كاتب الموضوع :
اماريج
المنتدى :
روايات عبير المكتوبة
أنزلق الصحن من يدها وفسرت لبلانش بهمسة مذعورة وهي تتناول المنشفة منها لتجفف يديها:
" أنه رورك! لقد وصل الآن!".
فقالت بلانش مقطبة:
" حسبتك قلت أنك ستلاقينه في الحادية عشرة".
فردت لها المنشفة قبل أن تجف يداها تماما وأجابت:
" هذا ما أفهمته أياه ولا أدري لماذا جاء الآن ... يجب أن أمنعه من الدخول قبل أن يراه أبي!".
منتديات ليلاس
لكنها ما كادت تتحرك خطوتين من مكانها حتى رن الجرس وكان ريتشارد كالدويل قد وصل الباب الأمامي وفي الوقت الذي بلغت فيه تيشا عتبة المطبخ, توقفت حيث هي وأستعدت للهرب حالما شاهدت الطريقة الهادئة والودودة , التي رحب الرجلان بها بعضهما ببعض...
أحست بقلبها يترك صدرها ويختبىء في مكان ما من حلقها وهو يخفق بجنون لمرأى الرجل الطويل الرصين يبادل أباها عبارات المجاملة والتودد
ثم سمعته يقول بصوت متعطف:
" أرجو ألا يضايقك مجيئي في هذا الوقت".
وهنا نظر للحظة الى تيشا بعينيه اللامعتين وأردف:
" أردت التحدث الى أبنتك لبضع دقائق, فهل تسمح بأن أراها على أنفراد؟".
فلاحق ريتشارد نظرته الى حيث تقف تيشا وأجابه وفي عمق عينيه أنتصار متلألىء:
" لا مانع لدي".
فسأله رورك بتهذيب جم أحسته تيشا ينخر أعصابها المتقلصة:
" هل أجلس وأياها في أستديو بلانش؟".
" بكل تأكيد , تفضل".
لو لم تكن تيشا بحاجة ماسة الى التداول مع رورك لتضع حد لمشروع زواجها منه لكانت رفضت لحظتها أن تراه , لكن والحال هكذا فقد أضطرت الى التقدم معه داخل الأستديو.
وحالما أنغلق خلفهما صبّت عليه جام غضبها وقالت بصوت كفحيح الأفعى:
" طلبت اليك أن تلاقيني في الساعة الحادية عشرة".
فأجاب متشدقا ببرود:
" وهل ظننت أنني كنت سأوقع نفسي مجددا في ذلك الفخ؟ أن العاقل لا يلدغ من الجحر مرتين يا عزيزتي".
" أي فخ؟".
" لا شك أنها أقدم خدعة أنثوية على مر العصور وقد توقعت منك أن تبتكري خدعة أطرف منها يا حمراء".
" عن أي شيء تتكلم؟".
" أنني لأتساءل عن عدد الرجال الذين سبقوا الى مصيدة الزواج بسبب ليلة يقضونها مع فتاة, ليلة قد تكون بريئة تماما , وفي الصباح يظهر والدها على العتبة يهدد بالويل والثبور؟".
منتديات ليلاس
شهقت تيشا بأستياء أذ أدركت قصده , أنه يحسبها الرأس المدبر لكل ما حدث
فبادرت تقول:
" أنت تظن أنني ... أوه, لا يعقل أن تعتقد أنني خططت لهذا! أقسم لك انه ما خطر لي أطلاقا أن أي كان سيأتي اليوم لزيارتي , لقد أتى فجأة وبلا سابق أنذار , رورك , يجب أن تصدقني!".
تدحرجت العبارة الأخيرة على شفتيها بيأس وهي تقترب تلقائيا من قامته المهيبة وتناشده التفهم بحدقتين متسعتين.
فتوجهت مقلتاه ببريق ساخر
قال بهدوء:
" يا فتاتي العزيزة, لو خطر لي للحظة واحدة أنك أنت التي دبرت هذه اللعبة لكنت لويت عنقك".
