لمشاكل التسجيل ودخول المنتدى يرجى مراسلتنا على الايميل liilasvb3@gmail.com






العودة   منتديات ليلاس > القصص والروايات > قصص من وحي قلم الاعضاء > القصص المكتمله من وحي قلم الاعضاء
التسجيل

بحث بشبكة ليلاس الثقافية

القصص المكتمله من وحي قلم الاعضاء القصص المكتمله من وحي قلم الاعضاء


إضافة رد
نسخ الرابط
نسخ للمنتديات
 
LinkBack أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
قديم 18-11-18, 12:58 AM   المشاركة رقم: 146
المعلومات
الكاتب:
اللقب:

البيانات
التسجيل: Sep 2018
العضوية: 330463
المشاركات: 1,135
الجنس أنثى
معدل التقييم: SHELL عضو بحاجه الى تحسين وضعه
نقاط التقييم: 47

االدولة
البلدEgypt
 
مدونتي

 

الإتصالات
الحالة:
SHELL غير متواجد حالياً
وسائل الإتصال:

كاتب الموضوع : SHELL المنتدى : القصص المكتمله من وحي قلم الاعضاء
افتراضي رد: رواية لؤلؤة تائهة فى بحر العواصف

 

عندما حل المساء كانت النساء مجتمعات معا تتجاذبن أطراف الحديث حتى السيدة شريفة تخلّت عن منفاها الاختيارى بغرفتها كما اعتادت بالفترة الأخيرة كما فضلّت هناء أن تعمل بنصيحة فريال لها أن تشاركهن المجلس حتى لا تبقى وحيدة بجناحها البعيد ,وقد قامت كلا من ريم وأميرة بترتيب الأريكة الصغيرة من أجل راحتها بوضع وسائد قطنية عريضة تحت قدمها المصابة ,بينما أخذت سماح تعدّ لهن أكواب الشاى الساخنة المعززة بنكهة النعناع الطازج وقدمته على صينية من الفضة البراقة ,أنعشت ذاكرة الجدة حينما لمحتها فقالت بصوت مرتعش وقد جلبت الذكريات الدموع الى عينيها :
-هذه الصينية كانت لأمى ,أين عثرتى عليها يا سماح ؟ كنت أعتقدها قد ضاعت فلم نستخدمها منذ فترة طويلة.
أجابت الفتاة بارتباك واضح وهى تمعن النظر الى فريال حتى تتدخل لانقاذها فقالت الأخيرة تجيب نيابة عنها:
-أنا يا ماما التى بحثت عنها حتى أخرجتها من مخبئها ,أننى أعشق زخرفتها ونقوشها المحفورة على سطحها ... خسارة أن تظل مدفونة بدون استعمال.
أخذت والدتها تعدّل بيديها خصلة من شعرها أفلتت من معقلها وهى تقول بصوت ينساب منه الرقة والنعومة:
-يا لها من أيام وذكريات ,أهدتنى أمى ايّاها عندما تزوجت بأبيكِ مشيرة الى أنه علىّ أنا الأخرى أن أعطيها لابنتى بالمثل عندما تتزوج ...
وتركت الجملة معلقة فى الهواء بينما كناتها تنظرن اليها بفضول شديد وحفيدتيها تبتسمان من أجل هذه العادات القديمة المتوارثة التى لم تعد متداولة هذه الأيام .
استطردت الجدة حديثها وكأنها بعالم آخر قائلة بصوتها الذى يشبه نغما موسيقيا:
-كما أننى قد ورثت عنها طقما من اللؤلؤ الحر .. آآآآه ,أتذكر أننى قد أهديت القلادة لكِ يا فريال حتى قبل أن تتزوجى ,واحتفظت بالقرطين والخاتم المشابهين له .. ربما يحين الوقت لأهدى ما تبقى منه الى حفيداتى عندما تتزوجن.
وأشارت بأصابعها المرتعشة الى أميرة ثم ريم تباعا فقامت الأولى باخراج السلسلة التى تحيط بعنقها أمام عينى جدتها المترقرقتين بغيوم الدمع ,وهى تقول بصوت متهدج تأثرا بالموقف:
-القلادة معى يا أنّا ,لقد احتفظ بها بابا وجدى وأوصى الخالة مديحة باعطائها لى فيما بعد ,وقد أوفت هى بعهدها له قبل أن تسافر ,وها هى لا تفارقنى تستقر بجوار قلبى.
التمعت الأعين وهى تشاهد اللؤلؤة البديعة التكوين وهى تلتمع بفعل الأضواء المسلطة عليها ,رفعت شريفة رأيها ببطء ليستقر بصرها على اللؤلؤة النادرة والتى لا تتشابه مع أى لؤلؤ آخر, ودنت حفيدتها منها حتى تستطيع أن تلمسها بأطراف أناملها المتعرقة وهى تشهق من ملمسها الحريرى قائلة:
-هل احتفظ بها من أجلك يا بنيتى ؟ ياه يا وجدى ,لم يكن له مثيل أبدا فى كل شئ ... كان حساسا رقيق المشاعر ولم يظلم أحدا فى حياته ,بينما ظلمه الجميع وتكاتفوا ضده حتى أبوه الذى لم تأخذه به شفقة ولا رحمة ... يا لحسرة قلبى على فراقك !
وأجهشت المرأة العجوز ببكاء حار فما كان ممن حولها الا أن تحاولن تهدئة نشيجها المتقطع خوفا على صحتها من الانهيار ,وقالت فريال بصوت رخيم:
-فلندعُ له بالرحمة والمغفرة يا أمى ,لقد ذهب الى بارئه حيث لا مجال للألم والوجع والظلم كما فى دنيانا.
أمنّت النساء على حديثها المتعقل وهن يرفعن أكفهن بالدعاء له بالرحمة حتى هناء لم تتخاذل عما يقمن به بل زادت عليهن.
فجأة تساءلت فريال وهى تتحاشى النظر الى عينى منى:
-أين ذهب عادل ؟ لم أسمع له صوتا منذ عودتكم من المركز.
أجابتها منى بصوت منخفض وهى تعتصر أصابعها بين راحتى يديها:
-لقد خرج مباشرة بعد عودتنا.
وكأن ما قالته كافيا ليروى فضول شقيقته فهزت برأسها دون أن تنبس ببنت شفة.


