لمشاكل التسجيل ودخول المنتدى يرجى مراسلتنا على الايميل liilasvb3@gmail.com






العودة   منتديات ليلاس > القصص والروايات > قصص من وحي قلم الاعضاء > القصص المكتمله من وحي قلم الاعضاء
التسجيل

بحث بشبكة ليلاس الثقافية

القصص المكتمله من وحي قلم الاعضاء القصص المكتمله من وحي قلم الاعضاء


إضافة رد
نسخ الرابط
نسخ للمنتديات
 
LinkBack أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
قديم 05-12-10, 06:28 PM   المشاركة رقم: 11
المعلومات
الكاتب:
اللقب:

البيانات
التسجيل: Nov 2010
العضوية: 203983
المشاركات: 22
الجنس ذكر
معدل التقييم: الغالي المزيون عضو بحاجه الى تحسين وضعه
نقاط التقييم: 10

االدولة
البلدOman
 
مدونتي

 

الإتصالات
الحالة:
الغالي المزيون غير متواجد حالياً
وسائل الإتصال:

كاتب الموضوع : الغالي المزيون المنتدى : القصص المكتمله من وحي قلم الاعضاء
افتراضي

 

الجــــــــ 9 ـــــــزء:

كان منير واقفاً خارج قصر سليم و هو ينظر إلى النيران التي تلتهم القصر، ثم أخذ مكبر صوت من أحد رجاله المحيطين به، و تكلم إلى سليم الموجود بالقصر المحترق، و قال في لهجة لا تخلو من السخرية (( أرجو أنك لم تمت بعد يا سليم؛ حتى تسمع وصية عمك المستقبلي جمال.. فهو يقول لك إن استطعت البقاء حياً من اليوم و حتى شهر، فسوف تأخذَ مرادك و تتزوج من مآثر بعد أن يتبرأ منها و من ابنتها.. و لكن خذ في بالك أنه إذا عشتَ و نجوتَ من هذا الحريق، فأنا لك بالمرصاد.. و تذكر أن جمال لا يهزم أبداً )) ثم أطلق ضحكة كبيرة سمعها أكرم من داخل القصر المحترق عندما كان يحاول أن يوقظ سليم بعد أن ارتطمت إحدى الأعمدة برأسه و سببت له جرحاً بليغاً و أفقدته وعيه... فقال أكرم و الخوف مسيطر عليه (( هيا قم.. انهض يا سليم.. انهض و واصل غرورك.. ليتك سمعت كلامي وسمحت لنا بالهرب.. أنظر ماذا حدث لك بسبب عنادك، منير الآن يهددك و أكيد أنه يقصدني معك.. هيا قل جملتك المعتادة، لا تخف أنت بجانب سليم عبد الوهاب )) نهض سليم متثاقلاً و الدماء تغطي وجهه وملابسه، و قال بلهجة أغاضت محاميه (( نعم.. مازلت مع سليم.. فكف عن خوفك.. لقد جهزتُ لهذه اللحظة.. هناك قبو في القصر و به باب يؤدي إلى الخارج.. هيا ساعدني قبل أن تأكلنا النيران.. أما منير فدعه الآن و أنا سأعلمه من هو سليم.. و سألعب معه كيفما يريد.. هيـــــــا ))


الجــــــــ 10 ـــــــزء:

كان منير عائداً إلى منزل جمال و هو فخورٌ بنفسه، و عقله يدور حول المكافأة التي سيحصل عليها من جمال.. و عندما وصل إلى بوابة الحديد المحيطة بالحديقة و أراد الدخول، وقف في وجهه الحارس فتحي و رفض فتح البوابة و لم يسمح له بالدخول، فقال له منير (( إن علم جمال أنك تمنعني من الدخول، فسوف يقطعك إرباً.. هيا أيها الأبله، افتح و دعني أبشره و أخد مكافأتي.. بسرعة حتى لا يغضب )) رد عليه فتحي ببرود (( اطمئن.. لقد تبشر السيد الكبير بما فعلته.. و هو بنفسه أمرني أن لا أدخلك.. و الأفضل لك أن تذهب و تنسى المكافأة، لأنها ستكون كبيرة و لن يستحملها قلبك المسكين و ربما سيكون مصيرك في النهاية مصاباً بالأمراض مثله )) قال منير بغضب (( من أخبره؟ يجب أن أكون أول من يعطيه الخبر.. ثم لماذا لا يدخلني؟! طبعاً الآن يتخلى عني بعد أن خلصته من منافسه )) و سمع منير صوت هادر يأتي من خلف البوابة و يقول (( سليـــــــــم )) فنظر منير جيداً و رأى جمال من خلف البوابة قادماً نحوه، فقال له متسائلاً (( ماذا؟! )) رد عليه جمال بغضبٍ كعادته (( سليم أيها الغبي.. سليم اتصل بي بالهاتف ليسخر مني و أخبرني أنك قضيت عليه )) قال منير بدهشة كبيرة (( كيف يتصل بك و يخبرك بذلك؟!! المفروض أن الموتى لا يتكلمون و لكن... )) قاطعه جمال صائحاً بوجهه (( لا يوجد لكن أيها الأحمق.. ألم آمرك يا منير أن تحضر لي جثته و لو كانت رماداً، و لكنك كالعادة غرك فوزك المؤقت، و هذه كنت و مازلت أعتبرها نقطة ضعف فيك رغم قوتك.. أتهدد فتحي بأني سأقطعه إن لم يفتح لك؟ أنا الآن سأقطعك يا متفاخر.. تريد أن تبشرني أنك تخلصت من سليم يا منير.. أنا الذي سأتخلص منك و لن أرسل من يخبر والديك بموتك.. سآمر رجالي أن لا يبقوا فيك و لا عظمة حتى لا يتعرف أحد على جثتك و ستكون عبرة لباقي رجالك )) ثم التفت جمال إلى فتحي و صاح فيه (( ألم آمرك أيها الحمار ألا تكلمه عندما يأتي؟ هل تخاف يا فتحي الرقيق على منير من أن يمرض مثلي؟ لقد سمعت كل كلامك و لو خالفت أوامري مرة أخرى سيكون مصيرك مثله هل فهمت؟ )) رد فتحي بخوف (( نعم يا سيدي مثلما تأمر )) قال له جمال (( هيا الآن افتح له البوابة و أمر باقي الرجال أن يأتوا لكي أجعلهم يكافئوا منير الشجاع لأنه أحرق قصر سليم و لم يفكر للحظة واحدة أن ذلك القصر الكبير يمكن أن يحتوي على باب خلفي أو على قبو و فيه مخرج )) قال منير بلهجةٍ صارمةٍ استغرب لها جمال (( توقف يا جمال.. أوقف هذه الحماقات و التسرع في الأحكام.. لقد أمهلت سليم شهراً كاملاً و أنا وعدتك أن أقضي عليه خلال أسبوع و لم يمضي حتى الآن سوى يوم واحد و من المحاولة الأولى تعدني بالتعذيب و التقطيع و القتل.. تذكر هو عدوك و لست أنا، و لا تنسى أنني قبل أن أكون محاميك فأنا صديقك و قائد رجالك، فهل تريد من رجال أنا قائدهم أن يقتلوني؟! .. ثم أريد أن أعرف لما أنت مستعجل؟ سليم نجا من الضربة الأولى، فما الذي يضمن لك أنه سينجو من الثانية؟ أعطني فرصة ثانية و دعني أحاول و إن لم أنجح، دع غيري يتولى المهمة.. و لكني أعدك بأن أقضي عليه خلال هذا الأسبوع، فقط عليك بالصبر.. ثم ما الذي يؤكد لك أن سليم حي؟! ربما كان أحد رجاله يقلد صوته )) صمت جمال طويلا ثم تنهد بقوة و قال (( أنت لا تفهم.. هذا الرجل سخر مني مرتين.. مرة حين هددني في بيتي و مرة أخرى عندما اتصل بي و أيضا على رقمي السري الذي لا يعرفه سواي أنا وأنت و زوجتي، و مجرد حصوله على رقم هاتفي السري يدل على أن له نفوذاً كبيراً، فلم يسبق لأحد أن أتصل بي على هذا الهاتف قبله.. و أنا أريد أن أكسر شوكته لأن لعبته التي يلعبها معي و يتفنن بها ستفتح المجال على آخرين مثله حتى يفعلوا ما فعله و أكثر، مع أنني متأكد من عدم وجود أحد مثل ذلك المغرور الكريه )) قال منير (( و من هو حتى لا يوجد أحد مثله.. تذكر أنه مجرد رجل واحد، و ظهوره بتلك الطريقة التي شدت جميع الناس إليه مجرد صدفة، و الصدف دائما تنتهي في وقت قصير.. لذلك اعتمد علي في إنهائها )) ضحك جمال باستهزاء ثم قال (( لقد تركته لك و أنظر ماذا حدث.. إنه الآن يتعالج في المستشفى من حروق صغيرة ربما أصابته في أنامله الناعمة أو بشرته الرقيقة.. لقد أصابته أحد الأعمدة في رأسه و بسبب حماقتك و لأنه لم يمت، ستقوم الدنيا و لن تقعد و ستكتب جميع الصحف و المجلات عن الحادث الذي أصاب السيد الإيطالي المشهور.. و سيصبح حديث الناس لعدة شهور، فبدلا من قتله زدت من شهرته.. و تأكد أنه بعد أن سمع صوتك لن يتركك و شأنك، خصوصا بوجود ذلك الداهية الماكر أكرم بجواره )) قال منير (( أكرم جبان و يخاف من ظله، لذلك سيكون القضاء عليه يسيراً.. أما سليم فدعه لي، و سترى أنه لن يقدر أن يؤذيني و لا داعي للخوف من رجل مثله، بل هو الذي يجب أن يحترس مني ))


الجــــــــ 11 ـــــــزء:

كان سليم في سريره في المستشفى و أكرم بجانبه و في الجانب الآخر كانت هناك ممرضة تعطيه حقنةً في يده، فقال لها سليم والألم والتعب واضح على وجهه (( متى سيأتي الطبيب ليراني؟ أريد أن أخرج من هنا.. عندي بعض الأعمال المستعجلة )) ردت عليه الممرضة بهدوء (( اطمئن يا سيد سليم.. سيأتي الدكتور ليراك بعد ربع ساعة )) و خرجت عنه فتنهد بقوة وقال لأكرم (( ما الذي في قلبك يا صديقي؟ أما زلت خائفاً مما حصل؟! )) رد عليه أكرم بغضب (( أنت لا تنفع لشيء سوى للسخرية مني.. نعم مازلت خائفا وأنا أيضا حانق و غاضب جداً.. بالله عليك ألم تغضب من ذهاب ذلك القصر الكبير؟!! لقد احترق عن آخره ولم يبقى لك شيء فيه والأكثر من ذلك أنت و رأسك المكسور.. ألم يكفك ما فعلته بك أختك المجنونة منذ أسبوعين حتى يصيبك أحد الأعمدة في رأسك لا و انكسرت أيضاً أصابع يدك اليمنى.. وبعد كل هذا مستعجل وتريد أن تخرج.. أخبرني ماذا ورائك؟ جميع أعمالك منجزة لم يبقى لك سوى أن تقتلني فافعل و أرحني )) نظر سليم إليه طويلا حتى يزعجه ثم قال له (( آه يا حبيبي يا أكرم ليتني أقدر أن أقتلك فعندها فقط سوف أتخلص من نواحك و صياحك.. فكلما حصل شي تبدأ بالنواح و البكاء على الأطلال و لا تتكلم سوى عن خوفك و قتلك و لا أعرف لماذا يظلمون النساء دائما بالنواح و الصياح و أنت تهزم كل إمرأة بشكاويك و عويلك يا جبان )) قال أكرم و هو يتظاهر بالهدوء (( لا بأس يا متبجح.. يا نصير النساء الآن عرفت لماذا عندما تقابلك أي إمرأة تركض خلفك.. أنا تتهمني بالصياح و العويل!! لا بأس.. و لكني لا أريد الموت بجانبك و لا تقل لي حبيبي فأنا أكرهك و أكره تصرفاتك الهوجاء.. أنا خائف عليك يا سليم، ألم يكفك ما أصابك حتى تذهب و تتصل بجمال، لماذا لم تدعه يعتقد أنك مت حتى نهرب؟! لماذا يا سليم؟؟ )) رد سليم و هو يتباهى بفعلته حتى يغيظه (( أولاً هو سيعلم عاجلاً أو آجلاً فالأحسن أن أخبره حتى أقهره.. أما ثانياً فمائة مرة أخبرتك أنا لن أهرب و لا أنت و سأواجههم كلهم و أنت معي و لن تذهب إلى أي مكان بدوني و لا نقاش في هذا الموضوع.. هل فهمت؟ و الآن أصمت و لا ترد فأنا متعب و أريد أن أرتاح )) قال أكرم (( حسناً.. عليك بالراحة أيها الأسد المغوار.. أتمنى أن يقتلك جمال و يقتل غرورك حتى أهرب وحدي )) رد عليه سليم و هو يضحك بألم (( ألم أطلب منك السكوت يا ثرثار.. يالطول لسانك، ألا تستطيع أن تكف عن الكلام و الشكوى لدقيقة واحدة.. ما حدث قد حدث.. و لك بشرى مني إن قتلني جمال لن يدعك حتى ترثني لانك دليل قوي ضده و يجب أن يتخلص من هذا الدليل )) قال أكرم (( إسمع أنا أكره هذه المواضيع لذلك أنا سأصمت و أنت أيضا نم و ارتح و اطمئن إخوتك بعد موتك هم الورثة الوحيدون لك حتى و لو كانوا يكرهونك فأكيد أنهم سيحبون أموالك لأنه لا أقرباء لديك غيرهم )) قال سليم و الحزن مسيطر عليه (( إخوتـــــــي!! أين هم الآن بالله عليك يا صديقي؟ كل من في البلدة سمعوا عن إصابتي.. لقد انتشر الخبر في كل مكان.. الكل سمع به إلا إخوتي )) ثم ضحك بقهر و قال (( يبدو أنني سأكتب جميع ممتلكاتي بإسم صبا لأني لن أجد من يحب نقودي مثلها )) وضع أكرم يده على كتف سليم وقال له (( آسف يا سليم لم أقصد أن أوقظ فيك آلاماً دفينة أرجو أن تهدأ.. أين ذهب غرورك و كبريائك.. أتريد أن تزحزح ثقتي بك؟ )) ابتسم سليم و قال له (( الآن فقط وثقت بي! أين ذهب صياحك و شكواك منذ دقائق )) قال أكرم بحماس (( إسمع لدي خطة جيدة.. لماذا لا تترك جمال و ابنة أخته صاحبة المصائب جانباً و نذهب أنا و أنت لنبحث عن إخوانك جميعا و نقنعهم بالتراضي معك و... )) قاطعه سليم و هو يمسكه بيده اليسرى من قميصه و يقول له (( إياك أن تتكلم عن مآثر بسوء و لا شيء سوى الموت سيفرقني عنها و لن أضحي بها من أجل أخوة لم يحبوني ولم يسألوا عني هل فهمت؟؟ )) سعل أكرم بقوة وقال بصعوبة (( نعم.. نعم فهمت ولن أكررها أعدك.. اتركني أنت تخنقني )) فتركه سليم بعد أن رأى حاله و عندها قال أكرم بغضب (( أنت دائما لا تستمع لنصائحي و عندما تغضب تمسكني من قميصي.. أنا لا أقبل الإهانة يا سيد سليم و لو لم تكن مصاباً و لولا رحمتي بك لجعلتك تشاهد شيئاً لم تره في حياتك من قبل )) قال سليم بإستهزاء (( انظروا من يتكلم.. يبدو أن كليب وائل نهض من قبره )) قال أكرم رداً على استهزاءه (( أنا كليب أيها الزير.. يا زير النساء.. منذ أن رأيت تلك الساحرة لم يعد هناك شيء يهمك.. حتى أنا نسيتني يا ناكر الجميل )) واستمرا في عراكهما و تقاذف الكلمات حتى أن الدكتور حسام دخل و قد سمع أغليبة كلامهما و عندما انتبها لوجوده سكتا و أخذا ينظران لبعضهما في خجل واضح.. فقال أكرم ليكسر هذا الصمت (( إعذرنا يا دكتور حسام.. يبدو أن سليم متعب لذلك فلتت أعصابه و أنا أحاول أن أهدئه قليلاً )) كتم سليم غيضه و هو ينظر لأكرم و تبريره السخيف ثم قال موجهاً كلامه للدكتور حسام (( إذن أنت الدكتور حسام.. مرحبا، كيف حالك؟ )) رد حسام بجفاء (( أنا من يجب أن يسألك هذا السؤال و المفروض أن تعرفا معاً أن هذا مستشفى و أنا لم أرى في حياتي رجلان يتنازعان مثلما فعلتما و أيضا في مستشفى الواجب أن يعم فيه الهدوء و أن توفر فيه الراحة للمرضى )) قال سليم بهدوء (( على العموم لولا الكسر في رأسي و الألم في يدي اليمنى و في ظهري فأنا بخير و لكن هل تسألني بصفتك الطبيب المعالج أم بصفتك أخــ ... )) قاطعه حسام بسرعة (( بصفتي الطبيب فقط و لا أعتقد أن هناك صفات أخرى بيننا يا سيد سليم.. فأنت الآن تعتبر أغنى رجل في البلدة إن لم تكن في إيطاليا و أنا طبيب متواضع في مستشفى حكومي و لا أعتقد أن هناك شيء يجمعنا غير علاجك.. ألا توافقني الرأي يا أكرم؟ )) تلعثم أكرم ثم قال (( أ..أنا لا دخل لي بذلك كله.. لماذا عندما يريد الواحد منكم أن يشعل حربه مع سليم يدخلني معه.. لو كنتم تعرفونه لآثرتم السلامة على قمصانكم.. أقصد على حياتكم )) لم يهتم حسام بكلام أكرم و ألتفت إلى سليم وقال له (( بداعي الفضول فقط أسألك يا سيد سليم.. لماذا يتعالج رجل غني مثلك في مستشفى حكومي؟ مع أنك على حسب علمي تمتلك مستشفى خاص هنا؟ )) نظر سليم إليه طويلا والألم يعتصر قلبه من تجاهله إياه و قال له بصراحة (( إسمع يا حسام.. آسف أقصد يا دكتور حسام، تجاهلكم لي أنت و باقي إخوتي يقتلني في كل لحظة ألف مرة و لكن فعلا أنت لا تعرفني فأنا أفضل أن أدوس على قلبي و أرميه بدلا من أن أستجدي أحدا ليقبلني كأخ له.. في البداية قمت أنت و خالد بإبعاد صبا عني حتى لا تراني لأنها اقتنعت بي و الآن ببساطة تمنعني من قول كلمة أخي.. في النهاية لا بأس نحن متفقان أن لا إخوة بيننا و تذكر أنك في يوم من الأيام ستأتي بنفسك و تطرق باب بيتي لكي أقبل أنا بك و لكن ردي سيكون أقسى من ردك فأنا لم أتعلم الظلم إلا منكم يا قساة القلوب.. و تذكر أنني جئتك يا حسام و رددتني و أنا لم أتعود على هذه المعاملة.. وللإجابة على سؤالك فأنا أتيت إلى هذا المستشفى لأن سيارة الإسعاف جلبتني إلى هنا و لأن.... آه هل تعرف.. عالجني أولا و أكتب لي على الخروج ثم سيخبرك صديقي و محامي الخاص أكرم بالباقي يادكتور )) ابتسم حسام و قال (( أتعرف أن جمال لم يكذب حين قال عنك أنك وقح و متعالي لكن لا بأس سأعالجك لأن هذا عملي و تذكر أنت بأني لن آتيك يا متأمل و لن أرجوك مهما حصل )) ابتسم سليم ثم قال له متسائلا بثقة (( حتى و لو فقدت عملك يادكتور؟؟ )) رد حسام بدهشة (( ماذا؟! )) قال سليم بلا مبالة (( لا تهتم أكرم سيشرح لك كك شيء بعد أن تعالجني.. هيا قم بعملك الآن )) وبعد ساعتين كان سليم يتكيء على عكاز في مكتب د.حسام بالمستشفى و هو يوقع له على ورقة الخروج فأخذها سليم ثم قال (( تكلم يا أكرم )) فقال المحامي أكرم (( يجب أن تعلم يادكتور حسام أن هذه الأرض التي عليها المستشفى تبين أنها إحدى أملاك السيد عبد الوهاب والد السيد سليم و لقد كتبها بإسمه و هو دفع عن المستشفى أموالا للدولة - طبعا كرامة منه لأن الأرض له و بذلك يكون له الحق في عمل أي شيء بها- .. المهم، لقد قرر السيد سليم هدم المستشفى ليبني مكانه مستشفى أكبر منه يتكون من 15 طابقا و يزوده بكل الأجهزة والأدوات الحديثة و طبعاً أي طبيب يريد أن يعمل به لابد أن يأخذ الأذن من السيد الكبير سليم عبد الوهاب )) نظر إليهما حسام و هو متفاجيء ولم يتكلم فقال له سليم (( و الآن ما ردك؟ أما زلت وقحاً و متعالي أم أنني طيب و شهم لأني سأجعل المستشفى أكبر حجماً؟ )) مازال حسام ينظر إليه ولم يتكلم من الدهشة و قد فقد عمله في غمضة عين فقال له سليم بثقة (( لا تخف لن تفقد عملك.. فقط تعال إلى بيتي وتأسف مني و قل أنك تريد عملاً و سأعطيك في المستشفى الثاني حتى يجهز هذا.. أنتظرك )) وتركه في شروده و ذهوله و خرج عنه، وعندما كان يتجه لمخرج المستشفى وجد طفلا جميلا في الخامسة من عمره وعرفه على الفور، إنه نور إبن حسام.. فأقترب منه وعندما أراد أن يحمله تفاجأ بصفعةٍ قوية على يده المصابة فصرخ من شدة الألم وعندها رأي حسام و هو يأخد طفله و يصرخ به (( إياك أن تلمسه )) فأخذ سليم ينظر إلى حسام وقد اتسعت عيناه بدهشة كبيرة.. و من بعيد أتى خمسة رجال - هم في الأصل حرس الأمن عند سليم - و حاولوا ضرب حسام و لكن سليم منعهم بإشارة من يده وقال لهم (( دعوه لا يلمسه أحد إنه سوء تفاهم بسيط )) دمعت عينا سليم و لكنه مسحها قبل أن تنزل على خده حتى لا يراها حسام و قال بشدة (( وصلت بك القسوة يا حسام أن تمنع أبنك عني!.. سنتقابل أعدك بذلك )) ثم ألتفت لأكرم و قال له (( هيا بنا )) و أشار لرجاله كي يمشوا خلفه و ذهب سليم و من وراءه كان حسام واقفا يضم ابنه إلى صدره و ينظر إلى سليم بخوف ممزوج بدهشة و غضب..