تجمدت لبرهة أذ عجزت عن التصديق بأن أتهامه كان مجرد مزاح , ثم رأت شبح أبتسامة ضحكة مكتومة تتوهج في عينيه فتملكها الغضب وقالت وهي تضرب الأرض بقدميها بعصبية طفولية:
" هذا ليس وقتا مناسبا للمزاح!".
فغمغم يسترضيها بصوت رقيق:
" أردت فقط أن أرى كيف سيبدو الأمر من وجهة نظري".
فأتهمته قائلة:
" فعلت ذلك عن عمد وتقصدت أيضا أن تتجاهلني حين طلبت اليك أن تلاقيني في الساعة الحادية عشرة".
" لو أنني ألتقيتك في هذا الموعد حسب طلبك وفي أحد الزوايا المظلمة , ولو أن أباك رآنا معا , فأي تصور رهيب كان سيقفز الى ذهنه وأية مبادرة كان سيتخذ لمعالجة الموقف؟ الأستنتاج أياه الذي توصل اليه هذا الصباح وبالتالي الأسراع في أتمام الزواج".
أشاحت تيشا عنه لعجزها عن مواجهة نظرته الحادة الثاقبة , كلامه ينطوي على حقائق أكيدة لا يسعها تجاهلها بأي حال...
وتابع رورك يقول:
" لكن بمجيئي الى البيت وبمراعاة التصرفات المكشوفة الخالية من الشوائب فقد يقتنع من تلقاء نفسه بأننا موضع ثقته".
" وأي فائدة ستجنيها من جعله يثق بنا, ما دمنا عاجزين عن أقناعه بتغيير رأيه حول فكرة الزواج السخيفة هذه؟".
" من الصعب أن تتوقعي من رجل عنيد كوالدك أن يغير رأيه بين ليلة وضحاها , وعلينا أن نسعى الى أقناعه بالتدريج".
فغمغمت بمرارة:
" بكلمات أخرى , علينا أن ننتظر حدوث عدة معجزات صغيرة بدلا من أنتظار واحدة كبيرة".
" شيء من هذا القبيل".
فشمخت برأسها وهتفت تتحداه بسؤال عريض:
" وكيف تنوي الشروع في أقناعه ؟ هل ستأتي له بزوجة من تحت الأرض لتقنعه بأنك سترتكب جريمة تعدد الزوجات أذا تزوجتني الآن؟".
فأبتسم بجفاف وأجاب:
" هذه فكرة متطرفة , لقد خطر لي أننا قد نقنعه بتمديد فترة الخطوبة من بضعة أيام الى بضعة أشهر وهذا أقرب الى المنطق بالنسبة اليه".
منتديات ليلاس
فحللت تيشا فكرته بقولها:
" وفي خلال هذه الأشهر القليلة , سيرى بنفسه أننا غير متكافئين بتاتا وحيث يوافق على قرارنا بفسخ الخطوبة... لا , ثق أنه لن يوافق".
" ولم لا؟".
قطبت حاجبيها بأستنكار وردت:
" أنت لا تعرف أبي كما أعرفه , أنه عنيد متى تشبث بفكرة معينة لا يفلتها أطلاقا".
" أنا واثق من أنه سيفكر في سعادتك بالدرجة الأولى".
هزت رأسها واجمة وأجابت وهي تستند بتراخ على أحد الكراسي :
" أنا لست واثقة مثلك , فهو تخلى تماما عن كيفن وفضّلك زوجا لي لأعتقاده بأنك أقدر من كيفن على كبح جماحي".
أدارت وجهها صوبه ورأت في عينيه نظرة التلذذ التي أثارتها كلماته فأستشاطت غضبا وأعلنت بشراسة:
" أنت السبب في كل هذا البلاء , فلو لم تتآمر مع والدي على أخراجي من بيتك هذا الصباح , لما وقعنا في هذه الورطة المخيفة ,لماذا فسحت له المجال وجعلته يرغمك على الرضى بهذا الزواج؟".
|