*******************

 
 

 

عرض البوم صور SHELL   رد مع اقتباس
قديم 18-11-18, 01:00 AM   المشاركة رقم: 147
المعلومات
الكاتب:
اللقب:

البيانات
التسجيل: Sep 2018
العضوية: 330463
المشاركات: 1,135
الجنس أنثى
معدل التقييم: SHELL عضو بحاجه الى تحسين وضعه
نقاط التقييم: 47

االدولة
البلدEgypt
 
مدونتي

 

الإتصالات
الحالة:
SHELL غير متواجد حالياً
وسائل الإتصال:

كاتب الموضوع : SHELL المنتدى : القصص المكتمله من وحي قلم الاعضاء
افتراضي رد: رواية لؤلؤة تائهة فى بحر العواصف

 

بعد ساعة واحدة قفل الرجال عائدون الى البيت وهم بحالة يرثى لها من الارهاق والتعب ,جميعهم بلا استثناء كان حاضرا ,وقد تفجرت المفاجأة بوجوه النساء حينما اجتمع شمل الأسرة كلها مرة واحدة بعد أن تفرقت بهم السبل.
نهضت سوسن لاستقبال زوجها بترحيب حار قائلة بود:
-حمدا لله على السلامة يا محمد.
احتضن يديها بحركة حميمية بالغة وهو يقول :
-سلمك الله , يا له من يوم !
-تعال وارتاح.
وتبعه الآخرون بصمت حتى رفيق لم يكن بمزاج رائق لتبادل الحديث فقط اكتفى هو الآخر بأن ضم زوجته الى صدره ثم أفلتها سريعا وهو يرتمى على أقرب مقعد بينما وقف كلا من سيف وكريم مترددين ينقلان بصريهما بين والدتيهما الى أن أطرق كريم برأسه الى الأرض وهو يقول بخجل موجها حديثه الى أمه:
-سلامتك يا ماما ... هل تسمحين لى بأن أدخل ؟
كانت هناء ممدة على الأريكة بلا حول ولا قوة الا أنها ما أن رأت وحيدها حتى أزاحت الغطاء القطنى عن قدميها وقامت تستجمع قواها لتنهض وهى تقول بدون تردد:
-كريم .. أتستأذننى فى دخول منزلك ؟ آآآه.
صاحت بألم بالغ فهرع نحوها ليمسك بكتفيها بكلتا ذراعيه حتى تستند اليه مخففا الحمل عن قدمها المتورمة ويجلسها مرة أخرى دون أن يتركها قائلا:
-أمى ,,, أعتذر منكِ لم أكن أعرف أبدا أن هذا ما سيحدث , لو كنت ...
وضعت أصبعها على شفتيه تمنعه من الاسترسال فى الحديث قائلة:
-لا تقل شيئا , لست المخطئ يا ولدى ... المهم أنك عدت ,,, لم أكن لأستطيع الحياة دون وجودك , لقد شعرت بالرعب يجتاحنى بعد رحيلك عنى ,لم أكن لأحتمل أن أفقدك كما فقدت أبوك من قبل.
احتضنها بين ذراعيه وأسندت رأسها الى صدره تتلمس العزاء والسلوى لمصابهما المشترك ... فقدان مصدر الأمن والحنان ... زوجها وأبيه.
-أنا هنا الى جانبك ولن أبرحه أبدا ... كنت مشوشا لا أدرك الحقيقة ,شعرت فجأة بالصدمة فتصرفت بصورة متسرعة وأخطأت بحقك.
-لا عليك .
نظر الى كاحلها المصاب بتعاطف وهو يتساءل باهتمام:
-كيف تشعرين الآن ؟
-صدقنى اذا أخبرتك أننى لم أعد أشعر بأى آلام ,كان قلبى موجوعا أكثر .. والآن أشعر بتحسن بالغ ..
-ماذا قال الطبيب عن اصابتك ؟
-الحمد لله أظهرت صورة الأشعة عدم وجود كسور ,أنه مجرد تمزق بسيط بالأربطة وسيختفى التورم بمرور الوقت كما أن الألم قد خف الى حد بعيد.
بقى سيف الى جوار والده حتى ابتدره عمه محمد قائلا:
-ما لك واقفا هناك أنت وأبيك ؟ فلتتقدما الى هنا ,هيا هيا.
تحركت خطواتهما متوازيين حتى وصلا الى المقعد الذى استقرت فيه منى ساكنة لا تقوَ على مجرد الحركة تنتظر القرار الحاسم .. فخر سيف على ركبتيه بجوار قدمى والدته لتتفاجأ بحركته وهو مطأطئ الرأس قائلا بصوت عميق:
-أنا أيضا بحاجة الى غفرانك يا أمى , فهل تصفحين عنى ؟
هزت رأسها بقوة فظن عادل أنها ترفض السماح ... الا أنها سرعان ما انكفأت على رأس ولدها لتغمر وجهه بالقبلات والعبرات وهى تقول منتحبة:
-أنا ؟ هل تطلب منى السماح ؟ ألا تعرف أن قلب الأم لا يعرف القسوة مهما كانت ,لا يمكنها أن تغضب أكثر من بضعة لحظات ثم تصفو من جديد ... أنت ابنى الوحيد وقرة عينى ,فكيف السبيل الى النكران والجحود ؟ ألا تعرف أنك سر قوتى وقدرتى على التحمل.
وهنا تدخل عادل بقوة ليفرض وجوده على الجميع بعد ان فضّل البقاء فى الظل طويلا:
-من فضلكم جميعا , أتمنى منكم أن تستمعوا لى ,, لن أطيل الحديث عليكم ... فقط مجرد دقائق ,,
نجح فى أن يجتذب انتباههم جميعا وقد تسلطت على شفتيه نظرات العيون فى رغبة لمعرفة ما سيقول ,فعض على شفتيه حتى كاد أن يدميهما فهذا هو اعترافه الأصعب فاقترب من دائرة الضوء أكثر حتى لا يتراجع عن قراره مؤكدا بثقة على امتلاكه فضيلة الشجاعة:
-بادئ ذى بدء ... أنا أعترف بأننى قد أخطأت كثيرا فى حياتى ومنذ صغرى ,, فلم أكن مميزا كأخوىّ ... محمد الرزين ووجدى الحنون ولا مدللا كأختى ... فريال الأميرة ... كانوا جميعا محبوبين ولم يفضّلنى أبى يوما كونى مجرد صورة باهتة عنهم ,لم يثق يوما بقدراتى ولم يحاول تشجيعى أو حتى نصحى ... كنت كالخواء بالنسبة اليه .. لا يرانى ولا يسمعنى , وأعرف بأن هذا ليس بعذر كافٍ .. لقد ارتكبت الفظائع بحقك يا فريال وبحق ابنتك أميرة ,والمبرر الوحيد لمثل هذا التصرف أننى كنت أتبع أبانا وأنفذ خطته بدقة ,مجرد عصا يحركها يمينا ويسارا بلا ارادة حقيقية ... ولم أفلت من العقاب ,ولم أكتفِ بهذا فقط تماديت فى حق هذه السيدة المخلصة التى كانت نعم الزوجة ... منى ... التى صبرت على هجرانى لها وتباعدى عنها وأقول لها اليوم : أننى بحاجة اليكِ ,وابنى ... سيف ... لم أكن لك الأب الذى تفخر به ولم أكن قدوة يحتذى بها ... كلما أنظر لك فى هذه اللحظة ينتابنى الندم على كل ثانية أضعتها من عمرى دون أن أكون بجوارك , أراقبك تكبر يوما بعد يوم ,ولكننى ...
سكت عن الكلام بينما الجميع ينتظرون على أحر من الجمر الى أن ابتلع ريقه بصعوبة وهو يستعيد الكلمات المنمقة فى رأسه بلا فائدة ,فقد تسربت هاربة ,ولم يعد أمامه الا أن يرتجل فقال صارخا:
-أنا مذنب بحقكم ,وأطلب منكم الغفران ... ربما لا أستحقه ولن أنال الاحترام المفقود ,وها أنا ذا أجاهر بالاعتراف وأعلن توبتى على الملأ ... هل تسامحوننى ؟
تعلّقت عيناه الغائمتان بدموع أبيّة تستعصى الخروج من معقلها بعينى فريال التى شدّت على أصابع يديها وهى تكوّر قبضتيها لتضرب أخاها عدة مرات متتالية بغضب أعمى وهى تصيح:
-لماذا فعلتها بى وأنا لم أؤذك يوما ؟ لماذا ؟ لماذا ؟ أكرهك , أكرهك.
وحاول رفيق أن يبعدها عن عمه قبل أن يصيبها أذى من جراء انفعالها فتراخت ضرباتها الموجهة الى صدره لتنهار وهى ترتمى بحضنه تبكى بمرارة ,فتعلّق بها دونما قوة ويهمس بصوت حانٍ:
-آسف , وان لم تكن كافية .. ولكنها كل ما أملك الآن يا أختى.
صدى هذه الكلمة ( أختى ) تردد فى أذنيها لتمحو سابق كلماته وتظل هى المحور الذى يرتكز عليه فقالت تردد متمتمة:
-ربما أستطيع أن أسامحك ,,, ولكن لا تسألنى النسيان ... لن يكون سهلا ... بعد كل ما مررت به من آلام ..
-أعرف هذا فأنا نفسى لم أنسَ ولا يمكن أن أنسى يوما ... وها قد جاء دورك يا منى .. ألا تريدين أن تردى لى صنيعى ؟ هيا انتقمى منى حتى ترتاح نفسك ...
هزت رأسها نفيا وهى تتماسك بعد نوبة البكاء الهستيرية التى أصابتها وقالت تحاول استمداد القوة من مؤازرة ابنها لها:
-لو أجهدت نفسك قليلا لتفهمنى وتصدق بحبى لك لما تفوّهت بتلك الحماقات أبدا ,كيف أنتقم منك وأنت نفسى ,كيف أرد لك اهانتك لى وأنت كرامتى ,كيف لا أسامحك وأنت ذنبى .. أذنبت فى نظر عائلتك لمجرد أننى عشقتك وأردت أن أكون شريكة لحياتك وزوجة لك وأما لولدك ,لم يسامحنى أبوك على عاطفتى نحوك .. وقد تكبدنا ثمنا فادحا .. والآن أتسألنى الغفران ؟ ألم تعرف بأننى سامحتك .. من قبل أن أدرك أنا نفسى
وأخذها سيف من يديها ليقودها نحو أبيه المذهول وهما يقفان الى يمينه ويساره محيطين به وأيديهم متشابكة بمحبة وعاطفة خالصة وقد تحررت الأنفس من أغلال الحقد والكراهية.
هب رفيق على قدميه وهو يأخذ بيد أميرة لتستقر براحة يده فى سكينة قائلا بصوته العميق:
-والآن ... وبعد أن اجتمع شملنا وأعتقد أننا جميعا سعداء وراضون بما آلت اليه الأمور ... علىّ أن أزف اليكم بشرى سعيدة ... قررت أنا وزوجتى أن نحدد موعدا لعقد قراننا الجديد وطبعا هذا بعد أن تستقر حالة تنت هناء ... وبالطبع الدعوة عامة وتشمل كل أفراد العائلة الكريمة.
تعالت الضحكات بين الحضور وسرت همهمات معترضة من سيف وكريم اللذين اقتربا من ابن عمهما وهما يتحدثان فى آن واحد:
-عقد جديد !
أخذ رفيق يشرح موضحا وهو ينظر لعمته بمغزى:
-طبعا بعد أن ظهرت الهوية الحقيقية لزوجتى الحبيبة وتأكد نسبها لعمتى العزيزة فحتى يطمأن بالها الى صحة زواجنا وقانونية هذا الاجراء كان لا بد من وجود عقد جديد باسمها الحقيقى أميرة ناجى الشرقاوى ... وتعهدت لحماتى ..
وابتسم ممازحا لها بعد أن قطبت جبينها لدى تصريحه بالصلة الجديدة التى تربطهما فاستعاد جديته قائلا:
-تعهّدت بأن نسارع بهذا العقد الا أنكم تعرفون بأن الظروف التى مرت بها العائلة وقفت حائلا دون اتمام فرحتنا .. وانتهزت هذه الفرصة النادرة التى سنحت لاجتماعنا حتى أعلن هذا النبأ ... وكما سبق وأشرت الدعوة عامة ... وشكرا لحسن استماعكم والسلام ختام.
وتعالى دوى التصفيق الحاد من الجميع ابتهاجا بخطبة رفيق العصماء وهم يتبادلون التهانئ القلبية الصادقة ,فى حين أطلقت سماح زغرودة مجلجلة وهى قادمة من المطبخ تحمل أكواب الشربات لتقوم بتوزيعها على الجميع.
أشارت الجدة شريفة لهم بالصمت حتى ينصتوا لحديثها ,وقفت بهدوء مستندة الى ذراع ريم ,شامخة الكبرياء رافعة الرأس لتقول بحكمة:
-أنا اليوم أشعر بسعادة بالغة لالتفافكم حولى وتكاتفكم سويا ,ومرتاحة البال لعودة فريال لابنتها ولبيتها ,وبعد الاحتفال ... كان لا بد من هذا الحديث .. بالطبع أنتم تعرفون أن هذه الثروة التى نملكها لم تكن من نصيب عبد العظيم فقط ,حيث أنه لم يكن وحيدا .. فله أخوة ,اثنان : عبد الرحمن , وقد توفاه الله تاركا نصيبه لابنته هناء أما عن حق ناجى فهو لزوجته وابنته أميرة من بعد موته ,والأخ الثانى : عبد الله ... والله أعلم اذا كان حيا أو ميتا ,فعليكم أن تعدوننى بأن تبحثوا عن أثره بكل جهدكم حتى اذا ما وصلتم الى أى خيط قد يقودكم الى مصيره فلتعطوا كل ذى حق حقه حتى ينعم الله عليكم براحة البال والضمير ,ولا تأكلوا مالا حراما بالباطل فتصبحوا على ما فعلتم نادمين.
تردد محمد قليلا وقد بدا على ملامحه بعض التوتر الا أنه قال أخيرا :
-طبعا يا أمى , أنا لم أكن متناسيا لمثل هذا الاعتبار ... فقد وضعت فى الحسبان أن أصل الى الحقيقة ... وسعيت اليها بكل جد ... وقد أفلح مسعاى ... وصلت اليه أخيرا.
قالت شريفة يصوت يغلب عليه الصدمة:
-حقا ! هل وجدت عبد الله ؟
أجابها ابنها البكر بثقة تامة:
-نعم ,ولن تصدقى ما حدث , فقد تقابلنا فى البيت الريفى ... بعد أن تعرّف الى الجميع ...
تهاوت الجدة على الأريكة من خلفها بعد أن خارت قواها ولم تعد قدماها تحملانها فقالت مغمغمة :
-رأيته ؟ هل هو بخير ؟
-نعم يا أمى ,ولتعدوا أنفسكم لهذه المفاجأة السارة ... فهو مدعو الى حفل عقد القران ... وليس هذا فقط بل سيحضر مع عائلته ...
-عائلته ؟ أتعنى زوجته ؟
-أبناؤه وأحفاده ... سيلتئم الشرخ الذى أصاب جدار عائلة الشرقاوى ,ونتلاقى جميعا ...
-لا أكاد أصدق !
رد عليها محمد بلهجة مؤكدة:
-بل صدقى يا أمى ,سترينه بعينيك ...
أشاحت بوجهها بعيدا نحو الفراغ وكأنها تحادث شبحا ماثلا أمامها:
-أن غدا لناظره قريب.


