-7-

ابتسم لها ابتسامة مغرية اذابت عظامها ونزل السلم بسرعة ثم اغلق الباب وراءه
وقالت لنفسها :"تذكري، تذكري كل شيء وعليك ان تبني بينكك وبينه قبل صباح الغد ،جلست على الأريكة واغمضت عينيها لتتذكر وتكتشف الأشياء السيئة التى مرت في حياتها وسألت نفسها هل تتحمل وحدها الخطأ هل كان بامكانها تجنب كل هذا ؟ وهل خذلت هال حين تدهورت اعماله ؟ منتديات ليلاس
لقد احبته دائماً منذ ذلك الصيف الذي اتت فيه روزا لزيارتهم واحضرت معها زوجها الدبلوماسي وابنه هال الذي كان على وشك ان يبدأ سنته الجامعية الرابعة وكانت جوانا في الخامسة عشر من عمرها وكان هال يكبرها بخمسة أعوام ووقعت في حبه حينما صافحها و ابتسم لها سحرتها عيناه الزرقاوان وكان صيف مشمساً وحاراً وازداد حبها عمقاً وعنفاً لهال فقد أصبح جزءاً من قلبها وكيانها واستحوذ على مشاعرها بشكل عنيف كانت دائماً تعتذر وتخرج مع هال في نزهات طويلة على شاطئ البحر وحين تصبح معه لوحدها يصبح هال مختلفاً فيتحول الى انسان صامت ومتحفظ وحين تنظر الى وجهه البرونزي الوسيم تشعر برعشة الخوف تسري في اوصالها .

يت***بع

واخيراً اتي اليوم الاخير من العطلة فخرجت مع هال في نزهة في خليج ستدلاند حيث قبلها بعنف حلمت به طويلاً لكنها لم تختبره من قبل .
قبلتها الأولي مهما حدث بعد ذلك في حياتها فلن تنسي تلك اللحظة اذا استلقت على الرمل الساخن وشعرت بحرارته على اقادمها العارية، كما تركت اشعة الشمس القوية تلفح وجهها الجميل اغمضت عينيها لتسمع صوت البحر الذي تعتبره اروع السمفونيات في العالم ثم جلست ونظرت الى هال ومدت يدها لتقربه منها اكثر فأكثر فأحست بارتعاش حين التصق جسده بجسدها وارادت ان تكمل اغواءه فمدت يدها الى شعره تداعبه عرفت بانها تدعوه كي يقبلها ولكن هذا لا يهم المهم ان يستجيب لها ويشبع جوعها الذي استمر لايام طويلة كانت على استعداد لمنحه كل ما يريد . منتديات ليلاس
وفجأة انتهت القبلة بسرعة فابعد هال ذراعيها عنه ووقف وهو يحتضن ذقنها بين اصابعه ونظر الى عينيها وقال: " انت ساحرة جميلة يا جوانا "
وبدا الفرح في عينيه ولكنها شعرت بالاهانة لانه خذلها لقد تاقت اليه وتمنت ان يقبلها ولكنه وعدها وقال: " ستحرقين الكثير من القلوب ولكن ليس قلبي انا ليس الآن ،على كل حال اريد ان أؤمن مستقبلي اولاً وعندما اجمع اول مليون سأعود لأطالب بك والبسك الحرير والألماس "
لم تكن تعرف شيئاً عن طموح هال ولكن أمها عرفت عنه كل شيء من روزا وحين ترك الضيوف منزلهم تحدثت عنه مع الطبيب والد جوانا وقالت: " هذا الشاب يصعد بسرعة الى اعلى السلم فهو ديناميكي جداً، اليس كذلك ؟ "
" نعم اذ كان مستمراً على هذا النهج فأتوقع له مستقبلاً باهراً، وأظن انه ليس سهل المعشر ابداً "
هل نظر الى جوانا التي جلست في الزاوية قرب الشباك ووجهها مدفون في كتاب تدعي قراءته ؟ هل حزروا ان ابنتهم كبرت وأصبحت امرأة من اول قبلة ؟ وفي الأشهر التى تلت حاولت ان تنساه وتبعده عن فكرها مع انها عرفت ان أمها على علم بكل شيء،
لكنها لم تستطيع نسيان هال ، فقد غزا أحلامها وأيام دراستها ،فنصحتها مديرة المدرسة بالدخول الى الجامعة لكنها رفضت هذه الفكرة تركت المنزل وجاءت روزا معه لزيارتهم فلن تكون موجودة هذا ما جعلها تقرر: " لست مهتمة بأى مادة جامعية لهذا أفضل ان ادرس السكريتاريا ،ولا اتوقع ان أدرس اى مهنة لا أحبها ".

