لمشاكل التسجيل ودخول المنتدى يرجى مراسلتنا على الايميل liilasvb3@gmail.com






العودة   منتديات ليلاس > القصص والروايات > قصص من وحي قلم الاعضاء > الروايات المغلقة
التسجيل

بحث بشبكة ليلاس الثقافية

الروايات المغلقة الروايات المغلقة


 
نسخ الرابط
نسخ للمنتديات
 
LinkBack أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
قديم 22-02-16, 06:31 PM   المشاركة رقم: 21
المعلومات
الكاتب:
اللقب:

البيانات
التسجيل: Jan 2016
العضوية: 310458
المشاركات: 28
الجنس أنثى
معدل التقييم: هــدوء عضو بحاجه الى تحسين وضعه
نقاط التقييم: 28

االدولة
البلدJordan
 
مدونتي

 

الإتصالات
الحالة:
هــدوء غير متواجد حالياً
وسائل الإتصال:

كاتب الموضوع : هــدوء المنتدى : الروايات المغلقة
افتراضي رد: دموع الياسمين / بقلمي

 
دعوه لزيارة موضوعي

.
.
.
سلآم من الله عليكم (())
صباحكم /مساؤكم ياسمين عبق ينتشلكم من كل دائرة تحيلكم الى التعب ^^
وهاكم الياسمينة ..قراءة موفقة


الياسمينة الثالثة



تنصهر الأفئدة على حرارة الأحزان لتستحيل سائلاً لزجاً شديد السخونة يحرق كل شيء منه يقترب ويصيره الى رماد غائر في الظلام لا يعترف بالبزوغ وكل ما يراه أفول في أفول ، لا جدوى من أن تربت على كتف أحترق من لهيب أكداره فحروقه العميقة اندمالها أضحى مستحيلاً ..المكسور جبره صعب بكلمة أو كلمتين ..والموجوع صرخته العاتية التي تخترق السماء لن تسد أنينها ضمة أو قبلة على الجبين تقطر حناناً ..المريض لن تكتم آناته وشهقاته المنهكة كلمة طيبة وابتسامة دافئة ..والفاقد لن تمسح دمعاته المشتاقة مواساة عميقة ..كل ما نفعله اتجاه البؤساء محاولات في تخفيف الكمد من على قلوبهم ..أحزانهم عميقة لا ندركها من خلال عيني الرأس ..نحتاج الى عيني قلب تتخطى الحواجز وتصل الى الأحشاء فترى نزيف حرب ...حب ...فقد ...رحيل ..مرض وحتى...فشل على هذه الأرض يا صاح ..ثمة أمور تقطر لها العينان دماً بدل الدموع ..على هذه الأرض أشياء تشيب لها جدران الروح وتشيخ بسببها القلوب ..كل شيء يهوون أمام دمعة يتيم فقد أباه الذي يحب في ليلة ظلماء أفتقد فيها البدر ..كل شيء يهوون امام ابتسامة خذلان على ثغر ام بائسة لم تعطي لنفسها الأحقية في الحياة من أجل ولدها الذي جازى صبرها على ضنك الحياة بالقائها في دار عجزة مقيتة ...كل شيء يهووون أمام آنات مريض يتقلب على سرير العجز متلوياً من اختراق الأوجاع أحشائه وامتلاء روحه بالكدمات ...كل شيء يهووون أمام ذهول الأحزان عند دمعات رجل تمنى بالتفوه بكلمة "بابا" والأيام تصيره يتيماً ليتزوج فيحلم بابن يسد رمق جوعه لتلك الكلمة فيكون عقيماً ...يا صاح على هذه الأرض أشياء كثيرة تدمي جراح القلب لا نعلمها نحن الذين نتململ من ضيقة واااسعة ..ونشتكي ضنك الحياة وشعثها واجسادنا بخير ووالدينا بخير وبلادنا آمنة لا تغرق بالدماء ..كم نحن عاجزين عن الشكر ..لا نعترف بالجميل كثيرون الشكوى والبكاء !!

