لمشاكل التسجيل ودخول المنتدى يرجى مراسلتنا على الايميل liilasvb3@gmail.com






العودة   منتديات ليلاس > القصص والروايات > قصص من وحي قلم الاعضاء > الروايات المغلقة
التسجيل

بحث بشبكة ليلاس الثقافية

الروايات المغلقة الروايات المغلقة


 
نسخ الرابط
نسخ للمنتديات
 
LinkBack أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
قديم 17-12-19, 02:03 PM   المشاركة رقم: 36
المعلومات
الكاتب:
اللقب:
مشرفة منتدى الحوار الجاد


البيانات
التسجيل: Apr 2008
العضوية: 70555
المشاركات: 6,386
الجنس أنثى
معدل التقييم: شبيهة القمر عضو ماسيشبيهة القمر عضو ماسيشبيهة القمر عضو ماسيشبيهة القمر عضو ماسيشبيهة القمر عضو ماسيشبيهة القمر عضو ماسيشبيهة القمر عضو ماسيشبيهة القمر عضو ماسيشبيهة القمر عضو ماسيشبيهة القمر عضو ماسيشبيهة القمر عضو ماسي
نقاط التقييم: 5004

االدولة
البلدSaudiArabia
 
مدونتي

 

الإتصالات
الحالة:
شبيهة القمر غير متواجد حالياً
وسائل الإتصال:

كاتب الموضوع : طِيفْ المنتدى : الروايات المغلقة
افتراضي رد: و في نشوة العشق صرنا رماداً ، بقلمي : طِيفْ!

 

السلام عليكم
انا ماقهرني الا ابراهيم وش هالوقاحه .. يعني بترقعها عميتها هههههه
فهد من جرف لدحديره الله يعينه

طيف .. تسلم يدك بالتوفيق

 
 

 

عرض البوم صور شبيهة القمر  
قديم 01-01-20, 02:48 PM   المشاركة رقم: 37
المعلومات
الكاتب:
اللقب:

البيانات
التسجيل: Oct 2019
العضوية: 333413
المشاركات: 28
الجنس أنثى
معدل التقييم: طِيفْ عضو بحاجه الى تحسين وضعه
نقاط التقييم: 10

االدولة
البلدBrazil
 
مدونتي

 

الإتصالات
الحالة:
طِيفْ غير متواجد حالياً
وسائل الإتصال:

كاتب الموضوع : طِيفْ المنتدى : الروايات المغلقة
افتراضي رد: و في نشوة العشق صرنا رماداً ، بقلمي : طِيفْ!

 

قبل كل شيء ، أوجّه شكر خاص للأخت شبيهة القمر ، متابعتي الوحيدة في هذا المنتدى ، مشكورة على دعمها و تشجيعها المتواصل لي ، لا عدِمتك ..


بسم الله نبدأ ،

الجزء 10



يجلِسون بهدوء قاتل ، يتناولون العشاء ببطء ، يتنقلون بنظراتهم بين بعضهم البعض ، نظرات غير مفهومة تحتاج الكثير من التفسير ، دون أيّة كلمات ، تشعر أم طارِق بارتجاف يد شهد و هي تضع اللقمة في فمها ، كأنها تنتظر عِقابها الذي لم يحِن موعده بعد .. يقتل والدها الصمت لينطِق دون أن ينظر إليهم : أخوكم طارِق تأخر ، ما عرفتوا وين راح ؟
تلتزم شهد الصمت ، بينما ترد عَبير بخفوت : لا يبه ، الحين ندق عليه ..
ينفضّ كفيه ببعضهما ، ينهض عن الأرض و هو يقول : الحمدلله ..
يتجه نحو المغسلة ، تقترِب عَبير من شهـد ، تهمس لها : ماني مصدقة إن أبـوي سكـت عاللي ساويتيه مع المحقق !
شهـد : وش بيسوي يعني ؟ اهوة كـان قـليل حـيا ، و اللي صار كان لازم يصير عشان يحفظ حدوده ..
أم طارِق ، تمضغ لقمتهـا و تقـول : مانـي متطمنة ، هذا المحقق ما راح يسكت عن هالكف ..
شهـد تنظر إليهـا : لا تخـافي يمـه ، لو مـو عارف إنه غلطـان كان بنفس اللحظة رد ، بس اهوة سكَت لأنه عارف نفسـه ،
هزّت رأسها : لعلـه خـير ، لعـله خير ..
تتجه أنظارهم جميعاً نحو الباب حيث يسمعون فتحه ، يدخل طارِق بوجه مهموم ، يقترِب والده يسأله : وين كنت ؟
طارِق : كنت في المستشفى ..
أم طارِق بخوف : أي مستشفى وش فيك يمه ؟؟
طارق ، بابتسامة صغيرة : ما فيني شي يمه ، رحت زيارة ..
أبو طارق : مين زرت ؟؟
يمشي طارِق ، يجلِس إلى جانب والدته ، يضع لقمة في فمه ، يمضغها و يقول : خالتي أم فهد كانت في المستشفى ، رحت أشـوف فهد و أوقف معـاه ..
شهـد بلهفة جعلت الجميع ينظر إليها باستفهام : وش فيهـا عمـتي ؟
ترمقها عَبير بنظرة ، تنتبه شهـد : أقصِد خالتي أم فهـد ..
طارق بنبرة بطيئة و هو يتفحص شهد بنظراته : مادري ، رحت قالولي خرجوها ..
أبو طارِق : اليوم المحقق كان هِنا ..
تبدو على وجه طارِق علامات عدم الرضا : وش يبي ؟؟ هذا ما يبي يفهـم ؟
أبو طارِق بعد أن يأخذ نفساً عميقاً : فهّمته لا عاد ييجي بيتنا ، و طلب مني أراجعه بالمركـز بكـرا ..
طارق ، يرفع حاجباً : وش اللي ممكن تساعده فيه ؟
أبو طارِق : مادري ، بكرا نشـوف ..
ينهض طارِق من مكانه ، يتقدّم من والده و يقول : رغم إني مانصحـك تروح ، بس مثل ما تبي يبه ..
أبو طارِق باستغراب : و ليش ما تنصحني أروح ؟
طارِق بانفعال : لأن بيت عمي بـو فهـد طول عمرهم أصحابنا الوحيدين ، الحين من وين لوين نروح نعطي معلومات عنهم لهذا اللي اسمه يحيى ؟ ليش تبي تضرهم يبه ؟
أبو طارِق : اللي يسمعَك يقول إن يحيى هذا مُحتل ، ما هو ولد البلد .. أنا ماي أضرهم ، ما راح أتبلى عليهم ، بقول اللي أعرفه و بس ..
يتنهد طارق بيأس : مثل ما تبي يبه ، سوي اللي تشوفه ..
يرمقه والده بنظرة ، يخرج بعدها إلى خارِج المنزل ، بينما يتجه طارِق إلى غرفته ، يغلق الباب خلفه بقوّة معبراً عن غضبه ، ليتَك لم تبُح بسرّك يا فهـد ، لم يكن ليُقلقني ذلَك المحقق اللعين ، حين كان يسألني ، كانت الإجابة على الدوام ، لا أعرف .. اليَوم أنا أعرِف ، فهل إن سألني سأكون قوياً بما يكفي ، لأكذب و أخبئ سرّك دون أن يظهر في عيناي ؟ هل سأكون قادراً على حمل سرّك ؟ لِم ائتمنتني و قد عرفت أنني وظّفت لأتجسس عليك ؟

في الخارج ، تقترب أم طارِق من شهد ، لتهمس : وش سالفة عمتي جواهر هذي ؟
ترتخي نظراتها بخجل ، و هي تقطع قطعة الخبز في يدها إلى قطع صغيرة ، تبتسِم عبير و هي تنظر إلى توترها ، تقول أم طارِق : جواهر فاتحة معاكِ هالسالفة ؟
ترتفع نظراتها قليلاً إليها ، كأنها بصمتها تقول نعم ، تتنهد بعدها أم طارِق ، و تقول : شيلي هالسالفة من دماغك يا شهد ..
شهـد ، و عبيـر ، تنظران إليها في وقت واحد بدهشة ، تقول : لـو علي ، أتمنى تكوني زوجة فهـد اليـوم قبل بكرا ، بس شايفة أبوكِ ، مستحيل يوافِق .. لا تتأملي بشي ما بيصير ..
تُلقي قطعة الخبز من يدِها فوق صحن الطعام الفارغ ، تنهض لتتحرك بسرعة نحو غرفتها ، تجلِس أرضاً و هي تتنفس بسرعة ، كانت تعرِف تِلك الحقيقة ، لكنها لم تواجهها حتى الآن ، بل إن والدتها قامت بالمواجهة عنها ، فلماذا أُصِر إذاً ، على عِشقٍ لن يأتيني إلا بالمتاعب ؟
لكنني لا أستغني ، عن تِلك الابتسامة ، عن تِلك النظرة ، لن أستغني عن تِلك الأشعـار التي تنطقها عيناك حين تنظر إلي ، و نبضات قلبي الذي لا أشعر بحيويته إلا حين أراك ، كيف لي أن أستغني عنها ؟


