وتذكرت توني أيام عاشت في الكوخ بموارد محدودة للغاية والأب لا يبيع لوحة من لوحاته لشهور عديدة , وكانت الأم تقول:
" لماذا لا نذهب ألى عمك بنيامين في لندن يا فرانك؟ ى لنتسول منه , ولكن مجرد تعرفه بنفسك , فقد يبدي أهتماما بعملك وربما يجعل أحدى لوحاتك تزين مكتبة أو غرفة الأجتماعات , وعند ذاك يراها الناس , الناس الأثرياء ذوو النفوذ ,وربمل يؤدي ذلك ألى كثيرمن الأرتباطات".
ويبتسم فرانك وارين ويتحدث في صوت خافت ليقول :
" نعم يا عزيزتي , وتمضي القصة ألى أن يكون للأفيال أجنحة تطير بها!".
وعند ذاك يضحكون , وتضحك مسز وارين أكثر من الجميع , وخشيت توني أن يكون الأمر بالنسبة ألى أمها أكثر من فكاهة , فسألتها:
" أماه! أرجو ألا تكوني جادة !".منتديات ليلاس
ومالت الأم في كرسيها ألى الأمام , وقالت :
" أنني جادة تماما يا حبيبتي! أريد لك أن تعيشي حياة أفضل من الحياة التي عشتها".
ولاذت توني بالصمت , وأحست بعيني أمها تتركزان في قلق عليها , لم يعد صوت الموسيقى الشعبية من الشقة المجاورة في ذلك الوقت مألوفا كما كان , وهزت توني رأسها في حزم وقالت :
" لا أستطيع ".
" ولكن".
" أنصتي يا أمي , المسألة ليست أنني متكبرة أو شاذة أو شيء من هذا القبيل , كل ما أعرفه أنني عندما أصل ألى هذه النقطة لا أستطيع".
وساد صمت آخر , ثم أبتسمت السيدة وارين , وقالت:
" أنك مثل أبيك يا توني , حسنا , أذا كان هذا رأيك فلن نتحدث في هذا الموضوع بعد الآن , ولكن ستذهبين لأتمام المقابلة , عديني بأنك ستذهبين ".
وضحكت توني وقد أحست بالأرتياح ,وقالت :
" نعم , سأذهب للمقابلة وأعد بذلك , وسأبذل جهدي لأحصل على الوظيفة لأنها على ما يبدو وظيفة مناسبة".
وأومأت مسز وارين برأسها , وقالت :
" سوف ننتظر ونرجو خيرا بأذن الله , والآن – لنتكلم في شيء آخر !".
" هل أحضرت الكتيبات الخاصة بالرحلة ألى أسكتلندا !".
وأمضيتا بقية المساء في حديث حول رحلة في عربة تجرها الجياد في أسكتلندا وكان الحديث مادة للأحلام كذلك , لأنه لم يكن من المؤكد أن تتاح لهما الموارد للقيام بمثل تلك الرحلة.
وبدت على توني البهجة فقد أرتاحت لأن أمها تقبلت الموقف بالنسبة ألى المقابلة التي كانت تزمع أتمامها في اليوم التالي , وعندما نهضتا في النهاية لترفعا الأطباق من المائدة , عانقت توني أمها وقالت :
" أشكرك على تقديرك لموقفي يا أمي , وسأبذل جهدي غدا ".
منتديات ليلاس
أما أول مرة دخلت فيها توني ألى أحد محلات المجوهرات – حسبما تسعفها الذاكرة- فكانت عندما حضرت ألى لندن لأول مرة , وذهبت لتشتري لنفسها ساعة يد لترضي من تتعامل معهم من أصحاب الأعمال الذين يحرصون بصفة خاصة على ضبط المواعيد , وكان في محل الجواهر ذاك صفوف من خواتم الخطوبة والزواج وضعت على رف زجاجي وكان على الرفوف كذلك أزرار قمصان ذهبية وأباريق زجاجية مطلية بالمعدن خلف مجموعة منتقاة من ساعات التنبيه , وكانت تعرف أن شركة وراينز في شارع بوند ستريت لن تكون شيئا مشابها لذلك , وخطت ألى داخل يشبه ألى حد كبير كهف علاء الدين الخيالي , كما كانت تتخيله في الليلة السابقة , وغاصت أقدامها في سجادة صغيرة فاخرة , حسبت أنها لا بد أن تكون من الشرق الساحر , لم يكن هناك طاولة بمسند زجاجي وأنما كانت هناك طاولتان حفرت على قوائمهما زخارف دقيقة وألى جانبها كراسي صغيرة ذات أذرع غطيت بتنجيد من البروكار الأحمر وكما كسيت الجدران بالخشب بينما تدلت من السقف ثريا كريستال وفي أحد أركان الغرفة ساعة حائط كبيرة قديمة مطعمة , تدق في رفق , وأحدى السكرتيرات تجلس على كرسي في أناقة بشعرها الفضي , تلبس سترة فراء ثمين وعلى أصابعها خواتم ثقيلة , وأمامها بائع في أواسط العمر يلبس بذلة قاتمة ويعرض على المفرش القطيفي الأسود الذي يغطي الطاولة مجموعة من الدبابيس وأحست توني بشيء من الحرج أذ كانت تلبس سترة عادية من الجلد , وأستدارت ألى المشرف , وقالت :
" عندي موعد في الساعة الثانية عشرة , وأسمي الآنسة وارين .......".
وحدق الرجل فيها وقال :
" الآنسة آر ........ وارين؟".
وأبتسمت , وقالت:
" نعم!".