لمشاكل التسجيل ودخول المنتدى يرجى مراسلتنا على الايميل liilasvb3@gmail.com






العودة   منتديات ليلاس > القصص والروايات > روايات عبير > روايات عبير المكتوبة
التسجيل

بحث بشبكة ليلاس الثقافية

روايات عبير المكتوبة روايات عبير المكتوبة


إضافة رد
نسخ الرابط
نسخ للمنتديات
 
LinkBack أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
قديم 08-02-12, 09:27 PM   المشاركة رقم: 16
المعلومات
الكاتب:
اللقب:
ليلاس متالق


البيانات
التسجيل: May 2010
العضوية: 162960
المشاركات: 2,906
الجنس أنثى
معدل التقييم: نيو فراولة عضو متالقنيو فراولة عضو متالقنيو فراولة عضو متالقنيو فراولة عضو متالقنيو فراولة عضو متالقنيو فراولة عضو متالقنيو فراولة عضو متالقنيو فراولة عضو متالقنيو فراولة عضو متالقنيو فراولة عضو متالقنيو فراولة عضو متالق
نقاط التقييم: 2759

االدولة
البلدLebanon
 
مدونتي

 

الإتصالات
الحالة:
نيو فراولة غير متواجد حالياً
وسائل الإتصال:

كاتب الموضوع : نيو فراولة المنتدى : روايات عبير المكتوبة
افتراضي

 

3- لقاء في الظلام

إستيقظت دافينا في صباح اليوم التالي بعد ليلة حافلة بشتى الذكريات والأحلام ، الموجعة والمفرحة في آن معا ، لكنها بدت هادئة الأعصاب ، كمن تنتابه الحمى وترتفع حرارته فجأة ،وتظل ترتفع وترتفع .... وهو يهذي ويتلوى ويصرخ ، وينتفض ، ويرتعش ، لغاية ان تشل النوبة قواه العقلية والجسدية وتجعله عاجزا عن الحركة لتبدأ عملية الإرتخاء ، فيغيب عن الوعي ويستسلم لسلطان النوم بعد هزيمته في المعركة ، ليعود ويستيقظ بعد ساعات من النوم الهانىء وهو يشعر بقيامة جديدة أثر غيبوبة مؤقتة لا تختلف عوارضها عن بداية النهاية ... فيشعر بالإنتصار ، وتراوده آمال وأحلام جديدة ببزوغ فجر جديد لحياته المتجددة ..
أجل ، لقد إستيقظت من النوم وهي تفكر ، على غير عادتها ، بان إنسياقها وراء ذكرياتها الماضية ستكون له عواقب وخيمة على مجمل حياتها ومستقبلها ، وما عليها إلا أن تطوي صفحة الماضي ، إذ يستحيل إعادة عقارب الساعة الى الوراء ، إلا أن قرارها هذا لم يصمد طويلا ، شانه شأن جميع قراراتها السابقة ، وذلك لأنها نابعة من العاطفة .
منتديات ليلاس
وهكذا لم يكتب لقرارها بضرورة نسيان الماضي أن يعيش سوى بضع دقائق ، ما لبثت بعدها أن تصورت بأن كل ما يدور حولها ينذرها بضرورة مغادرة هذا المكان بأقصى سرعة ممكنة ، وبان الظروف الانية ليست مناسبة لأثارة ما سيؤول الى مواجهة حامية الوطيس بينها وبين لويد ، ولا يضيرها إن هي أودعت الأوراق التي حمّلها إياها عمها فيليب لتسليمها الى السيد لويد ، لدى أي شخص من أهالي المنطقة ، وتكلفه بإيصالها اليه ، ويبقى على المحامي متابعة قضيتها بالطرق القانونية ، وإجراء المفاوضات والإتصالات الضرورية بشانها مع زوجها ، ذلك كان الحل الذي فكرت بإعتماده وفكرت على أثره بالرحيل.
وما ان إنتهت من وضع اللمسات الأخيرة على هذا القرار المفاجىء حتى ذهبت وغسلت وجهها ، ثم إرتدت ثيابها وخرجت من الغرفة في طريقها الى الخارج ، عبر المطبخ، الذي كانت تنبعث منه رائحة تثير الشهية ، وتسيل اللعاب.
كانت عمة لويد عائدة الى الدار حاملة سلة مملؤة بالخضار الطازجة ، عندما أصبحت دافينا في الخارج ، فبادرتها بالتحية وهي تبتسم لها وتقول ردا على إندفاع دافينا نحوها ملوّحة بيدها بقصد المساعدة :