،,


يصطف إلى جانِب الطريق ، نظراته متعلقة بالسماء التي اصطبغت باللون الأسود دون أن يَشعر ، تنقّل كثيراً في السيارة ، دون أن يُدرِك الزمان و المكان ، يختنِق ، ولا زالت رئتيه تنبضان ، يريد المـوت حتماً ، لكن الموت لا يريده ، حاول أن يحرِف مساره عن بيتِهم القديم ، لكن دواليب سيارته قادته دون إرادة منه إلى هُناك ، إلى حيث يجد والدته ، و تلك التي دخلت بينهم دون استئذان ، سيتساءل هذه المرة ، إلى مَن كنت تـفي يا أبي ؟ من كانت التي تستميل قلبك أكثر ؟ ماذا كانت لتفعل جوهرتك ، لو علِمت أنك أبدلتها بياسمينة قد تخونَك و ترحل في خَريف العمر ؟ ترجّل من سيّارته ، بعد أن شَعَر أخيراً بحاجته إلى المواجهة الحاسِمة ، تقدّم بخطوات مترددة ، لا يُبالي بنظرات الناس من حوله ، يتساءلون بأعينهم عن سبب عودته بعد أن ابتسمت له الدنيا كما يظنون ، لم يعرِفوا بعد أن الدنيا بخلت عليه حتى بعبوسها ، فقد أغلقت في وجهه كل أبواب المشاعِر ، الحب و الكره ، الرضا و الغضب ، التسامح و الحِقد ، كل ذلك لم يعد يعرف له معنى بعد وفاة والده .. دخل إلى البيت ، أغلق الباب الحديدي خلفه ، ما جعل والدته و ياسمين ، اللتان تجلِسان في الغرفة اليتيمة في هذا المنزل ، تحت إنارة خافتة جداً ، تلتفتان نحو مصدر الصوت ، تَضـع ياسمين حجابها ، لتنهض مسرعة نحو الباب ، حيث يقِف فهد صامتاً ، متأملاً المكان الذي جمع ذكرياتهم الكاذِبة ، كانت جدران المنزل ميتة ، حين زاره وحيداً في المرة الماضية ، هل أردتِ أن تحييها مجدداً يا أمي ؟
تقدّمت منه ياسمين ، وقفت أمامه متكتفة و قالت بهمس : أمّـك في الغرفة ، ادخل شوفـها ..
ينظر إليهـا و قد لاحظ جزءًا من شعرِها قد تمرّد ليهرب خارج حجابها ، قال بسخرية : استعجلتِ تحطي الحجاب ، مو على أساس إنك زوجة أبوي ؟ يعني ما هو حرام لو شلتيه ، ياا " خالتي "
تُشتت أنظارها و هي تعيد شعرها إلى داخل الحجاب : على أساس أمّـك ما تدري ، كل شي ساويناه عشان نحافِظ عليها ، لو تبي نقول ما عِندي أي مانِع !
يرمقها بنظرة باردة لا معنى لها ، يتقدم نحو الغرفة ، ترخي والدته نظراتها عنه كأنها تمنع عينيها عن البَوح بشوقها لطِفلها الوحيد ، يتقدّم ببطء ، أعرِف أنني مهما فَعلت يا أمي ، ستبقين كما أنتِ ، و أعرف أنه مهما طال غِيابي ، سأعود لأجدك بحنيّتك ذاتها تنتظريني ، إنّك الشيء الوحيد الذي لم يتغير منذ مجيئي إلى هذه الدنيا ، أحتـاج أن تُعيديني إلى رَحمك الآن ، إلى داخِلك ، لم أكـن لأشعر بأمـان أكثر سِوى داخل أحشاءك ، إنني أرتجِف برداً يا أمي ، أمامك وحدك يا من تُشعرني أنني ما زِلت حياً ، أضـع رأسي في حِجرك ، أعود طفلاً تملأه الحيـاة ، تعـود شهـد تنبِض في عروقي ، و ما إن ابتعدت عنك ، أتحول إلى حَجَر ناطق يا أمي ، أفتقد حقاً الشعور بالألم ..
يجلِس أمامها أرضاً ، تشيح بوجهها عنه ، ينحني رأسه دون مقاومة منه ، تتحرّك يداه لتلمِس يدها ، تلتصق شفتيه بكفّها ، كان يفضفض عن الكثير من أسراره بقُبلة على يدِها ، سَرت في جسدها آلامه ، لتمتد يدها الأخرى ، تتوغّل في شعرِه النـاعم ، تُراقِب ياسمين المشهـد من بُعـد ، على كفّهـا البـاردة ، تشعر بقطرة حارة ، تسقط بخجل من عين ابنها ، الذي أطبق عينيه لتبتل رموشه ، أحبّك جداً يا فهـدي ، لكنني لا أعرفك ، أصبحت غريباً يا طِفلي .. تَرفع رأسه نحوها بقوّة ، عيناه العاجزتين تحترقان ، وجهه مليء بالكدمات ، تتحسس مكانها و تقول : وش صايرلَك ؟
يَعتدل في جلوسه ، يمسح دمعه بخجل ، و عَجل ، يُجيب بعدها : صارت معاي مشكلة ، تهجموا علي رجال ما أعرفهم ، و ما حبيت آجي المستشفى و أنا بهالحالة و أقلقك علي ..
جواهر ، بعتب قاسي : و هذا سبب يخليك تبعد عن أمك و تتركها بروحها مع المرافقة ؟
ينحني مجدداً ، ليطبع قبلات متتالية و هو ينطق : سامحيني يمه ، سامحيني ..
جواهر : قول لي وش مخبي عني ؟ وش صاير عليك ؟
فهد : اتفقنا يمه لا تحسنتِ أقول لك كل شي ، ليش طلعتي من المستشفى و ما رضيتِ بالعلاج ؟
جواهر بنصف ابتسامة على وجهها الحزين : أي علاج ؟ فَشَل كلوي يا يمه ، يعني خلاص ..
تتسع عيناه ، ليقول برجاء : وش اللي خلاص يمه ؟ وش اللي خلاص ؟ أنا ما بقى لي في الدنيا غيرِك ! وش اللي خلاص ؟
جواهر ، بنفس ابتسامتها ، تتحسس وجهه : اللي أبيه ، إني أتطمن عليك قبل لا أموت .. أبي أشوفَك مع بنية تراعيك و تهتم فيك ..
فهد : يمه لا تقولي هالكلام ، أنا مالي حياة بعدِك !
جواهر : وش رأيك بـ شهـد ؟ لا تقول ما تبيها ، أنا عارفة وش اللي بينَك و بينها ..
تتشتت نظراته بارتباك : وش اللي بيني و بينها يعني ؟
جواهر ، تنظر إليه بطرف عينها : الحب العذري ، أعرف خاطرَك فيها ..
فهـد ، و هو ينظر إلى ياسمين الواقفة عند الباب ، يقول : يمه مو وقت هالكلام ، باخذك المستشفى عشان تتعالجي ، و تتحسني ، و تشوفي زوجتي و أولاد أولادي بعد ..

على بعد كيلومترات قليلة ، تصطف سيّارة يركبها كل من يحيى ، إبراهيم و عزيز ، في المقاعِد الأمامية ، يجلِس يحيى و إبراهيم ، في الخلف ، عزيز ، يَقول يحيى و هو ينظر إلى السيّارة الحديثة المصطفة إلى جانب الطريق : قلتلكم إنه هِنا .
إبراهيم : منو قالك ؟
يحيى بابتسامة جانبية : العصافير ..
عَزيز : لا يكون حطيت جاسـوس جديد ؟
يلتفت إليه : برافو والله شلون حزرت ، يلا خلونا ننزل نشوف شغلنا ..

