كاتب الموضوع :
futurelight
المنتدى :
الارشيف
اللون الثامن..
وقفت في بداية القاعه..
وقفت وقد احاط بجسدها فستان يحمل هوية بيضاء يتراقص عليه اللون الذهبي في نقوش ..
رفعت ذقنها وهي تسحب كمية من الهواء لتلمع تلك الحلية الذهبية والتي ترفع جزءاً من شعرها..
بدت كأميرة خارجة من احد الاحلام .. هذا ما اعتقدته هي على الأقل إذ مضى زمن مذ تأنقت إلى هذه الدرجه..
تشعر بالارتباك ليس لأنها لم تكذب من قبل بل لأن هذه كذبة من العيار الثقيل وتطال العديد من الأرواح حولها..
فها هي هنا.. تعيش تلك اللحظة التي تمقت..
تراودها رغبة عارمة بالهرب في حين جزء صغير من نفسها يتمنى ان يكون الامر حقيقة..
تعلقت عينيها بذلك الكرسي المبهرج والذي ينتظر جلوسها عليه..
زمت شفتيها المطليتين وهي تكبح شعورا يغمرها..
احساس تمنت معه أن تستحق الجلوس على ذلك الكرسي..
أن يكون كل شيء حقيقيا!
رسمت أبتسامة مغتصبة وهي تعبر الممر رافعة الرأس تتبعها زوجة عمها وابنته التي تصور بكاميرا
الفيديو كل شي..
لم تكن تتمنى ان تخلد لحظات كذب انحطت فيها الى هذا المستوى؟.. لكن.. لم يكن هناك مجال لرفض طلب والدتها..
وصلت الى مقدمه القاعه لاستدير وتعلّق عينيها بالحضور وعددهم القليل نسبيا..
كلهم أتوا مباركين وسعداء..
حضروا الى هنا مصدقين انهم يزغردون لفرحة ما.. كلما تنقلت في وجههم اكثر تعاظم في نفسها شعور لم تستطع كبحه..
شعور بالغثان..
بالحقاره....
يجعلها تمقت نفسها اكثر فأكثر.. فهاهي ذاتها تهوي إلى القاع اكثر فأكثر..
لكن هل هو كذب حقا؟
كانت واثقة بالامس من ذلك أما اليوم فلست متأكدة تماما..
تقدمت منها والدة ضياء تزين شفتيها بابتسامة حتى الأحمق يعلم انها لم تكن صافية تماما..
مع زيف ذلك يبقى افضل من اليوم الذي زرات فيه والدتها بالمستشفى..
في ذلك اليوم لم تبتسم ولم تفارق تقطيبة عظيمة حاجبيها.. ردت قمر التحية بهدوء دون ان تكلف نفسها عناء الابتسام..
هي ان ابتسمت ستبدأ في الاستفراغ.. انا لا اريد ان اكره نفسي اكثر!!
لكن..
ربما ما يحدث الان شيء جيد لي...
اعني هذه الخطوبة من الافضل ربما ان تتم..
بالامس كنت اعلم بأنني اكذب.. اما اليوم..
لا اعلم..
فقط لا اعلم..
بعد الحلم الدي راودها في الليلة الماضية لم تعد متأكدة كما كانت من قبل..
لقد زارها والدها في الحلم ليحتضنها مباركا.. رفع رأسه بعد ذلك لتلتمتع على وجنتيه دمعات تتزحلق بصمت..
في تلك الليله فتحت عينيها لفترة طويله دون ان تبدي اي رد فعل .. اكتفت بدموعي التي تتزحلق على وجنتيها كأطفال في يوم العيد!!
اعلم انه حلم..
لكن لماذا كانت ملامحه واضحة هكذا؟!
لم ترفض ابتسامته ان تفارق خيالي للحظه؟!
لما لا استطيع ان انسى رائحته التي شممتها في الحلم؟!
تجاهلت دموعها لترفع قبضها وتضغط بها على الجزء الأيسر من صدرها..
مؤلم جدا..
قلبي يعتصر بقوه ورائحة العود مؤلمة حقا!!
تركني ذلك الحلم مع كثير من التساؤلات التي بقيت تحوم دون اجوبة في عقلي..
لماذا كان يبكي؟
لما يبارك لي حدوث مناسبة كاذبة مثل هذه؟
ترى كان يبكي سعادة لي ام حسرة علي؟
هل كان يعلم باعجابي المختلس تجاه ضياء؟
ترى..
ماذا يمكن ان يحدث لو اعلنت موافقتي على كل ما يحدث؟..
أفصحت عن رغبتي الدفينه بالاستمرار بهذه الخطوبه؟..
ربما هذا ما يعنيه ذلك الحلم؟!
ليس بأنني من الممكن أن أصدق ذلك..
لكن..
ماذا كانت هذه الخطوبة في مصلحتي؟.. ماذا ان كان الزواج من ضياء خير لي؟
اذا اردت ان احول اتفاقنا الى حقيقه.. ماذا يجدر بي ان افعل؟َ!
لا.. لن افكر بذلك الاتجاه.. انا لن اغير رأيي..
انا لن اتخلى عن اخوتي..
انا لن اتخلى عن ايجاد ذاتي... ابدا..