*****************

 
 

 

عرض البوم صور SHELL   رد مع اقتباس
قديم 18-11-18, 01:03 AM   المشاركة رقم: 148
المعلومات
الكاتب:
اللقب:

البيانات
التسجيل: Sep 2018
العضوية: 330463
المشاركات: 1,135
الجنس أنثى
معدل التقييم: SHELL عضو بحاجه الى تحسين وضعه
نقاط التقييم: 47

االدولة
البلدEgypt
 
مدونتي

 

الإتصالات
الحالة:
SHELL غير متواجد حالياً
وسائل الإتصال:

كاتب الموضوع : SHELL المنتدى : القصص المكتمله من وحي قلم الاعضاء
افتراضي رد: رواية لؤلؤة تائهة فى بحر العواصف

 

انتهى الفصل الثامن والعشرون

قراءة ممتعة


 
 

 

عرض البوم صور SHELL   رد مع اقتباس
قديم 20-11-18, 09:35 PM   المشاركة رقم: 149
المعلومات
الكاتب:
اللقب:

البيانات
التسجيل: Sep 2018
العضوية: 330463
المشاركات: 1,135
الجنس أنثى
معدل التقييم: SHELL عضو بحاجه الى تحسين وضعه
نقاط التقييم: 47

االدولة
البلدEgypt
 
مدونتي

 

الإتصالات
الحالة:
SHELL غير متواجد حالياً
وسائل الإتصال:

كاتب الموضوع : SHELL المنتدى : القصص المكتمله من وحي قلم الاعضاء
افتراضي رد: رواية لؤلؤة تائهة فى بحر العواصف

 

