لمشاكل التسجيل ودخول المنتدى يرجى مراسلتنا على الايميل liilasvb3@gmail.com






العودة   منتديات ليلاس > القصص والروايات > قصص من وحي قلم الاعضاء > القصص المكتمله من وحي قلم الاعضاء
التسجيل

بحث بشبكة ليلاس الثقافية

القصص المكتمله من وحي قلم الاعضاء القصص المكتمله من وحي قلم الاعضاء


إضافة رد
نسخ الرابط
نسخ للمنتديات
 
LinkBack أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
قديم 05-05-07, 07:45 AM   المشاركة رقم: 6
المعلومات
الكاتب:
اللقب:
ليلاس متألق


البيانات
التسجيل: Feb 2007
العضوية: 24072
المشاركات: 254
الجنس أنثى
معدل التقييم: قلب الجبل عضو على طريق التحسين
نقاط التقييم: 66

االدولة
البلدSaudiArabia
 
مدونتي

 

الإتصالات
الحالة:
قلب الجبل غير متواجد حالياً
وسائل الإتصال:

كاتب الموضوع : قلب الجبل المنتدى : القصص المكتمله من وحي قلم الاعضاء
افتراضي

 

الفصل السادس<فقدته و إلى الأبد>

استيقظت في الصباح الساعة التاسعة على أشعة الشمس التي أحرقت وجهها نظرت إلى الساعة لم يكن من عادت والدها أن يتركها حتى هذا الوقت المتأخر ذهبت إلى الحمام و وقفت تحت المياه الدافئة المنعشة ثم نزلت إلى الأسفل وبطبيعة الحال كان ذلك قفزاً دخلت على أبيها في المطبخ وهو يقرأ صحيفة اليوم
"صباح الخير يا أبي"
"صباح الخير كاثي لما لم تنادي علي لأساعدك على النزول "
"لا حاجة لذلك هل قالوا لك أني عجوز ميئوس من شفائها ثم إن القفز تمرين لقدمي الأخرى"
"أنتِ عنيده "
"مثلك تماماً "
"كلا أنت مثل أمك العنيده التي ترفض أن تستمع ألي أو أن تخبرني لماذا تركتني ؟ "
" صدقني يا أبي ستعود إلى رشدها قريبا أمهلها فقط بعض الوقت أنها تحبك ولن تتخلى عنك وهي تشعر بحاجتها إليك كما تشعر أنت وعاجلا أم أجلا سترد على اتصالك المهم ألا تتوقف عن ألمحاوله لتشعر باهتمامك"
"لم أكن اعرف انك مهتمة بعلم النفس والفلسفة"
"أنا أقول ما يمليه علي شعوري كامرأة"
"جيد دعيني أجهز إفطارك "
انشغل والدها بالطعام وتناولت هي الصحيفة وقالت في نفسها
"غريب ألا أرى وجه مارتن هذا الصباح ثلاثة أيام مرت على معرفتي به ولم يترك لي صباح دون رؤية وجهه ربما كان هذا اليوم إجازة لي ؟ سيكون هذا اليوم مريحا إذاً "
تجاذبت مع والدها أطراف الحديث ثم تركها ودخل مكتبه ليرى أعماله وأما هي فقد جلست في غرفة الجلوس لترسم.الوقت يمر وهي تشعر بالملل لأنها لا تستطيع الحركة وشعرت بأنها تريد أن يكون مارتن معها كان هذا الشعور سخيف وبدأت تقول لنفسها أنها لا تريده إلا لترد له الصاع صاعين مقابل كلامه الجريء فهي في كل مره تهدد ولا تنفذ شيء انتقام لنفسها توقعت أن يأتي في وقت الغداء لكنه لم يأتي وفي العشاء قال لها والدها
"لقد اتصل بي مارتن وقال انه لا يستطيع زيارتك اليوم ولا يعلم متى سيكون ذلك لكنه قال انه سيكون قريبا"
" الم يقل لك ما السبب؟"
" أرى انك أصبحت تهتمين به ؟"
" لا ليس الأمر كما تتوقع ولكنى أردت أن اعرف إذا كان جدا في صداقتنا أم لا؟"
" اطمأن أن مارتن رجل نبيل ولم يأتي بسبب تراكم إعماله "
كررت الكلمة في نفسها رجل نبيل وهي تشعر بشفقة على والدها المخدوع به بعد أن انهيا عشائهما ساعدها والدها على الوصول إلى غرفتها وذهب إلى غرفته مضى يوم ويومان ومارتن لا يأتي لهم ولا يتصل ولم تجرؤ كاثرن على سؤال والدها عنه وقدمها تتحسن يوما بعد يوم والطبيب يزورها بعد كل أربعة أيام ليطمئن عليها . وبعد مرور أسبوعان تحسنت قدمها ولم تعد تشعر بالألم وسمح لها والدها بالخروج معه إلى المزرعة وهناك أخبرها والدها بأنه سيقام في يوم الغد مزاد لبيع الخيول في ساحة قريب من مزرعة مارتن طلبت من والدها أخذها معه فرفض لكن تحت إصرارها وافق كانت كاثرن متشوقة لشمس الغد. لذلك ما أن سمعت صوت العصافير في صباح اليوم التالي استيقظت وجهزت الإفطار وأسرعت تركض إلى غرفة أبيها وهي سعيدة بأنها استطاعة الحركة دقت على الباب
"أبي استيقظ لا ينبغي أن تنام حتى هذا الوقت المتأخر إنها الخامسة"
فتح والدها الباب وهو يدعك عينيه
"لماذا أيقظتني كاثي لا يزال الوقت مبكرا كنت مستيقظاً ليلة البارحة واشعر برغبة شديدة في النوم"
"من قال لك أن تعمل حتى وقت متأخر على كل حال لقد جهزت الإفطار أسرع في النزول أنا انتظرك لا تتأخر"
"وما كل هذا النشاط! "
"إنها الحرية بعد السجن انتظرك في الأسفل"
قال لها والدها وهي تجرى مبتعدة
"انتبهي حتى لا تؤذي قدمك فهي لم تشفى تمام أيتها الشقية"
نظف توماس أسنانه واغتسل ثم بدل ملابسه و انظم إليها على الإفطار
"لماذا تأخرت؟"
" أنا متأخر؟! أنتي هي المبكرة يا عزيزتي لو خرجتِ لوجدت الناس لم يخرجوا من بيوتهم"
"لكنهم مستيقظين فأهل الريف نشيطون ينامون مبكرا ويستيقظون مبكرا ليسُ كأهل المدينة كدت أنسى لماذا كنت مستيقظاً ليلة البارحة؟ "
"كنت اعمل وصلتني رسائل من مساعدي أن هناك مشاكل تمر بها الشركة فبقيت طوال الليل أراجع الأوراق وأفكر في حل المشكلة "
"وهل توصلت إلى حل ؟"
تردد والدها قليلاً قبل أن يجيب
" لا تقلقي سيكون الأمر على ما يرام فهناك بعض الديون على شركتنا وأصحاب المال يطالبون بأموالهم وهذا من حقهم وقدرت الربح والخسارة وهناك صفقة إن كانت مربحة سيكون من السهل تخطي هذه الأزمة "
" عمل الشركة متعب لكني أريد أن أسألك سؤال هل ستتمكن من شرا فرس لي؟ "
" سأحاول المهم أن لا يكون المزاد مرتفعاً و إلا فلن أتمكن من شرائها "
"لا تهتم لن احزن لهذا قريباً سأعود إلى المدينة ولن اهتم بها وإن اشتريتها ستكون في الإسطبل المهم عندي أن احصل على فرس في العام القادم"
"لماذا؟"
"حتى أفوز على مارتن في سباق العام القادم "
" أنت شقية"
" كنت أمازحك "
ضحكا ثم قالت له كاثرن
"قل لي يا أبي بما أننا أتينا على ذكر مارتن لم يأتي إليك أو حتى يتصل بك منذ فترة طويلة"
" منذ تلك الليلة لم أره ولم يتصل بي أبدا "
" هل تتوقع انه أصيب بمكروه؟! "
" لا اعتقد ذلك فلو حدث له شيء لسمعت ذلك من أهل القرية ولأخبرني عمال مزرعته "
" الم تسأل عنه أو تتصل به ؟"
"لا ...مارتن لا يحب أن يسأله احد ماذا يفعل؟ إذا أراد أن يخبرني سيفعل دون أن اسأل "
" انه غريب الأطوار فعلاً "
" بل هذه من سمات الرجل الناجح حاولي أن تتعلمي من مارتن خصوصاً في إدارة إعماله فسيفيدك هذا وثقي أن عملك سيكون أكثر نجاحاً أذا أتممته في السر ثم اخبري به من تحبينهم ويحبونك قد يكون بينهم من يخونك وأنت لا تعلمين فيسرق مشروعك أو يفسد اتفاقك مع الشركات الأخرى أما الشخص الوحيد الذي أنصحك أن توقعي أوراقك معه بثقة فهو مارتن"
" هل شركته كبيرة مثل شركتنا؟ "
"هل تمزحين؟! إن له فروع في إنحاء البلد وهو أغنى مني بكثير انه انجح من جميع التجار و هذا عائد إلى حسن تصرفه و إدارته لإعماله برويه كما أنه لا يقدم على خطوة إلا بعد أن يدرسها جيداً أحب فيه رزانته وعقلة فهو يحمل أعباءً اكبر من سنه بينما هناك شباب في عمره تجدينهم يلهون ودون هدف أو أنهم يرضون بمستوى معيشة معقول و ليس لديهم روح الكفاح التي عند مارتن"
اثر كلام والدها فيها ورسم صورة عظيمة له في عقلها لكنها تذكرت طريقته وتكبره ونظرته لها و للمرأة لو كان لا يحمل هذه الصفات التي تكرهها فيه لكان عندها أعظم من إي رجل عرفته كما نبهها والدها أنها ستقدم على عمل متعب عندما تستلم الشركة لم تكن تعرف المسؤولية من قبل فكيف ستصنع الآن خافت من الفشل في إدارة الشركة وتضييع مال أبيها فقالت
" هل ستساعدني في إدارة أعمال الشركة؟ "
"سأوضح لك العمل ثم سأتركك "
" و إذا واجهت مشكله ولم اعرف لها حلاً من سيساعدني؟"
"المهم انه لن يكون أنا. ابحثي عن صديق مخلص وفيّ يساعدك"
" لن أجد صديق أكثر حبا لي ولا إخلاصا منك"
" بلى هناك..."
"اعرف مارتن"
أبتسم والده لها بلطف وهو يرى وجهها يتجهم لم تشعر بالخوف من شيء أكثر من ما تشعر به الآن ستكون تجربة صعبة بنسبة لها .ذهب والدها إلى مكتبه ورفض أن تدخل معه وأدعى أن وجودها معه سيؤثر على تركيزه فانصرفت تنظف البيت ثم خرجت إلى الحديقة تتنزه رأت الطاولة تحت ظل الشجرة فأعجبها ذلك. أحضرت كراستها وبدأت ترسم بغير هدف قلم هناك وريشة في زاوية الورقة وفي الوسط حمامة بيضاء وفوقها تماماً عين تدمع لفتاة جميلة وكأن الشعر المنسدل حول وجه الفتاة هي الرياح التي تدفع جناحي الحمامة وهكذا كان رسمها متنوع متداخلاً .في أثناء ذلك ارتسم ظل رجل على وجهها وكراستها رفعت رأسها إلى شاب يرتدي بنطال جينز. لم ترى وجهه من قبل فقال وهو يبتسم لها
" رسمك ليس سيء "
" كما انه ليس جميل من أنت؟"
"أنا أسف آنستي أنا ادعى بيتر المسئول عن إسطبل السيد ألبرت "
"أهلا بك هل تريد شيء ؟"
"أتيت لأسأل السيد ألبرت إن كان يريد مني أن أجهز سيارة الخيل واسبقه إلى ساحة المزاد فبعد الظهر سوف يبدأ المزاد و لا اعرف تعليماته لي؟ "
"حسنا اتبعني"
تركت كراستها واتجهت إلى البيت وبيتر خلفها قادته إلى المكتب واستأذنت له من أبيها فدخل عليه وصعدت هي إلى غرفتها. بدلت ملابسها و ارتدت بنطال جينز اسود وقميص أحمر رافعة شعرها بشريطه حمراء تاركةً خصلات منه على جبينها ثم نزلت ليلقاها والدها أسفل السلم
"عزيزتي يبدو أنك جاهزة للذهاب سنتحرك بعد عدة دقائق"
" لكني لم اعد غدائنا"
امسك والدها بكتفيها ونظر إليها بحنان
"لقد أتعبتك يا كاثي أتيت تقضين إجازتك وترتاحين فوجدت نفسك تعملين وتنظفين سأستضيفك اليوم في مطعم جميل في القرية "
" أبي أنت تعلم أن هذا طبيعي وأني تعودت أن اعمل في شقتي فكيف لا اعمل في بيتنا لكن لا بأس قبلت دعوتك"
"سوف أرتدي ملابسي وأعود في الحال "
" لما أنت في عجلة من أمرك لا يزال الوقت مبكراً؟"
" لن نذهب على السيارة سنستخدم الخيول والمسافة من هنا حتى ساحة المزاد نصف ساعة"
انتظرته حتى عاد إليها ومضت معه وهي مشغولة الذهن في الفرس التي سوف تشتريها ماذا لو لم يستطع والدها شرائها؟ فعليها ألا تظهر حزنها ولتشعره أنها سعيدة نظرت في عيني والدها هذا الرجل الذي بجانبها عانى كثير حتى وصل إلى هذه المرحلة بعد أن كان فقيرا لا يملك إلا القليل من المال لكن إرادته الفولاذية أوصلته إلى هذه المنزلة من الغنى بعد فضل الله وتوفيقه لم ترى كاثرن عيني أبيها تحمل الحزن مثل ما تراه الآن حاولت أن تعرف منه شيء عن سبب حزنه بشكل غير مباشر لكنه لم يوضح لها شيء فاستنتجت أن السبب كما ذكر لها من قبل الشركة و بقيت تمازحه وتلاطفه وتسلية حتى وصلا في الوقت المناسب فقد كان المزاد على وشك أن يبدأ و كاثرن واقفة على السياج مع أبيها تنظر لكل جواد يتم عرضه وفي كل مره يسألها والدها
" هل أعجبك هذا "
وترد عليه بنفس الإجابة
" لا ليس تمام "
حتى كثر سواد الناس و أصبحوا مزدحمين مر وقت طويل والخيل تعرض تلو الخيل و كاثرن لم تختر شيء حتى ظنت أنها لن تجد الفرس التي تعجبها ثم أُخرج إلى ساحة المزاد مهرة عربية سوداء رشيقة القوائم على جبينها غرة بيضاء عمرها سنتان أعجبت كاثرن بها و طلبت من والدها شراء هذه المهرة الأصيلة و بخبرته في الخيول عرف أن سعرها سيكون غالياً لكنه أراد أن يحاول عله يكسب المزاد وتمنى من أعماق قلبه أن يشتريها لكاثرن بدأ المزاد والسعر يرتفع وتوماس يزيد حتى وصل بها إلى سعر غالي لا يمكن توماس من شرائها به نظر إلى كاثرن وقال
"أنا أسف يا حبيبتي لا استطيع شرائها لك لكن انتظري الخيول الأخرى قد تجدين واحدة تعجبك"
ردت عليه بابتسامة عذبه وقالت بأسلوب مرح لتخفي حزنها على أبيها وعلى خسارتها للخيل التي عشقتها
"لا عليك كنت أريدها ولم يقدرها الله لي ولا حاجة لوجودنا هنا الحرّ شديد هل نخرج إلى القرية أني متشوقة لرؤيتها ولا تنسى الغداء الذي وعدتني به فأنا جائعة"
انسحبا بهدوء وأمر توماس بيتر أن يعود إلى المزرعة ولم يشعران بعيني مارتن تنظران لهما ولا زال المشترون يزيدون في السعر حتى اشتراها احد الأغنياء. انتهى المزاد و سأل مارتن احد عامليه
"هل تعرف أين اتجه السيد ألبرت؟ "
"اجل يا سيدي لقد اتجها إلى القرية"
وجه إلى عماله تعليماته و ذهب إلى القرية ليقابل توماس و وجدهما في المطعم الذي اعتاد أن يرتاده هو وتوماس مشى إلى طاولتهما وقام له توماس عندما رآه قادم واحتضنه بقوة
" أين كنت؟؟ اشتقت لك أيها الرجل"
"كان لدي أعمال في المدينة فاضطررت إلى السفر وعدت بالأمس في وقت متأخر من الليل"
نظر مارتن إلى كاثرن التي كانت واقفة بدورها لترحب به وقد قررت عدم أظهار بغضها له مد يده يصافحها
"كيف حالك يا كاثرى؟"
" أنا بخير و أنت ؟"
" كما تريني في أحسن حال ماذا عن قدمك أرى أنها تحسنت"
" هذا صحيح وشكرا لك على صنيعك معي "
ثم قال توماس
"تفضل معنا على الغداء إننا لم نتناوله بعد "
"أليس الوقت متأخر؟ "
"أعرف ولكن كاثي أمضت معظم الوقت في التسوق"
جلسوا جميعا ً وامضوا وقتا طيبا ثم استأذن مارتن وبقي توماس وأبنته في القرية حتى وقت المساء ثم عادوا إلى البيت قبل غروب الشمس وقفا على الباب وهما على وشك الدخول فستوقفهم صوت بيتر القادم نحوهما يهرول
"مساء الخير سيد ألبرت"
"مساء الخير يا بيتر ماذا هناك"
"أردت أن أسألك أين أضع هدية الآنسة؟"
قالت كاثرن
"هدية! أي هدية تتحدث عنها يا بيتر؟"
" لابد إنكما لا تعلمان شيء عنها"
قال توماس
" اختصر يا بيتر ما هي الهدية؟"
" أنه مهر يا سيدي فهل أضعه مع باقية الخيول في الإسطبل أم أفرده لوحده "
دهش توماس لدى سماعه كلام بيتر
"وأين هو الآن؟"
"انه في العربة هناك يا سيدي"
أسرعت كاثرن تركض نحو العربة خلف بيتر بينما وضع توماس الأكياس التي في يده على الأرض ومشي خلفهما في هدوئه المعتاد وقال توماس لبيتر
"أخرج المهر لأراه "
"حاضر سيدي"
فتح بيتر العربة وأخرج المهر وقعت عين كاثرى على الحصان فصاحت من الفرح وطوقت بذراعيها عنق أبيها
" أبي إنها نفس المهرة التي كنت أريدها أليس كذلك ؟ اخبرني بيتر من الذي أتى بهذه الهدية؟"
" رجل لا أعرفه لكني أتوقع أن يكون احد العاملين في مزرعة السيد روبرتسون لأنه قال لي أن السيد روبرتسون يقدم هذه الخيل إلى الآنسة ألبرت ويبلغها تحياته"
وقع اسمه كالصاعقة على رأسها لابد انه دفع في هذا المهر الكثير لأنها قالت له انه قتل جولاري لكن كيف عرف أنها أرادت هذه الخيل بذات أكان معهم في المزاد؟. أمر والدها بيتر أن يفرد الخيل لوحده وطلب منها أن تعود معه إلى البيت فقالت له أنها ستلحق به بعد دقائق ذهب والدها وهي تمسح عنق الخيل ثم قالت لبيتر
" هل يمكنني ركوبها الآن؟"
"كلا يا آنستي انه غير مروض "
" وكم سيستغرق ترويضها؟"
"لا اعلم؟ تعالى غدا صباح إلى الإسطبل وشاهدي ترويضه إن أردت وفكري باسم له"
"حسن لكن إياك أن تبدأ بذلك قبل أن أأتي "
عادت إلى والدها الذي شعر بسعادة لأجلها ولان علاقتها مع مارتن ستصبح أقوى .وفي الليل قبل أن تنام قررت أن تشكر مارتن على هذه الهدية وتسأله عن سبب شرائه هذه الخيل بذات ترى لماذا تشعر بالخوف كلما ذكر أسمه أو تذكرت عيناه رماديتان ؟.أشرقت الشمس وارتفعت وأصبحت الساعة التاسعة وبيتر واقف ينتظر وصول كاثرن . رآها من بعيد بقوامها الرشيق الفاتن وقد ارتدت بنطال رمادي فاتح اللون وقميصاً حريرية أبيض مغلق بربع كم كاشفةً عن ذراعيها و تاركة شعرها الأحمر لهواء الريف يحركه يمنة ويسرة استقبلها باحترام وقالت له
"هل بدئت بترويضها؟"
" كلا لم افعل كنت انتظرك هل قررت ماذا ستسمينه؟"
" لا هل لديك اسم تقترحه ؟"
" أنا لا أحسن تسمية أسماء جميلة مثلكن انتن الفتيات "
استندت كاثرن على السياج الخشبي عندما دخل بيتر إلى الداخل و يقفل البوابة خلفه فقالت
"هل عشت مع الخيل كثيرا يا بيتر"
ضحك وقال لها
"آنستي أنا منذ طفولتي وأنا معها كان والدي المسئول عن هذا الإسطبل وبعد وفاته وضعني السيد ألبرت مكانه"
" إذا اقترح لي اسما... ما أكثر اسم أعجبك من بين كل الخيول التي عرفتها "
فكر بيتر قليلا ثم قال
" هل يعجبك اسم شاكي"
"انه اسم جميل لكنه لا يصلح إلا لذكر "
ضحك بيتر من كلامها فسألته عن سبب ضحكه فقال
" وما المشكلة في هذا؟ "
" المشكلة أن المهرة أنثى وهذا الاسم لا يناسبها "
" من قال لك هذا؟ "
"أنا "
" أسف يا آنستي إن كنت أغضبتك لكن ما قصدته من كلامي أن الخيل ذكر وليس أنثى"
"لم تخبرني ذلك بالأمس"
" ظننت انك تعرفين هذا"
" الحقيقة أني لم انتبه لأني كنت واثقة من أنها أنثى هيا يا بيتر أنا متشوقة لرؤية ترويضك له"
اتجه بيتر إلى شاكي و وضع السرج فوق ظهره و استعد لركوبه و كاثرن تراقبه ويديها ممسكة بخشبة السياج بقوة تنظر إلى بيتر و الخيل تقفز به وتركض وهي تذكرت جولاري يوم أن ألقتها على الأرض وتمنت ألا يصاب بيتر بمكروه . لا يزال بيتر صامداً زادت عصبية الجواد و أطار بيتر في الهواء ليقع على ظهره والجواد يركض نحوه قام على عجل وركض بسرعة نحو السياج لكن قدمه تعثرت وسقط على وجهه و من شدة خوف كاثرن قفزة بسرعة إلى الداخل وركضت أمام الجواد الثائر لتبعده عن بيتر جرى الجواد خلفها ولم تلتفت كاثرن إلى الوراء أبدا أسرعت إلى الجهة التي أمامها و وضعت يدها على السياج وقفزة بشكل رياضي مبتعدة إلى الخارج. نظرت إلى الجواد الذي يضرب بقوائمه الأرض بشدة وسمعت صوت تنفسه السريع وهو يدور في مكانه بعصبية. نظرت بعيدً إلى بيتر وهو ينفض الغبار عن ملابسه اتجهت نحوه تركض
"هل أنت بخير يا بيتر هل تأذيت؟"
" أنا بخير آنستي ما كان عليك تعريض نفسك للخطر من أجلي لو أصابك مكروه فلن يسامحني السيد ألبرت أبداً أرجوك لا تخبريه بما حدث فلو علم لن يبقيني هنا يوما واحدا "
مدت يدها تمسكه بذراعه لتساعده على الوقوف
" لا تخف لن اخبره المهم انك بخير"
لكن قلبيهما انتفضا من الخوف بسبب صوت مارتن وهو يترجل من حصانه الأسود ويركض نحوهما بعصبية و وجهه عابس
" ما الذي فعلته يا بيتر هل فقدت عقلك؟ "
جف حلق بيتر ولم يستطع الكلام أمام سطوة مارتن ولعلمه بعلاقته القوية مع سيده عرف أن مستقبله كله قد انهار
" قل لي هل أنت بخير؟ هل تحتاج لأخذك إلى الطبيب؟ "
"لا أنا بخير يا سيد روبرتسون"
صاح مارتن في وجهه
"ما كان عليك أن تبدأ بترويض الجواد بهذه السرعة كان عليك أن تتودد أليه حتى يعرفك ثم تروضه أم انك تجهل هذا؟"
" لا يا سيدي لكني أردت ترويضه بسرعة لتتمكن الآنسة من ركوبه"
هنا زادت حدت مارتن وقال
" وتعرض نفسك للخطر من اجل فتاة حسناء لا تقدر خطورة ما تقوم به؟ إياك أن تكرر هذا هل تفهمني ماذا لو علم سيدك مؤكد انك ستغادر هذا المكان الساعة"
"أنت لن تخبره؟ أنت تعلم أني شاب فقير ولي أمٌ ضعيفة وليس لنا مصدر رزق إلا عملي هذا"
رق قلب مارتن لذكر أم بيتر وذهب غضبه من بيتر لذكر تلك العجوز التي كانت في أيام شبابها تلاعبه وهو طفل صغير وعندما ولدت بيتر طلبت منه أن يراقبه وان يكون له الأخ الأكبر وضع مارتن يده على كتف بيتر وقد هدأت أعصابه وقال بصوت رخيم
"هدئ من روعك يا بيتر لن اخبره لكن عدني ألا تتهور مرة أخرى وأن تتصرف بحكمة مثل أبيك "
" أعدك "
"اترك الحصان حتى يهدئ و انصرف إلى عملك ولا تحاول ترويضه بعد اليوم فسأهتم أنا بهذا "
ذهب بيتر وهو مطمئن تاركا كاثرن مع مارتن وهي تحاول السيطرة على أعصابها لكن مارتن التفت إليها و صرخ في وجهها بغضب وكأنه أسد جائع لم يأكل من فترة طويلة
" وأنت أيتها الجميلة كيف تسمحين لنفسك أن تؤذي هذا الرجل المسكين هل تريدين قتله بتصرفك الساذج كما فعلت بجولاري؟"
ارتجفت كاثرن و ما كادت تخرج الكلمات من فمها
"أنا لم اقصد هذا ...لقد حاولت إنقاذه وكدت أموت أنا أيضا..ولو كنت اعلم أن ترويض الخيل بهذه الخطورة ما طلبت منه أن يفعل"
"وبما انك لا تعرفين لم تحشرين انفك في كل صغيرة وكبيرة فيما ليس من شأنك "
لم ترد كاثرى عليه وتفادت النظر إلى عينيه الرماديتين لأنها تشعر بالذنب اتجاه بيتر نظر مارتن أليها ثم أمسك شعره الناعم ورفعه عن جبهته .ما زالت يده ممسكة بشعره الكستنائي ويده الأخرى داخل جيب بنطاله البني الغامق ينظر في الأفق .خرجت من بين شفتيه آهةٌ خفيفة وكأنه يحاول ضبط أعصابه المفقودة رفعت بصرها إليه فالتقت بعينه أنزل يده عن رأسه وأشار بسبابته أما وجهها وقال بصوت منخفض غاضب
"لولا عناية الله لكنت أنت أو هو في عداد المعاقين أو الموتى ولأفقدت الأم العجوز ابنها الوحيد بعد أن لم يبقى لها في هذه الحياة إلا هو أتدركين حجم المعانة التي ستعانيها لو مات أبنها أو عاش معاق وكأنه ليس مع الأحياء؟ "
ثم رفع صوته أكثراً صارخاً بها
" هل تفهمين ما قلت يا كاثرى هل تعرفين ما أعني؟ "
قذف صوته أرعب في قلبها وهز أعماقها أنها على وشك البكاء فقد أحمر وجهها و امتلأت عينها بدموعها تباً له لم تشعر بضعف أمام أحد ولم يهز يوم شخص ثقتها بنفسها وقوة شخصيتها سوى مارتن كان صوتها مختنق وهي تتوسل أن يكف عن تأنيبها
"مارتن كفى أرجوك اعلم أني أخطأت و قلت لك أني لم أكن اقصد ذلك فأنا لا أعرف عن ترويض الخيل شيء"
لكن مارتن لم يستجيب لها ومرر يده أمام وجهها بعصبيه وقطع كلامها صارخا
"أذاً ابتعدي عن هذا المكان و اتركي الرجال يعملون بسلام ولا تسببي لهم المتاعب فيطردون ولا يجدون عملاً فهم أناس فقراء"
لم تحتمل كاثرن كل هذا السلطة منه وطريقته القاسية في العتاب وقد اعترفت له بخطاها فغضبت هي الأخرى وصرخت فيه
" توقف عن الصراخ في وجهي و لا تنسى أنك تحاسبني فوق ارضي وأنا التي عليها أن تحاسبك على دخول أرضها كل يوم دون أستاذان وتدخلك في شئنها"
كانا يتكلمان بصوت مرتفع فتوقف من حولهم عن العمل وأخذوا ينظرون أليهم لكنهما لم ينتبها واستمرا بالصراخ أشتعل الغضب في قلب مارتن و حاول ضبط أعصابه قبل أن تنطلق يده لصفع وجهها فقال بلهجة ساخرة
"ماذا؟... هل ستمنعينني من دخول هذه الأرض وبصفتك من؟"
"بصفتي مالكة هذه الأرض"
"عندما تكون ملكك أعدك أن لا تخطو قدمي فوقها "
"قلت لك إياك أن تدخل هذه الأرض إلا بأذني يا مارتن أنا أحذرك"
"وإن لم أفعل ؟!"
"سأتدخل أنا "
قال هذا توماس الذي لم يسمع إلا كلامهما الأخير فغضب من أجل أبنته و إن كان يحب مارتن ولكن هذا لا يبرر ترك مارتن يتكلم مع كاثرن بهذه الطريقة وأمام من يعملون عنده لم يعرف توماس سبب الشجار الذي وقع بينهما فتسرع في كلامه نصرةً لبنته التي رأى عينيها تحبس دموعها تجمدت كاثرن في مكانها ولم تستطع أن تتحرك وعينيها مثبتتان باتجاه مارتن أما مارتن رفع رأسه ونظر إلى توماس الرجل الذي أحبه كأبيه عندما أراد أن يتم كلامه
" أعتقد انك سمعت ما قالته يا مارتن"
رد مارتن عليه وهو في غاية الأدب والاحترام له
"صباح الخير سيد ألبرت؟"
" صباح الخير يا مارتن هل استوعبت كلامي ؟"
نظر مارتن إلى الواقفة أمامه وهي تنظر إليه جامدة لا تحرك شيء حتى عينيها وكأنها قد صعقت بتيار كهربائي عقد حاجبيه لها ثم التفت إلى توماس بقسمات وجه هادئ و أغلق عينيه وهي يقر في دخله أنه كان كأبيه وسيبقى كذلك فلا ذنب له أنه لا يعرف ما حدث بينهما لذلك هو يعذره ويتمنى أن ينتهي هذا قريبا وان لا تزيد ابنته الشقاق بينهما أما هي فلن ينسى يوم دخولها هذه القرية الهادئة لأنه في ذلك اليوم دخلت المتاعب معها ...الآن عرف لما نفر قلبه منها من أول لقاء وردد في داخله
"أنا أكرهك يا كاثرى"
فتح مارتن عينيه ونظر إلى توماس وقال
"أجل يا سيد ألبرت استوعبت كلامك جيداً ولم أعرف أن هذا رأيك أيضاً علي أن أذهب"
"قبل أن تذهب عليك أن تعتذر لكاثي"
شعر مارتن بحبل حول عنقه كان يحاول أن يجنبها الخطر ويرى نفسه الآن المخطئ ويعتذر لها. أدرك مارتن أن حظه عاثر اليوم و أنه اسود مثل القميص الذي يلبسه الآن .نظر إلى كاثرن الواقفة كصنم لا حياة فيه وتمنى لو يصفعها لتفيق من سكرتها التي هي فيها . أما هي فشعرت أن الدنيا تدور بها لسماعها الحوار الجاف بينهما بسببها وكأنهما لا يعرفان بعضهما أبدا مع أنها تعلم مقدار حب كل منهما للأخر .حدثت نفسها أنها تحلم لكن بعد أن التقت عينيها بعيني مارتن الغاضبتين وسمعت اعتذاره
" اعتذر عما بدر مني يا آنسة ألبرت لابد أن أذهب فلدي أعمال أقوم بها"
علمت أنها لا تحلم تحرك مارتن مبتعدا عنها وعينيها لا تزالان على ظهره لم تقصد كل كلمة قالتها له لم تكن إلا لرد اعتبارها بقيت تنظر إلى الرجل المرتدي بنطال بنيً غامق وقميصاً اسوداً ضيقً ملتصق بعضلاته وهو يمتطى صهوة جواده الأسود بهدوء تحرك الحصان مبتعدا يحمل فوق ظهره فارسه الذي يداعب النسيم شعره الكستنائي فعلمت أنها فقدت مارتن و إلى الأبد .