خرجت مع أفواج الطالبات ...ملامحها غائبة وتقاسيمها منصهرة أمام الأحجام الكبيرة ولاسيما أن جسدها صغير نحيل يوحي للناظر بطفولة عمرها ..وقفت عند باب المدرسة منتظرة عمر يصطحبها الى البيت تتأمل جموع الطالبات بعينين شاردتين ...صوت القارئ ما زال يملأ قلبها وروحها وكلها ..لا تستطيع الفرار منه ..ويبدو أنه لا جدوى من الفرار مما لا مفر منه ..الصوت أخذها الى عوالم أخرى شاردة ومليئة بالضباب الذي أعماها عن الحقيقة ..انها وحيدة ومشتتة وكأنها نسيت كفها اليمنى في الصف ممسكة بالقلم تنسخ الكلمات الخارجة من فيه المعلمة وكأنها كلمات لا تعوض ..نسيت رأسها ملقياً على وسادتها صاخباً بالحزن والشتات ..نسيت سمعها في سيارة عمر تقتات القرآن فرجاً وتنسلخ عن شتاتها ..انها تنسى نفسها وتشعر بالوحدة واللاشيء ..انها في معمعة شديدة الوطيس تستنزف صبرها وجلدها على الحياة ..مسحت بكفيها الصغيرتين وجهها المجهد الشاحب وشيء في داخلها يناجي الرحمن دائماً ..لمحت سيارة عمر البيضاء تقترب منها شفقت عليه في دواخلها ..انه يجهد نفسه كسائق لها ولبلسم ...غداً سيصطحبها "باص" متخصص في نقل الطالبات وسيعود عمر لعمله بشكل أفضل وستقل الضغوطات عليه ..ابتسمت برفق وهي تفتح باب السيارة لتلج داخلها ..تمتمت بالسلام ..وصلها رده ..ثم وقعت السيارة في صمت محدق ...أبعد الصمت صوته الصاخب الممتلئ ضجيج استحال الى حزناً بعد أن كان المرح خليله
: وتين ...مالك الصبح كنت مش منيحة ..كأنك تعبانة
أنتشلها من فوهتها التي لم تختر الوقوع بها ..سؤاله المهتم ..عن ماذا تسألني يا عمر ؟! عن سؤال هام في روحي فلم أجد له جواباً ..عن سؤال أكثر ما يؤلمني فيه أن لا جواب له ..عن ماذا تسألني وأنا السابحة في ملكوت العدم ..اللاشيء والضباب المقيت عن ماذا تسألني وانا التي لم أختر الشرود طريقاً أو حلاً ولكنه كلما وجدني وحيدة نشب مخالبه في جسدي الضئيل ..فيحيلني الى الحزن الذي لا أجد له سبباً ..قلبي مثقل يا شقيقي الذي لا أجد اليه رابطة يطمئن بها قلبي ..قلبي مثقل بتكتلات تملأه نحيباً ..هلم الى أختك وامسح على فؤادها الذي تعب ..وعذه بالله من الأحزان مجهولة الأسباب ..التي لا تستبق للصبر فيها مكاناً ..أختك تلفظ أنفاس صبرها لا تشعر بها تنفذ من جوفها ..يا الله ارفق بقلبي ...حاولت مدراراً لقتل البحة الأليمة من صوتها ولكنها تلصقت بصوتها كغراء تكلمت بحزن
: ولا شي يا أخي ..تعبانة شوي
دائماً وعندما نشعر باللاجدوى من البوح نلقي بحمال القلب على شماعة "التعب" ..رد بهدوء وهو يشعر بشظايا الحزن تترامى على مقلتيه
: سلامتك ..يا وتين ما تشوفي شر ..أوديكي ع المستشفى ؟!
: لا لا شوية ارهاق ..بتعرف فقدي للذاكرة بعيشني بدوامة وأكتر اشي مربكني عدم تذكري لشي ..مع أني بعيش في البيت اللي فيه كل زكرياتي
آهة أنفلتت من جوفه لتغيب في غياهب الأسى فيه ماذا فعل فيها ؟! ..أين يلقي بها وماذا سيجني وراء سذاجته وجنونه ..الجميلة تنصهر تحت نار العدم وهو ينظر ..يقتل القتيل ويمشي في جنازته ..كيف سأواجهك وتين ؟! ..زوجتي الغائبة خلف الكثير من العلاقات الكاذبة ..كيف سأواجهك وأنا الذي قتلتك بكفي الآثمتين في حرب طاحنة تسحق جسدك الضئيل تحت أقدامها الغليظة ..كيف سأنظر في عينيك اللتان لم تعرفا سوا الحزن والكمد من لجوء وفقد الى تيه وشتات ..الى أين سأولي وجهي وثمة ذنوب تتراكم في جوفي فيسود لها وجهي ..كيف سأغسل الذنب وهو أكبر من أين يُغتسل وكيف ستعود لي ضحكتي وهي أبعد ما تكون عني ..من أين لي بعمر ثانٍ لا يعرف الحزن والأسى ..وتين ذات الأربعة الحروف ..أي ذكريات تتحدثين عنها والمنزل خلا منك ولم يعرفك يوماً ليتفاجئ بضمك له واستجدائك الذكرى من خلاله ..خبريني كيف له أن يلقي بتراتيل الذكرى عليك وهو الذي لم يعرفك يوماً ولم يتأمل صفحة وجهك ..كيف له أن يساعدك ويحط من فقدك وهو عاجز يا وتين ..عاجز كمثلي تماماً ..ذكرياتك ليست هنا ..انها بعيدة وبعيدة جداً ..في أعماقك تقاوم القيد وأنينه ..وتناديك يا صغيرة عودي الي انني هنا في أعماقك ..لم أغب كما زعموا ....ولم تنكسر أركاني ..
همس بأسى قاتل : الله يعينك ..الله يعينك
أستغربت شروده أولاً ..ودعاؤه المغطس بماء الأسى ثانياً ..أومأت برأسها ..وما هي الا لحظات حتى كانت السيارة تقف أمام البيت ...قبل نزولها تساءلت
: عمر روحت بلسم ؟!
أومأ برأسه ...كادت أن تنزل ولكنها تساءلت مرة ثانية
: وبيسان ورهف اجو ؟!
ابتسم بصدق ..ليتكلم : اه اجوا ..أنس موجود والكل بستناك بدهم يتغدوا
: انت ما بدك تنزل تتغدى؟!
: لا والله في كم شغلة بدي أعملها
ابتسمت له لترد وهي تفتح باب السيارة :يعطيك العافية ..يلا سلام
رد السلام بخفوت وهو يتأملها تخرج من السيارة ...انها صغيييرة وبريئة وحزينة ..وهو مجرم صلف بحق طفولتها المهدورة ...انه يتآكل ندماً كل يوم من غير أن يتفاعل مع الهواء أو الماء ..انه لا يتفاعل الا مع الأسى والأسى والندم ....ياارب أوقد له شمعة في جوفه تنير دياجير العتمة في حياته ......
................................
زفرت بقلة حيلة وهي تلمحها ذاهبة اتجاه الكشك ..ملقية بكلماتها عرض الحائط غير آبهة لعدم تقبلها للنسكافية ..الجو اليوم حاار جداً ..تقلب عجيب في الطقس ..غير ملائم أبداً لكوب نسكافية ..جلست على المقعد الخشبي في الحديقة لتضع حقيبتها البنية في حضنها ..أخرجت هاتفها وهي تفتح "الفيس بوك" تتصفح آخر الأحداث والتطورات ..الأسير محمد القيق مستمر في اضرابه ..الحصار مستمر ومؤسف جداً في مضايا ..وقصف مدمر في درعا ..والكثير الكثير من الشهداء في الخليل والقدس ورام الله جراء عمليات الطعن والدهس الفدائية ..أسرى يملأون السجون ..وآخرون هاربون من قبضة الظلم والاستبداد..مقاومة مجرووحة لأمة فقدت شموخها وعزتها ..ابتسمت برفق وهي تلمحها تجلس بجانبها ..تكلمت بحنق
: انتي بتجننني وحلوة بس مشكلتك عنادك ...وبتحكيلي مالو قمر مش راضي يسامحني ..منتو أخوان !!
قهقهت بهدوء وهي تناولها كوب النسكافية تجبرها على شربه كأم تجبر طفلها النحيل على شرب كوب من الحليب لا يستسيغ طعمه
: اشربي وانتي ساكتة ست رحيل ..بدك اياني اشربو لحالي؟!
: لا .....استغفر الله كبيييرة ومعصية
: كم محاضرة ضايل عليك
: وحدة ...لا تستنيني روحي انا بروح مواصلات أو مع غيث
: مين حكى اني بدي أستناك ..واثقة ما شاء الله
: فكرتك منيحة ..الله يهديني
ضحكت بهدوء وهي تتأمل اكفهرار ملامحها الرقيقة ...رحيل الحزينة ذات العينين البنيتين المحاطتان بهالة من الشحوب جراء بكاء عميق وسهر بائس ..رحيل الحزينة ملامحها مأساوية اذا ما غصت في أعماقها ستجد شيء عمييييق ومووجع ..انها رقيقة كالزهر ولكن رياح الأقدار لا ترحم فكسرت ساق ثباتها ..فأضحت مكسورة الساق ..اتكأت برأسها على كتفها وهي تنظر شاردة الى الأمام ..للتو شعرت بالصداقة وجمالها ..غالباً كانت كل رفيقاتها ..رفيقات مصلحة أو زمالة دراسة أو اي شيء لا يمت للصداقة بصلة ..ولكن واليوم وجدت ضالتها ..صديقة صدوقة صادقة الوعد منصفة ..لكم أحبتها وتعلقت في حبال الود بينهما ..تشبهها الى حد بعيد ..انها أختها التي لم تلدها أمها التي غابت عنها وتركتها وأخيها يقارعان الحياة القاسية ..تكلمت بهدوء وهي تنظر للأفق والمارة : بتعرفي يا رحيل ...عنجد انك انسانة مش عادية ..معك عرفت معنى الصداقة ..ومعنى الاحتواء والبوح...يمكن كنت كتيير ناقمة لعدم انجاب امي لبنت ..مع انو عبود كان الي الكتير ..بس انا اليوم عنجد لقيت أختي اللي ما أنجبتها امي ..عنجد انك بتجنني مع انك كئيبة شوي وحادة وما بتحبي الأكل و...
ضحكت بخفوت وعيناها تلمعان حباً لهذه الجميلة صاحبة العينين الفاتنتين ..حركت كتفها الذي تتكأ عليه تلك بنذالة ..مقاطعة كلامها قائلة بنبرة مرحة :
اه اه كملي وشو كمان ..
قطبت حواجبها بضيق وهي تنظر اليها قائلة بقهر : وزنخة ما بتخلي حدا مرتاح ع كتفك
: بالله ليش شايفة كتفي وسادة ؟!
ابتسمت بنذالة لتعيد رأسها على كتفها قائلة : اه اه وسادة وأحلى وسادة كمان !!
: هي المرة سمحتلك تحطي راسك ع كتفي ..لانو مبين عليكي التعب ..المرة الجاي لأ ..وأحكي رحيل مش منيحة
رفعت رأسها قائلة بتقطيبة مادة لسانها بطفولية : مش منيحة ..وبعدين بالناقص !!
حركت رأسها دليل قلة الحيلة : الله يهديك ... أخوك كيف متحملك مش عارفة !
: يصحلك
: مجهزة جواب اسم الله
: طبعاً
تحركت واقفة بعد أن نظرت الى ساعتها السوداء لتقول بهدوء : طيب ديومتي عن ازنك بدي أروح ع المحاضرة