الفصل التاسع والعشرون




أخذ الجميع ينسحب واحدا تلو الآخر حتى بقى فقط الأحفاد يجتمعون معا وكل منهم ينتظر أن يبدأ الآخر فى الكلام ,وظل رفيق صامتا يراقب أقرانه بعينيه الثاقبتين كعينى صقر يتحيّن الفرصة المناسبة للانقضاض فيما قامت ريم بالخطوة الأولى لتكسر حاجز الصمت بتلقائيتها وعفويتها لتقول ببراءة شديدة:
-هل تعرفون أننى متحمسة للغاية لمعرفة أن لنا أقرباء سوف نتعرف اليهم عن قريب , أليس هذا رائعا ؟
هكذا ببساطة شديدة التعقيد عبّرت الفتاة عما يجيش بصدرها من أحاسيس نحو أشخاص لم تعرفهم ولم ترهم قبل اليوم وكل ما يربطهم هو اسم ... مجرد انتمائهم لعائلة الشرقاوية ,أهذا يجعلهم متأهبين للقائهم واستقبالهم بصدر رحب كمن يستقبل صديقا عزيزا كان غائبا عنه لسنوات ,الأمر مختلف تماما ... ولن يكون هذا اللقاء عاديا وريما يحمل معه الكثير من المفاجأت التى حتما لن تكون جميعها سارّة ... هكذا كان يرى رفيق الأمر من وجهة نظره الشاملة , هو يعى مدى طيبة وسذاجة أخته التى تتعامل مع البشر سواسية وكأنهم جميعا ملائكة لا يخطئون ,واللوم يقع عليه حينما وافق أباه على رأيه بأن تظل ريم جليسة المنزل بعد تخرجها دون أن تصطدم بالواقع وتجرب الحياة العملية بما تمنحه لها من خبرات تؤهلها لمعرفة الصالح من الطالح ,ربما عليه أن يعيد النظر فى مسألة عملها ... فهى بحاجة الى افراغ طاقاتها بشكل ايجابى ... سوف يتناقش مع أبيه فى هذا الأمر بعد اتمام عقد القران ..
قال سيف الذى كان ينظر لابنة عمه باستهزاء:
-أنتِ ساذجة للغاية يا ريم .. فهؤلاء الاقارب الذين تودين استقبالهم بذراعين مفتوحتين لا نعرف عنهم شيئا ,وكل ما تحتاج لادراكه بالوقت الحالى أنهم سوف يشاركوننا فى كل شئ نملكه ... الميراث ... الشركة ... الأراضى وحتى هذا المنزل .. لم يعد ملكا لنا وحدنا.
قامت أميرة بطرح استفسارها بصوت مرتفع نسبيا وكأنها تحادث نفسها:
-ترى كيف تعرّفتم عليهم ؟
أجابها كريم بلهجة ممطوطة وقد شعر بالسأم يتملكه من هذا الحوار:
-الأجدر بك أن تسألى : كيف تعرّفوا هم علينا ؟ لقد ذهبت الى منزلنا الريفى ففوجئت بوجود هذا الشخص الذى ادّعى أنه أخا لجدنا ,فى البداية لم اصدّق أذنىّ حتى هاتفنى عمى محمد بنفسه وسألته عن حقيقة الأمر فأكّد لى أنه ليس شخصا كاذبا ,,, لقد اتضح لى الكثير من الأمور الغامضة بالآونة الأخيرة ,وبدأت الحقائق تنكشف تباعا ..
أمّن سيف على قوله وهو يستند بذراعه على وسادة صغيرة الى جواره ثم قام بتمديد قدميه أمامه وهو يشير لريم مشاكسا:
-عندك حق يا ابن عمى ... ريم أرجو ألا تكونى متضايقة لأننى أمد قدمىّ فى مواجهتك مباشرة.
لم تتراجع ريم عن رد الصاع صاعين له وهى تقول بعد أن أصدرت صوتا معترضا بشفتيها:
-عجبا لأمرك ! ومنذ متى كنت مراعيا لشعورى الى هذا الحد ,لقد صدّقت الآن أن هناك معجزات ما زالت تحدث فى عصرنا الحالى .
ابتسم رفيق وقد علت ضحكاته مقهقها فلم يتمالك نفسه حتى أمسك بمعدته وهو يقول ناهرا:
-كفاكما أنتما الاثنان , ألا تشبعان مشاكسة كالقط والفأر ,متى سوف تنضجان وتتصرفان كشخصين بالغين ... ونحن بوسط هذا الكم الهائل من المشاكل وأنتما لا تحسنان التصرف ... شئ لا يصدقه عقل.
رد كريم ممازحا وقد أعجبته اللعبة فأشار للثنائى العابس قائلا:
-لقد افتقدت حقا هذا الجو العائلى , شجاركما الدائم على أتفه الاسباب .. تعنيف رفيق لكليكما ...
استطرد رفيق قائلا وهو يشير نحو كريم:
-ودفاعك المستمر عنهما ... ومحاولة استرضائى حتى لا أغضب ..
شعرت أميرة بالغربة وسط استعادتهم لذكرياتهم المشتركة بالماضى حيث كانت مجرد قريبة بالاسم لا يعرفها أيا منهم ,فانكمشت على نفسها مختبئة بقوقعتها التى عادت أدراجها اليها ,لم تستغرق أكثر من ثوانٍ معدودة حتى شعرت بيد تداعب كتفيها لتشدها الى أحضان دافئة وكأنما جسدها يلتقط بمؤشر حسّاس ذبذبات خاصة به وحده ,ورفعت عينيها تناجى عينيه المفعمتين بكل معانى العشق والتفهم لوضعها فقرأت بداخلهما المواساة الصامتة دون أن يتفوّه بحرف واحد وكأنه يخبرها بمعرفته لما يعتمل بنفسها بل ويؤكد على وجوده الى جوارها ثم همس لها بأذنيها بعيدا عن مسمع الآخرين:
-أين اختبأت لؤلؤتى ثانية ؟ لا أريد أن أراكِ متباعدة بهذا الشكل .. أحب أن أشعر بوجودك بكل كيانك معى ليس فقط جسدا بل قلبا وعقلا وحتى خواطرك الخفيّة لا بد أن تشركيننى فيها , اتفقنا يا حبيبة قلبى ؟
أومأت له برأسها فيما انساب الألم من كلماتها المقتضبة:
-ليس بيدى , صدقنى كلما حاولت أن أنسى وأتجاهل الماضى بكل حوادثه وآلامه أجده مجسدا أمامى بكل وضوح .. لا اعرف أين المفر ؟
قال دون أن يتراجع بحزم:
-ليس عليكِ الفرار منه بعد الآن , ربما آن أوان المواجهة يا أميرتى.
-ماذا تعنى ؟
-كلما واجهنا الحقيقة كاملة فنستطيع أن نطرد جميع الأشباح المخيّمة على ماضينا دون أن نترك الباب مواربا لعودتها مجددا ,الآن سوف نغلقه نهائيا وللمرة الأخيرة.