سأنســـــى بأني بهذا الكون إنســـــــان
و أغمـض عينـــــــي لعلي لا أرى الآن
سأغلق دفتر الماضـــــــــي....
و أنسى حزن وجدانـــــــــي...
سأرمي كل أفكـــــــــــــاري...
و أحرق كل أشعــــــــــاري...
سأبدأ صفحة بيضــــــــــــاء..
و أنسى كل آلامــــــــــــــي..
للكاتبة: نسمة صيف

 
 

 

عرض البوم صور الغالي المزيون   رد مع اقتباس
قديم 05-12-10, 06:36 PM   المشاركة رقم: 12
المعلومات
الكاتب:
اللقب:

البيانات
التسجيل: Nov 2010
العضوية: 203983
المشاركات: 22
الجنس ذكر
معدل التقييم: الغالي المزيون عضو بحاجه الى تحسين وضعه
نقاط التقييم: 10

االدولة
البلدOman
 
مدونتي

 

الإتصالات
الحالة:
الغالي المزيون غير متواجد حالياً
وسائل الإتصال:

كاتب الموضوع : الغالي المزيون المنتدى : القصص المكتمله من وحي قلم الاعضاء
افتراضي

 

الجــــــــ 12 ـــــــزء:

صعد سليم إلى السيارة مع أكرم الذي تولى القيادة و في الخلف كان يجلس معهم ثلاثة من رجاله و خلفهم كان الباقون يتبعونهم في سيارة أخرى، فقال أكرم بعد تردد (( هل ستؤذيه يا سليم؟ )) رد سليم بحزن شديد و هدوء استغربه أكرم بعد ذلك الموقف (( لا تكن غبياً.. إنه مجرد تهديد أجوف.. ألم ترى طفله الصغير و هو ينظر إلينا بخوف.. إذا كان أباه يكرهني فما ذنبه حتى أحرمه منه، إذا كرهني حسام فسأجعل أبناءه يحبوني بإذن الله.. و على حد علمي أن ابنه البكر عمره 14 سنة.. سأحاول أن أكلمه لأنه يبدو عليه الطيش و الشباب لا يملأ عيونهم شيء أكثر من الأموال )) قال أكرم بعد تفكير (( ستشتريه إذن! )) رد سليم (( لا أيها الذكي.. سأشتري قلبه، سأجعله يحبني )) قال أكرم (( و ما يدريك أنهم لم يملئوا قلبه ضدك؟.. المهم.. إلى أين تريدنا أن نذهب الآن؟ )) قال سليم و ابتسامة ساخرة تعلو وجهه (( إلى تأديب ذلك المتباهي الذي يعتقد نفسه ذكياً حتى يقتلنا )) قال أكرم بخوف (( إلى جمال!! كلا.. ليس الآن.. أرجوك يا سليم انتظر حتى أهرب أولا )) صاح به سليم (( أليس في ذهنك شيء سوى الهرب يا غبي؟! .. لن نضرب ضربتنا القاضية بسرعة.. الآن فقط سنذهب إلى الذنب منير أما الرأس فسندعه للنهاية )) ثم التفت لرجاله و قال لهم باللغة الإيطالية (( هيا اذهبوا و نفذوا ما أمرتكم به هذا الصباح و لا تدعوا عنده عظمة واحدة تصلح لشيء.. هيا )) نزل رجاله وذهبوا لتنفيذ ما أمرهم به، أما أكرم فقال بدهشة (( بماذا أمرتهم يا مجنون؟؟! )) قال له سليم (( لا دخل لك يا جبان.. ستسمع عن ذلك قريباً و لكن ليس في الجرائد أو التلفاز إنما عند مركز الشرطة )) قال أكرم بدهشة كبيرة (( مركز الشرطة؟!! ))



الجــــــــ 13 ـــــــزء:

عند العصر كان منير عائداً إلى بيته، و عندما دخل سمع صراخاً شديداً و أصوات أشياء تتحطم و رأى مشاجرة كبيرة تحدث بين زوجتيه الاثنتين بالأيدي و الألسن.. فذهب إليهن و أمسك كل واحدة من شعرها و قال لهن بتهديد و بصوت هادر (( ألم أحذركن من عمل هذه التفاهات أمامي.. لا ضرب نفع معكن و لا الكلام نفع.. ألم تكتفين مما أتاكن مني أم أنكما تحبان الضرب كل يوم.. هيا تكلما أخبراني ما الذي حدث هذه المرة؟ )) ردت عليه زوجته الأولى (( هي السبب.. اليوم دورها في طبخ العشاء و هي ترفض بحجة أنها حامل وتريد أن ترتاح )) صاح منير بصوت عالي (( ماذا؟! حامل مرة أخرى!.. ألا يكفيني خمسة أولاد بمصاريفهم حتى تأتي لي بالسادس؟ )) قالت زوجته الثانية (( السابع )) قال لها منير بدهشة (( ماذا تقولين؟ إنهم الآن خمسة فقط فمن أين أتى السادس حتى تقولي السابع )) ردت عليه بفرح (( أنا حامل بتوأم يا منير و عندي قبلهم ولدان و ابنتان و ليس ولد واحد فقط مثل بعض الناس )) ردت عليها الزوجة الأولى -ابنة عم جمال- (( هل تجرئين على معايرتي؟ ألا تعرفين من أنا؟ إن كنت تجهلين فأنا ابنة عم جمال الحسيني و أبي رحمه الله كان قائدا للجيش وليس بواب في أحد العمارات )) اتسعت عينا الزوجة الثانية و صرخت بأقصى قوتها من القهر ثم أمسكت بشعر غريمتها و شريكتها و قالت لها (( أتعايرين أبي؟ بهذه السهولة نسيت أخاكـ المسجون يا سليطة اللسان )) ردت الزوجة الأولى بأعلى ما عندها من صوت (( أنا سليطة اللسان!! أيتها العقرب المسمومة.. على الأقل أخي سجن مظلوماً و لم يعدم من أجل المخدرات مثل خالكـ يا عائلة الشرف )) قالت الثانية (( عائلتي أشرف من عائلتكـ يا.... )) قاطعهما منير قائلا (( لن يكون هناك أشرف مني أن لم أؤدبكما اليوم و أقطع ألسنتكما.. ألا تخجلا من رمي الكلام هكذا على بعضكما و أمامي أيضا.. الآن ستريان ما سأفعله بكما )) قالت له زوجته الأولى بتوسل (( الرحمة يا منير.. لن نفعل هذا مرة أخرى )) و قالت الثانية (( اضربها هي.. أنا حامل يا منير لا تنسى )) قال منير (( لم أنسى يا عزيزتي و الضرب سيكون من نصيبكما معا.. لا تخافي سيصير أولادي رجالا قبل أن يخرجوا من بطنكـ، بإمكانكـ اعتبارها تمارين للحمل )) و هكذا ضربهما منير جزاء لصراعاتهما التي لا تنتهي، و في الليل بعد العشاء كان منير يهم بالنوم عندما جاءته زوجته الأولى و وقفت صامتة بجواره فرفع رأسه إليها و قال بضجر (( نعم! ماذا تريدين؟ أريد أن أرتاح )) قالت له و هي تتصنع البكاء (( ترتاح و نحن نتقطع من الألم.. أنظر إلى عيني.. ماذا أقول لأخي عندما يأتي غدا هو و زوجته.. ماذا أقول له لو سألني ما الذي حدث؟ )) رد منير عليها (( قولي له منير كان يمازحني.. أو ما رأيكـ أن تقولي زوجي أراد قتلي.. أصلاً لماذا يأتي أخاكـ عندنا.. ألا يكفي ما فعلتماه أنت و تلك الغبية، هي أدخلت أخاكـ السجن و أنت حكمتي على خالها بالإعدام بتهمة المخدرات و الأدهى أن أخاكـ وخالها بريئان فأنتن تهوين تأليف الشائعات وتصديقها.. هيا أخرجي و لا تزعجيني أريد أن أنام )) قالت له بخبث واضح (( كيف حالها؟ )) رد منير بدهشة (( من هي هذه التي تسأليني عن حالها؟! )) قالت له (( مآثر التي يريد جمال تزويجها لك )) قال منير و هو يبتسم بمكر (( اطمئني لن أتزوجها )) ردت عليه بفرح (( حقا يا منير؟! )) قال منير (( طبعا يا عزيزتي.. فكما تعلمين مآثر جميلة و رقيقة و لن ترضى أن تسكن مع وحشين مثلكما.. سأنتظر حتى يجهز بيتي الجديد و عندها سأتزوجها و أطلقكما لأنها لن ترضى بامرأتين تشاركانها بي و سنعيش أنا و هي بهناءٍ و سعادةٍ و وئام )) قالت له بقهرٍ عجزت عن كتمانه (( كلامك لا يهمني يا شرير.. أنا جئت فقط لأخبرك أن هناك 3 رجال يسألون عنك )) قال منير بغضب (( أيتها الغبية.. 3 رجال يسألون عني وأنت هنا تثرثرين عن زواجي! .. من هم؟ )) قالت له (( لا أعرف )) قال منير (( أنا متعب.. أذهبي و قولي لهم منير غير موجود )) قالت له (( لا ينفع الآن.. لقد قلت لهم أنك هنا و هم الآن ينتظرونك في مكتبك )) نهض منير و أزاحها من أمامه و قال (( لا أعرف لماذا كان حظي أسوداً و تزوجت من حمارتين لا تفقهان شيئا.. لن توصلاني سوى إلى الانتحار من أعمالكما.. يجب أن أتزوج مآثر )) ردت عليه بغيرة (( لماذا؟ هل تراها أجمل أو أحسن منا.. لن تجد في الأرض من هي أجمل مني أو من شريكتي )) قال لها (( ليس الجمال يا حمقاء.. عندما أتزوجها و أتبع مشورة جمال، سيقتلني سليم و لن أراكما بعد الآن و هناك ستكون الراحة الأبدية.. هل فهمتي؟ )) قالت له (( لا لم أفهم.. من هو سليم هذا؟ هيا أخبرني )) رفع منير يداه على أذنيه و ذهب عنها متوجها إلى مكتبه، و هناك وجد الرجال الثلاثة ينتظرونه فأغلق الباب و دخل و قال لهم (( نعم.. أنا منير، ماذا تريدون؟ )) ثم توقف قليلاً و هو يتفحص أشكالهم وقال (( أنا لم أركم و أشكالكم توحي بأنكم لستم من هنا.. آه أنتم من إيطاليا أم أنا مخطئ؟ ولعلمكم أنا منير و لا شيء يخيفني )) رد عليه أحد الرجال بلغة عربية سليمة (( نحن نعرف أنك منير و إلا لما أتينا.. أهكذا ترحب بضيوفك يا سيد منير؟! و هل حقاً أنه ليس هنالك ما يخيفك؟ على العموم لسنا أنذالاً و لذلك لن نحرق لك بيتك و لن نأتي بمكبر صوت لنخبرك أن أمامك مهلة شهر و لا شيء من هذه القبيل.. فقط.... )) و عندما طال سكوت الرجل، قال منير (( فقط ماذا؟؟ .. هل تريد الشجار معي؟ )) لم يجاوبه الرجل و إنما أشار بيده إلى زميلاه و ما هي إلا دقائق حتى كانت سيارة الإسعاف تشق الطريق ناقلة منير إلى المستشفى بعد أن ضربه رجال سليم ضرباً مبرحاً و أصابوه في رأسه و ظهره و كسروا له أصابع يده اليمنى.. و طبعاً هذه الإصابة كانت مقصودة....


