ينتصب على شاشة محموله الأسود الكئيب ، صمم على الانصات للهمس ، فدوما اصحاب الاصوات الضعيفة لهم في النفس تأثيرا اقوى ، قليلا و وصله رنين الانتظار المقيت ، لا يدري أ إستغرق الامر طويلا أم إنه هو و للعجب من لا يطيق صبرا !!
إنقطع الرنين على حين غفلة من ادراكه ، لـ يعتقد بأن خللا اصاب الإتصال ، فقرر المعاودة و للمرة الأخيرة ، ابعد الهاتف عن صيوانه لتتجمد اصابعه قبل أن تحط فوق السطح الاملس حالما اتضح له بأن الخط قد فتح من الطرف الأخر ، ليعيده محله مجددا و ينطق بـ فخامة صوته الصارم : الو

حشرجة الانفس وصلته عبر الاثير الشاسع الفاصل بينهما ، تبعه همس متوتر ، و كأن ناطقه غير مصدق : علي ؟؟

إنها هي ، تلك الطريقة المميتة في نطقها لإسمه ، لا يعلم ما يسمي شعوره نحوها ، إلا إنه الآن و بمجرد نطقها لثلاثة أحرفه اوشك على الغص بـ أنفاسه ! تبا لها و لأبيها ، لعن الله شياطينا ادركته و حرمت عليه النسيان ، جلى حنجرته ليهمس و قامته ترتخي على الاريكة : شلونج ؟


صمتها طال ، و إبتسم ساخرا لحالهما ، أ تراها تخاف أن تضبط بالجرم المشهود من قبل والدها ليصفعها لو علم علاقتها السرية به ؟ كـ مراهقة متحررة يتعلق قلبها بـ احد رواد مدارس الفتيات ! هه ، يال سخرية حال آلا إليه ، رفرفت امام انظاره حمامات السلام الأبدي عند نطقها لـ : الحمد لله ، و إنتة ؟

لم يعرف ما الجواب الامثل ، أي لون يغطي جدران قلبه الآن غير الأسود الحالك ؟ بـ زفرة ثقيلة اجاب : على ربج ، شخبارج ؟

وصلته تنهيدة طويلة شعر بها تشق طلبته لتستقر بجانب النخاع ، لتنغزه كل ثانيتين ، و كإنها النبض بل و أقرب !!
بـ خفوت جائته نبرتها : على الله ماشي الحال ، هممم .. إنتو شلونكم ؟ لينا و بيبي اخبارهم ؟

فلتت من بين شفتيه جملته الرتيبة وشعر معها بصوت تمزيق أقرب لتمزيق نياط الفؤاد : لينا مريضة

هذه المرة تخلل نبرتها الكثير من الاهتمام المترقب : مريضة ؟ خييير خوما شي يخوف ؟

صمت لفترة ، و من ثم همس بسخرية مريرة : تدرين

تجاوبت مع همسه بـ المثل : هممم ؟

أكمل بذهن شارد : بيوم العقد ، توقعت ابوج رح يلعب من وراية مرة ثانية و هالمرة ايده توصل للينا ، جنت خايف عليها ،
حيل خايف
تصدقين ؟!

دغدغت انفاسها المتعالية اسماعه ، لتردف بهدوء رزن مشوب بكثير من القلق : علي لتخوفني ، لينا شبيها ؟

سكنته امنية حمقاء لرؤيتها ، يحتاجها !! بشدة يفعل ، علق بـ شروده نفسه : بس هالمرة الضربة جتي من غير مكان ، هه .. عبالك رح اتحمل خسارتها

: عليييي

لا بل هذه
نعم ، إنها هي ، تلك الطريقة السحرية لقرص شياطينه ، لكنها الآن كانت مستيقضة سلفا و تنتظر كبس زر البدء لتدخل حلبة النزاع من اجل الاكثر إيلاما !
عادت لتتوسله برفق و رهف انثوي يدرك جيدا بأنه مخلوط مع الروح بها : علي الله يخليك لتخوفني ، إنتة بيك شي ؟
أروحلك فدووة لتوجع قلبي واحجي
علي ؟ جاااوبني ، خابرت بس حتى تأذيني ؟
والله تعباانة و ما اتحمل منك قهر
عليي ؟ ليش مـ ترد عليـ ـ ـ

: جلنـار

نطق الاحرف بـ عناية بالغة و كأن به يحمل زهرة كريستالية ستثمر يوما لتمتلأ بـ حبيبات رمانية شهية ، إزدرد ريقه ، ليستطرق بجدية : إنتي تدعين علية ؟؟