كانت ريم فى ذلك الوقت تتلاعب بهاتفها الخلوى فأثارت انتباه سيف الذى استشعر ارتباكها وهى تنظر الى شاشته التى أضاءت عدة مرات ولكنها كانت تضعه على الوضع الصامت فلم يلتفت غيره لتصرفها المتوتر ,واقترب منها دون أن تلاحظ ليتطلّع نحو الهاتف بتساؤل واضح وهو يقول بمكر:
-لماذا لا تجيبين على الاتصالات التى تأتيكِ ؟
انتفضت مذعورة من قربه الدانى وقد تفاجأت حقا بوجوده فأسرعت تخفى شاشة هاتفها حتى لا يلمح الاسم الذى كان ملحا باتصالاته المتتالية وكأنه لا يقبل بالرفض أبدا مهما ضغطت على زر الانهاء ,ضاقت عيناه بلمحة واعية لما قامت به لتوها فعاد لوضعه متراجعا الى الخلف بينما عقله يعمل بسرعة الصاروخ وقد تأكدت له شكوكه المتناثرة حول السبب وراء تغيّر تصرفات ابنة عمه فى الفترة الأخيرة وبدأت تتلاعب به ظنون خبيثة ... أيمكن أن يكون المتصل رجلا ؟ هل لريم علاقة بأحدهم ؟ لا يوجد تفسير منطقى لاخفائها هذا الأمر عنهم الا لكونها تعرف مدى الخطأ الجسيم الذى ترتكبه ,لم بظن يوما أن ريم قد تكون من هذا النوع من الفتيات العابثات اللاتى تتهورن بتصرفاتهن فيطمع فيهن من كان فى قلبه مرض ,فى حين شعرت ريم باهتزاز الهاتف بين يديها فقررت أن تنهى عذابها المتجدد بأن نهضت واقفة لتستأذن منهم وهى تقول بصوت ناعس متثاءبة بعمق:
-ياااااه أعتقد أننى سوف أخلد الى النوم ,تصبحون على خير ...
وهرعت نحو غرفتها بالأعلى الا أن صوت شقيقها استوقفها بعد أن قال بصوت خشن:
-ريم ... انتظرى ,,أود أن أتحدث معكِ قليلا.
أسقط فى يدها هل انتبه رفيق الى تصرفاتها الغريبة فقالت بصوت مرتعش دون أن تلتفت اليه:
-ألا يمكن للحديث أن يؤجل للصباح ؟
اتسعت ابتسامته الصافية وهو يقول بود دون أن يبدو عليه الانتباه الى تلعثمها:
-طبعا حبيبتى ... ولكن لا تنسى لن تجدى سبيلا للهرب منى غدا.
-حسنا ,أراك فى الصباح الباكر يا أخى.
واندفعت تكمل سعيها نحو ملجأها الامين بغرفتها التى ما أن وطأتها بقدميها حتى أغلقت بابها بهدوء دون أن تصدر صوتا وأدارت المفتاح مرتين حتى تطمئن نفسها ,على الرغم من أنها تدرك أنه لا يمكن أن يدخل غرفتها أيا كان دون أن يطرق الباب أولا ,ثم انتظرت دقيقة أخرى حتى تتأكد أن لا أحدا يتبعها واستلقت على فراشها تتلمس الطريق الى الهاتف حتى تجيب على المتصل لتزيح عن كاهلها هم محادثته بعد لقائهما العاصف نهارا فأسرعت تقول بصوت جاهدت لتجعله هادئا ثابتا:
-آلو ...
انطلق من الجهة الأخرى صوته الرجولىّ الغاضب وهو يصيح منفعلا:
-لماذا لا تجيبى على اتصالاتى ؟ لقد هاتفتك أكثر من عشرة مرات وأنتِ تغلقين فى كل مرة.
أجابته بلا مبالاة مصطنعة وهى تضغط أظافر اصابعها بعمق فى راحة يدها لتصنع آثارا غائرة فى جلدها الأملس تكاد تشعر بها تحرقها كما تحترق روحها من الداخل:
-كنت مشغولة فلم أستطع أن أجيب على اتصالك.
-وما هو الشئ البالغ الأهمية الذى يشغلك عنى ؟
استفزتها لهجته الساخرة والتى كانت تأكل من روحها القلقة فأجابته بصوت متألم وقد شعرت بالجرح العميق:
-ها أنت تسخر منى , طبعا لا تصدّق أنه قد يوجد أمر أكثر أهمية فى حياتى من مجرد البقاء فى انتظار أن تتكرم علىّ باتصالك.
لم تره وهو يتلاعب بخصلات شعره الشقراء بيديه شاعرا بالقنوط يجتاح كيانه من تحوّل مجرى الحديث بينهما الى هذه الدرجة ,ولكنها سمعته يزفر بحرقة قبل أن يقول لائما ايّاها:
-لا أفهم لماذا تتحدثين الىّ هكذا ؟ يخيّل الىّ أنكِ لست ريم التى أعرفها.
أجابته مؤنبة:
-وهل تعرفنى حقا يا جاسر ؟ أشعر أحيانا أننا لسنا بهذا القدر الكافى من المعرفة .. مجرد علاقة سطحية , أليس كذلك ؟
شعرت بأنه يقف على حافة بركان غضبه الذى انفجر بغتة فى وجهها وهو يقول :
-الآن أنتِ ترين أن علاقتنا سطحية ,وماذا أيضا لديكِ ضدى ؟ أفرغى ما فى صدرك .. ولا تترددى.
-لا شئ موجه ضدك ,مجرد اعادة للتفكير والنظر برويّة وتأنٍ فى مسار هذه العلاقة ,ولا أرى ما يسئ اليك فى هذا الشأن.
أتاها صوته هذه المرة ناعما وهو يقول متلطفا:
-لماذا تغيّرت تصرفاتك معى فجأة ؟ ما الذى جرى اليوم ؟
أخذت ريم تهز رأسها يمينا ويسارا عدة مرات وهى لا تكاد تصدق أنه يطرح هذا السؤال بمنتهى البساطة فأجابته باندفاع:
-أتسألنى ؟ فقط مجرد معرفة للحقيقة الواضحة أمام ناظرىّ وكنت أتغاضى عنها أو بمعنى أصح أتعامى برغبتى عنها حتى لا أصل الى هذه النتيجة.
قال بصوت يفيض سخرية مريرة:
-وهل لى أن أعرف منك ما هذه النتيجة التى توصلت اليها أيتها العبقرية ؟
-أننى لا أعرفك حق المعرفة .. تبيّن لى أننى كنت أعيش بأوهام من نسج خيالى وحاولت أن أجعلها تبدو كالحقيقة حتى اتضح أنها مجرد سراب.
صمت برهة قبل أن يستعيد هدوء أعصابه حتى يقدر على مسايرتها فقال بثبات واضح:
-لقد أردت أن أشرح لكِ .. ولكنك لم تمنحيننى الفرصة ,هربتِ منى !
-أنا لم أهرب !
