كاتب الموضوع :
قلب حائر
المنتدى :
روايات احلام المكتوبة
- كنت أتساءل ..
تنهد مايكل في سره محاولا أن يخمن ما يريده . ما الذي غفل عنه ؟ ما الذي تغاضى عن إصلاحه في مشروع ترميم منزل السيد ثيودورالمتداعي ؟ أدرك مايكل أنه يشعر بشيء من الإرتياح على الرغم من استيقاظه في ساعة مبكرة فالمهم هو أنه سيجد ما يفعله اليوم .
حري به أن يشكر الله لأنه يجد دوماً ما يفعله . فلو بقي متبطلاً طوال الوقت ، لشعر الآن بضياع أكبر من ذي قبل ، تماما كما كان ضائعا قبل أن يأتي السيد ثيودور ويقرع بابه للمرة الأولى وينتشله من أمام الصور الرقمية لجهاز التلفزيون الحديث ، وهو الغرض الوحيد الذي اشتراه بواسطة تلك النقود كلها .
لم يتوقع مايكل برويستر أن يصبح ثريا إلى حد يفوق التصور في سن السابعة والعشرين ، ولو حلم بهذه الثروة ، لما اعتبرها لعنة . ولكنهاكذلك وهو على استعداد لأن يعيد تلك النقود في الحال لو ..
وأعلن السيد ثيودور بنبرة فرحة : (( زينة الميلاد)).
منتديات ليلاس
وإذ لا حظ نظرة الارتباك البادية على وجه مايكل أضاف : (( عيد الميلاد . بات عيد الميلاد قريبا .. اليوم )) .
ونظر إلى ساعته لمزيد من التأكيد قبل أن يضيف : (( هو الخامس عشرمن تشرين الثاني . إنني معتاد على تعليق زينة الميلاد في هذاالتاريخ بالذات)).
وجد مايكل نفسه عاجزا عن استيعاب كلامه عن عيدالميلاد ... فعلى الرغم من الفوضى التي يتخبط فيها ، لم يغفل عن زينةالميلاد التي طغت على كافة المتاجر . ومع ذلك ، بدا وكأن هذا لم يسهم في لفت انتباهه إلى اقتراب الموعد المنتظر .
أحس مايكل بموجة من المشاعر تغمره . عيد الميلاد ؟ بهذه السرعة ؟كيف يعقل هذا ؟ شعر ، تحت تأثير الصدمة ، بعطر الصنوبر المميز ،ورائحة الفطائر اللذيذة التي تعدها والدته ، وعطر مستحضر ما بعد الحلاقة الذي يستعمله والده تعبق في أنفه . كان يسمع رنة ضحكات شقيقه ،... وكاد الإحساس بالوحدة وخسارة الأحبة يقضي عليه .
وإذا بالسؤال يفض مضجعه ويجعله يتقلب ليلاً في فراشه ،ويزرع أرض الغرفة ذهاباً وإياباً ، ويشاهد التلفزيون لساعات طويلة في محاولة منه لإسكاته ، يتأرجح عند طرف لسانه .. حاول أن يكبحه ولكنه شعر وكأن السؤال سيخنقه إن لم يطرحه على أحد ، ويصرخ بالكلمات عاليا .
- كيف سأتمكن من البقاء حيا ؟
كان صوته طبيعيا للغاية ، ولكن الريح الباردة اختارت تلك اللحظة بالذات لتعصف بقوة محولة صوته إلى همسة مفعمة باليأس .
جاءت النتيجة على قدر توقعاته ومخاوفه : فما من جواب على هذاالسؤال . غير أن السيد ثيودور ما لبث أن لمس ذراعه ، فوجد نفسه ينظر في تلك العينين الزرقاوين المليئتين بالقوة والحنان .
قال له الرجل العجوز بنبرة حازمة : (( إبحث عن شخص أكثر بؤساً منك ومد له يد العون)).
أخذ مايكل نفساً عميقاً . إنه حل مستحيل . لن يتمكن أبداً من العثورعلى شخص أكثر بؤساً منه .
فسأله بفظاظة : (( أين تحتفظ بزينة الميلاد ؟)).
كان السيد ثيودور يحتفظ بزينة الميلاد في مرآب سيارته . وكم كانت دهشة مايكل عظيمة عندما أدرك أن كمية الأغراض المخصصة لتزيين المنزل من الخارج كافية لمنافسة بابا نويل. . .حبال تتدلى منها الأضواء وأكاليل .. تمثال لبابا نويل ومجموعة كاملةمن حيوانات الرنة .. كان يملك أيضا تمثالين بالحجم الطبيعي يمثلان العذراء مريم ويوسف ، وإسطبلا منحدر السطح لإيوائهما وحمارا للفناء الأمامي
كان مايكل يجاهد لنقل الحمار الثقيل الوزن عندما وصل السيد ثيودور وسلمه قصاصة من الورق مطوية بعناية قائلا له : (( بشأن ما تحدثنا عنه سابقا )).
وربت على الحمار المصنوع من الخشب بفرح ثم ارتجف السيد ثيودور ونظر إلى ذراع مايكل العاري وهز رأسه متعجبا قبل أن يختفي داخل منزله . عم تحدثا قبل قليل ؟؟
منتديات ليلاس
وقف مايكل يحدق في قصاصة الورق وقد بدأت أولى ندف الثلج تتساقط عقب هبوب رياح ميشيغان التي يجدها معظم الناس قارصة إلى حد لا يطاق . كان بحاجة إلى حبل إنقاذ وليس إلى عبارة مقتبسة من الكتاب المقدس ، أو الدالي لاما ، أو أي شخصية أخرى تفتن السيد ثيودور حاليا. ومع ذلك ، كبح رغبة جامحة اجتاحته بتكوير الورقة ورميها من دون أن يقرأها . لعله يجد في هذه الورقة ما يمكنه أن يتمسك به ..فتحها بلهفة رجل يخشى أن يتسلل الرجاء إلى قلبه أدرك مايكل أن العنوان المكتوب على عجل على الورقة يعود إلى الطرف الشرقي من جادة واشنطن ، في حي هو الأكثر عنفا على مقربة من الطاحونة المهجورة . ولفت انتباهه الاسم المدون تحت العنوان .
عندئذ ، تذكر مايكل الحديث الذي دار بينهما في وقت سابق . إبحث عن شخص أكثر منك بؤسا . .
وكأن من الممكن أن يجد شخصا أكثر منه بؤسا ..
ومع ذلك ، أثارت الكلمات المطبوعة على الورقة حيرته ، كلمات
تقول : (( جمعية بابا نويل السرية )).
|