الجــــــــ 14 ـــــــزء:

في صباح اليوم التالي كان سليم جالساً و أمامه طاولة الإفطار في حديقة منزله الجديد و هو يرتشف القهوة بهدوء و كأن شيئا لم يكن بالأمس، و فجأةً دخل عليه أكرم و وقف أمامه ينظر إليه من دون أن يتكلم، و لكن سليم لم يأبه له و إنما واصل إفطاره و كأنه لم يره، فأغتاظ أكرم كعادته و قال بغضب حاول كتمانه فلم ينجح (( ماذا فعلت يا سليم؟! )) رد سليم بهدوء (( ما هذه التحية يا صديقي؟ و ما هذا السؤال السخيف؟ دعك من أعمالك و أجلس لتفطر معي.. لقد قل وزنك من كثرة العمل.. يبدو أنني أقسو عليك كثيراً و لكني سأفكر في إعطائك إجازةً بعد شهر.. هيا اجلس )) جلس أكرم ثم قال و هو يتنهد بقوة (( دائماً كعادتك تتهرب من الكلام و لا تهتم لشيء.. عندما أسألك عن موضوع ما.. أكون أنا في اليمين و تذهب أنت للشمال.. شكرا لك يا مغرور.. يا متكبر.. أنا بصحةٍ جيدة و لا أحتاج لشيء من طعامك.. أنا فقط محتاج لأن أفهم تصرفاتك الطائشة.. ثم... لحظـــة.. أخبرني لماذا تريد إعطائي إجازة بعد شهر؟ هل حقاً ستجاري جمال و تحاربه لمدة شهر؟! .. لن تنجو إن فعلت.. أنا أنصحك ابتعد عنه و عنها و سأزوجك أجمل منها فأنا لدي عروس لك )) قال له سليم (( دع نصائحك لك فأنا لن أحارب جمال )) قال أكرم بفرح (( هل رجع لك عقلك أخيراً.. حاول أن تعرف من هي العروس التي سأعرضها عليك؟ )) قال سليم بسخرية متعمدةٍ (( لا.. لن أفعل.. فأنت لم تترك لي المجال لأكمل جملتي، لقد كنت أريد أن أقول أني لن أحارب جمال وحــدي فأنت ستحاربه معي فأنا لن أنسحب مهما حدث و لن أتزوج غير مآثر مهما حصل )) قال أكرم بيأس (( و لن يفرقك عنها سوى الموت أليس كذلك؟! )) هز سليم رأسه و قال (( بلى.. كذلك، لقد بدأت الآن تفهمني )) قال أكرم برجاء (( على الأقل أسأل من هي العروس ثم قرر )) قال سليم بضجر (( و من هي؟ و لماذا لا تتزوجها أنت بدلاً من إحضارها لي؟ )) قال أكرم (( لأنها لا تجوز لي )) قال سليم (( لماذا؟ هل هي قبيحة إلى هذا الحد؟! أم أنك تخاف من زوجتك؟ أنا أعتقد أنها الثانية.. الخوف من الزوجة أليس كذلك؟ )) قال أكرم وقد نفذ صبره (( لا.. ليس كذلك.. هل تظن نفسك جميلاً جداً حتى تحكم على الناس بالقبح قبل أن تراهم، .. ثم أنا لا أخاف من أحد و أنت أدرى الناس بي فأنا شجاع و لولاي لما ظللت يا سليم على قيد الحياة حتى الآن.. يا أحمق لا تضيع هذه العروس بالذات.. إنها جميلةٌ جداً و لها شعر أسود طويل و عيون عسلية ليس لها مثيل و أنا أضمن لك أنك لن تجد مثلها في الدنيا )) ضحك سليم بشدة ثم قال (( أنت شجاع!! .. حسنا لقد هزمتني هذه المرة.. ها أنا أعلن استسلامي.. أخبرني من هي هذه الساندريلا يا أكرم؟ )) قال أكرم بفخرٍ كبير (( إنها أختي )) سعل سليم بقوة ثم قال بدهشة (( من؟! )) قال أكرم شارحاِ (( ألم تسمع إنها أختي التي تصغرني مباشرة.. عمرها 24 سنة و هي أجمل أخواتي.. ها.. ما رأيك؟ متى سيكون العرس؟ وكم ستدفع مهراً لها )) قال سليم صائحاً (( أي مهر وأي خرافات تتكلم عنها.. هل جننت؟! ثم منذ متى و أنت تعمل كالخاطبة.. حسناً زوجني أختك و يزن سيصل غداً، زوجه التي بعدها.. هل فقدت عقلك يا أكرم؟! أخواتك بالنسبة لي مثل أخواتي فلماذا الإحراج الآن؟ وتذكر أنا قلت و لن أرجع في قولي.. مآثر و لا غيرها أبداً أبداً لا أختك و لا غيرها ستكون بديلا عنها )) قال أكرم بتوسل (( و لكن أختي جميلة و تستحق أن تفكر بها و لو قليلا )) قال سليم و هو ينهي النقاش في هذا الموضوع (( لقد فكرت و رفضت.. و الآن أنسى موضوع زواجي و أخبرني.. لماذا أتيت إلى هنا و لماذا تسألني ماذا فعلت؟ )) ضرب أكرم رأسه بيده و قال (( آه.. لقد نسيت.. لقد وصلك هذا الصباح استدعاء من الشرطة، النقيب خالد يطلبك في مكتبه بعد ساعة من الآن.. هيا تكلم كيف فعلت هذا من دون أن تخبرني؟ و لماذا؟! ستدخل السجن الآن و لن تتزوج من مآثر بعد أن تنتشر فضيحتك في كل مكان )) قال سليم (( فعلت هذا لكي أشفي غليلي.. و طبعاً فعلته بواسطة رجالي.. أما من ناحية أني سأسجن، فلماذا أنت موجود؟ و لماذا أدفع لك؟ لكي تبكي و تسأل؟! أم لمثل هذه المواقف.. فلهذا أنت ستتصرف أو ستلحق بمنير و تشاركه غرفته بالمستشفى )) قال أكرم بنفاذ صبر (( دعك من تهديداتك الجوفاء و أخبرني أين كنت بالأمس حتى نثبت أنك بريء.. لأن جمال رفع ضدك قضية و هم ينتظرونك.. و الآن، من كان معك ؟ و لا تقل لي رجالك )) قال سليم بثقة (( من هذه الناحية لا تخف فأنا محتاط لهذه اللحظة )) قال أكرم باستهزاء (( كيف يا سيد واثق؟ من سيشهد أنك كنت معه في اللحظة التي ضرب فيها منير؟ )) قال سليم (( جارنا العجوز.. السيد جلال.. لقد دعوته بالأمس للعشاء معي في اللحظة التي كان فيها منير يفقد كل عظامه )) قال أكرم بإستنكار (( ولكنه أعمى )) رد سليم (( لا تخف ابنه زياد كان معنا )) قال أكرم (( كيف أقنعته أن يأتي إليك؟ أنه عنيد و لم أعهدك بهذا الخبث و الدهاء.. طبعا أنت محتال و لكنك لست ذكيا كفاية لتقنع عنيداً مثله بالخروج في تلك الساعة و القدوم للجلوس معك و الأكل أيضا )) قال سليم بتباهي و هو يرفع إحدى قدميه و يضعها فوق الأخرى (( لا بأس يا أكرم.. دع الذكاء للجبناء أمثالك فهم يستحقونه.. الرجل لا يملك شيئا و ابنه عاطل عن العمل و بذلك أقنعته بأني سأجعل ابنه يعمل عندي في الشركة و براتبٍ كبير، فجاء على الفور و تعشى معي و أخذ يمدحني بسبب و بدون سبب و هكذا جلسنا نحن الثلاثة معاً حتى منتصف الليل.. أخبرني الآن ما رأيك؟ )) قال أكرم بدهشة (( اشتريته؟! )) رد سليم باستغراب (( ماذا؟!)) قال أكرم (( اشتريته مثلما تريد أن تفعل مع ابن حسام )) قال سليم و هو يتنهد بقوة (( أكلما ساعدت أحداً أو دبرت له وظيفة عندي أو أعطيته بعض المال تأتي أنت لتقول أني اشتريته.. مـاذا؟! هل تراه بضاعة أمامك؟ إنه رجل بحاجة للمساعدة وأنا كذلك.. هذا يسمى بتضارب المصالح يا غبي )) قال أكرم مدافعا عن نفسه (( أنا لست غبياً.. و لكن أنت استغلالي و لا تساعد أحدا و لا تعطي المال لأحد دون مقابل )) قال له سليم بغيض (( أتريدني أن أرمي أموالي أم تريد لي دخول السجن؟؟ يا أحمق هكذا سأثبت براءتي و عندها تعمد أنت إلى رفع قضية )) قال أكرم متسائلاً (( أي قضية؟! )) زفر سليم بقوة ثم قال (( ما الذي حدث لك؟ هل أقتلك فعلاً مثلما طلبت بالأمس وأتخلص منك.. ماذا؟! من المحامي أنا أم أنت؟ من ضربني في رأسي و جعلني أعتمد عليك في كل شيء.. يا أبله قضية رد اعتبار.. جمال رفع قضية ضدي و أنا بريء و هو يريد التشهير بي، و لذلك سنرفع شكوى ضده لتعويضي.. هل فهمت؟! )) قال أكرم (( و لكنك لست بريئاً يا مخادع )) قال سليم بابتسامة منتصرة (( و من غيرنا يعلم بذلك.. منير إن نهض و بحث في كل مكان بالعالم فلن يجد الرجال الذين ضربوه و لا شيء في الدنيا يثبت أنهم رجالي )) قال أكرم (( لا.. بل هنالك شيء )) قال سليم (( لا يوجد غيرك فهل ستشهد ضدي؟ )) قال أكرم (( طبعا لا.. و لكن لا تنسى أن رجالك فعلوا به مثلما أصابك بسببه عندما أحرق قصرك )) قال سليم (( تذكر العين بالعين و البادئ هو الأظلم.. ثم أن هذا ليس دليل إنها مجرد صدفه )) قال أكرم بدهاء (( صدفة أم تلميح لجمال؟ )) ابتسم سليم ثم قال (( طبعاً أنت تعرف.. هيا الآن لنذهب و نقلب القضية ضد جمال )) قال أكرم و هو يمشي بجانب صديقه (( أمري إلى الله.. هيا لنذهب لنزيد كره جمال لك و نحرضه عليك أكثر حتى يسرع و يريحنا منك )) قال سليم و هو يرفع إحدى حاجبيه (( و منك يا عزيزي فنحن شريكان )) قال أكرم (( و ما الذي يخيفني أكثر من أننا شريكان و أنني يجب أن لا أخاف لأني مع سليم عبد الوهاب.. )) ضحك سليم و ضحك معه أكرم و ذهبا إلى مركز الشرطة معاً.


الجــــــــ 15 ـــــــزء:

كان النقيب خالد جالساً مع جمال في مركز الشرطة و هما ينتظران سليم.. فقال خالد (( هل تظن أنه سيأتي في الوقت المحدد يا جمال؟ )) قال جمال (( اطمئن هذا المتفاخر المدعو سليم لا يتأخر عن مواعيده أبدا )) رد خالد بشرود (( تصور أني مشتاق لرؤيته من كثرة كلام صبا عنه.. هل هو فعلاً مثلما تكلمت عنه؟! )) قال له جمال بعصبيةٍ واضحة (( ما الذي حصل لك؟ هل خدعك وجهه البريء.. أم هل صدقت كلام تلك الشقية؟ إنها صغيرة و لا تعرف شيئا سوى اللهو و هو أغراها بأمواله.. ثم ألم يكفيك مشاهدته في الجرائد و التلفاز حتى تتمنى رؤيته أمامك.. الآن سيأتي و سيقهرك مثلما فعل معي.. و لكني لن أتنازل عن القضية حتى أسجنه )) قال له خالد (( اهدأ يا جمال.. العصيبة لن تفيدنا.. ثم ما الذي قلته أنا حتى تغضب مني؟ اطمئن موقفي منه لم يتغير و لن يقنعني شيء بأنه أخي )) قال جمال (( يجب أن تعلم بأنه مغرور و متعالي و هو يحب تحوير الكلام.. و يجب أن نحذر من محاميه الداهية لأنه سيعمل كل جهده لتبرئته.. ذلك الرجل يجب أن يسجن هل تفهم؟ و إلا سأقطع المعونات عن الشرطة )) قال له خالد (( أنت لا تعرف التفاهم أبداً.. أنا لا أستطيع سجنه القضية وصلت للنيابة.. أنا فقط أحقق فيها.. يبدو أنه وصل، أني أسمع صوتاً بالخارج.. تجهز للمواجهة يا جمال و أنسى لدقيقة كرهك له )) قال جمال (( إن نسيت فلن أنسى منير المسكين و نواح زوجتيه المزعجتين و سأنتقم منه )) قال خالد بهدوء (( لا يوجد دليل حتى الآن )) قال جمال (( رجاله هم الدليل و زوجة منير، ابنة عمي شهدت بأنها رأته ألا يكفيك ذلك؟ )) رد خالد (( نعم، لقد ذكرتني.. إنه يقرع الباب.. أدخل.. )) دخل أكرم و سليم التي كانت يده مازالت مضمدة بسبب الكسر في أصابعه، ومازال الشاش ملفوفا حول رأسه، و ألقيا السلام فرد جمال وخالد السلام عليهما، و عندما صافح خالد أخاه سليم استغرب بشدة من ملامحه البريئة فعلا مثلما أخبرته صبا.. فأخذ ينظر إليه طويلاً حتى قال له سليم (( يبدو أن جمالي قد أعجبك مثلما أعجب صديقك جمال الدين من قبلك )) رد عليه جمال بشماتة (( هل أنت امرأة حتى تتباهى بجمالك هكذا كلما نظر أحد إليك ؟.. اطمئن إنه لم ينخدع و يعجب بجمالك إنما هو مندهش من طولك الذي يشبه طول عارضات الأزياء )) رد سليم عليه بسخرية (( إلبس حذاء طويلاً حتى تجاريني في طولي و نعرض الأزياء معا يا جمال )) لكزه أكرم بيده و قال له بصوت منخفض (( يجب أن تكف عن هذا و نبدأ في القضية )) ثم صمت أكرم و هو ينظر إلى سليم الذي جلس بدون استئذان حتى يبدأ في المشاكل كالعادة... قال سليم (( ألن تدعونا للجلوس يا سيادة النقيب؟ )) انتبه خالد له وقال بحدة (( من أمرك بالجلوس؟؟ )) قال سليم بلا مبالاة (( ماذا.. هل تريد مني الوقوف؟ .. أنا متعب .. ألا ترى بأني مصاب! ثم أنني أحس بدوار وأنا متعود على الرفاهية و لا أستطيع الوقوف لوقت طويل أبداً.. و الأهم ألم يخبرك السيد جمال بأني مدلل و أعمل ما أريد.. لماذا لم تخبره يا جمال؟! )) قال جمال بعد أن استطاع سليم إغضابه (( اسمع أيها الإيطالي البغيض.. نحن هنا أمام قضية مهمة و لا وقت عندنا لألاعيبك و احتيالك في الكلام و إذا كنت ستخدع خالد فاعلم بأنك لن تخدعني أبداً مهما حاولت ذلك )) قال أكرم بسرعة (( تذكر ذلك يا سيادة النقيب و أمر رجالك أن يكتبوا بأنه شتم السيد سليم و هذه تعتبر جناية في وقت التحقيق في جريمة )) قال جمال (( سليم مجرم.. حاول قتل منير )) قال أكرم (( و تذكر هذا أيضاً.. لقد وصفه بالإجرام و القتل و ما هو إلا متهم و المتهم بريء حتى تثبت إدانته )) قال سليم (( و تذكر أنني حساس و مشاعري سريعة الخدش و لقد جرحني بكلامه.. أطلب من رجالك أن يكتبوا هذا أيضاً )) اقترب أكرم من سليم و قال له هامساً (( توقف عن هذا يا سليم و دع سخريتك و أسلوبك البغيض لي أنا في البيت.. أتريده أن يقتلك أم تريد قتله بجلطة قلبية.. لا تنسى أنه مريض.. أصمت ودعنا ننهي الموضوع بخير لأن خالد الآن لديه الحق في سجنكما معا )) ابتسم سليم وقال (( حسناً سأصمت لأني اكتفيت الآن بعد أن أشعلته )) استدار أكرم إلى النقيب خالد و قال له (( هيا أخبرنا ما هي القضية بالكامل )) قال خالد و هو يرفع إحدى حاجبيه بدهشة (( أيها الخبيث! ألا تعرف ما هي القضية أم أنك تحاول تصنع الذكاء أمامي؟! )) قال أكرم بطريقة رسمية (( لو سمحت يا سيادة النقيب.. اسمي أكرم أو بإمكانك مناداتي بسيادة المحامي إذا أردت و لكن من دون ألفاظ مهينة.. الذي أعرفه أنك استدعيت السيد سليم للتحقيق في قضية إصابة منير و نحن لا نعرف الملابسات و من حقنا معرفة ذلك.. فأبدأ الآن أو سأرفع عليك قضية في المحكمة نتيجة لتلاعبك و إضاعتك لوقت السيد سليم، فأنت تعرف أنه شخصٌ مشهور و لديه بعد ساعة من الآن مقابلة في التلفزيون ثم سيجري بعدها لقاء صحفي و يدلي فيه بتصريح بعد نجاته من احتراق منزله.. فالأحسن لك أن تبدأ أو نخرج من هنا و لا نبالي بك و لا بغيرك )) قال خالد بغضب (( هل تهددني؟! )) رد أكرم بثقة (( اعتبره ما شئت )) قال جمال (( يا محتال.. هل أنت محامي فعلاً أو مهرج في سيرك.. سليم ضاع منه وقته!! ماذا وراءه؟ أنت و رجاله تنجزون له كل أعماله بينما هو جالس في بيته لا زوجة و لا ولد )) قال سليم و هو يبتسم باستهزاء (( أنسيت وعدك بتزويجي مآثر يا عمي؟ )) صرخ جمال في وجهه قائلاً (( لم أعدك بشيء و مآثر ليست لك.. و لا تقل لي عمي مرة أخرى )) قال سليم بثقة زادت من إغضاب جمال (( حسناً إن لم تعجبك الجملة الأولى إليك الثانية.. أنسيت قولي بأني سأتزوجها شئت أم أبيت )) نهض جمال من مكانه ليتشاجر مع سليم و لكن خالد أوقفه بيده وقال بلهجةٍ صارمة (( اهدأ يا جمال.. وأنت يا سليم أصمت و لا تتكلم حتى آذن لك بذلك.. سنبدأ بالتحقيق حتى أرتاح من هذه التفاهات بينكما.. المهم يا سيد سليم لقد قام السيد جمال بتقديم شكوى ضدك و قد اتهمك بأنك ذهبت إلي منزل منير بالأمس بعد صلاة العشاء بساعة، و لقد قمت بضرب منير بمساعدة اثنين من رجالك.. و طبعا منير الآن في المستشفى و حالته صعبه.. فما ردك على هذا الاتهام.. هيا تكلم )) قال سليم ببرود (( كاذب )) قال خالد بدهشة (( ماذا؟! )) رد سليم غير مبالي بما قاله من قبل (( السيد جمال كاذب.. أنا لا أعرف أين يقع منزل منير.. و لا أعرف من هو منير هذا.. صحيح أنني سمعت عنه و لكني لم أقابله حتى الآن.. ثم و بالمنطق ما الذي بيني و بينه حتى أذهب أنا سليم عبد الوهاب بنفسي إلى بيته و اضربه.. دعه يأتي إلى هنا و يواجهني و يقول بنفسه أنني الذي ضربته )) قال خالد بضيق واضح (( جمال له قيمته في المجتمع و عار عليك أن تنعته بالكاذب.. ثم أن منير مصاب و لم نستطع التحقيق معه، و لكن زوجته شهدت بأنها رأتك.. ما قولك الآن؟ )) قال سليم (( أحضرها إلى هنا و دعها تشهد أمامي بذلك )) قال جمال بغضب (( أتريد من ابنة عمي أن تأتي إلى مركز الشرطة؟! أين ذهب الرجال إذن.. )) قال سليم متعمداً تحدي جمال (( لا بأس نحن سنذهب إلى ابنة عمك )) وقف جمال و قال بعصبية (( ماذا؟! هل تريد من منير أن يطلقها.. و هل تعتقد أنني سأرضى أن تخرج ابنة عمي أمام غرباء و خصوصا أنتم! )) قال أكرم (( نعم إذا كنت تريد أن نصدقكم بأنها شهدت بأنها رأته.. و أصلاً كيف عرفته حين شهدت بأنها رأته؟ )) قال خالد (( منير أخبرها أن ضيوفه الذين كانوا في مكتبه بينهم رجل يدعى سليم و أنه جاء لقتله )) قال سليم (( عندما علم أنني جئت لقتله، لم خرج لمواجهتي؟ )) استدار إليه أكرم وقال له بتهديد و غضب (( أن لم تكف عن ذلك يا سليم، أقسم بأني سوف أتركك و أذهب.. إذا كنت ستقاطع في الصغيرة و الكبيرة فلماذا أنا هنا؟ )) قال سليم مازحاً (( اهدأ يا محامينا الشاطر و دعني أساعدك )) قال أكرم (( أنت تفسد كل شيء، سكوتك هو الذي سيساعدني يا مزعج )) وضع سليم يده على فمه و قال (( أكمل.. لن أتكلم حتى نتخلص من كل هذا فقد مللت )) استدار أكرم إلى خالد و هو يتنفس الصعداء عندما صمت سليم و قال (( نحن نطالب بحضور الشاهدة زوجة السيد منير لترى سليم إذا كان هو من رأته بمنزلها أو لا، فبرأينا إنها مخطئة لأنه بنفس الوقت الذي ضُربَ فيه منير، كان السيد سليم في منزله يتعشى مع جيرانه، السيد جلال و ابنه.. فكما ترى لدينا شاهد بأن السيد سليم كان في منزله من الساعة السابعة والنصف إلى الساعة الثانية عشر.. و منير ضُربَ بعد صلاة العشاء بساعة أي ربما في الساعة التاسعة والربع.. لذلك يجب أن تأتي شاهدتكم و نحن بدورنا سنأتي بشاهدنا.. فما قولك يا سيادة النقيب؟ )) قال خالد (( لن أناقشك في هذا فالحق عندك.. سأقابل أنا شاهدكم و سيذهب السيد جمال ليأتي بزوجة منير.. هيا اذهب يا جمال )) قام جمال و هو غير مقتنع و ذهب لابنة عمه..


