الشاعر : ابو الطيب المتنبي
امن ازديادك

أمِنَ ازْدِيارَكِ في الدُّجـى iiالرُّقَبَـاءُ
إذْ حَيثُ كنتِ مِـنَ الظّـلامِ ضِيـاءُ
قَلَقُ المَليحَةِ وِهْـيَ مِسْـكٌ iiهَتكُهـا
ومَسيرُها في اللّيـلِ وهـيَ ذُكـاءُ
أسَفي على أسَفـي الـذي iiدَلّهْتِنـي
عَـنْ عِلْمِـهِ فَبِـهِ عَلـيّ iiخَـفَـاءُ
وَشَكِيّتـي فَقْـدُ السّـقـامِ iiلأنّــهُ
قَدْ كـانَ لمّـا كـانَ لـي iiأعضـاءُ
مَثّلْتِ عَيْنَكِ فـي حَشـايَ iiجِراحَـةً
فتَشابَـهـا كِلْتاهُـمـا iiنَـجْــلاءُ
نَفَـذَتْ عَلَـيّ السّابِـرِيَّ iiورُبّـمـا
تَنْـدَقّ فيـهِ الصَّعـدَةُ iiالسّـمْـراءُ
أنا صَخْرَةُ الوادي إذا مـا iiزُوحمَـتْ
وإذا نَطَقْـتُ فإنّـنـي iiالـجَـوْزاءُ
وإذا خَفِيـتُ علـى الغَبـيّ iiفَعَـاذِرٌ
أنْ لا تَـرانـي مُقْـلَـةٌ عَمْـيَـاءُ
شِيَـمُ اللّيالـي أنْ تُشكِّـكَ iiناقَتـي
صَـدْري بهـا أفضَـى أمِ iiالبَيـداءُ
فَتَبيتُ تُسْئِـدُ مُسْئِـداً فـي iiنَيّهـا
إسْآدَهـا فـي المَهْمَـهِ الإنْـضـاءُ
بَيْنـي وبَيـنَ أبـي علـيٍّ مِثْلُـهُ
شُـمُّ الجِبـالِ ومِثْلُهـنّ iiرَجــاءُ
وعِقـابُ لُبنـانٍ وكيـفَ بقَطْعِهـا
وهُـوَ الشّتـاءُ وصَيفُهُـنّ شِتـاءُ
لَبَسَ الثُّلُوجُ بهـا عَلـيّ iiمَسَالِكـي
فَكَأنّـهـا بِبيَاضِـهـا iiسَـــوْداءُ
وكَـذا الكَريـمُ إذا أقـامَ iiببَـلْـدَةٍ
سَالَ النُّضـارُ بهـا وقـامَ iiالمـاءُ
جَمَدَ القِطارُ ولَوْ رَأتْـهُ كمَـا iiتَـرَى
بُهِتَـتْ فَلَـمْ تَتَبَجّـسِ iiالأنْــواءُ
في خَطّهِ مـن كـلّ قَلـبٍ iiشَهْـوَةٌ
حتـى كــأنّ مِــدادَهُ الأهْــواءُ
ولكُـلّ عَيْـنٍ قُـرّةٌ فـي قُـرْبِـهِ
حتـى كــأنّ مَغيـبَـهُ iiالأقْــذاءُ
مَنْ يَهتَدي في الفِعْلِ مـا لا تَهْتَـدي
في القَوْلِ حتـى يَفعَـلَ iiالشّعـراءُ
فـي كـلّ يَـوْمٍ للقَوافـي iiجَوْلَـةٌ
فـي قَلْـبِـهِ ولأُذْنِــهِ iiإصْـغَـاءُ
وإغارَةٌ فـي مـا احْتَـواهُ iiكأنّمَـا
فـي كُـلّ بَيْـتٍ فَيْلَـقٌ iiشَهْـبَـاءُ
مَنْ يَظلِـمُ اللّؤمـاءَ فـي تَكليفِهِـمْ
أنْ يُصْبِحُـوا وَهُـمُ لَـهُ iiأكْـفـاءُ
ونَذيمُهُـمْ وبهِـمْ عَرَفْنَـا iiفَضْلَـهُ
وبِضِـدّهـا تَتَبَـيّـنُ iiالأشْـيــاءُ
مَنْ نَفْعُـهُ فـي أنْ يُهـاجَ وضَـرُّهُ
فـي تَرْكِـهِ لَـوْ تَفْطَـنُ iiالأعـداءُ
فالسّلمُ يَكسِرُ مـن جَناحَـيْ iiمالـهِ
بنَوالِـهِ مـا تَجْـبُـرُ iiالهَيْـجـاءُ
يُعطي فتُعطَى من لُهَى يـدِهِ iiاللُّهَـى
وتُـرَى بِـرُؤيَـةِ رَأيِــهِ iiالآراءُ
مُتَفَرّقُ الطّعْمَيـنِ مُجْتَمـعُ iiالقُـوَى
فكـأنّـهُ الـسّـرّاءُ والـضّــرّاءُ
وكأنّـهُ مـا لا تَـشـاءُ iiعُـداتُـهُ
مُتَمَثّـلاً لوُفُـودِهِ مــا iiشَــاؤوا
يا أيّهَـا المُجـدَى علَيْـهِ iiرُوحُـهُ