 
 

 

عرض البوم صور قلب الجبل   رد مع اقتباس
قديم 05-05-07, 07:46 AM   المشاركة رقم: 7
المعلومات
الكاتب:
اللقب:
ليلاس متألق


البيانات
التسجيل: Feb 2007
العضوية: 24072
المشاركات: 254
الجنس أنثى
معدل التقييم: قلب الجبل عضو على طريق التحسين
نقاط التقييم: 66

االدولة
البلدSaudiArabia
 
مدونتي

 

الإتصالات
الحالة:
قلب الجبل غير متواجد حالياً
وسائل الإتصال:

كاتب الموضوع : قلب الجبل المنتدى : القصص المكتمله من وحي قلم الاعضاء
افتراضي

 


الفصل السابع <هل ترفضين>


سارت كاثرن مع والدها إلى المنزل وحانت منها نظرة إلى الجواد الغاضب داخل السياج لم تكلم والدها بسبب ما حدث حتى دخلُوا إلى المنزل فاتجهت إلى غرفتها تركض .هناك شيء في قلبها لا تستطيع إظهاره أمامه. توماس دخل مكتبه وأغلق الباب وجلس على كرسيه وضعاً رأسه بين يديه المشاكل تحاصره من جميع الاتجاهات من كل مكان وفي وقت واحد. دخلت كاثرن غرفتها ورمت نفسها فوق السرير وبكت حتى فرغت شيء كبير من داخلها لكن بقي شيء لم يخرج وقد تعبت من كثرة البكاء ورأسها أصبح يؤلمها أبقت رأسها على الوسادة المبتلة أرادت النوم فلم يأتي النوم إلى عينيها التي لا ترى سوى رحيله. عضت على شفتها السفلى وما أسرع ما تجمعت الدموع في عينيها مدت يدها إلى دفتر داخل الدرج لم تشتريه من سوق القرية إلا لتحتفظ به فقد كان جميلاً ولم تتوقع يوم أن تكتب فيه . أخذت قلما وبدأت تكتب كيف أنه أهداها الخيل ثم رحل وهو غاضب دونت كل ما حدث وهي تصف مارتن بالجواد الغاضب وأخذت تصور شخصيته وصفاته من أول لقاء لهما إلى يوم رحيله فكرت أنها لم تكون صورة رائعة عنه لكن هكذا كانت تراه انتهت من الكتابة وهي تفكر أنها يوم كانت بين أصدقائها لم تكن تفعل هذا أغلقت الدفتر وأدخلته في الدرج ثم خرجت تغسل وجهها ولبست بنطال ابيض و قميصاً أسوداء طويلة الأكمام نظرت في نفسها في المرآة كان واضح على وجهها أثار البكاء وضعت قليل من الماكياج لإخفائه ثم نزلت إلى الأسفل شعرت أنها بحجة للخروج و لن تستطيع أن تطلب من أبيها ذلك فكتبت له ورقة وتركتها بجانب المزهرية وهي تعلم انه سيغضب ثم خرجت إلى القرية .كان عقلها في الطريق يفكر بمارتن ورحيله لم تكن تريده أن يذهب غاضبً وبعد أن أهداها المهرة التي كلفته الكثير من المال " لقد تسرعت" أحاسيس غريبة تخالج في قلبها ومشاعر متلاطمة في داخلها أنها مسالمة وتكره أن يكون هناك من يكرها وما بقيت تعرف ما تفعل لتصلح الأمور بين مارتن وأبيها ثم ترحل إلى لندن وأصدقائها وصلت إلى القرية و توجهت إلى مشتل الورود واشترت باقة حمراء لتضعها في غرفة الجلوس ودخلت إلى متجر التحف بجانبه لتبحث عن تحفة جميلة هدية لصديقتها المفضلة في لندن عند عودتها . اتجهت إلى البائع كان شاب وسيم أزرق العينين وله شعر أشقر قام يعرض عليها أجمل ما لديه وابتسامته العذبة لا تفارق شفتيه وفجأة غابت الابتسامة من وجهه و تجمد في مكان و تسمرت عيناه خلف كاثرن مما استدعها إلى النظر خلفها لترى مارتن واقف ينظر إلى البائع بحده امسك مارتن ذراعها وسألها أن تخرج من المتجر وتنتظره في الخارج ولأنها لم ترد الشجار معه وافقت وانتظرت عند الباب. سمعت صوت زجاج يتكسر وضرب وصراخ البائع. حدثها قلبها أن تدخل لكنها بقيت مكانها و ما هي إلا دقائق حتى خرج مارتن لها و أمرها بضجر أن تعود إلى البيت و ألا تأتي إلى القرية وحدها وإن احتاجت إلى شيء فالترسل احد عاملي أبيها ثم نظر إليها باحتقار بالغ و أعطاها ظهره ذاهباً فاستوقفته
"مارتن كف عن إلقاء الأوامر هكذا لماذا تطلب مني ألا أذهب إلى القرية وحدي أريد تفسير لهذا كما أريد أن اعرف ما ذا فعلت بالبائع؟ لقد سمعته يصيح ويستنجد "
" تخافين عليه سأخبرك بما انك أردت أن تعرفي أن هذا البائع زير نساء وأمرته أن يبتعد عنك "
"هل ضربته؟ "
" طبعا وماذا تتوقعين مني أن افعل وهذا لأجل أبيك لا أريدك أن تأتي إلى القرية حتى لا تقابلي أمثال هذا من الرجال و القرية صغيرة وينتشر فيها الكلام والإشاعات و أنا لا أريد أن يمس اسم عائلة السيد ألبرت بسوء أعتقد أنك فهمت الآن"
قالت بسخرية رداً على الشتيمة خلف كلامه
" ولماذا لم توضح لي أن الأمر كذلك حتى أفهمك ولا أظن بك ظناً سيء"
"أخبريني هل من الضروري يا جميلة أن تتبرجي قبل ذهابك إلى القرية بوضع المساحيق على وجهك"
كانت أساة لاذعة منه ولفته ****ة يقصد ورائها الكثير من المعاني ركب مارتن جواده وقال لها بعصبية
"أمتطي جوادك بسرعة "
" ماذا ؟ "
قال مهددا وبنظرة صارمة
" أسمعي لست في مزاج جيد لأتحدث معك أمتطي جوادك فليس لدي وقت "
شعرت كاثرن بضعفها أمام تهديده كما أنها تريد إنهاء الخلاف بأسرع وقت لذلك ركبت حصانها بصمت وفي يديها باقة الورود ابتعدوا عن القرية فسألها
"ماذا كنت تفعلين هنا؟ "
" ليس هذا من شانك"
" هل يعلم والدك بخروجك ؟ "
"كلا تركت له ورقة"
صاح بضجر ودهشة
" خرجت بدون علمه ؟؟؟؟ "
فصرخت في وجهه بنفاذ صبر
" قلت لك أني تركت له ورقة ثم أني لست طفلة لتعاملني بهذه الطريقة المتعالية "
قال بغضب
" أجل فأنت فرس جموح يحتاج إلى ترويض"
" وأنت حيوان متوحش "
" كفي عن مجادلتي أيتها الغبية "
" أنا لست..."
" أصمتي أنت صغيرة مشاكسة جريئة فا بعد كل الذي فعلته بيني وبين السيد ألبرت تناقشين "
" أنت الذي استفزني "
" أتعرفين ماذا أتمنى....أن أصفعك على وجهك الجميل لتعودي إلى رشدك"
قال كلمته بطريقة جعلت كاثرن تشعر بمدى الغضب في داخله وكرهه لها كانت على وشك أن تتكلم وتذكرت إنها لن تقضي هنا إلى أيام قليلة لتصلح بينهما ثم تذهب إلى أصدقائها بقيت صامته ولاحظ هو صمتها المفاجئ ولم يهتم لها أكملا طريقهما حتى اقتربوا من المنزل فقال قبل أن يبتعد
"إياك أن تخرجي من المنزل مرة أخرى لوحدك دون علم والدك يا صغيرة"
ثم ابتعد مضت إلى المنزل وهي تشعر بضيق شديد من كرهه لها ونعته لها بالصغيرة التفتت إلى غرفة الجلوس و رأت ورقتها كما هي وضعت الورود بجانب ورقتها و اتجهت إلى مكتب أبيها .دقت الباب فلم يرد احد ظنت انه خرج إلى المزرعة مسرعاً ولم يرى رسالتها أو يكون خرج للعمل .ذهبت إلى المزرعة و شاهدت بيتر يعمل. سألته إن كان رأى والداها فأكد لها انه لم يخرج وحصانه لا يزال في الإسطبل و أن سيارته في الكاراج. قلقت كاثرن على والدها فأسرعت إلى البيت وطلبت من بيتر أن يتبعها وصلوا إلى باب المكتب دقت الباب بطريقة مزعجة ونادت أبيها بصوت مرتفع ولم يرد احد أثار سكون البيت الواسع الخوف في قلبها اتجهت إلى الأعلى لتنظر إن كان في غرفته لكن الغرفة كانت فارغة نزلت إلى بيتر الذي ينتظرها في الأسفل و صرخت فيه
"بيتر إن أبي غير موجود في غرفته "
" إهدائي يا آنسة ألبرت لابد أن يكون في مكان ما ونحن لا نعلم "
" أين يمكن أن يكون...اكسر هذا الباب حالاً يا بيتر"
"ولكن ..."
"قلت لك أكسره ..."
دفع بيتر الباب عده مرات ثم استجمع قوته وكسر الباب أسرعوا إلى الداخل و وجدوا توماس على كرسيه ورأسه ملقى فوق المكتب أمسكته كاثرن وهي تبكى خوفاً عليه وتهزه وتناديه لكن دون فائدة أبعدها بيتر عنه وأعاد سيده على كرسيه وتحسس نبضة وتنفسه فوجدهما بشكل طبيعي التفت إلى كاثرن وأخبرها انه بخير. أمرته أن يخرج إلى مارتن الذي لم يبتعد عنهم وأن يطلب منه القدوم إلى هنا ثم يمضي في طريقه و يحضر الطبيب ركب بيتر حصان كاثرن وأسرع في اثر مارتن وأخبره بما حدث وأكمل طرقه إلى بيت الطبيب بينما اتجه مارتن بسرعة نحو بيت السيد ألبرت واتجه مباشرة إلى المكتب. شاهد كاثرن واقفة على ركبتيها تبكي ورأسها في حجر والدها الملقى على الكرسي أبعدها مارتن و حمل توماس على كتفه وصعد به إلى غرفته و مدده فوق السرير نظر خلفه ليرى كاثرن فلم يجدها بحث عنها.و وجدها في مكانها تبكى أخذها إلى غرفة الجلوس وعاد إلى توماس الذي فتح عينه كان شاحب الوجه ويشعر بدوار في رأسه مما أقلق مارتن كثيراً عليه كان يحاول تهدئته إلى حين وصول الطبيب وصل الطبيب فأسرعت كاثرن به إلى فوق وبيتر خلفهما أمرهم الطبيب جمعيهم بالخروج وأغلق الباب خلفه. نظر مارتن إلى العينين الباكيتين القلقتين
"بيتر عد إلى عملك وأنتِ يا كاثرى لننزل إلى الأسفل"
ذهب بيتر إلى عمله أما هي فقالت
" كلا سأبقى هنا حتى يخرج"
"لن يفيدك هذا وأنا واثق انه بخير أنه قوي البنية ولا يعاني من إي مرض هيا لا تكوني عنيدة"
لم تستجب له و بقية واقفة تبكي لم يكرر كلامه وأخذ يمشي في الممر ذهاباً وإياباً حتى خرج لهما الطبيب و أخبرهما انه بخير لكنه أغمي عليه من قلة النوم ونقص الأكل وكثرة الإعياء والقلق ونصحهم أن يلزم الراحة و لا يجهد نفسه ويرهق أعصابه كما أمرهما بأبعاد كل ما يوتره اخذ مارتن الطبيب إلى الأسفل ودخلت كاثرن على والدها النائم مشت بهدوء وجلست على جانب السرير. ودع مارتن الطبيب ودخل على كاثرن وهي تمد يدها لتمسح رأس أبيها فأوقفها مارتن وقادها إلى الخارج ليرتاح السيد ألبرت
لم تكف كاثرن عن البكاء على أبيها وجعل هذا مارتن يذكر بكائه على أبيه يوم موته وهو صبي لم يكن يريد استعادت تلك الأيام فصرخ في وجه كاثرن
"كفي عن البكاء أن والدك بخير"
"دعيني وشأني"
" أنت فعلاً عنيدة "
" عنيدة؟؟ أنت لا تعرف ما أشعر به لائك عشت يتيماً "
" أن والدك مثل أبي و اعرف الشعور الذي تشعرين به فقد جربته وأعلمي أن شعور الطفولة أقسى"
لكنها ظلت تبكي ولم تستمع له فأفزعها صراخه
"أسمعي لم اعد أحتمل تصرفاتك الصبيانية كفى عن البكاء الآن "
"ما الذي فعلته لك حتى تكرهني؟ "
"أنا لا أكرهك "
"إذا لما تصرخ في وجهي كلما رأيتني وتسمعني كلامك ألاذع "
"لأني أراك تتصرفين كطفلة لا تشعر بما يدور حولها ولا تتحمل المسؤولية وليس كفتاة ناضجة مستعدة للوقوف بجانب أبيها في محنته "
غطت وجهها بيديها ومارتن يمشي في الغرفة بعصبية وكأنه يحاول أن يجد كلاماً مناسباً ففكرت أن تكلمه بشأن ما حدث بينه وبين أبيها
لتصلح الأمر وترحل إلى لندن
" مارتن.."
" ماذا ... ماذا تريدين مني الآن يا آنسة؟"
" أريد ...أن..أتحدث معك في موضوع"
نظر إليها وقال و كأنه يسأل
" موضوع ؟"
خافت أن تمهد للموضوع فيقاطعها ولا يسمع لها فأسرعت تقول ودموعها تخط على خديها و تشهق من البكاء
"أنا آسفة على ما حدث اليوم لم أكن اقصد كنت أريد أن أرد اعتباراً لنفسي ولم أتوقع أن أبي يسمعنا لقد أخطأت في حق أبي وحقك وحق بيتر وأمه العجوز أنا آسفة سأخبر أبي بما حدث وانك إنما أردت تجنيبنا الخطر و سأعمل على أن تصطلحا مع بعضكما ثم أسافر إلى لندن"
انتقل بصره إلى عينيها كان مظهرها يدعو لرثاء و يجعل من يسمعها وهي لا تستطيع أن تتكلم بوضوح يتعاطف معها لكن ليس مارتن أدار لها ظهره وقال
" لقد فات الأوان يا كاثرى كل ما أريده أن تكون علاقتي مع السيد ألبرت كما كانت فهل ستفعلين؟ لا أظنك قادرة"
"بل استطيع"
"إذا أنت لا تعرفين والدك جيدا"
" سأخبره بكل شيء حدث وما فعلته كان لأجل نصحي "
استدار مارتن لها
"ستضرين بيتر وسيطرد"
" مارتن أرجوك أريد أن انهي هذا الأمر لا أظن أن أبي سيطرده من عمله سأمنعه من ذلك ولو كلفني الكثير "
لم تتوسل كاثرن إلى احد في حياتها سوى مارتن وهذا ما جعل شعور الكره نحوه يزداد
"سينتهي إذا استطعت أن تنفذي ما قلته "
"سأفعل إن والدي لا يرد لي طلباً"
"هل تريدين ذلك حقاً؟ "
"اجل أنت لا تعرف كم يحبك أبي يا مارتن"
" لكنه يعاقب ...أنت لا تعرفين والدك جيدا يا كاثرى الم تعيشي معه؟"
تكلم هذه المرة بطريقة لينه وهو يجلس على كرسي قريب منها جعلها ذلك اقل توتراً ولا تعرف كيف انطلقت الكلمات من فمها
"ليس كثيرا فقط في الطفولة. تعلمت في بيت خالتي إلى أن وصلت المرحلة الجامعية و أصبحت مستقلة في شقة قريب من جامعتي"
" و والديك"
"أرهما في الإجازات فقط اذكر أن أبي وأمي كانا و أنا طفلة صغيره يعملان بجد ولأنهما يكثران السفر في التجارة تركوني عند خالتي حتى لا تتأثر دراستي و أردت أن أعوض كل ما فآتني من حنانهما بعد الحرمان منه فأتيت إلى هنا لكنهما افترقا قبل قدومي كما تعلم"
"الم تعرفي السبب بعد؟ "
"لا ولكنى أمل أن تعود قريباً.... ألا تلاحظ أني أطلعتك على أخبار العائلة كلها؟ "
حدق في وجهها قليلا ثم قال لها
" لا بأس أنا صديق للعائلة "
بدأ التوتر الذي كان بينهما يخف قليلاً فقالت
"هل لي أن أسألك سؤلاً ؟ "
" تفضلي "
" هل تعرف أوضاع شركت والدي؟ "
تغير وجهه كثيراً ونظر للجهة الأخرى بعيداً عنها ثم قال
" اجل اعرف كل شيء هل أخبرك والدك"
" الحقيقة أن والدي قال لي أنه يمر بأزمة ماليه لابد انك تعرف هذا؟"
" أجل لقد أخبرني "
"قال لي أنها ديون على الشركة وأصحاب الأموال يريدون مالهم وقد تتضرر الشركة بسبب ذلك و أخبرني انه سيتجاوز هذه المحنة "
اطرق مارتن رأسه يفكر
" قل لي يا مارتن هل هذا الوضع خطير وهل يهدد أعماله؟ "
لكن مارتن كان غارق في بحر أفكاره
"مارتن ....مارتن هل هناك شيء لم تجب على سؤالي؟"
"لا أبدا كنت أفكر في حل المشكلة أسمعي يا كاثرى أريدك أن تقتربي من أبيك أشعريه انك كبرت وانك تتحملين الصدمات ولم تعودي طفلة تجلس على كرسي خلف طاوله تنتظر أوامر معلمتها اجعليه يخرج لكي كل ما في قلبه"
"مارتن كلامك يخيفني أنت تخفي عني أمرا خطير و يتعلق بأبي أريد أن تخبرني... ما الذي تخفيه و الآن"
"سأخبرك لاحقا عليّ الذهاب الآن أعتني بأبيك إلى اللقاء"
" لحظة يا مارتن "
لم يستمع لها وخرج من غرفة الجلوس فلحقته وأمسكت بذراعه وعيناها تتوسلان إليه
"أخبرني ما الذي تخفيه عني؟ "
"قلت لك لاشيء "
"كلا قلت لي سأخبرك لاحقاً وأنا أريدك أن تخبرني الآن"
"كفي عن الصياح يا كاثرى الأمر لا يستحق كل هذا"
" بل يستحق وأنت تعلم هذا أرجوك يا مارتن لا تعذبني أكثر"
كان صوتها ضعيفاً و وجهها المحمر قد أبتل بدموعها التي لا تقف نظر إليها نظرة عادية ونزع يده عن ذراعها ومشى مبتعداً عنها نظرت إليه والحزن قد خيم عليها أي قلب لدى هذا الرجل وقفت محطمة يائسة بائسة وهو يفتح الباب ليخرج كم تكرهه أنه متحجر قاسي كيف له أن لا يرحم توسلاتها لكنه فجأة وقف وكأنه أحس بما يدور في نفس الفتاة الحزينة التي خلفه فعاد إليها واقترب منها حتى لم يعد يفصلهما غير خطوتين كان قريباً جداً منها لكنها لم تهتم فلم تعد تفكر إلا في أبيها وفي السر الذي يخفيه هذا الكريه أمسك وجهها بيديه ومسح بإبهامه دموعها ثم قال بصوت منخفض أثار الحزن في نفسها وخنق دموعها في حلقها
" عندما يتحسن والدك سأخبرك هل أنت راضية؟ "
" ولكن لما ليس الآن؟"
" لأنه ببساطه ليس الوقت المناسب هل تسمحين لي بذهاب الآن؟"
قالت وهي تحاول أن توقف دموعها
" يمكنك أن تذهب "
أنزل يديه وخرج مضت أربع ساعات حتى استيقظ توماس ورأى ابنته جالسة قريباً منه تنظر إليه سألها عن الذي حدث له فأخبرته أنها وجدته مغمياً عليه في مكتبه وقصة عليه كل ما حدث له و أمرته أن لا يفكر بالعمل بعد الآن وأنها ستتولى العمل بدلاً عنه لكنه رفض و أخبرها أنه سيكون بخير ولتستمع هي بأجازتها . اليوم التالي شعر توماس بتحسن وأراد أن يذهب إلى مزرعته لكن لخوف كاثرن المفرط عليه منعته من أن يخرج إلا في يوم الغد حاول ثنيها عن قرارها لكنها كانت اعند منه ولم تدعه يخرج إلا بعد أن أشرقت شمس صباح يوم جديد خرج والدها معها إلى الحديقة وتكلمت معه عن مارتن و أنها لم تكن تعني ما قلته له و طلبت من أبيها أن يسامحها لأنها السبب في ما قام به بيتر و ما فعله مارتن كان لأجلهما قال لها و توماس انه حزن كثير وحدثه قلبه أن مارتن لا يمكن أن يفعل شيء كهذا إلا بسبب وصرح لكاثرن رغبته الشديدة في أن يكونا صديقين وقالت له مجاملة إنهما سيكونان كذلك بينما رفض عقلها وقلبها هذا الأمر أرادت أن تعيد السعادة إلى قلب والدها وتنهي الخلاف بينه وبين مارتن لتعود إلى لندن بأسرع وقت فطلبت من أبيها أن تدعو مارتن إلى الغداء معهما رحب توماس بذلك فعادت إلى البيت واتصلت بمنزل مارتن لكن أحداً لم يرد عليها أعادت المحاولة فسمعت صوت مارتن يقول
"آلو"
"مرحباً مارتن أتمنى ألا أكون اتصلت في وقت غير مناسب"
" لا أبداً كيف هو حال والدك؟ "
" أنه بخير ولأجله اتصلت بك إن والدي يدعوك لتناول الغداء معنا "
" هل أخبرته بما حدث؟ "
" أجل و وعدني بإبقاء بيتر في عمله و ....."
لم تعرف كيف تكمل بكلمة مناسبة فقال
" و ماذا بعد؟"
" لقد عبر لي عن رغبته في أن نكون صديقين وأخبرته أني أرحب بهذا وطبعاً لن يكون هذا إلا أمامه فهل تقبل بأن تمثل دور صديق لأجل والدي واعدك أن هذا لن يطول لأني سأسافر حال ما تتحسن صحته ماذا قلت ؟"
قال لها بصوت كسول وكأنه يتمطى
" الم يكن أنا من عرض هذا الاقتراح من قبل؟"
قالت وقد اشتعلت من الغضب
" بلى ولا تعتقد إني مرحبة بصداقتك أن قبلت فهو لأجل الرجل الذي تحبه وأن رفضت فهذا شأنك هيا قرر"
" رويدك, رويدك يا حلوة قبلت سوف أحضر وكوني مستعدة لأداء دورك على أكمل وجه "
قال هذا بمرح وسمعت ضحكته الخفيفة فقالت وهي تعلم انه يستمتع بإغضابها
" اتفقنا و شكراً على تعاونك "
بعد ذلك استعدت تنظف المنزل وتستعد لاستقبال ضيفهم الثقيل. جاء مارتن في الوقت المحدد وتجاذب أطراف الحديث مع توماس وكأن شيء لم يكن و كاثرن تنظر إليهما وترد على ابتسامة مارتن بأخرى مزيفة وبعد الغداء أعتذر توماس له وطلب منه أن يدخل إلى أرضهم كما يحلو له ونظر إلى أبنته يسألها عن رأيها فقدمت اعتذارها لمارتن و وافقت أبيها وطلبت منه الدخول إلى أرضهم بإلحاح مبالغ فيه كان مارتن يعلم أنها لا تريده فسألها مرة أخرى إن كانت تريد هذا فعلاً فأجبت أنها واثقة تماماً وقال مارتن لتوماس انه هو و كاثرن سيظلان صديقان حميمان إلى الأبد ولن يؤثر في صداقتهما شيء بعد الآن وأقترح على كاثرن الخروج معه إلى الغابة تمنت لو أنها أستطيع ضربه بكأس الشاي الذي في يدها حتى تمحو تلك الابتسامة الخبيثة عن وجهه رأت والدها ينظر إليها فرحبت بذلك واستأذنت من أبيها إن كان لا يحتاجها في عمله وتمنت انه لم يقبل عرض مارتن الذي ارتسمت على وجهه ابتسامة عريضة .

