لمشاكل التسجيل ودخول المنتدى يرجى مراسلتنا على الايميل liilasvb3@gmail.com






العودة   منتديات ليلاس > قسم الارشيف والمواضيع القديمة > الارشيف
التسجيل

بحث بشبكة ليلاس الثقافية

الارشيف يحتوي على مواضيع قديمة او مواضيع مكررة او محتوى روابط غير عاملة لقدمها


 
نسخ الرابط
نسخ للمنتديات
 
LinkBack أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
قديم 21-08-08, 08:24 PM   المشاركة رقم: 11
المعلومات
الكاتب:
اللقب:

البيانات
التسجيل: Feb 2007
العضوية: 23419
المشاركات: 16
الجنس أنثى
معدل التقييم: كريستل عضو بحاجه الى تحسين وضعه
نقاط التقييم: 10

االدولة
البلدKuwait
 
مدونتي

 

الإتصالات
الحالة:
كريستل غير متواجد حالياً
وسائل الإتصال:

كاتب الموضوع : كريستل المنتدى : الارشيف
افتراضي

 



الفصل الثالث : صفقة



توارى قرص الشمس الملتهب وراء الجبال، مُخلّفاً وراءه ظلاً أحمر قانياً امتد على طول شوارع بلدة (كليفليند)..


تلك البلدة الصغيرة الهادئة التي تقع على ساحل البحر في ايرلندا و يعيش سكانها على صيد الأسماك، و التي لا تعرف شيئاً عما يدور خارج حدودها.


فهي أشبه ببركة ماء راكدة لا يحرك سطحها شيء، و ما يحركها لا يدوم.




الوقت الآن هو وقت المغيب .. و اليوم هو يوم الأحد ...


يومٌ مقدسٌ بالنسبة لكل من ابتلّ بعرقه و تلظى جلده تحت قيظ شمس الصيف الحارقة.


اكتسب هذا اليوم أهميته العظيمة لكونه يوم العطلة الوحيد طوال الأسبوع، حيث ينتظره البحارة بفارغ الصبر حتى ينعموا فيه بلحظات ثمينة من الراحة و الاستجمام .


و مرادف كلمتيّ "راحة" و استجمام" في قاموس (روبرت أولدن) لا يختلف كثيراً عن زملائه من بحارة البلدة .


فقد حان الوقت إذن ليرتاح بعد أسبوع عمل طويل مضني...


و طبعاً لن يغطس في حوض ماء ساخن و هو يعبث بسيجار سميك بين أصابعه!


و لن يشرب النبيذ الفاخر و جسده المترهل ممدّد على فراشٍ من حرير أمام فتيات حسناوات يدلكنَ ظهره!


لا شيء من هذا أو ذاك من ترف الحياة الذي لم و لن يتذوقه أبداً ..


و إنما سيتوجه كعادته إلى مكانه المحبب، المكان الذي يتناول فيه طعامه و ينصت لأفكاره بحرية ليسمح لها بأن تسحبه معها إلى عالم أحلام اليقظة اللّذيذ ..


سيذهب إلى "مقهى العميان"! ...




* * ****




اجتاز "روبرت أولدن" باب المقهى الخشبي المُهلهل، الذي عُلّقت فوقه لوحة مستطيلة آيلة للسقوط، كُتب عليها اسم المقهى السخيف بأحرف كبيرة و خط غريب شبه ممسوح (نتيجة لذرات الغبار المتراكمة التي خلّفتها السنين).


مع مرور السنين نسي الزوار أو تناسوا اسم المقهى الأصلي و أطلقوا عليه لقب "مقهى العميان".


ذلك لكونه مقهىً صغيراً ضيقاً مزدحماً بالكراسي و جوّه معتم لا تنيره سوى إضاءة ضعيفة خافتة، فكان الناس– المغشية عيونهم من ضوء الشمس القوي في الخارج- يترنحون إذا دخوله و يصطدمون بالكراسي متلمسين طريقهم كالعميان!




هنا حيث قعقعة الكؤوس و رائحة الجعة و البُن الممزوجة بدخان السجائر ..