إذْ لَيـسَ يأتيـهِ لهـا iiاسْتِـجـداءُ
إحْمَـدْ عُفاتَـكَ لا فُجِعْـتَ iiبفَقدِهـم
فَلَتَـرْكُ مـا لـم يأخُـذوا iiإعْطـاءُ
لا تَكْثُـرُ الأمـواتُ كَـثـرَةَ قِـلّـةٍ
إلاّ إذا شَقِـيَـتْ بــكَ الأحْـيـاءُ
والقَلْـبُ لا يَنْشَـقّ عَمّـا iiتَحْـتَـهُ
حتـى تَحِـلّ بـهِ لَـكَ iiالشّحْنـاءُ
لمْ تُسْمَ يـا هَـرُونُ إلاّ بَعدَمَـا iiاقْ
تَرَعَتْ ونازَعـتِ اسمَـكَ iiالأسمـاءُ
فغَدَوْتَ واسمُكَ فيكَ غيـرُ iiمُشـارِكٍ
والنّاسُ في ما فـي يَدَيْـكَ iiسَـواءُ
لَعَمَمْتَ حتـى المُـدْنُ منـكَ iiمِـلاءُ
ولَفُـتَّ حتـى ذا الثّـنـاءُ iiلَـفَـاءُ
ولجُدْتَ حتى كِـدْتَ تَبخَـلُ iiحائِـلاً
للمُنْتَهَـى ومـنَ السّـرورِ iiبُكـاءُ
أبْدَأتَ شَيئـاً ليـسَ يُعـرَفُ بَـدْؤهُ
وأعَـدْتَ حتـى أُنْـكِـرَ iiالإبْــداءُ
فالفَخْرُ عَن تَقصِيـرِهِ بـكَ iiناكِـبٌ
والمَجْـدُ مِـنْ أنْ يُسْتَـزادَ iiبَـراءُ
فـإذا سُئِلْـتَ فَـلا لأنّـكَ مُحـوِجٌ
وإذا كُتِمـتَ وشَــتْ بــكَ iiالآلاءُ
وإذا مُدِحـتَ فـلا لتَكسِـبَ رِفْعَـةً
للشّاكِريـنَ علـى الإلــهِ iiثَـنَـاءُ
وإذا مُطِـرْتَ فَـلا لأنّـكَ iiمُـجْـدِبٌ
يُسْقَى الخَصِيـبُ ويُمْطَـرُ iiالدّأمَـاءُ
لم تَحْـكِ نائِلَـكَ السّحـابُ iiوإنّمـا
حُمّـتْ بـهِ فَصَبيبُهـا iiالرُّحَضـاءُ
لم تَلْقَ هَذا الوَجْهَ شَمـسُ نَهارِنَـا
إلاّ بوَجْـهٍ لَيـسَ فـيـهِ حَـيَـاءُ
فَبِأيّمـا قَـدَمٍ سَعَيْـتَ إلـى العُلَـى
أُدُمُ الهِـلالِ لأخمَصَـيـكَ iiحِــذاءُ
ولَكَ الزّمانُ مِـنَ الزّمـانِ iiوِقايَـةٌ
ولَكَ الحِمـامُ مِـنَ الحِمـامِ iiفِـداءُ
لوْ لم تكنْ من ذا الوَرَى اللّذْ منك هُوْ
عَقِمَـتْ بمَوْلِـدِ نَسْلِهـا iiحَــوّاءُ

الشاعر : ابو الطيب المتنبي
واحر قلباه

وَاحَـــرَّ قَـلـبـاهُ مِـمَّــن قَـلْـبُــهُ iiشَــبِــمُ ومَـن بِجِسمـي وَحالـي عِـنْـدَه ُ iiسَـقَـمُ
مـا لـي أُكَتِّـمُ حُبّـاً قــد بَــرَى iiجَـسَـدي وتَـدَّعِـي حُــبَّ سَـيـفِ الـدَولـةِ iiالأُمَــمُ
إِنْ كــــانَ يَجـمَـعُـنـا حُــــبٌّ iiلِـغُــرَّتِــهِ فَلَـيـت َ أَنَّــا بِـقَــدْرِ الـحُــب ِّ iiنَقـتَـسِـمُ
قــد زُرتُــه وسُـيُـوفُ الهِـنـدِ iiمُـغـمَـدةٌ وقــد نَـظَـرتُ إلـيــه ِ والـسُـيُـوف ُ iiدَمُ
وَكـــانَ أَحــسَــنَ خَــلــقِ الله iiكُـلِّـهِــمِ وكانَ أَحْسَنَ ما فـي ا لأَحسَـنِ iiالشِيَـمُ
فَــوتُ الـعَــدُوِّ الِّـــذي يَمَّـمْـتَـهُ iiظَـفَــرٌ فــي طَـيِّـهِ أَسَــفٌ فـــي طَـيِّــه ِ iiنِـعَــمُ
قد نابَ عنكَ شَدِيدُ الخَوفِ واصطَنَعَتْ لَــكَ المَهـابـةُ مــا لا تَـصْـنـعُ iiالـبُـهَـمُ
أَلزَمْـتَ نَفْـسَـكَ شَيْـئـاً لَـيـسَ يَلْزَمُـهـا أَنْ لا يُـوارِيَــهُــم أرض ٌ ولا iiعَـــلَـــمُ
