غادرت البار وذهبت الى الشارع وجلست في مطعم قريب من روبس اراقب من يدخله ويغادره.
ومضت ساعات ولم يظهر احد , لا كينغ غادر البار ولا نون دخل اليه. اتصلت بصديقي سليب كيدي بالتفون , فأكد لي ان نون رجل منطو على نفسه , وانه لا يعرف صديقاً له , وسألني ان اتركه وشأنه واخبر البوليس بأمره, لعلهم يراقبونه ويبحثون عنه.
اخبرته اني اصبحت اتهمه بقتل ماري, بعد ان عثرت على قلادة ماري التي اختفت بعد قتلها , وقد باعها نون لأحد تجار المجوهرات. وفجأة تذكرت تيني وقررت ان ازورها.
واسرعت الى الشارع الذي تقوم شقتها فيه , والى اول تلفون في احد المخازن , فاتصلت بها وذكرتها باجتماعنا الليلة, وكان صوتها كمن افاق من نومه عند سماع رنين التلفون , سألتها فيما اذا كانت مستعدة لاستقبالي, فقالت : طبعاً , متى يكون وصولك؟
- سريعاً جداً.
سألتني ان ابتاع لها زجاجة من الويسكي من مخزن نمروتو و هو بعيد في الشارع , وقالت :
- اذا ذكرت لهم اسمي , قدموا لك الزجاجة حالاً.
منتديات ليلاس
ولكني لم اذهب في المحل المذكور , اسرعت ارقى السلم الى شقتها , وبعد دقائق قليلة جداً كنت امام الباب افتحه بهدوء فوجدتها قد اعطت الباب ظهرها وهي تبتعد عن التليفون , أتراها كانت تخابر شخصاً بالتلفون , ام انها كانت تقف امام النافذة.ريحانة
لما شاهدتني بدا الاضطراب على وجهها واسرعت اليّ وقالت :
- لقد وصلت بسرعة.
- إني سريع كالأرانب.
- ولكنك لم تأتني بالويسكى.
- وجدت اننا لن نحتاج اليها.
دهشت وسألتني ان اخلع سترتي فرفضت وقلت:
- افضل الأكل وانا بملابسي , كأنما انا في حفل رسمي.
طلبت منها ان تأتي بالطعام, ولكنها راحت تراوغ وتحاول اللعب معي, وتمددت على المقعد امامي لتغريني وحاولت ان تشدني اليها فقلت لها:
- ليس الآن , اريد ان اتحدث اليك اولاً.
- ماهذا الكلام , هل تمزح؟
- ابداً ولكني اخذت افكر في السبب الذي جعلك تطلبين مني ان آتيك بزجاجة من الويسكي مع وجود كمية عندك منه رأيتها منذ يومين .

واهتزت كما بدا لي, واخذت تضحك لتتمالك نفسها , وكانت ذكية طبعا إذ ما لبثت ان قالت:
- إن ما عندي ليس من النوع الجيد, وقد اردت ان تأتيني بزجاجة افضل مما عندي.
- ولكني لم اعترض على الويسكي الذي عندك لما شربناها معاً منذ يومين , فلماذا هذا الاهتمام الجديد؟
- لعل سبب هذا اني احبك.
- لعل السبب انك كنت تريدين ان اصل متأخراً , لأن عليك الاتصال بشخص قبل وصولي.
- لابد انك غيور يا ستيف.ريحانة
- كفاك لعباً.
وصفعتها على وجهها , فألقت نفسها على المقعد تبحث عن شيء اخفته فيه, فكنت اسرع اليه منها فإذا هو مسدس صغير, حاولت ان تعضني وان تضربني لتنتزعه مني, وتغرس اظافرها في وجهي , وعندئذ ضربتها بقبضة يدي على وجهها ضربة قوية , فصرخت من الألم فقلت اسألها:
- هل طلبت نون بالتلفون؟
- و إذا فعلت فماشأنك انت؟
- لماذا؟
- لعله صديقي وعشيقي.
- أهو في طريقه الآن الى شقتك؟
- عليك ان تعرف الجواب انت .