يت***بع

لم يحاول والديها التأثير عليها كي تغير رأيها وفكرت ان السكريتاريا افضل بحيث يتسني لها البقاء في المنزل وانتظار زيارة هال وتوقعت ان يكون والديها قد فهموا الدافع وراء بقائها في المنزل وفوجئت بنفسها حين تذكرت السبب الأساسي كما فكرت انه من الغباء كتابة قصة خرافية حول رجل وسيم رحل ليجمع ثروته ولا تعرف متي يعود ليتخذها عروساً له .
بعض الأحيان كانت تضحك من نفسها لانها تفكر بهذا الأمر ولكن في نهاية الأمر بدأت تقبل دعوات الشباب لها وكانت كثيرة لان جوانا قد أصبحت اكثر جمال ، أظهر شابان رغبتهما بالارتباط جدياً، احدهما يعمل مهندساً وحين عرض الامر على والدتها قالت: " لا يا عزيزي لن تقبل جوانا أبداً ".
في عيد ميلادها العشرين ،بدأت تتسائل اذا بدأت تتحول الى مس هافرسام التى أضاعت حياتها هدراً في انتظار حبيبها الذي لم يعد ، الفكرة أضحكتها لكنها أرسلت رعشة في عمودها الفقري وتساءلت ماذا لو لم يعد هال ؟ وماذا لو تزوج امرأة اخرى ؟ هذا ليس معقولاً لأن والدتها اول من يعرف بهذا الأمر من روزا ،وفي أحد الأيام سمعت أخبار هال من والدتها التى قالت: " لقد تصرف ابن زوج روزاكما توقعنا، اذ فتحر شركة خاصة به انه نابغة في الادارة كما هو في الاكترونيات ".
بعد سنة ،عادت روزا الى لندن بعد وفاة زوجها ومكثت لدى آل دالي ثلاثة أشهر وكانت حالتها النفسية تعيسة للغابة أحبت زوجها باخلاص وهكذا اتت لزيارة صديقتها ولتضع خططها المستقبلية .
كان لوجود روزا معهم الأثر الكبير على جوانا ،فشعرت بالحيوية والنشاط تنفجر فيها، وحين تنظر للمرآة تطالعها عيناها التى اصبحت اجمل وتضج برغبة رائعة وشعرها الأسود بدا جميلاً، اما بشرتها النظرة فقد اكتسبت رونقاً زهرياً يلفت النظر فقريباً جداً سيأتي هال الى منزلها اذ قالت روزا بأنه سيلحق بها وهكذا يتسني لها رؤيته مرة ثانية، وكل مرة تتذكره تتحول عظامها الى ماء من شوقها اليه ولم تعرف كم تستطيع الانتظار .
كل ما في الأمر ان حكايتها كانت تشبه القصص الخرافية ما عدا النهاية التى تقول بأن البطل والبطلة عاشا سعداء مع بعضهما البعض ولكن منذ اللحظة الاولى التى التقيا فيها مجدداً شعر بشرارة تستعر في اعماقهما وتنفجر مثل الينبوع الذي سكب مياهه في جوف الأرض وفي اليوم الأول وبعد تناول الشاي تمشيا على الشاطئ حيث قبلها للمرة الأولي منذ سنوات فأمسك هال يدها ونظر الى عينيها وقال بهدوء: " ارأيت لقد عدت لاطالب بك كما وعدت ، لم اتوصل الى المليون بعد ولكني احضرت لك هذا "
منتديات ليلاس
أخرج من جيبه علبة مخملية صغيرة وفتحها واخذ منها خاتماً ماسياً وسألها: " هل انتظرتني يا حبيبتي جو ؟ لقد تمنيت ان تفعلي "
كان زواجهما حدث الموسم في قرية دورست ،وحين وقفت الى جانبه في كنيسة القرية الصغيرة في فستانها الأبيض ومحاطة بالأزهار شعرت بأن حياتها تكللت بالسعادة .