أَكلـمـا رُمــتَ جَيـشـاً فانـثَـنَـى iiهَـرَبــاً تَصَـرَّفَـتْ بِـــك َ فـــي آثـــارِهِ الـهِـمَـمُ
عـلَـيـكَ هَـزمُـهُـمُ فـــي كُـــلِّ مُـعْـتَـرَكٍ ومـا عَلَـيـكَ بِـهِـمْ عــارٌ إِذا iiانهَـزَمـوا
أَمـا تَـرَى ظَـفَـراً حُـلـواً سِــوَى iiظَـفَـرٍ تَصافَحَـت ْفيـهِ بيـض ُ الهِنْـدِ iiوالِلـمَـمُ
يــا أَعــدَلَ الـنـاسِ إِلاَّ فــي iiمُعامَلَـتـي فيـكَ الخِصـامُ وأَنـتَ الخَصْـمُ iiوالحَكَـمُ
أُعِـيـذُهــا نَــظَــراتٍ مِــنْــكَ iiصــادِقَــةً أَنْ تَحْسَبَ الشَحـمَ فيمَـن شَحْمُـهُ iiوَرَمُ
ومــا انتِـفـاعُ أَخــي الـدُنـيـا بِـنـاظـرِهِ إِذا اسـتَـوَتْ عِـنـدَهُ الأَنــوار ُ والظُـلَـمُ
سَيَعْلَـمُ الجَـمْـعُ مِـمَّـن ضَــمَّ iiمَجْلِسُـنـا بِأنَّـنـي خَـيْـرُ مَــن تَسْـعَـى بِــهِ iiقـــدَمُ
أَنـا الَّــذي نَـظَـرَ الأَعـمَـى إلــى أَدَبــي وأَسمَـعَـتْ كَلِمـاتـي مَــن بِــهِ iiصَـمَــمُ
أَنــامُ مِــلءَ جُفُـوفـي عــن iiشَـوارِدِهـا ويَسْـهَـرُ الخَـلْـق ُ جَـرَّاهـا ويَخـتَـصِـمُ
وَجَـاهِـلٍ مَــدَّهُ فــي جَـهـلِـهِ iiضَـحِـكِـي حَـتَّــى أَتَـتْــهُ يَــــد ٌ فَــرَّاســة ٌ وفَــــمُ
إِذا رَأيـــتَ نُــيُــوبَ الـلّـيــثِ iiبــــارِزَةً فَــــلا تَـظُـنَّــنَ أَنَّ الـلَــيــثَ iiيَـبْـتَـسِــمُ
ومُهجـةٍ مُهجتـي مِــن هَــمِّ صاحِبِـهـا أَدرَكْـتُـهــا بِــجَــوادٍ ظَــهْــرُه ُ iiحَــــرَمُ
رِجلاهُ في الرَكـضِ رِجْـلٌ واليَـدانِ iiيَـدٌ وفِعْـلُـه ُ مـــا تُـريــدُ الـكَــفُّ iiوالـقَــدَمُ
ومُرهَـفٍ سِـرتُ بَيـنَ الجَحْفَلَـيـنِ iiبِــهِ حتَّـى ضَرَبْـتُ ومَـوجُ المَـوتِ iiيَلْتَـطِـمُ
الـخَـيْـلُ والـلّـيـلُ والـبَـيـداءُ تَعـرِفُـنـي والسَيفُ والرُمْـحُ والقِرطـاسُ iiوالقَلَـمُ
صَحِبتُ في الفَلَـواتِ الوَحـشَ iiمُنْفَـرِداً حـتَّـى تَعَـجَّـبَ مـنَّـي الـقُــورُ والأَكَـــمُ
يــا مَـــن يَـعِــزُّ عَلَـيـنـا أن iiنُفـارِقَـهـم وَجدانـنـا كُــلَّ شَـــيءٍ بَـعـدَكُـمْ iiعَـــدَمُ
مـــا كـــانَ أَخلَـقَـنـا مِـنـكُـم iiبِتَـكـرِمـة لَـــو أَن أَمـرَكُــمُ مِـــن أَمــرِنــا أَمَــــمُ
إِن كــانَ سَـرَّكُـمُ مــا قـــالَ iiحـاسِـدُنـا فَــمــا لِــجُــرْحٍ إِذا أَرضــاكُـــمُ iiأَلَـــــمُ
وبَيـنَـنـا لَــــو رَعَـيْـتُــمْ ذاكَ مَـعـرِفــةٌ إِنَّ المَعـارِفَ فــي أَهــلِ النُـهَـى iiذِمَــمُ
كَــم تَطلُـبُـونَ لَـنـا عَـيـبـاً iiفيُعـجِـزُكـم ويَـكــرَهُ الله مــــا تــأْتُــونَ iiوالــكَــرَمُ
ما أَبعَدَ العَيْبَ والنُقصـانَ مـن iiشَرَفـي أَنــا الـثُـرَيَّـا وَذانِ الـشَـيـبُ iiوالـهَــرَمُ