يُطرَق الباب ، لينتشِل فهد من دوّامة أسئلة كان سيقَع بها ، تقترب ياسمين ، تفتح الباب ، تنظر بعينين متعجبتين إلى ثلاث رجال يقفون أمام الباب ، يتقدّمهم يحيى الذي تعرفه جيداً من خلال صوره مع سُلطـان ، ينظر يحيى إليها أيضاً بتعجب ، كان يتساءل ، من تكون تِلك الفتاة ؟
يَفتح يَحيى محفظته ، لتظهر بطاقته الأمنية و يقول : يحيى الغانِم من التحقيق الجنائي .. فهـد موجود ؟
يأتي فهـد على صوتِهم الضخم ، يتقدّم بتوتر و هو يقول : يا هلا بالسيد يحيى ، تفضل ..
يحيى و هو يتنقل بنظراته داخل البيت المُعدَم : معانا أمر بتفتيش البيت ..
فهـد : وش السبب ؟
متجاهلاً سؤاله ، يُلقي أمره لعزيز بكلمة : عـزيز ..
يتحرّك عزيز ليبدأ التفتيش ، بينما يبتعد يحيى عن فهد و هو لا زال يتنقل بنظراته في المنزل ، يقترب فهد من إبراهيم ، يتساءل بهمس : ممكن أعرف ليش التفتيش ؟
إبراهيم : بنستكمل التحقيق في قضية مقتل والدَك ..
يتركه إبراهيم ، يتجه إلى يَحيى الذي يُدخّن سيجارته بمزاج عالٍ ، يقول في أذنه : وش بنفتش هنا بيت ما فيه شي وش بنلاقي فيه ؟
يرمقه بنظرة ، يُتابع فهد الذي تبِع عزيز ، ثم ينتقل إلى ياسمين ليسألها : منـو إنتِ ؟ معلوماتي فهـد ماله اخـوة ؟
تهزّ رأسها بتوتر واضح : صحيح أنا ماني أخته ، أنا المرافقة لوالدته لما يكون اهوة مشغول ..
يرفع حاجبيه و هو يهز رأسه بإعجاب ساخر ، ليتقدم عزيز و من خلفه فهد ، بعد دقائق ، يمد عزيز له فلاشة لجهاز حاسوب ، قديمة نوعاً ما ، يقول : ما لقيت إلا هذي ..
يأخذها يحيى ، وسط نظرات إبراهيم المتفحصة للفلاشة ، ينظر إلى فهد : هذي لَك ؟
يعقد حاجبيه ، يهز رأسه ببطء نافياً : لا ، ولا مرة كان عندي فلاش ميموري ، هذي أول مرة أشوفهـا ..
يُغلِق أصابعه عليها ، يسأل : عزيز ، فتشت كويس ؟
يقترِب منه ليهمس : البيت كله غرفتين ، " يَرفع صوته " ، نعم سيدي فتشت البيت كله ..
يمد يحيى الفلاشة لإبراهيم : إبراهيم تأخذ الفلاشة و تفتحها ..
يلتفت إلى فهد : نعتذر عن الإزعاج ، فهد ، راجعنا بكرا فـ المركز ضروري ..
يغلِق الباب بعد خروجِهم ، لتتقدم منه ياسمين ، تهمس : شلون تخليهم ياخذوا الفلاشة ؟ كان المفروض قلت إنها فلاشتك و ما تتركهم ياخذونها !
فهد ، يرفع حاجبه الأيسَر : ليه ؟؟ بعدين لو قلتلهم إنها لي كانوا بيتركوها يعني ؟
صَوت والدته المُتعَب يناديه من الداخل ، يدخل ليراها ، تقِف ياسمين حائرة تفكر ، ترفع جوالها لتكتب رسالة ..


،,


تهز قدَمها بتوتر و قهر ، تنظر إلى عيناه المشعّتان و تقول : ليش أمزح في موضوع زي كذا ؟
عِصام : يمه شلون تخطبيلي بدون ما أعرف أو أكون موافق حتى ؟!
أم عِصام : والله اللي أعرفه إن ولدي عصام ما يثنيلي كلمة ، علّمتك علي الست مريم ؟
يجلِس مجدداً أمامها : يمه وش اللي تعلمني عليكِ ! أنا رجال ماني بزر عشان أتعلم من فلان و علان ! بس يمه أنا من الأول قايل لك مابي أتزوج على مريم !
أم عِصام : والله ماني عارفة وش لاقي فيها ، ساحرتَك هالبنت ؟ و ليش ما تتزوج عليها ؟ عيب ولا حرام ؟
عِصام : يمه لا هو عيب ، ولا حرام ، بس أنا مابي ، مابي أتزوج مرة ثانية و خلاص ، وضعي ما يسمحلي !
تعقِد حاجبيها : وش فيه وضعك ؟ فلوسَك موجودة الحمدلله تقدر تصرف على أربع حريم مو بس على ثنتين !
يطلق تنهيدة طويلة ، يقول بعدها : ما قصدت الوضع المادي يمه ، بس إنتِ عارفة طبيعة شغلي ، و دوامي الطويل ، مريم بروحها و ماني ملحق أقوم بواجباتي عشانها ، شلون بقوم بواجبات ثنتين ؟
أمه ، بسخرية : والله ؟ واجباتك ؟ وش بتكون واجباتك ، والله ماني عارفة منـو الرجال !
يُطبِق عينيه ، و هو يضغط على أسنانه ليقول : حرمتي لها حقوق مثلي مثلها ، انتهينا من هالموضوع يمه ، ما راح أتزوج على مريم ! لا تجبريني آخذ بنت الناس و أظلمها ، تتحملي خطيتي و خطيتها و خطية مريم بعد !
أمه بدهشة : هذا الكلام لي أنـا يا عِصام ؟؟
يُرخي نظراته ، بعجـز ، يخرج من غرفتها دون كلام ، يخاف أن يتمادى أكثر فيُغضِبها .. صعد الدرج ببطء و هو يتنهد بألم على حالـه ، يتنفس بعمق عند باب جناحه ، لئلا يُشعِرها بشيء ، يفتح الباب بابتسامة مزيفة على وجهه ، لا زالت تُهلِك عيناها دمعاً ، تأفف و دخل إليها ، جلس على طرف السرير و قال : و بعدين يا مريم بهالحالة ؟ خلاص ، بالأول و بالآخر كانت بتعرف ، هذانا ارتحنا من هم كبير ، هالحين تقدري تروحي تتعالجي براحتِك ..
تستمر في بكائِها ، يُطلِق العَنان لغضبه ليصرخ : خلاص عاد ! ضيعتوني ما بينكم إنتِ و أمي ! إنتِ كل همّك إني ما أتزوج عليكِ ، و أمي كل همها إنها تشوف أحفادها ، و أنا ما أحد فيكم حاسس فيني ما أحد يقول هالرجال وش يفكّر فيـه ، قاعـد بس أراضيكِ و أراضيهـا تعبتـوني خلاص عـاد !
تَرفع رأسها ، تَمسح وجهها بهدوء ، بصوتٍ مبحوح تقول : ماله داعي تفتعل معاي مشكلة عشان تبرر زواجك الثاني علي ..
عِصام : أي زواج ثاني ؟ شفتيني تزوجت ؟
مَريم : لا ، بس مبارك الخطوبة ، أمّك شافت العَروس و قررت خلاص ،
عِصام ، يُميل رأسه و هو ينظر إليها : بس هذا القرار قراري ، مو قرار أي أحد ثاني ..
بنبرة مهتزّة : و قرارك راح يختلِف عن قرار أمّك ؟
عِصام : واضِح إنّك سمعتِ اللي تبيه و بس ، عشان كِذا أنا ما راح أتعب نفسي و أبررلك ،
يتجّه ليخرج من الغرفة ، يلتفت قبل خروجه : أكثر شي مضايقني ، إنك بعد كل هالسنوات طلعتِ ما تعرفي من هو عِصام ..

