أثار شعورها بالارتياح اعصابها ,قالت مجدداً:
- آه!.
سمعت صوتاً في رأسها يسألها:
- لماذا شعرت بالارتياح, لوسي؟ ألانه قرر زيارة والدته بدلاً من حبيبته ؟ إنها إشارة سيئة , فحياته العاطفية ليست ابداً من شأنك: آه! كما انك مغرمة بكيفن.. أتذكرين ذلك؟
ارتمى غاي على احد المقاعد, وشبك يديه خلف رأسه, وسألها :
- كيف جرت الأمور في المستشفى؟
جلست قبالته على الاريكة الفخمة وقالت:
- يقولون إن ريتشارد في تحسن , لكنه بدا فظيعاً بالنسبة لي , إنه مستلق هناك, وجسمه موصول الى عدد كبير من الآلآت, والداه في حالة يرثى لها , ارتميا علي عندما وصلت.ريحانة
تنهدت لوسي وهي تتذكر ذلك:
- جلست واخذت اكلمه بينما اخذا استراحة, في البداية شعرت بالغرابة, لأنني احدث شخصاً لايمكنه الرد علي, لذا اخذت اتوقع بكل مايدور في رأسي.
منتديات ليلاس
وصفت له وبرنداغو والحياة فيها , ثم وبطريقة ما اردات ان تخبره عن السفر مع غاي, وكيف جعلها تشعر بالارتباك, علا بعض الاحمرار وجنتيها, وأضافت:
- لم اتفوه إلا بالسخافات, وليس من المستغرب انه لم يستفق, شعر والداه بالمرارة وخيبة الامل, لذا اخبرتهما انني سأعود غداً, واحاول مجدداً, بالطبع ذلك اكد لهما انني عدت من اجل ريتشارد.منتديات ليلاس
- هل ذكرت لهما كيفن؟
تجنبت النظر الى عيني غاي, فيما قالت :
- ليس بالتحديد.. ذكرت امامهما وجود حبيب ما لكنني خشيت ألا يصدقانني لو علما انه في استراليا , لذا اعتقدت انهما سوف يصدقان إذا قلت انني عدت معه الى لندن.ريحانة
تنحنت, واعترفت قائلة:
- في الحقيقة, قلت إن حبيبي هو أنت.
كان غاي مستلقياً باسترخاء في مقعده, لكنه جلس مستقيماً, عند سماعه كلماتها.
- هل قلت لهما إنني حبيبك؟
- حسناً! قلت إن اسم حبيبي هو غاي, وإنني أقيم معه.ريحانة
ادركت لوسي انها تجاوزت حدودها بعض الشيء:
- لم أظن أنك ستعترض, اقصد ... الأمر لن يشكل أي فرق بالنسبة لك, أليس كذلك؟ لن تضطر للقيام بأي شيء!
لم تستطع لوسي فهم تعابير غاي, فنظرت اليه مشككة, بدت الفكرة في حينها جيدة, لكن يبدو انها تصرفت بوقاحة, قالت بارتباك:
- أنا آسفة! من الواضح ان الأمر ازعجك.ريحانة
تلاشت النظرة الغامضة من عينيه الزرقاوين, وابتسم مجدداً:
- بل اشعر بالإطراء لأنك فكرت بي! هل تجمعنا قصة حب عاصفة؟
منتديات ليلاس
احمرت وجنتا لوسي, واعترضت قائلة:
- لمحت لهما اننا نعيش معاً.
- آه! إذاً نحن في طريقنا نحو التزام اكبر! اهذا يعني انني سوف احظى بشرف رفقتك لمدة اطول؟
قالت بسرعة:
- لا.. ياإلهي , لا! اتصلت بصديقتي ميغ ويمكنني الذهاب غداً للإقامة عندها , هي ليست في المنزل هذا المساء, لذا لم أذهب اليوم.ريحانة
- إذاً سوف تقضين الليلة هنا؟
خيل لها انها تسمع صدى صوته:
- هناك دائماً شخص ما... ليساعدك ويرتب امورك.
قالت وهي تشعر بالضيق:
- إن كنت لا تمانع .ريحانة
- بالطبع! لا امانع, نحن مغرمان , اليس كذلك؟
وقف غاي, ومد يديه ليتمطى:
- أكاد اموت من الجوع, دعينا نخرج ونأكل شيئاً ما.منتديات ليلاس

جعلت الفكرة معدتها تقرقر , لكن يمكنها تخيل انواع المطاعم التي يرتادها غاي, أومات نحو ملابسها وقالت :
- ملابسي غير مناسبة للخروج , ولا املك الآن ملابس اكثر أناقة.