ركضا بجواديهما حتى اقتربا من أطراف الغابة فقالت له متجهمة
" لم يكن الأمر بحاجة إلى كل تلك الحميميه ؟ "
" لم أكن اعرف هذا لكنك تجيدين التمثيل "
" وأنت تجيد إمراض أعصابي"
لاحظ غضبها كانت جميلها في كل أحولها وهي تبكي أو تضحك أو تفكر أو غاضبة و عاقدة حاجبيها كما هي الآن فأحب أن يبدل هذا الجو المشحون
"سأعقد هدنة معكِ"
"هدنه؟؟ أمممم أشك في هذا"
" ما رأيك أن نتسابق في الوصول إلى الغابة "
نظرت إليه مستنكره
"حقا ؟ً"
"لنبدأ إذاً لكن لن تسبقيني"
ترك كاثرن تنطلق قبله ثم لحق بها لا تعرف كيف نسيت غضبها وتركت لنفسها الاستمتاع بالطبيعة ناسية أمر السباق وصل مارتن قبلها فقالت وهي تضحك بمرح ورزانة
"لقد سبقتني لكن في المرة القادمة لن اسمح لك "
"ماذا ستفعلين؟"
" سأجعلك تروض شاكي ثم أسابقك به"
" ومن هو شاكي؟"
"انه اسم الجواد الذي أهديتني إياه"
"اسم جميل "
" مارتن نسيت أن أشكرك على تلك الهدية شكراً جزيلاً لك"
"العفو"
" لكن كيف عرفت أني أريده ؟"
"مجرد صدفة "
" لا أعرف لما لا استطيع تصديقك "
" لماذا ؟"
" لأني أشك في ذلك "
دخلا الغابة مشياً على قدميهما ومارتن يخبرها عن كل ما يعرفه عن الغابة من قصص وهذا ما أبقى رحلتهما هادئة بعيدة عن المشادة الكلامية وفي طريقهما رأت كاثرن فرخ طير صغير لم يكتمل نمو ريشة حملته بين يديها تريه مارتن
"مارتن أنظر إلى هذا"
"انه فرخ صغير لابد انه سقط من عشه من هذه الشجرة"
كانت شجرة عملاقة وفروعها متداخلة حاولا رؤية العش كان بعيد قليلا لا يمكن لشخص الوصول إليه بمفرده وانحنى مارتن وطلب من كاثرن أن تقف على كتفيه فترددت أعتدل في واقفا و أقترب منها حتى وقف بجنبها ينظر إلى الشجرة ثم إليها فقال
"ماذا هل تخافين من المرتفعات يا جبانة؟"
" كلا إن تسلق الأشجار والمرتفعات أمر مسلي ولو كنت تعلم أن خالتي تقفل علي داخل المنزل كي لا أتسلق أشجار حديقتها لما قلت هذا"
قال ممازحاً
" وهل تسلقت الأشجار بعد أن انتقلت من عندها و دخلت الجامعة؟"
" كلا لما افعل لكنه لم يكن خوفً أو ضعف فمن يتعرض إلي كسرت ذراعه وقد أدخلت احدهم المستشفى "
" هل تمزحين معي لتخيفيني ؟"
" لا و الحقيقة إني ندمت لم أكن اقصد إيذائه"
" أراهن إن كان احد شباب الجامعة يحبك"
وكزته كاثرن بمرفقها في بطنه وهي تبتسم وقالت
"لا تكرر هذا "
ضحك مارتن لها وقال
"حسنا هيا ارني قوتك أيها الصبي"
وضعت الطائر في جيب قميصها عند صدرها وانحنى مارتن ثم وقفت فوق كتفيه ورفعها ببطء حتى اعتدلت قامته ولكن العش لا يزال بعيدا عن يدها ولا يحتاج الوصول إليه سوى تسلق غصن واحد رفعت قدمها عن كتف مارتن وتسلقت الشجرة ثم أخرجت الطائر و رفعت قامتها وأدخلته في عشه نزلت بهدوء و اقترب مارتن من الشجرة وعندما وضعت قدمها فوق كتفه قفز أمامها سنجاب أخافها فختل توازنها وختل توازن مارتن أيضا فسقط على الأرض و وقعت فوقه وقد خدش غصن خدها وسال قليل من الدم على وجهها. انتبهت كاثرن أن رأسها على صدر مارتن جلست بسرعة على الأرض ونظرت إلى مارتن وهي محرجه محمرة الوجه وقالت له وهو يجلس
"أنا آسفة لقد اختل توازني بسبب سنجاب قفز أمامي فجأة هل أنت بخير؟"
" لا عليك أنا بخير ماذا عنك؟ "
"بخير لم اصب بأذى"
مد مارتن يده يمسح الدم عن خدها بإبهامه
"لقد آذيت خدك"
أبعدت يده و مسحت خدها بظهر يدها المرتعشة
"انه خدش بسيط "
اقترب مارتن من الشجرة واسند ظهره وأغلق عينيه و كاثرى أمامه تأملت ملامحه وقالت في نفسها انه يبدو جميلا بوجهه الصارم وجسمه الرياضي أنه غباء أن تعجب بشخص تكره أبعدته من رأسها و قالت
"مارتن أريد أن أسالك؟ "
"ماذا؟ "
"ما هو السر الذي تخفيه عني؟ "
انقبضت ملامح وجه مارتن وفتح عينيه ينظر إليها
"أيّ سر ؟"
" الذي يتعلق بابي وشركته لا تنكر أنه لا يجود شيء لقد قلت لي أنك ستخبرني "
" لا تفهميني خطاء لكن ما الذي جعلك تسألين مثل هذا السؤال الآن؟ "
" يبدو أنك لا تريد أخباري لا يهم أنسى الموضوع يمكنك ألا تجيبني فليس الأمر مهما لآني سأعرف بطريقتي الخاصة هيا لنكمل نزهتنا"
وقفت كاثرن وانحنى مارتن بسرعة ممسكاً معصمها وأجلسها بجانبه ثم عاد وأسند ظهره إلى الشجرة و أغلق عينيه
" لما لا تغمضي عينيك و تستمتعي بطبيعة مثلي؟ "
" كيف لي أن استمتع وأنا قلقة "
"أخشى انك قد لا تستمعين بها ثانية فأمامك الكثير لتقلقي عليه بعد أن تعودي إلى لندن قد تنجحين وقد تخفقين هذا متوقف عليك يا كاثرى "
"عن ماذا تتكلم وضح يا مارتن صمتك هذا يخيفني ويحدثني انك تخفي أمرا عصيباً"
أخيرا فتح الرجل الذي بجانبها عينيه ونظر إليها بحب وألم
"لا استطيع إخبارك يا عزيزتي لكنك ستفهمين ما أقوله في يوم ما "
" حينها سيكون الأوان قد فات أخبرني ألان يا مارتن"
"اسمعيني أنا أعدك أن لا يحدث هذا وسأجعلك تعرفين ما اقصد إذا لم انجح أنا لأنك الحل الأخير لدي"
" أنجح ,أخفق ,حل أخير..اكره الألغاز في الكلام وأحب الوضوح يا غامض "
"ليس هذا وقته صدقيني"
وقف مارتن ومد يده يساعدها على الوقوف وأكملا رحلتهما في الغابة .خرجا إلى ارض مكشوفة للشمس مشيا طويل في صمت مطبق ذهنها كان مشغولاً بما قاله مارتن وهي تحاول أن تستشف الحقيقة المتعلقة بالشركة وإرهاق ولدها.
أخيراً لم تصل إلى شيء تعبت كاثرن من المشي وهي تحاول ألحاق بخطوات مارتن الواسعة الذي ابتعد قليلا عنها ولم ينتبه. أغضبها سرحانه وإهماله لها فقالت له تمازحه
"مارتن لقد أطلت المشي في الشمس وهذا سيؤثر على بشرتي التي اعتنيت بها طويلاً"
قال مشككاً في كلامها
"أنت تعتنين بها ؟ "
توقفت عن المشي و وضعت يديها على خصرها وقالت وقد حمرت وجنتاها من الشمس
"ماذا تقصد "
التفت مارتن إليها وهي بهذه الحال وهو يرى شعرها الذي أصبح شعلة نار تحت أشعة الشمس فأقترب منها
" لم اقصد شيء ماذا ستقولين لوالدك عن الخدش الذي في وجهك؟ "
" سأقول انك من فعل هذا بي"
وقف بجانبها و وضع ذراعه حول كتفيها و قال مبتسما
"يبدو أن الشمس أثرت كثيرا على بشترك الناعمة وعقلك يجب أن نعود إلى البيت "
"هل هناك شيء يا مارتن ؟"
"كلا ولكنا غبنا طويلا عن البيت لماذا هل يقلقك رجوعنا؟ "
"أبدا ربما هذا ما أحتاج إليه "
" لا عليك ما رأيك بالذهاب إلى سوق القرية غدا؟"
" لا اعرف"
" لا تحاولي معرفة شيء من أبيك فلن يخبرك وبالمقابل سوف تتعبينه أكثر"
" هل المشكلة كبيره إلى حد إلا يخبرني بها ؟"
" انه يحاول حمايتك...آه أنظري إلى الأرنب الصغير بين الأعشاب هناك أليس جميلاً "
عرفت أنه لا يريد التحدث بهذا الشأن وإنما أراد تحذيرها من محاولة إرهاق والدها بالسؤال أوصلها إلى البيت و أوصاها أن تعد نفسها في الساعة الربعة مساء اعتذرت عن الخروج معه غداً لكنها وعدته باليوم الذي يليه وسألته عن شاكي متى سيروضه فقال انه سيبدأ بذلك صباح الغد .دعته لدخول فامتنع وطلب منها تبليغ أبيها تحياته وانصرف. شعرت بالسعادة لان مارتن كان لطيف معها على غير عادته لكن لماذا هي سعيدة لهذا أليست تكرهه ؟ وقبل أن تدخل إلى المنزل أخبرت بيتر أنها ستقوم بزيارة أمه غداً صباحاً رحب بيتر بها وأشار إلى أن أمه ستكون سعيدة برؤيتها كما أخبرها والدها حين دخولها أن سكرتيرته تمكنت من أن تجد خادمة تعمل في الريف و سوف تصل بعد يومين ...أسعدها هذا كثيرا لأنه سيجعلها تعود إلى لندن قريباً ثم أسرعت إلى غرفتها و أمسكت دفتر المذكرات وبدأت في تدوين ألحظات التي كان مارتن فيها حنوناً ستكتب ألحظات الجميلة التي قضتها في الريف لتحتفظ بها ذاكرتها مدى الحياة...


 
 

 

عرض البوم صور قلب الجبل   رد مع اقتباس
قديم 05-05-07, 07:48 AM   المشاركة رقم: 8
المعلومات
الكاتب:
اللقب:
ليلاس متألق


البيانات
التسجيل: Feb 2007
العضوية: 24072
المشاركات: 254
الجنس أنثى
معدل التقييم: قلب الجبل عضو على طريق التحسين
نقاط التقييم: 66

االدولة
البلدSaudiArabia
 
مدونتي

 

الإتصالات
الحالة:
قلب الجبل غير متواجد حالياً
وسائل الإتصال:

كاتب الموضوع : قلب الجبل المنتدى : القصص المكتمله من وحي قلم الاعضاء
افتراضي

 


الفصل الثامن

أتى مارتن كما وعدها في الصباح وأمتطى صهوة الجواد الهائج أعجبت بقوت مارتن ورشاقته وحركات عضلاته المرنة حتى انه استطاع ترويض شاكي في وقت قصير وقبل أن يذهب ذكرها بموعدهما غداً بعد الظهر خرجت كاثرن مع بيتر إلى أمه وسعدت بهذه الزيارة كثيرا كانت أم بيتر عجوز كبيرة لكنها بدت حميمة ولطيفة للغاية ثم عادت إلى منزلها تتحدث مع أبيها عن زيارتها لأم بيتر و أثناء حديثهما اخبر توماس أبنته عن وجود بحيرة صغيرة جميلة في الغابة وأثناء حديثها مع والدها و وصفه للبحيرة ومكان وجودها حدثت نفسها بذهاب إلى هناك وأن تسبح في تلك المياه العذبة لكنها شعرت بالخوف ماذا ولو كان فيها ثعبان أو حيوان مؤذي سألت والدها بطريقة لا تشعره باهتمامها إن كانت البحيرة خطره لمن يحاول السباحة فيها فضحك وقال أنها شفافة جميلة ولا تعيش فيها حيوانات مؤذية أبدا
أثناء انهماك توماس في العمل كانت كاثرن قد جهزت حقيبة صغيرة وضعت فيها ثوب السباحة ومنشفة كبيرة وأخرى متوسطة ثم تسللت دون أن يراها والدها و وضعت الحقيبة على ظهر الحصان ثم عادت إلى والدها في المكتب
" أبي هل تأذن لي ؟"
"ماذا يا كاثي؟"
" أممم...أريد أن اطلب منك شيء وأرجو أن تلبيه لي"
"ما هو؟"
"عدني ألا تنفعل وتغضب"
"أذاً يبدو أني سأغضب"
"لا أرجوك يا أبي انه طلب بسيط جداً وصغير"
"حسناً أخبريني"
" الحقيقة...أنا...أنا أريد الذهاب إلى الغابة وحدي"
"لكن أنت تعلمين..."
"أرجوك يا أبي صدقني لن أتأخر ولن أتوغل في وسط الغابة "
"هل تذكرين ما حدث لك أخر مرة ؟ "
"أذكر ولكن لكل جواد كبوه واعدك أني سأتوخى ألحذر"
"حسناً أذهبي"
"حقاً هل أنت موافق؟!"
"أجل و أتمنى لك وقت ممتعاً"
نظرت إليه بدهشة فقال
"أذهبي قبل أن أبدل رأي"
قبلت والدها وأسرعت تركض إلى خارج الغرفة قبل أن يغير رأيه لكنه أستوقفها
"كاثي كوني حذرة"
"حسناً "
خرجت إلى الإسطبل وابتعدت لم تتوقع أن يوافق والدها بهذه السهولة توقعت أن تجد الأمر شاقاً إن تصرف والده جعلها في حيرة من أمرها في حين أن توماس رفع سماعة الهاتف ونقل أصبعه بين الأرقام
"آلو "
"أهلا سيد ألبرت"
"هل لي أن أطلب منك خدمة؟ "
" أنت تعلم أني رهن أشارتك "
"أبنتي اتجهت إلى الغابة وحدها ولم تكن تريد من يرافقها فهل تتكرم بان تراقبها من بعد من دون أن تراك"
" ولكن إلى أي مكان في الغابة تحديداً؟ "
" اعتقد أنها اتجهت للبحيرة "
"انك تدلل ابنتك كثيراً يا سيد ألبرت"
"أعلم فليس لدي سواها لكنى أحافظ عليها"
"حسناً سوف ألحق بها الآن كن مطمأن "
بعد بحث جاد وجدت كاثرن البحيرة التي وصفها والدها وهي تمتد أمام ناظريها تعكس لونها الفضي عندما تعانق أشعة الشمس الذهبية اقتربت من البحيرة وخلعت حذائها ثم وقفت على ركبتيها تتأمل وجهها الجميل على سطح الماء الأزرق غسلت وجهها منتعشة بعذوبة المياه ثم أدخلت رجليها في الماء مشت قليلً ثم نقلت بصرها في المكان حولها لا يوجد أحد أسرعت إلى حصانها الذي ربطته بالشجرة القريبة وتناولت الحقيبة أخرجت المنشفتان وعلقتهما بغصن ممتد من الشجرة ثم اختبأت بين أعشاب كثيفة بين الأشجار وهي تلبس ثوب السباحة بسرعة وعيناها تراقبان المكان من حولها خشية وجود احد
دخلت كاثرن إلى الماء بهدوء ثم بدأت تسبح وكأنها في سباق تعلو و تغوص ولم تشعر بعيني الرجل الثاقبتين اللتان لم تنتقلان عنها كان قد اختباء عندما أخرجت رأسها من الماء تنظر حولها توقفت عن السبحة لتستريح لكنها لم تخرج من الماء مما استدعاه إلى أن يتأكد أنها لم تصب بمكروه
تقدم خطوة فكسر غصناً تحت قدمه واختباء خلف الشجرة قبل أن تراه وهو يراقبها. لما لم تشعر بالارتياح نظرت حولها لا أحد لكن عينها لم تستطع رؤية الرجل الذي كلفه والده بمراقبتها لم يكن والدها يعلم أنها ترغب بالسباحة وإلا لكان ذهب معها بنفسه تاركاً أعماله لوقت لاحق
أغمضت عينيها وأرهفت سمعها لاشيء سوى صوت الماء الطيور والخيل فاعتقدت أنها واهمة وبدأت في الغوص تحت الماء كسمكة سمع الرجل صوت الماء وهي تكمل سباحتها فأراح ظهره على الشجرة و وقف على ساق وحدة مرتكز بالأخرى على الشجرة عاقداً ذراعية على صدره أرخى قبعته البنية مخفياً عينيه وهو يلعب بساق نبتة رفيع في فمه ولو رأت كاثرن ذقنه الأسمر لما أخطأته وان كان اخفي معظم وجهه. هذه المرة أطالت الغوص حتى كاد يتعجل و يغوص ليلحق بها. أخيراً خرجت من الماء وهي تأخذ نفس عميقاً اتجهت إلى المنشفتان لفت الكبرى حول جسدها والأخرى بدأت تجفف بها شعرها ثم اختبأت في مكانها السابق وبدلت ملابسها لا يزال شعرها الكثيف الأحمر مبللاً هذه المرة نظرت حولها بتمعن لماذا تتوقع أنها سترى العينان الرماديتان؟ كلا هذا ضرب من المستحيل أنه لا يعلم أنها هنا امتطت صهوة جوادها حصانها ثم اتجهت تركض وشعرها الرطب يداعبه نسيم الغابة الرقيق لقد أطالت البقاء في الغابة ستعود إلى البيت قبل أن يغضب والدها ولما اطمأن مارتن إلى وصولها عاد إلى منزله وهو يحاول تحديد مشاعره تجاه تلك الحمراء العنيدة.

******************

بعد الظهر بقيت في الحديقة منتظرة مارتن بفارغ الصبر تساءلت في نفسها عن سر هذا الشوق والانتظار ثم أبعدت هذا التعبير من رأسها وقالت انه ليس سوى حماس لذهاب إلى القرية وعند الساعة الرابعة جاء مارتن و رآها جالسة في الحديقة ترسم في كراستها . أغلقت الكراسة عندما رأته قادم نحوها
" هل يمكنني أن أرى رسمك يا كاثرى؟ "
" لا استطيع انه ليس جميل لكنى أتسلى به"
" دعيني أرى سأقيمك فالإبداع لا يكون من الخطوة الأولى "
لكنها رفضت فمد يده بسرعة ليخطف الكراس من يدها وكانت أسرع منه حيث قفزت من الكرسي وركضت نحو المنزل وهي تقول له
"انتظرني سأعيد كراستي و أعود أليك في الحال "
انتظرها مارتن ثم ذهبا إلى القرية سوياً سألها لما تخفي عنه رسمها فقالت له انه مخجل وليس متقن كما يظن وانه لن يجد إي لمسة إبداع فيه.
كان التسوق مع مارتن له طابعه الخاص أينما اتجهت تجده بجانبها يحمل عنها مشترياتها وله ذوق رفيع و طبع رقيق كان خفيف الظل لم تتوقع انه مرح إلى هذا الحد كان أكثر لطفاً من وجوده معها في الغابة خرجا من احد المتاجر وهي تضحك بشدة من نكتة قالها مارتن ومارتن خلفها ينظر بحنان لها فقالت له بارتباك
" لما تحدق بي هكذا؟ "
" أبداً لا شيء "
" لا تكن غامضاً قل لي ما الذي كنت تود قوله؟"
ثم غمزت له بعينيه بحركة عفوية وقال
" أم انك من أهل الأسرار"
قال وهو ينظر إليها بهزل
" أخاف أن أكون تسرعت و تغضبي مني "
" لن يحدث هذا قل ولا تتردد"
" مهما يكن ؟"
"مهما يكن"
"ونبقى أصدقاء إلى الأبد"
"الم تقل لي أنها مزعومة وأنها أمام والدي فقط؟ "
اقترب منها مارتن ونظر في عينيها وابتسم ثم همس في أذنها بصوت أجش وأنفاسه تصدم بوجهها
" وهل ترفضين صداقتي يا طفلتي"
احمر وجه كاثرن و ابتعدت عنه قليلاً
"بطبع لا .... قلي ماذا كنت تريد أن تقول"
"كنت أود القول أني ......"
صوت قادم قطع على مارتن ما أراد قوله صدر من رجل وسيم اسمر طويل القامة معتدل القد ولون شعره وعينيه اسود يرتدى قميصا ابيض مغلق مشقوق من الأعلى اظهر عضلاته المرنة
"مرحباً كاثي وأخيراً وجدتك"
استدارت كاثرن إلى المتكلم ولم تكن تتمنى أنه قطع عليها هذه ألحظة بذات كان هذا صديقها في الجامعة ادوارد
"أهلاً ادوارد كيف حالك؟"
أمسك ادوارد بكتفيها و قال و مارتن واقف ينظر
"حالي أتسألين عن حالي كيف تركتني هكذا دون أن تكتبي لي رسالة أو تخبري أحداً أقلقتني و بقية الأصدقاء عليك"
" أنا آسفة لم أكن اعرف أني مهمة إلى هذه الدرجة"
" بل أنت أهم عندي من نفسي يا عزيزتي كاثي "
" كيف عرفت أنني هنا؟"
"غاليتي هل يخفى القمر ثم الذي دلني عليك قلبي لكن من هذا الرجل ألن تعرفينا ببعضنا البعض؟ "
نظرت كاثرن إلى مارتن وقد تغير عن الرجل الذي عرفته قبل قليل لقد عاد قناعة القاسي إلى وجهه
" مارتن روبرتسون أنه صديق للعائلة و أكثر الناس قرباً إلى قلب والدي ...مارتن هذا ادوارد الفريدو صديقي في الجامعة"
رحب الرجلان ببعضهما بطريقة رسمية بعدها قالت كاثرن
"هل تسكن هنا يا ادوارد؟"
" اجل في فندق القرية ليس فخماً لكن لا بائس سأحتمل لأنك هنا فقط "
ضحكت له بعذوبة زادت من تجهم وجه مارتن
"علي الذهاب الآن خذ هذا رقم منزل أبي أتصل بي و سعيدة أني رأيتك "
" وأنا كذلك يا حبي إلى اللقاء و وداعاً سيد روبرتسون "
كان المقصد من كلام ادوارد واضحاً بنسبة لمارتن لم يطل اللقاء الذي قلب كل شيء رأس على عقب وقال مارتن في نفسه أن النساء مثل بعضهن و أن كاثرن لا تختلف عن أمه والتي لم تتوانى عن خيانة أبيه مع رجال آخرين حتى وهي زوجته قانونياً وأحس بنار محرقة في داخله لأنه يرى كاثرن مثل أمه وكبح رغبة شديدة في ألعوده إلى ادوارد ليوجه لوجهه لكمه تبعده عن طريق كاثرن أنه يريدها ملك له واحده ولكن ليته يستطيع أن يتأكد أنه لم يكن لكاثرن مغامرات عاطفية انتبهت كاثرن إلى مرافقها الصامت فقالت له
"ماذا بك هل هنا شيء؟"
رد عليها بلهجة عدائية
"وهل شكوت؟"
"كلا لكني لم اعرض سوى المساعدة"
فقال بلهجة ساخرة
" وهل تقدمين المساعدة لكل رجل يطلب منك ذلك؟"
" كف عن إطالة الكلام فيما لا داعي له عرضت المساعدة وأنت رفضت وانتهى الأمر"
"ساعدي نفسكِ إن استطعت ؟؟"
تساءلت إن كانت فعلت شيء يغضبه .تارة عذب لطيف لا يمكن مقارنة بأحد وتارة ينقلب إلى إنسان كريه لم ترى أسوء منه أوصلها إلى منزلها وهو يعزم أن هذا أخر يوم يعرفها فيه ولن يهتم بها بعد اليوم أبدا. وهذا بالفعل ما حدث أصبح مارتن يتجاهل اتصالاتها ويتحاشى مقابلتها في حين أن ادوارد بقي سعيدا لبعد مارتن وغيابه و بداء يأتي إلى منزل كاثرن و يقابل والدها ويحكى لكاثرن عن أخبار أصدقائهم والذي كان أولها أن سالي و سكوت على وشك الزواج و يريدون إقامة حفلة للخطوبة لكنهم ينتظرونها و وكلفوه بأن يبحث عنها ويخبرها بهذا النبأ سرت هي لخطوبتهما وتمنت لهم السعادة .
حضور الخادمة إلى المنزل سهل على كاثرن الخروج وتناول الغداء مع ادوارد خارج البيت وتكفل بيتر بنقل هذه الأخبار إلى أمه التي كانت تتمنى أن تكون علاقة مارتن و كاثرن أقوى مما هي عليه مرت أربعة أيام و كاثرى لا ترى مارتن توقعت أن وجود ادوارد سينسيها لكن ليس لوجود ادوارد تلك القوة والجاذبية التي يملكها مارتن وقد أحس ادوارد بهذا وفي صباح يوم الخميس طلب منها والدها أن تسلم ملفاً أسوداً إلى مارتن واستأمنها ألا تحاول فتحة وتقرأ محتواه حاولت إقناع والدها أن يذهب به احد العاملين لكنه أخبرها أنها أوراق مهمة ولا يمكن أن يضعها في يد احد وفي طريقها إلى منزله لم تخفي كاثرن عن نفسها أنها كانت سعيدة بذلك لتراه وأحست بمشاعر جارفه جميلة كلما اقتربت من منزله .تساءلت عن سبب هذا الشعور المتلاطم حتى اعترف قلبها لها بشجاعة بالنتيجة التي رفضتها. إنها وقعت في حبه طردت هذه الفكرة من رأسها في الحال إذ كيف يمكن لها أن تحب رجلاً همجي قاسياً نظرته إلى المرأة لا تتجاوز أن تكون خادمة ومربية تسابقت صوره إلى عقلها يوم أن كانا في الغاية ثم في سوق القرية وحدثها قلبها أنه قاسٍ لكن حنون صارم محب وعندما وصلت إلى بوابة المزرعة لم تعد تعرف أي رجل هو مارتن ؟ طلبت من الحارس أن يفتح لها البوابة لتدخل وأخبرته من تكون حاول أن يمنعها بطريقة مؤدبة لكنها أصرت وقالت أن الأمر مهم فتح لها البوابة وهي تسأل لما تغير وجهه عندما عرف من تكون؟ أعجبتها الأشجار المحيطة بالطريق وزهور الحديقة أوقفت جوادها أمام الفناء الضخم الجميل وترجلت منه رتبت نفسها وحاولت أن تبدو طبيعيه قبل أن تقابل تلك العينان الرماديتان التي تثيران فيها مشاعر جياشة وعواطف ملتهبة حركت رأسها بعصبية ستكون ساذجة إن استرسلت وتمادت مع أفكارها الغبية وأقنعت نفسها بكرهه هذا أفضل حل .طرقت الباب فخرجت لها خادمة بشعر ابيض تردي ثوب كحلي وقد ربطت على وسطها مريلتها البيضاء .طلبت منها أن تقابل سيدها فقالت لها الخادمة أن سيدها مشغول ولديه اجتماع و لا يستطيع مقابلتها حاولت كاثرن بشتى الوسائل أقناعها لكن الخادمة ما أن عرفت أسمها حتى زادت شراسة غضبت كاثرن من نفسها لما تزعج نفسها بإقناع المرأة ؟! لترجع إلى والدها وتخبره أنها لم تستطع مقابلته و انتهى الأمر امتطت صهوة جوادها بانزعاج. لم تعبر الطريق الرئيسي للوصل إلى البوابة بل فظلت أن تمشي بين الأشجار لتستمتع بجمال المكان وتستمع لغناء العصافير الصغير قبل أن تودع المكان وفي طريقها شاهدت سيارة لكزس سوداء تسير حتى تقف عند باب المنزل وتخرج منها فتاة جميلة رشيقة القد وشعرها ألأسود الكثيف ينساب بحريره خلف ظهرها استدارت المرأة تنظر حولها في المكان فأسرعت كاثرن لتختبئ بين أشجار كثيفة حتى لا تراها الفتاه التي تملك عينان رماديتان واسعتان بأهداب طويل تضيف إلى عينيها سحراً وجاذبية شعرت كاثرن بنار تحرق قلبه وحثت جوادها أن يمشي بسرعة لتبتعد لا تعرف ماذا تملكها عندما رأت هذه الفتاة الجميلة حدثها قلبه أن تلتفت خلفها فرأت مارتن خارج لاستقبال الفتاة وقد عانقها وطبع قبلة على جبينها ودخل المنزل وهو يحيط الفتاة بإحدى ذراعية و يضحك لها بعذوبة أحست كاثرن بخنجر في قلبها وتمنت أنها لم تأتي إلى هنا ولم ترى هذا المشهد الحميم بينهما أسرعت بالخروج واتجهت إلى منزلها ولم تعد تفكر بشيء سوى صورت مارتن وتلك الجميلة دخلت على والده وهي تتظاهر أنها طبعيه وسلمت الملف وهي تخبره إنها لم تستطع مقابلته .صعدت إلى غرفتها ثم رمت نفسها على السرير وهي تكرر إنها لا تحبه ثم عنفت نفسها بشدة لا يمكن أن تشعر بالغيرة بسبب ما رأته.وبعد مرور وقت كثير و هي مستلقية على سريرها تفكر بمشاعرها اتجاه مارتن علمت أنها تحبه ولا يمكن أن تفكر برجل غيره لكن عليها أن تكافح فهو لا يحبها ولابد أن لا يعلم أنها وقعت في حبه وإلا لمسح ما بقي لها من كرامة وكبرياء .فكرت أنه ليس هناك أكثر سوء من أن مارتن أوقعها في حبه ثم تركها وعادت بذاكرتها إلى أول لقاء لهما كيف أنها حذرت نفسها من الوقوع في حبه لكنها نسيت ذلك مع مرور الأيام وتذكرت أن ما حدثها قلبها به من البداية عنه كان صادقاً فقررت أن تقابله وتخبره أنها لن تخدع من أي رجل وأنها تكرهه وتأبى أن تكون لعبه يلهو بها بين يديه وسوف تقلب طاولة العب عليه وعزمت أن تدعوه إلى تناول العشاء معها في القرية وكان أن قبل دعوتها ببرود .
ذهب مارتن إلى بيتها في الليلة المحددة وهو لا يعلم كيف قبل دعوته هل لأنه أشتاق إلى رؤيتها هذا مستحيل بل أنه الفضول معرفة ما تريده كاثرن .اصطحبها معه بسيارته إلى المطعم كانت في الطريق تسأل نفسها لماذا دعته حقاً؟ هل لتخبره بكرهها أو أنها تريد أن تجعلها المحطة الأخيرة لتستطيع التغلب على مشاعرها التي خانتها أم لتستعيده من تلك المرأة الفاتنة؟ كلا إنها تريد قتل حبه واسترداد قلبها . لم تنتبه أنهما وصلا إلى المطعم اتجهوا إلى الطاولة المحجوزة لهما وجلس كل منهما مكانه نظرت كاثرن إلى مارتن وقالت لتقطع الصمت الذي اختاره هذا الرجل
"لم أرك منذ فترة طويلة يا مارتن أتمنى أن لا يكون العمل ازدحم عليك ؟"
"وهل هناك غير العمل يشغلني ماذا تختارين من قائمة الطعام؟"
قالت في نفسها أيها الكاذب وأي عمل سيكون مع تلك الفاتنة قالت ببرود يوازي برودة
"دع الأكل فيما بعد فقد دعوتك لأتحدث معك لا للأكل "
" أما أنا فقد أتيت للأكل"
"في الأيام الأخيرة تغيرت كثيرا "
"هل قلت أنا هذا يا حسناء؟ "
"لا تكلمني بهذه الطريقة الباردة وكلمني بجدية"
" ماذا تريدين أن أقول قائمة الطعام أمامك اختاري ما تريدين "
أمسكت كاثرن بقائمة الطعام وهي تسأل نفسها كيف تبدأ اختارت من القائمة ما تريد وكذلك فعل مارتن أرخت ذراعها على الطاولة وأمسكت رأسها بيدها الأخرى تفكر وفي خضم ذلك انتبهت أن مارتن أمسك بيدها فقالت وهي تشعر بنفور منه
" لماذا تمسك يدي ؟"
وضع مارتن يدها عند شفتيه وقبلها بلطف ثم حرك يدها على شفتيه برقة وهو ينظر في عينيها بمكر احمر وجهها و اشتعلت نار الكره في قلبها لتصرفه الوقح من يظن نفسه هل هو واثق من أنها ستستجيب له مثل فتاته صاحبت العينان الكهرمانيتان سحبت يدها منه لكنه ظل ممسك بها ولم يفلتها ثم قال
" أنت جميلة ولذيذة يا صغيرتي"
" أترك يدي أيها الوقح "
" تتصرفين وكأنك عفيفة هيا يا جميلة أنزعي هذا القناع الزائف عن وجهك و دعينا نستمتع بالحياة"
صدمت كاثرن لكلامه الجريء ومعناه الخبيث و ازداد احمرار وجهها وقالت من بين أسنانه
" أنت سافل يا مارتن روبرتسون ولا أظن إلا أنك خدعت والدي لتكون أهلا لثقته أنت لا تستحق كل هذا التقدير منه أترك يدي"
" هل تريدين القول أن هذا الوجه الجميل الذي ينظر له الرجال أينما ذهبت لم يلثمه احد وأن الجسد الرشيق والبشرة الناعمة والانحناء المثير لم يحتضنه رجل كفى عن خداعي يا امرأة"
ورمى يدها وكأنه يبعد قذارة عن يده لم تحتمل كاثرن تصرفه وكلامه الجريء ولم تعد تطيق حتى أن تقول كلمة له فقد ظهرت لها حقيقته وكان هذا يكفي لكرهه مدى الحياة وقفت بعصبية و وقف مارتن مبتعد عن الطاولة التي تفصل بينهما وأقترب منها يهمس بلؤم
" لا تقولي أني جرحت عفتك أو خدشت حيائكِ"
وقع كلامه كان قويا عليها لم تعد تحتمل تهكمه فرفعت يده لتصفعه ونسيت أنها في مكان عام لكن مارتن أمسك بيدها بقبضته و شد عليها فقالت بعنف من بين أسنانه وكأن صوتها فحيح الحية
" أترك يدي أيها القذر تعتقد أني سأكون مثل تلك الغبيات الآتي يصرعن تحت قدميك ما أنت يا مارتن إلى حيوان في صورة بشر تبحث عن الفتيات الجميلات في كل مكان ولا تنكر هذا لقد رأيتك وأنت تحتضن أحدهن وتدخلها بيتك ولأنك ساقط تظن أن الناس كلهم مثلك تدعي النزاهة وما أنت إلا رجل فاسق"
اشتدت قبضته على يدها حتى ظنت انه سيكسرها لها وقد بدا الغضب على وجهه لكنها لم تعد تهتم لغضبه ولا لقوته فكلمته فقط كانت كفيلةً بأن يفجر قنبلة الغضب في قلبها ويجعلها كالبركان تغلي من الحمم قال وهو ينظر لها بعينين ضيقتين و يزيد في شدته قبضته
"أعيدي ما قلتِ "
قالت بعناد وهي تتألم
"أترك معصمي "
لكنه لم يتركها بل زاد في قبض يدها وعينه في عين الحمراء الغاضبة الثائرة فقالت وهي تحاول إفلات معصمها الذي يكاد يتحطم تحت القبضة الفولاذية كم هو مؤلم أن تشعر بضعفها
" أنت تؤلمني"
عندما قالت هذا أرخى قبضته وما أن تمكنت من سحب يدها لم تمهل نفسها الوقت لتفرك معصمها الأحمر وقد رسم فيه خطوط أصابعه إلا وقد دوى في المطعم صوت صفعة قوية رسمت أثر أحمر على وجه مارتن ثم قالت بصوت مختنق
"أنا أكرهك "
نظر الناس نحوهما أخذت حقيبتها وركضت خارج المطعم محاولة ربط جأشها فالدموع أول شيء يجب أن لا يراه مارتن الواقف في مكانه و وجهه مظلم من الغضب كان الناس يحدقون إليه ومن بينهم ادوارد الجالس في زاوية المطعم مع نفس الفتاة التي رأتها كاثرن في بيت مارتن لم تكن مرافقة ادوارد ترى شيء مما حدث لان ظهرها كان لجهة مارتن وعندما التفتت كان مارتن قد سحب نفسه من أعين الناس بهدوء وتبع كاثرن شاهدها وهي تركض في الطريق المؤدية إلى منزلها ركض خلفها بخطواته الواسعة وأمسك بذراعها وأدارها نحوه بعنف محكم قبضتيه على كلتا يديها لم يكن هناك سوى ضوء القمر الذي مكنها من رؤية الغضب في وجهه وعيناه تنظران بخطر قريب
"أتصفعينني أمام كل هذه الناس؟ "
" ولو استطعت قتلك لفعلت أتركني لا أريد أن أراك بعد اليوم"
"ليس قبل أن نسوى الحساب بيننا"
دفعها عنه بعنف ورفع يده ليصفعها فأمسكت بيده يد ادوارد
" لم أكن اعلم أن الرجل المحترم يمد يده على فتاة ضعيفة "
" وما شأنك أنت؟ "
لم يرد يجيبه ادوارد وأعطى كاثرن مفتاح سيارته وأشار إلى مكانها وطلب منها العودة إلى بيتها أسرعت كاثرن مبتعدة عنهما وهي تشكر الله من صميم قلبها أنه ساعدها ثم ادوارد الذي أنقذها من هذا الوحش حاول مارتن أللحاق بها فاعترض ادوارد طريقه ومنعه من ذلك. انطلقت كاثرن إلى منزلها وهي تحاول تهدئة نفسها وضربات قلبها المتصاعدة ولم تلتفت إلى الخلف حيث دخل الرجلان في قتال كبير...