وقفت بحب لتسلم عليها مقبلة وجنتيها : الله يوفقك يا روحي ..اتصلي علي بس تروحي ماشي
لوحت لها بيدها ذاهبة لتتكلم : ان شاء الله عيني !
.............................
صداع يكاد يفتك رأسها ..مستيقظة منذ الصباح تحضر لـ" البرزنتيشن" الخاص بها اليوم ..غير التفكير الطويل الذي يملأ ليلها بكل شيء ..أختها الشامية وأباها الحزين الذي يتآكل حزناً لينصهر جسده ويصبح أخيراً رث الجسد والحضور ..انه يضمحل وجدتها لا تلتفت وكأنه ليس بابنها ..لا تدري من أين أخذت كل هذا التجلد والتشبث بالاشياء الجاهلية التي لا تمت للاسلام والصحة بصلة ..اه منها لكم ترهق أباها ..ولجت الى القصر ..فسلمت بهدوء ..رغم انها تعلم أنه لا أحد سيرد السلام ..وذلك لأن كل واحد فيهم معتكف في غرفته ..ولكنها عادة فيها متجذرة بمجرد أن تلج الى مكان تلقي تحية الاسلام ...فتحت باب غرفتها ملقية بنقابها واللاب كوت والحقيبة والقفازات على السرير ..جلست على طرفه ما تزال ترتدي العباءة والشالة السوداء الطويلة ...ضغطت بكفيها على رأسها مخففة الألم ...ثم ألقت بجسدها للخلف ..يااااااارب نطقتها ..شالتها انزلقت الى كتفيها بعد أن خلعت الدبوس ..ليظهر شعرها الأسود الكثيف شديد النعومة والذي قصته " مدرج " فأعطى لوجهها جمالاً كبيراً تزيده عينيها الواسعتين ..ما كادت ترفع جسدها عن السرير الا وتصلها صوت جدتها وأباها والعائلة أجمعها ..تنفست بعمق تستنجد بآخر ذرات الصبر التي تحملها ..جدتها تريد أن تقتل أباها حياً وهي لا تقبل أن تساوم بالموت أباها الذي تحب ..ابنة أبيها وتاجه الذي يفتخر به ..ولن تسمح لأحدهم بأن يملأ قلبه كمداً ..ألا يكفيه وفاة زوجه وابنته ..أياً كان وفي كل الأحوال تبقى الشامية زوجته التي خلق في قلبه لها وداً ..وتبقى تلك ابنته كما هي ..رغم أنها تعرف أن أباها يخلق لزوجته الراحلة أكثر من الود ..انه يحبها كثيراً ويشفق عليها .خرجت من الغرفة وملامح التعب ما زالت بادية على وجهها حتى عباؤتها ما زالت تغطي جسدها وشالتها على أكتافها ..عيناها مغطاتان بكثافة أهدابها التي تبدو كشجر أنحنى على بحر لامع ..كانت جدتها تقف متكئة بعكازها أمام باب غرفتها الذي فتح فظهر من خلاله أمها التي تقف مقابلة لأبيها الواقف أمام جدتها مكفهرة الملامح ..زادتها التجاعيد منظراً قاسياً على قلب أبيها
: قتلك البنية ذيك بنت الشامية ..ما تدخل بيتي وأنا عايشة ...واذا تبغى تجيبها لا عاد تقلي يمه ..انسى امك !!
أقتربت منهم لتقف قبالتهم وهي تلمح الدمعات المتعلقة في مقلتي أبيها المتوسل بعينيه أمه أن ترفق بقلبه الذي شاخ حزناً ..وولج الى عالم الكبار صغيراً ..أي ظلم تمارسه جدتها على قلب أبيها الضعيف ..خرج صوته محصوراً مكتوماً شديد الأسى
: بس يمه هذي بنت ..من روحي ..كيف تبيني أتركها ..يمه لجل رضا الله لا تعالجي خطأي بحياة بائسة لوتين ..وتين ما لها دخل بخطأي ..وتين فاقدة للذاكرة عايشة في أسرة تفكرها أهلها ..مدري للحين شلون رح تتقبل الصدمة وانها عايشة ببيت زوجها اللي تعتبره أخوها ..وانت تزيديها عليّ ..لجل الله يا يمه ..هونيها عليّ
أذاب قلبها بوحه ..أبنها المتسرع الأرعن ..ولكنها لن تستجب له وليذهب هو وخطأه وليعش نادماً على ما أقترفته يداه..ألم تحذره عندما كثرت روحاته الى سوريا ..أنها ان اكتشفت بتزوجه على ابنة خالته .. لن تغفر له..كيف يطالبها بالغفران الآن وهو الذي عصى كلامها وعق أمه التي ربته ..لماذا الآن وبعد فوات الآوان كل شيء ينطق فيه "فلتغفري" ..ألتفت الى غرفتها موصدة الباب أمام وجهه غير آبهة لخذلانه وخيبته اللذان تشكلا على تقاسيم وجهه ..جثى على ركبتيه بقلة حيلة ..وأصابعه تتخلل شعره الكثيف الذي طبع جماله بابنتيه ..حبيبتيه ..أقتربت منه وهي تضم رأسه الى قلبها بأسى ..ان اباها حزين ..يتجرع وجبات من الكمد الدسم ليلاً ..سيصاب بتخمة شجن تملأ معدته وجوفه وكله ان لم تنته جدتها عما تفعل ..سيصبح على حافة الموت ..الموت شجناً ..تكملت بمواساة ..وتعلم أن المواساة لن تجدي
: يبه الله يعينك ..قوول يا الله فرجها ..مدري شقول ..مالنا غير الله
ما زال وجهه مغطى بيديه غائب عن ابنته ..تكلم بهمس مكتوم مخنوق
: ندى ..ذيك اختك وش ناقصها لتعيش بحياة طيبة مثلك ..وتين تعيش بين عايلة تظنها هلها ..وماهيب بهلها ..وكله بسببي ..وش أقول لربي لما يسألني عن الحياة البائسة اللي تعيشها بنتي ..وش أقوله وأنا الملطخ بالذنب ..تخيلي وضعها ..تفقد أختها وأمها ووطنها وذكرياتها ..وحتى أبوها ...واااااخ من أبوها العاجز ..ندى أبوك يمووت مو كافي تركتها من بعدي وانا أدري انها تحتاجني أكثر من أي وقت ..أكمل رافعاً رأسه ناظراً الى عينيها ..خالياً من أي جسد يحجب صفحة وجهه المغرق بالدموع الشاحبة ..الرجل حين يبكي تعجزه الحياة حقاً ..تمسكه من يده التي تسحقه ألماً ..وتضغط بقسوة وهي تنشب بأظفارها المتخثر بداخلها كل دم ...ثم تأمره بالوقوف بعد أن يمتلأ دمامل متقرحة ..فيبكي ..وتبكي السماء لحزنه ..
: نور راحت وانا اللي كنت مقصر بحقها وحتى رنيم ..تخيلي رنيم اللي حبتني وشعرت بالفقد ..هي ما تكلمت عن فقدها لالي بس أنا حسيت من خلال كلماتها ..كانت تحب الكتابة ...بس الحرب ما رحمت طفولتها وحلمها اللي مات بقلبها ..ماتت وانا اللي كنت أتمنى تعيش بحياة هانئة مثل أي بنت ..صغيرة كثير ..عيونها زرق لمحت لمعة الحزن فيهم ..صدقيني لو تشوفيها ما رح تبكي عليها ..لأنها الحين عند مليك مقتدر..رح تبكي على أبوك ..وعلى عجزه ..ورح أصغر بعينك لاني قدرت وبكل شراسة أعيش أسرة بسيطة بهالفقد والحزن ..لو تركت نور تتزوج رجال من هلها وقريتها ..لكانت حياتهم أحسسن ولكانت ...
ماتت الكلمات بجوفها بماذا تواسيه وهذا الكم الهائل الذي يحمله في صدره المثخن بالجراح ..بماذا تواسيه ؟! ...ياارب ساعده لينهض... قدماه لا تحمل جسده المثقل بالهموم ..شهقت بقوة ودموعها تتساقط ضمته الى صدرها قاائلة بأسى : كافي يبه ..كافي يا عزوتي ..لا تبكي ..الله يفرجها عليك ..الله يسامحك ويسامحنا ..ويهدي جدتي ..كافي يا عين بنتك ..كاافي فديتك
................................
متكأ على المقود مخفٍ وجهه عن المارة ..انقباضات معدته لا ترحمه ..انها تحيله الى أرض من الألم تسحقه لتصيره الى فتات عاجز عن التماسك مرة أخرى ..ينتظر عمر الأخرق نفس المشهد يتكرر كثيراً ..ولكن هذه المرة هو السائق العاجز عن النوم واتعاب عمر في انتظاره طارقاً على باب السيارة ..كيف له أن ينام هنا ؟! ..وهو العاجز عن الغطس في أحلامه وهو على سريره وتحت فراشه الدافئ الوثير ..الأرق الذي يملأ فكره لا يتركه ينام هانئاً مبعداً كل شيء عن مخيلته ..يتذكر أنه عُّذب ذات مرة بمنعه من النوم ..أن يبقى واقفاً ..وكان الحارس يراقبه كل حين ..يومها دخل الى عالم من الهلوسة لم يلجه يوماً ولم يدرِ بوجوده ..كافيين خاص بقلبه ينبهه كلما غفت عينيه ..يجعله مستيقظاً حتى في نومه ..تنهد مستنشقاً ذرات الهواء مالئاً بها حويصلاته الهوائية ..مطلقاً ثاني اكسيد الكربون محملاً بذرات وجع حارقة ..لفظها مع الفضلات علها تخفف كمد قلبه ..رفع رأسه حينما فتح عمر الباب ..ليجلس بجانبه ..يقود سيارة عمر ويريد أن يأخذها بعد أن مرضت سيارته وأحتاجت المصلح ليصلح وجعها ويجبره ..ليت الآلآم النفسية كلها تتحول الى آلام جسدية تضمد في بضعة ضمادات فيندمل الجرح ويختفي ..
رفع رأسه بعد ان رد السلام على عمر الخافت ..عمر يختفي خلف تكومات همومه ..فقده لأخيه زيد ..ودخول تلك الفتاة الى عالمه الذي كان يصخب بكل حياة ..صيره الى هموم متكدسة ..صيره الى عمر لا يعرفه ولم يتقن قراءته في هذه الحالة يوماً ..أين أنت يا رفيق ..انك على شفا حفرة من الانهيار ..الدنيا تلعب لعبتها مرة أخرى وتبعدك عني ..تبني حواجز من الضنك لتشبت أوصار متعززة من الألم تربطك فيها ..يا رفيق ..أختفت ملامحك وأنصهرت من نيران الأشجان لتصبح صفحة واحدة ملساء لا ترى فيها عينين أنف وحتى فم واسع غبطت فيه ابتسامته ..انك تنجلي وهذا ما يؤلمني ..يربكني اختفاؤك وانا الذي عهدتك حاضراً بابتسامة تعليق ممازح وحتى ضربة قاسية تدفع بها كتفي ممازحاً اياي "بدفاشة" ..يا رفيق ..تبعث بك الحياة لتلقيك في دائرة تائهة لا تستطيع الفرار من براثنه المظلمة ..تمشي وحيداً في دياجير الليل ..تناجي ضياء القمر ..وتبكي دواخلك عمرها الراحل في حياته ..أواه من دنيا تسرقنا منا وتسرقك مني !!