نظر غاي الى ملابسها , إنها ترتدي سروال جينز وقميصاً قصير وسترة ناعمة من الصوف , اما شعرها الأشقر الجميل فمرفوع الى الاعلى , صحيح انها لا تبدو انيقة , لكنها تبدو نضرة وطبيعية وفائقة الجمال , بالرغم من الرحلة الطويلة من استراليا, تتمتع لوسي ببريق لا يمكن لأي عقد ماس ان يضاهيه.منتديات ليلاس
- لن تحتاجي الى ذهب ومجوهرات حيث نحن ذاهبان, أنت تبدين جميلة جداً.
علا الاحمرار وجهها وهي تعترف اخيراً:
- لأكون صريحة معك غاي.. أنا لا املك الكثير من النقود, اعطتني ميريديث الاموال التي كانت معها , لكنها غير كافية , علي ان اجد عملاً مؤقتاً في مجال ما, لاتدبر اموري ريثما اعود الى استراليا , حتى ذلك الوقت , لايمكنني تناول الطعام في الخارج.ريحانة
- العشاء على حسابي الخاص.
عندما رآها تهم بالاعتراض , اضاف:
- هاي! انا حبيبك, أليس كذلك؟ لا اريد ان تخبري والدي ريتشارد انني شديد البخل , ولا ادعوك للخروج.
تجاهل غاي محاولاتها للمقاومة ودفع بها الى المصعد, ثم الى ليل لندن البارد.
منتديات ليلاس
توقعت لوسي ان يقصدا احد المطاعم الانيقة في الجوار , لكن غاي ابتعد بها عن المحلات الراقية نحو متاهة من الطرقات الصغيرة , اخذها الى مطعم ايطالي صغير متواضع, كان يمكن للوسي ان تمر بجانبه دون ان تلاحظ وجوده, لو لم يتوقف غاي عنده, ويدفع الباب, على الفور لفتهما غيمة من الدفء والترحيب والأصوات , للوهلة الاولى بدا المطعم ممتلئاً بالكامل, لكن النادلين ومالكي المكان اخذوا يرحبون به كأنه أخ طال غيابه. بلمح البصرتم تجهيز طاولة انيقة لشخصين , وأخذ النادلون بالتنافس لإضحاك لوسي بتعليقاتهم , ادعى غاي انه يحدق بهم بغضب, وقال :
- هاي! هذا يكفي , إنها برفقتي.منتديات ليلاس
بعد اعتيادها على اسلوب كيفن الصامت , احست لوسي ان هذا الموقف يتميز بالتهور ولكن معنوياتها ارتفعت ,وشعرت بالفرح, وضعت مرفقيها على الطاولة , وتنهدت بسعادة , قالت مبتسمة:
- هذا المكان رائع.
نظر غاي الى وجهها المشرق, وقال :
- يسعدني انه اعجبك.منتديات ليلاس
- من يصدق اننا كنا في المناطق الاسترالية النائية منذ يومين فقط؟ يبدو كأننا سافرنا الى عالم آخر, وبرنداغو جميلة جداً, لكنها شديدة الهدوء والسكون وكبيرة جداً.
نظرت حولها الى المطعم, وتابعت :
- من الصعب تخيل كل هؤلاء الاشخاص وكل هذه الاصوات هناك , بينما نحن هنا, يبدو المكان هناك شديد العزلة.ريحانة
نظرت الى ساعة يدها , واخذت تحسب فارق الوقت , وهي تحاول جاهدة ان تركز , برقت عيناها الزرقاوتان عندما اكتشفت فارق الوقت :
- لابد انهم يتناولون طعام الفطور الآن .ريحانة
- هل تفتقدين كيفن؟
- لم أحظ بالوقت بعد لكي افتقده.
شعرت لوسي بالذنب لأنها احست ان كيفن بعيد جداً, كأنه شخص تعرفت عليه في حياة اخرى, اما غاي فهو حقيقي, هو جالس قبالتها الى هذه الطاولة الصغيرة, ويبدو مفعماً بالحيوية , فجأة بدا كلامه اكثر حدة ووضوحاً , ماجعل لوسي تشعر بالتوتر .
اخبرت غاي في محاولة لإقناع نفسها ايضاًَ:
- لكنني سوف افتقده , سوف افتقده كثيراً.ريحانة

- بالطبع ستفعلين.