،,


روما ، المساء الممل ، تتحرك بغرفتها الكَبيرة بملل ، لا شيء يربطها بالحياة سِوى العمل الذي أجبرها عليه والدها ، لربما كان الشيء الوحيد الذي يشعرها بوجوديتها رُغم عدم رغبتها به ، دوماً ما أشعر أنني لَست أنا ، أشعر أنني في مسلسل تلفزيوني ، أتقمص شخصية تِلك البطلة التي سُميّت حسناء ، سأعود يوماً ما ديانا ، لكنني لا أعلم متى سينتهي ذلك المسلسل ! لقد تورطت حقاً ، أريد بشدة أن أعـود ديـانا ، لكنني حقاً لا أذكرنـي ، لا أعرفني سِوى حَسنـاء ، دُفِن الكثير مني قبل عَشر سَنـوات ، لَم يتبقى مني سِوى جسدي الذي يتحرك كروبوت ينفذ الأوامر فحَسب ، في غرفة الملابِس ، سقطت نظراتها على الوشاح الأحمر الذي قدّمه لها فهد ، ابتسامة خاطفة تظهر على وجهها و هي تذكر تِلك الساعات القليلة التي قضتها معه ، كَم شعرت بالانتماء و هي تُجالِسه ، رُغم أنهما كانا كثيرا الاختلاف ، تهمس بينها و بين ذاتها : والله كنت مُسلي يا فهـد ..
تلتفت إلى باب غرفتها الذي فُتِح ، تتأفف في داخلها و هي تشعر أن مهمة جديدة قادمة إليها ، لتكرّس حَسناء ، و تُلقي التراب فوق ديانا فتختنق أكثـر ، يقترِب والدها بابتسامة ، تضع الوِشاح جانباً و تتقدم منه ، تنظر إليه كأنها تقول أعرِف أن تِلك الابتسامة لم تكن لتظهر لولا أنّك تريـد أن تطلب مني طلباً تعرف مسبقاً أنني قد لا أوافق عليه ، يقول : مَساء الورد يا وردة بيتي ..
تتكتف بابتسامة ، تقول : نعم ؟
يرفع حاجبه و يقول بمزاح : كِذا يردون التحية ؟
تأخذ نفساً عميقاً : قول لي وش بعد هالتحية اختصر المقدّمات ..
عمر : يعني قصدِك إني مصلحجي ؟ أحياناً أحس إني ما ربيتك ربع ساعة !
تضحك : ههههههههههههه ، إنتَ اللي عوّدتني إن علاقتنا ماهي علاقة أب ، و بنته ، علاقتنا " بزنس " و بس ..
يجلِس على الأريكة المنفردة إلى جانب النافذة : هالمرة غلطانة ، جاي أكلمك ، أب ، لبنته ..
تَرفع حاجبيها ، تجلِس على طرف سريرها أمامه : الله الله ، خير إن شاء الله ؟
عمر : عارفة إن شركتي في الرياض داخلة مناقصة قوية ، و لازم أكون موجود ..
حَسناء : على أساس بو جابِر ماسك كل أمور هالشركة ، ليش تبي تكون موجود ؟
عمر : هذي مناقصة مهمة جداً ، و إن ربحناها هالشي بينعكس إيجاباً على شغلنا .. لازم أكون موجود و أتابع كل شي بنفسي ..
حسناء : و إذا ربحنا هالمناقصة ، بتترك شغلك بالمنشطات و غَسيل الأموال ؟
يعبُس وجهه ، حسناء بضحكة ساخِرة : مالك غِنى عن هالأمور .. يبه بقول شي ، وضعنا المادي الحمدلله صار فوق الريح ، و صار عندك شركات و أموال ، ليش للحين مصر تظل ماشي في الغلط ، متى بتصير قانوني ؟
عمر : هههههههههههههههه ، قانوني ؟؟ تدري لو مشيت عالقانون اللي قاعدة تتكلمي عنه ، كان قاعدين نعزف أنا وياكِ بشوارع ايطاليا و نتسول بالعزف ..
حَسناء : يعني الحين كل اللي معاهم فلوس حصلوا فلوسهم بالحرام ؟؟؟
عمر بغضب : لا تقولي حرام ، أنا اجتهدت ، بعدين فيه ناس حظها انها انولدت في عائلة غنية ، أنا ما انولدت كذا بس قدرت أكون نفسي من لا شيء ..
حَسناء : دام إنّك شايف إن اللي قاعِد تسويه ماهو حرام ، و اسمه اجتهاد مثل ما قلت ، أجل ليش كل هالتحفظ على شغلك ، و ليش دايماً تخاف إن الشرطة يعرفوا شي عن اللي تسويه و تتاجر فيه ؟
عمر : هذا ما هو الموضوع اللي جاي أتكلم فيه معاكِ ، هالفلوس اللي مو عاجبك مصدرها اهية اللي سوت منك بني آدمة و درّستك في أحسن جامعات إيطاليا ، لا تتكبري عالنعمة ..
تصمت ، لم يبدو عليها الاقتناع بكلامه ، يُردِف : أبيكِ تسافري معاي للرياض .. أبيكِ تتعرفي على بلدك ..
حَسناء : وش بسوي هناك ؟ ما أعرف أحد !
عمر : مو ضروري تعرفي أحد ، بس مو معقولة تكوني من أب سعودي و ما عمرك شفتِ بلدك ولا زرتيها !
حَسناء بملل : و جامعتي ؟؟
عمر : ما راح نغيب كثير ، أسبوع -10 أيام كحد أقصى ..
حسناء : يبه ، إنتَ أكيد ما تبيني أروح معاك بس عشان تعرفني ع بلدي ، قـول وش هـدفك من سفـري معاك !
ينهض عمر ، يقول بغضب : تدري ؟ إنتِ اللي ما تبي نكون أب و بنته ، كل ما أحاول أقرب منك كأب تبعديني ، و تطلعيني دائماً الرجل اللي يحاول يستغلك لمصلحته ، حتى و أنا قاعد أقولك إني أبيكِ تسافري معاي حولتي الموضوع لشغل و مصالح ، عكل حال تجهزي للسفر .. و مابي أسمع كلام بهالموضوع ..
يستوقفه صوتها عند الباب : و ريـم ؟
عمر : وش فيها ريم ؟
حَسناء : بتتركها و اهية حامل من دون مصروف ولا شي ؟؟
عمر : لا تخافي عليها ، فعلت حسابها فـ البنك ، خلها تولي اهية و ولدها ..
حسناء بتعجب : قاعِد تتكلم كأنه مو ولدك !
عمر : لا حول ولا قوة إلا بالله ، تصبحي على خير ..
يخرج ، يغلق الباب خلفه بقوّة ، تَعود حسناء إلى غرفة الملابِس ، تأخذ وشاحها ، تتحرك ببطء نحو سريرها ، تستلقي فوقه و وشاحها يغطيها ، هل سألتقي بك مجدداً يا فهد ؟ و لِم لا ؟ لعلّك ترد الجميل و تأخذني إلى جولة في شوارع الرياض التي لم يسبِق لي أن رأيتها إلا في الانترنت ، فقد فَعلت الكثير تِلك الليلة حتى ترد الجميل ..


،,

يتقدمان بخطوات مدروسة ، يبدو على ضحيتهم التعب و الإرهاق ، يتثاءب بكثرة و هو يتقدّم ببطء نحو منزله ، يتقدمان كليهما ببطء حتى يصبِحا خلفه تماماً ، يرفع أحدهما العصاة الخشبية السميكة ، ليضربه بقوة على مؤخرة رأسه ، الضربة التي تُسقِطه أرضاً ، فوراً و خلال ثانية فقط ، يبدو أنه انتقل إلى عالم آخر ، فقد القدرة على البقاء ضمن واقعه ، تشوشت الرؤية في عينيه تدريجياً و هو يشعر بشابين متلثمين يفتشانه ، حتى فقد الوعي تماماً .. يأخذان ما يريدان ، يتبادلان نظرات النصر المُبتسمة ، يجران ضحيتهما إلى جانب الطريق ، يتلفتان حولهما بمراقبة للطريق ، ينطلقان نحو سيارتهما ليختفوا في غضون ثوانٍ قليلة من المكان ..

في غُرفة التحقيق ، يدخل يحيى برفقة عَزيز ، يفاجئهم وجود عِصام في ذلك الوقت المتأخر ، يبدو عليه أنه معكر المزاج ، يتساءل يحيى : وش مرجعك ؟!!
يتنهّد عِصام ، يتجاهل سؤاله ليرد بسؤال آخر : فتشتوا بيت فهد ؟
يحيى ، يجلِس خلف مكتبه : فتشناه ، ولاقينا فلاش ميموري واضح إنها قديمة .. راح يجي الحين إبراهيم و يفتحها ..
عِصام : و ليش ما جا معاكم ؟
يحيى : قال بيروح البيت أول و بعدين بيلحقنا ..
يهز رأسه بصمت ، ينهض عزيز ، يستأذن يحيى ليعود لمنزله ، يخرُج ، يتقدّم يحيى من طاولة عصام ، بصوت خافت يقول : عِصام ، وش فيك ؟
دون أن ينظر إليه ، يطرق بالقلم فوق الطاولة : ما في شي ..
يجلِس أمامه : شلون ما في شي ؟ ليش رجعت ؟؟
يتنهّد ، يلتزِم الصمت ، يَحيى : قول عِصام ، وش مضايقك أنا مثل أخوك !
يرفع نظراته إليه ، بعد تردد يقول : أمي تبي تخطبلي ..
يَحيى ، و هو يعرِف تماماً ما ينتظره عِصام منذ بداية زواجه ، يتساءل : و انت وش رأيك ؟
عِصام ، يُميل رأسه : أنا ماني موافق أتزوج ، بس أمي مصرة على رأيها ..
يحيى : بس هذا القرار قرارك يا عِصام ..
ينهض مهموماً ، يقِف أمام النافذة : عارِف إنه قراري ، بس خايف أمي تزعل مني ، ماني عارف شلون أرضيها من دون ما أتزوج ..
يقف يحيى خلفه ، يربِت على كتفه : إنتَ أدرى يا عِصام ، بس حرام تتزوج بنت ثانية بس عشان ترضي أمك ، و تظلمها بعدين معاك ..

يتركه ، يعود لمكتبه لعدم رغبته في التدخل أكثر ، يعود عِصام للشرود ، و لم يزدد إلا حيرة ..

،,

 
 

 

عرض البوم صور طِيفْ  
قديم 01-01-20, 02:49 PM   المشاركة رقم: 38
المعلومات
الكاتب:
اللقب:

البيانات
التسجيل: Oct 2019
العضوية: 333413
المشاركات: 28
الجنس أنثى
معدل التقييم: طِيفْ عضو بحاجه الى تحسين وضعه
نقاط التقييم: 10

االدولة
البلدBrazil
 
مدونتي

 

الإتصالات
الحالة:
طِيفْ غير متواجد حالياً
وسائل الإتصال:

كاتب الموضوع : طِيفْ المنتدى : الروايات المغلقة
افتراضي رد: و في نشوة العشق صرنا رماداً ، بقلمي : طِيفْ!