دخلت كاثرى البيت وهي تتمنى ألا يراها والدها وقد عادت مبكرة صعدت إلى غرفتها وأخرجت دفتر مذكراتها الذي لم يولد إلا منذ أسابيع قليلة وبدأت تكتب كل ما حدث وختمت مذكرتها بأن كتبت
" كم هو مؤلم أن تحب شخص وهو يبطن لك البغض
كم هو مؤلم أن تصدم بأناس تحبهم وتجدهم خائنون لك
كم هو مؤلم أن تخدع من قبل من تحب
كم هو مؤلم أن يظن بك السوء من تحب
وكم هو مؤلم أن تقول لمن تحب أني أكرهك "
كتبت التاريخ والساعة وقامت تجهز حقيبتها لتسافر في الصباح الباكر لم تستطع النوم تلك الليلة وفتحت النافذة تنظر إلى النجوم المنتشرة على ستار السماء السوداء لم تشعر بالوقت وهو يمر
"انه الفجر سأذهب لأودع شاكي فقد حان وقت الوداع الأخير "
لبست حذاء رياضي و قميصاً أصفر و جينز أسود ثم نزلت إلى الإسطبل لا يزال الظلام مخيم على المكان كما الحزن في قلبها فتحت الباب وأخرجت شاكي لتمتطى صهوته في جولة أخيرة. ركضت في المزرعة وهواء الفجر البارد ينعش روحها البائسة .عادت إلى الإسطبل وقابلت بيتر
"صباح الخير بيتر لما أنت هنا؟ لا يزال الوقت مبكراً"
"صباح الخير آنستي استيقظت باكرا ولم يكن لدي ما أقوم به فرأيت أن أأتي إلى الإسطبل أنظف الخيل "
ترجلت كاثرن من شاكي وأعطته بيتر وطلبت منه أن يعتني به جيداً لأنها ستسافر اليوم ولن تعود إلا بعد فترة طويلة و أخبرته كم تتمنى أن ترى أمه قبل رحيلها لكن الظروف لم تسمح لها ثم ودعته ودخلت البيت شاهدت الخادمة تعمل في المطبخ فاتصلت بادوارد قبل أن يستيقظ والدها وجدته مستيقظاً فلم ينم هو الأخر طيلة الليل وأخبرته أنها ستأتي لتعيد سيارته وطلبت منه أن يوصلها إلى محطة القطار لتسافر إلى لندن عرض ادوارد عليها مشاركتها الرحلة لأنه لم يأتي إلى هنا إلى لأجلها وبما أنها ستسافر فلا حاجة لوجده هنا فوافقت وأخبرته أن يعد أمتعته لأنها ستأتيه في أسرع وقت بعد أن يستيقظ أبيها و تخبره بسفرها . بعد الإفطار أخبرت والدها أنها مسافرة بعد ساعة وتعذرت بحفل سالي و سكوت و أنها ستباشر العمل في الشركة بعد أسبوع من وصولها و وعدته أن ترى أمها وتعرف سبب غضبها و تتصل به لتعلمه . حاول توماس أن ثنيها عن السفر لكنها أصرت وبعناد فستسلم والدها لرغبتها
ودعت أبيها و تأسفت أنها لم تقضي معه وقت أطول شعرت أنها في سباق مع الوقت عليها أن تخرج من هذه القرية من المكان الذي سبب لها أكبر ألم في حياتها . ذهبت إلى الفندق الذي يسكن فيه ادوارد ورأته يلبس قبعة يخفي بها وجهه ورفع ياقته معطفه
"ادوارد علينا ألا نتأخر أرفع هذه القبعة عن وجهك لترى الطريق"
" أنا أرى الطريق كيف كانت ليلتك "
أجابها ادوارد بذلك وهو يرفع حقيبته عن الأرض ولم يرفع القبعة عن وجهه مدت كاثرن يدها و اختطفت القبعة من رأسه و رأت أثر لكمة قوية على عينه فقالت بهدوء لكن الغضب واضح في صوتها
"يا الهي.. هل مارتن من فعل هذا بك "
" لا تخافي أنها غير مؤلمه لكنك مدينة لي بتفسير لما حدث البارحة"
" لا وقت لدي الآن سأخبرك في الطرق و عليك أن تعاهدني ألا تخبر احد من أصدقائنا"
" أعدك..انتظري حتى أعيد تلك السيارة التي استأجرتها لصاحبها "
رآها مقطبة الجبين تسرح بخيالها بعيداً فقال
" بما تفكرين"
"لا شيء علينا أن نسرع قبل أن يفوتنا القطار"
مشت في صمت بجانب ادوارد وشكرت له عدم محاولته اللبقة في قطع هذا الصمت الذي اختارته . وهي تتوعد أن قابلت مارتن مرة ثانية أن ترد له الصاع صاعين فما فعله بها وبصديقها لا يغتفر هل يعتقد أنها امرأة لعوب لقد اعتاد مارتن على شخصية القيادة ولم يعتد على أن يقف أحد في طريقة وهذا يفسر هجومه الوحشي على ادوارد أن مارتن يلقى الأوامر لكن لا يتلقها لكنه هذه المرة وجد نداً قوياً وسيرى بنفسه
سافرا إلى لندن وهي تقص على ادوارد أحداث تلك الليلة المظلمة ادوارد صديق مخلص وهو بمثابة أخ لها فقد واسها حتى كاد ينسيها مارتن لولا تلك الضربة في عينة التي تعيد ذاكرتها إليه.

لم ينم إلا ساعة قبل الفجر وهاهو الآن يذرع غرفته ذهاباً وإيابا إلى من يلجئ الآن توقف فجأة وأخذ سترته من فوق السرير وخرج إلى منزل أم بيتر تلك العجوز التي كانت تخدم في منزل السيد ألبرت مع زوجها الراحل عندما انظم هو إلى تلك الأسرة بعد وفاة والده الحبيب بسبب الصدمة التي تلقاها من زوجته أنجيلا .

لم يكن يعرف القصة كاملة في ذلك الوقت وبعد أن أصبح شاب أصر على توماس أن يخبره بالحقيقة كاملة فأخبره توماس بكل شيء يعرفه ولم يخفي عليه من أمر والده شيء
كان والده أندرسن على علاقة جيدة مع توماس فهما صديقان من أيام الطفولة جمعا القليل من المال وكافحا لتغير معشيتهم قبل أن يتزوجا واستطاعا أن يؤسسا شركة صغيرة وهم في أول شبابهم .إلى أن أتى اليوم الذي حلما به كبرت الشركة وأخيراً قررا الزوج عندما التقى أندرسن بوالدته أنجيلا و وقع حبها في قلبه وطلب منها الزواج لكنها اشترطت عليه أن يأخذ أسهمه من الشركة ويبني شركة لوحده لم يكن هذا سهلاً عليه لكنه لم يرد أن يفقد المرأة التي عشقها فذهب إلى توماس الذي صدم لهذا الشرط من خطيبة صديقة وكان توماس أفضل حظ من أندرسن فخطيبته ألفيا امرأة حكيمة متزنة طلب توماس من ألفيا أن تتكلم مع المرأة وتقنعها بالعدول عن رأيها لكن أنجيلا رفضت وأصرت على رأيها أحتار أندرسن ماذا يفعل فذهب إلى توماس وأعتذر منه في أن يأخذ حصته من الشركة ..حاول توماس أن يبين له أن هذا سيضر بالشركة و ربما خسروا كل ما بنوه طوال هذه السنين وقامت ألفيا تحذره أن تلك المرأة التي يحب لا تصلح له لكن حبه أعماه عن رؤية الصواب وأخذ ماله من الشركة وتزوج أنجيلا
أما توماس فقد أنقذت شركته ألفيا التي أشترت حصة أندرسن بالمال الذي ورثته عن أبيها وعملت مع توماس بنجاح حتى وصلت الشركة على ما هي عليه الآن. وكان والده المسكين تاجر بماله وبني شركة مستقلة ورزق بابنه مارتن الذي حينما بلغ السابعة من العمر خسر كل ماله فقد خدعته زوجته واستطاعة أن تجعله يكتب جميع أمواله بسمها ثم طردته من البيت وطلقته و عاش بعدها أبيه في بيت أخته إليزابيث ومعه مارتن الذي لم تسأل أمه عنه لأنها تزوجت من رجل أخر. بدأت صحة والده تتدهور ومرض مرضاً شديداً وبقى على حاله ثلاث سنوات ولما اشتد عليه المرض أرسل أندرسن إلى توماس وألفيا يطلب حضورهما في منزل أخته إليزابيث .كان توماس وزوجته في لندن فسافرا فوراً إلى بيت العمة إليزابيث في الريف تاركين أبنتهم الصغيرة التي تبلغ سنتان عند خالتها ليزي في لندن.
التقى توماس بأندرسن وهو على فراش المرض حينها أوصاه على ابنه مارتن وطلب من ألفيا أن تعوضه حنان الأم الذي فقده ثم مات صعب الأمر كثيراً على الزوجين والعمة التي رفضت تسليم مارتن لهما لكنها في نهاية الأمر تركته لهم بعد أن عرفت أنها رغبت أخيها .هام الصبي الصغير اليتيم يبكي على أبيه وكره أمه بل وأنكر وجودها ومنذ ذلك الحين وهو يسميها زوجة أبي ولا يقول لها أمي وكره غباء أبيه الذي سلم كل مالهم لامرأة لا ترحم ولا تملك قلباً. أخذ توماس مارتن و أشترى بيت في الريف قريب من بيت العمة التي كانت قلقة بشأنه وأهتم بتعليمه وما أن بلغ العشرين عاماً أخذه معه إلى الشركة ليتعلم التجارة . ماتت عمته وكان هو الوريث الوحيد فسكن في المنزل وتاجر ببقية المال الذي ورثه لم تمضي ست سنوات حتى تسلق سلم الثراء

بدأ يظهر له من بعيد بيت ماري التي التقى بها عندما كان يتيماً في العاشرة من عمره في بيت توماس. كانت تظهر محبة عظيمة له وتهتم به بشكل مثير جعله يتعلق بها في صباه. لا يمكن له أن ينسى تلك المرأة الشابة التي تمسك بيده وتركض به بين الحقول ثم تصعد معه إلى هضبة مرتفعة ويجلسان يراقبان الغروب وتقص عليه من حكايات الماضي حتى يبتعد عن عالمة الأليم كانت مربية جيدة انتزعت طفل بأس لا يرى في طرقة إلى الشوك فزرعته أمامه ورود إنها ملاذه الأمن الذي يذهب إليه عندما يكون مهموم حزين حائر فتضمه إلى صدرها الدافئ وتستمع إليه وهو يبكي فتمسح دموعه ثم ترشده إلى الطريق الصحيح بدأت ذاكرة مارتن وهو في طريقة تثير ذكرياته المؤلمة.وتذكر أيام حمل ماري وكأنه يراها الآن تمشي أمامه بتثاقل وهي في الشهر التاسع من حملها وحين اقتربت ولادتها لأبنها بيتر في يوم ممطر لليلة شاتيه مظلمة عندما أخرجته ألفيا من الغرفة فركض خارج المنزل وأسرع ليجلس خلفه تحت نافذة غرفتها ودموعه تمتزج بماء المطر وهو يدعو الله أن يسلمها سمع صوت الوليد يصرخ ويبكى فعاد إلى المنزل وهو مبلل من المطر و استقبله توماس ورفعه عن الأرض وهو يدور به في الهواء ويضحك ليبتهج الصبي الحزين وهو يقول
"أنها بخير بخير وزقت بولد جميل"
أنزله توماس على الأرض ووضع يديه على كتفي مارتن وقال
"سأذهب لأخبر ديفيد لابد أنه قلق على زوجته"
ركض مارتن باتجاه غرفة مربيته فطرق الباب ودخل مسرعاً دون أن ينتظر إجابة وشاهد ألفيا جالسة على حافة السرير بجانبها وهي تهز الوليد الصارخ في محاولة لتهدئته وتضحك و تقول له
"أقترب يا مارتن وانظر إليه أليس جميلاً"
لن ينسى تلك ألحظة حين أقترب من السرير ونظر في وجه ماري والعرق كان لا يزل على وجهها حين أمسك بيدها وقبل ظهرها ثم لامس بيده المرتعدة خد الطفل وماري تراقبه بعينيها العسليتين وتقول
"أصبح لديك أخ صغير وستعتني به لأنك أخوة الأكبر"
فقال بشفتين مرتجفتين وعيناه متسعتان وقد خاف أن يخطف الطفل حنانها منه فهو يعتبرها أمه
"ولكني ....لست أخوه"
ابتسمت له وقد قرأت ما يدور في نفسه أنها تعرفه وتفهمه وتقرأ أفكاره ككتاب مفتوح
"ستصبح أخوه الأكبر كما أصبحت أنا أمك يا صغيري "
مدت ألفيا الطفل إلى يدي مارتن وقالت
"أمسك أخاك "
كان الصبي يبكى وصراخه ملئ المكان وعندما استقر بين يدي مارتن و هزة بهدوء مخافة أن يسقط على الأرض توقف بكاء الطفل فا فتحت ألفيا عينيها الخضراوان ورفعت حاجبيها وقالت ممازحة وعلى شفتيها ابتسامة عذبة
"أممممممممم يبدو انه يحبك ولا يحبني "
ضحكت مربيته ماري وضحك مارتن وهو يكاد يشرق بدموعه وألفيا تنظر إليه مميله رأسها تبتسم فقالت ماري
" لا أعرف ماذا أسميه لما لا تسمي أخاك يا مارتن"
"أنا؟"
"أجل أنت "
قالت ألفيا
"دعوني أفكر في اسم جميل "
لكن مارتن قال
"أسميه بيتر"
قالت ماري وهي تداعب خد مارتن بيدها
"أنه أسم جميل وستعتني ببيتر الصغير يا مارتن أتعدني"
"أجل أعدك يا أمي"
منذ ذلك الوقت وهو يعتني ببيتر و خوفه من فقدان حنان ماري وحبها له لم يكن له وجود فقد زاد اهتمامه به وتفقدها له كي لا تحسسه بالحرمان أو الغيرة ومع توالي السنين كبر بيتر وأصبح مارتن وبيتر أخوة متحابين ومات الرجل العجوز الطيب ديفيد وبكى الجميع عليه كان يوماً مؤلم يدخل إلى مذكرة مارتن الحزينة .عندما أصبح غنى فاحش الثراء طلب من بيتر ومارى السكن معه في منزله الكبير فرفضا ذلك بشدة وفضلوا أن يعيشوا أيامهم المتبقية في بيت ديفيد .وكان هو يعلم في قرارات نفسه أنهم لا يقبلون الإحسان من أحد و يرفضون الشفقة . أفاق مارتن من ذكرياته عندما وقف أمام الكوخ الصغير هاهو اليوم يعود ليشكو لها لقد عاد مارتن الشاب الغني الناجح الذكي إلى مارتن الصبي اليتم الحائر ليسألها إن كان ما فعله صواباً أم خطاء أخيراً وقف أمام العجوز وقابل العينين التي ارتسمت حولهما الخطوط وعلى فمها الصغير من توالى السنين أقترب من المرأة الجالسة على الكرسي وقد غطت قدميها بغطاء صوفي وردي اللون واشتغلت يدها بأعمال التريكو ابتسمت له وقبل جبينها ولم تفتها نظرة الحزن في عينيه إنها تعرفه جيداً ضحكت بصوت منخفض وقالت
"أجلس أمامي هنا وأخبرني ما الأمر"
جلس مارتن وقص عليها الذي حدث بينه وبين كاثرن ليلة البارحة وهي صامته لا تقاطعه وتدرس تصرفاته ولما أنتها من كلامه نظر حوله وكأنه يبحث عن عذر يبرر موقفة ثم استقرت عينيه بعينيها أغمضت ماري عينيها وعقدت حاجبيها ثم هزت العجوز رأسها أسفا وقالت بصوتها المتقطع
"هل رأيت منها تصرف مشين؟"
" كلا لكنى أراها تتكلم مع الجميع و كأنها تعرفهم وهذا إغراء كافي من فتاة جميلة"
"لكنك لا تجهل أنها سكنت في المدينة وهذا طبعهم يتكلمون مع الجميع بعفوية قل لي هل هي خجولة"
" تمثل هذا "
" وما الذي يجعلك متأكدا من أنها تمثل"
" تصرفها مع صديقها.... معي تكون خجولة و عنيدة وعندما رأيتها مع صديقها كانا قريبين من بعضهما وحميمين"
"انه صديقها في الجامعة وأيام الدراسة كانت كفيلة بكسر الحواجز بينهما"
" ولكن هذا لا يبرر كل الحميميه التي شاهدتها "
"هل هو وسيم ؟"
"لماذا تسألين ؟"
"هل تغار منه؟ "
" أنا أغار منه ولماذا؟ ولأجل من؟ لم يحدث ولن يحدث هذا أبدا "
قالت وهي تعلم أن مارتن لم يعلم بزيارة كاثرن لها
" آه كم تمنيت أن أراها "
" احمدي الله انك لم تريها فسوف يخدعك بريق عينيها الخضروان "
"إذا هي تشبه أمها ...كان هذا كفيلاً كي لا تطلق لسانك لقد بالغت كثيرا وأخطئت في حق الفتاة يا بني "
"أنت تتحدثين وكأنك تعرفينها "
"آه لقد اخبرني عنها بيتر و أخبرني أنها تشبه أمها كثيراً ولا أشك في أنها تشبه أمها شكلاً و مضموناً "
"أنت تعذبيني يا أمي كأنك تقولين أني مخطئ"
" الست كذلك؟؟ أن كنت تتعذب من كلامي فلقد قتلت المسكينة بكلامك اللاذع أن أقسى ما على الفتاة أن تتهمها في شرفها وهي عفيفة "
" لكني لست متأكد من هذا "
"وكذلك العكس مسكين أنت يا صغيري أعمتك غيرتك وصورة أمك السيئة التي في رأسك "
"أغار؟؟ هذا مستحيل وليس على فتاة متحررة عنيدة"
سكت مارتن و أمسك رأسه بين يديه
" ماذا أفعل الآن أخشى أن تخبر السيد ألبرت بما حدث أقسم انه لن يرحمني هذه المرة"
"لا تخف لن تخبره "
" أرى أنك واثقة "
"كما انك أمامي ...سيمنعها حيائها من هذا وحبها لوالدها "
"آه أنت تقولين هذا لأنك لا تعرفينها أنها تثير المتاعب منذ أتت القرية"
"أنت تحبها أليس كذلك"
قال بلهجة غير مبالية وهو يهز كتفيه
"كيف يمكن لقلبي أن يحب فتاة عنيدة متحررة وعلاوة على ذلك متصابية هل فقدت عقلي وفؤادي"
"أنسيت أني أعرفك لو كنت لا تحبها لما ظهر هذا التعب على وجهك ولا كل هذا الاهتمام "
لم يجب مارتن على كلامها وبقيا صامتين لفترة قصيرة بدت لمارتن دهر ثم قالت له
"هيا؟"
"ماذا"
"أعترف لي؟ "
"أعترف بماذا؟ "
"أنها لا تهمك"
"حسناً هي لا تهمني "
"رائع أذاً كل مشاكلك ستحل فور رحيلها إلى لندن وربما لو رأيتها بعد عدة سنوات لن تكون غاضبة منك أبداً لأنها ستتأبط ذراع زوجها وترحب بك لتقدمك له ومن يعلم ربما يكون ادوارد و أنهما ينتظران طفلهما بكل شوق وحب"
صمت مارتن وأخذ نفس طويل و كأنه مختنق لم يحتمل هذه الصورة أبداً ولا يرديها أن تحدث ثم أبعد شعره عن جبينه بحركة عصبية فقالت ماري
"إذاً؟؟"
"ماذا يا أمي؟ "
"قل أن هذه الصورة الأسرية الجميلة لا تهمك وأنك لا تبالي"
"أنت تعرفين أني أكره هذه الصورة"
"حسناً أعترف لي أنك تحبها "
صرخ وكأنة يعبر للعالم كله عما بداخلة
"أجل أحبها أحب تلك الحمراء العنيده أحبها من أعماق قلبي ولم أحتمل ما حدث البارحة أني غبي أحمق لما فعلت حينما تركتني وذهبت ورأيت وجهها الخائف عرفت أني غارق في حبها حتى أذني "
أعاد مارتن رأسه بين يده وزفر بيأس لينفس عن ألألم الذي بداخله كان الخوف في عيني كاثرن يعذبه. لا تحب ماري أن تري مارتن هكذا ولا أن تسمع تلك الزفرة التي تطعن قلبها لقد كافحت طويلاً حتى لا تسمعها لكنها اليوم عادت .مدت ماري يدها تمسح على رأس مارتن مواسيه له فرفع رأسه ونظر بحزن إلى عينيها وهي تبتسم له ملاطفة أمسك يدها التي انتقلت إلى ووجنتيه وقبل ظهرها ثم قال
"شكراً يا أمي "
" لا تجلس هكذا"
فقال مستسلماً
"ماذا تريدين مني أن أفعل"
"أذهب و أعتذر لها "
"أعتذر لها لقد اتهمتني أني أطارد الفتيات الجميلات وأدخلهم بيتي "
ضحكت العجوز منه وقالت له
" ربما كانت تثار لنفسها"
" لا لقد قالت أنها رأت ذلك بعينها "
قطبت العجوز حاجبيها تفكر ونظرت إلى مارتن وفتحت عينها وكأنها مندهشة
"هل تقابل الفتيات يا ولد"
"حتى أنت يا أمي أنا لست في مزاج يسمح لي بالمزاح"
"أنا لا امزح قال لي بيتر أن أختك زارتك أول أمس"
" وماذا في ذلك "
"قد تكون كاثرن رأتها وظنت أنها عشيقتك "
"ماذا؟ "
" آه يا حبيبتي الصغيرة رأت أختك ثم سمعت كلامك الأحمق فاكتملت الصورة في رأسها وتأكدت شكوكها "
" لست اعرف ماذا تعنين؟"
"أعني أنها قد تكون رأت أختك تدخل بيتك فاعتقدت أنها عشيقتك اذهب واكشف الأمر لها واعتذر منها"
قال بيأس
"لكنها لا تحبني"
"تصالح معها الآن ثم سنتحدث في الباقي لاحقاً"
لا يزال مارتن جالساً في مكانه يفكر هل ستقبل اعتذاره أم لا فقالت ماري
" هيا قبل أن أنزل بعصاي هذه فوق رأسك"
وقف مارتن مبتعداً عنها وقال
" اجل وشكرً لك أمي ولا تخبري أحداً بسري خصوصاً أخي بيتر"
"أتمنى لك حظاً طيباً يا مارتن و احرص على أبعاد صورة أمك من رأسك"
اقترب منها مارتن وأمسك يدها بين يديه وقال بحنان
"كم مرة علي القول انه ليس لي أمٌ سواك وأعدك أني سأحاول أن ابعد صورة زوجة أبي السيئة من رأسي"
" أتمنى لك التوفيق يا بني؟ "
"شكراً أمي وادعى الله لي "
كان مارتن يودع العجوز حين دخل بيتر
" مرحباً سيد روبرتسون"
أقترب منه مارتن ولف ذراعه حول عنق بيتر وشده بقوة وكأنه يخنقه وهو يبعثر شعر بيتر بيده الأخرى
"قلت لك كف عن مناداتي بالسيد روبرتسون "
" حسناً .حسناً لكن ليس أمام الناس "
" ألا تعتبرني أخاك"
" الناس لا ترانا كذلك يا أخي فما انا إلا سائسي الخيل في مزرعة السيد ألبرت"
ترك مارتن بيتر وقال وهو يبادل ماري الابتسامة
"لقد ذكرتني لا يمكنني البقاء معك أراك لحقاً "
كانت ماري مستمتعة بالنظر لهما وهي تستعيد كل لحظة عاشوها معاً وكم كان حب مارتن لبيتر واعتنائه به حتى أنه إلى الآن يشعر بأنه مسئول عنها وعن بيتر أما بيتر فكان يفرك رقبته ممازحاً
"كدت تقتلني يا رجل"
"ليس لدي وقت لك أيها الصغير عندما أعود سأدق عنقك جيداً يا أخي "
أقترب بيتر من أمه في حركة مسرحية وأحاط كتفيها بذراعيه وقال
"أمي أتسمعين ما يقول أنه يهددني انجديني "
"هيه لا تلجئ لها أن أمي تحبني أكثر منك"
أتجه مارتن مسرعاً إلى الباب وهو يسابق الوقت لكن بيتر أستوقفه
"أنتظر يا صديقي لن تجد السيد ألبرت في البيت لقد ذهب إلى القرية"
" أنا لا أريد مقابلته أنا ذهب لا قابل أبنته كاثرى"
"لن تجدها هي الأخرى لقد سافرت صباح اليوم تبدو لي اليوم على غير عادتها متضايقة مضطربة غاضبة لم أرها على هذه الحال منذ قدومها "
جمد مارتن في مكانه وقد دارت كلمات بيتر برأسه حتى أنه لم يعد يرى أو يسمع شيء ثم نظر إلى ماري التي بدت عليها الصدمة هي الأخرى كما أدرك كلاهما أنه هو السبب في رحيلها وبيتر بينهما يحاول أن يفهم نظراتهما فقال مارتن بهدوء محاولاً أن يبدو صوته طبيعياً
" أذاً لابد أن أعود لمنزلي هناك أمور لابد من تعديلها أراكما قريباً "
خرج مارتن بسرعة فالتفت بيتر إلى أمه
"ماذا به؟"
"لا أعلم"
ابتسم بيتر لامه وهو يعلم أنها تكذب عليه فجلس على حافة كرسيها وهو يبتسم ثم نظر إليها مشككاً
"أنا اعلم ...أنه عاشق "
ثم نقل بصره إلى النافذة يراقب مارتن وهي يمتطى صهوة جواده الأسود لم تدهش ماري كثيراً فمارتن وبيتر يفهمان بعضها جيداً وتعودا على الشفافية فقالت
"حقا؟"
كان بيتر لا يزال ينظر إلى النافذة عندما قالت هذا لأنه يعلم أن مارتن أستأمنها على سره لطالما كان يدخل على مارتن وهو يجلس بجنب ماري وممسكاً بيدها ويتكلم بصوت منخفض وإذا دخل عليهما غيرا حديثهما وأن سألهما عن ما كانا يقولان قال له مارتن
"أسألُ أمي إن كانت تحبني أكثر منك"
ويدخل هو ومارتن في مطاردة وماري تلحقهما ثم يدخلان في مشاجرة ودية تنتهي بسقوط كليهما على الأرض يضحكان وماري تضحك منهما وتقول أنهما أكبر مجانين العالم وهو يعلم لو أن مارتن أراد صرعه لفعل ذلك في ثواني لكنه أخ حنون أنتبه أخيرا إلى أمه و نظر إليها بحنان وقال
"أجل أنه يعشق كاثي المسكين وقع في الحب أخيراً"
"لا تشمت به وإلا وقعت مثله"
"ربما أريد هذا"
"أمممم؟"
ضحك بيتر من نظرة أمه فغير مجرى الحديث وقال وهو يضع يده على كتفها
"أني أحبه كثيراً يا أمي "
"وأنا كذلك يا بني"


