لمشاكل التسجيل ودخول المنتدى يرجى مراسلتنا على الايميل liilasvb3@gmail.com






العودة   منتديات ليلاس > القصص والروايات > روايات احلام > روايات احلام > سلاسل روايات احلام المكتوبة
التسجيل

بحث بشبكة ليلاس الثقافية

سلاسل روايات احلام المكتوبة سلاسل روايات احلام المكتوبة


إضافة رد
نسخ الرابط
نسخ للمنتديات
 
LinkBack أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
قديم 18-01-13, 05:50 PM   المشاركة رقم: 36
المعلومات
الكاتب:
اللقب:
فريق تصميم الروايات
فريق كتابة الروايات الرومانسية

البيانات
التسجيل: Jul 2009
العضوية: 148124
المشاركات: 1,563
الجنس أنثى
معدل التقييم: جمره لم تحترق عضو جوهرة التقييمجمره لم تحترق عضو جوهرة التقييمجمره لم تحترق عضو جوهرة التقييمجمره لم تحترق عضو جوهرة التقييمجمره لم تحترق عضو جوهرة التقييمجمره لم تحترق عضو جوهرة التقييمجمره لم تحترق عضو جوهرة التقييمجمره لم تحترق عضو جوهرة التقييمجمره لم تحترق عضو جوهرة التقييمجمره لم تحترق عضو جوهرة التقييمجمره لم تحترق عضو جوهرة التقييم
نقاط التقييم: 2331

االدولة
البلدBrazil
 
مدونتي

 

الإتصالات
الحالة:
جمره لم تحترق غير متواجد حالياً
وسائل الإتصال:

كاتب الموضوع : جمره لم تحترق المنتدى : سلاسل روايات احلام المكتوبة
افتراضي كل امتناني لك

 

اقتباس :-   المشاركة الأصلية كتبت بواسطة زهرة منسية مشاهدة المشاركة
   زوووووووووز سلم أيديكى غاليتى
دوما أختيارك مميزة مثلك
وطريقة عرض الرواية تشعرنى بالبهجة
مجهود يستحق الشكر و الثناء وكل كلمات الشكر لا تفيكى حقك ابدعتى
بارك الله فيكى
موووووواه

فديتك زهورة . . . كلامك شهادة اعتز بيها
و متابعتك الدائمه شرف اتوج به
لا عدمتك صديقي

خالص حبي و تقديري


 
 

 

عرض البوم صور جمره لم تحترق   رد مع اقتباس
قديم 18-01-13, 06:02 PM   المشاركة رقم: 37
المعلومات
الكاتب:
اللقب:
فريق تصميم الروايات
فريق كتابة الروايات الرومانسية

البيانات
التسجيل: Jul 2009
العضوية: 148124
المشاركات: 1,563
الجنس أنثى
معدل التقييم: جمره لم تحترق عضو جوهرة التقييمجمره لم تحترق عضو جوهرة التقييمجمره لم تحترق عضو جوهرة التقييمجمره لم تحترق عضو جوهرة التقييمجمره لم تحترق عضو جوهرة التقييمجمره لم تحترق عضو جوهرة التقييمجمره لم تحترق عضو جوهرة التقييمجمره لم تحترق عضو جوهرة التقييمجمره لم تحترق عضو جوهرة التقييمجمره لم تحترق عضو جوهرة التقييمجمره لم تحترق عضو جوهرة التقييم
نقاط التقييم: 2331

االدولة
البلدBrazil
 
مدونتي

 

الإتصالات
الحالة:
جمره لم تحترق غير متواجد حالياً
وسائل الإتصال:

كاتب الموضوع : جمره لم تحترق المنتدى : سلاسل روايات احلام المكتوبة
افتراضي 7 ـ لـن أنساك

 