 


،,

في لُجّة الظلام ، يجلِس سلطان خلف طاولته ، أمام شاشَة حاسوبه التي تمنحه ضوءً وحيداً في غرفته ، يبتسِم بسخرية و هو يسترخي على كُرسيه الدوّار ، و هو يُقلب تِلك الفلاش ميموري بين أصابعه ، و في يدِه الأخرى ، يحمِل سماعته على أذنه ، بلهجة إطراء شديد : والله وجودِك معاهم فادنا يا ياسمين ..
من عندها ، تبتسم و تقول بهمس : طبعاً ، إنتَ ما تعرف قيمتي و على طول ظالمني ..
يَضحك : ههههههههههه ، خلاص ولا يهمّك ، من هِنا و رايح راح أصير أعرِف قيمتِك .. وينكم الحين ؟؟
ياسمين : فهـد أقنع أمه ترد المستشفى عشان تتعالج ، و الحين في المستشفى ..
تتغيّر لهجتها و هي تنهض من مكانها ، حين تسمع فتح باب الغرفة ، تتحدث بارتباك : طيب حبيبتي أكلمِك بعدين .. مع السلامة ..
تُغلِق الخط ، تلتفت إلى فهـد ، تبتسم بتوتر : هـا وش قال الدكتور كل شي تمام إن شاء الله ؟
ابتسامة جانبيّة تظهر على وجه فهد ، يقترِب منها و يقول : لا تسوّي نفسِك ذكيّة ، ترى عارِف إنّك كنتِ تكلمي سُلطـان ، مو علي هالحركات !
ياسمين بارتباك : و ليش أكلمه يعني ؟
بذات ابتسامته ، يتفحّصهـا بنظراته حتى يزداد ارتباكها ، يتساءل بعد عدّة ثواني : عندي سؤال محيرني ..
ياسمين : وش هو ؟
فهـد : وش سِر تعاونك مع سُلطان ضدي ؟ مع إني وِلـد زوجِك ، المفروض توقفي معاي ..
تكتّفت ياسمين ، ابتسامة جانبية تُشابه تِلك التي على وجهه ، تظهر على شفتيها : و متى شفتني واقفة ضِدّك ؟
فهد : كل اللي صار المرة الماضية ، و مجرّد إنك تسمحيله إنه يستخدمِك كوسيلة عشان يضغط علي فيها ، ما تعتبريه إنّك واقفة معاه ضدنا ؟
تَرفع يدها لتحك فوقَ حاجِبها بتوتر ، ثم تجيب : لأنـه سلـطان ما تركني من يوم وفـاة أبـوك ، و لـولاه كان ضـاع حقي معاكـم ..
فهـد : آهـا ، عن أي حـق قـاعدة تتكلمي ؟
ابتلعت ريقَهـا خوفـاً من المفاجأة الجديدة التي ستُفجّرها ، لتقول بصوت مرتجف : أبـوك كان راح ينكرني لولا وجـود سلطـان ..
عَقـد حاجبيه : بينكرِك ؟ شلـون يعني ؟
ترتخي نظراتها إلى الأسفل : مقـدر أقـولك ، هذا شي يخصني و يخص مشعل ..
أخـذ نفساً عميقاً ، بنبرة غاضبة : مشعـل يكـون أبـوي اللي انقتل ، قـولي وش بعـد مخبيين عنـي ؟
ترفَع نظراتَها الحادّة إليـه ، بنبرة واثِقة ثابتة : أنـا حـامل يا فهـد ..
تَظهر ملامح الصدمة على وجهه ، بعدم تصديق : نـعـم ؟؟
تَعود للجلوس على الكُرسي ، بلهجة المغلوب على أمرِها ، تبدأ برواية قصّتها : عِندي أبـو ظالِم ، أمي توفّت و أنا طِفلة ، و أبـوي تزوّج ، و تَركني لجدتي تربيني ، ما كِنت أشـوفه إلا فـ المناسبات و بعد ما جدتي تترجـاه يزورني ، زوجـته ما كـانت تحبني ولا كـانت تخليني أدخـل بيتهم ، ماتت جدتي لما كـان عمري 16 سنـة ، و اضطريت أعيش بعدها مع أبـوي اللي ما كِنت أعرف عنه شي ،
يقترب فهـد بإنهاك ، و قلّة حيلة ، يجلِس على الكرسي المجاور لهـا ، يستمع إليها بإنصات ، فتردف : خلال 6 شهور اكتشفت إن أبـوي يِلعب قمـار ، و معتمد على فلـوس القمـار فـ كل حياته ، زوجـة أبـوي ما كـانت تعترض لأنه كـان يكسَب و يدخّل فلـوس ، ما همها هالفلوس حلال أو حـرام .. و استمرينا بهالحـال إلين صـار عمري 28 سنـة ، عِشتهم مع أبوي و زوجته مادري شـلون تحملتهم و تحملت قسوتهم ..
فهـد ، بعد أن أطلق تنهيدة طويلة : كـافي تراجيـديـا ، قـولي اللي يهمني أسمعـه ..
تظهر ابتسامة ساخِرة : لا تستعجل ، بتعرف كل شي .. لمـا صِرت 28 سنة ، و أبـوي طبعاً مستمر فـ لعب القمـار ، بدا يِخسَر ، و كل ما يخسر كان يطمَع ، و يتحدى نفسه إنه يبي يعوّض خسـاراته ، بس كل مرة كان يخسر أكثـر ، استمر على هالحـال إلين خسر كل فلوسه ، حتى البيت اللي كـان قاعـد فيه خِسره ، زوجـة أبوي ما اتحملت ، خذت أولادها و ردّت لبيت أهلـها ، و ظليت أنـا ، مالي مكان أروحله ، و اللي بيصير على أبوي بيصير علي .. آخر شي كـان يملكـه أبـوي ، اهوة أنـا ، جِسمي .. و كِنت أنـا اللي بدفع ثَمـن خسارته هالمرة ..
تزاحَمت الدموع في عينيه ، ينظر إليها و هو يجاهِد نفسه ألا تسقط إحدى دموعه أمامها ، تساءل بنبرة مهتزة : و مـنو اللي ربـح ؟
ياسَميـن : الرابح كان ، مشعـل شهـران .. و هالشي كـان قبل وفـاته بشهـرين تقريباً ..
غطّى وجهه بيديه بعجز عن أن يمنع دموعه ، أردفت : أبوك اللي عاش آخر سنوات حياته مع حرمة مريضة مو قادرة تكون زوجة تقوم بكل حقوقه ، أعجبته الصبية اللي كانت تستلم لخسـارات أبـوها كل ليـلة ، و بعـد شهـر تقريباً ، حسّيت بأعراض الحمـل ..
رفع يديه عن وجهه الأحمر كالدم ، بعد تفكير : و سلطـان شلـون ساعدك ؟
ياسمين : كـان الوحيد اللي يدافع عني كل ما دخل علي أبوك الغرفة ، طبعاً سلطان كان من أهم لاعبي القمـار ، بس كـان خايف علي ، و لمـا حسيت بالحمل ، حاولت أوصل له ، اتصلت فيـه و قلتله ، و اهوة اللي ضغط على أبوك علشـان يتزوجني و يعترف بالولـد ، و لولا سُلطـان ، كان الحين أنا و ولدي مدري وش بيصير فيـنا ..
فهد بهدوء : أبـوي كان يلعب قمـار ؟ و كـان زانـي ؟ هذا اللي مـات عليه أبـوي ؟ اللي قاعدة تنتظريه هالحين ، ولـد حرام ؟؟
وَضع رأسه بين يديه : شلـون أساعدك يبـه ؟ شلـون أكفّرلك عن كل هالذنوب ؟؟
ياسمين : بعد ما تزوجنا ، أبـوك حس بغلطه و تحسنت معاملته معاي ، الله يرحمه ، قريباً راح أدخل بالشهر الثـالث ، كـنت قـادرة أجهضه ، بس هالولد ماله ذنب ..
ظهرت ابتسامة ساخِرة على وجهه ، نهض من مكانه و قال : أنا برد البيت و بكرا باجي أشوف أمي ، الكلام هذا إياك أمي تدرى فيه ، خليك معاها و أي شي اتصلي فيني ..

تركها و التفت خارجاً و هو يشعر أنه ترك دماغه عندها ، لـم يُجهض ذلك الجَنين ، فإنه ليس لـه ذنب بما اقترفت يدا والده ، و هـل كـنت أنـا المذنب يا أبي لأعاقب بتِلك القَسوة ؟



