حمل سؤاله تهديدا مبطنا , فيما هزت غايل رأسها نفيا , ألا أنها شعرت برعشة في ظهرها , لماذا تخطر على بالها الآن أسئلة موراغ الوقحة عن مخصصها.......؟ لقد أكدت غايل ( أنا أدخر).
أودعت غايل نقودها في علبة صغيرة موضوعة على طاولة الزينة من دون قفل وذلك لأن غايل لم تمر في تجربة تدفعها الى الشك بالآخرين , فهي قد عاشت أولا في منزل والديها , مع شقيقتها قبل أن تنتقل الى مسكن دنلوكري حيث تعرف أن الخدم جديرون بالثقة , وألا لما وظفهم آندرو , وما كادوا يفرغون من العشاء
حتى أسرعت غايل بالصعود الى حجرتها , وفتحت العلبة , فارغة , لقد كانت تحوي أكثر من مئة جنيه , أي يحمل مخصصها لهذا الشهر علاوة على مدخراتها من مرتبات الشهور السابقة .
" لو كنت أملك بعض المال , لسافرت ".
هدرت كلمات موراغ في مسامع غايل , هل سافرت موراغ مع صديق شاب كما فعلت من قبل.... ولم تخجل من سرقة النقود لهذا الهدف ؟ ماذا ينبغي أن تفعل؟ وقفت غايل مرتجفة وهي تحدق في العلبة الفارغة وقد تملكتها الحيرة والشك فيما وبخت نفسها لتركها المال هنا , وقد زادت بذلك من تعرض موراغ للتجربة .
لم يطل ضياعها , فأذا كانت موراغ قد سافرت , فأنه ليس بوسع غايل القيام بأي شيء الآن لجهلها بمكان الفتاة وهدفها , كما لا يمكن ربح شيء من أطلاع آندرو على السرقة وتعريضه لمزيد من الهوان , بالقول أن موراغ سلبت أموال زوجته , أن أنقاذ كبرياء زوجها أهم بكثير من خسارة أموالها.
فسدت السهرة كما كان متوقعا , فمر الوقت بطيئا أزاء صمت آندرو وحاولت غايل مرتين أن تفتح مجالا للحديث , فكان يجيبها زوجا بأقتضاب وحدة , لكن المرح عاد يلف البيت مع مرور الأيام , وتصرف الجميع بمن فيهم آندرو بصورة مختلفة أثناء غياب موراغ , وكانت غايل تتمنى لو تكبر موراغ وتتزوج لولا خوفها وقلقها على الرجل المسكين الذي سيصبح زوجا لتلك الفتاة.
لم يذهب الصغيران الى المدرسة يوم الأربعاء بأعتباره عطلة , ولما كانا مصابين بزكام خفيف , لم تخرج بهما غايل للنزهة , فعلى رغم صحو الجو ,فأن الهواء قارس وبارد , وقد لف الضباب رؤوس الجبال وأزدادت رطوبة الأرض أثر الأمطار التي هطلت مؤخرا.
وعلمت السيدة دافيز أن اليوم عطلة , فحضرت بعد الغداء لأصطحاب الصغيرين الى منزلها , ووعدت بأعادتهما بعد تناول الشاي , فقالت غايل وهي تتساءل عن مدى سلطتها في هذا الأمر:
" لم أشأ أن يخرجا , فهما مصابان بالزكام , وأريد أن أدفئهما".
كانت غايل تلعب الورق مع الصغيرين قرب النار , ولم تخطىء أذ لمحت خيبة الأمل على وجهيهما عند سماعهما أقتراح خروجهما مع جدتهما .
تطلعت السيدة دافيز الى غايل بغرور , وظلت مرتدية معطفها بعد أن رفضت عرض غايل بمساعدتها على خلعه , ثم صاحت:
" لن يصيبهما ضير في السيارة , هلما بأرتداء معطفيكما يا روبي وشنا".
منتدى ليلاس
" البرد شديد يا سيدة دافيز......".
" أريد أن أتنزه مع ولدي أبنتي , فأرجو أن تعديهما للخروج".
عندئذ أعلن روبي بخشونة غير مألوفة:
" لا أريد الخروج , فنحن وماما نلعب ونمرح".
أيدته شنا وقد جلست على كرسيها براحة تتفحص الورق في يدها:
" ولا أنا أريد الذهاب".
أحمر وجه السيدة العجوز :
" ما هذه الوقاحة ؟ يجب أن أحدث آندرو في الأمر , من الواضح أنك لا تفعلين ما يجب فعله وما تتقاضين عليه أجرا".
" أتقاضى عليه أجرا يا سيدة دافيز ؟ هذا قول غريب يقال لزوجة".
" لن تجديك وقاحتك نفعا معي , قد تكونين زوجة آندرو , ألا أنك لست في الواقع أكثر من أجيرة تزوجها آندرو لغرض الأعتناء بأولاد أبنتي".
ثم وجّهت المرأة أوامرها وهي تستدير نحو شنا:
" من فضلك أسرعي في تهيئتهما للخروج , وأنت يا شنا , أفعلي ما آمرك به , وأرتدي معطفك , وأنت أيضا يا روبي , فكلاكما ستخرجان معي".
قالت غايل مكرهة وهي تتجنب عيني روبي:
" أذا كان لا بد من أخذهما , فأنا لا أستطيع ممانعتك , ألا أنني أرجوك أن تدفئيهما لأن آندرو سينزعج كثيرا أن هما مرضا".