" أهنئك على هذا النشاط ، يا عزيزتي ! الطعام سيكون جاهزا بعد ساعة من الآن تقريبا".
هزت دافينا رأسها وهي ترد قائلة :
" ما جئت لكي أستفسر عن الطعام " ثم أشارت بأصبعها الى السلة وتابعت تقول:
" قصدت مساعدتك في حمل السلة".
" شكرا لك ... اظنك بحاجة الى مزيد من الراحة ، عودي وإجلسي في الصالون حيث تجدين أدوات كثيرة للتسلية بالإضافة الى جهاز الراديو ومجموعة كبيرة من الكتب ، آسفة لعدم وجود تلفزيون عندنا... إن ضعف شبكة الإرسال والإستلام لا يشجعنا على شراء تلفزيون.
لكن دافينا تجاهلت ذلك وأخذت تلح عليها كي تدعها تقوم بحمل السلة عنها ، وهي تبتسم وتقول :
" دعيني اساعدك طالما أنك تعتبرينني كفرد من افراد العائلة ، أليس كذلك .؟".
" أجل ، لم أصدك عن مساعدتي في البداية إلا بدافع الحرص على ملابسك ، خذيها وساعديني ، إذا شئت ، بتقطيع اللوبياء وتحضيرها للطبخ ، كانت ريانون تساعدني في تحضير هذه الأشياء ، ولكنها ذهبت اليوم الى المزرعة لتشتري لنا بعض البيض.
وهكذا إندفعت دافينا حاملة السلة الى المطبخ ، حيث اخذت تستعد للبدء بالعمل وهي مسرورة جدا من هذه المبادرة المشجعة .
جلست دافينا قبالة عمة لويد ، تقطع اللوبياء الخضراء ، بينما كانت العمة تقوم بتحضير الجزر وتقطيعه ، وكانت فرصة مناسبة إنتهزتها دافينا لتتحدث مع السيدة باري ، فبادرتها بالسؤال عن مصدر الرائحة الزكية التي كانت تملأ الجو ، فردت عليها وهي تبتسم :
" رائحة خروف محمر... كلنا هنا لا نحب الماكولات الدسمة... طعامنا كله بسيط ولكنه لذيذ الطعم ، حتى أن رواد الفندق باتوا يفضلونه على أي طعام سواه بعد ان تذوقوه.
" لماذا يأتي الناس الى هنا ؟ هل يأتون فقط لممارسة هواية ركوب الخيل وترويضها ؟".
" كلا ، البعض يأتي للتنزه في اجواء الحقول والبساتين ، والبعض يأتي لتمضية عطلة نهاية الأسبوع ، والبعض يأتي لممارسة هواية ركوب الخيل ، هناك عائلة ذاهبة اليوم لتمضية النهار على ضفاف النهر ، وعائلة اخرى ذاهبة لتمضية النهار على سفح الجبل ومشاهدة الشلالات ... والسباحة في البركة الموجودة هناك ".
وصمتت لحظة ثم تابعت حديثها تقول :
" على فكرة ، لا يمكنك تصور كم السباحة ممتعة ، والمناظر خلابة هناك ، عندما يعود لويد ، إذهبا معا الى هناك وتمتعا بالمناظر الطبيعية الساحرة ".
إرتعشت دافينا وإنتفضت لدى سماع إسم لويد ، وخطر ببالها إنتهاز هذه الفرصة كي تخبرها بانها لم تعد راغبة في إنتظار لويد حتى يعود ، بدون أن تتورط في الدخول معها بأية تفاصيل أخرى ، لكنها لم تفعل .
وبعد صمت قصير ، تابعت السيدة باري حديثها ، بدون أن تتوقف عن تحضير الخضار ، فحدّثتها عن بعض الأماكن الواقعة في الجوار ، وعن بعض الأماكن الأخرى في المنطقة ، التي يقصدها الناس للتمتع بمشاهدتها ، والتعرف على معالمها ، خلال أيام العطل والعياد ، وكانت تحرص ،طيلة حديثها مع دافينا ، وعلى ختيار الكلمات الناعمة ، مقرونة بإبتسامة ، بين الحين والآخر ،كانها شاءت أن توليها عناية خاصة نظرا للظروف الحياتية العصيبة التي كانت تعيشها ، علّها بذلك تخفف عنها وطأة الشعور بالوحدة والغربة ، ولم تكن دافينا ، بدورها ، بعيدة عن إدراك حقيقة ما ذهبت اليه العمة باري ، من مجاملة وملاطفة ، وراحت تبادلها بالمثل.