اعترضت بقوة وهى ثائرة على اتهامه الظالم لها ثم استطردت قائلة بحدة:
-كما أنه قد بدا لى أنك مشغول للغاية ... بالعمل أو زملاء العمل.
أدرك أنها تعنى بكلامها أن تصل لطبيعة علاقته بليلى ,ولم يدرِ لمَ شعر بعودة الأمل مجددا لينعش قلبه اليائس فاذا كانت مهتمة بشأن معرفة الحقيقة فهى لا زالت متعلقة به ,فتنهد ارتياحا قبل أن يقول صراحة:
-أتعنين ليلى ؟
-آه تذكرت اسمها ... أنها ليلى اذن دون أية ألقاب.
ابتسم فى سره من غيرتها الواضحة التى رنت مدويّة فى أذنيه معلنة عن اهتمام بالغ تحاول انكاره فقال بغموض:
-كما سبق وأشرتِ أنها زميلة لى فى العمل فكيف تريدين منى أن أناديها ؟ من الطبيعى أن نتعامل بصورة غير رسمية ... ولا تنسى أيضا أننى أكن لزملائى كل ود واحترام.
-ومن الطبيعى أن تناديك باسمك مجردا دون ألقاب , مع العلم أنك الآن نائب للمدير ؟
-لقد أخبرتك أن هذا تم بصورة مؤقتة لحين عودة السيد فهمى وبعدها لن يعود لى مكان بغرفته.
-وأين ستذهب ؟ هل ستعود لمشاركة زملائك الذين تودهم وتحترمهم ؟
صمت عن الاجابة متعمدا فهو لم يشأ أن يكذب عليها فأساءت هى تفسير سكوته وظنته دلالة على تلاعبه بمشاعرها فأكملت تقول لتحرقه بلهجة قاسية:
-اذن هنيئا لكما ... لا اجد داعيا لاستمرار هذه المحادثة.
-انتظرى يا ريم.
قاطعها بلهجة صارمة اثارت الخوف بجسدها فهذه هى المرة الأولى التى تجده يعاملها بطريقة جافة فأجفلت لتقول مترددة:
-ماذا تريد ؟ سوف أغلق حالا.
-ايّاك وأن تفعليها يا ريم ,أريد أن أقابلك لأمر ضرورى للغاية.
أشاحت بوجهها وهى تضرب الأرض بقدميها بطريقة طفولية وكأنه يراها فقالت متحدية:
-وأنا لن أستطيع رؤيتك فلدى مشاغل كثيرة هنا.
تصلّبت قسمات وجهه وصاح أخيرا وهو يطحن بأسنانه غاضبا :
-ومن الذى يشغلك لهذا الحد ؟ كنتِ سابقا تتلهفين لمقابلتى فما الذى استجد عليكِ ؟
انتبهت الى أنه قال : من الذى يشغلك بهذا الحد ؟ وكان الأجدر به أن يقول ما وليس من ,فأخذت تفكر مليا قبل أن تقرر أن تتلاعب بمشاعره مثلما يفعل معها لترد باستهتار:
-شخص مهم جدا لدىّ ,أحبه كثيرا ويحتاج الى مساندتى له.
اعتصر بقبضته القوية الهاتف بين يديه ونيران الغيرة والشك تلهب خياله الخصب بعد أن اعترفت له دون أدنى ذرة من التردد أو الخوف ,فأعاد فى ذهنه تفاصيل الحوار الذى سمع جزء أخيرا منه وكان دائرا بينها وبين سماح حينما سألتها الأخيرة عن هذا المدعو سيف ,والذى كان مفترضا أن يتزوجها ,بحسب زعمها , أيمكن أن يكون هذا صحيحا ؟
فقال دونما تفكير:
-ومن هو هذا الشخص ؟
-وما شأنك أنت ؟ أنه أمر عائلى.
شعر بصدره يضيق غير قادر على التنفس بشكل طبيعى وتساءل : هل هذا صحيح ؟ أتها تعنى هذا الشخص فعلا فهو من عائلتها ... ابن عمها على الأرجح ,وتذكّر أنه سبق ورأى شابين يقفان معا حينما كان فى زيارة لأميرة ,وأخذ يفكر ايا منهما يا ترى هو سيف ؟ كان يحاول استعادة أدق التفاصيل عن ملامح غريمه الخفىّ ,بلا جدوى فالضباب انتشر مشوشا الصورة لتتلاعب الظلال بسخافة فى ذهنه حتى قضت على أدنى بارقة امل للتعرف على الوجه الوسيم التقاطيع ,وتضاءلت فرصته الى جانب هذا الشخص الذى تربطه بها صلة دم فى حين أنه هو الغريب عنها ,علاوة على اعترافها بقربه منها وعشقها له.
نجح أخيرا فى أن يقول بصوت متهدج على الرغم من محاولته التماسك:
-ألا يساورك حتى الفضول لمعرفة ما أود قوله لكِ ؟
-تفضل , يمكنك أن تخبرنى الآن.
-لا يمكن على الهاتف , لا بد أن أراكِ وجها لوجه.
-لا أعتقد أنه يمكن فى الوقت الحالى ,هل يمكن تأجيل هذه المقابلة ؟
-لا أستطيع ارجائها لوقت آخر فالأمر حيوى للغاية.
-حسنا , لم يعد بيدى الأمر ... تصبح على خير يا جاسر.
-أرى أنكِ قد حسمت قرارك ,وما زلتِ ترفضين الاستماع الىّ.
لم يكن قرارها هيّنا كما اعتقد بل كانت تصارع لهفة قلبها الضعيف لرؤيته والارتماء فى أحضان عينيه حتى ترتوى من نظراتهما الشغوفة التى تحتويها بجرأة بالغة ,بيد أنها اتخذت قرارا قاطعا بعدم الاستسلام لهذا الضعف ,فعليها أن تصبح قوية وقادرة على السيطرة على عواطفها حتى لا تصبح مثارا للسخرية من سذاجتها وبساطة تفكيرها كما يتهمها سيف على الدوام ,فقالت دون تراجع:
-أتمنى لك الخير فى حياتك يا جاسر ..
أقفلت بوجهه بابها الذى كان مفتوحا فيما مضى على مصراعيه فقال بقسوة مهددا:
-لا تهدرى هذه الفرصة من بين أيدينا.
-وداعا.
-لا يا عزيزتى , بل الى اللقاء وأعدك وقتها أنك ستذرفين الدموع ندما على ما فاتك ... ووقتها لن تفيدك الدموع بشئ ولن تعيد لكِ ما أهدرته من بين يديكِ.
-...........
لم تعلّق بكلمة واحدة وأغلقت هاتفها بأصابع مرتجفة من آثار الغضب والألم ,وشعرت بكيانها كله يهتز بعنف وصدى كلمات تهديده الحاقد تتردد بقوة حتى صمّت آذانها ,فانهارت باكية على الأرض الباردة وهى تشعر بلهيب حارق يجتاح جوفها ,وأخذت تنعى آمال حبها الضائعة.


