لمشاكل التسجيل ودخول المنتدى يرجى مراسلتنا على الايميل liilasvb3@gmail.com






العودة   منتديات ليلاس > القصص والروايات > روايات عبير > روايات عبير المكتوبة
التسجيل

بحث بشبكة ليلاس الثقافية

روايات عبير المكتوبة روايات عبير المكتوبة


إضافة رد
نسخ الرابط
نسخ للمنتديات
 
LinkBack (1) أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
قديم 23-06-08, 01:26 PM   المشاركة رقم: 56
المعلومات
الكاتب:
اللقب:
ليلاس متالق


البيانات
التسجيل: Oct 2007
العضوية: 52093
المشاركات: 425
الجنس أنثى
معدل التقييم: وداد التميمي عضو على طريق الابداعوداد التميمي عضو على طريق الابداعوداد التميمي عضو على طريق الابداعوداد التميمي عضو على طريق الابداع
نقاط التقييم: 322

االدولة
البلدJordan
 
مدونتي

 

الإتصالات
الحالة:
وداد التميمي غير متواجد حالياً
وسائل الإتصال:

كاتب الموضوع : وداد التميمي المنتدى : روايات عبير المكتوبة
افتراضي

 

الفصـل الثامن


وضعت نيرن حملها على جانب من الطريق وهي تقول : فلنقف هنا لحظة نأخذ فيها أنفاسنا .

ووضع ستروم حمله بدوره ، ثم أجال بصره في ما حوله وهو يقول : ما أجملها من بلاد .

فأجابت : نعم ، إن اسكتلندا هي من أجمل بلاد العالم .

فنظر إليها قائلاً : يبدو انك متأكدة من ذلك .

وكان في لهجته شيء من التهكم وهو يقول : لقد سبق ورأيتِ شيئاً من العالم أليس كذلك؟ إذ لا بد أن قراركِ هذا مبني على أساس متين .

فأجابت : كلا لم أسافر كثيراً لقد ذهبت من قبل سائحة في الباص إلى القارة الأوروبية مع والديّ وذلك منذ سنوات وهذا كل شيء .

فقال بدهشة : أهذا كل شيء؟ ألا تحبين الأسفار؟

فهزت كتفيها . إن بإمكانها أن تخبره بالحقيقة ولكن ذلك كان يبدو وكأنها تخون ذكرى روري .. فقد كانت تحب الأسفار وكانت تحلم دوماً بسفر معه إلى المناطق الاستوائية حيث الشمس الدافئة وحيث النخيل والطيور الغريبة وأنواع الزهور التي لم ترها من قبل .... ولكن روري كان يقول انه لا يشعر بالراحة في مثل تلك الأماكن ... وكان يضيف مازحاً إن في اسكتلندا كثيراً من الأماكن لم يرها بعد ويريد أن يراها قبل أن يموت . وهكذا زارا الكثير من الأماكن معاً وان لم يكن كلها قبل أن يموت .

وعاد ستروم يسألها : أظنك سافرت كثيراً؟

فأجابت : نعم سافرت ولكن ليس كثيراً .

وبوقوفهما هذا شعرت نيرن بمبلغ برودة الهواء ، لقد مضت عليهما أكثر من ساعة وهما يسيران متسلقين دون توقف ورأت وهي تتطلع حولها انهما سيصلان إلى مواقع الثلج بعد ثلث ساعة أو نحو ذلك وحتى الآن لم يبد أثر لكيلتي ولكنهما سرعان ما سيكون بإمكانهما أن يشاهدا آثار قدميه على الثلج حين وصولهما .. هذا إذا كان قد سبق وسلك هذا الطريق ولكن كان عليه أن يسلك هذا الطريق ولا بد أن يعثرا عليه في أول كوخ يصلان إليه بعد حوالي نصف ساعة .

ولم تشأ التفكير في شيء تكرهه .. وحولت أفكارها إلى ناحية أخرى فقالت : عندما قلت منذ لحظة أن المناظر كانت رائعة كان في صوتك شيء ما .... آه ربما كنت أتخيل ذلك ولكنه بدا لي وكأن لديك علاقة ما بهذه البلاد لقد كنت أخبرتني انك مولود في مانشستر ولكن اسمك هذا ( ستروم غالبريث ) هو إسكتلندي ولا بد انك إسكتلندي جزئياً على الأقل .

فأجاب : إنني لست إسكتلندي جزئياً وإنما مئة بالمئة ورغم إنني مولود في انكلترا ، فان أبي وأمي إسكتلنديان ووالد أمي يدعى ستروم كما اعتقد.

فحملقت نيرن به وهي تقول : كما تعتقد؟ ألا تعلم حقيقة؟

فأجاب : لقد هجرت أمي أبي منذ ولادتي ، تاركة إياي معه وهو لم يتحدث عنها قط وقد تعلمت أن لا ألفظ اسمها أمامه وقد توفي عندما كنت في العشرين من عمري ولكن منذ وعيت على الحياة غرس في نفسي عقيدته في أن النساء لا أمان لهن .

وضحك بمرارة وهو يتابع : ولماذا لا اصدقه؟ لقد كان البرهان موجوداً .. فقد هجرتني أمي نفسها ....

وهنا ، تذكرت نيرن الأسى الذي بدا عليه عندما سبق وسألته في المطعم عما إذا كانت أمه علمته أن لا يكون مغروراً . ذلك أن أمه لم تكن معه لتعلمه شيئاً ولكن غيابها هذا علمه شيئاً ... شيئاً أوجد لديه هذه النظرة العدائية نحو النساء ، جميع النساء .

وكان هو يتابع كلامه بمرارة : والوقت الوحيد الذي تخليت فيه عن الحذر هو الوقت الذي صممت فيه على الثقة ....