ارتحلت ذاكرتي من تلك الليله وذلك الحلم الى الفتاتين التي تتجهان نحوها، لقد التقت بأختي ضياء اللتان تكبرانه في العمر من قبل في المستشفى..
كانتا تحملان ابتاسمة منعشة بعكس والدتهما.. وكأنها ترحبان بها ..
تقدمت بعدهما الفتاتان اللتان تصغران ضياء بالعمر ..
عندما وقع بصرها على اللتي تمشي في الخلف ازدردت ريقيها..
حلا..
هذه الفتاة كابوس متنقل!!...
معرفتها زادت الاسباب التي تجعلها تهرب من زيجة كهذه...
اغمضت عينيها لتسترجع ما حدث في ذلك اليوم..
بعد ان تصافحتا قالت باستغراب:
"انت.."
مرت لحظات كانت تتأمل قمر فيها قبل ان تقول:
"قصيره!!"
قالتها وهي ترص على حرف "ص" بشكل قوي!!!
كونها الأطول بقرابة العشرين سانتيمترا لا يعطيها الحق بأن تقولها هكذا!!
رصت قمر قبضتها كي تجبرها على البقاء بجانبها..
تلك القبضة التي تكاد ترغمها على التهور وضرب تلك الفتاة التي تستحق الضرب..
اكتفت قمر بسحب كمية من الهواء لانعاش رئتيها وتزفرها بشكل قوي تعبيرا عن ضيقها..
اتسعت عيناها وهي تقول:
"واااه.. يالهذه النفخة العظيمة!!
لو كنت قصيرة مثلك لطرت منذ زمن بعيد"
كم تمنت في تلك اللحظه بان ترفع يديها وتخنقها حتى تعتذر..
رصت قمر قبضتيها بينما تعلقت عياناها بالفتاتان اقتربتا منها.. قبضتي لا تتهوري!!
على الاقل ليس امام هؤلاء الناس!!
ابتسمت ابتسامة واسعة وهي ترفع يدها ملوحة لتقول:
"مرحبا قصيره"
غطى بصري ضباب احمر داكن..
كيف تجروء؟!...
سأتحول الى خارجة عن القانون بسبب هذه الفتاة.. فدمي يغلي بطريقة ستخرج عن سيطرتي..
أرتفع صوت اختها الي تصغرها قائلة:
"حلا.. لقد اتفقنا انه لا يجدر بك ان تقولي كلاما مثل هذا"
على الاقل هناك واحدة من هاتان الفتاتان تمتلك القليل من التفكير المنطقي..التفت الصغرى باتجاه قمر لتكمل مخاطبة اختها:
"ثم ان الحذاء ذو الكعب العالي الذي ترتديه كان له تاثير عظيم"
سأقلتهما!!
نكست رأسها في غضب قاتل..
حقا.. لماذا انا يجدر بي الصبر على كلامهم؟
لماذا يفترض بي محاولة تحمل كلامهم؟
انا قمر.. لا يمكن ان اسمح لاحد باذلالي..
لا يمكن ان اقبل مثل تلك الكلمات الساخره..
رفعت رأسها تدريجيا لتسلط نظراتها الغاضبه عليهما.. ابتسمت ابتسامة جانبيه..
عقدت حلا حاجبيها وهي تقول بارتباك:
"مـ.. ماذا.. لماذا مثل هذه النظرات؟!"
تجاهلتها قمر لترفع ذقنها الى الاعلى دون ان تخبىء الغضب الذي تعمدت اظهاره في عينيها..
رفعت يدها تدريجيا ليصل الى مسامعها صوت من بعيد..
"هل تنوين مقاتلتي هنا؟!"
تحسست بأناملها قطعة الحلي الموجودة في شعرها لتحرر خصلاتها الحبيسه ..
اسندلت تلك الخصلات المحرره بشكل تدريجي لتغطي نصف وجهها ..
لم تظهر الا عينها اليمنى والتي اجيد رسمها بالمساحيق التجميليه فترسل نظرات اكثر حده..
كانت همهمات الحضور التي تعلق على تصرفها الأرعن تصل الى اذنيها واضحة الا انها تجاهلتها تماما..
جلست على المقعد لتسند ظهرها الى الخلف واضعةً ساقا على الاخرى ..
ارتفع صوت حلا المرعوب:
"ماذا تعتقدين بأنك تفعلين؟.. انت لست في منزلك!!
ما هذا التصرف المشين.. انت تحرجيننا هكذا مع الحضور"
اصدرت قمر صوت سخربه وهي تقول متشدقة:
"هذا هو المطلوب"
قالتها ثم نفخت كمية من الهواء لتبعد بعض الخصلات التي لامست شفتيها..
ارتفع شلال الشعر ليعود الى مكانه مرة اخرى دون اي تطور..
شهقت حلا بصوت عالي.. اقتربت منها اختها لتحاول تهدئتها.. او ربما ابعادها عن قمر!!
لا اعلم..
لا يهمني حقا ان اعرف..
رفعت ذقنها اكثر متجاهلة أياهما لتحدق في الحضور بطرف عينيها..
لقد لعبتم مع الشخص الخطأ..
قبلت التحدي الكاشف الذي اعلنتموه..
هناك من يعيش على هذة الكرة الأرضية كذئب وحيد..
يعوي عند منتصف الليل في وقت يتجلى فيه الشعور بالوحده..
ويلعق جراحاته بنفسه..
****************************************
|