 
 

 

عرض البوم صور هــدوء  
قديم 29-02-16, 03:03 PM   المشاركة رقم: 22
المعلومات
الكاتب:
اللقب:

البيانات
التسجيل: Jan 2016
العضوية: 310458
المشاركات: 28
الجنس أنثى
معدل التقييم: هــدوء عضو بحاجه الى تحسين وضعه
نقاط التقييم: 28

االدولة
البلدJordan
 
مدونتي

 

الإتصالات
الحالة:
هــدوء غير متواجد حالياً
وسائل الإتصال:

كاتب الموضوع : هــدوء المنتدى : الروايات المغلقة
افتراضي رد: دموع الياسمين / بقلمي

 
دعوه لزيارة موضوعي

.
.
.
السلآم عليكم ورحمة من الله تطل عليكم ()
صبآحكم /مسآؤكم اقحوان وجوري واوركيد
بالنسبة للفصل الجديد ...فأعتذر منكم وبشششدة ..أني في هذه الأيام مشغولة كثيراً كثيراً كثيراً
لذلك وللأسف سيكون الفصل القادم ب الأول من ابريل ...عله يكون واف وجيد ومشبعة
محتاسة كثير هالأيام وفي عليّ اشغال لقد راسي ..بس دعواتكم ليا
والسمووووحة منكم ^^