وسكت فجأة ولكنه لم يكن بحاجة لقول المزيد إذ لا بد أنه كان يعني بذلك علاقته بهازيل وهل هذا هو السبب في حضوره أخيراً للمطالبة بابنه؟ أتراه أدرك أخيراً أنه إذا هو لم يطالب به فانه سيكون قد ارتكب نفس ذنب أمه التي هجرته وليداً؟

وقالت : بالنسبة إلى كيلتي ما الذي ستفعله بشأنه؟ هل سيسافر معك؟ أم انك ستضعه في مدرسة داخلية؟

كانت تتكلم دون أن تنظر إليه . لم تكن تريده أن يرى الدموع في عينيها ولكنها عندما لم تسمع منه جواباً ، غالبت دموعها والتفتت تنظر إليه ولكنه لم يكن ينظر إليها كان يحدق في الوادي وكأنه منحوتة في جانب الجبل ، ما عدا خصلة من شعره الأسود كانت تتطاير فوق جبهته وعادت تقول بقلق : إذا أنت أخذت كيلتي هل .....

فقاطعها : لقد سبق وسمعت ما قلته .

فنظرت إلى وجهه الذي بدا كأنه قد من الصوان وهي تسأله بخشونة : ولماذا لم تجب إذن؟ وإذا لم تشأ الإدلاء بجواب على الأقل .....

فقاطعها : أتريدين جواباً؟

وتحول ينظر إليها وأجفلت وهي ترى الكآبة والتجهم يعلوان ملامحه وهو يتابع قائلاً : إذن فسأعطيك الجواب . كلا إنني لن آخذ ابني معي كما إنني لن أضعه في مدرسة داخلية ...

فقالت : وماذا ستفعل إذن؟

فأجاب : سأتركه في غلينكريغ يا سيدة كامبل وستستمر حياته كما هي وكأنني لم أكتشف وجوده قط ، لقد كنتِ تحدثت عن تربيته وأنا ليس لدي اعتراض على ذلك إنني سأؤمنه مالياً وسيرث كل أملاكي بعد موتي .

لماذا تراها تشعر وكأنها متبلدة الإحساس . كان ينبغي أن تفهم ماذا كان يقول ولكن ما سمعته لم يكن معقولاً ..... يبدو وكأنه يريد أن يعود إلى المدينة تاركاً كيلتي في غلينكريغ ......

وعاد هو يقول بضيق : نعم يا نيرن إن سمعك لم يخطئ ما قلته لكِ عندما أعود إلى لندن سأعود بمفردي .

وانحنى يلتقط كيسها يناولها إياه ، فنظرت إليه لتراه ينظر إليها بعينين كانتا من العنف والقسوة بحيث تماثلان تلك التلال الصخرية حولهما وهو يقول لها : في كل مرة انظر فيها إلى ذلك الغلام أرى أمه ، في كل مرة أفكر في ذلك الغلام أفكر في أمه وعندما أفكر في أمه ، تفيض نفسي بالكراهية كينبوع من السم وهذا السم يفيض على ابنها ......

فصرخت نيرن في وجهه : إنني لا أعرف ما الذي فعلته هازيل لتستحق منك كل هذه المشاعر التي لا تعرف الغفران ولكن كيلتي لم يفعل شيء يجعله يستحق منك كل هذه الغلظة والعنف .

وكان صوتها باكياً وهي تتابع : ستروم لا تتخلى عنه ... انه ابنك .

لم يجب وكأن توسلاتها صافحت آذاناً صماء . أشاح بوجهه عنها ليسير بتثاقل صاعداً المرتفعات الشاهقة وقد هبطت كتفاه وكأنهما تحملان أثقال العالم اجمع . واغرورقت عيناها بالدموع . وأسرعت خلفه بعد أن شدت متاعها إلى ظهرها كان بإمكانها أن تتخيل ما قد يكون شاعراً به . لقد كان ممزق العواطف ذلك أنه نتيجة لكراهيته لهازيل كان يحاول أن لا يتعلق عاطفياً بابنه ويبدو أن هذا الكفاح كان صعباً عليه كانت تظن في البداية إن بإمكانها مساعدته ولكنها تدرك الآن خطأها ، فهو الوحيد الذي بإمكانه أن يحرر نفسه من كل هذه المرارة وذلك الحقد اللذين يدمران كيانه . انه الوحيد الذي بإمكانه أن يفك الأغلال التي تقيد قلبه ومن ثم يطلقه حراً .

كان على قمة جبل سلاغمهور كومة من الحجارة أقيمت منذ سنوات بأيدي المتسلقين الذين كانوا يضيفون حجراً إلى تلك الكومة وذلك كشاهد على إنجازهم في غزو القمة وفي هذا الوقت من فصل الشتاء كانت كومة الحجارة مغطاة بالثلوج.

وقفت نيرن مديرة ظهرها إلى هذه الحجارة وقد حنت ظهرها إزاء شدة الرياح وكانت الشمس قد مالت إلى المغيب منذ فترة والسماء اغبر لونها كما انتشرت الظلال وأظلمت الوهاد وشعرت بالصقيع حتى العظم وأحست بارتجاف مؤلم وهي تنظر إلى ستروم .
منتديات ليلاس

 
 

 

عرض البوم صور وداد التميمي   رد مع اقتباس
قديم 23-06-08, 01:37 PM   المشاركة رقم: 57
المعلومات
الكاتب:
اللقب:
ليلاس متالق


البيانات
التسجيل: Oct 2007
العضوية: 52093
المشاركات: 425
الجنس أنثى
معدل التقييم: وداد التميمي عضو على طريق الابداعوداد التميمي عضو على طريق الابداعوداد التميمي عضو على طريق الابداعوداد التميمي عضو على طريق الابداع
نقاط التقييم: 322

االدولة
البلدJordan
 
مدونتي

 

الإتصالات
الحالة:
وداد التميمي غير متواجد حالياً
وسائل الإتصال:

كاتب الموضوع : وداد التميمي المنتدى : روايات عبير المكتوبة
افتراضي

 

وهتفت بيأس : انه ليس هنا انه ليس على الجبل .