 
 

 

عرض البوم صور نيو فراولة   رد مع اقتباس
قديم 08-02-12, 09:28 PM   المشاركة رقم: 17
المعلومات
الكاتب:
اللقب:
ليلاس متالق


البيانات
التسجيل: May 2010
العضوية: 162960
المشاركات: 2,906
الجنس أنثى
معدل التقييم: نيو فراولة عضو متالقنيو فراولة عضو متالقنيو فراولة عضو متالقنيو فراولة عضو متالقنيو فراولة عضو متالقنيو فراولة عضو متالقنيو فراولة عضو متالقنيو فراولة عضو متالقنيو فراولة عضو متالقنيو فراولة عضو متالقنيو فراولة عضو متالق
نقاط التقييم: 2759

االدولة
البلدLebanon
 
مدونتي

 

الإتصالات
الحالة:
نيو فراولة غير متواجد حالياً
وسائل الإتصال:

كاتب الموضوع : نيو فراولة المنتدى : روايات عبير المكتوبة
افتراضي

 

هذا وتطرقت السيدة باري الى أمور كثيرة ومتنوعة من خلال حديثها ، فروت لها عن أمور كثيرة تتعلق بظروفها العائلية والمعيشية ، كما حكت لها عن الأعمال التي قام بها لويد في السنتين الماضيتين، وعن المصاعب الإقتصادية التي واجهتها المنطقة ، والتي بسببها إضطر زوجها لبيع هذا المكان الى السيد لويد ، ولاحظت دافينا مدى الحسرة واللوعة التي إنعكست على وجه العمة المسكينة وهي تحدثها عن وفاة زوجها أثر النوبة القلبية التي اصابته بعد أسبوع من بيع المسكن ، الذي أبقاها فيه السيد لويد ، هي وإبنتها ريانون ، كي تقوم بإدارته ، ريثما يضع له تخطيطا لتطويره وجعله مركزا سياحيا يقصده الزوار من كل حدب وصوب.
وطال الحديث ، وتشعب كثيرا ، بحيث اصبح يدور في معظمه على مواضيع خارجة عن نطاق المجاملة المتبادلة ، أو الطقس ، أو مناظر المنطقة الطبيعية ، والتي كادت تكون مقتصرة على لويد ، والحياة التي يعيشها ، والأعمال التي يحاول تنفيذها ، وغيرها ، ومما قالته:
" بعد غيابه الطويل عن المنطقة وجولاته المتكررة في اخارج ، لم أصدق قوله بأنه ينوي الإستقرار هنا ... حسبته كان يمازحني ، لكن سرعان ما تبين لي العكس تماما ، بدليل أنه راح يكثف نشاطاته ، ويبذل المجهود في سبيل تجديد معمل الصوف تمهيدا لأعادة تشغيله ، فإستقدم لهذه الغاية عددا من الخبراء لدراسة المشروع وإقتراح نوع المعدات اللازمة لتشغيل المعمل ، وغير ذلك من الأمور ... كما أشرف على تنفيذ العديد من الأشغال بمساعدة عمال محليين ... المهم أنه لم يضجر كما توقعت له...".
وقاطعتها دافينا لتسألها بدهشة :
" أصحيح انه يحاول تجديد المعمل وإعادة تشغيله ؟ وهل سيكفيه إنتاجه من القماش !؟".
" ولم لا ! إنتاج المعمل ليس هدفه الأساسي ، وإنما السياحة وتنشيطها ، يهمه بالدرجة الأولى إجتذاب السياح لزيارة المنطقة والمعمل ، حيث يشاهدون أنوال الحياكة وهي تعمل ، في حياكة البسط والسجاد بالوانها وأحجامها وقياساتها المختلفة ، ويبادرون الى شراء بعضها وحمله معهم الى مدنهم وبيوتهم ... وأهم من ذلك أن أفكاره اخذت تشجع الأهالي وتدفعهم الى إحياء الحرف القديمة ، وفي مقدمتهم السيدة دافيس إذ بدأت هي الأخرى تستعد لعادة تاهيل انوالها تمهيدا لتشغيلها وبدء الإنتاج ، كما علمت بأنها تعد الخطط اللازمة لأقامة المعارض لعرض منتجاتها ... وهناك مشاريع كثيرة قيد الدراسة أرجو ان يكتب لها النجاح فتزدهر المنطقة وتنشط الحركة التجارية والسياحية وتتوقف حركة الهجرة ، وتزول البطالة ".
كانت دافينا تصغي الى السيدة باري تحدثها عن كل تلك الأمور ، وهي صامتة ، ولا يعني ذلك بانها لا تبالي بما كان لويد يخطط من أجل المستقبل ، بل انها كثيرا ما كانت تعبر عن دهشتها مما كانت تقصه عليها عمة لويد ، من خلال بعض الإشارات والتلميحات وخاصة عندما راحت العمة تتحدث عن المشاريع التي ينوي زوجها تنفيذها في الريف ، وهي مشاريع تفرض عليها البقاء والإقامة هنا .
وهكذا ظلت دافينا صامتة ، وقد إستولت عليها الحيرة والدهشة مما سمعته وهي تتمنى في قرارة نفسها الا تكون تلك الأخبار صحيحة ، إذ لا يعقل ان يكون لويد يفكر بالإستقرار في هذه المنطقة الريفية، والتخلي عن عالمه ، عالم الكتابة والدب ، عالم الشهرة والثروة ، بهذه البساطة ، اللهم إلا إذا كان الدافع الى ذلك يفوق طاقته ، فما هي الأسباب الكامنة وراء إقدام السيد لويد على هذا التحويل الخطير في حياته؟ هل كانت هي السبب ؟ ربما ، ولكنها إستبعدت ان تكون هي السبب الرئيسي والوحيد الذي يدفعه الى الإتجاه في ذلك المنحى الخطير على مستقبله الأدبي ، وإنتهت الى التفكير بأن ما ينوي القيام به لا يعدو كونه مغامرة ستكلفه ولا شك ثمنا ، باهظا عاجلا أم آجلا .
وكانت السيدة باري تتأملها وهي غارقة في تفكيرها ، وتتمنى لو تعلق على حديثها ، ولو بكلمة واحدة ، علّها تكون كافية للإفصاح عما كان يدور في خلدها بالنسبة الى موقفها من مشاريع السيد لويد ، أو ما قد يطمأنها الى مستقبلها في هذا المكان بعد مجيء دافينا ، بإعتبارها زوجته ؟ وتساءلت بنفسها هل يبقيني في منصبي كمشرفة على شؤون المنزل ، ام أن زوجته ستتولى هذا المنصب بنفسها ؟ من يدري ! كل شيء جائز) ، والحقيقة أن دافينا إستشفت بحدسها ما كان يدور في ذهن السيدة باري من مخاوف حول مستقبلها ، وكادت أن تطمئنها الى المستقبل ، لكنها عدلت عن ذك مخافة ان تسألها عن حقيقة الأسباب التي دفعتها للمجيء الى هنا ما دامت لا تفكر بالبقاء.
وهكذا فكرت بإثارة مواضيع أخرى لتغيير مجرى الحديث ، فسألتها عن الخيل ، وبرامج التدريب على ركوبها ، وعدد الخيول المتوفرة لهذه الغاية ، وعن المشاكل التي يواجهونها في هذا المجال .
تنهدت السيدة باري وهي تروي لها حكاية الخيل ، من بدايتها الى نهايتها ،وجاءت في حديثها على ذكر عائلة مورغان بصفتها إحدى العائلات التي تملك عددا وافرا من الخيول الصالحة لممارسة ألعاب الفروسية ، وتابعت القصة وهي تشعر بالمرارة تحز في نفسها عندما تطرقت الى عدد الخيول التي كانت تملكها غبنتها ريانون ، والتي ارغمت على بيعها أثناء الضائقة الإقتصادية التي سادت المنطقة ، ولم تلبث حتى عادت تشعر بالإرتياح عندما راحت تحدثها عن عملية الإنقاذ التي قام بها السيد لويد ، فور عودته الى المنطقة ، إذ ذهب وإشترى تلك الخيول من الذين سبق وإشتروها ، وردها الى ريانون ، فأعاد بذلك البسمة الى ثغرها ، والفرحة الى قلبها ، وكان هذا الخبر كافيا لإثارة الشكوك في نفس دافينا حول طبيعة العلاقة القائمة بين لويد وريانون ، إذ يأتي الحب في مقدمة الدوافع التي يمكن أن تدفع المرء الى الإقدام على عمل من هذا النوع ، يجوز وصفه بالمغامرة ،خاصة ان ريانون تمتاز بشخصية قوية ، وجمال رائع ، الإضافة الى كونها لا تزال في ريعان الصبا ، وهذه كلها من المزايا التي تثير الإعجاب في نفس لويد ، الذي لا يتورع عن التضحية بشيء في سبيل إرواء نزواته.

