كاتب الموضوع :
Rehana
المنتدى :
روايات عبير المكتوبة
رد: 140 - المرفأ الأخير - اليزابيث غراهام - روايات عبير القديمة
وهكذا إنسجمت انتونيا مع عزفها ، كما إنسجمت ميرلا في غنائها ، وخيّم صمت هادىء على القاعة ، وإستغرق الجمهور مستمتعا.
وعندما رفعت أنتونيا رأسها ، أدركت أن الجمهور يخصها بالتصفيق الحار ، إنزعجت أنتونيا من اجل ميرلا ، وإنكمشت على نفسها ، وبسرعة فائقة تركت خشبة المسرح.
إحتضنتها كارول بحب وإعجاب ، والدهشة تملأ عينيها:
" لم أعلم أنك موهوبة يا أنتونيا ".
همهمت أنتونيا ببعض الكلمات ، وأسرعت خارج الردهة ، متجهة الى ظهر السفينة الخالي من الركاب ، وقفت هناك تستمتع بالنسيم العليل الذي يداعب كتفيها العاريتين ، ثم إتكأت على حاجز السفينة ، تراقب الرغوة البيضاء بعيدة في مياه البحر .
ترى ما الذي دفعها الى الهرب بسرعة من الردهة ؟ ترى هل إفتقدت والدها كثيرا ؟ ام حنّت لسهراتها العائلية ؟ عندما كان الجميع يتفاعلون مع انغام البيانو عدا والدتها التي كانت تفضل إعداد ما لذ وطاب من طعام وشراب ؟ ام ان وجود جي هو السبب في خروجها بتلك السرعة ؟ أنها تحبه بكل قواها العقلية والعاطفية ، لكنه لم يقدم لها ذاك الجو العائلي ، فهو لا يعرف له طعما ، لأنه نشأ يتيما في إحدى المؤسسات ، حيث عامله الجميع بلطف وبطريقة عقيمة.
كانت نشأته تلك ، حافزا له ليشق طريقه في الحياة ، ويحصل على ما يريد ، لقد أحبته أنتونيا لما لديه من تصميم وعناد ، ترى هل طالبته بأكثر مما يجب؟
منتديات ليلاس
" لماذا أرى الحزن على وجه فتاة السفينة الشهيرة؟".
سألها جي وهو يقف الى جانبها بهدوء ، أدارت أنتونيا رأسها بإتجاه الصوت ، فرأت جي من خلال دموعها ، مسحت دموعها بسرعة ، وأطلقت ضحكة عالية.
" أعتقد أنني إفتقدت أبي ، وسهراتنا العائلية مع أصدقائه".
بدت عينا جي داكنتين في ضوء القمر ، نظر اليها وقال:
" لم أعلم أنك تجيدين العزف ، أدركت الآن أنني لم أبذل جهدا لأعلم المزيد عنك عندما كنا معا".
هزّت كتفيها قليلا وقالت:
" كنت مشغولا بأشياء اخرى".
" كان عليّ ألا أفعل " إنحنى الى جانبها " شعرت بمدى إهمالي لك عندما إبتعدت عني".
" ولكنك لم تطلب مني العودة اليك".
همست هذه الجملة علّها تسمعه يهمس ثانية في أذنيها ( أنت حياتي).
" لم يكن بإمكاني ذلك ، لأننا كنا سنعود ثانية الى الخلاف ، لا استطيع ان أفسر موقفي ، إن العمل يا أنتونيا مثل كرات الثلج المنهمرة على الخليقة ، فالعمل النفس الإنسانية ، على الرغم من أنه مروع احيانا ، إذ يشعر الإنسان ان حياة آلاف من الرجال بين يديه ، وهذا شعور نبيل ، ومن الخطأ ألا يفصل الإنسان بين عمله وحياته الزوجية".
قطع دابر الصمت الذي ساد بينهما قول أنتونيا:
" كنت أفكر قبل قدومك الآن بأنني مسؤولة أيضا عن إخفاق حياتنا الزوجية، كنت انانية ، وحمّلتك أكثر مما ينبغي".
|