لكم أحب روبرت هذا المكان !



وزّعَ روبرت عبارات التحية و السلام على وجوهٍ عرفها من قريب أو بعيد خلال سنوات خدمته الطويلة في ميناء البلدة ..


ثم توجه إلى نهاية القاعة، حيث اقتعد كرسياً في بقعته المعتادة منذ أن حلّ زبوناً على هذا المقهى لأول مرة .


أشعلَ سيجارته بهدوء تام، و نفثَ من فمه بين الحين و الآخر دخاناً رمادياً ليتصاعد الهوينى و يمتزج بجو المكان.


- يا (وودي)، قدحاً من القهوة كالعادة..


- تحت أمرك يا أستاذ! ..


كان هذا نادل المقهى.. وودي، شاب مرح حلو المعشر عذب اللّسان في أوائل العشرينات من عمره..


لن تغفلَ – و أنت تنظر إليه - عينيه المتقدتين و حركاته الرشيقة البارعة و هو يقدم لك ما طلبتْ في أقصر وقت ممكن.



بعد أن ارتشفَ شيئاً من شرابه، لمحَ روبرت على بُعد أقدامٍ منه ولداً نحيلاً تكسو وجهه المُصفر ذرات الغبار و تتصبّب قطرات العرق من جبينه المَحْنِيّ .


كان الصبيّ يتجول جيئة و ذهاباً بين الموائد، عارضاً على الزبائن ما لديه من جرائد ورقية بعينين خانعتين رقيقتين و ابتسامة صغيرة واهنة تلمح فيها أقصى درجات الرجاء .


تنقلت عينا الصبيّ يميناً و يساراً بين رواد المقهى بحثاً عن زبائن ..


لمحَ أثناء ذلك رجلاً فارع الطول خمريّ البشرة، مربع الوجه ذو شارب كثيف، في الأربعينات من العمر، تبدوا عليه سيماء العسكرية، و يجلس وحيداً في بقعة بعيدة .


فبقيَ للحظات ينظر إليه بفضول ..


لاحظ روبرت نظرات الصبي الموجهة إليه .. فرفعَ يده ملوحاً، مرة و مرتان.. و في الثالثة فهم الصبيّ أنه المقصود فهرع يركض مُسرعاً ناحيته..


– أعطني واحدة يا ولدي..


- حاضر يا سيدي، لحظة.. هاهي ذي واحدة! .. تفضل.


نقدهُ الثمن زائداً بدرهم أو درهمين، و لما دفع له بالباقي امتنعَ روبرت بإشارة من رأسه ثم أشار للصبيّ بالانصراف..


فتهلّلت أساريره و أخذ يردّد بحرارة:


- شكراً يا سيدي.. شكراً جزيلاً لك!


ثم ابتعد و عاد يهتف:


- آخر الأخبار .. من يشتري؟ آخر الأخبار ..




* * *



عاد روبرت ليرتشف جرعات من القدح، ثم أخرج من جيبه نظارة دائرية سميكة و قام بإرخائها على مقدمة أنفه حتى ينهمك بقراءة جريدته، إلا أنه اضطر مرة أو مرتين بتقريبها من عينيه أكثر ..


فخلال العامين الماضيين أصابه ضعف شديد في بصره لدرجة أعاقت عمله في المراقبة اللّيلية في منارة البلدة.


و قد لعبتْ المصادفة وحدها دوراً في أن يتعرّف خلال أحد رحلاته البحرية على تاجر سلعٍ مسروقة أهداهُ نظارة لامعة حديثة الصنع ( كعربون شكر نظيرَ خدمة قدمها له روبرت ) .


لم يكن هذا النوع من النظارات الدائرية السميكة أمراً اعتاد الناس الفقراء رؤيته كل يوم في أوائل القرن الثامن عشر، أو على الأقل بالنسبة لسكان بلدة كليفليند شبه المنعزلة عن العالم الذي يقبع خارج حدودها.


لذلك قوبِلَتْ هدية روبرت بشيء كثير الفضول، و شيء يسير من الحسد من قِبَلِ أشخاص لم يحالفهم نفس الحظ .