 
 

 

عرض البوم صور نيو فراولة   رد مع اقتباس
قديم 08-02-12, 09:30 PM   المشاركة رقم: 18
المعلومات
الكاتب:
اللقب:
ليلاس متالق


البيانات
التسجيل: May 2010
العضوية: 162960
المشاركات: 2,906
الجنس أنثى
معدل التقييم: نيو فراولة عضو متالقنيو فراولة عضو متالقنيو فراولة عضو متالقنيو فراولة عضو متالقنيو فراولة عضو متالقنيو فراولة عضو متالقنيو فراولة عضو متالقنيو فراولة عضو متالقنيو فراولة عضو متالقنيو فراولة عضو متالقنيو فراولة عضو متالق
نقاط التقييم: 2759

االدولة
البلدLebanon
 
مدونتي

 

الإتصالات
الحالة:
نيو فراولة غير متواجد حالياً
وسائل الإتصال:

كاتب الموضوع : نيو فراولة المنتدى : روايات عبير المكتوبة
افتراضي

 

هذا وتطرقت السيدة باري الى أمور كثيرة ومتنوعة من خلال حديثها ، فروت لها عن أمور كثيرة تتعلق بظروفها العائلية والمعيشية ، كما حكت لها عن الأعمال التي قام بها لويد في السنتين الماضيتين، وعن المصاعب الإقتصادية التي واجهتها المنطقة ، والتي بسببها إضطر زوجها لبيع هذا المكان الى السيد لويد ، ولاحظت دافينا مدى الحسرة واللوعة التي إنعكست على وجه العمة المسكينة وهي تحدثها عن وفاة زوجها أثر النوبة القلبية التي اصابته بعد أسبوع من بيع المسكن ، الذي أبقاها فيه السيد لويد ، هي وإبنتها ريانون ، كي تقوم بإدارته ، ريثما يضع له تخطيطا لتطويره وجعله مركزا سياحيا يقصده الزوار من كل حدب وصوب.
وطال الحديث ، وتشعب كثيرا ، بحيث اصبح يدور في معظمه على مواضيع خارجة عن نطاق المجاملة المتبادلة ، أو الطقس ، أو مناظر المنطقة الطبيعية ، والتي كادت تكون مقتصرة على لويد ، والحياة التي يعيشها ، والأعمال التي يحاول تنفيذها ، وغيرها ، ومما قالته:
" بعد غيابه الطويل عن المنطقة وجولاته المتكررة في اخارج ، لم أصدق قوله بأنه ينوي الإستقرار هنا ... حسبته كان يمازحني ، لكن سرعان ما تبين لي العكس تماما ، بدليل أنه راح يكثف نشاطاته ، ويبذل المجهود في سبيل تجديد معمل الصوف تمهيدا لأعادة تشغيله ، فإستقدم لهذه الغاية عددا من الخبراء لدراسة المشروع وإقتراح نوع المعدات اللازمة لتشغيل المعمل ، وغير ذلك من الأمور ... كما أشرف على تنفيذ العديد من الأشغال بمساعدة عمال محليين ... المهم أنه لم يضجر كما توقعت له...".
وقاطعتها دافينا لتسألها بدهشة :
" أصحيح انه يحاول تجديد المعمل وإعادة تشغيله ؟ وهل سيكفيه إنتاجه من القماش !؟".
" ولم لا ! إنتاج المعمل ليس هدفه الأساسي ، وإنما السياحة وتنشيطها ، يهمه بالدرجة الأولى إجتذاب السياح لزيارة المنطقة والمعمل ، حيث يشاهدون أنوال الحياكة وهي تعمل ، في حياكة البسط والسجاد بالوانها وأحجامها وقياساتها المختلفة ، ويبادرون الى شراء بعضها وحمله معهم الى مدنهم وبيوتهم ... وأهم من ذلك أن أفكاره اخذت تشجع الأهالي وتدفعهم الى إحياء الحرف القديمة ، وفي مقدمتهم السيدة دافيس إذ بدأت هي الأخرى تستعد لعادة تاهيل انوالها تمهيدا لتشغيلها وبدء الإنتاج ، كما علمت بأنها تعد الخطط اللازمة لأقامة المعارض لعرض منتجاتها ... وهناك مشاريع كثيرة قيد الدراسة أرجو ان يكتب لها النجاح فتزدهر المنطقة وتنشط الحركة التجارية والسياحية وتتوقف حركة الهجرة ، وتزول البطالة ".
كانت دافينا تصغي الى السيدة باري تحدثها عن كل تلك الأمور ، وهي صامتة ، ولا يعني ذلك بانها لا تبالي بما كان لويد يخطط من أجل المستقبل ، بل انها كثيرا ما كانت تعبر عن دهشتها مما كانت تقصه عليها عمة لويد ، من خلال بعض الإشارات والتلميحات وخاصة عندما راحت العمة تتحدث عن المشاريع التي ينوي زوجها تنفيذها في الريف ، وهي مشاريع تفرض عليها البقاء والإقامة هنا .