ادركت لوسي ان عينيه الزرقاوين تنظران اليها, لكنها لم تستطع النظر اليه, اخذت تراقبه بتركيز , فيما حاولت تجاهل ضربات قلبها المتسارعة , شعرت بالسعادة عندما وصل مالك المطعم جو مبتسماً , كي يأخذ طلباتهما:
- ماذا تريدين ياجميلتي؟
اخذت تراجع قائمة الطعام بسرعة:
- آه! لا اعلم , كل شيء باستثناء لحم البقر.ريحانة
- طبق اليوم ... اللينغوين مع السلطعون هو طبق مميز , إنه خفيف وشهي ومدخن...
قبل اصابع يده بحركة إيطالية مفرطة:
- هو رائع .. مثلك!.
زم غاي عينيه عند سماع لهجة جو , ثم انحنى الى الامام , وقال:
- أتعلمين ؟ جو يتكلم الإنكليزية بطلاقة, أليس كذلك جو؟ هو فقط يتباهى ليثير إعجابك .منتديات ليلاس
ضرب جو يده على قلبه:
- أنت تشعر بالغيرة, لأنك رجل إنكليزي يرتدي بذلة, ولا يملك الكلمات المناسبة لوصف جمال لوسي!
ضحكت لوسي وفرحت لأن الجو الضاغط ذاب في المزاح.
- اللينغوين يبدو رائعاً , جو . أود تذوقه ...شكراً.
ابتسم جو لها, واستدار نحو غاي:
- طبقك المعتاد أليس كذلك؟.
منتديات ليلاس
تحول من اللهجة الايطالية الرومنسية الى لهجة افقر احياء لندن , ثم ذهب باتجاه المطبخ بينما كانت لوسي مازالت تضحك:
- لاحاجة لأن اسألك إذا كنت تكثر المجيء الى هذا المكان.
- أكثر من استخدام مطبخي.منتديات ليلاس
- عليك ايجاد فتاة لطيفة تجيد الطهي.
وضعت الكثير من الزبدة على قطعة خبز , فهي لم تعد قادرة على انتظار طبق اللينغوين.
- مع الاسف , تتبع النساء اللواتي اعرفهن حمية غذائية صارمة.
توقفت لوسي للحظة وقد شعرت بالحرج , ثم قررت انها جائعة لدرجة تجعلها لا تهتم بالمظاهر.
- كلهن اسوأ مني في الطبخ.
نظر نحو لوسي عبر الطاولة , ثم اكمل قائلاً:
- أنت الفتاة اللطيفة الوحيدة التي اعرفها , ويمكنها الطهو.منتديات ليلاس
تلاقت عيونهما , وبدأ قلب لوسي بالخفقان بشكل مؤلم, فراح يضرب قفصها الصدري لدرجة جعلت التنفس صعباً, بارتباك ابعدت نظرها عنه , وبلعت قطعة الخبز بصعوبة .منتديات ليلاس
عندما استطاعت الكلام , ذكرته قائلة:
- انا لدي وظيفة في وبرنداغو.
ابتسم غاي باكتئاب:
- هذا صحيح! انا أنسى باستمرار.
ساد السكوت لبرهة, حركت لوسي بعض فتات الخبز المتناثرة حول صحنها , ولسبب مالم تستطع النظر اليه , فجأة فقدت شهيتها الى الطعام, بدا صوته جافاً, وهو يسألها :
- أتريدين المزيد من الخبز؟
قدم لها غاي سلة الخبز, وعندما جاوبت ونظرت اليه , وجدت انه يراقبها , وتعابيره تبدو غامضة .
- شكراً.
تناولت قطعة كي تجد ماتفعله بيدها, ليس فعلاً تريد قطعة خبز:
- لطف منك ان تدعوني لتناول العشاء , فقد كنت جائعة.ريحانة
-حسناً! تعرفين مايقال سندريلا... مامن غذاء مجاني , لدي دافع خفي وراء ذلك.
- آه!.

اجفلت لوسي , وتجمدت يدها التي تحمل اللقمة قبل ان تصل الى فمها.
- أريد ان اطلب منك خدمة.منتديات ليلاس
قالت مجدداً بضعف :
- آه!
- أتساءل اذا كنت توافقين على الذهاب لرؤية أمي.
هذا آخر أمر تتوقعه.