تصفّحَ روبرت الجريدة بضجر مقتصراً على العناوين الرئيسية، و بينما كان يتسلى بتحريك السيجارة بين شفته الغليظتين و الحملقة بلا انتباه بين السطور، اجتاحه إحساسٌ غريب!!..




* * *



لا شك أن هذا الإحساس الكريه معروفٌ لدى الجميع في بلدةٍ صغيرة كهذه..


عندما تشعر و كأن حواسكَ قد اهتزّت فجأة و بطريقة غامضة، ذلك الإحساس الذي تتقلب فيه معدتك قلقاً و توتراً ...


الإحساس بأن قفاكَ أصبح هدفاً مباشراً لنظراتِ شخصٍ ما !


و هذا ما عكّر صفو روبرت و اضطربت بسببه أعصابه، فالتفتُّ إلى يساره - بحركة غريزية - و رأى أحدهم يُصوّب نظراته تجاهه من تحت حاجبين كثّين ..


رجلٌ قصير القامة أصلع الرأس و معقوف الأنف، يرتدي معطفاً خفيفاً بالياً قاتم اللّون، يجلس و قد أرخى ظهره في كرسيه في أمثل مشهدٍ للخمول و الكسل.



"ذلك الوقح! ما باله يحدّق بي هكذا ؟!"...


حاول روبرت جاهداً أن يتجاهله و أن يتظاهر بالاسترخاء و اللامبالاة، و لكن مواهبه التمثيلية الضحلة لم تخدع أحداً .


عاد إلى جريدته، و حشر وجهه بين صفحاتها الطويلة العريضة، رغبة منه أن يشغل نفسه بأي شيء ليطرد عنه هذا الإحساس السخيف بالتوتر ...


لكن سرعان ما وجد نفسه عاجزاً على أن يفقه كلمة واحدة مما يقرأ ! ..


فالكلمات المتناثرة بانتظام على صفحات الجريدة بدت له غير مفهومة – في خضم نوبة توتره المتصاعدة- بل و أصبح منظرها في تلك اللّحظة أشبه بخربشات دجاج!


مرت دقائق معدودة قبل أن يختلس نظرة أخرى ساخطة خلفه، ليلمح من جديد ذلك الرجل القصير الأصلع بعينيه الصغيرتين اللاذعتين المركزتان عليه ..


عينان جامدتان لا يُسبر غورهما .. بقيَ يشعر بنظرتهما الباردة تنزلق على ظهره، و تعبر فوق كتفيه حتى تخترق عموده الفقري كإبرتين حادتين!


"سحقاً لذلك اللّعين! .. ألا يزال يحدق بي؟! ماذا يريد مني؟؟ ... و ماذا الذي فعلته طوال حياتي البائسة حتى يتعقبني رجل يبدوا و كأنه من جواسيس البحرية الملكية"!!


تصاعدت موجة مكبوتة من الغضب المُستعر بأعماق روبرت و لعن نفسه في سره. فكيف لرجل عادي غبي المظهر أن يثير بداخله كل هذه الهواجس الحمقاء؟! و هو الرجل المربوع ضخم الجثة الذي عاش نصف عمره على سطح السفن عابراً المحيطات و مخترقاً أهوالها ..


بِيَدِ أن الرجل الأصلع لاحظ انتباه روبرت له فاكتفى بالابتسام و إطالة النظر إليه...


للصبر حدود كما يقولون .. و روبرت ، رغم صلابته و برودة أعصابه، ليس بشاذٍ عن هذه القاعدة المعروفة .


لهذا السبب انتصبَ من مقعده على الفور و أزاح كرسيه بهدوء إلى الخلف كإشارة تحذير متعمدة، ثم خطى نحو خصمه بثبات .



الغريب أن الرجل الأصلع لم تهتز له شعرة أو يرف له جفن، بل لمع بريقٌ ما في عينيه الغائرتين و اتسعت ابتسامته.


و الأغرب أن ابتسامته لم يكن فيها شيء من السخرية المبطنة أو الاستمتاع البغيض، بل بدت ودودة متلهفة كابتسامة ترحيبٍ بضيف انتظر قدومه طويلاً .