وهكذا ظلت دافينا صامتة ، وقد إستولت عليها الحيرة والدهشة مما سمعته وهي تتمنى في قرارة نفسها الا تكون تلك الأخبار صحيحة ، إذ لا يعقل ان يكون لويد يفكر بالإستقرار في هذه المنطقة الريفية، والتخلي عن عالمه ، عالم الكتابة والدب ، عالم الشهرة والثروة ، بهذه البساطة ، اللهم إلا إذا كان الدافع الى ذلك يفوق طاقته ، فما هي الأسباب الكامنة وراء إقدام السيد لويد على هذا التحويل الخطير في حياته؟ هل كانت هي السبب ؟ ربما ، ولكنها إستبعدت ان تكون هي السبب الرئيسي والوحيد الذي يدفعه الى الإتجاه في ذلك المنحى الخطير على مستقبله الأدبي ، وإنتهت الى التفكير بأن ما ينوي القيام به لا يعدو كونه مغامرة ستكلفه ولا شك ثمنا ، باهظا عاجلا أم آجلا .
وكانت السيدة باري تتأملها وهي غارقة في تفكيرها ، وتتمنى لو تعلق على حديثها ، ولو بكلمة واحدة ، علّها تكون كافية للإفصاح عما كان يدور في خلدها بالنسبة الى موقفها من مشاريع السيد لويد ، أو ما قد يطمأنها الى مستقبلها في هذا المكان بعد مجيء دافينا ، بإعتبارها زوجته ؟ وتساءلت بنفسها هل يبقيني في منصبي كمشرفة على شؤون المنزل ، ام أن زوجته ستتولى هذا المنصب بنفسها ؟ من يدري ! كل شيء جائز) ، والحقيقة أن دافينا إستشفت بحدسها ما كان يدور في ذهن السيدة باري من مخاوف حول مستقبلها ، وكادت أن تطمئنها الى المستقبل ، لكنها عدلت عن ذك مخافة ان تسألها عن حقيقة الأسباب التي دفعتها للمجيء الى هنا ما دامت لا تفكر بالبقاء.
وهكذا فكرت بإثارة مواضيع أخرى لتغيير مجرى الحديث ، فسألتها عن الخيل ، وبرامج التدريب على ركوبها ، وعدد الخيول المتوفرة لهذه الغاية ، وعن المشاكل التي يواجهونها في هذا المجال .
تنهدت السيدة باري وهي تروي لها حكاية الخيل ، من بدايتها الى نهايتها ،وجاءت في حديثها على ذكر عائلة مورغان بصفتها إحدى العائلات التي تملك عددا وافرا من الخيول الصالحة لممارسة ألعاب الفروسية ، وتابعت القصة وهي تشعر بالمرارة تحز في نفسها عندما تطرقت الى عدد الخيول التي كانت تملكها غبنتها ريانون ، والتي ارغمت على بيعها أثناء الضائقة الإقتصادية التي سادت المنطقة ، ولم تلبث حتى عادت تشعر بالإرتياح عندما راحت تحدثها عن عملية الإنقاذ التي قام بها السيد لويد ، فور عودته الى المنطقة ، إذ ذهب وإشترى تلك الخيول من الذين سبق وإشتروها ، وردها الى ريانون ، فأعاد بذلك البسمة الى ثغرها ، والفرحة الى قلبها ، وكان هذا الخبر كافيا لإثارة الشكوك في نفس دافينا حول طبيعة العلاقة القائمة بين لويد وريانون ، إذ يأتي الحب في مقدمة الدوافع التي يمكن أن تدفع المرء الى الإقدام على عمل من هذا النوع ، يجوز وصفه بالمغامرة ،خاصة ان ريانون تمتاز بشخصية قوية ، وجمال رائع ، الإضافة الى كونها لا تزال في ريعان الصبا ، وهذه كلها من المزايا التي تثير الإعجاب في نفس لويد ، الذي لا يتورع عن التضحية بشيء في سبيل إرواء نزواته.

 
 

 

عرض البوم صور نيو فراولة   رد مع اقتباس
قديم 08-02-12, 09:31 PM   المشاركة رقم: 19
المعلومات
الكاتب:
اللقب:
ليلاس متالق


البيانات
التسجيل: May 2010
العضوية: 162960
المشاركات: 2,906
الجنس أنثى
معدل التقييم: نيو فراولة عضو متالقنيو فراولة عضو متالقنيو فراولة عضو متالقنيو فراولة عضو متالقنيو فراولة عضو متالقنيو فراولة عضو متالقنيو فراولة عضو متالقنيو فراولة عضو متالقنيو فراولة عضو متالقنيو فراولة عضو متالقنيو فراولة عضو متالق
نقاط التقييم: 2759

االدولة
البلدLebanon
 
مدونتي

 

الإتصالات
الحالة:
نيو فراولة غير متواجد حالياً
وسائل الإتصال:

كاتب الموضوع : نيو فراولة المنتدى : روايات عبير المكتوبة
افتراضي

 