قلت لها :
- لقد كنت شريكته في جريمته وسرقت سكين هاسكل مور من الستوديو خاصته, ولابد انك كنت صديقته ايضا , لأنه رسمك اكثر من مرة , ولم يفعل هذا مع احد , وكنت في الوقت نفسه تدبرين هذه الجريمة ضد ماري انت وصديقك نون.منتديات ليلاس
وكنت طوال الحديث اوجه مسدسي الى صدرها , حتى لا تنقض عليّ على حين غفلة , ومضيت اقول :
- والواقع اني لا اعتقد ان نون هو الذي دبرّ هذه الجريمة , فهو ليس بالرجل الذكي , لابد انك كنت وراء كل هذه المكايد والجرائم , ولابد انك ادخلته سراً الى منزل ماري ليقتلها ثم يعود من حيث اتى دون ان يراه احد. وكانت خطتك ستسير على احسن مايرام حتى وصلت انا الى المنزل وطرقت الباب, فوقفت امامي تعارضين في دخولي حتى يحذر نون ويسمع صوتك وصوتي ويعرف اني هنا , ثم سمحت لي بالدخول , فوجدت ماري ملقاة على الأرض ميتة , وفيما كنت ابحث في اوراقها عثرت على الدفتر , فأسرع نون اليّ يصرعني من خلفي وينتزع الدفتر مني ويهرب به .

وسمعت عندئذ صوتاً خفيفاً في هذه اللحظة , صوت شخص يصعد السلم, فقلت لها :
- تعالي , فإن احدهم في سبيله اليك!
- انت مخطئ يا ستيف.
- سوف اسمع حديثك في وقت آخر.منتديات ليلاس
وامسكت بها من معصمها وجريتها الى الصالة , حيث اطفأت النور , ورحت استمع الى صوت الخطوات الخفيفة التي كانت تصعد السلم رويداً رويداً.
بعد قليل فتح الباب في الرواق وظهر رجل على عتبته وكان هذا الرجل نون .
***
منتديات ليلاس
ضربت تيني يدي التي تحمل المسدس وصرخت تنذر نون بوجودي ولكن المسدس لم يسقط من يدي , دفعتها عني في الوقت الذي هجم فيه نون عليّ واخذ يكيل لي اللكمات على وجهي , واكيل له اللكمات بقبضة المسدس على صدره وبطنه .
حاول انتزاع المسدس مني فلم يوفق, سقطنا على الأرض معاً الواحد فوق الآخر , وفي هذه اللحظة شاهدت تيني تتقدم نحوي وقد حملت شيئاً صلباً بيدها, لم يكن هناك بد من إطلاق النار عليها او اكون من الهالكين.
اطلقت النار فأصيب ساعدها , فسقطت ارضاً والدم يسيل منها , ثم ارتددت على نون اضرب رأسه بقبضة مسدسي بعد ان تمكنت منه .
صاح من الألم , ضربته مرة ثانية و ثالثة حتى اخذ الدم ينزف من رأسه , وحتى لم يعد يستطيع المقاومة .
عندئذ سألته :
- لماذا قتلت ماري؟
صاح يقول :
- انت مخطئ .
- هل قتلتها لتحصل على دفترها الصغير؟
- لست انا القاتل يا كوناشر.
- ام كنت تريد القلادة؟
- لست انا القاتل , لست انا.منتديات ليلاس
ضربته بشدة هذه المرة , فجحظت عيناه, وصاح من الألم وارتخى جسمه , وصاح يقول بصوت ضعيف:
- كفى بربك.
- إذن تكلم , لماذا قتلت ماري راي؟

- لست انا القاتل بل المرأة.
- اي امرأة؟
- تيني .
- أهي التي دفعتك الى ذلك؟
- بل هي التي قتلتها وليس أنا.
- انت تكذب.
- انها القاتلة وحق السماء , اسألها , فقد كانت اللعبة لعبتها اولاً واخيراً , ولم تحتج اليّ إلا لبيع القلادة.
عدت الى نفسي وقد تملكتني الدهشة , إذن فالمرأة كانت خلف هذه الجريمة , وقد استخدمت نون و مور في سبيل تنفيذ جريمتها حتى الساعة الأخيرة.
وهي التي ضربتني على رأسي بعد ان قتلت ماري وسرقت الدفتر مني , وهي التي راحت تتظاهر لي بالمحبة , كما فعلت مع كينغ ثم مع نون لتستخدمنا جميعاً في اغراضها .
وفجأة سمعت صوتها وهي تقول :
- سوف اقتلك لما فعلته معي ايها القذر.
ورفعت رأسي لأشاهد تيني تقف غير بعيدة مني , ومعها مسدس لا ادري من اين جاءت به .
***
واطلقت الرصاص عليّ ومرت الرصاصة فوق كتفي , في اللحظة التي قفزت فيها عليها , كانت تحاول اطلاق رصاصة ثانية , لما تمكنت منها ودفعتها الى المقعد .
اخذت تضربني بمسدسها على وجهي وجسمي , في الوقت الذي احسست فيه ان الرصاصة لابد قد اصابت كتفي , واخذت افقد بعض قوتي .