و ما أن أصبح "ضيفه" على بُعد خطواتٍ منه حتى أزاح له كرسياً على الطرف المقابل من المائدة ليجلس عليه.



وقف روبرت أمامه منتصباً و قد لمعت عيناه بغضبٍ عظيم مكبوت و انتفخت أوداجه كثورٍ على وشك الانقضاض على فريسته ..


_ هلاّ تفضلت بالجلوس يا سيدي؟


_ هلاّ أخبرتني ما قصتك يا هذا و أنت..


_ اجلس، اجلس من فضلك! أكاد أقسم أنني رأيتك من قبل..



حدجه روبرت بنظرة طويلة متفحّصة و قد خمدت فجأة جذوة غضبه، لعله صوت الرجل الذي بدت لهجته صادقة خالية من التملّق.


حزم أمره سريعاً فجلس على الطرف المقابل للمائدة حذراً دون أن تبرح عيناه وجه خصمه.


لاحظ روبرت فوراً أن الرجل يقبض بيده اليسرى صفحة ملفوفة من الجريدة.



_ الجرائد لا تُباع بكثرة في هذه البلدة، فقليلون من يجيدون القراءة و الكتابة هنا، أليس هذا مؤسفاً؟


حدّق به روبرت بنظرة حادة كشفرة سيف! بينما ابتسم له الرجل الغريب ابتسامة عريضة، فبدت أسنانه النخرة التي تفضح أعواماً قضاها بالتدخين بشراهة و الإدمان على شرب القهوة.


أراح الغريب كوعيه على المائدة و رفع ساعديه عاقداً أنامله تحت ذقنه، و تابع حديثه بعد لحظة صمت: "و لكن أين هو الأدب؟ نسيت أن أعرفك بنفسي، اسمي هو "كلايد" يا سيد.. آه! بماذا أناديك؟"


لفظ كلمته الأخيرة بطريقة غريبة غامضة أثارت التوجس و الريبة بأعماق روبرت، فـ"كلايد" هذا لم يسأله عن اسمه بل قال .. "بماذا أناديك؟"...


_ روبرت .. روبرت أولدن.


رفع كلايد حاجبيه مستغرباً و كأنه توقع اسماً آخر، تسائل روبرت إن كان يظنه شخصاً آخر .. رجلاً آخر شبّهه به، هذا يعني أن جلستهما اللّطيفة هذة ستنتهي قريباً .. لكن حتى هذا لم يبعث نفخة من الإرتياح بصدر روبرت.


لم ينتبه إلا عندما مدّ كلايد عنقه نحوه - حتى كاد وجهه يلتصق بوجه روبرت - ثم همس و عيناه تبرقان مكراً: أ هذا ما تسمي نفسك به الآن؟


جحظت عينا روبرت على اتساعهما و أحسّ بعموده الفقري يتصلّب و كأن ماءاً ثلجيّ البرودة قد صُبَّ على ظهره.


لقد صدق حدسه إذن!


و في لحظات عاد الغضب المُستعر يتصاعد بداخله كموجه عاتية ابتلعت خوفه و اضطرابه.


_ أعد ما قلته أيها اللّعين!



عاد كلايد و اعتدل في جلسته و رشف قهوته بإستمتاع غريب، كأنه يجد لذة ما في شعوره بمدى كراهية روبرت له في هذه اللّحظة.


_ أنصحك أن تخفض صوتك يا سيدي، فنحن في مكان عام مليء بالزوار كما تعلم.


التفت روبرت من حوله و قد فهم ما يرمي إليه كلايد، فهو عاجز عن أذيته الآن بوجود كل هؤلاء الشهود .. مما يمنح كلايد فرصة للحديث كما يحلو له، و ما داما في بقعة بعيدة منعزلة بعض الشيء عن بقية رواد المقهى فليس هناك خوف من أن يختلس أحدهم السمع على حديثهما.


عاد روبرت يحدّق بخصمه مكشّراً عن أنيابه و قد تكوّرت قبضتا يديه و هو يقاوم رغبة جامحة بقلب المائدة على وجه كلايد.