إلا أنها تمنت ان يكون حدسها صحيحا ، إذ أن ذلك سيجعل موافقة لويد على طلاقها سريعة، وعسى أن يكون زواجه من ريانون أوفر حظا ، وان تكون الزوجة الطائعة ويكون هوالزوج السيد المطاع.
هل كانت دافينا محقة في ما ذهبت اليه من شكوك حول طبيعة العلاقة القائمة بين لويد وريانون ؟ أغلب الظن لا ، لم تكن محقة في ظنونها ، بدليل ان ملامح السيدة باري لم تتغير كما يحدث لملامح من يخفي أخبارا او اسرارا حول علاقات مشبوهة كالتي تصورتها دافينا قائمة بين لويد وإبنتها ، لا سيما وانها معنية مباشرة بمستقبل إبنتها وبتصرفاتها ، وهل يعقل أن تبدو ملامح أي إنسان ، كالملامح التي إنعكست على وجه السيدة باري ومحياها ،من صفاء ، وبراءة ،وطهارة ، غادرت دافينا المطبخ ، بعد أن ودعت العمة باري وشكرتها على شعورها وعاطفتها ،وتوجهت الى الصالون حيث بدأ نزلاء الفندق الذين غادروه في الصباح للتنزه والتفرج على بعض الأماكن الطبيعية يعودون تباعا ، ويحييون دافينا ببشاشة وحرارة ، ويتمنون لها طيب الإقامة في هذا المكان ، وعرفتهم هي بدورها على نفسها بعد أن شكرتهم على حسن إستقبالهم لها واخبرتهم بانها جاءت هنا لتمضية عطلتها الصيفية ، وهنا اخذوا يتسارعون في إطلاعها على الخرائط السياحية التي كانت بايديهم ، منها خريطة المكان السياحي المعروف بإسم عرين التنين ، ويشجعونها ويحمسونها على زيارة تلك الأماكن الطبيعية الفاتنة.
منتديات ليلاس
حتى ان الصغار إشتركوا في الحديث وراحوا يقصّون عليها أخبار مغامراتهم ، ويعرضون أمامها الحيّات الصغيرة التي أمسكوها ووضعوها في علب صغيرة ، وقفت دافينا بين هؤلاء الصغار تصغي بدهشة الى أحاديثهم ، حيث راح كل واحد منهم يروي حكاية مغامرته بين احضان الطبيعة ، هذا يروي قصة مطاردته للحيات الصغيرة حتى تمكن من الإمساك بواحدة منها ، وربما أكثر ، والثاني يتحدث عن الركض وراء الفراشات بغية الإمساك بها ليضمها الى مجموعته ، والثالث يحكي والغصّة في حلقه عن فشله في إنتشال اية سمكة جميلة الألوان من مياه النهر رغم كل الجهود التي بذلها ، كل ذلك ،ودافينا واقفة تصغي اليهم وتبتسم لهم ، وتسالهم وتستمع لأجوبتهم ،وهي تكاد لا تصدق نظرا لما تتطلبه المغامرات التي قاموا بها من شجاعة ، وحكمة ، وقوة إرادة ، وصبر ، ومثابرة ، خاصة إذا تخلّل مثل هذه المغامرات مطاردة الحيات ، والركض مسافات طويلة وراء الفراشات والعصافير والأرانب البرية.
وكم كانت دهشتها عندما رد احدهم على سؤالها عن الحيات قائلا :
" كلا... انا لا أخاف منها ... ولماذا أخاف ! مررت بمئات منها قبل الآن ولم أخف ، بالعكس ، كانت هي تهرب مني وانا اركض وراءها حتى تدخل في جحر أو في فجوة ترابية ... فأتركها وأعود للبحث عن غيرها... لعبة رياضية مفيدة ... أحبها أنا كثيرا...".
ثم صمت برهة كانه يفكر باشياء أخرى يريد أن يحكي لها عنها بعد ان لاحظ إهتمامها بحكاياته البريئة ، وتابع يقول:
" هل تعرفين ان الحيات لا تؤذي ... هذا صحيح ، إكتشفته بنفسي من خلال مغامراتي في البراري ... حيات كثيرة طاردتها بدون ان تحاول إحداها مرة أن تؤذيني أو تهاجمني ... ربما لن حياة المنطقة مسالمة بطبيعتها ، كما أخبرني السيد لويد .... الحق معه ... الحيات هنا مسالمة جدا".
إرتعشت دافينا وتنهدت من الدهشة لدى سماعها إسم لويد يردده هؤلاء الأولاد برغم حداثة عودته الى المنطقة ، وتساءلت كم سيردد ذكر إسمه من الناس بعد أن تطول إقامته هنا واين عساه يكون طالما ان هؤلاء الأولاد يعرفونه ، ويذكرون إسمه ، ويتحدثون عن أشياء قالها لهم قبل يومين ، على ابعد تقدير ! ثم إلتفتت الى هذا الفتى ، وقالت له:
" ماذا بعد ، حدثني عن بقية مغامراتك ومشاهداتك ، ألا تريد ! إنني احب سماع القصة من أولها الى آخرها ، تفضل".
وإبتسم لها تيم ورد عليها قائلا :
" بلى حسنا ، سأحكي لك عن كل شيء عملته وشاهدته هنا ، بعدما شبعت من مطاردة الحيات والفراشات ، جمعنا بعضنا ورحنا نمشي ونمشي حتى وصلنا الى الشلال... وهناك حاولت أن أتابع المشي حتى اصل الى مغارة التنين وقلت لأختي ان ترافقني ، ولكنها رفضت ، هكذا تفعل دائما ... دائما تعارضني.... لست أدري لماذا تقف ضدي دائما وتعكر علي صفاء الرحلات ومتعتها... يا لها من أخت شقية ، عنيدة".
وقاطعته دافينا لتسأله بدهشة:
" قلت التنين ! هل أنت متأكد من وجود تنين في الغابة ؟ من قال لك ذلك؟".
" نعم.... يوجد تنين هناك .. هذا ما قله لي السيد لويد ، قال لي ان بإمكاني ان أسمع هديره بوضوح من بعيد اثناء هبوب الريح بقوة ، أنا شخصيا لم أره ، ولم أسمعه ، السيد لويد أكّد لي ذلك ،ولكن ، السيد مورغان نفى وجود أي تنين هناك وسخر مني عندما سالته عنه وعن هديره وأخبرني بان الهدير المزعوم ليس إلا صفير الريح عندما تهب بقوة وتمر في طريقها عبر بعض الشقوق الصخرية الضيقة هناك فتحدث صوتا يشبه صوت الهدير ... صدقيني بانني لا أعرف من هو الصادق من الأثنين ".
ويبدو أن تيم أفرغ كل ما في جعبته من قصص وحكايات فأخذ يهمهم ويدندن وهو يتحسس بطنه ويقول بعد أن إلتفت صوب والدته:
" جائع.. أكاد اموت في الجوع... متى سنأكل ؟ الم يحن وقت الطعام؟".
" كفى ، كفى تذمرا وتأففا ! إنك لم تهضم بعد الأكل الذي أكلته في الخارج ، هل نسيت كم أكلت ! انا لا أصدق انك جعت الآن بعدما أكلت ضعف ما أكله أي واحد منا ... إصبر وتأكل بعد قليل ".
" حسنا يا اماه...".