7 ـ
لـن أنساك



أسوأ ما في المطارات هو أنه يتوجب عليك الوصول باكراً , فيطول
الوداع إلى ما لا نهاية , ما يزيد الألم . وخطر لسيلينا أن الأمر يصبح
أسوأ إذا ما كنت تنتظر من الآخر أن يقول شيئاً , أنت نفسك لا تعرف
ما هو . لكن مهما كان هذا الشيء فإنه لم يقله .
أوصلته إلى مطار دالاس , فتحققا من موعد إقلاع الرحلة المتوجهة
إلى أطلنطا , وسجلا حقائبه ثم بحثا عن مقهى حيث جلسا يشربان
القهوة . لكن ليو قفز فجأة من مكانه وقال : (( تعالي معي )) .
سألته فيما كان يمسك بيدها ويجرها على عجل : (( إلى أين )) .
ـ أريد أن أشتري لك هدية قبل أن أرحل , وقد أدركت الآن ما
هي .
قادها إلى متجر يبيع الهواتف الخلوية , وقال : (( شخص مثلك ,
ينتقل بقدر ما تنتقلين , يحتاج إلى مثل هذه الأجهزة )) .
ـ لم يكن بإمكاني شراء هاتف من قبل .
شعرت بسعادة قصيرة الأمد حين أدركت أنه يريد البقاء على
اتصال بها . لكن سعادتها لم تدم عندما تذكرت أنه سيرحل , وأنها قد
لا تراه ثانية .
اختارا الهاتف معاً واشترى لها بطاقة الساعات الثلاثين الأولى .
كتبت له الرقم على ورقة صغيرة وراقبته وهو يخفيه في محفظته .
ـ حان الوقت لأمر على دائرة الجوازات .
منتديات ليلاس . . جمرة لم تحترق
فقالت على عجل : (( ليس بعد . لدينا الوقت لتشرب فنجاناً آخر
من القهوة )) .
تملكها شعور مروع بأن الأمور تتسارع وتسر بها نحو حافة هوة
سحيقة . إنها الوحيدة القادرة على وضع حد لهذا , لكنها لا تعرف
السبيل إلى ذلك ؟ لم تستطع أن تجد الكلمات المناسبة , فهي لم تنطق بها
قط , وبالكاد تعرفها . لقد حاولت جهدها الليلة الماضية لتكشف له
حقيقة شعورها . والآن , هاهو قلبها ينفطر فيما يبدو هو غافلاً عما
يجري .
أمضت الدقائق القليلة الأخيرة جالسة قبالته , تحاول أن تتذكر كل
حركة من حركاته وكل تفصيل من ملامحه وكل نبرة من نبرات صوته . .
سوف يرحل وينساها .
لم تبتسم يوماً ابتسامة متألقة بقدر ابتسامتها اليوم . ومن ثم سمعا
النداء (( إلى المسافرين . . . )) .
فقال ليو وهو يهب واقفاً : (( أظن أن الوقت حان . . . ))
رافقته تقريباً إلى البوابة , حيث توقف ولمس وجهها بلطف , قال :
(( ما كنت لأفوت هذا لقاء كنوز العالم بأسره )) .
فقالت بخفة وهي سدد لكمة خفيفة إلى ذراعه : (( أحقـاً ؟ ستنساني
ما إن تبدأ المضيفات بإغرائك بأهدابهن الطويلة )) .
لكنه لم يبادلها الابتسام بل قال : (( لن أنساك أبداً يا سيلينا )) .
بدا وجهه منقبضاً وظنت للحظة أنه سيضيف شيئاً ما إلى ما قاله .
انتظرت فيما راح قلبها يخفق بأمل جامح , لكنه اكتفى بأن عانقها عناقاً
سريعاً .
ـ لا تنسيني .
ـ من الأفضل لك أن تتصل بهذا الرقم لتحرص على ألا أنساك .
ـ سأفعل .
وعانقها مجدداً قبل أن يتركها ويرحل . حاولت جاهدة أن تجد في
عناقه الأخير صدى لعناق الليلة الماضية , لكنها لم تفلح , فلم يكن ليو
سوى رجل يرغب في العودة إلى موطنه وبيته , عندما وصل إلى البوابة ,
التفت ولوح لها . بادلته التلويح , وقد حافظت على الابتسامة التي تعلو
وجهها بفضل إرادتها الحديدية . . . ثم رحل . .
لم تغادر على الفور , كما كانت تنوي أن تفعل , بل انتظرت عند
النافذة حتى أقلعت الطائرة , ثمر راقبتها إلى أن غابت عن ناظريها بين
الغمام . عندئذ , قفلت راجعة إلى المرآب , حيث جلست خلف المقود
وراحت تحدث نفسها . ما الأمر ! أنها كمثل مركبين التقيا في بحر الحياة
ثم سار كل منهما في طريقه . هذا كل ما في الأمر . أمامها يمتد مستقبل
واعد أفضل مما عرفت يوماً , وهذا ما عليها أن تفكر فيه , ضربت
يدها بقوة على المقود , فهي لم تحاول يوماً أن تخدع نفسها بالأكاذيب ,
لكنها تحتاج الآن إلى كذبة تعزيها وتواسيها لتتغلب على ما تمر به .
قالت بغضب : (( كان علي أن أقول شيئاً , أي شيء يجعله يدرك .
ربما كان ليطلب مني أن أرافقه . آه , من أحاول أن أخدع ؟ كان
بإمكانه أن يطلب مني مرافقته , لكنه لم يفكر في ذلك قط . لن يتصل بي .
و الهاتف لم يكن سوى هدية وداع . كفي عن التصرف بغباء يا سيلينا ,
لا يمكنك أن تبكي في مرآب )) .
بدا وكأن الرحلة بين أطلنطا و بيزا ستستمر إلى الأبد , وليس إلى
يوم جديد وحسب , بل إلى بُعد آخر وعالم آخر . حاول ليو أن ينام لكنه
عجز عن ذلك . غادر الطائرة وقد أصابه دوار من شدة الإرهاق ,
وشق طريقه عبر دائرة الجوازات والجمارك . وشعر بالغرابة مع أنه عاد
إلى موطنه .
توجه نحو صف سيارات الأجرة , وهو مستغرق في احتساب
الوقت الذي يتطلبه وصوله إلى منزله بحيث لم ينتبه إلى صوت شخص .
منتديات ليلاس . . جمرة لم تحترق
خلفه , لم يرَ من ضربه أو عدد الذين اعتدوا عليه , علماً أن الشهود
أشاروا لاحقاً إلى أنهم كانوا أربعة . كل ما عرفه هو أنه سقط أرضاً
فجأة بعد أن دفعه أشخاص أغراب . سمع صراخاً وصوت خطى تفر .
جلس يتحسس رأسه متسائلاً عن سبب وجود هذا العدد من رجال
الشرطة حوله . وامتدت الأيدي لتساعده على الوقوف على قديمه .
وسأل : (( ماذا حدث ؟ )) .
ـ تعرضت للسرقة سيدي .
عبس ومد يده إلى حيث يضع محفظته , فلم يجدها . كان رأسه يؤلمه
إلى حد أنه لم يستطع أن يفكر أكثر . واستدعى أحدهم سيارة إسعاف
فتم نقله إلى مستشفى محلي .
استفاق في اليوم التالي ليجد شرطياً يقف قرب سريره , ويحمل
محفظته المفقودة . قال الرجل : (( وجدناها في أحد الأزقة )) .
وكما هو متوقع , كانت محفظته فارغة . لقد اختفى المال وبطاقات
الاعتماد . لكن ما روع ليو هو اختفاء الورقة الصغيرة التي تحمل رقم
سيلينا .
أخذه رينزو , المشرف على مزرعته , من المستشفى وقطع معه
الخمسين ميلاً التي تفصله عن منزله بيللا بودينا . وما إن وجد ليو نفسه
وسط تلال توسكانا حتى بدأ يسترخي . مهما كانت حياته مضطربة ,
فإن غرائزه تشير عليه بأن ما يهم فعلاً هو أنه عاد إلى موطنه , حيث
تنمو الكرمة وتمتد حقول القمح تحت أشعة شمس ساطعة .
كان يتمتع بشعبية بين العمال لأنه يدفع لهم بسخاء , ويثق بهم
ويتركهم يهتمون بأعمالهم . راحوا يلوحون له وينادونه سعيدين بعودته
لدى مروره بالقرب منهم .
كانت أراضي أسرة كالـﭭـاني شاسعة . وخلال اجتيازهما الأميال
القليلة الأخيرة , راح يتأمل حقول قريته الخاصة . مورينزا , تجمع
صغير من الأبنية تعود إلى القرون الوسطى , يقوم على أراضي أسرة
كالـﭭـاني يلتف حول الكنسية وحول بركة صغيرة يسبح فيها البط , قبل
أن يقود إلى خارج القرية , من ثم عبر حقول الكرمة المزروعة على
المنحدر لتداعبها الشمس .
في الأعلى , يقع المنزل الذي بني في القرون الوسطى أيضاً , والذي
يطل على منظر رائع في الوادي . دخل إلى المنزل بتنهيدة ارتياح ورضا ,
ورمى حقائبه على الأرض ثم التفت من حوله يتأمل الأثاث المألوف
الذي يحبه . ها هي جينا قد حضرت له طبقه المفضل , وجهزت له
عصيره المفضل , فيما راحت كلابه المفضلة تحوم حول قدميه .
تناول وجبة ضخمة وطبع قبلة امتنان وشكر على خد جينا ثم توجه
إلى الغرفة التي يستخدمها كمكتب والتي يدير منها ملكيته . وبعد
ساعتين أمضاهما مع أنريكو , مساعده الذي أشرف على الأعمال
المكتبية خلال غيابه , تبين له أن هذا الأخير قادر على إدارة هذه
الأعمال بشكل ممتاز ومن دون مساعدته . لم يكن يحتاج إلى المزيد .
غداً , سيجول على ممتلكاته مع رجال قريبين من الأرض بقدره .
أمضى الساعات التالية وهو يتحدث إلى عائلته عبر الهاتف , ليسمع
آخر الأخبار . وأخيراً , خرج ووقف يتأمل القرية التي تلألأت
بالأنوار . وقف هناك طويلاً , يستمع إلى النسيم الذي تغلغل في
الأشجار وإلى صوت الأجراس التي تردد صداها في الوادي . وفكر في
أنه لم يعرف يوماً مثل هذا السلام والجمال . ولكن . . .
إنها العودة الممتازة إلى المكان الممتاز . لكنه شعر فجأة بالوحدة كما
لم يفعل قط في حياته .
استلقى في سريره وحاول أن ينام , إنما من دون جدوى , فما كان
منه إلا أن نهض ونزل إلى مكتبه . إنه الصباح في تكساس , وكان بارتون
منتديات ليلاس . . جمرة لم تحترق
من أجاب على الهاتف , فسأله آملاً : (( هل سيلينا لا تزال عندكم ؟ ))
ـ لا , فقد غادرت فور رحيلك . عادت إلى هنا لتأخذ جيبرز ثم
رحلت . ألم تكن رائعة ؟ جيبرز هو الجواد الذي تحتاجه . ستصبح نجمة
مع هذا الجواد .
ـ عظيم , عظيم !
حاول ليو أن يبدو سعيداً ومرحاً , لكن , ولسبب لم يشأ أن يتعمق
فيه , لم يسر لسماع أخبار نجاحها في الجهة الأخرى من العالم .
ـ هل اتصلت بكم ؟
ـ اتصلت بالأمس لتسأل عن أليوت , فقلت لها إنه بخير .
ـ هل سألت عني ؟
كان قد وعد نفسه بألا يطرح هذا السؤال , لكنه خرج من بين
شفتيه رغماً عنه .
ـ لا , لم تأتِ على ذكرك . لكن إذا ما اتصلت بها فأنا واثق . . .
لِمَ علي أن أتصل بها في حين أنها لم تهتم حتى لتسأل عني ؟ هذا ما
خطر له .
ـ بارتون , لا يمكنني أن أتصل بها . تعرضت للسلب وفقدت
الورقة التي كتبت عليها رقم هاتفها الخلوي . هل لي أن أحصل عليه ؟
ـ كنت لأعطيك إياه لو أني أملكه . لكنني لا أعرف كيف أتصل
بها .
ـ عندما تتصل في المرة القادمة , هلا شرحت لها ما حصل وطلبت
منها أن تتصل بي ؟
ـ طبعاً .
ـ هل قالت لك إلى أين تتوجه ؟
ـ رينو , على ما أعتقد .
ـ ســأترك لها رسالة هناك .
حاول أن يركز على زيارته القادمة إلى البندقية , حيث سيحضر
زفاف شقيقه الأصغر غويدو , من خطيبته الإنكليزية دولسي . وسيقام
زفاف آخر قبل زفاف شقيقه بيوم , إذ سيتزوج عمه , الكونت
فرانشيسكو كالـﭭـاني , من ليزا , مدبرة منزله السابقة وحب حياته .
سيكون هذا الزفاف خاصاً ومختصراً .
كان ليو ينتظر بشوق مناسبة عائلية مفرحة , لكنه شعر الآن ,
وبشكل مفاجئ , بأنه لا يرغب في حضور أي عرس .
أين هي ؟ ولِمَ لم تتصل به ؟ هل نسيته بهذه السهولة ؟
أرسل أكثر من رسالة إلكترونية على موقع الروديو في رينو , فصل
فيها تحركاته في الأيام القادمة , كما ترك رقم هاتف عمه في البندقية ,
ورقم هاتفه الخلوي , وذكرها برقم هاتف منزله على سبيل الاحتياط .
بقي حتى اللحظة الأخيرة متعلقاً بأمل أن تتصل به , لكن الهاتف ظل
صامتاً . وأخيراً , غادر منزله متوجهاً إلى البندقية .
لم يكن ليو يوماً رجلاً كئيباً . وكان من النادر أن تخرج امرأة من
حياته رغماً عنه , لكنه يتصرف عادة بشكل إيجابي إذا ما حصل هذا .
والعالم مليء بالنساء الضاحكات , السهلات المعشر على غراره ,
واللواتي يسعدهن أن يمضي الوقت معهن . لكن هذه الفكرة لم تفرحه .
استقل القطار من فلورنسا إلى البندقية حيث ينتظره مركب العائلة
لينقله إلى قصر كالـﭭـاني الواقع على القناة الكبرى , وعندما وصل , وجد
العائلة تتناول طعام العشاء . عانق ليزا ومن ثم عمه , ودولسي ,
وهارييت ولوسيا , والدة ماركو . كان غويدو وابن عمه ماركو