وصلته شهقتها العالية ، ليتخلخل الضغط بين اذنيه فـ يتناهى له عدة اصوات متداخلة و مزعجة من حولها ، عقد حاجبيه بـ ضجر ، ليحد من صوته اكثر : جاوبيني ، دعيتي ؟

: علـ ـ ـي

انفاسها المتتداخلة بينها انبئته بـ مدى وقاحة سؤاله ، لـ تفاجئه بـ صوت متعالي مصرور و كأنها قد اشهرت اسلحتها للهجوم لا الدفاع : عليييي شبيييك ؟ فهمننني شصاااير ؟ و بعدين شنوو ادعي علييك ؟ صــدقني والله العظيم لو داعية عليك جااان هسة انتة بـ ـ

قاطعها بحدة و كأنه قنبلة موقوتة معدة للإنفجار الحتمي و كلماتها الشرسة لم تكن سوى الولاعة التي تناولت بنارها الضئيلة رأس الفتيل لـ تلتهمه كاملا : جااااان هسسسة شنووو ؟ فهميننني شنوو الحال الانكس الي جاان صرت بيه ؟؟ عرضي و لعبتوا بيه ، جسمي و دمرتوه ، وهسة دعاويكم رح تمووت اختي !! أختتتي الي باقيتلي من الدنيا

حاولت تهدأته بأنفاس وجلة و نبرة تتراجف : علـ ـ ـ

ليزأر كما كان قبلا ، هو رجلها الهمام ذو اللسان الحاد كـ حد سيف عربي مؤرخ ! : الله ياااخذ علي و الساااعة الي شاافج بيهاااا ، استغفرررك يارب
استدرك بذهول ذاتي : فهميني ليييش خابرتج اني ، من كل عقلي دقيت عليج ! منو انتي اصلا ؟ هه بت قاسم الكلب شتوقعت منج .. تفهميني

ما زال يكسرها ، ألا يشبع هذا الرجل من لي شرايين قلبها بين انامله الخشنة ؟! ، تمتمت متوسلته و نبضاتها تضطرب كمن تعتلي فرسا جامحة لا فارس يكبح جماحها و يلجمها : علـ ـ ـي شبيـ ـك ؟ دخيل الله مو وقعت قلبي ، بس فهمني شصاير ؟

إنخفض صوته ، ليتحدث بـ إرهاق عاطفي و ذهني لامس جوف فؤادها : لينا ، أختي ، هه و الله ما ادري شقول
هه ، شقد جنت احجي عليها هسة طلعت حوبتها بية
بس .. ما اقدر ، يعني .. مو هيج
لـ تعلو نبرته بـ فقدان سيطرة اهبط قلبها من بين الضلوع لـ تحت قدميها الذائبتين : لج فهميني شلووون اذا ماااااتت
عمررر شلووون بيه

صاحت به مرتعشة الجسد : علييييييي لينااااا شبيهاااا

بخفوت صوت و إجهاد نطق : ورم ، براسها !

علق الصوت بحنجرتها لتهمس بتخافت راجف : هئ ، لا الله يخليك ، لتقولها

سخر بـ ضجر و كفه تمسح فوق رأسه بشراسة : هه قلتها ، اختي مريضة ، و اني هنااا محبووس ما اقدر ابقى يمها
و اذا بقيت ، يعني شرح يصير .. قابل أأخر موتها !!

لـ تتوسله مجددا و الكلمات صارت تتقاذف من دواخل نابضها المرتعش بإستماتة هلع : علييي عمرري كافي ، حبيبـ ـ ـي إنتتة الله يخليك كااافـ ـ ـي

و كأنه اصم ، ليكمل استرساله الشارد بغير ذي وعي : هههه ، لج والله خايف .. تصدقين
حيل خايف ، عليها و على عمر و على نفسي !
ليستطرد بذات الذبذبة الصوتية و رأسه يميل يمينا و الوجوم صار كـ قناع فولاذي التصق بـ ملامحه : بدت العلاج ، بس رح تتأذى حييل
رح تموت من الوجع ، أعرفها ضعيفة متتحمل والله متتحمل
الزماالة المخبلة العنودية كل يومين دتنام مستشفى ،
لم يهتم لصمتها و الحديث ، فقد كان ممتلئ الوفاض بالوجع ، و بوح يحتاجه بشدة ليتخلص من خنق الانفاس ، سألها على حين غرة : فهميني شسووي ؟ واحد بوضعي خسر ابوه و خواته و قبلهم امه و بعدين عرررضه ، و هه قلبـه ! حتى روحه و حياته ، خسر كل شي فهميني شسوي حتى ما اخسرها ؟
إرتفع صوته بلا وعي مطالبها بالتجاوب : جاوبييييييني شسووووي