يت***بع

-8-

كل شيئ اصبح أفضل وأجمد وبدا لجوانا ان يوم زفافها هو أجمل يوم في حياتها ولكن بعد مرور أشهر عدة عليه أصبحت حباتها نعيما وكأنها تعيش معه في الجنة وحين نجحت أعمال هال أكثر فأكثر ازدادت حياتهما رفاهية ومتعة ، فبعد منزلهما في لندن اتبعه هال بكوخ صيفي في سافولك.
منتديات ليلاس
وعندما كان يعمل لم يكن عليها الجلوس وحيدة اذ احاطها بأصدقاء عمرها وعمره وكانوا يمضون الوقت باقامة الحفلات والرحلات فلم يتقرب منها الملل طيلة هذه الفترة لان هال كان يحميها بحبه وماله ويؤمن لها كل ما تريده واخيراً فيلا فيفوريتا .
فقد استمتع بها هال كما يستمتع الطفل بلعبته الجديدة هكذا فكرت جوانا وتذكرت الأمسية التى عادت فيها مع هال الى منزلهما في لندن فقد كانت عيناه تلمع من الاثارة والفرح وقال: " اتصلت بي روزا في المكتب وأخبرتني انها سمعت عن فيلا معروضة للبيع ولا تبعد عنها كثيراً وأظن أنها تناسبنا كمنزل للعطلة ، انها تقع على تلة تطل على مانتون مباشرة عبر المرفأ الايطالي الفرنسي واظنها مثالية لنا فما رأيك لو نسافر غداً يا حبيبتي ؟ "
وفي اليوم التالي وفي هذه الغرفة التى تستعيد فيها ذكرياتها حملها ودار بها في ارجاء الغرفة الخالية من الاثاث وقال: " علينا ان نشتاريها لانها ما نريده بالضبط آه يا جو انظري الى هذه المناظر اليست رائعة ؟ "
وهكذا لم يستطع اخفاء مزحة فاهتم بانتقاء المفروشات المناسبة للفيلا فيما عليها ان تطلب وان لا تهتم للمال ، امضت جوانا وهال في الفيلا ثلاث عطلات ودائماً ما قضياه وحدهما وكل عطلة كانت شهر عسل آخر يتجدد حبهما اكثر فاكثر وابتعدا عن الارتباطات والمواعيد الوقت كله لهم فلو ارادا ان يبقيا في السرير طوال النهار لفعلا ولم يستطع احد ان يتصل بهما لانه هال قطع خطوط الهاتف وروزا التى كانت تعرف بوجودهما لم تجرء على التدخل او التطفل ، وفي المساء كانا يراقبان غروب الشمس ، وقبل ان تنتهي عطلتهم الاخيرة حصل شيئ غير هال في البداية حاول اخفاء الامر عن جوانا ولكن بالطبع عرفت بان هناك خطب ما وفي النهاية عليه ان يكشف عنه ، وعندما ظهر كشف الحساب الذي ارسله البنك اكتشفت بان كل ما يملكونه أصبح للبنك سألت جوانا: " كيف ؟ ولماذا حدث كل هذا ؟"
نظر لها وكأنها شخص غريب واجاب: " لان السوق انهارت هذا هو السبب ولان شريكي المخلص عرف بالامر قبل حصوله فخرج منها في الوقت المناسب اخذاً معه كل اموالهم ، استطيع ان أقتله" .
ظهرت المرارة جلية على وجهه بحيث لم تستطع معرفته، فجلس لساعات طويلة رأسه بين يديه ولم يبد عليه بانه يستمع اليها وهى تخبره عن حبها وعن عدم اهتمامها بماله وعن عزمها بترك الدنيا من اجله لان حبهما هو الأهم ، ابعد ذراعيها عنه وخرج من الغرفة وكانت المرة الأولي التى لم يعد فيها هال الى المنزل فأمضت جوانا الوقت كله في انتظاره جلست في غرفة الجلوس في منزلهم الواقع في لندن تحدق في الفضاء وتفكر بهال.
عاد في الصباح التالي وقال بان هذه الأزمة ستمر وسيبدأ من جديد .
" سأساعدك يا حبيبي ،سأفعل كل ما بوسعي سأفتش عن عمل وسنجد مكاناً آخر نعيش فيه وربما ساعدنا ابي في ..."
قاطعها ورد عليها: " لا ،لن اخذ مساعدة من عائلتك ،يمكنك الذهاب اليهم اذ لم تعجبك حياتي الحالية ؟"