 
 

 

عرض البوم صور نيو فراولة   رد مع اقتباس
قديم 08-02-12, 09:34 PM   المشاركة رقم: 20
المعلومات
الكاتب:
اللقب:
ليلاس متالق


البيانات
التسجيل: May 2010
العضوية: 162960
المشاركات: 2,906
الجنس أنثى
معدل التقييم: نيو فراولة عضو متالقنيو فراولة عضو متالقنيو فراولة عضو متالقنيو فراولة عضو متالقنيو فراولة عضو متالقنيو فراولة عضو متالقنيو فراولة عضو متالقنيو فراولة عضو متالقنيو فراولة عضو متالقنيو فراولة عضو متالقنيو فراولة عضو متالق
نقاط التقييم: 2759

االدولة
البلدLebanon
 
مدونتي

 

الإتصالات
الحالة:
نيو فراولة غير متواجد حالياً
وسائل الإتصال:

كاتب الموضوع : نيو فراولة المنتدى : روايات عبير المكتوبة
افتراضي

 

عندها ، إلتفتت والدة تيم الى دافينا وخاطبتها وهي تبتسم قائلة :
" لا تصدقي كل هذه القصص الصبيانية المبالغ فيها ولا تدعيها تؤثر على أعصابك وتصدك بالتالي عن القيام برحلة الى موقع الشلالات ... صدقيني إنها رائعة... إذهبي وتمتعي بمشهدها الجميل وإسبحي في بركةالمياه هناك... السباحة فيها تنعش الجسم وتريح الأعصاب... أنا سبحت فيها اليوم وبت اشعر بالراحة والإنتعاش والقدرة على الخروج غدا لممارسة هواية ركوب الخيل أكثر مما كنت اشعر في أي وقت مضى ... لا تفوّتي عليك هذه الفرصة".
في هذه اللحظة بالذات ظهرت ريانون فجاة ، لتعلن بصوتها الجهوري ان الطعام جاهز ، ودعت الحاضرين للإنتقال الى غرفة الطعام ، ثم تنحت جانبا كي تفتح الطريق امامهم للمرور ، وهي تخاطب دافينا التي ظلت جالسة في مكانها ، قائلة:
" نت مدعوة لتناول الطعام معنا في المطبخ لأن غرفة الطعام صغيرة ولا تكفي لأستيعاب الجميع ، هكذا قالت والدتي ، وهي تنتظر معرفة رأيك ".
إبتسمت دافينا وهي ترد عليها بقولها:
" حاضر... سمعا وطاعة ! انا مستعدة لتنفيذ كل الأوامر ، وخاصة طلب الوالدة الكريمة".
قالت ذلك وهبّت واقفة بنشاط ورشاقة كأنه كان على المسكينة أن تراعي خاطر الانسة ريانون كيلا تغضب حتى بحركاتها وسكناتها ، وتبعت ريانون في الممشى ، ثم وقفت ، فيما دخلت ريانون الى المطبخ حيث كانت والدتها تحضر الطعام لنقله الى نزلاء الفندق ، وما هي إلا لحظات حتى خرجت السيدة باري حاملة بين يديها طنجرة الشورباء ، وتبعتها الآنسة ريانون حاملة بين يديها صينية كبيرة عليها بعض الوان الطعام ، فإبتسمت دافينا لهما وإندفعت نحوهما تعرض المساعدة ، غير أن الانسة ريانون أشارت برأسها بالنفي وهي تقول لها :
"لا ، شكرا !... نحن لسنا بحاجة لمساعدة احد ...".
ولاذت دافينا بالصمت وهي تفكر بأن هذا هو جزاء كل من يتدخل في ما لا يعنيه... إذ يسمع ما لا يرضيه.
كانت الرائحة المنبعثة من المطبخ تؤكد بما لا يقبل الشك بأن وجبة اليوم شهية ، وقد تاكدت من ذلك بنفسها عندما جلست الى المائدة مع العمة باري والآنسة ريانون ، ولكنها لسوء الحظ لم تأكل من الطعام ما يسد جوعها ، إذ اخذ ميزان شهيتها يرتفع وينخفض بالنسبة الى نظرات الآنسة ريانون الجالسة أمامها ، تلك النظرات التي كانت في معظمها متجهمة وعابسة.
أخيرا إنتقل الجميع الى الصالون ، حيث قدمت لهم الحلوى والقهوة ، وبعد لحظات وصل شاب ، وسيم الطلعة ، طويل القامة ، وصار يتأمل الحاضرين ، فردا فردا حتى إذا وصل الدور الى دافينا تأملها طويلا ، ثم إبتسم لها وخاطبها قائلا:
" ضيفة جديدة ؟ أهلا وسهلا ! متى وصلت؟".
ولكن الآنسة ريانون لم تترك لها الفرصة للرد عليه ، إذ سبقتها وقالت:
" وصلت اليوم ، لكنها ليست زائرة ، بل هي زوجة لويد".
قالت ريانون ذلك بعصبية ظاهرة ، ثم رمت صينية القهوة على الطاولة بصورة عشوائية ، اثارت ردودا غير مستحسنة من جانب الحضور .
إلا أن هذا التصرف السلبي من قبل الانسة ريانون ، لم يمنع الشاب من متابعة حديثه مع دافينا قائلا :
" يشرفني أن أكرر ترحيبي بك بصفتك زوجة السيد لويد ... مرة ثانية ، أهلا وسهلا ، لي الشرف بمعرفتك ".
ثم إقترب منها ويده ممدودة لمصافحتها ، وهو يقول لها :
" انا هيو مورغان ".
" تشرفت ! اهلا وسهلا ، أنا دافينا غرير ".
" إسم فني ! " ورفع حاجبيه من الدهشة وتابع يقول متسائلا :
" ممثلة ؟ هل انت ممثلة ام عارضة أزياء؟".
وهزت دافينا راسها بالنفي وهي تضحك وتقول :
" لا هذه ولا تلك ، يبدوأنك تحاول مجاملتي بوصفك إياي ممثلة أو عارضة ازياء ! وكم يبدو هذا الوصف مغريا ".
" معاذ الله أن يكون ذلك قصدي ، ولكنني فعلت ذلك لأسباب محض شخصية ... سمها من وحي المظاهر ، إذا شئت ، أنا آسف إذا كنت أخطأت التقدير ".
" لا باس ... وليس في ذلك أي ضرر ، أنا أشتغل مع عمي في دار نشر يملكها ".
فتأملها مورغان طويلا ، قبل أن يعلق على جوابها ، ثم رد عليها وهو ينظر بخبث الى الانسة ريانون ، قائلا :
" حسبك أنك جمعت بين الفكر والجمال ... هذا يوحي لي بأن الحظ أعطى السيد لويد بدون حساب ".
هنا تدخلت الآنسة ريانون إذ ردت عليه قائلة بتهكم وسخرية :
" كفاك سخافات وتفاهات يا هيو ! هل تريد فنجان قهوة ؟".
" طبعا ... طبعا ! ماذا تنتظرين ؟ هل تظنين بأنني جئت لكي اراك ؟".
قال ذلك وراح يلاحق ريانون بنظراته حتى توارت عن الأنظار .
وبعد لحظات عادت الآنسة ريانون حاملة صينية القهوة ، فوضعت الفنجان أمامه على الطاولة الصغيرة وهي ترتعش من الإنفعال ، الأمر الذي دفع مورغان الى التعليق على تصرفها هذا بلهجة لاذعة.
" صدقيني بأنني لن أعود ثانية ... لن اعود الى هذا المكان إطلاقا ، ما هذه الخدمة ؟ خدمة بعيدة كل البعد عن اللياقة والإحترام لم أعهدهما من قبل".
ثم بدا يرشف القهوة ببرودة أعصاب ، بدون أن يظهر عليه أي أثر للإنفعال أو العصبية من جراء تصرف الآنسة ريانون على ذلك النحو غير اللائق ، بل ، على العكس من ذلك ظل محتفظا بهدوئه ، وألتفت الى دافينا ، وتأملها قليلا ، ثم قال لها مبتسما :
" أنصحك بألا تبالي بتصرفاتها ... ولا باقوالها ... إنها اشبه بالكلاب التي تملأ الجو بنباحها ونادرا ما تعض .. يدهشني كثيرا أنها تصرفت معي اليوم على غير عادتها ... وفي رايي لا نار بلا دخان ولا شك أن شيئا ما قد حدث وأفقدها توازنها ، وإلا ...".

 
 

 

عرض البوم صور نيو فراولة   رد مع اقتباس
إضافة رد

مواقع النشر (المفضلة)

الكلمات الدلالية (Tags)
dragon's lair, روايات, روايات مترجمة, روايات مكتوبة, روايات رومانسية, روايات عبير, روايات عبير المكتوبة, روايات عبير القديمة, سارة كريفن, sara craven, عبير, وجه في الذاكرة
facebook




جديد مواضيع قسم روايات عبير المكتوبة
أدوات الموضوع
مشاهدة صفحة طباعة الموضوع مشاهدة صفحة طباعة الموضوع
تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة
Trackbacks are متاحة
Pingbacks are متاحة
Refbacks are متاحة



الساعة الآن 01:39 PM.


 



Powered by vBulletin® Version 3.8.11
Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd.
SEO by vBSEO 3.3.0 ©2009, Crawlability, Inc.
شبكة ليلاس الثقافية