 
 

 

عرض البوم صور هــدوء  
قديم 01-04-16, 02:59 PM   المشاركة رقم: 23
المعلومات
الكاتب:
اللقب:

البيانات
التسجيل: Jan 2016
العضوية: 310458
المشاركات: 28
الجنس أنثى
معدل التقييم: هــدوء عضو بحاجه الى تحسين وضعه
نقاط التقييم: 28

االدولة
البلدJordan
 
مدونتي

 

الإتصالات
الحالة:
هــدوء غير متواجد حالياً
وسائل الإتصال:

كاتب الموضوع : هــدوء المنتدى : الروايات المغلقة
افتراضي رد: دموع الياسمين / بقلمي

 
دعوه لزيارة موضوعي

.
.
.
السلآم عليكم احبابي ..إشتقتلكم عنجد وإشتقت لاجواء الرواية الصاخبة بالجمال ،
اليوم موعدنا مع ياسمينة جديدة ..جمعتكم مباركة ^^

 
 

 

عرض البوم صور هــدوء  
قديم 01-04-16, 05:02 PM   المشاركة رقم: 24
المعلومات
الكاتب:
اللقب:

البيانات
التسجيل: Jan 2016
العضوية: 310458
المشاركات: 28
الجنس أنثى
معدل التقييم: هــدوء عضو بحاجه الى تحسين وضعه
نقاط التقييم: 28

االدولة
البلدJordan
 
مدونتي

 

الإتصالات
الحالة:
هــدوء غير متواجد حالياً
وسائل الإتصال:

كاتب الموضوع : هــدوء المنتدى : الروايات المغلقة
افتراضي رد: دموع الياسمين / بقلمي

 
دعوه لزيارة موضوعي

سلآم من الله عليكم (())
مساؤكم /صباحكم فردوس ^^
فصل اليوم مشبع وجميل ومنحنى للكثير من الأمور ،
إقرأوه بتمعن وإن شاء الله يرقى لذائقتكم
موفقين



،
الياسمينة الرابعة

.
.
.