الجــــــــ 16 ـــــــزء:

قابل العقيد خالد جيران سليم و أخذ أقوالهم، أما في سيارة جمال و في الطريق إلى المركز، قال جمال لزوجة منير (( اسمعي.. الآن ستقابلين ذلك المدعو سليم.. لذا عندما ترينه يجب أن تقولي أنه هو الذي أتى إلى منزلكم بالأمس حتى و لو لم يكن هو.. أفهمت؟ )) قالت له متسائلةً بحيرة (( لماذا أشهد ضده إن لم يكن هو؟ أنا فقط سمعت منير يقول سليم سيقتلني و لا أريد ظلم أحد )) صاح بها جمال (( يا حمقاء إنه هو من أمر بقتل منير و ضربه على هذا النحو.. و هو رجل ذكي و لديه نفوذه لذلك لن يذهب بنفسه ليوسخ يديه و إنما سيبعث بمن يفعل ذلك عوضا عنه والرجال الثلاثة هم من رجاله )) قالت بتردد (( لماذا لا نعاقب الرجال إذا لم يكن هو قد أتى معهم )) قال جمال بنفاذ صبر (( لو قلبنا الأرض شبراً شبراً لن نجدهم لأنه لن يبقي دليلاً ضده.. لذلك وحتى ننتقم لمنير يجب أن تقولي أنه هو )) قالت بدهشة (( لماذا هل قتلهم ذلك المجرم مثلما أراد قتل منير؟! )) قال جمال و هو يتمنى خنقها بيديه لشدة عنادها (( لقد أخفاهم.. لماذا يضيف جريمة جديدة إلى جرائمه؟ أنه يريدهم لتنفيذ مآربه الشريرة.. و لا تنسي أن منير لم يمت، وإذا بقي هذا الرجل خارج السجن ربما سيعاود محاولته لقتل منير )) ثم أضاف بمكرٍ و دهاء (( ألا تريدين أن تنتقمي لمنير و أن يحبكـ و يعزكـ أكثر من ضرتكـ؟! )) قالت له بسرعة (( طبعاً أريد )) قال جمال (( إذن افعلي ما أمرتكـ به حتى تحمي زوجكـ و يبقى لكـ و لولدكـ.. هل اتفقنا؟ )) قالت له (( نعم.. ولكن كيف سأتعرف عليه هناك حتى أشهد ضده؟ )) قال لها بفرح (( الآن بدأت تفهمين.. إنه رجل طويل، له شعر أشقر و عينان زرقاوان.. ستعرفينه مباشرة لأنه الأشقر الوحيد في ذلك المكتب )) قالت له بحماس (( هل يشبه أحد أبطال السينما ؟! يقولون في التلفزيون أنه وسيم جداً و له عينان جميلتان و نظرة حالمة.. هل براد بيت أم توم كروز أو ربما بما أنه أشقر فهو يشبه... )) قاطعها جمال و هو يصرخ في أذنها بشدة قائلا (( أيتها الحمقاء.. أنا أريدكـ أن تسجنيه و أنت تتغزلين بجماله و عيناه! من هؤلاء الرجال الذين ذكرتهم؟! و من أين تعرفت عليهم يا خائنة؟ سأخبر عنكـ منير هيا اعترفي )) ردت و هي تقفل أذنيها من شدة خوفها منه ومن ارتفاع صوته (( من التلفزيون.. أنا لا أعرف أحداً غيرك أنت و منير و أخي فقط.. و لن أتكلم و لن أقول إلا ما أمرتني به )) قال لها مكملاً نزاعه لها (( منير زاد في دلالكن.. المرأة يجب أن لا تترك مع التلفاز لوحدها و إلا ستفسد.. إن سمعتكـ مرة أخرى تتكلمين عن رجل إلا زوجكـ سأقتلكـ هل فهمت؟؟ )) قالت له بغضب (( لا تقتلني ولكن زوج مآثر لمنير )) نظر إليها لحظة ثم تنهد وقال (( ليتها تقبل به )) صرخت بغيض ثم وضعت يدها على صدرها و قالت (( و لماذا لا تقبل به.. من هي حتى ترفض منير؟! لا يوجد في الدنيا كلها من يوازي منير وسامة و جمالا و هيبة.. ثم منذ متى و أنت تأخذ مشورة امرأة؟! أين كانت قواعدك عندما زوجتني لمنير.. لم تفكر حتى في أخذ مشورتي.. فقط جئت و قلت جاءكـ عريس و العرس يوم الخميس.. لماذا لا تقول لها نفس ما قلته لي أم أنك تخاف منها.. هيا اعترف )) قال جمال (( إن زدت حرفاً واحداً على هذا الكلام سأكسر لك رأسكـ.. الآن منير لا يوازيه أحد! ألم أملأ أنا عينيكـ يا ناكرة الجميل؟ من غيري قام بتربيتكـ أنت و أخاكـ؟ أنت تزوجت رجلاً و نجحت في زواجكـ و لكن مآثر فشلت في زواجين و قد ظلمتها فيهما و لا أستطيع تزويجها الآن من دون أخذ موافقتها.. ثم تعالي إلى هنا، الآن كل هذا المديح لمنير و بالأمس اتصلتِ لكي تشتكي لأنه قام بضربكـ؟! )) قالت له (( الذي يسمعك يقول كأنك اهتممت، كالعادة صرخت في وجهي و قلت أن الضرب لا يضر بالمرأة بل يؤدبها )) قال جمال (( و ما زلت على رأيي و لن أغيره و هو قائم على المرأة صاحبة اللسان السليط مثلكـ )) بعد فترة قالت له (( هل تضرب رحاب؟ )) قال لها باستنكار (( هل جننت؟! أنا أضرب رحاب! اصمتي و اقفلي على هذا الموضوع )) قالت له بخبث (( هل تخاف من الاعتراف بأنك تحبها؟؟ )) سكت عنها و لم يجب على سؤالها، ثم قال لها (( لقد وصلنا.. افعلي كما أمرتكـ بالضبط )) قالت له بخضوع (( حسنا لن أقول إلا ما أمرتني به )) و عندما دخلت هي و جمال إلى المركز و بعد أن جلست قال لها النقيب خالد (( هل هذا هو الرجل الذي كان في بيتكـ يا سيدة منال؟ )) قالت منال من دون أن تنظر إليه (( نعم إنه هو )) قال لها أكرم (( انظري إليه أولا ثم تكلمي )) التفتت لتنظر إليه و قالت بسرعة (( إنه هو بلا شك.. أنا متأكدة و... )) صمتت و هي تنظر إليه و قالت في نفسها (( يالأناقته الشديدة! هذه أول مرة في حياتي أرى شخصا بمثل جماله و أناقته، و وجهه يوحي بأنه بريء.. ملامحه الهادئة لا تبين أنه مجرم )) ثم نظرت إلى محاميه أكرم و أكملت كلامها قائلة لنفسها (( محاميه أنيق مثله و ليس هنالك أية مقارنة بينهما و بين جمال و منير.. جمال من الطراز التقليدي لا يهتم بتسريح شعره أو إطالته قليلا دائما ما يدعه على الصفر مثلما يقولون، أما منير دائماً مبهدل و لا يهتم بملابسه و في أغلب الأوقات يرجع البيت بملابس متمزقة.. ليت منير كان بمثل أناقته.. لا.. يكفيني حتى أن يكون بمثل أناقة محاميه و نظافته )) و استمرت منال في أحلامها و التكلم مع نفسها، فقال لها خالد بعد أن طال سكوتها (( ما قولكـ الآن يا سيدة منال.. هل هو الشخص الذي رأيتيه؟ )) قال جمال (( ماذا تنتظر يا خالد؟ قالت لك إنه هو.. هيا اسجنه )) قال أكرم (( هي يجب أن تجاوب و ليس أنت )) ثم همس لسليم (( أرجوك يا سليم.. لا تتكلم الآن.. حافظ على نظرة البراءة في عينيك.. يبدو أن مظهرك قد غرها و أنها الآن لن تشهد مع جمال )) قال سليم (( ألهذه الدرجة أنا شيطان في نظرك يا أكرم؟ )) قال أكرم (( قلت لك اصمت.. أنت في نظري إبليس بنفسه يا محتال.. كلما رأتك امرأة يجب أن تعجب بشكلك )) قال سليم باستنكار (( إنها متزوجة! و لا أعتقد أنها ستعجب بغير زوجها )) قال أكرم شارحاً له (( لم أقل أنها أحبتك.. فقط قلت معجبة و تتمنى لو كان زوجها المبهدل بمثل أناقتك أو بمثل جمال و وسامة محاميك )) صمت سليم عنه و قال خالد (( هيا تكلمي يا سيدة منال )) قالت منال بثقة (( لن أظلم أحداً .. لم يكن هو.. كان هناك ثلاثة رجال، اثنان منهما ضخمان و الآخر متوسط الجسم و أنا لم أرى ملامحهم جيدا فقد كانوا يرتدون ملابس سوداء و في أعينهم أيضا نظارات سوداء أخفت أعينهم تماما.. و هذا كل الذي عندي و لن أغيره مهما حدث )) قال أكرم بخبث (( و من طلب منك تغيره؟! )) ردت عليه بارتباك واضح (( لم يطلب أحد ذلك.. إنه مجرد كلام )) التفت أكرم للنقيب خالد و قال له (( ما رأيك الآن؟ )) قال خالد (( تستطيعان الذهاب و سنرفض الدعوى )) وقف جمال و قال (( هذه الغبية غرتها نظرة البراءة في عينيه.. سآمر منير أن يقتلكـ أيتها البلهاء.. لقد أفسدت كل شيء )) ثم قال لخالد (( لا تنسى أن منير أصيب بنفس إصابات سليم، أي في رأسه و يده اليمنى و ظهره )) قال أكرم (( هذه صدفه و ليس لديك دليل علي كلامك.. و اطمئن يا سيد جمال، هي لم تفسد كل شيء لقد بقي لديك شيء لتصرخ و تصب غضبك عليه )) قال جمال (( و ما هو أيها.... )) قال أكرم (( اشتم كما شئت )) ثم تكلم مع خالد و قال له (( نحن نطالب بقضية رد اعتبار )) قال خالد و هو يقف (( انتهى الموضوع، فلماذا تطالبون بذلك، الصلح أفضل.. ثم إن سليم مشغول، إلى متى ستبقيان هنا )) قال سليم (( و هل جمال مستعد للصلح و للتأسف مني؟ )) قال جمال بسرعة (( مستعد لقتلك قبل هذا )) قال أكرم (( إذن نحن نريد تعويض على هذا.. الصحافة كلها علمت بالخبر، و نحن نطالب برد اعتبارنا، هيا ارفع القضية يا سيادة النقيب )) نهض سليم و قال (( طبعاً أنا سأذهب و أرجو يا سيد خالد أن نتقابل في وقت أفضل حتى نتعامل كإخوان و ليس كشرطي و متهم.. أنا أنتظرك في بيتي في الغد، ما رأيك؟ )) قال خالد بغلظةٍ و جفاء (( رأيي أنني مسلم و لن أتعامل مع شخص مثلك لا أعرف ما هي عقيدته و ديانته، و أنا لن أدخل بيت رجل غير مسلم جاء من بلدٍ الله وحده يعلم ما فعل فيها و بحياته حتى أصبح بهذه الثروة في هذه السن الصغيرة )) قال أكرم مستنكراً (( و لكن سليم مسلم و....)) قاطعه سليم بإشارةٍ من يده و قال لخالد (( أتعتقد أنني كافر يا خالد؟ )) قال خالد (( هذا لا يهمني.. و ليس بيننا شيء حتى آتي لبيتك غداً، يكفيني ما عرفته عنك حتى الآن )) قال سليم بحزن و لهفة (( و لكنني أخوك )) رد عليه خالد بقسوة (( لا يوجد دليل.. و حتى إن وجد فأنا أرفض شخصاً مثلك.. ألم يكفيك ما فعلته بجمال؟! ألم يكفيك وقاحتك مع زوجته و أخيها؟! و حسام المسكين لديه 3 أولاد و سحبت عمله من بين يديه، و منير الذي حاولت قتله.. صحيح أن القضية مكسوبة بالنسبة لك و لكني متأكد أنها حصلت و بأمرك.. لا إخوة بيننا يا سليم.. هل فهمت؟ )) تعب قلب سليم من القهر، و الحزن، و الألم على موقف إخوانه منه، فصمت طويلا ثم قال بعد تفكير (( ليكن في معلومك يا خالد، أنا مسلم و والديّ جمانة و عبد الوهاب اللذان أشرفا على تربيتي مسلمان و إخواني منهم أيضا مسلمون.. لقد تعبت من الركض ورائكم، تعبت من رفضكم لي في كل مرة، تعبت من إذلال نفسي مع قلوب كالصخر مثل قلوبكم.. اعلم أني لو كنت أريدك لجررتك إلى بيتي و أنت مذلول.. لقد أهنتني اليوم بشدة و سيكون مصيرك مثل أخاك الدكتور.. أكرم سأسبقك إلى السيارة، أريد أكبر مبلغ تستطيع الحصول عليه.. سأتفرغ لكم يا آل أحمد بعد حصولي على هدفي و قلبي، أليس كذلك يا جمال؟ أنت ستساعدني )) ثم التفت لجمال و قال له (( أقولها مرة أخرى.. أريد مآثر.. لماذا لا تزوجها لي الآن؟! و سأدعك بحالك و لن أقترب منك أبدا.. ماذا قلت يا عمي؟ آه نسيت أقصد يا خال عروسي )) لم يجبه جمال و إنما اتسعت عيناه و أمسك قلبه بقوة ثم هوى بسرعة، فأسرع سليم و أمسك به قبل أن يرتطم رأسه بالأرض و قال لأكرم (( بسرعة أطلب الإسعاف يا أكرم، يبدو أن الجلطة قد عاودته، هيا قبل أن يموت )) ذهب أكرم ليتصل بالإسعاف، و جاء خالد و أمسك بجمال مع سليم و قال له بعصبية (( أنت السبب.. لولا تهديداتك لما حصل له ذلك )) قال سليم مدافعاً عن نفسه (( أنا كنت أمازحه و لم أهدده أبداً.. و التهديد كان لك أنت )) صاحت بهما منال زوجة منير قائلة (( كُفا عن ذلك.. الرجل يموت و أنتما ما زلتما تتشاجران! ساعداه و أنا سأتصل بزوجته حتى تلاقينا في المستشفى ))

 
 

 

عرض البوم صور الغالي المزيون   رد مع اقتباس
قديم 05-12-10, 06:42 PM   المشاركة رقم: 13
المعلومات
الكاتب:
اللقب:

البيانات
التسجيل: Nov 2010
العضوية: 203983
المشاركات: 22
الجنس ذكر
معدل التقييم: الغالي المزيون عضو بحاجه الى تحسين وضعه
نقاط التقييم: 10

االدولة
البلدOman
 
مدونتي

 

الإتصالات
الحالة:
الغالي المزيون غير متواجد حالياً
وسائل الإتصال:

كاتب الموضوع : الغالي المزيون المنتدى : القصص المكتمله من وحي قلم الاعضاء
افتراضي

 

الجــــــــ 17 ـــــــزء:

بعد نصف ساعة كان جمال راقداً في غرفة العناية المركزة في المستشفى، و سليم و أكرم و خالد ينتظرون د.حسام حتى يخرج ليطمئنهم عليه.. قال سليم لأكرم (( هذا العجوز جمال لا يستحمل شيئاً أبداً، لقد كنت أمازحه فقط و سقط هكذا.. لو هددته حقاً ماذا كان سيفعل؟! أنا نادم على ما حصل.. لو علمت أنه سيقع هكذا لما فتحت فمي بكلمة )) قال أكرم مواسياً له (( لا تخف عليه.. لست السبب بل عصبيته الزائدة، ألم تسمع صراخه طوال جلسة التحقيق؟ لقد كان يصرخ بسبب و بدون سبب فقط لكي يسجنك.. و لكن أخبرني ماذا الآن، هل سنأخذ التعويض أم نتنازل عن القضية ؟؟ )) قال سليم (( لا أعتقد أنه وقت مناسب.. الرجل مريض و بعد قليل ستأتي زوجته، و الله وحده يعلم ماذا ستفعل عندما تراني، ستعتقد بسرعة أنني السبب )) قال له خالد و قد كان يستمع لهما (( أولست السبب يا سيد سليم؟! أنت سبب كل ما حصل له، و أنا أخبرتها بكل ما حدث، و هي الآن باستطاعتها سجنك لأنك تعلم أنه مريض و لا يستحمل ما قلته له )) قال سليم (( و ما الذي قلته له غير أني بريء؟! )) قال له خالد (( ألم تتسلى بمناداته عمي و أنك تريد الزواج من مآثر؟! اعلم أنه لو لم أكن متزوجاً و أحب زوجتي، لكنت تزوجت هذه المآثر.. ليس حباً فيها بل لإذلالك و إذلالها لأنها موافقة على الزواج من قاتل خالها )) نظر إليه سليم بغضبٍ كبير و صاح فيه محذرا و هو يشير إليه بإصبعه السبابة (( إياك و التكلم عنها هكذا و إلا سترى شيئا لم تتمنى أن تراه من قبل )) وقف أكرم أمام سليم ثم قال (( اهدأ يا سليم و أنت ابتعد يا خالد فأنت لا تعرفه عندما يغضب )) قال خالد بعناد و حقد (( ماذا سيفعل؟ هل سيضربني؟! إذن أنت لا تعلم عن زواجها.. لقد تزوجت مرتين من قبل و كلها كانت فاشلة.. و أنا في رأيي إذا فشل زواج امرأة مرتين؛ فهذا يعني أن هناك خللاً في أخلاقها.. و ليكن في معلومك، جمال أبعدها من هنا و لن تراها مرةً أخرى.. لقد أرسلها إلى أحد أقربائه في مكان بعيد لكي يزوجها من أحد أبنائهم هناك، و أنا أشرتُ عليه بذلك فما رأيك؟؟ )) أبعدَ سليم أكرم من أمامه، و أحس خالد بقبضةٍ قوية أصابتهُ في وجهه و هشمت له جزءً من فكه السفلي و رمته في آخر الممر، و عندها قال له سليم بغضبٍ شديد و قد احمر وجهه (( هذا رأيي، و إذا كنت لا تريد تهشيم الجزء العلوي من وجهك فقل لي أين هي الآن )) أمسك أكرم بسليم و قال له و هو يحاول تهدئته بصعوبة (( اهدأ و توقف قليلاً عن غضبك إنه كاذب كيف صدقته؟! )) سمعا صوتاً أنثوياً من ورائهما يقول بضعف (( إنه صادق و لن تراها مرةً أخرى يا سليم )) التفتا معاً و شاهدا رحاب تقف خلفهما و الدموع تغطي عينيها و وجهها، فذهب عنهما أكرم و تركهما لوحدهما.. فجاءت رحاب نحو سليم و وقفت أمامه و رفعت يدها لتضربه على وجهه، و لكنه أمسك بها، فقالت له (( ماذا فعلت به يا حقير؟ ما الذي فعله لك حتى تحاول قتله؟ ألم يكفك ما فعلته به سابقاً؟ أجبني و أترك يدي )) صاح بها سليم بصوت عالي (( توقفــــــي يا رحـــــاب.. كفي عن هذا.. لا دخل لي بما حصل.. زوجكـ عصبي يريد سجني بعد أن حاول قتلي.. ألا تريدين مني أن أدافع عن نفسي؟! لقد آذيت منير و تركته، ليس لشيء إلا بسببكـ.. أنا لا أريد أذيته حتى لا أؤذيكـ )) و ترك يدها التي آلمتها، فقالت له متسائلةً بحيرةٍ و هي تمسح على يدها بألم (( لماذا لا تريد أذيتي؟! )) قال لها بحبٍ و هو ينظر لعينيها (( ألمثلي هذا السؤال يا غبية؟! لأني أحبكـ..أنا أحبكـ لأنك أختي، صحيح أني تألمت من صدكـ لي و لكن هذا لم يغير من حقيقة شعوري تجاهكـ )) زاد بكائها بسبب كلامه و قالت (( و لكن جمال يكرهك، و لهذا لا ينفع أن تكون هناك أخوة بيننا.. إنساني يا سليم، إنسانـــــي.. جمال يغار علي من ظلي، فما بالك و أنت بهذا الجمال و تغري أي امرأة تراك.. جمال يغار منك.. ليت أمي لم تلدك و أراحتني.. لا أعرف ما الذي جعلها تتزوج من أحمد و تأتي بواحدٍ مثلك لا نفع منه سوى المشاكل )) ثم أضافت بغلظةٍ و حقد (( أنا أيضاً مشاركةٌ في هذا، ما دام جمال لن يزوج أخي طارق من مآثر، لقد شاركت في إبعادها عنك لأنها إن لم تتزوج طارق فلا سواه )) لطمها سليم بقوة في وجهها و قال لها بألم لأن كلماته لم تؤثر بها (( اخرســــي.. ما الذي فعلته لكـ يا حقودة؟! أنا لم أفعل شيئاً لزوجكـ و لا يهم إن لم تصدقي، و لكن تأكدي إن لم أجد مآثر سأدمركم جميعاً، أنت و زوجكـ و طارق الغبي و خالد معكم.. سأقتلكم جميعاً بها هل فهمت؟ )) ثم أخذ ينظر إليها و قد صدمها الجدار في رأسها بعد صفعته القوية، و خيط من الدم ينزل من رأسها و شفتيها، فنهضت و وضعت يدها على خدها الأحمر و قالت باستنكار و دهشة (( أتصفعني يا سليم؟! جمال سينتقم لي عندما يشفي و... )) ثم صمتت و هي ترى الدموع تنسكب من عيني سليم، فقالت له بهدوء (( ألهذهِ الدرجةِ تُحبُها؟! )) مسح سليم دموعه بكف يده قبل أن تشق طريقها لخده و قال لها بلوعةٍ كبيرة (( حبي لها أكبر مما تتصورين و لكن حبي لكـ و لباقي إخوتي لا يوازيه شيء.. لقد غدرتم بي و قمتم بطعني مرتين.. مرةً حين رفضتموني بقسوة و مرةً حين أخذتم حبي الوحيد مني.. لماذا لم تساعديني بدلاً من قتلي يا رحــــاب؟! لم يكن لكـ في قلبي إلا كل حب و احترام، و لكن ليس بعد اليوم.. إذا كان جمال يريدها حرباً، فهي الحرب )) جاء إليه أكرم و قال له (( خالد هرب و أخبر الشرطة.. هيا لنذهب قبل أن يسجنوك )) قال سليم (( لن أهرب فليفعلوا ما بدا لهم )) رد عليه أكرم و هو ينظر إلى رحاب بدهشةٍ كبيرة (( لقد ضربتها بقوة يا سليم و هي أكبر منك! لا أصدق ما أراه الآن أمامي.. هذه أول مرةً تجعل غضبك يسيطر عليك لتضرب امرأة بهذا الشكل.. كيف نسيت إنها حامل )) قال سليم بحزنٍ و قد أحنى رأسه بأسف (( هي التي دفعتني إلى فعل هذا يا صديقي.. أجبرتني و لم أكن أريد فعل ذلك )) قاطعهما رجلان و هما يقتربان منهما، فقال أحدهما (( من منكما السيد سليم؟ )) قال سليم (( أنا هو.. ما الذي تريده؟ )) قال الرجل (( أنا الرائد عماد من شرطة المدينة.. أرجو أن ترافقنا، لقد وصلنا بلاغ أنك اعتديت بالضرب على النقيب خالد و على امرأة )) ثم التفت إلى رحاب و قال لها (( من أنت يا سيدتي؟ و هل أنت بخير؟ )) و قال لسليم (( كيف طاوعك قلبك يا سيد سليم على صفعِ امرأة بهذا الشكل على وجهها؟ )) قال سليم بسخرية (( اطمئن إنها بخير، و لا دخل لقلبي بما حصل.. و إذا كنت تريد معرفة هويتها فأنا سأخبرك.. إنها رحاب العادل، حرم السيد جمال الحسيني )) اتسعت عينا الرائد عماد بدهشةٍ ثم قال (( مـــن؟! زوجة جمال؟ و مازلتَ على قيد الحياة؟! كيف تجرأت على ضربها؟! جمال سوف يقـ... )) قاطعه سليم قائلاً (( إن لم تصمت سأُتبعك بها، و سأجرؤ على ضربك الآن.. إذا كان لديك شيء مهم فقله أو أصمت وخدني إلى المركز )) ثم وجه كلامه لأكرم قائلا (( هيا يا أكرم اتبعني أو اذهب و كلم الوزير شخصياً.. لا أريدُ قضاءَ أكثرِ من يومٍ في السجن )) و ألقى سليم نظرةً عابرة إلى رحاب.. نظرةً ممزوجة بقهر و حزنٍ عميق.. لقد خَذَلتهُ و فعلت مثلما فعل خالد و حسام حينما رفضاه بقسوةٍ و من دون رحمة.. و لكنه قرر من الآن و صاعداً أن لا يأبه لهم و يفعل معهم مثلما فعلوا معه...

قالوا بأنك راحـــــــــل... و بأننا لن نلتقـــــــي
قالوا النوى هو المصيـــــــر.. و بأنه الدرب القصيــــــــر.. لمشاعــــــــــــري...
فرفعت كفي للسمــــــــــاء.. أدعوا الإله الواحـــــــــد..
أن نلتقــــــــــــــي..
و بأن تعود إلي يومــــــــــــاً.. سالمـــــــــــــاً
للكاتبة: نسمة صيف


الجــــــــ 18 ـــــــزء:

بعد أسبوع من هذه الأحداث... كان جمال يحاولُ الوقوف في غرفته الخاصة في المستشفى، و كانت رحاب بجانبهِ و هي تساعده حتى استطاع الوقوف.. و بعدَ قليل كان جالساً بجانبها، فقال لها (( لما لم تخبريني أن ذلك الحقير قد مد يده عليكـ؟؟ كيف تجرأ؟! بل كيف فكر مجرد تفكير في ذلك؟! .. الجبان! لم يقوى على مواجهةِ الرجال فذهب للاختباء وراءَ النساء )) قالت له برجاءٍ و توسل (( أرجوك يا جمال انسى ما حصل.. أنا أعترف بأني أخطئتُ في حقه.. أعرف أن هذا سيغضبك، و لكن أرجوك لا تغضب و اسمعني للآخر.. أنا لم أكن أعرف أنه يحب إخوانه هذا الحب الكبير، و الأهم،.. لم أكن أعرف مدى حبه القوي لمآثر، لقد بكى! .. تصور يا جمال أن الرجل الذي استطاع هزكم و الاستهزاء و السخرية بكم خلال أقل من شهر، تصور أن ذلك الرجل القوي بكى كطفل عندما علم أن مآثر أُبعِدت عنه.. إنه يحبها كثيراً.. أرجوك يا جمال.. أرجوك زوجهما و دعنا نخلص من هذه الحرب التي لا داعي لها )) قال جمال (( هل تسخرين مني أم تسخرين من نفسكـ أم أن صفعته قد جعلتكـِ مجنونة؟! هل تريدين مني أنا جمال الدين الحسيني، الاستسلام و الخضوع لسليم ذلك الإيطالي البغيض؟! هكــــذا و بكل بساطة تريدين مني أن أُسلمه مآثر؟؟! و لكن أتعلمين؟ إنه يستحقُ أكثرَ من هذا يوم أن كذب عليه خالد وقال له أني سأزوجها من أحد أبناء أقربائي.. سأدعه يحترق و لو طلبها ابن خالي من هناك سأُزوجه مباشرةً و من دون تردد )) قالت رحاب (( أخبرني أين ذهبت بها، و أين يسكن ابن خالك هذا؟ )) قال جمال (( هذا سرٌ لن يعلمه سواي )) قالت رحاب (( حتى أنا؟ .. إن ابنتها تسأل عنها دائماً )) قال جمال بعناده المعتاد (( لستُ مجنوناً حتى أُعطي سراً ثميناً كهذا لامرأة تعترف به في لحظة ضعف )) قالت له و قد ملت من عناده (( هل تعتقد أن سليم سيتركك؟! لقد هاجَ و غضبَ حين علم أنك أبعدتها عنه، و توعدَ بتدميرنا جميعاً )) قال جمال (( لا تخافي، سأتخلص منه قريباً ولن تسمعي عنه شيئاً إلا جنازته التي سيحضرها الملايين لأنه مشهورٌ مثلما قال محاميه )) و فجأة سمعا طرقاً على الباب، فقال جمال (( ادخل يا من تطرقُ الباب )) فدخل الدكتور حسام، و معه النقيب خالد و ضربة سليم ما زالت واضحةً على وجهه، و أيضاً منير مع الشاش الذي مازال يحيط برأسه و يده اليمنى، فقال د.حسام (( ها.. كيف حالك الآن يا سيد جمال؟ لقد أمضيت أسبوعا كاملاً في المستشفى، و آن أوان الخروج، فهل أنت بخير؟ )) قال جمال (( شكراً على سؤالك.. إنني بخير، و مستعد للخروج )) قال د.حسام (( أهم شيء يجب أن تنسى خلافاتك و ترتاح.. و تذكر أن هذه الجلطة أصابتك من قلةِ الأكل.. فكُل جيداً و تغذى، و أبتعد ما أمكنك عن السكريات )) قالت رحاب متسائلة بحيرة (( أليسـت العصبية سبب الجلطة يا دكتور؟! )) قال د.حسام (( لا.. من قال لكـِ ذلك؟ يبدو أن زوجكـِ في ذلك اليوم ذهب إلى عمله و هو لم يأكل، فأرهق نفسه و عاودتهُ الأزمة )) نظرت رحاب إلى جمال نظرةَ حزنٍ ثم قالت له بلوعة و انكسار و هي تتنفس بسرعة (( إذن فقد ظلمتُ سليم.. ظلمناه يا جمال.. ظلمناه يا منير.. لقد.... )) قاطعها جمال قائلاً لها (( اصمتــــــي.. لا تكملي، و اذهبي إلى البيت.. لن يغير شيء رأيي فيه.. اذهبي فالأولاد ينتظرونكـ، و أنا سأتبعكـ )) ركضت رحاب مسرعة و خرجت من عنده، فقال له منير يعاتبه (( لماذا فعلت ذلك يا جمال؟! لماذا أسكتتها هكذا أمامنا؟ )) قال خالد (( لا بأس، النساء ترضى بسرعة.. و هذا أفضل لها حتى لا تعاود المدافعة عنه )) قال منير (( إلا رحاب.. إنها لا تستحقُ منك ذلك )) قال له جمال بعصبية و غيرة (( لماذا إلا هي؟! .. ما الذي بينك وبينها؟ هيا أخبرني )) تنهد منير بقوة، و قال له (( ليس بيننا شيء.. ما أسرعَ حكمك على كلامي.. إنها مثل أُختي و أنت تعرفُ هذا.. ليتَ عندك مثل نسائي؛ عندها ستعرف قيمتها )) قال د.حسام (( سأترككم الآن، و هذه ورقة خروجك يا سيد جمال.. و كُفا أنتما الاثنان عن إزعاجه بسليم، و الأهم دعوا سليم بحالهِ حتى يدعكم بسلام )) قال له خالد بخبث (( تقصد حتى يسحب أعمالنا من تحت أقدامنا مثلما فعل معك، أم أن رأيك أنك ظلمته أيضاً؟ )) قال حسام (( ليكن في معلوماتك يا سيادة النقيب، إن سليم ترك المستشفى للحكومة و لم يأخذه.. لقد أتى أكرم و أخبرني بأن سليم ترك المستشفى عندما رأى ولدي يتعالج هنا )) سأله جمال (( أي واحد من أولادك يتعالج هنا يا دكتور؟ )) رد د.حسام بحزن (( إنه نور، ابني الأصغر و هو مصاب بفشل كلوي و لم يكن لدي ما يكفي من المال لإجراءِ عملية له.. و لكن و رغم أنني أهنتُ سليم إلا أنه منذ يومين نقلَ نور إلى مستشفاه الخاص و أشترى له كلية و دفع نفقاتِ العمليةِ بالكامل، فبعد أن كنتُ لا أستطيع منعَ الألمِ عن طفلي، جاء سليم و طيبَ جراحَ ابني و جراحي و عذابي أنا و زوجتي.. فحتى لو لم يكن أخي، فأنا أخوه ولن أسمح لكَ بإيذائه يا خالد، و أنت تعرف أن أبي قبل موته أخبرنا أن لدينا أخ يسكن في إيطاليا و أنا سأخبرُ سليم بالحقيقة )) قال خالد بغضبٍ من موقف حسام الذي بدأ يميل لسليم (( هل اشتراك مثلما فعل مع غيرك؟ أبي قال أن لدينا أخ و لم يقل إنه سليم.. سليم محتال و مخادع، لقد احتال عليك و أنت بسذاجةٍ صدقت أنه أخانا )) قال حسام بحدة (( لمـــــاذا نحنُ بالذات؟! أنا طبيب لا يكفيني راتبي حتى نهايةِ الشهر و بيتي مستأجر و سيارتي لم أكمل أقساطها بعد، و أنت شرطي عادي.. صحيح أنك برتبة نقيب و لكن بالكاد يكفي راتبك لك و لعائلتك و لأقساط مدارس صبا التي تدللها و تنقلها كل أسبوع إلى مدرسة.. أما هو فرجل غني و أمواله طائلة و يستطيعُ شراء البلدة كلها في غمضة عين و كأنه لم يخسر شيئاً.. لماذا يتمسك بنا إن لم يكن أخانا.. هيا أجبني و لا تصمت )) ارتبك خالد ثم قال بتردد (( لن أجيبك لأن الكلام معك لا فائدة منه.. إذهب الآن، سنتقابل الليلة، سآتي لبيتك )) قال د.حسام و هو يتوجه للباب (( تعال لأني قمت بدعوة سليم ليتعشى معي.. وعلى فكرة، لقد وقعتُ لمدللتك صبا حتى تأتي لأنه تكفل بإدخالها لمدرسة خاصة هنا بدلا من رميها في الخارج )) قال خالد بعصبية (( فعلت هذا دون أذني يا حسام! )) رد عليه حسام (( اطمئن.. لم أفعل، لقد طُردت كالعادة بعد ضربها للمديرة علانية أمام الطالبات.. و لولا سليم لكانت سجنت هناك، يجب أن تأتي و تشكره )) ثم خرج عنه و تركه مذهولا مكانه... قال منير لجمال (( لقد رأينا سليم بالأمس يخرج من عند الدكتور أحمد )) قال جمال متسائلاً (( من هو الدكتور أحمد هذا؟! )) قال خالد وقد رمى كلام حسام وراء ظهره (( إنه صديق حسام، و قد أتى إلى هنا منذ أسبوع، و هو متخصص في الطب النفسي )) قال جمال باهتمام (( أتقصدان أن سليم مريضٌ و يتعالج عنده؟ )) قال منير (( طبعاً لا.. احسبها بالعقل يا جمال )) قال له جمال (( إن لم تخبرني وتشرح لي، سأتخلص منك ولن يبقى لك عقل.. هيا تكلم )) قال خالد (( اهدأ.. ألا تعرف سوى القتل و التهديد؟ إنه يقصد أن سليم ربما يكون مصاباً بصدمةٍ نفسية )) قال جمال باستنكار (( ربمـــا؟! )) رد منير (( لا .. بالتأكيد و ليس ربما .. هل نسيت أنك أبعدت عنه مآثر و الآن لم يبقى له شيء و هو مريض .. أصيب بصدمة نفسية قوية لأنه لن يجدها و لأنه يعتقد أنها تزوجت غيره و أنها ليست له )) قال جمال (( من سليم؟! سليم يصاب بصدمة نفسية! هذا الثقيلُ المضجر يصاب بصدمة نفسية!! لو أصيب كل الناس بصدمات.. حتى و لو كانت الصدمات النفسية وباءً، سيصاب به كل الناس إلا سليم.. إنه صخرٌ لا يؤثر به شيء.. ألأنكم رأيتموه مع الطبيب النفسي أصبح مريضاً؟! إنكما غبيان .. إنها خطةٌ منه حتى يخدعنا .. ولكن إن كان قد خدع حسام ويريد خداعكما معاً فلن يخدعني أنا.. أنا جمال الحسيني لا يقوى ذلك المحتال على خداعي )) قال له خالد (( وما أدراك بأنه ليس مريضاً؟ لقد رأيناه معاً أنا و منير، و قد كان التعب واضحاً على وجهه.. إنه متعب و منصدم، فلماذا لا تصدق؟ )) قال جمال (( لأنه قوي، و قلبه حجر و لن يغلبه أني أبعدتُ مآثر عنه.. يمكن أن يكون تأثر ولكن ليس لدرجةِ الصدمة )) قال منير (( لماذا أنت واثقٌ هكذا؟! )) قال له جمال (( و هل يجب أن أُخبرك؟ )) قال له خالد (( نعم يا جمال، يجب أن تخبرنا.. ألسنا شركاء؟ أليس ما أصابنا نحن الثلاثة بسببه هو؟ لقد لكمني بقوة، و أمر رجاله بضربِ منير )) و أكمل منير بخبث (( ألم يصفع زوجتك على وجهها حتى أدماها؟؟ )) قال خالد مكملاً (( و هي حامل.. ماذا لو جرى شيء لابنك؟ أكُنت ستدافع عنها في ذلك الحين؟؟ )) قال جمال باقتناع (( حسناً.. سأتكلم.. لقد وصلتني هذا الصباح باقةُ وردٍ كبيرة و معها علبة حلوى و بطاقة تهنئة بمناسبة خروجي من المستشفى )) قال خالد (( و ما دخلُ هذا كله بسليم؟! )) قال جمال (( ذلك الوقح هو من أحضرها يا ذكي.. لقد أتى في الصباح الباكر ليقتلني غيظاً كعادته، و لكني كنتُ نائماً بسببِ الدواء، فوضع الباقةَ بجانبي و عليها البطاقة و كتب في آخرها "من سليم إلى عمه جمال" )) قال منير (( عمه؟! على حد علمي أنت لست عمه كما أن أسمائكما مختلفة و... )) قاطعه جمال (( إنه يقصد المصاهرةَ يا غبي.. إنه يقصد أن مآثر له، و لكن هذا لن يحدث.. لن أزوجه لها إلا إن بقي حياً لمدةِ شهر )) دق تلفون خالد فاستأذنهما و ابتعد قليلاً عنهما ليأخذ راحته في الكلام.. أكمل جمال كلامه لمنير قائلاً (( هيا يا منير تحرك.. ستجد عند فتحي سلاحا، عبارة عن مسدسٍ طويل مزود بمنظار، و رصاصة واحدة منه تكفي لقتل فيل، و قد عهدتك ماهراً في التسديد.. أريدها رصاصةً قاتلةً يا منير و ليس لك فرصةٌ غيرها.. أريد أن أسمع عن موته لأني أخبرت مآثر أن ابن خالي يمكن أن يطلبها، و لكنها رافضة بحجةِ أنها لا تريد الزواج الآن.. تحسبني هذه المرأةُ غبياً.. أعرف أنها تريد سليم، و لكن حتى لو اضطررت لقتلها معه، لن أزوجهما أبداً و سأجعلها مكافأتك يا منير.. إذا كانت رافضة لابن خالي فلن ترفضك لأنها لن تجد في الدنيا من يوازيك و سامةً، و جمالاً، و هيبة )) قال له منير (( من أين أتيتَ بهذا الكلام؟! من الوسيم و الجميل؟ .. أنا؟! )) قال جمال (( هذا كلام منال زوجتك )) قال منير بضجر (( ألم تجد إلا هذه المعتوهه حتى تسمع كلامها؟! إن ابنة عمك مجنونة و أنت معها فأنتم من عائلةٍ واحدة،.. لقد زوجتني من ابنة عمك بحجة أنك لن تجد لها زوجاً مثلي، و أنا الذي تورطت لأنني إن بحثت في كل الدنيا فلن أجد زوجة نكدية و سليطة لسان و عنيدة مثلها، و أقنعتني بالزواج من الثانية بعد أن مات زوجها الذي كان يعمل عندك و ذلك بحجة أن منال لم ترزق بأكثر من ولد فوافقتك على ذلك و ابتليت أكثر من قبل، إنها كالقطط تلد كل سنة و لا تترك أية فرصة لكي تتشاجر مع منال، مع أنها تعلم جيداً أن منال أشر منها و أقوى و تهزمها دائماً إلا أنها لا تتوب.. و الآن بكل بساطة تريد تزويجي من مآثر مكافأة لي حتى تكمل المصيبة، و لكن أليس لديكَ حجةٌ أفضل حتى لا تقتلها منال ثم تقطعني و ترمي عظامي للكلاب؟ )) قال له جمال (( اخـــرس.. ألا تعرف شيئاً سوى التفلسف علي؟ .. أنت الخسران، مآثر درةٌ لا تعوض و إلا لما ركض ورائها سليم )) قال منير (( هذه الدرةُ لا تريدني.. إنها تريد سليم و أنت تعرف ذلك و تتجاهله، و أنا لن أتزوج امرأة لا تريدني )) قال جمال (( ليكن في معلوماتك، منال كانت أيضاً لا تريدك )) قال منير بإصرار (( أعرف و لن أكررها مع ابنة أختك.. جد لها عريسا غيري )) أنهى خالد مكالمته و كان قد سمع كل كلامهما و لم يأبه له لأنه يعتقد أنها ساعةُ غضبٍ من جمال و ستنتهي بسرعة.. فقال له جمال (( ما رأيك يا خالد، هل تريد الزواج بها؟ )) قال له خالد بدهشة (( هل تنادي على سلعةٍ أو بضاعةٍ في السوق لم تجد لها مشتري؟! أنا أحب زوجتي و لا أنوي الزواج عليها أبداً )) كان سليم واقفاً خلف بابِ غرفةِ جمال و قد سمع بعضا مما دار بين الثلاثة جمال و خالد و منير، فتنفس الصعداء و قال بفرحٍ يصعب وصفه (( إذن هي تريدني.. آآآه الآن فقط ارتحت.. ولكنها تزوجت! هل من المعقول أن يكون جمال كاذباً؟! كيف يعرض عليهما الزواج منها إن كانت قد تزوجت بالفعل؟! إذن مآثر لم تتزوج! إنها حرة و تنتظرني.. إنها تريدني و لا تريد أحدا سواي.. سأذهب لأخبر أكرم و يزن بذلك.. لابد أن يزن قد وصل منذ الأمس.. يجب أن أخبره بالقصةِ كاملةً و بأني أسعد مخلوق في الدنيا.. لقد قبلت بي حبيبتي، سأبحث عنها في كل مكان.. أما أنت يا جمال فلن تستطيع قتلي و سنرى من سيفوز في النهاية.. ستكون الحرب بيننا مريرةً على ما يبدو، انتظر و سترى أني سأفوز بمآثر التي تحاول بيعها.. لن يحفظ لها كرامتها سواي )) و ذهب سليم إلى بيته دون أن يدخل لعند جمال.....