لَيـتَ الغَمـامَ الـذي عِـنـدِي iiصَواعِـقُـهُ يُزِيـلُـهُـنَّ إلـــى مَـــن عِـنــدَه iiالــدِيَــمُ
أَرَى الـنَـوَى يَقْتَضِيـنـي كُــلَّ iiمَرْحَـلـةٍ لا تَسـتَـقِـلُّ بِـهــا الـوَخَّــادةُ iiالــرُسُــمُ
لَـئِـن تَـرَكْـنَ ضُمَـيـراً عـــن مَيامِـنِـنـا لَـيَـحْـدُثَـنَّ لِــمَـــنْ ودَّعْـتُــهُــمْ iiنَـــــدَمُ
إذا تَرَحَّـلْـتَ عــن قَــومٍ وقــد iiقَـــدَروا أَن لا تُـفـارِقَـهـم فـالـراحِـلُــونَ هُـــــمُ
شَــرُّ الـبِـلادِ مَـكــانٌ لا صَـديــقَ iiبـــهِ وشَـرُّ مـا يَكْسِـبُ الإِنسـانُ مــا يَـصِـمُ
وشَــرُّ مــا قَنَصَـتْـهُ راحَـتــي iiقَـنَــصٌ شُـهْـبُ الـبُـزاةِ سَــواءٌ فـيـهِ iiوالـرَخَـمُ
بــأَيَّ لَـفْــظٍ تَـقُــولُ الـشِـعْـرَ زِعْـنِـفـةٌ تـجُـوزْ عِـنــدَكَ لا عُـــرْبٌ وِلا iiعَـجَــمُ
هـــــذا عِــتــابــكَ إِلاَّ أَنَّــــــهُ iiمِـــقَـــةٌ قـــد ضُــمِّــنَ الــــدُرَّ إِلاَّ أَنَّــــهُ iiكَــلِــم
ُ

الشاعر : ابو الطيب المتنبي
أعانق الملوك

أطاعـن خيـلا فــي فوارسـهـا iiالـدهـر وحيـدا وماقولـي كـذا ومعـي iiالصـبـر
وأشـجـع مـنـي كــل يـــوم iiسـلامـتـي ومــا ثبـتـت إلا وفــي نفـسـهـا iiأمـــر
تـمـرسـت بـالآفــات حـتــى iiتركـتـهـا تقـول أمـات المـوت أم ذعــر iiالـذعـر
وأقـدمــت إقـــدام الأتـــي كـــأن iiلـــي سوى مهجتي أو كان لي عندها iiوتـر
ذر النفـس تأخـذ وسعهـا قبـل iiبينـهـا فمـفـتـرق جـــاران دارهـمــا iiالـعـمــر
ولا تحسـبـن الـمـجـد رزقـــا iiوقـيـنـة فما المجـد إلا السيـف والفتكـة البكـر
وتضريـب أعنـاق الملـوك وأن تــرى لك الهبوات السـود والعسكـر iiالمجـر
وتـركـك فـــي الـدنـيـا دويـــا iiكـأنـمـا تــداول سـمـع الـمـرء أنمـلـه العـشـر
عـلــي لأهـــل الـجــور كـــل طــمــرة عليهـا غــلام مــلء حيـزومـه iiغـمـر
يـديــر بـأطــراف الــرمــاح iiعـلـيـهـم كؤوس المنايا حيث لا تشتهي الخمر
ضــروب الـنــاس عـشــاق iiضـروبــا فــأعــذرهـــم أشــفـــهـــم حــبــيــبــا
ومــا سكـنـي ســوى قـتـل iiالأعـــادي فـهــل مـــن زورة تـشـفـي iiالـقـلـوبـا
تـظــل الـطـيـر مـنـهـا فـــي iiحــديــث تــــرد بــــه الـصـراصــر iiوالـنـعـيـبـا
وقــــد لـبـســت دمــاءهــم iiعـلـيـهــم حــــدادا لــــم تــشــق لــــه iiجـيـوبــا
أدمــنــا طـعـنـهـم والـقــتــل iiحــتـــى خلـطـنـا فــــي عـظـامـهـم iiالـكـعـوبـا
كـــــأن خـيـولـنــا كــانـــت iiقــديــمــا تـسـقــى فــــي قـحـوفـهـم iiالـحـلـيـبـا
فــمـــرت غــيـــر نــافـــرة iiعـلـيـهــم تـــدوس بـهــا الجـمـاجـم iiوالـتـريـبـا