حينما تحب شخصاً تشعر أن بوجوده يكمن سر الحياة ..وأنه إذا ما غاب ستذبل الأيام ولن يظهر من بريقها سوى لمعان الدمعات على وجهها البائس ..حينما تحب إنسان ستشعر أنك بقربه أفضل وأن قلبك عندما يقترب من قلبه يُزهر أكثر ويستحيل إلى ضياء وبهاء ..حينما تحب إنسان ستثق به وستجد كل الحياة بين كفيه وحين ظهوره ..حينما تحبه ستعتاد على حضوره ..يفتقد وجودها بشدة ..ولاسيما أنها يئست منه ومن أن يرضى وذلك بعد أن وُئدت كل محاولاتها اللحوحة في أرض لا إهتمامه القاحلة ..لن تعد أخته التي أحبّها وأعتاد على نبضها ..لن تعد ابنته ذات العقدين المكتملين ..لن تعد كما كانت ..كل الموازيين أختلفت ..والكثير من الأشياء تبخرت ..يا الله أتراها يئست مني ولن تعود إلى مراضاتي وإخفاء كل الأحزان من على وجهي ..ديم بنيتي الكبيرة ..ورفيقة قلبي الرقيقة ..إن أخاك من دونك ذرات سابحة في ملكوت العدم ..إنه يذوي من دونك في غياهب الوحدة ..لا يستطيع أن يرضى عليك ..ولا يستطيع غيابك العصيّ ..أنت من ملأت حياته حباً وهو الذي تاه في تلابيب الفقد مذ نعومة أظافره ..وأنت التي كنت تعطين طعماً لحياته المُّرة ..بضحكاتك الطفولية الصاخبة وبإبتسامتك الواسعة التي تملأ وجهك الرقيق ..ديم يا ذات الوجه الرقيق والعينان الفاتنتين ..أين إنتِ من حزن أخيك ..إن غيابك المر عنه يزيده بعداً ..
أغلق باب البيت متوجهاً إلى غرفته ..ما زال حسّ عمر الكئيب يلاحقه ..وطيفه الشاحب يحزنه جداً ..يعلم كم هو مصاب بالحزن العقيم ..لا جدوى من الربت على كتفه لإنه أعوّج هزلاً قاتماً ..يا الله كن معه ..عندما مرّ من جانب غرفتها كاد أن يطرق الباب ويتجه إليها ولكنه أسكّت نحيب الشوق في قلبه ..متحاملاً على كل ذرات الحنين النابضة في عمقه ...في محنته هذه أكتشف الكثير من الإيجابيات الكامنة في شخصيته إنه صبوور إلى أبعد حد وجلد أيضاً ...وثمة قوة من السنديان تمتلأ به شخصيته ..فتح باب غرفته بهدوء كئيب ..أركن حقيبته جانباً وأستلقى على سرير من دون أن يخلع ثياب العمل ..مجهدة أركانه وأطرافه ترتعش تعباً وبرداً ..إنه صقيع مارس العجيب ينبلج من وسط الربيع ليظهر بقسوة أكبر ..وخفوت أعمق ..بعد أن غسّل وغيّر ملابسه إتجه نحو غرفتها طرق بابها بهدوء ..فتحت الباب بهدوء تكلمت بهمس روتيني يعلم ماذا يفعل حيال أخاها الجامد : يعطيك العافية هلأ بحطلك أكل !!
أغلقت الباب بهدوء وهو ما زال يقف أمامها ..كادت أن تتوجه إلى المطبخ ..لولا إمساكه ليدها ..نبض عرق في عينها ...والدموع قد تجمعت ..ماذا يريد منها الآن بعد أن أمضى وقتاً طويلاً يعاملها كأنها أريكة مهملة أو حتى ملعقة ملقاة آخر الدرج ..ماذا يريد وهي التي أفتقدته وأفتقدت أمها وأبيها ورحيل وكل الدنيا ..إنهم يتخلون عنها تباعاً ويلقون بهيكلها الغض في مهاوي الوحدة والفقد ..وكأنها عقيدة باطلة من إعتنقها كُّتب عليه البؤس حتى يتخلى عنها ..إنها بائسة ويائسة وحزينة ..كل أوصاف الشجن لن تسد فوهة الحزن الذي تعاني منه ..ألتفت إليه بشحوب وعينيها تسألانه الرحمة ..أن أرفق بقلبي أخي ..أختك ساذجة ومغرورة بسطحية غبية وموبوءة ..أختك لا مبدأ تعتنقه سوى السذاجة واللاإهتمام ..خدعوها كلهم ..وأوهموها ان جمالها هذا هو الأساس وهو الذي سيرفعها قدراً ..لم يعلموا أن ذرات جمالها المقيته إندثرت عند أول نازلة ألمّت بقلبها فأوجعته ..لم تكن جميلة بصنع يديها ..ولكنها كانت غبية بصنع يديها ..إنها حزينة كنملة أضاعت جهد سنينها الريح ..ولكنّ النملة ذات إرادة ونشيطة ..إذن حزينة كصرصار لم يفعل شيئاً في الصيف ليجيء الشتاء ويملأه ندماً ..كاد أن يتكلم لولا أنه لمح اصفرارها الهالك ..ماذا حلّ ببنيته من بعده ؟! ..لم يتمالك دموعه متذكراً إياها طفلة يلاعبها صباحاً بحب هادر ..ويحملها على كتفيه الفتيين متوجهاً بها إلى البقالة ..تذكرها صبية تلج إلى عالم الثانوية بهمة متوقدة يفتخر بها ..مرّت سنين عمرها بين عينيه ..أنتقلت كفه من يدها الى كتفيها أمسكها بكلتا يديه ..لاماً إياها إلى صدره ..مذيباً كل أوجاع الدنيا وأشواقها في فؤاده ..تكلم بشجن هادر : ديم إنت بتوجعي أخوك كثير ..أخوك تعب يا ديم !
شهقت بفجيعة ..فجيعة الحزن والفقد ..إنها فتاة تبكي لحزنها الأيام ..دفنت نفسها في صدره الجامع لأبيها الراحل وأمها الغائبة ...
: عبـ ـود إنـ ـت صـ ـادق بـ ـكل كـ ـلمة حكـ ـيتها أنـ ـا غـ بية جـ ـداً كلـ ـهم بتـ ـركوني !
لم يمسح دمعاتها ولم يخفف عنها وطأة الألم ..زاد من جرعة البؤس عليها متكلماً بالفجيعة الكبرى : ديم أبوي كان متزوج وحدة ثانية قبل إمي ..!!
تّوسعت عينيها بذهول وسقطت آخر دمعاتها مع سقوط جسدها الهزيل بين كفيه النافرتين عروقهما المجهدة !
....................................
إستلقت على سريرها بعد أنّ أضناها التعب ..نظّفت البيت كله بجهد تعلم دافعه ..إنها الكآبة ..باتت لا تُطاق موجات الإكتئاب الحادة تحرمها ابتسامتها النادرة وتحملها فوق طاقتها ، لم تضحك للحياة فعلياً سوى في مرحلتين في حياتها ..مرحلة الطفولة البريئة اللاواعية ..ومرحلتها تلك قبل شهرين ..بعد أن عرفت ديم ..ديم الرقيقة ، لا تستطيع ان تعود كما كانت لا تلوموها تشعر أن الكآبة باتت منها وأن الأحزان تقتات من ذرات الفرح في داخلها ، لا جدوى من المحاولة في سد فجوات الحزن لأنها أصلاً معجونة من الحزن والكمد كيف لا ..وهي رحيل ؟! إنها مليئة بالدموع وتود أن تفّرغها في أرض قاحلة علها تنبت زهرة ..فتشعر بالجدوى من سكبها ..بعد أن أمضت ليالٍ تفكر بموضوع رجوعها إلى الجامعة والدراسة من جديد ..بعد ان تعبت من التفكير وملّها السهر ..ها هي تقتل تعب تلك الأيام بمحاولاتها الفاشلة في العودة إلى التقوقع على ذاتها السّوداوية ، لولا ردع غيث لغبائها ..ولولا الملحمة الكلامية التي وقعت بينهما ..لتركت الجامعة منذ أسبوعين بعد ان تركت الدنيا كلها ..لم تحضر تخرج "ديم" ..ولم تكلمها أصلاً تعلم ان ديم حزينة جداً ومنزعجة من تصرفها الأرعن ..وغيث أيضاً غاضب منها وحزين لأجلها ..ولا يعلم ماذا يفعل ليخفف هذا الكمد المغموسة فيه ..يا الله تود لو ان تعلق أمانيها الشاحبة على منطاد وتطلق له عنان السماء ..لعله يصل إلى احد يمتلك همة كبيرة وقوة عظيمة فيحقق ما تمنت ..تعترف بكل إرادتها أنها سيئة وضعيفة جداً ..وعبارة عن حشرة كآبة تحشر نفسها في حياتهم فتفسدها بسوداويتها التي تنشرها كإشعاعات ضارة تقتل الفرح في الأفئدة ..عادت إلى كآبتها بعد الموقف الموجع لفؤادها "يوم الام " !
في زاوية غرفتها كانت تجلس حائرة كيف تتكلم مع امها ومن أين تبدأ وهي التي حشدت الحروف حنيناً من اجل أن تبوح بها لامها ..بأي العبارات تبدأ وما في فؤادها لا يُحكي ..تحبها حد السماء وإن كانت قد تخلت عنهم قبلاً ..ولكنها امها ..الوحيدة التي بإسمها تُذاب كل صفائح الجليدية المعجونة بالشوق في قلبها ..إنها الوحيدة التي تستطيع ببسمة متوكأة على عصا الحب أن تضرم في قلبها ألف جمرة من الحب الملتهب ..أمسكت هاتفها بعد ان أهلكت خلاياها العصبية تفكيراً ..وهي التي تتقن التفكير أكثر من أي شيء ..وضعت الهاتف على أذنها حباً وحنيناً ..وجاءت القاصمة لخاصرة فؤادها ..إرتطم شيءٌ ما من أعلى قلبها إلى قاعه ليصدر دوياً هائلاً مليئاً بالنحيب ..نعم إنها دمعات فؤادها المكلوم ..صوت موظفة شركة الإتصالات المقيتة..والموسيقي البغيضة المرافقة لصوتها بكلماتها الناحرة " عذراً الرقم المطلوب غير مستعمل " ألقت على فؤادها تعويذات كئيبة ..على ماذا تعتذرين ..على قتلك لقلبي بخنجر مسموم ..أم لنفيك إياي إلى مهجر مقتم مليء بالعناكب والديدان والقطط التي ألفّتها ..على ماذا تعتذرين على جرح أمي لي ؟! .أم على إهتمامها الهادر ببنيتها المكلومة ..على ماذا تعتذرون ؟! على كوكبنا القاتم القذر ..المليء بكل حزن ..يا الله إنني أذوي في متاهات مظلمة وأتسكع بها كفأرة خارت قواها بعد أن لاحقتها لعنات القطط سنيناً لا تستطيع الفرار منها ..يا الله انت النور الذي يملأ قلوبنا القاتمة ..والسراج المنير لطرقنا المعتمة ..يا الله أرشد قلبي إلى النور وأربط عليه قبل أن يتحطم أشتاتاً فوق أشتات ..نعم إنها تحتفل بيوم الام مع أطفالها بعيداً عنا ..بعيداً عن إزعاجنا نحن " أبناء طليقها الراحل " نعم إنها تعيش حياتها وترتب أبجدياتها بعيداً عن ضوضائنا القاتمة ..سامحك الله ..جّل ما اتمناه الآن مغفرة تامة من الإله تغشاك وأنت التي تلطخت بالذنب لنحيبي الصاخب !