- أظن ان بعض الإلهاء يفيدها, اعرف انها تود التكلم عن وبرنداغو, لقد نشأت هناك ,ومع انها تزوجت رجلاً إنكليزياً واسست منزلاً هنا, لكنها مازالت فتاة استرالية في اعماق قلبها , على أي حال انا واثق تماماً انها سوف تحبك.
نظر غاي اليها وأكمل:
- ألديك مانع؟.
- بالطبع لا!
منتديات ليلاس
دفع غاي ثمن تذكرة سفرها , وقدم لها سريراً كي تبيت ليلتها , واشترى لها طعام العشاء, هذا أقل مايمكنها تقديمه له , شعرت بالارتياح لأن ذلك التوتر الفظيع تبدد من جديد , اشرقت ملامح غاي:
- أحقاً؟ هذا رائع, ربما ننظم لقاء عندما تنتهي الجراحة وتعود الى المنزل.
- هذا يناسبني تماماً. سوف اعطيك رقم هاتفي, يمكنك مكالمتي أو إرسال رسالة خطية.منتديات ليلاس
- أظن ان الضجر هو جزء من مشكلتها , لطالما كانت نشيطة , لكن داء المفاصل حال دون خروجها من المنزل في الاونة الأخيرة , لم يبق امامها الآن سوى البقاء في المنزل والتذمر بشأني.
- ياإلهي! ماالذي تنتقذك بشأنه؟
اسند غاي ظهره الى الخلف , ورسم ابتسامة عريضة:
- حسناً! ذلك يعتمد على مزاجها, شبابي الضائع هو موضوعها المفضل, وهي لا تكف عن تذكيري بضرورة الزواج والاستقرار , وإنجاب الاحفاد لها.
كشر غاي , لكن لوسي لم تصدق انه متضايق حقاً, تابع يقول:
- انفصلت عن صديقتي قبل ذهابي الى استراليا, لذا هي منزعجة.
بما انه تطرق الى الموضوع , لم تر لوسي أي سبب يمنعها من التصرق بفضول وسؤاله:
- ماالذي حدث؟.
- لا شيء مأساوي فقط لم يكن هناك أي شغف بيننا , أنا أؤمن ان العلاقة العاطفية تحتاج الى بعض البريق والتوهج , ماذا عنك؟
منتديات ليلاس
اشرقت عيناه وهو ينظر الى لوسي , وشعرت هذه الاخيرة انه يفكر في علاقتها مع كيفن, في الواقع لم تسنح الفرصة لاختيار اي بريق او لمسة بينهما تجعل الشرارات تتطاير ..هذا ماكان ليحدث لوحظيا ببعض اللحظات على انفراد, هذا مافكرت به لوسي في محاولة لتطمئن نفسها , بادلت نظرته بواحدة توازيها,وقالت :
- أنا أشاطرك الرأي.ريحانة
من المستحيل ان تدعه يشك انها ترتبك من التحدث عن العلاقات العاطفية معه:
- أظن ان الانجاذب الجسدي جزء مهم في أي علاقة عاطفية.
- حسناً ! هذا ماكان ينقصنا انا وآنا, هذا لا يعني انها ليست جذابة , هي بالفعل كذلك.. لكننا لم نجعل دقات قلبينا تتسارع.
انزعجت لوسي عندما ادركت ان دقات قلبها اسرع من المعتاد, تناولت المزيد من الخبز , وتمنت لو يسرع جو بإحضار طبقها :
- إذاً , أكان القرار مشتركاً؟.
- نعم, لكن امي لن تقبل الأمر ابداً, هي مقتنعة انها تركتني , لأنني لم اسرع في طلب يدها للزواج, وتقول ان السبب يعود الى (خوف مرضي من الالتزام !).
بدا صوت غاي مرحاً , لكن لوسي تساءلت ان كان مهتماً بها اكثر مماهو مستعد للاعتراف.منتديات ليلاس
- وهل تخاف من ارتباط؟.
- لا! انا في الثلاثة والثلاثين من عمري, ولا امانع ايجاد فتاة اود قضاء بقية حياتي معها , لكنني لن اسمح لأمي ان تدفعني نحو الزواج فقط لأنها تريد احفاداً, اخبرتها انني سوف اتزوج عندما اجد الفتاة المناسبة.منتديات ليلاس
- ألم تجدها حتى الآن؟.
تلاقت عيونهما وقال غاي :
- لا.
اضاف كأنه غير واثق من كلامه:
- ....حتى الآن.


نهاية الفصل الثالث