،,



اقتربت السّـاعة من الثالثة فَجـراً ، اقتربت أم إبراهيم برداء الصّلاة ، بملامح قلق و ذعر ، نحـو باب غرفـة ابنتِها عَروب ، تطرقه بهدوء عدّة مرّات ، في الداخل ، تفتَح عروب عينيها ببطء و هي تعتقِد أن طرْق الباب توهماً ، حتى تكرر أكثـر ، رفعت رأسهـا عن الوسـادة لتعتدل في جلوسـها ، بخوف رَفعـت شعرها عن وجهها ، تقدّمت نحو الباب و فتحته ، بخوفٍ قالت : يمـه ، وش فيكِ ؟؟
أم إبراهيم : أخوكِ للحين ما رد البيت ، خايفة يكون صارله شي !
تنفّسـت بعمق : يمـه خرعتيني والله ، يكـون انشغل بشي يمـه إنتِ عارفة طبيعة شغله !
هزّت رأسهـا بنفي ، بنبرة خائفة : أخـوك ولا عمـره تأخر لبعـد الساعة 12 ، مستحيل يتأخر علينا و احنا حـريم بروحنا لو مو صاير معاه شي ! عالأقل كان اتصل و قال إنه بيتأخر !
أخذت بيدها و سَارت معها نحو السرير ، عَروب : طيب يمه قعدي شوي ، وش نقدر نسوي مالنا غير ننتظر ..
تجلِس والدتها : وش ننتظر !! اتصلي بجيهـان خليها تكلّم أختها ، زوجها يشتغل معاه أكيد يعرف وينه !
عَروب بتردد : يمه مادري بس مو شايفة إنها مو مناسبة أتصل بهالوقت فيها ؟ جربتِ تدقي على إبراهيم ؟
الخوف يزداد وضوحاً في نبرتها : دقييت جواله مقفول ، دقي على جيهان ما فيني صبر دقي عليهاا
عروب و هي تفتح جوالها : طيب يمه اهدي راح أدق عليها ..
تبحث بسرعة عن اسم جيهان ، بإبهامها المرتجف تضغط على زِر الاتصال ، تبادل والدتها بنظرات الخوف و الاستفهام ، بعد ثوانٍ ، ردّت جيهان بصوت ملؤه النعاس ، تقول باستغراب : عَروب ، وش فيك ؟؟!
عَروب : آسفة إني دقيت بهالوقت ..
تفرك جيهان عينيها و تقول بخوف : لا ما في مشكلة قولي وش صاير ؟؟
عَروب : إبراهيم للحين ما رد البيت دقينا عليه جوّاله مقفول ، و أمي قلقانة مو عارفة تنام ، لو تدقي على أختِك مريم تسأل زوجها ، أكيد يعرف شي !
جيهـان بخوف تحاول أن تخفيه : طيب الحين أكلمها ، قولي لعمتي لا تشغل بالها إن شاء الله ما في شي ..
أغلقت السمّاعة فوراً ، نهضت من مكانها لتعتدل في جلستِها ، أشعلت اللمبادير لينتشر ضوء برتقالي خافِت في الغرفة ، وضعت السماعة على أذنها بعد أن طلبت رقَم أختها ، تَسمع صوت الرنين و هي تهز قدمها بتوتر ، في الجِهة الأخرى ، تتقلّب مريم بتعب فوق سريرها ، غير مبالية بصوت رنين هاتفها ، أفكـار سيئة تراودها تظهر في أحلامِها ، حتى يستيقظ عِصام على صوت الجوّال ، يختطف نظرة ليجِد اسم جيهـان ، يهزّ كتف مريم بقوة : مريـم قومي ..
تفتح عينيها بتعب : عِصـام ، وش فيك ؟
ينظر إلى هاتِفها مجدداً ، حيث انقطع الاتصال و هَدأت نغمته : قومي قومي دقي على أختِك ، كانت تدق عليكِ أكيـد صايـر شي !
تلتفت إلى الكومدينا إلى يسارِها ، تلتقط جوّالها : فِعلاً داقة علي ، خير إن شاء الله ..
تُعاوِد الاتصال بها ، قَبل أن تكتمل الرنّة الأولى ، ترد جيهـان : مريم ..
تعتدل في جلستِها : جيهـان وش فيكِ ؟ ليش داقة علي هالحزة ؟؟
ابتلعت ريقها لتتحدث بسرعة : دقّت علي عَروب و قالتلي إن إبراهيم للحين ما رد البيت ، و قلقانين عليه ، دقيت عليكِ عشان تسألي عِصام يمكن يعرِف شي ..
مَريم : طيب طيب ،
تلتفت إلى عِصام لتسأله : عصام هذي جيهان تقول إن إبراهيم للحين ما رد البيت و ما شافوه اليوم ، تعرف وينه ؟
يعقِد حاجبيه و يَقول بصوت كان مسموعاً لدى جيهـان : كـان مع يحيى و عزيز ، و لما ردوا المركز قالوا إنه بيمر البيت وش صاير عليه !!
مَريم : جيهان عِصام يقول ..
تُقاطعها بخوف : سمعت ! وين راح يا ربي ! وش بنسوي الحين ؟
عِصـام : قولي لها إني قلت إنه في عنده شغل اليوم ، لا تقلقوا أنا رايح المركز أشوف السالفة ..
مَريم : جيهان لا تشغلي بالهم الحين ، عِصام رايح المركز و بيكلمني ، قوليلهم عنده شغل ..
جيهـان : طيّب ، راح أجرّب أدق على إبراهيم يمكن يرد ..
مَريم : اوكيه حبيبتي و أنا بردلك خبر أول ما يكلمني عِصـام ..

خَمس دقائق ، في غُرفة عَروب ، أغلقت الخط بابتسامة عريضة ، توجهت لوالدتها لتقول : مو قلتلك يمه ، عنده شغل ، الحين زوج أخت جيهان قال إنه مكلفه بشغل عشان كِذا تأخر ..
لا زال القَلق يبدو على ملامحها : طيّب ليش جوّاله مقفول ؟ ماني مرتاحة !
عَروب : يمه أكيد فضي شَحن عشان كِذا مقفول ، قومي الحين نامي و إن شاء الله بكرا تقعدي من النوم تلاقيه موجود ..
تتنهّد والدتها ، تخرج من الغرفة مُرغَمة و هي تشعر أن مكروهاً قد أصاب ابنها ..

في الجِهة الأخرى ، عَـاودت الاتصال عدّة مرات ، عاد لينبِض قلبها و هي تَسمع رنة هاتفه ، تحمِد الله في سرّها ، لكن القَلق راوَدها مجدداً حين انتهى الاتصال دون أن يرد عليـها ، لتقول في ذاتِها ، و لِم كل ذلك القلق يا جيهـان على ذاك الذي لم يُفوت فرصة ليُحطّمك ، منذ تلك اللحظة التي وقّع فيها على عهـد الألـم الذي سيقذفكِ به حتى النهاية .. انتفضت يدها مع صوت نغمة الجوّال حين وصلتها رسالة مُرعبة من رَقم إبراهيم ، نصّـها : " خـلاص كـافي تدقـوا على هالرّقـم صاحِب الجوّال قدّام بيتـه و ما في خَطر عليه بس روحوا أسعفوه لأننا ضربناه على دمـاغه "
تَشهق بخوف و عَدم فهـم ، تتصل بمريم مُسرِعة ، يأتيها الرد فتقول بخوف : مريم وصلتني رسالة من جوّال إبراهيم !
يصِل عِصـام إلى باب الغُرفـة ، يقِف في مكانه مترقباً ، تقترب منه مريم و تقول : جيهـان تقول إنه واصلها رسـالة من جوّال إبراهيـم !
يَسحب مِنها الجوّال و يقول بعجلة : السّلام عليكم ، وش الرسالة اللي وصلتك ؟
جيهـان بصوتها المذعور : يقولون إنه ضربوه على دمـاغه و لازم نسعفه !
عِصـام : اقرأي لي الرسـالة مثـل ما هي ..
قرأت عليه نص الرّسـالة ، اتسعت عيناه بدهشة ، بسرعة قال : طيّب خلاص أنا رايح أشوف الموضوع ..
ألقى السّمـاعة إلى مريم ، التي تبعته متسائلة : عِصـام وش صـاير ؟؟
دون أن يلتفِت ، وضع مسدّسه في الجهة الخلفية من بنطاله و هو يقول : ما في شي لا تقلقي ، راح أكلمك أول ما يصير شي ..

خَرج من عندها بسرعة متجّهـاً نحو سيارته ، ركِب خلف المقود ، وضـع السمـاعة على وضعية السبيكر ، و هو يتصل بـيحيى ، الذي رد بعد عدّة رنـات بصوت ناعِس ، ليتساءل عِصام : يحيى إبراهيم رد المكتب بعد ما أنا رحت ؟
يعقد حاجبيه : لا انتظرته و ما رد ، و كلّمته ما رد قِلت يمكن تعب و ظل في البيت ..
صوت أنفاسه المتسارعة كانت الرد ، يتساءل يحيى بريبة : عِصام وش صاير ليش قاعِد تسأل ؟
عِصام : كلّمتنا قبل شوي خطيبته ، و قَالت إنه ما رد البيت ..
نهض يحيى من فرشته : شلون ما رد البيت ! أنا وصّلته قدّام بيته شلون يعني ما رد !!!
عِصـام : و لما حاولت تدق عليه أكثر من مرة وصلتها رسالة إنهم ضربوه على دماغه ,,
يحيى : عِصـام وش قاعِد تقول ماني فاهِم شي !
عِصام : أنا بروح الحين لبيت إبراهيم اتصل بعزيز و حصلوني ..
هزّ رأسه بسرعة موافقاً ، أغلق السماعة بتشتت و هو يتجه لدولابه ، يُخرِج قميصه الأسود و بنطاله ، يَخلع بيجامته و يرتدي ثيابه بسرعة ، يأخذ سلاحه و ينزل مسرعاً ، يتصل عدة مرات بعـزيز دون أن يجِد منه رداً ، تأفف و هو يفتح باب سيارته منزعجاً من عدم رد عزيز ، ركِب و سار نحو بيتِ إبراهيم ..
،,