فسألها : ألا يمكن أن يكون قد نزل من الجهة الأخرى .

فصرخت : من غير الممكن النزول من الجهة الأخرى فهناك صخور شاهقة جداً وفي السفح يوجد أخدود مليء بمياه الأمطار ....

وازدردت ريقها لا تريد أن تفكر بذلك الأخدود ولكن إذا كان كيلتي قد اختار النزول من تلك الجهة فليس ثمة فائدة من التفتيش عنه فالأخدود كان بعمق مئات الأقدام . ولفت وشاحها حول فمها وهي تقول : ستسود الظلمة قريباً ومن الأفضل أن نعود

ورفعت بصرها عالياً ثم همست بذعر : الثلج سيتساقط مرة أخرى ....

وتلاشى صوتها عندما هب الهواء المثلج يحمل الألوف من ندف الثلج تتطاير حولهما ومرت لحظة تجمد فيها ذهنها فلم تر ستروم وشعرت بنفسها وحيدة في هذا المكان الشاهق بعيدة أميالاً عن كل مخلوق أو مكان. ثم إذا بأصابع قوية تقبض على ذراعيها وصوت يقول : يبدو أن عاصفة ثلجية على وشك الهبوب من الأفضل أن نفتش عن ملجأ ، ولا تقلقي بشأن كيلتي إذ ربما عاد فراجع أفكاره من ناحية الهرب وربما يكون الآن جالساً في المنزل قرب المدفأة .

وفكرت نيرن وهي تهبط فوق الصخور المغطاة بالثلج في أنه قد يكون على حق . قد لا يكون كيلتي الآن جالساً قرب المدفأة ولكنه بالتأكيد ليس على جبل سلاغمهور ، نعم ربما جاء إلى هنا ، ذلك أنهما شاهدا أثار أقدام أمام أول باب مرا به في طريقهما إلى القمة وكذلك أمام باب ثاني ولكن شدة الرياح وتساقط الثلج جعلت من غير الممكن التمييز ما إذا كانت آثار أقدام إنسان أم أرنب بري .

كان الكوخان خاليين وكان الأصغر القريب من القمة مجرد كوخ لا يقدم سوى الملجأ لأولئك الذين تفاجئهم العاصفة أو الظلام ، أما الآخر الذي يمران به مرة أخرى بعد ثلث ساعة في عودتهما فقد كان ذات مرة كوخاً لرعاة وكانت الغرفة الأمامية تحتوي على مدفأة أما الغرفة الخلفية فقد كانت عارية تماماً ولكن نيرن كانت لاحظت كومة من الحطب وبعض المواد السريعة الاشتعال في زاوية من الغرفة الأكثر اتساعاً كما كانت هناك حشية قذرة المظهر مكومة بجانب الجدار وقد ألقي عليها بطانية تماثلها قذارة .
وكانت كل دقيقة تمر بهما تجعل مقاومتهما لعصف الرياح اكثر صعوبة فقد جعل ذلك التنفس وكذلك الرؤية اكثر صعوبة وكان الثلج يزداد سماكة كل لحظة وكان شعر ستروم الأسود قد اصبح ابيض تماماً وكذلك حاجباه ولكن رغم الرياح التي كانت من القسوة بحيث توشك أن تقذف بهم من فوق الجبل فقد كانت حركاته مليئة بالثقة والسيطرة على ما حوله .

وجدت نيرن نفسها تفكر في أن حكمها عليه كان خاطئاً فقالت له وهي تحاول وسعها البقاء بجانبه : يجب أن اعتذر إليك فقد كنت مخطئة.

فسألها : مخطئة بماذا؟

فأجابت : كنت ظننت انك ربيب المدينة ، ظننت انك .....

فقاطعها وقد بدا الهزل في صوته : ظننتني شخصاً خسعاً ستضطرين إلى تركه خلفك بعد عدة مئات من الأمتار ثم ...

فقالت : على كل حال ....

وهنا فقدت توازنها وهي تقفز من فوق صخرة وكادت تقع لولا أن امتدت ذراعاه تثبتانها واحمر وجهها قليلاً بينما ابتسم وهو ينظر إليها قائلاً : إن الثلج جعل شعرك يبدو ابيض تماماً مما أراني صورة عن مظهرك بعد خمسين عاماً حين يكون شعرك قد ابيضّ بينما ما زال وجهك جميلاً وانفك حلواً وما زالت تعلوه بعض نقاط النمش ...

وابتسم مرة أخرى وكان شالها قد انزلق فمد يديه يربطه حول وجهها قبل أن يتابع سيره وكانت هي تسير بجانبه دون انتباه منها إلى بنطلونها الذي كان قد ألصقه البلل بساقيها . كانت تشعر بالبرد والضعف وكانت تدرك أنها لا بد تبدو كعمود ثلجي يمشي .

وفجأة هتفت بصوت أجش : ها قد وصلنا آه لا أستطيع تصديق ذلك .

لقد كان عثورهما على الكوخ الثاني أعجوبة حقاً فهي لم تر من قبل مثل هذا البياض الذي يكسو كل شيء وعندما وقفا أخيراً عند الباب والعاصفة تصفر حولهما تكاد تعصف بهما .

وتصاعد صرير الباب عندما فتحه ستروم وعندما جذبها إلى الداخل ، اندفعت معهما هبة ريح ثلجية هوجاء اكتسحت المكان وصفق ستروم الباب ثم وقفا معاً في الظلام صامتين .

وقال ستروم بهدوء : سنمضي الليلة هنا .