موجودين أيضاً . وبعد أن تصافحوا , انتهى الترحيب .
حاول أن يبدو كعادته أثناء تناول الطعام , ولعله خدع أقاربه من
الرجال . لكن عيون النساء أكثر حدة في هذه المسائل , وما إن انتهت
الوجبة حتى أحاطت به دولسي وهارييت وقادتاه إلى الأريكة كزوج من
منتديات ليلاس . . جمرة لم تحترق
كلاب الرعاة يسوق أسداً , ثم أجلستاه بينهما .
قالت هارييت : (( وأخيراً وجدتها )) .
سألها براتباك : (( هي ؟ )) .
ـ تعرف من أعني . هي ! المرأة المناسبة . لقد علقت في الشباك .
سألته دولسي : (( ما اسمها ؟ ))
توقف عن المواربة إذ لن يتمكن من خداعهما . واعترف : (( اسمها
سيلينا , التقينا في تكساس , وقد شاركنا معاً في الروديو )) .
وصمت . فسألتاه بشوق : (( ومن ثم ؟ ومن ثم ؟ ))
ـ رحلت كما رحلت أنـا .
فقالت دولسي : (( إذن , ثمة قاسم مشترك بينكما )) .
وافقت هارييت : (( تزاوج عقلين متماثلين )) .
فاقترحت دولسي : (( لا أظن أن للعقل علاقة بذلك )) .
ـ فعلاً .
قال ليو هذا , وهو يتذكر نعومة سيلينا بين ذراعيه . وللحظة شعر
وكأن أنفاسها الحارة تلفح بشرته وتدعوه إلى شغف وحنان عظيمين .
واضاف بشكل مفاجئ : (( كان الأمر رائعاً )) .
فقالت له هارييت : (( كان عليك أن تصطحبها معك لتقابلنا )) .
وسألته دولسي : (( لكن ألم تتبادلا رقمي هاتفيكما وعنوانيكما )) .
ـ ليس لديها عنوان , فهي تجول من روديو إلى آخر وتعيش حيثما
تصل . كنت أملك رقم هاتفها الخلوي , لكن . . . لا بد أنكما تعلمان
أن محفظتي سرقت مني , وكانت الورقة في داخلها . حاولت أن أتعقبها
عبر الإنترنت , لكن يبدو أني , ولسبب ما , أفقد أثرها في كل مرة . وقد
لا أراها ثانية .
أصدرت الشابتان أصوات تعاطف . لكن ليو شك في أنهما تجدان
الأمـر مسلياً في سرهما . ولعله كذلك . ليو كالـﭭـاني , الرجل الحر , فقد
شهيته لأن امرأة شابة , ذات طبع متقد , اختفت من حياته , يا له من
أمر مضحك ! وبعد حين , انضم إلى الرجال الآخرين , لكن حتى
رفقتهم لم تنجح في تسكين ألمه . عريسان سعيدان وخطيب ليسوا ما
يحتاجه في مزاجه الحالي التعيس .
وبدأ الجمع يتفكك تدرجياً , فاختفى غويدو ودولسي معاً ليضعا
اللمسات الأخيرة على تحضيرات عرسهما الوشيك . وغادر ماركو
و هارييت ليتنزها في شوارع البندقية . خرج ليو إلى الحديقة حيث وجد
الخالة لوسيا جالسة بهدوء , تتأمل النجوم في السماء .
قال ليو وهو يجلس قربها : (( أظن أن ماركو و هارييت سيحددان
موعد زفافهما في أي لحظة )) .
فقالت لوسيا بلهفة : (( أرجو ذلك . أعلم أنهما خرجا معاً الآن ,
وآمل أن يعودا وقد اتفقا على التفاصيل )) .
سألها بفضول : (( أنت متحمسة جداً لهذا الزواج , أليس كذلك ؟
علماً . . . حسناً , أنه ليس زواج جب , أليس كذلك ؟ )) .
ـ أتعني أني دبرته ؟ نعم , لقد فعلت وأنا لا أنكر ذلك .
ـ ألم يكن من الأفضل تركه يختار عروسه بنفسه ؟
ـ أخشى أني كنت لأنتظر طويلاً . يجب أن يكون في حياة ماركو
امرأة , وإلا سينتهي به الأمر وحيداً , وهذا فظيع .
ـ ثمة أمور أسوأ من الوحدة يا خالة .
ـ لا يا عزيزي , ما من شيء أسوأ .
لم يتمكن من أن يجيبها . ولأول مرة في حياته , شعر بأن ما تقوله
صحيح . واستفهمت بلطف : (( أظنك بدأت تكتشف ذلك للتو , أليس
كذلك ؟ )) .
هز كتفيه بلا مبالاة وأجاب : (( إنها حالة نفسية وحسب . لقد
أطلت الغياب . وبعد أن عدت وجدت الكثير من العمل
منتديات ليلاس . . جمرة لم تحترق
بانتظاري . . . )) .
واختفى صوته .
ـ صفها لي .
أخبرها قصته مجدداً , أطـال هذه المرة في وصف سيلينا . ولأول مرة
راحت الكلمات تنساب من فمه بسهولة , فاستطاع أن يتكلم عن
الحلاوة واللطف خلف القشرة الشائكة , وكيف استطاع اكتشاف هذه
الطبيعية بلطف , كيف أسرته .
سألته لوسيا : (( أنت تحبها كثيراً , أليس كذلك ؟ )) .
فسارع يدافع عن نفسه : (( لا , لا أظن أني . . . في الواقع , لا
أستطيع منع نفسي من أن أقلق عليها . فليس لديها من يهتم بها . لم يكن
لديها أحد يوماً . لم تعرف سوى أناس حاولوا استغلالها . عائلتها
الوحيدة هي أليوت . ولهذا , انفطر قلبها حين أدركت أن أيامه
ولت . . . إنها وحيدة من دونه )) .
ـ وفقاً لما قلته , فهي تستطيع العناية بنفسها , وقبضتاها قويتان .
ـ يمكنها أن تعتني بنفسها من هذه الناحية , لكنها وحيدة في
داخلها . لا أظن أني قابلت يوماً شخصاً وحيداً بقدرها . إنها تعتقد أنها
أكثر سعادة هكذا .
ـ لعلها كذلك . فقد قلت للتو إن ثمة أموراً أسوأ .
ـ كنت مخطئاً . عندما أفكر في أنها ستستمر بحياتها على هذا النحو
لسنوات . . . وهي تخدع نفسها مدعية أنها سعيدة , فيما هي تنعزل عن
العالم أكثر وأكثر . . .
ـ قد لا يحصل هذا . ستلتقي شاباً لطيفاً وتتزوجه . وبعد سنوات
قليلة , قد تلقاها صدفة فتكتشف أنها رزقت بطفلين وتنتظر الثالث .
عبس ليو وقال : (( أنت ذكية يا خالة . تعلمين أني لا أريد ذلك )) .
ـ أتساءل ما الذي تريده فعلاً .
ـ مهما كان ما أريده , أظن أني لن أناله .
راحت الأضواء تخف تدريجياً على طول القناة . وخلفهما , بدأت
الساحة الكبرى تقفل محالها ومقاهيها . وقف ليو وساعد لوسيا على
النهوض يدورها . و قال : (( أشكرك لأنك أصغيت إلي . أخشى أن
دولسي و هارييت تسخران مني وتعتقدان أني مهرج بعض الشيء )) .
فقالت لوسيا وهي تضغط على يده : (( حسناً , كانت حياتك مليئة
بالورطات والأشراك القصيرة الأمد . لكن , إن كانت سيلينا هي المرأة
المناسبة لك فستجدها مجدداً . علماً أني أظنها مجنونة إن لم تأتِ للبحث
عنك )) .
رد ليو بكآبة : (( لعلها لا ترغب في أن تجدني . حتى وإن فعلت , فما
الفائدة بالنسبة إلي ؟ فهي لا يرغب في حياة عادية , في مكان واحد , مع
زوج وأولاد )) .
ـ لم أكن أعم أن أفكارك وصلت إلى هذا الحد .
فقال على الفور : (( لم تصل . كنت أتحدث بشكل عام )) .
ـ حسناً , حسنـاً .
ـ إنها تحب الترحال , الانتقال من مكان إلى آخر , عدم معرفة مـا
بحمله الغد . لذا , لن أتمكن من إسعادها على الأرجح .
ـ كف عن هذا الكلام . إذا قُدر لحبك أن يكون , فسيكون .
والآن , لدينا حفل زفاف في الغد , وسنستمع بوقتنا جميعاً .
وصلت سيلينا في وقت متأخر إلى باحة مزرعة فورتين حيث
توقفت لترتاح . وكان بارتون في انتظارها .
ـ سمعت أنك أبليت حسناً في رينو .
فردت : (( ســأصبح مليونيرة قريباً . بارتون , هل من خطب ؟ )) .
ـ اتصل بي ليو .
ـ أحقاً ؟
منتديات ليلاس . . جمرة لم تحترق
ـ لا تدعي أنك لا تهتمين للأمر . أظنك في حالة سيئة كحاله .
ـ و لِمَ هو في حالة سيئة ؟
ـ لأنه أضاع رقم هاتفك . كاد يجن وراح يتصل بك هنا وهناك ,
ويترك لك الرسائل كي تعاودي الاتصال به .
ـ لكني لم أكن أعلم بذلك . . .
ـ لا , اضطررت للتغيب فترة , لذا تركت خبراً بأن يعلموك بما
يجري إذا ما اتصلت . لسوء الحظ , تركت الرسالة مع بولي . لا أدري
إن كان كثير النسيان , أو أن الأمر يتعدى ذلك . . .
ونظر إلى وجهها ثم أردف : (( هل ذلك علاقة بالحادثة التي تعرض
لها بولي حين " داس على المذراة ؟ " )) .
ـ حسناً , لم أشأ أن أخبرك , بعد أن كنت لطيفاً للغاية معي . . .
ـ اعلمي أني رغبت دائماً في لكمه بنفسي .
ـ لقد تصرف بشيء من الوقاحة , فقمت . . . حسناً . . .
ـ أنت من فعل ذلك , وليس ليو ؟
ـ لا , لم يكن ليو . فقد وصل بعد أن انتهى الشجار . لكن , لعلي
تماديت .
فقال بارتون مستمتعاً : (( لا , لم تتمادي . لكنك أحسنت فعلاً حين
لم تخبري والدته , فهي تبالغ في ردات فعلها على هذه المسائل . حسناً ,
حسناً , لقد تمكن من الثأر منك )) .
ـ ربما علي أن أتصل بليو .
لكن سيلينا بدت غامضة وشاردة الذهن .
ـ ألا ترغبين في ذلك ؟
ـ بالطبع أرغب في ذلك , لكنه بعيداً جداً . وسيكون شخصاً آخـر
في بلاده .
ـ ما عليك إلا أن تذهبي وتعثري عليه في بلاده . اكتشف ما إذا
كان بإمكان تلك البلاد أن تصبح بلادك . سيلينا , عندما يستمر رجل
ما في الاتصال , ويبدو عليه الاضطراب كهذا الرجل , فهذا يعني أن
لديه ما يقوله للمرأة التي يبحث عنها . وهذا الكلام لا يقال عبر
الهاتف .
ـ أتعني أن . . . أذهب أنــا إلى إيطاليــا ؟
ـ إنها ليست الجهة الأخرى من القمر , تعرفين أني سأعتني بجيبرز
و أليوت أثناء غيابك . لديك مال الجوائز , فما الذي يمنعك من السفر ؟
وعندما لم تجبه , راح بارتون يقلد صوت الدجاجة وحركاتها .
ـ أنـا لست جبانة كالدجاج .
ـ لست جبانة في الحلبة وهذا أمر أكيد , فـأنـا لم أر يوماً من هو
أشجع منك . لكن هذا الأمر سهل . أمـا العالم فمخيف أكثر , ربما
عليك أن تفكري في ذلك .
* * *
في طريق عودته إلى منزله , كـان ليو يحاول أن يقنع نفسه بأن الأمور
ستتحسن . فهذه طريقة القدر في إعلامه بأنه وسيلينا لن يجتمعا .
كان الزفاف رائعاً , لكن رؤية شقيقه سعيداً للغاية بعد أن أصبح
زوج دولسي جعلته غير راضٍ عن نصيبه . وهذا لا يعني أنه كان يفكر
في الزواج . لكن مجرد تخيل سيلينا في الثوب الأبيض الناصع والمخرم
الذي اختارت دولسي أن ترتديه , أعاد هذه الفكرة إلى الواجهة . على
الأرجح , ستفضل سيلينا أن تتزوج وهي تعتمر قبعة طويلة وتنتعل
حذاء رعاة البقر .
عندما وصل إلى منزله , كان قد حسم المسألة في فكره , لقد أمضيا
وقتاً ممتعاً معاً , لكن كل هذا انتهى , كمـا ينبغي له . لن يفكر بها ثانية .
كانت جينا قد انتهت لتوها من ترتيب سريره . حيته واتجهت نحو
النافذة حيث تركت منفضة الغبار . وشرعت تقول : (( أراد رينزو أن
يراك بعد الظهر , لكي يتمكن . . . من هذا يا ترى ؟ ))
منتديات ليلاس . . جمرة لم تحترق
ـ من ؟
وتقدم ليقف قريباً عند النافذة المطلة على الطريق الذي يصل من
مورنزا .
شخص طويل ونحيف , يرتدي بنطلوناً من الجينز وقميصاً ويحمل
حقيبتين , كان يتجه نحو المنزل . كانت المرأة تتوقف أحياناً لتنظر إلى
الأعلى , ويدها تظلل عينيها . بدت بعيدة جداً فلم يتمكن ليو من رؤية
وجهها , لكنه عرف التفاصيل الأخرى كلها , من مشيتها المتمايلة إلى
جانب رأسها حين تميل به إلى الخلف . قالت جينا : (( لا بد أنها غريبة
عن هذه البلاد , لأنها . . . سيدي ؟ ))
لم تجد مستخدمها إلى جانبها . لكنها سمعت وقع خطاه السريعة
وهو ينزل السلالم , ثم رأته في الأسفل يركض بسرعة جعلت جينا تظن
أنه سيقع في الوادي . رمت الشابة حقيبتيها وبدأت تركض أيضاً . وفي
اللحظة التالية , ارتميا في أحضان بعضهما البعض وقد نسيا بقية العالم .
نادت جينا إحدى الخادمات : (( سيلينا , لدينا ضيفة . اتركي مـا
تفعلينه وجهزي لها غرفة )) .
وأضــافت وهي تتأمل الشكلين المتعانقين : (( وأظنها ستطيل
الإقامة )) .
منتديات ليلاس . . جمرة لم تحترق
* * *