_ قل لي كيف ... بل ما الذي تريده بالضبط؟


لوّح كلايد بصفحة الجريدة التي قبض عليها بيده اليسرى قائلاً :"لنقل أن خبراً تافهاً ها هنا قد أنعش ذكرى قديمة بمخيلتي.."


انتزع روبرت صفحة الجريدة منه بخشونة واضحة ونظر في ما كتب فيها، فوجد تاريخ اليوم الموافق الثالث عشر من شهر مارس مع عدد من الأخبار التجارية العادية و بضعة أخبار محلية..


لم هناك شيء يثير الإهتمام سوى فقرة صغيرة كُتبت في أحد الإعلانات، فقرة حرص كلايد على تخطيطها بقلمه حتى يُمعن روبرت بقراءتها جيداً.


استغرق الأمر من روبرت ثوانٍ معدودة حتى يستوعب ما قرأه، فغر فاهُ و ترك فكّه السفلي يرتخي في ذهول .. و انتفض جسده كما لو أن شحنة كهربائية قد سَرَتْ خلاله!


رفع رأسه ببطء بعد دقيقة و جمع كل ذرة كره و بغض في كيانه و لفظ كلماته كمن يلفظ أحدٌ سمّاً من جوفه :


_ أتحاول ابتزازي أيها القذر؟!



لوّح كلايد براحة يده مبتسماً ابتسامة الأب الذي يستمع للغو طفله المشاغب سليط اللّسان :" لا يهم المصطلح الذي تستخدمه، سمّه ابتزازاً .. سمّه صفقة لقضاء مصالح متبادلة، لكن النتيجة في النهاية واحدة .. إنه عرض لا يمكنك رفضه!"


_ ... صفقة؟ أية صفقة؟!


_ كلانا مقامر بالفطرة يا صديقي! لا تقلق، فليست لي رغبة بإنتزاع المال من مراقب فنار محترم مثلك بالكاد يجمع ما يكفيه قوت يومه! لكن لو زلّ لساني فستخسر ما هو أعظم بكثير من وظيفتك المتواضعة...


_ قل ما عندك يا جبان دون أي تهديد رخيص!


_ تنفذّ لي أمراً واحداً مقابل المعلومات التي أملكها، أمراً واحداً فقط .. و بعدها يعود كل شيء كما كان و لن تراني أبداً .. نهاية سعيدة لكلينا!




******




كانت الدنيا قد خيّم عليها اللّيل بستاره الدامس عندما خرج روبرت من المقهى مترنحاً و كأن الأرض كلها من تحته تدور به.



ما الذي أقحم نفسه فيه؟؟؟



خرج كلايد بعده بلحظات و استدار نحو روبرت برأسه الأصلع الذي يلتمع في ضوء المصباح بمادة زيتية كريهة، غمز بطرف عينه مذّكراً له بإتفاقهما ثم لوّح بيده مودّعاً.


طرفت عينا روبرت في حيرة، كمن يفيق من حلم. و ظلّ يحدّق به حتى اختفى كلايد في حلكة الظلام و استحال خياله إلى نقطة سوداء صغيرة متحركة ابتلعها شارعٌ جانبي.




استفاق عقل روبرت الخَدِرْ من سباته و عادت الحياة إلى حواسه بعد دقائق حين اصطدم به جسم ما و وقع على الأرض.


كان رجلاً كهلاً خطّت التجاعيد نقوشها على جلده و شقّت طريقها بين مسامه، ضئيل الحجم هزيل القوام جاحظ العينين، شعره أشعت كث متسخ بالغبار، أسماله بالية ممزقة قد كلح لونها، و لو أذاب ما عليها من بقع دهنية و قاذورات فسيكفي ذلك لقلي سمكة!!


يرتدي حذاءً مهترئاً قد خرجت من فمه أصابع قدميه النحيفة، و حاملاً بيده فانوساً عتيقاً فظيع اللّون.


إنه الداعية العجوز "آرخام"!


ذلك المعتوه الذي يهيم في الشوارع بلا هدى مردّداً دعوات غريبة و يصبّ جام لعناته على أطفال الحي الذين اعتادوا على رشقه بالحجارة.