و كأنها هي الاخرى قد فقدت عقلها و خيط التماسك الفاصل بين الثبات و التخلخل قد إنقطع لوهلة مضت ، لتتحدث بعجل مؤلم لقلبها قبل فكيها ، و لا يعلم حقا كيف راح يحس بتخلجاتها كافة و كأنها منحوتة حية تنتصب امامه بعودها الريان : علـييييي حبيبي انتتتة كاافي ارووحلك فدووة كاافي ، والله دتحرق قلبي ، لتخاف ان شاء الله تقوم بالسلامة ، عيوني انتة طبيب و تدري إنو هالمرض صايرة حلوله موجودة ، الله يخليك لتضعف هيج ،
علي تسمعني ؟

همس فجأة بـ فحيح يشابهه غير آبه بكل ثرثرتها الباكية ، و كم بدا كـ وحش جليدي بهذه اللحظة : فرحتي ؟ ، يعجبج تتشمتين بالي دمر حياتج و خـ** بـ علاقتج بأبووج
بالي ضيع كل شي عندج ؟ تحسين حووبتج طلعت بية ؟ اخذت منج كل شي وهسة صار وكت العقاب ، بس مو لينا ، ما اريد اتعاقب بأختي

ضاقت بها الارض بما رحبت ، لتصرخ بجزع أكل أطراف صوتها الغائر في جوف من بركان : مووو كااافي ؟ دخيل الله كافي حراام عليك ، تدري كولش زين شنوو إنتة بالنسبة إلي ، ليش تظلم نفسك هيييجي ؟ كل شي صاار اني مشتركة بيه ،
علي الله يخليك اسمعني ، تذكر بس تذكررر لو مـو إنتة ورة رب العالمين جان هسة اني شنووو حالي ؟ من ست سنييين جان طيحووا حظي و ذبحوونـ ـ

ليصفعها بذات بروده و كأنه فعلا قد صدق حكايته العتيقة بكونه رجل الثلج ، و لكنه ليس كذلك الباسم ، فالوجوم والإكفهرار هما فقط ما يغطيا وجهه : هه يعني هسة لو قبل شنو الفرق ؟ مو نفس الشي ؟ مو عفتج ورة ما اخذت الي اريـده

بـ إنهيار و حطام صاحت : عليييي احنة متزووجين

ليعمل جاهدا على إمتصاص رحيقها لـ دهر آت نحوهما : ها يعني مو نفس الشي ؛ لعد ليش ابوج لهسة محاربج

بـ تردد طال لوهلة ، قررت أن تكون تلميذة مطيعة في حضرة جناب العنيد عريض المنكبين و ان تختار لها بحثا موضوعيا في إسكان هيجانه الثائر : لأن أحبـ ـ ـك

لما صار الصمت لها جوابا همىست راجفة : علـ ـ ـي ، عمـ ـري إنتة لتخااف على لينا خليها على الله ، والله اتمنى هسة اجييكم ، ليييش قلتلي علي دخيلك شرح يصبرني

: رجعي

علق حازما ، و كأنه يخبرها بـ أن لا سبيل أخر للصبر ، و لم يدهش حينما استغرق الصمت منها لمدة طويلة ، ليعود فيكرر بـ نبرة أشد وقعا : ابوج يدري مـ رح اطلق ، فـ رجعي

تمتمت رافضة عرضه المتجدد ذاته ، و غصة حلقها صيرت من صوتها كـ صراخ حمامة مذبوحة العنق : قتلك ما أقدر

بسخرية معجونة بصفاته رفع احد حاجبيه ليشخر بـ لا ذوق ، ثم اردف : بس مقلتيلي حضرة جنابج ليش ، و اذا قلتي علمود امج فـ اسد التليفون بوجهج و بعد مـ تسمعين صوتي

ما هذا التهديد المغرور يا أنت ، ألم تسألها لـ لحظات خلت ما إن كانت قد أرسلت دعوات مظلومة لرب الخليقة ؟ ألم يسكنك الخوف قليلا من اجحافك حق إنسانيتها ؟ أ تعود مجددا لتصب اكوابا من تلك القهوة العلقمية و تجبرها على ارتشفاها بتلذذ ، لطالما قالت بأنه ليس سوى نسخة محسنة من قاسم ! فـ ذاك يشهر فضيلة توبته ، و يتظاهر نفاقا بـ إصلاح حاله ، ليتلاعب من خلف الستائر بمصائر أخرى .. يعبث بالأنساب و الأصول ، سلسلة من تناقضات مجنونة يتقيدان بها عند المعاصم و بـ ذاتية مقرفة !