نهاية الفصل (( السابع )) . . .

 
 

 

عرض البوم صور جمره لم تحترق   رد مع اقتباس
قديم 18-01-13, 06:07 PM   المشاركة رقم: 38
المعلومات
الكاتب:
اللقب:
فريق تصميم الروايات
فريق كتابة الروايات الرومانسية

البيانات
التسجيل: Jul 2009
العضوية: 148124
المشاركات: 1,563
الجنس أنثى
معدل التقييم: جمره لم تحترق عضو جوهرة التقييمجمره لم تحترق عضو جوهرة التقييمجمره لم تحترق عضو جوهرة التقييمجمره لم تحترق عضو جوهرة التقييمجمره لم تحترق عضو جوهرة التقييمجمره لم تحترق عضو جوهرة التقييمجمره لم تحترق عضو جوهرة التقييمجمره لم تحترق عضو جوهرة التقييمجمره لم تحترق عضو جوهرة التقييمجمره لم تحترق عضو جوهرة التقييمجمره لم تحترق عضو جوهرة التقييم
نقاط التقييم: 2331

االدولة
البلدBrazil
 
مدونتي

 

الإتصالات
الحالة:
جمره لم تحترق غير متواجد حالياً
وسائل الإتصال:

كاتب الموضوع : جمره لم تحترق المنتدى : سلاسل روايات احلام المكتوبة
افتراضي 8 ـ اعترافات رجــل

 