أقترب مارتن من منزله وطلب الخادمة وسألها إن كان أتى إلى البيت احد في يوم قدوم أخته فقالت له الخادمة
"نعم يا سيدي أتت الآنسة ألبرت"
صرخ بعصبية
"لما لم تخبرني؟"
" أنت طلبت منى أن أمنع أي زائر من القدوم وبالأخص الآنسة ألبرت وألا أخبرك بقدومها أن أتت"
تذكر مارتن ذلك لقد كان غاضباً بسبب ادوارد وكان قد قرر أن يخرجها من حياته فأمر خدمه ألا يدخلوها البيت ولا يخبروه بقدومها فلا ذنب للخادمة أنما هي تتبع أوامر فقال بعصبية
"انصرفي"
ودخل غرفة مكتبه وجلس على الكرسي ثم دار بالكرسي الفاخر لينظر من النافذة التي خلفه إلى الغابات الممتدة وفجأة أتت إلى رأسه فكره قرر أن ينفذها على الفور فخرج من مكتبه واعد حقيبته لسفر ثم اتجه إلى بيت السيد ألبرت وانتظره هناك ليودعه.






 
 

 

عرض البوم صور قلب الجبل   رد مع اقتباس
قديم 05-05-07, 07:50 AM   المشاركة رقم: 9
المعلومات
الكاتب:
اللقب:
ليلاس متألق


البيانات
التسجيل: Feb 2007
العضوية: 24072
المشاركات: 254
الجنس أنثى
معدل التقييم: قلب الجبل عضو على طريق التحسين
نقاط التقييم: 66

االدولة
البلدSaudiArabia
 
مدونتي

 

الإتصالات
الحالة:
قلب الجبل غير متواجد حالياً
وسائل الإتصال:

كاتب الموضوع : قلب الجبل المنتدى : القصص المكتمله من وحي قلم الاعضاء
افتراضي

 




الفصل التاسع <في لندن>
في لندن بعد يومين من قدومها ذهبت كاثرن إلى الفندق الذي تسكن فيه أمها فرحت ألفيا ببنتها كثيراً وبعد حديث ودي تجرأت وتحدثت مع أمها عن أبيها وما يحدث بينهما
" أرجوك يا كاثي لا تجعلي مثل هذه الأمور تقف عائق في طريق نجاحك ثم أنك كبرت ولست في حاجة لنا فاتركينا نقرر مصيرنا"
" كلامك غريب ومصيركما سيؤثر على بتأكيد"
"أرجوك يا كاثي"
" لكن يا أمي لابد من وجود سبب لما لم تطلعيه عليه؟ "
" ولما أطلعه عليه وهو يعلم أنسي هذا الأمر و اهتمي بنفسك"
" أنا لم أعد طفلة يمكنك أن تخبريني حتى احل المشكلة"
"لما لا يخبرك هو ماذا فعل؟"
" أبي نفسه لا يعلم "
"كاذب انه يعرف كل شيء أرجوك يا أبنتي أن نغلق هذا الموضوع فقد أمرض أعصابي لكن الذي أستطيع قوله لك أني سأظل أمك وهو سيظل والدك حتى لو اختلفنا "
"أعلم هذا ولكن والدي يحبك وأنت كذلك فلما لا تتقابلان وتتناقشان بهدوء لحل الخلاف؟"
"هذا مستحل لن أقابله"
"أجيبي على اتصالاته أذاً"
" ولا حتى هذا"
" لم يبقى إلا أن تخبريني لأفهم "
حاولت معرفة المشكلة لكن توسلات أمها أوقفتها طلبت كاثرن من أمها ألفيا أن تسكن معها في بيتها الجديد الذي أشترته بدل تلك الشقة المستأجرة القديمة لكن أمها كنت تخاف أن تلتقي بتوماس هناك فاعتذرت لكاثرن. رجعت كاثرن إلى البيت الجديد الواسع جداً والذي أشعل هدوؤه حنينها لاجتماع والديها
" أمر محير أمي تتخاصم مع أبي وهو لا يعرف ما الخطأ الذي أرتكبه كيف يمكنني أن احل مشكلة وأنا لا أعرف ما هي؟ "

في يوم الأحد أتصل بها ادوارد وذكرها أن حفلت سالي و سكوت الليلة وطلب منها ألا تتأخر عرض عليها أن يأتي ليصطحبها فشكرته وقررت القدوم بنفسها ارتدت فستان اسود ضيق بدون أكمام وتركت شعرها الأحمر الكثيف ينساب بحريريه على كتفيها و وضعت على وجهها ماكياج هادئ وارتدت معطفها الأسود الطويل لتستر كتفيها العاريتان و لتتقى الهواء البارد ثم أخذت حقيبتها السوداء وعلقت سلسلتها الذهبية على كتفها وخرجت.
أوقفت سيارتها في كراج الفندق ونزعت المعطف وتركته في السيارة ثم أنظمت إلى أصدقائها .سعد الجميع بقدوم كاثرن إليهم كانت حفلة رقص مميزة التقت فيها كاثرن بعمة سالي وبوالدي سكوت قدمت التهنئة لسكوت وسالي ثم أعطت كل منهما هديته بهذه المناسبة وفي حديثها الطويل مع سالي لم تخبرها بموضوع مارتن الذي لا يفارق أحلامها لأشد ما كرهت مشاعرها التي تخالف عاقلها لقد قدم لها مارتن أساءه لاذعة تكفي لأن تكرهه إلى الأبد . لا تنكر أنها تلك الليلة كرهته حتى تمنت لو تستطيع قتله لكن بعودتها إلى لندن وأصدقائها تلاشى غضبها وعادت صورته تداعب خيالها.

بعد العشاء قام الجميع إلى الرقص في حين بقية كاثرن على الطاولة لوحدها تشرب عصيرها وتنظر إلى الراقصين هنا وهناك. جميع زملائها يعرفون أنها لا تجيد الرقص فقد كانت خالتها ليزي تود لو أدخلتها إلى الكنيسة منذ صغرها لتصبح راهبة لكن ألفيا اعترضت على أختها وطلبت منها إن لم تكن قادرة على ألاعتناء بكاثرن أن تعيدها إليها وستحضر لها مربية تراجعت ليزي عن فكرتها لكنها حرصت أن تتلقى كاثرن تعليمها في المرحلة المتوسطة في مدرسة لقسيس الكنيسة لتتعلم الرهبانية من الراهبات كما ظلت تمنعها من الذهاب إلى حفلات الرقص وتحاول أن تجنبها الاحتكاك بالجنس الأخر لتحفظ عليها عادت سالي لتنظم إليها وتشرب معها العصير وقد أجهدها الرقص المتواصل و كاثرن تنظر إليها في صمت فتحت سالي عينيها و وضعت كأسها جانباً وقالت بهمس
"أخبريني يا كاثي هل هو جميل؟"
نظرت كاثرن إليها بدهشة ثم قالت
"من هو؟"
نظرت سالي حوله بحركة مسرحية كأنها لا تريد أن يسمعهما احد وقالت بصوت خافت
"ومن يكون غيره راعى البقر "
ثم ضحكت قالت كاثرن لها
"لا أفهم ؟ "
نظرت إليها سالي بنصف عينيها وقالت
"مارتن"
صعقت كاثرن لسماع أسمه من أخبر سالي به وما الذي يجعل صديقتها تسألها بهذه الطريقة المريبة التي تحمل معاني كثيرة فأجابت دون اهتمام
" أنه مغرور متكبر قاسي متعجرف من أخبرك به ؟"
تجاهلت سالي السؤال الوجه إليها وقالت
"هذه نظرتك أنت اتجاهه ماذا عن نظرته هو لك"
ماذا تخبرها أنه يحتقرها ويعتقد أنها تتصيد الرجال وأنها مومس تباً كم تكره هذه الصفات التي نعتها بها نظرت إلى صديقتها وقالت
"اطمئني ليس هناك شيء مما يدور في خلدك فهو يحتقرني ويكرهني وينظر إلي كعجل هارب سيصيده بحبل حول عنقه وهو فوق جواده الأسود ليقتله ويستمتع بلحمه المشوي"
"القصة تقول أن فتى الأحلام يأتي على فرس أبيض لكن لا بأس فهذه القصة مستثناه"
"سالي "
"ما بك أنا أمازحك فقط"
قالت كاثرن محاوله أثارت سالي
"لا بائس يا صديقتي العزيزة ليس هناك جواد لسكوت لا عليك سأتدبر هذا الأمر وأحضر له سيارة بيضاء فلا يمكن لجواد أن يحملكما يوم زفافكما في شوارع لندن وان فعل فلا يمكنني أن أتصور الصور في المجلات والصحف لشخصان قادمان من العصر الفيكتوري"
ضحكت سالي وقالت
"بما انك خيالية إلى هذه الدرجة كان عليك أن تقولي أن مارتن يحاول أن يصيد غزالاً في الغابة أليس هذا أكثر شاعرية من العجل الصغير؟ "
"مصيرهما واحد القتل"
"لكن عيني الغزال تأسر ورشاقته تثير قريحة العشاق"
"إلا قريحة راعي البقر الذي يراني فرس جموح يحتاج إلى ترويض"
"هل قال لك هذا؟ "
"أجل وعندما أخبرني شعرت أنه يتمنى لو يلقى بي من فوق جبل شاهق ليتخلص مني "
قالت سالي تمازحها
" كان عليك أن تخبريني عنه لا أن أعرف من غيرك فأنا أعز صديقاتك وقد أخبرتك بحبي لسكوت حتى صنعت لي أنت وادوارد خطة و جعلتماه خطيبي ...الحقيقة أنا خائفة من نهاية خططكما الفاشلة يبدو أني في أخر الأمر سأطلق"
ضحكت كاثرن وقالت
"لا تبالغي أنت تعرفين أن سكوت يحبك ولما تأكدت أنا و ادوارد من حبه لك لم نحتمل أن نرى عاشقين لا يتزوجان والسبب عجوز طماعة"
"صه لو سمعتك عمتي لقتلتك"
" آوه عندما قلت لها أن والد سكوت لديه شركة وأنه من كبار رجال الأعمال تغير رأيها فيه "
"أنها تثق بك ولم تكن لتوافق على زواجي من سكوت لو لم تحدثيها انك تعرفينه حق المعرفة"
"عزيزتي كلنا يعلم أنها كانت تريده لبنتها ولم رفض سكوت ذلك لم تشاء أن تخسر ماله "
هزت سال رأسها وقالت
".... أتعرفين يا كاثي أحمدي الله أن لك أب و أم يحبانك ويعتنيان بك"
أقرت كاثرن بذلك فلقد عانت سالي الأمرين على يد عمتها عندما توفي والديها في حادث سير وهي في الرابعة عشر من عمرها لكن مبالغة العمة في رعاية سالي كانت زائفة فلقد كانت تنظر إلى المال الذي سترثه سالي عند بلوغها السن القانوني في الوصية والكل يعرف هذا لكن كاثرن الآن تعاني من الخلاف بين والديها ولا تعرف السبب وقد تفقد الرعاية والجو الأسري لو أستمر هذا الشقاق نظرت كاثرن إلى صديقتها المبتسمة. ليس هذا الوقت لتذكر أحزانهما اتكأت بذراعيها على الطاولة وقالت لسالي
"لم توافق ألا لأنها تعتقد أني سأتزوج أبنها العاطل حتى انفق عليه وهو يرقص"
ضحكتا سويا ثم تذكرت كاثرن موضوع مارتن
"أوه لم تخبريني من الذي أخبرك عن مارتن....آه لابد أنه ادوارد أليس كذلك؟"
"اجل "
" الخائن طلبت منه ألا يخبر أحدا ً"
" لم يخبرنا طواعية لقد ضغط عليه سكوت بعد أن رأى الكدمة التي حول عينه فأخبرنا مكرهاً"
أحمر وجه كاثرن وهي تستعيد ذكرى تلك الليلة أيعقل أن ادوارد أفشى سرها قالت لصديقتها
" ماذا هل أخبركم بكل شيء؟ "
" لم يقل لنا سوى أن مارتن يحبك ويغار عليكِ منه فضربه "
هذا أسوء مما كانت تتوقع لن تفلت ألان من سالي وقد تخبر عمتها ولا تعرف إلى أي مدى سيصل الأمر أرادت أن ترد وتصحح معلومات صديقتها لكن سكوت وادوارد انضموا أليهما و قال لها سكوت بعد أن جلس على كرسيه بجانب سالي وهو يحيط كتفي خطيبته بذراعه
"هيا يا كاثي أخبرينا ألن نسمع خبر خطوبتك قريبا ً"
نظرت إلى ادوارد وهي تعرف ما يلمح له سكوت ثم أجابته
"كلا"
نظر حوله في صالة الاحتفال ينقل بصره بين المدعوين وهو يقول
"لماذا انك محاطة بكثير من الرجال المعجبين بك"
"ليس بينهم احد يستحق الاهتمام "
"أتسأل إن كنت ستجدينه "
"ربما سيجدني هو في أي مكان وفي أي وقت لا أحد يعلم"
"نسيت أنك مستقيمة وعلى الرجل أن يبحث عنك وليس أنت "
"إذاً لا تنسى هذا مرة أخرى "
"أتمنى أن لا يطول الوقت"
"وقت ماذا؟"
"خبر خطوبتك"
" تقصد خبر عملي "
"أي عمل ؟ "
لقد أرادت أن تبعدهم عن موضوع الزواج فهم يقصدون مارتن بلا شك و حتى تتمكن من الانفراد بادوارد ليصلح غلطته أجابت على سكوت الذي أظهر اندهاشه لتحاذها هذا القرار بسرعة
"من الغد سأعمل مكان أبي في الشركة"
أدهشهم الخبر وهطلت عليها أسألتهم كالمطر هل ستنجح في العمل التجاري؟ كيف ستبدأ؟ ماذا أذا لم تتكيف مع الحياة الجديدة ً؟ ومن أين لها للخبرة الكافية ؟. أخيرا استأذنت كاثرن وهمست في أذن ادوارد بكلمات وأخذته بعيد عن سمع سالي وسكوت
"لما كذبت وقلت أن مارتن يحبني وأنت تعلم أن الحقيقة عكس ذلك؟"
" هل تودين مني أن أقول لهما الحقيقة؟؟ في أنك صفعته لكلامه البذيء ثم لحق بك وحاولت أنا..."
قاطعته وهي تشعر بالاشمئزاز
"كفى لا تكمل لست بحاجة لتذكرني بتلك الليلة"
"جيد"
"جيد؟؟ أوقعتني في موقف حرج مع سالي وتقول جيد"
"أنها كذبة بيضاء"
"حقاً؟؟ ولم تجد كذبة بيضاء أصلح من هذه"
"هذه أول فكرة أتت إلى عقلي فقد أدهشني سؤال سكوت المفاجئ"
"كان عليك أن تقول انك تقاتلت مع أحدهم بسبب سوء تفاهم دار بينكما"
"لم أكن اعرف أنك بارعة في الكذب"
وجهت له كاثرن نظره محرقة وصمتت تفكر كيف تخرج من هذا المأزق وخصوصاً أن سالي لن تنسى الموضوع بسهوله وقد ترتكب تصرفاً أحمق فهي كما يبدو قد صدقت كذبت ادوارد وهي لا تشك في أنها سترى مارتن قريباً ثم تساءلت ماذا لو قابلها مارتن وهي مع سالي أوه لا ..لا.. لا يمكنها التخمين بردت فعل سالي قطع تفكيرها ادوارد وهو يمسك بكتفيه ويهزها بلطف
"أسف أن كنت سببت لكي الأذى يا كاثي لم أكن اقصد إزعاجك"
"لا عليك يا ادوارد أنا التي عليها أن تعتذر وتشكرك على كل ما قدم أنا حقاً آسفة على تصرفي ألأناني "
" لا عليك سأسوى هذا الأمر قريباً"
" أتمنى هذا"
"كاثي هل تنظرين إلى علاقتنا إلى أنها علاقة أكثر من صداقة"
قالت باستغراب
" لما تسألني هذا السؤال"
"فقط أجيبي على سؤالي"
ترددت في الإجابة
"الحقيقة..."
يا له من موقف محرج ما الذي يريد الوصول إليه لم يجعلها ادوارد تكمل كلماتها فقال
"كاثي أنا أحبك.."
صمتت كاثرن وقلبها يدق من الخوف تنتظر أن يتم كلامه
" وأريد الزواج منك هل توافقين"
هذا ما لم تتوقعه ولا تريده خصوصاً بعد أن تعرفت على مارتن الذي سرق منها قلبها ومشاعرها كما أنها تنظر إلى ادوارد كأخ وصديق ولم تفكر بعلاقتهما أكثر من ذلك لم يكن لادوارد ذلك التأثير القوي عليها كما يفعل مارتن تباً لهذا المارتن الذي تأكدت بعد طلب ادوارد أنها تحبه ولا تفكر بزواج من غيره ولا يمكن أن تنساه . حسناً عليها ألا تخدع نفسها فقد اكتشفت هذا عندما رأت تلك الفتاة الجميلة ذات الشعر الأسود في بيت مارتن ماذا ستقول لادوارد انه ينظر إليها وينتظر إجابتها وهي لا تريد أن تؤذي مشاعره كما لا تستطيع خداعه أو حتى أن تعطيه أمل ميئوس منه بطلب مهله لتفكر فقالت بصوت متقطع
" ادوارد لقد فاجأتني و ..."
" هل تحبينني يا كاثي؟"
"طبعاً..ولكني لا أفكر في الزواج الآن خصوصاً بعد أن استلمت العمل في الشركة...."
"أنا لا أفكر في الشركة ولا في مالك وأنت تعرفين هذا"
"لا تخطئ فهمي أنا لا اقصد انك تفكر في المال أنما لا يمكنني ترك العمل في الشركة بناء على رغبة والدي"
كان هذا العذر بنسبة لادوارد خيط ضعيف تتشبث به كي لا تقع في الفخ الذي نصبه لها ليستخلص اعترافها الذي تدفنه في قلبها
" الشركة ...يمكنكِ بعد الزواج أن تعملي كما تشائين فلن أمانع أبدا"
لا تعرف ما تقول فقالت بعصبية
"تتكلم وكأني أعطيتك موفقتي"
"ما الذي يمنع من زواجانا.... أنت لا تحبينني إذاً؟"
"لا تفهمني خطأً يا ادوارد أنت تعرف أني ..."
"لا تكملي فتكذبي على نفسك وعليّ.... أنت تحبين مارتن أليس كذلك؟ "
نظرته لها وكائنه واثق مما قاله جعلها تشتعل غضباً
" بدأت تهذي يا ادوارد كيف يمكنني أن أحب رجلاً أهانني "
" كاثي أنا أعرفك جيداً ولا يمكنك خداعي أنت تحبينه أكثر مني "
"هذا ما تقوله أنت "
ضحك ادوارد ولم تشعر بأنه متضايق من ذلك أبداً بل من الواضح انه مستمتع بغضبها وبإحراجها وقال
"لقد كنت احبك ولا أرى أحدا سواك وكنت عزمت على أن أطلب يدك من أبيك لزواج مني لكن عندما رايتكما أنت ومارتن في سوق القرية علمت أنك لست لي أنتما تناسبان بعضكما كثيراً ولا أخفيك سراً أني أمضيت تلك الليلة بكاملها مستيقظا وأنا أفكر بكما ولم أتصور أن مارتن يمكن أن يختطفك مني ثم لاحظت في الأيام التي تليها غياب مارتن و أنك بدأت تفتقدينه و بعد أن تأكدت من حبك له ألمني ذلك و قررت أن أبحث عن فتاة أخرى"
"أنا آسفة يا ادوارد لا يمكنني أن أرك أكثر من صديق و احبك كأخ "
"أخ تعني معاني كثيرة يا كاثي.. لا بأس أتمنى لك السعادة مع مارتن "
"تتحدث وكأننا سنتزوج"
" أنتما تناسبان بعضكما وكأنكما خلقتما لبعض لكن ألن تبحثي لأخيك ادوارد عن عروس"
" ادوارد... "
" لا تهتمي لي ربما لم أجد الفتاة التي خلقت لي بعد "
"أتمنى أن تجدها قريباً يا صديقي "
"ربما أوشكت على ذلك ...هيا لابد أن نعود إلى سكوت وسالي "
"أوشكت؟؟ من تكون أخبرني"
"لابد من أتأكد من مشاعرها نحوي وأنه ليس هناك رجل أخر في حياتها ثم سأخبرك من هي هيا لقد تأخرنا عن الأصدقاء"
عادوا إلى الطاولة وتحدثوا قليلاً ثم عاد ادوارد وسكوت لرقص أما سالي فاعتذرت بالبقاء مع كاثرن بعد أن أبتعد الرجلان قالت سالي
"هل هناك شيء؟"
"أجل أود أن اعرف أن كان ادوارد قد تفوه بكلام أحمق غير أن مارتن يحبني"
"ماذا تريدين أن تقولين؟"
"أريد أن أخبرك أني أنا ومارتن عدوين لدودين لبعضنا"
"لا شك انك تمزحين؟"
"أنا لا امزح وسأخبرك بالقصة كاملة في يوم أخر فلن أفسد هذه الليلة بذكر ذلك الرجل الكريه"
لاحظت سالي انزعاج كاثرن من ذكر سيرة الرجل واعتقدت أنها تكرهه فعلاً ورسمت على شفتيها تكشيرة صغيرة وهي تقيم الوضع وماذا ستكون عليه الأمور لو علمت كاثرن بما فعلت هي وسكوت لاحظت كاثرن صمت سالي فقالت
"هل هناك شيء أرجو أن لا أكون أفسدت ليلتك...."
"لا أبداً كنت أتمنى فقط أن أراه أن كان كما تقولين"
"أنصحك ألا تتمنى ذلك"
"أتخافين أن أخطفه منك"
"ستكونين الخاسرة إذا تزوج سكوت بامرأة أخرى"
"أنت تمسكين بذراعي التي تؤلمني تعرفين مدى حبي لسكوت"
"ولكن مارتن رجل مختلف وأحذرك من بريق عينيه الزائف"
أكتفت كاثرن بهذا وشريت من كأسها وهي تنظر إلى الراقصين معلنةً انتهاء الحديث عن مارتن لكن سالي لم ترضى بالصمت وقالت
"لقد أحضرت لك مفاجأة خمني ما هي"
لم تكن كاثرن تود الحديث أكثر من ذلك خصوصاً بعد كلام ادوارد الذي اثر في نفسها ولا يزال يتردد صداه في عقلها وجعلها تكشف حقيقة مشاعرها وبقوة اتجاه مارتن. صحيح أنها كانت تكتب مشاعرها في مذكرتها الجميلة في الريف واعترفت بحبه أكثر من مرة و كرهت فكرة أن تراه مع أمراه أخرى لكنها كانت تظن أنها أنما تحلم وأنها ستنساه بعد التقاء أصدقائها وستستطيع قتل هذا الحب الوليد قبل أن يعمر على قلبها قالت وهي تحاول أن تكف عن التفكير
"ما هي؟"
نظرت سالي إلى ساعتها الذهبية
"لا اعرف لماذا تأخرت مفاجأتي لكن هذا يعني أن لديك وقت لتخمني"
"دعيني أفكر عطر...ساعة....عقد....أو ربما زوج"
ضحكتا سويا فقالت سالي
"زوج فكرة ممتازة لكني لست واثقة من نفسي لأضمن لك ذلك "
قالت كاثرن بسخرية واضحة
"يا فرحتي بك يا صديقتي المخلصة ..."
ولكن الكلمات اختنقت في حلقها فجأة وهي تشاهد رجل طويل يتحرك بين الناس بسهولة كالفهد ولم يخفى عليه غيرة الرجال منه و انجذاب النساء إلى سحره فله سطوت الأسد على قلوبهن لكن التي يريدها أن تنجذب له قد ظهر الغضب على وجهها و اشتعلت نار خضراء في عينيها لم يسبق أن رأته كاثرن على هذه الملابس الفاخرة كان يرتدي بزته رمادية فاتحه وقميص ناصع البياض وربطة عنق حريريه فضية اللون جميع الرجال كانوا يرتدون اللون الأسود دون استثناء إلا مارتن وهذا ما جعله يظهر مختلفاً عنهم أكثر نظرت سالي خلفها لترى ما الذي أسكت صديقتها وكان مارتن قد أقترب فوقفت سالي وعلى شفتيها ابتسامه صغيره ترحب به و وقفت كاثرن بدورها وفي داخلها بركان قد انفجر تصافح الاثنان أمام كاثرن وقالت سالي له متجاهلة صديقتها
"أهلاً لابد انك السيد روبرتسون أنا خطيبة سكوت"
"أهلا تهانين لكي يا آنسة ..."
"يمكنك أن تناديني سالي"
"وأنا يسرني أن تدعيني مارتن وشكراً على الدعوة"
ثم قدم لها هدية علبه مجوهرات صغيرها فتحتها سالي وأخرجت الخاتم الماسي
"آه شكراً لك انه جميل "
"هذا من دواعي سروري"
كن يتكلم بطريقة أرستقراطية أثارة حفيظة كاثرن .بعد أن أنهى الترحيب بسالي تقدم إلى كاثرن ليقدم التحية لكن كاثرن لم تكلف نفسها عناء مد يدها وفتحها لمصافحته بل أبقت يديها إلى جنبها و توقعت منه أن يكتفي بإلقاء التحية عندما يرى هذا لكنه انحنى وعانقه بخفة ثم ابتعد وهو يقول
"كيف حالك يا كاثرى تبدين جميلة "
يا له من متعجرف الم يلاحظ نفورها منه قالت وهي تكبح شعورها بصراخ في وجهه وتسأله ما الذي أتى به لكنها قالت بعداء واضح
"شكراً لك وأنت لا تبدو كراعي بقر بهذه الملابس"
هاهما يقفان وجهاً لوجه وكأنهما ينتظران أن تبدأ المعركة فقالت سالي لتخفف هذا الجو الكهربائي حولهما
"أرجوك تفضل بالجلوس يا مارتن "
مد يده لتجلس كاثرن وما أن جلست سحب الكرسي الأخر وجلس بجانبها إنها تعرف أنه تعمد هذا ثم شرع مارتن يتحدث مع سالي التي سألته
"لماذا تأخرت كنا نتوقع حضورك قبل هذا الوقت؟"
"آسف لهذا كان هناك أمور لابد من انجازها "
التفت إلى الراقصين من حوله ثم نظر إلى كاثرن و قال مبتسماً
"هل تمانعين بالرقص معك؟"
لم يفت كاثرن وجه سالي المبتسمة لها و هي ترفع حاجبيها الأنيقين وترمقها بنظرة ذات مغزى فقالت بشراسة لمارتن
"أنا لا أجيد الرقص بل أجيد رفس الأقدام"
قال مارتن بسخرية واضحة في عينيه الرماديتين وصوته الهازل غير مصدق
"حقاً؟"
كانت تريد أن ترد عليه لكن ها قد وقع ما كانت تخشاه انطلقت صديقتها سالي تبرر موقفها وتقص عليه تاريخ حياتها الحافل وتربيت خالتها ليزي المتزمتة وهو يصغي لها باهتمام ويبدو عليه الاستمتاع بذكر قصص معلماتها الراهبات حاولت كاثرن أكثر من مرة إيقاف سالي بالباقة لكن لا فائدة ترجى منها يبدو أن هذه الأخرى تنصب فخاً لها ثم بداء الاثنان يتجاذبان أطراف الحديث ولم يهتما لكاثرن المشتعلة غضباً من حديثهما عنها نظرت كاثرن إلى جانب وجه مارتن القاسي ما سر هذا التحول المفاجئ في شخصيته عند أول اللقاء كان يتحدث مع سالي من برج كبريائه والآن يتحدث و كأنه صديق قديم يعرفها .انتبهت إلى سالي وهي تسترق النظر إليها فردت عليها بابتسامة ساخرة وأحدى حاجبيها مرفوع وفي عينيها بريق تهديد ثم نقلت بصرها بين المدعوين كيف ستكون ردة فعل ادوارد الآن وأين ستختبئ من نظراته.ها هو ادوارد قادم مع سكوت ولا يبدو على الاثنان أنهما أنتبها إلى وجود رجل أخر مع الفتاتين .نظر سكوت إليهم ثم أشار إلى ادوارد بيده لينظر باتجاههم لا لا يمكنها أن تنظر إلى ادوارد فأمسكت كأس العصير بكلتا يديها وبدأت تحدق فيه حتى أنظم سكوت وادوارد إليهم تبادل الرجال التحية ولم يبدو على ادوارد أي شيء يثير الضجر في حين انقلبت ملامح مارتن لمقابلة ادوارد.لاحظ الجميع هذا إلا كاثرن التي كانت منشغلة بسالي تكلمها بصوت منخفض و سالي لا تبعد نظرها عن الرجال وهي تسمعها
"أنتِ التي دعوته؟"
"ليس أنا أنه سكوت"
"لكنك كنت تعرفين؟ "
"اجل "
"هل تعرفانه؟ "
"لا ولم أره قبل الآن عليّ القول أنك أحسنت الاختيار"
"أصمت قبل أن يسمعك سكوت اخبريني كيف دعوتماه؟"
حولت سالي بصره إلى كاثرن وقالت
"كان والد سكوت قد عقد صفقة مع مارتن وعندما سمع سكوت بسمه عرفه وهكذا بحث عنه ودعاه إلى الاحتفال"
"لكن ليس لأجلي؟"
"بل هو كذلك أنه مفاجأتي التي أخبرتك عنها "
جلس الرجال الثلاثة وهما ينظران إلى الفتاتان اللتان تتهامسان ولم تنتبها أنهم يحدقون بهما وكانت كاثرن تقول بصوت لا يسمعونه
"بل فاجعتك لي هل قلتما له شيء عني "
"لا"
"جيد"
"عن ماذا تتهامسان إلا يمكننا مشاركتكما الحديث "
التفت كاثرى إلى ادوارد الذي قال هذا فعلقت السلسلة الذهبية على كتفها و وقفت وهي تنظر إلى ادوارد ثم إلى مارتن
"أنه حديث للنساء"
وكأنها تذكر مارتن بكلماته ثم نظرت إلى أصدقائها وقالت تعتذر
"علي الذهاب الآن فا لدي إعمال كثيرة في الغد "
قالت سالي
"لكن الوقت لا يزال مبكراً إنها العاشر والنصف"
إنها تعرف هذا ولكنها لا تستطيع البقاء ومارتن موجود معها
"اعرف يا عزيزتي وأنا آسفة لذلك لكن لابد من أنام مبكرا حتى استطيع أن أفهم عملي غداً أتمنى لك ليلة سعيدة وتهنين لك مرة أخرى "
قامت سالي وعانقتها ثم التفتت كاثرن إلى الرجال الذين قاموا بدورهم احترام لها هنأت سكوت مرة أخرى وتمنت للجميع ليلة سعيدة وخرجت مسرعة إلى كراج الفندق اقتربت من سيارتها و وجدت أحدى عجلات السيارة معطلة نظرت حولها لا تعرف ماذا تفعل هل تعود وتطلب من ادوارد أن يعود بها كلا أنه يستمتع الآن بوقته كما خشيت أن يناقشها في موضع مارتن وهذا مالا تريد أخرجت معطفها الأسود من سيارتها وأرتده ثم فتحت حقيبتها تبحث عن الهاتف الخلوي لتطلب سيارة أجرة لكن لا فائدة لم تجده في حقيبتها بحثت عنه في السيارة دون جدوى لابد أنها نسيته في المنزل عادت لتستخدم هاتف الفندق لكنها رأت مارتن يتحدث مع أحدهم في بهو الفندق أخيراً قررت أنها ستعود إلى منزلها سيراً على الأقدام فقد تجد سيارة أجرة في الطريق وتمنت من الله أن يمكنها حذائها ذو الكعب العالي من الوصول إلى هاتف عمومي لتطلب سيارة أجرة قبل أن يتعب قدميها ويرهق جسده.