يت***بع

لقد ظنت دائماً بأنه معجب بوالديها ولكنها فوجئت حين سمعته تكلم بهذه الطريقة وعرفت ان الحياة معه من الآن فصاعداً ستكون كالمشي فوق زجاج مكسور وأي شيء تقوله ممكن ان يسبب لها الالم والمشاكل لذا لن تقوم بأي جهد للتحدث معه حتى سلم المنزل للمسترهن .
بدأت جوانا تفتش عن عمل حصلت عليه في شركة لبيع الاراضي والبيوت فتوقف هال عن البحث عن عمل وبقي في البيت لقد تغير كثيراً فأصبح يشرب كثيراً ويسهر كثيراً أما الراتب السخي الذي كانت تتقاضاه جوانا لم يكن يكفي فاضطرت للتحدث معه كي يخفف شرب الويسكي لكنه انقض وتكلم بعنف لاول مرة منذ زواجهما وقال: " أتصور بأنك تتكلمين هكذا لانك تصرفين على المنزل ؟ أنت شاطرة كثيراً أليس كذلك؟ هل تستمتعين بمركزك المهم لانك تختلطين بزبائن ريتشارد الأثرياء الذين يدعونك للغذاء ومن يدري ربما يفكرون بأكثر من الغذاء "
كان وجهه قريباً من وجهه فغرز اصابعه في كتفيها واضطرت جوانا الى الصراخ: "دعني اذهب يا هال انت تألمني انت تعرف باني لا استمتع بكوني الشخص الذي يصرف على المنزل " .
دفعها امامه على الأرض واستمرا هكذا لمدة شهر وهو يزداد شراسة وعنفاً وأسوأ ما في الأمر انه رفض ممارسة الحب معها وهكذا لم تستطيع تأمين الراحة التى يحتاجها .
حاولت مرات عديدة حزم حقائبها والعودة الى منزل والديها لكنه كان يقول: " لا يا جو لا ترحلي ارجوك انا بحاجة اليك "
في احد الايام دخلت الى المنزل وفتحت باب غرفتها لتجد هال يمارس الحب مع فتاة اخري حمراء الشعر فصرخت: " لا ياالهي "
وبسرعة هرعت الى الحمام تقاوم رغبتها في الغثيان ودخل هال وراءها وقال:" ارحلي ولا تعودي يا جوانا لقد انتهينا اخرجي من حياتي وابقي بعيدة "
وبهدوء مصطنع حزمت حقيبتها ورحلت وحتى ظهر اليوم لم تقع عينيها على هال مرة ثانية ،يكفي ما تذكرته الآن فقد تخلصت منه بعدما قاست الامرين بسببه وبسرعة فتحت باب الفيلا وخرجت منه الى الساحة ثم اقفلت البوابة الاساسية ورحلت .
وصلت الى مانتون في المساء وقبل وصولها ساحة الفندق اقتربت منها سيارة فنظرت اليها فرأت هال يقودها والى جانبه فتاة ساحرة الجمال حمراء الشعر فعرفتها جوانا بدون شك دنيز .
منتديات ليلاس
اقتربت دنيز من هال وطبعت قبلة على شفتيه فابتسم لها ولمس خدها برقة . مضي وقت طويل قبل ان تستأنف جوانا سيرها وتعرف بانها تسبب زحمة سير بسبب توقفها الطويل فداست على البنزين وأسرعت حتى وصلت الى الفندق .
هكذا اذاً، فهال يحضر نفسه لشراء فيلا فيفوريتا كي يعيش فيها مع امرأة اخرى.
شعرت جوانا بالسم يجري في عروقها ويوقظ الذكريات التى تحمل سعادتها الماضية وتركت مكانها السواد الذي يحمل رماداً بارداً.
" والآن اشعر باني محصنة من الغد " فكرت جوانا بصوت عال .

يت***بع