الجــــــــ 19 ـــــــزء:

كان أكرم يقودُ سيارتهُ و بجانبهِ يزن و قد حكي له أكرم كل ما حدث من ساعةِ وصولِ سليم إلى البلدة و حتى هذه اللحظة.. فقال يزن بدهشة (( لم أكن أتوقعُ أن هناك امرأة ستؤثرُ في ذلك القلب الجليدي.. إني لم أره في حياتي كلها و لا مرة افتتنَ بامرأة أو حتى أعجب بشكلها أو جاملها فقط.. و فجـــأة، و من حيث لا يعلم أحد يعجبُ بامرأةٍ مطلقة و لديها ابنة.. يبدو أنه قد جُن.. أو أنها ساحرة.. أكرم لماذا لم تعرض عليه الزواج من إحدى أخواتك؟ أقل شيء ستكون ثروته لك )) قال أكرم (( أنت مثله لا فرق بينكما، لا تعرف سوى السخرية.. هذه مسألةٌ جادة و لا تستحمل الاستهزاء.. و لكن ما يُعَزيني أنه لم يذكر اسمها منذ أسبوع.. يبدو أن كلام خالد و رحاب عن زواجها قد أنساه إياها.. الحمد لله إن كنا قد تخلصنا من كل هذا.. هيا يجب أن تساعدني لنقنعه بالعودةِ إلى إيطاليا )) قال يزن (( هل أصُيبَ بصدمةٍ نفسيةٍ بعد أن عَلِمَ بزواجها؟! و أين سنلاقيه الآن؟ )) قال أكرم (( لا يبدو أنه تأثر كثيرا، فقط كان يسرح بعض الأحيان و قد أخبرني عندما سألتهُ منذ أسبوع بأنه سينساها إن كانت قد تزوجت و ها قد حصل و استرحنا.. لقد اتصل بي منذ ساعتين و قال لي أن نلاقيه في النادي حتى نذهب معاً إلى المطار لنستقبل أباه عبد الوهاب لأنه سيأتي اليوم )) قال يزن (( و هل صدقتَ بأن سليم سينساها.. يبدو من كلامك أنها خلبت له لبه.. أخبرني ماذا فعلت بهِ و كيف أشارت له حتى أقنعته بها؟! يبدو أنها تستطيع إقناعَ الرجال بالوقوع في شباكها بسرعة )) قال له أكرم (( احترس من قول هذا الكلام أمامه إن كنت تحب رقبتك و إلا فإنهُ كاسرها لا محالة.. أنا نفسي لا أستطيع قولَ كلمةٍ عنها إلا و رفعني من قميصي بيده اليمنى و أراد ضربي بيده اليسرى.. ثم أن المرأة بريئة لم تلمح و لم تشر إليه، بل هو الذي قابلها بالصدفةٍ و لأنها أشاحت بوجهها عنه، فقد هام بها و بدأ معها قصة قيس و ليلى، و أنا أؤكد لك أن الفتاةَ لا بأسَ بها و لكن الخلل في خَالِها المتعصب الذي يتمنى الموت على أن يضع يده في يدِ سليم )) قال يزن (( لا بأس إن لم ينساها فنحن سننسيه إياها.. لقد أخبرتُ عمي عبد الوهاب عن ذلك كله و قد توعدَ بالويل )) قال أكرم (( إنك أحمق.. ذلك العجوز توعد بالويل لجمال و رفاقه لأنه على حسب رأيه ابنه كامل و لا يُرفض، فمن يتجرأُ و يرفضه! )) قال يزن بطمع (( دعنا من ذلك كله و قُل لي أين النادي؟ و هل هو من ممتلكات سليم؟ إذا كان كذلك، فيبدو أن سليم سيجعلني المديرَ فيه، أليس كذلك؟ )) قال أكرم (( لا.. ليس كذلك، النادي بالفعل ملكٌ لسليم و لكنه اشتراه من مالكه القديم و زوده بمعداتٍ حديثة و لم يُخرج منه عاملاً واحداً، و المديرُ موجود.. أما أنت فاختصاصك يتضمن أجهزة الكمبيوتر و برمجتها و لك عملٌ مضمون هكذا أخبرني سليم.. إنه يحتفظ لك بأكبِر منصبٍ لديهِ حتى الآن )) قال يزن (( هكذا سليم دائماً.. إنه كريم و لا ينسى أعز أصحابه )) قال أكرم في نفسه (( لو تعلم ما هو المنصب فستتمنى خنقه )) ثم قال ليزن بعد أن أوقف سيارته (( انزل.. لقد وصلنا )) و عندما دخلا و بحثا عن سليم وجداه نائما في ملعب كرة القدم، في العشب و كانت هناك بجانبه طفلة جميلة، لها شعرٌ أسود يصل إلى كتفيها و عينان سوداوان و قد وضعت رأسها في يد سليم، فأخذا ينظران إليه بدهشة ثم اقترب منه أكرم و هزه بقوةٍ و قال له (( هيا انهض يا سليم.. لقد فضحتنا.. هل رأيتَ في حياتك مليونيراً ينام على ملعبٍ يملكه مثلك أنت؟! لا أعرف كيف حصلت على كل أموالك و أنت تملك هذا العقل الذي لا يزن ريشة.. انهض و إلا رششتُ عليكَ بعض الماء )) نهض سليم بتثاقل و قد شبع من النوم، ثم قال للطفلةِ بجانبه (( هيا يا طفلتي اذهبي إلى أهلكـِ و لا تورطيني معكـِ.. هيا يا جميلة اذهبي إلى أمكـِ أو أباكـِ )) رفضت الصغيرة و ردت عليه بصوتٍ عالٍ (( لن أذهب لأحد.. أمي أخذوها بسبب الرجُلِ الأشقر و أبي أكرهه و لن أذهبَ معه )) قال سليم محاولاً إقناعها بالابتعاد عنه (( لسانكـ السليط لن يفيدكـ.. هيا أذهبي و سنلتقي غداً، و سأشتري لكـِ كُلَ ما تتمنينه )) ردت عليه بوقاحة (( أتريدُ خداعي أيها المحتال الغريب؟ إذا كان لديك نقود فلماذا تنام في الأرض كالمتشردين هكذا؟! )) قال أكرم (( يا إلهي! حتى الطفلة ظنته متشرداً! إنه مجنون يا طفلتي.. لديه نقود و لكنه مجنون.. لذلك أذهبي و أنجي بحياتك حتى لا يخطفكـِ )) قال سليم و هو يقرصها من خدها الأحمر (( لقد نمتِ معي منذ ساعتين، فما الذي حدث الآن يا غاليتي الصغيرة؟! )) قالت له بصراخٍ صم أُذنيه (( مرة تقول لي يا حلوة.. و مرة تقول يا جميلة، و الآن تقول غاليتي!! ما هــــذا؟! .. أتريد مغازلتي؟؟! )) ثم رفعت يديها معاً لتشير على يزن و أكرم قائلة لهم (( يغازلني أمامكم و لم تدافعوا عني! .. إنكم لستم رجالاً )) همس أكرم ليزن و قال له (( إن ألفاظها تذكرني بجمال الحسيني كثيراً )) هز يزن رأسه و لم يتكلم لشدة دهشته من جرأتها و وقاحتها معاً... فقال لها سليم (( كم عمركـِ يا ثرثارة؟ و ما اسمكـِ؟ )) قالت له ببراءة و هي ترفع أصابع يدها (( أربعُ سنوات )) دهشَ سليم ثم قال لها باستنكار (( أربع؟!! فقط أربعُ سنوات و تتكلمين عن المغازلة؟؟! أخبريني أين والدكـِ الآن حتى أرجعكـِ له لكي لا أنصدم أكثر من ذلك.. تكلمي هيا و إلا أخذتكـِ للشرطة )) قالت له بعناد (( أنا لم أسرق لتأخذني للشرطة، و لن أذهب معك لأي مكان.. أنا هنا مع عمتي.. سأذهب الآن و سنلتقي و عندما تطلبني للزواج سأرفضك و سأخبر خالي أنك ضايقتني.. و لن أقول لك أسمي و عندما أراك مرة أُخرى سأُناديك عمي، لأنك عجوزٌ و بشع و شعرك أشقر )) قال لها سليم و هو يضع يديه على قلبه كأنه تأثر بكلامها (( لاااا.. أرجوكـِ لا ترفضينــــي.. سأموتُ إن فعلتِ.. من هو خالكـ؟ سأذهب إليه و أطلبكـ و لكن لا تفطري قلبي برفضكـ )) ثم صرخ في وجهها قائلاً (( اذهبي من هنا.. لا ينقصني الآن إلا أن أتزوج سليطة مثلكـِ )) عقدت يديها أمام صدرها بغضب ثم قالت له (( لماذا؟ هل لديك واحدة أجمل مني؟ )) قال لها و هو يبتسم بفرح عندما تذكر مآثر (( طبعاً لدي.. إنها أجمل و ألطف و أحلى منكـِ )) قالت له بيأس (( و لكني أعدك أن أكون لطيفة.. عندي فكرة.. ما رأيك أن تأخذني لأكون ابنتك؟ )) ابتسم لها سليم و قال و هو يتنهد (( أنا أحبُ البنات.. سأفكر في الأمر.. ما رأيكـِ أن تأتي إلى هنا غداً وسأردُ عليكـِ، و أحضري معكـِ حقيبة ملابسكـِ فربما سأوافق )) هللت من الفرح و قبلته بقوة في وجهه و أخذت تصفق بقوة ثم قالت (( مرحى.. سيصبح عندي زوج! )) عقد سليم حواجبه و تصنعَ الغضب أمامها وقال لها (( ماذا قلتِ يا فتاة؟؟ حسني ألفاظكـ و إلا فلن آخذكـ معي )) قالت له بأدب (( آسفة.. أقصد أبٌ جديد.. الآن سأتخلص من أبي إلى الأبد )) اقتربت منهم سيدة كبيرة في السن و أمسكت الفتاة الصغيرة من يدها و قالت لهم (( آسفة إن كانت قد أزعجتكم.. إنها شقية جدا، لقد تعبتُ من البحثِ عنها في كل مكان )) قال لها سليم بلطف (( لا بأس لقد تسلينا بحديثها.. هل هي حفيدتكـِ؟ )) قالت له العجوز (( كلا.. أنا مربيتها فقط )) قالت الطفلة لمربيتها (( أعَرِفُكِ يا جدتي على أبي الجديد.. هيا يا أبي قل لها أسمك و هي ستخبرُكَ عن اسمي )) قال لها سليم و هو يمسح على رأسها و يضحك من شقاوتها (( اسمي سليم عبد الوهاب )) عندما سمعت العجوز ما قاله، نظرت إليه بخوف ثم قالت (( هيا يا صغيرتي لقد تأخرنا و أهلكـِ ينتظرون )) قال لها سليم (( إلى أين؟ .. ما بكـِ خفتِ هكذا؟! .. أخبريني ما أسمها و من هما أبواها؟ )) صاحت به (( هذا شيْ لا دخل لك بهِ )) ثم ذهبت عنه وتركته فقال باستغرابٍ و حيرة (( هذه المخرفة منذ قليل كانت تكلمنا و الآن خافت و هربت.. يبدو أنني أخيفُ الجميعَ هنا )) قال يزن و هو يضعُ يدهُ على كتفِ سليم (( لماذا تلبس قميصاً بدون أكمام؟ و ما هذا الشيءُ على كتفك اليمنى، إنه يشبهُ الوشم و لكن بلونٍ أخف )) رد عليه سليم (( أنا في النادي يا ذكي، و هذهِ ملابسُ رياضة.. أما هذا الذي في كتفي فإنه ليس وشماً و إنما علامة منذ أن ولدت )) قال أكرم لسليم (( لا أصدق أنكَ كُنتَ تجاري تلك الطفلة! ألا تخاف أن تأتي غداً إلى هنا؟! لقد جلبتَ المشاكلَ لنفسك ثانيةً )) قال سليم بفرحٍ لأكرم و كأنه لم يره منذُ زمن بعيد (( أكرم.. حبيبــــي.. صديقـــــي.. أخــــي.. نـــــورَ عينـــي، أنت هنا و أنا لا أدري )) قال له يزن (( ما الذي حدث لك؟ .. هل جُننت؟! إنهُ هُنا منذُ ساعةٍ، و أنتَ كُنتَ ترغيّ مع تلكَ الصغيرة.. أنت تراهُ كُلَ يوم، و نحنُ لم نلتقي منذُ ثلاثةِ أسابيع و لم أسمع منكَ كلمةَ ترحيبٍ واحدة! )) تجاهلهُ سليم و ذهبَ إلى أكرم و أمسكهُ من كتفيه و هزهُ بقوة قائلا له (( دُرتي يا أكرم.. دُرتي، إنها تُريدني و لا تريدُ غيري )) خاف أكرم منهُ و حاولَ الابتعاد عنهُ دونَ فائدة، فقال له (( ماذا بكَ يا مجنون؟! .. من هي دُرتُكَ التي تُريدك؟! )) قال سليم بفرحٍ لا يوصف (( و هل لدي غيرها في الدنيا.. إنها الآن كل شيء.. ألا تعرف أنها كل شيء لي؟ )) قال أكرم (( و متى عادت مِنَ السفر؟ )) تركه سليم و قال بدهشة (( و متى سافرت حتى تعود؟! )) قال أكرم بتوسل (( ألا تقصد صِبا؟ أنت نسيتَ مآثر أليس كذلك؟؟ )) تنهدَ سليم بقوة ثم قال (( صبا من أيها الأحمق؟ لا أريد رؤيتها إلا يوم عرسي )) صاح أكرم بخوف (( هل رجعتَ مرة أخرى إلى يوم دفنك.. لقد نسيتها.. أخبرتني منذ أسبوع أنكَ نسيتها )) قال سليم (( ماذا أفعل لك إذا كنت أبلهاً.. كيف تصورت أني سأنساها؟! قلت لك لا شيء سيفرقني عنها و خصوصاً بعدما علمتُ أنها لا تريدُ أحداً سواي )) قال له يزن (( و من أخبرك بهذا؟ )) قال سليم (( العصفورة )) صرخ يزن و أكرم معاً بدهشةٍ (( العصفورة؟! )) قال سليم (( نعم، العصفورة تكلمت و حدها و كشفت الحقائق، و لكنها للأسف لم تخبرني عن مكانها حتى الآن، و لكني سأجعلها تنطق )) قال له أكرم (( أي الغربانِ الثلاثةِ أخبركَ بذلك يا حالم؟ )) رد عليه سليم (( كلهم.. لقد كنت ذاهبا لرؤية جمال، و طبعا هذه المرة بحسن نية و ليس لأجعله يفقد أعصابه.. فسمعتهم يتكلمون و لم أدخل و اكتفيت بأني سمعت أنها لا تريدُ سواي )) قال يزن (( كُفا عن هذه الألغاز و تذكرا أن النسرَ عبد الوهاب سيأتي بعد نصفِ ساعة، لذلك يجب أن نذهبَ لملاقاتهِ.. و على فكرة يا سليم، لقد أخبرت أباك أنك مخدوع من امرأةٍ تحاول استغلالكَ و هو آتٍ لينهي هذه المسألة )) قال سليم (( لا بأس خيراً فعلت )) قال أكرم مغتاظاً (( لا بأس خيراً فعل!! أنا إذا قلتُ كلمةً عنها تغضب مني و تحاول ضربي، و هو تُثني عليه! )) قال سليم (( أنا الآن سعيدٌ و مرتاح لذلكَ سامحته )) قال يزن (( والدك لن يوافق على زواجك من امرأةٍ مطلقةٍ و خصوصا أن لديها ابنة )) قال أكرم لسليم (( هذا المعتوه لا يدري أن أباكَ أتصلَ و قال إنه سيساعِدُكَ على الزواجِ بها )) قال سليم (( ماذا نفعل مع الأغبياء أمثاله؟ )) قال يزن و هو يرفع إحدى حاجبيه باستعلاء (( أنا معتوهٌ و غبي؟! لا بأس.. ربما ستغيران رأيكما عندما تأتي جمانة و هي التي ستوقفكما عند حدكما )) صاح به سليم (( هل جُننتَ حتى تذهب و تخبَر أمي بذلك؟! )) قال يزن (( أنا آسف و لكنها عرضت علي مبلغاً كبيراً من المال حتى آتي لها بأخبارك.. إنها مندهشة لأنك وعدتها بأنك ستعود إليها خلال أسبوعين و على حد قولها "سليم رجلٌٌ لا يرُد كلمته و لا يخلِفها" .. ها.. ماذا ستفعل الآن؟ )) قال سليم بعد تفكير (( المهم.. متى قالت بأنها ستأتي؟ )) قال يزن (( أعتقد بعد ثلاثةِ أيام )) قال سليم بارتياح (( الحمدُ لله إنها تكفي )) قال يزن و هو يفرك يديه مع بعض (( أنا الآن عاطلٌ عن العمل.. أين موقعُ شركتك؟ )) قال سليم بهدوءٍ متعمد (( و لماذا تريدُ أن تعرفَ موقِعَ شركتي؟ )) قال يزن (( ألستُ أنا المدير؟ و المدير يجب أن يعرفَ موقِعَ الشركة التي سيديرها )) قال له أكرم (( قلت لك أن سليم قد احتفظَ لك بأفضلِ منصبٍ لديهِ حالياً، و الشركة من زمان لديها مدير.. أما الوظائف التي ما زالت متاحة فهي وظيفتين فقط و لك الأفضل منهما )) قال سليم و هو يمدُ له يده الممسكة بمفتاح السيارة (( خُذ مفتاحَ السيارة و أنا منذُ اليوم أعينك سائقاً للسيارة أو مديراً للسيارةِ إذا أحببت )) قال يزن و قد أنصدم بشدة (( سائق؟!! )) قال سليم (( مــــاذا؟! ألم تُعجبك؟ لدينا وظيفةُ ثانية.. لتكن رئيساً للخدمِ في منزلي؛ لأنهم غير منضبطين و يحتاجون لمدير يوجههم )) صاح يزن (( لا أُريدُ أن أكونَ سائقاً )) قال له أكرم (( لتكن إذاً مدبرة منزل عندَ سليم )) قال يزن (( لا تسخرا مني.. أنا متخصص في برمجةِ الكمبيوتر و تجعلني سائقاً يا سليم؟! )) قال له سليم (( نحن بحاجة إلى سائق.. و بصراحة، هذا أقل مما تستحقه لإخباركَ أُمي بموضوعي )) تفاجأ سليم بصوتٍ من خلفه يقول (( بل إنه يستحق أن يكونَ محاميكَ بدلاً من هذا الذي يساعِدُ على فسادك )) قال أكرم مُدافعاً عن نفسه (( إنه ليسَ صغيراً يحبو على قدميه حتى أُساعِدَ على فسادهِ.. حاوُلتُ منعه و لكنه يأبى.. من عَلمه العنادَ و فِعلَ ما يُريد غيركـِ أنتِ التي زدتِ و أفرطتِ في تدليله، و الآن تُلقينَ اللومَ عليّ أنا.. ماذا ستفعلين لو علمتي أن جمال يود التخلُصَ منه و قتلــ.... )) وضعَ سليم يده على فمِ أكرم ليسكتهُ ثم ذهب إلى أُمه و أخذها في حضنه وقال لها (( لقد اشتقتُ لكـِ كثيراً يا أُماه.. كُنتُ دائماً أسأُل أبي عنكـِ .. كل يوم كنتُ أتصل )) قالت له بعتاب و هي لم تصدقه (( أنتَ و أبوك دائماً تتفقانِ على الكذبِ عليّ.. لو كنتَ تتصلُ كل يومٍ فلماذا لم تكلمني؟ من الذي شغلكَ عني هكذا؟ أو بالأصح من هي التي أخذتكَ مني؟! )) قال لها سليم (( أنت أمي و هي خطيبتي و هناك فرقٌ بين الأُم و الخطيبة، فكل منكما لديها معزة خاصة في قلبي، و حب الخطيبة يختلفُ عن حب الأم )) شهقت جمانه و وضعت يدها على صدرها و قالت (( ماذا؟! ألهذهِ الدرجةِ غسلت هذهِ المرأةٌ مخك؟! أين ذهب ابني سليم؟ ماذا فعلت به هذه الساحرة؟! الآن تقول لي حب الخطيبةِ يختلفُ عن حُب الأم؟! هل تقدمت عندكَ هذهِ المرأةُ عليّ في الحب؟! أَتحبها أكثرَ مني يا سليم؟! أنت لستَ ابني المدللَ الرقيق الذي خرج كوردةٍ مغلقةٍ ناعمة.. لقد فتحتكَ هذه المرأةُ و بعثرت أوراقك.. أنظر إلى نفسك لقد ذبلتَ و أصفرَ وجهكَ و هزل جسمك.. ثم ما الذي أصابك في رأسك و يدك؟ و ما بال وجهك و قد كثرت به الخدوش؟ أنت ابني! .. أنا لا أصدق )) قال لها أكرم بسخرية (( لا تبالغي يا خالتي.. ابنك منذ أتى إلى هنا زاد وزنه 5 كلغ، و لم يقل منه جرام واحد، و لا وجهه و لا جسمه تغير إلا للأفضل.. بدلاً من نواحك على ولدك و هزاله أنقذيه من أنياب جمال )) قال له سليم (( اخرس يا أكرم و لا تقحم أمي بهذا الموضوع )) نظرت إليه أمه و قالت له (( من هو جمال هذا؟! و كيف يجرؤ على محاولةِ إيذائكَ و أنا حية؟ إذا كان يريدها فخلص نفسكَ من هذه التفاهات و تنازل عنها )) قال لها سليم بضيقٍ واضح (( إنها ليست صفقةً يا أمي حتى أتنازل عنها.. إنها حبيبتي.. إنها المرأةُ الوحيدة التي أحببتها و إن لم أتزوجها فلن أتزوج غيرها.. سأموت إن لم أتزوجها يا أمي، لذلكَ لا تحاولي منعي لأنك لن تستطيعي )) قال أمه بخوفٍ و دهشة (( تموت؟! لا يا حبيبي الشرُ بعيد.. لا تقل هكذا.. أتريدُ أن تقتلني أم تريد إصابتي بالجنون؟! هناك ألف إمرأةٍ تتمناك.. ما زالت ابنة أختي تنتظركَ بفارغِ الصبر، و هي تحبك.. إرجع من أجلها و أنسى هذه الساحرة )) قال سليم بعناد و إصرار (( هذه و لا غيرها.. لا أريد غيرها.. و لن أرضى بغيرها )) قالت أمه محاولة إقناعه (( و لكنها مطلقة و لديها ابنة )) قال سليم (( عندما أخذك أبي كنت مطلقةً أيضاً، أنت أخبرتني بذلك )) غضبت أمه كثيراً و رفعت يدها و ضربتهُ بشدة على خده ثم قالت (( أتشبهني بها يا سليم؟! هل أنستك هذه الماكرة من هي أمك؟ أهكذا تكلمني؟! لقد ضحيتُ بعمري من أجلك و الآن تعصيني يا خسارة يا.... )) و قطعت كلامها عندما رأت وجهه و قد احمر كثيراً، فقالت بصرامة (( إذا كنت لا تريدني فسأعودُ إلى إيطاليا.. إنساني يا سليم إذا أردت، لأنه يبدو أن أخوانكَ هنا قد عوضوك عنّا فما عُدتَ تريدنا.. هذا حقك ولن يمنعك أحد منه.. أنا ذاهبة )) و قبل أن تدير ظهرها له، أمسك سليم بيدها و سحبها إليه و ضمها إلى صدره و قال لها بصدقٍ و إخلاص (( مهما قال إخوتي و مهما فعلوا فسيعجزون عن إعطائي و لو ذرة مما أعطيتني إياه، و لن يستطيع أحد تعويضي عنك يا حبيبتي يا أغلى ما عندي.. أرجوك سامحيني يا أمي )) و أخذ يدها و قبلها ثم قبلها في خدها بقوة و قال (( متى تريدين أن نعودَ إلى ابنة أختك؟ )) ابتسمت بفرح و قالت له (( حقا؟؟ .. أخيراً ستوافق عليها يا سليم )) ثم وضعت يدها على خده و قالت (( سامحني، لقد خرجت عن طوري.. إنها أولُ مرةٍ أمدُ فيها يدي عليكَ يا عزيزي.. ليتها قُطعت قبل أن تمتدَ عليك )) قال سليم معاتباً لها (( لا يا أمي.. لا أريدُ أن أسمع هذا الكلام منك.. أنا ابنك و من حقكِ فعل أي شيءٍ تريدين.. سامحيني أنتِ فلقد.. )) ثم قطع كلامهُ عندما سَمِعَ رنينَ جواله فأخذهُ من جيبهِ وابتعدَ عن أمه و قال (( نعم.. أنا سليم، من المتكلم؟ )) أتاه صوت والدهٍ الخائف (( أين أنت؟ أمك خرجت من البيت و لا أدري إلى أينَ ذهبت.. أنا الآن في المطار و لكني سأرجعُ لإيطاليا لأبحثَ عنها )) رفع سليم إحدى حاجبيه و قال (( ألم تقل بالأمس أن أمي لا تفعلُ شيئاً قبل أخذِ الإذنِ منك؟! )) قال والده متفاخراً بنفسه (( إنها لن تخرج طبعاً دون أذني فهي تخافني كثيراً كما تعلم.. أنا أعتقدُ أنها خُطفت.. يا إلهي! يمكن أن تكونَ الآنَ تحتَ التعذيب.. يجب أن أذهبَ الآن و أبحثَ عنها و سأدفعُ أي مبلغٍ يطلبهُ الخاطفون.. هيا، إلى اللقاء )) قال له سليم بسرعة (( توقف إلى أين تريدُ الذهاب؟! )) قال أبوه (( ألم تكتفي مآثر بسلب قلبك؟! هل سلبتكَ عقلكَ الآن؟ أنا ذاهبٌ لاسترداد أمك )) لم يستطع سليم كتمَ ضحكتَهُ أكثرَ من ذلك فأطلقها بقوةٍ حتى دمعت عيناهُ ثم قال (( إنها معي.. أُمي هنا، أتت لتفسدَ عليّ زواجي و لقد أقنعتُها بأني لن أتزوجَ سوى ابنةِ أختها، تلكَ القبيحة التي تلونُ وجهها و شعرها بكل ألوان الطيف.. تعال و ساعدني.. لا تتحرك، سآتي إليك مع أكرم و يزن )) قال عبد الوهاب (( سلبتك مآثر عقلك و قلبك و سلبتني زوجتي.. سأريك أنت و هي ماذا سأفعل عندما أصل.. أنا أبحث عنها من كل مكان و قد أكلني الهمُ و الخوفُ عليها و هي هناك عندك.. من أخبرها عن موضوعك سوف تفسده، و الأهم هل تسمعكَ الآن و أنت‎ ‎تكلمني؟؟ )) قال سليم (( طبعاً لا.. و يزن الخبيث كالعادة عندما تعطيه المال يخبرها بما تريدُ سماعه.. سآتي إليك و لن أتأخر و لكن عدني أن تساعدني )) قال عبد الوهاب يطمئنه (( طبعاً أعدك.. لن تكونَ إلا لكَ يا عزيزي.. هيا، أنا أنتظرك )) أقفل سليم الهاتف و تنهدَ بارتياح، ثم توجه لأمه و قال لها (( أبي في المطار و سأذهب مع أكرم و السائق لإحضاره، انتظرينا في المكتب هنا حتى نَعود )) قال يزن (( اسمي يزن و ليس السائقَ يا سيد سليم )) قال له سليم هامساً في أذنه بتهديد (( عندما أقتلك سيقول الناس كانَ اسمه يزن، هل فهمت؟ )) قالت له أمه (( ماذا كانَ يقول لك عبد الوهاب.. أكيد أنه فرحَ عندما لم يجدني )) ابتسم سليم و قال لها (( بالعكس يا أمي.. أن المسكين يعتقدُ أنكـِ مخطوفة و لقد جهزَ الفديةَ )) قالت جمانه (( هل أنا غبيةُ في نظرهِ لدرجةِ أن يعتقد أنني طفلة حتى يخطفوني ؟! و جهزَ الفديةَ أيضاً!! لم أخبره لأني عندما سألته إلى أين يريدُ السفر كذبَ قائلاً إلى بريطانيا لحضور اجتماع مهم و لم يخبرني أن سليم فلذةَ كبدي قد غُشَ من قبلِ امرأةٍ أبهرها جماله و ماله.. لماذا أتى ليرجُعكَ إلى إيطاليا أم ليساعدك في جنونك؟! )) قال سليم كاذباً (( ليرجعني طبعاً يا أماه، و سيكون فخوراً جداً بك عندما يعلمُ أنكَ قمتِ بإقناعي قبله.. إنه معجبٌ بتلكَ الوحش ابنة أختك، و يتمنى أن أتزوجها اليومَ قبل الغد و سيفرحُ كثيراً عندما يعلم أني اقتنعت بها )) قالت أمه (( وحش؟! .. لا بأس.. عندما تتزوجها سترى أنهُ لا يوجدُ مثيلٌ لها و ستشكرني كثيراً عليها )) أحنى سليم رأسهُ و ضمَ كفيهِ معاً في حركةٍ مسرحية و قال لها (( أنا أشكرُكَ منذُ الآن )) ثم مشى إلى أصحابهِ و دفعَ يزن أمامه، فحاول يزن أن يهربَ منه و لم يستطع، فذهبَ أكرم معهم و قال لسليم (( أيُها المحتال! لقد خدعتها.. لماذا وعدتها بالزواجِ من تلك المصبوغةِ ابنة خالتك؟ )) قال سليم (( أنا لم أعدها بالزواج منها، فقط قلتُ أنني وافقتُ عليها و رضيتْ و هذا ليسَ معناهُ أن أتزوجها.. لقد ألفتُ كل ذلك حتى أتخلصَ من أمي لوقتِ زواجي و عندها سأعمل على أرضائها ))

و هناك على بُعدِ عدةٍ أمتارٍ منهما، كان النقيبُ خالد واقفا مع ابنه الصغير و لم ينتبهوا له، و قد ذهلَ تماماً عندما رأى سليم و على كتفه اليمنى علامةٌ مثلٌ الوشم، إن أخوه حسام لديهِ مثلَ هذهِ العلامة.. لقد أخبره والده عندما كان على فراش الموتْ عن هذه العلامة و وصفها بالضبطِ مثلما يراها خالد الآن.. و كان هذا هو الدليلُ الذي ينشده خالد، فقال في نفسهِ (( يجبُ أن أذهبَ لجمال و أكلمهُ قبل أن يؤذيهِ حقاً ))...