مشت في الشارع المظلم الذي لا يضيء إلا بالقناديل الجميلة وبالكاد كانت السيارات تمر وهي تسمع خطوات خلفها تتناغم مع صوت حذائها التفتت ورائها بسرعة فلم تجد أحداً .أكملت طريقها ثم سمعت وقع الأقدام مرة أخرى توقفت وأرهفت سمعها لقد توقف الصوت نظرت خلفها مرة أخرى لا احد فاعتقدت أنه من خيالها لأنها خائفة من مشيها ليلاً ولكن بعد أن سمعت الصوت يقترب ويصبح أكثر وضحاً علمت أنها لا تتوهم ولما استدارت رأت رجلاً لم تعرفه يرتدي اللون الأسود وهو يقترب منها بابتسامة بشعة مخيفة تمنت كاثرن أنها لا تلبس هذه الملابس الضيقة حتى تتمكن من الدفاع عن نفسها فقالت للرجل بشجاعة لتوهمه أنها ليست خائفة
" من أنت؟"
" الم تعرفيني يا حلوة؟ "
" من أين لي أن أعرفك ؟"
"ربما أن أخرجت لك هذه ستعرفينني"
وأخرج لها عصاتان مرتبطتان بسلسلة بينهما
"الم تذكرك هذه بأحد ضربته بها يا جميلة "
" هل أنت جون؟ "
صرخ الرجل بنفاذ صبر
" ومن يمكن أن يكون غيره يا كاثي أنا الذي أدخلتني المستشفى بسبب الكسور التي أصابتني منك واليوم أتيت أرد لك هذا الدين "
جرس الخطر يرن في رأسها وملابسها الضيقة تعيق حركتها وحذائها العالي لن يمكنها من الهرب بعيداً فحاولت أن تفتح باباً للمفاوضات معه
"جون يمكننا أن نتفاهم..."
فصرخ بحده وكأنه قلبه أكتوي بنار الانتقام
"لا تفاهم بيننا .هل تركت يومها بيننا تفاهم كل ما فعلته أني اقتربت منك ومددت يدي أيتها الجميلة فلم تعطيني حينها حتى الوقت لأهرب"
"لم يكن الأمر كما قلت يا جون لقد تماديت معي وحينها لم تفهم تحذيري حتى اضطررت إلى فعل ما فعلت "
"كذلك اليوم أنا "
"قد نستطيع تسوية الأمر بيننا"
"لا تناقشيني لقد وضعت القوانين في الماضي والليلة أنا من أضعها"
جون يقترب منها ببطء وهي تتراجع وعقلها يحاول العمل لكن لا فائدة ملابسها من تحت معطفها ضيقة جداً ولا احد يمشي في الشارع ليتمكن من إنقاذها كما أنها ابتعدت عن الفندق و صدمت فجأة بشيء خلفها جعل قلبها يقفز من مكانه وتزداد سرعة دقاته إنها محاصره الجدار من خلفها والرجل الثائر أمامها أنها النهاية الحتمية التفتت ببطء خلفها لتشاهد أن الذي اصطدمت به واعتقدته جداراً بسبب خوفها الشديد كان رجلاً ورأت جانب وجه الرجل الذي اصطدمت به وهو عابس بشدة أنه مارتن لا تعرف بما تشعر نحوه بكره أم بحب أم بامتنان فدائماً تجده بجانبها عندما تحتاج إلى المساعدة أمسكها بقبضة يده التي أشعرتها بالأمان لدفأهما وأبعدها عن جون و وقف بينها وبين الرجل يسد طريقه نحوها بهامته الطويل وكتفيه العريضين وكأنه درع وقاية لها ثم نظر إلى جون بحده و قال بلهجة محذرة
"أنت ماذا تريد من هذه الفتاة ؟"
صاح جون من الغضب عندما عرف أن فريسته قد أفلتت منه
" وما شأنك أنت ؟"
لم يرد عليه مارتن ولكن عيناه أنذرتا الرجل بشر قد اقترب تكلم جون وهو قابض يده ويصدم بأصبعه السبابة صدر مارتن الواسع
" أسمع يا رجل أنصحك بأن تبتعد وتتركني وشأني مع الفتاه وإلا حطمتك معها بهذه "
قال ذلك وهو يهز العصاتين في يده الأخرى لم يتم كلمته حتى امسك مارتن أصبع جون الذي على صدره و لفه بقوة حتى سمعت كاثرن صوت تكسر عظام أصبع جون وقد أرتعش جسمها لهذا ثم لكم مارتن وجه جون بقوة و أسقطه أرضاً .كان الدم يسيل من أنف جون ومن فمه وهو يتأوه من الألم أقترب مارتن منه وقال
"أحذرك.....إن اقتربت من فتاتي مرة أخرى جعلتك تعيش بقية حياتك على كرسي متحرك"
سحب مارتن كاثرن من ذراعها وهو يسير بخطوات واسعة ولم يكترث لكاثرن وهي تحول أن تواكب خطواته فصرخت به وهي ترتجف من الخوف
"اترك ذراعي يا مارتن"
وكأنه لم يسمعها جرها إلى سيارته التي أوقفها قريب من أحد المبنى عندما لاحظ أن جون يلاحقها وصل إلى السيارة وفتح الباب المجاور لمقعد السائق ثم أفسح المجال لها وقال بعصبيه
" اصعدي يا كاثرى "
قالت وهي تفرك ذراعها وقد تعبت قدماها
" لن أركب معك أبدا "
" ليس لدي وقت حتى نتجادل في الشارع وفي هذا الوقت"
لقد صممت من قبل أن تكون نداً قوياً له وها قد أتى الوقت لثبت ذلك فقالت بتحد
"شكراً لمساعدتك لي أنا مدينة لك لكن هذا لا يعني أن تلقي عليّ أوامرك"
أرادت أن تبتعد عن الباب المفتوح ولكنه وقف في طريقها وأدارها ناحية السيارة وأخفض رأسها وأجلسها في المقعد الأمامي بالقوة رغماً عنها وقبل أن يغلق الباب قال وعلى وجهه سحابة غضب
"هناك أمور لابد من تسويتها بيننا وأحذرك لا تحاولي الهرب فليس هناك مكان تذهبين له"
وأغلق الباب نظرت إليه وهو يستدير أمام السيارة قبل قليل جون يريد تسوية الأمر معها والآن مارتن لقد نجت من جون ولكن من سينقذها من مارتن وتبادر إلى ذهنها ادوارد كلا في تلك الليلة خرج من القتال بلكمه في عينه هذه المرة قد لا ينجو لم تنتبه لوجود مارتن بجانبها إلا بعد أن أدار محرك السيارة و انطلق ثم قالت
"أعدني إلى الفندق"
لكنه قال بسخرية
"لديك عمل في الغد هل نسيت؟"
لم يبعد عينه عن الطرق وبقيت صامته تنظر من نافذتها وقد أرهقها الصمت الثقيل في سيارته التي تفوح براحه عطره الرجالي التي تتداعب أنفها وهي تنتظر متى سيتوقف ليسألها عن بيتها ولم تلاحظ أنه يراقبها من خلف أهدبه الطويلة .أخفضت رأسها تنظر إلى ساعتها وأنتبه مارتن أنها غاضبة جداً من أمساكها لحقيبتها بقوة
"كيف حالك يا كاثرى رحلت عن القرية بسرعة دون أن تدعيني...."
أخيراً قرر أن يقطع الصمت لكن سماع ما يريد قوله هو أخر ما تريد فقاطعته بحده
" يكفي يا مارتن لا أريد أن أسمع منك شيء "
لم تكن تريد أن تتذكر جرحه لها وكلماته المؤذية وبدأ عقلها يستعيد كل الأحداث ولم يوقفه إلا هدوء محرك السيارة وهي تقف على جانب الطريق نظرت إلى الرجل الجالس بجانبها وقد وضع ذراعاً على مقود القيادة والأخرى على المقعد وفي عينيه بريق غريب أخافها
"لابد أن تسمعي ما سأقول لقد صفعتني أمام الجميع وانتشر هذا الخبر في القرية انتشار النار في الهشيم "
رفعت ذقنها بتحد وقالت بصوت غاضب
" كنت تستحق ذلك"
قالت كلمتها ولم تشعر أن يدها امتدت وفتحت باب السيارة لتخرج من هذا الجو الخانق المشحون فانحنى مارتن بسرعة وأمسك يدها بقوة. صرخت في وجهه أن يتركها فلم يبالي بما قالت وجذبها بشدة حاولت أن تفلت منه و تدفعه عنها لتهرب لكن من السخف أن تقارن قوة رجل مثل مارتن بقوة رجل عادي كيف بامرأة ضعيفة لا تملك حول ولا قوة أستطاع أن يعيدها إلى مكانها بسهوله وأغلق الباب أوتوماتيكيا كي لا تحاول الفرار مرة أخرى .أبت أن تجعله يتمتع بانتصاره فانهالت توجه لكماتها إلى كتفيه وكم تمنت أن تلكم وجهه القاسي كالصخر لكن يده أمسكت بقبضتها الصغيرة في يده قبل أن تصل.شعرت كاثرن أنها فقدت أعصابها بالكامل حاولت أن تفلت يديها من قبضتيه الفولاذيتين فهزها بعنف شديد وطلب منها أن تهدءا لكنها لم تفعل ولم يبقيها في مكانها إلى صرخته القوية في وجهها
"توقفي يا كاثرى"
أرعبتها صرخته التي هزت كل عرق في جسدها وسحقت عظامها حتى شعرت أن قلبها سيخرج من صدرها تباً لهذا الرجل و لسلطانه الغريب الذي يتحكم بها بعد أن رائها هادئة تمام في مكانها أحس بعرق في معصمها يرسل له نبضات قلبها السريعة و ترك يديها وهو يرى أثر أحمر لأصبعه على بشرتها البيضاء عاد مارتن إلى مكانه ومد ذراعية فوق المقود وتنفس بعمق وهو يحدق أمامه لقد أخافها وألمها أخذ يلقي الشتائم في نفسه على تصرفه الأحمق لقد أتى ليعتذر منها فوجد نفسه قد زاد الطين بله. كاثرن تحاول أن لا تبكى لقد كانت قوية ولم تكن تبكي إلا نادراً لماذا تتسارع الدموع إلى عينيها الآن؟ لابد أن تتماسك على الأقل أمام مارتن لن تستسلم له وما هذا إلا الهدوء الذي يسبق العاصفة قطع مارتن الصمت في السيارة
" أنا أسف يا كاثرى ما كان يجب ان أصرخ في وجهكِ "
نظرت إليه بحده و قالت
"حقاً أتريد أن أصدق انك أسف...."
وضع مارتن أصبعه على فمها الصغير كالخاتم
" أرجوك يا كاثرى أسمعيني حتى النهاية "
أبعدت يده عنها بأقوى ضربه من يدها كي تألمه
" لكنى لا أريد أن أسمعك تعبت وأنا استمع إليك ثم تقول لي كلام لا يمكن لرجل محترم أن ينطق به"
حاول مارتن أن يضبط أعصابه أن في رأسه هدف ولابد أن يحققه ولن يتراجع أبدا خصوصاً وهو يملك دافع قوي يجعله يستمر أما كاثرى بقيت تنظر إليه وهي تقول يبدو أنه لم يتأثر بضربتها
" أعلم انك غاضبة منى ولكي ذلك. أنا لم أأتي هنا إلا لأعتذر لكي عن كل كلمة تلفظت بها في تلك الليلة لا أعلم ما الذي جعلني أقول ذلك الكلام لكنى أأكد لكي أني نادم "
لا يمكن أن تصدق مارتن المتكبر المغرور يعتذر ويظهر كل هذا الأسف لتصرفه لا لقد علمتها الأيام في الريف أنه لا يعتذر إلا إذا أراد شيء وما أن يحصل على ما يريد سيعاود هجومه وقد يقدم لها هجمة شرسة هذه المرة فقالت وهي تصيح في وجهه
"قل لي هل تظن أني غبية ...هل ترى أمامك طفلاً لتضحك عليه بكلامك المعسول ...ربما تركتك عشيقتك أو انك مللت منها و أتيت إلي الآن... لا يا مارتن اعلم أني لست مثل تلك الجميلات الغبيات اللواتي يمكنك أن تخدعهن بسحرك "
ثم قالت بازدراء
"هذا أن كان لك سحر"
قال بصوت هادئ بالكاد أستطاع أن يسيطر عليه
"ليس لي عشيقات يا كاثرى أنت تخطأين في حقي "
"ماذا أخطئ ...لقد رأيتك بعيني وأنت تقبل تلك الفاتنة الجميلة ذات الشعر الأسود و تحتضنها وتدخلها إلى منزلك هل تريد أن أكذب عيني وأصدقك ....أنصحك لا تحاول أن تنكر فهذا لن يفيد "
حسناً هو يعرف أنها تقصد أخته لكنه سيجعلها تندم على تسرعها وعدم ثقتها به لا يعرف ما الذي جعله يود منها أن تقابل آخته ثم تعرف بنفسها الحقيقة أجل لن يخبرها هو بل سيتمتع بنظر إلى عينيها وهي تعتذر له في خجل فقال
"أنا لا أنكر "
فتحت عينيها وهي تقاوم رغبة في البكاء وقالت
" وتقولها بكل وقاحة أنت سا..."
لا يريد أن يسمع كلمه سافل مرة أخرى فقاطعها صارخاً هو الأخر
"هلا كففت عن شتمي والصراخ في وجهي إنها..."
كاد أن يقول إنها أخته لكنه امسك لسانه في اللحظة الأخيرة لن يفسد الخطة التي رسمها في رأسه فقالت
"إنها ماذا؟؟ "
"إنها موظفة عندي "
هذه أقرب صورة جاءت إلى رأسه ولأنها بقيت صامتة تنظر إلى جانب وجهه اعتقد انه وصل إلى بر الأمان ولم يكن يعرف أنها تشعر بالاشمئزاز منه وكان هذا واضح في صوتها عندما قالت ببرود
"موظفة عندك؟"
"اجل"
ثم فجأة امتلأت السيارة بصراخها
"كونها موظفة عندك لا يبيح لك أن تقبلها وتضمها وتستضيفها في بيتك "
يا لها من عنيده سريعة الغضب وذات طبع حاد أخيرا قال بهدوء ولم يعد يحتمل عجرفتها
"وما شانك بما افعل هل يهمك مع من أخرج أو من أقابل"
لقد افسد كل ما جاء لأجله كم هو أحمق قالت بكبرياء
"آه اجل انه حقك وخصوصياتك وليس لي شأن لكني أريد في المقابل أن لا تلقي عليّ صفات عرائسك الغبيات"
"لقد اعتذرت لكي وأنا الآن أقدم اعتذاري مرة أخرى أنا آسف "
"حقا؟"
كان حلق كاثرن جاف بسبب ما تلقته هذه الليلة فظهرت الكلمة بصوت مختنق ظن مارتن أنها تبكى التفت إليها و كانت تنظر إليه نظرة أحرقته فقال
"ما بك؟"
" أريد العودة إلى بيتي"
"لكننا لم ننتهي من الحديث بعد"
"ولا أريد أن أتمه "
شعر مارتن انه لابد أن ينزل من عليائه قليلاً لتسوية الأمر فقال بتوسل راجياً أن يجدي خضوعه واستسلامه نفعاً
"أرجوك يا كاثرى لابد أن تسمعيني أنه أمر مهم جداً"
قالت كاثرن بصوت ناعم وقد ارتسمت ابتسامة صغيرة على شفتيها
"مارتن هل لي أن أطلب منك خدمة قبل أن تكمل"
دهش مارتن لطريقتها المسالمة فجأة إذا لقد قررت أن تنهي الحرب لابد أنه أثر فيها بتوسله وهذا ما لم يتوقعه الحصول عليه بسهوله فأجاب
"اجل بطبع تفضلي"
قالت بصراخ فجر أذنيه وقد ذهبت نعومة صوتها
"لا أريد أن أرى وجهك مرة أخرى "
وفجأة انفجر مارتن من الضحك ليحل ضحكة مكان الهدوء الذي كان بعد صراخها كيف جعل لنفسه الأمل أن كاثرن أصبحت لطيفه؟ إنها لا تخدع بالأسلوب العذب أبداً ضحك حتى دمعت عيناه ولم يشعر بنفسه. ضحكه خفف من الجو المشحون في السيارة وجعل كاثرن تتأمله وهو يضحك أنه الرجل الوحيد الذي فتنها و دخل قلبها دون أستاذان وزعزع كيانها وأقتحم أسوار القلعة رغم عنها وغير مجرى حيتها وأشعرها أنها تسير فوق الماء شعرت برغبة في أن تشاركه الضحك ولكنها تداركت نفسها بسبب ضحكه الذي لم ينقطع وقالت
"أتسخر مني؟"
فقال وهو يحاول أن يتماسك
"أوه لا أرجوك لكن توقعت الحرب بيننا انتهت"
"ولكنها لا تزال على قدم وساق"
مسح مارتن الدموع من عينيه وقال
"آه ..أني أرى هذا "
نظرت إلى ساعتها وقالت
" إنها الثانية عشر أعدني إلى البيت لدي عمل في الغد"
هدءا مارتن تماما وقال بصوت جاد
"حسناً جاء وقت العمل "
"ماذا تقصد؟"
"كنت أود أن أناقشك في العمل "
"ولكن ليس لدي وقت الآن لمناقشتك"
"ولابد أن تسمعيني لم يعد هناك وقت نضيعه يا كاثرن الأمور تزداد سوءاً يجب أن نسرع قبل أن يخرج الموضوع من أيدينا "
"لا أفهم؟"
"هل تذكرين يوم أن كنا في الغابة يومها وعدتك أن أخبرك بسر أخفيته عنك و في حال أني لم انجح في تسوية الأمر.."
أنتظر منها إي بادره لتحمسه على الكلام لكنه لم يلقى جوابا غير الصمت فواصل كلامه
"سأخبرك وقد أن ألأوان لذلك"
" الآن يجب أن أسمعك لكن إن كذبت علي لن أعفو عنك أبدا هيا قل ؟"
"علي أن أقول أولا أن والدك لن يستطيع المجيء إلى لندن أو حتى الاتصال بك ليشرح لك أعمال الشركة و قد كلفني بذلك"
"وأنا لا أريدك"
"أسف فليس لكلامك أي معنى يا طفلتي فقد قرر والدك ذلك وانتهى الأمر"
"يمكنني أن أفهم العمل لوحدي ولم يكن والدي بحاجة إلى إرسالك وبتالي أنت معفو من هذه المهمة شكراً"
"أسف عرضك مرفوض"
"لم أكن اعرض عليك بل كنت أأمر"
تجاهل صوتها الغاضب وقال
"ماذا ستفعلين غداً؟"
"سأعقد اجتماع في الساعة التاسعة والنصف مع الموظفين "
"متى سينتهي الاجتماع؟"
"لما تسأل؟"
"لأني سوف أأتي لأوضح لكي طبيعة العمل"
"ولكني لا ارغب في وجودك"
"لم أسالك أن كنت ترحبين بي أو لا يا طفلتي ثم أني لم أأتي لأجلك بل لأجل السيد ألبرت الذي اخذ عليّ عهد أن أهتم بالعمل حتى تستطيعين إدارته"
"أولاً كف عن مناداتي بطفلتي ثانياً سأتحدث مع والدي وأعفيك من عهدك الذي قطعته له وأعمل لوحدي"
"أنا أسف إلى أن تتصلي به قد تضيعين كل أموال السيد ألبرت"
لن يتراجع مارتن أبدا عن قراره هذا ما هي واثقة منه تماماً لكن لماذا لم يخبرها والدها لماذا يرسل مارتن ليهتم بالعمل بدلاً عنه الم يفكر في وضعهم الأسري الذي سينهدم الم يحدث نفسه في المجيء ليتكلم مع أمها لم تجد كاثرن عذراً لوالدها .