مفـرشـي صـهـوة الـحـصـان iiولـكــن قـمـيـصـي مــســرودة مــــن iiحــديــد
أيــن فضـلـي إذا قنـعـت مــن الـدهــر بــعـــيـــش مـــعـــجـــل الـتــنــكــيــد
ضـاق صـدري وطـال طـلـب iiالــرزق قـيــامــي وقـــــل عــنـــه iiقـــعـــودي
أبـــــدا أقــطـــع الــبـــلاد ونــجــمــي فــي نـحـوس وهمـتـي فـــي iiسـعــود
عــش عـزيـزا أو مــت وأنــت كـريـم بـيـن طـعـن الـقـنـا وخـفــق iiالـبـنـود
فـــرؤوس الـرمــاح أذهـــب iiلـلـغـيـظ وأشــفــى لــغــل صـــــدر iiالـحــقــود
لا كـمــا قـــد حـيـيـت غـيــر iiحـمـيــد وإذا مـــــت مـــــت غـــيـــر iiفــقــيــد
فآطـلـب الـعـز فــي لـظـى ودع iiالــذل ولـــو كـــان فـــي جــنــان iiالـخـلــود
يقـتـل العـاجـز الجـبـان وقــد iiيـعـجـز عـــــن قــطـــع بـخــنــق iiالـمــولــود
ويوقـى الفتـى المخـش وقـد iiخــوض فــــــي مــــــاء لـــبـــة iiالـصــنــديــد
لا بقومـي شـرفـت بــل شـرفـوا iiبــي وبـنـفـســي فــخـــرت لا iiبــجـــدودي
وبهـم فـخـر كــل مــن نـطـق iiالـضـاد وعـــوذ الـجـانـي وغـــوث iiالـطـريــد
إن أكـــن معـجـبـا فـعـجـب iiعـجـيــب لــم يـجـد فــوق نفـسـه مـــن iiمـزيــد
أنـــا تـــرب الـنــدى ورب iiالـقـوافــي وسـمــام الـعــدى وغـيــظ iiالـحـسـود
أمـثــلــي تــأخـــذ الـنـكـبــات iiمــنـــه ويــجــزع مــــن مــلاقـــاة الـحــمــام
ولــو بـــرز الـزمــان إلـــي شـخـصـا لـخـضـب شـعــر مـفـرقـه iiحـسـامــي
ومــــا بـلـغــت مشيـئـتـهـا iiالـلـيـالـي ولا ســارت وفـــي يـدهــا iiالـزمـامـي
إذا آمـتــلأت عـيــون الـخـيـل iiمــنــي فــويـــل فـــــي الـتـيـقــظ iiوالـمــنــام
إذا غـامــرت فــــي شــــرف iiمــــروم فــــلا تـقـنــع بــمـــا دون iiالـنــجــوم
فـطـعـم الـمــوت فـــي أمـــر iiحـقـيــر كـطـعـم الـمــوت فـــي أمـــر iiعـظـيـم
يـــرى الجـبـنـاء أن الـعـجــز iiعــقــل وتــلــك خـديـعــة الـطــبــع iiالـلـئـيــم
وكــل شجـاعـة فـــي الـمــرء تـغـنـي ولا مـثــل الشـجـاعـه فـــي iiالحـكـيـم
وكــم مـــن عـائــب قـــولا iiصحـيـحـا وآفــتـــه مـــــن الـفــهــم iiالـسـقــيــم
ولـــكــــن تــــأخــــذ الآذان iiمــــنــــه عــلــى قــــدر الـقــرائــح iiوالـعــلــوم

أبو الطيب المتنبي
بدر وبحر

وفاؤكـمـا كالـربـع أشـجــاه iiطـاسـمـه بـأن تُسعـدا و الدمـع أشفـاه iiساجـمـه
و مــا أنــا إلا عـاشـق كـــل iiعـاشــق أعـــقُّ خلـيـلـيـه الصـفـيـيـن iiلائــمــه
و قــد يتـزيـا بـالـهـوى غـيــر iiأهـلــه ويستصحـب الإنسـان مـن لا iiيلائـمـه
بليـت بلـى الأطـلال إن لـم أقــف بـهـا وقوف شحيح غاب في الترب iiخاتمـه