فَتحت عينيها على اهتزاز جوّالها الموضوع إلى جانب وسادتِها ، للمرة الأولى يرن هاتفها في هذا الوقت ، تعجبّت بخوف و هي ترى اسمـه ، بدأت تنظر حَولـها بارتباك ، نَهضـت لترتدي خفّـها في قدمـها و تخرج ، تتجه على رؤوس أصابِعها نحو المطبخ ، ترد بصوت هامس : آلـو ..
يبتسِم و هو يسمَع صوتها بعد أن اعتقد أنها لن ترد ، يصمت ، فتقول : فهـد ، انتَ بخير ؟
فهـد : مانـي بخير ، تعبـان يا شهـد ..
ابتلعت ريقَـها ، بخوف تساءلت : وش فيك ؟ قول وش صاير معاك ؟
فهد : أبوي تركلي هموم الدنيا كلها و راح .. ماني قـادر على هالدنيا يا شهد ، ماني قـادر !
شهـد بذات الهمس : ليش قاعِد تقول كِذا ؟ ربنـا أكرمك و صـار عندَك فلوس تقدر تعالج أمّك و تشتغل و تحسّن حياتَك ، ليش كل هاليأس ؟
ظهرت ابتسامة سخرية على وجهه ، ثم قال : شهـد ، ممكن ما نتكلّم في هالشي ؟ أنا داقق عليكِ عشان أنسى همي شوي ..
اتسعت عيناها ، و بنبرة تجلى فيها الخجل : عن شنـو بنتكلم يعني ؟
فهـد : عنّـا ..
عَقدت حاجبيها لترد بارتباك : عنـا ؟
فهد بضحكة : ههههه ايه عنا ، ليه مستغربة ؟
شهـد : لاا ، ماني مستغربة ، بس ما فهمت ، شلون تقصِد ؟
أخـذ نفسـاً عميقاً ، ليقول بعد تردد : يعني عن عيونِك ، جَمـالِك ، عن قَلبي وش يصير فيه لا شافِك !
ازدادت سرعة أنفاسها و هي تقول باضطراب : فهد ، إنت وش تبي مني ؟
فهـد : مادري ، بس أكيـد أمي عارفة ، لأنها تعرفني أكثر مني ..
تنحنحت ، ثم قالت : وش تقصِد ؟
فهـد : اليوم كلّمتني ، قالت إنها عارفة عن اللي بيني و بينِك ..
شهد : وش اللي بيني و بينك !!
فهـد : النظرات ما تكذب يا شهـدي ، أنـا أبيـكِ .. مـا تَبيني ؟
ابتلعت ريقَها ، و ردّت بنبرة مرتجفة : هالحين مو وَقت هالكَلام !
فهد ، بابتسامة جانبية : ليش ترجفي ؟؟ بردانة ؟
أنزلت السمّاعة بسرعة عن أذنها ، أغلقت الخط دون أن تودّعـه ، رَفعت يدها إلى قَلبِها الذي كادَ يخرج من مكانِه ، إنّك غَريب جدًا ، لا أشعر بالراحة أحياناً تجاهَك ، لم تعد فهد الذي عشِقت يوماً ، تعرف بذاتك أنّك تغيرت ، إلا أنني غير قادِرة على السيطرة على نبضات قلبي في كل مرة يُذكَر فيها اسمك أمامي ،
انتفضت و هي تسمع صوت خطوات قادمة ، أخفت جوّالها في جيب بنطال البيجامة ، أخذت كأساً لتملأه بالماء ، صَوت طارِق يتساءل بهدوء : شهـد ؟ وش تسوي ؟؟
التفتت و هي تمسك بكأس الماء : ما في شي ، قمت أشرَب مويا ..
نظر إليها بريبة ، هزّ رأسه بهدوء و عدم تصديق ، تحرّك متجهاً نحو الحمام ، تنفست شهد الصعداء ، عادت بسرعة إلى غرفتها ، اندسّت تحت لحافها ، و قـَد غادر النّـوم عينيها و لم يعد مجدداً في تِلك الليلة .


،,

عدّة سـاعـات مَضت ، السّابعة و النصف صباحاً ، المُستشفى قِسم الطوارئ ، يجلِسان إلى جانِبه ، يفرك يحيى كفيه بتوتر و غَضَب ، أفكار عديدة تتلاحم في ذِهنه ، و أسئلة لا نهاية لهـا تدور في عقله ، شَبَك أصابِعه ببعضِها ، يثبت عيناه نحو إبراهيم النائم أمامهم ، رأسـه ملفـوف بقطعة شاش بيضاء ، يجلِس عِصام إلى جانِبه و يهمس له : رأيـك منـو اللي ساوى كِذا ؟
عاقِداً حاجبيه بحقد ، أخذ نفساً ثم أخرجه و أجاب : مادري ، مالنا غير ننتظر إبراهيم إلين يصحى ، و إن شاء الله ما يكون اللي فـ بالي صحيح ..
عِصـام : وش اللي فـ بالك ؟
تقدّم إليهما عَزيز متعجّلاً ، وَقف أمامهم و قال و هو ينظر إلى إبراهيم : شلـون صـار كِذا ؟ وش قال الطبيب ؟؟
رفَع يحيى نظراته الجامِدة إليه ، رمقه بنظرة حادّة ، و عاد للتحديق في إبراهيم ، نَهض عصام ليقف بمحاذاة عَزيز : إنتَ وين كنت للحين ؟؟
عَزيز : لما دق علي يحيى كِنت نـايم ..
عِصـام : دق عليك ألف مرة معقول ما سمعت رنة الجوال ؟؟
عَزيز و هو يُرخي أنظاره : كِنت حاطط الجوّال عالصّامت ..
يحيى بصوت جهوري حاد : أجـل التحقيق ماهو شغلك ، لو تبي تحط جوّالك عالصّامت و تنام ، لازم تشوفلك شغل ثاني غير الأمن الجنائي ..
ابتعدت شفتيه عن بعضِهما لينطق بتبرير ، استبقه يحيى و هو ينهض و يتحدّث بذات لهجته الحادّة : يوم تعيّنت معانا بشكل رسمي ، كنت بشرحلك طبيعة شغلنا ، ما تركتني أكمّل كلامي و قعدت تقول عارِف تراني مو جاي من كلية الرياضة ، و الحين يوم نحتاجك نلاقيك نايم في بيتَك و جوّالك عالصّامت بعد !
عِصـام بخفوت : يحيى خلاص ماهو وقت هالكلام ..
يحيى : هذي آخرة اللي يتوظفون بالواسطة !
ارتفـع حاجِب عزيز الأيسـَر معبّرًا عن احتجاجه ، إلا أن عِصـام أشـار لـه بنظراته ليختصِر الحَديث ، تنحنح عِصـام و قـال : يا شباب والدة إبراهيم و خـواته صـار عندهـم خبر ، أنا قلتلهم ماله داعي يجون المستشفى ، بس إذا شفتوهم جايين اتركوهم بروحهم مع ولدهم ..
التزموا الصّمت في آن معاً ، تبادل النظرات غَير المفهومة كانت تَسـود المـوقِف ، حتى خَرج صوت باهِت من حنجرة إبراهيم المتعبة ، التفتوا إليه في آن معاً ، اقتَرب عِصـام : إبراهيم ، الحمدلله عَ سلامتَك ..
عقد حاجبيه و هو يرى المكان من حولِه ، تساءل : وش صار !
يحيى ، يجلِس أمامه : المفروض احنا اللي نسأل مو إنت ..
رمَقه عِصام بنظرة و هو يقول بحدة : يَحيى !!
تنحنح ، ابتسم رغماً عنه و قال : الحمدلله ع سلامتَك ...
اقترَب عزيز و قال بابتسامة : الحمدلله ع سلامتك يا إبراهيم .. " التفت إلى عِصـام " : عِصـام أنا بروح المركز لازم يكون فيه واحد منا هنـاك ..
هزّ رأسـه بالموافقة ، تركهم و خرج دون أن ينظر إلى يحيى ، الذي لم يعجبه تصرف عزيز إذ أخذ الإذن من عِصـام بدلا منه ، رفَع إبراهيم رأسـه ، ليضع يده و يضغط بها فوق جرحه الملفوف بالشاش ، يتساءل باستغراب : يا جماعة وش اللي صار أنا وش أسوي هِنا ؟
عِصـام : فيـه جماعة تعرضولك و ضربـوك فـ راسك من ورا ، و تركوك فـ الطريق إلين جيت أنا و يحيى و أسعفناك هِنا .. و الحمدلله لحقناك لأن الضربة كـانت بمكان خطير !
إبراهيم و هو يتنقل بنظراته بينهم : و ليش يضربوني ؟؟
يحيى : علشـان ياخذوا منّك الفلاش ميموري اللي لقيناها فـ بيت فهـد ..
عَقـد حاجبيـه و هو يفكّر ، يستذكر آخر ما حدث معه ، تمر في باله كأطياف مشوشة غير مترابطة ، يتقدّم يحيى بجسده : إبراهيم إنتَ شفت اللي ضربوك ؟ يعني تقدر تتذكرهم ؟
عِصـام : يحيى ، الرجال توّه صاحي بديت معاه تحقيق؟! اتركه يرتاح و يتحسّن أول !!
تساءل إبراهيم : مين مصلحته يسرق الفلاش مني ؟؟
يحيى و هو يتكتف : مو هذا السؤال ، السؤال منـو اللي يدرى بموضوع الفلاش أصلاً ، أنا و إنت و عزيز كنـا موجودين فـ بيت فهـد ، و اللي شافوا الفلاش غيرنا اهمة البنية المرافقة ، و فهـد ، يعني اللي ضربوك على معرفة بواحد كـان موجود لما لقينا الفلاش !
إبراهيم بتعجب : لا تقول إنك شاكك بعزيز ..!
هزّ رأسه نافياً ، أخذ نفساً عميقاً : شاكك بـ فهـد ..