8 ـ
اعترافات رجــل



ـ أخبريني أني لا أحلم . أنت فعلاً هنـا !
ـ أنـا هنا , أنـا هنا ! المسني .
راحت سيلينا تبكي وتضحك في آن معاً . بذل قصارى جهده
لطمأنتها فسحقها في عناق قوي وتشبث بها .
ـ لطالما تخيلتك وأنت تسلكين هذا الطريق , ليتبين لي لاحقاً أنها
مجرد خدعة من الضوء .
ـ ليس هذه المرة . لو هل أنت سعيد حقاً لرؤيتي ؟
وفجأة , خذلته الكلمات ولم يعد يجد تلك التي تعبر عن مشاعره .
هل هو سعيد لرؤيتها ؟ كل ما يعرفه هو أن الغصة في حلقه جعلت من
الصعب عيه أن يتكلم . وقالت سيلينا مذهولة : (( أنت تبكي )) .
ـ لا , أنا لا ابكي . وحدهم الضعفاء يبكون .
ذكرها بكلماتها الخاصة , لكن عينيه بدتا رطبتين , ولم يحاول
تجفيفهما . إنه لاتيني , وقد تربى عل ألا يخجل من مشاعره وانفعالاته .
كما لم يكن يرغب في إخفاء هذه المشاعر عن هذه المرأة .
أمسك بوجهها بين راحتيه , وراح يتأملها بشوق وحنان قبل أن
يعانقها عناقاً طويلاً . تجاوبت سيلينا مع عناقه من كل قلبها , مدركة
أنها قطعت هذه المسافة كلها لهذا السبب , وأن ما من شيء يمكن أن
يبعدها عنه .
منتديات ليلاس . . جمرة لم تحترق
حمل إحدى حقيبتي سيلينا تحت إبطه والأخرى في يده , ثم وضع
يده الحرة حول خصرها , وعندئذ , صعدا التلة معاً متوجهين إلى
المنزل . سألته سيلينا بعد أن رأت بعض الوجوه عند النوافذ : (( هل
أسرتك هنا لتزورك ؟ )) .
ـ لا , إنهن . . .
ومنع نفسه من أن يقول الخادمات , فقال : (( بنات أخوة جينا )) .
وكان هذا صحيحاً , فعندما يحتاج لاستخدام شخص جديد ,
يكتفي بأن يعلم جينا فتأتي له بشخص مناسب من أسرتها الكبيرة .
وبعد قليل اختفت الوجوه , وعندما وصلا إلى الباب لم يجدا في
استقبالهما سوى جينا التي ابتسمت مرحبة وأعلنت أن غرفة الآنسة
تُجهز وأن المرطبات ستُقدم على الفور .
تركتهما جينا , فأخذ ليو سيلينا بين ذراعيه مجدداً , وأدناها منه
ليريح رأسه على شعرها . وسألته سيلينا : (( كيف علمت بقدومي لتحضر
لي الغرفة ؟ )) .
ـ رأتك وأنت تصعدين التلة , وعندما قمت . . . وعندما قمنا . . .
حسناً , أظن أن الجميع يعرف بقصتنا الآن .
كادت تسأله ما هي " قصتهما " برأيه , لكنها عدلت عن رأيها ,
فهي نفسها لا تعرف الجواب و هذا ما جاءت لاكتشافه هنا . وفي هذه
اللحظة , ما من شيء يهم بقدر السعادة التي غمرتها لوجودها معه . في
هذا البلد الغريب الذي لا تعرفه لغته , شعرت بأنها وصت إلى بيتها
وموطنها , لأنه هنـا ولأنه جزء منه .
سألها ليو : (( لِمَ لم تستلقي سيارة أجرة إلى هنا ؟ )) .
ـ لم أعرف كيف أقول له عنوانك . وجدت باصاً , على مقدمته
لافتة كُتب عليها مورنزا , لكني لم أكن أعلم أن علي شراء التذكرة من
محل السكاكر أولاً . وعندما فعلت , كـان الباص قد رحل . حسنـاً ,
اسخـر مني بقدر ما تشاء .
كان يضحك لطريقتها في الكلام , لكنه سيطر على نفسه وقال :
(( أنا آسف عزيزتي , لم أستطع منع نفسي . إنها طريقتك في رواية ما
حدث . نحن مجانين بعض الشيء في إيطاليا , ونشتري التذاكر من محال
السكاكر )) .
ـ وماذا يحصل لو كانت محال السكاكر مقفلة ؟
ـ نسير .
ضحكت ضحكة رنانة . وأنزل رأسه حتى أراح جبهته على
جبهتها , وهو يبتسم برضا و سعادة لوجودها معه هنا . ثم قالت :
(( وهكذا , انتظرت الباص التالي , ثم عرفت منزلك من وصفك له )) .
ـ لكن , لِمَ لم تتصلي بي لآتي و أستقبلك ؟
ـ حسناً . . . أنت تعلم . . .
طوال الرحلة , عذبتها فكرة ألا يرغب في وجودها هنا , وأن
تسمع الحيرة والارتباك في صوته إذا مـا اتصلت . لعله اتصل بها في
تكساس ليقول ألا تتصل به لأن ما حصل بينهما مجرد غلطة . وحده
وجودها فوق الأطلسي منعها من التراجع و الترجل من الطائرة .
ووعدت نفسها بأن تعود على الفور بعد أن تحط الطائرة , أو أن
تسمع كلمات بارتون حين نعتها بالجبن , فأجبرت نفسها على المضي
قدماً .
رافقها إلى الغرفة التي أنهت الخادمات تجهزيها للتو , فراحت
تتأمل المنزل بجدرانه الحجرية الضخمة وهما يصعدان إلى الطابق
العلوي . إنه كما وصفه بالضبط , باستثناء أنه أكبر بكثير مما تخيلت .
غرفتها أيضاً كبيرة جداً , و أرضيتها من الخشب الملمع . أمـا السرير
فهو أكبر سرير رأته في حياتها , مع ظهر من خشب الجوز المحفور .
وتحمي النوافذ مصاريع من الخشب السميك التي تمنع دخول الحر .
منتديات ليلاس . . جمرة لم تحترق
عندما فتحتها جينا , تمكنت سيلينا من الخروج إلى شرفة صغيرة لتتأمل
الوادي فكان أجمل مشهد ريفي رأته يوماً , إذ تمتد التلال على مدى
النظر , خضراء و زرقاء , فيما تخفي أشجــار الصنوبر الحدود .
كان الطقس لا يزال دافئاً بما يكفي لتناول العشاء في الخارج ,
وهما يشاهدان غروب الشمس . وقدمت لهما جينا حساء السمك ,
وهو خليط من الحبار والقريدس ويلح البحر والثوم و البصل
و الطماطم . شعرت سيلينا وكأنها ماتت وصعدت إلى الجنة . قالت
وهي ترتشف العصير : (( عدت لأجد بارتون قلقاً ومضطرباً , فقد ترك
الرسالة مع بولي الذي " نسيها " )) .
فغامر ليو قائلاً : (( لكن جاذبيتي التي لا تقاوم شدتك رغم
ذلك ؟ )) .
فرت بحزم : (( جئت لأشاهد الروديو في غروستو , هذا كل ما في
الأمر )) .
ـ ولا علاقة للأمر بي ؟
ـ لا علاقة للأمر بك , فلا تتباهى .
ـ حسناً سيدتي .
ـ و توقف عن الابتسام , هكذا !
ـ لم أكن أبتسم .
ـ بل فعلت , كالقطة التي أكلت الجبن . اجتيازي نصف العالم بحثاً
عنك لا يعني شيئاً , هل تفهم هذا ؟
ـ طبعاً , وتمضيتي الأسابيع القليلة الماضية وأنا أبحث كالمجنون عبر
الانترنت لأحاول الوصول إليك ومعرفة أخبارك , لا تعني شيئاً أيضاً .
ـ حسناً , اتفقنا !
ـ اتفقنا !
وجلسا صامتين يتأملان بعضهما البعض بسعادة .
قالت : (( فعلتها مجدداً , عندما وصلت إلى هنا ناديتني بالإيطالية ,
لكنك لم تقل لي ما تعنيه الكلمة )) .
كانت تنظر إليه , فقال وهو يمسك بيدها : (( عندما ينادي رجل
امرأة بهذه الكلمة ومعناها . . . )) .
وفجأة , وجد صعوبة في الكلام . فقد اعتاد في الماضي أن يستخدم
الكلمة بشكل عشوائي , من دون أن يعنيها . لكن الوضع تغير الآن ولم
يبق لديه سوى الكلام القديم الذي لطالما أثار الجدال و النقاش .
قال : (( هذا يعني أنها أكثر من عزيزة عليه , هذا يعني . . . )) .
وتوقف عن الكلام مع وصول جينا لترفع الأطباق قائلة : (( الطبق
الرئيسي سيدي )) .
ابتسم ليو وترك الحديث عند هذا الحد , ستتاح لاحقاً فرصة
قول كل ما يرغب في قوله .
أنهيا الوجبة بالعسل والكيك بالجوز . وكانت عينا سلينا تكادان
تطبقان لشدة تعبها . وأخيراً , أمسك ليو بيدها و قادها إلى الطابق
العلوي ليتوقفا عند بابها , ثم قال بصوت ناعم : (( تصبحين على خير ,
عزيزتي )) .
ـ تصبح على خير .
وداعب خدها قبل أن يتركها .
استقى في سرير من دون أن يغمض له جفن طيلة الليل تقريباً .
وجودها في بيته , تنام في الغرفة المجاوزة , جعله يشعر كرجل يخبئ كنزاً
تحت سقفه . كان الكنز كنزه وسيحتفظ به , وسيحارب العالم بأسره من
أجله إذا ما اضطره الأمر .
استيقظ مع بزوغ الفجر وتوجه إلى النافذة ففتح مصراعيها ووقف
على الشرفة الصغيرة . شعوره بالذهول لقدومها المفاجئ لم يفارقه بعد ,
فأراد أن يتأمل مجدداً الطريق المؤدي إلى القرية , الطريق الذي طالما نظر
منتديات ليلاس . . جمرة لم تحترق
إليه , وقد تملكه الشوق إليه , حتى ظهرت في أحد الأيام .
ظل في النافذة المجاورة جعله يلتفت . رآها تقف هناك , لكنها لم
تكن تنظر إليه بل إلى الوادي , وقد بجا وجهها هادئاً ومأخوذاً , وكأنها
في عالم آخر . وفيما كان يتأملها , رفعت رأسها بما يكفي لتمنحه
ابتسامة قصيرة , ثم عادت كرة أخرى تتأمل الوادي .
لقد فهم الآن !