أطلقت عنان دمعاتها متذكرة هذه الذكرى الشاحبة ..الذكريات السبيل الواسع لقهر حرياتنا ..إنها تسرق حرية التفكير منا ..وتحيلنا إلى منفى متشعب الأركان ..أستغاثت بالله حزناً وهي تقف لتمسح ما طفر من عينيها من بلورات ..وقفت متجهة إلى الخارج ..تنتظر غيث الغائب بحزن ..جلست على كرسي مهمل في جانب المطبخ تنظر إلى الفراغ بشرود وشكلها الحزين ببيجامتها الصفراء وشعرها الأشعث يوحي للناظر بحالها الكئيب ..أستيقظت من غفوتها على صوت هاتفها ..إستغربت من تكون ..ديم لقد عنّفتها لتتركها وذرتها باكية ..كم هي قاسية ..وخالتها تكلمت معها البارحة ..يبدو أنه غيث ..يا رب أن يكون غيث ..مجرد التفكير بأنه هو يفرح قلبها الذي أوجعهم جميعاً ..أمسكت هاتفها بلهفة ..ليصل إليهاالصوت الرجولي: ألو ..السلام عليكم !
................
قرصت خديه بحب ..هذا الصغير لكم يمتلأ بالبراءة والجمال الصاخب ..لن تستطيع حصر مقدار محبتها لعينيه الزرقاوين ..جماله آخاذ وروعة طفولته تُذهبها إلى عوالم صاخبة بالطفولة الملونة :لك أنوس ..تقبش قلبي ..قديشك بتجنن ..يا الله ما ألزك
حاول التفلت من حضنها بدلال طفولي هادر وهي تزيد من إحكام قبضتها عليه وتقبيله بحب وصوت ضحكاتها الناعمة يملأ المنزل..رفعت رأسها إلى امه الواقفة امامها :
ولك بيسان إبنك ليش عم يتدلل عليّ ..شايف حالو ميشان عيونو الزرق ..أصلاً بقولو اللي عيونهم ملونة دمهم تقيل وما بينطاقو !
ضحكت بحب لكلماتها الجميلة ..هذه الفتاة كل ما فيها يدعو للفرح ..ابتداءً من ابتسامتها الواسعة ..وشعرها الفاحم ..وحتى قوامها الصغير
: اه يا حبيبتي هاد إبني بصحلو يشوف حالو " ألقت بكلماتها وهي تركن بجانبها على الأريكة "
ضحكت برقة : ما شاء الله على الثقة ..ست بيسان !
: لا يكون مو عاجبك وتين !!
رفعت عينينها للقادمة بذهول ..إبتسمت عندما لمحت طيف بلسم ..نطقت : بسم الله إنت من وين جاية ؟!
جلست على الأريكة المقابلة لهما لتتكلم : من الغرفة
: طيب وشو دخلك بيني وبين بيسان
بقهر ردت : بالله ؟! أختي وبدي أدافع عنها
وأخيراً تكلم ذلك المنزوي على الأريكة المنفردة في الغرفة بإنفعال واضح : ليش وهي مش أختك ؟! كلكن خوات بلاها الحزازيات !!
فتحت فيها بإستغراب ماذا دهاه إنها تمزح !! ..تكلمت بيسان بلطافة عّلها تغير الجو المتأّزم : عمورة بتمزح ما إنت عارف
مرة ثانية أذهلهم بإنفعاله الحاد المصاحب بعصبية واضحة جعلتهن ينصدمن أكثر تكلم بعصبية هادرة موجهاً كلماته لبلسم موبخاً إياها : إنت كم مرة حكتلك لا تمزحي هاد المزح التقيل ..أحسن تزعلوا من بعض ويصير بينكن حواجز ..!
تجمعت دمعات غير مُصدقة في عينيها ..إنه يحرجها ويوبخها من أجل وتين ...من أجل هذه الدخيلة ..لقد تغير المنزل برمته منذ دخلت عليه هذه الوتين ..وعمر أخذ من التغيير منحناً خاصاً ..حيث بات لا يُطاق بعد أن غادره مرحه الجميل ..قامت بغضب وهي ترمق وتين بنظرات نارية حاقدة ..إتجهت نحو غرفتها بغضب واضح ..ليستغفر من بعدها عمر بتمتمة واضحة ..وقعتا في صمت محدق ..وأستنكرت بيسان نظرات بلسم ..إلتفت إلى وتين بهدوء لطيف قائلة : حبيبتي وتين لا تزعلي ..بس بلسم شوي عقلها صغير !
أبتسمت لها برفق بعد أن غادرتها الإبتسامة وسكن الصغير في حضنها عندما ثار عمر برعونة ..أركنت الصغير بجانب أمه وأتجهت لتقف فوق رأس عمر المنحني على الهاتف بشرود ..عمر شخصية كئيبة ومنفعلة هذا ما عايشته ..فكيف يقولون أنه مرح واسع الإبتسامة ..كثير الضحك ؟! ..لماذا تغيّر ؟! ثمة أمور لا تعلمها عنها ويجب ان تربط على قلبه بحكم رابطة الأخوة بينها ..تكلمت برقة : عموورة ..ايش في ؟! ..ع شو الزعل هلأ !!
أنتفض قلبه بين أضلعه ..أغمض عينيه مستجلباً كل ذرات الصبر النافذة منه..لا يريدها طيبة ورقيقة كما الآن ..لأن ذلك لن يدوم ..بعد أن تعلقه بها كزوجة مثالية حقيقة سينجلي ذلك وستذره من بعدها فتاتاً هرماً يقتاته الحزن صبحاً وعشياً ..لم يرد عليها متعمداً تظاهر باللامبالاة ..لتعقد حاجبيها بإستنكار ونبرة مستهجنة خرجت من بين شفتيها مصحوبة بأحرفها المستغربة بعد أن وضعت يدها على كتفها وأمالت رأسها مقابل رأسه المنحني : طيب أنا هلأ شو دخلني ؟! ليش زعلان؟ ع فكرة شكلك وإنت زعلان مانو حلو !! اي يلا إضحك ..
يا الله إنها تقتله وهي لا تعلم ..تسحق قلبه النابض وتمحق كل كيانه القديم ..يا وتين مهلاً على فؤادي الهرم ..تمهلي فحزني لا يُحكي والأسى فيّ لا يحشد ..إنني أميتك وأميت نفسي ..إنني مجرم بحقك وحقي ..وسأحمل وزرك ووزري ..كم من السنين سأحتاجها لأنهي حكايتي البائسة ..وكم من الأيام سأعدها لأسحق ما مضى ؟! ..كيف سأقتل الذنب وهو أكبر وأعظم من أن تقتله كفيّ الصغيرتين أمام عظمته ..يا الله يا وتين ماذا ستفعلين عندما تكتشفين ذنبي المستخفي تحت أقنعة طيبتي الزائفة ؟! ...كيف ستكون ردة فعلك وأنت المغسولة بالرقة الهادرة ..ووجهك الطيب ممسوح بمسحة فنية أكاد أذوب لفرط جمالها ..وتين يا نياط القلب الذي إذا قطع متّ ..أنتِ اذا أنقطعتِ عني سأموت ..أقسم سأموت ..إنني أعترف بكل ما أوتيت من البوح ..أعترف أنني من دونك لن أحيا ..إعتدتك ..حتى أحزانك التي صنعيتها فيّ إعتدتها ..وجودك إعتدته ..رقتك إعتدتها ..حتى قوامك الصغير إعتدت إنبلاجه ..فكيف سترحلين عني بعد هذا كله ..كيف ستقتلين ما نما في قلبي ..!
بقسوة أبعد كفها عن كتفه ليقف من بعدها متوجهاً إلى غرفته من دون أن ينبس ببنت شفة ..فتحت عينهيها بذهول وفرجة يسيرة ما زالت بين شفتيها ويدها معلقة بالهواء ..كل ذلك تحت نظرات بيسان الحزينة !
......................
تنحت بإحترام لتلج الجدة من جانبها إلى الصالة الواسعة ، أنتقلت وراءها لتجلس على كنبة منفردة وهي تنظر إليهم بإهتمام ، أبوها واجم يجلس قبالتها وكتاب لـ " دوستويفسكي " الأسطورة يتربع بين كفيه بشحوب كما وجهه الصامت ..وأمها تعبث بهاتفها متنقلة من محادثة إلى أخرى ..وجدتها التي جاءت للتو تهيأ لتتكلم وتشد الأنظار إليها أما هي فتتأمل وجوههم بإهتمام ، يقلقها أن تجرح جدتها أباها وتريد ان تفعل شيئاً من اجله ..من أجل جهده الذي تلمحه في تقاسيمة وحزنه اللامع الذي يسّطع في عينيه ، وحدث ما كانت تقلقه ..تكلمت الجدة بوجوم : بو خالد ..!
رفع رأسه بإحترام: هلا يمه ..آمري !
وعينيها تنظران إلى حيز بعيد عن عينيه : إنت تبي تقتل نفسك ..ما تخاف الله
وكأنه لا يعلم شيء : ليه يمه ..وش بي؟!
: وجهك ذبلان ما تاكل ..ومقصر في أخدك لأدويتك ..إنت تبي تعاقبني لجل ذيك اللي ما تتسمى !!
أنتفضت أركانه أمه تمارس قسوتها الحانية عليه ، وهو لا يُطيق
: يمه الله يهداك ..أستغفر الله أقتل نفسي بإيدي !
وقفت بصرامة حادة وهي تتكأ على عكازها المتآكل وعيينيها الكحيلتين تتفرسان ملامحه بقوة ...تكلمت بغضب هادئ : والله ثم والله إذا رجعت فكرت بموضوع وتين لأغضب عليك !
ألقت كلماتها المسمومة لتخرج من بعدها ..خلّفته من بعدها حزيناً ..تنهد بقلة صبر ..ليُلقي الكتاب أرضاً ويقف بغضب حليم ..محوقلاً بصبر..خارجاً من الغرفة !
في حين كانت تتجه ندى بهدوء إلى هاتفه المهمل على الطاولة !
...............................
منحنية بهوان ، تستفرغ كل ما في جوفها من طعام ..وصوت شهقاتها يخيل وكأنها ستُخرج روحها الآن ..لو أن بمقدرتها إستفراغ أحزانها وتكتلات الكمد في جوفها ..يا ليت ..اهٍ يا ليت ..عند باب الحمام يقف وعيناه تحملقان بها بأسى ..أسى ؟! ..أي كذب ؟! ..عيناه تنظران إليها بفجيعة ..فجيعة الأم الفاقدة لوليدها ..فجيعة الزهرة الفاقدة لبتلاتها ..يلمحها تنصهر حزناً ..وهو واجم ..انتهت من مهمتها القصرية المجهدة لتتجه إلى المغلسة بهوان ..تغسل وجهها بألم ..أقترب منها حاملاً إياها وكأنها عادت طفلته ذات الخمس سنين يحملها على كتفيه ويلاعبها كثيراً ..على سريرها مددها ودمعاته متجمعة في عينيه الخضراوتين بحزن ..تكلم بهمس مبحوح : يا ربي يا ديم شو اللي صارلك ؟!.. مالك يا روح أخوك ..؟!
دفنت وجهها في وسادتها وصوت شهقاتها تقطع نياط قلبه ..
: بـ ـدي رحـ ـيل جـ ـبلـ ـي رحـ ـيل !
مسح على شعرها برقة محاولاً تهدئتها : استهدي بالله حبيبت..
قطعت كلماته صرختها الغريبة وهي تجلس على السرير وشعرها متناثر بإهمال اما عن دمعاتها فهي في إنهمار لا تستطيع بسببها النظر : لا تحكي اشي ماشي ا ..جبلي رحيل هلأ ولا بمّوت حالي ..بنتحر وبخلصك مني ومن همي ..
وضع كفه على فمهها بإنشداه : بس بس ..اسكتي
عضّت باطن كفه بحقد لينظر إليها بإستنكار
: بدي رحيل ..بدي رحيل هلأ
أتعبه نحيبها وإلحاحها الهادر ..إنها تتحول إلى طفلة لا يستطيع التصرف معها ..يا رباه من أين جاءت هذه الرحيل ..أمسك هاتفها ..يبحث عن رقم تلك فلتأتِ الآن ..إن لم تأتِ سيقتلها ..المهم أن تطفأ حزن أخته ..أرتمت على فراشها من جديد وهي تلمحه يمسك هاتفها بقلة حيلة !