كانت المعركة معركة حياة او موت بيني وبينها. إن تغلبت عليّ قتلتني وإن تمكنت مني فقد انتهت القضية , وانحلت اسرارها واصبح الجناة في العدالة.منتديات ليلاس
ضربتها بكل قوتي على وجهها بيدي الاخرى , راحت تحاول عضي ودفعي عنها , لعلها تتمكن من إطلاق رصاصة ثانية عليّ.
ولكني لبثت اقاومها , رغم اني اخذت احس بضعف قواي وانهيار اعصابي , لقد وصلت اسنانها الى عنقي , صرخت واخذت ارفسها بقدمي بكل قوتي.
لقد كنت لاعباً ماهراً في كرة القدم فاستعملت قدمي في ابعادها عني بكل ما أملكه من قوة وبأس .
اخذت تصرخ بدورها , وترفع يديها عني وتصرخ منادية نون ليأتي لانقاذها.

واخيراً تمكنت من عنقها وضغطت عليه واحسست بأنها قد استرخت , ولم تعد تقاوم.
وفي هذه اللحظة فقدت وعيي وغبت عن صوابي.
***
منتديات ليلاس
افقت في غرفة طليت جدرانها باللون الابيض, ادركت اني في مكان آخر غير شقة تيني وغير منزلي بالتأكيد.
وتذكرت الحوادث التي مرت بي, وقلت في نفسي لابد اني في مستشفى من المستشفيات .
وابصرت لأول وهلة شبحاً ابيض اللون ينحني فوقي ويسألني :
- كيف انت يا مستر كوناشر؟
قلت : في اي مستشفى انا.
وسمعت شخصاً آخر يقول : لقد عاد الى صوابه .
وعرفت في الصوت صديقي سليب كيدي , فقلت له :
- هل انت هنا, وهل كنت هناك؟
قال : لقد تصورت انك لابد ذاهب الى منزل تيني فلحقت بك, ولكني لما وصلت الى هناك وجدت انك لم تكن بحاجة لي , فقد كان قد انتهى كل شيء, واصبح المنزل عبارة عن مجموعة من الانقاض , تكسر كل شيء فيه, وتمزق كل كرسي من كراسيه , وتحطم كل مقعد من مقاعده.
سألته : ما الذي حدث لنون وتيني؟
- لقد كدت تقتلها ايها الرجل.
وسمعت في اللحظة نفسها صوت دوتي مفتش البوليس يقول:
- نعم لقد كدت تقتلهما ايها الشاب , ولابد ان ابعث رجالي ليتلقوا بعض الدروس منك, لقد شوهتهما بالتأكيد خصوصاً نون.
- كم كنت اتمنى لو كنت املك القوة الكافية لقتل تيني .
فقال دوتي :
- لقد شوهتهما ومزقتها , ولا يزال رجالي يعملون لإعادتهما الى الحياة , واما نون فقد عاد الى وعيه , وقد اعترف بكل القصة , وستذهب تيني الى الكرسي الكهربائي لهذه الجريمة .
قلت للممرضة :
- يجب ان اغادر هذا المكان , لأن هناك اموراً يجب عليّ تسويتها .
فقال سليب :
- هوّن عليك ولا تتحرك , فقد رتبت كل شيء عنك.منتديات ليلاس
- هل عثرت على صورة جوي مارش؟
- طبعاً لقد عثرت عليها في خزانة تيني , وقد سلمتها الى لاري فرانشن , كما عثرت على الدفتر ايضاً .ومد يده الى جيبه واخرج شيكاً قدمه اليّ ونظرت في الشيك فإذا به خمسة آلاف دولار لاسمي بامضاء اريك فرانشن.
دهشت وسألت سليب : لماذا يبعث اليّ العجوز بهذا المبلغ , ولم اقدم خدمة له ؟.
فقال سليب:
- لقد بعث به اليك تعويضاً لك عن اعتراض سائقه طريقك وضربه لك, ولقد تركته في منزله راضياً فرحاً, موافقاً على زواج ابنه من جوي مارش , بعد ان عرف ان الفتاة حسنة الاخلاق , وانها تنتمي الى عائلة كريمة في الريف, ولتعلم انك مدعو لحفلة العرس.
وجاء احد رجال الشرطة في هذه اللحظة يدعو دوتي الى الغرفة الاخرى , ليستمع الى اعترافات تيني التي عادت الى وعيها .
عندئذ سألت سليب :
- هل عثرت عليه في جيوب نون لأن هناك رجلاً اسمه كينغ بارش يهمه امره.
- معك حق .
وصاحت الممرضة تقول :
- ان المستر بحاجة الى الراحة , فتفضل بمغادرة الغرفة يا سيدي , على ان تأتي لزيارته غداً بعد الظهر .
واغمضت عيني واستسلمت لنوم عميق , كنت في اشد الحاجة له .
النهاية