وضع عباءته على كتفيه وخرج من غرفته متوجهاً إلى غرفتها . وقف
خلفها عند النافذة ووضع يديه على كتفها بنعومة . عندما استندت
إليه , أحاطها بذراعيه , فرفعت ذراعها بدورها لتضعهما على
ساعديه . وفقا هناك في أحضان بعضهما البعض , وقد تملكهما شعور
بالرضا , شعور لا يشبه كل ما عرفه في حياته من قبل .
في الأسفل , لاحظا الوهج الناعم الذي راح يزحف نحو الوادي .
في البدء , كان باهتاً , ثم راح يزداد قوة . بدا الضوء سحرياً , وكأنه من
عالم آخر , واستمر لدقائق معدودة مباركة . بعدئذ , تغير وأصبح أكثر
حدة وقوة , أصبح عادياً , جاهزاً ليوم عمل كبقية الأيام . ولم يبق منه
سوى الذكرى . تنهدت سيلينا تنهيدة رضا واكتفاء , تنهيدة هادئة بحيث
شعرت بها حواسه بدلاً من أن يسمعها . ثم قالت : (( هذا ما أردته . منذ
أن أخبرتني عن الضوء , و أنا أتوق لرؤيته )) .
ـ وما رأيك ؟
ـ إنه جميل كما وصفته . أجمل ما رأت عيناي يوماً .
قال : (( يمكنك أن تريه في الغد أيضاً . أمـا الآن . . . )) .
وشدها بنعومة إلى الخلف , وأخذها بين ذراعيه حيث اكتشفا نوعاً
آخر من الجمال في عناق لم يرغبا في أن ينتهي .
لطالما تخيل ليو اللحظة التي يعرف فيها سيلينا على باري , الفرس
التي أصبحت جاهزة للبيع منذ أشهر , لكن أناقتها وحيويتها منعتاه من
بيعها بانتظار الشخص المناسب . وسيلينا هي هذا الشخص المناسب .
كان يشتبه في ذلك وقد تأكدت ظنونه بعد أن شهد حبهما من النظرة
الأولى , وهو يعرف الآن الكثير عن الحب من النظرة الأولى . وخطر له
أن يقدم باري لسيلينا كهدية زفاف . وهو لم يعد يتهرب من هذه
الأفكار , فعل الرجل أن يعرف كيف يتقبل الأمر حين تنقلب حياته
رأساً على عقب بسبب امرأة .
أمضيا أيامهما في التجوال على ظهري جواديهما بين حقوله
وكرومه , وأمسياتهما في التسامر تحت ضوء القمر , ليفترقا على مضض
بعد عناق طويل يحملانه مشاعرهما التواقة كلها . وفي إحدى
الأمسيات , قال لها : (( تولي الاهتمام بالجياد , تولي الاهتمام بي , بأحدنا
أو بكلينا , كما تشائين )) .
رفعت رأسها وراحت تنظر إلى وجهه , كان ضوء القمر ينير
الشرفة , رامياً الظلال في وجهها , فلم يسمع سؤالها لشدة استغراقه
في تأملها .
همس : (( ماذا قلت ؟ )) .
ـ قلت إن الوقت حان لتنهي شرح معنى تلك الكلمة الإيطالية التي
لا تنفك تستعملها .
ابتسم لها ابتسامة حنون وقال : (( هذه الكلمة تعني أنك أغلى عندي
من العالم بأسره , فأنت حبي ومحبوبتي الوحيدة )) .
بعد أسبوع , قصدا ماريما , وهي منطقة جنون توسكانا , تقع على
الشاطئ . وهذه المنطقة معروفة غالباً باسم (( الغرب التوسكاني )) , إذ
تربي المواشي فيها بأعداد كبيرة , ولا تزال تستخدم فيها كفاءات رعاة
البقر التقليدية .
منتديات ليلاس . . جمرة لم تحترق
ويحتفل بكل هذا سنوياً عبر إقامة روديو , يتألف من استعراض
يخترق شوارع مدينة غروستو المجاورة كلها , وعرض يستمر طيلة بعد
الظهر . اصطحب ليو سيلينا إلى المدينة ليلتقيا المنظمين , واصفاً إنجازاتها
بتعابير حارة .
عندئذ , فاجأته سيلينا بدورها . فطيلة الطريق على المدينة , كانت
متمسكة بغرض عريض مسطح , رافضة أن يراه ليو . وتبين لاحقاً
أنها صور له وهو راكب على ظهر الثور .
قالت : (( أعرف الرجل الذي يلتقط الصور في الروديو , حتى
للأشخاص الذين لا يربحون . بحثت عنه فوجدت معه هذه الصورة
لك . تبدو رائعاً , أليس كذلك ؟ )) .
بدا مذهلاً , كان قد رفع إحدى ذراعيه في الهواء , كما رفع رأسه ,
فيما ارتسمت على وجهه ابتسامة عريضة تعكس شعوره بالسرور
والانتصار .
قال : (( لا يمكن للمرء أن يعرف أني سقطت أرضاً في اللحظة
التالية )) .
تأمل أحد المنظمين الصورة ثم سعل باحترام , وقال : (( ربما
بإمكانك يا سيدي أن تقدم عرضاً مشابهاً على ظهر الثور في هذا
الروديو )) .
فرد ليو على عجل : (( لا أظن ذلك . فلديهم في تكساس ثيران
خاص , تربى لهذه الغاية وتتميز بشراستها )) .
ـ أظن أننا لن نخيب أملك يا سيدي . لدينا هنا ثور تمكن حتى
الآن من جرح رجلين حتى الموت . . .
جاهد ليو حوالي عشر دقائق ليتخلص من هذا المأزق الذي ازداد
صعوبة بسبب ضحكة سيلينا .
قال لها وهما يخرجان : ؛؛قلت له إنك ستقدمين عرضاً لسباق
البراميل )) .
ـ جيد , لكن الأمر لن يكون مماثلاً إن لم تمتطِ أنت ذاك الثور .
ـ أغربي عن وجهي !
لم تقم عائلة ليو بالرحلة من قبل . لكنهم قادمون هذه السن
وبقوة , لأن الأخبار الجديدة وصلتهم , وهي أن ليو الذي يحب
السيدات الممتلئات الجسم , وقع (( ضحية )) امرأة بارزة العظام , ذات
قامة نحيلة ورأس أشبه بكتلة نار .
وهكذا , قرر غالبية أفراد أسرة كالـﭭـاني أن يتوجهوا إلى المزرعة
لقضاء الليل قبل التوجه إلى غروستو . لم يكن ينقص سوى ماركو .
وسيأتي الكونت والكنتيسة كالـﭭـاني , برفقة غويدو ودولسي , من
البندقية .
عندما علم ليو بما يخططون له وبأن مشاريعهم جاري على قدم
وساق , أدرك أن يوم الاعتراف لا يمكن أن يؤجل أكثر . عليه أن
يعترف قريباً لسيلينا بكل ما أخفاه عنها , من ثروته التي تستحق
الشجب إلى ارتباط اسمه الفظيع بلقب . ويبقى أن ينتظر ليرى أي من
الخبرين سيروعها أكثر .
وفيما كان لا يزال يحاول أن يتطرق إلى الموضوع , باغتته
الأحداث . فقد دخلت سيلينا إلى مكتبه في أحد الأيام بحثاُ عنه : (( ليو ,
هل أنت هنـا ؟ )) .
دفعت الباب لتفتحه أكثر . لم تجد أثراً لليو لكنها استطاعت أن
تسمع صوته آتياً من الممر الخلفي , فدخلت إلى الغرفة لتنتظره . عندئذ ,
لفت نظرها شيء ما . رأت العديد من الصور على المكتب , فدفعتها
حشريتها إلى التقدم والنظر إليها . ما رأته جعلها تعبس في البدء , ثم
راحت تحدق بارتباك .
إنها صور زواج , ما ذكرها بأن ليو حضر مؤخراً زواج شقيقه
غويدو . ها هما العريس والعروس التي بدت رائعة في الثوب البيض
المخرم , فيما بدا وجه العريس خطراً وفاتناً . وإلى جانبيها , وقف ليو ,
وقد تأنق كما لم تره من قبل , يا لها من أناقة . إنها ثياب مكلفة , ومع
قبعة على رأسه ! وماذا في ذلك ؟ جميع الناس يتأنقون في الأعراس .
لكن خلفية الصورة لا يمكن تجاهلها . ثريات , صور قديمة , مرايا
ذات أطر مذهبة . كانت الثياب ملائمة بامتياز , وهذا ما لا تفعله
الثياب المستأجرة . كما تبدو على هؤلاء الأشخاص الثقة الرهيبة التي
تترافق مع المال و المركز الرفيع .
منتديات ليلاس . . جمرة لم تحترق
شعور غريب , أشبه بالرعب , بدأ يسيطر على معدتها , ويهدد
باكتساحها .
ـ لقد وصلت للتو .
كان ليو واقفاً عند العتبة , يبتسم لها بطريقة يمكن أن تجعلها تنسى
أي شيء آخر . قال لها وهو يتقدم ليأخذ الصور : (( دعيني أعرفك إلى
عائلتي . هذا أخي غويدو ودولسي . هذان الشخصان التافهان هنا هما
والدها وشقيقها , و إن لم أرهما مجدداً فهذا أفضل . وهذا قريبي ماركو
وخطيبته هارييت . وهذا الرجل عمي فرانشيسكو وزوجته ليزا )) .
ـ ما هذا المكان خلفكم جميعاً ؟ هل استأجرتم قاعة البلدية أو شيئاً
من هذا القبيل ؟
فقال بنبرة متقطعة : (( لا . . . إنه منزل عمي )) .
ـ هذا ؟ أيعيش هناك ؟ إنه أشبه بالقصر .
أصبحت نبرة ليو أكثر تقطعاً : (( أفترض . . أن هذا هو ما عليه . .
في الواقع )) .
ـ ماذا تعني ؟
ـ يُدعى قصر كالـﭭـاني ويقع على القناة الكبرى في البندقية .
ـ عمك يعيش في قص ؟ هل هو من الأسرة المالكة ؟
ـ لا , لا , ليس إلى هذا الحد . إنه مجرد كونت .
ـ لم أسمع ما قلته . فقد غمغمت الكلمة الأخيرة .
فكرر ليو رغماً عنه : (( إنه كونت )) .
حملقت فيه : (( أنت قريب كونت حقيقي ؟ )) .
فأكد لها ما قاله كرجل يحاول أن يجد ظروفاً مخففة لجريمة ما :
(( نعم , إنما من الجهة الخاطئة )) .