أنتهى

 
 

 

عرض البوم صور هــدوء  
قديم 02-04-16, 09:11 PM   المشاركة رقم: 25
المعلومات
الكاتب:
اللقب:

البيانات
التسجيل: Jan 2016
العضوية: 310458
المشاركات: 28
الجنس أنثى
معدل التقييم: هــدوء عضو بحاجه الى تحسين وضعه
نقاط التقييم: 28

االدولة
البلدJordan
 
مدونتي

 

الإتصالات
الحالة:
هــدوء غير متواجد حالياً
وسائل الإتصال:

كاتب الموضوع : هــدوء المنتدى : الروايات المغلقة
افتراضي رد: دموع الياسمين / بقلمي

 
دعوه لزيارة موضوعي

.
.
.
مرحباً أحبائي
تفضلوا حسابي في الآسك للي بحبوا يتواصلوا أو يستفسروا عن الرواية ^^
https://www.ask.fm/oredanatob

 
 

 

عرض البوم صور هــدوء  
 

مواقع النشر (المفضلة)

الكلمات الدلالية (Tags)
الياسمين, بقلمي, دموع
facebook




جديد مواضيع قسم الروايات المغلقة
أدوات الموضوع
مشاهدة صفحة طباعة الموضوع مشاهدة صفحة طباعة الموضوع
تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة
Trackbacks are متاحة
Pingbacks are متاحة
Refbacks are متاحة



الساعة الآن 06:14 AM.


 



Powered by vBulletin® Version 3.8.11
Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd.
SEO by vBSEO 3.3.0 ©2009, Crawlability, Inc.
شبكة ليلاس الثقافية