فهمست قائلة : نعم أظن ذلك ولكن عندما تهدأ العاصفة في الصباح علينا أن نكون قادرين على العودة . على الأقل الشرطة تعلم أين نحن إذا ....

فقاطعها : دعينا لا نفكر في ( إذا ) هذه يا نيرن إن ما علينا أن نفعل الآن هو أن نهتم بوضعنا هنا حالياً ونلتمس الدفء .

كانت نيرن تستمع إلى صوته القوي محاولة أن تستمد منه القوة ولكنها بعد أن كفا عن المسير ابتدأت بالارتجاف من البرد فقالت : حسناً لقد كنت رأيت بعض الحطب ومواد الإشعال هنا من قبل في تلك الزاوية . إن علينا أن نشعل النار وقد أحضرت معي علب ثقاب طبعاً كذلك أحضرت مصباحاً يدوياً ولم أكن أظن أننا قد نحتاجه فقد فكرت فيه في آخر لحظة .

فقال : وهي فكرة طيبة حقاً و الآن دعيني أساعدك على إنزال حملك عن ظهرك .

وخلعت نيرن قفازيها الجلديين ووضعتهما في جيب سترتها ثم فتحت كيسها بأصابع حذرة و أخرجت منه المصباح اليدوي فأنارته محولة ضوءه إلى الزاوية حيث سبق ورأت الحطب .

فقالت له : إن الفراش هناك لم اكن أظن أن وقتاً سيأتي سأقتنع بمثل هذا الفراش الرث .

وابتدأت تنظف المكان من الأوراق القذرة والمهملات الملقاة على الأرض وهي تقول : علينا أن ننظف المكان قدر استطاعتنا لكي .......

وسكتت فجأة وهي تسمع ما يشبه الأنين خلفها فقالت : ماذا حدث؟ " هل أصابك شيء ؟

فقال ستروم : كلا إنني بخير . اعطني المصباح لحظة .

وتناول منها المصباح وبدأ يوجهه نحو أنحاء المكان ، السقف ، الزوايا ، فوق الباب والسقف .....

وهتفت : آه كلا ..... وشعرت بدوار وهي ترى في ضوء المصباح الضئيل ... كلا هذا مستحيل ..

وقال ستروم بصوت اكثر خشونة مما سبق وسمعته من قبل : هيا اهتمي بإشعال النار يا نيرن وسأضعه في كيس النوم إن علينا أن ندفئ جسده .

لقد كان هذا كيلتي مستلقياً على الفراش القذر وغطاؤه الوحيد كان البطانية الرثة وكان متكوماً على نفسه مغمضاً عينيه ووجهه في شحوب الموتى وكان جسده يرتجف كمن يعاني من حمى الملاريا .

لا بد أنه كان يخفي نفسه خلف الفراش عندما اقبلا في البداية يبحثان عنه كما فكرت نيرن لا بد انه كان سمعهما يقتربان ، فأسرع بخفاء نفسه ولم يظن انهما سيعودان إلى الكوخ مرة أخرى ...

وهز ستروم ذراعيها ينبهها من أفكارها تلك قائلاً : نيرن دعي عنك ذهولك هذا و أوقدي النار .

ولم تعرف كيف تحركت وأحضرت الثقاب ثم الحطب تحمله إلى المدفأة كانت تشعر وكأن شخصاً آخر يحتل جسدها هو الذي يتحرك ويعمل . وعندما اشتعلت النار في الحطب وتصاعدت السنة اللهب أخذت تتأملها كالمنومة مغناطيسياً .

وما لبثت أن استدارت تنظر إلى ستروم الذي كان الآن قد تمكن من وضع كيلتي داخل كيس النوم ثم سحب الفرشة المستلقي عليها إلى قرب المدفأة وكان قد خلع عن الغلام حذاءه وجوربيه فوضعها قرب النار لتجف .

وسألته بصوت مرتجف : كيف حاله؟ هل سيصبح بخير؟

 
 

 

عرض البوم صور وداد التميمي   رد مع اقتباس
قديم 23-06-08, 01:45 PM   المشاركة رقم: 58
المعلومات
الكاتب:
اللقب:
ليلاس متالق


البيانات
التسجيل: Oct 2007
العضوية: 52093
المشاركات: 425
الجنس أنثى
معدل التقييم: وداد التميمي عضو على طريق الابداعوداد التميمي عضو على طريق الابداعوداد التميمي عضو على طريق الابداعوداد التميمي عضو على طريق الابداع
نقاط التقييم: 322

االدولة
البلدJordan
 
مدونتي

 

الإتصالات
الحالة:
وداد التميمي غير متواجد حالياً
وسائل الإتصال:

كاتب الموضوع : وداد التميمي المنتدى : روايات عبير المكتوبة
افتراضي

 

الفصل التاسع


عندما استدار ستروم نحوها ، رأت نيرن وجهه على ضوء النار المشتعلة وكان مرهقاً مغضناً بينما صوته كان ثابتاً وهو يقول : نعم انه سيصبح بخير ولا بد انه أوى إلى هنا قبل العاصفة الثلجية ورغم أن حذاءه وجوربه مبللان إلا أن ثيابه جافة انه البرد والإرهاق وهذا كل شيء ولولا أن عثرنا عليه لكان الامر مختلفاً بطبيعة الحال ...

وداخل نيرن الارتياح ممزوجاً بمشاعر مختلفة ، مشاعر كانت بمثل عنف العاصفة الثلجية التي تولول خارج الكوخ . هل تراها جنت لكي تتعلق عيناها في مثل هذا الوضع بهذا الرجل الذي كان الآن يقف بعد طول جلوسه القرفصاء بجانب الفراش؟ بوجهه الهضيم وعينيه اللتين كانتا كبحيرتين من التعاسة؟ كان هذا ما جذبها إليه وكان هنالك أيضاً شعورها بالعطف نحوه ... العطف لأنها كانت تعلم أنه يتألم لقد كان الألم رفيقه كان رفيقاً لا يريده ولكنه تملك نفسه بكل قسوة .. تملك نفسه منذ خمس عشر عاماً ...
رفيقاً أوجدته فيه هازيل .