اتهمته : (( لكنهم يعرفونك , أليس كذلك ؟ أنت فرد من الأسرة )) .
تنهد و أقر بذلك : (( أبي كان شقيق العم فرانشيسكو . ولو أن
زواجه من أمي قانوني , لكنت . . . حسناً . . . الوريث )) .
عندئذ , التفتت إليه وعلى وجهها نظرة رعب . لكن ليو استرضاها
بقوله : (( لكن الزواج لم يكن قانونياً . وبالتالي , لست الوريث . إنها
مشكلة غويدو وليست مشكلتي , وهو غاضب مني لهذا السبب , وكأن
الذنب ذنبي , فهو لا يريد هذا اللقب بقدر ما لا أرغب فيه أنا . كل ما
أردته يوماً هو هذه المزرعة والحياة التي أعيشها هنا . يجب أن تصدقيني
سيلينا )) .
ـ أعطني سبباً واحداً يجعلني أصدق كلمة مما تقوله .
ـ هيا , أنـا لم أكذب عليك يوماً .
ـ كما لم تخبرني الحقيقة يوماً .
ـ حسناً , هل أخبرتني قصة حياتك كلها منذ البدء ؟
ـ نعم .
لقد نالت منه في هذه النقطة , فقرر أن يعدل أسلوبه , فقال : (( أنت
لا تتصرفين بشك منطقي . لو كنت فقيراً , فكيف كنت لأتعرف إلى
بارتون وأذهب لزيارته ؟ )) .
ـ لقد أخبرتني أنك بعته بعض الجياد . كما يمكنك أن تشتري
تذكرة سفر بسعر زهيد في هذه الأيام . وثمة شيء آخر . . . هذا المنزل ,
هؤلاء الناس , وهذه الأرض . . . عندما تكلمت عن المكان , ظننت
أنك تستأجر قطعة أرض صغيرة في مكان ناءٍ , لكنك تمتلك كل هذا ,
أليس كذلك ؟
ـ لم أدعِ يوماً خلاف ذلك .
منتديات ليلاس . . جمرة لم تحترق
ـ وكم تملك ؟ أنت المالك , أليس كذلك ؟ ليس هنا وحسب , بل
في القرية ونصف المسافة إلى فلورنسيا أيضاً , على حد علمي .
فاعترف ببؤس : (( بل أكثر من ذلك , في الواقع )) .
ـ يمكنك أن تشتري بارتون , أليس كذلك ؟
هز كتفيه باستسلام : (( لا أعلم , عل الأرجح )) .
ـ ظننت أنك مجرد فتى من الريف . . . تركتني أظن ذلك . لكنك
ملك من ملوك المال .
ـ أنا فتى ريفي .
ـ أنت ملك ريفي , هذا ما أنت عليه .
بدت شاحبة من شدة صدمتها .
ـ ليو , كن صادقاً معي لأول مرة منذ تعارفنا . أنت بالغ الثراء
أليس كذلك ؟
ـ تباً سيلينا , هل ستتزوجيني من أجل مالي وحسب ؟
ـ لن أتزوجك على الإطلاق , لقد توهمت . . .
ـ لم أتقصد ذلك , وأنت تعرفين هذا .
ـ كل ما قلته لك , عن أصحاب الملايين وعن أنهم ليسوا
أشخاصاً حقيقيين . . .
ـ حسناً , تعلمين الآن أنك كنت مخطئة .
ـ بالطبع أعلم ! أظنك أثبت أني كنت محقه في ما يتعلق بالأسوأ .
ما كنت لأعتقد أن بإمكانك أن تفعل هذا بي !
قال مناشداً فضاء الغرفة : (( ماذا فعلت ؟ هلا قلتم لي ماذا
فعلت ؟ )).
ـ ادعيت أنك شيء , في حين أنك شيء آخر .
فصاح بصوت عالٍ : (( بالطبع فعلت . ما كنت لأخاطر بفقدانك .
أتظنين أني لا أعلم ؟ بالطبع , أعلم . ما إن التقينا حتى عرفت أنك
امرأة غير منطقية , غريبة الأطوار , وتفتقرين إلى الحس السليم . لم أشأ
أن أخيفك فترحلي ؛ لذا , لعبت بحسب قواعدك و شروطك . حتى
إني لم أتمكن من أن أخبرك أني قمت . . . )) .
توقف عن الكلام قد وصل إلى حافة الهاوية .
ـ تخبرني أنك قمت بماذا ؟
ـ نسيت .
لكن , عندما التقت عيونهما أدرك أن من الأسهل أن يُعلق
كالخروف المعد للسلخ .
ـ حسناً , الشاحنة , ومقطورة الجياد . . . مني .
ـ أنت . . . اشتريت الشاحنة . . . ومقطورة الجياد ؟
ـ وجيبرز . . . سيلينا , كان خبراء شركة التأمين ليسخروا منك .
كنت تعلمين ذلك . إنها الطريقة الوحيدة لتتمكني من السفر مجدداً .
أملت ألا تكتشفي ذلك , أو على الأقل ألا تغضبي مني كثيراً إذا ما
عرفته .
راح يتأمل وجهها , وهو بالكاد يجرؤ على تصديق ما يراه .
ـ لِمَ تضحكين ؟
قهقهت : (( تعني . . . أنك كنت المعجزة ؟ وليس بارتون ؟ )) .
ـ نعم , أنا وليس بارتون .
ـ لا عجب في انك بدوت غاضباً للغاية عندما قلت ذلك .
فاعترف ليو : (( كنت لأقتله . أردت أن أخبرك الحقيقة لكني لم
أستطع , لأني علمت أنك لن ترغبي في أن تديني لي . لذا , فكرت في
طريقة أخرى . يمكننا أن نتزوج , فتصبح هذه الأشياء هدية زفافنا ,
وتعود الأمور إلى نصابها )) .
منتديات ليلاس . . جمرة لم تحترق
حملقت فيه : (( أنت جاد , أليس كذلك ؟ )) .
ـ حسناً , بحسب رأيي , إذا ما تزوجتني , فكل هذا المال المثير
للاشمئزاز سيصبح لك . عندئذ , ستضطرين للسكوت عنه .
فكرت في كلامه ثم قالت : (( حسناً اتفقنا )) .
حينذاك , لم تقل له إنها تحبه , قالتها لاحقاً تلك الليلة بعد أن
عانقها , مطلقاً العنان لمشاعره الجامحة , وبعد أن تركها لتخلد إلى
النوم . ولم يسمع همسها وكلماتها سوى وسادتها التي أخفت السر على
غرارها .
و في أمسية أخرى , أحضر طبقاً من الفواكه وجلسا يأكلان
ويتحدثان , وسألته : (( كيف حصل أن عائلتك تملك أراضٍ هنا ؟ إذا
كنتم من نبلاء البندقية , فماذا تفعلون في توسكانا ؟ )) .
ـ كيف يمكنك أن تسألي ؟ الكل يعرف أن الأرستقراطيين الملاعين
يصادرون الأراضي أينما استطاعوا . وبهذه الطريق , نبقى مسيطرين
على رقاب الفقراء .
منتديات ليلاس . . جمرة لم تحترق
ـ آه , أنت مضحك للغاية ! ماذا تفعلون هنا ؟
ـ جدي , الكونت أنجلو , وقع في حب امرأة من توسكانا , تدعى
ماريا رينوتشي . وهذا . . .
وأشار إلى الوادي مضيفاً : (( . . . كان مهرها , بما أن عليه أن
يورث ملكيته في البندقية لابنه البكر ووريثه . . . وهو عمي
فرانشيسكو . أما الأراضي هنا فاستخدمت لتأمين إرث لأخوي
فرانشيسكو الصغيرين , برتراندو وسيلفيو . أخذ سيلفيو نصيبه نقداً
وتزوج من ابنة مصرفي في روما . ابنهما هو ماركو , لكنك لن تلتقيه في
الأسبوع القادم لأن مشكلة وقعت بينه وبين خطيبته الإنكليزية ,
هارييت . لقد عادت إلى إنكلترا فتبعها إلى هناك , ليحاول استرضاءها .
وأرجو أن يعيدها ليحضرا معاً زفافنا )) .
داعب وجهها , محاولاً أن يلهيها بفكرة زواجهما . تقبلت مداعبته
وعانقته بحماس , لكنه لم يتمكن من إلهائها , إذ أصرت : (( ومن ثم ؟ )) .
ـ أحب برتواندو العيش في الريف , فأتى إلى هنا وتزوج من أرملة
تدعى أليسا , التي أصبحت والدتي . وقد توفيت بعد ولادتي بفترة
قصيرة , فتزوج مجدداً من دونا , والدة غويدو . لكن تبين لاحقاً أن
والدي لم يسجل زواجها الأول في الدوائر الرسمية المختصة لأن أمي
كانت لا تزال متزوجة من زوجها الأول . وبالتالي , ام أكن أنا من
حصل على اللقب وإنما أخي , لأن الأوان على تصحيح وضع زواجها
من والدي قد فات . وتقايضنا أنا وغويدو الإرث نوعاً ما . ولا يمكن
أن أقول لك كم يسرني أننا فعلنا . وإلا , فأنـا و أنت . . .
ـ لا . . .
قالت هذا كما توقع , ثم أضافت : (( ما كنت لأتزوجك لو كنت
تحمل لقباً , فهذا مخالف لمبادئي , وفضلاً عن ذلك . . . على أي حال ,
لا يهم . لكن عائلتك ما كانت لتتقبلني ككونتيسة )) .
ـ أنت لا تعرفين شيئاً عنهم . إنسي الأفكـار المسبقة التي تحملينها
في رأسك . نحن لا نأكل في أطباق من ذهب . . .
ـ يا للعار ! كنت أتشوق لذلك .
ـ هلا صمت وتركتني أكمل حديثي ؟ و لا تنظري إلي بهذه الطريقة
وإلا نسيت ما سأقوله .
ـ حسناً , ثمة أمور مثيرة للاهتمام يمكننا أن نقوم بها بدلاً من . . .
فقال وهو يمسك بأصابعها التي حامت على وجهه : (( عندما أنهي
حديثي , عائلتي ليست كما تظنين . كل ما سيهمهم هو أننا نحب بعضنا
البعض . لقد تزوج غويدو ودولسي مؤخراً بعد قصة حب جمعتهما ,
منتديات ليلاس . . جمرة لم تحترق
وكذلك فعل عمي فرانشيسكو الذي انتظر أربعين عاماً حتى وافقت
المرأة التي يحبها على الزواج به , ورفض الزواج من امرأة أخرى . كان
لديها بعض الأفكار الغريبة , وكان هــو رجلاً صبوراً , لكني لست مثله .
وإذا خطر لك أني سأنتظر أربعين عاماً لتدركي ما عليك فعله , فأنت
مجنونة . والآن , كنت تتحدثين عن أمور أكثر إثارة للاهتمام . . . )) .