لكن مارتن يدرك تماماً أن السيد ألبرت يمنحهما الفرصة ليكونا صديقين. في ذلك اليوم الذي سافرت فيه كاثرن قرر مارتن أن يلحق بها ولا يجعلها تبتعد عنه أبدا فخرج من منزله متجها إلى منزل السيد ألبرت وهو يدرك أنه لا أحد هناك دخل وجعل يبحث عن إي أثر تركته كاثرن حتى وقفت به قدمه عند غرفتها كان عقله يمنعه من الدخول لكنه لم يهتم ودخل الغرفة يبحث وفتح أحد الأدراج ليجد كراسة رسمها وما هو أجمل منه دفتر مذكراتها لقد تملكه الفضول في أن يقرأ وسمح له الحظ بمشاهده الرسم الذي كانت ترفض أن يراه مضى وقت طويل وهو جالس على حافة السرير يقرأ مذكرتها وقد شعر بألم للكلمات الأخيرة التي كتبتها ولم يلاحظ وقوف توماس على عتبت الباب يراقبه وهو يبتسم كان موقفه محرجاً عندما أستيقظ من أحلامه على صوت توماس الذي قال
"وقعت في حبها؟"
تمنى لو انه يستطيع الهرب من نظرت توماس ألا يكفي انه والدها قام من السرير وهز كتفيه وهو يقول
"ما الفائدة إنها لا تحبني؟ "
"أممم أني اشعر بما تشعر به "
"لا أعتقد فأنت لا تعرف شيء"
"أنا لا اعرف سبب العداوة بينكما مع أني فعلت ما بوسعي لكني اعرف معنى أن يبتعد عنك من تحب"
صمت مارتن فدخل توماس الغرفة وقال
"منذ رحلت ألفيا لم أعد أعرف ما أفعل؟ "
"الم تجب على اتصالاتك بعد؟ "
"كلا لم تفعل"
ضحك مارتن بأسى على وضعهما وقال
" أشعر أننا مجنونان في حب هاتين المرأتين"
ضحك توماس و وضع ذراعه حول كتفي مارتن وجلسا على حافة السرير وقال
"أنت صريح كأبيك يا مارتن لكنك أحببت فتاة ليست مثل أمك"
"أخبرني ماذا ستفعل مع زوجتك؟"
" المشكلة أن محاميها أتصل بي اليوم يطلب مني أن أعطيها حصتها من الشركة"
"هذا ما أعرفه لكن هل من جديد؟"
أطلق توماس زفرةً من صدره وقال
"أجل طلب المحامي أن أجهز أملاكها بسرعة وأرسل له محامي ليرتبا أمر الطلاق"
صعق مارتن لسماع هذا وتسال أن كانت ألفيا فقدت عقلها وقال
"لا أصدق أن السيدة ألبرت تفعل هذا! "
"لقد فعلت "
نظر توماس إلى الدفتر الجميل بين يدي مارتن وقال
"ماذا تريد من دفتر مذكراتها لا أعتقد أنه سينفعك بشيء؟"
أبتسم مارتن لموقفه المحرج وقال
"إن سمحت لي بأن أحتفظ به؟ "
"بكل تأكيد لكن لا تخبر كاثي أني أعلم أنه معك فسوف تغضب"
"أطمأن يا سيد ألبرت لن أفعل وأعدك بفعل المستحيل لتعود السيدة ألبرت إليك "
"شكراً يا بني وأهتم بكاثي فهي لا تعرف كيف تعمل في الشركة وهذا سيساعدك في التقرب منها و أتمنى لك حظاً طيباً"

"هذا ليس كل شيء أليس كذلك؟"
وقفت به ذاكرته لسؤال كاثرن ففتح عينيه ليلتفت إلى الفتاة التي بجانبه
"أجل هذا صحيح"
"أخبرني إذاً "
"هذا يكفي هذه الليلة سأأتي غداً بعد الاجتماع لأوضح لكي كيف تسير أعمال الشركة ثم في المساء سأزورك في المنزل لأخبرك بالحقيقة كاملة أتفقننا "
قالت بتردد
"أتفقننا"
"جيد أين يقع منزلك؟"

ساد الصمت عليهما إلا أن وصلا إلى المنزل و أوقف السيارة أمام الباب ولم يطفئ المحرك لماذا تشعر بالخوف مما ستسمعه في الغد لكنها تشعر بالأمان ربما لان مارتن مهتم بالموضوع كما يبدو انتبهت أن محرك السيارة قد هدءا أنها متعبه بعد هذه الليلة الحافلة بالمفاجآت سالي ثم ادوارد ثم جون وبعده مارتن ثم الشركة و والديها آه كم تشعر بلحنين إلى فراشها الدافئ لتستسلم لنوم وتريح عقلها وجسدها استدارت إلى مارتن لتشكره على صنيعه قالت بهدوء وقد بلغ بها التعب مبلغة
"شكراً لك على تفضلك لآصالي إلى منزلي"
"لا شكر على واجب لكن قبل أن تنزلي من هذا الرجل الذي أراد ضربك؟"
"أنه جون الشاب الذي أخبرتك أني أدخلته المستشفى"
" آه فهمت أتى ينتقم ولما لم تذهبي بسيارتك"
" وجدت أحدى عجلاتها معطلة"
" يبدو انه هو من قام بذلك "
" أجل ."
"هل أنت بخير؟"
"اجل شكرا لك"
" هل هناك مضيقة لكي لو أتيت وساعدتك في معرفة طبيعة العمل يا كاثرى ؟"
هل يستأذنها على كل حال ستكون بحجة له إن كانت لا تود إهدار أموال والدها ارتسمت ابتسامة خفيفة أظهرت جميع الألم الذي تحس به وقالت بسكينة
" سأكون مدينة لك أن فعلت ذلك وشكراً مرة أخرى يا مارتن "
" على الرحب والسعة "
"طابت ليلتك"
"طابت ليلتك"


 
 

 

عرض البوم صور قلب الجبل   رد مع اقتباس
قديم 05-05-07, 07:52 AM   المشاركة رقم: 10
المعلومات
الكاتب:
اللقب:
ليلاس متألق


البيانات
التسجيل: Feb 2007
العضوية: 24072
المشاركات: 254
الجنس أنثى
معدل التقييم: قلب الجبل عضو على طريق التحسين
نقاط التقييم: 66

االدولة
البلدSaudiArabia
 
مدونتي

 

الإتصالات
الحالة:
قلب الجبل غير متواجد حالياً
وسائل الإتصال:

كاتب الموضوع : قلب الجبل المنتدى : القصص المكتمله من وحي قلم الاعضاء
افتراضي

 



الفصل العاشر<>
أستيقظ مارتن مبكراً على الرغم من نومه في وقت متأخر وجلس يتناول إفطاره وإذا بهاتفه الخلوي يرن كان المتصل صديقة الدكتور إيريك
" أهلا بك دكتور إيريك صباح الخير"
"صباح الخير يا مارتن كيف حالك يا صديقي لم اعد أراك كثيراً أين اختفيت؟"
ضحك مارتن وقال
" هربت منك خوفاً من أن تعطيني حقنة من حقنك القاتلة أنت و زوجتك و أنا أريد الحياة لدي أعمال يجب أن أنهيها"
" لا تخف لن أفقدك الحياة وأنت أعزب دهر"
" هذا كرم منك"
" أسمعني يا صديقي أنا في حاجة إليك و أريد مساعدتك "
"تفضل "
" زوجتي سافرت مع فريق طبي إلى أمريكا وأنا سأقوم بعمليه جراحية لأحد المرضى في الساعة الثامنة وبعدها سأسافر لأنظم إليهم وسأعود بعد ثلاثة أيام أو قد يطول الأمر إلى أسبوع و أريد أن اترك أبني تيمي معك إن كنت تستطيع فلا يمكنني أخذه معي "
"لا مشكلة سأصنع معروفاً لمريضك الذي ستجري له العملية حتى لا يقتله أبنك"
ضحك صديقه وقال
" أنك ترى كل عائلتي قتله "
"يقال ثلثا الولد لخله ومن شابه أباه فما ظلم فماذا تتوقع أن أرى أبنك غير مدمر"
"شكراً لك يا مارتن لن أنسى هذا لك أنت صديق مخلص "
" سأحضر إلى منزلك في السابعة لأخذ تيمي هل يناسبك هذا؟
" تماما . إذا اتفقنا إلى اللقاء "
"إلى اللقاء"
نظر مارتن إلى ساعته بقي أمامه ساعة من الوقت ليأخذ ابن صديقه فجلس يقلب أوراق الصحيفة أما كاثرن التي لم تستطع النوم إلا قبيل الفجر بسبب ذهنها المشغول بوالديها كثيراً وفي السر الذي يخفيه مارتن عنها فلم تستيقظ إلا بعد مضى وقت طويل. أنطلق صوت المنبه منذر لها أنها التاسعة صباحاً تذكرت أن لديها اجتماع مع الموظفين بعد نصف ساعة لبست ملابس رسمية للعمل ورتبت شعرها بعد ذلك تناولت إفطارها بسرعة ثم طلبت سيارة أجرة وذهبت إلى الشركة انتظرت حتى أكتمل عدد الموظفين وقبل أن تدخل طلبت من السكرتيرة أن تتدبر أمر أصلاح عجلت السيارة وأن يحضروها إلى الشركة لتستخدمها في العودة إلى المنزل ثم دخلت غرفة الاجتماع لتبدأ أول يوم في العمل.
أخذ مارتن تيمي الذي عمره خمس سنوات وجلس يلهو معه في الهايدبارك ثم نظر إلى ساعته
" إنها العاشرة والنصف هيا يا تيمي يجب أن اذهب إلى كاثرى "
" أرجوك يا عم مارتن دعنا نلعب معاً"
" ليس ألان لدي موعد مهم "
" إذاً خذني معك"
" هذا بديهي وأين سأبقيك فلا مربية لدي في المنزل ولا خادمة حتى تهتم بك "
" أين سنذهب؟"
" ستعرف في الطريق يا صغيري "
ركب مارتن وتيمي السيارة و اتجها إلى شركة السيد ألبرت أوقف السيارة في الكراج وقبل أن ينزل قال
"تيمي سوف ندخل إلى الشركة وليس منتزه لا للكلام لا للأسئلة ولا لركض في الممرات هذا مكان عمل واضح"
" واضح عم مارتن"
نزل مارتن وهو ممسك بيد تيمي حتى لا يفلت منه ثم دخلا إلى المصعد وطلب تيمي أن يضغط هو الزر ومارتن يأمره أن يخفض صوته ولكن لا فأده تيمي يقفز ويضحك وكأنه في مدينه الألعاب ومارتن لا يريد أن يقسو عليه لأنه لا يزال طفلاً ويعامله بحنان أبوي. طلبوا الطابق الرابع الذي فيه مكتب مدير الشركة . ازدحم المصعد بالناس وهذا ما جعل مارتن يكون في داخل المصعد وعندما فتح باب المصعد في الطابق الثالث أفلت تيمي يده من يد مارتن وأنطلق بين أرجل الناس وخرج من المصعد أراد مارتن اللحاق به لكن الزحام منعه وأغلق باب المصعد متجه إلى الطابق الرابع .سأل مارتن الله إلا يفعل تيمي شيء غبي من مشاكساته. تيمي الصغير أخذ يلهو في الممرات حتى وصل إلى غرفة الاجتماعات لم تره الموظفة الجالسة على مكتبها لتحرس الباب لأنها تنظر إلى نفسها في المرأة وتعدل ماكياجها إضافة إلى أن تيمي طفل وليس طويل. فتح الباب ودخل غرفة الاجتماع و كاثرن تلقي أوامرها الأخيرة على الموظفين رؤساء الأقسام ولم ينتبه أحد منهم إلى الطفل الذي تسلل تحت الطاولة وحبا على ركبتيه إلى أن وصل إلى قدم كاثرن نظر إلى حذائها الأسود اللامع وظهر في رأسه الغريب فكرة مجنونة. صرخ بصوت مرتفع وهو يخرج لها من تحت الطاولة ارتعدت كاثرن قليلاً وحمدت الله أنها لم تصرخ فتفقد شخصيتها المهيبة أما الموظفين نظرت إلى طفل أشقر الشعر أبيض البشرة بعينين زرقاوان وهو يضحك لها بشفتين محمرتين .أمسكت الطفل من يده ونظرت للذين معها وقالت
"ولد من هذا هل يعرفه أحد منكم ؟ "
لم تلقى جواباً من الموجودين وأخبرتهم أن اصطحاب الأطفال إلى الشركة ممنوع دون إذن مسبق منها وحاولت إنهاء الاجتماع بسرعة حتى تنظر في أمر الصبي.أما مارتن فكان قد نزل وبحث في كل مكان فلم يجده ورأى غرفة الاجتماع مفتوحة قليلاً والمرأة مشغولة بزينة شعرها أحس مارتن أنه سيجد ضالته هناك اتجه إلى الباب فقامت الموظفة تمنعه من الدخول
" أرجوك يا سيدي ممنوع الدخول إنها غرفة اجتماع"
"أسمحي لي هناك طفل في الداخل وسيثير الكثير من المتاعب"
"لا أستطيع الآنسة ألبرت أعطتني أوامرها أن لا يدخل أحد أي كان وسأعاقب أن تركتك تتدخل "
كان مارتن يكلم الموظفة و خلف ظهره الباب لم تنتبه كاثرن له عندما خرجت ممسكة بيد الصغير وذهبت إلى مكتبها ولم ينتبه مارتن و لا الموظفة لهما
" أسمعيني يا آنسة لن تعاقبك الآنسة ألبرت أن دخلت فانا صديق لها "
"أرجوك يا سيدي ..."
انتبهت الموظفة أن الاجتماع انتهى فقالت أنه يمكنه الدخول ألان دخل مارتن وأخذ يبحث في داخل الغرفة أما الموظفة فقد استدعتها كاثرن إلى مكتبها لتناقشها في إهمالها لم يجد مارتن تيمي وأسرع إلى مكتب كاثرن .
"قلت لكي ألا يدخل أحد إلى الاجتماع أين كنت عندما دخل هذا الطفل؟"
"آنستي لقد كنت في مكتبي لكنى لم أنتبه "
"خذي الصبي و أعرفي من أتى به إلى الشركة ودعية يأتي إلي حالاً "
"حاضر آنسة ألبرت"
أرادت الموظفة أخذ تيمي لكنها لم تجده وسألت كاثرن عنه نظرت كاثرن حولها وقالت
"قبل قليل كان هنا أين اختفى؟"
بحثت كاثرن تحت المكتب الفخم الكبير وخلف الستائر والموظفة تبحث عند مكتبة الكتب وخلف أشجار الزينة .أثناء ذلك طلب مارتن من السكرتيرة كيم أن تخبر الآنسة ألبرت بقدومه طرقة كيم الباب بلطف ثم دخلت لترى رئيستها تبحث و توبخ الموظفة أرادت أن تخبرها أن السيد روبرتسون هنا ويريد مقابلتها لكن كاثرن كانت غاضبة بسبب الطفل فأوقفتها عن الكلام وأمرتها أن تغلق الباب وتبحث معهما أتهجت كيم لتغلق الباب لكن مارتن كاد ينفذ صبره لفقده أبن صديقه فدخل ونظر إلى كاثرن وبجنبها الموظفة وهو يقول
"مرحبا كاثرى أتيت ..."
رفعت يدها في الهواء بعصبيه وقالت
"أهلا مارتن ليس الآن لدي مشكلة "
كانت كيم تقف خلف مارتن و الموظفة الأخرى تقف بجانب كاثرن أمام مارتن وخلفهما المكتب أرادت أن تتكلم وتقول أن هذا الرجل والد الصبي لكن تيمي خرج من خلفهما وهما تنظران إلى مارتن وأمسك بجاكت كاثرن الأسود وشده صارخاً بقوة ارتعدت كاثرن هذه المرة بوضوح كما تفاجأ جميع من كان في المكتب وأسرع تيمي إلى مارتن وأحتضن ساقه الطويلة وهو يصيح بمرح
"عم مارتن"
أرخى مارتن يديه على الصبي ونظر إلى كاثرن ليبحث عن عذر و عندما رأت كاثرن هذا اتكأت بمؤخرتها على المكتب الذي خلفها وقد قطبت جبينها عاقدة يديها على صدرها وقالت
" هل تعرف هذا الصبي يا مارتن؟ "
" آه أجل أنا أسف على كل الإزعاج الذي سببه تيمي"
ثم دفع رأس الصغير بلطف وقال
"هيا أعتذر للآنسة ألبرت"
ضحك الصغير بطفولة ضحكة جميلة دعت كاثرن إلى الضحك وهو يقول
"أنا أسف آنسة ألبرت"
"أنت مدين لي بتفسير لما حدث"
أمرت كاثرن السكرتيرة كيم والمرأة الأخرى بالانصراف بعد أن نبهت الأخيرة أن الموضوع لم ينتهي بعد و بقيت مع مارتن تسأله عن أمر تيمي فأخبرها انه أبن صديقه الذي سافر إلى أمريكا في عمل ,سألته كيف سيتدبر أمر تيمي فأجاب وهو يجلس على المقعد الجلدي الفاخر مقرباً تيمي منه
" الحقيقة أني لا أعلم ولابد أن أدير أعمال شركتي وتيمي طفل صغير لا يمكنني تركه لوحده وكما رأيت فهو كثر الحركة ويثير المتاعب "
" لا أعلم ولكن أن أردت مساعدتي فأنا مستعدة "
" لديك ما يكفيك كيف كان الاجتماع أتمنى أنه لم يفسده؟"
" أتعرف كنت فعلاً غاضبة من تصرفه عند دخوله الاجتماع و الفوضى التي صنعها في مكتبي لكن ما أن تنظر إلى عيني طفل جميلتين مثلهما حتى ترى الأمل الذي كدنا نفقده "
ألآمل هذا فعلا ما تحتاج أليه فهي تترقب المساء بفارغ الصبر قام مارتن من مكانه وأخذ ورقة من المكتب وقلم وأعطها إلى تيمي ليرسم ثم التفت لها وهي تتجه لتجلس على الكرسي الضخم خلف المكتب وقال
"حسناً لنبدأ العمل "
أزاحت شعرها الأحمر على جانب من رأسها لتخفي ارتجاف يديها و تبدو طبيعية بينما هو يجلس على حافة المكتب مقابل لها وهي تراقبه شعره الطويل الذي لم يقص و ذقنه الغير محلوق وتولد لديها رغبة بأن تمد يدها إلى ذقنه لكنها عنفت نفسها بشده لانجذابها إلى رجل لا يحبها علاوة على أنه يراها متحررة طلبت منه أن يبدأ العمل فبدأ يشرح لها كل ورقة وطريقة العمل وأثناء عرضه لأحدى المسائل لاحظ أنها عقدة حاجبيها بشده وهي تحاول أن تفهم ما أمامها ولم تستطع أن تسأله فهي تتحاشى النظر إلى العينين الرماديتين فقال لها
"ما بك؟ "
رفعت بصرها إليه كان عاقداً حاجبيه وينظر لها بعينين مبتسمتين وفيهما تعبير ناعم وعلى فمه تكشيرة صغيرة جميل تدل على تعاطفه لم تعرف بماذا تجيبه فاعتقد أنها خجلى من أن تقول أنها لم تفهم فتمتم بحنان
"لم تفهمي أليس كذلك؟ "
"آه..أجل"
"لا بائس يمكنني أن أعيد بوضوح أكثر"
وانتبه مارتن إلى جديتها وقوة شخصيتها وذكائها واستيعابها للأمور بسرعة لكنه لم يلاحظ توترها من قربه منها عندما كان يحني رأسه و يتكلم وأنفاسه الدافئة تصطدم بوجنتيها لينظر إلى ورقة سألته عنها وعطره الرجالي ملئ رئتيها مضى عليهما وقت طويل حتى انتهوا من معظم الأوراق.
يا لها من كارثة إن كانت ستعاني كل يوم من وجود مارتن بهذا القرب هي لا تنكر انه كان في غاية اللطف معها لكن عليها أن لا تنسى أنه اخبرها أن لطفه هذا يعود إلى اهتمامه بوالدها وليس بها عليها أن لا تسمح لنفسها بالانجراف مع هذه المشاعر المجنونة فهي ليست مراهقة لابد أن تكافح لتحافظ على ما بقى لها من كرامه عليها أن تعالج قلبها من مرض حبه قبل أن يهلكها قطع عليها أفكارها مارتن وهو يتأمل وجهها المرهق
" هل أنت بخير؟"
يا له من رجل يسأل بكل بساطة ولا يعلم انه سبب متاعبها تمنت لو أنها لم تلتقي به أبداً فحياتها الهادئة انقلبت إلى بحر هادر وسيل جارف من المشاعر المتلاطمة قالت له بتكاسل وهي تقاوم الإرهاق الجسدي والذهني
"أجل شكراً على مساعدتك"
"كان هذا من دواعي سروري"
نظر إلى ساعته أنه وقت الغداء لموظفين الشركة انتبهت إليه فأسأت فهمه وبادرت تقول
"أنا آسفة لقد عطلت أعمالك على ما يبدو؟"
"لا أبداً كنت أفكر إذا كنا نستطيع تناول الغداء في مطعم قريب من هنا "
قالت وهي تفتح أحد المجلدات الضخمة على سطح المكتب
"أنا آسفة حقاً يجب أن أعيد الاطلاع على الملفات ومحاولة رسم خطة للشركة"
لكنه لم يتركها وشانها بل مد يده و أغلق المجلد وألح عليها أن ترافقه هو و تيمي للغداء
"قلت لك أني لا استطيع"
"كما لن تستطيعي مواصلة العمل اليوم أنت مجهدة جداً وهذا واضح على وجهكِ وعينيك يبدو انك لم تنامي الليلة الماضية أليس كذلك؟"
لا تعرف متى فقدت كاثرن جميع أسلحتها وقالت بعفوية
"لم أستطع النوم كنت أفكر بما ستخبرني به هذا المساء فلا تنسى الموعد"
"أنا لم أنسى ولست بحاجة إلى تذكيري هيا لنتناول الغداء معاً فالعمل لن يتضرر حتى لو تركته إلى الغد "
"أنت لم تستسلم بعد؟ "
أقترب منها وغرق في عينيها لثواني ثم قال بهدوء
"أنت تعرفين أن هذا ليس من طبعي"
"اجل اعرف هذا "
"هيا سيكون مفيد لكي فنجان قهوة لذيذ مع وجبة مغذية"
"وأنا أصر على موقفي"
"أذاً سأطلب الغداء هنا و نأكل سوياً"
ومد يده ليطلب من السكرتيرة كيم إحضار وجبة لهما لكن كاثرن لا تحب مثل هذه الفوضى فالمكتب ليس مكان للأكل فقالت
"اعتقد أني سأقبل بما عرضته أولاً "
أبتسم وقال
"شكراً لكي هذا شرف لي"
أخيراً وقف و أبتعد عنها كان تيمي المسكين غارق في الأريكة الجلدية الفخمة يغط في نوم عميق تاركاً رسمه الطفولي البريء على الطاولة الزجاجية لاشك في أنه تعب من جو العمل الممل كما تعبت هي مد مارتن يده القوية إلى وجه الصبي الناعم وأيقظه بلمسة لطيفة وصوت رقيق جعل كاثرن تشك إن كان قلب مارتن يحمل مثل هذه المشاعر الأبوية .خرجت كاثرن قبل مارتن من الغرفة لتتأكد من السكرتيرة أنها اهتمت بوصول سيارتها وطمأنتها كيم أن سيارتها تنتظرها في الكراج . دخلوا إلى المصعد ونزلوا إلى الطابق الرضي ثم اتجهوا إلى الكراج عرض عليها مارتن أن تركب معه في سيارته لكنها أصرت على قيادة سيارتها واللحاق بهما .

توقفوا عند أحد المطاعم القريبة من الشركة مشى مارتن بجانبها وهو ممسك بيد تيمي ولم يزل يحدق في وجنتيها الناعمتين وأنفها المستقيم ثم أنتقل إلى فمها الصغير الممتلئ ثم إلى شعرها الأحمر الملتهب و إلى الجاكت الرسمي الأسود و بنطالها الذي لا يوضح شيء من ساقيها إلا إنهما طويلتان .أدخلت مفاتيحها في حقيبتها و دخلوا إلى المطعم.اتجهوا إلي طاوله قريب من النافذة الزجاجية و جلسوا صامتين حتى أتى النادل وطلبوا الطعام لم يتكلما في غير العمل حتى انتهوا من غدائهم ثم طلب مارتن لنفسه و لكاثرن فنجان قهوة و لتيمي آيس كريم وقليل من الحلوى حذرته كاثرى من تدليل تيمي لأنه سيفسده على والديه لكن مارتن اخبرها أنه يستمتع بسعادة تيمي البريئة لم تناقشه فليس هذا شأنها كما انه لن يسمع نصيحتها بسبب عجرفته ونظرته الملائكية لنفسه شربت فنجانها وهي تستمتع برائحة القهوة الزكية وطعمها اللذيذ فقال مارتن
" تبدين سيدة أعمال بهذه الملابس "
نظرت إلى ملابسها ثم نظرت إليه وقالت
" ألحقيقة أنها تخنقني فتحمل المسؤولية أمر ليس بالسهل "
" أتعلمين يا كاثرى كنت أتوقع انك لا تستطيعين ذلك لكن بعد الذي رأيته منك اليوم أأكد لكي أنك ستنجحين"
" أتمنى ذلك "
" كنت في القرية لا أحب أن أراك تلبسين ملابس عادية وبعد اليوم أتمنى أن أراها عليك دائما فهذه الملابس تجعلك صعبة "
عندما نطق أسم القرية حرك هذا ذكتها لكل مساوئ مارتن فقالت
" صعبة ؟؟ "
" لا تخطئي فهمي أقصد الآن نحن أشبه ما نكون في اجتماع عمل وليس جلسة أصدقاء"
أرادت تعلق على كلماته و أن تقول له أنهما ليس بصديقين وان صداقته لا تجلب لها إلا المتاعب لكن صوت تيمي أوقف الكلمات في حلقها
"عم مارتن أنا أحب الآنسة ألبرت"
نظرا إليه ورأياه وقد لطخ ملابسة بالآيس كريم و الحلوى بينما هما يتحدثان ولم ينتبها له أمسك مارتن رأسه وقال
" يا ألهي ما هذه الورطة "
ضحكت كاثرن منهما وتلاشى غضبها من مارتن فلقد لقي عقابه الآن وهي سعيدة بهذا قالت له مستمتعة بمشاهدته وهو يتأوه
" الأمر بسيط أدخله الحمام وأخلع ملابسه ورمه في الماء ثم أخرجه و أعطه ملابس جديدة"
بادلها الابتسام وقال وهو مستمتع بهذا الحديث
" أنت تقولين ذلك لأني أنا من سأقوم بهذا "
قال تيمي
" لا يا عم مارتن أنا لا أريدك أن تساعدني أنا أريد الآنسة ألبرت"
قال مارتن بمرح
"الحمد الله خرجت من المأزق بأعجوبة"
فتحت كاثرن عينيها بأتساعهما وقالت
"ليس بعد يا مارتن عليك أن تنظف أبن صديقك وتعتني به انه أمانة لديك "
قال تيمي
"ولكني لا أريده أنا أريدك أنت"
نظرت إلى تيمي وهي تحاول أن تنتحل شخصية المربية
"أسمع يا تيمي أنت لم تعد طفلاً صغيراً ليساعدك أحد "
"لكني أريدك أن تأتي معي لنلعب"
" لقد لعبت معي اليوم بما فيه الكفاية أم أنك نسيت"
قال تيمي يتوسل مارتن بدلال أن يقنع كاثرى
"عم مارتن..."
"اترك عمك مارتن وتكلم معي أنا إن كنت تريد مني أن أأتي معك ونلعب معاً فكن مؤدباً و لا تزعج العم مارتن و عندما يخبرني انك أصبحت مهذباً في تصرفاتك أعدك أن أخذك معي في نزهة "
"حقاً يا آنسة ألبرت؟"
" أجل يا صغيري"
لا تعرف لما تفوهت بهذا ووعدت هذا الصبي يبدوا أنها استغرقت في تمثيل دور المربية و نسيت نفسها والأسوأ من ذلك كيف ستتخلص من النظرات الحارقة التي يرمقها بها مارتن فبقيا صامتين و كانت هناك امرأة متقدمة في السن ممسكة بذراع زوجها ليخرجان من المطعم ولفت انتباههما شعر كاثرن الأحمر ووجود سلطة رجولية طاغية في الرجل الذي أمامها قالت المرأة لزوجها وهي تشبع فضولها بنظر إليهما مباشرة ولم تنتبه لقربها منهما
" ألا يبدوان زوجين جميلين أنهما يناسبان بعضهما كثيراً لكن الصبي لا يشبه أحداً من أبويه "
صوت المرأة كان مسموعاً لكليهما أجفلت كاثرن من هذا الكلام ونظرت بسرعة وهي شاحبة الوجه باتجاه المرأة التي جرها زوجها بسرعة وتبسم لكاثرن وكأنه يعتذر لتطفل زوجته اتجهت كاثرن ببصرها إلى مارتن الذي رسم على وجهه ابتسامة عريضة و لاح في عينيه الهزل وهو يقول بسخرية
"صورة جميلة لزوجين ؟"
تصاعد اللون الأحمر إلى وجهها جراء نظرة مارتن الجريئة في وجهها .خافت كاثرن من أن يرى مارتن مشاعرها الملتهبة في عينيها و وجهها فأسرعت بالوقوف وهي تقول
"يجب أن اذهب الآن شكراً على الغداء"
أمسك مارتن بمعصمها بلطف فأثار مشاعر قوية داخلها بهذا الاحتكاك البسيط وقال بصوت أجش
"بهذه السرعة "
لم تعرف ما تقول لتتهرب من هذا المأزق فهي لا تستطيع النظر في عينيه وإلا ستفصح عن ما في قلبها انتقلت ببصرها من اليد القوية الممسكة بمعصمها إلى سيارتها خارج المطعم
"كان يوماً متعباً بنسبة لي وأحتاج إلى أراحة قليلاً "
سحبت يدها لتتخلص منه لكنه لم يتركها مما اضطرها لنظر في عينيه متسائلة لما لم يترك يدها فقال بصوت منخفض لكنه يحمل معاني كثيرة لم تفهمها
"إلى اللقاء كاثرى اعتنى بنفسك"
لا تعرف ماذا حصل لها وكم بقية من الوقت واقفة تنظر إليه وكأن الزمن توقف للحظة انتفضت فجأة على صوت الأطباق التي يجمعها النادل من الطاولة المجاورة و أسرعت تقول وهي تحاول أظهار البرود في صوتها المرتجف
"شكراً لك إلى اللقاء"
هذه المرة استطاعت أن تسحبت يدها والاحتكاك الذي حصل حتى افترقت أصبعهما جعل قلبها يخفق بشدة فأسرعت تمشي وهي تحاول أن تهدأ قلبها وتنظم تنفسها ولفرط سرعتها صدمت بامرأة تدخل المطعم اعتذرت كاثرن لها واتجهت إلى سيارتها أدارت المحرك ولم تستطع أن تنظر إلى داخل المطعم حيث مارتن ثم انطلقت إلى منزلها مشوشة الذهن مرهقة الجسد .لاحظ تيمي أن مارتن لم يبعد نظره عنها حتى ابتعدت فقال
"عم مارتن أنت تحب الآنسة ألبرت"
تفاجأ مارتن من كلام الصغير وخاف أن ينكر فيصل كلامه إلى كاثرن ويتفاقم الوضع الذي يحول أصلاحه فحك ذقنه وقال
"يبدو أن ذقني يحتاج إلى حلاقه أنهي طعامك يجب أن نعود إلى المنزل لنبدل ملابسك وكما قالت لك الآنسة ألبرت أنت ستستحم بنفسك"
"لم أكن أطلبها لنفسي أنما طلبتها لك"
يآل هذه النظرة في عينيه الزرقاوات أنها تنذر مارتن بخطر قريب قال مارتن
"يبدو أنك انتهيت من الغداء"
خرج بتيمي وهو يشعر أنه عاجز أمام هذا الصبي المشاكس وسأل الله من قلبه أن يعود صديقه إيريك في أسرع وقت قبل أن يتسبب له تيمي في فقد كاثرن إلى الأبد فهذا مالا يستطيع تحمله

في المساء تذكر مارتن موعده مع كاثرن لكنه قرر عدم اخذ تيمي معه فقد يسبب له الكثير من المتاعب كما لابد أن ينام الصغير مبكراً وهو لا يعرف كم ستأخذ زيارته من الوقت لبس قميص أصفر باهت اللون لم يخفي عرض كتفيه ولا عضلاته المفتولة و بنطال كحلي ثم تناول سترته الجلدية السوداء و أخذ تيمي في طريقة إلى شقة أخته سارة وطلب منها أن تعتني به إلى حين عودته رحبت سارة ببقاء تيمي معها وسألت مارتن أن لا يهتم به لأنه ستبقيه معها الليلة شكر مارتن لها هذا وأنطلق إلى بيت كاثرن لقد أهدر الكثير من الوقت بسبب تيمي الذي لم يمكنه من مناقشة ألفيا لوقت طويل وسأل نفسه هل من الحكمة أن يخبر كاثرن أم يعتذر عن زيارتها ويخبر السيد ألبرت عن غضب ألفيا ويجنب كاثرن الدخول في هذا الشقاق لكنها أحق منه في أن تعرف فهي ابنتهما وليس هو لاشك في أنها تنتظره الآن .