عرفه روبرت دون جهد يُذكر فمدّ له يده ليُساعده على النهوض..


أبعد آرخام يده و وقف بنفسه و لعابه يتناثر من فمه صائحاً بصوته الرخيم: "ترقب و ادع الله! ترقب و ادع الله! إن يوم الحساب على الأبواب!".


ثم قبض على يد روبرت بقوة رغم هزاله :" إنني أخاطبك أيها الشاب.. إن يوم الحساب لجد قريب".


ثم حمل فانوسه من الأرض و عاد يركض مبتعداً.



هزّ روبرت رأسه ببطء متأملاً الجهة التي ذهب منها آرخام :" ذلك العجوز المسكين! إنه أقرب مني ليوم الحساب".



و لكنه كان مخطئاً كما أثبتت الأحداث!!





نهاية الفصل الثالث



********

 
 

 

عرض البوم صور كريستل  
قديم 21-08-08, 11:36 PM   المشاركة رقم: 12
المعلومات
الكاتب:
jen
اللقب:
عضو راقي
ضحى ليلاس
الوصيفة الاولى لملكة جمال ليلاس


البيانات
التسجيل: Oct 2007
العضوية: 46967
المشاركات: 4,719
الجنس أنثى
معدل التقييم: jen عضو جوهرة التقييمjen عضو جوهرة التقييمjen عضو جوهرة التقييمjen عضو جوهرة التقييمjen عضو جوهرة التقييمjen عضو جوهرة التقييمjen عضو جوهرة التقييمjen عضو جوهرة التقييمjen عضو جوهرة التقييمjen عضو جوهرة التقييمjen عضو جوهرة التقييم
نقاط التقييم: 1999

االدولة
البلدEgypt
 
مدونتي

 

الإتصالات
الحالة:
jen غير متواجد حالياً
وسائل الإتصال:

كاتب الموضوع : كريستل المنتدى : الارشيف
افتراضي

 

ماذا سأقول عنكى بعد ايتها المبدعة!



اشكرك على ما خطته اناملك الذهبية
حقا..اسلوبك متميز جدا والوصف انتى ملكة متوجه على عرشه
اعجبتنى تعبيرات كثيرة جدا فى روايتك كما اعجبنى الغموض المنتشر فى قصتك الجميلة
حتى ااان000كل فصل له قصة وظهر به شخصيات مختلفة
يا ترى ما الرابط بين هؤلاء الشخصيات
ما الجديد مع اروما؟ وما حكاية الوافد الجديد ارثر؟
وما هى الصفقة التى تمت بين كلايد وروبرت ؟
احداث مشوقة ستكشفى انتى لنا عنها يا كريستل
على الرغم انن انتظر الفصل الرابع بشوق الا اننى اطلب منكى التمهل حتى يتابع الاعضاء روايتك من بدايتها
لكى منى كل الحب والمودة وبالتوفيق يا اختى العزيزة

 
 

 

عرض البوم صور jen  
قديم 22-08-08, 08:54 PM   المشاركة رقم: 13
المعلومات
الكاتب:
اللقب:
ليلاس متألق


البيانات
التسجيل: Mar 2007
العضوية: 26216
المشاركات: 965
الجنس أنثى
معدل التقييم: بوسي عضو على طريق التحسين
نقاط التقييم: 60

االدولة
البلدEgypt
 
مدونتي

 

الإتصالات
الحالة:
بوسي غير متواجد حالياً
وسائل الإتصال:

كاتب الموضوع : كريستل المنتدى : الارشيف
افتراضي

 




ما شاء الله لا قوه الا بالله

اقري علي نفسك....يا كريستل .....ليحسدوكي الناس


ايه الجمال والحلاوه...والأسلوب الرائع ...الي ما لقيتش مثله
حتي الأن......

بجد ....بجد ....قصه ....رائعه....وحبكتها أروع وأروع...

فكرتني بقصص ...رائعه ..لأجاثا كريستي....

ولكتاب عالمين ...كثير قرأت ليهم ...ولكني للأسف
مش متذكره الأسماء الأن....

