كاتب الموضوع :
نيو فراولة
المنتدى :
روايات عبير المكتوبة
وجلس الثلاثة فيما بعد في وقت متأخر من المساء لتشرب الشاي حول المدفأة في غرفة المكتب ثم ذهبت السيدة وارين لتعد وجبة العشاء , كان بنيامين يتحين هذه الفرصة ليتحدث ألى توني حول المواد الخام التي تستخدم في صناعة الأحجار الكريمة , وقال :
" أنني أعشق الأحجار الكريمة وظل جمالها وغموضها يسحرني منذ الطفولة , تماما كما سحر أخي , جدك نوع آخر من الرجال ...... كان يظن أن عملنا ليس سوى عمل تجاري ولذلك رفض المشاركة فيه , كان رومانطيقيا حقيقيا , أما بالنسبة أليّ فأنني أجد الجمال والشاعرية في صناعة أشياء جميلة من الصخور والمعادن التي تبدو لأول وهلة في صورة لا توحي بالجمال , وهي التي أنتجها باطن الأرض خلال ملايين السنين.منتديات ليلاس
وتحدث عن الياقوت والزمرد والأوبال وعن أحجار أخرى لم تسمع بها توني من قبل , وعن الأماكن النائية من العالم حيث توجد تلك الأحجار , وقص عليها السلسلة الطويلة من العمليات التي تؤدي في النهاية ألى الحلية المنتجة , الدبوس الفاخر أو الخاتم أو العقد , وعن أختيار الصخور بواسطة الخبراء الذين يعتمد معاشهم على خبرتهم في أصدار الأحكام وعلى قدرتهم على فرز الأحجار وتصنيفها حتى يصل الحجر الكريم في النهاية ألى مهارة القاطع وقدرته على التشكيل , وقال :
" وعندما تدركين العمليات التي يمر بها كل حجر ثمين في طريقه ليصبح الحجر المتلألىء اللامع الذي ترينه في قطعة المجوهرات , وعندما تأخذين في الأعتبار الجهد الشخصي الذي يعطي له بواسطة رجال كرسوا حياتهم للسيطرة على المهارة اللازمة للتمييز والتشكيل , يمكنك أن تقدري أن مجوهرات الدرجة الأولى ليست غالية الثمن كما يتصور البعض".
وجلست توني ترقب وهج الكتلة الخشبية وتصغي بأهتمام بالغ ألى حديث بنيامين الذي أستولى على مشاعرها , وأحست بأنها تنتمي في شكل ما ألى الموضوعات المثيرة التي تحدث عنها بنيامين وهو يقول :
" ولكن تاج الأحجار الكريمة من وجهة نظري هو الماس , أنك لا تتخيلين مدى السحر الذي فيه , تلك الحصى الصغيرة التي وطأتها أقدام البشر قرونا قبل أن يعرف الأنسان قدر الجمال الذي يختبىء فيها , وقبل أن يتعلم كيف يقطعها ويصقلها , أن جمال الماسة يا أنطونيا في النار التي بداخلها كما يحلو لنا أن نطلق عليها ذلك الوميض المتلألىء , الذي يبدو كقوس قزح عندما ينعكس عليها الضوء , أن مصدر العجب الدائم لي أن حجرا خاما يمكن أن يحمل مثل هذا الشيء الباهر في داخله بأنتظار أن يكشف عنه أنسان , تعالي وأنظري ألى هذه!".
وفتح أحد الأدراج وضغط زرا كشف عن مكان صغير مستقل , وقال :
" مخابئي السرية أكثر أمانا من الخزانة التي تعلن عن نفسها ".
وأخرج حقيبة صغيرة وفتحها لتكشف عن حصاة صغيرة تميل ألى البياض يغلفها غشاء رقيق وقال :
" هل سمعت عن الماس الخام ؟".
وأبتسم ووضع الحصاة في يد توني , وواصل :
"هذه هي!".
وأدارت الحصاة بين السبابة والأبهام في رقة وفي نقطة منها كان الغشاء الرقيق قد تآكل , وأخذت هذه النقطة تلمع كأنما الضوء حبيس داخل الحجر .
وقال بنيامين :
" هذه الماسة من نوع ممتاز وتكاد تكون نقية تماما أشتريتها منذ زمن بعيد كهدية لحفيدتي في عيد ميلاد طفلها الأول وكنت أحدث نفسي أنه سيكون لي حفيد عظيم أو حفيدة تحمل مسؤولية الحفاظ على تجارة الأسرة يوما ما , ولكن......لم يتحقق........".
وتنهد في عمق , وقال :
" وهكذا ظل هنا منذ ذلك الوقت ينتظر أن يفرج عن جماله , وقد تقولين أنني رجل عجوز خيالي.......".
وهزت توني رأسها أذ تأثرت بقصته وهو يعيد الماسة بأعزاز ألى مخبأها .
وواصل يقول :
" أحيانا أفكر في ملايين السنين التي عملت الطبيعة فيها عملها في الصخور لتعطينا في النهاية حجرا كريما مثل هذا........".
منتديات ليلاس
ومضى في تأمله :
" الأستمرار...... الطريقة التي تمضي بها الحياة , تجدد نفسها بأستمرار ويحدث الشيء نفسه في الأسرة , ويمكن للأنسان أن يتخيّل كل تلك الدهور من الزمن , والتخيل متعة ! والماس الذي يصنعه الأنسان لا يمكن أن يصل ألى مرتبة تجعل منه بديلا مهما كان جميلا ".
وسألته توني:
"ولكنك لا تستطيع أن تصنع ماسا ؟ أقصد ماسا طبيعيا ؟".
" من الممكن عمل عينات صغيرة , نعم ,وتصنع بالطريقة نفسها التي تصنعها بها الطبيعة من الكربون النقي مع الأسراع بالعملية مليون مرة , ومع ذلك فهناك عقبة تقف في طريق صنع الماس من أي حجم , وهذه العقبة هي الحرارة الشديدة المطلوبة والضغط ......هل أضجرك الحديث يا أنطونيا ؟".
" لا , على الأطلاق , أرجوك أن تستمر !".
|