كاثرى في غرفة الجلوس متكورة في أريكة مخملية بيضاء تقلب صفحات الرواية أمامها وعقلها يفكر لماذا تأخر مارتن أيكون قد غير رأيه وقرر عدم إخبارها أم انه يقرأ قصة لتيمي قبل النوم؟ ابتسمت لمجرد تخيل هذا الفعل من مارتن أخيراً سمعت صوت سيارة تقف إمام منزلها انتظرت حتى طرق الباب فوضعت الكتاب على الطاولة أمامها وذهبت لتفتح له وتقف أمامه وقد حلق ذقنه وقص شعره الذي مع هذا لا يزال طويلاً كان مظهره فاتن بقميصه الأصفر تمنت من الله أن لا يكون تأثيره وأضح عليها و لم تكن تعلم أن مارتن يرى أمامه فتاة باردة تنظر إليه باتهام على تأخره فقال مبتسماً
"أعتذر هل تأخرت كثيراً"
نظرت إلى ساعتها السوداء وقالت
"نصف ساعة تفضل بدخول"
تقدم مارتن إلى ردهة المنزل وأنتظر حتى تغلق الباب وتركها تقوده إلى غرفة الجلوس هادئة على غير عادتها تأملها وهي تدعوه للجلوس على أحد المقاعد الوثيرة من قميصها الأسود المرفوعة أكمامه الطويلة إلى نصف ذراعيها والى البنطال الجينز الأزرق و الحذاء الرياضي الأسود و شعرها الأحمر المرفوع من الجانبين عن وجهها الجميل بأمشاط ذهبية ومنساب خلف ظهرها بنعومة عندما جلس كانت لا تزال واقفة وقالت
" هل تريد شاي أم قهوة؟ "
" لا شكراً لاشيء"
"ليس من الذوق أن تأتي منزلي لأول مرة و لا أقدم لك شيء"
"حسناً قهوة"

ذهبت إلى المطبخ لتحضر القهوة لكليهما و مد مارتن يده إلى الرواية البوليسية التي كانت تقرأها كيف سيبدأ معها وكيف ستكون ردت فعلها نقل بصره في أرجاء الغرفة المشرقة ذات النوافذ الكبيرة خلف الستائر البيضاء الطويلة التي تصل إلى الأرض الخشبية ألامعه و السجادة الفضية الجميلة متداخلة بالونان الأبيض والأسود والتحف الأثرية التي وضعتها على الرف فوق المدفئة الطاولة المستطيلة التي أمامه(بسطحها الزجاجي الأسود ) بزجاجها الأسود وعليها مفاتيح كاثرن سترتها الرمادية مرمية على أريكة بيضاء طويلة بجانب الوسائد الصغيرة الرمادية والبيضاء الطاولات الجانية الصغيرة المكان الجميل المريح وألوانه المتناسقة كله يعبر عن شخصية تلك الفتاة أنها قوية الإرادة واثقة من نفسها و تحب العمل والنظام لاشك في أنها ستكون حكيمة وتتعامل مع الموقف بعقلانيه ولكن عندما دخلت أنذره شعرها الأحمر بطبعها الحاد وجعله يمحو الفكرة من رأسه وضعت الصينية على الطاولة وسألته
"هل تحب أن أضيف لها الحليب "
"أجل شكراً لك"
قدمت له فنجان القهوة وجلست على كرسي بذراعين قريباً منه و فنجان قهوتها بيدها إنها لا تريد أن تشرب منه شيء كل ما تريده هو أن يبدءا الرجل الذي أمامها بالكلام في الموضوع مباشرة كانت على وشك أن تطلب منه هذا لكنها أقرت انه أسلوب فظ مع ضيفها الذي يخفي الكثير قال مارتن وهو يجول ببصره في المكان ثم يستقر عليها
"منزل جميل ومنسق بعناية"
"شكراً لك "
"هل هذا من تصميمك؟"
بالكاد استطاعت أن تبتسم
"أنا لا أصمم الديكور لكني أحب أن أرى ذوقي الخاص في المكان الذي أعيش فيه"
"هل استعنت بمصمم ديكور؟"
"كلا"
رباه لماذا لا يبدءا ويخرج ما في جعبته إنها تحترق لتعرف ما الذي يدور بغموض حولها بينما هو يتكلم وكأنه في زيارة ودية أخفضت بصرها إلى يده فأنتبه أن يده لا تزال تمسك بروايتها وأخطأ فهمها فأبتسم وهو يضع الكتاب على الطاولة
"أسف وجدتها ودفعني حب الاطلاع إلى قرأتها"
لا يمكنها أن تقول كلمة أخرى له هزت رأسها بأرستقراطيه معبرة أنه لا بائس فأكمل يقول
"هل تحبين هذا النوع من الروايات؟ معظم الفتيات يفضلن الرومانسية منها"
وضعت فنجانها من يدها وقالت بهدوء
"أحب الروايات البوليسية وأفلام الرعب ومتابعة الأخبار هل هذا يجيب عن سؤالك أم هي مقابلة شخصية لتعرف إن كانت اهتماماتي اهتمامات فتاة أو رجل؟"
"لا تغضبي كنت اسأل فقط "
نظرت إليه بحدة وقالت ببرود
"أنا لست غاضبة"
وضع فنجان القهوة فحدثت نفسها انه سيتكلم أخيرا فركزت اهتمامها عليه لكنه قال
"أنا لا أعرف أي نوع من القصص أشتري لتيمي"
أخفضت رأسها وهزته بخيبة أمل لماذا يتصرف بسذاجة في حين أنها تعلم تماماً أن شخصية مارتن قوية وجادة رفعت رأسها لتطلب منه أن يدخل في الموضوع لكن أسم تيمي جعلها تقول
"تيمي ؟ هل تركته في البيت لوحده؟"
"لا تركته عند أحد أصدقائي "
لن يقول سارة ولا صديقة وإلا كان مصيره الجلد هذه ثاني كذبة حتى ألان
"حسناً هذا أفضل و ألان تكلم ما هو ألأمر الذي يخفيه والدي عني لا أصدق أنه يعرف سبب الخلاف بينه وبين أمي لأنه اخبرني بذلك"
"بطبع أنه لا يعرف ولكني أريد أن تعيدني أن لا تفعلي شيء دون أن تخبريني به وألا تخبري أباك أو أمك أنك تعرفين "
"هذا متوقف على ألأمر "
"لكن.."
رفعت يدها بإشارة تسكته
"كيف يمكن لي أن أحل المشكلة بينهما وأنا أتظاهر بعدم المعرف هذا أولاً ثانيا أنا أتعامل بشفافية وصراحة وأكره المراوغة والكذب"
صمت لحظة ثم قال وكأنه يختار كلماته
" الشركة ليس عليها ديون وليس هناك من يطالب أباك بديون كما أخبرك"
تركها تستوعب كلماته والقلق ظاهر في عينيها
"ماذا تقصد؟ "
"أقصد أن الذي يهدد الشركة هي أمك"
ظهرت الحيرة على وجهها
"أمي ؟؟ لست افهم؟"
أحس أنها ثابتة فقال
"هل تذكرين اليوم الذي أغمي فيه والدك"
"أجل"
"كان مرهقاً جداً بسبب الخبر الذي تلقاه من محامي السيدة ألبرت"
قالت بنفاذ صبر
"مارتن أنت تمرض أعصابي لست بحاجة إلى المقدمات تكلم بسرعة"
"حسناً في بداء الأمر أخبر المحامي والدك أن السيدة ألبرت تريد حصتها من الشركة "
دفنت وجهها بين يديها وهي تتذكر وجه والدها الحزين وانشغاله الدائم في مكتبه لهذا كان يمنعها من الدخول معه رفعت رأسها وهي تغطي فمها بيدها
"لا أصدق أن أمي تفعل ذلك؟ ولماذا لم يخبرني أبي ؟لا أفهم إذا كان والدي لا يريد مني أن اعرف فلماذا طلب مني العمل في الشركة وهو يعلم أني قد أكتشف الأمر"
"طلب منك ذلك قبل أن يتصل به المحامي ويخبره"
"وهذا ما جعل والدي مشوش الذهن في الأيام الأخيرة "
"ليس هذا هو السبب فقط"
نظرت إليه بستفاهم وقالت
"هل هناك شيء أخر؟"
"أجل هل عرفت سبب الشقاق بينهما"
كلا"
" الم تخبرك أمكِ؟"
زمجرت قائله
" ومن أين لي أن اعرف ؟إن كان أبي لا يخبرني بشيء حتى لا أصدم و أمي تراني طفلة صغيرة مدللـه يبدو أنك تعرف عنهما أكثر مما أعرف؟ "
أجل مارتن يعرف أشياء كثيرة مع أنها ابنتهما ربما لا يريدونها أن تصاب بالحزن لكن هذا ليس عدلا ؟ أنها فرد من ألأسرة وليس مارتن قال معتذراً عن تصرف والديها
" ربما لأني عشت معهما منذ طفولتي بينما أنت في لندن عند الخالة ليزي "
"هذا لا يهم ألان هل قالت لك سبب غضبها؟"
"أذاً أنتي لا تعرفين؟"
لم يكن سؤال بل تقرير هل يتهمها لا فهو يبدو متعاطف معها
" كلا حاولت معها لكن لا فائدة وظللت اضغط عليها بزيارتي المتكررة واتصالاتي اليومية والنتيجة كما هي "
" طيلة فترة غيابها عنكم كنت أتصل بها كابن حتى تثق بي لكنها لم تخبرني بشيء ألبته حتى أتيت لزيارتها اليوم ويبدو أنك أثرت بها كثيراً فقد انهارت ولسرعتها في الكلام استخلصت أن في المشكلة أمراه أثارت الشقاق بينهما "
" امرأة؟! أتعتقد أن أبي يحب امرأة أخرى؟ هذا مستحيل "
"حاولت معرفة المرأة ولم أجد إلا امرأة واحدة"
ارتفع اللون الأحمر ليخضب وجنتيها من الغضب وقالت
"من؟"
"لست متأكداً لكن أن تثبت أخبرتك "
كلام مارتن يدق طبلة أذنها بعنف كيف يمكن لأمها أن تفكر بوالدها أنه يعشق امرأة أخرى ولو لمجرد الشك هل رمت السنوات الطويلة المليئة بالتفاهم والحب خلف ظهرها شاهده مارتن تقطيبه حاجبيها وأراحت رأسها فوق قبضتي يديها تنظر إلى قهوتها السوداء أنها تفكر بجدية وبأسى تشبه والدها تماماً في حزنه وفي طريقة تفكيره وفي تعبير وجهها تمنى لو يضمها بين ذراعيه ويبعد سحابة الأحزان عن وجهها وقلبها التقت عينيه بعينيها وقالت
"هل أخبرت أبي؟"
"كلا ليس بعد"
"هل زرته بعد رحيلي عن القرية؟"
"أجل أنه أسوء حال مما تركته عليه لذلك ترك لي مهمة مساعدتك في الشركة"
"هل هو بخير؟"
"لا تقلقي سيكون بخير أخبرني قبل رحيلي أن أمك أرسلت محاميها ليتفاهم معه بشأن الانفصال"
هنا انهارت كل قواها بعد أن كانت تحاول السيطرة على أعصابها وقالت وهي تحدق فيه
"انفصال؟"
"حاولت أن أقنع والدتك بالتريث إلى حين......كاثرى"
يبدو أنها لم تسمع كلمة مما قال فقد التقطت مفتاحها من الطاولة بسرعة وركضت إلى الخارج ركبت السيارة وأغلقت الباب بعنف وعندما أدارت المحرك كان مارتن قد لحق بها و استقر في المقعد المجاور بجانبها لم تنتظر ريثما يسخن محرك السيارة البارد بل داست بقدمها على الفرامل بقوة حتى سمع صوت صرير العجلات وانطلقت غير مبالية بسرعتها كيف أمكن لأمها أن تفكر بكل هذه الأنانية لم تفكر بوالدها ولا بها ولم تسمح لأحد أن يناقشها في قرارها الخاطئ والأكثر فظاعة أنها قد هجرتهم دون سبب ثم تقول انفصال قالت بصوت مختنق
" لما تفعل هذا بنا ؟"
قال مارتن وهو يشاهد عصبيتها ويدها المتوترة وهي تمسك المقود بعصبية وقد أدرك حجم الغضب في داخلها
" إهدائي يا كاثرى قد تتسببين في وقع حادث لنا "
"من قال لك أن تقفز إلى السيارة"
أدارت المقود بسرعة عند زاوية الشارع ولم تهتم لأصوات التحذير التي انطلقت من منبهات السيارات حمد مارتن الله أن السيارات المارة هذه الليلة قليلة وإلا لوقع لهم حادث شنيع بسبب سرعتها المتهورة وفكر أنه من الغباء محاولة إيقافها فقد تفقد السيطرة على السيارة قال ببرود
"هل تريدين الانتحار؟"
ابتسامه صغيرة بائسة على شفتيها جعلتها تختنق بدموعها تنتحر؟ ربما فحبها ميئوس منه ولا سبيل له وهي و والدها العزيز ضحية لغرور امرأة أجابته بصوت مرتجف
"انتحر؟ ألا توافقني أن الدنيا قذرة؟"
أدار مارتن عينيه الرماديتين لدى سمعه صوتها الأجش ليرى جانب وجهها وأعتصر قلبه لأنه شاهد بريق أول دمعة حارة تسقط بسرعة من عينها و تخط على خدها وطرحت عليه سؤال لم يتوقعه
"لما لم تخبرني قبل الآن؟"
"لم يكن الوقت مناسب"
ضربت بقبضتها المقود بعنف وقالت
"لم يكن الوقت مناسباً؟؟؟؟"
صمتا لفترة ثم قالت من بين أسنانها وهي تغلي من الغضب
"لن أنسى لك هذا يا مارتن أعدك"
فضل مارتن الصمت على أن يجيبها مع أن كلماتها ألمته لكنها في حالة لا تسمح بنقاش أبداً أخيراً وصلا بسلام إلى الفندق الذي تقيم فيه ألفيا خرجت كاثرن من السيارة ولم تهتم إن كانت أوقفتها في مكان غير مسموح به ودخلت إلى ردهة الفندق الفخم مهرولة ومارتن خلفها اتجهت إلى المصعد وطلبته وهي تمسح دموعها الحارة عن وجهها فقال مارتن وهو ينظر إلى عينيها الواسعتين و وجهها الأحمر
"الأمور لا تحل هكذا يا كاثرى "
لم تكلف نفسها عناء الإجابة بل دخلت داخل المصعد الذي فتح أبوابه للتو. أخذهما المصعد إلى الطابق الثالث عشر وفتح على مصراعيه معلنا و صولهما اندفعت من خارج المصعد فامسك مارتن يدها ليوقفها وقال
"أهداي "
لكنها نفضت يدها من يده وحررتها وهي تقول
"أترك يدي"

ألفيا جالسة على أريكتها وهي قراء مجلة بين يديها وعامل الفندق يضع القهوة التي طلبتها أمامها ثم ينحني باحترام ويقول
"هل تريدين شيء أخر سيدتي؟ "
" كلا شكراً أغلق الباب خلفك"
خرج العامل من عند السيدة ألبرت وكانت يده على وشك أن تغلق الباب لكن فتاة شابة دفعه الباب بخشونة ودخلت ومعها رجل ذو هيبة أراد العامل إيقافهما لكن مارتن أعتذر من وقال أنها مسألة عائلية فتراجع وتركهما .وقفت كاثرن أمام أمها التي بدت عليها الدهشة لزيارتها المفاجئة وهي ترى وجه كاثرن الباكي وقالت
"ما الذي تنوين فعله يا ألفيا"
صدمت الأم من أبنتها الغاضبة و مناداتها باسمها بكل جفاف حتى مارتن نفسه لم يتوقع هذا من كاثرن التي هي نفسه لم تعي هذه الكلمات التي قالتها لكن صورة والدها الحبيب لا تفارق مخيلتها قال مارتن من خلفها معنفاً
"كاثرى إنها أمك "
"أبقى أنت خارج الموضوع "
صرختها التي ملأت المكان جعلت مارتن يتمنى أنه لم يخبرها أنها تزيد الأمور تعقيداً و الأسوأ من هذا أن ألفيا حولت بصرها عن كاثرن إليه وقالت
"هل أخبرتها؟ "
"أجل"
زمجرت كاثرن
"أكنت تودين أن أعلم بعد أن يتم الطلاق؟"
وقفت ألفيا و اقتربت كاثرن وهي تقول
"أجلسي وسنناقش الموضوع بهدوء"
"نناقش؟؟كيف يمكنك أن تشكي للحظة في أن والدي خائن "
"كاثرى إهدائي بابنتي"
و وضعت يدها على كتف كاثرن لتجلسها لكن كاثرن أبعدت يدها وقالت
"أتريدين مني أن إهداء وأستمع لك وأنتي لم تسمعي لأبي"
تحملت ألفيا هذا التصرف المشين من ابنتها وعدت إلى العشرة ثم قالت
"أنت لست طفلة يا كاثي ولا اعتقد أن هذا القرار سيؤثر على حياتك "
"حتماً سيؤثر ثم إنها ليست حياتك وحدك إنها حيات والدي وأنا"
"أنت لا تعرفين ما تقولين؟ "
"بلى أعرف..."
ثم شهقت وهي تبكي وقالت بصوت يثقله الحزن
" أعرف أن امرأة أنانية تركت زوجها دون سبب واضح وهجرته وهو هائم في حبها لكنها ضربت بهذا عرض الحائط لمجرد اتصال من امرأة حاقدة كاذبة..."
سرت قشعريرة على طول ظهر مارتن عندما صفعت ألفيا وجه كاثرن الأحمر وقالت وهي تحبس دموعها و تتألم
"أنت لا تعرفين معنى أن يخونك الرجل الذي أحببته رجل أعطيته قلبك وحياتك ومالك "
انهارت ألفيا على أحد المقاعد القريبة وغطت وجهها بيديها و سمحت لدموعها أن تنسكب في صمت وتنفس عن ألم الشهور الماضية.نظرت كاثرن إلى أمها وهي تتحسس خدها الأحمر الملتهب من صفعتها وقد أفادها هذا لتعود إلى عقلها و تسطير على انفعالاتها تحرك مارتن من مكان وقال لسيدة ألبرت مواسياً
"أرجو أن تصفحي عن ..."
لم تسمح له كاثرن بذلك بل تقدمت بسرعة ووقفت على ركبتيها أمام أمها وأمسكت بيديها وأخذت تقبلها وتقول بصوت منخفض
" أنا آسفة يا أمي لم أكن أقصد إيذاء مشاعرك لقد كنت غاضبة ولم أكن أعرف ماذا افعل أنا آسفة"
لم يعرف مارتن إن كان يستطيع أن يتمالك نفسه أمام هذا المشهد أو النظر إلى عيني كاثرن البائستين وهي تعتذر لأمها التي لا ترد عليها وهي تحاول تخليص يدها من يد أبنتها و تقول بصوت بارد
"ابتعدي عني"
"أرجوك يا أمي سامحيني"
ولكن ألفيا أشاحت بوجهها بعيداً وأمسكت بكتفي كاثرن يدان قويتان توقفانها بثبات و تبعدانها عن أمها أرادت أن تحتج لكن مارتن نظر في عينيها وهز رأسه فاستجابت له وتركته يجلسها على أحد المقعد ثم قال بصوت هادئ خال من أي عاطفة
"سيدة ألبرت ألا ترين أن مع كاثرى الحق في أن تغضب؟ "
فاعترضت أمها بصوت حزين
"لكن ليس لها الحق في أن تقول لي كلام غير مؤدبة"
فتحت كاثرن فمها لتعتذر لكن أشارة من يد مارتن أوقفتها
"اعرف وهي آسفة لهذا لقد كان وقع الخبر عليه كالصاعقة وأنت تعرفين طبعها الحاد"
"لقد أثبتت لي اليوم أنها فتاة سيئة"
"أمي أرجوك لا تقولي هذا "
قال مارتن هذه المرة بحنان وهو ينظر في عيني كاثرن
"بل هي فتاة رائعة تشبه والدها تماماً"
تمزق قلب ألفيا لكلام مارتن انه يذكرها بزوجها وابنتهما ثمرة هذا الزواج فقالت كاثرن
"أمي إننا نحبك أرجوك عودي إلينا"
" لا أستطيع"
"صدقيني يا أمي أن أبي يحبك وهو يتعذب لبعدك عنه"
"أنتِ واهمة والدك يحب امرأة أخرى "
قال مارتن ويديه في جيب بنطاله
"هل أنت واثقة من هذا؟ "
ترددت أليفا في الإجابة ثم قالت
"نعم"
"هل رأيته مع تلك المرأة؟ "
"كلا"
"هل أحسست ببرود في عاطفته نحوك"
قالت بألم
"لا لكن امرأة اتصلت بالمنزل واعتقدت أني توماس فبدأت تتكلم بعذوبة عن سبب تأخره عليها ولم تنتبه أنها مندفعة في الكلام ثم....."
قال مارتن
"ثم ماذا؟ "
"أخبرتها أنني زوجته فارتجف صوت المرأة ثم قالت أنها عشيقته سألتها عن علقتها بزوجي فأخبرتني بعلاقتهما العاطفية وأني أنا العقبة الوحيدة في طريق حبهما"
قال مارتن
"مجرد اتصال ثم نقلت أمتعتك وسافرت دون علم زوجك ورفضت الاتصال به آو السماع إليه"
طريقة مارتن الهادئة أعادت السكينة إلى الجميع وخفف من غضب كاثرن وتوترها كما جعل الأم تدرك خطأها وتعلم أنها تسرعت فقالت تدافع عن نفسها
"لم يكن هذا فقط لقد اتصلت بي المرأة بعد وصولي إلى لندن وشكرت لي تفهمي الحضاري لحبهما فأحسست بطعنة الخيانة قل لي كيف يمكن لها أن تعرف رحيلي أن لم يكن هو من اخبرها هل تستطيع أن تفسر هذا ؟ "
"لما لا تقولي أنها تراقب تحركاتكما وتنصب الفخ لكما حسب الظروف لو كنت مكانك سيدة ألبرت لما تسرعت هل تعلمين أن حالته الصحية تتدهور يوماً بعد يوم بسبب بعدك عنه"
نظرت ألفيا إليه مشككة لا يمكن أن يكون مريضاً لأنها بعيدة عنه أيعقل أن تكون خدعت وآذت زوجها وأبنتها قالت كاثرن
"أمي لقد تغير والدي كثيراً عندما رأيته أصبح قليل الضحك دائم التفكير كثير الهم ودائماً يحدثني عن مشاعره نحوك وانه يفتقدك "
قال مارتن
"هل تعرفين شخصية المرأة التي اتصلت بك؟ "
"كلا ولم اهتم لهذا "
فقالت كاثرن
"أمي اتصلي بأبي "
"مستحيل"
"أرجوك يا أمي تكلمي معه أنه لا يعرف شيء مما تقولين ومؤكد أنه سيدهش أيضاً"
"لا أستطيع"
"حسناً دعيه إذاً يسمع صوتك فقط فهو مشتاق أليك"
هزت ألفيا رأسها وقالت لهما
"شكراً لحضوركما واقدر اهتمامكما وحرصكما لكن في النهاية يظل الأمر متعلقاً بي وحدي "
"أمي ..."
"أسمعيني يا كاثرن أعرف أن هذا صعب عليك لكن اتركيني أفكر وأعدك أني سأتوصل إلى قرار يناسباً جميعاً"
"ولكن أبي..."
"سأفكر بالأمر "
كانت هذا إعلان صريح من ألفيا بانتهاء الزيارة أمسك مارتن بذراع كاثرن و تمنى للمرأة ليلة طيبة وخرج مع كاثرن إلى حيث سيارتها كانت هادئة كنسمة هواء الفجر مشت نحو مقعد القيادة فستوقفها مارتن وقال
"سأقود أنا السيارة تبدين متعبة"
أعطته المفتاح بهدوء واتجهت إلى المقعد الأخر قاد مارتن السيارة بصمت حتى أبتعد عن الفندق ثم قال
"هل أنت بخير؟"
"أجل "
"ما كان لك أن تتصرفي مع أمك بهذه الطريقة الفضّة"
"اعلم وأنا نادمة على هذا"
سكت أمام هذا الاعتراف فقالت وهي تنظر إلى الطريق
"هل تعتقد أنها اقتنعت؟ "
"هذا ما أرجوه"
تأوهت كاثرن بحزن ثم قالت لمارتن
"شكراً لك "
"على؟"
"ما كنت اعرف ماذا سأفعل لولا وجودك عندما رفضت اعتذاري"
أبتسم مارتن بحنان وقال
"أنسي الأمر"
لم يتفوه أي من هما بكلمه حتى أوقف مارتن سيارتها في الكراج واستدار أليها
"كاثرى لا تجعليني اندم أني أخبرتك"
أكتفت كاثرن بصمت فقال
"هل تثقين بي ؟"
"لماذا تسأل؟"
"أريد جوابك فقط هل تثقين بي؟ "
إنها تعلم أنه رجل نبيل يمكن الاعتماد عليه وحبها له يدفعها إلى الوثوق به لكن مخيلتها استعادت صورته مع الفتاه الجميلة وسرعان ما غيرت مشاعرها لكنها لم تغير حقيقة أنها تثق به فقالت بتردد
"أجل "
"إذاً أسترخي وأغمضي عينيك "
"لماذا؟"
"إن كنت تثقين بي فافعلي ما طلبته منك فقط"
أغمضت كاثرن عينيها وهدأت أعصابها واسترخت في مقعدها فشعرت بيد مارتن فوق يدها فتحت عينيها بسرعة و وثبة من مقعدها ونظرت أليه مسترخي في مقعده ومغمضاً عينيه وقد أحس هو بتوترها فقال وهو لا يزال مغمض العينين
"قلت لك أسترخي لكن يبدو أنك لا تثقين بي"
عادت إلى مكانها تحدق في مارتن ففتح عينيه ينظر أليها وضغط بخفة على يدها الممسك بها وقال
"أعدك يا كاثرى أن ينتهي هذا الأمر قريباً "
لهجته الواثقة ويده الدافئة والعينان الرماديتان بنظرته الناعمة وهالة القوة التي تحيط به جعل الطمأنينة تدب في أوصالها وتثق أنها في أمان مع مارتن وأن الأمر سينتهي .

 
 

 

عرض البوم صور قلب الجبل   رد مع اقتباس
إضافة رد

مواقع النشر (المفضلة)

الكلمات الدلالية (Tags)
أسيرا الوهم, اسيرا الوهم, رواية أسيرا الوهم, قصة أسيرا الوهم
facebook




جديد مواضيع قسم القصص المكتمله من وحي قلم الاعضاء
أدوات الموضوع
مشاهدة صفحة طباعة الموضوع مشاهدة صفحة طباعة الموضوع
تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة
Trackbacks are متاحة
Pingbacks are متاحة
Refbacks are متاحة



الساعة الآن 02:51 AM.


 



Powered by vBulletin® Version 3.8.11
Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd.
SEO by vBSEO 3.3.0 ©2009, Crawlability, Inc.
شبكة ليلاس الثقافية