ما أعظم ما كان حبه لها ، لكي تترك فيه جرحاً كهذا ... لكي يتسمم بهذا الشكل مهما كان فعلها به ...
اقترب منها ونظر إلى النار وهو يسألها : هل أحضرت طعاماً؟

فأجابت : أحضرت جبناً وكعكاً ولوحي شكولاته وبعض المكسرات ولكنك لن تحاول إيقاظه أليس كذلك؟

فأجاب : ليس لأجل كيلتي بل لأجلنا نحن .

ودون أن يرفع عينيه عن النار قال : لقد مرت ساعات منذ تناولنا الطعام وليلتنا ستكون طويلة ويجب أن نأكل شيئاً يحفظ قوانا ولكننا يجب أن نقتصد في مئونتنا فمن يعلم كم سنبقى محتجزين هنا؟

وسكت . وشعرت نيرن بالبرد أكثر مما كانت تشعر به خارج الكوخ ولم تشأ التفكير في إمكان أن تحتجزهما العاصفة أياماً.

وسألها : هل ثيابك مبللة كلياً؟

فأجابت : إن جوربي مبللان وكذلك بنطلوني من الفخذين فنازلاً أما القسم الأعلى من ثيابي فلا بأس . ماذا عنك أنت؟

فأجاب : لست محظوظاً تماماً .

فسألته : هل سندخل إلى أكياس النوم الآن؟

فأجاب : هذا افضل .

جلست القرفصاء وسحبت كيس النوم من حقيبتها حيث فتحت السحاب وما زالت تتجنب النظر حولها ولكن قبل أن تدخل الكيس قالت : هل لك أن تدخل كيسك ريثما احضر أنا شيئاً نأكله.

ولم تعد إلى النظر إليه إلا بعد أن سمعته يجر سحاب الكيس الطويل وكان جالساً في الكيس يدفئ يديه أمام النار وقد وضع القسم الأعلى من الكيس على كتفيه العريضتين .

والتفت إليها قائلاً : بالنسبة إلى الكلب شادو عندما خرجنا كان نائماً في المطبخ من الذي سيفتح له الباب ليخرج؟

فنظرت إليه مستغربة أن يفكر في الكلب في ظروف كهذه وأجابته وهي تناوله كعكة وقطعة جبن : لقد اتصلت هاتفياً بأمي قبل أن نترك البيت وهي ستهتم به إلى حين عودتنا .

فقال : هذا حسن . ولم يزد ، واخذ يأكل ثم عاد يقول : منذ متى اقتنيته؟

فأجابت : شادو ؟ منذ ثماني سنوات ، انه هدية العرس من كيفين .

فسألها : ابن أختك؟ لا بد أن أختك تزوجت قبلك بعدة سنوات ......

فقالت : كلا ، تزوجنا في يوم واحد .

وبعد فترة صمت عاد ستروم يقول : ولكن كيفين .. أظنه في الحادية عشر أو الثانية عشر من عمره .

فأجابت : آه آسفة ، كان علي أن اشرح الامر . انه في الثانية عشر .. ولكن آدم ليس أباه فقد كانت كيلا متزوجة قبله من شاب اسمه درو فيرغسن وكانت هاجرت معه إلى كندا حيث ولد كيفين . وقد مات درو حين كان كيفين في الرابعة من عمره فعادت به كيلا إلى هنا حيث تزوجت من آدم بعد فترة قصيرة .

فقال ستروم بشيء من الدهشة : إذن آدم هو زوجها الثاني ، انهما يبدوان في غاية السعادة .

فأجابت ببساطة : انهما يحبان بعضهما .

فابتسم ساخراً وهو يقول : يحبان بعضهما؟ هل تثقين بالحب؟

فقضمت نيرن قطعة صغيرة من كعكتها وأعادت البقية إلى الكيس ، من يعلم كم سيبقون محتجزين في هذا المكان .... وأجابت : نعم إنني أثق بذلك .

فقال : وإذا وقع شخص في الغرام وتزوج اكثر من مرة .... فهذا يبطل منطقك أم أن بامكان الشخص أن يكون له اكثر من حبيب .....

كانت تعرف أنه يغيظها ... ولكنها كانت تعرف أيضاً أنه يريد حقاً جواباً لهذا السؤال ، فهل بإمكانها ان تجيب؟

وأجابت بهدوء وهي تحدق في اللهب : كلا ، إنني لا أثق بالحب المتعدد ولكنني أثق بان الشخص قد يعثر على رفيق ... رفيق حياة يكمله أو يكملها وعندما يجتمعان يصبحان واحداً مكتملاً .

فسألها : وهل تظنين أن كيلا ودرو كانا حبيبين حقاً؟

فأجابت : كلا انهما لم يكونا حبيبين بكل معنى الكلمة ، لقد كان درو مجنوناً بكيلا وقد أحبته كيلا ، إنما ليس بنفس القدر ، لقد كانا دوماً صديقين حميمين وكان حبها له كحب أي شخص لصديق حميم . ولكن الامر مع آدم اختلف فقد تعلمت معه الحب الحقيقي الذي يكون بين رجل وامرأة فهو إذن حبها الحقيقي .