سكونهما كان راحة ينتظرها كلاهما ، ليغمض عينيه بـ شرود سارحا في مقدار الهدوء الذي زودته به بعد انسلاخ ذلك الاعتراف المشتعل من نسيج لسانها ومن بين الشفتين ! مرت بباله ذكرى ليلتهما مجددا ، حيث كان الانسلاخ الاول لتعري المشاعر ، أوليتها تعود ،! ليتها فقط تخبره عما يحول بينها و العودة ، لـ ربما حينها سيكون تدخله قويا و رسميا ليعتدل حالهما المائل بين خواء و إمتلاء !
فؤاده المسهاد ليليا رفض أن يسمح له بتفجير فقاعة الصمت المرخية لأعصابه المشدودة ، و لا يعلم فعلا ما سبب هدوءها هي .. فكانت منصتة بـ دقة لتخلجات صوته المرهق ، لتواسيه بأنفاس مشتتة ، ليصمت الكون من حولهما ، كل الكون قد تضاءل و الافكار تقازمت ، حتى الاصوات فقد تلاشت و كأنها لم تكن يوما .. و فجأة ، إنتفخت المجرة بإمتلاء فوضوي ، مبعثر ، و مزعج
تحدث بـ رتابة وكأنه حان وقت التحقيق : هاي منو يمج ديبجي ؟

شعر بها تلتهم الهواء التهاما ، ليأتيه الرد سريعا راجفا : هااايـ ـة بت اختـ ـ ـ

بتر كلمتها و ما زال طنين ازعاج الصغيرة يشق أذنيه : بت عبد الله ؟ شوكت صار عنده ؟؟

لم تنبس ببنت شفة ، ليسكنه الضيق ، ثم يصيح بها مغتاظا : اصصص دسكتيهااا عاد دوختنا ، و شعندج انتي قاااعدة يمها ؟

: أأأ ، بس مو بيت روشن هنـ ـا

توتر نبرتها و ذبذبات الصوت المتلحفة بالخوف قد رسمت فوق رأسه للإستفهام علامة تجاورها اخرى للتعجب !
بـ فطنة تساءل : شيسوون يمكم ؟ قبل شوية خابرت عبد الله دا اخذ رقمج جان بالشغل ، شتسوي بته يمكم

هذه المرة اتاه صوتها محدثا لـ من تقربها من دون ان تكلف نفسها عناء التعقيب على استفساره : رووووشن تعالي شيلي ' جووود '

عقد حاجبيه قليلا لينطق بتلقائية سحبت كل قطرة دم من وجهها ، لتكون شاحبة كالأموات : ' جود ' ؟

تنهيدة طويلة ، أعقبتها بـ رجفة صوت متزلزل ، خافت و غائر في نفق معتم لا ينبئ بإنبلاج ظلمته و بزوغ فجر ينتظرانه بأمل يحتضر : إي ، جود







.
.
.


نهآية ْ الإدانة السَـآبِعَةْ عَشرْ

و مَـآزِلتُ أحلُمْ

 
 

 

عرض البوم صور حلمْ يُعآنقْ السمَآء  
موضوع مغلق

مواقع النشر (المفضلة)
facebook




جديد مواضيع قسم القصص المكتملة (بدون ردود)
أدوات الموضوع
مشاهدة صفحة طباعة الموضوع مشاهدة صفحة طباعة الموضوع
تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة
Trackbacks are متاحة
Pingbacks are متاحة
Refbacks are متاحة


LinkBacks (?)
LinkBack to this Thread: https://www.liilas.com/vb3/t189827.html
أرسلت بواسطة For Type التاريخ
ذ¯ذ½ذ´ذµذ؛رپ This thread Refback 05-10-14 12:13 PM
ط£ط¨ط±ظٹط§ ط­طھظ‰ طھط«ط¨طھ ط¥ط¯ط§ظ†طھظ‡ظ… ط§ظ„طµظپط­ط© ط§ظ„ظ‚طµطµ ط§ظ„ظ…ظƒطھظ…ظ„ط© ط¨ط¯ظˆظ† ط±ط¯ظˆط¯ This thread Refback 18-08-14 03:21 AM
ط£ط¨ط±ظٹط§ ط­طھظ‰ طھط«ط¨طھ ط¥ط¯ط§ظ†طھظ‡ظ… ط§ظ„طµظپط­ط© ط§ظ„ظ‚طµطµ ط§ظ„ظ…ظƒطھظ…ظ„ط© ط¨ط¯ظˆظ† ط±ط¯ظˆط¯ This thread Refback 01-08-14 12:45 PM


الساعة الآن 09:00 PM.


 



Powered by vBulletin® Version 3.8.11
Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd.
SEO by vBSEO 3.3.0 ©2009, Crawlability, Inc.
شبكة ليلاس الثقافية