الجــــــــ 20 ـــــــزء:

صعد سليم و أكرم إلى السيارة، و تولى يزن القيادة، و فجأة عطس أكرم ثلاث مرات ثم قال لسليم بغيض (( هل سترتاح إذا قتلتني أنت و قطتك البغيضة؟! إنها ليست هنا حتى أعطس هكذا و لكن يبدو أنك لا تستطيع الخروج من منزلك قبل أن تمسح على رأسها المليء بالجراثيم بيديك أيها القذر.. متى ستتعلم أن القطط يمكن أن تسبب بأمراض قد تفتك بالإنسان؟! )) قال له سليم محاولا أن ينسيه لولو (( دعك من لولو الآن أيها الرقيق وقل لي لماذا لم تأتي بالسيارة المصفحة بدلاً من هذه مثلما أمرتك؟ )) قال أكرم بخوفٍ كعادته بعد أن نجح سليم في إبعاد ذهنه عن لولو (( لماذا تريدها الآن؟! ما الذي حصل؟! .. هل هددكَ جمال؟! ليتكَ سمعتَ كلامي.. ليتكَ... )) قاطعه يزن و هو يضع يداه معاً على فمه و قال له (( اصمتْ.. لو كنتُ أعلمُ أنكَ تنوحُ على كلِ صغيرةٍ و كبيرةٍ لظللتُ في إيطاليا.. ألا يكفي بأني أصبحتُ سائقكما الآن؟ عندما تريدُ السؤال قل فقط 'لماذا يا سليم' و سليم صاحبُ المصائبِ و الذي وظفكَ معه سيجيبُ بكلِ رحابةِ صدرْ و لن يبخل.. هيا أجب يا سليم )) صاح بهما سليم و أشاح بوجهه عنهما (( اصمتا معاً، و لا دخلَ لكما بما آمرُ بهِ.. و أنا لم يهددني أحد و لا أخافُ من أحد )) قال أكرم بعد أن أبعد يدا يزن عن فمه (( و نحن مع سليم عبد الوهاب فلماذا الخوف؟! )) التفت إليه سليم و قال له (( لو كنت تعلمُ ما أعلمه و لو كنت تدري لماذا أريدُ سيارةً مصفحة لما استهزأت يا فالح و لكنتَ الآنَ تنوحُ بلا توقف )) قال يزن (( هيا.. إما أن تقولَ لنا أو أن تأمرنا بالتحرك، و دلاني أنتما الاثنان على طريق المطار )) صفعهُ سليم في رأسهِ صفعةً آلمته ثم قال له (( لقد ذكرتني.. أنتَ السائق فكيفَ تكلمُ سيدكَ بهذهِ الطريقة؟ هيا تحرك إلى الأمام مباشرةً و عندها سنصل للمطار )) صرخ يزن قائلاً بألم و هو يتحسسُ رأسه (( آآآآي.. أنا الملام، لو لم أتبعكَ إلى هنا لما أُذللتُ هكذا )) قال له سليم محذراً (( اصمت و تحرك.. لقد تأخرنا على أبي.. و أنت يا أكرم اخرس و أنسى جمال فلا أعتقد أنه سيتبعنا إلى المطار )) قال أكرم بتوتر (( أريدُ أن أنزل.. لابدَ أنكَ عدت لتسخرَ منهُ.. ثم لا تنسى تلك العجوز التي خافت منك.. لابدَ أن تلكَ الطفلة الصغيرة ابنة جمال.. اسمع، إذا كنت تريدني أن أستمر معك و أعمل لديك فاختر الآن و بلا تفكير، هيا بسرعة ماردك؟ )) قال سليم بحيرة ((ردي على ماذا؟! .. ماذا تريدني أن أختار؟! )) قال أكرم (( إما أنا أو هي.. هيا قل من تريد أنا أم مآثر؟ إما أن تنساني أو تنساها )) ابتسم سليم بسخرية على كلام أكرم ثم قال له (( أنت تعرف الإجابة يا صديقي هذه لا تحتاج إلى تفكير أبداً )) قال له أكرم فرحاً (( إذن لقد اخترتني.. لقد كنت أعلم أنك لن تخذلني.. إنك لن تستغني عني أليس كذلك؟ )) ضحك سليم بقوة ثم قال (( طبعاً ليس كذلك.. كيف تطلب مني الاختيار يا أحمق؟! ماذا أريد منك إذا اخترتك أنت و نسيتها؟! هل سأتزوجك يا غبي؟! أنا أريدها زوجة تنير لي حياتي.. شمعةٌ مضيئةٌ لا تنطفئ.. أما أنت ما الذي سأجنيه منك.. أنت رماد.. نارٌ ارتوت بماءٍ فقتلها، هكذا أنت فماذا سأستفيد منك يا جاهل؟! طبعاً سأنساك أنت )) قال أكرم بغضب (( كل هذا بسبب دلال أمك لك.. لقد أفسدتك منذُ كنا صغاراً يا سليم.. أنت تطلب و هي تعطيك و طلبكَ الآن لمآثر ما هو إلا أحد أساليب عنادك و دلالك، و لكن جمال لن يسمح لك بأخذها، لقد زوجها.. هيا أضربني الآن )) انفجر سليم و يزن بالضحك عليه حتى أغضباه و أشاح بوجهه عنهما، و لكنه لم يستحمل السكوت لوقت طويل فقال لسليم دون أن يلتفت له (( ألن تذهب إلى منزل حسام هذه الليلة يا سيد سليم؟ )) قال له سليم (( يا سيد مرة واحدة! )) ثم لكزه بمرفقه في بطنه و أكمل (( هل غضبت مني يا أكرم؟ أنت صديقي الحميم، صحيح أنني عندما أتزوج مآثر لن أحتاج لمحامٍ سليطٍ و ثرثارٍ و متشاكي مثلك.. و لكن كما تعلم أنا أحبك و لا تصدقني عندما قلتُ أني سأنساك.. و بما أن يزن أخذَ منصبَ السائق، فما رأيك يا عزيزي أن تكون رئيسَ الخدمِ في منزلي.. أقصد أن تكون و بكل فخر مدبرةَ المنزلِ الجديدة.. ها.. ما رأيك؟ )) قال له أكرم بغضب (( رأيي أنه إذا أطلق جمال عليك النار و قتلك فأني لن أبكيك و لن أحضر جنازتك.. أنا مدبرة منزل! يا مراهق، يا صعلوك )) قال سليم (( أنا صعلوك و مراهق؟! )) رد أكرم (( نعم أنت.. يبدو أن جمال كان صادقاً حين قال عنك أنك مأفونٌ و حقيرٌ و مخادع )) قال يزن و هو يكاد يموتُ من الضحك على أكرم و عصبيته (( لما لا تتركه بحالهِ يا سليم؟ أرجوكَ اتركه حتى لا يموت و أخبره إذا كنتَ ستذهب لأخيك أو لا )) قال له سليم مازحاً (( هل تحبه أنت أيضاً مثلي إلى هذهِ الدرجة؟ )) قال يزن (( لا، و لكنكَ أن قتلتهُ ستتحول إلي و لن تجدَ غيري حتى ترمي عليه ثقل دمك.. فلذلك أُفضلُ أن يبقى حيا حتى يستحملك هو لأني لا أطُيقكَ عندما تبدأ في إغضاب الجميع )) قال له سليم متصنعاً الصرامة (( لا تنسى أنكَ ما زلتَ السائق فلا تتكلم و إلا تلقيتَ صفعةً ثانية، أما أنت يا أكرم فعليك أن تعرفَ أني لن أذهب إلى بيتِ أحد من أخوتي حتى يأتوا هم إليّ قبلَ ذلك )) قال أكرم (( أصمت.. لا أريدُ أن أكلمكَ بعدَ الآن، و لا أريدُ سماعَ صوتكَ أبداً )) قال سليم محاولاً زيادةِ إغضابه (( عندما يحاولُ جمال قتلي و إصابتي فأنت من سيساعدني و سيبكي عليّ، من لي سواكَ هنا )) قال له أكرم (( لن تضحكَ عليّ بعد الآنِ بكلامكَ المعسول.. كل هذا الكلام الشيطاني لن يؤثرَ بي.. عندما يأتي جمال سأسلمكَ له )) قال يزن (( دعكَ منه يا سليم و أخبرني يا محبَ المشاكل، كيف ستقنع إخوانكَ أن يأتوا إليكَ قبل أن تذهب لهم؟؟ )) ردَ عليه أكرم (( أولم تفهمه بعد يا غبي؟! إنه يقصدُ يومَ زواجهِ من تلكَ المسكينةِ التي لا ذنبَ لها في كل بلاياه و مشاكله مع خالها الذي أبعدها عن ابنتها بسببه )) بعد كلام أكرم صمت سليم ليفكرَ في تلك الصغيرة التي لقيها في النادي و كلامها عن الأشقِر الذي تسببَ في إبعادها عن أمها، فقال بشرود (( هل من الممكن أن تكونَ ابنتها؟! )) قال أكرم (( ابنةَ من؟ عن ماذا تتكلم مرة أخرى؟! )) قال سليم باهتمام (( الصغيرة )) قال أكرم (( أي صغيرةٍ تقصد؟ )) قال سليم (( التي لقيناها في النـ.....)) ثم قطع كلامه و جحظت عيناهُ بشدة و أخذَ يتنفس بصعوبة، فصاحَ بهِ أكرم (( سليــــــم.. ماذا حدث لك؟! ما الذي يؤلمك؟! )) فتحَ سليم فمهُ ليتكلم و لكن نزلَ منهُ الدمَ غزيراً و سقطَ سليم في حضنِ صديقهِ أكرم، فرأى ثقباً في ظهرهِ ينزفُ بقوة و عرف أن رصاصةً قد اخترقت ظهرَ سليم و استقرت في صدرهِ فصرخَ برعب قائلاً (( ألحقني يا يزن.. لقد قتلهُ الأوغاد.. قتلوا أخي.. قتلوهُ و لم يستمع لي )) فقال يزن بخوف (( هناك سيارتان جيب خلفنا.. هل مات؟! )) أخذ أكرم يبكي بشدة و قال (( أنه لا يتنفس.. لا أدري إن كان حياً أو ميتاً.. لقد قتله ذلكَ الحبُ المستحيل الذي لن يصلَ إليه.. هيا ساعدني و خذه إلى المستشفى، إن مات سأموت معه )) قال يزن و صوتُ الرصاصِ يدوي من خلفِ السيارة التي أخذ يقودها بالسرعة القصوى (( لقد مات يا أحمق.. مات و نحن ما زلنا أحياءً.. هيا لننجو بحياتنا بدلاً من تفاهتك، فالمستشفى لن يفيدَ الميتَ في شيء، و لن يعيدَ لهُ الحياة.. هيا لنرميهِ لهم، حتى يتركونا و شأننا.. سأفتحَ لكَ النافذة.. هيــا قبلَ أن نموت )) خلعَ أكرم حذاءه بيده و ضربَ بهِ يزن في رأسه بقوة ثم قال له (( يا خائن.. أتريدني أن أتخلى عن صديقي في هذا الوقتِ العصيب؟!! حتى و لو كان جثة مقطعة فلن أسلمه لهم حتى يقتلوني دونه.. هيا أسرع حتى ننجو منهم جميعاً، فلن يذهب أحد منا دون سليم هل فهمت؟ )) قال يزن و الألمُ يكادُ يفجرُ رأسهُ من ضربةِ أكرم (( نعم فهمت.. لقد قُلتَ له منذ قليل أنك ستسلمه لهم.. لقد قُلتها له أمامه و في حياته و لم يغضب منك و أنا عندما قلتها من خلفه و في مماته، تغضب أنت و تحاول تفجيرَ رأسي بذلك الحذاء المتصلب.. أليس لديك رحمة؟! )) لم يسمع إجابة من أكرم، فالتفت إليه و قال له (( لماذا جحظت عيناكَ هكذا؟ لا تخف، لن أرمي سليم.. ليس خوفاً منك، بل لخوفي من ذلك المتسلط أباه و من تلك الثرثارةِ سليطةِ اللسان أمه.. إن نجونا و رجعنا بدونه، فلن تتركَ لنا لحمةً أو عظمة صالحة لتأكلها الكلاب.. ماذا بك واجمٌ هكذا؟! )) قال له أكرم و هو يرتجف من شدة الخوف (( يا غبي لقد دخلتَ بنا إلى طريقٍ صحراوي.. من سينقذنا الآن منهم؟! أنظر إنهم يحاولون إطلاقٍ صاروخٍ علينا.. يزن تصــــــــرف )) و صرخا معاً بأعلى صوتهما عندما شاهدا الصاروخ يتجه نحوهما (( آآآآآآآآآآآآآآآآآآآآآآآآآآآآآآآه ))......

و من مكانهِ في إحدى سيارات الجيب، و على مسافة بعيدةٍ قليلاً، كان منير يضحكُ بشدةٍ و هو ينظرُ إلى السيارةِ التي تقلُ سليم و أصحابه و قد انقلبت و دارت عدة دورات ثم انفجرت بصوتٍ قوي و مرعبٍ جداً، فقالَ منير بانتصار (( لقد ماتَ هو و صاحبه الذكي أكرم.. هههههههههههه.. لقد قتلتهما معاً و معهما السائق و بلا دليلٍ هذهِ المرة.. الآنَ سأحصلُ على جائزتي.. أنا منير الذي لا يقهر )) فذهبَ منير تاركاً خلفه السيارة التي كانت تحترق و قد أكلت النيرانَ كُلَ ما في داخلها، و ارتفعت رائحةُ شواءٍ قوية، رائحةُ لحمٍ يحترق......

 
 

 

عرض البوم صور الغالي المزيون   رد مع اقتباس
قديم 05-12-10, 06:46 PM   المشاركة رقم: 14
المعلومات
الكاتب:
اللقب:

البيانات
التسجيل: Nov 2010
العضوية: 203983
المشاركات: 22
الجنس ذكر
معدل التقييم: الغالي المزيون عضو بحاجه الى تحسين وضعه
نقاط التقييم: 10

االدولة
البلدOman
 
مدونتي

 

الإتصالات
الحالة:
الغالي المزيون غير متواجد حالياً
وسائل الإتصال:

كاتب الموضوع : الغالي المزيون المنتدى : القصص المكتمله من وحي قلم الاعضاء
افتراضي

 

طبعا إذا ما حصلت تفاعل ماراح انزل الباقي- ارييييييييييد اعرف رايكم بالقصة وبصراحة-انتظركم على أحر من الجمر

 
 

 

عرض البوم صور الغالي المزيون   رد مع اقتباس
قديم 06-12-10, 11:39 AM   المشاركة رقم: 15
المعلومات
الكاتب:
اللقب:

البيانات
التسجيل: Nov 2010
العضوية: 203983
المشاركات: 22
الجنس ذكر
معدل التقييم: الغالي المزيون عضو بحاجه الى تحسين وضعه
نقاط التقييم: 10

االدولة
البلدOman
 
مدونتي

 

الإتصالات
الحالة:
الغالي المزيون غير متواجد حالياً
وسائل الإتصال:

كاتب الموضوع : الغالي المزيون المنتدى : القصص المكتمله من وحي قلم الاعضاء
افتراضي

 

للأسف طال انتظاري - راح اغيب كم يوم بعدها بشوف إذا تريدوا اكمل او لا

 
 

 

عرض البوم صور الغالي المزيون   رد مع اقتباس
إضافة رد

مواقع النشر (المفضلة)

الكلمات الدلالية (Tags)
من اجل عينيها, الغالي المزيون
facebook




جديد مواضيع قسم القصص المكتمله من وحي قلم الاعضاء
أدوات الموضوع
مشاهدة صفحة طباعة الموضوع مشاهدة صفحة طباعة الموضوع
تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة
Trackbacks are متاحة
Pingbacks are متاحة
Refbacks are متاحة



الساعة الآن 01:09 PM.


 



Powered by vBulletin® Version 3.8.11
Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd.
SEO by vBSEO 3.3.0 ©2009, Crawlability, Inc.
شبكة ليلاس الثقافية