كئيبـا توقـانـي الـعـواذل فــي الـهـوى كـمـا يتـوقـى ريــض الخـيـل iiحـازمـه
قفي تغرمي الأولى من اللحظ iiمهجتي بثانـيـة و المتـلـف الـشــيء غـارمــه
سـقـانــا و حـيـانــا بــــك الله iiإنــمـــا علـى العيـس نـور و الخـدور كمائمـه
و ما حاجة الأضعان حولك في iiالدجى إلــى قـمـر مـــا واجـــد لـــك عـادمــه
إذا ظـفــرت مـنــك الـعـيـون iiبـنـظــرة أثـاب بـهـا معـيـي المـطـي و iiرازمــه
حبـيـب كــأن الـحـسـن كـــان iiيـحـبـه فآثـره أو جــار فــي الحـسـن iiقاسـمـه
تـحـول رمــاح الـخـط دمـــن iiسـبـائـه و تسبـى لـه مــن كــل حــي iiكرائـمـه
و يضحي غبـار الخيـل أدنـى iiستـوره و آخـرهــا نـشــر الـكِـبـاء الـمـلازمـه
و مـا استغربـت عينـي فــراق iiرأيـتـه ولا علمتنـي غيـر مـا القـلـب iiعالـمـه
فـــلا يتهـمـنـي الكـاشـحـون iiفـإنـنــي رعيت الردى حتى حلـت لـي iiعلاقمـه
مُشِـبُّ الـذي يبـكـي الشـبـاب iiمُشِيـبُـهُ فـكـيــف تـوقـيــه و بـانـيــه iiهــادمــه
وتكمـلـة العـيـش الصـبـى و iiعقـيـبـه و غـائـب لــون العارضـيـن و قـادمـه
و مـا خضـب الـنـاس البـيـاض iiلأنــه قبيـح ولـكـن أحـسـن الشـعـر iiفاحـمـه
و أحـسـن مــن مــاء الشبـيـبـة iiكـلــه حيـا بــارق فــي مـفـازة أنــا iiشائـمـه
عليـهـا ريــاض لــم تَحُكْـهـا iiسحـابـة و أغـصـان دوح لــم تـغــن حمـائـمـه
و فــوق حـواشـي كــل ثــوب مـوجـه مــن الــدُّر سـمـط لــم يُثَقِّـبـه ناظـمـه
تــرى حـيـوان الـبـر مصطـلـحـا iiبـــه يـحــارب ضــــد ضــــده و iiيـسـالـمـه
إذا ضـربـتــه الــريــح مــــاج iiكــأنــه تـجـول مذاكـيـه و تـــدأى iiضـراغـمـه
و فـي صـورة الرمـي ذي التـاج iiذلــة لأبــلـــج لا تــيــجــان إلا iiعـمـائــمــه
تـقـبــل أفــــواه الـمــلــوك iiبـســاطــه ويـكـبــر عـنـهــا كُــمُّــهُ و iiبـراجـمــه
قيامـا لـمـن يشـفـي مــن الــداء iiكـيُّـه ومـن بيـن أذنـي كــل قَــرم iiمواسـمـه
قبـائـعـهـا تــحــت الـمـرافــق iiهـيـبــة و أنـفـذ مـمـا فــي الجـفـون iiعزائـمـه
لــه عسـكـرا خـيـل و طـيـر إذا iiرمــى بـهـا عسـكـرا لــم يـبـق إلا iiجماجـمـه
أجِلَّـتـهـا مــــن كــــل طــــاغ iiثـيـابــه و موطئـهـا مــن كــل بــاغ iiمـلاغـمـه
فقـد مـل ضـوء الصـبـح مـمـا iiتُغـيـره و مــل ســواد اللـيـل مـمــا iiتـزاحـمـه
و مــل القـنـى مـمــا تـــدق iiصـــدوره و مــل حـديـد الـهـنـد مـمــا iiتـلاطـمـه
سحـاب مـن العقبـان يـزحـف iiتحتـهـا سحاب إذا استسقت سقتهـا iiصوارمـه
سلكـت صـروف الـدهـر حـتـى iiلقيـتـه عـلـى ظـهـر عــزم مُئـيَـدات iiقـوائـمـه