أنتي عارفه .....انا قريت قصص كثير ...بس أنتي تميزت ..

بهبه ....أجاده الوصف....وخاصا ....ملامح الأشخاص

وتعبيرات وجوههم المتميزه...


قصه جميله جدا ....شدتني كل كلمه منها....كي أتابع تطوراتها

سلمت يمينك....اختي العزيزه.....

وادام الله عليكي نعمه الكتابه

المتميزه

كل التحيه والود

 
 

 

عرض البوم صور بوسي  
قديم 24-08-08, 02:39 AM   المشاركة رقم: 14
المعلومات
الكاتب:
dew
اللقب:
قطر الندى



البيانات
التسجيل: Jul 2007
العضوية: 32556
المشاركات: 8,341
الجنس أنثى
معدل التقييم: dew عضو ماسيdew عضو ماسيdew عضو ماسيdew عضو ماسيdew عضو ماسيdew عضو ماسيdew عضو ماسيdew عضو ماسيdew عضو ماسيdew عضو ماسيdew عضو ماسي
نقاط التقييم: 5602

االدولة
البلدSaudiArabia
 
مدونتي

 

الإتصالات
الحالة:
dew غير متواجد حالياً
وسائل الإتصال:

كاتب الموضوع : كريستل المنتدى : الارشيف
افتراضي

 

جميل جدا ,, نفس القوة في السرد والوصف ,,تتميزين بميزة التمهل الجيد في وصف الشخصيات ,,تجعلين القارئ يفهم كما تريدينه أن يفهم الظروف التي يعيش فيها الأبطال لديك شفافية في الوصف ,,خصوصا وصف أروما ومشاعره كانت جميلة وشفافة ,,أنتظر بشوق تشابك الأحداث والشخصيات

 
 

 

عرض البوم صور dew  
قديم 04-09-08, 07:24 PM   المشاركة رقم: 15
المعلومات
الكاتب:
اللقب:

البيانات
التسجيل: Feb 2007
العضوية: 23419
المشاركات: 16
الجنس أنثى
معدل التقييم: كريستل عضو بحاجه الى تحسين وضعه
نقاط التقييم: 10

االدولة
البلدKuwait
 
مدونتي

 

الإتصالات
الحالة:
كريستل غير متواجد حالياً
وسائل الإتصال:

كاتب الموضوع : كريستل المنتدى : الارشيف
افتراضي

 


اعتذر لكم عن التأخير جميعاً

فللأسف الشديد أجبرتني الظروف على الإبتعاد و قد يطول ابتعادي لفترة >_<


هذه الرواية كانت لي معها ذكريات ممتعة جداً من حيث كيف كنت استوحي الشخصيات و الأحداث والحبكة فيها ...

و قد كانت فرحتي و لا تزال عظيمة و أنا أتلقى منكم عبارات الإطراء و التشجيع، فعلاً لقد ملأتْ كياني بسعادة لا حدود لها و أوقدتْ بداخلي شعلة من الحماس للمضي قدما ً في عالم التأليف و الكتابة ..


لكم مني خالص الود و العرفان بردودكم التي أثلجت صدري و حثتني على مواصلة روايتي ..


أشكركم كل الشكر ... شكراً جزيلاً خالصاً من أعماق القلب والوجدان.



على أمل أن ألقاكم قريباً جداً في فصولٍ قادمة ..


أطيب التبريكات بحلول شهر رمضان المبارك

وتحياتي لكم

كريستل

 
 

 

عرض البوم صور كريستل  
 

مواقع النشر (المفضلة)
facebook




جديد مواضيع قسم الارشيف
أدوات الموضوع
مشاهدة صفحة طباعة الموضوع مشاهدة صفحة طباعة الموضوع
تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة
Trackbacks are متاحة
Pingbacks are متاحة
Refbacks are متاحة



الساعة الآن 12:08 AM.


 



Powered by vBulletin® Version 3.8.11
Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd.
SEO by vBSEO 3.3.0 ©2009, Crawlability, Inc.
شبكة ليلاس الثقافية