* * *
نهاية الفصل (( الثامن )) . . .


 
 

 

عرض البوم صور جمره لم تحترق   رد مع اقتباس
قديم 24-01-13, 09:46 PM   المشاركة رقم: 39
المعلومات
الكاتب:
اللقب:

البيانات
التسجيل: May 2010
العضوية: 163361
المشاركات: 92
الجنس أنثى
معدل التقييم: غرشوه عضو بحاجه الى تحسين وضعه
نقاط التقييم: 33

االدولة
البلدUnited Arab Emirates
 
مدونتي

 

الإتصالات
الحالة:
غرشوه غير متواجد حالياً
وسائل الإتصال:

كاتب الموضوع : جمره لم تحترق المنتدى : سلاسل روايات احلام المكتوبة
افتراضي رد: 350 - سأبقى وحدي - سلسلة لوسي غوردون (الجزء الثالث و الأخير)

 

شكرا شكرا شكرا شكرا شكرا ع الروايه الحلوه

 
 

 

عرض البوم صور غرشوه   رد مع اقتباس
قديم 28-01-13, 08:16 PM   المشاركة رقم: 40
المعلومات
الكاتب:
اللقب:
مراقب عام
قارئة مميزة
فريق كتابة الروايات الرومانسية
مشرقة منتدى الروايات الرومانسية المترجمة

البيانات
التسجيل: Dec 2010
العضوية: 206072
المشاركات: 13,844
الجنس أنثى
معدل التقييم: زهرة منسية عضو مشهور للجميعزهرة منسية عضو مشهور للجميعزهرة منسية عضو مشهور للجميعزهرة منسية عضو مشهور للجميعزهرة منسية عضو مشهور للجميعزهرة منسية عضو مشهور للجميعزهرة منسية عضو مشهور للجميعزهرة منسية عضو مشهور للجميعزهرة منسية عضو مشهور للجميعزهرة منسية عضو مشهور للجميعزهرة منسية عضو مشهور للجميع
نقاط التقييم: 66888

االدولة
البلدEgypt
 
مدونتي

 

الإتصالات
الحالة:
زهرة منسية غير متواجد حالياً
وسائل الإتصال:

كاتب الموضوع : جمره لم تحترق المنتدى : سلاسل روايات احلام المكتوبة
افتراضي رد: 350 - سأبقى وحدي - سلسلة لوسي غوردون (الجزء الثالث و الأخير)

 
دعوه لزيارة موضوعي

مرحبا غاليتى زوووووووووووز
كيف الحلو؟
أنا مش مستعجلة على الرواية بس قلقنى غيابك يا قمر
إنشالله يكون خير
و دايمن ىتكونى سعيدة زووووووز لانك تستهلين كل خير
موووووووووووووووواه

 
 

 

عرض البوم صور زهرة منسية   رد مع اقتباس
إضافة رد

مواقع النشر (المفضلة)

الكلمات الدلالية (Tags)
لوسي غوردن, الجزء الثالث والاخير, احلام, دار الفراشة, روايات, روايات احلام, رويات رومانسية, سلاسل رويات احلام, سأبقى وحدي
facebook




جديد مواضيع قسم سلاسل روايات احلام المكتوبة
أدوات الموضوع
مشاهدة صفحة طباعة الموضوع مشاهدة صفحة طباعة الموضوع
تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة
Trackbacks are متاحة
Pingbacks are متاحة
Refbacks are متاحة



الساعة الآن 05:18 AM.


 



Powered by vBulletin® Version 3.8.11
Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd.
SEO by vBSEO 3.3.0 ©2009, Crawlability, Inc.
شبكة ليلاس الثقافية