مهالك لـم تصحـب بهـا الذيـب iiنفسـه و لاحمـلـت فـيـهـا الـغــراب iiقـوائـمـه
فأبصـرت بــدرا لايــرى الـبـدر iiمثـلـه و خاطبت بحـرا لايـرى العِبـر iiعائمـه
غـضـبـت لـــه لـمــا رأيـــت iiصـفـاتـه بلا واصف و الشعـر تهـذي iiطماطمـه
و كـنــت إذا يـمـمـت أرضـــا iiبـعـيــدة سريـت فكنـت السـر و اللـيـل iiكاتـمـه
لقـد سـل سيـف الدولـة المجـد iiمعلمـا فلا المجد مخفيـه و لا الضـرب ثالمـه
عـلـى عـاتـق المـلـك الأغـــر iiنـجــاده و فــي يــد جـبـار السـمـاوات iiقائـمـه
تـحـاربـه الأعـــداء و هــــي iiعـبـيــده و تـدخــر الأمـــوال وهـــي غـنـائـمـه
و يستكبـرون الدهـر و الـدهـر iiدونــه و يستعظمون الموت و الموت خادمه
و إن الــذي سـمــى عـلــي iiلمـنـصـف وإن الـــذي سـمــاه سـيـفـا iiلـظـالـمـه
و مـا كـل سـيـف يقـطـع الـهـام iiحــده و تقـطـع لَـزْبــات الـزمــان iiمـكـارمـه

ابو الطيب المتنبي
على قدر أهل العزم

علـى قـدر أهـل الـعـزم تـأتـي iiالعـزائـم وتـأتـي عـلـى قــدر الـكــرام الـمـكـارم
و تعظـم فـي عيـن الصغيـر iiصغـارهـا وتصغـر فــي عـيـن العظـيـم iiالعظـائـم
يكـلـف سـيـف الـدولــة الـيــوم iiهـمــه و قد عجزت عنه الجيـوش iiالخضـارم
و يطلـب عنـد النـاس مـا عنـد iiنفـسـه و ذلـــك مــــا لا تـدعـيــه iiالـضـراغــم
يـفـدي أتـــم الـطـيـر عـمــرا iiسـلاحــه نـسـور الـفـلا أحـداثـهـا و iiاالقـشـاعـم
و مــا ضـرهـا خـلـق بـغـيـر iiمـخـالـب وقــــد خـلـقــت أسـيـافــه و الـقـوائــم
هـل الـحـدث الحـمـراء تـعـرف iiلونـهـا و تـعــلــم أي الـسـاقـيـيـن iiاالـغـمـائــم
سقتـهـا الـغـمـام الـغــر قـبــل نـزولــه فلـمـا دنــا مـنـهـا سقـتـهـا iiالجـمـاجـم
بنـاهـا فاعـلـى و القـنـا يـقـرع iiالـقـنـا و مـــوج المـنـايـا حـولـهـا iiمـتـلاطــم
و كـان بهـا مـثـل الجـنـون فاصبـحـت ومــن جـثـث القتـلـى علـيـهـا iiتـمـائـم
طــريــدة دهــــر سـاقــهــا iiفـرددتــهــا علـى الديـن بالخطـي و الـدهـر iiراغــم
تفـيـت اللـيـالـي كـــل شـــيء اخـذتــه و هــن لـمــا يـأخــذن مـنــك iiغـــوارم
إذا كــان مــا تنـويـه فـعـلا iiمـضـارعـا مضـى قبـل ان تلـقـى علـيـه الـجـوازم
و كيف ترجى الروم و الفـرس هدمهـا و ذا الطـعـن آســاس لـهــا و iiدعـائــم
و قــد حاكـمـوهـا و المـنـايـا iiحـواكــم فـمـا مــات مظـلـوم ولا عــاش iiظـالـم
أتــــوك يــجــرون الـحــديــد iiكـأنــمــا ســـــروا بـجــيــاد مـالــهــن iiقــوائـــم
إذا برقـوا لــم تـعـرف البـيـض iiمنـهـم ثـيـابـهـم مــــن مـثـلـهـا و iiالـعـمـائــم
خـمـيـس بـشــرق الأرض و iiالــغــرب زحفـه و فـي أذن الجوزاءمنـه iiزمـازم