فقال : إذن ، جزآن متماثلان يتحدان معاً ليصبحا فرداً متكاملاً مثلكما أنتِ و روري؟

لم تحول عينيها عن النار ، كانت تعلم أنه ينظر إليها ، ولم تشأ أن يرى التعبير الذي بدا في عينيها لم تشأ أن يرى الدموع فيهما .. الدموع التي تفجرت منهما وكأن يداً خفية اعتصرت قلبها فلم تكد تحتمل الألم .
منتديات ليلاس

 
 

 

عرض البوم صور وداد التميمي   رد مع اقتباس
قديم 23-06-08, 01:51 PM   المشاركة رقم: 59
المعلومات
الكاتب:
اللقب:
ليلاس متالق


البيانات
التسجيل: Oct 2007
العضوية: 52093
المشاركات: 425
الجنس أنثى
معدل التقييم: وداد التميمي عضو على طريق الابداعوداد التميمي عضو على طريق الابداعوداد التميمي عضو على طريق الابداعوداد التميمي عضو على طريق الابداع
نقاط التقييم: 322

االدولة
البلدJordan
 
مدونتي

 

الإتصالات
الحالة:
وداد التميمي غير متواجد حالياً
وسائل الإتصال:

كاتب الموضوع : وداد التميمي المنتدى : روايات عبير المكتوبة
افتراضي

 

هذا الألم الناتج عن كلماته الرقيقة ... كلماته التي نطق بها بكل براءة . الألم الذي كان يدفعها آلي أن تصرخ وهي تواجه الحقيقة القاسية ، الحقيقة المرة ، الحقيقة التي اخترقت من الأعماق ... فهي مع أنها أحبت روري كما احبها هو أيضاً وكان حبهما رقيقاً متشاركاً بعيداً عن الأنانية .. ولكن كان هنالك شيء مفقود... إنها لم تدرك هذا في ذلك الحين .. ولو لم تقابل ستروم غالبريث لما أدركته طيلة حياتها . أما ما كان مفقوداً من علاقتهما فهي العاطفة.
العاطفة المحمومة والرغبة العميقة ..... وشعرت بنفسها ترتجف عندما قال لها بصوت يتملكه الذهول : هل تبكين؟ آه يا نيرن ....

رتب على يدها وتمتم : إنني آسف ، إذ جعلتك تفكرين في روري فجلبت إلى نفسك الحزن .... إنني حقاً متوحش ...

فهمست وهى ترى الندم في صوته : كلا ، انك مخطئ ليس هذا هو سبب بكائي .

فقال وهو يتخلل شعره بأصابعه : ما هو السبب إذن؟ اخبريني .

وماذا تخبره؟ وكيف تقول له أنها اكتشفت الآن ذلك الفراغ الذي كان يسود حياتها الزوجية؟

وعاد يقول : من المفيد أحياناً أن تكشفي عما بنفسك ....

وسكت فجأة وهو يراها تغمض عينيها وهي تجذب نفساً مرتجفاً فسألها بصوت متوتر : ما هذا؟ ما هو سبب بكائك؟

وأرادت أن تصرخ ...... أن تقول له انه هو سبب بكاءها ... إنها تبكي لأنها تشعر وكأنها كانت تعرفه طيلة حياتها .... ولأنها تشعر أنها تريد أن تمضي بقية حياتها هنا ولكنها لم تنطق بكلمة.... وإنما قالت بصوت خافت : إنني آسفة لا ادري ما سبب بكائي هذا ... ربما ما مر بي هذا النهار من أحداث قد أوهن أعصابي ، واظن ان علينا أن ننام .

وقفت لتسوي كيس نومها ثم تستلقي . ومضت لحظة لا نهاية لها لم تسمع فيها صوت ستروم وتمتمت : سأراك في الصباح .

ولكن لم يكن هناك جواب فاستدارت تنظر إليه لترى انه يجلس القرفصاء قرب كيلتي واضعاً يده على جبينه وقد استحال إلى كتلة من الاهتمام والتركيز . وشعرت وكأنها موشكة على البكاء ياله من رجل غامض معقد غير مفهوم ولكن هنالك شيء مؤكد هو انه رغم ما يبدو عليه من عنف وتصميم على ألا يختلط بابنه فقد كان قلبه يحتوي على مقدار كبير من الحنان . كانت متأكدة من انه رغم قوله انه لا يريد كيلتي ، فثمة صراع يدور في أعماقه في كل مرة ينظر فيها إلى ابنه الذي هو نسخة ثانية عنه ومن لحمه ودمه . وبعد ذلك بلحظة سمعته يسوي من كيس نومه وهو يقول لها : ليلة سعيدة يا ينرن .

أجابته وهي تبتسم رغم الدموع التي كانت تنساب منها على وجنتيها : ليلة سعيدة يا ستروم .

ومن الغريب أنها استطاعت أن تنام وعندما استيقظت ونظرت إلى ساعتها رأت أنها الثامنة صباحاً وسرعان ما انتبهت إلى ستروم واقفاً أمام المدفأة يغذيها بالوقود . لابد انه أبقى النار مشتعلة طيلة الليل لأن الكوخ كان دافئاً . وكيلتي؟

أدارت رأسها نحو ذلك الجسم المستلقي على الفراش . لم يعد الآن متكوماً على نفسه التماساً للدفء كان مستلقياً على ظهره يغط في نوم هادئ .

وشعرت نيرن بالطمأنينة والسلام ، كان ستروم مصيباً حين قال أن كيلتي سيصبح بخير ولكن لو أن كيفين لم يلحق به ليرى إلى أين يتجه إذن ....

وفجأة لاحظت نيرن أنها لم تعد تسمع صوت العاصفة فقد هدأت العاصفة وسيكون بإمكانها العودة في اقرب وقت .. قال لها وهو يجلس بجانبها : هل أنتِ مستيقظة؟ هل رقدت جيداً؟

فأجابت : نعم ، وأنني اشعر بالذنب لعدم معاونتك في السهر .

