وقفت طويلا أمام باب شقته مترددة خائفة . وعندما دقت الجرس فتح فيليب الباب بنفسه , وعقد حاجبيه على الفور عندما رآها.
ماذا تريدين ؟
اسمح لى بالدخول ولو لدقائق
لن تدخلى حياتى مرة ثانية , اذهبى , دعينى ...
لا تنفعل , سأذهب , كنت أعتقد أنك نادم على ما فعلته , ولكن يبدو أننى كنت واهمة ونزلت السلم بسرعة دون أن تلتفت خلفها , لكنها أحست بأنها سمعت خطوات تتبعها الا أنها لم تتوقف , كنت يائسة جدا ومتوترة.
استقلت سيارة اجرة الى المستشفى لتزور والدها , لكن الممرضة لم تسمح لها بالدخول , فصرخت لين وكادت تصاب بنوبة هستيرية.
أريد ان ارى والدى , لا يمكنك أن تمنعينى

تدخلت رئيسة القسم ودعت لين للجلوس ثم سمحت لها بزيارة والدها شرط أن لا تطيل البقاء فى غرفته.
لين , يا صغيرتى , يبدو أننى لن أعيش لأرى حفيدى ... قال والدها بضعف وهو يمسك يدها.
أبى , بل ستعيش وتحمله . انا لم أكن أريد الاحتفاظ به لكننى فعلت من أجلك أنت ... وانهمرت دموعها التى حبستها طويلا.
لا تبكى , يا صغيرتى . أنت لا تستحقين العذاب الذى تعيشينه , عندما ستلدين طفلك , سينبت الأمل فى قلبك من جديد ...
ازدادت صجة السيد باتريك سوءا ولم يصمد طويلا فتوفى بعد عشرة ايام على دخوله المستشفى.
يوم الدفن تفاجأت لين بوجود فيليب الذى دنا منها وقدم لها التعازى مثله مثل اى انسان آخر جاء ليودع باتريك هوزون قبل انتقاله الى العالم الآخر.

ألحت عليها عمتها وابنة عمتها ميلانى بالذهاب معهما الى الريف كى لا تبقى وحدها بعد وفاة والدها , فقد كان حزنها كبيرا لفقدان الرجل الذى رعاها وكان لها ابا وصديقا بنفس الوقت.
كانت لين قد أصبحت فى الشهر الخامس من حملها وأصبح الطفل الذى تحمله فى أحشائها هو الشئ الوحيد الذى تعيش من أجله . وقد قررت ان تمسك بيدها ادارة مصالح والدها بعد أن تضع مولودها , وفى الوقت الحاضر , تركت السيد جونثان يدير الأعمال كما كان يفعل فى حياة والدها.
كل يوم , كانت تتصل بمكتب والدها وبالمنزل فتسأل الخادمة اذا كان هناك أحد يسأل عنها , فتجيبها الخادمة بأن بعض الأصدقاء اتصلوا للتعزية , فتقفل لين الخط بحزن ويزداد يأسها.
عندما حضر فيليب دفن والدها , كانت مصدومة بوفاته , فلم تحاول أن تتكلم مع فيليب كما وانه لم يبق طويلا , ولكنها كانت تأمل أن يزورها مرة ثانية , ومع ذلك , رافقت عمتها الى الريف فى اليوم التالى , كى لا تبقى وحدها مع أمل لن يتحقق ولن تصاب معه الا بالخيبة.

فى الأسبوع التالى , نصحتها ابنة عمتها ميلانى بأن تذهب كل يوم الى عيادة خطيبها شارلز فتتسلى هناك وتساعد ممرضته فى استقبال الأطفال أثناء حملة التلقيح التى دعا اليها شارلز لمدة أسبوع.
وجدت لين الفرصة مناسبة للخروج من حزنها , فأخذت تتردد الى العيادة كل يوم وكانت تجد شيئا من العزاء فى عيون الاطفال ووالداتهم . فى اليوم الخامس , وبعد أن خرج آخر طفل مع مربيته , شكرها شارلز على مساعدتها له.
لا تشكرنى , شارلز , ان مهنتك مهنة انسانية , ولقد شعرت هنا بشئ من عودة الأمل فى عيون مرضاك , بل أنا من يشكرك.
انحنى شارلز وطبع قبلة على خدها وامسك يدها بمحبة.
فى هذه اللحظة بالذات انتبهت لين لوجود شخص يقف أمام الباب فالتفتت وعلى الفور ارتبكت وتجمد الدم فى عروقها . فيليب , غير معقول , ماذا يفعل هنا ولماذا جاء ؟ لاحظ شارلز ارتباكها ونظر نحو الرجل.

فيليب ... قالت بصوت مرتجف وتقدمت نحوه.
كان الشرر يتطاير من عينيه , فأمسك يدها بعنف وجذبها الى الخارج . لكن شارلز تدخل وحاول الكلام الا أن فيليب نظر اليه بحدة وقال له باحتقار :
عد الى عيادتك ولا تتدخل بين رجل وزوجته.
أرجوك شارلز , ابق أنت وسأعود الى المنزل مع فيليب ...
هيا وقادها الى الخارج
اترك يدى , أستطيع السير وحدى ... صرخت غاضبة وابت متابعة السير.
حسنا , سأترك يدك وحملها بين ذراعيه بخفة واجلسها فى السيارة.
ماذا تريد منى ؟ ألم يكفك ما سببته لى حتى الآن ؟
للاسف , كنت أبحث عنك لأستعيد زوجتى وطفلى , ولكنى لم أكن أعلم أنك تمضين وقتك برفقة هذا الدكتور , ولهذا السبب كثرت زيارتك لعمتك ...