تـجـمَّـع فــيــه كــــل لِِــسْــنٍ و iiأمــــة فـمــا يُـفـهــم الــحــدَّاث إلا iiالـتـراجــم
فـلـلّــه وقــــت ذوب الــغـــش نـــــاره فـلــم يــبــق إلا صــــارم أو ضــبــارم
تقـطَّـع مــالا يـقـطـع الـدهــر و الـقـنـا و فـر مــن الفـرسـان مــن لا iiيـصـادم
وقفـت و مـا فـي المـوت شـك iiلواقـف كأنـك فـي جـفـن الــردى و هــو iiنـائـم
تـمـر بـــك الأبـطــال كـلـمـى iiهـزيـمـة و وجـهـك وضـــاح و ثـغــرك iiبـاســم
تجـاوزت مـقـدار الشجـاعـة و iiالنـهـى إلــى قــول قــوم انــت بالغـيـب iiعـالـم
ضممـت جناحيهـم علـى القلـب iiضمـة تـمـوت الخـوافـي تحتـهـا و iiالـقــوادم
بضرب اتى الهامـات و النصـر iiغائـب و صـار إلـى اللـبـات و النـصـر iiقــادم
حـقـرت الرديـنـيـات حـتــى iiطرحـتـهـا و حتـى كــأن السـيـف للـرمـح iiشـاتـم
و مــن طـلـب الفـتـح الجـلـيـل iiفـإنـمـا مفاتيحـه البـيـض الخـفـاف الـصـوارم
نـثـرتـهـم فـــــوق الأُحَــيـــدب iiكــلـــه كمـا نـثـرت فــوق الـعـروس iiالـدراهـم
تدوس بك الخيل الوكـور علـى iiالـذرى و قـد كثـرت حـول الـوكـور iiالمطـاعـم
تـظــن فـــراخ الـفـتـخ أنـــك iiزرتــهــا بأُمـاتـهـا وهـــي الـعـتــاق iiالــصــلادم
إذا زلـــقـــت مـشَّـيـتـهــا iiبـبـطـونـهــا كـمـا تتمـشـى فــي الصـعـيـد iiالأراقـــم
أفــي كــل يـــوم ذا الدُّمـسـتـق iiمـقــدم قـفــاه عـلــى الإقـــدام لـلـوجـه لائــــم
أيُـنـكـر ريـــح الـلـيـث حـتــى iiيَـذوقَــه وقــد عـرفـت ريــح اللـيـوث iiالبـهـائـم
و قــد فجعـتـه بابـنـه و ابــن iiصـهـره و بالصهـر حـمـلات الأمـيـر الغـواشـم
مضى يشكر الأصحاب في فوته الظُّبى لـمــا شغلـتـهـا هـامـهـم و iiالمـعـاصـم
و يـفـهـم صـــوت المشـرفـيـة فـيـهــم عـلـى أن أصــوات السـيـوف iiأعـاجــم
يُـسَـرُّ بـمـا أعـطــاك لا عـــن جـهـالـة و لـكـن مغـنـومـا نـجــا مـنــك iiغـانــم
و لــســت مـلـيـكـا هــازمــا iiلـنـظـيـره ولـكـنـك الـتـوحـيـد لـلـشــرك iiهــــازم
تــشــرّف عــدنــان بـــــه لا iiربـيــعــة و تفـتـخـر الـدنـيـا بـــه لا iiالـعـواصــم
لـك الحمـد فـي الـدر الـذي لــي لفـظـه فــإنـــك مـعـطـيــه و إنـــــي iiنـــاظـــم
و إني لتعدو بـي عطايـاك فـي iiالوغـى فـــلا انـــا مـذمــوم ولا انــــت iiنــــادم
عـلــى كـــل طــيــار إلـيـهــا iiبـرجـلــه إذا وقـعــت فـــي مسمـعـيـه الغـمـاغـم
ألا ايــه السـيـف الــذي لـيـس iiمغـمـدا و لا فـيـه مـرتـاب ولا مـنــه iiعـاصــم
هنيئـا لضـرب الهـام والمجـد و العلـى و راجـيــك و الإســـلام أنـــك iiســالــم
ولـم لا يقـي الرحمـن حديـك مـا وقــى و تفلـيـقـه هـــام الـعــدى بـــك iiدائـــم