فقال : معاونتي في السهر؟

فنظرت إلى النار المضطرمة وهي تقول : اعني في المحافظة على اشتعال النار وإلا لكنا ارتجفنا من البرد طوال الليل .

فقال : لقد كنت مرهقة جسمانياً ونفسانياً . وما كنت لأوقظك مهما كان الامر وفي الحقيقة كنت مسروراً أن سمعت غطيطكِ .

فقالت : غطيطي؟ ولكنني لا أغط في نومي مطلقاً .

والتفتت إلى كيلتي الذي كان ينقلب إلى جانبه وهو يتأوه مغمض العينين بينما ابتسم ستروم قائلاً : إنني أقول ذلك لأعرف فقط وهذه عادتي كلما اضطررت لمشاركة الغرفة مع أحد .

وكان الآن متكئاً أمامها ينظر إليها ليرى ردة الفعل عندها لما قاله . شكرت نيرن حظها على أن ليس لديه فكرة من ردة الفعل في قلبها ، في نفسها وذلك عندما كان ينظر إليها بهذا الشكل . هل هذا كان شعور هازيل نحوه عندما كان ينظر إليها؟ شعرت لهذه الفكرة بمثل طعنة السكين في قلبها ، لماذا آلمها بهذا الشكل مجرد التفكير به مع هازيل؟

وهمست قائلة : هل كنت مغرماً بهازيل؟

فاستدار يستلقي على ظهره ، واضعاً يديه تحت رأسه وقد سادت الرزانة ملامحه ثم قال بعد سكوت طويل : نعم لقد كنت مغرماً بها ، كان حلماً جميلاً ... كان حلماً استحال إلى كابوس .

فقالت برقة : حدثني عن كل هذا ، عنك وعن هازيل .

فقال بصوت خافت : لقد كنت جئت ذلك الصيف إلى اسكتلندا في الصيف مبكراً ابحث عن قطعة ارض وكنت قد أوجدت لتوي مشروعاً في الخارج وحيث أن مشاريع السياحة والتزلج في الشمال كانت مزدهرة فقد وجدت أن الوقت قد اصبح مناسباً للاستثمار في المنطقة وبسبب اصلي الاسكتلندي كما أظن وجدت أن اسكتلندا تجذبني كالمغناطيس .

فسألته : وما الذي جعلك تختار قرية غلينكريغ؟

 
 

 

عرض البوم صور وداد التميمي   رد مع اقتباس
قديم 23-06-08, 01:57 PM   المشاركة رقم: 60
المعلومات
الكاتب:
اللقب:
ليلاس متالق


البيانات
التسجيل: Oct 2007
العضوية: 52093
المشاركات: 425
الجنس أنثى
معدل التقييم: وداد التميمي عضو على طريق الابداعوداد التميمي عضو على طريق الابداعوداد التميمي عضو على طريق الابداعوداد التميمي عضو على طريق الابداع
نقاط التقييم: 322

االدولة
البلدJordan
 
مدونتي

 

الإتصالات
الحالة:
وداد التميمي غير متواجد حالياً
وسائل الإتصال:

كاتب الموضوع : وداد التميمي المنتدى : روايات عبير المكتوبة
افتراضي

 

فأجاب : كان المكان مثالياً فهو قريب جداً من الجبال ولكنه بعيد عن الطراز الأمريكي ، إذ انه كان يمثل اسكتلندا الحقيقة ، اسكتلندا القديمة التي كانت قبل أن يصبح كل شيء تجارياً وكانت غلينكريغ ..... كانت صورة كاملة لما أريد.

فهزت رأسها قائلة : ولكنك لم تطور شيئاً .... لماذا؟

ولكن توتر ملامحه أنبأها بالجواب . وكان طبعاً يتعلق بهازيل . أجاب وقد بان التجهم في ملامحه : لقد قابلتها مصادفة في نفس اليوم الذي عثرت فيه على قرية غلينكريغ وكنت هابطاً الوادي لأرى بعض الأراضي فيه والتي لم تعجبني وكنت شاعراً بخيبة الأمل لذلك لأنني كنت أحببت هذه المنطقة كثيراً وعندما رأيت خرائب البيت الريفي في كريجند والأراضي المهملة المحيطة به تساءلت عما إذا كانت معروضة للبيع وأوقفت سيارتي إلى جانب الطريق ثم أخذت أسير بين الحقول وملأتني الإثارة فقد كان المكان مناسباً تماماً وكنت واقفاً هناك أحلم بما سيكون عليه بعد إصلاحه عندما برزت أمامي صورة فاتنة لفتاة جبلية جميلة ذات شعر اسود ثائر وعينين خضراوين وضحكة جذابة أسرت حواسي ...

وسكت فجأة وكأنه نسي نفسه ، ثم أطلق ضحكة مرة وهو يتابع : وبالطبع لم تكن تلك صورة وإنما مجرد مخلوقة من لحم ودم . ولكنها فتنتني على كل حال . لقد سألتني : ماذا تريد من هنا يا ابن المدينة؟ فأجبتها : إنني أريدك . وكان حباً من أول نظرة . كان هذا أمراً سخيفاً أليس كذلك؟ ولكنه لم يبد سخيفاً في ذلك الحين لقد سرقت قلبي .

فسألته نيرن : وهل أحبتك هي أيضاً؟

فلوى شفتيه : لقد قالت ذلك وكنت أظنها فتاة حرة عاطفية ، رغم أنها كانت دوماً ترغب في مقابلتي في أماكن هادئة ... وبعد أن مر على تعارفنا قرابة أسبوعين أخبرتني عن هوغ ... وعن تفاهمهما ، أخبرتني انه يصطاد السمك في الساحل الغربي ولكنها وعدتني أن تفصم خطبتها معه عندما يعود في أواخر حزيران وتخبره بأننا سنتزوج .