،,


بعد عدّة سـاعات ، رومـا ، تجلِسان في الكفتيريا التابعة للأوتيل ، أمام كل منهما كـوب عصير برتقال ، ريـم : وافقتِ تسافري معاه ؟
حَسناء بخيبة : أنا ماقدر أقـول ايه أو لا ، أنا أنفـذ و بس ..
عقدت ريم حاجبيها ، و هي تحدّق في ملامح وجه حسناء المليئة بالعجز ، ما جعل حسناء تصحو على ذاتِها ، تصلّح الموقف بابتسامة مفتعلة : أمزح معاكِ وش فيك ، أكيد وافقت أنا حابة من زمان أزور الرياض ..
هزّت رأسهـا ، عاد الصمت ليكلل المشهـد ، قَطعت حسناء الصّمت : ريـم ، إنتِ تحبيه ؟
ريم بارتباك : أحِب منو ؟
حسناء : منو يعني ، عمر حرب ..
ريـم ، أخذت نفساً عميقاً : مادري إذا أقـدر أقـول عن مشاعري لأبوكِ حب ، بس عمري ما حسّيت بأمـان إلا معـاه ، اهوة اللي أخذني من حياتي الصّعبة ، و اهوة اللي خلاني متمسكة فـ هالدنيا ، و الحين ربـنا بيعطيني منـه ولـد يملى علي حياتي ، شلـون ما راح أحـبه ؟
تَرفع حسناء حاجبها الأيسر ببطء : بس اهوة رفض هالطفل ، و كـان مستعد يموّته .. بعدين مَنتِ أول وحدة يتزوجها أبـوي بعـد أمي .. يعني يمكن هالحب ما يكون متبادل ...
ابتسمت ريـم بسخرية : مو يمكـن ، أكيـد ، أبوكِ يا حسناء للحين يحلَم بأمّـك ، أنا أحسِدها ..
حسناء بتعجب : تحسدينها ؟ على شنـو ؟
ريـم : لأنها الوحيـدة اللي قدرت تخلي أبوكِ يحبها ، و ما ينساها ، حتى بعد كل هالمدّة اللي انفصلـوا فيهـا عن بعض ، ما انفصلت عن دماغه و قَلبه ..
حسناء : صحيح إن أبوي للحين يفكّر فيها ، و للحين ما انفصلت عن دماغه و قلبه ، بس مو لأنه يحبّها ، لأنـها الوحيـدة اللي ضعف قدّامها ، و فـ وقت كل الحريم اللي عرفهـم كـانـوا خاتـم في اصبعه ، اهية الوحيدة اللي تركـته و ما اهتمّت له .. يعني الوحيدة اللي كَسرت قلبه و أوجعته ، و الرجال ما ينسى اللي توجع قَلبه ..
ريـم : أفهـم من كلامك الحين إنك تعطيني وَصفة عشان أعرف أتعامل مع أبوك ؟
نَهضت حسناء و هي تحمل حقيبتها : افهمي اللي تبيه من كلامي ، بس أنا متأكدة إذا بتظلي على موقفِك هذا ، الولد هذا اللي جـاي ما راح يتربى بعيد عن أبـوه ..

التفتت لتخرج ، و تتركها حائرة في أمرِها ، لِم أنتَ عَسير إلى ذلك الحد يا عمر ؟


انتهى

أعزائي القرّاء ، البارت ما كـان طويل مثل الوعد ، و هذا شيء يخجلني .. عدا عن التأخير ..

اللي صار إن الوالدة طاحت علينا ، و نقلناها للمستشفى ، و نامت كذا يوم بسبب فيروس شديد ، و اضطريت كوني البنت الوحيدة أكـون معاها على طول في المستشفى ، و اليـوم قدرت أدخل البيت و أفوت المنتدى ، حاولت أفوت المنتدى من الجوّال لكن ما قدرت للأسف .. و لما رجعت نزلت الشيء اللي كتبته لأجل ما أتأخر عليكم أكثر من كذا ..
أتمنى أن يكون عذري مقبولاً ، و اسمحوا لي بالتعويض في الأجزاء القادمة بإذن الله ..


انتظروني الاثنين القادِم ، أحبكم ..

طِيفْ!

 
 

 

عرض البوم صور طِيفْ  
قديم 06-01-20, 08:03 PM   المشاركة رقم: 39
المعلومات
الكاتب:
اللقب:
مشرفة منتدى الحوار الجاد


البيانات
التسجيل: Apr 2008
العضوية: 70555
المشاركات: 6,386
الجنس أنثى
معدل التقييم: شبيهة القمر عضو ماسيشبيهة القمر عضو ماسيشبيهة القمر عضو ماسيشبيهة القمر عضو ماسيشبيهة القمر عضو ماسيشبيهة القمر عضو ماسيشبيهة القمر عضو ماسيشبيهة القمر عضو ماسيشبيهة القمر عضو ماسيشبيهة القمر عضو ماسيشبيهة القمر عضو ماسي
نقاط التقييم: 5004

االدولة
البلدSaudiArabia
 
مدونتي

 

الإتصالات
الحالة:
شبيهة القمر غير متواجد حالياً
وسائل الإتصال:

كاتب الموضوع : طِيفْ المنتدى : الروايات المغلقة
افتراضي رد: و في نشوة العشق صرنا رماداً ، بقلمي : طِيفْ!

 

السلام عليكم
اولا الحمدلله على سلامه الوالده سلامتها الف سلامه عليها ربنا يخليها لكم يارب ..

نجي لابطالنا ...احساسي ان ياسمين تكذب وماهي زوجة ابو فهد ..وسالفه الحمل وحده من ثنتين اذا صدق حامل فهي زوجه سلطان ..
والخيار الثاني ان سالفه الحمل كذب ..وجالسين يخدعون فهد لحد ماتنتهي مهمتهم ..
والي حسيته ان ياسمين ممكن تكون هي الي قتلت ابو فهد 🤔 احساسي انها داهيه ...<<فيس كارهها بقوة

توقعاتي المستقبليه ..
فهد راح يكمل حياته مع حسناء ..
طبعا بعد ماياخذ يحيى شهد
جيهان وابراهيم ...رب ضارة نافعه ههههههه شكل الضربه على دماغه راح تسنعه ههههههه

عصام ..اكثر شخص ارحمه صعب الخيار اذا واحد من الوالدين فيه ..

حسناء ..اتوقع جيتك للرياض راح تشوفي فهيدان وتكون حياتك هنا هههه

نجي لسالفه الفلاش ..هذا الشي الي كنت متأمله ان يحيى يشوف فيه حقيقة ابوه بس للاسف طاااار ..
بالله كيف راح يلقاه مرة ثانيه !!
الا في حاله انه ممكن يدخل مكتب ابوه بالصدفه ويلقاه هذا اذا ماتخلص منه سليطن قبل يشوفه يحيى ..


طيف ... تسلمين يارب انت تستاهلي كل خير واصلي وانا معاك ههههه ..💕💕💕💕 وصدقيني فيه غيري كثييييير يتابعك والدليل كثرة المشاهدات ..فلا تيأسي
💚💚💚💚💚💚
ننتظرك وننتظر الاكشن ..
😎😎

 
 

 

عرض البوم صور شبيهة القمر  
قديم 16-01-20, 05:48 PM   المشاركة رقم: 40
المعلومات
الكاتب:
اللقب:

البيانات
التسجيل: Jan 2020
العضوية: 333888
المشاركات: 30
الجنس أنثى
معدل التقييم: نسرين نينا عضو بحاجه الى تحسين وضعه
نقاط التقييم: 10

االدولة
البلدAlgeria
 
مدونتي

 

الإتصالات
الحالة:
نسرين نينا غير متواجد حالياً
وسائل الإتصال:

كاتب الموضوع : طِيفْ المنتدى : الروايات المغلقة
افتراضي

 

جميلة جدا تسلم أناملك 😙😚😚😙😙😚😚😚😚😙😙😚😚😚😚😚😚😚😚😚😚😚😚😚👄👄💋💋👄💋👄

 
 

 

عرض البوم صور نسرين نينا  
 

مواقع النشر (المفضلة)
facebook




جديد مواضيع قسم الروايات المغلقة
أدوات الموضوع
مشاهدة صفحة طباعة الموضوع مشاهدة صفحة طباعة الموضوع
تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة
Trackbacks are متاحة
Pingbacks are متاحة
Refbacks are متاحة



الساعة الآن 02:48 AM.


 



Powered by vBulletin® Version 3.8.11
Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd.
SEO by vBSEO 3.3.0 ©2009, Crawlability, Inc.
شبكة ليلاس الثقافية