****************

 
 

 

عرض البوم صور SHELL   رد مع اقتباس
قديم 20-11-18, 09:36 PM   المشاركة رقم: 150
المعلومات
الكاتب:
اللقب:

البيانات
التسجيل: Sep 2018
العضوية: 330463
المشاركات: 1,135
الجنس أنثى
معدل التقييم: SHELL عضو بحاجه الى تحسين وضعه
نقاط التقييم: 47

االدولة
البلدEgypt
 
مدونتي

 

الإتصالات
الحالة:
SHELL غير متواجد حالياً
وسائل الإتصال:

كاتب الموضوع : SHELL المنتدى : القصص المكتمله من وحي قلم الاعضاء
افتراضي رد: رواية لؤلؤة تائهة فى بحر العواصف

 

قال سيف بعد انصراف ريم وهو ما زال متكئا على الوسادة بأريحية:
-أعتقد أن ريم تتصرف بغرابة هذه الايام.
عقد رفيق حاجبيه مفكرا فيما يعنيه ابن عمه قبل أن يغمغم قائلا:
-ربما ما زالت متضايقة من مسألة العمل الذى رفضته ,غدا سوف أحادثها بهذا الشأن وأعتقد أنها ستسعد كثيرا حينما أخبرها بالمفاجأة التى أعددتها من أجلها,ففى المرحلة القادمة سنحتاج الى أن نتعاون معا من أجل انجاح أعمالنا دون اللجوء الى غريب قد لا يكون مؤتمنا على أسرارنا.
تساءل كريم بتكاسل:
-هل ما زلت مصرا على قرارك ؟
أجابه رفيق باصرار وعزيمة وقد أدرك تلميحه كمن يقرأ أفكار ابن عمه :
-طبعا , اسمع أنا لست ظالما لها أو مجحفا بحقها , فهى من بدأت بالسعى وراء الأذى ... ونحن لا نتهاون بشأن الكاذب أو الخائن.
التفتت نحوه أميرة وقد استرعى انتباهها أنه يتحدث بصيغة المؤنث عن هذه الشخصية التى لا تعرفها قالت بتسرع ونزق:
-من هذه التى سعت الى الأذى ؟
تبادل رفيق وكريم النظرات الخبيرة وقد أدركا أن وراء سؤالها نبضا من الغيرة وشيئا من الفضول فأجابها رفيق بحيادية:
-أنها سكرتيرتى الخاصة مها.
أفاق سيف من شروده بخصوص ريم لدى سماعه اسم مها يتردد وكأنه يرتبط بها كالمغناطيس الذى يجذب اليه المسامير بقوة خارقة ,فسأل بشكل عرضى:
-ما لها مها ؟ أقصد ماذا بخصوصها ؟
مسح رفيق بكفيه على كامل وجهه وهو يحاول ادّعاء اللا مبالاة قائلا:
-لقد قررت أن أفصلها من الشركة نهائيا.
انزعج سيف من حديثه فحاول أن يجعله يتراجع عن قراره القاطع بقوله:
-ألا تعيد التفكير مرة ثانية بأمر فصلها ؟ ربما يمكننا أن ننقلها لقسم آخر ؟
قطّب كريم جبينه وهو يقول معترضا:
-كيف يمكن لنا أن نثق بهذه الفتاة ثانية ؟ أنأتمنها على أسرارنا ؟ لا يمكن , فهذه مخاطرة فى العمل.
أومأ رفيق برأسه موافقا وقال بثبات:
-سيف .. لا أعرف لماذا تحاول أن تثنينى عن هذا القرار الضرورى ,وبصراحة أكثر أشعر بالحيرة من أمرك , فأنت من اعترف لنا بخططها الحقيرة للانتقام منّا فكيف تدافع عنها الآن ؟
رفع سيف يديه مدافعا ليقول بصدق:
-أنا لا أدافع عنها على الاطلاق ,فبقدر ما أكره تصرفها الشائن هذا بقدر ما أجد نفسى ألتمس لها بعض العذر ... ربما تكون قد أخطأت باخفائها حقيقتها عنّا ولكننا لم نثبت عليها بدليل دامغ الخيانة الفعلية .
قاطعه كريم مهتاجا:
-وهل ننتظر هذه السافلة حتى تبيع اسرار الشغل لمنافسينا بالسوق ؟
أشار له رفيق حتى يهدأ قائلا:
-لا يمكن أن نسمح بحدوث مثل هذا الشئ , ليس فى شركة الشرقاوى.
قال سيف وقد هب واقفا من مقعده لينقض على كريم:
-لا أسمح لك أن تنعتها بالسافلة ,كما أنها قد عملت معنا فترة ليست بالقليلة ولم يشكُ منها رفيق أبدا ولا مرة واحدة , أليس كذلك ؟
قام كريم بدوره ليدافع عن نفسه صائحا:
-وماذا سوف تفعل يا ابن عمى , هل ستضربنى من أجل واحدة بهذه الأخلاق ؟
هرع رفيق نحوهما للحيلولة بين تشابكهما بالأيدى فى حين شعرت اميرة بالفزع يجتاحها وهى تنفض رأسها بقوة لتصيح بدورها :
-أرجوكما لا تفعلا , لا تتشاجرا سويا , لا يمكننى احتمال هذا ... كلاااااااا.
انتصب الثلاثة رجال واقفين وهم ينظرون اليها بحيرة بالغة فاستطردت قائلة بعنف:
-ليس بعد أن تصالحنا وعادت المياه الى مجاريها , لا تعيدا الكرة مرة أخرى ,,,, لن اسمح لكما بتجديد الصدع الذى قمنا معا برأبه ,نحن عائلة واحدة ... دم واحد ,فليعتذر كلاكما من الآخر ,,, هيا ...
انصاع الشابان لها دون أن يتجرأ أحدهما على الرفض بينما ظل رفيق متجمدا على وضعه وهو يتعجب من قوة هذه المرأة المفاجئة له ومع ذلك لا يملك سوى الاعجاب بشجاعتها واندفاعها بحب وانتماء لعائلتهما وأقاربهما ,هذه هى المرأة التى يحتاج الى رفقتها بمشوار حياته ... حنون ... شجاعة ... قوية ... شغوفة ... محبة ... غيور ... هذه هى زوجته وحبيبته وأميرة عرش قلبه.
ثم استجمع قواه محتضنا ابنى عميّه مشيدا برجاحة عقليهما حيث ثابا الى رشدهما وكلاهما يعتذر للآخر بمحبة أخوية فقال سيف مبادرا:
-أنا آسف يا كريم ,لقد انفعلت قليلا.
فتراجع كريم بدوره دونما عناد قائلا:
-وأنا ايضا لم أعنِ ما قلته , فقد انزلق لسانى دونما وعى منى.
-لا عليك.
قال رفيق وهو يشير الى أميرة لتسارع الى جانبه :
-والآن حان وقت النوم فقد كان يوما مرهقا للغاية ,, تصبحان على خير
ضمها الى صدره وهما يبتعدان معا متشابكى الذراعين ,يشيعهما كريم وسيف بنظرات تملأها الغبطة والسرور فقال الأخير بصوت يشوبه بعض الحسد:
-أن رفيق محظوظ للغاية بزوجته ... من يجد مثل هذه المرأة فى وقتنا هذا ؟
أشار كريم برأسه ايجابا وهو يستعيد فى ذهنه صورة للفتاة التى يحتار فى أمرها .. وتقف السدود المنيعة حائلا بينهما وبين السعادة المنشودة.
توّجه رفيق نحو غرفته وهو يضع ذراعه حول خصر زوجته بحب وتملك بينما يقول بلهجة فخورة مشيدا بها:
-أنتِ حقا تعرفين كيفية التصرف وقت الشدة ,لم أكن أظن أنكِ تستطيعين التعامل مع مثل هؤلاء الوحوش.
اقتربت منه باصرار وئيد وهى تلف ذراعها حول عنقه بينما تقرّب وجهها منه:
-لقد استطعت أن أروّض وحشا أكثر بدائية منهما ... ونجحت بادخاله الى القفص الذهبىّ ,فما رأيك ؟
أشار لها بسبابته محذرا بينما يتخطيان عتبة باب الغرفة المشتركة التى صارت تجمعهما ليلا:
-ولكن عليكِ أن تحتاطى من وحشيته .... فهو لم يصبح أليفا بالكامل
وفجأة دون سابق انذار رفعها فوق كتفه بخفة وكأن لا وزن لها فشهقت بابتهاج وهو يتقدم بعزيمة نحو الفراش الذى ارتج بعد أن رماها فوقه بشكل لطيف حتى لا تتأذى وهو يغمز لها بصورة جمدت الدماء فى عروقها وهو يعدها بالكثير والكثير مما تشتاق نفسها اليه بعد عناء يوم شاق وقال مرتميا الى جانبها:
-ألا يستحق هذا الوحش مكافأة على تعبه يوم الاجازة وقضائه معظم الوقت خارج القفص ؟
اتسعت ابتسامتها وهى تقول بصوت يحمل فى طياته دلالا ونعومة فائقتين بينما ترتعش أهدابها الكثيفة مرفرفة وهى تطبقهما لتغلق عينيها فى اشارة استسلام تام:
-أنا فى الانتظار لأرى ماذا يختار الوحش ؟ أيطلب الخنوع أم يحب القتال ؟
امتدت أصابعه لتتخلل فى خصلات شعرها على ضوء القمر الشاحب الذى يتسلل من زجاج النافذة وهو يتمتم بشاعرية:
-ربما يتطلب الأمر مزيجا من كليهما.


***************

 
 

 

عرض البوم صور SHELL   رد مع اقتباس
إضافة رد

مواقع النشر (المفضلة)

الكلمات الدلالية (Tags)
لؤلؤة, العواصف, تائهة
facebook




جديد مواضيع قسم القصص المكتمله من وحي قلم الاعضاء
أدوات الموضوع
مشاهدة صفحة طباعة الموضوع مشاهدة صفحة طباعة الموضوع
تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة
Trackbacks are متاحة
Pingbacks are متاحة
Refbacks are متاحة



الساعة الآن 09:34 AM.


 



Powered by vBulletin® Version 3.8.11
Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd.
SEO by vBSEO 3.3.0 ©2009, Crawlability, Inc.
شبكة ليلاس الثقافية