وتنهد بصوت مرتجف وهو يتابع : وفي آخر ليلة من رحلتي تلك ، كانت الغلطة التي اقترفتها وهكذا عدت إلى لندن وفي جيبي عقد شراء ارض كريجند وفي قلبي .... هازيل لندساي .

وظنت نيرن أن حديثه انتهى ، فأرادت أن تعرف ما حدث بعد ذلك ولكنه عاد يتابع حديثه بصوت خشن : لقد كتبت ألي رسالة بعد عودة هوغ من صيد السمك تقول فيها أنها منذ اللحظة التي رأته فيها مرة أخرى علمت انه الرجل الذي يحبه قلبها .. وان علاقتنا ، أنا وهي لم تكن سوى غلطة لم تعد تعني لها شيئاً وقالت أنها لا تريد أن اتصل بها بعد ذلك لأنهما هي وهوغ سيتزوجان بأقرب وقت بعد ان اعترفت له بالحقيقة .

ترقرقت الدموع في عيني نيرن عطفاً على هذا الرجل . كان يقول الحقيقة دون شك . الحقيقة التي كانت تبدو من صوته الخافت المتألم .

وعاد يقول بصوت معذب : ربما كنت سامحتها على كذبها ذاك ولكنني لن أسامحها أبداً على عدم اطلاعي على حملها مني . كان عليها أن تخبرني ، كان لي الحق في أن أعلم .... كيف أمكنها أن تكون بكل تلك الأنانية ...

وكانت الشهقة المفعمة بالذهول والتي ملأت جو الكوخ ، كانت من الألم الذي ينضح منها ما ظنت نيرن معه أنها صدرت عنها هي ... فهي لم تصدر عن ستروم لأنه أبدى مثلها دهشة وعجباً وقد بدت عيناه حادتين متسائلتين . ذلك أن الشهقة كانت صدرت عن كيلتي .

كان منبطحاًَ على بطنه وقد أخفى وجهه بين ذراعيه وسرى في نفس نيرن الهلع . انه لم يكن نائماً ، فلا بد انه سمع كل شيء إذن ، ولم تستطع أن ترى وجهه ولكنها استطاعت أن تتصوره . لقد كان يحب أمه كثيراً وكان يرى العالم كله ممثلاً في هوغ .. الرجل الذي كان يظنه آباه .

وها هو ذا الآن يعلم انه كان يحيا حياة الكذب وان هذا الرجل الغريب الذي اقتحم حياته هو أبوه . انه يعلم الآن حقيقة ما حدث في الماضي وربما يمزق علمه هذا نفسه أشتاتاً .. تماماً كما تمزقت نفس ستروم وما زالت .

وهمست من خلال دموعها : آه يا للهول .....

ووقف ستروم وهو يقول بصوت معذب : لم اكن أريده أبداً أن يعرف ....

وجاء صوت كيلتي خشناً وهو يقول بألم : ولكنني كنت اعلم مسبقاً انك أبي . لقد سبق وعلمت ذلك، لقد كنت أنا من ... ، ولم يستطع أن يتابع كلامه .

وساد الصمت لحظة ، ثم همس ستروم ببطء وذهول : هل كنت أنت من استأجر المحامي لكي يقتفي اثري؟ لقد ظننت أن أمك هي التي فعلت ذلك قبل موتها وإنها هي التي حركت الأمور لغاية في نفسها .. وكنت افترضت أيضاً أنها اخفت عنك الحقيقة لكي لا يعلم أحد بان هوغ لم يكن أباك الحقيقي ....

وسألته نيرن : ولكن من أين حصلت على النقود آجرا للمحامي يا كيلتي؟ إن القليل الذي تركه والداك لم يكد يكفي تغطية تكاليف الجنازة؟

فأجاب : من بيع آلة التصوير .

فهتفت : آلة التصوير .

لقد اتضح الآن كل شيء وشعرت بغصة في حلقها وهي تتابع : لقد بعت آلة التصوير إذن لكي تدفع أجرة المحامي ...

وهتف ستروم وقد بان الندم في ملامحه : آه ، هذا هو السبب إذن في قولك انك كنت بحاجة إلى ثمنها ...

فأجاب كيلتي بهدوء : نعم ، وليس لأشتري المخدرات .

فقال ستروم : إنني آسف لقولي ذاك ، وان كنت أعلم أن أسفي هذا لا يكفي .. فهل بإمكاني أن اسحب كلامي؟ كل ما بإمكاني الاعتذار به هو انه كان صادراً عن اهتمامي بك .

فأجاب الغلام وقد بدا الإرهاق في صوته : نعم لا بأس إنني متفهم ذلك .
منتديات ليلاس

 
 

 

عرض البوم صور وداد التميمي   رد مع اقتباس
إضافة رد

مواقع النشر (المفضلة)

الكلمات الدلالية (Tags)
منتدى روايات عبير المكتوبة, grace green, دار نحاس, دعني أحبك, دعني أحبك - عبير دار نحاس, روايات عبير, روايات عبير المكتوبه, رواية دعني أحبك, snowdrops for a bride, عبير دار نحاس
facebook




جديد مواضيع قسم روايات عبير المكتوبة
أدوات الموضوع
مشاهدة صفحة طباعة الموضوع مشاهدة صفحة طباعة الموضوع
تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة
Trackbacks are متاحة
Pingbacks are متاحة
Refbacks are متاحة


LinkBacks (?)
LinkBack to this Thread: https://www.liilas.com/vb3/t81777.html
أرسلت بواسطة For Type التاريخ
Untitled document This thread Refback 27-03-10 12:35 AM


الساعة الآن 02:19 AM.


 



Powered by vBulletin® Version 3.8.11
Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd.
SEO by vBSEO 3.3.0 ©2009, Crawlability, Inc.
شبكة ليلاس الثقافية